السلام عليكم
من الشبهات المثارة حول الإسلام ادعاء أن القرآن يبيح للزوج ضرب الزوجة. والمعادون للإسلام يستدلون بالقرآن وبالتحديد بالآية 34 من سورة النساء. التي يقول فيها الحق سبحان: واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا.
وهؤلاء يحاولون تشويه الإسلام من خلال قضايا المرأة.
في البداية أحسست باستغراب وحيرة في بداية أمري، وقلت هل حقا يقر القرآن مسألة ضرب المرأة؟ لم تقنعني كثير من الآراء والتفسيرات الواردة حول الموضوع مما دفعني للبحث في كتب الفقه والتفسير. وخلصت في النهاية إلى البحث . وهو في الأصل عرض جامعي.
الباحثة: فاطمة الزهراء من المغرب
-----------------------------------------------------------------------------------------------------
مقدمة
خلق الله الإنسان وجعل منه زوجين ذكر وأنثى، وأراد أن يكون الرباط الذي يجمعهما قائما على المودة والرحمة وحسن العشرة. وحفاظا على هذا الرباط، وهو عقد الزواج الذي سماه القرآن بالميثاق الغليظ، واستمرارا للمعاشرة الطيبة بين الزوجين، بين الحق سبحانه الحقوق والواجبات المتبادلة بينهما وجعلها قائمة على الود والتراحم والاحترام المتبادل.
ومع أن التوصيات الربانية والأحكام القرآنية المتعلقة بالزواج تطغى عليها عبارات مثل"المعروف"، و"الإحسان"، و"التقوى"...إلا أنها لم تسلم من طعنات ودسائس الكارهين للوحي الإلهي الذين لم يتوانوا عن البحث عن الثغرات ليكشفوا من خلالها عن أحقادهم وأغراضهم الدنيئة.
ومن نصوص القرآن التي كانت وما تزال مثارا للشبه الوضيعة الآية 34 من سورة النساء والتي يقول فيها تعالى: (وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً) (النساء:34).
هذه الآية الكريمة أعطت الحق للزوج في تأديب زوجته الناشز بالموعظة، ثم الهجران في المضاجع، ثم الضرب غير المبرح إن لم ينفع الوعظ والهجران. لكن مع ذلك كثرت الأقوال في الآية الكريمة واختلفت، وأثيرت الاتهامات وتعددت بين من يدافع عن حق الرجل- مبالغا في تحديد معنى الحق- في تأديب زوجته وضربها إن تطلب الأمر ذلك، وبين من يعطل النص الشرعي بدعوى عدم مسايرته للواقع، وعدم صلاحيته لعصر تحرر المرأة ونهضتها.
من خلال هذه الدراسة سأحاول تسليط الضوء على شبهة "ضرب الزوجة في القرآن الكريم"، وقد اعتمدت في ذلك على المحاور الآتية:
الفصل الأول: بينت معنى التأديب لغة واصطلاحا
الفصل الثاني: تم عرض شبهة ضرب الزوجة في القرآن
الفصل الثالث: تم فيه البدء بتأصيل القضية، وذلك ببيان معنى النشوز في اللغة والاصطلاح وعند الفقهاء مع مناقشة الأقوال وترجيحها.
الفصل الرابع:تناولت فيه قضية ضرب الزوجة: حقيقتها، وأقوال العلماء فيها، مع بيان حدود الضرب المسموح به في حالة الضرورة وضوابطه وقيوده.
الفصل الخامس: تم فيه الحديث عن موقف الرسول الصريح من ضرب المرأة.
وفي الأخير تم جمع واستنتاج مجموعة من الخلاصات المتعلقة بهذه القضية الشائكة.
الفصل الأول: معنى التأديب لغة واصطلاحا:
1. التأديب لغة:
مصدر أدّّب يؤدب تأديبا : التهذيب، أي هذبه ورباه على محاسن الأخلاق، ويأتي بمعنى: الضرب والوعيد والتعنيف ويأتي بمعنى : عـلـّمه الأدب وعاقبه على إساءته ودعاه إلى المحامد ، وسمـي الأدب أدبا : لأنه يؤًَُدب الناس و يوجههم إلى المحامد ، وينهاهم عن المقابح[1] .
