الدُّعاء , خطٌّ مفتوح على الدَّوام للتَّحدُّث مباشرة
سُئل أحد الصَّالحين : ما هي أقصر مسافة إلى السَّماء ؟ فقال : دعوة مُستجابَة !
نعم , بإمكان أيِّ عَبْد أن يَدْعو اللَّهَ في أيِّ وقت من نهار أو ليل , مباشرةً وبدون أيِّ وسيط ! وإذا كان الإنسان يتحرَّج عادةً من سؤال إنسانٍ مثله مَخافَة أن يَرُدَّه صِفْرَ اليَدَين , فإنَّ الأمْرَ يختلفُ تمامًا مع اللَّه سُبحانه . فهو الذي طلبَ منَّا ذلك , وهو يفرحُ بدُعائنا له .
يقول تعالى في القرآن الكريم : { وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ 60 } (40- غافر 60) . ويقول أيضًا : { وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ 186 } (2- البقرة 186) .
تريدُ أن تنجح بتفوُّق في دراستك ؟ اجْتَهِدْ إذًا , وادْعُ اللَّه أن تكون الأوَّل على المدرسة .
تريدُ الحصول على عملٍ جيِّد ؟ ابحثْ إذًا , وادْعُ اللَّه أن يُوَفِّقك في مَسْعاك هذا .
تريدُ أن يَرزقكَ اللَّهُ زوجةً صالحةً أو مسكنًا واسعًا أو بنينَ وبنات ؟ إذًا , تَضَرَّعْ إلى اللَّه بالدُّعاء . فمَنْ تركَ الدُّعاء , فكأنَّما شكَّ في قُدْرة اللَّه على الإجابة .
حتَّى لو كانت كلُّ أموركَ تسير على ما يُرام , فأنتَ بحاجة أن تدعو اللَّه أن يُديم عليك هذه النِّعمة . فلاَ أحَد يستطيعُ أن يَضْمن لنفسه دوامَ صحَّته أو ثرائه أو سعادته .
ولا تظُنَّنَّ سيِّدي أنَّ اللَّه لا يستجيبُ إلاَّ لِرجال الدِّين أو للأغنياء أو لِأَصحاب المناصب . أبدًا ! فاللَّه سُبحانه لا ينظر إلى صُوَرنا ومركزنا الاجتماعي , وإنَّما ينظُر إلى قلوبنا . وقد روى التّرمذي في سُننه عن أنَس بن مالك رضي اللَّه عنه , أنَّ رسولَ اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم قال : كَمْ مِنْ أشعثَ أغبر ذي طمرين , لا يُؤبَهُ له , لَو أقسَم على اللَّهِ لَأبَرَّه , منهم البَراء بن مالك . (الجامع الصّحيح سنن التّرمذي – الجزء 5 – ص 692 – رقم الحديث 3854) .
لكن انتبه ! لكي يستجيب اللَّهُ دعاءك , يجبُ عليك تحقيق بعض الشُّروط , وهي :
1 - أن تكون مسلمًا مُلتزمًا بتعاليم دينك . فكيف تريد أن يُحقِّق اللَّهُ طَلَبك , وأنت لا تؤمنُ أصلاً بوُجوده , أو تُشرك معه شيئا آخر في العبوديَّة , أو كنتَ مسلمًا تاركًا للزَّكاة أو للصَّوم , أو كنتَ تشرب الخمر ؟!
2 - ألاَّ تدْعُو بشيء حرام . فكيف تُريد من اللَّه أن يَسْمع منك , وأنت تطلبُ منه مثلاً أن يُنزلَ مُصيبةً بفُلان لكي تأخُذ أنت مَنْصبه في الإدارة ؟!
3 - أن تختار الوقت والكَيْفِيَّة .
أمَّا الوقت : فقد روى التّرمذي في سننه عن أبي أمامة رضي اللَّه عنه , قال : قيل لرسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم : أيُّ الدُّعاء أَسْمَع ؟ قال : جَوْف اللَّيْل الآخر (أي الثُّلث الأخير من اللَّيل) , ودُبُرَ الصَّلَوات المكْتُوبات . (الجامع الصّحيح سنن التّرمذي – الجزء 5 – ص 526 – رقم الحديث 3499) .
