السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الإخوة الكرام
إن الله تعالى أمر المؤمنين بطاعة الله ورسوله ونهاهم عن إبطال أعمالهم بمعصية الله ورسوله فقال تعالى : [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ] ، وإن حفاظ العبد على أجر عمله من الأمور شديدة الأهمية إذ ليس الشأن في العمل ، إنما الشأن في حفظ العمل مما يفسده ويحبطه . والخوف كل الخوف أن يأتي أحدنا يوم القيامة وقد عمل من الخيرات والصالحات الكثير والكثير ثم إذا بها وقد أصبحت هباءًا منثورًا ، فقد قال تعالى : [وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَل فَجَعَلْنَاهُ هَبَاء مَنْثُورًا] . أعاذنا الله وإياكم
ولذا كان لزاماً علينا أن نعرف مبطلات الأعمال ومحبطاتها لنعرض أنفسنا عليها فنستدرك ما قد فاتنا ، ونحذر فيما يستقبل من حياتنا ، وقد جمعتُ عدداً من محبطات الأعمال من عدة مصادر - مع بعض تصرف مني - وأرجو الله تعالى أن ينفعنا بما علمنا .
مع ملاحظة أن تلك المحبطات المذكورة منها ما يُحبط أعمال العبد بالكلية ، ومنها ما يحبط عملاً بعينه دون سائر الأعمال .
1- الكفر والشرك :
قال تعالى : [وَمَن يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ[ ، وقال تعالى عن أعمال الكفار والمكذبين : [وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُوراً] ، وقال سبحانه : [لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ] . وقال تعالى : [مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ شَاهِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ] .
فالشرك يا عباد الله يحبط العمل بالكلية فلا تنفع معه حسنة كما قال الله تعالى : [مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ لا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلَى شَيْءٍ ذَلِكَ هُوَ الضَّلالُ الْبَعِيدُ]
إن الشرك بالله تعالى في ألوهيته أو ربوبيته أو أسمائه أو صفاته، أمر خطير عظيم خافه أولو العزم من الرسل وخافه النبي صلى الله عليه وسلم على أصحابه رضي الله عنهم فاحذروا الشرك عباد الله ولا يظنن أحدكم أنه بمنأى عن الشرك أو في أمان من الوقوع فيه فإن هذا خطأ وضلال فقد قال تعالى : [أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ]
ولتقرير هذه الحقيقة وهي أن الشرك يحبط العمل خاطب الله سبحانه نبيه ورسوله الذي عصمه من الوقوع في الكبائر فضلاً عن التلطخ بأرض الشرك فقال تعالى مخاطباً نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم : [وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ]
2- الارتداد عن دين الله، والكفر بعد الإيمان :
فإن الارتداد عن الدين من أعظم ما يبطل الأعمال ويحبطها بالكلية ، فقد قال الله سبحانه : [وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ]
ومما يحصل به الارتداد عن دين الله الاستهزاء بشيء من دين الله تعالى أو ثوابه أو عقابه أو ما يتعلق بذلك قال الله تعالى : [قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ] . ومنها جحد شيء مما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم . ومنها سب الله تعالى أو سب الرسول صلى الله عليه وسلم ، فإن هذه الأمور مما تحصل به الردة والكفر بالله تعالى نعوذ بالله من ذلك.
3- الرِّياء :
قال الله تبارك وتعالى في الحديث القدسي : (أنا أغنى الشُّركاء عن الشِّرك، من عمل عملًا أشرك فيه معي غيري، تركته وشركه) (رواه مسلم) . وقال الله تعالى في حق المرائين بنفاقهم : [كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابل فَتَرَكَهُ صَلْداً لا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ].
وفي حديث أبي أمامة قال: جاء رجل فقال: يا رسول الله أرأيت رجلاً غزا يلتمس الأجر والذكر ماله؟ قال: لاشيء له. فأعاده عليه ثلاثاً كل ذلك يقول: لاشيء له. ثم قال: ((إن الله لا يقبل من العمل إلا ما كان خالصاً وابتغي به وجهه)) (رواه أبو داود والنسائي) ، وهذا يفيد أن العمل الذي لا يبتغى به وجه الله تعالى حابط باطل لا ينفع صاحبه، فكل من عمل عملاً طلب فيه غير وجه الله تعالى فإن عمله مردود عليه وليس له عند الله فيه من خلاق.
