أما آن لك أن تعتنق الإسلام ؟!

تقليص

عن الكاتب

تقليص

في حب الله مسلم اكتشف المزيد حول في حب الله
هذا موضوع مثبت
X
X
تقليص
يُشاهد هذا الموضوع الآن: 6 (0 أعضاء و 6 زوار)
 
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • في حب الله
    المشرفة على أقسام
    المذاهب الفكرية الهدامة

    • 28 مار, 2007
    • 8324
    • باحث
    • مسلم

    #46
    ولو كان المسيح بيننا لتبرَّأ من النَّصارى !

    ولو كان المسيح بيننا لتبرَّأ من النَّصارى !



    لِماذَا ؟! لأنَّهم رفعوه عن مكانة العبد الرَّسول , فجعلُوا منه ابنًا للَّه , وعبدُوه , ونَسبُوا إليه أقوالاً وأفعالاً مليئة بالكفر , وهو منها براء !
    وقد تتساءل سيِّدي الكريم : ولكن , من أين جاء النَّصارى بعقيدة الصَّلب والفداء والخلاص المذكورة خاصَّة في رسائل بولس وإنجيل يوحنَّا ؟
    أقول : أمَّا عن الصَّلب , فقد وقع فعْلاً , وسجَّلَتْهُ كتبُ التَّاريخ ! لكنَّ الذي صُلِبَ حقًّا لَم يكُن المسيح عليه السَّلام وإنَّما أحد تلاميذه , ألقَى اللَّهُ عليه شبَه عيسَى , فأخذه اليهودُ في ذلك الزَّمان وصلَبُوه ووضعُوا الشَّوكَ على رأسه , ظانِّين أنَّه المسيح . ورفَع اللَّهُ عيسى عليه السَّلام إلى السَّماء , وسيعود في آخر الزَّمان , ليس لِيُخلِّص النَّصارى , وإنَّما لِيحكُم بالإسلام ولا يقبل دينًا غيره !
    نعم , هذا ما ذكره القرآن ووضَّحه النَّبيُّ محمَّد صلَّى اللَّه عليه وسلَّم , وسنتحدّثُ عن هذا الأمر بشيء من التَّفصيل في عناصر لاحقة إن شاء اللَّه . وقد كان بعضُ تلاميذ عيسى عليه السَّلام حاضرين معه عندما رفعَه اللَّه إليه , وهؤلاء بَقوا على دينه الحقّ , يَدعُون إلى ما دعا إليه مِن عبادة اللَّه وحده , ويقولون أنَّ عيسى عبدُ اللَّه ورسولُه , ولم يقولُوا أبدًا بعقيدة الفداء والخلاص ‍‍!
    لكنَّ الذين وقعُوا في الخطأ , هم فريقٌ آخر من النَّصارى أصرُّوا على أنَّ الذي صُلِبَ هو المسيح عليه السَّلام . ولَمَّا لم يجدُوا أيّ تفسير عقائدي لهذا الصَّلب , بَحثُوا في الدِّيانات الوثنيَّة السَّائدة وَقتها , فوجدُوا فيها أنَّ الإلهَ يمكن أن يكون له أبناء وزوجة وشُركاء , وأنَّه يمكن أن ينزل إلى الأرض أو يَبعث إليها مَن يَنُوبه ليُحارب الشَّرَّ ويُخلِّص أتباعه ثمَّ يعود إلى السَّماء , وأنَّ الآلهة المتعدِّدة يُمكن أن تُجمَع في صورة إله واحد ذي عدَّة أقانيم ! ويكفي أن تدرس سيِّدي بعض الآلهة , مثل الفيشنو Vishnou والكرشنا Krishna في الدِّيانة الهندوسيَّة , والبوذا Bouddha في الدِّيانة البوذيَّة , وبعل Baal عند البابليِّين القُدامى , لِتَجد كلَّ هذه المعتقدات !
    فاستوحى النَّصارى إذًا من هذه الدِّيَانات مسألة الفداء والخلاص , واستحدثُوا نَظريَّة الخطيئة الموروثة لِتبرير الصَّلْب المزعوم للمسيح , وتبنَّوْها كعقائد وأصبحُوا يَدعُون إليها ! فقد جاء في رسالة يوحنَّا : يا أولادي , أكتبُ إليكُم هذا لكي لا تُخطِئُوا . وإن أخطأ أحدٌ فلَنا شفيعٌ عند الآب , يَسوع المسيح البارّ . وهو كفَّارة لِخَطايانا . ليس لِخَطايانا فقط , بل لِخَطايا كلّ العالَم أيضًا . (يوحنّا 1 – الإصحاح الثَّاني 1 - 2) .
    وجاء في رسالة بولس : إذ الجميعُ أخطأوا وأعْوَزَهم مَجدُ اللَّه , مُتَبَرّرينَ مَجَّانًا بِنعْمَتِه بالفِدَاء الذي بِيَسُوع المسيح الذي قدَّمه اللَّهُ كفَّارة بالإيمان بدَمه , لإظهار بِرّه من أجل الصَّفح عن الخطايا السَّالفة بإمهال اللَّه . (رومية – الإصحاح الثَّالث 23 – 25) .
    وجاء في رسالة بولس : لأنَّه (أي اللَّه) جعلَ الذي لَم يَعرِفْ خَطِيَّةً (أي المسيح) خَطِيَّةً لأجلنا , لِنَصيرَ نحنُ بِرُّ اللَّه فيه . (كورنثوس 2 – الإصحاح الخامس 21) .
    وجاء في إنجيل يوحنَّا : لأنَّه هكَذا أحبَّ اللَّهُ العالَم حتَّى بذلَ ابنَه الوحيدَ لكي لا يَهلك كلّ مَن يُؤمن به بل تكونُ له الحياةُ الأبَديَّة . (إنجيل يوحنّا - الإصحاح الثَّالث 16) .
    فعقيدة النَّصارى إذًا تتلخَّص في أنَّ كلَّ إنسان يولَد خاطئًا , وارثًا للخطيئة من أبيه آدم الذي عصى اللَّهَ وأكلَ مِن الشَّجرة المحرَّمة . وأنَّ السَّبيل الوحيد لِمَحْو الخطيئة هو سَفْك دَم . يقول بولس في رسالته إلى العبرانيِّين : وكلُّ شيء تقريبًا يَتطهَّرُ حسبَ النَّاموس بالدَّم . وبدون سَفْك دَم لا تَحصُلُ مَغْفرة . (العبرانيِّين – الإصحاح التَّاسع 22) .
    لهذا , بعث اللَّهُ ابنَه الوحيد يَسُوع المسيح لِيُصلَب ويموت , لكي يفتدي خطيئة آدم وخطايا البَشَر ! وكلُّ مَن يُؤمن أنَّ المسيح قام بعد الصّلب , يَخلُص وينجُو من العذاب يوم القيامة ! فقد جاء في رسالة بولس : لأنَّكَ إن اعترفْتَ بِفَمِكَ بالرَّبِّ يَسُوع وآمنتَ بقَلبكَ أنَّ اللَّه أقامَه من الأموات , خَلصْت . لأنَّ القلبَ يُؤمنُ به لِلبرّ , والفَمَ يعترفُ به لِلْخَلاص . (رومية – الإصحاح العاشر 9 – 10) .

    فَما فائدة العَمل إذًا بعد هذا ؟!!
    إنَّ هذه العقيدة تتعارض بلا شكّ مع الفطرة والمنطق , ومع صفة العدل عند اللَّه , لأنَّها تُلغي مَبدأ القصاص يوم القيامة وأَخْذ حَقّ المظلوم من الظَّالِم ! بل إنَّها تُشكِّل خطرًا كبيرًا على الإنسانيَّة , لأنَّها تُشجِّع الفرد على فعل ما يُريد بدون قيد أو شرط , دون أن يخاف من العقاب , لأنَّه على كلِّ حال سوف يَخلُص ويَنجُو منه طالَما آمنَ برُبُوبيَّة المسيح وبصلبه وقيامته !!
    ولو أنَّ حاكمًا أعلن لِشَعبه أنَّ كلَّ مَن يُؤمن بشَرعيَّته وكفاءته في الحكْم يَستطيع أن يفعل ما يشاء دون أن يُعاقَب , لانقلب المجتمعُ إلى فَوضى , ولانتشر السَّلبُ والنَّهبُ والقتلُ والاغتصاب ‍!
    وقد ظهرت آثارُ هذه العقيدة الباطلة فعلاً في كلام بولس , رسول النَّصارى والمشَرِّع لهم , فأصبح يستبيح المحرَّمات ويُحلِّلُها لِأتباعه ! مِن ذلك ما جاء في رسالته : كلُّ شيء طاهرٌ للطَّاهرين , وأمَّا لِلنَّجِسينَ وغير المؤمنين فلَيسَ شيءٌ طاهرًا , بل قد تَنجَّس ذِهنُهم أيضًا وضميرُهم . (تيطس – الإصحاح الأوَّل 15) .
    وأباح لهم شُربَ الخمر , فقال في رسالته : لا تكن في ما بعدُ شرَّابَ ماء , بل استعملْ خَمرًا قليلاً من أجل معدتكَ وأسقامِكَ الكثيرة . (ثيموثاوس 1 – الإصحاح الخامس 23) .

