بسم الله الرحمن الرحيم
اخواني ... جزاكم الله كل خير على هذه الردود ..
كيف يكون الخير ابتلاء من الله ؟!!!!!!!!!!!!
{كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ }الأنبياء35
طبيعي ان يكون الابتلاء بالشر
اما القول بان الابتلاء يمكن ان يكون بالخير فهذا ما يرفضه العقل اظن انكم تتفقون معي في ذلك
وشكراً
{كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ }الأنبياء35
طبيعي ان يكون الابتلاء بالشر
اما القول بان الابتلاء يمكن ان يكون بالخير فهذا ما يرفضه العقل اظن انكم تتفقون معي في ذلك
وشكراً
أكثرية الناس تأخذ الخير بمقاييس الدنيا وحدها .. ويتمثل الخير عندها في المال والنفوذ الدنيوي .. أما غير ذلك فلا يلتفت إليه ..
فمن أعطاه الله مالاً ووسع عليه في رزقه .. يعتبر أن هذا رضا وكرم من الله سبحانه وتعالى .. ومن لم يعطه المال ولم يعطه سعة في الرزق .. اعتقد أن هذا غضب من الله وإهانه .. وفي ذلك يقول الله سبحانه وتعالى :
" فَأَمَّا الْإِنسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ ( 15 ) وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ ( 16 ) كَلَّا بَل لَّا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ ( 17 ) وَلَا تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ ( 18 ) وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلًا لَّمًّا ( 19 ) وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا ( 20 ). سورة الفجر .
أن الله سبحانه وتعالى يصحح للإنسان مفهوم الخير والشر .. ذلك المفهوم الذي يضيع من كثير منا ... الله تبارك وتعالى يقول:
" فَأَمَّا الْإِنسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ ".
معنى ذلك أن الخير وسعة الرزق وكل جاه الدنيا هو ابتلاء من الله سبحانه وتعالى لعباده .. والابتلاء هو الامتحان .. والابتلاء في ذاته ليس مذموماً .. ولكن نتيجته هي التي تجعله مذموماً أو محموداً.
الله جل جلاله يمتحن عباده في الدنيا بالخير والشر .. أي بما يعتقدون انه خير لهم .. وبما يعتقدون أنه شر لهم .. مصداقاً لقوله سبحانه وتعالى في سورة الأنبياء :
" وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً ( 35 ).
ان الخير هو امتحان للناس كالشر تماماً .. لأن الحياة الدنيا كلها ابتلاءات للبشر وامتحانات ..
ولكن الإنسان إذا أكرمه الله سبحانه وتعالى وأعطاه النعمة فإنه يقول :
" رَبِّي أَكْرَمَنِ " ...
فإذا قَدَرَ عليه رزقه .. أي أصبح قليلا يقول :
" رَبِّي أَهَانَنِ " .
هذه هي مقاييس الخير والشر عند الإنسان .. سعة الرزق وكثرة النعم يعتبرها خيراً وعطاء ورضا من الله سبحانه وتعالى .. وضيق الرزق يعتبره غضباً من الله وعدم رضا منه ..
هنا يصحح الله تبارك وتعالى هذا المفهوم الخاطئ عند الناس فيقول ( كلا ) .. أي إنكم تفهوم خطأ ... فلا كثرة الرزق والخير معناها الرضا .. ولا قلة الرزق والخير معناها الغضب .. بل كلاهما امتحان للإنسان .. ليكون شاهداً على نفسه يوم القيامة ..
هل يتقبل قضاء الله بالرضا والشكر ؟ .. أم يتقبله بالكفر والجحود ؟
إن الناس تعتقد أن الخير في المال .. مع أن الحقيقة غير ذلك .. لأن المال قد يكون نقمة عليك بدلا من أن يكون نعمة .. وتعتقد أن رضا الله في الثروة والنفوذ والسلطان .. مع أن ذلك قد يكون عدم رضا ..
الله سبحانه وتعالى قد بين ذلك في كتابه العزيز .. وأعطانا الأمثلة على أن المال يمكن أن يكون هو الطريق للكفر والطغيان والمعصية .. والأمثلة كثيرة ولكننا سنتحدث عن بعض منها .. واقرأ قول الحق تبارك وتعالى :
" أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَآجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رِبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِـي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِـي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ {258} 0 البقرة ).
هذا الرجل لا يهمنا من هو .. لأن قصص القرآن لا تهتم بأشخاص بعينها .. ولكنها تعطينا سلوكاً إيمانيا .. والقصة في القرآن تتكرر في كل زمان ومكان .. فهي عامة وليست قائمة على خصوصية أبطالها .. إلا قصة مريم ابنة عمران وعيسى بين مريم عليهما السلام .. ولذلك فإنها القصة الوحيدة التي خصصت وعينت أشخاصها في القرآن الكريم لأنها لا تتكرر أبداً .
هذا الرجل حين جاء إبراهيم عليه السلام ليهديه إلى منهج الله .. وقف يقارع إبراهيم بالحجة مقاوماً لمنهج الله .. لقد أعطاه الله سبحانه وتعالى الملك .. ومع الملك النفوذ والسلطان والمال .. ولكنه بدلا من أن يشكر الله على نعمه .. ويعترف بفضل الله عليه .. بدأ يجادل إبراهيم بالحجة .. حجة الكفر .. فكأن الملك الذي أعطاه الله له لم يجعله يؤمن .. بل جعله يكفر والعياذ بالله .. وينكر وجود الحق سبحانه وتعالى .
