الخميني ( كبيرهم الذى علمهم السحر )

تقليص

عن الكاتب

تقليص

mohamadamin مسلم اكتشف المزيد حول mohamadamin
X
تقليص
يُشاهد هذا الموضوع الآن: 0 (0 أعضاء و 0 زوار)
 
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • mohamadamin
    حارس

    • 11 نوف, 2009
    • 37
    • متقاعد
    • مسلم

    الخميني ( كبيرهم الذى علمهم السحر )

    كبيرهم الذى علمهم السحر
    قراءة في فكر الخمينى

    يقص علينا القرآن الكريم قصة السحرة مع فرعون وموسي عليه السلام ,
    وكيف أن السحرة الذين جلبهم فرعون من صعيد مصر آنذاك كانوا أعتى السحرة في بر مصر ليتمكنوا من مواجهة ما رآه فرعون من موسي عليه السلام متمثلا في معجزات النبوة الشهيرة ,
    وعند الاختبار ..
    وبمجرد أن ألقي موسي عصاه لتلقف ما يأفكون تنبه السحرة جميعا إلى أن موسي عليه السلام ليس بساحر , بل هو حتما نبي مرسل لأن السحرة رأوا بأعينهم تحول العصا إلى ثعبان حقيقي أى أنها ليست من ألاعيب الحواة التي تسحر أعين الناس
    فأسلموا لله رب العالمين وخروا ساجدين معترفين برب موسي وهارون .,
    لكن فرعون أبي بغروره المعهود أن يستسلم لهذا الإعتراف الجماعى وقال بأن ما جرى أمامه إن هى إلا مؤامرة صاغها موسي عليه السلام مع السحرة ليمكروا به ,
    يقول الله عز وجل :
    [قَالَ آَمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آَذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلَافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَابًا وَأَبْقَى] {طه:71}
    فاتهم السحرة بأنهم تواطئوا مع موسي عليه السلام وصلبهم كما تقول القصة الشهيرة وقطعهم أشلاء ورماهم في ربوع الصعيد المختلفة والتى تسمت بأسماء هؤلاء السحرة منذ ذلك الحين ومنها مدن الصعيد الشهيرة أسيوط وإسنا وأرمنت وسوهاج ودشنا ومنفلوط وأخميم وهى قائمة بأسمائها تلك حتى اليوم ,
    وكان من ضمن اتهام فرعون أن موسي عليه السلام هو كبيرهم الذى علمهم السحر !
    وبطبيعة الحال كان الإتهام باطلا ,
    غير أن تاريخ البشرية شهد العديد من كبراء السحر الذين أضلوا من خلفهم شعوبا وأمما وتولوا كبر الكفر والشرك بالله تعالى وافتتنت بصنائعهم أمم وقبائل ,
    وليس المقصود هنا السحر بمعناه المطلق , بل المقصود هو المكر الذى تتفتق عنه أذهان شياطين الإنس لغرض واحد وهو الإضلال الجماعى عن طريق استغلال مكانة التأثير التي تتوافر لهم ,
    فكان هناك السامرى في قوم موسي , الذى أضل بنى إسرائيل باتخاذه العجل إلها لهم ,
    وكان هناك القديس بولس في النصرانية والذي أسس لما يسمى بالطبيعة الإلهية للمسيح عليه السلام والتى أدت بالنصاري فيما بعد إلى الشرك الأعظم
    وكان هناك عمرو بن لحى الذى كان أول من اتخذ أصناما في الكعبة بعد أن رآها في الشام فنقلها ونقل بدعتها إلى مكة وأقامها حول الكعبة وعكف عليها وتبعه قومه بعد ذلك حتى ظهور الإسلام ,

    وفى العصر الحديث تقف شخصية روح الله الموسوى الخمينى قائد الثورة الإيرانية في نفس المكانة إلى جوار أمثاله من كبراء الفتنة نظرا لما أحدثه من تغيير جذرى في التشيع فزاده ضلالا على ضلاله ,
    والتشيع مر بعدة أطوار ومراحل , اضطلع بكل مرحلة منها كبير للسحر من كبرائهم وكان من أبرزهم عبد الله بن سبأ أول من قال بفرض الإمامة والوصاية في الإسلام [1]
    وجاءت من بعده الأفكار الفارسية التي شكلت بقية المراحل , ومنها مرحلة شيطان الطاق الذى يلقبه الشيعة بمؤمن الطاق وكذلك سليم بن قيس الهلالى صاحب الكتاب الشهير باسمه , والذي يعد من كتب الشيعة المعتبرة بكل ما يحويه من أباطيل
    ثم جاءت مرحلة التنظير التي قادها بن مطهر الحلى والطوسي والكلينى والمفيد والطبرسي ,
    ثم مرحلة التشيع الصفوى والتى قادها باقر المجلسي وأثره في التشيع كان كاسحا حيث يعد المجلسي صاحب موسوعة بحار الأنوار واحد من الذين جعلوا التشيع الإثناعشري كفرا بواحا عن طريق اختراع العقائد الكفرية بأثر رجعى ونسبتها لأئمة آل البيت , فضلا على أنه خصص ثلاثة مجلدات كاملة من موسوعته سالفة الذكر للطعن في أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم بالإضافة إلى سائر الصحابة وأمهات المؤمنين واتهامهم بالزنا واللواط وغير ذلك من الفظائع واعتبار تلك الأمور من أسس عقيدة التشيع ,
    هذا فضلا على إضفاء عقائد الألوهية في الأئمة والغلو فيهم بدرجة أبشع من كل تصور ,
    ثم يأتى الخمينى وهو صاحب آخر مرحلة للتطور في الدين الشيعي الإثناعشري ويعد الخمينى هو الذى أنهى خرافة المهدي المنتظر لدى الشيعة الإمامية فعليا , حيث ابتكر وطبق نظرية ولاية الفقيه والتى جعلت الفقيه بمقام الإمام المعصوم تماما ونقلت سائر الإختصاصات التي كفلتها الشيعة للأئمة المعصومين إلى الفقهاء
    وهى الخطوة التي تبعتها خطوات حيث لم يكتف الخمينى بذلك بل قام بخطوتين مؤثرتين وهما
    أولا : إعادة اكتشاف التشيع من أمهات الكتب التي كانت نوعا ما مخفية , فأعاد طباعة سائر الكتب القديمة وبالذات ـ بحار الأنوار بكامل مجلداتها المائة ـ والكافي والأنوار النعمانية وغيرها , بكل ما فيها من الغلو الفاحش
    رغم أن الشاه محمد رضا بهلوى لم يجرؤ على تلك الخطوة وطباعة مجلدات بحار الأنوار كلها خوفا من انتشارها ووقوعها في يد جماهير العالم الإسلامى
    ثانيا : التنظير للشيعة بنظريات جديدة في العقائد خلافا لنظرية ولاية الفقيه وإكساب التشيع بعدا جديدا من الغلو .. وهذا الغلو في الأئمة كان ضروريا للخمينى لأنه كلما تزايدت درجة الأئمة لمصاف الآلهة علت درجة الخمينى نفسه باعتباره النائب عن الإمام المعصوم وليتسنى له زعم أن الراد عليه كالراد على الله !
    ونظرا للتأثير الذى أثر به الخمينى , سواء على الشيعة أو على السنة الذين انساقوا في فترة ما بعد الثورة الإيرانية خلف شعاراتها البراقة عن جهل شديد وتقصير أشد
    كان من الواجب التركيز على فكر الخمينى عبر كتاباته الخاصة والتى تعتبر الميزان الحقيقي الذى يوضح طبيعة المنهج الذى كان يقوم به الخمينى فعليا وهل كان هذا المنهج منهجا إسلاميا وحدوديا كما روج الإعلام له أم لا ؟!
    وقبل معالجة فكره يلزم معالجة البيئة التي أنجبته وأنجبت خلفاءه من السائرين على دربه
    لنرى ونعرف من هو الخمينى من خلال قلمه وأفعاله وتطبيقاته ,