    وتَجدرُ الملاحظة هنا أنَّ مسألة الخطيئة الموروثة لَم تَرِدْ على لسان أحدٍ من الأنبياء قبل عيسى عليه السَّلام , ولا وُجود لِأيِّ ذِكْرٍ لها في التَّوراة ! فهل يُعقَل أنَّ اللَّه تعالى أخفَى شأنَها عن أنبيائه بالرَّغم من عِلْمِه بأنَّ خلاص البشريَّة لا يَتمُّ إلاَّ بِسَفكِ دَمٍ للتَّكفير عن هذه الخطيئة ؟! وماذا عن مصير البشر الذين جاءوا قبل المسيح إذًا ؟! ولِماذا انتظر اللَّهُ آلاف السِّنين قبل أن يُرسِلَ المسيح لِيُخلِّص البشريَّة ؟!
    وإذا كان المسيحُ جاء فعلاً لهذه المهمَّة , فما معنى ما جاء في إنجيل مرقس عن آخِر أقواله (أي المسيح) عند صلبه المزعوم : وفي السَّاعة التَّاسعة صرخَ يَسوعُ بِصَوت عظيم قائلاً : إلُوي , إلُوي , لِمَ شَبَقْتَني (الذي تفسيره : إلَهي , إلَهي , لماذا تَركْتَني ؟!) . (إنجيل مرقس – الإصحاح الخامس عشر 34) . فإمَّا أنَّه أُرسِلَ مُكْرَهًا أو أنَّه لَم يُرسَلْ أصلاً للفداء !
    ثمَّ , هل يَقبلُ العقلُ أن يبذلَ اللَّهُ ابنَه الوحيد المزعوم , لِيُصلَب على خشَبة ويتألَّم ويُهان ويُبصَق في وجهه ويموت , افتداءً لِخطيئة آدم ولِخطايا البَشَر ؟! ألم يكن بإمكان اللَّه , وهو المتصرِّف وحده في كلِّ شيء , أن يَغفر لعباده خطاياهم دون أن يُضحِّي بفلذة كبده ؟! هل يُعقل أن يكون اللَّهُ بمثل هذه القسوة , فيُلقي بابنه إلى الإهانة والعذاب ؟! ومِن أجل ماذا ؟! من أجل حَفنةٍ من البَشَر يعيشُون فوق كوكب صغير لا يُمثِّلُ ذرَّةً في كونه الفسيح !!
    واللَّهِ إنَّ عقيدةَ الفداء والخلاص هُراءٌ لا يقبلُه عقلٌ ولا منطق , ولا يليقُ بجلال اللَّه وعدله وحكمته وكماله , سبحانه وتعالى عمَّا يقولُ الظَّالمون عُلُوًّا كبيرًا !
    ثمَّ إنَّ اللَّهَ قد تاب برحمته على آدم وحوَّاء منذ أن كانا في الجنَّة , وانتهَت القضيَّة ! يقول تعالى في القرآن الكريم : { وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ 35 فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ 36 فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ 37 قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ 38 وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ 39 } (2- البقرة 35-39) .
    فليس هناك إذًا خطيئةٌ موروثة , وكلُّ إنسان مسؤولٌ فقط عن أفعاله , يقول تعالى : { قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ وَلا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلاَّ عَلَيْهَا وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ 164 } (6- الأنعام 164) .

    ولم يكتف النَّصارى بتحريف شريعة المسيح عليه السَّلام , بل نسبُوا إليه أيضًا أقوالاً وأفعالاً لا تليق بهذا النَّبيِّ الكريم ! فقد جاء مثلاً في إنجيل يوحنَّا : وفي اليوم الثَّالث كان عُرسٌ في قانا الجليل , وكانت أمّ يَسوع هناك . ودُعِيَ أيضًا يَسوعُ وتلاميذُه إلى العُرس . ولَمَّا فرغت الخَمرُ قالت أمّ يَسوع له : ليس لهم خَمر . قال لها يَسوع : مالي ولَكِ يا امرأة ! لَم تأتِ ساعَتي بَعدُ . (إنجيل يوحنّا – الإصحاح الثَّاني 1 – 4) .
    فهل يُعقَل أنَّ المسيح عليه السَّلام يَنهرُ أمَّه بهذه الطَّريقة ؟!
    أبدًا لا يُعقَل , فقد شهد له اللَّهُ تعالى في القرآن الكريم بأنَّه كان بارًّا بوالدته , حيث قال تعالى : { قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا 30 وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا 31 وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا 32 } (19- مريم 30-32) .
    وهل يُعقَل أنَّ مريم عليها السَّلام تطلبُ من ابنها أن يُحَوِّل الماءَ إلى خَمْر يَشربُه أهلُ العريس ؟!
    أبدًا لا يُعقَل , فقد شهد لها اللَّهُ تعالى في القرآن الكريم بالطَّهارة وعُلُوِّ الدَّرجة , حيث قال تعالى : { وَإِذْ قَالَتِ الْمَلائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ 42 } (3- آل عمران 42) .

    ومِن الأقوال المنسوبة زورًا إلى المسيح عليه السَّلام , ما جاء في إنجيل لوقا : وقال لآخر : اتْبَعْني . فقال : يا سَيِّدُ ائذَنْ لي أن أمضي أوَّلاً وأدفِنَ أبي . فقال له يَسوع : دَع الموتَى يَدفِنُون موتاهُم , وأمَّا أنت فاذْهَبْ ونادِ بِمَلكُوت اللَّه . وقال آخرُ أيضًا : أتبعُكَ يا سَيِّدُ ولكن ائذَنْ لي أوَّلاً أن أوَدِّع الذين في بَيتي . فقال له يَسوع : ليس أحدٌ يضعُ يَده على المحراث وينظُر إلى الوراء يَصلحُ لِملكُوت اللَّه . (إنجيل لوقا – الإصحاح التَّاسع 59 – 62) .
    فهل يُعقل أن يَمنعَ نبيُّ اللَّه عيسى عليه السَّلام أحدَ أتباعه من دفن والده , ويَمنع آخر من وداع أهله ؟!
    أبدًا لا يُعقَل , لأنَّ كلَّ الأنبياء كانُوا يَحُثُّون على برِّ الوالدين والإحسان إلى الزَّوجة والأهل .

    ومِن مظاهر إساءة النَّصارى إلى المسيح عليه السَّلام : تَصديقهم لِما أشاعه اليهود من علاقة أمِّه مريم , الطَّاهرة العفيفة , بِرجُلٍ يُدعَى يوسف النَّجَّار , فنَسبُوه (أي نَسَبُوا المسيحَ) إليه . والحقيقة أنَّ عيسى عليه السَّلام خلقهُ اللَّه مِن أمٍّ بلا أب , معجزةً منه , مثلما خلقَ آدمَ عليه السَّلام بدون أب ولا أمّ .

    أفلا يكفي كلُّ هذا لكي يتبرَّأ المسيحُ عليه السَّلام من النَّصارى وعقائدهم الباطلة ؟!!

    وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ
    وَلَوْلا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ
    @إن كنت صفراً في الحياة.... فحاول أن تكون يميناً لا يسارا@
    --------------------------------------
    اللهم ارزقني الشهادة
    اللهم اجعل همي الآخرة

    تعليق

    • (((ساره)))
      مشرفة الأقسام النصرانية
      والمشرفة العامة على
      صفحة الفيسبوك للمنتدى

      • 11 سبت, 2006
      • 9472
      • مسلمة ولله الحمد والمنة

      #47
      موضوع جميل من أوله لآخره وفي الصميم

      بارك الله فيك أختي الحبيبة .. وجزاك الله خيراً .
      اللَّهُ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونِةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ سورة النور (35)

      تعليق

      • في حب الله
        المشرفة على أقسام
        المذاهب الفكرية الهدامة

        • 28 مار, 2007
        • 8324
        • باحث
        • مسلم

        #48
        المشاركة الأصلية بواسطة (((ساره)))
        موضوع جميل من أوله لآخره وفي الصميم

        بارك الله فيك أختي الحبيبة .. وجزاك الله خيراً .
        وإياكم أختي الحبيبة ,,, اللهم آمين
        تابعي معنا فمواضيع الكتاب لم تنهي بعد
        اللهم اجزي كاتبه خير الجزاء

        وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ
        وَلَوْلا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ
        @إن كنت صفراً في الحياة.... فحاول أن تكون يميناً لا يسارا@
        --------------------------------------
        اللهم ارزقني الشهادة
        اللهم اجعل همي الآخرة

        تعليق

        • في حب الله
          المشرفة على أقسام
          المذاهب الفكرية الهدامة

          • 28 مار, 2007
          • 8324
          • باحث
          • مسلم

          #49
          كلمة عن إنجيل برنابا

          كلمة عن إنجيل برنابا



          ذكَرْنا أنَّه ظهر في البداية حوالي سبعون إنجيلاً , أمَر إمبراطورُ الرُّوم سنة 325 م بإحراقها , بعد أن اختار مجمعُ الكنائس منها الأربعة المعروفة اليوم . وذكَرْنا أيضًا أنَّهُ أُقِرَّ في هذا المجمع بأنَّ المسيح ابنُ اللَّه , تعالى اللَّهُ عن ذلك عُلُوًّا كبيرًا ! ولكن ليس كلُّ النَّصارى في ذلك الوقت كانُوا يعتقدُون هذا الاعتقاد , بل كان منهم مُوَحِّدون , يؤمنون بأنَّ اللَّه إله واحد , وأنَّ المسيح عليه السَّلام عبدُه ورسوله . وهؤلاء لَم يَتَبَنَّوْا قرارات المجمع , فضيَّق عليهم إمبراطورُ الرُّوم الخناق , وهدَّم كنائسهُم وشرَّدهم وطردهم من ديارهم ! وبِمُرور السِّنين والقرون , اضمحلَّت مذاهب هؤلاء , ولَم يبقَ من أتباعهم أحدٌ تقريبًا .
          ومِن بين الأناجيل الأولى التي كُتِبتْ , إنجيل برنابا (Barnabé) , كتَبهُ برنابا , واسمه الحقيقي يوسف بن لاوي , أمَّا برنابا فهو لقبٌ أطلَقه عليه الحواريُّون (Les Apôtres) , فقد جاء في سِفْر أعمال الرُّسُل : ويوسف الذي دُعِيَ من الرُّسُل بَرْنابا الذي يُتَرجَم ابن الوَعْظ , وهو لاوي قُبرُسي الجنس . (أعمال الرُّسل – الإصحاح الرَّابع 36) .
          وُلِدَ برنابا بقبرص , وتُوفِّي بها مقتولاً سنة 61 م . وقد عاصَر المسيحَ عيسى عليه السَّلام ورآهُ وصحِبَه , وصحبَ أيضًا مرقس Saint-Marc وقد عُرِفَ برنابا بصلاحه وتَفانيه في الدَّعوة إلى المسيحيَّة , ويشهد له الحواريُّون بذلك , حيثُ جاء في سِفْر الأعمال : فسُمِعَ الخَبرُ عنهم في آذان الكنيسة التي في أورشَليم , فأرسلُوا بَرْنابا لكي يجتاز إلى أنطاكية . الذي لَمَّا أتى ورأى نعمة اللَّه فرحَ ووعظَ الجميعَ أن يثبتُوا في الرَّبِّ بعزم القلب , لأنَّه كان رجلاً صالِحًا ومُمتلئًا من الرّوح القُدُس والإيمان , فانضمَّ إلى الرَّبِّ جمعٌ غفير . (أعمال الرُّسل – الإصحاح الحادي عشر 22 – 24) .
          والسَّببُ في وقوفنا هنا عند إنجيل برنابا , هو أنَّه يُخالفُ الأناجيل الأربعة المعروفة اليوم في أمور جوهريَّة , منها أنَّه رَدَّ زَعْم النَّصارى ألوهيَّة المسيح عليه السَّلام , فقال بأنَّه عبدٌ ورسول , ورَدَّ ادِّعاءَهم صَلْبَه , فقال بأنَّه لم يُصلَبْ , وذكر صراحةً في عدَّة مواضع من إنجيله بشارةَ المسيح عليه السَّلام بِمَجيء النَّبيِّ محمَّد صلَّى اللَّه عليه وسلَّم مِنْ بعده !!
          نعم , كلُّ هذا مذكورٌ في إنجيل برنابا , وهو ما يُفسِّرُ صدور أمْرٍ سنة 366 م من البابا دماس الأوَّل (Damase 1er) ثمَّ من باباوات مِن بعده , بعَدم قراءة هذا الإنجيل !
          وفي دراسة قيِّمة جدًّا للدُّكتور منقذ بن محمود السقار عن كُتُب العهد القديم والعهد الجديد , استعنتُ بها في كتابة العناصر السَّابقة وموجودة على موقع الحقيقة www.alhakekah.com , يذكُر الدُّكتور أنَّ ذِكْرَ إنجيل برنابا اختفَى قُرونًا عديدة , حتَّى عُثِر سنة 1709 م على نُسخة منه مكتوبة بالإيطاليَّة , مُجَلَّدَة وعليها نقوش ذهبيَّة , استقرَّت سنة 1738 م في البلاط الملكي في فيينَّا , عاصمة النّمسا . وقد تُرجِمتْ هذه النُّسخة إلى العربيَّة على يد الأستاذ خليل سعادة .
          ويَردُّ بعضُ النَّصارى اليوم بأنَّ النُّسخة الإيطاليَّة من إنجيل برنابا مُزوَّرة , وأنَّ الذي كتبها مسلم !
          أمَّا المسلمون فيقولون بأنَّ هذا لا يصحُّ , لأنَّ هذا الإنجيل , وإن كان يُوافق معتقدات المسلمين بخصوص عدم ألوهيَّة المسيح عليه السَّلام , ونجاته من الصّلب , وبشارته بمحمَّد صلَّى اللَّه عليه وسلَّم , إلاَّ أنَّه يحتوي على العديد من الأشياء التي لا يقول بها أيُّ مسلم , مثل وصف اللَّه تعالى بالرُّوح والعجيب والمبارك , واستعمال أسماء ملائكة غير معهودة , مثل : رفائيل وأوريل , والقول بأنَّ السَّماوات تسع !

