بسم الله الرحمن الرحيم
أحمد الله تبارك وتعالى وأثنى عليه كما ينبغى لجلال وجهه ولعظيم سلطانه وأصلى وأسلم على عبده ورسوله محمد الهادي النذير البشير وبعد ..
يؤمن المسلمون أن الله أرسل الرسل الى قومهم لدعوتهم وهدايتهم الى عبادة الله وحده وترك الشرك وعبادة الاوثان واثبات الالوهية والعبادة لله وحده وقد أنزل الله معهم الكتب التى يؤمن بها المسلمون ومنها التوراة التى انزلها الله على موسى والانجيل الذى انزله الله على عيسى .
وقد بقيت بقايا من هذه الكتب بين أيدي أهل الكتاب من اليهود والنصارى حتى جاء النبى الخاتم محمد صلى الله عليه وسلم بالقرآن الكريم مصدقا لما بين أيديهم من الحق وكاشفا لما حرفوه وبدلوه وغيروه من باطل ومهيمنا على كل ما سبقه من الكتب وحافظا لما أراده الله من عباده من عقيدة وشريعة إلى يوم القيامه .
وقد يظن بعض المسلمين بالخطأ أن توراة موسى وانجيل عيسى هما ما يوجد بين أيدي المسيحيين اليوم ويسمونه الكتاب المقدس ويحتوى على قسمين رئيسيين هما العهد القديم (يقولون أنه التوراة) والعهد الجديد (يقولون أنه الإنجيل) نوضح بعض الحقائق التاليه ….
إن الكتاب المقدس لم يكن له أى وجود قبل منتصف القرن الرابع الميلادى .
فأما العهد القديم واختيار ما فيه من كتابات فكما نجد فى كتاب (ثقتي في التوراة والإنجيل) بقلم جوش مكدويل ترجمة القس منيس عبد النور :
ثانياً – قانونية العهد القديم:
ـ 1 ـ انتهى نظام تقديم الذبائح اليهودية بتدمير الهيكل عام 70 م وتشتت اليهود، فأصبحوا في حاجة إلى تحديد الأسفار الموحى بها من الله، لكثرة الكتب التي كانت بين أيديهم، وهكذا صار اليهود أهل الكتاب الواحد الذي يجمعهم جميعاً.
وتحديدا في حالة العهد القديم (“التناخ” بالعبرية) تعددت النظريات حول متى تم تحديد الأسفار القانونية دون غيرها، وأبرز تلك النظريات وأكثرها شيوعًا (حتى في الكتابات المسيحية المحافظة والكتابات الاسلامية) هي تلك التي تقول أن أسفار العهد القديم القانونية جرى إختيارها في مجمع تم عقده في جامنيا (في إسرائيل) عام 90م.
فلم يعرف العالم كتاب العهد القديم (التوراة) بهذا الشكل قبل عام 90م أى بعد موسى النبى بأكثر من 15 قرن من الزمان .
وبالنسبه للعهد الجديد (الانجيل) فقد تم تحديد أسفاره المقبوله عند الكنائس المسيحيه عام 367م بواسطة اثناسيوس بطريرك الاسكندريه كما ورد فى كتابات المسيحيين :
كتاب المدخل إلى العهد القديم للدكتور القس صمؤيل يوسف صــ 17 (( ويشير وليم باركلي بأن أول قائمة لأسفار العهد الجديد كما هي بين أيدينا ظهرت في رسالة القيامة التاسعة والثلاثين لأثناسيوس عام 367 م بمعنى أن العهد الجديد استغرق ما يزيد عن ثلاثة قرون حتى يظهر في صورته الحالية .))