وأمَّا الكَيْفِيَّة : فقد روى الإمام مسلم في صحيحه عن أبي هُرَيْرة رضي اللَّه عنه , أنَّ رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم قال : أقْرَبُ ما يَكُونُ العَبْدُ من رَبِّهِ وهو ساجِد , فأكْثِرُوا الدُّعاء . (صحيح مسلم – الجزء 1 – ص 350 – رقم الحديث 482) .
الأفضل إذًا أن يكُون الدَّعاءُ عند السُّجود , في الصَّلوات الخَمْس المفروضة , أو في صلاة التَّهجُّد (وهي صلاة تطوُّع) في الثُّلث الأخير من اللَّيل . لكن لا مانع طبعًا من الدُّعاء في أيِّ وقت آخر خارج الصَّلوات .
4 - أن تخشع في دُعائك , وأن تكون على ثِقَة مِن أنَّ اللَّه سَيستجيب لك . فقد روى الإمام أحمد في مُسنده عن عبد اللَّه بن عمرو , أنَّ رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم قال : القُلُوبُ أوْعِيَة , وبعضُها أوْعَى من بَعْض . فإذا سألْتُم اللَّهَ عَزَّ وجَلَّ أيُّها النَّاس , فاسألُوه وأنتم مُوقِنُونَ بالإجابَة , فإنَّ اللَّهَ لا يَسْتَجِيبُ لِعَبْدٍ دَعَاهُ عَنْ ظَهْر قَلْبٍ غافِل . (مسند الإمام أحمد بن حنبل – الجزء 2 – ص 177 – رقم الحديث 6655) .
5 - أن تدعُو اللَّهَ بأسمائه الحسْنَى وصفاته العُلا , كأن تقول : يا رزَّاق , ارزقْني من رزقكَ الحلال الطَّيِّب , يا غفَّار , اغفر لي ذنوبي , وهكذا .
6 - أن تُلِحَّ في الدُّعاء , وألاَّ تَسْتَعْجِل الإجابة . فقد روى الإمام مسلم في صحيحه عن أبي هُرَيْرة رضي اللَّه عنه , أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللَّه عليه وسلَّم قال : لا يَزالُ يُسْتَجابُ لِلْعَبْدِ ما لَمْ يَدْعُ بإثْمٍ أو قَطِيعَة رَحِم , ما لَمْ يَسْتَعْجِلْ . قيل : يا رسولَ اللَّه , ما الاسْتِعْجَال ؟ قال : يقولُ : قَدْ دَعَوْتُ وقَدْ دَعَوْت , فَلَمْ أَرَ يَسْتَجِيبُ لي ! فَيَسْتَحْسِرُ عنْدَ ذلِك ويَدَعُ الدُّعاء . (صحيح مسلم – الجزء 4 – ص 2096 – رقم الحديث 2735) .
نعم , فقد يحتاج المسلم أحيانًا إلى ملازمة دُعاءٍ مُعَيَّن لفترة طويلة , قبل أن يستجيب اللَّهُ له . فيجبُ ألاَّ يَمَلّ , لأنَّ اللَّه أعلَم بما يَصْلُح له .
بقيَتْ ملاحظتان بخصوص الدُّعاء :
1 - احذر من الدُّعاء على نفسكَ أو على غيرك بمكْرُوه ! فقد روى الإمام مسلم في صحيحه عن جابر رضي اللَّه عنه , قال : قال رسولُ اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم : لا تَدْعُوا على أنْفُسِكُم , ولا تَدْعُوا على أوْلادِكُم , ولا تَدْعُوا على أمْوالِكُم , لا تُوَافِقُوا مِن اللَّه سَاعَةً يُسْألُ فيها عَطَاءً , فيَسْتَجِب لَكُمْ . (مأخوذ من حديث طويل – صحيح مسلم – الجزء 4 – ص 2301 – رقم الحديث 3006) .
وقد أغَضَبَ ولَدٌ يومًا أُمَّه , فدَعَت عليه بالموت , فما إن خرج من البيت حتَّى صَدَمَتْه سيَّارة , فمات .