3- بُغْض شيء مما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم :
قال الله تعالى : [وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْساً لَهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ * ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ]. فمن كره تحريم الربا أو وجوب الصلاة مثلاً فقد حبط عمله وكفر بالله تعالى .
4- التعامل بالربا :
واستدلوا لذلك بما جاء عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: لما أخبرت بأن زيد بن أرقم باع عبداً بثمانمائة نسيئة واشتراه بستمائة نقداً قالت للتي أخبرتها: "أبلغي زيداً أنه قد أبطل جهاده مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أن يتوب".
فاتقوا الله عباد الله ولا تأكلوا الربا أضاعفاً مضاعفه واعلموا أن من السيئات ما يذهب الحسنات فذروا ظاهر الإثم وباطنه كما أمركم الله تعالى بذلك.
5- الابتداع في الدين :
فقد قال صلى الله عليه وسلم : (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس فيه فهو ردٌَ) (متفق عليه)
6- التَّكذيب بالقدر:
قال صلى الله عليه وسلم : (ثلاث لا يقبل الله منهم صرفاً ولا عدلاً : عاق لوالديه ومنان وكذّاب بالقدر) (رواه أحمد) . وقال عبدالله بن عمر رضي الله عنه : "إذا لقيت أولئك فأخبرهم أني برئ منهم وأنا برآء مني ، والذي أحلف به لو أن لأحدهم مثل جبل أحد ذهباً فأنفقه ما قبل الله منه حتى يؤمن بالقدر) (رواه مسلم).
7- فساد الصَّلاة :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (إنَّ أوَّل ما يحاسب به العبد بصلاته، فإن صلحت فقد أفلح وأنجح، وإن فسدت فقد خاب وخسر) (رواه النَّسائي والتِّرمذي وصحَّحه الألباني) .
8- من ادَّعى إلى غير أبيه ومن تولى غير مواليه:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (ومن ادعى إلى غير أبيه أو انتمى إلى غير مواليه فعليه لعنة الله والملائكة والنَّاس أجمعين، لا يقبل الله منه يوم القيامة صرفًا ولا عدلًا) (رواه مسلم) .
9- ترك صلاة العصر:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (من ترك صلاة العصر فقد حبط عمله) (رواه البخاري) .
10- إتيان العرافين :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (من أتى عرافًا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة) (رواه مسلم) .
11- الظُّلم والاعتداء على الآخرين بشتم أو أكل مال أو سفك دم ونحوه:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (من كانت عنده مظلمة لأخيه فليتحلله منها، فإنَّه ليس ثمَّ دينار ولا درهم، من قبل أن يؤخذ لأخيه من حسناته، فإن لم يكن له حسنات أخذ من سيِّئات أخيه فطرحت عليه) (رواه البخاري) . وقال صلَّى الله عليه وسلَّم : (أتدرون ما المفلس؟ قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع، فقال: إنَّ المفلس من أمَّتي، يأتي يوم القيامة بصلاةٍ وصيامٍ وزكاةٍ، ويأتي قد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا، فيعطى هذا من حسناته وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته، قبل أن يقضى ما عليه، أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثمَّ طرح في النَّار) (رواه مسلم) .
12- إقتناء الكلب بلا عذرٍ شرعيٍّ :
قال صلى الله عليه وسلم : (من أمسك كلباً ، فإنه ينقص كل يوم من عمله قيراط - وفي روايةٍ" قيراطان" - إلا كلب غنم أو حرث أو صيد) (رواه البخاري ومسلم) .
13- التَّألي على الله:
حدَّث رسول الله صلى الله عليه وسلم أن رجلاً قال : والله لا يغفر الله لفلان ، وإن الله تعالى قال : (من ذا الَّذي يتألى عليَّ أن أغفر لفلان، فإنِّي قد غفرت لفلان، وأحبطت عملك) (رواه مسلم) .