فلم تعرف الكنائس المسيحيه كتابها قبل أكثر من ثلاثة قرون من زمن المسيح عليه السلام ، وخلال هذه الفترة كانت الكنائس والطوائف المسيحية فى تناحر واختلاف حتى قتل بعضهم بعضا وحرقوا كتب بعضهم بعضا واتهموا بعضهم بالكفر والزندقة والتحريف والتبديل حتى تم فرض الكتب التى اختارها البطريرك اثناسيوس بقوة السيف على الطوائف المسيحيه ولكن أيضا يذكر القمص تادرس يعقوب ملطى فى كتابه نظرة شاملة فى علم الباترولوجى فى الستة قرون الأولى وفى صفحة 44 أن أول من قام بكتابة قائمة بأسفار العهد الجديد السبعة وعشرين هو البابا أثناسيوس الرسول البطريرك العشرين فى عداد بطاركة الإسكندرية وقد ذكر هذا فى إحدى رسائله عام 367 وتم إقرارها فى مجمع خلقدونية عام 451 وبهذا كانت نهاية الخلاف حول أسفار العهد الجديد الذى أتفق الجميع على قانونيتها بينما ظل الخلاف قائما بين الكنائس والطوائف المختلفة حول أسفار العهد القديم . ولقد ذكر القس فهيم عزيز هذا الأمر صراحة فى كتابه مدخل إلى العهد الجديد فى صفحة 145
حيث قال أن تقنين أسفار العهد الجديد لم يتم مرة واحدة ولم يكفيها جيل واحد أو جيلان ولكن أستمر هذا الأمر هذا الأمر مدة طويلة ولم يكن موقف الكنائس من قبول الأسفار واحدا ولكن إختلفت أراءها فى بعض الأسفار .
وحتى يومنا هذا نجد أن الكتاب المقدس عند كنيسة البروتستانت 66 سفرا (كتاب) وعند كنيسة الارثوزكس والكاثوليك 73 سفرا وعند كنيسة اثيوبيا 81 سفرا ومازالت الكنائس فى اختلاف فى تحديد اسفار الكتاب المقدس وصحة نسبتها الى من كتبها .
وحتى ما يبرر به اليهود والنصارى صحة هذه الكتب وهى المخطوطات التى وجدوها فى الكهوف والصحارى ولا يدرون من كتبها وأين ولماذا كتبها ولكنهم يعتبروها الدليل على صحة ما بين أيديهم من كتب ، من يدقق فيها ويدرسها يعلم أنها دليل على تحريف هذه الكتب واخفاء الكثير منها حيث نجد المئات بل الآلاف من الاخطاء والإختلافات بين هذه المخطوطات بل وتحتوى من الاسفار والكتابات ما ينكر أصحاب الكتاب انفسهم صحتها وقانونيتها مثل : المخطوطة السينائية والتى تحتوى على رسالة برنابا ورسالة الراعي هرماس كما يقول كتاب مخطوطات الكتاب المقدس بلغاته الأصلية للدكتور القس شنودة ماهر إسحق صــ 40 (( وهو يحتوي على رسالة برنابا وجزء من كتاب الراعي لهرماس ))
مع العلم أن رسالة برنابا وكتاب الراعى هرمس تعتبرها الكنائس من الكتب المزيفه (الغير قانونيه) ، فعلى أى أساس يختار القوم كتبهم ويحددون أيها المزيف وأيها الحقيقي ، لا أحد يعرف حتى اليوم ..!!
والآن اذا كان الله هو الذى اوحى بالكتب السابقه للقرآن ( صحف ابراهيم وتوراة موسى وزابور داوود وانجيل عيسى ) فلماذا لم يحفظها من التحريف كما يحفظ القرآن ؟ وكيف نتأكد ان القرآن لم ولن يناله التحريف كم نال الكتب السابقه ؟ ثم اذا قلنا ان كتاب الله قد تم تحريفه على يد بشر اليس فى هذا انتقاص من قدرة الله على حفظ كلامه وكتابه من التحريف ؟ ..
ما الفرق بين القرآن والكتب السابقه له ؟
نقول ابتداءً أن الله لم يتعهد بحفظ الكتب السابقه للقرآن من التحريف ولكنه أمر القوم الذين أنزل اليهم هذه الكتب بحفظها ابتلاء واختبار لهم وقد ورد هذا فى الكتاب المقدس :
جاء في سفر التثنية [ 4 : 2 ] قول الرب :
((لا تزيدوا على الكلام الذي أنا أوصيكم به ولا تنقصوا منه، لتحفظوا وصايا الرب إلهكم التي أنا أوصيكم بها.))
