قال تعالى {وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا (106) قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لَا تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا (107) وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا (108) وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا (109)} الإسراء.
إعداد : باحث سلفي.
التفسير:
اختلف المفسرون في تفسير قوله [يخرون للأذقان سجدًا] هل السجود المقصود هنا يكون على الوجوه أم على الأذقان على قولين:ـ
الأول: للوجوه قاله ابن عباس رضي الله عنه [الطبري وعبدالرزاق وابن المنذر وعلقه البخاري] وبهذا قال قتادة [الطبري وعبدالرازق]
الثاني: اللحى قاله الحسن البصري: [الطبري وعبدالرزاق] ورجحه الطبري لظاهر النص، قال البخاري:"لِلْأَذْقَانِ:مُجْتَمَعُ اللَّحْيَيْنِ وَالْوَاحِدُ ذَقَنٌ".
وهو ظاهر تفسير محمد بن سيرين وأبو حنيفة كما في تهذيب الأثار للطبري حدثني المقدمي ، قال : حدثنا الحجاج ، قال : حدثنا أبو هلال ، قال : سئل محمد بن سيرين عن الرجل يسجد على أنفه ؟ فقال : أوما تقرأ : (يخرون للأذقان سجدا) وقال أبو حنيفة : « إن وضع الساجد أنفه بالأرض ولم يضع جبهته ، أو وضع جبهته ولم يضع أنفه أجزأه » [حجاج بن أرطاة فيه ضعف وأبو هلال الراسبي ضعيف]
وفسر الناس القول الأول أن الأية معناها يخرون ناحية الأذقان [وهي الأرض] سُجدًا على وجوههم.
والأية تتكلم عن الذين أوتوا العلم من قبل نزول القرآن (أي أهل الكتاب أو غيرهم ممن تحصل على العلم) إذا تُلى عليهم القرآن يقومون بهذا.
الخلاصة في تفسير هذه الأية الكريمة: أنها تتكلم عن قوم من أهل الكتاب (اليهود أو النصارى) أو ممن تحصل على العلم قبل نزول القرآن، إنهم إذا تلي عليهم القرآن فسمعوه، فإنهم يتأثرون به ويخضعون له، فيخرون على الأرض إما على جهة الأذقان أي للأرض ساجدين على جباههم، أو ساجدين على ذقونهم (لحاهم) ولا تتكلم الآية بالأصالة عن قوم سابقين بل تتكلم عن قوم معاصرين للنزول القرآن، وإن دلت بالإشارة على أن هذا هو سمت بعض السابقين في الخضوع والسجود لله عزوجل.
هل للأية علاقة بآثار مصرية قديمة تتضمن سجود بعض القدماء على أذقانهم؟!
هناك صورة على الشبكة لقطعة أثرية مرسوم فيها مجموعة من القدماء ساجدين على أذقانهم:
فبحثت عن أصلها فتبين لي التالي:
هذه القطعة الأثرية عثرت عليها البعثة الفرنسية المصرية ضمن أعداد كبيرة من القطع الأثرية الحجرية تدعى "التلاتات" "Talatat "وقد استعملت هذه القطع الأثرية قديمًا كحشو للصرح التاسع للملك حور محب، وكانت قبل ذلك جزءا من معبد أمنحتوب الرابع (إخناتون) حيث أن الأسر التالية لأخناتون قامت بهدم معابد هذا الأخير وطمس معالم تاريخه لأنهم كانوا يكفرونهم.
وهذه القطعة موجودة الآن في معبد أتون [اخناتون أو امنحتوب الرابع] بجوار تل العمارنة بالكرنك وهي قسم من معبد الكرنك الشاسع.
ثم نقول: لا يعني أن هذه القطعة الأثرية تصور أناسٌ يسجدون على أذقانهم التالي:
1ـ أن أسرة أخناتون كانت موحدة، بل هذا الأمر مشكوك فيه فما وصلنا من طريق علماء الأثار: أنه كان وثني يعبدُ الشمسَ ، وإن كان هذا الأمر غير يقيني أيضًا، فلا نجزم فيه بشيء إلا بالدليل القاطع.
