قيل: إنّ القرآن من تأليف محمد صلى الله عليه وسلم. صاغه بأسلوبه، وعبّر عنه ببيانه، ونمّقه ببلاغته، وزخرفه بتهيؤاته، ودعمه بمعجزاته، ثم نسب! ه إلى خالقه، وادعى أنه وحيه، ليكسيه حالة قدسية، جذباً لاحترام، وثقة الناس فيه، ليصبو به إلى مآربه الدنيوية في التسلط، والسيادة، والحكم، والزعامة.
هكذا قيل عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
* رد هذه الشبهة:
أولاً: إذا كان القرآن من تأليف محمد، فحديثه الأضعف منه بلاغة، وفصاحة، وبياناً، يكذب ذلك. لأن الأولى ألا ينسب لنفسه حديثاً، وأن يجعل كل كلامه قرآناً فالتمايز بين القرآن، والحديث النبوي على درجة من والوضوح، بحيث لا يخفى على أحد، وعلى الأخص على فطاحل اللغة العربية. فالقرآن في أسلوبه، ونمطه، وبيانه وتناسقه، وخصائصه ال! أخرى تجعله فريداً في نوعه، مميزاً عن كلام البشر، حيث جاء معجزاً، متحدى به، لم يستطع أحد أن يعارضه، أو يقلده، أو يضاهيه، أو يعيبه، أو يأتي بمثله، أو حتى يحرّفه. أما الحديث النبوي ـ وإن بلغ الذروة في فصاحته، وبيانه ـ فقد تناولته ألسنة المعارضة، والتقليد، والتحريف، فهو لم يجيء معجزاً، ولم يتحد به، ولذا فقد مسّته شواهد التحريف، فكان منه الحديث الصحيح، والحسن والضعيف، والموضوع.
- وأما ادعاء أعداء الإسلام أن لكلام محمد ضربين من الكلام:
الأول: وهو القرآن وقد جاء به على انتظار، وتمهل، وترتيب، وتحضير، فأكسبه مزيداً من التهذيب، والتنميق.
والثاني: وهو الحديث النبوي، فعبر عنه دون تريث، أو تفكير، أو تمهل، فجاء محرراً من كل تنميق. ويرد عليهم:
أولاً : بأن القرآن الكريم نزل معظمه على النبي محمد صلى الله عليه وسلم فجأة من غير إرادة منه، ومن غير انتظار، أو تمهل، أو تريث، ورغم ذلك فجاء منمقاً، مهذباً، سامياً في لغته، وأسلوبه، وإعجازه. ونفس الشيء بالنسبة للحديث النبوي: فمنه ما جاء على انتظار، وتمهل وتريث، ومنه ما جاء على غير ذلك.
ثانياً : إن القرآن الكريم لو كان من تأليف محمد، لكان قد نسبه إلى نفسه، و لكان قد ادعى الألوهية فضلاً على النبوة، فيكسب مزيداً من ثقة الناس فيه، فتزيد قداسته فيهم، وبالتالي تتقوى زعامته فيهم، ويشتد تسلطه عليهم. فلو كان القرآن من تأليف محمد لكان الأولى ألا يفرق بينه وبين الحديث، ولا ينتظر أن ينسبه غيره إليه ولكن كما قال الله عنهم في القرآن { كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ م! ِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا(5) }الكهف
فالمؤكد تماماً حتى عند أدعياء الكفر أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم لم يدّع جاهاً، ولا زعامة، ولا دنيا، وهو الذي قال لأعرابي عندما هالته عظمة النبوة: «هوّن عليك، فإنما أنا ابن امرأة كانت تأكل القديد بمكة». ومن الثابت أيضاً حتى بالنسبة لأدعياء الكفر أنه لم يدّع كتاباً، أو علماً من عنده، وما هذه الشبهات إلا من قبيل الكفر، والكفر عناد. و النبي محمد صلى الله عليه وسلم هو الذي قال فيه ربه في سورة العنكبوت: { وَمَا ! كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ(48) }
ثالثاً: إن القرآن الكريم لو كان من تأليف محمد لاستطاع أئمة الفصاحة، والبلاغة، والبيان من العرب أن يكتشفوا ذلك، وكان سهلاً عليهم، فيدحضوا به زعم محمد أن القرآن يوحى إليه من عند الله من جهة، ويقلدونه ـ وهم قد عجزوا عن ذلك ـ من جهة أخرى. فالقرآن الكريم ـ وهم أهل الفصاحة، والبيان ـ أعجزهم في لغتهم، وغزاهم في بلاغتهم، وتحداهم أن يجاروه، ولو بأقصر سورة منه تتكون من ثلاث آيات، وهي سورة الكوثر، ولكن هل استطاعوا؟ ...
