أما آن لك أن تعتنق الإسلام ؟!

تقليص

عن الكاتب

تقليص

في حب الله مسلم اكتشف المزيد حول في حب الله
هذا موضوع مثبت
X
X
تقليص
يُشاهد هذا الموضوع الآن: 0 (0 أعضاء و 0 زوار)
 
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • في حب الله
    المشرفة على أقسام
    المذاهب الفكرية الهدامة

    • 28 مار, 2007
    • 8324
    • باحث
    • مسلم

    الدُّعاء , خطٌّ مفتوح على الدَّوام للتَّحدُّث مباشرة
    الدُّعاء , خطٌّ مفتوح على الدَّوام للتَّحدُّث مباشرة
    إلى .. اللَّه ‌‍‍!




    سُئل أحد الصَّالحين : ما هي أقصر مسافة إلى السَّماء ؟ فقال : دعوة مُستجابَة !
    نعم , بإمكان أيِّ عَبْد أن يَدْعو اللَّهَ في أيِّ وقت من نهار أو ليل , مباشرةً وبدون أيِّ وسيط ! وإذا كان الإنسان يتحرَّج عادةً من سؤال إنسانٍ مثله مَخافَة أن يَرُدَّه صِفْرَ اليَدَين , فإنَّ الأمْرَ يختلفُ تمامًا مع اللَّه سُبحانه . فهو الذي طلبَ منَّا ذلك , وهو يفرحُ بدُعائنا له .
    يقول تعالى في القرآن الكريم : { وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ 60 } (40- غافر 60) . ويقول أيضًا : { وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ 186 } (2- البقرة 186) .
    تريدُ أن تنجح بتفوُّق في دراستك ؟ اجْتَهِدْ إذًا , وادْعُ اللَّه أن تكون الأوَّل على المدرسة .
    تريدُ الحصول على عملٍ جيِّد ؟ ابحثْ إذًا , وادْعُ اللَّه أن يُوَفِّقك في مَسْعاك هذا .
    تريدُ أن يَرزقكَ اللَّهُ زوجةً صالحةً أو مسكنًا واسعًا أو بنينَ وبنات ؟ إذًا , تَضَرَّعْ إلى اللَّه بالدُّعاء . فمَنْ تركَ الدُّعاء , فكأنَّما شكَّ في قُدْرة اللَّه على الإجابة .
    حتَّى لو كانت كلُّ أموركَ تسير على ما يُرام , فأنتَ بحاجة أن تدعو اللَّه أن يُديم عليك هذه النِّعمة . فلاَ أحَد يستطيعُ أن يَضْمن لنفسه دوامَ صحَّته أو ثرائه أو سعادته .
    ولا تظُنَّنَّ سيِّدي أنَّ اللَّه لا يستجيبُ إلاَّ لِرجال الدِّين أو للأغنياء أو لِأَصحاب المناصب . أبدًا ! فاللَّه سُبحانه لا ينظر إلى صُوَرنا ومركزنا الاجتماعي , وإنَّما ينظُر إلى قلوبنا . وقد روى التّرمذي في سُننه عن أنَس بن مالك رضي اللَّه عنه , أنَّ رسولَ اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم قال : كَمْ مِنْ أشعثَ أغبر ذي طمرين , لا يُؤبَهُ له , لَو أقسَم على اللَّهِ لَأبَرَّه , منهم البَراء بن مالك . (الجامع الصّحيح سنن التّرمذي – الجزء 5 – ص 692 – رقم الحديث 3854) .

    لكن انتبه ! لكي يستجيب اللَّهُ دعاءك , يجبُ عليك تحقيق بعض الشُّروط , وهي :
    1 - أن تكون مسلمًا مُلتزمًا بتعاليم دينك . فكيف تريد أن يُحقِّق اللَّهُ طَلَبك , وأنت لا تؤمنُ أصلاً بوُجوده , أو تُشرك معه شيئا آخر في العبوديَّة , أو كنتَ مسلمًا تاركًا للزَّكاة أو للصَّوم , أو كنتَ تشرب الخمر ؟!
    2 - ألاَّ تدْعُو بشيء حرام . فكيف تُريد من اللَّه أن يَسْمع منك , وأنت تطلبُ منه مثلاً أن يُنزلَ مُصيبةً بفُلان لكي تأخُذ أنت مَنْصبه في الإدارة ؟!
    3 - أن تختار الوقت والكَيْفِيَّة .
    أمَّا الوقت : فقد روى التّرمذي في سننه عن أبي أمامة رضي اللَّه عنه , قال : قيل لرسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم : أيُّ الدُّعاء أَسْمَع ؟ قال : جَوْف اللَّيْل الآخر (أي الثُّلث الأخير من اللَّيل) , ودُبُرَ الصَّلَوات المكْتُوبات . (الجامع الصّحيح سنن التّرمذي – الجزء 5 – ص 526 – رقم الحديث 3499) .
    وأمَّا الكَيْفِيَّة : فقد روى الإمام مسلم في صحيحه عن أبي هُرَيْرة رضي اللَّه عنه , أنَّ رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم قال : أقْرَبُ ما يَكُونُ العَبْدُ من رَبِّهِ وهو ساجِد , فأكْثِرُوا الدُّعاء . (صحيح مسلم – الجزء 1 – ص 350 – رقم الحديث 482) .
    الأفضل إذًا أن يكُون الدَّعاءُ عند السُّجود , في الصَّلوات الخَمْس المفروضة , أو في صلاة التَّهجُّد (وهي صلاة تطوُّع) في الثُّلث الأخير من اللَّيل . لكن لا مانع طبعًا من الدُّعاء في أيِّ وقت آخر خارج الصَّلوات .
    4 - أن تخشع في دُعائك , وأن تكون على ثِقَة مِن أنَّ اللَّه سَيستجيب لك . فقد روى الإمام أحمد في مُسنده عن عبد اللَّه بن عمرو , أنَّ رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم قال : القُلُوبُ أوْعِيَة , وبعضُها أوْعَى من بَعْض . فإذا سألْتُم اللَّهَ عَزَّ وجَلَّ أيُّها النَّاس , فاسألُوه وأنتم مُوقِنُونَ بالإجابَة , فإنَّ اللَّهَ لا يَسْتَجِيبُ لِعَبْدٍ دَعَاهُ عَنْ ظَهْر قَلْبٍ غافِل . (مسند الإمام أحمد بن حنبل – الجزء 2 – ص 177 – رقم الحديث 6655) .
    5 - أن تدعُو اللَّهَ بأسمائه الحسْنَى وصفاته العُلا , كأن تقول : يا رزَّاق , ارزقْني من رزقكَ الحلال الطَّيِّب , يا غفَّار , اغفر لي ذنوبي , وهكذا .
    6 - أن تُلِحَّ في الدُّعاء , وألاَّ تَسْتَعْجِل الإجابة . فقد روى الإمام مسلم في صحيحه عن أبي هُرَيْرة رضي اللَّه عنه , أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللَّه عليه وسلَّم قال : لا يَزالُ يُسْتَجابُ لِلْعَبْدِ ما لَمْ يَدْعُ بإثْمٍ أو قَطِيعَة رَحِم , ما لَمْ يَسْتَعْجِلْ . قيل : يا رسولَ اللَّه , ما الاسْتِعْجَال ؟ قال : يقولُ : قَدْ دَعَوْتُ وقَدْ دَعَوْت , فَلَمْ أَرَ يَسْتَجِيبُ لي ! فَيَسْتَحْسِرُ عنْدَ ذلِك ويَدَعُ الدُّعاء . (صحيح مسلم – الجزء 4 – ص 2096 – رقم الحديث 2735) .
    نعم , فقد يحتاج المسلم أحيانًا إلى ملازمة دُعاءٍ مُعَيَّن لفترة طويلة , قبل أن يستجيب اللَّهُ له . فيجبُ ألاَّ يَمَلّ , لأنَّ اللَّه أعلَم بما يَصْلُح له .

    بقيَتْ ملاحظتان بخصوص الدُّعاء :
    1 - احذر من الدُّعاء على نفسكَ أو على غيرك بمكْرُوه ‍! فقد روى الإمام مسلم في صحيحه عن جابر رضي اللَّه عنه , قال : قال رسولُ اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم : لا تَدْعُوا على أنْفُسِكُم , ولا تَدْعُوا على أوْلادِكُم , ولا تَدْعُوا على أمْوالِكُم , لا تُوَافِقُوا مِن اللَّه سَاعَةً يُسْألُ فيها عَطَاءً , فيَسْتَجِب لَكُمْ . (مأخوذ من حديث طويل – صحيح مسلم – الجزء 4 – ص 2301 – رقم الحديث 3006) .
    وقد أغَضَبَ ولَدٌ يومًا أُمَّه , فدَعَت عليه بالموت , فما إن خرج من البيت حتَّى صَدَمَتْه سيَّارة , فمات .
    2 - اعلَم أنَّك ربَّما تدعو أحيانًا بدعاء تستوفي فيه كلَّ الشُّروط التي ذكَرْناها , ولكن مع ذلك , لا يُحقِّقُ لك اللَّهُ ما طَلَبْت . في هذه الحالة , لا تحزن ولا يخِبْ ظنُّك . فدُعاءك لم يذهبْ أبدًا هدَرًا ! فقد روى الإمام أحمد في مسنده عن أبي سعيد رضي اللَّه عنه , أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللَّه عليه وسلَّم قال : ما مِنْ مُسلم يَدْعُو بدَعْوةٍ ليسَ فيها إثْمٌ ولا قَطِيعة رَحِم , إلاَّ أعطاهُ اللَّهُ بها إحْدَى ثلاث : إمَّا أن يُعَجِّل له دَعْوَتَه (أي في الدُّنيا) , وإمَّا أن يَدَّخِرَها له في الآخرة , وإمَّا أن يَصْرفَ عنه من السُّوء مثْلها .
    قالُوا : إذًا نُكْثِرْ . قال : اللَّه أكثر . (مسند الإمام أحمد بن حنبل – الجزء 3 – ص 18 – رقم الحديث 11149) .
    ما علينا إذًا إلاَّ الإكثار من الدُّعاء , ولْنُحْسن الظَّنَّ باللَّه , فإمَّا أن يَسْتَجيب لِدُعائنا , وإمَّا أن يكْتُبَه حَسَناتٍ لنا تنفعنا يوم القيامة , وإمَّا أن يُبعِدَ به عنَّا مصائب كانت ستحلُّ بنا .

    القاعدة الأولى إذًا لِحِفْظ الفَرْد المسلم من الانهيار أمام الشَّدائد , هي : أن يستغلَّ المسلِمُ نعمةَ الدُّعاء استغلالاً تامًّا , فلا يَنتظر أن تَحُلَّ به مُصيبة لكي يسأل اللَّهَ أن يَرفعها عنه , وإنَّما يَدْعُو اللَّهَ في كلِّ وقت أن يُبعِدَ عنه الأمراضَ والدُّيون والهموم . وعندما يُصيبُه شيءٌ من هذه الأمور , عِوَضَ أن يستسلم للحُزن واليأس , عليه أن يَلتجئَ مباشرة إلى اللَّه ويَطلب منه العون .
    التعديل الأخير تم بواسطة محمد شبانه; 3 نوف, 2020, 02:20 ص.

    وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ
    وَلَوْلا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ
    @إن كنت صفراً في الحياة.... فحاول أن تكون يميناً لا يسارا@
    --------------------------------------
    اللهم ارزقني الشهادة
    اللهم اجعل همي الآخرة

    تعليق

    • في حب الله
      المشرفة على أقسام
      المذاهب الفكرية الهدامة

      • 28 مار, 2007
      • 8324
      • باحث
      • مسلم

      التَّوبة , بابٌ مفتوح على الدَّوام لطلب المغفرة مباشرة
      التَّوبة , بابٌ مفتوح على الدَّوام لطلب المغفرة مباشرة
      من .. اللَّه ‌‍‍!