وجاء في سفر التثنية [ 12 : 32 ] قول الرب :
(( كل الكلام الذي أوصيكم به احرصوا لتعملوه لاتزد عليه ولا تنقص منه . ))
وجاء في سفر الأمثال [ 30 : 5 _ 6 ] :
(( كل كلمة من الله نقية. ترس هو للمحتمين به. لا تزد على كلماته لئلا يوبخك فتكذّب ))
وهذا ما ذكره القرآن عن الكتب السابقه فى قول الله : {إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُواْ لِلَّذِينَ هَادُواْ وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُواْ مِن كِتَابِ اللّهِ وَكَانُواْ عَلَيْهِ شُهَدَاء فَلاَ تَخْشَوُاْ النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلاَ تَشْتَرُواْ بِآيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ }المائدة44
وهذا ما أكده بولس الرسول فى رسالته الى اهل روميه والذى ذكر فيها أن الله استأمن اليهود على أقواله ولكنهم لم يكونوا امناء : رومية 3 عدد2: (اما اولا فلانهم استؤمنوا على أقوال الله. (3) فماذا ان كان قوم لم يكونوا امناء.أفلعل عدم امانتهم يبطل امانة الله)
وفى اعمال الرسل عدد 53 : (الذين أخذتم الناموس بترتيب ملائكة ولم تحفظوه)
وأما القرآن فقد ذكر الله صراحة فى كتابه تعهده بحفظه وجمعه فقال {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}الحجر9 والذِكر هنا هو القرآن لأن الله قال قبل هذه الآيه { وَقَالُواْ يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ} والكلام هنا موجه لرسول الله محمد صلى الله عليه وسلم ، زمن أدلة أمكانية وقوع التحريف فى الكتب السابقه للقرآن هو أن الله قد ذكر فى هذه الكتب تهديدا ووعيدا لمن يحرف كلام الله وجعل عقوبة تقع على من يقوم بالتحريف فعندما يضع مشرع قانون يعاقب على جريمه يستحيل ويمتنع وقوعها مطلقا يعد هذا سفه وعبث من المشرع , اذ ان المشرع الذى يضع القوانين ليس عليه الا ان يضع العقوبات للجرائم ممكنة الوقوع اما الجرائم التى لا يمكن ان تقع فلا توضع لها عقوبه لاستحالة وقوعها , ومن هذا ما نجده فى القرآن ان الله سبحانه وتعالى عندما تعهد بالحفظ للقرآن لم يضع عقوبه ولا من باب التهديد لمن يتجرأ على مثل هذه الفعله لان الله عندما تعهد بالحفظ فقد انتفى احتمالية حدوثها او امكانية ان يحاول شخص التحريف لان الله مانعه بتعهده للحفظ – فكانت حدوث التحريف مستحيل فبالتالى لا يمكن وضع عقوبه له …. هذا من جانب وفى الجانب الاخر فى الكتاب المقدس نجد هذا النص التهديدى والذى يضع عقوبه لمن يقوم بتحريف الكتاب .. سفر الرؤيا اصحاح 22 : 19 (وإن كان أحد يحذف من أقوال كتاب هذه النبوة، يحذف الله نصيبه من سفر الحياة، ومن المدينة المقدسة، ومن المكتوب في هذا الكتاب.)
