مخطوطات للعهد الجديد في قُمران؟!
مخطوطات خربة قُمران المُكتشفة عام 1947م .. والكتابات التي وُجدت بها إنما هي كتابات يهودية قانونية و غير قانونية .. سواء كانت تخُص يهود أم يهود متنصرين .. نُشرت الكتابات التي وُجدت في ستة كهوف (كهوف 2و3و5و6و7و10) عام 1962م , وفي عام 1972م قام جوسي آو كالاجان بنشر كتاب صرّح فيه بأن تسعة قصاصات من الكهف السابع يجب أن تُعرّف بأنها برديات للعهد الجديد [1] .. وفي 1982م وجد كالاجان من يُسانده, فأعاد الألماني كراستن بيتر ثيدي[2] إحياء هذه الخزعبلة .. وقد قوبلا بالرفض من علماء العهد الجديد .. فالبردية تؤرّخ ما بين 50 ق.م و 50 ب.م .. ولم يكن إنجيل مُرقس قد كُتِب بعد أصلاً .. فوجد رأي كالاجان ومن بعده ثيدي قبولاً لدى العامة ورُفِض من العلماء المُختصين بالأمر .. فكان رأيهما شاذًا .. ولكن وجدنا لدينا من ينتظر الشاذ من الآراء لينتقها وينقلها في كُتبه وكأنها الحق الذي لا مرد له! فهوذا القس العزيز بسيط ينقل رأي آو كالاجان بلا أي تعقيب منه على رأيه .. وكأنه ينقل معلومات موثقة .. وتصل به البجاحة إلى أن يضع اثنين من تلك القصاصات ضمن برديات العهد الجديد وهو ما لم تجرؤ على فعله أي مؤسسة ذات شأن .. وهذا ما يضعه القس بسيط في كتابه " الكتاب المُقدس يتحدى نقاده والقائلين بتحريفه " في مبحث "الوثائق التي تثبت صحة العهد الجديد واستحالة تحريفه" .. فيقول بسيط:
مخطوطات قمران والعهد الجديد :
كما أدى اكتشاف مخطوطات قمران في كهوف وادي قمران بالبحر الميت إلى وجود أجزاء صغيرة من مخطوطات العهد الجديد ترجع لما قبل سنة 68م . وفيما يلي هذه الأجزاء :1- مخطوطة 7Q5 والإنجيل للقديس مرقس ؛ فقد وجد في كهف 7 مجموعة من المخطوطات باللغة اليونانية وعند دراسة العالم الأسباني جوسي آو كالاجان O Callagghan وجد بها بعض القصاصات بها آيات من العهد الجديد ، وبعد الدراسة توصل للآتي ؛
(1) أن كهف 7 هو الكهف الوحيد في كهوف قمران الذي وجد به نصوص يونانية.
(2) أقفل الكهف نهائياً سنة 68 م عندما استولت الكتيبة الرومانية العاشرة على المنطقة في ذلك التاريخ ، وبالتالي فكل ما بالكهف مكتوب قبل سنة 68م .
(3) المخطوطة(7Q5) تحتوى على الآيات (52:6-53) من الإنجيل للقديس مرقس .
(4) بعد دراسة اللغة وأسلوب الكتابة توصل إلى أن التاريخ المحتمل لهذه المخطوطة يرجع لسنة 50م . ويجب أن نضع في الاعتبار أن وجود جزء من الإنجيل في مغارة متعبد يهودي يعنى أنه قد توصل إليها بعد انتشارها في الأوساط المسيحية بعدة سنوات ، وبما أن الكهف قد أغلق سنة 68 م فلابد أن يكون قد حصل عليها قبل ذلك بفترة وبعد أن كتب الإنجيل واستدار وأنتشر بعدة سنوات . وهذا يعنى أن هذه المخطوطة قد كتبت في الوقت الذي كان فيه القديس مرقس ومعظم الرسل أحياء .
