كيفية الثبات على الطاعة
نقول ونحن متوكلون على الله القوي المتين:
أخي المسلم، إن طريق التوبة إلى الله طريق مُيَسَّر؛ لا تعقيدات فيه ولا استحالة، إنما هو توبةٌ صادقة تجمع فيها بين: الإقلاعِ عن المعصية، والندمِ على فعلها، والعزم على عدم الرجوع إليها، وإذا كانت تتعلَّق بحقِّ آدميٍّ فعليك أن تردَّ الحقوق لأصحابها.
أخي المسلم الغالي، نقدِّم لك (8) نصائح، إذا اتَّبعتها ستُريحكَ في الدنيا والآخرة بإذن الله:
أولاً: استعن بالله، واحرص كثيرًا على الدعاء، ادعُ اللهَ في سجودك أن يهديَك ويثبتك على الدين، كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يُكثر من هذا الدعاء: ((اللَّهمَّ يامقلِّبَ القلوبِ، ثبِّتْ قلبي على دينِك))؛ صححه الألباني.
ثانيًا: عليك بالاستغفار، أكثِرْ من قول: ((أستغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو، الحيَّ القيومَ، وأتوب إليه)).قال الله تعالى: ﴿ وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ﴾ [هود: 3] الآية.قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قال اللهُ تعالى: ((يابنَ آدمَ، إنَّك ما دعوتَني ورجوتَني غفرتُ لكَ على ما كانَ منكَ ولا أُبالِي، يابنَ آدمَ، لو بلغَتْ ذنوبُك عَنانَ السماءِ ثمَّ استغفرتَني غفرتُ لكَ ولا أُبالِي، يا بنَ آدمَ، لو أنَّك أتيتَني بقُرَابِ الأرضِ خطايا ثمَّ لقيتَني لا تشرك بي شيئًا لأتيتُك بقرابِها مغفرةً))؛ صححه الألباني.
ثالثًا: اعلم أن صلاتك في المسجد من أَعظم وسائل الثبات على الدِّين، كما أن لها أجرًا عظيمًا عند الله عز وجل.قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((صلاةُ الجماعة أفضل من صلاة الفذِّ بسبعٍ وعشرين درجة))؛ رواه البخاري ومسلم.
رابعًا: عليك بالصُّحبة الصالحة إن أردتَ الاستمرارَ على توبتك وصلاحك، واحذر من رُفقاء السوء؛ فَهُم من أكبَر أسباب المعاصي والتعلق بها.قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((المرءُ على دينِ خليلِه، فلينظرْ أحدُكم مَن يُخاللُ))؛ صححه ابن باز في مجموع فتاوى ابن باز، وحسنه الألباني.
خامسًا: ابتعد عما يُذكركُ بالمعاصي ويربطك بها؛ من أماكن وصور وسيديهات سيئة...، وإياك أن تتهاون في ذلك؛ فكم كانت سببًا في رجوع بعضِ الناس إلى طريق الهوى والشيطان.
سادسًا: احرص على سماع القرآن الكريم، والمواعظِ والدروس الدينية التي تساعدك على الثبات على الدين بإذن الله، والتي تذكِّرك بالآخرة، وتذكِّرك بأنك في هذه الدنيا غير مُخَلَّد، وأنك في دار امتحان، إذا رسَبت في هذا الامتحان - لا قدَّر الله - فلا مجال لإعادته، وستكون العاقبةُ فظيعة؛ "نار أشد حرًّا من نار الدنيا بـ 69 درجة".
سابعًا: ابتعد عن سماع الأغاني، وإذا كنت صادقًا في توبتك، فجرِّب هذه الطريقة التي كانت سببًا في توبةِ أكثر من 83 شخصًا بفضل الله، وقد اعترفوا أن هذه الطريقة كانت سببًا في توبتهم؛ الطريقة هي أن تترك سماع الأغاني لمدة 24 ساعة، وبإذن الله ستتركُ سماعَ الأغاني بعد ذلك، وستحبُّ فعلَ الطاعة، وتكره فعلَ المعصية.كتب عمرُ بن عبدالعزيز لمؤدبِ وَلده: "ليكن أوَّل ما يعتقدون من أدبك بُغض الملاهي التي مبدؤها من الشيطان، وعاقبتها سخَطُ الرحمن؛ فإنَّه بلغني عن الثقات مِن أهل العلم أن صوت المعازف واستماعَ الأغاني واللهج بها يُنبت النفاقَ، كما ينبُتُ العُشب على الماء".
ثامنًا: لا تنسَ قراءة القرآن الكريم؛ فهو خيرُ الكلام، وأجره عظيم عند الله تعالى.قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مَن قرأَ حرفًا مِن كتابِ اللهِ، فلَهُ بِهِ حسنةٌ، والحسنةُ بعَشرِ أمثالِها، لا أقول: ﴿ الم ﴾ حرفٌ، ولَكن ألفٌ حرفٌ، ولامٌ حرفٌ، وميمٌ حرفٌ))؛ رواه الترمذي بسندٍ صحيح.
أخي المسلم، إذا اتبعت هذه النصائح الثمانية، فأنت - بإذن الله - في الدنيا من السُّعداء والمتقين، وفي الآخرةِ مع النبيين والصديقين، والشهداء والصالحين، بإذن رب العالمين.
أخي المسلم، جاهد نفسَك للإقبال على الأعمال الصالحة، وخصوصًا الفرائض؛ كالصلوات والصيام، وبر الوالدين، والواجبات الأخرى؛ فإنه لا يجوزُ لأيِّ مسلم أن يُفرِّط فيها، وابتعد - يا أخي - عن المحرمات إجمالاً؛ فهي والله سببُ الشقاء في الدنيا والآخرة؛ قال الله تعالى: ﴿ وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى ﴾ [طه: 124]، والضَّنك: هو الشقاء والضيق.
أخي المسلم، بِعِ الدنيا الفانية، واشترِ الآخرة الباقية، اسعَ للبُعد عن النيران، والبُعدِ عن غضب الواحد الديَّان، واعمل للفوز بالجِنان، ورِضا الرحيم الرحمن.نَسأل اللهَ العظيم أن يهدينا ويغفر لنا، ويثبتنا على الدين، وأن يجنِّبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن؛ إنه هو الرحمن الرحيم.