    تمهيد تاريخى :
    ظل الفرس قبل الإسلام وعبر حضارتهم المتعمقة في قلب التاريخ ينظرون للعرب في مجموعهم على أنهم قوم من البدو المتخلفين الذين لا يصلحون حتى لمقام العبودية لسادتهم الفرس ,
    وتأصلت تلك النظرة في عهد الدولة الساسانية التي أضافت للدين الفارسي مبدأ وجوب توفر الإمامة والحكم الدينى والدنيوى في بيت واحد لا تخرج عنه ,
    فكان بيت ساسان وهو كبير كهنة المجوس في زمانه محتويا على كبراء الكهنة وفى نفس الوقت حكام الإمبراطورية الفارسية وظلت تلك السياسة قائمة حتى عهد آخر ملوكهم قبل الإسلام ,
    وعندما ظهر الإسلام وراسل النبي عليه الصلاة والسلام قيصر الروم وكسري فارس , تفاوت رد الفعل بين الروم والفرس بحسب نظرتهم للعرب ,
    فاكتفي القيصر برفض الدعوة الإسلامية بينما ثار كسري ثورة عارمة واتهم رسول النبي عليه الصلاة والسلام بالتعدى على كبرائه وقتله شر قتلة وأرسل إلى حكام ولاياته في اليمن كى يأتوه برأس هذا الذى جرؤ من العرب على دعوته ..
    وعندما تفجرت الحرب بين فارس والمسلمين بقيادة خالد بن الوليد وسعد بن أبي وقاص والمثنى بن حارثة وغيرهم من القادة العظام , دعا بعض قادة الفرس نظراءهم في جيش المسلمين إلى العودة لبلادهم بلهجة التهديد المبالغ فيه الذى لا يصدر إلا عن عنجهية عارمة في مواجهة الجنس العربي
    ومما أثار جنون الفرس على مستوى الحكام والجماهير معا ,
    أن فارس تلك الإمبراطورية الشاسعة التي وقفت ندا بند للحضارة الرومانية سقطت أمام جيوش المسلمين منعدمى الخبرة الحربية وفى خلال شهور معدودة ,
    وكان سقوط عرش كسري مدويا لدرجة لا تصدق , حتى أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه أرسل لخالد بن الوليد كى يؤجل المزيد من الفتوحات إلى فترة قادمة خوفا على الأراضي الشاسعة التي استولى عليها المسلمون خلال ثلاثة أشهر فقط ,
    وأمام هذا الإنهيار الذى لم يتكرر في تاريخ أى إمبراطورية كان من الطبيعى أن تتأزم العلاقة النفسية بين الفرس الذين لم يدخلوا الإسلام أو الذين دخلوه نفاقا وبين المسلمين العرب الذين أذلوا ناصيتهم ,
    واختلفت ردة فعل الفرس عن الروم ,
    فبينما اختارت الروم الحل العسكري للانتقام من المسلمين وتوالت المعارك عبر التاريخ من أول الفتوحات الإسلامية وحتى الحروب الصليبية ووصولا إلى المعارك التي خاضتها الخلافة العثمانية في قلب أوربا ,
    اختار الفرس الحل الأيدولوجى الفكرى القائم على تخريب عقائد المسلمين من الداخل ,
    وهو الحل الذى تنبه له الروم بعد ذلك فنشأت حركة الإستشراق التي تفرغ فيها كبار مفكري الغرب على مدى ثمانية قرون لدراسة الدين الإسلامى من مصادره الأصلية والبحث عن الثغرات التي تصلح في ثوب الشريعة واستخدامها لمحاولة هتك البناء الداخلى والثقة الكامنة في أعماق كل مسلم بدينه ,
    وانتشرت شبهات المستشرقين لا سيما في الحديث النبوى وكانت معاركهم معلنة , وكتاباتهم تفصح عن غرضها لهذا فإن خطرها لم يكن قويا بالشكل الذى كان عليه خطر الفرس ,
    فالمستشرقون لا يملكون الطبيعة النفاقية المعقدة للشخصية الفارسية [1] يمكنهم مداراة عداوتهم لهذا جاء تدارسهم لكتبنا معلنا حتى أنهم قاموا بعمل أكبر معجم مفهرس للحديث النبوى في التاريخ كى يساعدهم في البحث والتنقيب وييسر لهم الوصول إلى النصوص الحديثية التي تنتشر في أكثر ستمائة كتاب من كتب السنة ,
    وأنفقوا من الجهد والأموال ما فاق الحد لإنجاز هذا الفهرس الذى سقط فيما بعد في أيدى المسلمين فنسخوه ووزعوه واستفادوا منه استفادات عظيمة أصابت المستشرقين بضغط الدم المرتفع !
    أما الفرس , ولأنهم أخبث أمم الأرض على الإطلاق ,