      نعم , لَمْ نُخلَقْ خاطئين , ولسنا في حاجة إلى أيِّ خلاص أو فداء لِذُنوبنا من طرف المسيح عليه السَّلام , ولا يمكن أن تقبل عقولُنا أن نلجأ إلى القِسِّ , وهو بَشر مثلنا , لكي يَتوسَّط لنا عند اللَّه أن يغفر لنا ذنوبنا !
      فبإمكان أيّ عَبْد , مهما كان وضعُه في المجتمع , أن يقفَ بباب اللَّه في أيِّ وقت تائبًا , دون أيّة وَساطة من أحد , لا إمام مسجد ولا غيره . وهذا من رحمة اللَّه بعباده , وعَفْوه الذي لا حُدُود له .
      ولا يَملكُ الإنسانُ إلاَّ أن يقفَ خاشعًا أمام عَظَمة اللَّه , ومَذْهُولاً أمام حِلْمِه الكبير , وهو يَرَى تَصرُّفات خَلْقِه الذين لا يكادُون يُمثِّلون شيئًا في مُلكه : البعضُ يَتطاوَلُ على جَلاله بالكلام الفاحِش , وآخرون يَتحدَّوْنَه إن كان قادرًا أن يُنزلَ عليهم عذابًا من عِنْده , وآخرون يَدَّعون أنَّ المسيح عليه السَّلام هو ابنُه , وهو سُبحانه لا يُعَجِّلُ لهم العذاب , ولو شاء لَأصابَهم على الفَوْر بالشَّلَل أو بالعَمَى أو غير ذلك , ولكانَ ذلكَ عَدْلاً منه . ثمَّ هو لا يَقطعُ عنهم نِعَمَه العديدة , مِن سمعٍ وبصرٍ ومطر وغير ذلك .
      والأعجب من هذا أنَّه سُبحانه يَفْرح بِمَنْ يعودُ منهم إليه تائبًا , ولو بعد عشرات السِّنين من الجحُود والعِصْيان ! فقد روى الإمام مسلم في صحيحه عن أنَس بن مالك رضي اللَّه عنه , قال : قال رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم : لَلَّهُ أشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ عَبْدِه , حِينَ يَتُوبُ إليه , مِنْ أحَدِكُمْ كانَ على راحِلَتِه بأرْضٍ فَلاَةٍ (أي صحراء) , فانْفَلَتَتْ منْهُ , وعلَيْها طَعامُه وشَرابُه , فأَيِسَ منها , فأتَى شَجَرةً فاضْطَجَعَ في ظِلِّها , قد أَيِسَ من راحِلَتِه , فبَيْنَما هو كذَلِكَ إذَا هو بها قائمَة عِنْدَه ! فأخَذَ بخطَامِها , ثمَّ قال من شِدَّة الفَرَح : اللَّهُمَّ أنْتَ عَبْدِي وأنا رَبُّكَ ! أخْطَأَ من شِدَّة الفَرَح ! (صحيح مسلم – الجزء 4 – ص 2104 – رقم الحديث 2747) .
      ما أحلَمَكَ ربِّي وما أعظمَك ! إنَّ الواحد منَّا , إذا أساء إليه شخصٌ مَا , لا يستطيع أن يَمْلِكَ نَفسَه من الرَّدِّ على الفَوْر بالكلام أو باليَد أو بالمقاطعة . وإذا طلبَ منه المسيءُ العَفْو , فإنَّه لا يَعفُو بسُهولة .
      أمَّا اللَّه سبحانه , فإنَّ حِلْمَه وعَفْوَه لا حدود لهما ! بل حتَّى الطُّغاة الجبابرة يمكنُهم أن يَطْمعُوا في عَفْو اللَّه ‍! فقد روى التّرمذي في سُنَنه عن ابن عبَّاس رضي اللَّه عنه , أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللَّه عليه وسلَّم قال : لَمَّا أغْرَقَ اللَّهُ فِرْعَوْن , قال (أي فِرْعَوْن) : آمَنْتُ أنَّه لا إلهَ إلاَّ الذي آمَنَتْ به بَنُو إسْرائِيل . فقال جِبْريل : يا مُحَمَّد , فلَوْ رَأيْتني وأنا آخُذُ مِنْ حَالِ البَحْر , فأدُسُّه في فِيه , مَخَافَة أن تدْركَه الرَّحْمَة ! (الجامع الصّحيح سنن التّرمذي – الجزء 5 – ص 287 – رقم الحديث 3107) .
      نعم , خافَ جبريلُ عليه السَّلام أن يَتُوب فِرْعَوْنُ الطَّاغية في آخر لَحْظَة من حياته , فيَتُوب اللَّهُ عليه ويُدْخِله في رَحْمَتِه !
      لذلك , فإنَّ الكافر الذي يُريد الدُّخول في الإسلام , لا ينبغي عليه أن يَقلقَ بسبب سيِّئاته الماضية , فاللَّهُ سُبحانه يَمحُوها عنه حالَ نُطقه بالشَّهادتين ! يقول اللَّه تعالى : { قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُوا فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ الْأَوَّلِينَ 38 } (8- الأنفال 38) . ورَوَى الإمام أحمد في مسنده عن عَمْرُو بن العاص رضي اللَّه عنه , قال : لَمَّا ألْقَى اللَّهُ عَزَّ وجَلَّ في قَلْبي الإسْلام , أتَيْتُ النَّبيَّ صلَّى اللَّه عليه وسلَّم , فبَسَطَ يَدَه إليَّ , فقلْتُ : لا أُبايِعُكَ يا رسولَ اللَّه حتَّى تَغْفِرَ لي ما تَقَدَّم من ذَنْبِي . فقال : يا عَمْرُو , أمَا عَلِمْتَ أنَّ الهِجْرَة تَجُبُّ ما قَبْلَها من الذُّنُوب ؟! يا عَمْرُو , أمَا عَلِمْتَ أنَّ الإسْلاَمَ يَجُبُّ ما كانَ قَبْلَه من الذُّنُوب ؟! (مسند الإمام أحمد بن حنبل – الجزء 4 – ص 205 – رقم الحديث 17861) .

      وبالنِّسبة للمسلم , فقد فتح اللَّهُ له بابَ التَّوبة لِيُطهِّره بها من الذُّنوب التي يقعُ فيها . يقول تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ 8 } (66- التّحريم 8) .
      لكن , لكي يقبل اللَّهُ توبته , يَجب على المسلم أن يَستوفي ثلاثة شروط , وهي :
      1 - أن يُقلع عن الذَّنب الذي قام به .
      2 - أن يَندَمَ حقيقةً على فِعْله .
      3 - أن يعزمَ ألاَّ يَعُود إليه .
      وقد لَخَّص العُلَماءُ هذه الشُّروط الثَّلاثة في قَوْلِهم : التَّوبةُ النَّصُوح هي أن يُقْلِع المسلمُ عن الذَّنْب في الحاضِر , ويَنْدم على ما سَلَفَ منه في الماضي , ويَعْزم ألاَّ يَعُود إليه في المستقبل .
      هذا إذا كان الذَّنْبُ بين المسلم ورَبِّه , كأن شربَ الخمر أو شاهد الأفلام العارية أو غير ذلك . أمَّا إذا كانت المعصيَةُ تتعلَّقُ بإنسانٍ آخَر , فإنَّ اللَّهَ مِن عَدْلِه أنَّه لا يقْبَلُ توبةَ عَبْدِه إلاَّ إذا اسْتَوفَى شرطًا رابعًا , وهو :
      4 - أن يَرُدَّ الحقَّ إلى صاحبه , أو يَعْفُو عنه هذا الأخير . فإذا احْتالَ مثلاً على أحَدٍ أو سرقَ مالَه أو اعتَدَى على شَرَفه , فيجبُ أن يُعيدَ إليه حقَّه أو يطلُب منه العفو .
      حتَّى الحجّ , لا يُسْقِطُ حَقَّ الغَيْر ! فاللَّهُ سُبحانَه يَغْفِرُ برَحْمَته وفَضْلِه لِمَنْ شاء من الحجَّاج الذُّنوبَ التي اقْتَرَفُوها في حَقِّه . أمَّا إسَاءاتهم إلى الغَيْر , فإنَّ اللَّه سُبحانَه لا يَغْفِرُها لهم حتَّى يَرُدُّوا المظالِم إلى أهلها .
      فهلْ رأيتَ سيِّدي أعْدَلَ من اللَّه سُبحانه ؟!

      أخيرًا , يجبُ على المسلِم أن يُسارع بالتَّوبة من كُلِّ ذَنْب , لأنَّه لا يَدْري متَى يُباغِته الموتُ , وحِينَئِذٍ لا تُقْبَلُ تَوبَتُه . يقولُ اللَّه تعالى : { إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا 17 وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا 18 } (4- النّساء 17-18) .
      وروى التّرمذي في سُنَنِه عن ابن عمر رضي اللَّه عنه , قال : قال النَّبيُّ صلَّى اللَّه عليه وسلَّم : إنَّ اللَّهَ يَقْبَلُ تَوْبَةَ العَبْدِ , ما لَمْ يُغَرْغِرْ . (الجامع الصّحيح سنن التّرمذي – الجزء 5 – ص 547 – رقم الحديث 3537) . فالتَّوبةُ لا تُقْبَلُ إذًا عند الاحْتِضَار , في لَحَظات الموت .

      القاعدة الثَّانية إذًا لِحِفْظ الفَرْد المسلم من الانهيار أمام الشَّدائد , هي : أن يُسارع المسلِمُ إلى التَّوبة من المعاصي التي بينه وبين ربِّه , وأن يَرُدَّ الحقوق إلى أصحابها إن كان قد ظلَم غيره .
      وبهذا , يَقي نفسَه من مَصائب كانت رُبَّما ستحُلُّ به بسبب معاصيه , مثل حادث مرور بسبب شُربه للخمر , أو مرضٍ خطير بسبب تعاطيه للزِّنا , أو فَصْله عن وظيفته بسبب السَّرقة , أو مصيبة أخرى بسبب غضب اللَّه عليه . ثمَّ إنَّه بالتَّوبة عن ارتكاب المعاصي يُصبحُ أكثر قُدرة على الصَّبر على الشَّهوات , وبالتَّالي أكثر قُدرة على مواجهة مصائب الحياة .
      التعديل الأخير تم بواسطة محمد شبانه; 3 نوف, 2020, 02:20 ص.

      وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ
      وَلَوْلا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ
      @إن كنت صفراً في الحياة.... فحاول أن تكون يميناً لا يسارا@
      --------------------------------------
      اللهم ارزقني الشهادة
      اللهم اجعل همي الآخرة

      تعليق

      • في حب الله
        المشرفة على أقسام
        المذاهب الفكرية الهدامة

        • 28 مار, 2007
        • 8324
        • باحث
        • مسلم

        راض بقضاء اللَّه وصابر على ابتلائه !
        راض بقضاء اللَّه وصابر على ابتلائه !




        هكذا يتقبَّل المسلمُ مصائبَ الحياة ‍! فهو يُؤمن بأنَّها من تَقْدير اللّه , وبالتَّالي ليس من حقِّه أن يعترض على قضاء اللَّه وقَدَره ! وحتَّى إن سَخِطَ , فإنَّه سُرعان ما يَعُود لِرُشْدِه ويَسْتَغفِرُ رَبَّه , ويَرْضَى بقَضَائه , ويَصْبِرُ لِحُكْمِه .
        وقد روى الإمام مسلم في صحيحه عن صُهَيْب رضي اللَّه عنه , قال : قال رسولُ اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم : عَجَبًا لِأَمْر المؤْمِن , إنَّ أمْرَهُ كُلَّه خَيْرٌ , ولَيْسَ ذَاكَ لِأحَدٍ إلاَّ لِلْمُؤْمِن : إنْ أصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَر , فكَانَ خَيْرًا لَه , وإنْ أصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ , فكَانَ خَيْرًا لَه ! (صحيح مسلم – الجزء 4 – ص 2295 – رقم الحديث 2999) .
        بينما الذي لا يُؤمنُ باللَّه ولا باليوم الآخر , لا يجدُ إلى مَن يَلْتَجئُ عند الشَّدائد , فيَنْهار , وربَّما يَنْتَحِر .

