تأملات في آيات .. (متجدد) ..

**( رحمة )** · 30 سبت, 2016, 11:19 م

رد: تأملات في آيات .. (متجدد) ..

المشاركة الأصلية بواسطة نصرة الإسلام

ولذا تنبه الآية الكريمة على التخلي عن هذا الخلق غير الطيب الذي لا يعود بخير على صاحبه ولا على المسئول

هذا السلوك لا يعود بخير على السائل ، ولا على المسئول ، ولا على الفقراء الآخرين أيضًا .

فإن الإلحاح يؤدي إلى حرمان السائل من خير ربما نوى المسئول إعطاءه إياه لكنه تراجع بسبب سوء تأثير الإلحاح البغيض على نفسه
وبذا يحرم السائل نفسه من الخير ، ثم هو يحرم المسئول من ثواب أكبر كان ليحوزه لو أغدق العطاء على السائل إن هو تخلى عن الإلحاح المذموم أو الاستزادة بغير وجه حق .
ثم أن السائل بتصرفه غير المقبول يغلق أبوابًا من الخير على غيره من الفقراء ، حيث يصد السائل بسلوكه المسئول عن فعل ذات الخير مع غيره من الفقراء باعتبارهم سيسلكون ذات السلوك أيضًا فيبادر المسئول بإغلاق الباب دون تثبت من حالهم ..

فلماذا لا نوفر على أنفسنا كل هذا العناء والضرر اللاحق بكل الأطراف فنتبع آيات ربنا فنغنم كلنا في الدنيا والآخرة ؟

**نصرة الإسلام** · 7 أكت, 2016, 02:19 ص

رد: تأملات في آيات .. (متجدد) ..

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..

يقول الله تعالى في سورة هود : [وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا ۚ كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ (6)] ، ويقول سبحانه في سورة العنكبوت : [وَكَأَيِّن مِّن دَابَّةٍ لَّا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ ۚ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (60)]

* عند هاتين الآيتين يتوقف أعداء الدين في محاولة لتزييف الحقائق ليلبسوا على المؤمنين دينهم ، فتراهم يزعمون أنه طالما تقع المجاعات فيموت بها الكبار والصغار فإن ذلك يعني أن إلهكم لم يتكفل برزق هؤلاء على خلاف ما تقره هاتان الآيتان .. فهل من رد ؟

أقول - والله أعلم - بالطبع هناك رد يقوم على تناول قضية الرزق ، ويقتضي الأمر عدم الاقتصار على آية دون أخرى عند التعرض لقضية ما تناولها القرآن الكريم في مواضع عدة منه ، بل والتطرق للسنة الصحيحة أيضًا للإلمام بالقضية من جميع جوانبها ، لأن الاقتصار على جانب واحد منها يطعن على أمانة صاحب الاعتراض ويؤدي إلى هذا الخلط الذي نراه عند البعض فيظنون أنفسهم على شيء وهم ليسوا كذلك في الحقيقة ، فلو ظهرت الصورة مكتملة لسقط الاعتراض من تلقاء نفسه .

ولنتعرض لجوانب قضية الرزق لتظهر الصورة متكملة لنا جميعًا :

الجانب الأول :

قد علمنا وآمنا وتيقنا أن الله تعالى قد خلق خلقه وأحصاهم عدداً وتكفل بكل أرزاقهم فلم ينس منهم أحداً لقوله تعالى [وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا ۚ كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ] . وجاء فى تفسير ابن كثير ما نصه : ((أَخْبَرَ تَعَالَى أَنَّهُ مُتَكَفِّل بِأَرْزَاقِ الْمَخْلُوقَات مِنْ سَائِر دَوَابّ الْأَرْض صَغِيرهَا وَكَبِيرهَا بَحْرِيّهَا وَبَرِّيّهَا وَأَنَّهُ يَعْلَم مُسْتَقَرّهَا وَمُسْتَوْدَعهَا أَيْ يَعْلَم أَيْنَ مُنْتَهَى سَيْرهَا فِي الْأَرْض وَأَيْنَ تَأْوِي إِلَيْهِ مِنْ وَكْرهَا وَهُوَ مُسْتَوْدَعهَا . وَقَالَ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة وَغَيْره عَنْ اِبْن عَبَّاس " وَيَعْلَم مُسْتَقَرّهَا " أَيْ حَيْثُ تَأْوِي " وَمُسْتَوْدَعهَا" حيث تموت))

الجانب الثاني :

واللهُ تعالى الذى أوجب على نفسه التكفل برزق عباده - كما فى الآية السابقة - هو نفسه الذى أخبرنا أنه يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر لحكمة منه سبحانه ، ولم يُلْزِم نفسه سبحانه أن تكون كل أرزاقه واسعة حتى يشترط عليه أحد ذلك أو يلزمه بما لم يلزم به نفسه سبحانه ، فقد قال تعالى [اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ وَيَقْدِرُ ۚ وَفَرِحُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا مَتَاعٌ] ، وقال تعالى [قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ وَيَقْدِرُ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ] ، وقال أيضاً [وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلَّا عِندَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَّعْلُومٍ] .

الجانب الثالث :

وهو سبحانه الذي أوجب على نفسه التكفل برزق عباده ، والذي يبسط الرزق أو يضيقه لحكمة منه - كما في الآيات السابقة - فهو نفسه الذي أخبرنا عن حكمته من تضييق الرزق على بعض عباده قائلاً : [وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الأَرْضِ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ] ، فهو سبحانه وتعالى عليم بعباده وخبير بما يصلحهم ويفسدهم ، ولأجل ذلك ينزل الرزق وفقاً لما يقتضيه علمه وحكمته لا وفقاً لأمزجة أعداء الدين وأهوائهم .