2ـ لا نجزم أن هذه الطريقة هي الطريقة السائدة في السجود وقتها فربما هذه طقوس تعبدية وتحتمل أيضًا أن تكون طريقة لإظهار التبجيل والتعظيم للأشخاص كالملوك ونحوهم، فالقطع الأثرية منزوعة من سياقها فالجزم بالمسجود له ظني.
3ـ لو سلمنا أن أخناتون وأسرته وعهده يسجدون للشمس بهذه الطريقة، فقد تكون هذه الطريقة في السجود قد ورثوها عن أسلافهم الموحدين.وهذا أيضًا ظني.
لذلك لا نقطع بإثبات أو نفي بخصوص هذه المرسومات الأثرية.
وفي جميع الحالات الأية لم تقصد بالدلالة المباشرة أن القدماء كانوا يسجدون هكذا، بل تتكلم عن معاصرين لنزول القرآن على القول بأن الساجدين على ذقونهم وإلا فهناك قول على أنهم يسجدون على جباههم وأن المقصود بالذقون هنا هو اتجاه الخرور لا موضع السجود. وإن كانت الأية تتضمن بالإشارة الظنية إلى أن هذا سمت القدماء في السجود.
تنبيه: هناك قطع أثرية مشابهة هي ضمن هذه التلاتات يمكن الاطلاع عليها ضمن المراجع فليست القطعة الوحيدة المتضمنة لهذا النوع من السجود.
والله أعلم.
المراجع :
القرآن الكريم - تفسير الطبري - تفسير عبدالرزاق - تهذيب الآثار للطبري.
مواقع تهتم بالأثار:
http://www.semataui.de/NR/18.Dyn/18-10.htm
http://www.semataui.de/quelle/bild18ZAdyn.htm
الصورة Fremde vor Echnaton (18-10-09)
http://www.faszination-aegypten.de/Aegyptothek/Monumente/tempel_karnak.htm
http://www.alamy.com/stock-photo-rel...-51072543.html
http://www.alamy.com/stock-photo-a-f...-60338196.html
معلومات عن التلاتات:
http://mandomando334.blogspot.com.eg...g-post_15.html
صور من التلاتات:
http://www.gettyimages.com/photos/ta...rt=mostpopular
https://hiveminer.com/Tags/talatat
إعداد : باحث سلفي.
التفسير:
اختلف المفسرون في تفسير قوله [يخرون للأذقان سجدًا] هل السجود المقصود هنا يكون على الوجوه أم على الأذقان على قولين:ـ
الأول: للوجوه قاله ابن عباس رضي الله عنه [الطبري وعبدالرزاق وابن المنذر وعلقه البخاري] وبهذا قال قتادة [الطبري وعبدالرازق]
الثاني: اللحى قاله الحسن البصري: [الطبري وعبدالرزاق] ورجحه الطبري لظاهر النص، قال البخاري:"لِلْأَذْقَانِ:مُجْتَمَعُ اللَّحْيَيْنِ وَالْوَاحِدُ ذَقَنٌ".
وهو ظاهر تفسير محمد بن سيرين وأبو حنيفة كما في تهذيب الأثار للطبري حدثني المقدمي ، قال : حدثنا الحجاج ، قال : حدثنا أبو هلال ، قال : سئل محمد بن سيرين عن الرجل يسجد على أنفه ؟ فقال : أوما تقرأ : (يخرون للأذقان سجدا) وقال أبو حنيفة : « إن وضع الساجد أنفه بالأرض ولم يضع جبهته ، أو وضع جبهته ولم يضع أنفه أجزأه » [حجاج بن أرطاة فيه ضعف وأبو هلال الراسبي ضعيف]
وفسر الناس القول الأول أن الأية معناها يخرون ناحية الأذقان [وهي الأرض] سُجدًا على وجوههم.
والأية تتكلم عن الذين أوتوا العلم من قبل نزول القرآن (أي أهل الكتاب أو غيرهم ممن تحصل على العلم) إذا تُلى عليهم القرآن يقومون بهذا.
