حياكم الله أخى الحبيب ..

ابن الراوندى ... كان يهودياً ثم أسلم وواضح أنه كان متقلباً ..

فمن معتزلى لشيعى وأخيراً للاأدرى كما تصفه الموسوعة الحرة ..

المعرى ... قيل أنه كان ربوبياً وسيرته غامضة بالنسبة لى ..

والظاهر أنه كان مُتهماً فى دينه ..

وقد نسبت له الموسوعة الحرة أبياتاً تدل بوضوح على أنه كان يتهم من سماهم (القدماء) والظاهر أنه يعنى الآباء والأجداد بتزوير التاريخ وأنهم إنما كان يدونون أساطير الأولين ..

يقول: أفيقوا أفيقوا يا غواة فإنما دياناتكم مكرٌ من القدماء فلا تحسب مقال الرسل حقاً ولكن قول زور سطّروه دين وكفر وأنباء تقص وفرقان وتوراة وإنجيل ..

وواضح أنه كان يشكك فى نسبة الكتب السماوية للأنبياء والرسل عليهم السلام لأنه أصلاً كما هو واضح مما هو منسوب له ينكر وجودهم التاريخى ..

وهو موقف غريب ..

فإن كان يشكك فى نسبة الكتاب المقدس مثلاً للأنبياء والرسل عليهم السلام فربما كان فى كلامه شيئاً من حق لأننا نحن المسلمين لا نعتبر الكتاب المقدس كله كتاب موضوع وإنما كتاب يحمل حقاً وباطلاً ..

ولكنه يشكك حتى فى القرآن والسنة بشكل واضح وهذه ردة صريحة عن الإسلام وبلا سبب محدد إلا أن يكون التشكيك فى إمكانية الوحى أصلاً ..

ولا نستطيع الوقوف على حقيقة ما كان عليه الرجل فعلاً ..

فهناك من يشكك فى نسبة هذه الأقوال الكفرية إليه ..

تقول عاشة بنت الشاطىء: وشاعت كلمت السوء فيه ومن شأنها أن تشيع فجُرِّح ببعض ما قال مما قد يوهم ظاهره ويشكل وبغيره مما لم يقل ..

وتقول الموسوعة الحرة: كما يزعم بعض المستشرقين أن المعرى رفض مزاعم " الوحى الإلهى " ..

غير أن الناظر فيما هو مشهور من سيرة الرجل يجد أنه كان " متشائماً " وله بيت شعر منسوب له تستطيع أن تتلمس فيه ذلك بوضوح ..

يقول: تعب كلها الحياة فما أعجب إلا من راغب فى ازدياد ..

ويقول طه حسين عنه: أبا العلاء قد هداه عقله إلى أن لهذا العالم خالقاً وإلى أن هذا الخالق حكيم لا يشك فى ذلك ... وهو إذا تحدث عن هذا الخالق الحكيم تحدث عنه فى لهجة صادق يظهر فيها الإخلاص واضحاً جلياً .. ولكنه عاجز عن فهم هذه الحكمة التى يمتاز بها هذا الخالق الحكيم وعجزه عن فهم هذه الحكمة هو الذى يضنيه ويعنِّيه ويعذبه فى نفسه أشد العذاب ..

يتضح مما سبق أن مشكلة الرجل (إن صحت نسبة هذه الأقوال الكفرية له) هى مشكلة الخير والشر كشأن بعض العلمانيين ..

والظاهر أن الرجل كانت لديه " أزمة نفسية " كما هو واضح من بعض أشعاره ..

أما أبو حيان التوحيدى فلم يصرح بالزندقة ونسبه بعض أئمة أهل السنة إليها ..

يقول فيه الإمام إبن الجوزى: زنادقة الإسلام ثلاثة: ابن الراوندى وأبو حيان التوحيدى وأبو العلاء المعرى وأشدهم على الإسلام أبو حيان لأنهما صرحا وهو لم يصرح ..

بخلاف قول تاج الدين السبكى مثلاً فيه يقول: وكان فقيراً صابراً متديناً إلى أن قال: وكان صحيح العقيدة .. قال الذهبى: بل كان عدواً لله خبيثاً .. وهذه مبالغة عظيمة من الذهبى ..

وقد أطلعت شخصياً على كتاب (المقابسات) وواضح منه تأثره بمذاهب الفلاسفة والله أعلم بحاله ..

أعلم أخى الحبيب وفقكم الله تعالى أن البعض قد يتأثر بمذاهب الفلاسفة فيتفلسف كما هناك من يتأثر مثلاً بمذاهب اليهود والنصارى فيتهود أو يتنصر ..

والبعض الآخر قد يكون لديه أزمة نفسية كما أطلعنى الله تعالى على شيئاً من ذلك ..

وحدوث هذه التقلبات إنما يكون لأسباب منها ما هو نفسى ومنها ما هو إجتماعى والله يهدى من يشاء إلى صراط مستقيم ..

نسأل الله السلامة والعافية ..

راجع: الموسوعة الحرة (إبن الراوندى - أبو العلاء المعرى - أبوحيان التوحيدى) ..

والظاهر من أشعار الرجل أنه لم يكن زنديقاً منكراً للوحى الإلهى ..

يقول: صَاحِ هَذِي قُبُورُنا تَمْلأ الرُّحْ بَ فأينَ القُبُورُ مِنْ عَهدِ عادِ
خُلِقَ النّاسُ للبَقَاءِ فضَلّتْ أُمّةٌ يَحْسَبُونَهُمْ للنّفادِ
إنّما يُنْقَلُونَ مِنْ دارِ أعْما لٍ إلى دارِ شِقْوَةٍ أو رَشَادِ
واتْلُوَا النّعْشَ بالقِراءَةِ والتّسْ بِيحِ لا بالنّحيبِ والتّعْدادِ
مِثْلَ ما فاتَتِ الصّلاةُ سُلَيْما نَ فَأنْحَى على رِقابِ الجِيادِ
وهوَ مَنْ سُخّرَتْ لهُ الإنْسُ والجِنْ نُ بما صَحّ من شَهادَةِ صَادِ
بانَ أمْرُ الإلَهِ واختَلَفَ النّا سُ فَداعٍ إلى ضَلالٍ وَهَادِ

راجع: موسوعة الشعر العربى ..