معنى التألي : أن يحلف العبد على الله أن يفعل كذا وكذا .
14- رفع الصَّوت فوق صوت النبَّيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم ومنه مشاقة أمره:
قال الله عز وجل : [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُون] .
15- أبق العبد:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (إذا أبق العبد لم تقبل له صلاةٌ) (رواه مسلم). وقال صلى الله عليه وسلم : (أيما عبد أبق من مواليه فقد كفر حتَّى يرجع إليهم) (رواه مسلم) .
16- قول أو عمل الزُّور:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (من لم يدع قول الزُّور والعمل به، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه) (رواه البخاري) .
17- شرب الخمر والإدمان عليه :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (من شرب الخمر لم تقبل له صلاة أربعين صباحًا، فإن تاب تاب الله عليه) (رواه التِّرمذي والنَّسائي وصحَّحه الألباني) .
18، 19، 20- المرأة النَّاشز، وإمام مكروه بحقٍّ، ومن صلَّى على جنازة ولم يؤمر :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (ثلاثة لا يقبل الله منهم صلاةٌ، ولا تصعد إلى السَّماء، ولا تجاوز رؤوسهم: رجلٌ أمَّ قومًا وهم له كارهون، ورجلٌ صلَّى على جنازةٍ ولم يؤمر، وامرأةٌ دعاها زوجها من الليل فأبت عليه) (رواه الألباني في صحيح التَّرغيب وقال: صحيح لغيره).
21- المرأة المتطيِّبة الذَّاهبة للمسجد:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (لا تقبل صلاة لامرأة تتطيب لهذا المسجد حتَّى ترجع فتغتسل غسلها من الجنابة) (صحَّحه الألباني في صحيح الجامع).
22- الدَّيْن :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (من مات وعليه دينار أو درهم قضي من حسناته ليس ثمَّ دينار ولا درهم) (رواه ابن ماجه وصحَّحه الألباني). وقد كان يؤتى بالرَّجل المتوفى عليه دين، فيسأل صلى الله عليه وسلم : (هل ترك لدينه فضلًا؟ فإنَّ حدث أنَّه ترك وفاء صلَّى، وإلا قال للمسلمين: صلوا على صاحبكم) (رواه البخاري). وقال صلى الله عليه وسلم : (يغفر للشَّهيد كلّ ذنبٍ إلا الدَّين) (رواه مسلم). وقال صلى الله عليه وسلم : (نفس المؤمن معلقةٌ بدينه حتَّى يقضى عنه) (رواه التِّرمذي وابن ماجه وصحَّحه الألباني).
23- انتهاك حرمات الله في السَّرِّ :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (لأعلمنَّ أقواما من أمَّتي يأتون يوم القيامة بحسنات أمثال جبال تهامة بيضا فيجعلها الله عزَّ وجلَّ هباءً منثورًا»، قال: ثوبان يا رسول الله صفهم لنا جلهم لنا أن لا نكون منهم ونحن لا نعلم؟ قال: أمَّا إنَّهم إخوانكم ومن جلدتكم ويأخذون من الليل كما تأخذون ولكنهم أقوام إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها) (رواه ابن ماجه وصحَّحه الألباني).
24- من أحدث أو آوى محدثاً بالمدينة :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (المدينة حرم ما بين عير إلى ثورٍ، فمن أحدث فيها حدثًا أو آوى محدثًا فعليه لعنة الله والملائكة والنَّاس أجمعين، لا يقبل الله منه يوم القيامة صرفًا ولا عدلًا) (متفقٌ عليه).
والحدث هو الأمر الحادث المنكر الذي ليس بمعتاد ولا معروف في السنة .
والمحدث : يروى بكسر الدال وفتحها ، فمعنى الكسر : من نصر جانيا أو آواه وأجاره من خصمه ، وحال بينه وبين أن يقتص منه . والفتح : هو الأمر المبتدع نفسه ، ويكون معنى الإيواء فيه الرضا به والصبر عليه، فإنه إذا رضي بالبدعة وأقر فاعلها ولم ينكر عليه فقد آواه " . انتهى من " النهاية في غريب الحديث " لابن الأثير (1/351) بتصرف .
