خفة يد من أجل عيون اللهو الخفي !
أحدث خدع النصارى في إنجيل متَّى
إنجيل متَّى تنسبه الكنيسة للحواري متَّى أحد التلاميذ الإثنى عشر الذين اصطفاهم المسيح ، وتزعم أن هذا الكتاب قد ألهمه من الروح القدس . وترجح المصادر أن متَّى كتب إنجيله لأهل فلسطين ، أي لليهود المتنصرين, فمن هو متَّى ؟ وما صلته بالإنجيل المنسوب إليه ؟ وهل يحوي هذا الإنجيل كلمة الله ووحيه؟!
إن إنجيل متَّى قد ذكر متَّى العشار مرتين ، ولم يشر من قريب أو بعيد إلى أنه الكاتب ، فقد ذكره بين التلاميذ الإثنى عشر ، ولم يجعله أولاً ولا آخراً ، ثم لما تحدث عن اتباعه للمسيح قال : ( " وفيما يسوع مجتاز هناك رأى إنساناً جالساً عند مكان الجباية اسمه متَّى فقال له : اتبعني فقام وتبعه" ) متَّى 9/9 . فاستخدم أسلوب الغائب ، ولو كان هو الكاتب لقال : " قال لي " ، " تبعته " " رآني "، فدل ذلك على أنه ليس الكاتب ، وهنا يجدر التنبيه على أمر هام ، وهو أن مرقس ذكر القصة ذاتها ، وسمى عامل الضرائب لاوي بن حلفي ( انظر مرقس 2/15 ) فهل لاوي بن حلفي هو نفسه متَّى ؟!
ولذلك يعلق القس ج.ب فيلبس أستاذ علم اللاهوت بالكنيسة الإنجليزية في مقدمته لإنجيل متَّى : ( نَسَبَ التراث القديم هذه البشارة إلى الحواري متَّى , ولكن معظم علماء اليوم يرفضون هذا الرأي ) .
وجاء في مقدمة إنجيل متَّى للكاثوليك : ( كان الأمر بسيطًا في نظر الآباء الأقدمين , فإن الرسول متَّى هو الذي كتب الإنجيل الأول " للمؤمنين الذين من أصل يهودي " ( أوريجنيس ) , وهذا ما يعتقده أيضًا كثير من أهل عصرنا , وإن كان النقد الحديث أشد انتباهًا إلى تعقد المشكلة ) .
ثم تستطرد المقدمة : ( أما المؤلف ، فالإنجيل لا يذكر عنه شيئاً وتقاليد الكنيسة تنسبه إلى الرسول متَّى ...... لكن البحث في الإنجيل لا يثبت هذه الأراء دون أن يبطلها على وجه حاسم , فلما كنا لا نعرف اسم المؤلف معرفة دقيقة , يحسن بنا أن نكتفى ببعض الملامح المرسومة في الإنجيل نفسه) (مدخل الكاثوليكية لإنجيل مثَّى ص 34-35 ) .
ويقول القس / فهيم عزيز عن كاتب متَّى المجهول في كتابه ( المدخل إلى العهد الجديد ) : ( لا نستطيع أن نعطيه اسماً ، وقد يكون متَّى الرسول ، وقد يكون غيره ) .
وإنجيل متَّى هو أول إنجيل يطالعك وأنت تقرأ في العهد الجديد ، ويتكون هذا الإنجيل من ثمانية وعشرين إصحاحاً .
وبالنسبة لتاريخ الكتابة : ( فيمكن القول بأنه كُتب في الفترة من 85 م إلى 105م , وعلى أية حال فيمكن القول بأنه كُتب في الربع الأخير من القرن الأول أو في السنوات الأولى من القرن الثاني)(تفسير إنجيل متَّى لجون فنتون ص 11 ) . ( ولذلك فالكثير من المؤلفين يجعلون تاريخ هذا الإنجيل الأول بين السنة 80 م والسنة 90م وربما قبلها بقليل , ولا يمكن الوصول إلى يقين تام في هذا الأمر ) ( مدخل إنجيل متَّى للكاثوليك ص 35 ) .
وعن مكان الكتابة يقول فريدريك جرانت في كتابه " الأناجيل وتطورها " : ( فإن شواهد قوية تشير إلى أنطاكية ... أو أي مكان يقع شمال فلسطين) ( الأناجيل وتطورها ص 140 ) .