ولكن هل هذا صحيح حقًا؟! .. هل تلك القصاصة هي جزء من إنجيل مرقس؟! .. هذا ما سنبينه بعون المعبود ..1. "المخطوطة" التي يتحدث عنها بسيط:
أول ما نتحدث عنه الآن هو تلك " المخطوطة " .. فما مقاسها؟ ..
إليكم صورة هذه المخطوطة العظيمة ..
هذه هي "المخطوطة" !!
تلك القصاصة يستدل بها القمص بسيط واضعًا إياها ضمن المخطوطات التي تثبت استحالة تحريف الكتاب المقدس!! لا حول ولا قوة إلا بالله!!
مقاس القصاصة بحسب ثيدي 3.9 سم × 2.7 سم .. نقلا عن د. دانيال وولاس[3]
2. محتويات القصاصة:
كما نرى فإن القصاصة متهالكة وتمييز الأحرف اليونانية فيها ليس بالأمر السهل! .. وهذه ثلاثة آراء .. أحدها للذي ينقل عنه بسيط .. وهو الأوسط .. وعلى اليمين قراءة سبوتورنو[4] أما على اليسار فنجد قراءة الطبعة الأولى[5] لنص القصاصة:
فلا نكاد نرى إتفاقًا إلا في السطر الثالث والكلمة και والتي تعني "و" .. وفي السطر الرابع νησ وهي جزء من كلمة .. وفي السطر الخامس الحرف η .. فهل هذه قصاصة يُستدل بها على أي شيء أصلاً؟!!!
ملحوظة: النقطة التي تتبع الحرف تعني أن هذا الحرف مشكوك فيه إذ أنه لا يظهر منه إلا إنحناءة صغيرة أو خط بسيط ويُمكن ملاحظة هذا جيدًا في الحرف سيجما σالمشكوك فيه في السطر الرابع .. فلا يكاد يظهر منه في البردية شيء!
والآن لنر:
هل فعلاً تتفق أحرف القصاصة وطريقة كتابتها مع إنجيل مرقس الحالي؟!
سنوافق كالاجان فيما ذهب إليه الآن ولنر هل تتوافق حقًا مع الإنجيل بحسب مرقس؟!!!
يرى آو كالاجان أن الأحرف اليونانية الموجودة في القصاصة تعود لإنجيل مرقس الإصحاح السادس الأعداد 52-53 ..
52 - لأَنَّهُمْ لَمْ يَفْهَمُوا بِالأَرْغِفَةِ إِذْ كَانَتْ قُلُوبُهُمْ غَلِيظَةً.
53 - فَلَمَّا عَبَرُوا جَاءُوا إِلَى أَرْضِ جَنِّيسَارَتَ وَأَرْسَوْا.
52 ου γαρ συνηκαν επι τοις αρτοις ην γαρ η καρδια αυ.των. πεπωρωμενη 53 και διαπερασαντες ηλθον επι την γην γεν.νησ.αρετ και προσωρμισθ.ησα.ν
ونرى بوضوح أن الكلمة " πεπωρωμενη " والتي تعني "غليظة" .. والتي لا يوجد منها بحسب القصاصة إلا الحرفان الأول والآخير .. غير أن ذلك الحرف الأول وهو الحرف باي π نرى كالاجان يقرؤه إيتا η وهذا يخالف نص مرقس .. مع العلم بأن هذا الحرف لا يكاد يظهر منه شيء في القصاصة!
وكذلك الحرف الأول من الكلمة " διαπερασαντες " والتي تعني " يعبر " وهو الحرف دلتا (δ (Δ يخالف بوضوح نص القصاصة التي تقرؤه تاو τ! .. وهذه من أقوى الأدلة على أن النص ليس لمرقس!