وقال الشوكاني في " نيل الأوطار " (8/158) : " قوله : ( محدثا ) بكسر الدال هو من يأتي بما فيه فساد في الأرض ، من جناية على غيره أو غير ذلك، والمؤوي له : المانع له من القصاص ونحوه " .
وقد ذكر ابن حجر الهيتمي هذا الفعل في الكبائر ، وقال : " إيواء المحدثين ، أي منعهم ممن يريد استيفاء الحق منهم ، والمراد بهم : من يتعاطى مفسدة يلزمه بسببها أمر شرعي " .
انتهى من "الزواجر عن اقتراف الكبائر" (2/204) .
وعليه : فلا يعد توفير السكن للكافر ، وتقديم البر له ، من إيواء المحدث في شيء ؛ بل هذا من البر والإحسان المشروع إلى الخلق ، خاصة إذا كانوا أقارب وأرحاما .
25- عقوق الوالدين :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟.. وعقوق الوالدين) (متفقٌ عليه) ، وقال صلى الله عليه وسلم : (ثلاث لا يقبل الله منهم صرفاً ولا عدلاً : عاق لوالديه ومنان وكذّاب بالقدر) (رواه أحمد) .
26- قاطع رحم :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (إنَّ أعمال بني آدم تعرض كلّ خميس ليلة الجمعة، فلا يقبل عمل قاطع رحم) (حسَّنه الألباني في صحيح التَّرغيب).
27- المنّ والأذى :
قال الله تعالى : [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالْأَذَىٰ] . فمَنْ مَنَّ بصدقته وطاعته فقد حبط عمله وخاب سعيه وأوجب ذلك عقوبته فعن أبي ذر مرفوعاً أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم) كررها ثلاثاً قال أبو ذر: خابوا وخسروا من هم يا رسول الله؟ قال: (المسبل إزاره، والمنان، والمنفق سلعته بالحلف الكاذب) (رواه مسلم). فاتقوا الله عباد الله واشهدوا مِنَّةَ الله عليكم أن هداكم للإيمان فلولا فضل الله عليكم ما زكا منكم من أحد أبداً ولكن الله يزكي من يشاء والله سميع عليم.
28- الزِّنا بامرأة مجاهدٍ :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (حرمة نساء المجاهدين على القاعدين، كحرمة أمَّهاتهم، وما من رجلٍ من القاعدين يخلف رجلًا من المجاهدين في أهله، فيخونه فيهم، إلا وقف له يوم القيامة، فيأخذ من عمله ما شاء فما ظنكم) (رواه مسلم).
29- الفرح والسرور بقتل المؤمن :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (من قتل مؤمنًا فاغتبط بقتله لم يقبل الله منه صرفًا ولا عدلًا) (رواه أبو داود وصحَّحه الألباني)،
30- خفر ذمَّة المسلم :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (ذمَّة المسلمين واحدةٌ، يسعى بها أدناهم، فمن أخفر مسلمًا فعليه لعنة الله والملائكة والنَّاس أجمعين، لا يقبل الله منه صرفًا ولا عدلًا) (رواه البخاري ومسلم) .
ومعنى "من أخفر مسلماً" : من نقض أمانَ مسلم فتعرَّض لكافر أمَّنه مسلم، قال أهل اللغة: يقال: أخفرتُ الرجل إذا نقضتُ عهده، وخفرته إذا أمَّنته .
31- المتهاجران بدون حقٍّ :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (تفتح أبواب الجنَّة يوم الاثنين، ويوم الخميس، فيغفر لكلِّ عبدٍ لا يشرك بالله شيئًا، إلا رجلًا كانت بينه وبين أخيه شحناء، فيقال: أنظروا هذين حتَّى يصطلحا، انظروا هذين حتَّى يصطلحا، انظروا هذين حتَّى يصطلحا) (رواه مسلم).
