من بنى أبو الهول؟!
فهد عامر الاحمدي
من بين جميع الآثار المصرية يبقى تمثال أبو الهول شامخاً بلا سبب، غامضاً بلا هدف، فمعظم الآثار والشواهد الفرعونية كان وراءها هدف ديني أو معتقد اجتماعي إلا أبو الهول لم يعرف الهدف من إنشائه حتى الآن. وحتى وقت قريب كان الاعتقاد السائد هو أن أبو الهول بني بأمر من الفرعون خفرع من الأسرة الرابعة. والسبب الوحيد لهذا الاعتقاد هو الشبه البسيط بين وجه التمثال ووجه.. خفرع!!.
وكانت إحدى مخطوطات البردي القديمة - التي تعود لأربعة آلاف عام - قد أشارت إلى أن الرمال غطت أبو الهول قروناً طويلة حتى نسيته الأجيال تماماً. وذات يوم حلم الملك برجل حكيم يطلب منه الحفر في مكان معين كي يخرج التمثال من قبره. وقد نفذ الفرعون هذا الطلب وأمر بإخراج التمثال إلى الوجود. وكان هذا الحلم وحده (الذي اعتبر مقدساً في حينه) كافياً للاهتمام بالتمثال وتغليفه بطبقة الجرانيت الخارجية!!.
وكان علماء المصريات يعتقدون أن تمثال أبو الهول بني في وقت واحد مع المعابد المحيطة به في عصر الأسرة الرابعة. أما اليوم فهناك ما يثير الريبة في هذا الاعتقاد، ففي حين ما تزال المعابد المحيطة تحتفظ برسوماتها الزاهية تعاني قاعدة أبو الهول من أخاديد وشقوق يتجاوز عمق بعضها ثمانية أقدام. وهذا إن دل على شيء فعلى أن أبو الهول (الغامض في هدفه وتاريخه) كان موجوداً قبل بناء أهرامات ومعابد الجيزة بوقت طويل!!.
وقد كشفت الدراسات الأخيرة أن التمثال يتكون من (نواة) من الحجر الجيري بالغة القدم والتآكل. أما طبقة الجرانيت الخارجية فأضيفت قبل (4600) سنة فقط - أي في عصر بناة الأهرامات -. وهذا يعني أن أساس التمثال بني في عهد حضارة قديمة غير معروفة سبقت عهد الفراعنة بكثير!!.
ومن المعروف أن التمثال نحت بشكل أسد ووجه رجل. وقد نحت من جبل جيري تزداد صلابته كلما صعدنا إلى الأعلى. وهذا ما يفسر لماذا تآكل التمثال في أسفله في حين بقي وجهه متماسكاً.. غير أن هناك سبباً آخر قد يشرح لماذا تآكل التمثال - وظهرت فيه أخاديد طولية - في اسفله دون أعلاه، فمن خلال دراسات الأستاذ شوتس (من جامعة بوسطن) وجون ويست (المتخصص في علوم المصريات) اتضح أن الأخاديد والشقوق السفلية حدثت بسبب تآكل مائي سببته أمطار غزيرة وسيول جارفة.. وإذا علمنا أن مصر تعتبر (حالياً) من أكثر مناطق العالم شحاً بالأمطار فهذا يعني أن التمثال كان موجوداً في فترة كانت فيها الأمطار تهطل بغزارة - وهذا ببساطة يعني العصر الجليدي الأخير.. أي قبل عشرة آلاف عام على الأقل!!
وحين ظهر هذا الرأي لأول مرة (عام 1993م من خلال برنامج في محطة NBC) جوبه بمعارضة شديدة من قبل علماء المصريات. ولكنه اليوم يلقى قبولاً متزايداً كونه الوحيد الذي يفسر المفارقات التاريخية والعوامل الجيولوجية التي أثرت على التمثال.. والقبول به يعني أن أبو الهول بني من قبل حضارة مجهولة سبقت الحضارة الفرعونية بأربعة آلاف عام على الأقل. وأمر كهذا قد يعيد النظر في تاريخ الإنسان الحضاري ويغير العديد من المفاهيم السائدة حول تواريخ ومستوى الحضارات القديمة..