بل لقد ذكر الكتاب نفسه وقوع التحريف والتبديل فى داخله فى نصوص أخرى :
مرقس 7 : 13 ” مبطلين كلام الله بتقليدكم الذي سلمتموه.وأمورا كثيرة مثل هذه تفعلون”
ارميا 5 : 31 ” الانبياء يتنبأون بالكذب والكهنة تحكم على ايديهم وشعبي هكذا احب.وماذا تعملون في آخرتها”
ارميا 23 : 36 ” اما وحي الرب فلا تذكروه بعد لان كلمة كل انسان تكون وحيه اذ قد حرّفتم كلام الاله الحي رب الجنود الهنا”
ارميا 8 : 8 ” كيف تقولون نحن حكماء وشريعة الرب معنا.حقا انه الى الكذب حوّلها قلم الكتبة الكاذب”
وكما ذكرنا أن المخطوطات الموجوده حاليا إنما هى نسخ منقوله وليست النسخه الاصليه للكتاب كما أن العثور عليها فى صحارى وكهوف يثير الشكوك حولها لعدم معرفة كاتبها والجهل به مما يعنى عدم الثقه فيه وأمانته فى النقل ، وجود اختلافات كثيره بين هذه المخطوطات واعتراف علماء المسيحيه بوقوع اخطاء متعمده أو غير متعمده أثناء نسخ المخطوطات ، وهذا من أنواع التحريف خاصة مع ضياع الأصل فمثلا تقول الترجمة الرهبانية اليسوعية : ص12، ص13، مقدمة العهد الجديد .
{إنَّ نُسَخَ العهد الجديد التي وصلت إلينا ليست كلها واحدة بل يُمكن المرء أن يرى فيها فوارق مختلفة الأهمية ولكن عددها كثيرٌ جداً على كل حال، هناك طائفة من الفوارق لا تتناول سوى بعض قواعد الصرف والنحو أو الألفاظ أو ترتيب الكلام، ولكن هناك فوراق أخرى بين المخطوطات تتناول معنى فقرات برمتها.
واكتشاف مصدر هذه الفوارق ليس بالأمر العسير ، فإن نص العهد الجديد قد نسخ ثم نسخ طوال قرون كثيرة بيد نساخ صلاحهم للعمل متفاوت ، وما من واحد منهم معصوم من مختلف الأخطاء التي تحول دون أن تتصف أي نسخة كانت – مهما بُذل فيها من الجهد بالموافقة التامة للمثال الذي أخذت عنه ، يُضاف إلى ذلك أن بَعْضَ النُّسَّاخِ حاولوا أحياناً ، عن حُسْنِ نية أن يُصَوِّبُوا ما جاء في مِثَالِهم وبَدَا لهم أنه يحتوي أخطاء واضحة أو قلة دقة في التعبير اللاهوتي ، وهكذا أدخلوا إلى النص قراءات جديدة تكاد أن تكون كلها خطأ ، ثم يمكن أن يضاف إلى ذلك كله أن استعمال كثير من الفقرات من العهد الجديد في أثناء إقامة شعائر العبادة أدَّى أحيانا كثيرة إلى إدخال زخارف غايتها تجميل الطقس أو إلى التوفيق بين نصوص مختلفة ساعدت عليه التلاوة بصوت عالٍ .
ومن الواضح أن ما أدخله النساخ من التبديل على مَرِّ القرون تراكم بعضُه على بعضِه الآَخَر . فكان النَّصُّ الذي وصل آخرَ الأمرِ إلى عهد الطباعة مُثْقَلاً بمختلف ألوان التبديل ، ظهرت في عدد كبير من القراءات } .
وقد تخطى الأمر الجهل بكاتب المخطوطات الى الجهل بكاتب الاسفار او الكتب المقدسه ذاتها فيقول كتاب (التفسير التطبيقى للكتاب المقدس) والذى أعده فريق من الرعاة والمعلمين من مختلف الطوائف المسيحيه وهيئات الخدمه المختلفه عند كلامه عن اسفار (راعوث ، صموئيل الثانى ، الملوك الأول والثانى ، أستير و غيرها من الأسفار) فى التعريف بالكاتب أن الكاتب غير معروف مع ذكر الكاتب فى اسفار أخرى مع قولهم (على الأرجح) أى بصوره غير مؤكده ..! وهذا ما يذكره أيضا الأب (متى المسكين) فى كتابه النبوة والأنبياء فى العهد القديم وغيرهم من علماء المسيحيه ..!
فكيف يثق قوما بكتاب لا يعرفون كاتبه وجائهم من مخطوطات عثروا عليها فى الكهوف ولا يعرفون من كتبها وأين ويقولون أنها وحى من عند الله وأنها مقدسه ؟!