          وعلى كلِّ حال , يبقَى إنجيلُ برنابا في نَظر المسلمين , حالُه مثل حال بقيَّة الأناجيل المعروفة , كلُّها مِن وضْع بَشَر , وليست هي الإنجيل الحقيقي الذي أنزلهُ اللَّه تعالى على نبيِّه عيسى عليه السَّلام , والمذكور في عدَّة مواضع من القرآن الكريم .

          وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ
          وَلَوْلا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ
          @إن كنت صفراً في الحياة.... فحاول أن تكون يميناً لا يسارا@
          --------------------------------------
          اللهم ارزقني الشهادة
          اللهم اجعل همي الآخرة

          تعليق

          • (((ساره)))
            مشرفة الأقسام النصرانية
            والمشرفة العامة على
            صفحة الفيسبوك للمنتدى

            • 11 سبت, 2006
            • 9472
            • مسلمة ولله الحمد والمنة

            #50
            أتابع بشغف بارك الله فيك أختي الحبيبة .
            اللَّهُ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونِةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ سورة النور (35)

            تعليق

            • في حب الله
              المشرفة على أقسام
              المذاهب الفكرية الهدامة

              • 28 مار, 2007
              • 8324
              • باحث
              • مسلم

              #51
              ما يمكن استخلاصه بخصوص التَّوراة والأناجيل
              ما يمكن استخلاصه بخصوص التَّوراة والأناجيل




              ما يمكنُ استخلاصُه إذًا من كلِّ ما سَبق هو أنَّ التَّوراة الموجودة اليوم عند اليهود ليست هي التي أُنزِلَتْ على موسى عليه السَّلام , وذلك بشهادة القرآن الذي أعلَن أنَّ التَّوراة الأصليَّة حُرِّفَتْ بعد موت موسى , وبشهادة الباحثين في تاريخ الأديان الذين قالُوا أنَّها أُتْلِفَتْ أثناء الحروب , هذا بالإضافة إلى الأدلَّة التي ذكَرناها والتي لا تتركُ مجالا للشّكّ أنَّ هذه التَّوراة تحتوي على نصوص لا يقبل العقل ولا المنطق أن تكون صادرة عن خالق هذا الكون بِمَا فيه .
              كذلك , الأناجيل الموجودة اليوم عند النَّصارى ليست هي الإنجيل الذي أُنزِلَ على عيسى عليه السَّلام , وذلك بشهادة القرآن الذي ذكَر إنجيلاً واحدًا أُنزِلَ على عيسى , بينما نجدُ اليوم أربعة , والبقيَّة أُحرِقَتْ , وبشهادة النَّصارى أنفسهم والمؤرِّخين الغربيِّين الذين يعترفُون أنَّ هذه الأناجيل لَمْ يَكتُبها المسيح ولم يُمْلِلها على أتباعه , وإنَّما كَتبها أُناسٌ بعد موته بأكثر من قرن ونصف , ونَسبُوها إلى تلاميذه من الجيلَيْن الأوَّل والثَّاني , هذا بالإضافة أيضًا إلى الأدلَّة التي ذكَرناها والتي تُبيِّن أنَّ هذه الأناجيل تحتوي على تناقضات عديدة وأقوال باطلة لا يقبل العقل ولا المنطق نسبتها إلى اللَّه سبحانه وتعالى .
              لا يَصحُّ إذًا , بأيِّ حال من الأحوال , اعتماد التَّوراة أو الأناجيل أو الرَّسائل المصاحبة لها , كمراجع دينيَّة من عند اللَّه تعالى , ولا يُقبلُ الاستشهاد بها في أيّ مسألة من المسائل .
              التعديل الأخير تم بواسطة محمد شبانه; 3 نوف, 2020, 02:45 ص.

              وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ
              وَلَوْلا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ
              @إن كنت صفراً في الحياة.... فحاول أن تكون يميناً لا يسارا@
              --------------------------------------
              اللهم ارزقني الشهادة
              اللهم اجعل همي الآخرة

              تعليق

              • في حب الله
                المشرفة على أقسام
                المذاهب الفكرية الهدامة

                • 28 مار, 2007
                • 8324
                • باحث
                • مسلم

                #52
                المشاركة الأصلية بواسطة (((ساره)))
                أتابع بشغف بارك الله فيك أختي الحبيبة .
                وإياكم أختي الحبيبة اللهم آمين
                شرفني مرورك حبيبتي
                ابقوا معنا

                وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ
                وَلَوْلا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ
                @إن كنت صفراً في الحياة.... فحاول أن تكون يميناً لا يسارا@
                --------------------------------------
                اللهم ارزقني الشهادة
                اللهم اجعل همي الآخرة

                تعليق

                • في حب الله
                  المشرفة على أقسام
                  المذاهب الفكرية الهدامة

                  • 28 مار, 2007
                  • 8324
                  • باحث
                  • مسلم

                  #53
                  القرآن الكريم , معجزة كلّ الأزمان !
                  القرآن الكريم , معجزة كلّ الأزمان !




                  ليس هناك أيّ وَجْه مقارنة بين القرآن الكريم , وبين توراة اليهود وأناجيل النَّصارى , لا في الأسلوب ولا في المحتوى ! فالقرآن كتابٌ مُقدَّس فريدٌ من نوعه , مُعجِزٌ ببلاغته ومحتَوى آياته , وهو دليلُ الإنسان في كلِّ مجالات حياته , في كلِّ البلدان وكلِّ الأزمان إلى قيام السَّاعة !
                  وبخلاف الكُتب السَّماويَّة السَّابقة التي بُدِّلَتْ وحُرِّفت , فإنَّ القرآن قد تكفَّل اللَّهُ سبحانه بحفظه , ليكون شاهدًا على وجود الخالِق , وليكون منهاجًا لِخَلْقِه إلى آخر الزَّمان , لأنَّه لا نبيَّ بعد محمَّد صلَّى اللَّه عليه وسلَّم . يقول اللّه تعالى : { إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ 9 } (15- الحجر 9) . والمقصود بالذِّكْر هنا : القرآن الكريم , تعهَّد اللَّهُ بحفظه . فهل يستطيع أيُّ مخلوق بعد هذا أن يُبدِّل أو يحرِّف كلمة واحدة منه ؟!
                  إطلاقًا ! ولو اجتمعتْ على ذلك الإنسُ والجنّ . فإذا كان اللَّه تعالى قد استطاع بقُدرته حفظَ السَّماوات والأرض من الوقوع منذ مليارات السِّنين , فهل يُعجزهُ أن يَحفظ القرآن من التَّحريف بعد أن تعهَّد بذلك ؟!
                  أبدًا ! والدَّليل أنَّك تطوفُ العالَم اليوم شبرًا شبرًا , فلا تجدُ إلاَّ قرآنًا واحدًا , هو بالضَّبط الذي أَنزلَه اللَّهُ تعالى , بواسطة الملَك جبريل عليه السَّلام , على النَّبيِّ محمَّد صلَّى اللَّه عليه وسلَّم منذ حوالي 1400 سنة .
                  ثمَّ إنَّ الآيات التي عرضتُها عليك من قبل , والتي تُشير إلى حقائق علميَّة دقيقة لم يستطع العلماءُ الوصول إليها إلاَّ منذ وقت قريب وبعد سنوات من التَّجارب الدَّقيقة والملاحظة المستمرَّة , هذه الآيات لا تَدَعُ مجالاً للشَّكِّ في أنَّ هذا القرآن وحيٌ من عند اللَّه , وأنَّه لم يَدخُلْ عليه أيّ تغيير أو تبديل , وأنَّ كلّ ما جاء فيه حقٌّ . يقول اللَّه تعالى : { إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ 41 لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ 42 } (41- فصّلت 41-42) .
                  ذلك أنَّ اللَّه تعالى لَمَّا بعثَ أنبياءَه أيَّدَهم بمعجزات تتناسب مع أَزْمانهم :
                  فالنَّبيُّ موسى عليه السَّلام بُعِثَ في عصْرٍ اشتهَر بانتشار السّحْر وتقدُّم السَّحَرة في هذا المجال , فأيَّده اللَّهُ تعالى بعصا , تحوَّلَتْ بإذنه (أي بإذن اللَّه) إلى حيَّة , وأبطَلَتْ حِيَل كبَار السَّحرة . ويَحكي لنا القرآنُ تفاصيل هذه الحادثة بأسلوبه الفريد الذي يشهد لِوَحده أنَّه كلام اللَّه , فيقول متحدِّثًا عن فرعون : { وَلَقَدْ أَرَيْنَاهُ آيَاتِنَا كُلَّهَا فَكَذَّبَ وَأَبَى 56 قَالَ أَجِئْتَنَا لِتُخْرِجَنَا مِنْ أَرْضِنَا بِسِحْرِكَ يَا مُوسَى 57 فَلَنَأْتِيَنَّكَ بِسِحْرٍ مِثْلِهِ فَاجْعَلْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ مَوْعِدًا لا نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلا أَنْتَ مَكَانًا سُوًى 58 قَالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى 59 فَتَوَلَّى فِرْعَوْنُ فَجَمَعَ كَيْدَهُ ثُمَّ أَتَى 60 قَالَ لَهُمْ مُوسَى وَيْلَكُمْ لا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذَابٍ وَقَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَى 61 فَتَنَازَعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ وَأَسَرُّوا النَّجْوَى 62 قَالُوا إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ يُرِيدَانِ أَنْ يُخْرِجَاكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِمَا وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلَى 63 فَأَجْمِعُوا كَيْدَكُمْ ثُمَّ ائْتُوا صَفًّا وَقَدْ أَفْلَحَ الْيَوْمَ مَنِ اسْتَعْلَى 64 قَالُوا يَا مُوسَى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى 65 قَالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى 66 فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى 67 قُلْنَا لا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلَى 68 وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى 69 فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّدًا قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَى 70 قَالَ آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَابًا وَأَبْقَى 71 قَالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا 72 إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى 73 إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِمًا فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لا يَمُوتُ فِيهَا وَلا يَحْيَى 74 وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِنًا قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُولَئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَى 75 جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ مَنْ تَزَكَّى 76 } (20- طه 56-76) .
                  فكِبارُ السَّحرة الذين جَمَعَهُم فرعونُ لِنُصْرته رأَوْا بأَعيُنهم , وهم المتخصِّصون في هذا الميدان , أنَّ العملَ الذي قام به موسى عليه السَّلام يستحيلُ أن يكون سحرًا , وإنَّما هو معجزةٌ أيَّده اللَّهُ تعالى بها . فلم يتردَّدوا في الإيمان بموسى وبخالقه , بالرَّغم من تهديد فرعون ووعيده لهم !