2. التأديب اصطلاحا
من خلال التعريف اللغوي يتضح أن التأديب نوع مخفف من اللوم أو العقوبة يراد به الإصلاح. فهو بذلك إجراء تأديبي يهدف إلى التهذيب وضبط السلوك .
وقد شرع الله في القرآن الكريم حق تأديب الزوجة الناشز لتذكيرها بواجباتها وزجرها عن نشوزها وذلك في قوله سبحانه: (وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً) (النساء:34)
وسأركز في بحثي على العنصر الثالث وهو التأديب بالضرب نظرا لحساسيته ولما يثار حوله من الشبهات منا قبل أن يكون ذلك من غيرنا.
الفصل الثاني: عرض شبهة ضرب الزوجة في القرآن:
زعم نفر من الضالين المتشككين في الشريعة السمحاء، أن الآية الكريمة تفتح المجال للرجال لضرب زوجاتهن ، و أن ذلك إهانة لهن وانتقاص لقدرهن و كرامتهن، وهو وسيلة بشعة لا تتفق مع مقتضيات العصر.
وبعضهم ذهب إلى أبعد من ذلك وعوض أن يحاول فهم الآية فهما مقاصديا، تعسف في اتباع أهوائه وحمل النص الشرعي ما لا يحتمل من المعاني والدلالات. واعتبر أن معنى الضرب مجازي لا حقيقي، وأن عبارة ضرب وردت في القرآن بمعان مختلفة قال سبحانه: (وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنْ الصَّلاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمْ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوّاً مُبِينا)ً]النساء: 101 [. وقال: (وَسَكَنتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وَضَرَبْنَا لَكُمْ الأَمْثَالَ) [إبراهيم 45[
ولعبارة ضرب معان كثيرة في اللغة العربية منها الإعراض عن الشيء، وقال كثير منهم أن هذا هو المعنى المقصود في الآية الكريمة، وما يِِؤكد هذا عندهم أن النبي صلى الله عليه وسلم لما غضب من بعض زوجاته أعرض عنهن[2].
من الشبهات المثارة حول الإسلام ادعاء أن القرآن يبيح للزوج ضرب الزوجة. والمعادون للإسلام يستدلون بالقرآن وبالتحديد بالآية 34 من سورة النساء. التي يقول فيها الحق سبحان: واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا.
وهؤلاء يحاولون تشويه الإسلام من خلال قضايا المرأة.
في البداية أحسست باستغراب وحيرة في بداية أمري، وقلت هل حقا يقر القرآن مسألة ضرب المرأة؟ لم تقنعني كثير من الآراء والتفسيرات الواردة حول الموضوع مما دفعني للبحث في كتب الفقه والتفسير. وخلصت في النهاية إلى البحث . وهو في الأصل عرض جامعي.
الباحثة: فاطمة الزهراء من المغرب
-----------------------------------------------------------------------------------------------------
مقدمة
خلق الله الإنسان وجعل منه زوجين ذكر وأنثى، وأراد أن يكون الرباط الذي يجمعهما قائما على المودة والرحمة وحسن العشرة. وحفاظا على هذا الرباط، وهو عقد الزواج الذي سماه القرآن بالميثاق الغليظ، واستمرارا للمعاشرة الطيبة بين الزوجين، بين الحق سبحانه الحقوق والواجبات المتبادلة بينهما وجعلها قائمة على الود والتراحم والاحترام المتبادل.
ومع أن التوصيات الربانية والأحكام القرآنية المتعلقة بالزواج تطغى عليها عبارات مثل"المعروف"، و"الإحسان"، و"التقوى"...إلا أنها لم تسلم من طعنات ودسائس الكارهين للوحي الإلهي الذين لم يتوانوا عن البحث عن الثغرات ليكشفوا من خلالها عن أحقادهم وأغراضهم الدنيئة.
ومن نصوص القرآن التي كانت وما تزال مثارا للشبه الوضيعة الآية 34 من سورة النساء والتي يقول فيها تعالى: (وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً) (النساء:34).