الإخوة الكرام
إن الله تعالى أمر المؤمنين بطاعة الله ورسوله ونهاهم عن إبطال أعمالهم بمعصية الله ورسوله فقال تعالى : [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ] ، وإن حفاظ العبد على أجر عمله من الأمور شديدة الأهمية إذ ليس الشأن في العمل ، إنما الشأن في حفظ العمل مما يفسده ويحبطه . والخوف كل الخوف أن يأتي أحدنا يوم القيامة وقد عمل من الخيرات والصالحات الكثير والكثير ثم إذا بها وقد أصبحت هباءًا منثورًا ، فقد قال تعالى : [وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَل فَجَعَلْنَاهُ هَبَاء مَنْثُورًا] . أعاذنا الله وإياكم
ولذا كان لزاماً علينا أن نعرف مبطلات الأعمال ومحبطاتها لنعرض أنفسنا عليها فنستدرك ما قد فاتنا ، ونحذر فيما يستقبل من حياتنا ، وقد جمعتُ عدداً من محبطات الأعمال من عدة مصادر - مع بعض تصرف مني - وأرجو الله تعالى أن ينفعنا بما علمنا .
مع ملاحظة أن تلك المحبطات المذكورة منها ما يُحبط أعمال العبد بالكلية ، ومنها ما يحبط عملاً بعينه دون سائر الأعمال .
1- الكفر والشرك :
قال تعالى : [وَمَن يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ[ ، وقال تعالى عن أعمال الكفار والمكذبين : [وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُوراً] ، وقال سبحانه : [لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ] . وقال تعالى : [مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ شَاهِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ] .
فالشرك يا عباد الله يحبط العمل بالكلية فلا تنفع معه حسنة كما قال الله تعالى : [مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ لا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلَى شَيْءٍ ذَلِكَ هُوَ الضَّلالُ الْبَعِيدُ]
إن الشرك بالله تعالى في ألوهيته أو ربوبيته أو أسمائه أو صفاته، أمر خطير عظيم خافه أولو العزم من الرسل وخافه النبي صلى الله عليه وسلم على أصحابه رضي الله عنهم فاحذروا الشرك عباد الله ولا يظنن أحدكم أنه بمنأى عن الشرك أو في أمان من الوقوع فيه فإن هذا خطأ وضلال فقد قال تعالى : [أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ]
ولتقرير هذه الحقيقة وهي أن الشرك يحبط العمل خاطب الله سبحانه نبيه ورسوله الذي عصمه من الوقوع في الكبائر فضلاً عن التلطخ بأرض الشرك فقال تعالى مخاطباً نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم : [وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ]
2- الارتداد عن دين الله، والكفر بعد الإيمان :
فإن الارتداد عن الدين من أعظم ما يبطل الأعمال ويحبطها بالكلية ، فقد قال الله سبحانه : [وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ]
ومما يحصل به الارتداد عن دين الله الاستهزاء بشيء من دين الله تعالى أو ثوابه أو عقابه أو ما يتعلق بذلك قال الله تعالى : [قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ] . ومنها جحد شيء مما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم . ومنها سب الله تعالى أو سب الرسول صلى الله عليه وسلم ، فإن هذه الأمور مما تحصل به الردة والكفر بالله تعالى نعوذ بالله من ذلك.
3- الرِّياء :
قال الله تبارك وتعالى في الحديث القدسي : (أنا أغنى الشُّركاء عن الشِّرك، من عمل عملًا أشرك فيه معي غيري، تركته وشركه) (رواه مسلم) . وقال الله تعالى في حق المرائين بنفاقهم : [كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابل فَتَرَكَهُ صَلْداً لا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ].
وفي حديث أبي أمامة قال: جاء رجل فقال: يا رسول الله أرأيت رجلاً غزا يلتمس الأجر والذكر ماله؟ قال: لاشيء له. فأعاده عليه ثلاثاً كل ذلك يقول: لاشيء له. ثم قال: ((إن الله لا يقبل من العمل إلا ما كان خالصاً وابتغي به وجهه)) (رواه أبو داود والنسائي) ، وهذا يفيد أن العمل الذي لا يبتغى به وجه الله تعالى حابط باطل لا ينفع صاحبه، فكل من عمل عملاً طلب فيه غير وجه الله تعالى فإن عمله مردود عليه وليس له عند الله فيه من خلاق.