                  وأمَّا النَّبيُّ عيسى عليه السَّلام , فقد بعثه اللَّه تعالى في عصْرٍ تَطوَّر فيه الطِّبُّ , فأيَّده بقُدرات غير عاديَّة على مداواة الحالات المرَضيَّة المستعصِيَة وحتَّى إحياء الموتى , كلُّ ذلك بإذن اللَّه . يقول تعالى مفصِّلاً هذه المعجزة : { إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلَى وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنْفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِي وَتُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتَى بِإِذْنِي وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرائيلَ عَنْكَ إِذْ جِئْتَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ إِنْ هَذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُبِينٌ 110 } (5- المائدة 110) .
                  كلُّ قُدُرات عيسى عليه السَّلام كانت إذًا معجزات من عند اللَّه تعالى . فإذا كان النَّصارى قد اتَّخَذُوا من هذه المعجزات سببًا لِتَأليه المسيح وادِّعاء أنَّه ابنُ اللَّه , فلماذا لا يكون إبراهيمُ عليه السَّلام كذلك وقد رُميَ في النَّار فخرج منها سالِمًا ؟! ولماذا لا يكون موسى عليه السَّلام كذلك وقد ضَرب البحرَ بعصاه فانفلق إلى نصفين , فاخترقَه هو وأتباعُه فلم يغرقوا , وتبعهم فرعونُ وجنوده فغرقوا ؟!
                  بل , هل يَقبل العقل والمنطق أن يكون لِخَالق هذا الكون الهائل ابنٌ أو زوجة ؟! تعالى اللَّه عمَّا يقول الظَّالمون علُوًّا كبيرا !

                  أمَّا محمَّد صلَّى اللَّه عليه وسلَّم , فقد بعثه اللَّهُ تعالى في عصْر البلاغة والفصاحة , فأيَّده بالقرآن الكريم الذي أَعجز الفُصحاءَ والأدباءَ والشُّعراء في ذلك الوقت . وإذا كانت معجزةُ كلُّ نبيٍّ قد انقطعت بموته , فإنَّ معجزة محمَّد صلَّى اللَّه عليه وسلَّم خالدة إلى قيام السَّاعة ! يقول اللَّه تعالى متحدِّثًا عن الكفَّار : { وَقَالُوا لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَاتٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّمَا الْآياتُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ 50 أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ 51 قُلْ كَفَى بِاللَّهِ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ شَهِيدًا يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالَّذِينَ آمَنُوا بِالْبَاطِلِ وَكَفَرُوا بِاللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ 52 } (29- العنكبوت 50-52) .
                  فالكفَّارُ مِن قَوْم محمَّد صلَّى اللَّه عليه وسلَّم طَلبُوا منه أن يُريهم مُعجزات ملموسة , كما فعل الأنبياء مِن قبله , لِيَتحقَّقُوا أنَّه مبعوثٌ من عند اللَّه . فأجابهم اللَّهُ تعالى بأنَّ القرآنَ الكريم كافٍ وحده ليكُون معجزةً لهم خاصَّة , وللنَّاس عامَّةً في كلِّ الأزمان .

                  ولو طلبنا اليومَ من نصراني أن يُرينا كيف كان المسيح عليه السَّلام يُبرئ الأبرص ويُحيي الموتى , لَعَجز عن ذلك . وكذا الحالُ لو طلبنا من يهودي أن يُرينا كيف كانت عصا موسى عليه السَّلام تتحوَّل إلى حيَّة .
                  أمَّا لو طلبنا من مسلم أن يُرينا معجزة محمَّد صلَّى اللَّه عليه وسلَّم , فسَيَجِدُها دون تعب ! إنَّها القرآنُ الكريم الذي سَحَر ببلاغته فُصحاء العرب في كلِّ عصر , وبَهَر بمحتواه كلَّ النَّاس . فهو فعلاً مَرْجعٌ في الأخلاق , والعلاقات الاجتماعيَّة , والمعاملات الماليَّة , والقضاء , وأخبار السَّابقين , وأخبار العوالم الأخرى من ملائكة وجنٍّ وشياطين , والأخبار الغيبيَّة عن البعث والحساب . وها نحنُ اليوم في عصر العلم لا نزال حائرين أمام إعجاز القرآن العلمي في مختلف الميادين , وكذلك إعجازه البلاغي والتَّشريعي !
                  التعديل الأخير تم بواسطة محمد شبانه; 3 نوف, 2020, 02:44 ص.

                  وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ
                  وَلَوْلا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ
                  @إن كنت صفراً في الحياة.... فحاول أن تكون يميناً لا يسارا@
                  --------------------------------------
                  اللهم ارزقني الشهادة
                  اللهم اجعل همي الآخرة

                  تعليق

                  • في حب الله
                    المشرفة على أقسام
                    المذاهب الفكرية الهدامة

                    • 28 مار, 2007
                    • 8324
                    • باحث
                    • مسلم

                    #54
                    كيف أُنزل القرآن الكريم ؟
                    كيف أُنزل القرآن الكريم ؟