2 - اعلَم أنَّك ربَّما تدعو أحيانًا بدعاء تستوفي فيه كلَّ الشُّروط التي ذكَرْناها , ولكن مع ذلك , لا يُحقِّقُ لك اللَّهُ ما طَلَبْت . في هذه الحالة , لا تحزن ولا يخِبْ ظنُّك . فدُعاءك لم يذهبْ أبدًا هدَرًا ! فقد روى الإمام أحمد في مسنده عن أبي سعيد رضي اللَّه عنه , أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللَّه عليه وسلَّم قال : ما مِنْ مُسلم يَدْعُو بدَعْوةٍ ليسَ فيها إثْمٌ ولا قَطِيعة رَحِم , إلاَّ أعطاهُ اللَّهُ بها إحْدَى ثلاث : إمَّا أن يُعَجِّل له دَعْوَتَه (أي في الدُّنيا) , وإمَّا أن يَدَّخِرَها له في الآخرة , وإمَّا أن يَصْرفَ عنه من السُّوء مثْلها .
قالُوا : إذًا نُكْثِرْ . قال : اللَّه أكثر . (مسند الإمام أحمد بن حنبل – الجزء 3 – ص 18 – رقم الحديث 11149) .
ما علينا إذًا إلاَّ الإكثار من الدُّعاء , ولْنُحْسن الظَّنَّ باللَّه , فإمَّا أن يَسْتَجيب لِدُعائنا , وإمَّا أن يكْتُبَه حَسَناتٍ لنا تنفعنا يوم القيامة , وإمَّا أن يُبعِدَ به عنَّا مصائب كانت ستحلُّ بنا .
القاعدة الأولى إذًا لِحِفْظ الفَرْد المسلم من الانهيار أمام الشَّدائد , هي : أن يستغلَّ المسلِمُ نعمةَ الدُّعاء استغلالاً تامًّا , فلا يَنتظر أن تَحُلَّ به مُصيبة لكي يسأل اللَّهَ أن يَرفعها عنه , وإنَّما يَدْعُو اللَّهَ في كلِّ وقت أن يُبعِدَ عنه الأمراضَ والدُّيون والهموم . وعندما يُصيبُه شيءٌ من هذه الأمور , عِوَضَ أن يستسلم للحُزن واليأس , عليه أن يَلتجئَ مباشرة إلى اللَّه ويَطلب منه العون .
الدُّعاء , خطٌّ مفتوح على الدَّوام للتَّحدُّث مباشرة
إلى .. اللَّه !
إلى .. اللَّه !
سُئل أحد الصَّالحين : ما هي أقصر مسافة إلى السَّماء ؟ فقال : دعوة مُستجابَة !
نعم , بإمكان أيِّ عَبْد أن يَدْعو اللَّهَ في أيِّ وقت من نهار أو ليل , مباشرةً وبدون أيِّ وسيط ! وإذا كان الإنسان يتحرَّج عادةً من سؤال إنسانٍ مثله مَخافَة أن يَرُدَّه صِفْرَ اليَدَين , فإنَّ الأمْرَ يختلفُ تمامًا مع اللَّه سُبحانه . فهو الذي طلبَ منَّا ذلك , وهو يفرحُ بدُعائنا له .
يقول تعالى في القرآن الكريم : { وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ 60 } (40- غافر 60) . ويقول أيضًا : { وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ 186 } (2- البقرة 186) .
تريدُ أن تنجح بتفوُّق في دراستك ؟ اجْتَهِدْ إذًا , وادْعُ اللَّه أن تكون الأوَّل على المدرسة .
تريدُ الحصول على عملٍ جيِّد ؟ ابحثْ إذًا , وادْعُ اللَّه أن يُوَفِّقك في مَسْعاك هذا .
تريدُ أن يَرزقكَ اللَّهُ زوجةً صالحةً أو مسكنًا واسعًا أو بنينَ وبنات ؟ إذًا , تَضَرَّعْ إلى اللَّه بالدُّعاء . فمَنْ تركَ الدُّعاء , فكأنَّما شكَّ في قُدْرة اللَّه على الإجابة .
حتَّى لو كانت كلُّ أموركَ تسير على ما يُرام , فأنتَ بحاجة أن تدعو اللَّه أن يُديم عليك هذه النِّعمة . فلاَ أحَد يستطيعُ أن يَضْمن لنفسه دوامَ صحَّته أو ثرائه أو سعادته .