        طبعًا , الصَّبرُ على المصيبة لا يَمْنَع من الحزْن والبكاء , شَرْط أن يكون ذلك بلا نُواح ولا لَطْم للخدَّيْن ولا تَمزيق للثِّياب . فقد روى الإمام البخاري في صحيحه عن أنَس بن مالك رضي اللَّه عنه , أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللَّه عليه وسلَّم جعلتْ عَيْناه تَذْرفَان عند مَوْت ابنه إبراهيم صغيرًا , فقال له عبد الرَّحمن بن عَوْف رضي اللَّه عنه : وأنتَ يا رسولَ اللَّه (أي حتّى أنتَ تبكي) ؟! فقال : يا ابنَ عَوْف , إنَّها رَحْمة . ثمَّ قالَ : إنَّ العَيْنَ تَدْمَع , والقَلْب يَحْزَن , ولا نَقُولُ إلاَّ ما يُرْضِي رَبّنَا , وإنَّا بفِرَاقِكَ يا إبْراهيمُ لَمَحْزُونُون . (الجامع الصّحيح المختصر – الجزء 1 – ص 439 – رقم الحديث 1241) .
        وروى الحاكم في مُستدركه عن أبي هُرَيْرة رضي اللَّه عنه , قال : خرج النَّبيُّ صلَّى اللَّه عليه وسلَّم على جَنازة ومعه عُمر بن الخطَّاب , فسَمعَ نساءً يَبْكِين . فزَجَرهُنَّ عُمر , فقال رسولُ اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم : يا عُمر دَعْهُنَّ , فإنَّ العَيْنَ دامِعَة , والنَّفْسَ مُصابَة , والعَهْدَ قَريب . (المستدرك على الصّحيحين – الجزء 1 – ص 537 – رقم الحديث 1406) .

        ويلجَأ المسلمُ عادةً , عندما تَحلُّ به مصيبة , إلى الصَّلاة لِيَستمدَّ منها القوَّة النَّفسيَّة التي تعينُه على الصُّمود . يقول اللَّه تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ 153 } (2- البقرة 153) . وروى الإمام أحمد في مُسنده عن حُذَيْفة رضي اللَّه عنه , قال : كان رسولُ اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم إذا حَزَبَه أمْرٌ (أي اشتدَّ عليه أمرٌ أو نزلَتْ به شِدَّة) , صَلَّى . (مسند الإمام أحمد بن حنبل – الجزء 5 – ص 388 – رقم الحديث 23347) .

        ويُقسِّم العلماءُ الصَّبرَ إلى ثلاثة أنواع : صَبْرٌ على تَرْكِ المحرَّمات والذُّنوب , وصَبْرٌ على فِعْل الطَّاعات والخَيْرات , وصَبْرٌ على المصَائِب والشَّدائد . وإنَّ من عَدْل اللَّه مرَّة أخرى أنَّه يُجازي المسلِمَ على صبره , حتَّى وإن بَدَا لنا في الظَّاهر أنَّ الصَّبر ليسَ عمَلاً مُشاهَدًا ومَحسوسًا يَسْتحِقُّ الجزاء .
        فقد روى الإمام البخاري في صحيحه عن أبي سعيد وأبي هُرَيْرة رضي اللَّه عنهما , أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللَّه عليه وسلَّم قال : ما يُصِيبُ المسْلِمَ من نَصَبٍ ولا وَصَبٍ (أي مَرَض) ولا هَمّ ولا حَزَن ولا أذى ولا غَمّ , حتَّى الشَّوكة يُشاكُها , إلاَّ كفَّر اللَّهُ بها من خَطايَاه . (الجامع الصّحيح المختصر – الجزء 5 – ص 2137 – رقم الحديث 5318) .
        وروى التّرمذي في سُنَنه عن أبي هُرَيْرة رضي اللَّه عنه , قال : قال رسولُ اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم : ما يزالُ البَلاءُ بالمؤْمِن والمؤْمِنَة في نَفْسِه ووَلَدِه ومَالِه , حتَّى يَلْقَى اللَّهَ وما عَلَيْه خَطِيئَة ! (الجامع الصّحيح سنن التّرمذي – الجزء 4 – ص 602 – رقم الحديث 2399) .
        وروى التّرمذي أيضًا في سُنَنه عن أنَس رضي اللَّه عنه , قال : قال رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم : إنَّ عِظَمَ الجَزَاء مع عِظَم البَلاَء , وإنَّ اللَّهَ إذَا أحَبَّ قَوْمًا ابْتَلاهُم , فَمَنْ رَضِيَ فَلَهُ الرِّضَا , ومَنْ سَخِطَ فلَهُ السُّخْط . (الجامع الصّحيح سنن التّرمذي – الجزء 4 – ص 601 – رقم الحديث 2396) .
        مِن الخَطَأ إذًا أن نظُنَّ أنَّ المصائب التي تَنزلُ بالمسلم الصَّادق هي دليلٌ على أنَّ اللَّه يبغضُه أو أنَّه ليس على الدِّين الحقِّ ! فهي , بالعكس , ابتلاءاتٌ من اللَّه لِيَمْحُو بها عنه بعض ذُنوبه . يقول اللَّه تعالى : { وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ 155 الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ 156 أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ 157 } (2- البقرة 155-157) . ويقول تعالى : { قُلْ يَا عِبَادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ 10 } (39- الزّمر 10) .

        القاعدة الثَّالثة إذًا لِحِفْظ الفَرْد المسلم من الانهيار أمام الشَّدائد , هي : أن يتلَقَّى المسلِمُ كلَّ مُصيبة بالرِّضا والصَّبر , ويَنظُر إليها على أنَّها ابتلاءٌ من اللَّه تعالى له لِيَختبر درجة إيمانه وثقته به .

        فهل سمعتَ سيِّدي الكريم عن طريقةٍ لِلوقاية من الأزمات النَّفسيَّة أفضل من الالتجاء إلى اللَّه بالدُّعاء , والإقلاع عن ارتكاب المعاصي , وتقبُّل المصائب بالرِّضا والصَّبر ؟!
        لا , ليس هناك أفضل من هذه الطَّريقة ! وعندما غابتْ هذه القِيَم عن مناهج التَّربية في المجتمعات الغربيَّة خاصَّة , وترَفَّع الفردُ في هذه المجتمعات عن الالتجاء إلى اللَّه , أصبح إنسانًا هَشًّا , ينكسرُ عند أقلِّ مصيبة , فينعزلُ عن النَّاس ويستسلم للهواجس والمخاوف , أو يغرق في شرب الحبوب المهدِّئة أو الخمر أو المخدّرات , أو يُحاول الانتحار !
        ------------------------------------------------
        التالي بإذن الله تعالى:
        الحواجز المائيَّة بين البحار !
        التعديل الأخير تم بواسطة محمد شبانه; 3 نوف, 2020, 02:20 ص.

        وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ
        وَلَوْلا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ
        @إن كنت صفراً في الحياة.... فحاول أن تكون يميناً لا يسارا@
        --------------------------------------
        اللهم ارزقني الشهادة
        اللهم اجعل همي الآخرة

        تعليق

        • (((ساره)))
          مشرفة الأقسام النصرانية
          والمشرفة العامة على
          صفحة الفيسبوك للمنتدى

          • 11 سبت, 2006
          • 9472
          • مسلمة ولله الحمد والمنة

          الدُّعاء , خطٌّ مفتوح على الدَّوام للتَّحدُّث مباشرة
          إلى .. اللَّه ‌‍‍!
          بارك الله فيك ِأختي الحبيبة , يجب علينا الإلحاح في الدعاء لأن الله يحب أن يسمع صوت عبده المؤمن ..

          كما أنه :

          لا يرد القدر إلا الدعاء ، ولا يزيد في العمر إلا البر ، وإن الرجل ليحرم الرزق بالذنب يصيبه
          الراوي: ثوبان مولى رسول الله - خلاصة الدرجة: حسن - المحدث: الألباني - المصدر: شرح الطحاوية - الصفحة أو الرقم: 144


          ومن آداب الدعاء أيضاً :

          إذا دعا أحدكم فليعزم في الدعاء . ولا يقل : اللهم ! إن شئت فأعطني . فإن الله لا مستكره له
          الراوي: أنس بن مالك - خلاصة الدرجة: صحيح - المحدث: مسلم - المصدر: المسند الصحيح - الصفحة أو الرقم: 2678


          كما أنه في حالة استجابة الدعاء يعرف الداعي ذلك بإحساسه فإن رأى ما يسره قال : الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات ..


          وإن رأى ما يكره قال : الحمد لله على كل حال ..

          أما بخصوص :
          التَّوبة , بابٌ مفتوح على الدَّوام لطلب المغفرة مباشرة
          من .. اللَّه ‌‍‍!
          راض بقضاء اللَّه وصابر على ابتلائه !‍
          أثرا في بشدة ( جعلت في ميزان حسناتك ) .

          الحواجز المائيَّة بين البحار !


          في الإنتظار بإذن الله تعالى .
          التعديل الأخير تم بواسطة محمد شبانه; 3 نوف, 2020, 02:20 ص.
          اللَّهُ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونِةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ سورة النور (35)

          تعليق

          • في حب الله
            المشرفة على أقسام
            المذاهب الفكرية الهدامة

            • 28 مار, 2007
            • 8324
            • باحث
            • مسلم

            بارك الله فيكِ أخت الحبيبة سارة
            جزاكم الله كل الخير على مروركم الكريم
            وعلى مشاركتِك القيمة
            التعديل الأخير تم بواسطة محمد شبانه; 3 نوف, 2020, 02:20 ص.

            وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ
            وَلَوْلا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ
            @إن كنت صفراً في الحياة.... فحاول أن تكون يميناً لا يسارا@
            --------------------------------------
            اللهم ارزقني الشهادة
            اللهم اجعل همي الآخرة

            تعليق

            • في حب الله
              المشرفة على أقسام
              المذاهب الفكرية الهدامة

              • 28 مار, 2007
              • 8324
              • باحث
              • مسلم

              الحواجز المائيَّة بين البحار !‍
              الحواجز المائيَّة بين البحار !




              نعود للحديث عن بعض الآيات القرآنيَّة المعجزة , ونهتمُّ الآن بالبحار . فهل تُصدِّقين يا ابنتي أنَّ مياه البحار مختلفة , وأنَّ بين البحار حواجز مائيَّة ؟!
              نعم , صدِّقي ! فقد قام عُلَماء البحار , لأوَّل مرَّة سنة 1942 م , بإنشاء مئات المحطَّات في بحار مختلفة لدراسة خصائصها , فاكتشفُوا أنَّ ما يَبدُو لنا كأنَّه بحرٌ واحد , ماءُه واحد وخصائصُه واحدة , هو في الحقيقة بحار متعدِّدة , تختلفُ فيما بينها في درجة الملوحة ودرجة الحرارة وقابليَّة ذَوَبان الأكسيجين .
              والأغرب من هذا : اكتشفُوا وجُود حواجز مائيَّة لا تُرى بالعين المجرَّدة , تفصلُ بين هذه البحار .
              يقول العلماء : عند الْتقاء بَحرين (أو بحر ومحيط) , يتكوَّنُ حاجزٌ مائي بينهما , مختلِفٌ عنهما في درجة الحرارة والملوحة . هذا الحاجز يمنع البحرَيْن أن يختلطَا ببعضها أو أن يَطغَى أحدُهما على الآخر , فيَبقَى بذلك كلُّ بحر مُحافظًا على خصائصه .
              فهل تُصدِّقين أنَّ القرآن ذكَر هذه الحقيقة منذ حوالي 1400 سنة ؟!
              نعم , صدِّقي ! يقول اللَّه تعالى : { مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ 19 بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لا يَبْغِيَانِ 20 فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ 21 } (55- الرّحمن 19-21) . ففي هذه الآيات , ذكَر اللَّه تعالى أنَّه , عند الْتقاء بَحْرَيْن , يتكوَّن بينهما بَرْزخ (أي حاجِز) , بحيثُ لا يَبْغِي بحرٌ على آخر . وهذا ما أثبتَه العلم الحديث فعلاً !
              التعديل الأخير تم بواسطة محمد شبانه; 3 نوف, 2020, 02:20 ص.

              وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ
              وَلَوْلا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ
              @إن كنت صفراً في الحياة.... فحاول أن تكون يميناً لا يسارا@
              --------------------------------------
              اللهم ارزقني الشهادة
              اللهم اجعل همي الآخرة

              تعليق

              • في حب الله
                المشرفة على أقسام
                المذاهب الفكرية الهدامة

                • 28 مار, 2007
                • 8324
                • باحث
                • مسلم

                وبين البحر والنَّهر حاجز !
                وبين البحر والنَّهر حاجز !‍




                ظاهرة أخرى اكتشفها العُلَماء عند الْتقاء نَهر حُلْو مع بَحْر مالح , هي تكَوُّن منطقة بينهما , تُشاهَد بالعين المجرَّدة , مختلفة عنهما في درجة الملُوحة والحرارة . هذه المنطقة تمتدُّ إلى عشرات الأمتار في البحر في صورة لِسان , وتَبدُو حدُودُها على شكل حاجز أو سياج يمنع ماء النَّهر من الاختلاط بماء البحر . ويمكن مشاهدة هذه الظَّاهرة مثلاً عند مَصَبِّ نهر النّيل الحُلْو , الموجود بمصر , في البحر الأبيض المتوسِّط .
                وقد أشار القرآن الكريم إلى هذه الحقيقة أيضًا , يقول اللَّه تعالى : { وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا وَحِجْرًا مَحْجُورًا 53 } (25- الفرقان 53) . فذكر تعالى في هذه الآية أنَّه عند التقاء بحر عَذْب (وهو النَّهر) وبحر مالح , يتكوَّن بينهما حاجزٌ على شكل سياج , يَمنع ماءيهما من الاختلاط ببعضهما .

                أليس في هذا إذًا دليلٌ جديد على أنَّ القرآن وحيٌ من عند اللَّه ؟!
                التعديل الأخير تم بواسطة محمد شبانه; 3 نوف, 2020, 02:19 ص.

                وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ
                وَلَوْلا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ
                @إن كنت صفراً في الحياة.... فحاول أن تكون يميناً لا يسارا@
                --------------------------------------
                اللهم ارزقني الشهادة
                اللهم اجعل همي الآخرة

                تعليق

                • في حب الله
                  المشرفة على أقسام
                  المذاهب الفكرية الهدامة

                  • 28 مار, 2007
                  • 8324
                  • باحث
                  • مسلم

                  الحُليّ تُستخرَج من الأنهار !
                  الحُليّ تُستخرَج من الأنهار !




                  كان النَّاس إلى وقت قريب يعتقدون أنَّ الحِلْيَة , مِن لؤلؤ ومرجان وغيرهما , لا تُستخرَج إلاَّ من البحار المالحة .
                  ومع ذلك , جاء القرآن ليُخالف هذا الاعتقاد السَّائد , ويُعلِن أنَّ الحِلْيَة موجودة أيضًا في الأنهار الحلوة ! يقول اللَّه تعالى : { وَمَا يَسْتَوِي الْبَحْرَانِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ شَرَابُهُ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَوَاخِرَ لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ 12 } (35- فاطر 12) . فذكَر تعالى في هذه الآية أنَّ الحِلْيَة تُستَخرج من البحر المالح , وأيضًا من البحر العذب (أي النَّهر) .
                  وبعد هذا الإعلان بقُرون , استخرج الإنسانُ فعلاً اللُّؤلؤ من أنهار عذبة في إنجلترا واسكُتْلندا , ووجدَ الياقوتَ في رواسب نهريَّة في الهند وسيريلنكا وغيرهما .
                  التعديل الأخير تم بواسطة محمد شبانه; 3 نوف, 2020, 02:19 ص.

                  وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ
                  وَلَوْلا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ
                  @إن كنت صفراً في الحياة.... فحاول أن تكون يميناً لا يسارا@
                  --------------------------------------
                  اللهم ارزقني الشهادة
                  اللهم اجعل همي الآخرة

                  تعليق

                  • في حب الله
                    المشرفة على أقسام
                    المذاهب الفكرية الهدامة

                    • 28 مار, 2007
                    • 8324
                    • باحث
                    • مسلم

                    موجٌ من فوقه موج , وظلُمات بعضُها فوق بعض !
                    موجٌ من فوقه موج , وظلُمات بعضُها فوق بعض !




                    لم يكُن الإنسان في العصور الماضية يستطيع النُّزول إلاَّ لبضعة أمتار في البحر . ثمَّ أصبح يرتدي بَدْلة غَوْص ويحملُ أنبوبة أكسيجين فوق ظهره , فوَصَل إلى عُمْق أكبر بقليل , بضعة أمتار أخرى فقط لأنَّه لم يستطع تحمُّل ضغط الماء . ومع مجيء عصر الغوَّاصات , أصبح الإنسان ينزل إلى بضعة كيلومترات في أعماق البحار والمحيطات التي يصل عمقها أحيانًا إلى 11 كلم .
                    وكانت دهشة العلماء كبيرة عندما اكتشفوا خلال القرن الماضي أنَّ البحار طبقاتٌ بعضُها فوق بعض !
                    نعم , فهناكَ طبقة البحر السَّطحي الدَّافئ والمُنار بأشعَّة الشَّمس , وهناك طبقة البحر العميق الذي يمتاز بالبُرودة والظُّلمة , وبين الطَّبقتين هناك حاجزٌ مِن موج داخلي , يَمنع اختلاط ماء البحرين , ويَمنع حتَّى الحيوانات البحريَّة من الانتقال من طبقة لأخرى أو من بحر لآخر !

                    هذا ما قاله العلماء , فماذا قال القرآن الكريم في هذا الموضوع ؟
                    يقول اللَّه تعالى : { أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ 40 } (24- النّور 40) . ففي هذه الآية , ذكَر اللَّهُ تعالى بحرًا لُجِّيًّا (أي عميقًا) , مِن فَوْقه موجٌ (هو الموج الدَّاخلي) , مِن فوقه موجٌ (هو موج البحر السَّطحي) , مِن فوقه سحابٌ (وهو الذي في السَّماء) . أليس هذا بالضَّبط ما تَوَصَّل إليه العلَماء ؟!
                    بل إنَّ القرآن ذكَر أيضًا ظاهرةً أخرى في البحار العميقة , وهي وجود ظُلُماتٍ بعضها فوق بعض . وهذه الظَّاهرة لم يكتشفها العلماء إلاَّ في القرن العشرين أيضًا , عندما استعملُوا الغوَّاصات في النُّزول إلى أعماق البحار . فقد لاحظُوا بالفعل أنَّ درجة الضَّوء تحت الماء تنقص كلَّما نزلُوا إلى عُمق أكبر , حتَّى تنعدم تمامًا .
                    وتفسير ذلك أنَّ ضوء الشَّمس المكَوَّن من سبعة أطياف , يُضيء كلُّه سطحَ البحر , إلى حوالي عُمق 10 أمتار , ثمَّ يُمتَصُّ الطَّيفُ الأحمر , فلا يُرى بعد هذا العُمق , وتنقُص بذلك درجة الإضاءة . ثمَّ , كلَّما غاص الإنسانُ في البحر أكثر , كلَّما غاب طيفٌ آخر , وكلَّما ازدادت الظُّلمة أكثر , حتَّى ينعدم الضَّوء تمامًا بعد عُمق حوالي ألف متر .

                    أسأل اللَّهَ سيِّدي أن يجعل لك نورًا يقودك إلى معرفة الدِّين الحقّ , لأنَّ الذي لم يجعل اللَّهُ له نورًا فما له من نُور , كما ذكَرَت الآيةُ السَّابقة .
                    التعديل الأخير تم بواسطة محمد شبانه; 3 نوف, 2020, 02:19 ص.

                    وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ
                    وَلَوْلا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ
                    @إن كنت صفراً في الحياة.... فحاول أن تكون يميناً لا يسارا@
                    --------------------------------------
                    اللهم ارزقني الشهادة
                    اللهم اجعل همي الآخرة

                    تعليق

                    • في حب الله
                      المشرفة على أقسام
                      المذاهب الفكرية الهدامة

                      • 28 مار, 2007
                      • 8324
                      • باحث
                      • مسلم

                      هكذا يبني الإسلام مجتمعًا صالحًا
                      هكذا يبني الإسلام مجتمعًا صالحًا




                      بعد أن رأينا سيِّدتي كيف يبني الإسلامُ الفرْدَ المسلِم على أُسُس ثابتة لكي يُصبح إنسانًا صالِحًا , سنرَى الآن كيف يبني الإسلامُ مجتمعًا سليمًا يَسُوده الأمنُ والنِّظام والتَّعاون والمحبَّة .
                      طبعًا , لا يَصلُح المجتمَع إلاَّ بصلاح أفراده . وإذا كان الإسلام قد ركَّز في بنائه للفرد المسلِم على تحسين علاقة هذا الفرد باللَّه , فإنَّه يُركِّز في بنائه للمجتمع على تحسين علاقة كلّ فرد فيه بغيره من النَّاس , مهما كانت معتقداتهم .
                      لِنَرَ معًا كيف يكون ذلك :
                      ------------------------------------------------
                      التالي بإذن الله تعالى:
                      القرآن والسُّنَّة هما المرجع الأوَّل لتنظيم الحياة
                      في المجتمع
                      التعديل الأخير تم بواسطة محمد شبانه; 3 نوف, 2020, 02:19 ص.

                      وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ
                      وَلَوْلا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ
                      @إن كنت صفراً في الحياة.... فحاول أن تكون يميناً لا يسارا@
                      --------------------------------------
                      اللهم ارزقني الشهادة
                      اللهم اجعل همي الآخرة

                      تعليق

                      • في حب الله
                        المشرفة على أقسام
                        المذاهب الفكرية الهدامة

                        • 28 مار, 2007
                        • 8324
                        • باحث
                        • مسلم

                        القرآن والسُّنَّة هما المرجع الأوَّل لتنظيم الحياة
                        القرآن والسُّنَّة هما المرجع الأوَّل لتنظيم الحياة
                        في المجتمع




                        نعم , لا بُدَّ أن تكون القوانينُ التي يسير عليها المجتمع ويخضعُ لها كلُّ أفراده , مُستمدَّة من القرآن الكريم وأقوال النَّبيِّ محمَّد صلَّى اللَّه عليه وسلَّم وأفعاله . تسألين لماذا ؟
                        أمَّا القرآن : فلأنَّ اللَّهَ تعالى شهد له بأنَّه حقٌّ لا ريب فيه . يقول تعالى : { إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ 41 لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ 42 } (41- فصّلت 41-42) .
                        وقد رأينا من إعجازه العلمي والبلاغي ما يُؤكِّد أنَّه وحيٌ من عند اللَّه , وأنَّه لم يَدْخُل عليه أيّ تحريف كما دخَلَ على التَّوراة والإنجيل . فهو إذًا مرجعٌ موثُوق به .

                        وأمَّا السُّنَّة : وهي أقوالُ النَّبيِّ محمَّد صلَّى اللَّه عليه وسلَّم وأفعاله , فلأنَّ اللَّهَ شَهد لِنبيِّه بأنَّه لا ينطقُ إلاَّ بالحقّ , فقال تعالى : { وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى 3 إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى 4 } (53- النّجم 3-4) .
                        وأعلنَ أنَّ مَنْ أطاعه فقد أطاع اللَّه , فقال تعالى : { مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا 80 } (4- النّساء80) .
                        وأمَر المسلمينَ باتَّخاذه قُدْوَة لهم , فقال تعالى : { لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا 21 } (33- الأحزاب 21) .
                        ولأنَّ عائشة رضي اللَّه عنها , زوجة النَّبيِّ محمَّد صلَّى اللَّه عليه وسلَّم , شهدتْ له بأنَّ تصرُّفاته مُوافقة تمامًا لِتَوجيهات القرآن . فقد روى الإمام أحمد في مُسنده عن سعد بن هشام رضي اللَّه عنه , قال : سألتُ عائشة , فقلتُ : أخْبِريني عن خُلُق رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم . فقالتْ : كان خُلُقه القرآن . (مسند الإمام أحمد بن حنبل – الجزء 6 – ص 163 – رقم الحديث 25341) .
                        ولأنَّ النَّبيَّ محمَّدًا صلَّى اللَّه عليه وسلَّم أكَّد أنَّه لا يقولُ إلاَّ حقًّا . فقد روى الحاكم في مُستدركه عن عمرو بن شُعَيْب عن أبيه عن جدّه , قال : قلتُ : يا رسولَ اللَّه , أتأذنُ لي فأكتُب ما أسمعُ منك ؟ قال : نعم . قلتُ : في الرِّضَا والغَضَب ؟ قال : نعم , فإنَّه لا يَنْبغي أن أقول عند الرِّضَا والغضب إلاَّ حقًّا . (المستدرك على الصّحيحين – الجزء 3 – ص 606 – رقم الحديث 6246) .
                        وروى الإمام أحمد في مُسنده عن أبي هُرَيْرة رضي اللَّه عنه , أنَّ رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم قال : إنِّي لا أقولُ إلاَّ حقًّا . فقال بعضُ أصحابه : فإنَّك تُداعِبُنا يا رسولَ اللَّه ‍! فقال : إنِّي لا أقولُ إلاَّ حقًّا . (مسند الإمام أحمد بن حنبل – الجزء 2 – ص 340 – رقم الحديث 8462) .
                        فالسُّنَّة إذًا هي أيضًا مرجعٌ موثوقٌ به .