المصدر:
http://www.alriyadh.com/25152
فهد عامر الاحمدي
من بين جميع الآثار المصرية يبقى تمثال أبو الهول شامخاً بلا سبب، غامضاً بلا هدف، فمعظم الآثار والشواهد الفرعونية كان وراءها هدف ديني أو معتقد اجتماعي إلا أبو الهول لم يعرف الهدف من إنشائه حتى الآن. وحتى وقت قريب كان الاعتقاد السائد هو أن أبو الهول بني بأمر من الفرعون خفرع من الأسرة الرابعة. والسبب الوحيد لهذا الاعتقاد هو الشبه البسيط بين وجه التمثال ووجه.. خفرع!!.
وكانت إحدى مخطوطات البردي القديمة - التي تعود لأربعة آلاف عام - قد أشارت إلى أن الرمال غطت أبو الهول قروناً طويلة حتى نسيته الأجيال تماماً. وذات يوم حلم الملك برجل حكيم يطلب منه الحفر في مكان معين كي يخرج التمثال من قبره. وقد نفذ الفرعون هذا الطلب وأمر بإخراج التمثال إلى الوجود. وكان هذا الحلم وحده (الذي اعتبر مقدساً في حينه) كافياً للاهتمام بالتمثال وتغليفه بطبقة الجرانيت الخارجية!!.
وكان علماء المصريات يعتقدون أن تمثال أبو الهول بني في وقت واحد مع المعابد المحيطة به في عصر الأسرة الرابعة. أما اليوم فهناك ما يثير الريبة في هذا الاعتقاد، ففي حين ما تزال المعابد المحيطة تحتفظ برسوماتها الزاهية تعاني قاعدة أبو الهول من أخاديد وشقوق يتجاوز عمق بعضها ثمانية أقدام. وهذا إن دل على شيء فعلى أن أبو الهول (الغامض في هدفه وتاريخه) كان موجوداً قبل بناء أهرامات ومعابد الجيزة بوقت طويل!!.
وقد كشفت الدراسات الأخيرة أن التمثال يتكون من (نواة) من الحجر الجيري بالغة القدم والتآكل. أما طبقة الجرانيت الخارجية فأضيفت قبل (4600) سنة فقط - أي في عصر بناة الأهرامات -. وهذا يعني أن أساس التمثال بني في عهد حضارة قديمة غير معروفة سبقت عهد الفراعنة بكثير!!.
ومن المعروف أن التمثال نحت بشكل أسد ووجه رجل. وقد نحت من جبل جيري تزداد صلابته كلما صعدنا إلى الأعلى. وهذا ما يفسر لماذا تآكل التمثال في أسفله في حين بقي وجهه متماسكاً.. غير أن هناك سبباً آخر قد يشرح لماذا تآكل التمثال - وظهرت فيه أخاديد طولية - في اسفله دون أعلاه، فمن خلال دراسات الأستاذ شوتس (من جامعة بوسطن) وجون ويست (المتخصص في علوم المصريات) اتضح أن الأخاديد والشقوق السفلية حدثت بسبب تآكل مائي سببته أمطار غزيرة وسيول جارفة.. وإذا علمنا أن مصر تعتبر (حالياً) من أكثر مناطق العالم شحاً بالأمطار فهذا يعني أن التمثال كان موجوداً في فترة كانت فيها الأمطار تهطل بغزارة - وهذا ببساطة يعني العصر الجليدي الأخير.. أي قبل عشرة آلاف عام على الأقل!!
وحين ظهر هذا الرأي لأول مرة (عام 1993م من خلال برنامج في محطة NBC) جوبه بمعارضة شديدة من قبل علماء المصريات. ولكنه اليوم يلقى قبولاً متزايداً كونه الوحيد الذي يفسر المفارقات التاريخية والعوامل الجيولوجية التي أثرت على التمثال.. والقبول به يعني أن أبو الهول بني من قبل حضارة مجهولة سبقت الحضارة الفرعونية بأربعة آلاف عام على الأقل. وأمر كهذا قد يعيد النظر في تاريخ الإنسان الحضاري ويغير العديد من المفاهيم السائدة حول تواريخ ومستوى الحضارات القديمة..
المصدر:
http://www.alriyadh.com/25152
تعليق