    فقد تمكنوا من دس مؤامراتهم وصياغتها وحمايتها بالنفاق والمداراة والتسلسل الجزئي رويدا رويدا والتستر بمحبة آل البيت والتشيع لهم حتى يمكنهم الغوص في أعماق الجماهير المسلمة التي تتخذ حب آل البيت دينا تتقرب به إلى الله
    ولهذا فقد تلقفوا مبدأ الوصية الإلهية من عبد الله بن سبأ اليهودى أول من قال بفرض الوصاية وأن لكل نبي وصي ووصي النبي عليه الصلاة والسلام هو على بن أبي طالب وأن أبا بكر وعمر اغتصبا حقه في الخلافة ,
    فتلقف الفرس هذه النظرية وأبدعوا فيها الأشياء الجديدة المأخوذة من عقائد الساسانية فقالوا بأن الوصاية والعصمة ليست في على أبي طالب وحده بل هى في الخلفاء من أبنائه من بعده تطبيقا للنظرية الساسانية التي تحصر الملك والنبوة والعصمة والدين في بيت واحد ,
    وشيئا فشيئا ومع مجئ القرن الثالث الهجرى تمكن الفرس من تكوين عقيدة التشيع الفارسي التي اتخذت من العقائد المنحرفة دينا ونسبتها كلها لآل البيت فامتلأت كتبهم الأصولية بالقول بتحريف القرآن والقول بعقيدة البداء وهى العقيدة الخبيثة التي تعنى أن الله تعالى لا يعلم الشيئ قبل وقوعه !
    بالإضافة لعقائد العصمة في الأئمة والذين اختلفت فرق الشيعة في أسمائهم وعددهم , بالإضافة للغلو الفاحش في الأئمة وهو نفس الغلو الذي كان يقول به الساسانيون في كبار كهنة النار وأنهم يملكون أمر الكون والخلائق والتصرف فيها
    ثم دس الفرس أخطر عقائدهم ألا وهى تكفير سائر الصحابة والقول بردتهم جميعا ليتسنى لهم العبث في المصادر الأصلية من القرآن والسنة وصرف الناس عنها باعتبار أن الصحابة هم نقلة القرآن ونقلة السنة ,
    ونفذوا غرضهم فاعتبروا القرآن محرفا وبالتالى تسقط أحكامه , ومن هنا نفسر تلك الظاهرة المقيتة من الروافض في الاستهانة بصريح آيات القرآن وتعطيل الأحكام وإهمال حفظه وتجويده وتفسيره وتدارسه بل مجرد قراءته قراءة سليمة
    وردوا سنة النبي عليه الصلاة والسلام وهى السنة الثابتة باعتبار كفر الصحابة واخترعوا سنة أخرى منسوبة إلى أئمة أهل البيت فيها من الكذب والإفتراء ما لم يتوفر لموهبة في حجم مسيلمة الكذاب !
    ثم جاءت عقيدة اعتبار القول بالإمامة والوصية على أساس أنها كشهادة التوحيد ولا يقبل الإيمان بالله ورسوله عليه الصلاة والسلام من غير القول بالإمامة والتبرؤ من كل الصحابة السابقين في الخلافة[2]
    وبالتالى كفروا جميع المسلمين واعتبروهم أنجس من اليهود والنصاري طالما أنهم أنكروا القول بالإمامة والأهم من ذلك جعلوا أهم القربات إلى الله هى استباحة أموال ودماء أهل السنة باعتبارهم نواصب لأهل البيت ,
    وبذلك تشكلت العقيدة الشيعية الفارسية التي رعاها الفرس الأوائل ثم تقادم الزمن وظلت الفرقة الإمامية الإثناعشرية هى المتحدث الرسمى باسم تلك العقيدة , بعد أن قامت لهم عدة دول في التاريخ قامت برعاية تلك العقائد
    ومظاهر التأثير الفارسي على كتب الإمامية الإثناعشرية تتضح في أن الكتب الأصولية الثمانية المعتمدة في المذهب كلها من تأليف الفرس لا يوجد بينهم عربي واحد , وحتى أكابر علمائهم عبر العصور يندر أن يوجد بينهم عربي حتى في عصرنا الحالى الذى تسيطر عليه القومية الفارسية إلى أقصي درجة ولا يوجد الآن مرجعية واحدة من مراجع الشيعة تستند إلى أصل عربي بل كلهم من الفرس وحتى المرجع العربي الوحيد المعاصر وهو محمد حسين فضل الله أعلنت الحوزات العلمية في قم والنجف البراءة منه والقول بتكفيره وأسست الحوزة العلمية موقعا كبيرا على الإنترنت أطلقوا عليه اسم ضلال نت للتحذير من فضل الله واعتباره كافرا مارقا عن الإسلام !
    ويتولى المرجعية الآن حتى في العراق الآية العظمى السيستانى وهو إيرانى الجنسية وحتى عندما عرضوا عليه الجنسية العراقية رفض قبولها مما يدل على طبيعة الأعماق الفارسية المتجذرة فيه !