أحمد الله تبارك وتعالى وأثنى عليه كما ينبغى لجلال وجهه ولعظيم سلطانه وأصلى وأسلم على عبده ورسوله محمد الهادي النذير البشير وبعد ..
يؤمن المسلمون أن الله أرسل الرسل الى قومهم لدعوتهم وهدايتهم الى عبادة الله وحده وترك الشرك وعبادة الاوثان واثبات الالوهية والعبادة لله وحده وقد أنزل الله معهم الكتب التى يؤمن بها المسلمون ومنها التوراة التى انزلها الله على موسى والانجيل الذى انزله الله على عيسى .
وقد بقيت بقايا من هذه الكتب بين أيدي أهل الكتاب من اليهود والنصارى حتى جاء النبى الخاتم محمد صلى الله عليه وسلم بالقرآن الكريم مصدقا لما بين أيديهم من الحق وكاشفا لما حرفوه وبدلوه وغيروه من باطل ومهيمنا على كل ما سبقه من الكتب وحافظا لما أراده الله من عباده من عقيدة وشريعة إلى يوم القيامه .
وقد يظن بعض المسلمين بالخطأ أن توراة موسى وانجيل عيسى هما ما يوجد بين أيدي المسيحيين اليوم ويسمونه الكتاب المقدس ويحتوى على قسمين رئيسيين هما العهد القديم (يقولون أنه التوراة) والعهد الجديد (يقولون أنه الإنجيل) نوضح بعض الحقائق التاليه ….
إن الكتاب المقدس لم يكن له أى وجود قبل منتصف القرن الرابع الميلادى .
فأما العهد القديم واختيار ما فيه من كتابات فكما نجد فى كتاب (ثقتي في التوراة والإنجيل) بقلم جوش مكدويل ترجمة القس منيس عبد النور :
ثانياً – قانونية العهد القديم:
ـ 1 ـ انتهى نظام تقديم الذبائح اليهودية بتدمير الهيكل عام 70 م وتشتت اليهود، فأصبحوا في حاجة إلى تحديد الأسفار الموحى بها من الله، لكثرة الكتب التي كانت بين أيديهم، وهكذا صار اليهود أهل الكتاب الواحد الذي يجمعهم جميعاً.
وتحديدا في حالة العهد القديم (“التناخ” بالعبرية) تعددت النظريات حول متى تم تحديد الأسفار القانونية دون غيرها، وأبرز تلك النظريات وأكثرها شيوعًا (حتى في الكتابات المسيحية المحافظة والكتابات الاسلامية) هي تلك التي تقول أن أسفار العهد القديم القانونية جرى إختيارها في مجمع تم عقده في جامنيا (في إسرائيل) عام 90م.
فلم يعرف العالم كتاب العهد القديم (التوراة) بهذا الشكل قبل عام 90م أى بعد موسى النبى بأكثر من 15 قرن من الزمان .
وبالنسبه للعهد الجديد (الانجيل) فقد تم تحديد أسفاره المقبوله عند الكنائس المسيحيه عام 367م بواسطة اثناسيوس بطريرك الاسكندريه كما ورد فى كتابات المسيحيين :
كتاب المدخل إلى العهد القديم للدكتور القس صمؤيل يوسف صــ 17 (( ويشير وليم باركلي بأن أول قائمة لأسفار العهد الجديد كما هي بين أيدينا ظهرت في رسالة القيامة التاسعة والثلاثين لأثناسيوس عام 367 م بمعنى أن العهد الجديد استغرق ما يزيد عن ثلاثة قرون حتى يظهر في صورته الحالية .))
