تويت
رسالة يعقوب .. الرسالة الفريدة في رسائل العهد الجديد!
رسالة يعقوب .. الرسالة الفريدة في رسائل العهد الجديد!
ـ السلام عليكم ورحمة الله ... حياكم الله اخواني الكرام
ـ بعد قراءة متأنية لرسالة يعقوب وددت أن أشرككم معي في كثير من الملاحظات التي تنفرد بها هذه الرسالة عن باقي رسائل وأسفار العهد الجديد... ولنبدأ على بركة الله...
1ـ الملاحظة الأولى:
تنفرد رسالة يعقوب عن باقي رسائل العهد الجديد (باسثناء يهوذا) في خلوها من أي ذكر لفكرة دم المسيح المسفوح أو أنه الحمل المذبوح الذي حمل خطايا العالم أو حتى حادثة الصلب أو حتى قيامة المسيح بعد صلبه والتي جعلها بولس محور كرازته... على نحو يجعل المرء يخمن أن مصدر كتابة رسائل بولس وبطرس ويوحنا وحتى أعمال الرسل هو مصدر واحد أو مستلهم من نفس المصدر .. بينما تنفرد رسالة يعقوب عن باقي الرسائل وكأن مصدر كتابتها مختلفاً..
==========================
2ـ الملاحظة الثانية:
لم يتم تقديم المسيح عليه السلام في هذه الرسالة على أنه ابن الله وذلك بخلاف ما جاء في رسائل بولس و بطرس ويوحنا.
==========================
3ـ الملاحظة الثالثة: وجهت رسالة يعقوب الى أسباط بني اسرائيل فقط :
(1 :1 يعقوب عبد الله و الرب يسوع المسيح يهدي السلام الى الاثني عشر سبطا الذين في الشتات)
وذلك يتوافق مع ما جاء في القرآن الكريم على لسان المسيح (وَرَسُولًا إِلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ)آل عمران 49، وما جاء في الأناجيل على لسان المسيح:
(متى 15 :24 فأجاب وقال: لم أرسل إلا إلى خراف بيت إسرائيل الضالة.)
ويتناسق مع وصية المسيح لتلاميذه في متى 10 :
(5 هؤلاء الاثنا عشر أرسلهم يسوع وأوصاهم قائلا: إلى طريق أمم لا تمضوا، وإلى مدينة للسامريين لا تدخلوا
6 بل اذهبوا بالحري إلى خراف بيت إسرائيل الضالة
7 وفيما أنتم ذاهبون اكرزوا قائلين: إنه قد اقترب ملكوت السماوات)
وأيضاً (اقتراب ملكوت السموات) هو عين ما جاء في رسالة يعقوب الاصحاح الخامس:
(5 :7 فتانوا ايها الاخوة الى مجيء الرب...
5 :8 ........ لان مجيء الرب قد اقترب
5 :9 ...... هوذا الديان واقف قدام الباب)
==========================
4ـ الملاحظة الرابعة:أمثلة راقية
يستخدم يعقوب في رسالته أمثلة راقية للوعظ والنصح ،، فيبدأ الاصحاح الثالث بانزعاجه من كثرة الأحبار والمعلمين في هذه الفترة وخطورة هذه الكثرة والتي قد تؤدي الى تضييع الدين.. فكثرة المعلمين تعني كثرة الكلام وكثرة الكلام تعني كثرة الأخطاء والأمر لا يحتاج هذا الكم الهائل.. فالسفن العظيمة تديرها دفة صغيرة وأيضا اللسان ذلك العضو الصغير يعبرعن صاحبه ككل... ثم يشدد على خطورة اللسان و يؤكد أن اللسان الذي يبارك الله لا يصح أن يلعن الانسان الذي هو صورة الله... فلا يوجد ينبوعاً يجتمع فيه الماء العذب و الماء المر.. نقرأ سوياً:
3 :1 لا تكونوا معلمين كثيرين يا اخوتي عالمين اننا ناخذ دينونة اعظم
3 :2 لاننا في اشياء كثيرة نعثر جميعنا ان كان احد لا يعثر في الكلام فذاك رجل كامل قادر ان يلجم كل الجسد ايضا
3 :3 هوذا الخيل نضع اللجم في افواهها لكي تطاوعنا فندير جسمها كله
3 :4 هوذا السفن ايضا و هي عظيمة بهذا المقدار و تسوقها رياح عاصفة تديرها دفة صغيرة جدا الى حيثما شاء قصد المدير
3 :5 هكذا اللسان ايضا هو عضو صغير و يفتخر متعظما هوذا نار قليلة اي وقود تحرق
3 :6 فاللسان نار عالم الاثم هكذا جعل في اعضائنا اللسان الذي يدنس الجسم كله و يضرم دائرة الكون و يضرم من جهنم
3 :7 لان كل طبع للوحوش و الطيور و الزحافات و البحريات يذلل و قد تذلل للطبع البشري
3 :8 و اما اللسان فلا يستطيع احد من الناس ان يذللـه هو شر لا يضبط مملو سما مميتا
3 :9 به نبارك الله و به نلعن الناس الذين قد تكونوا على شبه الله
3 :10 من الفم الواحد تخرج بركة و لعنة لا يصلح يا اخوتي ان تكون هذه الامور هكذا
3 :11 العل ينبوعا ينبع من نفس عين واحدة العذب و المر
==========================
5ـ خامساً:
يستخدم يعقوب في الاصحاح الخامس التعبير: (لان الرب كثير الرحمة و رؤوف).. ولا نجد تعبير مماثل على مدى جميع أسفار و رسائل العهد الجديد، على الجانب الآخر نجد تشابها كبيراً مع الأسلوب القرآني: (إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ).
==========================
6- سادساً:
يشترك القرآن الكريم مع رسالة يعقوب في مثال لا يوجد في كل أسفار العهدين القديم والجديد الا في رسالة يعقوب فقط وتحديداً بداية الاصحاح الخامس .. نقرأ سوياً:
5 :1 هلم الان ايها الاغنياء ابكوا مولولين على شقاوتكم القادمة
5 :2 غناكم قد تهرا و ثيابكم قد اكلها العث
5 :3 ذهبكم و فضتكم قد صدئا و صداهما يكون شهادة عليكم و ياكل لحومكم كنار قد كنزتم في الايام الاخيرة
ونجد نفس الكلام تقريبا يصدق عليه القرآن الكريم في سورة التوبة:
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيرًا مِّنَ الْأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ ۗ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (34)يَوْمَ يُحْمَىٰ عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَىٰ بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ ۖ هَٰذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ (35)...
ربما يظهر الفارق الوحيد بين المثالين في هيمنة القرآن الكريم في ابراز أن سبب عذاب كانزي الذهب والفضة هو عدم الانفاق في سبيل الله أي عدم اخراج الزكاة.. وهذا غير واضح في رسالة يعقوب.. يتذكر المرء قول النجاشي حين قرأ عليه جعفر بن أبي طالب جزءاً من القرآن (إن هذا والذي جاء به عيسى ليخرج من مشكاة واحدة).. فسبحان الله والحمد لله رب العالمين..