                        وأمَّا الرُّجوع إلى القرآن والسُّنَّة لتنظيم الحياة في المجتمع , فلأنَّهما يحتويَان على توجيهات الخالِق إلى خَلْقِه في كلِّ الأمور ! يقول تعالى : { وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ 89 } (16- النّحل 89) . وطبعًا , توجيهاتُ الخالِق , وهو اللَّه سبحانه وتعالى , يجبُ أن تكون المرجع الأوَّل لعِبَاده , لأنَّه هو الذي خلَقَهم وهو أعلَمُ بما يَصْلُح لهم . أم أنَّ لك رأيًا آخر ؟!
                        يقول تعالى : { أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ 14 } (67- الملك 14) . ويقول تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً 59 } (4- النّساء 59) .
                        وإذا كنت تظنِّينَ سيِّدتي أنَّ الإسلام , الذي هو تطبيقٌ للقرآن والسُّنَّة في الحياة اليوميّة , هو صلاةٌ وصيامٌ وزكاةٌ وحجٌّ فقط , فأنتِ على خطأ . إنَّه أشملَ من ذلك بكثير . بل إنَّه لم يتركْ شيئًا صغيرًا ولا كبيرًا من ميادين الحياة إلاَّ ونَظَّمه ‍‍.
                        فهو نظَّمَ علاقةَ الإنسان بربِّه , وعلاقته بأسرته , وعلاقته بأقاربه وجيرانه , وعلاقته بالنَّاس عمومًا , ونظَّم البيعَ والشِّراء , ومنع الاحتكار والرّشوة والتَّعامل بالرِّبا , وفرض الزَّكاة وحثَّ على الصَّدقة , وقسَّم الميراث تقسيمًا دقيقًا يعجزُ عُلماء هذا العصر أن يأتوا بمثله , ووضع أسُسًا للقضاء , وحدَّد العقوبات , وبيَّن حقوق وواجبات كلّ فرد تُجاه المجتمع , وربطَ الأخلاقَ بالمعاملات , فلا ينجحُ بيعٌ ولا حُكْمٌ ولا عِلْمٌ إلاَّ بحُسْن الخُلُق .
                        وإذا كانت الأنظمة البشريَّة المختلفة , من رأسماليَّة وشيوعيَّة واشتراكيَّة وغيرها , لم تستطع إلى اليوم أن تُوفّر الحدَّ الأدنى من الأمن والاستقرار النَّفسي والمادِّي لأفراد مجتمعاتها , فإنَّ النّظام الإسلامي عندما طُبِّق في عصر النَّبيِّ محمَّد صلَّى اللَّه عليه وسلَّم وفي عهد الخلَفاء الرَّاشدين من بعده , استطاع بالفعل أن يُؤلِّف بين قبائل من العرب , كانُوا شديدي الطِّباع , مُتعادِين فيما بينهم , تشتعل الحروب بينهم لِأتفه الأسباب . يقول اللَّه تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ 102 وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ 103 } (3- آل عمران 102-103) .
                        واستطاع أن يُنظِّم حياتَهُم في ظِلِّ مَقاييس جديدة , تُساوي في الإنسانيَّة بين الغنيِّ والفقير , بين المرأة والرَّجل , بين العبد والسَّيِّد , وتجعلُ الأفضليَّة لبعضهم على بعض : فقط بالعمل الصَّالِح . يقول تعالى : { يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ 13 } (49- الحجرات 13) .
                        واستطاع أن يُكوِّن بهم مجتمعات تسُودها العدالةُ والأمن والتَّحابب .

                        واللَّهِ ليس هذا مجرَّد كلام , وإنَّما هو واقعٌ سجَّلَتْه كُتُبُ التَّاريخ . وقد ذكرْنَا أنَّ الخليفة العادل عمر بن عبد العزيز لَمَّا حكَم بِتَعاليم الإسلام , فاضَ المالُ في المجتمع حتَّى أصبح الغنيُّ يُخْرجُ الزَّكاة فلا يجدُ أحدًا يَقْبَلُها !
                        وروى أبو العبَّاس أحمد بن خالد النَّاصري , نقلاً عن كتابه الاستقصا لِدُول المغرب الأقصى , مع تصرّف بسيط في سَرْد الحادثة , قال : في سنة سبع عشرة للهجرة (638 م) , جيء إلى عمر بن الخطَّاب بالهرمزان , ملك الأهواز , أسيرًا ومعه وَفْدٌ فيهم أنَس بن مالِك والأحنف بن قَيْس . فلمَّا وَصلُوا به إلى المدينة ألْبَسُوه كِسْوَتَه من الدّيباج المذَهَّب , ووضَعُوا على رأسه تاجهُ وهو مُكَلَّلٌ بالياقُوت , لِيَراه عُمَر والمسلمون على هَيْئَته التي يكون عليها في مُلْكِه . فطلَبُوا عُمَر , فلَم يَجِدُوه . فسألُوا عنه , فقيل : هو في المسجد . فأتَوْه , فإذا هو نائِم , فجلَسُوا دُونه . فقال الهرمزان : أين هو عُمَر ؟! قالُوا : هو ذا , قال : فأين حَرَسُه وحُجَّابُه ؟! قالُوا : ليس له حارسٌ ولا حاجب . فنظر الهرمزان إلى عُمر , وقال : عدلْتَ , فأمنتَ , فنِمْتَ !
                        هل تدرين سيِّدتي الفاضلة مَن هو عُمر هذا ؟
                        إنَّه أمير المؤمنين عمر بن الخطَّاب , الذي كان يحكُم في حوالي نصف الكرة الأرضيَّة , من السّعوديَّة شرقًا إلى المغرب الأقصى غربًا ! جاءه أحد الملوك أسيرًا مهزومًا , وكان ينتظر أن يجده في قصر كبير محاطًا بالحرس والخدَم , فوَجده نائمًا على الأرض في المسجد !
                        قال أبو العبَّاس : وسنة ثمان عشرة للهجرة (639 م) , كانت مجاعة الرّمادة وطاعون عمواس , فحلَف عُمر (بن الخطّاب) لا يذوق السَّمن واللَّبن حتَّى يشبع النَّاس .
                        وذكر ابنُ كثير هذه الحادثة في كتابه البداية والنِّهاية , فقال : وكان أمير المؤمنين عمر بن الخطَّاب رضي اللَّه عنه يَضرب بطْنَه عامَ الرّمادة , ويقول : قَرْقِري إن شئت أو لا تُقَرْقِري , فوَاللَّهِ لا ذاق عُمر سمنًا ولا سمينًا حتَّى يخصب النَّاس !
                        لا تعجبين سيِّدتي , فعُمَر هذا هو أحد خرِّيجي مدرسة النَّبيِّ محمَّد صلَّى اللَّه عليه وسلَّم الذي هو قُدوة المسلمين في كلِّ شيء وفي كلِّ عصر . وعندما سار المسلمون الأوائل , حُكَّامًا ومحكومين , حسب توجيهات اللَّه تعالى من خلال القرآن الكريم , وتوجيهات نبيِّه الصَّادق الأمين من خلال أقواله وأفعاله , عندما طبَّقوا الإسلامَ في البيع والشِّراء , وفي الحكْم والإدارة والقضاء , وفي الدِّراسة والعمل , وفي الأكل والشُّرب والنَّوم , مَلَأُوا الدُّنيا أمنًا وعدلاً .

                        القاعدة الأولى إذًا لبناء مجتمع صالح , هي : أن يكون القرآن الكريم وسُنَّة النَّبيِّ محمَّد صلَّى اللَّه عليه وسلَّم , هما المرجع الأعلى للمجتمع في كلّ الأمور .
                        التعديل الأخير تم بواسطة محمد شبانه; 3 نوف, 2020, 02:19 ص.

                        وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ
                        وَلَوْلا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ
                        @إن كنت صفراً في الحياة.... فحاول أن تكون يميناً لا يسارا@
                        --------------------------------------
                        اللهم ارزقني الشهادة
                        اللهم اجعل همي الآخرة

                        تعليق

                        • في حب الله
                          المشرفة على أقسام
                          المذاهب الفكرية الهدامة

                          • 28 مار, 2007
                          • 8324
                          • باحث
                          • مسلم

                          الإحسان إلى الوالدين , من أوجب الواجبات !
                          الإحسان إلى الوالدين , من أوجب الواجبات !




                          ربَّما تقول يا ابني الكريم : وما دخْلُ الإحسان إلى الوالدين في بناء مجتمع صالح ؟!
                          أقول : لأنَّ صلاحَ المجتمع بصلاح أفراده . وإذا لم يُحسن الفردُ إلى أقرب النَّاس إليه , وهما والداه اللَّذان أنجباه , وتَحمَّلا كلَّ المتاعب لإيصاله إلى ما وَصل إليه , إذا لم يعترف لهما بهذا الفَضْل , فلا خير فيه , ولا تنتظر منه أن يكون عضوًا صالحا في المجتمع .
                          لهذا , نجد العديد من الآيات القرآنيَّة والأحاديث النَّبويَّة تُوصي بالإحسان إلى الوالدين , وتحذِّر من عقُوقهما .
                          يقول اللَّه تعالى : { وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا 23 وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا 24 } (17- الإسراء 23-24) .
                          ويقول تعالى : { وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ 14 وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ 15 } (31- لقمان 14-15) . نعم , حتَّى إن لم يكن الوالدان مسلمَيْن , يجبُ الإحسان إليهما طيلة حياتهما . فقط , لا ينبغي طاعتهما في الأوامر التي فيها معصية للَّه .
                          بل إنَّ الإحسان إلى الوالدين يتواصلُ حتَّى إلى ما بعد مَوتهما ! فقد روى الإمام أحمد في مُسنَده عن أبي أُسَيْد (هو مالك بن ربيعة السَّاعدي) رضي اللَّه عنه , قال : بينما أنا جالسٌ عند رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم , إذ جاءه رجلٌ من الأنصار , فقال : يا رسول اللَّه , هل بَقيَ علَيَّ من بِرِّ أبَوَيَّ شيءٌ بعد موتهما أبرّهُما به ؟ قال : نعم , خِصالٌ أربعة : الصَّلاة عليهما (أي الدُّعاء لهما) والاستغفار لهما , وإنفاذ عهدهما (أي قضاء ديونهما وعهودهما) , وإكرام صديقهما , وصِلَة الرَّحِم التي لا رَحِمَ لكَ إلاَّ من قِبَلِهما , فهو الذي بَقِيَ عليكَ من برّهما بعد مَوتهما . (مسند الإمام أحمد بن حنبل – الجزء 3 – ص 497 – رقم الحديث 16103) .

                          وأمَّا عن التَّحذير من عقوق الوالدين , فقد روى الإمام البخاري في صحيحه عن أبي بكرة رضي اللَّه عنه , قال : قال رسولُ اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم : ألا أُخبرُكم بأكبر الكبائر ؟ قالُوا : بَلَى يا رسولَ اللَّه , قال : الإشراك باللَّه , وعقُوق الوالدين . وكان متَّكِئًا فجلسَ , فقالَ : ألاَ , وقَولُ الزُّور .
                          فمَا زال يُكرِّرُها حتَّى قُلْنا : لَيْتَه سكَت ! (الجامع الصّحيح المختصر – الجزء 5 – ص 2314 – رقم الحديث 5918) .
                          وروى الإمام مسلم في صحيحه عن أبي هُرَيْرة رضي اللَّه عنه , أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللَّه عليه وسلَّم قال : رَغِمَ أنْف , ثمَّ رَغِمَ أنْف , ثمَّ رَغِمَ أنْف ! قيلَ : مَنْ يا رسولَ اللَّه ؟ قالَ : مَنْ أدْرَكَ أبَوَيْه عِنْدَ الكِبَر , أحَدَهُما أو كِلَيْهما , فلَم يَدْخُل الجنَّة ! (صحيح مسلم – الجزء 4 – ص 1978 – رقم الحديث 2551) . نعم , إنَّ الأحمق فعلاً هو الذي يُفتحُ له بابٌ عظيمٌ لِنَيْل الأجر عن طريق الإحسان إلى أمِّه وأبيه , فلا يَدخُلُه , ويُغلِقُ بذلك في وجهه بابًا من أبواب الجنَّة .
                          وقد روى النّسائي في السُّنن الكبرى عن معاوية بن جاهمة السّلمي رضي اللَّه عنه , أنَّ جاهمة جاءَ النَّبيّ صلَّى اللَّه عليه وسلَّم , فقال : يا رسولَ اللَّه , أردتُ أن أغْزُو , وقد جئتُ أستشيرُك .
                          فقال : هل لكَ مِنْ أُمّ ؟ قال : نعم .
                          قال : فالْزَمْها , فإنَّ الجنَّةَ عند رجْلَيْها ! (السّنن الكبرى – الجزء 3 – ص 8 – رقم الحديث 4312) .
                          ومِنَ المخجِل والعار حقًّا أن يُوضَع أباءٌ وأمَّهاتٌ في ديار المسنِّين , وأبناءُهم على قيد الحياة ! ومِنَ اللُّؤم والجحُود حقًّا أن يهنأ الابنُ بطِيب العيش في بيته , وأمُّه لا تجدُ ما تأكلُه في بيتها ! بل قد تموتُ من البرد أو من الحرِّ أو من المرض , ولا يسمع ابنُها بالخبر إلاَّ بعد أيَّام أو أسابيع أو ربَّما بعد سنوات , لأنَّه ببساطة لم يكن يهتمّ بالسُّؤال عنها !

