السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أيهما أفضل ؟
قراءة القرآن بتدبر وإن قلَّ عدد الختمات ؟
أم
سرعة القراءة والإكثار من عدد الختمات بغير تدبر كافٍ ؟
سُئل الشيخ عبد الكريم الخضير :
هل كثرة قراءة القرآن في رمضان بسرعة أفضل أم القراءة بالتَّدبُّر وإنْ قلَّ الختم ؟
فأجاب :
عامَّةُ أهل العلم؛ بل جُمهُورهم على أنَّ القراءة على الوجه المأمُور بها أفضل وإنْ قَلَّتْ، والشَّافعي -رحمهُ الله- وبعضُ العُلماء يَرَوْن أنَّ استغلال مثل هذا الوقت بالقراءة السّرَيعة مع تكثير الحُرُوف أفضل؛ لأنَّ لهُ بكل حرف عشر حسنات
وصُورة الخِلاف إنَّما تَرِد فيمن أراد أنْ يجلِس ساعة بعد صلاة الصُّبح مثلاً أو بعد صلاة الظُّهُر أو بعد العصر، ويقول: هل أقرأ في هذهِ السَّاعة جُزْئِين أو خمسة أجزاء؟ جُزئين بالتَّدبُّر والتَّرتيل أو خمسة أجزاء بالسُّرعة؟!
نقول الجُمهور على أنك تقرأ جُزئين أفضل، والشَّافعيَّة يرون أنَّ كُلَّما كثُرت الحُرُوف كان أفضل وأكثر الحسنات . وعلى كُلِّ حال القراءة على الوجه المأمُور بها أفضل ولو تَرَتَّب على ذلك إنَّهُ لا يقرأ القُرآن إلا أربع مرَّات، خمس مرَّات، ثلاث مرَّات، أو مع السُّرعة يقرأ عشر مرَّات، خمسة عشر مرَّة؛ لا شكَّ أنَّ التَّدبُّر والتَّرتيل أفضل.
وقال الشيخ عبدالكريم الخضير أيضاً في درس له بعنوان :" من مسائل القيام والتراويح والإعتكاف " :
(ذُكر عن ابن القيم رحمه الله تعالى أنه سُئل : أيهما أفضل ختم القرآن تدبرا مرة واحدة أم قراءة القرآن مرات عديدة لكن دون تدبر ؟
فأجاب رحمه الله تعالى بمثال يغني عن الإجابة حيث قال :
أيهما أفضل : درة أو جوهرة ثمينة تساوي ألآف أو مئات الدنانير أم عشر درر أو عشر جواهر تقل عنها في القيمة ؟ ) أ.هـ.
يشير الشيخ الخضير حفظه الله إلى ما ذكره ابن القيم رحمه الله في زاد المعاد حيث قال :
وقد اختلف الناس في الأفضل من الترتيل وقلة القراءة أو السرعة مع كثرة القراءة : أيهما أفضل ؟ على قولين :
الأول : فذهب ابن مسعود وابن عباس وغيرهما إلى أن الترتيل والتدبر مع قلة القراءة أفضل من سرعة القراءة مع كثرتها ، واحتج أرباب هذا القول بأن المقصود من القراءة فهمه ، وتدبره ، والفقه فيه ، والعمل به ، وتلاوته وحفظه وسيلة إلى معانيه كما قال بعض السلف : نزل القرآن ليعمل به فاتخذوا تلاوته عملا . ولهذا كان أهل القرآن هم العالمون به والعاملون بما فيه وإن لم يحفظوه عن ظهر قلب ، وأما من حفظه ولم يفهمه ولم يعمل بما فيه فليس من أهله وإن أقام حروفه إقامة السهم .
قالوا : ولأن الإيمان أفضل الأعمال وفهم القرآن وتدبره هو الذي يثمر الإيمان ، وأما مجرد التلاوة من غير فهم ولا تدبر فيفعلها البر والفاجر والمؤمن والمنافق كما قال النبي صلى الله عليه و سلم : [ومثل المنافق الذي يقرأ القرآن كمثل الريحانة ريحها طيب وطعمها مر]
والناس في هذا أربع طبقات :
- أهل القرآن والإيمان وهم أفضل الناس .
- والثانية : مَنْ عَدِمَ القرآن والإيمان .
- الثالثة : مَن أوتي قرآنا ولم يؤت إيماناً .
- الرابعة : مَن أوتي إيماناً ولم يؤت قرآناً .
قالوا : فكما أن من أوتي إيماناً بلا قرآن أفضل ممن أوتي قرآناً بلا إيمان فكذلك من أوتي تدبراً وفهماً في التلاوة أفضل ممن أوتي كثرة قراءة وسرعتها بلا تدبر ، قالوا : وهذا هدي النبي صلى الله عليه و سلم فإنه كان يرتل السورة حتى تكون أطول من أطولَ منها وقام بآية حتى الصباح .