    الهوامش
    [1] ـ التشيع .. عقيدة أم عقدة نفسية ـ د. طه الدليمى
    [2]ـ نقل المفيد أكبر شيوخ الإمامية الإثناعشرية القدامى اجماع الإمامية على أن منكر الإمامة ضال مستحق للخلود في النار وأن أبا بكر وعمر ضالان كافران بتقدمهما على على بن أبي طالب وذلك في كتابه أوائل المقالات وهو كتاب معتمد لدى الشيعة المعاصرين وتوافق كافة المرجعيات الشيعية المعاصرة في قم والنجف على هذا القول ويتولى مركز الأبحاث العقائدية التابع للسيستانى الترويج لهذا الكتاب
  • mohamadamin
    حارس

    • 11 نوف, 2009
    • 37
    • متقاعد
    • مسلم

    #2
    رد: الخميني ( كبيرهم الذى علمهم السحر )

    عصر الخمينى :


    منذ ظهر الخمينى في بؤرة الأحداث مع منتصف السبيعينات وحتى قيامه بالثورة على نظام الشاه , انبهر به الكثيرون في العالم الإسلامى من جانبين ,
    الجانب السياسي :
    وهو الجانب الذى أيده فيه بعض الصحفيين والمفكرين السياسيين ورأوا في تجربته الثورية تجربة سياسية ناجحة تستحق أن تلتفت لها الدول العربية , وهؤلاء المفكرون بطبيعتهم لم يكونوا ينظرون إلى الجانب الدينى أو العرقي وتأثيره في الخمينى وعلى سياساته لأنهم ينتمون إلى مدرسة علمانية الهوى وتعتمد على الحقائق السياسية وموازناتها ولا يمثل الدين لهم إلا شأنا عقديا شخصيا لا يفترض أن يدخل في تحديد المواقف السياسية ,
    ومن أبرز المناصرين له ولمواقفه السياسية هم المفكر السياسي البارز محمد حسنين هيكل الذى اهتم بالشأن السياسي الإيرانى اهتماما كبيرا منذ ألف أول كتبه في الخمسينيات عن إيران تحت عنوان إيران فوق بركان وعالج فيه التطورات السياسية لثورة محمد مصدق , وأيضا من خلال اهتمامه البالغ بشخصية الخمينى وتجربته التي وضع فيها مؤلفه الشهير ثورة آية الله والذي يعتبر مرجعا رئيسيا في التاريخ السياسي للثورة الإيرانية ,
    ومن الجدير بالذكر أن دفاع هيكل عن الخمينى اقتصر على الجانب السياسي وحده ولم يتطرق إلى المجال الدينى باعتبار وجهة نظره الشخصية التي يعتقد بها وهى أن الجانب الدينى غير مؤثر في مواقفه السياسية ومن هنا فإن خطأ هيكل في تقييم شخصية الخمينى جاء منطقيا ومقبولا نظرا لأن هيكل لا يملك أى خبرة بالمجال العقائدى ولا يتعرض له أبدا وهو تصرف يُحمد له من وجهين :
    الأول : أن تقييمه للخمينى ودعوته للعرب إلى الوحدة معه جاء خطأ بعذر وهو إغفاله للجانب العقدى الذى ينطلق منه
    الثانى : احترام هيكل لنفسه ولقرائه عندما عزل نفسه عن الدفاع الدينى عن الخمينى والتورط في هذا الجانب
    وكذلك منهم الكاتب الصحفي البارز إبراهيم عيسي الذى يأتى اهتمامه بالخمينى إلى حد الدفاع عن معتقدات الشيعة عامة ومحاولة التلبيس على كل الإتهامات الموجهة لهم والتى أجمع عليها علماء الإسلام في كل العصور
    وإبراهيم عيسي بتوجهه الليبرالى ليس معذورا كهيكل لأن اهتمامه بالجانب الدينى معروف وله قراءاته في التاريخ فضلا على أن مثله لا يغيب عنه أقوال علماء الإسلام في الرافضة ,
    ومنهم كذلك حمدى قنديل الكاتب السياسي البارز وحاله كحال هيكل حيث لا خبرة له بجانب المعتقد ومن هنا جاء تأييده لحزب الله ورئيسه حسن نصر الله أبرز تلاميذ الخمينى المعاصرين
    وهو موقف حتى لو سلمنا جدلا بصحته , فلا يصلح للقياس في حالة الخمينى الذى تنطلق توجهاته السياسية من خلال أفكاره ومعتقداته ,
    أى أن المصدر الأصلي والرئيس لتوجهاته السياسية ومواقفه فيها مبنى تماما على ما يعتقده في عقيدة التشيع , وبالتالى لا يمكن ـ وفق منهج المنطق السياسي ـ إهمال الجانب الدينى في تحليل مواقفه السياسية