فنفهم من كل الآيات الكريمة السابقة أن الرزق قد يكون إذاً ضيقاً وقد يكون واسعاً ، فبالإضافة إلى ثبوت هذه الحقيقة نقلاً ، فهذا هو المقبول عقلاً والمُشاهَد على أرض الواقع ، فالناس يتفاوتون فى أرزاقهم ، أما المعترضون من أعداء الدين فتوهموا أن الله تعالى مُلْزم - وحاشاه - بتوفير الرزق لعباده شريطة أن يكون ذلك الرزق واسعاً !! وإلا لو كان رزقهم ضيقاً فمعنى ذلك أن الله لم يتكفل برزقهم !! ولا أعلم من أين أتى هؤلاء بهذا الشرط العجيب إن كان المتكفل بأرزاقهم سبحانه لم يوجب على نفسه سعة الرزق لجميع عباده بل أخبرنا بخلاف ذلك ؟! أرأيتم إخوتي تدليس الملاحدة ومغالطاتهم ؟! إعتراضهم في أصله مبني على هذه المغالطة ..

الجانب الرابع :

قرر الله تعالى في القرآن الكريم أن سُنَّته فى عباده هى جَعْلُهم درجات فوق بعضهم البعض فيتفاوتون في أرزاقهم وليسوا سواءاً ، فقد قال تعالى [وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ ۗ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ] ، وقال تعالى [أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ ۚ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۚ وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا ۗ وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ] ، أما الملاحدة المدلسون فيغضون الطرف عمداً عن هذه الحقيقة لأجل أن تقوم لاعتراضهم قائمة ، وهيهات ..

الجانب الخامس :

قرر الله تعالى في القرآن الكريم أن الابتلاء هو أيضاً سنته في عباده في هذه الحياة الدنيا ، فقد قال تعالى [وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ ۗ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ] ، وقال تعالى [كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ۗ وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً ۖ وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ] ، لكن الملاحدة لا بأس لديهم في مخالفة المشاهَد والمعايَن في هذه الحياة الدنيا وكأن الدنيا جنة غناء مثلاً ..! وبالتالي عندما تحصل بها المجاعات فسيكون ذلك راجعاً لا إلى طبيعة هذه الدنيا القائمة على الابتلاء والمحن ، وإنما إلى أن الله تعالى لم يرزق هؤلاء الجوعى - بزعمهم - عجباً !

كما أن هؤلاء الملاحدة قد قَصَروا مفهوم الرزق على مجرد الإطعام والمال فقط ، وجهلوا أن مفهوم الرزق أوسع وأشمل من مجرد المال والأكل بكثير ، فكل ما امتن الله به على عباده من العطايا هو رزق ، فالمال والطعام والصحة والزواج والإنجاب والسمعة الطيبة ومحبة الناس وحُسن الخلق والذكاء والفطنة والنجاح ........ إلخ كلها أرزاق من الله عز وجل ..
فلو علمنا أن الرزق اسم جامع لكل خير تفضل الله به على عباده (فرضية صحيحة) ، ولو أن الأمر من المفترض أن يكون على الشاكلة التي يظنها الملاحدة من أن الله إن لم يوسع رزق عباده كلهم فلا يضيق عليهم شيئاً (فرضية خاطئة) ..لترتب على هاتين الفرضيتين ما يلي:
1- لوَجَبَ على الله تعالى أن يُطعم كل عباده فلا يبقى أحداً جائعاً أو يموت جوعاً
2- لوجب على الله تعالى أن يرزق كل عباده بالمال فلا يكون منهم فقير
3- لوجب على الله تعالى أن يرزق كل خلقه بالزواج رجالاً ونساءاً فلا يبقى أحد على وجه الأرض دون زواج
4- لوجب على الله تعالى أن يرزق كل عباده بالذرية والأولاد ، فلا يكون بين عباده عقيم
5- لوجب على الله تعالى يرزق كل عباده بالصحة والعافية فلا يُمْرِض منهم أحدًا

وإلا لو منع الله رزقه أو ضَيَّقه على بعض عباده فى هذه الأمور ، فمعنى ذلك أنه لم يتكفل بأرزاقهم بحسب فهم أعداء الدين !
فهل هذا يستقيم عقلاً ؟! بالطبع لا ، فهو مخالف للعقل وللواقع وللنقل جميعهم
ولو أعطى الله كل عباده كل شئ ولم يمنعهم أو يضيق عليهم في شئ لامتنعت سنة ابتلاء الخلق ، ولـَناقضنا الجانب الرابع والخامس من جوانب قضية الرزق في القرآن الكريم ، بل ولـَمَا كانت هذه دنيا أصلاً ، فالرزق الواسع الذى لا ينقطع ولا يمتنع فى الجنة فقط لا غير ..

الجانب السادس :

الله سبحانه وتعالى الذي تكفل برزق العباد هو نفسه الي أمرهم بطلب أسبابه والسعي لتحصيله ، فقد قال سبحانه [فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ] ، وقد عُلِم بالشرع والعقل والنظر أن مَنْ قعد عن طلب الرزق لن يناله ولو كان مؤمنًا ، ولا يتعارض ذلك مع حقيقة تكفل الله تعالى بأرزاق عباده ، بل تكفل الله بالرزق يلزمه سعيٌ من العبد للحصول على الرزق المقدَّر والمكفول له ، ولذا من سعى إلى الرزق واتخذ أسبابه وجدَّ في طلبه فسيناله ولو كان كافرًا .

وبالرجوع للحديث عن ضحايا المجاعات فأقول أن الله تعالى إن أنزل المجاعة ببعض الأقوام فلنعلم أنه سبحانه قد سبَّب الأسباب للخلاص منها ، وأمر سبحانه عباده من أصحاب العافية والقوة والمال باتخاذ تلك الأسباب لرفع الضر عن أولي الضرر بإطعامهم وإغاثتهم ومد يد العون لهم ما استطاعوا إلى ذلك سبيلًا ، وجعل الله سبحانه في سَوْق الرزق للمحتاجين ثوابًا عظيمًا ، وبذا ليس المُلام هو الله تعالى الذي أمر عباده بإطعام الجائعين وإغاثة الملهوفين والسعي في تفريج كربات المكروبين حتى جعل سقاية كلب يلهث الثرى من العطش سببًا في الغفران لبغي من البغايا ، بل المُلام هو من خالف أمره ولم يتمثل تعاليمه ، فلم يطعم جائعًا ولا أغاث ملهوفًا ، بل وقف متفرجًا مكتفيًا بلوم القدر !! بالضبط كالفقراء الذين جعل الله لهم رزقهم حقًا واجبًا في زكاة الأغنياء ، فإن تعسر حال الفقير فالملام هو الغني الذي أكل حقه ظلمًا ، وليس الله جل جلاله الذي تكفل برزقه واستودعه الغني وأمره بأداء الحقوق إلى أهلها من الفقراء والمساكين .