                    أُنزلَ القرآنُ وحيًا باللُّغة العربيَّة , مِن اللَّه تعالى على النَّبيِّ محمَّد صلَّى اللَّه عليه وسلَّم , بواسطة الملَك جبريل عليه السَّلام . يقول اللَّه تعالى : { وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ 192 نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ 193 عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ 194 بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ 195 } (26- الشّعراء 192-195) .
                    ولم ينزل القرآنُ مرَّةً واحدة , وإنَّما نزلَ متفرِّقًا , بحسب الأحداث , على مدى 23 سنة . يقول اللَّه تعالى : { وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلاً 106 } (17- الإسراء 106) .
                    فكان النَّبيُّ محمَّد صلَّى اللَّه عليه وسلَّم يَحفظ ما أُنزل عليه من آيات , ثمَّ يتلُوها على أصحابه , فيَحفظونها في صدورهم ويكتبوها . وكان مِن بين أصحابه مَن كان مُكلَّفًا بكتابة الوحي , مثل : زيد بن ثابت وعبد اللَّه بن مسعود رضي اللَّه عنهما , فكانَ النَّبيُّ صلَّى اللَّه عليه وسلَّم يُملي عليهم ما يَنزلُ عليه من الآيات , فيكْتبوها فَوْر نُزولها .
                    ولا يمكن أن نشكَّ في جَوْدة حفْظ النَّبيِّ للقرآن , لأنَّ اللَّه تعالى تكفَّلَ بتحفيظه له ! يقول تعالى مخاطبًا إيَّاه : { لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ 16 إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ 17 فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ 18 ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ 19 } (75- القيامة 16-19) .
                    ذلك أنَّ الملَكَ جبريل عليه السَّلام كان يأتي إلى النَّبيِّ محمَّد صلَّى اللَّه عليه وسلَّم لِيُوحِي إليه آيات جديدة من القرآن , فكان النَّبيُّ يتعجَّلُ في ترديد ما يقرأه عليه الملَك حتَّى لا يَنسى أيَّ حرف منه . فطَمْأنه اللَّهُ تعالى في هذه الآيات بأنَّه تكفَّل بأن يجمع له القرآنَ في صدره فلا ينساه أبدًا , ويُبيِّن له معناه ويُوَضِّحه له . ما عليه إذًا إلاَّ أن يُنْصت إلى الملَك , ثمَّ يقرأ وراءه بكلِّ طمأنينة .
                    وكان للنَّبيِّ بعد ذلك موعدٌ سنوي مع جبريل عليه السَّلام , لِيَعرض عليه ما نزل حتَّى ذلك اليوم من القرآن . فقد روى الإمام أحمد في مُسْنَده عن ابن عبَّاس رضي اللَّه عنه , قال : كان رسولُ اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم يعرضُ القرآن في كلِّ رمضان على جبريل , فيُصبحُ رسولُ اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم مِن لَيْلَته التي يعرضُ فيها ما يعرض وهو أَجْوَد من الرِّيح المرْسَلَة , لا يُسألُ عن شيء إلاَّ أعطاه , حتَّى كان الشَّهر الذي هلكَ (أي تُوفِّيَ) بعده , عرضَ فيه عرضَتَيْن (أي مرَّتين) . (مسند الإمام أحمد بن حنبل – الجزء 1 – ص 326 – رقم الحديث 3012) .
                    ولَم ينزل القرآنُ بالتَّرتيب الحالي الذي نَعرفُه اليوم , وإنَّما كانت الآيات تنزلُ بِحَسَب الأحداث , فكان النَّبيُّ محمَّد صلَّى اللَّه عليه وسلَّم يقول لِكُتَّاب الوحي : ضَعُوا الآية كذا في موضع كذا من السُّورة كذا .
                    فقد روى الحاكم في مُستدركه عن عثمان بن عفَّان رضي اللَّه عنه , أنَّ رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم كان يأتي عليه الزَّمان تنزلُ عليه السُّوَر ذوات عدد , فكان إذا نزلَ عليه الشَّيء يَدعُو بعضَ مَن كان يكتبُه , فيقول : ضَعُوا هذه في السُّورة التي يُذكَر فيها كذَا وكذَا , وتنزلُ عليه الآية فيقولُ : ضَعُوا هذه في السُّورة التي يُذكَر فيها كذَا وكذَا . (المستدرك على الصّحيحين – الجزء 2 – ص 241 – رقم الحديث 2875) .
                    ولَمَّا تُوفِّيَ النَّبيُّ صلَّى اللَّه عليه وسلَّم , كانَ المئاتُ من الصَّحابَة يحفظون القرآن كاملاً عن ظهر قَلْب . لكن وقعت معركةٌ شديدة في عهد الخليفة الأوَّل أبي بكر الصِّدِّيق , بين المسلمين وبين بعض العرب الذين التفُّوا وراء رجُلٍ اسمه مُسَيْلمة , ادَّعَى النُّبوَّة . فاستُشهِد في هذه المعركة , وهي معركة اليمامة , عدد كبير من حُفَّاظ القرآن , مِمَّا دَفعَ بالصَّحابي عمر بن الخطَّاب أن يَطلب من أبي بكر أن يَجمع القرآنَ في مصحف واحد مكتوب .
                    فقد روى البَيْهقي في سُنَنه عن زيد بن ثابت رضي اللَّه عنه , قال : بعثَ إليَّ أبو بكر رضي اللَّه عنه , مَقْتَل أهل اليمامة (أي إثر معركة اليمامة) , وعندهُ عُمَر (بن الخطَّاب) رضي اللَّه عنه . فقال أبو بكر : إنَّ عُمَر أتاني فقال : إنَّ القتل قد استحر (أي اشتدَّ وكَثُر) يَومَ اليمامة بقُرَّاء القُرآن , وإنِّي أخشَى أن يستحر القتلُ بقُرَّاء القرآن في المواطن كلِّها (أي في المعارك الموالية مع الكفَّار) فيذهب قرآنٌ كثيرٌ , وإنّي أرى أن تأمرَ بِجَمع القرآن . قلتُ : كيف أفعلُ شيئًا لَمْ يفعلْهُ رسولُ اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم ؟! فقال عمر : هو واللَّهِ خير . فلَمْ يَزلْ عُمَر يُراجعُني في ذلك حتَّى شرحَ اللَّهُ صدري لِلَّذي شرحَ له صدْرَ عُمَر , ورأيتُ في ذلك الذي رأى عُمَر .
                    قال زيد : ثمَّ قال لي أبو بكر : وإنَّك رجلٌ شابّ عاقل , لا نتَّهمُك , قد كنتَ تكتبُ الوحيَ لِرسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم , فَتَتَبَّعِ القرآنَ فاجمعهُ .
                    فَوَاللَّهِ لَو كَلَّفَني بنَقْلَ جبل من الجبال ما كانَ بأثْقَلَ عَلَيَّ مِمَّا كلَّفني من جمع القرآن ! فقلتُ : كيفَ تفعلان شيئًا لَمْ يفعلْهُ رسولُ اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم ؟! فقال أبو بكر : هو واللَّهِ خير . فلَمْ يَزلْ يُراجعُني في ذلك حتَّى شرحَ اللَّهُ صدري لِلَّذي شرح له صدْرَ أبي بكر وعُمر , ورأيتُ في ذلك الذي رأيَا . فتتبَّعتُ القرآنَ أجمعهُ من العسب والرِّقاع واللِّخاف وصدور الرِّجال , فوجدتُ آخر سورة التَّوبة : { لقد جاءكُم رسولٌ من أنفُسكُم ... } إلى آخر السُّورة , مع خُزيْمة وأبي خُزيمة , فألحَقْتُها في سورتها . فكانت الصُّحُف عند أبي بَكر حياتَه , ثمَّ عند عُمَر حياتَه حتَّى تَوَفَّاهُ اللَّه , ثمَّ عند حفصة بنت عُمَر . (سنن البيهقي الكبرى – الجزء 2 – ص 40 – رقم الحديث 2202) .
                    قال ابنُ حجر العسقلاني في كتابه فتح الباري في شرح صحيح البخاري : كان القرآنُ قد كُتِبَ كلّه في حياة النَّبيّ محمَّد صلَّى اللَّه عليه وسلَّم , ولكنَّه لَم يَكُن مجموعًا في مكان واحد .
                    فلَمَّا اختِيرَ زيدُ بن ثابت لِجمع القرآن , وكان أحد كتَّاب الوحي الممَيَّزين في حياة النَّبيّ محمَّد صلَّى اللَّه عليه وسلَّم , وكان يحفظُ القرآن كاملاً , استعانَ في مهمَّته الثَّقيلة هذه بثلاثة آخرين من حُفَّاظ القرآن المعروفين بأمانتهم . وبالرَّغم من أنَّهم الأربعة كانُوا يحفظون القرآن عن ظهر قلب , إلاَّ أنَّ زيدًا , زيادةً في الحيطة , كان خلال جمعه للقرآن لا يَقبلُ إلاَّ ما كُتِبَ في حياة النَّبيِّ محمَّد صلَّى اللَّه عليه وسلَّم وشهد شاهدان ثقات بصحَّته .
                    تَمَّ جمعُ القرآن إذًا في مصحف واحد في عهد الخليفة الأوَّل أبي بكر الصِّدِّيق , وبقي كذلك في عهد الخليفة الثَّاني عمر بن الخطَّاب . فلمَّا تولَّى عثمانُ بن عفَّان الخلافة بعد عُمَر , كلَّف زيدَ بن ثابت بجمع القرآن مرَّة ثانية , ثمَّ بعثَ نُسَخًا منه إلى أنحاء الدّولة الإسلاميَّة . والسَّببُ في ذلك ما رواه النّسائي في سُنَنه عن أنس بن مالك رضي اللَّه عنه , أنَّ حُذَيْفة (بن اليَمان) قدم على عثمان (بن عفَّان) , وكان يُغازي أهل الشَّام مع أهل العراق في فتح أرمينية وأذربيجان , فأفزعَ حُذَيفةَ اختلافَهم في القرآن , فقالَ لِعُثمان : يا أمير المؤمنين , أدْرِكْ هذه الأمَّة قبل أن يختلِفُوا في الكتاب كما اختلفَت اليهودُ والنَّصارى ‍! فأرسلَ عُثمانُ إلى حَفصة أن أرسلِي إلينا بالصُّحُف ننسخُها في المصاحف ثمَّ نَرُدُّها إليكِ . فأرسلَتْ بها إليه , فأمَر زيدَ بن ثابت , وعبد اللَّه بن الزُّبير , وسعيد بن العاص , وعبد الرَّحمن بن الحارث بن هشام , أن يَنسخُوا الصُّحُف في المصاحف , فإن اختلفُوا وزيدَ بن ثابت (أي إن اختلف الثَّلاثة القُرَشيُّون مع زيد) في شيء من القرآن , فاكتبوهُ بلسان قُرَيْش , فإنَّ القرآنَ نزلَ بلسانهم . ففعلُوا ذلك , حتَّى إذا نَسخُوا الصُّحُف في المصاحف , رَدَّ عُثمانُ الصُّحُفَ إلى حفصة , وأرسلَ إلى كُلِّ أُفُقٍ مُصحفًا مِمَّا نسخُوا . (السّنن الكبرى – الجزء 5 – ص 6 – رقم الحديث 7988) .
                    والاختلاف الذي ذكَره حُذَيْفة هنا في القرآن , هو اختلاف اللَّهجات بين أهل الحجاز وأهل سوريا وأهل العراق . وكلُّ مَن يجوبُ الأقطارَ العربيَّة اليوم يُلاحظ اختلافَ العرب في نُطق بعض الحروف , مثل القاف , والجيم , وغيرهما . وهذا ما دعا الخليفةَ عثمان بن عفَّان رضي اللَّه عنه أن يجمع القرآن مرَّة ثانية . وكُلِّفَ زيدُ بن ثابت مرَّة أخرى بهذه المهمَّة الثَّقيلة مع ثلاثةٍ من الصَّحابة , وجُمِع القرآنُ مرَّة أخرى في مصحف واحد سُمِّيَ بِمُصحف عثمان . ثمَّ وقعَت كتابة بعض النُّسخ منه , أرسِلَتْ إلى الكوفة , والبصرة , وسوريا , وقيل : وأيضًا إلى اليمن , والبحرين , ومكَّة . واحتفَظَ عثمان بنسخة في المدينة , ونسخة أخرى في بيته .
                    ومنذ ذلك اليوم , أصبحت هذه النُّسخة من مُصحف عُثمان هي النُّسخة الوحيدة المعتَمَدة في طبع القرآن في كلِّ بقاع العالم .
                    هكذا إذًا أُنْزلَ القرآن , وهكذَا حفظه اللَّه تعالى من التَّحريف والزّيادة والنُّقصان , وسيبقَى محفوظًا إلى يوم القيامة .
                    التعديل الأخير تم بواسطة محمد شبانه; 3 نوف, 2020, 02:44 ص.

                    وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ
                    وَلَوْلا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ
                    @إن كنت صفراً في الحياة.... فحاول أن تكون يميناً لا يسارا@
                    --------------------------------------
                    اللهم ارزقني الشهادة
                    اللهم اجعل همي الآخرة

                    تعليق

                    • في حب الله
                      المشرفة على أقسام
                      المذاهب الفكرية الهدامة

                      • 28 مار, 2007
                      • 8324
                      • باحث
                      • مسلم

                      #55
                      لماذا ترك الفَنَّ والشُّهرة واعتنق الإسلام ؟!
                      لماذا ترك الفَنَّ والشُّهرة واعتنق الإسلام ؟!