فلم تعرف الكنائس المسيحيه كتابها قبل أكثر من ثلاثة قرون من زمن المسيح عليه السلام ، وخلال هذه الفترة كانت الكنائس والطوائف المسيحية فى تناحر واختلاف حتى قتل بعضهم بعضا وحرقوا كتب بعضهم بعضا واتهموا بعضهم بالكفر والزندقة والتحريف والتبديل حتى تم فرض الكتب التى اختارها البطريرك اثناسيوس بقوة السيف على الطوائف المسيحيه ولكن أيضا يذكر القمص تادرس يعقوب ملطى فى كتابه نظرة شاملة فى علم الباترولوجى فى الستة قرون الأولى وفى صفحة 44 أن أول من قام بكتابة قائمة بأسفار العهد الجديد السبعة وعشرين هو البابا أثناسيوس الرسول البطريرك العشرين فى عداد بطاركة الإسكندرية وقد ذكر هذا فى إحدى رسائله عام 367 وتم إقرارها فى مجمع خلقدونية عام 451 وبهذا كانت نهاية الخلاف حول أسفار العهد الجديد الذى أتفق الجميع على قانونيتها بينما ظل الخلاف قائما بين الكنائس والطوائف المختلفة حول أسفار العهد القديم . ولقد ذكر القس فهيم عزيز هذا الأمر صراحة فى كتابه مدخل إلى العهد الجديد فى صفحة 145
حيث قال أن تقنين أسفار العهد الجديد لم يتم مرة واحدة ولم يكفيها جيل واحد أو جيلان ولكن أستمر هذا الأمر هذا الأمر مدة طويلة ولم يكن موقف الكنائس من قبول الأسفار واحدا ولكن إختلفت أراءها فى بعض الأسفار .
وحتى يومنا هذا نجد أن الكتاب المقدس عند كنيسة البروتستانت 66 سفرا (كتاب) وعند كنيسة الارثوزكس والكاثوليك 73 سفرا وعند كنيسة اثيوبيا 81 سفرا ومازالت الكنائس فى اختلاف فى تحديد اسفار الكتاب المقدس وصحة نسبتها الى من كتبها .
وحتى ما يبرر به اليهود والنصارى صحة هذه الكتب وهى المخطوطات التى وجدوها فى الكهوف والصحارى ولا يدرون من كتبها وأين ولماذا كتبها ولكنهم يعتبروها الدليل على صحة ما بين أيديهم من كتب ، من يدقق فيها ويدرسها يعلم أنها دليل على تحريف هذه الكتب واخفاء الكثير منها حيث نجد المئات بل الآلاف من الاخطاء والإختلافات بين هذه المخطوطات بل وتحتوى من الاسفار والكتابات ما ينكر أصحاب الكتاب انفسهم صحتها وقانونيتها مثل : المخطوطة السينائية والتى تحتوى على رسالة برنابا ورسالة الراعي هرماس كما يقول كتاب مخطوطات الكتاب المقدس بلغاته الأصلية للدكتور القس شنودة ماهر إسحق صــ 40 (( وهو يحتوي على رسالة برنابا وجزء من كتاب الراعي لهرماس ))
مع العلم أن رسالة برنابا وكتاب الراعى هرمس تعتبرها الكنائس من الكتب المزيفه (الغير قانونيه) ، فعلى أى أساس يختار القوم كتبهم ويحددون أيها المزيف وأيها الحقيقي ، لا أحد يعرف حتى اليوم ..!!
والآن اذا كان الله هو الذى اوحى بالكتب السابقه للقرآن ( صحف ابراهيم وتوراة موسى وزابور داوود وانجيل عيسى ) فلماذا لم يحفظها من التحريف كما يحفظ القرآن ؟ وكيف نتأكد ان القرآن لم ولن يناله التحريف كم نال الكتب السابقه ؟ ثم اذا قلنا ان كتاب الله قد تم تحريفه على يد بشر اليس فى هذا انتقاص من قدرة الله على حفظ كلامه وكتابه من التحريف ؟ ..
ما الفرق بين القرآن والكتب السابقه له ؟
نقول ابتداءً أن الله لم يتعهد بحفظ الكتب السابقه للقرآن من التحريف ولكنه أمر القوم الذين أنزل اليهم هذه الكتب بحفظها ابتلاء واختبار لهم وقد ورد هذا فى الكتاب المقدس :
جاء في سفر التثنية [ 4 : 2 ] قول الرب :
((لا تزيدوا على الكلام الذي أنا أوصيكم به ولا تنقصوا منه، لتحفظوا وصايا الرب إلهكم التي أنا أوصيكم بها.))