الثاني : وقال أصحاب الشافعي رحمه الله : كثرة القراءة أفضل ، واحتجوا بحديث ابن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : [ من قرأ حرفا من كتاب الله ، فله به حسنة ، والحسنة بعشر أمثالها ، لا أقول "الم" حرف ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف ] رواه الترمذي وصححه .
قالوا : ولأن عثمان بن عفان قرأ القرآن في ركعة ، وذكروا آثارا عن كثير من السلف في كثرة القراءة .
والصواب في المسألة
أن يقال : إن ثواب قراءة الترتيل والتدبر أجلُّ وأرفع قدرا ، وثواب كثرة القراءة أكثرُ عدداً :
فالأول : كمن تصدق بجوهرة عظيمة أو أعتق عبداً قيمته نفيسة جداً .
والثاني : كمن تصدق بعدد كثير من الدراهم أو أعتق عدداً من العبيد قيمتهم رخيصة .
ــ وفي صحيح البخاري عن قتادة قال : سألت أنساً عن قراءة النبي صلى الله عليه وسلم فقال : كان يمد مداً .
ــ وقال شعبة : حدثنا أبو جمرة قال : قلت لابن عباس : إني رجل سريع القراءة ، وربما قرأت القرآن في ليلة مرة أو مرتين ، فقال ابن عباس : لأن أقرأ سورة واحدة أعجب إلي من أن أفعل ذلك الذي تفعل ، فإن كنت فاعلاً ولا بد ، فاقرأ قراءة تسمع أذنيك ، ويعيها قلبك .
ــ وقال إبراهيم : قرأ علقمة على ابن مسعود وكان حسن الصوت فقال : رتل فداك أبي وأمي فإنه زينُ القرآن .
ــ وقال ابن مسعود : لا تهذّوا القرآن هذّ الشعر ، ولا تنثروه نثر الدقل ، وقفوا عند عجائبه ، وحركوا به القلوب ، ولا يكن هم أحدكم آخر السورة . وقال عبد الله أيضا : إذا سمعت الله يقول : { يا أيها الذين آمنوا } فأصغ لها سمعك ، فإنه خير تؤمر به ، أو شر تصرف عنه .
ــ وقال عبد الرحمن بن أبي ليلى : دخلت عليّ امرأة وأنا أقرأ ( سورة هود ) فقالت : يا عبد الرحمن : هكذا تقرأ سورة هود ؟! والله إني فيها منذ ستة أشهر ، وما فرغت من قراءتها .
(زاد المعاد 1/ 327- 329 )
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
سئل الشيخ المحدث الشيخ أحمد النجمي :
أيهما أفضل أن يقرأ الإنسان القرآن ويختمه عدة مرات أو أن يقرأه بتأن مع تفسيره مرة أو مرتين في رمضان
فأجاب حفظه الله :
والله إذا قرأه مرة مع تفسيره وفهمه خير من أن يقرأه هزاً هكذا
وعبد الله ابن مسعود عندما قال له رجل إني قرأت البارحة المفصل ــ المفصل أربعة أجراء من ق وما بعد ــ فقال له أهزاً كهز الشعر ؟
فينبغي للإنسان أن يقرأ بتأمل وإن كان يعرف يعني قد قرأ التفسير مثلا وتبين له هذا فأحسن أن يقرأ بتأن وتأمل ويستعيد بذاكرته التفسير الذي قرأه . نعم .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هل تعدد ختمات القرآن في رمضان أفضل أم ختمة واحدة أو نصف ختمة فقط ولكن بتدبر أفضل
وجزاكم الله كل خيرا.
الجواب :
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد ورد فضل كبير في كثرة تلاوة القرآن. روى الترمذي وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من قرأ حرفا من كتاب الله فله به حسنة والحسنة بعشر أمثالها لا أقول ألم حرف ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف.
وأخرج الحاكم في المستدرك والترمذي في سننه والدارمي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أن رجلا قال: يا رسول الله، أي الأعمال أفضل؟ قال: الحال المرتحل، قال: يا رسول الله، وما الحال المرتحل؟ قال: يضرب من أول القرآن إلى آخره، ومن آخره إلى أوله.
كما أن التدبر من أهم الأسس التي من أجلها نزل القرآن الكريم. قال الله تعالى: كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ {صّ:29} ، وقال تعالى: أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا {محمد:24} .
من هذا يتبين لك أن كلا من تعدد ختمات القرآن وتدبره مطلوب، والذي تميل إليه النفس هو أن القراءة بتدبر أفضل -وإن قلت- من كثير من القراءة بغير تدبر.. والذي نوصي به المسلم في رمضان وفي غيره هو الإكثار من تلاوة القرآن مع التدبر. والله أعلم. المصدر
تعليق