    الجانب الإسلامى :
    وهم بعض المفكرين والفقهاء الذين ناصروا الخمينى ودعوته واستجابوا لنداء التقية الذى مارسه الخمينى باحتراف , وحتى عندما انجلت بعض الحوادث عن ما يهتك ستر التقية استمر هؤلاء المفكرون والفقهاء في تأييد الخمينى ومحاولة تأويل تصرفاته والتماس العذر له حتى لو كانت تضرب في أسس الثوابت العقدية الإسلامية وتتعلق بعرض النبي عليه الصلاة والسلام والصحابة والجيل الأول !
    وكان مبعث تشجيعهم ليس قائما على تأييد الخمينى بقدر ما هو قائم على كراهية التيار السلفي ومعاداته وبالتالى معاداة أى توجه له ومن ضمن هذه التوجهات عداء التيار السلفي للشيعة الإثناعشرية ,
    وكان من أبرزهم مع الأسف الشديد الدكتور محمد الغزالى الداعية المعروف , والمشهور عنه عداؤه للتيار السلفي والذي تنضح به كتاباته , مما دعاه إلى اتخاذ الموقف المعاكس للسلفيين تجاه الخمينى والشيعة عامة لدرجة وصلت به إلى القول أن وحدة المسلمين لن تتحقق إلا إذا اتحدوا خلف الإمام الخمينى ـ على حد تعبيره ـ
    ومن أشهر المفكرين الإسلاميين تأييدا للخمينى والشيعة كان فهمى هويدى والذي كتب كتابه إيران من الداخل والتمس فيه الأعذار القبيحة لجرائم الرافضة ومعتقداتهم بل ووصل به الأمر إلى حد تبرير اعتداء الخمينى الصريح على الصحابة وأمهات المؤمنين , واستمر إلى اليوم منافحا ومدافعا عنهم رغم الظهور الإعلامى الساحق لحقيقة معتقدهم
    ويأتى قبل فهمى هويدى في مرتبة التأييد المفكر د. محمد سليم العوا والذي يعتبر في العصر الحديث هو أحد أكبر مناصري الشيعة في تاريخهم بالمجتمع السنى ودافع عن الشيعة كمعتقد وكسياسة ووصلت به الدرجة إلى قبول المرافعة عن خلية حزب الله التي تم اكتشافها في مصر وعقد المؤتمرات الصحفية والمقالات والبحوث التي تنافح عنهم رغم أننا بالعصر الحديث وبعد تعدد وسائل الإتصال لم يعد خافيا على أى أحد حقيقة معتقد الشيعة وتاريخهم وخطورتهم على الإسلام لا سيما إن كان المتحدث مفكرا إسلاميا بحجم العوا !
    أما الأمر الغريب بشأنه والمثير للتساؤل أنه عمل كنائب لرئيس الإتحاد العالمى لعلماء المسلمين والذي أسسه الدكتور يوسف القرضاوى أثناء عمله في مشروع التقريب بين السنة والشيعة وجعل أحد نوابه أيضا واحدا من مراجع الشيعة الكبار
    غير أن القرضاوى تراجع عن موقفه هذا تماما وانقلب إلى عدو لدود للشيعة الإثناعشرية بعد يأسه التام من تغير نظرياتهم القائمة على الحقد الكامل للجنس العربي والمبادئ والثوابت الإسلامية ,
    وانقلب القرضاوى منافحا عن السنة في مواجهة الرفض الشيعي وهم بدورهم انقلبوا عليه وبلغوا حدا بعيدا من سبابه وتكفيره حتى هددوه بالقتل تهديدا صريحا ,
    وموقف القرضاوى هنا مماثل لكل العلماء السابقين عليه الذين حاولوا التقريب وأحسنوا الظن بالشيعة الإثناعشرية ثم انقلبوا عليهم بعد تجربتهم اليائسة وكان من أشهرهم في القرن الماضي الشيخ موسي جار الله
    ورغم هذا الكشف الواضح لحقيقة الشيعة أمام عيون العوا متمثلا فى شيخه القرضاوى إلا أنه استمر على موقفه حتى يوم الناس هذا


    وإذا كانت الجانب الإسلامى قد قتل بحثا وتفرغ الكثيرون من مفكري الإسلام وفقهائه وعلمائه الكبار للتصدى له وبيان حقيقة الخمينى نفسه وحقيقة المنهج الإثناعشري ,
    فإن المجال السياسي وتحليله وبيان الربط بين التصرفات السياسية للخمينى وبين اعتقاده الدينى لم يحظ بمثل هذا الإهتمام الذى يحتاج إلى إلمام تام بالظروف السياسية والعلوم المتخصصة في القانون الدولى وطبيعة الصراعات على الساحة السياسية في تلك الآونة , جنبا إلى جنب مع الإلمام بالجانب العقائدى
    ولا يوجد مؤلف في هذا المجال إلا بعض المؤلفات النادرة ومنها وجاء دور المجوس للدكتور عبد الله الغريب الذى أجاد فيه التعرض للجانب السياسي ببراعة , وكذلك مؤلفات الباحث أحمد فهمى الذى عالج السياسة الشيعية لإيران ومدى علاقتها بمعتقداتها الدينية في كتابيه عن العراق وعن حزب الله

    الحالة السياسية الإيرانية قبل الثورة :
    انخدع الكثيرون بالشعارات البراقة التي ساقها الخمينى واحتوت على تعابير الوحدة الإسلامية والمناداة بأن ثورته إسلامية وليست عنصرية أو مذهبية أو طائفية , كما انخدعوا كثيرا بمسألة هجومه الدعائي على الغرب متمثلا في الولايات المتحدة وفى إسرائيل باعتبارها الذراع الأمريكية الإقليمية للولايات المتحدة ,
    واتبع الخمينى في هذا الأمر سياسة اكذب .. اكذب ..حتى يصدقك الناس
    ونظرا لأن الجماهير في المعتاد تسير وفق ما يوجهها الإعلام في غياب الإهتمام باستقراء الأحداث على أرضية الواقع ووفقا لما تقوله الوثائق المعلنة والكتابات التي يقوم عليها المتخصصون في الشأن السياسي ,
    فقد ظنت الجماهير أن نداءات الخمينى توافق الواقع , وهى في حقيقتها تخفي أمرا آخر مضادا للخطاب المعلن وفق نفس النهج السياسي الذى يتبعه كل رؤساء الديكتاتورية في الشرق الأوسط فيطلقون التصريحات للإستهلاك المحلى والإتفاق مع الغرب لترضية جماهيرهم بينما تجرى الإتفاقات السرية على أرض الواقع جريان الأنهار والبحار لا يوقفها سد ,