وجاء في سفر التثنية [ 12 : 32 ] قول الرب :
(( كل الكلام الذي أوصيكم به احرصوا لتعملوه لاتزد عليه ولا تنقص منه . ))
وجاء في سفر الأمثال [ 30 : 5 _ 6 ] :
(( كل كلمة من الله نقية. ترس هو للمحتمين به. لا تزد على كلماته لئلا يوبخك فتكذّب ))
وهذا ما ذكره القرآن عن الكتب السابقه فى قول الله : {إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُواْ لِلَّذِينَ هَادُواْ وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُواْ مِن كِتَابِ اللّهِ وَكَانُواْ عَلَيْهِ شُهَدَاء فَلاَ تَخْشَوُاْ النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلاَ تَشْتَرُواْ بِآيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ }المائدة44
وهذا ما أكده بولس الرسول فى رسالته الى اهل روميه والذى ذكر فيها أن الله استأمن اليهود على أقواله ولكنهم لم يكونوا امناء : رومية 3 عدد2: (اما اولا فلانهم استؤمنوا على أقوال الله. (3) فماذا ان كان قوم لم يكونوا امناء.أفلعل عدم امانتهم يبطل امانة الله)
وفى اعمال الرسل عدد 53 : (الذين أخذتم الناموس بترتيب ملائكة ولم تحفظوه)
وأما القرآن فقد ذكر الله صراحة فى كتابه تعهده بحفظه وجمعه فقال {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}الحجر9 والذِكر هنا هو القرآن لأن الله قال قبل هذه الآيه { وَقَالُواْ يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ} والكلام هنا موجه لرسول الله محمد صلى الله عليه وسلم ، زمن أدلة أمكانية وقوع التحريف فى الكتب السابقه للقرآن هو أن الله قد ذكر فى هذه الكتب تهديدا ووعيدا لمن يحرف كلام الله وجعل عقوبة تقع على من يقوم بالتحريف فعندما يضع مشرع قانون يعاقب على جريمه يستحيل ويمتنع وقوعها مطلقا يعد هذا سفه وعبث من المشرع , اذ ان المشرع الذى يضع القوانين ليس عليه الا ان يضع العقوبات للجرائم ممكنة الوقوع اما الجرائم التى لا يمكن ان تقع فلا توضع لها عقوبه لاستحالة وقوعها , ومن هذا ما نجده فى القرآن ان الله سبحانه وتعالى عندما تعهد بالحفظ للقرآن لم يضع عقوبه ولا من باب التهديد لمن يتجرأ على مثل هذه الفعله لان الله عندما تعهد بالحفظ فقد انتفى احتمالية حدوثها او امكانية ان يحاول شخص التحريف لان الله مانعه بتعهده للحفظ – فكانت حدوث التحريف مستحيل فبالتالى لا يمكن وضع عقوبه له …. هذا من جانب وفى الجانب الاخر فى الكتاب المقدس نجد هذا النص التهديدى والذى يضع عقوبه لمن يقوم بتحريف الكتاب .. سفر الرؤيا اصحاح 22 : 19 (وإن كان أحد يحذف من أقوال كتاب هذه النبوة، يحذف الله نصيبه من سفر الحياة، ومن المدينة المقدسة، ومن المكتوب في هذا الكتاب.)