وتقول الترجمة الكاثوليكية في مقدمتها لإنجيل متَّى ص 35 : ( ومن المعتقد عادة أنه كُتب في سورية , ربما في انطاكية ( اغناطيوس يستشهد به في أوائل القرن الثاني ) أو في فينيقية ) .
وبالنسبة للغة التي كُتب بها هذا الإنجيل فيكاد يُجمع المحققون على أنها غير اليونانية ، ولعل أهم هذه الشهادات شهادة أسقف هرابوليس الأسقف بابياس 155م حين قال : ( سجل متَّى الأقوال باللغة الأرامية ) ( ثقتي في الكتاب المقدس ص 56 ) .
كما يقول ايريناوس أسقف ليون 200م بأن متَّى وضع إنجيلاً لليهود كُتب بلغتهم .( المصدر السابق ص 57 ).
وأجمعت لجنة التاريخ القبطي في كتابها الشهير " خلاصة تاريخ المسيحية في مصر " على أن متَّى كتب إنجيله باللغة الآرامية . ( خلاصة تاريخ المسيحية في مصر ص 51 ) .
ولما كانت جميع مخطوطات الإنجيل الموجودة يونانية فقد تساءل المحققون عن مترجم الأصل العبراني أو الأرامي إلى اليونانية ، وفي ذلك أقوال كثيرة لا دليل عليها البتة ، فقيل بأن مترجمه متَّى نفسه ، وقيل: بل يوحنا الإنجيلي .
والصحيح ما قاله القديس جيروم ( 420م ) : ( أن الذي ترجم متَّى من العبرانية إلى اليونانية غير معروف ) .
بل لعل مترجمه أكثر من واحد كما قال بابياس .
وقد قال نورتن الملقب " بحامي الإنجيل " عن عمل هذا المترجم المجهول : ( إن مترجم متَّى كان حاطب ليل ، ما كان يميز بين الرطب واليابس . فما في المتن من الصحيح والغلط ترجمه ) .
لا شك أن جهل تاريخ التدوين , وجهل النسخة الأصلية التي كانت بالعبرانية على الراجح من أقوال علماء النصارى , وجهل المترجم وحاله من صلاح وغيره , أوقع علماء الكتاب المقدس في موقف لا يحسدون عليه , لكن الذي أود أن أقف عليه هنا , هو موضوع الترجمة , إذ يدفعني ذلك إلى العديد من التساؤلات :
1- إن الذي بين أيدينا الأن هو ترجمة لإنجيل متَّى المفقود , فإذا قلنا بعصمة إنجيل متَّى المفقود ؟ فهل نقول بعصمة الترجمة أيضًا ؟!
2- إن الجهل بمعرفة من هو المترجم وحاله أوجد خلة وثلمة لا يمكن سدها , وذلك لأنه لا يمكننا الأن الحكم بأن هذه الترجمة أمينة وشاهدة شهادة بلا انحراف على ما جاء في الأصل المفقود وذلك لجهلنا بحال هذا المترجم من حيث حفظه وأمانته وبره وصلاحه وتقواه , وعلمه باللغتين التي ترجم عنها والتي ترجم إليها !
3- الجملة التي توضع قبل بداية العهد الجديد : ( العهد الجديد لربنا ومخلصنا يسوع- وقد ترجم من اللغة اليونانية ) , كيف توضع هذه الجملة (وقد ترجم من اللغة اليونانية ) أي العهد الجديد , وقد سبق أن وضع علماء الكتاب في مقدمته هذه الجملة : ( الكتاب المقدس – أي العهد القديم والجديد- وقد ترجم من اللغات الأصلية ) وقد أجمع علماء المسيحية أن اللغة الأصلية لإنجيل متَّى هى العبرانية أو الأرامية وليست اليونانية ؟!
إن الأمانة العلمية تقتضي تنبيه جماهير النصرانية بأن اللغة الأصلية لإنجيل متَّى هى العبرانية أو الأرامية وأن الأصل العبراني أو الأرامي مفقود , فكان لا بد أن تكون الجملة هكذا (الكتاب المقدس – أي العهد القديم والجديد- وقد ترجم من اللغات الأصلية فيما عدا إنجيل متَّى لأن النسخة التي تحوي لغته الأصلية مفقودة ) , ولكنهم لم ينبهوا , إذ أنهم لو نبهوا على ذلك فقد وضعوا أعناقهم بإيديهم تحت المقصلة !
صورة طبق الأصل من مقدمة العهد الجديد لترجمة " الفانديك " 1980م :
تعليق