أولًا : ما يقال في سجود التلاوة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالسنة أن يقول في سجود التلاوة: " سجد وجهي للذي خلقه، وشق سمعه وبصره بحوله وقوته" رواه الترمذي والحاكم وزاد: " فتبارك الله أحسن الخالقين".
وأجاز بعض العلماء أن يقول سبحان ربي الأعلى، أو يفعل مثلما يفعل في سائر السجود. قال الإمام النووي: (ويستحب أن يقول في سجوده: " سجد وجهي للذي خلقه وصوره وشق سمعه وبصره بحوله وقوته". وأن يقول: " اللهم اكتب لي بها عندك أجراً، واجعلها لي عندك ذخراً ، وضع عني بها وزراً، واقبلها مني كما قبلتها من عبدك داود عليه السلام" ولو قال ما يقول في سجود صلاته جاز. ثم يرفع رأسه مكبراً كما يرفع من سجود الصلاة) روضة الطالبين (1/322).
ومن العلماء من فصل بين من كان في الصلاة فاستحب له التسبيح بالإضافة إلى الدعاء المعروف ، وبين من كان خارج الصلاة فاستحب له الاقتصار على الدعاء دون التسبيح. والله أعلم.
************************
ثانيًا : ما يُقال في سجدة الشكر
لم يرد في الأحاديث تخصيص سجود الشكر بدعاء معين ، ولذلك قال العلماء : يقول في سجود الشكر ما يقوله في سجود الصلاة من التسبيح والدعاء . فيقول : سبحان ربي الأعلى ، اللَّهُمَّ لَكَ سَجَدْتُ ، وَبِكَ آمَنْتُ ، وَلَكَ أَسْلَمْتُ ، سَجَدَ وَجْهِي لِلَّذِي خَلَقَهُ وَصَوَّرَهُ ، وَشَقَّ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ ، تَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ . ثم يدعو بما أحب .
قال ابن قدامة رحمه الله : صفة سجود الشكر في أفعاله وأحكامه وشروطه كصفة سجود التلاوة اهـ المغني 2/372 . وقال في سجود التلاوة : ويقول في سجوده ما يقول في سجود الصلاة اهـ المغني 2/362 .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : يكون سجود الشكر عن مصيبة اندفعت أو لنعمة تهيأت للإنسان وهو كالتلاوة خارج الصلاة ، فبعض العلماء يرى له الوضوء والتكبير ، وبعضهم يرى التكبيرة الأولى فقط ، ثم يخر ساجدا ويدعو بعد قوله سبحان ربي الأعلى اهـ فتاوى منار الإسلام 1/205 .
والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد .
ويقول الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى :
سجود الشكر هو السجود من أجل نعمة عامة ساقها الله للمسلمين أو نعمة خاصة ساقها الله للشخص، كوجود ولد له وكسلامته من حادث ونحو ذلك، ولما بلغ الصديق - رضي الله عنه – مقتلُ مسيلمة الكذاب خر ساجد لله سبحانه وتعالى شكرا لله على نعمة قتل الخبيث عدو الله مسيلمة الكذاب، فإذا بشر الإنسان بشي يسره وسجد لله سبحانه شكرا فهذا يقال له سجود الشكر ويقال فيه ما يقال في سجود الصلاة: سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى، سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي، ويدعو فيه الإنسان مثل سجود الصلاة سواء،
والصحيح لا يشترط له الطهارة بل هو مثل سجود التلاوة الصحيح أنهما لا تشترط لهما الطهارة، بل لا مانع من السجود وإن كان على غير طهارة، فإذا صار يتلو القرآن وليس على طهارة ومر بآيات السجدة فإنه يشرع له السجود وإن كان على غير طهارة، وهكذا سجود الشكر ليس له شرط الطهارة، فيسجد وإن كان على غير الطهارة؛ لأنه ليس من جنس الصلاة بل هو ذلٌّ لله واستكانة وعبادة له سبحانه من جنس الذكر ومن جنس التسبيح والتهليل ومن جنس قراءة القرآن فليس له شرط الطهارة كما أن القارئ من غير المصحف لا يشترط له الطهارة، فهكذا الذاكر والمسبح والمهلل والمستغفر يجوز أن يفعل هذا وإن كان على غير طهارة، هذا هو الصواب وبعض أهل العلم قال: لا بد من طهارة كالصلاة، ولكنه قول مرجوح ليس عليه دليل.
************************
ثالثًا : ما يُقال في سجود السهو
لم يرد – فيما نعلم – تخصيص سجدتي السهو بذكر معين ، وعلى هذا يكون حكمهما حكم سجود الصلاة ، فيقال فيهما ما يقال في سجود الصلاة ، نحو ( سبحان ربي الأعلى ) والدعاء ، لقول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ ، فَأَكْثِرُوا الدُّعَاءَ ) رواه مسلم (482) .
انظر السؤال رقم (7886) ، (39677) .
ويقال بينهما ما يقال بين سجدتي الصلاة ، نحو ( رب اغفر لي ) .
انظر السؤال (13340) .
قال النووي في "المجموع" (4/72) :
" سُجُودُ السَّهْوِ سَجْدَتَانِ بَيْنَهُمَا جَلْسَةٌ , وَيُسَنُّ فِي هَيْئَتِهَا الافْتِرَاشُ ، وَيَتَوَرَّكُ بَعْدَهُمَا إلَى أَنْ يُسَلِّمَ , وَصِفَةُ السَّجْدَتَيْنِ فِي الْهَيْئَةِ وَالذِّكْرِ صِفَةُ سَجَدَاتِ الصَّلاةِ . وَاَللَّهُ أَعْلَمُ " انتهى .
وقال في " الشرح الكبير" (4/96) :
" ويقول في سجود السهو ما يقول في سجود صلب الصلاة ، قياساً عليه " انتهى .
وقال في "أسنى المطالب" (1/195) :
" سُجُودُ السَّهْوِ سَجْدَتَانِ . . . وَكَيْفِيَّتُهَا كَسَجْدَتَيْ الصَّلاةِ ، يَجْلِسُ مُفْتَرِشًا بَيْنَهُمَا ، وَيَأْتِي بِذِكْرِ السُّجُودِ لِلصَّلاةِ فِيهِمَا " انتهى .
وقال في "مغني المحتاج" (1/439) :
" وكيفيتهما كسجود الصلاة في واجباته ومندوباته ، كوضع الجبهة والطمأنينة . . . ويأتي بذكر سجود الصلاة فيهما . . .
قال الأذرعي وسكتوا عن الذكر بينهما . والظاهر أنه كالذكر بين سجدتي صلب الصلاة " انتهى باختصار .
وجاء في " فتاوى اللجنة الدائمة " (6/443) :
" يقول الساجد في سجود السهو والتلاوة مثل ما يقول في سجوده في صلاته : " سبحان ربي الأعلى " والواجب في ذلك مرة واحدة ، وأدنى الكمال ثلاث مرات ، ويستحب الدعاء في السجود بما يسر الله من الأدعية الشرعية المهمة " انتهى .
وذكر بعض العلماء أنه يستحب أن يقال فيهما : " سُبْحَانَ مَنْ لا يَنَامُ وَلا يَسْهُو " .
قال الحافظ ابن حجر في "التلخيص" (2/12) : لم أجد له أصلاً . انتهى . والله اعلم .
تعليق