                          القاعدة الثَّانية إذًا لبناء مجتمع صالح , هي : أن يحرصَ كلُّ فَرْد فيه على الإحسان إلى والديه إلى آخر لحظة في حياتهما , وألاَّ يُفضِّلَ عليهما زوجتَه ولا أولادَه .
                          التعديل الأخير تم بواسطة محمد شبانه; 3 نوف, 2020, 02:19 ص.

                          وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ
                          وَلَوْلا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ
                          @إن كنت صفراً في الحياة.... فحاول أن تكون يميناً لا يسارا@
                          --------------------------------------
                          اللهم ارزقني الشهادة
                          اللهم اجعل همي الآخرة

                          تعليق

                          • في حب الله
                            المشرفة على أقسام
                            المذاهب الفكرية الهدامة

                            • 28 مار, 2007
                            • 8324
                            • باحث
                            • مسلم

                            كلُّ النَّاس لهم حقوق عليك !
                            كلُّ النَّاس لهم حقوق عليك !




                            فاسألْ عنها قبل أن تَسألَ عن حقوقك ! وإذا كان أغلَبُنا لا يعرف عن حقوق الآخرين سوى : العاشرة , احترام الجار ! العاشرة , احترام النَّائم ! فإنَّ الإسلام وضعَ حقوقًا تقريبًا لكلِّ فئات المجتمع , تعجز عن صياغتها جمعيَّات حقوق الإنسان في العصر الحديث !
                            لِنَبدأ بحقوق الجار , يقول اللَّه تعالى في القرآن الكريم : { وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالاً فَخُورًا 36 } (4- النّساء 36) .
                            قال ابن عبَّاس وغيره من فُقَهاء الصَّحابة : الجار ذي القُربَى هو الذي بينك وبينه قَرابة , والجار الجنُب هو الذي ليس بينك وبينه قَرابة . فهل اشْتَرطَت الآيةُ أن يكون الجارُ مسلِمًا للإحسان إليه ؟
                            أبدًا ! فسَواءً كان هذا الجار مسلمًا أو نصرانيًّا أو يهوديًّا أو غير ذلك , فإنَّ له عليك حقّ الإحسان إليه .
                            وقد روى الإمام البخاري في صحيحه عن ابن عمر رضي اللَّه عنهما , قال : قال رسولُ اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم : ما زالَ جبريلُ يُوصِيني بالجار حتَّى ظننتُ أنَّه سَيُوَرِّثُه ! (الجامع الصّحيح المختصر – الجزء 5 – ص 2239 – رقم الحديث 5669) .
                            وروى الإمام البخاري أيضًا في صحيحه عن أبي شريح , وقِيل عن أبي هُرَيْرة , رضي اللَّه عنهما , أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللَّه عليه وسلَّم قال : واللَّهِ لا يُؤمنْ , واللَّهِ لا يُؤمنْ , واللَّهِ لا يُؤمنْ ! قيلَ : مَنْ يا رسولَ اللَّه ؟ قال : الذي لا يَأْمنُ جارُه بَوائِقَه (أي شُرورَه) . (الجامع الصّحيح المختصر – الجزء 5 – ص 2240 – رقم الحديث 5670) .
                            وروى الإمام أحمد في مُسْنده عن المقداد بن الأسود رضي اللَّه عنه , قال : قال رسولُ اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم لأصحابه : ما تقولون في الزِّنا ؟ قالُوا : حرَّمَه اللَّهُ ورسولُه , فهو حرامٌ إلى يوم القيامة . فقال رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم : لَأَنْ يَزْني الرَّجلُ بعَشْر نِسْوَة أيْسَر عليه من أن يَزني بامرأة جاره .
                            قال : ما تقولُون في السَّرقة ؟ قالُوا : حرَّمَها اللَّهُ ورسولُه , فهي حرامٌ (إلى يوم القيامة) . قال : لَأَنْ يسرق الرَّجلُ من عشرة أبيات (أو بيوت) أيْسَر عليه من أن يَسرق من (بيت) جاره . (مسند الإمام أحمد بن حنبل – الجزء 6 – ص 8 – رقم الحديث 23905) .
                            وروى الحاكم في مُستدركه عن أبي هُرَيْرة رضي اللَّه عنه , قال : قيل لِلنَّبيِّ صلَّى اللَّه عليه وسلَّم : إنَّ فلانة تصوم النَّهار (أي كثيرة الصِّيام تطوّعًا) وتقوم اللَّيل (أي كثيرة الصَّلاة باللَّيل تهجُّدًا) , وتُؤذي جيرانها بلسانها ؟
                            فقال : لا خير فيها , هي في النَّار .
                            قيل : فإنَّ فلانة تصلِّي المكتوبة (أي الصَّلوات المفروضة فقط) وتصوم رمضان (فقط) وتتصدَّق بأثوار من إقط (أي من الجبن) , ولا تؤذي أحدًا بلسانها ؟
                            قال : هي في الجنَّة . (المستدرك على الصّحيحين – الجزء 4 – ص 184 – رقم الحديث 7305) .
                            وروى الإمام مسلم في صحيحه عن أبي ذرّ رضي اللَّه عنه , قال : قال رسولُ اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم : يا أبا ذرّ , إذا طبختَ مَرْقَةً فأكْثِرْ ماءَها , وتعاهَدْ جيرانَك . (صحيح مسلم – الجزء 4 – ص 2025 – رقم الحديث 2625) .

                            وليس حقُّ الجار فقط في عدم إيذائه , وإنَّما كذلك في الصَّبر على أذاه !
                            أمَّا الإحسانُ إليه , فيَشمل : دَوام السُّؤال عن حاله , ومساعدته في قضاء حوائجه , والوقوف معه عند الشَّدائد , وعيادته إذا مرض , وحفظه في بيته وأهله عند غيابه , وعدم فضحه أمام غيره إذا أخطأ , وإسداء النُّصح إليه إذا دعت الحاجة لذلك , والتَّلطُّف مع أطفاله في الكلام , وإذا اشتريتَ فاكهة أن تُهدي له منها , وإن لم تفعل فلا تُعطِ ولَدك يأكلُ منها أمام ولده فيغيظه بها , إلاَّ أن يُعطيه منها .

                            وكما أوصى الإسلام بالإحسان إلى الجار , فقد أوصى أيضًا بالإحسان إلى الأقارب ومواصلتهم . يقول اللَّه تعالى : { أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ 19 الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَلا يَنْقُضُونَ الْمِيثَاقَ 20 وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ 21 وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً وَيَدْرَأُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ 22 جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ 23 سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ 24 } (13- الرّعد 19-24) .
                            باللَّه عليك سيِّدي الكريم , هل يُمكن أن يكون هذا الأسلوب وهذا التَّعبير وهذا المحتوى من تأليف بشر ؟!
                            طبعًا , صِلَةُ الرَّحِم تعني : زيارة الأقارب , والسُّؤال عن حالِهم باستمرار , والوقوف معهم في الأفراح والأحزان . وهذا العمل يُطيلُ العُمر ويجلبُ الرِّزق ! فقد روى الإمام البخاري في صحيحه عن أنَس بن مالِك رضي اللَّه عنه , أنَّ رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم قال : مَنْ أحَبَّ أن يُبْسَطَ له في رزْقه ويُنْسَأ له في أَثَره (وفي رواية أخرى للحاكِم عن عاصِم : ويَمُدّ اللَّهُ في عُمره) , فَلْيَصِلْ رَحِمَه . (الجامع الصّحيح المختصر – الجزء 5 – ص 2232 – رقم الحديث 5640) .
                            أمَّا التَّهاون في القيام بهذا الواجب , فيجلبُ غضبَ اللَّه سبحانه . فقد روى الإمام مسلم في صحيحه عن عائشة رضي اللَّه عنها , قالتْ : قال رسولُ اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم : الرَّحِمُ مُعَلَّقةٌ بالعَرْش , تقولُ : مَنْ وَصَلَني وَصَلَه اللَّه , ومَنْ قَطَعَني قطَعَه اللَّه . (صحيح مسلم – الجزء 4 – ص 1981 – رقم الحديث 2555) .
                            بل إنَّ صِلَة الرَّحِم واجبةٌ حتَّى إذا قطَعَها الطَّرفُ الآخر . فقد روى الإمام أحمد في مُسنده عن عبد اللَّه بن عمرو رضي اللَّه عنه , قال : قال رسولُ اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم : إنَّ الرَّحِم مُعَلَّقةٌ بالعَرْش , ولَيْسَ الواصِلُ بالمكافِئ , ولكنَّ الواصِلَ الذي إذا انقطعَتْ رَحِمُه وَصَلَها . (مسند الإمام أحمد بن حنبل – الجزء 2 – ص 163 – رقم الحديث 6524) .

                            وأمَّا عن حقوق بقيَّة أفراد المجتمع عليك , فقد روى الحاكم في مستدركه عن أبي ذَرّ رضي اللَّه عنه , قال : قال رسولُ اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم : يا أبا ذَرّ , اتَّقِ اللَّهَ حيثُ كُنْتَ , وأتْبِعِ السَّيِّئَةَ الحسَنَةَ تَمْحُها , وخالِقِ النَّاسَ بخُلُقٍ حَسَن . (المستدرك على الصّحيحين – الجزء 1 – ص 121 – رقم الحديث 178) .
                            كلُّ النَّاس إذًا , سواء كانُوا في مجتمعك أو في مجتمع آخر , وسواء كانُوا مسلمين أو نَصارى أو يهودًا أو غير ذلك , لهم عليكَ حقّ المعاملة بخُلُق حَسَن , فلا تُسيء إليهم , ولا تغشّهم , ولا تكذب عليهم , بل تبتسمُ في وجوههم , وتقدِّم لهم ما تستطيع من مساعدة .

                            القاعدة الثَّالثة إذًا لبناء مجتمع صالح , هي : أن يحرصَ كلُّ فرد فيه على القيام بواجباته نحو الآخرين , قبل أن يُطالبهم بحقوقه عليهم .
                            التعديل الأخير تم بواسطة محمد شبانه; 3 نوف, 2020, 02:18 ص.

                            وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ
                            وَلَوْلا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ
                            @إن كنت صفراً في الحياة.... فحاول أن تكون يميناً لا يسارا@
                            --------------------------------------
                            اللهم ارزقني الشهادة
                            اللهم اجعل همي الآخرة

                            تعليق

                            • في حب الله
                              المشرفة على أقسام
                              المذاهب الفكرية الهدامة

                              • 28 مار, 2007
                              • 8324
                              • باحث
                              • مسلم

                              الأمر بالمعروف والنَّهي عن المنكر , فرضٌ على كلِّ فرد في المجتمع !
                              الأمر بالمعروف والنَّهي عن المنكر , فرضٌ على كلِّ فرد في المجتمع !