فإن كان الملحد يعلم علم اليقين بوجوب اتخاذ الأسباب لتحصيل الرزق المكفول ، فلماذا يتغاضى عما أمر الله تعالى به عباده تجاه أولي الضرر والمجاعات والذي هو من جملة الرزق الذي كفله الله تعالى للمكروبين وجعل بعض عباده سببًا لإيصال ذلك الرزق المكفول إليهم ، ثم يزعم الملحد كذبًا أن الله تعالى لم يتكفل برزق هؤلاء ؟ قاتَل الله اتباع الهوى واستحباب العمى .

الجانب السابع :

تكفل الله تعالى بحفظ ذلك الرزق وإيصاله لكل عباده بحيث لا تموت نفس حتى تستكمل رزقها (قليلاً كان أو كثيراً) وأجلها (طويلاً كان أو قصيراً) ، فقد قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "إِنَّ رَوْحَ الْقُدُسِ نَفَثَ فِي رُوعِيَ أَنَّ نَفْسًا لَنْ تَمُوتَ حَتَّى تَسْتَكْمِلَ أَجَلَهَا وَتَسْتَوْعِبَ رِزْقَهَا ، فَأَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ وَلا يَحْمِلَنَّ أَحَدَكُمُ اسْتِبْطَاءُ الرِّزْقِ أَنْ يَطْلُبَهُ بِمَعْصِيَةٍ ، فَإِنَّ اللَّهَ لا يُنَالُ مَا عِنْدَهُ إِلا بِطَاعَتِهِ" ، ولذا نسأل الملاحدة سؤالاً أخيراً إن كان لديهم بقية باقية من عقل :
هل هؤلاء الذين توفاهم الله تعالى فى مجاعة أو ما شابه قد استكملوا أرزاقهم وآجالهم ؟
أم ماتوا دون أن يستكملوا أرزاقهم وآجالهم ؟!
إن أجاب الملاحــدة : " نعم قد استوفى هؤلاء أرزاقهم وآجالهم " ، فقد أسقطوا اعتراضهم بأنفسهم ، ووافقوا القرآن والسنة فيما جاءا به ، وإن أجاب الملاحدة : " لا لم يستوفوا أرزاقهم ولا آجالهم ، فقد ماتوا لأن الله لم يتكفل برزقهم " ، فأسألهم والسؤال لهم ولكل عاقل منصف :
وهل كان الرزق الواسع سبباً فى منع الموت عن أصحابه ؟!
هل يموت الشبعَى الذين يأكلون مِلْء بطونهم ؟ أم لا ؟!
هل يموت الأغنياء أصحاب الأموال الطائلـــة ؟ أم لا ؟!
هل يموت الأصحاء وهم في كامل عافيتهــــم ؟ أم لا ؟!
وأترك الإجابة لأصحاب العقول ، فيبدو أن المجاعات والموت هما مبلغ الملاحدة من العلم ، وقد صدق فيهم قول المولى عز وجل [يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ] .

ألا فلنتعلم إخوتي الكرام أن ننظر للقضايا التي عالجها القرآن الكريم من جميع جوانبها ، ولنتعلم أن لا نسقط في فخاخ مغالطات أعداء الدين ، فما نفذ عدوٌ بافتراء على الإسلام العظيم إلا عَبْر مغالطة أو أكذوبة أو شاذٍ من القول ، والحمد لله الذي لم يجعل للكافرين على المؤمنين سبيلًا .

يُتبع إن شاء الله ..

**نصرة الإسلام** · 28 أكت, 2016, 12:05 ص

رد: تأملات في آيات .. (متجدد) ..

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

يقول الله تعالى في سورة يونس : [قُلْ لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلا أَدْرَاكُمْ بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُرًا مِنْ قَبْلِهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ (16)] ، ويقول سبحانه في سورة الحجرات : [يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا ۖ قُل لَّا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُم ۖ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (17)]

* لفتة لطيفة تربط بين قول الله تعالى [فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُرًا مِنْ قَبْلِهِ] ، وآية سورة الحجرات .. فما هي ؟

أقول - والله تبارك وتعالى أعلم - : في قوله سبحانه [فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُرًا مِنْ قَبْلِهِ] دليل عقلي منطقي صحيح على إثبات نسبة الوحي لله تبارك وتعالى ونفي نسبته للنبي صلى الله عليه وسلم ، فالوحي من عند الله جل في علاه لا من عند النبي صلى الله عليه وسلم ، إذ لو كان القرآن الكريم من عند النبي صلى الله عليه وسلم فلماذا ظل ساكتًا عنه طيلة 40 عامًا من عمره فلم يتكلم به ولم يعلن عنه ؟! كونه صلى الله عليه وسلم قد جاهر قومه بقرآن كريم بعد هذا العمر الطويل ومن دون أية مقدمات مِنْ تَمَكُّنٍ من القراءة والكتابة فضلًا عن القدرة على نحل الشعر ونسج النثر ، لا يمكن أن يعني ذلك في أي عقل سليم وتصور مستقيم سوى أن هذا القرآن لم يكن ليُفترى من دون الله تعالى ، لا من النبي صلى الله عليه وسلم ولا من غيره من البشر . تلك حقيقة لا ريب فيها ولا شك ، إذ لو كان الأمر على خلاف ذلك لَما تأخر الرسول صلى الله عليه وسلم في الإعلان عنه أو التصريح به حتى بلغ الأربعين من عمره الشريف .