3- بُغْض شيء مما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم :
قال الله تعالى : [وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْساً لَهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ * ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ]. فمن كره تحريم الربا أو وجوب الصلاة مثلاً فقد حبط عمله وكفر بالله تعالى .
4- التعامل بالربا :
واستدلوا لذلك بما جاء عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: لما أخبرت بأن زيد بن أرقم باع عبداً بثمانمائة نسيئة واشتراه بستمائة نقداً قالت للتي أخبرتها: "أبلغي زيداً أنه قد أبطل جهاده مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أن يتوب".
فاتقوا الله عباد الله ولا تأكلوا الربا أضاعفاً مضاعفه واعلموا أن من السيئات ما يذهب الحسنات فذروا ظاهر الإثم وباطنه كما أمركم الله تعالى بذلك.
5- الابتداع في الدين :
فقد قال صلى الله عليه وسلم : (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس فيه فهو ردٌَ) (متفق عليه)
6- التَّكذيب بالقدر:
قال صلى الله عليه وسلم : (ثلاث لا يقبل الله منهم صرفاً ولا عدلاً : عاق لوالديه ومنان وكذّاب بالقدر) (رواه أحمد) . وقال عبدالله بن عمر رضي الله عنه : "إذا لقيت أولئك فأخبرهم أني برئ منهم وأنا برآء مني ، والذي أحلف به لو أن لأحدهم مثل جبل أحد ذهباً فأنفقه ما قبل الله منه حتى يؤمن بالقدر) (رواه مسلم).
7- فساد الصَّلاة :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (إنَّ أوَّل ما يحاسب به العبد بصلاته، فإن صلحت فقد أفلح وأنجح، وإن فسدت فقد خاب وخسر) (رواه النَّسائي والتِّرمذي وصحَّحه الألباني) .
8- من ادَّعى إلى غير أبيه ومن تولى غير مواليه:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (ومن ادعى إلى غير أبيه أو انتمى إلى غير مواليه فعليه لعنة الله والملائكة والنَّاس أجمعين، لا يقبل الله منه يوم القيامة صرفًا ولا عدلًا) (رواه مسلم) .
9- ترك صلاة العصر:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (من ترك صلاة العصر فقد حبط عمله) (رواه البخاري) .
10- إتيان العرافين :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (من أتى عرافًا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة) (رواه مسلم) .
11- الظُّلم والاعتداء على الآخرين بشتم أو أكل مال أو سفك دم ونحوه:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (من كانت عنده مظلمة لأخيه فليتحلله منها، فإنَّه ليس ثمَّ دينار ولا درهم، من قبل أن يؤخذ لأخيه من حسناته، فإن لم يكن له حسنات أخذ من سيِّئات أخيه فطرحت عليه) (رواه البخاري) . وقال صلَّى الله عليه وسلَّم : (أتدرون ما المفلس؟ قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع، فقال: إنَّ المفلس من أمَّتي، يأتي يوم القيامة بصلاةٍ وصيامٍ وزكاةٍ، ويأتي قد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا، فيعطى هذا من حسناته وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته، قبل أن يقضى ما عليه، أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثمَّ طرح في النَّار) (رواه مسلم) .
12- إقتناء الكلب بلا عذرٍ شرعيٍّ :
قال صلى الله عليه وسلم : (من أمسك كلباً ، فإنه ينقص كل يوم من عمله قيراط - وفي روايةٍ" قيراطان" - إلا كلب غنم أو حرث أو صيد) (رواه البخاري ومسلم) .
13- التَّألي على الله:
حدَّث رسول الله صلى الله عليه وسلم أن رجلاً قال : والله لا يغفر الله لفلان ، وإن الله تعالى قال : (من ذا الَّذي يتألى عليَّ أن أغفر لفلان، فإنِّي قد غفرت لفلان، وأحبطت عملك) (رواه مسلم) .
معنى التألي : أن يحلف العبد على الله أن يفعل كذا وكذا .