                              حديثٌ عظيمٌ للنَّبيّ محمَّد صلَّى اللَّه عليه وسلَّم يُوضِّحُ كلَّ شيء : روى الإمام البخاري في صحيحه عن النُّعمان بن بشير رضي اللَّه عنه , أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللَّه عليه وسلَّم قال : مَثَلُ القائم على حدود اللَّه (أي النَّاهي عن المعصية) والواقع فيها , كمَثَل قَوْم استَهَمُوا (أي اقْتَرَعُوا) على سفينة , فأصابَ بعضُهم أعلاها وبعضُهم أسْفَلَها . فكان الذين في أسْفَلها إذا اسْتَقَوْا من الماء مَرُّوا على مَنْ فَوْقَهم (فآذَوْهم بالمرور عليهم بالماء) , فقالُوا : لو أنَّا خرقْنَا في نَصِيبنا خَرْقًا ولم نُؤْذِ مَنْ فَوْقَنا ! فإن يَتْركُوهم وما أرادُوا هلَكُوا جميعًا , وإن أخَذُوا على أيْديهم (أي مَنَعُوهم من خَرق السَّفينة من الأسفل ) نَجَوْا , ونَجَوْا جميعًا . (الجامع الصّحيح المختصر – الجزء 2 – ص 882 – رقم الحديث 2361) .
                              لو عرضْنَا أغلبَ المجتمعات اليوم على هذا الحديث , لَوجدنا أنَّ الصُّورة الأولى هي التي تنطبق عليها , أي أنَّ البعض يقومون بعملٍ سيِّئ , فيسكتُ عنهم البعض الآخر , فيَهْلَك الكُلّ .
                              واجبٌ إذًا على كلّ أفراد المجتمع أن يَستشعُروا أنَّ سلامة مجتمعهم هي مسؤوليَّتهم جميعًا . كلُّهم مُطالَبون بالأمر بالمعروف والنَّهي عن المنكر , في البيت وفي الشَّارع وفي المدرسة وفي العمل . فإذا تَمَّ هذا , فلن تغرق سفينةُ المجتمع ما دام كلُّ ركَّابها يتناصحُون في كلِّ مكان وفي كلِّ وقت .
                              ويومَ تخلَّت المجتمعاتُ الغربيَّة خاصَّة عن هذه المسؤوليَّة بدعْوَى أنَّها تَدخُّلٌ في الحرِّيَّة الشَّخصيَّة للأفراد , غرقَت عندئذ في مشاكل لها أوَّل وليس لها آخر , وفلتَ الزّمامُ من أيدي الأولياء والمدرِّسين والحكَّام , ولم تُفِدْ أيَّة وسيلة في إصلاح الأمر .
                              لهذا , شدَّد الإسلامُ على وجوب القيام بهذه المسؤوليَّة . فقد روى أبو داود في سُنَنه عن عبد اللَّه بن مسعود رضي اللَّه عنه , قال : قال رسولُ اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم : إنَّ أوَّلَ ما دخلَ النَّقصُ على بني إسرائيل أنَّه كان الرَّجلُ يَلْقَى الرَّجلَ , فيقول : يا هذا , اتَّقِ اللَّهَ ودَعْ ما تَصْنَعْ فإنَّه لا يَحِلُّ لَكَ . ثمَّ يَلْقَاهُ من الغَد , فلاَ يَمْنَعُه ذلك أن يكونَ أكيلَه وشريبَه وقعيدَه ! فلمَّا فعلُوا ذلك , ضربَ اللَّهُ قلوبَ بعضِهم ببَعض .
                              ثمَّ قال (أي ذكَر النَّبيُّ قول اللَّه تعالى) : { لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ 78 كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ 79 تَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ 80 وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ وَلَكِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ فَاسِقُونَ 81 } (5- المائدة 78-81) .
                              ثمَّ قالَ (أي النَّبيّ) : كلاَّ , وَاللَّهِ لَتَأمُرُنَّ بالمعروف ولَتَنْهَوُنَّ عن المنكَر , ولَتَأخُذُنَّ على يَدَي الظَّالِم ولَتأطرُنَّه على الحقِّ أطْرًا , ولَتَقْصُرُنَّه على الحقِّ قصرًا . (سنن أبي داود – الجزء 4 – ص 121 – رقم الحديث 4336) .
                              وروى التّرمذي في سُنَنه عن حُذَيْفة بن اليمان رضي اللَّه عنه , أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللَّه عليه وسلَّم قال : والَّذي نَفسِي بيَدِه , لَتَأمُرُنَّ بالمعروف ولَتَنْهَوُنَّ عن المنكَر , أو لَيُوشِكَنَّ اللَّهُ أن يبعثَ عليكُم عقابًا منه , ثمَّ تَدْعونَه فلا يُسْتجابُ لكم . (الجامع الصّحيح سنن التّرمذي – الجزء 4 – ص 468 – رقم الحديث 2169) .

                              طبعًا , شرطٌ أساسي لِمَن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر : أن يبدأ بنفسه ‍! يقول اللَّه تعالى : { أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلا تَعْقِلُونَ 44 } (2- البقرة 44) . ويقول تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ 2 كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ 3 } (61- الصّف 2-3) .
                              وروى الإمام مسلم في صحيحه عن أسامة بن زيد رضي اللَّه عنه , قال : سمعتُ رسولَ اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم يقولُ : يُؤتَى بالرَّجُل يومَ القيامة , فيُلْقَى في النَّار , فتَنْدَلِقُ أقتابُ بَطْنِه (أي تخرجُ أمعاءه من بطنه) , فيَدُور بها كما يَدُور الحِمارُ بالرَّحَى . فيَجتمعُ إليه أهلُ النَّار , فيقُولُون : يا فُلان , ما لَكَ ؟! ألَمْ تَكُن تأمُرُ بالمعروف وتنهَى عن المنكر ؟! فيقُولُ : بَلَى , قد كنتُ آمرُ بالمعروف ولا آتيه , وأنْهَى عن المنكر وآتيه . (صحيح مسلم – الجزء 4 – ص 2290 – رقم الحديث 2989) .

                              القاعدة الرَّابعة إذًا لبناء مجتمع صالح , هي : أن يحرصَ كلُّ فرد فيه على أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر , حتَّى لا يغرقُوا جميعًا .
                              التعديل الأخير تم بواسطة محمد شبانه; 3 نوف, 2020, 02:18 ص.

                              وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ
                              وَلَوْلا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ
                              @إن كنت صفراً في الحياة.... فحاول أن تكون يميناً لا يسارا@
                              --------------------------------------
                              اللهم ارزقني الشهادة
                              اللهم اجعل همي الآخرة

                              تعليق

                              • في حب الله
                                المشرفة على أقسام
                                المذاهب الفكرية الهدامة

                                • 28 مار, 2007
                                • 8324
                                • باحث
                                • مسلم

                                هكذا يغيِّر الإسلامُ نفوسًا حارَ الكُلُّ في تغييرها !
                                هكذا يغيِّر الإسلامُ نفوسًا حارَ الكُلُّ في تغييرها !




                                نعم , الإسلام هو النّظام الوحيد الذي يستطيع أن يُؤثِّر إيجابيًّا على النَّفس البشريَّة في وقت قصير .
                                وإذا كانت الأنظمة الأخرى تحتاج إلى حَمَلات تَوْعيَة عديدة , وإعلانات في وسائل الإعلام , ومناقشات طويلة , لِتَنبيه النَّاس إلى أهمِّيَّة النَّظافة مثلا , أو مضارّ التَّدخين أو الخمر , أو لإقناع التِّلميذ بوجوب الاجتهاد في دراسته والعامل بوجوب الإخلاص في عمله , أو لِدَعوة الشَّباب إلى عدم العَبث بالممتلكات العامَّة , أو لِحَثّ الأغنياء على التَّصدُّق على الفقراء أو القيام بمشاريع خيريَّة , إذا كانت الحكوماتُ أو المؤسَّساتُ تبذلُ في هذا المجال الكثير من الوقت والجهد ولا تصلُ إلى نتيجة مرضيَّة , فإنَّ الإسلام يستطيع بجُملة واحدة أن يغيِّر في وقت قصير ما عجز عنه غيره !
                                واللَّهِ ليس هذا مجرَّد كلام , وإنَّما هو حقيقةٌ تعيشُها الأوساطُ الإسلاميَّةُ يوميًّا . والسِّرُّ في ذلك يكمنُ في أنَّ الإسلام يُربِّي المسلمَ منذ صِغَرِه على حُبِّ اللَّه ورسوله أكثر من أيِّ شيء , والثِّقة التَّامَّة بهما , بحيثُ إذا سمعَ : قالَ اللَّه أو قالَ الرَّسول , تيقَّنَ في الحال أنَّ في ذلك القول مصلحته في الدُّنيا وفي الآخرة , وأنَّه إذا امتثلَ لِما سمع فسَيَجني من وراء ذلك رضاءَ اللَّه وحُسن ثَوابه , وإذا عصَى ولم يتُب فسيُعرِّض نفسَه لغضب اللَّه وسوء عقابه .
                                لهذا , عندما حاولَ رئيسٌ أمريكي سابقٌ مَنْعَ بيع الخمر في بلاده , ثار الشَّعب ضدَّه .
                                بينما عندما نزل الأمرُ الإلهي للمسلمين : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ 90 إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ 91 } (5- المائدة 90-91) , عندما نزلت هذه الآيات إذًا , قال عمر بن الخطَّاب رضي اللَّه عنه : انتهَيْنا , انتهَيْنا .
                                وروى الإمام البخاري في صحيحه عن أنَس بن مالك رضي اللَّه عنه , قال : كنتُ أسقِي أبا طلحة الأنصاري وأبا عُبَيْدة بن الجرَّاح وأُبَيّ بن كعب شرابًا من فضيخ , وهو تمرٌ (أي شرابٌ يُتَّخذ من التَّمر) , فجاءهُم آتٍ فقال : إنَّ الخمْرَ قد حُرِّمَتْ . فقال أبو طلحة : يا أنَس , قُمْ إلى هذه الجِرَار فاكْسِرْها .
                                قال أنَس : فقمتُ إلى مهراس لنا , فضربْتُها بأسفلِه حتَّى انكَسَرتْ . (الجامع الصّحيح المختصر – الجزء 6 – ص 2649 – رقم الحديث 6826) .
                                نعم , عندما نزلَ أمرُ اللَّه , امتثلَ المسلِمُون على الفَوْر .

                                ولا تظُنِّي يا ابنتي الفاضلة أنَّ هذا الامتثال لأوامر اللَّه وأوامر رسوله يكُون مصحوبًا عادةً بتأفُّف وسَخَط . أبدًا ! بل يكون عن رِضًى وطواعية .
                                مثال ذلك : ما رواه الإمام مسلم في صحيحه عن ابن عبَّاس رضي اللَّه عنه , أنَّ رسولَ اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم رأى خاتمًا من ذهَب في يَدِ رجُل , فنَزَعَه فطَرَحَه (لأنَّ لُبْسَ الذَّهب حرامٌ على الرَّجُل , حلالٌ على المرأة) , وقال : يَعْمدُ أحدُكُم إلى جَمْرَةٍ من نار فيجْعَلُها في يَدِه ؟!
                                فقيلَ لِلرَّجُل بعدما ذَهَبَ رسولُ اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم : خُذْ خاتَمَكَ , انتَفِعْ به (أي بِعْهُ وانتَفعْ بثَمَنه) .
                                قال : لا واللَّه , لا آخُذُه أبدًا وقد طرَحهُ رسولُ اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم ! (صحيح مسلم – الجزء 3 – ص 1655 – رقم الحديث 2090) .