                      نختم هذا الجزء بقصَّتين واقعيّتين :
                      القصَّة الأولى في إسلام السَّيِّد Cat Stevens , المغنِّي الانجليزي الذي اشتهر نجمُه في موسيقى البوب (pop music) في بداية السَّبعينات , والذي أَطلق على نفسه بعد إسلامه اسم يوسف إسلام .
                      يقول Cat : كانت أسرتي تَدينُ بالمسيحيَّة , فتربَّيْتُ على تلك الدِّيانة , وتعلَّمتُ أنَّ اللَّه موجود ولكن لا يُمكنُنا الاتِّصالُ به مباشرة , بل لا بُدَّ أن يكون ذلك عن طريق المسيح عليه السَّلام ! وبالرَّغم من اقتناعي الجزئي بهذه الفكرة إلاَّ أنَّ عقلي لم يتقبَّلْها بالكُلِّيَّة ! وكنتُ أنظرُ إلى تماثيل المسيح , فأراها حجارةً لا حياة فيها ! وكانت عقيدةُ التَّثليث تُحيِّرُني وتُقلقُني , ولكنَّني لم أكن أناقشُها احترامًا لِمُعتقدات والديَّ .
                      ثمَّ بدأتُ أبتعدُ شيئًا فشيئًا عن نشأتي الدِّينيَّة , وانخرطتُ في مجال الموسيقى والغناء , وكنتُ أطمحُ أن أُصبحَ مغنِّيًا مشهورًا . وأخذَتْني تلك الحياة البرَّاقة بِمَباهجها ومفاتنها , فأصبحَتْ هي إلهي , وأصبح الثَّراءُ المطلَق هو هدفي . وبالطَّبع , كان للمجتمع من حولي تأثيرٌ بالغ في ترسيخ هذه الفكرة بداخلي , حيثُ أنَّ الدُّنيا كانت تعني لهم كلّ شيء .
                      وانغمستُ في هذه الحياة بكلِّ طاقتي , وقدَّمتُ الكثير من الأغاني , وحققَّتُ نجاحًا واسعًا خلال فترة قصيرة , وأصبحتُ نجمًا عالَميًّا وأنا لَمْ أتَعَدَّ التَّاسعة عشر من عمري ! ووصلَتْ مُعظَم أغانيَّ إلى قمَّة المسابقات العالميَّة في أواخر السِّتِّينات وأوائل السَّبعينات , وحقَّقَتْ ألبُوماتي نجاحًا تجاريًّا وأرقامًا قياسيَّة في المبيعات , واجتاحتْ صُوَري وأخباري وسائل الإعلام المختلفة . ولَم يكنْ يشغلُني طوال تلك الفترة سوى الحصول على المال والشُّهرة والمجد , مِمَّا أنساني الدِّينَ تَمَامًا .
                      بعد مُضيِّ عام تقريبًا من النَّجاح المادِّي وتحقيق الشُّهرة , أُصِبْتُ بمرض السُّلّ ودخلتُ المستشفَى لِفتْرة طويلة . وكانت هذه الأزمة فرصة لي لِأَتأمَّل في حالي وأُعيد التَّفكير في هدفي في هذه الحياة . فبدأتُ أقرأُ في الدِّيانات الشَّرق آسيويَّة التي كانت سائدة في ذلك الوقت , وبدأتُ لِأوَّل مرَّة أُفكِّر في الموت . وأهمُّ ما توصَّلتُ إليه في تلك المرحلة أنَّني لستُ جسدًا فقط , وإنَّما أنا جسدٌ وروح , وأنَّه لا بُدَّ أن يكون هناك انسجامٌ بين الاثنين .
                      بعد شفائي من مرضي , عدتُ إلى عالَم الموسيقى والغناء ثانية , ولكن في هذه المرَّة بدأَتْ أغانيَّ تعكسُ أفكاري وقَناعاتي الجديدة . وازدادَتْ شُهرتي في هذا الميدان , ولكنَّني كنتُ أعاني في نفس الوقت من صراع داخلي لأنَّني كنتُ أبحثُ عن الحقيقة .
                      واقتنعتُ وقْتَها أنَّ البوذيَّة قد تكون عقيدة نبيلة وراقية , ولكنَّني لَم أكُن مستعدًّا أن أتفرَّغ للعبادة وأنعزل عن العالَم , لأنَّني كنتُ متعلِّقًا بالدُّنيا . فحاولتُ أن أجد ضالَّتي في علْم الأبراج والأرقام , ثمَّ في معتقدات أخرى , ولكنَّني لم أقتنع بأيّ شيء منها . ولم أكنْ حتَّى تلك اللَّحظة أعرفُ شيئًا عن الإسلام .
                      وصادفَ أن سافر أخي الأصغر David إلى القُدس , وعاد مبهورًا بالمسجد الأقصى وبالحيويَّة التي تعجُّ بين جَنَباته , على خِلاف الكنائس المسيحيَّة والمعابد اليهوديَّة التي دائمًا ما تكون خاوية ! وأحضَر لي أخي من القُدس نسخة مُترجَمة لِمعاني القرآن الكريم بالانجليزيَّة . وعلى الرَّغم من أنَّه لَم يَعْتنق الإسلام , إلاَّ أنَّه أحَسَّ بشيء غريب تُجاه هذا الكتاب , وتَوَقَّع أن يُعجبَني وأن أجد فيه ضالَّتي .
                      فقرأتُ الكتاب , ووجدتُ فيه فعلاً ما كنتُ أبحثُ عنه : وجدتُ فيه أجْوبَة عن حقيقة الكون , وأصل البشريَّة , ومن أين أتيتُ , والهدف من الحياة . وعندها أيقنتُ أنَّ الإسلام هو الدِّين الحقُّ , وأنَّ حقيقته تختلف عن فكرة الغرب عنه , وأنَّه ليس مجرَّد طقُوس لِكبار السِّنِّ مثل المعتقدات الأخرى .
                      وأدركتُ أنَّ كلَّ شيء هو مِن خَلْق اللَّه وصُنعه , وأنَّ اللَّه لا تأخذه سِنَةٌ ولا نوم , وأنَّه أرسلَ الأنبياء برسالة واحدة . ووجدتُ في القرآن ردُودًا منطقيَّة ومعقولة عن ادِّعاء النَّصارى أنَّ المسيح ابنُ اللَّه . وأُعجبتُ بأسلوب هذا الكتاب في دعوته إلى التَّفكُّر والتَّأمُّل وإعمال العقل للوصول إلى الحقيقة , واقتنعتُ أنَّه ضالَّتي المنشودة , وضعَها اللَّهُ في طريقي .
                      لَم أعتنق الإسلام وقْتَها , ووجدتُ صعوبة في ذلك لأنَّ كلَّ مَن حولي كانُوا لا يعرفُون شيئًا عن هذا الدِّين . ثمَّ فكَّرتُ في الذّهاب إلى القُدس , مثلما فعل أخي , لزيارة المسجد الأقصى . فسافرتُ إلى هناك , وبين جَنَبات هذا المسجد المهيب قرَّرتُ الدُّخول في الإسلام . فعدتُ إلى لندن , وقابلتُ أختًا مسلمة اسمُها نفيسة , وأخبرتُها برغبتي في اعتناق هذا الدِّين . فدلَّتْني على أحد أكبر المساجد في بريطانيا , وكان ذلك سنة 1977 م , بعد حوالي سنة ونصف من بداية قراءتي لترجمة معاني القرآن الكريم . ويوم الجمعة , بعد الصَّلاة , اقتربتُ من الإمام ونطقتُ بالشَّهادتين بين يديه .
                      والآن , أصبحتُ أستطيع أن أدعو اللَّه مباشرة في كلِّ وقت , على خلاف المسيحيَّة والدِّيانات الأخرى ! وأذكرُ أنَّ سيّدةً هندوسيَّة قالتْ لي يومًا : نحنُ نؤمنُ بإله واحد , ولكنَّنا نستخدمُ هذه التَّماثيل للتَّركيز ! معنَى كلامها أنَّه يجبُ أن تكون هناك وسائط لِتَصِلَنا باللَّه ! لكنَّ الإسلام أزال كلَّ هذه الوسائط والحواجز .
                      بعد إسلامي , شعرتُ براحة نفسيَّة كبيرة , وتخلَّصتُ من أفكاري المتناقضة والتي لا حصر لها , وصار الطَّريقُ واضحًا أمامي . وقطعتُ على نفسي عهدًا أن أُسَخّر حياتي لخدمة هذا الدِّين والدَّعوة إليه ونَقْل تجربتي للآخرين .

                      هذه إذًا قصَّة إسلام السَّيِّد Cat Stevens الذي وُلِدَ في 21 يوليو 1948 م من أب يوناني وأمّ سويديَّة , وهو يُسمَّى اليوم يوسف إسلام . وقد تعدَّدت نشاطاتُه بعد إسلامه , حيثُ أنشأ عام 1986 م جمعيَّة للمعونة الإسلاميَّة , وتولَّى رئاسة أربع جمعيَّات تهتمُّ بالتَّعليم وحقوق الإنسان , وصار أحد أبرز أعضاء المجلس الإسلامي الأعلى في بريطانيا , وتولَّى مهمَّة تصحيح العديد من المفاهيم الغربيَّة الخاطئة عن الإسلام .
                      أنشأ مدرسة إسلاميَّة في كيل بورن , شمال لندن , لتعليم الأطفال القرآنَ والسُّنَّة وكيفيَّة أداء العبادات الإسلاميَّة . ونتيجة لنشاطاته ومَركزه , فقد قبلَت الحكومة العراقيَّة وَساطَته أثناء اندلاع حرب الخليج الأولى , وأفرجتْ عن أربعة أسرى إنجليز . كما وافقَت الحكومتان السّعوديَّة والكويتيَّة إقامة مُخيَّمات على حدودهما لِفَريقٍ من دُعاة السَّلام , على رأسهم يوسف إسلام . قام بالعديد من الزِّيارات إلى البُوسنة , وعقَدَ العديد من الحفلات الدِّينيَّة في سَراييفُو .
                      تحوَّل إلى الإنشاد الدِّيني , وأصدر ألبومًا أوَّلاً تضَمَّن أغنيةً عن النَّبيِّ محمَّد صلَّى اللَّه عليه وسلَّم . ثمَّ أصدر ألبومًا آخر سنة 1997 م عن مأساة حرب البُوسنة . سجَّل أيضًا عددًا من الأغاني الإسلاميَّة للأطفال , وُزِّعتْ منها ملايين النُّسَخ في العالَم الغربي والإسلامي . (نقلاً , مع تصرّف بسيط في سرد القصَّة , عن موقع مجلَّة رياض الجنَّة www.nozhanet.net , وعن موقع الشَّبكة الإسلاميَّة www.islamweb.net) .
                      التعديل الأخير تم بواسطة محمد شبانه; 3 نوف, 2020, 02:44 ص.