    وهى سياسة معروفة ومعلومة في العالم أجمع ويلجأ إليها رؤساء الدول على اختلاف مناهجهم وإن كانت في الغرب تعد ظاهرة قاصرة ونادرة نظرا للرقابة الشديدة على أعمال الحكومات ووجود نظم ديمقراطية تكشف أى اتفاقيات سرية تنفذها السلطة التنفيذية بمعزل عن الرقابة التشريعية ,
    وإذا ما انكشف أمر تلك العمليات فإنها تصبح فضائح مدوية مثل فضيحة ريتشارد نيكسون المعروفة باسم ووتر جيت التي كشف وثائقها الصحفي اللامع بوب وودورد , وفضيحة الخداع السياسي في الحرب على العراق التي قام بها جورج دبليو بوش بناء على تقارير استخباراتية ملفقة وكشفها مدير المخابرات الأمريكى السابق جورج تينت عندما خرج من منصبه وشارك فيها كذلك ريتشارد كلارك المستشار السياسي السابق لحكومة بوش والذي استقال من منصبه وفضح تلك الأمور في كتابه الصادر بشأن تلك الأحدث بعنوان بوش في حرب ,

    تعليق

    • mohamadamin
      حارس

      • 11 نوف, 2009
      • 37
      • متقاعد
      • مسلم

      #3
      رد: الخميني ( كبيرهم الذى علمهم السحر )

      وكذلك ساهم فيها بوب وودورد بكتابه خطة الهجوم [1]
      أما في عالم الشرق الأوسط وفى كل النظم الديكتاتورية فليس متاحا أن تنكشف الحقائق والوثائق بمثل تلك السرعة التي تحدث في الغرب نظرا لطبيعة الحكم الديكتاتورى وتعتمد تلك الكشوف على الصدفة أو المقدرة الخاصة لبعض المحللين والمفكرين السياسيين , وغالبا ما تنكشف المؤامرات السرية المخالفة للتوجه العلنى للدول الدكتاتورية عندما تكون الفضيحة خاصة بنشاط سري تم بين هذه الدول وبين الدول الغربية حيث يجيئ كشفها على يد الغرب نفسه الذى لا يوجد فيه سر مطلق ولا يمكن أن تختفي فيه الوقائع الحقيقية لفترات طويلة من الزمن

      وفى موسوعة المفاوضات السرية بين العرب وإسرائيل وفى الجزء الثالث منها كشف محمد حسنين هيكل عن البنود السرية في اتفاقية أوسلو التي تمت بين منظمة التحرير الفلسطينية برياسة عرفات وبين إسرائيل برياسة حكومة اسحق رابين وفى عهد وزير الخارجية شيمون بيريز رئيس إسرائيل الحالى ,
      وكان من أهم تلك البنود التي سجلتها الإتفاقية هى وجود فترة سماح تمتد إلى بضعة شهور يقوم فيها عرفات بالحديث الحر على غير أساس من الواقع عن الإتفاقية ويوضح فيها تمسكه بالدولة الفلسطينية كاملة السيادة ويعلن فيها أن القدس غير قابلة للتفاوض وأن حق اللاجئين مكفول في العودة
      إلى غير ذلك من الإعلانات السياسية التي يخادع بها شعبه والعالم العربي وتخالف واقع الإتفاقيات التي نصت صراحة على أن هذه الموضوعات غير مدرجة أصلا في واقع الإتفاقية ,
      وهو ما أثبته الواقع العملى حيث لم يتم تكوين دولة فلسطينية ولا حتى ناقصة السيادة , فضلا على أن إسرائيل أعلنت أكثر من مرة أن القدس عاصمة أبدية لإسرائيل ,
      أما في شأن اللاجئين فقد اتفق عرفات على عدم مطالبة إسرائيل بهذا الحق أصلا [2]
      وقد بلغت مرونة عرفات ــ ومن بعده نظام أبي مازن ــ مع الإسرائيليين واستجابتهم لكافة الطلبات الإسرائيلية سواء في السر أو في العلن في وقتنا الحاضر , بلغت هذه المرونة حدا عبر عنه شيمون بيريز في مذكرته بقوله
      هؤلاء ليسوا طرفا مفاوضا عن الفلسطينيين , هؤلاء يهود لكنهم يلبسون الوشاح الفلسطينى [3]
      ورغم ذلك فالخطاب المعلن لياسر عرفات ونظامه من بعده كان قائما على الهجوم المصطنع على السياسة الإسرائيلية والتعريض بها والدعوة لجهادها على غير أساس من الواقع وهذا النظام نفسه يعتبر العامل الرئيسي للعربدة الإسرائيلية
      ورغم تصريح بيريز فى مذكراته بعد اعتزاله الحياة السياسية إلا أن الذى يعود إلى تصريحاته أثناء توليه المسئولية يجدها تحمل أيضا صيغة الهجوم والتعريض والحديث عن التفاوض باعتباره طرفا مقابلا وخصما
      من هنا نكتشف الفارق الشاسع بين الخطاب العلنى لأى نظام سياسي وبين السياسة والمنهج السري الذى تنتهجه الأنظمة ـ الشرق أوسطية بالذات ـ فى أمر العلاقات مع النظم الغربية ,