على صعيد آخر ، هذه الآية الكريمة بذاتها [فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُرًا مِنْ قَبْلِهِ] لابد وأن يعيها كل متكبر بعمل صالح ، أو مغتر بهداية ، أو مغرور بعافية من ذنب ، أو منان بالمعروف ، يظن نفسه قد فعل الصالحات بقوته وقدرته واجتهاده ولسان حاله ومقاله : [إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَىٰ عِلْمٍ عِندِي] !! فينسب المغرور الفضل لنفسه دون صاحب الفضل الحقيقي ألا وهو الله تبارك وتعالى ، بل وقد يمن المغرور المسكين بعمله على خالقه [يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا ۖ قُل لَّا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُم ۖ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ] ، ولا عجب أن يكون هذا هو حال كل منان مغرور متكبر ، فلا يعرف الفضل لأهل الفضل إلا ذوو الفضل .

فكما كان قول الله تعالى [فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُرًا مِنْ قَبْلِهِ] دليلًا عقليًا صحيحًا على إثبات نسبة الوحي لله تبارك وتعالى ، ونفي نسبته للنبي صلى الله عليه وسلم ، فكذلك هي دليل عقلي صحيح على إثبات نسبة الفضل في هداية العبد وفِعله الصالحات لله تبارك وتعالى ، ونفي نسبة ذات الفضل عن العبد الذي يتكبر بإيمانه ويغتر بأعماله الصالحة وكأنها بفضل نفسه وقوته وقدرته دون خالقه سبحانه وتعالى .

ولذا أقول للمغتر بطاعته .. المعجب بصنيعه .. ناسِب الفضل لنفسه :
يا "هذا" أين كانت قدرتك وقوتك واجتهادك ، وقد لبثتَ عُمرًا من قبلُ في ضلال وعصيان وغفلة ؟! لماذا لم تمكنك القدرة والقوة من الهداية للحق والطاعة قبل ذلك ؟! ولماذا لم تكن منك الطاعة والإحسان إلا الآن فقط لا قبل ذلك ؟! لو كنتَ يا "مغتر" صاحب الفضل حقًا لما بخلت على نفسك بالخير من قبل ، بل ولعاجلت نفسك به دونما تأجيل ، وما لبثتَ عمرًا من قبله دونه ..

فالفضل لله وحده والحمد لله وحده ، وما نحن إلا عباد ضعفاء ، فإن بذلنا معروفًا فالحمد لله تعالى وحده أولًا وآخرًا ، فهو سبحانه الذي خلقنا وأحيانا وهدانا للحق فجعلنا مسلمين موحدين ، ثم هدانا لفعل الخير والمعروف هداية إرشاد ثم هداية توفيق ، ثم هو سبحانه الذي مكننا من العمل فرزقنا القوة والقدرة ومد أعمارنا إلى أن فعلنا الخير بفضله وحده ، ولذا لا ننسب لأنفسنا فضلًا ليس لنا وقد لبثنا عمرًا من قبله بدونه ، بل نرجو منه سبحانه الهداية والتوفيق والقبول والغفران . وكيف لا يكون ذاك حالنا وقد كان النبى صلى الله عليه وسلم ينقل التراب يوم الخندق حتى اغمرَّ بطنه - أو اغبرَّ بطنه - يقول : "وَاللَّهِ لَوْلا اللَّهُ مَا اهْتَدَيْنَا وَلا تَصَدَّقْنَا وَلا صَلَّيْنَا فَأَنْزِلَنْ سَكِينَةً عَلَيْنَا وَثَبِّتِ الأَقْدَامَ إِنْ لاقَيْنَا إِنَّ الأُولَى قَدْ بَغَوْا عَلَيْنَا إِذَا أَرَادُوا فِتْنَةً أَبَيْنَا وَرَفَعَ بِهَا صَوْتَهُ : أَبَيْنَا أَبَيْنَا" . .

فكلما تشوفت نفسك يا "مسلم" للاغترار بالطاعة والعجب بالخير فذكر نفسك : [فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُرًا مِنْ قَبْلِهِ]
والحمد لله رب العالمين .

يُتبع إن شاء الله ..

**نصرة الإسلام** · 30 أكت, 2016, 03:58 ص

رد: تأملات في آيات .. (متجدد) ..

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

يقول الله تعالى في سورة الإسراء : [قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَىٰ أَن يَأْتُوا بِمِثْلِ هَٰذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا (88)] ، ويقول سبحانه في سورة البقرة : [وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَىٰ عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (23) فَإِن لَّمْ تَفْعَلُوا وَلَن تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ ۖ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ (24) ]

* تتضافر آيات القرآن الكريم لإثبات حقيقة دامغة ساطعة سطوع الشمس في رابعة النهار ألا وهي استحالة الإتيان بمثل القرآن الكريم ولا بسورة منه ولو تعاون الإنس والجن جميعهم على ذلك فإن الفشل هو مصيرهم الوحيد .. فلماذا هذا القطع الجازم بفشل أي محاولة لمعارضة القرآن الكريم ؟

أقول - والله أعلم - ها هو القرآن الكريم بعد أكثر من أربعة عشر قرنًا من نزوله يقف شامخًا عزيزًا متفردًا وقد فشل الجميع في معارضته بدايةً من العرب الأقحاح وفحول اللغة وأساطين البيان الذين نزل القرآن بلسانهم متحديًا إياهم ، ومرورًا بدارسي اللغة العربية من غير المسلمين ، ووصولًا للعامة الرعاع من ملاحدة أيامنا هذا وأشباههم من الفشلة الذين لا يحسنون يقرأون أو يكتبون ثم هم يتجرأون في تبجح سافر على معارضة القرآن الكريم ، فما يفعلون سوى سَوْق لعنات البشر لأنفسهم ، ثم سرعان ما يتراجعون عن محاولاتهم الساقطة صاغرين .

الآيات الكريمات تقرر حقيقة واقعة ، وهي نتيجة سابقة على كل محاولة ، فكل محاولة لمعارضة القرآن نتيجتها الفشل قطعًا ، والواقع خير دليل ، وسيظل تحقيق المحال أيسر من محاولة معارضة القرآن العظيم والأسباب كثيرة ، لكن من أجلِّ الأسباب القاطعة أن أي كتاب لابد وأن يكون له محورٌ أو موضوع أساس ، ومحور القرآن الكريم هو الخالق العظيم جل في علاه .. التعريف به وبأسمائه وصفاته ، وبديع كونه العظيم ومخلوقاته ، والدعوة لتوحيده والنهي عن الشرك به ، وأوامره ونواهيه ، وقصص أنبيائه ورسله ، وثوابه وعقابه وجنته وناره . أساس موضوع القرآن الكريم هو الخالق العظيم .