14- رفع الصَّوت فوق صوت النبَّيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم ومنه مشاقة أمره:
قال الله عز وجل : [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُون] .
15- أبق العبد:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (إذا أبق العبد لم تقبل له صلاةٌ) (رواه مسلم). وقال صلى الله عليه وسلم : (أيما عبد أبق من مواليه فقد كفر حتَّى يرجع إليهم) (رواه مسلم) .
16- قول أو عمل الزُّور:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (من لم يدع قول الزُّور والعمل به، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه) (رواه البخاري) .
17- شرب الخمر والإدمان عليه :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (من شرب الخمر لم تقبل له صلاة أربعين صباحًا، فإن تاب تاب الله عليه) (رواه التِّرمذي والنَّسائي وصحَّحه الألباني) .
18، 19، 20- المرأة النَّاشز، وإمام مكروه بحقٍّ، ومن صلَّى على جنازة ولم يؤمر :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (ثلاثة لا يقبل الله منهم صلاةٌ، ولا تصعد إلى السَّماء، ولا تجاوز رؤوسهم: رجلٌ أمَّ قومًا وهم له كارهون، ورجلٌ صلَّى على جنازةٍ ولم يؤمر، وامرأةٌ دعاها زوجها من الليل فأبت عليه) (رواه الألباني في صحيح التَّرغيب وقال: صحيح لغيره).
21- المرأة المتطيِّبة الذَّاهبة للمسجد:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (لا تقبل صلاة لامرأة تتطيب لهذا المسجد حتَّى ترجع فتغتسل غسلها من الجنابة) (صحَّحه الألباني في صحيح الجامع).
22- الدَّيْن :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (من مات وعليه دينار أو درهم قضي من حسناته ليس ثمَّ دينار ولا درهم) (رواه ابن ماجه وصحَّحه الألباني). وقد كان يؤتى بالرَّجل المتوفى عليه دين، فيسأل صلى الله عليه وسلم : (هل ترك لدينه فضلًا؟ فإنَّ حدث أنَّه ترك وفاء صلَّى، وإلا قال للمسلمين: صلوا على صاحبكم) (رواه البخاري). وقال صلى الله عليه وسلم : (يغفر للشَّهيد كلّ ذنبٍ إلا الدَّين) (رواه مسلم). وقال صلى الله عليه وسلم : (نفس المؤمن معلقةٌ بدينه حتَّى يقضى عنه) (رواه التِّرمذي وابن ماجه وصحَّحه الألباني).
23- انتهاك حرمات الله في السَّرِّ :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (لأعلمنَّ أقواما من أمَّتي يأتون يوم القيامة بحسنات أمثال جبال تهامة بيضا فيجعلها الله عزَّ وجلَّ هباءً منثورًا»، قال: ثوبان يا رسول الله صفهم لنا جلهم لنا أن لا نكون منهم ونحن لا نعلم؟ قال: أمَّا إنَّهم إخوانكم ومن جلدتكم ويأخذون من الليل كما تأخذون ولكنهم أقوام إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها) (رواه ابن ماجه وصحَّحه الألباني).
24- من أحدث أو آوى محدثاً بالمدينة :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (المدينة حرم ما بين عير إلى ثورٍ، فمن أحدث فيها حدثًا أو آوى محدثًا فعليه لعنة الله والملائكة والنَّاس أجمعين، لا يقبل الله منه يوم القيامة صرفًا ولا عدلًا) (متفقٌ عليه).
والحدث هو الأمر الحادث المنكر الذي ليس بمعتاد ولا معروف في السنة .
والمحدث : يروى بكسر الدال وفتحها ، فمعنى الكسر : من نصر جانيا أو آواه وأجاره من خصمه ، وحال بينه وبين أن يقتص منه . والفتح : هو الأمر المبتدع نفسه ، ويكون معنى الإيواء فيه الرضا به والصبر عليه، فإنه إذا رضي بالبدعة وأقر فاعلها ولم ينكر عليه فقد آواه " . انتهى من " النهاية في غريب الحديث " لابن الأثير (1/351) بتصرف .