      الأمر الآخر الذى يلزم التنويه عنه لفهم الثورة الإيرانية وخلفياتها , هو ضرورة معرفة طبيعة الصراع الذى جرى بين القوتين العظميين الولايات المتحدة والإتحاد السوفياتى في تلك الآونة ,
      ومدى تأثير حلقات تلك الصراع على المنطقة الأكثر أهمية في العالم وهى منطقة الشرق الأوسط والتى كانت بحق المعقل الرئيسي لصراعات القوى العظمى حتى سقوط الإتحاد السوفياتى ,
      فالعالم أجمع منذ بدء تاريخ الحضارة المكتوب كانت دائما ما تتنازعه قوتين عظميين في العالم تتجاذبن النفوذ السياسي على غيرهما من الدول وتتدخلان في شئونها لصالح مصالحها ,
      ولم يحدث أن خلا العالم من تلك القوى المتناحرة والمستغلة والمقاومين لها والمتواطئين معها , إلا في عصر الخلافة الإسلامية التي امتدت من الخلافة الراشدة التي أسقطت الإمبراطوريتين الرومانية والفارسية وانفردت وحدها بقيادة العالم أجمع واستمرت السيطرة وزادت في عهد الدولة الأموية التي يدين لها التاريخ الإسلامى بأنها الخلافة الإسلامية التي حكمت أقصي مساحة في تاريخ الإسلام بل وفى تاريخ العالم أجمع من الصين شرقا وحتى الأندلس غربا , وتلتها الخلافة العباسية أيضا على معظم هذه الرقعة فيما عدا الأندلس التي انفرد بها عبد الرحمن الداخل ودولته الأموية المعاصرة للعباسيين[4]
      واستمر هذا الإنفراد بقيادة العالم حتى سقوط الدولة العباسية على يد المغول وبدء ظهور الخلافة الإسلامية المجزئة إلى دول مستقلة ,
      وعادت مرة أخرى سيطرة القطب الواحد في القرون الأولى لحكم الخلافة العثمانية
      كما كانت الخلافة الإسلامية في عصرها هى الدولة الوحيدة الغير استعمارية التي حملت مقدرات العالم وتعاملت مع سائر الشعوب الداخلة في دولتها معاملة متساوية بين المواطنين فيها فضلا على أنها ما كانت تتدخل أو تنقض شأنا داخليا للدول الأخرى التي تتفق معها في هدنة أو سلام
      وفى العصر الحديث تميزت سياسة السيطرة الدولية للقوى العظمى وتطورت في عصر فرنسا وإنجلترا اللتان تقاسمتا قيادة العالم منذ عصر النهضة وحتى الحرب العالمية الثانية ,
      وظهرت لأول مرة مفاهيم الصراع السياسي الإقليمى بين القوى العظمى والذي يلقي بآثاره على الدول الأقل شأنا وسيطرة لا سيما في ظل اكتشاف الطاقة والبترول حيث صارت منابع الثروة الإقليمية في العالم رهنا دائما بالصراع السياسي بين القوى العظمى بعد ظهور وبروز عنصر الطاقة والإقتصاد كأشد العوامل تأثيرا في الساحة الدولية ,
      ومن أهم مفاهيم الصراع السياسي المعاصر بين القوى العظمى ظهور ما يسمى شرطى الحراسة وهو لقب تطلقه الدول العظمى على الدول التي تقع تحت سيطرتها السياسية التامة فتصبح تلك الدول أشبه بجندى حراسة على مصالح الدولة العظمى التي تتبعها وتكون سياستها مرهونة بشكل دائم بسياسة الدولة المسيطرة ,
      وكانت إيران ـ باعتبارها من الدول الإستراتيجية في المنطقة ـ موضع اهتمام القوى العظمى لوجود البترول فيها ولموقعها الجغرافي شديد الأهمية , ولهذا عندما جاء رضا بهلوى إلى السلطة رهن نفسه بالسيطرة الإنجليزية التي ورثها عن الصفويين ومثل للإنجليز دور شرطى الحراسة التي يتكفل لهم بموارد الطاقة الإيرانية , فضلا على تكفله برعاية مصادر الطاقة الأخرى في دول الخليج الصغري الأقل شأنا من إيران في القوة العسكرية والتكوين السياسي
      وجاء بعده محمد رضا بهلوى الذى انتقل في التبعية للولايات المتحدة الأمريكية التي ورثت الإمبراطورية الإنجليزية العجوز واحتلت مواطن السيطرة السياسية الخاصة بها ,
      واتخذ محمد رضا بهلوى من المستشارين الأمريكيين رجالا لدولته حتى تجاوز عدد الخبراء الأمريكان في الجيش والسلطة أربعين ألف خبير فضلا على سيطرة القادة الأمريكيين على الجيش الإيرانى وتسليحه بحيث صار الولاء الفعلى للجيش الإيرانى رهنا بالولايات المتحدة في المقام الأول ثم للشاه ونظامه ,
      والسياسة الأمريكية في التعامل مع شرطة الحراسة معروفة لخبراء التحليل السياسي في أنها قائمة على الدعم الكامل والحماية الكاملة للنظام العميل القائم في الدول التابعة بشرط أن يظل مقيدا بالمصالح الأمريكية ولا يشذ عن الخط المرسوم له
      فإذا تجاوز الخط بمقدار خطوة واحدة تستنتج منها الولايات المتحدة أنه بدأ يلعب دوره على المسرح السياسي مستقلا عن الملقن الأمريكى فعندئذ تقوم الولايات المتحدة بتشجيع الحركات المناهضة له وإسقاطه واستبداله بغيره ,
      وأعادت الشاه لعرش الطاووس كحاكم ديكتاتورى فرد بعد أن كان د. محمد مصدق رئيس الوزراء وهو حينئذ كانت له الشعبية الساحقة فضلا على شعبيته بين قادة النظام , قد تمكن بالفعل من تجميد الشاه في مكانه الدستورى كملك يملك ولا يحكم بعد نجاح تياره في اغتيال رئيس الوزراء السابق رزنام آراه الموالى للشاه ومنعوا أئمة المساجد من مجرد السيطرة عليه وعندما أراد الشاه أن يتدخل لدى البرلمان لتعيين رئيس الوزراء الجديد رفض المجلس بقيادة مصدق ـ الذى كان عضوا برلمانيا في ذلك الوقت ـ وتم تعيين مصدق نفسه كرئيس للوزراء برغم أنف الشاه وتفعيل القواعد الدستورية باستقلال الحكومة في ممارسة وظائفها بعيدا عن تأثير القصر الملكى وقام مصدق بإصدار قراره الشهير بتأميم شركات البترول الموجودة بإيران وأجبر الشاه على التوقيع وجعله مجرد رمز شكلى في الحكم
      بالإضافة إلى ذلك النفوذ الذى كان يتمتع به مصدق في الداخل كان يمتلك مثله وأكثر في الخارج نظرا لوجود الإتحاد السوفيتى خلف ظهره يحميه من التدخل الأجنبي المتمثل في الإنجليز بموجب المعاهدة المعقودة بين إيران والإتحاد السوفياتى للتدخل العسكري عند الحاجة
      أى أن ثورة مصدق كانت تتفوق بعشر مرات على الأقل في مستوى قوتها عن ثورة الخمينى التي لم يكن لها قوة الثورة الدستورية لمصدق ولا قوتها السياسية والشعبية
      ومع ذلك فلم تألو السلطة الأمريكية جهدا من إعادة الوضع لما كان عليه وعزل مصدق ومحاكمته بالقوة الجبرية نظرا لخطورة نظام مصدق الذى أعلنها حربا شعواء وصادقة ضد الإنفراد الأجنبي بثروات بلاده وقام بإجراء التأميم التي لقن الغرب درسا حقيقيا وكاد أن يجعل من إيران دولة مستقلة السيادة تقف كحجر عثرة أمام الطموحات الغربية
      ولم تلتفت الولايات المتحدة لأى عواقب وهى تتدخل بتلك الطريقة الفجة المعلنة وتنفذ عمليتها الشهيرة باسم الإنقلاب المضاد وتعيد الأمور إلى مكانها ويتم تعيين الجنرال زاهدى كرئيس للوزراء خلفا لمصدق
      [5]