قال تعالى: { وَإِنْ كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ(23) }البقرة
ولكن هل استطاع هؤلاء العرب ـ وهم أصحاب الصناعة البيانية، والبلاغية الفائقة ـ أن يجاروا هذا القرآن، أو يعارضوه، أو يقلدوه؟ ... وهل قبلوا التحدي، وهم ملاك النباهة، والحسّ والذوق الأدبي الرفيع؟ الجواب على ذلك أبداً: فقد عجزت أقلامهم، وخرست ألسنتهم، وسقطت شبهاتهم، وفنّدت ادعاءاتهم.
رابعاً: إن القرآن الكريم لو كان من تأليف محمد، لكان أسرع الناس في الرد على مَن حاجّهُ في ادعائه، أو افترى على زعمه، أو اعتدى على حرماته. فهذه قصة الإفك التي نالت من شرف زوجته عائشة، ومن كرم نبوته، فقد تأخر نزول الوحي بالقرآن تبرئة لها حوالي الشهر ذاق هو، وزوجته الأمرين طيلة هذه المدة، فلو كان القرآن من تأليفه، فما الذي يمنعه من الرد السريع القاطع لألسنة المتقولين في شرفه؟ ... ولكن، وأنّى لرسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتقول على الله، أو يتقول على الناس.
وهذه! قصة تحويل القبلة من بيت المقدس إلى المسجد الحرام، حيث صلّى الرسول صلى الله عليه وسلم ، وصحابته حوالي ستة عشر شهراً نحو بيت المقدس بقي طيلة هذه المدة يقلب وجهه في السماء راجياً من الله تعالى أن يحول القبلة إلى المسجد الحرام بمكة، فاستجاب الله له، مصداق قوله تعالى:
{ قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ }البقرة
فلو كان القرآن من تأليفه فما الذي منعه من تحويلها ـ أي القبلة ـ من أول الأمر!!.
وهذه قصة أصحاب الكهف، والذين سئل عنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم , فأبطأ عليه الوحي حوالي مدة أربعين يوماً بقي طيلتها في حرج من اليهود حيث سألوه عنهم، فلو كان القرآن من عنده فما الذي يمنعه من سرعة الرد عليهم؟!!.
خامساً: إن القرآن الكريم لو كان من تأليف محمد، فكيف نفسر عتاب الله له في القرآن، وفي أكثر من موضع؟!! فهذا عتاب الله له في قبوله لأعذار المنافقين، وإذنه لهم بالتخلف عن غزوة تبوك، قال تعالى: { عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ(43) } التوبة
فمن خلل الرأي، وفساد العزيمة، ونقص الادعاء أن يعتب مدع، أو صاحب فرية على نفسه، وبقوله الذي يدعيه. ولو صحت دعوى نسبة القرآن لنفسه، لما عاتب نفسه، ولما خطأ رأيه، لأن هذا من قبيل التناقض الذي يتحاشاه أصحاب الافتراءات، والرسول صلى الله عليه وسلم كان أحوج إلى ادعاء الصحة في أقواله وتصرفاته، جذباً للناس حوله، ولاعتناق قرآنه، وليس تنفيرهم، وليس بأن يناقض نفسه، وأن يعيب كتابه. إذن فلو كان القرآن من عنده لما كانت هناك ضرورات لأن يعاتب نفسه.
وأيضاً هذا عتاب الله له في قبوله الفداء من أسرى بدر، قال تعالى:{ مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ(67)}الأنفال
فمن شطحات الأفكار، وتجنب الصواب أن يعتب صاحب فرية على نفسه في تصرف سلكه، أو في رأي أبداه، أو في حكم قرره، وأن يخطئ نفسه، وينذرها بالعذاب العظيم، ومن غيره.
وأيضاً هذا عتاب الله له في تولّيه عن أعمى هو عبدالله بن أم مكتوم جاءه يسأله عن دينه، فتولى عنه اهتماماً بأكابر من قريش كان يرجو أن يهديهم الله إلى الإسلام، وهم له كارهون، قال تعالى: { عَبَسَ وَتَوَلَّى(1)أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى(2)وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى(3)أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى(4)أَمَّا مَنْ اسْتَغْنَى(5)فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى(6)وَمَا عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى(7)وَأَمَّا مَنْ جَاءَكَ يَسْعَى(8)وَهُوَ يَخْشَى(9)فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى(10)كَلَّا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ(11) } عبس
* أهم المصادر والمراجع
ـ تفسير الطبري: لابن جرير الطبري.