فما هو محور الكتاب المزمع معارضته للقرآن الكريم أيها الكافر ؟! وأي موضوع - لكتاب - هو أعلى أو أرقى وأكمل من الخالق العظيم وهو الأول الذي ليس قبله شيء وهو الظاهر الذي ليس فوقه شيء ، وهو الذي ينتهي إليه كل شيء ؟! أين ستجد موضوعًا أصلًا وقد شمل القرآن الكريم كل صغيرة وكبيرة في دنيا الإنسان وآخرته ؟! لم يبق لك شيء أيها المسكين .

المضحك هو أن أصحاب المعارضات لا ينصرف ذهنهم عند تقليد القرآن الكريم إلا إلى التناغم الإيقاعي الصوتي بين نهايات الآيات ، فيأتون بعدة عبارات بائسات يائسات ، سقيمات المعنى ، عليلات المبنى ، عديمات الذوق والبلاغة ، ويجتهدون فقط في جعلها ذات نهايات متشابهة الحروف ليتحقق التناغم الصوتي ، ثم يهللون لنجاحهم في معارضة القرآن العظيم !! هكذا يعتبرون تحقيق التناغم الصوتي هو مقياس النجاح بقطع النظر عن الالتزام بشروط المعارَضة أو تحقيق أوجه الإعجاز البلاغية والأدبية واللغوية والتاريخية والتشريعية والقيمية ! وليت المغفلين أفلحوا ! فحتى "التناغم الصوتي" المزعوم أخفِقوا فيه إخفاقًا شديدًا وبلغت فضيحتهم الآفاق ..
بل بلغ الغباء ببعضهم أن حاول معارضة القرآن الكريم فجعل أساس موضوع معارضته الله جل في علاه ، وتحدث نيابة عنه قائلًا :

بَيَانٌ عَنِ الْمُحْسِنِين(1) إنَّا خَلَقْنَا قَبْلَ خَلْقِهِمْ نَعِيْمَاً عَظِيْمَا(2)لَمَّا أخْرَجْنَاهُمْ مِنَ المَوْتِ إلى الحَشْرِ أظْلَلْنَاهُمْ بِظِلالٍ مِنَ العَرْشِ وَمَا انتَظَرُوا إلا قَلِيْلا(3)وَلَمَّا فَرَغُوا مِنْ حِسَابِهِمْ وَفَرِحُوا بِمَآلِهِمْ فَتَحْنَا لَهُمْ إلَى الجَنَّاتِ طَرِيْقَا(4) فَانتَهُوا إلَى أبْوَابِهَا مُطْبَقَةً فَاسْتَشْفَعُوا بِرُسُلٍ للهِ فَاعْتَذَرُوا فَكَانَ الرَّسُوْلُ لَهُمْ مُجِيْبَا(5) فَأجَابَهُمُ الرَّحْمَنُ بِشَفَاعَتِهِ فَاجْتَازُوا إلَى الجَنَّاتِ سِرَاعَا (6) جَنَّاتُ عَدْنٍ أشْجَارُهَا مِن ذَهَبٍ وَمِنْ حَوْلِهَا الزَّعْفَرَان(7) أيَّامُهَا الصُّبْحُ مُؤْنِسَاتٌ لا وَهْجٌ فِيْهَا وَلا ظَلام(8)بُيُوْتٌ فِيْهَا مِنْ دُرٍّ وَيَاقُوْتٍ وَعَسَلُهَا يَجْرِي بَيْنَ الوِدْيَان(9) أرْضُهَا المِسْكُ وَسَمَاؤُهَا العَرْشُ يَتَجَلَّى مِنْ فَوْقِهَا الرَّحْمَن(10)نَعِيْمٌ لا زَوَالَ لَهُ لِكُلِّ تَقِيٍّ وَمِثَال(11)وَبَيَانٌ عَنِ المُجْرِمِين(12)إنَّا خَلَقْنَا قَبْلَ خَلْقِهِمْ جَحِيْمَاً عَظِيْمَا(13)لَمَّا أَخْرَجْنَاهُمْ مِنْ نَعِيْمِهِمْ إلى الحَشْرِ قَرَّبْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِمْ حَسِبُوهُ كَثِيْرَاً وَمَا كَانَ إلا قَلِيْلا(14) فَلَمَّا حَكَمْنَا بِالعَذَابِ صَاحُوا ارْحَمْنَا رَبَّنَا فَجَرَّتْهُمُ المَلائِكَةُ مِنْ أفْوَاهِهِمْ إلَى النَّارِ بَدِيْلا(15) فَهَوَوا أحْزَابَاً فِي أوْدِيَةٍ أنْهَارُهَا القَطِرَان(16)أرْضُهَا حِجَارُ كِبْرِيْتٍ وَسَمَاؤُهَا الدُّخَان(17)ثِمَارُهَا الجَّمْرُ ورِيْحُهَا تَتَمَزَّقُ مِنْهُ الأبْدَان(18) أمْطَارُهَا الزَّيْتُ مُوْقِدَاتٌ يَصْحَبُهُمْ فِي عَذَابِهَا الشَّيْطَان(19) جَحِيْمٌ لا فِكَاكَ مِنْهُ لِكُلِّ مُجْرِمٍ وَمَآل(20) (*)

لن أتحدث هنا عن سقامة المعنى ، ولا دناءة الأسلوب ، ولا سماجة الصياغة ، ولا سقوط التصوير ، ولا ركاكة التركيب ، ولا فشل التعبير ، وإنما أتحدث عن "الغباء" ، فالكافر أراد معارضة القرآن فجعل موضوع معارضته الله تعالى وخلقه وأرضه وسمائه وملائكته وجنته وناره ، وتحدث نيابة عنه جل في علاه !! فأين موضوع معارضتك أيها الغبي ؟! ما هو أساسها ومحورها ؟!
ألم تفلح في إيجاد محور لمعارضتك فلجأت إلى محور القرآن الكريم وأساسه ، وأنت الذي تعارضه أصلًا لأجل تكذيبه ودحضه ؟!
لكن لا عجب ألا يجد الكافر محورًا أو موضوعًا ليعارض من خلاله القرآن الكريم ، فأي محور هو أعلى أو أرقى وأكمل من الخالق العظيم وهو الأول الذي ليس قبله شيء وهو الظاهر الذي ليس فوقه شيء ، وهو الذي ينتهي إليه كل شيء ؟! أين سيجد الكافر موضوعًا أصلًا وقد شمل القرآن الكريم كل صغيرة وكبيرة في دنيا الإنسان وآخرته ؟!