ولا تظُنَّنَّ سيِّدي أنَّ اللَّه لا يستجيبُ إلاَّ لِرجال الدِّين أو للأغنياء أو لِأَصحاب المناصب . أبدًا ! فاللَّه سُبحانه لا ينظر إلى صُوَرنا ومركزنا الاجتماعي , وإنَّما ينظُر إلى قلوبنا . وقد روى التّرمذي في سُننه عن أنَس بن مالك رضي اللَّه عنه , أنَّ رسولَ اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم قال : كَمْ مِنْ أشعثَ أغبر ذي طمرين , لا يُؤبَهُ له , لَو أقسَم على اللَّهِ لَأبَرَّه , منهم البَراء بن مالك . (الجامع الصّحيح سنن التّرمذي – الجزء 5 – ص 692 – رقم الحديث 3854) .
لكن انتبه ! لكي يستجيب اللَّهُ دعاءك , يجبُ عليك تحقيق بعض الشُّروط , وهي :
1 - أن تكون مسلمًا مُلتزمًا بتعاليم دينك . فكيف تريد أن يُحقِّق اللَّهُ طَلَبك , وأنت لا تؤمنُ أصلاً بوُجوده , أو تُشرك معه شيئا آخر في العبوديَّة , أو كنتَ مسلمًا تاركًا للزَّكاة أو للصَّوم , أو كنتَ تشرب الخمر ؟!
2 - ألاَّ تدْعُو بشيء حرام . فكيف تُريد من اللَّه أن يَسْمع منك , وأنت تطلبُ منه مثلاً أن يُنزلَ مُصيبةً بفُلان لكي تأخُذ أنت مَنْصبه في الإدارة ؟!
3 - أن تختار الوقت والكَيْفِيَّة .
أمَّا الوقت : فقد روى التّرمذي في سننه عن أبي أمامة رضي اللَّه عنه , قال : قيل لرسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم : أيُّ الدُّعاء أَسْمَع ؟ قال : جَوْف اللَّيْل الآخر (أي الثُّلث الأخير من اللَّيل) , ودُبُرَ الصَّلَوات المكْتُوبات . (الجامع الصّحيح سنن التّرمذي – الجزء 5 – ص 526 – رقم الحديث 3499) .
وأمَّا الكَيْفِيَّة : فقد روى الإمام مسلم في صحيحه عن أبي هُرَيْرة رضي اللَّه عنه , أنَّ رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم قال : أقْرَبُ ما يَكُونُ العَبْدُ من رَبِّهِ وهو ساجِد , فأكْثِرُوا الدُّعاء . (صحيح مسلم – الجزء 1 – ص 350 – رقم الحديث 482) .
الأفضل إذًا أن يكُون الدَّعاءُ عند السُّجود , في الصَّلوات الخَمْس المفروضة , أو في صلاة التَّهجُّد (وهي صلاة تطوُّع) في الثُّلث الأخير من اللَّيل . لكن لا مانع طبعًا من الدُّعاء في أيِّ وقت آخر خارج الصَّلوات .
4 - أن تخشع في دُعائك , وأن تكون على ثِقَة مِن أنَّ اللَّه سَيستجيب لك . فقد روى الإمام أحمد في مُسنده عن عبد اللَّه بن عمرو , أنَّ رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم قال : القُلُوبُ أوْعِيَة , وبعضُها أوْعَى من بَعْض . فإذا سألْتُم اللَّهَ عَزَّ وجَلَّ أيُّها النَّاس , فاسألُوه وأنتم مُوقِنُونَ بالإجابَة , فإنَّ اللَّهَ لا يَسْتَجِيبُ لِعَبْدٍ دَعَاهُ عَنْ ظَهْر قَلْبٍ غافِل . (مسند الإمام أحمد بن حنبل – الجزء 2 – ص 177 – رقم الحديث 6655) .
5 - أن تدعُو اللَّهَ بأسمائه الحسْنَى وصفاته العُلا , كأن تقول : يا رزَّاق , ارزقْني من رزقكَ الحلال الطَّيِّب , يا غفَّار , اغفر لي ذنوبي , وهكذا .