وقال الشوكاني في " نيل الأوطار " (8/158) : " قوله : ( محدثا ) بكسر الدال هو من يأتي بما فيه فساد في الأرض ، من جناية على غيره أو غير ذلك، والمؤوي له : المانع له من القصاص ونحوه " .
وقد ذكر ابن حجر الهيتمي هذا الفعل في الكبائر ، وقال : " إيواء المحدثين ، أي منعهم ممن يريد استيفاء الحق منهم ، والمراد بهم : من يتعاطى مفسدة يلزمه بسببها أمر شرعي " .
انتهى من "الزواجر عن اقتراف الكبائر" (2/204) .
وعليه : فلا يعد توفير السكن للكافر ، وتقديم البر له ، من إيواء المحدث في شيء ؛ بل هذا من البر والإحسان المشروع إلى الخلق ، خاصة إذا كانوا أقارب وأرحاما .
25- عقوق الوالدين :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟.. وعقوق الوالدين) (متفقٌ عليه) ، وقال صلى الله عليه وسلم : (ثلاث لا يقبل الله منهم صرفاً ولا عدلاً : عاق لوالديه ومنان وكذّاب بالقدر) (رواه أحمد) .
26- قاطع رحم :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (إنَّ أعمال بني آدم تعرض كلّ خميس ليلة الجمعة، فلا يقبل عمل قاطع رحم) (حسَّنه الألباني في صحيح التَّرغيب).
27- المنّ والأذى :
قال الله تعالى : [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالْأَذَىٰ] . فمَنْ مَنَّ بصدقته وطاعته فقد حبط عمله وخاب سعيه وأوجب ذلك عقوبته فعن أبي ذر مرفوعاً أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم) كررها ثلاثاً قال أبو ذر: خابوا وخسروا من هم يا رسول الله؟ قال: (المسبل إزاره، والمنان، والمنفق سلعته بالحلف الكاذب) (رواه مسلم). فاتقوا الله عباد الله واشهدوا مِنَّةَ الله عليكم أن هداكم للإيمان فلولا فضل الله عليكم ما زكا منكم من أحد أبداً ولكن الله يزكي من يشاء والله سميع عليم.
28- الزِّنا بامرأة مجاهدٍ :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (حرمة نساء المجاهدين على القاعدين، كحرمة أمَّهاتهم، وما من رجلٍ من القاعدين يخلف رجلًا من المجاهدين في أهله، فيخونه فيهم، إلا وقف له يوم القيامة، فيأخذ من عمله ما شاء فما ظنكم) (رواه مسلم).
29- الفرح والسرور بقتل المؤمن :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (من قتل مؤمنًا فاغتبط بقتله لم يقبل الله منه صرفًا ولا عدلًا) (رواه أبو داود وصحَّحه الألباني)،
30- خفر ذمَّة المسلم :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (ذمَّة المسلمين واحدةٌ، يسعى بها أدناهم، فمن أخفر مسلمًا فعليه لعنة الله والملائكة والنَّاس أجمعين، لا يقبل الله منه صرفًا ولا عدلًا) (رواه البخاري ومسلم) .
ومعنى "من أخفر مسلماً" : من نقض أمانَ مسلم فتعرَّض لكافر أمَّنه مسلم، قال أهل اللغة: يقال: أخفرتُ الرجل إذا نقضتُ عهده، وخفرته إذا أمَّنته .
31- المتهاجران بدون حقٍّ :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (تفتح أبواب الجنَّة يوم الاثنين، ويوم الخميس، فيغفر لكلِّ عبدٍ لا يشرك بالله شيئًا، إلا رجلًا كانت بينه وبين أخيه شحناء، فيقال: أنظروا هذين حتَّى يصطلحا، انظروا هذين حتَّى يصطلحا، انظروا هذين حتَّى يصطلحا) (رواه مسلم).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يُرجى مراجعة المشاركة الهامة رقم 4 أدناه
فتاوى هامة متعلقة باستعادة ثواب الأعمال الصالحة بعد التوبة من محبطات الأعمال
فتاوى هامة متعلقة باستعادة ثواب الأعمال الصالحة بعد التوبة من محبطات الأعمال
تعليق