وكما قلتُ لكم : تحقيق المحال أيسر من معارضة القرآن الكريم . أما أنت يا مَنْ تُمني نفسك بمعارضة القرآن الكريم صدقني إن قلتُ لك : "أمنيتك في ذاتها هي ضرب من الخبل والجنون ، لأنك إن أردتَّ أن تتحدى الخالق المالك فليكن بشيء خارج خَلقِه ومُلكه ، فكيف وأنت نفسك مِن خَلقه ومُلكه ؟! إحترم نفسك ، والزم حدك ، ولا تعدُ قدرك" .

يُتبع إن شاء الله ..

ـــــــــــــــــــــــــ
(*) الأمانة هنا تقتضي أن أذكر أن صاحب المعارضة المشار إليها أعلاه - بدون ذكر اسمه - قد تراجع عن تلك المعارضة ، واعتذر للمسلمين - بمنتدى التوحيد - اعتذاراً شديدًا ، واعترف بسفاهة فِعله وتهافت محاولته . وأرجو أن يكون قد اهتدى للإسلام

**نصرة الإسلام** · 6 نوف, 2016, 11:13 م

رد: تأملات في آيات .. (متجدد) ..

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

قال تعالى في سورة النساء : [تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ ۚ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ۚ وَذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (13) وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ (14)]

* لماذا تحول الخطاب في الآية الأولى من صيغة الإفراد "يُدْخِلْهُ" إلى صيغة الجمع "خَالِدِينَ" ، بينما بقي الخطاب في الآية الثانية على صيغة الإفراد "يُدْخِلْهُ" ، "خَالِدًا" دون تَحَوُّل إلى صيغة الجمع ؟

أقول - والله أعلم - جاءت كلمة "خَالِدًا" في الآية الثانية بصيغة الإفراد لأسباب منها :

1- المصائب التي تصيب العبد في الحياة الدنيا يخففها ويهونها عليه أن ينظر لمن هم في مثل ابتلائه أو أكثر فتهدأ نفسه وتقل معاناته لاجتماع آخرين معه يعانون الابتلاءات والمصائب أيضًا ، وهذا بخلاف الآخرة حيث لو رأى الكافر المُعذَّب أهل الأرض أجمعين يُعذبون معه ما خفف عنه من عذابه شيئاً ، فناسبت صيغة الإفراد "خَالِدًَا" هذا المقام ، وقد قال تعالى عن ذلك بموضع آخر [وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ]

2- قيل في بعض التفاسير في قول الله تعالى بسورة الهُمَزة [إِنَّهَا عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ * فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ] أنه يؤتى بالكافر فيوضع في تابوت ويُغلَق عليه فلا يرى أحدًا ، فيظن أنه يُعذب وحده وذلك يزيده عذاباً فوق عذابه ، فناسبت صيغة الإفراد "خَالِدًَا" - في آية سورة النساء - هذا المعنى أيضاً ..

3- فيها إشارة إلى عدل الله تبارك وتعالى الذي لا يظلم مثقال ذرة ، فلا تزر وازرة وزر أخرى ، ولذا فالكافر يُعَذب على ما فعله وحده وما كسبته يداه وتسببت فيه ، فلا يلحق به في عذابه إلا مَنْ تؤهله سيئاته لذلك ، بخلاف الحال مع أهل الجنة الذين يعاملهم الله بفضله فجاءت كلمة "خَالِدِينَ" بصيغة الجمع لأن الله تعالى يرفع المؤمنين بفضله درجات في الجنة وإن لم تؤهلهم أعمالهم الصالحة لذلك حتى يجتمعوا في الجنة مع أقربائهم فتتم لهم السعادة وتكتمل ، وقد قال تعالى بموضع آخر [وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ ۚ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ] .

يُتبع إن شاء الله ..

**نصرة الإسلام** · 8 نوف, 2016, 01:11 ص

رد: تأملات في آيات .. (متجدد) ..

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

ــ يقول الله تعالى في سورة الأحزاب : [قُلْ لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرَارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ وَإِذًا لَا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلًا (16)]
ــ ويقول سبحانه في سورة الحج : [وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ قُتِلُوا أَوْ مَاتُوا لَيَرْزُقَنَّهُمُ اللَّهُ رِزْقًا حَسَنًا ۚ وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (58)]
ــ ويقول تعالى في سورة آل عمران : [وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ (157) وَلَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لَإِلَى اللَّهِ تُحْشَرُونَ (158)]

* فما هي العلة في الاختلاف بين لفظتي "الموت" و"القتل" في التقديم والتأخير في الآيات السابقة ؟

أقول - والله أعلى وأعلم - أن الكلام في آية سورة الأحزاب عن الفارِّين من الجهاد المتولين عند الزحف خوفًا من الموت ، فكان ذِكر الموت - كسُنة عامة من سنن الله في عباده كلهم - أولاً قبل القتل في ساحة الجهاد في سبيل الله .

وأما آية سورة الحج فالكلام فيها عن أولئك المهاجرين في سبيل الله ، الباذلين أرواحهم وأنفسهم ، والمضحين بمساكنهم في أوطانهم وبصُحبة عشيرتهم وبأموالهم وتجاراتهم ، كل ذلك منهم في سبيل نصرة دينهم فكان ذِكر القتل في سبيل الله أولاً قبل ذكر الموت - كسنة عامة من سنن الله في عباده كلهم - .