الخلاصة في تفسير هذه الأية الكريمة: أنها تتكلم عن قوم من أهل الكتاب (اليهود أو النصارى) أو ممن تحصل على العلم قبل نزول القرآن، إنهم إذا تلي عليهم القرآن فسمعوه، فإنهم يتأثرون به ويخضعون له، فيخرون على الأرض إما على جهة الأذقان أي للأرض ساجدين على جباههم، أو ساجدين على ذقونهم (لحاهم) ولا تتكلم الآية بالأصالة عن قوم سابقين بل تتكلم عن قوم معاصرين للنزول القرآن، وإن دلت بالإشارة على أن هذا هو سمت بعض السابقين في الخضوع والسجود لله عزوجل.
هل للأية علاقة بآثار مصرية قديمة تتضمن سجود بعض القدماء على أذقانهم؟!
هناك صورة على الشبكة لقطعة أثرية مرسوم فيها مجموعة من القدماء ساجدين على أذقانهم:
فبحثت عن أصلها فتبين لي التالي:
هذه القطعة الأثرية عثرت عليها البعثة الفرنسية المصرية ضمن أعداد كبيرة من القطع الأثرية الحجرية تدعى "التلاتات" "Talatat "وقد استعملت هذه القطع الأثرية قديمًا كحشو للصرح التاسع للملك حور محب، وكانت قبل ذلك جزءا من معبد أمنحتوب الرابع (إخناتون) حيث أن الأسر التالية لأخناتون قامت بهدم معابد هذا الأخير وطمس معالم تاريخه لأنهم كانوا يكفرونهم.
وهذه القطعة موجودة الآن في معبد أتون [اخناتون أو امنحتوب الرابع] بجوار تل العمارنة بالكرنك وهي قسم من معبد الكرنك الشاسع.
ثم نقول: لا يعني أن هذه القطعة الأثرية تصور أناسٌ يسجدون على أذقانهم التالي:
1ـ أن أسرة أخناتون كانت موحدة، بل هذا الأمر مشكوك فيه فما وصلنا من طريق علماء الأثار: أنه كان وثني يعبدُ الشمسَ ، وإن كان هذا الأمر غير يقيني أيضًا، فلا نجزم فيه بشيء إلا بالدليل القاطع.
2ـ لا نجزم أن هذه الطريقة هي الطريقة السائدة في السجود وقتها فربما هذه طقوس تعبدية وتحتمل أيضًا أن تكون طريقة لإظهار التبجيل والتعظيم للأشخاص كالملوك ونحوهم، فالقطع الأثرية منزوعة من سياقها فالجزم بالمسجود له ظني.
3ـ لو سلمنا أن أخناتون وأسرته وعهده يسجدون للشمس بهذه الطريقة، فقد تكون هذه الطريقة في السجود قد ورثوها عن أسلافهم الموحدين.وهذا أيضًا ظني.
لذلك لا نقطع بإثبات أو نفي بخصوص هذه المرسومات الأثرية.
وفي جميع الحالات الأية لم تقصد بالدلالة المباشرة أن القدماء كانوا يسجدون هكذا، بل تتكلم عن معاصرين لنزول القرآن على القول بأن الساجدين على ذقونهم وإلا فهناك قول على أنهم يسجدون على جباههم وأن المقصود بالذقون هنا هو اتجاه الخرور لا موضع السجود. وإن كانت الأية تتضمن بالإشارة الظنية إلى أن هذا سمت القدماء في السجود.
تنبيه: هناك قطع أثرية مشابهة هي ضمن هذه التلاتات يمكن الاطلاع عليها ضمن المراجع فليست القطعة الوحيدة المتضمنة لهذا النوع من السجود.
والله أعلم.
المراجع :
القرآن الكريم - تفسير الطبري - تفسير عبدالرزاق - تهذيب الآثار للطبري.
مواقع تهتم بالأثار:
http://www.semataui.de/NR/18.Dyn/18-10.htm
http://www.semataui.de/quelle/bild18ZAdyn.htm
الصورة Fremde vor Echnaton (18-10-09)
http://www.faszination-aegypten.de/Aegyptothek/Monumente/tempel_karnak.htm
http://www.alamy.com/stock-photo-rel...-51072543.html
http://www.alamy.com/stock-photo-a-f...-60338196.html
معلومات عن التلاتات:
http://mandomando334.blogspot.com.eg...g-post_15.html
صور من التلاتات:
http://www.gettyimages.com/photos/ta...rt=mostpopular
https://hiveminer.com/Tags/talatat