هذه الآية الكريمة أعطت الحق للزوج في تأديب زوجته الناشز بالموعظة، ثم الهجران في المضاجع، ثم الضرب غير المبرح إن لم ينفع الوعظ والهجران. لكن مع ذلك كثرت الأقوال في الآية الكريمة واختلفت، وأثيرت الاتهامات وتعددت بين من يدافع عن حق الرجل- مبالغا في تحديد معنى الحق- في تأديب زوجته وضربها إن تطلب الأمر ذلك، وبين من يعطل النص الشرعي بدعوى عدم مسايرته للواقع، وعدم صلاحيته لعصر تحرر المرأة ونهضتها.
من خلال هذه الدراسة سأحاول تسليط الضوء على شبهة "ضرب الزوجة في القرآن الكريم"، وقد اعتمدت في ذلك على المحاور الآتية:
الفصل الأول: بينت معنى التأديب لغة واصطلاحا
الفصل الثاني: تم عرض شبهة ضرب الزوجة في القرآن
الفصل الثالث: تم فيه البدء بتأصيل القضية، وذلك ببيان معنى النشوز في اللغة والاصطلاح وعند الفقهاء مع مناقشة الأقوال وترجيحها.
الفصل الرابع:تناولت فيه قضية ضرب الزوجة: حقيقتها، وأقوال العلماء فيها، مع بيان حدود الضرب المسموح به في حالة الضرورة وضوابطه وقيوده.
الفصل الخامس: تم فيه الحديث عن موقف الرسول الصريح من ضرب المرأة.
وفي الأخير تم جمع واستنتاج مجموعة من الخلاصات المتعلقة بهذه القضية الشائكة.
الفصل الأول: معنى التأديب لغة واصطلاحا:
1. التأديب لغة:
مصدر أدّّب يؤدب تأديبا : التهذيب، أي هذبه ورباه على محاسن الأخلاق، ويأتي بمعنى: الضرب والوعيد والتعنيف ويأتي بمعنى : عـلـّمه الأدب وعاقبه على إساءته ودعاه إلى المحامد ، وسمـي الأدب أدبا : لأنه يؤًَُدب الناس و يوجههم إلى المحامد ، وينهاهم عن المقابح[1] .
2. التأديب اصطلاحا
من خلال التعريف اللغوي يتضح أن التأديب نوع مخفف من اللوم أو العقوبة يراد به الإصلاح. فهو بذلك إجراء تأديبي يهدف إلى التهذيب وضبط السلوك .
وقد شرع الله في القرآن الكريم حق تأديب الزوجة الناشز لتذكيرها بواجباتها وزجرها عن نشوزها وذلك في قوله سبحانه: (وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً) (النساء:34)
وسأركز في بحثي على العنصر الثالث وهو التأديب بالضرب نظرا لحساسيته ولما يثار حوله من الشبهات منا قبل أن يكون ذلك من غيرنا.
الفصل الثاني: عرض شبهة ضرب الزوجة في القرآن:
زعم نفر من الضالين المتشككين في الشريعة السمحاء، أن الآية الكريمة تفتح المجال للرجال لضرب زوجاتهن ، و أن ذلك إهانة لهن وانتقاص لقدرهن و كرامتهن، وهو وسيلة بشعة لا تتفق مع مقتضيات العصر.
وبعضهم ذهب إلى أبعد من ذلك وعوض أن يحاول فهم الآية فهما مقاصديا، تعسف في اتباع أهوائه وحمل النص الشرعي ما لا يحتمل من المعاني والدلالات. واعتبر أن معنى الضرب مجازي لا حقيقي، وأن عبارة ضرب وردت في القرآن بمعان مختلفة قال سبحانه: (وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنْ الصَّلاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمْ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوّاً مُبِينا)ً]النساء: 101 [. وقال: (وَسَكَنتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وَضَرَبْنَا لَكُمْ الأَمْثَالَ) [إبراهيم 45[
ولعبارة ضرب معان كثيرة في اللغة العربية منها الإعراض عن الشيء، وقال كثير منهم أن هذا هو المعنى المقصود في الآية الكريمة، وما يِِؤكد هذا عندهم أن النبي صلى الله عليه وسلم لما غضب من بعض زوجاته أعرض عنهن[2].
تعليق