وأما آيتا سورة آل عمران فالأولى منهما تتحدث عن مغفرة الله تعالى ورحمته التي تصيب - أول ما تصيب - الشهداء المقتولين في سبيل الله تعالى ، فناسَب أن يُذكَر القتل في سبيل الله أولاً قبل الموت ، وأما بالآية الثانية فالحديث عن الحشر الذي يشمل جميع البشر الذين تقع عليهم جميعاً سُنة الموت سواء قُتلوا في سبيل الله أو بغير قتل ، ولذا ناسَب أن يُذكَر الموتُ أولاً قبل القتل في سبيل الله ، فالحشر عام لجميع البشر وكذلك الموت عام لجميع البشر ، أما القتل في سبيل الله فهو أحد أسباب الموت التي يتعرض لها البعض دون الآخرين فكان ذِكر الموت قبل القتل في الآية الثانية أنسب للحديث عن الحشر .

هذه الدقة في تقديم وتأخير الألفاظ القرآنية بما يلائم معنى كل آية وسياقها إن دلت فإنما تدل على أن القرآن الكريم وحي إلهي خالص ، وما كان أن يُفترى من دون الله ، فالحمد لله على نعمة الإسلام والقرآن .

يُتبع إن شاء الله ..

**نصرة الإسلام** · 2 ديس, 2016, 02:35 ص

رد: تأملات في آيات .. (متجدد) ..

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

يقول الله تعالى في سورة الأنعام : [ذَٰلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ ۖ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ۖ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ ۚ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ (102)]
ويقول سبحانه في سورة غافر : [ذَٰلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ لَّا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ۖ فَأَنَّىٰ تُؤْفَكُونَ(62)]

* فما سبب تقديم قوله تعالى "لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ" وتأخير قوله تعالى "خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ" في الآية الأولى (آية سورة الأنعام) ، في مقابل تقديم قوله تعالى "خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ" وتأخير "لَّا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ" في الآية الثانية (آية سورة غافر) ؟

أقول - والله تعالى أعلم - أن السبب في الاختلاف هو موضع الآيات وسياقها ، فالكلام عموماً عبارة عن سباق وسياق ولحاق :

ــ السباق : هو ما يسبق المحل المراد من الكلام ..
ــ السياق : هو المحل المراد من الكلام ..
ــ اللحاق : هو ما يلي المحل المراد من الكلام

فإن نظرنا إلى آيات سورة الأنعام لوجدنا أن :

السباق يدور حول وصف شرك الكفار وتطاولهم على الله عز وجل فجعلوا له الشركاء ونسبوا له الولد ، وتنزيه الله تعالى نفسه عن الصاحبة والولد . ثم اللحاق يدور حول التهديد والوعيد لهم وأمر النبي صلى الله عليه وسلم بالإعراض عن هؤلاء المشركين وأنهم ما أشركوا رغماً عن إرادة الله تعالى وإنما بعلمه ومشيئته ، فناسَب أن يأتي السياق بادئًا بتوحيد الألوهية ومؤكدًا عليه بقوله تعالى "لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ" أي لا معبود بحق إلا الله تعالى :

[وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ الْجِنَّ وَخَلَقَهُمْ ۖ وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ ۚ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يَصِفُونَ (100) بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ أَنَّىٰ يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ ۖ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ ۖ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (101) ذَٰلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ ۖ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ۖ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ ۚ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ (102) لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ ۖ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (103) قَدْ جَاءَكُمْ بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ ۖ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ ۖ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا ۚ وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ (104) وَكَذَٰلِكَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ وَلِيَقُولُوا دَرَسْتَ وَلِنُبَيِّنَهُ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (105) اتَّبِعْ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ ۖ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ۖ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ (106) وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكُوا ۗ وَمَا جَعَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا ۖ وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ (107)] الأنعام

نفس الأمر بالنسبة لآيات سورة غافر :

فالسباق يدور حول آيات الله تعالى ونعمه التي امتن بها علينا وتسخير مخلوقاته لنا من ليل نسكن فيه ونهار نسعى فيه على معايشنا ومع ذلك فأكثر الناس لا يشكرون . ثم اللحاق يدور حول خلق الله تعالى الأرض والسماء وتصويرنا في أحسن صورة ، فناسب ذلك أن يبدأ السياق بالتذكير بصفة الله الخالق "خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ" الذي خلق الليل والنهار والأرض والسماء وصورنا فأحسن صورنا :

[اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا ۚ إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ (61) ذَٰلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ۖ فَأَنَّىٰ تُؤْفَكُونَ (62) كَذَٰلِكَ يُؤْفَكُ الَّذِينَ كَانُوا بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ (63) اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَرَارًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ ۚ ذَٰلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ ۖ فَتَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (64) هُوَ الْحَيُّ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ۗ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (65)] غافر ..

يُتبع إن شاء الله ..

**السهم الثاقب** · 7 ديس, 2016, 04:00 ص

رد: تأملات في آيات .. (متجدد) ..

((عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ...مَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ إِلَّا نَزَلَتْ عَلَيْهِمُ السَّكِينَةُ وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ وَحَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ وَذَكَرَهُمُ اللَّهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ ..... )) صحيح مسلم.

:::::::::::::::

لله دركِ أختي الكريمة، وأنتِ تنثرين الدر في هذه الخميلة النديّة المباركة، متابعون بإذن الله.

**نصرة الإسلام** · 12 ديس, 2016, 10:42 م

رد: تأملات في آيات .. (متجدد) ..

المشاركة الأصلية بواسطة السهم الثاقب

((عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ...مَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ إِلَّا نَزَلَتْ عَلَيْهِمُ السَّكِينَةُ وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ وَحَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ وَذَكَرَهُمُ اللَّهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ ..... )) صحيح مسلم.

:::::::::::::::

لله دركِ أختي الكريمة، وأنتِ تنثرين الدر في هذه الخميلة النديّة المباركة، متابعون بإذن الله.