      ولم تلتفت الولايات المتحدة لأى عواقب وهى تتدخل بتلك الطريقة الفجة المعلنة لتقلب الإنقلاب وتعيد الأمور إلى مكانها رغم وجود عامل سياسي هام كان يرجح ثورة مصدق ,
      هذا العامل هو وجود إيران على مرمى حجر من الإتحاد السوفياتى الذى كان يشتاق إلى للسيطرة على إيران ووجد الفرصة سانحة في ثورة مصدق الذى كان ينتمى للتيار الشيوعى الماركسي ,
      والإتحاد السوفياتى في ذلك الوقت كان في أوج قوته في الخمسينيات في عهد أشرس رؤسائه نيكيتا خروشوف [6], ورغم ذلك خاطرت الولايات المتحدة باستفزاز الإتحاد السوفياتى في سبيل الحفاظ على عميلها الأثير
      وهو الإجراء الذى لم تقم بتكراره مع ثورة الخمينى رغم دخول الإتحاد السوفياتى النفق المظلم في تلك الفترة من نهاية الثمانينات في عهد برينجنيف الذى كان صاحب أول مسمار في نعش السوفيات , وبدأت السيطرة السوفياتية تغوص داخل مشاكلها الداخلية وأزمة الإقتصاد وتخلت عن سائر مناطق الصراع في الشرق الأوسط مع الولايات المتحدة منذ قيام مصر وسوريا بحرب أكتوبر التي أنهت الوجود السوفياتى من مصر بعدها باتجاه السادات للسياسة الأمريكية ,
      ورغم أن الخمينى لم يكن يمتلك السلطة ولا السيطرة السياسية وكان الجيش الإيرانى في ذلك الوقت أقوى جيوش المنطقة تسليحا وعددا وكان بأكمله في قبضة الشاه ظاهريا , إلا أن الجيش وقبل نجاح الثورة فعليا أعلن أنه على الحياد من الصراع السياسي الدائر بين الشاه والشعب !
      وبالتالى رفض الجيش التدخل والمبرر من السهل إدراكه إذا عرفنا أن الجيش في ذلك الوقت كان يخضع لقيادة سبعة آلاف قيادى أمريكى يشرفون عليه ومنهم يتلقي الأوامر فضلا على الخبراء غير القياديين [7]
      وكان القادة الإيرانيون للجيش يدينون للشاه بالولاء لكن ليس باستقلال تام عن الرغبة الأمريكية التى كانت تضع فى أماكن القيادة الحساسة رجالها والمؤيدين لها أو على الأقل غير المتعارضين مع سياساتها ,

      الهوامش
      [1]ـ صدر كتاب خطة الهجوم مترجما عن دار العبيكان للنشر والتوزيع ـ بالسعودية ـ و كتاب بوش فى حرب مترجما ضمن سلسلة أمريكيات عن دار أخبار اليوم بالقاهرة
      [2]ـ المفاوضات السرية بين العرب وإسرائيل ـ الجزء الثالث سلام الأوهام ـ محمد حسنين هيكل ـ دار الشروق
      [3]ـ د. عبد الله النفيسي ـ محاضرة بعنوان حال الأمة اليوم
      [4]ـ دولة الإسلام في الأندلس ـــ محمد عبد الله عنان
      [5]ـ مدافع آية الله ـ محمد حسنين هيكل
      [6]ـ سنوات الغليان ـــ محمد حسنين هيكل
      [7]ــ وجاء دور المجوس ـ مصدر سابق

      تعليق

      مواضيع ذات صلة

      تقليص

      المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
      ابتدأ بواسطة محمد بن يوسف, 1 نوف, 2021, 03:55 م
      ردود 0
      59 مشاهدات
      0 ردود الفعل
      آخر مشاركة محمد بن يوسف
      بواسطة محمد بن يوسف
      ابتدأ بواسطة Bassel Naufal, 6 أبر, 2021, 10:21 م
      رد 1
      3,645 مشاهدات
      0 ردود الفعل
      آخر مشاركة Bassel Naufal
      بواسطة Bassel Naufal
      ابتدأ بواسطة Ibrahim Balkhair, 1 سبت, 2020, 09:39 م
      رد 1
      112 مشاهدات
      0 ردود الفعل
      آخر مشاركة د.أمير عبدالله
      ابتدأ بواسطة محمد بن يوسف, 11 يول, 2019, 03:19 ص
      ردود 0
      68 مشاهدات
      0 ردود الفعل
      آخر مشاركة محمد بن يوسف
      بواسطة محمد بن يوسف
      ابتدأ بواسطة محمد نصيف المحاور, 1 ينا, 2018, 07:11 م
      رد 1
      291 مشاهدات
      0 ردود الفعل
      آخر مشاركة محب المصطفى
      بواسطة محب المصطفى
      يعمل...