- فتح القدير: الإمام الشوكاني.
ـ شبهات حول القرآن وتفنيدها: لغازي عناية.
ـ سنن ابن ماجة: الإمام ابن ماجة.
هكذا قيل عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
* رد هذه الشبهة:
أولاً: إذا كان القرآن من تأليف محمد، فحديثه الأضعف منه بلاغة، وفصاحة، وبياناً، يكذب ذلك. لأن الأولى ألا ينسب لنفسه حديثاً، وأن يجعل كل كلامه قرآناً فالتمايز بين القرآن، والحديث النبوي على درجة من والوضوح، بحيث لا يخفى على أحد، وعلى الأخص على فطاحل اللغة العربية. فالقرآن في أسلوبه، ونمطه، وبيانه وتناسقه، وخصائصه ال! أخرى تجعله فريداً في نوعه، مميزاً عن كلام البشر، حيث جاء معجزاً، متحدى به، لم يستطع أحد أن يعارضه، أو يقلده، أو يضاهيه، أو يعيبه، أو يأتي بمثله، أو حتى يحرّفه. أما الحديث النبوي ـ وإن بلغ الذروة في فصاحته، وبيانه ـ فقد تناولته ألسنة المعارضة، والتقليد، والتحريف، فهو لم يجيء معجزاً، ولم يتحد به، ولذا فقد مسّته شواهد التحريف، فكان منه الحديث الصحيح، والحسن والضعيف، والموضوع.
- وأما ادعاء أعداء الإسلام أن لكلام محمد ضربين من الكلام:
الأول: وهو القرآن وقد جاء به على انتظار، وتمهل، وترتيب، وتحضير، فأكسبه مزيداً من التهذيب، والتنميق.
والثاني: وهو الحديث النبوي، فعبر عنه دون تريث، أو تفكير، أو تمهل، فجاء محرراً من كل تنميق. ويرد عليهم:
أولاً : بأن القرآن الكريم نزل معظمه على النبي محمد صلى الله عليه وسلم فجأة من غير إرادة منه، ومن غير انتظار، أو تمهل، أو تريث، ورغم ذلك فجاء منمقاً، مهذباً، سامياً في لغته، وأسلوبه، وإعجازه. ونفس الشيء بالنسبة للحديث النبوي: فمنه ما جاء على انتظار، وتمهل وتريث، ومنه ما جاء على غير ذلك.
ثانياً : إن القرآن الكريم لو كان من تأليف محمد، لكان قد نسبه إلى نفسه، و لكان قد ادعى الألوهية فضلاً على النبوة، فيكسب مزيداً من ثقة الناس فيه، فتزيد قداسته فيهم، وبالتالي تتقوى زعامته فيهم، ويشتد تسلطه عليهم. فلو كان القرآن من تأليف محمد لكان الأولى ألا يفرق بينه وبين الحديث، ولا ينتظر أن ينسبه غيره إليه ولكن كما قال الله عنهم في القرآن { كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ م! ِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا(5) }الكهف
فالمؤكد تماماً حتى عند أدعياء الكفر أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم لم يدّع جاهاً، ولا زعامة، ولا دنيا، وهو الذي قال لأعرابي عندما هالته عظمة النبوة: «هوّن عليك، فإنما أنا ابن امرأة كانت تأكل القديد بمكة». ومن الثابت أيضاً حتى بالنسبة لأدعياء الكفر أنه لم يدّع كتاباً، أو علماً من عنده، وما هذه الشبهات إلا من قبيل الكفر، والكفر عناد. و النبي محمد صلى الله عليه وسلم هو الذي قال فيه ربه في سورة العنكبوت: { وَمَا ! كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ(48) }
ثالثاً: إن القرآن الكريم لو كان من تأليف محمد لاستطاع أئمة الفصاحة، والبلاغة، والبيان من العرب أن يكتشفوا ذلك، وكان سهلاً عليهم، فيدحضوا به زعم محمد أن القرآن يوحى إليه من عند الله من جهة، ويقلدونه ـ وهم قد عجزوا عن ذلك ـ من جهة أخرى. فالقرآن الكريم ـ وهم أهل الفصاحة، والبيان ـ أعجزهم في لغتهم، وغزاهم في بلاغتهم، وتحداهم أن يجاروه، ولو بأقصر سورة منه تتكون من ثلاث آيات، وهي سورة الكوثر، ولكن هل استطاعوا؟ ...