بارك الله فيكم وجعلني وإياكم ممن شملهم حديث النبي صلى الله عليه وسلم ..

آميــــــــــــن

**نصرة الإسلام** · 12 ديس, 2016, 11:28 م

رد: تأملات في آيات .. (متجدد) ..

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

يقول الله تعالى في سورة الأنبياء : [وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِينَ (70)]
ويقول سبحانه في سورة الصافات : [فَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَسْفَلِينَ (98)]

* فما السبب في اختلاف اللفظتين (الْأَخْسَرِينَ ، الْأَسْفَلِين) بالآيتين الكريمتين المتشابهتين ؟

أقول - والله أعلم - أن السبب في اختلاف اللفظتين الكريمتين يظهر بالرجوع إلى سياق الحكاية القرآنية في الموضعين

بالنسبة لسورة الأنبياء فنص الآيات الكريمات هو الآتي :
[قَالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكُمْ شَيْئًا وَلَا يَضُرُّكُمْ (66) أُفٍّ لَكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ۖ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (67) قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ (68) قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ (69) وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِينَ (70) وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ (71)]

نلاحظ هنا أن الصراع بين إبراهيم عليه السلام والكفار قد اتخذ طبيعة المعركة التي يرتب عليها نتيجة النصر في مقابل الخسارة ، فالكفار - في هذا السياق - أرادوا حرق إبراهيم عليه السلام انتصاراً لآلهتهم منه ، فناسَب أن يأتي الله تعالى بلفظة "الْأَخْسَرِينَ" حيث خسروا معركتهم التي خاضوا ضد إبراهيم نصراً لآلهتهم ، فكان التعبير بـ "الخسران" ملائمًا كجزاء مخالف لرغبة الكافرين في النصر .
ويؤكد على هذا المعنى أن المقابلة بين أمر الكفار بعضهم بعضًا "حَرِّقُوهُ" ، وأمر الله تعالى النار "كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ" تبدو وكأن هناك تحديًا بين طرفين ، وهذه المقابلة ترتب عليها أن انصاعت النار لأمر خالقها فكان النصر لإبراهيم ، والخسران للطرف الآخر ألا وهو الكفار ، ولذا كانت لفظة "الْأَخْسَرِينَ" هي اللائقة لطبيعة المعركة التي يترتب عليها النصر لطرف والخسران للطرف الآخر ..

أما بالنسبة لآيات سورة الصافات :
[قَالَ أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ (95) وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ (96) قَالُوا ابْنُوا لَهُ بُنْيَانًا فَأَلْقُوهُ فِي الْجَحِيمِ (97) فَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَسْفَلِينَ (98) وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَىٰ رَبِّي سَيَهْدِينِ (99) رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ (100) فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ (101)]

نجد أن الكفار في هذا المقام أرادوا بناء بنيان عالٍ عظيم وملأوه حطباً لأجل إحراق سيدنا إبراهيم . قال ابن عباس : "بنوا حائطا من حجارة طوله في السماء ثلاثون ذراعا , وملئوه نارا وطرحوه فيها" ، فقاموا بإعلاء بنيانهم الذي بنوه للكيد بإبراهيم عليه السلام ، فناسب أن يأتي الله تعالى بكلمة "الْأَسْفَلِين" لأن "السفول" في مقابل "علو" هذا البناء الذي بُنِي لأجل إعلاء كلمة الباطل وانتصارها . ولمَّا أراد الكفار إلقاء نبي الله إبراهيم من علي - "فَأَلْقُوهُ" - (أي من أعلى البنيان إلى أسفله) ، كان جزاؤهم من جنس عملهم حيث أصبحوا هم الأسفلين مع دَحْر باطلهم وعلت كلمة الحق وانتصر إبراهيم ..

يُتبع إن شاء الله تعالى ..

**( رحمة )** · 8 ينا, 2017, 06:16 م

رد: تأملات في آيات .. (متجدد) ..

للرفع ....

المواضيع	إحصائيات	آخر مشاركة
تفسير الآية 2 من سورة البقرة من مصادر متعدد بواسطة الفقير لله 3 ابتدأ بواسطة الفقير لله 3, 14 أكت, 2024, 04:59 ص	ردود 0 29 مشاهدات 0 ردود الفعل	آخر مشاركة بواسطة الفقير لله 3 14 أكت, 2024, 04:59 ص
تفسير جديد للحروف المقطعه في القرآن (اجتهاد في التأويل بأدلة من الأحاديث النبويه ) موضوع للمناقشة بواسطة الفقير لله 3 ابتدأ بواسطة الفقير لله 3, 3 أكت, 2024, 11:34 م	رد 1 19 مشاهدات 0 ردود الفعل	آخر مشاركة بواسطة الفقير لله 3 4 أكت, 2024, 10:52 ص
بسم الله الرحمن الرحيم (لغة وإعراب ) بواسطة الفقير لله 3 ابتدأ بواسطة الفقير لله 3, 28 سبت, 2024, 02:37 م	رد 1 26 مشاهدات 0 ردود الفعل	آخر مشاركة بواسطة الفقير لله 3 28 سبت, 2024, 10:51 م
( أعوذ بالله من الشيطان الرجيم )(لغة واعراب ) بواسطة الفقير لله 3 ابتدأ بواسطة الفقير لله 3, 28 سبت, 2024, 12:04 م	ردود 0 19 مشاهدات 0 ردود الفعل	آخر مشاركة بواسطة الفقير لله 3 28 سبت, 2024, 12:04 م
•• وَقَفات مع تدبّر سُورَة (مَريم): الجُزء [01]: مَتن السّورة. ← يتبع بإذن الله تعالى. بواسطة مُسلِمَة ابتدأ بواسطة مُسلِمَة, 5 يون, 2024, 04:11 ص	ردود 0 63 مشاهدات 0 ردود الفعل	آخر مشاركة بواسطة مُسلِمَة 5 يون, 2024, 04:11 ص

تأملات في آيات .. (متجدد) ..

عن الكاتب

تعليق

تعليق

تعليق

تعليق

تعليق

تعليق

تعليق

تعليق

تعليق

تعليق

تعليق

مواضيع ذات صلة