                                سِرٌّ آخر يَكمُنُ وراء قُدرة الإسلام العجيبة على تغيير النَّفس البشريَّة بسُرعة , هو أسلوبُه الفريد في التَّخاطب معها .
                                مثال ذلك : ما رواه البَيْهَقي في سُنَنه عن عبد اللَّه الصَّنابحي رضي اللَّه عنه , أنَّ رسولَ اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم قال : إذا تَوَضَّأ العبدُ فمَضْمَض , خرجَت الخطايا من فِيه . فإذا اسْتَنْثر , خرجَت الخطايا من أنفه . فإذا غسلَ وَجْهه , خرجَت الخطايا من وَجْهه حتَّى تَخرج من تحت أشفار عَيْنَيْه . فإذا غسلَ يَدَيْه , خرجَت الخطايا من يَدَيْه حتَّى تَخرج من تحت أظفار يَدَيْه . فإذا مسحَ برَأسه , خرجَت الخطايا من رأسه حتَّى تَخرج من أذُنَيْه . فإذا غسل رجلَيْه , خرجَت الخطايا من رجلَيْه حتَّى تَخرج من تحت أظفار رجلَيْه . ثمَّ كان مَشْيُه إلى المسجد وصلاته نافلة له . (سنن البيهقي الكبرى – الجزء 1 – ص 81 – رقم الحديث 388) .
                                فلَو جرَّدْنا هذا الحديث من صيغته الدِّينيَّة , لَأصبح : إذا غسلَ الإنسانُ وجهه وأطرافه , فمَضْمض , خرجت الأوساخُ من فَمه , فإذا استَنْثَر , خرجت الأوساخُ من أنفه .. إلى آخر الحديث .
                                باللَّه عليكِ يا ابنتي , أيُّ الصِّيغَتَيْن أكثر إيقاعًا في النَّفس وأسرع في تَنشيطها : الصِّيغةُ الدِّينيَّة التي تُركِّز على الفائدة المباشرة التي سيَجْنيها الفردُ بعد كلِّ وضوء , وهي التَّخلُّص من خطاياه , أم الصِّيغةُ الصِّحِّيَّة التي تُشير فقط إلى فائدة بدنيَّة , ربَّما لا يهتمُّ بها الفرد على الفور , وهي إزالة الأوساخ ؟!
                                طبعًا الصِّيغة الدِّينيَّة لأنَّ الأجر فيها فَوري ومُضاعف , فيُصبح الفردُ يُكثِر من الوضوء رغبةً في الحصول على أجْر أكبر .

                                مثال آخر : روى الإمام البخاري في صحيحه عن أبي هُرَيْرة رضي اللَّه عنه , أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللَّه عليه وسلَّم قال : إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ العطاسَ , ويَكْره التَّثاؤب . فإذَا عطسَ أحدُكُم وحَمد اللَّه , كان حقًّا على كلّ مُسْلِم سَمِعَهُ أن يقولَ له : يَرْحَمك اللَّه . وأمَّا التَّثاؤب , فإنَّما هو من الشَّيطان . فإذَا تثاءبَ أحدُكُم , فلْيَرُدَّهُ ما اسْتَطاع , فإنَّ أحدَكُم إذَا تثاءبَ ضَحِكَ منه الشَّيطان . (الجامع الصّحيح المختصر – الجزء 5 – ص 2298 – رقم الحديث 5872) .
                                وفي رواية لابن ماجه في سُنَنه عن أبي هُرَيْرة أيضًا , أنَّ رسولَ اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم قال : إذا تثاءبَ أحدُكُم , فلْيَضَعْ يَدَه على فِيه ولا يَعْوِي , فإنَّ الشَّيطانَ يَضْحَكُ منه . (سنن ابن ماجة – الجزء 1 – ص 310 – رقم الحديث 968) .
                                باللَّه عليكَ سيِّدي , أليس مُجَرَّد سماع أنَّ الشَّيطان يضحكُ منك عندما تتثاءب , يُدخل الاشمئزاز على نفسك , ويَحثُّك , إن كنتَ تتثاءب دون وضع يدك على فمك , أن تُغيِّر فورًا هذه العادة ؟!

                                مثال ثالث : روى الإمام أحمد في مُسنَده عن عبد اللَّه بن حنظلة , غسيل الملائكة رضي اللَّه عنه , قال : قال رسولُ اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم : دِرْهَمُ رِبًا يأكلُه الرَّجلُ , وهو يعلمُ , أشَدُّ من ستَّة وثلاثين زَنْيَة . (مسند الإمام أحمد بن حنبل – الجزء 5 – ص 225 – رقم الحديث 22007) .
                                فهل يمكن لِمسلمٍ صادق أن يَقرب الرِّبا بعد هذا التَّحذير ؟! وهل يستطيع المسلمُ الذي يتعامل بالرِّبا أن يسمع هذا الحديث دون أن تهتزَّ له كُلُّ مشاعره , فيعزم على التَّوبة مِن هذا الفعل الشَّنيع ؟!

                                مثال رابع : روى ابنُ حِبَّان في صحيحه عن أمّ سَلَمَة رضي اللَّه عنها , أنَّ رسولَ اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم قال : إنَّما أنا بَشَر , وإنَّكُم تَخْتَصِمُون إلَيَّ , ولَعَلَّ بعضَكُم أن يكونَ ألْحَنَ بحُجَّتِه (مِنْ بَعْض) , فأقْضِي له على نَحْوِ ما أسْمَعُ منه , فَمَنْ قَضَيْتُ له بشَيْءٍ مِنْ حَقِّ أخيه فلاَ يأخُذْ منه شَيْئًا , فإنَّما أقْطَعُ له قِطْعَةً مِنَ النَّار ! (صحيح ابن حبّان – الجزء 11 – ص 459 – رقم الحديث 5070) .
                                فهل يمكن لِمُسلمٍ صادق أن يُفكِّر , بعد هذا التَّحذير , في الاحتيال والكذب لِأخذ ما ليسَ له ؟! وهل يستطيع مَنْ فَعلَ ذلك أن يسمع هذا الحديث دون أن يُوَبِّخه ضميرُه ويحثُّه على التَّوبة إلى اللَّه وإعادة الحقوق إلى أهلها وطلب السَّماح منهم ؟!

                                مثال خامس : روى الإمام مسلم في صحيحه عن أنَس رضي اللَّه عنه , قال: قال رسولُ اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم : ما مِنْ مُسْلِم يَغْرسُ غَرْسًا أو يَزرعُ زرعًا , فيأكُلُ منه طَيْرٌ أو إنسانٌ أو بَهيمَةٌ , إلاَّ كان له به صَدَقَة . (صحيح مسلم – الجزء 3 – ص 1189 – رقم الحديث 1553) .
                                باللَّه عليكِ سيِّدتي , ألَيس مُجَرَّد سَماع هذا الحديث مِن شأنه أن يُحرِّكَ في نَفْس المسلم على الفور رغبةً قويَّة في عمَل أيِّ شيء ينفع النَّاس ؟!

                                مثال أخير : روى الإمام مسلم في صحيحه عن أبي هُرَيْرة رضي اللَّه عنه , أنَّ رسولَ اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم قال : مَنْ دَعَا إلى هُدى كان له مِن الأجْر مِثْلَ أجُور مَنْ تَبِعَه , لا ينقصُ ذلكَ مِنْ أجورهم شيئًا , ومَنْ دَعَا إلى ضلالة كان عليْه من الإثْم مِثْل آثام مَنْ تَبِعَه , لا ينقصُ ذلك مِنْ آثامِهم شيْئًا . (صحيح مسلم – الجزء 4 – ص 2060 – رقم الحديث 2674) .
                                باللَّه عليكَ يا ابني الكريم , ألَيس مُجَرَّد سَماع هذا الحديث مِن شأنه أن يَملأ نَفْسَ المسلِم على الفور رغبةً في فعْل أيِّ شيء يَهدي به غيْرَه إلى طريق الخير ؟! وهل يُمكن أن يسمع مسلمٌ هذا الحديث دون أن يمتلئ رُعبًا مِن فعْل أيِّ شيء يُضلُّ به غيْرَه , فيكون قد حصَّل من الإثم مثل آثام كلّ مَن تَبِعَه إلى يوم القيامة ؟!
                                لا , لا يُمكن ! وقد أفلَح فعلاً مَنْ حرصَ مثَلاً على دعْوة الفتيات إلى لُبس الحجاب والملابس الفضفاضة , لأنَّه يُحصِّلُ بذلك مِن الأجْر مثل أجُور كلِّ اللاَّتي يستجبنَ لدَعْوته إلى يوم القيامة .
                                وقد خابَ في المقابل وخَسر مَن بذلَ طاقَته وجُهده لِدَعوة الفتيات إلى العُرْي والجري وراء الموضة , وشَنَّ حملات ضدَّ المحجَّبات , فعَلَيْه من الوِزْر مثل أَوْزار كلِّ اللاَّتي يَتَّبعْنَ دَعْوَته إلى يوم القيامة .
                                وكذلك الحال بالنِّسبة لِمَنْ يُصْدر قوانين يتحدَّى بها الخالِق , كأن يسمحَ بزواج الرَّجل من الرَّجل , أو يمنع المحجَّبات من الدِّراسة , فعَلَيْه من الإثْم مثل آثام كلِّ المسؤولين الذين يَقتدُون به فيُصدرُون قوانين مماثلة , بالإضافة إلى آثام كلِّ الرِّجال الذين يَتزوَّجُون تحت هذا القانون , أو الآثام المترتِّبة عن منع كلِّ فتاة مُحجَّبة من الدِّراسة !
                                وكذلك الحال بالنِّسبة لكلّ مَن يفتحُ للنَّاس بابًا للفساد , مثل أصحاب البارات والملاهي اللَّيليَّة وقاعات السِّينما الإباحيَّة , فعَلَيْهم من الإثم مثل آثام كلِّ الذين يدخلُون هذه الأماكن إلى قيام السَّاعة !
                                هل استشْعَرْتَ الآن يا بني الكريم , مَدَى خطورة أن تدعُو النَّاسَ إلى ضلالة ؟!
                                لكن في المقابل , إذا دعوْتَ النَّاس إلى هُدى أو فتحتَ لهم بابًا للخير , كأن بَنَيْتَ مسجدًا أو مدرسة أو دارًا للأيتام , فلكَ من الأجر مثل أجور كلّ من يستفيد من هذه الأماكن إلى قيام السَّاعة .
                                وعلى كلِّ حال , فإنَّ مِن رحمة اللَّه بعباده أن فتحَ لهم باب التَّوبة , فكلُّ مَنْ كان سببًا في إضلال غيره , يستطيع في أيِّ وقت أن يتوبَ إلى اللَّه ويُقلع عمَّا كان يفعلُه , لعلَّ الذين أضلَّهم يتوبُون أيضًا عندما يسمعُون بتَوْبته , فيكون له من الأجر مثل أجورهم جميعًا .

                                أما آن إذًا لِرؤساء الدُّوَل , والوزراء , والفنَّانين , وزعماء الدِّيانات الأخرى , وكُلّ ذَوِي المناصب والشُّهرة , أن تخشعَ قلوبُهم لِذِكْر اللَّه ؟! أما آن لهم أن يَدخلُوا في الإسلام لعلَّ اللَّه يهدي بسببهم العديد من أتباعهم , فينالُون بذلك أعلى مراتب الجنَّة , ورضوانًا من اللَّه أكْبر ؟! أسأل اللَّه أن يشرح صدورهم جميعًا للإسلام , آمين .
                                ------------------------------------------------
                                التالي بإذن الله تعالى:
                                عندما يتحدَّث القرآن عن السُّحُب والأمطار !
                                التعديل الأخير تم بواسطة محمد شبانه; 3 نوف, 2020, 02:18 ص.

                                وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ
                                وَلَوْلا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ
                                @إن كنت صفراً في الحياة.... فحاول أن تكون يميناً لا يسارا@
                                --------------------------------------
                                اللهم ارزقني الشهادة
                                اللهم اجعل همي الآخرة

                                تعليق

                                مواضيع ذات صلة

                                تقليص

                                المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
                                ابتدأ بواسطة فارس الميـدان, 5 أغس, 2024, 07:27 م
                                ردود 2
                                43 مشاهدات
                                0 ردود الفعل
                                آخر مشاركة فارس الميـدان
                                ابتدأ بواسطة د.أمير عبدالله, 26 يول, 2024, 03:53 م
                                ردود 0
                                23 مشاهدات
                                0 ردود الفعل
                                آخر مشاركة د.أمير عبدالله
                                ابتدأ بواسطة د.أمير عبدالله, 26 يول, 2024, 03:41 م
                                ردود 0
                                85 مشاهدات
                                0 ردود الفعل
                                آخر مشاركة د.أمير عبدالله
                                ابتدأ بواسطة fares_273, 15 يول, 2024, 08:01 ص
                                ردود 0
                                28 مشاهدات
                                0 ردود الفعل
                                آخر مشاركة fares_273
                                بواسطة fares_273
                                ابتدأ بواسطة وداد رجائي, 15 يون, 2024, 04:22 م
                                ردود 0
                                28 مشاهدات
                                0 ردود الفعل
                                آخر مشاركة وداد رجائي
                                بواسطة وداد رجائي
                                يعمل...