6 - أن تُلِحَّ في الدُّعاء , وألاَّ تَسْتَعْجِل الإجابة . فقد روى الإمام مسلم في صحيحه عن أبي هُرَيْرة رضي اللَّه عنه , أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللَّه عليه وسلَّم قال : لا يَزالُ يُسْتَجابُ لِلْعَبْدِ ما لَمْ يَدْعُ بإثْمٍ أو قَطِيعَة رَحِم , ما لَمْ يَسْتَعْجِلْ . قيل : يا رسولَ اللَّه , ما الاسْتِعْجَال ؟ قال : يقولُ : قَدْ دَعَوْتُ وقَدْ دَعَوْت , فَلَمْ أَرَ يَسْتَجِيبُ لي ! فَيَسْتَحْسِرُ عنْدَ ذلِك ويَدَعُ الدُّعاء . (صحيح مسلم – الجزء 4 – ص 2096 – رقم الحديث 2735) .
نعم , فقد يحتاج المسلم أحيانًا إلى ملازمة دُعاءٍ مُعَيَّن لفترة طويلة , قبل أن يستجيب اللَّهُ له . فيجبُ ألاَّ يَمَلّ , لأنَّ اللَّه أعلَم بما يَصْلُح له .
بقيَتْ ملاحظتان بخصوص الدُّعاء :
1 - احذر من الدُّعاء على نفسكَ أو على غيرك بمكْرُوه ! فقد روى الإمام مسلم في صحيحه عن جابر رضي اللَّه عنه , قال : قال رسولُ اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم : لا تَدْعُوا على أنْفُسِكُم , ولا تَدْعُوا على أوْلادِكُم , ولا تَدْعُوا على أمْوالِكُم , لا تُوَافِقُوا مِن اللَّه سَاعَةً يُسْألُ فيها عَطَاءً , فيَسْتَجِب لَكُمْ . (مأخوذ من حديث طويل – صحيح مسلم – الجزء 4 – ص 2301 – رقم الحديث 3006) .
وقد أغَضَبَ ولَدٌ يومًا أُمَّه , فدَعَت عليه بالموت , فما إن خرج من البيت حتَّى صَدَمَتْه سيَّارة , فمات .
2 - اعلَم أنَّك ربَّما تدعو أحيانًا بدعاء تستوفي فيه كلَّ الشُّروط التي ذكَرْناها , ولكن مع ذلك , لا يُحقِّقُ لك اللَّهُ ما طَلَبْت . في هذه الحالة , لا تحزن ولا يخِبْ ظنُّك . فدُعاءك لم يذهبْ أبدًا هدَرًا ! فقد روى الإمام أحمد في مسنده عن أبي سعيد رضي اللَّه عنه , أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللَّه عليه وسلَّم قال : ما مِنْ مُسلم يَدْعُو بدَعْوةٍ ليسَ فيها إثْمٌ ولا قَطِيعة رَحِم , إلاَّ أعطاهُ اللَّهُ بها إحْدَى ثلاث : إمَّا أن يُعَجِّل له دَعْوَتَه (أي في الدُّنيا) , وإمَّا أن يَدَّخِرَها له في الآخرة , وإمَّا أن يَصْرفَ عنه من السُّوء مثْلها .
قالُوا : إذًا نُكْثِرْ . قال : اللَّه أكثر . (مسند الإمام أحمد بن حنبل – الجزء 3 – ص 18 – رقم الحديث 11149) .
ما علينا إذًا إلاَّ الإكثار من الدُّعاء , ولْنُحْسن الظَّنَّ باللَّه , فإمَّا أن يَسْتَجيب لِدُعائنا , وإمَّا أن يكْتُبَه حَسَناتٍ لنا تنفعنا يوم القيامة , وإمَّا أن يُبعِدَ به عنَّا مصائب كانت ستحلُّ بنا .
القاعدة الأولى إذًا لِحِفْظ الفَرْد المسلم من الانهيار أمام الشَّدائد , هي : أن يستغلَّ المسلِمُ نعمةَ الدُّعاء استغلالاً تامًّا , فلا يَنتظر أن تَحُلَّ به مُصيبة لكي يسأل اللَّهَ أن يَرفعها عنه , وإنَّما يَدْعُو اللَّهَ في كلِّ وقت أن يُبعِدَ عنه الأمراضَ والدُّيون والهموم . وعندما يُصيبُه شيءٌ من هذه الأمور , عِوَضَ أن يستسلم للحُزن واليأس , عليه أن يَلتجئَ مباشرة إلى اللَّه ويَطلب منه العون .
تعليق