                      وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ
                      وَلَوْلا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ
                      @إن كنت صفراً في الحياة.... فحاول أن تكون يميناً لا يسارا@
                      --------------------------------------
                      اللهم ارزقني الشهادة
                      اللهم اجعل همي الآخرة

                      تعليق

                      • (((ساره)))
                        مشرفة الأقسام النصرانية
                        والمشرفة العامة على
                        صفحة الفيسبوك للمنتدى

                        • 11 سبت, 2006
                        • 9472
                        • مسلمة ولله الحمد والمنة

                        #56
                        أتابع يا أختي بارك الله فيك .. معك بإذن الله ..
                        التعديل الأخير تم بواسطة محمد شبانه; 3 نوف, 2020, 02:44 ص.
                        اللَّهُ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونِةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ سورة النور (35)

                        تعليق

                        • في حب الله
                          المشرفة على أقسام
                          المذاهب الفكرية الهدامة

                          • 28 مار, 2007
                          • 8324
                          • باحث
                          • مسلم

                          #57
                          هكذا أوصله عقلُه إلى الإسلام !
                          هكذا أوصله عقلُه إلى الإسلام !


                          القصَّة الثَّانية في إسلام : علي سلمان بنوا , وهو طبيبٌ من أسرة فرنسيَّة كاثوليكيَّة . يروي علي قصَّة إسلامه , يقول : كنتُ أؤمن بوجود اللَّه , إلاَّ أنَّ الطُّقوس الدِّينيَّة المسيحيَّة لم تكُن لِتَبعث في نفسي الإحساس بوجوده ! وقد كان شعوري الفطري بوحدانيَّة اللَّه يَحُولُ بيني وبين الإيمان بعقيدة التَّثليث , وبتأليه عيسى المسيح !
                          كنت لا أستسيغُ دعوى الكاثوليك أنَّ مِن سُلطانهم مغفرةَ ذنوب البشَر نيابةً عن اللَّه , ولم أكن أؤمن أبدًا بالعشاء الرَّبَّاني والخبز المقدَّس الذي يُمثِّل جسد المسيح . ومِمَّا كان يُباعدُ بيني وبين المسيحيَّة أنَّها لا تحوي في تعاليمها شيئًا يتعلَّق بطهارة البدَن , لا سيَّما قبل الصَّلاة , فكنتُ أرى في ذلك انتهاكًا لِحُرمة الرَّبّ . كذلك , فإنَّ المسيحيَّة التزمت الصَّمت في ما يتعلَّق بغرائز الإنسان الفيزيولوجيَّة , بينما نرى أنَّ الإسلام هو الدِّين الوحيد الذي ينفرد بمراعاة الطَّبيعة البشريَّة .
                          أمَّا العامل الأساسي في اعتناقي للإسلام , فهو القرآن الكريم . وأنا مَدينٌ بالفضل إلى الأستاذ مالك بن نبي , صاحب كتاب الظَّاهرة القرآنيَّة . فقد اقتنعتُ بعد قراءتي لهذا الكتاب بأنَّ القرآن هو حقًّا وحيٌ مُنَزَّل من عند اللَّه . وعرفتُ أيضًا أنَّ بعض آياته أشارت منذ حوالي أربعة عشر قرنًا إلى حقائق علميَّة لم يتمَّ اكتشافها إلاَّ حديثًا .
                          وهكذا ذهبتُ يوم 20-2-1953 م إلى مسجد باريس , وأعلنتُ إسلامي . فسجَّلني عميد المسجد في سجلاَّت المسلمين , وحملتُ اسمي الجديد : علي سلمان . وأنا أشعر اليوم بالغبطة الكاملة في ظلِّ عقيدتي الجديدة , وأُعلن مرَّة أخرى : أشهد أن لا إله إلاَّ اللَّه وأشهد أنَّ محمَّدًا عبده ورسوله . (نقلاً , مع تصرّف بسيط في سرد القصَّة , عن موقع www.newmuslims.tk) .
                          التعديل الأخير تم بواسطة محمد شبانه; 3 نوف, 2020, 02:43 ص.

                          وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ
                          وَلَوْلا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ
                          @إن كنت صفراً في الحياة.... فحاول أن تكون يميناً لا يسارا@
                          --------------------------------------
                          اللهم ارزقني الشهادة
                          اللهم اجعل همي الآخرة

                          تعليق

                          • في حب الله
                            المشرفة على أقسام
                            المذاهب الفكرية الهدامة

                            • 28 مار, 2007
                            • 8324
                            • باحث
                            • مسلم

                            #58
                            فريقٌ في الجنَّة وفريقٌ في السَّعير !
                            فريقٌ في الجنَّة وفريقٌ في السَّعير !




                            ربَّما تَعجبين يا ابنتي الكريمة من انتقالي الآن للحديث عن الجنَّة والنَّار , وأنا لم أُعرِّفْكِ بَعدُ باللَّه تعالى وبمحمَّد صلَّى اللَّه عليه وسلَّم وبالإسلام . الحقيقة أنَّني أردتُ أن أُعطيكِ فكرة صغيرة عمَّا أعدَّه اللَّهُ تعالى لعباده يوم القيامة , لعلَّها تكون لكِ حافزًا على مواصلة قراءة الأجزاء الأخرى من هذا الكتاب , قبل أن تنشغلي عن ذلك بدراستك أو بعملك .
                            فكَما أنَّ التَّلميذ محتاجٌ لأن يعرف ماذا سَيجْني من اجتهاده في الدّراسة , والعامل محتاج لأن يعرف كم سيأخذ أجرًا على تَعَبه في العمل , فكذلك العبد محتاجٌ لأن يعرف ماذا سيكون جزاءه إذا اتَّبع دين اللَّه , حتَّى يكُون له ذلك حافزًا على الاستقامة في السُّلوك والإخلاص في العبادة والاستزادة من فعل الخير .

                            يَصِفُ اللَّهُ تعالى بعض ما أعدَّهُ لأهل الجنَّة , فيقول في القرآن الكريم : { وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلاً 122 } (4- النّساء 122) .
                            ويقول تعالى : { وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ 72 } (9- التّوبة 72) .
                            ويقول تعالى : { زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ 14 قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذَلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ 15 الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ 16 } (3- آل عمران 14-16) .
                            نعم , إنَّ هذا حقًّا هو الفوز الحقيقي : جنَّات تجري من تحتها الأنهار ومساكن طيِّبة وأزواج مطهَّرة وكلّ ما تشتهي الأنفس , ورضوان من اللَّه أكبر ! كلُّ هذا لِمُدَّةٍ أطول من مليار مليار مليار … سنة ! إنَّه الخلود في الجنَّة !
                            ويقول تعالى : { إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلالٍ وَعُيُونٍ 41 وَفَوَاكِهَ مِمَّا يَشْتَهُونَ 42 كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ 43 إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ 44 } (77- المرسلات 41-44) .

                            وفي المقابل , يصفُ اللَّهُ تعالى بعض حالِ أهل النَّار , فيقول : { وَقَالَ الَّذِينَ فِي النَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْمًا مِنَ الْعَذَابِ 49 قَالُوا أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا بَلَى قَالُوا فَادْعُوا وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلاَّ فِي ضَلالٍ 50 } (40- غافر 49-50) .
                            هل أدركتِ يا ابنتي خطورة الموقف ؟! إنَّ الذي يموتُ على غير الإسلام سوف يدخلُ نارًا حامية جدًّا , حتَّى أنَّه من شدَّة العذاب يتمنَّى أن يُخفِّف اللَّهُ عنه يومًا واحدًا منه ! فكيف به وهو سيقضِّي فيها , ليس سنة , ولا عشر سنوات , ولا ألْف سنة , بل رقْمًا لا نهائي من السَّنوات , أو إن شئتِ : أكثر من مليار مليار مليار ... سنة !!
                            هل تخيَّلتِ حَجْمَ العذاب ؟!
                            لو أنَّ سجينًا في الدُّنيا محكوم عليه بعشر سنوات , طلبَ من القاضي أن يطرح من عقوبته يومًا , لَظنَّ أنَّه يسخر منه ! فما بالُكِ بِمَنْ يطلبُ حقيقةً أن يُطرح عنه يومٌ من مليار مليار مليار ... يوم في جهنَّم !

                            ربَّما تقولين : ولكن , إذا كانت جهنَّم نارًا حامية جدًّا كما جاء في القرآن , فمعنى هذا أنَّ الذين فيها سيموتون في لحظة .. وينتهي الأمر !
                            أقول : تعالي أذكِّرك إذًا بآية سبق أن تعرَّضْنا لها عند الحديث عن جلْد الإنسان . يقول اللَّه تعالى : { إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا 56 } (4- النّساء 56) .
                            فأصحابُ النَّار تُبدَّلُ جلُودُهم إذًا كلّ لحظة , فيستمرّ العذاب إلى ما لا نهاية .
                            قد تقولين : ولكنَّ أصحاب النَّار سيموتون في النِّهاية , سواء من شدَّة العذاب أو من شدَّة الفزع !
                            استمعي إذًا لِمَا يَلي : يقول اللَّه تعالى : { وَاسْتَفْتَحُوا وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ 15 مِنْ وَرَائِهِ جَهَنَّمُ وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ 16 يَتَجَرَّعُهُ وَلا يَكَادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِنْ وَرَائِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ 17 } (14- إبراهيم 15-17) .
                            نعم , يأتيه الموتُ من كلِّ مكان , ولكنَّه لن يموت ! إنَّه خلودٌ في النَّار إلى الأبد !
                            ويقول تعالى : { وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ 36 وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ 37 } (35- فاطر 36-37) .
                            وإذا لم يستطع عقلُكِ أن يقبل فكرة الخلود في النَّار , فلماذا قَبِلَ إذًا ما ذكَره عُلَماء الفلك من أنَّ هذا الكون يحتوي على مئات المليارات من النُّجوم , تفصلُ بينها مسافات خياليَّة تُقدَّر بملايين المليارات من الكيلومترات , وأنَّ الأرض تدور بنا بسرعة مجنونة , ونحن لا نشعر بشيء ؟!
                            واللَّهِ الذي لا إله غيره , لنْ يُفلِتَ بَشرٌ من الحساب يوم القيامة . ويا تَعْس يومئذٍ مَن كان مصيره الخلود في النَّار بسبب لحظة عِنَاد في الدُّنيا أعمَتْهُ عن اتِّباع الحقّ .