الإعتراض الثالث هنا على آو كالاجان .. هو أن نص مُرقس الحالي في تركيبه لا يوافق نص القصاصة! .. بمعنى أننا لا نستطيع إعادة كتابة نص مُرقس الحالي بنفس شكل القصاصة وهذا يرجع لسبب هام جدًا وهو وجود كلمات في النص الحالي تمنع إعادة تكوين الأسطر بالصورة التي عليها القصاصة! وهي الكلمات { επι την γην } ! .. وحتى يُمكن إعادة تشكيل النص بهذه الطريقة يجب حذف تلك الكلمات .. غير أن هذه القراءة لا توجد في أي مخطوطة موجودة .. وبالتالي فإن أي معارض لهذا القول فإنه يقول بتحريف نص مُرقس الحالي!!
ومجموع هذه الأدلة يُثبت أن هذه القصاصة لا تصلح لأي استدلال على وحي العهد الجديد أو صحة نقله بتاتًا إذ هذه القصاصة لا علاقة لها بالعهد الجديد أصلاً!!
=============
فتأمل أخي الكريم أن كل هذه الإعتراضات تظهر بالرغم من موافقتنا لكالاجان ( ومن بعده ثيدي ) على قراءته لنص البردية القُمرانية .. فماذا إن خالفناه؟!
قد وضّحت من قبل أن الحرف تاو τ الموجود بالقصاصة لا يوجد بنص مُرقس وإنما نجد الحرف دلتا δ .. والحرف تاو واضح جدًا في السطر الثالث ولا يُمكن قلبه دلتا بحال, أضف إلى ذلك أننا نجد كالاجان يقرأ في السطر الثاني النص υ.των.η وفي القصاصة هي ونجده يقرأ الحرف نو (ν (Ν الذي أجده صعب القراءة حقًا إذ أخذه عن هذا الشكل الهلامي .. فهل استنتاجه لهذا الحرف صحيح؟!
<B>يجيب على هذا السؤال عالم المخطوطات الألماني فيلاند فيلكر نافيًا إمكانية كون الحرف نو فيقول[6]:
هذه ليست نو في رأيي المُتواضع. الحرف الأيمن لديه منحنى يميل 180 درجة عند نهاية الخط. ويبدو لي أن الحرف ينتهي هنا. وما يبدو نازلاً من الحرف الأيسر (الحرف يوتا ι) إنما هو شكلٌ عشوائي تكوّن في البردية بكل بساطة. ا.هـ.
وفي عام 1992[7] أُجرِي فحصٌ ميكروسكوبي إلكتروني للبردية في إسرائيل[8] للتأكد من صحة استنتاج كالاجان للحرف من عدمه إذ هذا من أهم الأدلة على قبول البردية كنص من مرقس أم من غيره فظهرت الصورة التالية[9]:</B>
<B>وتظهر أعلى يمين الحرف الأيسر بالصورة التجاعيد الواضحة التي نشأ عنها الإعتقاد لدى كالاجان بوجود خط نازل من أعلى الحرف.. فظنّ أن هذا الحرف هو حرف نو ولكنه اخطأ في ذلك وظهر الآن أن الحرف الأيسر إنما هو حرف يوتا والأيمن إنما هو بداية حرف جديد قد يكون حرف ألفا كما يُرجح هذا الموقع[10] .. و من يقول أنها حرف نو يتجاهل وبشدة شكل بداية الحرف الأيمن وأن بدايته بالفعل بداية حرف جديد .. فيقول د. جندري[11] :
تظهر في الصورة المُكبَّرة ظلال في أماكن أُخرى أظهرها الضوء الفوتوغرافي نتيجة سطح البردية غير المُستوي, كما هو في اليسار وأسفل يمين الصورة المُكبرة على سبيل المثال. ولا يدعي أحدٌ - ولا ثيدي - أن هذه الظلال هي بقايا من حبر. فالجُزء المُسوّد الذي ظنّه ثيدي جزء من الخط القُطري للحرف نو يُشبه أكثر السواد الذي يراه الجميع ظلال لا السواد الذي يُعرف بأنه بقايا حبر.[12]
تعليق