وعندما لفته إبراهيم عليه الصلاة والسلام إلى ان الله تبارك وتعالى هو الذي يعطي الحياة وهو الذي يأخذها .. لم يجعله ذلك يعترف بعظمة الحق سبحانه وتعالى في أنه هو المحيي المميت ..
فقال :
" أَنَا أُحْيِـي وَأُمِيتُ "
كيف يمكن لإنسان ان يحيى ويميت ؟ ..
قال الكافر الذي وهبه الله الملك إئتوني بهذا الرجل .. ثم قال اقتلوه ... وقبل أن ينفذ القتل قال عفوت عنك .. ثم التفت إلى إبراهيم مدعيا انه يحي ويميت .. وأنه بإصدار حكم الإعدام على الرجل قد أماته .. وبعفوه عنه قد أعاد إليه الحياة .. أي أحياه !!
وهكذا لم تزد النعمة ولا الملك هذا الرجل إيماناً وشكراً لله سبحانه وتعالى ولكنه زادته كفراً والعياذ بالله ..
وحين تحداه إبراهيم عليه الصلاة والسلام بآية كونية فوق طاقة البشر وهي الشمس .. وقال له ان ربي يأتي بالشمس من المشرق فأتي بها من المغرب .. حينئذ صدمته الحقيقة فبهت .. لأنه لم يكن ينتظر ولم يلتفت إلى آيات الله في الكون .
إن الله سبحانه وتعالى يذكرنا بأن الإنسان إذا اغتر بالمال .. واتخذه عنوانا للقوة والنفوذ .. ونسى فضل الله جل جلاله عليه في أنه هو الذي رزقه بهذا المال .. فإنه في هذه الحالة يطغى .. والطغيان هو تجاوز الحد .. أي أن تأخذ ما ليس لك حق فيه . ولذلك يقول الحق جل جلاله في سورة العلق :
" كَلَّا إِنَّ الْإِنسَانَ لَيَطْغَى {6} أَن رَّآهُ اسْتَغْنَى {7} "
ان المال يطغى الإنسان ويجعله يحسب انه يستطيع ان يفعل أي شيء بقوته الذاتية .. ولماذا لا .. وهو يملك المال الذي يستطيع ان يحقق به ما يريد ؟! ... حينئذ يحسب أنه قد استغنى عن الله سبحانه وتعالى ولم يعد في حاجة إلى عونه ولا إلى رضاه .. فيطغى ويغتر .
ولعل قصة قارون ترينا هذا بوضوح .. فقارون منحه الله من الأموال ما لم يمنح أحداً من خلقه .. فهل زاده هذا النعيم إيماناً وشكراً وذكراً لله ؟! . أم جعله يغتر وينسب المال لنفسه .. ويقول أنه قد حصل عليه بعلم من عنده وبقوته الذاتية وليس بفضل الله !
وهذا هو القرآن الكريم .. يروي لنا قصة قارون:
" إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِن قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ {76} " ( سورة القصص )
لقد أعطى الله سبحانه وتعالى لقارون كنوزا وأموالا لم يعطها لأحد من عباده .. ولكن هذه الأموال جعلته بدلا من أن يسجد لله شكراً .. يغتر ويبغى على الناس ويفسد في الأرض . وعندما ذكروه بمنهج الله وبنعم الله عليه قال كما يروي لنا القرآن الكريم في سورة القصص :
" قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي " ( 78 ).
قارون نسب الفضل لنفسه .. ونسى فضل الله عليه .. وحسب أنه استغنى عن الله جل جلاله .. فبماذا جازاه الله سبحانه وتعالى على طغيانه وكفره ؟! .. واقرأ قول الله يحكي عاقبة قارون ..
" فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِن فِئَةٍ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ المُنتَصِرِينَ {81} " سورة القصص .
إن المال في كثير من الأحيان _ يكون نقمة على صاحبه .. لأنه _ في حالة ضعف إيمانه _ يحس أنه استغنى عن الله سبحانه وتعالى .. ويكفر بالله وينسب الفضل لنفسه .. ثم بعد ذلك يموت تاركاً ماله .. ويلقى الله في الآخرة وحده بلا مال ولا جاه .. ليعذب أشد العذاب .
فهل كان المال في هذه الحالة نعمة أم نقمة ؟
إن الإنسان أحيانا إذا كان رزقه قليلاً فإنه يحس بحاجتة إلى الله ..: فإذا جاءه المال أفسد حياته .. وحياة أهله .. وربما دفع هذا المال الكثير أبناءه إلى إدمان المخدرات أو القمار .. أو يصيبه الله بداء بلا شفاء .. فينفق مئات الألوف من الدنانير وهو يتناول الدواء المر ولا يبرأ .. وهو يصرخ من الألم .. وهو محروم من كل شيء ‘ في بيته كل ما تشتهيه النفس البشرية من طعام أو شراب .. ولكنه محروم منه .. لا يستطيع أن يضع لقمة في فمه .. لا يستطيع أن يأكل قطعة من اللحم الذي يحبه .. وإذا أكلها سببت له آلاماً لا تطاق ..
أهذا خير ؟
هذه الأمثلة وغيرها التي يعطيها لنا القرآن الكريم .. تؤكد لنا أن المال ليس خيراً مطلقاً كما يتوهم بعض الناس .. فقد يلعن الإنسان اليوم الذي جاءه فيه هذا المال الوفير الذي حطم حياته وسلبه راحته .. وجلب له ولأولاده الشقاء ..
هذه هي عقوبة الدنيا .. فمادام هو لم يرع الله في ماله .. فالله لا يرعاه في هذا المال .. بل يسلطه عليه ليقوده إلى جهنم والعياذ بالله .
" وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً ( 35 ). سورة الأنبياء ..
الاثرم
تعليق