                            تعاليْ نُكمل الحديث عن حال أهل النَّار : يقول تعالى : { وَلا يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيمًا 10 يُبَصَّرُونَهُمْ يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ 11 وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ 12 وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْوِيهِ 13 وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ يُنْجِيهِ 14 كَلاَّ إِنَّهَا لَظَى 15 نَزَّاعَةً لِلشَّوَى 16 تَدْعُو مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى 17 وَجَمَعَ فَأَوْعَى 18 } (70- المعارج 10-18) .
                            هل يُعقَل أن يُفكِّر الكافر يومئذ أن يُقدِّم زوجته وأبناءه وكلَّ مَن على الأرض , لكي يَفتدِيَ نفسَه من عذاب النَّار ؟!
                            نعم , ولن يُغني ذلك عنه شيئًا !

                            ويقول تعالى : { فَإِذَا جَاءَتِ الصَّاخَّةُ 33 يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ 34 وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ 35 وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ 36 لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ 37 وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ 38 ضَاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ 39 وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ 40 تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ 41 أُولَئِكَ هُمُ الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ 42 } (80- عبس 33-42) .
                            الكلُّ إذًا مشغولٌ بنفسه , ولا يفكِّر إلاَّ في المصير الذي ينتظره !

                            ويقول تعالى : { هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُؤُوسِهِمُ الْحَمِيمُ 19 يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ 20 وَلَهُمْ مَقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ 21 كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَا وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ 22 } (22- الحجّ 19-22) .
                            ويقول تعالى : { وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ 50 الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَهْوًا وَلَعِبًا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فَالْيَوْمَ نَنْسَاهُمْ كَمَا نَسُوا لِقَاءَ يَوْمِهِمْ هَذَا وَمَا كَانُوا بِآياتِنَا يَجْحَدُونَ 51 } (7- الأعراف 50-51) .
                            ويقول تعالى : { وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ أَنْ قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّا فَهَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا قَالُوا نَعَمْ فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ 44 الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا وَهُمْ بِالْآخِرَةِ كَافِرُونَ 45 } (7- الأعراف 44-45) .
                            ويقول تعالى : { وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ 6 إِذَا أُلْقُوا فِيهَا سَمِعُوا لَهَا شَهِيقًا وَهِيَ تَفُورُ 7 تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ 8 قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلاَّ فِي ضَلالٍ كَبِيرٍ 9 وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ 10 فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقًا لِأَصْحَابِ السَّعِيرِ 11 } (67- الملك 6-11) .
                            آياتٌ تهزُّ المشاعر والقلوب ! هل يُعقل أن تكُون كلُّها خيالٌ من صنع بَشَر ؟!
                            أبدًا ! إنَّها واللَّهِ كلامُ اللَّه , يُقيم به الحجَّة على كلِّ مَنْ غَرَّتْهُ الحياةُ الدُّنيا وآثَر الكُفْر على الإيمان .
                            إنَّ يوم القيامة سيأتي لا محالة . وسأقف أنا وأنت والنَّاس أجمعون للحساب . ثمَّ , إمَّا خُلودٌ في جنَّاتٍ ونعيم , وإمَّا إلى نارٍ وحميم وعذاب لا نهاية له !

                            أسأل اللَّه أن يهديك إلى الإسلام , ويجعلك وإيَّاي وكلّ المسلمين من أصحاب الجنَّة , آمين .
                            التعديل الأخير تم بواسطة محمد شبانه; 3 نوف, 2020, 02:43 ص.

                            وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ
                            وَلَوْلا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ
                            @إن كنت صفراً في الحياة.... فحاول أن تكون يميناً لا يسارا@
                            --------------------------------------
                            اللهم ارزقني الشهادة
                            اللهم اجعل همي الآخرة

                            تعليق

                            • في حب الله
                              المشرفة على أقسام
                              المذاهب الفكرية الهدامة

                              • 28 مار, 2007
                              • 8324
                              • باحث
                              • مسلم

                              #59
                              وبعد , أيُّها القارئ الكريم !
                              وبعد , أيُّها القارئ الكريم !




                              ألم يحن الوقت بعدُ أن تؤمن بأنَّ هذا الكون لم يُخلَق عن طريق الصُّدفة ؟ !
                              إنَّ هذه الأرض التي تعيش فوقها تزن حوالي خمسة آلاف مليون مليون مليون طنّ , وهي معلَّقة منذ مليارات السِّنين في الفضاء دون أن تسقط , وتدور حول نفسها بدقَّة متناهية وبسرعة معدَّلها 1600 كلم في السَّاعة , دون أن تشعر بذلك ! فهل يُعقل أن يكون كلُّ هذا نِتاج صدفة ؟!
                              ثمَّ إنَّك لكي تستطيع العيش فوق هذه الأرض , كان لا بُدَّ أن تكون جميعُ العوامل اللاَّزمة لذلك متوفِّرة كلّها في وقت واحد , ومنذ أوَّل تجربة . وهذا ما حدث فعلاً . فلا أحد من المؤرِّخين أو العلماء ذكَر أنَّ الإنسان الأوَّل وُجِدَ في البداية بدون جهاز تنفُّس , فاختنق ومات , ثمَّ أتى إنسان بعدهُ برئتَيْن ولكن لم يكن هناك هواء فوق الأرض , فمات أيضًا , ثمَّ جاء إنسان بعده .. وهكذا !
                              وهذه العناصر جميعها لَم تكن لِتَتوفَّر وحدها بالصُّدفة , بل توفَّرَتْ بتدبيرِ وتنسيقِ خالقٍ لا حدود لِقُدرته , هو اللَّه تعالى .
                              ولو تمعَّنتَ أيُّها القارئ في القرآن الكريم , لتأكَّدتَ أنَّه وحيٌ مُنزَّلٌ من عند اللَّه على نبيِّه محمَّد صلَّى اللَّه عليه وسلَّم , وأنَّ هناك حياةٌ بعد الموت لِيُجازي اللَّهُ كلَّ إنسان بما فعل في الدُّنيا , ثمَّ إمَّا إلى جنَّة وإمَّا إلى نار .

                              أم أنَّكَ تقول أنَّه , حتَّى لو كان ذلك صحيحا , فإنَّ يوم القيامة ما زال بعيدًا !
                              واللَّهِ إنَّه لا يفصلُك عنه سوى الموت ! وإنَّ الموتَ لَأقرب إليك من شراك نَعْلَيْك ! فكَمْ من شابٍّ ماتَ وهو في أوْج قُوَّته , وكم من فتاة نامت وهي لا تعلم أنَّ ذلك آخر عهدها بالدُّنيا !
                              باللَّه عليك , لا تتوقَّف إذًا عند هذا الجزء , فلن تخسر شيئًا من مواصلة القراءة . فمازلتُ سأحدِّثك عن اللَّه تعالى , وعن النَّبيِّ محمَّد صلَّى اللَّه عليه وسلَّم , وعن الإسلام , وعن القبر والحساب والجنَّة والنَّار , ومازلتُ سأعرضُ عليك العديد من الآيات القرآنيَّة التي حيَّرتْ عُلَماء هذا العصر , كلُّ ذلك بأسلوب علميٍّ سهل , مختلف عمَّا تعوَّدْتَ عليه في الكتب الأخرى .
                              قبل أن أتركك , أختم بهذه الآيات , يقول اللَّه تعالى : { إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ 161 خَالِدِينَ فِيهَا لا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ 162 وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ 163 } (2- البقرة 161-163) .

                              مُلتقانا في الجزء الثَّاني بإذن اللَّه , لنتحدّث عن حقيقة المسيح عليه السّلام , عن صفات اللّه سبحانه وتعالى , وعن سيرة محمّد صلَّى اللَّه عليه وسلَّم .
                              التعديل الأخير تم بواسطة محمد شبانه; 3 نوف, 2020, 02:43 ص.

                              وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ
                              وَلَوْلا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ
                              @إن كنت صفراً في الحياة.... فحاول أن تكون يميناً لا يسارا@
                              --------------------------------------
                              اللهم ارزقني الشهادة
                              اللهم اجعل همي الآخرة

                              تعليق

                              • في حب الله
                                المشرفة على أقسام
                                المذاهب الفكرية الهدامة

                                • 28 مار, 2007
                                • 8324
                                • باحث
                                • مسلم

                                #60
                                وإليكم الجزء الثاني بحول وفضل الله تعالى
                                هيا بنا نقرأ إخواني وأخواتي الكرام
                                التعديل الأخير تم بواسطة محمد شبانه; 3 نوف, 2020, 02:42 ص.

                                وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ
                                وَلَوْلا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ
                                @إن كنت صفراً في الحياة.... فحاول أن تكون يميناً لا يسارا@
                                --------------------------------------
                                اللهم ارزقني الشهادة
                                اللهم اجعل همي الآخرة

                                تعليق

                                مواضيع ذات صلة

                                تقليص

                                المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
                                ابتدأ بواسطة فارس الميـدان, 5 أغس, 2024, 07:27 م
                                ردود 2
                                43 مشاهدات
                                0 ردود الفعل
                                آخر مشاركة فارس الميـدان
                                ابتدأ بواسطة د.أمير عبدالله, 26 يول, 2024, 03:53 م
                                ردود 0
                                23 مشاهدات
                                0 ردود الفعل
                                آخر مشاركة د.أمير عبدالله
                                ابتدأ بواسطة د.أمير عبدالله, 26 يول, 2024, 03:41 م
                                ردود 0
                                86 مشاهدات
                                0 ردود الفعل
                                آخر مشاركة د.أمير عبدالله
                                ابتدأ بواسطة fares_273, 15 يول, 2024, 08:01 ص
                                ردود 0
                                28 مشاهدات
                                0 ردود الفعل
                                آخر مشاركة fares_273
                                بواسطة fares_273
                                ابتدأ بواسطة وداد رجائي, 15 يون, 2024, 04:22 م
                                ردود 0
                                29 مشاهدات
                                0 ردود الفعل
                                آخر مشاركة وداد رجائي
                                بواسطة وداد رجائي
                                يعمل...