قال تعالى: { وَإِنْ كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ(23) }البقرة
ولكن هل استطاع هؤلاء العرب ـ وهم أصحاب الصناعة البيانية، والبلاغية الفائقة ـ أن يجاروا هذا القرآن، أو يعارضوه، أو يقلدوه؟ ... وهل قبلوا التحدي، وهم ملاك النباهة، والحسّ والذوق الأدبي الرفيع؟ الجواب على ذلك أبداً: فقد عجزت أقلامهم، وخرست ألسنتهم، وسقطت شبهاتهم، وفنّدت ادعاءاتهم.
رابعاً: إن القرآن الكريم لو كان من تأليف محمد، لكان أسرع الناس في الرد على مَن حاجّهُ في ادعائه، أو افترى على زعمه، أو اعتدى على حرماته. فهذه قصة الإفك التي نالت من شرف زوجته عائشة، ومن كرم نبوته، فقد تأخر نزول الوحي بالقرآن تبرئة لها حوالي الشهر ذاق هو، وزوجته الأمرين طيلة هذه المدة، فلو كان القرآن من تأليفه، فما الذي يمنعه من الرد السريع القاطع لألسنة المتقولين في شرفه؟ ... ولكن، وأنّى لرسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتقول على الله، أو يتقول على الناس.
وهذه! قصة تحويل القبلة من بيت المقدس إلى المسجد الحرام، حيث صلّى الرسول صلى الله عليه وسلم ، وصحابته حوالي ستة عشر شهراً نحو بيت المقدس بقي طيلة هذه المدة يقلب وجهه في السماء راجياً من الله تعالى أن يحول القبلة إلى المسجد الحرام بمكة، فاستجاب الله له، مصداق قوله تعالى:
{ قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ }البقرة
فلو كان القرآن من تأليفه فما الذي منعه من تحويلها ـ أي القبلة ـ من أول الأمر!!.
وهذه قصة أصحاب الكهف، والذين سئل عنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم , فأبطأ عليه الوحي حوالي مدة أربعين يوماً بقي طيلتها في حرج من اليهود حيث سألوه عنهم، فلو كان القرآن من عنده فما الذي يمنعه من سرعة الرد عليهم؟!!.
خامساً: إن القرآن الكريم لو كان من تأليف محمد، فكيف نفسر عتاب الله له في القرآن، وفي أكثر من موضع؟!! فهذا عتاب الله له في قبوله لأعذار المنافقين، وإذنه لهم بالتخلف عن غزوة تبوك، قال تعالى: { عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ(43) } التوبة
فمن خلل الرأي، وفساد العزيمة، ونقص الادعاء أن يعتب مدع، أو صاحب فرية على نفسه، وبقوله الذي يدعيه. ولو صحت دعوى نسبة القرآن لنفسه، لما عاتب نفسه، ولما خطأ رأيه، لأن هذا من قبيل التناقض الذي يتحاشاه أصحاب الافتراءات، والرسول صلى الله عليه وسلم كان أحوج إلى ادعاء الصحة في أقواله وتصرفاته، جذباً للناس حوله، ولاعتناق قرآنه، وليس تنفيرهم، وليس بأن يناقض نفسه، وأن يعيب كتابه. إذن فلو كان القرآن من عنده لما كانت هناك ضرورات لأن يعاتب نفسه.
وأيضاً هذا عتاب الله له في قبوله الفداء من أسرى بدر، قال تعالى:{ مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ(67)}الأنفال
فمن شطحات الأفكار، وتجنب الصواب أن يعتب صاحب فرية على نفسه في تصرف سلكه، أو في رأي أبداه، أو في حكم قرره، وأن يخطئ نفسه، وينذرها بالعذاب العظيم، ومن غيره.
وأيضاً هذا عتاب الله له في تولّيه عن أعمى هو عبدالله بن أم مكتوم جاءه يسأله عن دينه، فتولى عنه اهتماماً بأكابر من قريش كان يرجو أن يهديهم الله إلى الإسلام، وهم له كارهون، قال تعالى: { عَبَسَ وَتَوَلَّى(1)أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى(2)وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى(3)أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى(4)أَمَّا مَنْ اسْتَغْنَى(5)فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى(6)وَمَا عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى(7)وَأَمَّا مَنْ جَاءَكَ يَسْعَى(8)وَهُوَ يَخْشَى(9)فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى(10)كَلَّا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ(11) } عبس
* أهم المصادر والمراجع
ـ تفسير الطبري: لابن جرير الطبري.
- فتح القدير: الإمام الشوكاني.
ـ شبهات حول القرآن وتفنيدها: لغازي عناية.
ـ سنن ابن ماجة: الإمام ابن ماجة.