بل لقد ذكر الكتاب نفسه وقوع التحريف والتبديل فى داخله فى نصوص أخرى :
مرقس 7 : 13 ” مبطلين كلام الله بتقليدكم الذي سلمتموه.وأمورا كثيرة مثل هذه تفعلون”
ارميا 5 : 31 ” الانبياء يتنبأون بالكذب والكهنة تحكم على ايديهم وشعبي هكذا احب.وماذا تعملون في آخرتها”
ارميا 23 : 36 ” اما وحي الرب فلا تذكروه بعد لان كلمة كل انسان تكون وحيه اذ قد حرّفتم كلام الاله الحي رب الجنود الهنا”
ارميا 8 : 8 ” كيف تقولون نحن حكماء وشريعة الرب معنا.حقا انه الى الكذب حوّلها قلم الكتبة الكاذب”
وكما ذكرنا أن المخطوطات الموجوده حاليا إنما هى نسخ منقوله وليست النسخه الاصليه للكتاب كما أن العثور عليها فى صحارى وكهوف يثير الشكوك حولها لعدم معرفة كاتبها والجهل به مما يعنى عدم الثقه فيه وأمانته فى النقل ، وجود اختلافات كثيره بين هذه المخطوطات واعتراف علماء المسيحيه بوقوع اخطاء متعمده أو غير متعمده أثناء نسخ المخطوطات ، وهذا من أنواع التحريف خاصة مع ضياع الأصل فمثلا تقول الترجمة الرهبانية اليسوعية : ص12، ص13، مقدمة العهد الجديد .
{إنَّ نُسَخَ العهد الجديد التي وصلت إلينا ليست كلها واحدة بل يُمكن المرء أن يرى فيها فوارق مختلفة الأهمية ولكن عددها كثيرٌ جداً على كل حال، هناك طائفة من الفوارق لا تتناول سوى بعض قواعد الصرف والنحو أو الألفاظ أو ترتيب الكلام، ولكن هناك فوراق أخرى بين المخطوطات تتناول معنى فقرات برمتها.
واكتشاف مصدر هذه الفوارق ليس بالأمر العسير ، فإن نص العهد الجديد قد نسخ ثم نسخ طوال قرون كثيرة بيد نساخ صلاحهم للعمل متفاوت ، وما من واحد منهم معصوم من مختلف الأخطاء التي تحول دون أن تتصف أي نسخة كانت – مهما بُذل فيها من الجهد بالموافقة التامة للمثال الذي أخذت عنه ، يُضاف إلى ذلك أن بَعْضَ النُّسَّاخِ حاولوا أحياناً ، عن حُسْنِ نية أن يُصَوِّبُوا ما جاء في مِثَالِهم وبَدَا لهم أنه يحتوي أخطاء واضحة أو قلة دقة في التعبير اللاهوتي ، وهكذا أدخلوا إلى النص قراءات جديدة تكاد أن تكون كلها خطأ ، ثم يمكن أن يضاف إلى ذلك كله أن استعمال كثير من الفقرات من العهد الجديد في أثناء إقامة شعائر العبادة أدَّى أحيانا كثيرة إلى إدخال زخارف غايتها تجميل الطقس أو إلى التوفيق بين نصوص مختلفة ساعدت عليه التلاوة بصوت عالٍ .
ومن الواضح أن ما أدخله النساخ من التبديل على مَرِّ القرون تراكم بعضُه على بعضِه الآَخَر . فكان النَّصُّ الذي وصل آخرَ الأمرِ إلى عهد الطباعة مُثْقَلاً بمختلف ألوان التبديل ، ظهرت في عدد كبير من القراءات } .
وقد تخطى الأمر الجهل بكاتب المخطوطات الى الجهل بكاتب الاسفار او الكتب المقدسه ذاتها فيقول كتاب (التفسير التطبيقى للكتاب المقدس) والذى أعده فريق من الرعاة والمعلمين من مختلف الطوائف المسيحيه وهيئات الخدمه المختلفه عند كلامه عن اسفار (راعوث ، صموئيل الثانى ، الملوك الأول والثانى ، أستير و غيرها من الأسفار) فى التعريف بالكاتب أن الكاتب غير معروف مع ذكر الكاتب فى اسفار أخرى مع قولهم (على الأرجح) أى بصوره غير مؤكده ..! وهذا ما يذكره أيضا الأب (متى المسكين) فى كتابه النبوة والأنبياء فى العهد القديم وغيرهم من علماء المسيحيه ..!
فكيف يثق قوما بكتاب لا يعرفون كاتبه وجائهم من مخطوطات عثروا عليها فى الكهوف ولا يعرفون من كتبها وأين ويقولون أنها وحى من عند الله وأنها مقدسه ؟!
تعليق