هـذه مقتطفات لمشاركـة لـي في دولة الأقباط الاحـرار ( الـتخـيـلـيـة ) ،
( وهـي مـن أفكـاري الخـاصة بتوفيق من الله تعالى )
احببت ان يستـفـيـد منها إخـواني ( إن رأوا فيـها فائـدة ) ، أو يردوا عليها ( إن كان بها ما يستوجب الرد )
أو يقتبسوا منها ( إن رأوا فـيها أهـمية )
المـوضــوع :
مقابلة السماوات بالظلمات والأرض بالنور ، ومـوقف الـناس من ذلك :
في بداية سورة الأنعام :
الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِم يَعْدِلُونَ{1}
" السماوات " يقابلها : الظلمات ،
" الأرض " يقابلها : النــــــــور ،
وهـذا ما يؤكـده عـلـمـاء الفضاء ،
فالسماوات يغمرها الظلام ، والأرض يدخلها النور ( نور القمر وضوء الشمس )
ثـم بـعـد مـقابـلـة الأرض بالنـور وبـعـد علمـهم ومعـرفـتـهم ، قـال : " الـذين كفروا " ولم يقل الكافرين يعـدلون ( يستبدلون )
فكلمة " الـذين كـفروا " تدل على فـعل ، وهـذا يستقيم مـع إيراد كـلـمة " يـعـدلـون " التي تدل على الاخـتيار والمفاضـلة ، عـن إدراك وعـلم بما في السماوات من الظلمات والأرض من النـور ، فبهـذا يبتدئ الله تعالى بالعتاب الاستنكاري .
وكلمة " الكـافــرين " تـدل على كـفـرهم المسـتمـر وعـدم علمهم بتلك الحقائق، وهذا لا يستقيم مـع كلمـة " يعـدلون " ،
اختلاف الخطـاب القــرأني رغـم تشابه الآيات واختلاف مواضعها :
لَّقَدْ سَمِعَ اللّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاء سَنَكْتُبُ مَا قَالُواْ وَقَتْلَهُمُ الأَنبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُواْ عَذَابَ الْحَرِيقِ{181} ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللّهَ لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ{182}أل عمران
وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُواْ الْمَلآئِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ وَذُوقُواْ عَذَابَ الْحَرِيقِ{50} ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللّهَ لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ{51}الانفال
وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُّنِيرٍ{8} ثَانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ لَهُ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَنُذِيقُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَذَابَ الْحَرِيقِ{9} ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ{10}الحج
في الثلاث الآيات السابقة كان الجزاء عذاب الحريق، وجاء الخطاب مباشـراً لهم وموجـه بلفظ الجلالة " الله " لأنه الخطاب الذي يعرفونه به ، ويـدل على المستقبل الكلمات التي وردت بها على التـوالي :
1 ـ سنكتب ما فالوا ، ونقول . ( الآية الأولى )
2 ـ ولو ترى . ( الثانيـة )
3 ـ ونذيقـه يوم القيامة .. ( الثالثـة )
ولكن في الآيتين التاليتين :
وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مُرِيبٍ{45} مَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاء فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ{46} فصلت
يبين الله تعالى لنبيه محمد ( ص ) كيف اختلف الناس وشكـوا في كتابهم الذي أنزل على موسى ( عليه السلام ) وقومـه ، ويقول له بلفظ المخاطـب " ربــك " دلالة على التلطـف والتـودد ،
قَالَ لَا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُم بِالْوَعِيدِ{28} مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ{29} يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِن مَّزِيدٍ{30} ق
أسلوب الآية جاء على صـيغـة الحـــوار بين الخصـماء وبين رب العـزة، لذلك فهو يخاطبهم عن نفسـه:
" قــد قـدمـت إليـكـم بالوعـيـد " ، " ما يبـدل القـول لدي وما أنا بظـلام للعــبـيـد "
الظلمـات " بصيغة الجمع و " النــور " بصـيغـة المفـرد:
".. قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ .." الرعد16
" وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ{19} وَلَا الظُّلُمَاتُ وَلَا النُّورُ{20} وَلَا الظِّلُّ وَلَا الْحَرُورُ{21} وَمَا يَسْتَوِي الْأَحْيَاء وَلَا الْأَمْوَاتُ إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَن يَشَاءُ وَمَا أَنتَ بِمُسْمِعٍ مَّن فِي الْقُبُورِ{22} فاطر22
في الآيتين نلاحظ أن الكلمات يقابلها كلمات من جنسها الإفراد بالإفراد والجمع بالجمع إلا في كلمتي الظلمات والنور ، وفي كل الآيات القرآن الكريم ترد كلمة " الظلمـات " بالجمــع ، وكلمــة " النــــور " بالمفــرد ،
لأن الظلمات هي الغالبة في الـكــون ، بينما النور ( الضـوء ) يصدر من النجوم المنتشرة في الفضاء التي لا تمثل شيئاً قياساً إلى الظلام الذي حولها .
ورغم ما نراه من النهار الطويل وضوء الشمس الساطع ونور القـمر فإن اللفـظ القرآني جاء دقيقاً ليعبر عما في ( الكـون ) الفضاء الخارجي السحـيق .
إشــارة بـديـعـة فـي اســتـخــدام اللـفـظ القـرآني " ثـالـث ثـلاثــة " :
لم يسـتخـدم عـبارة " أحــد ثـلاثـة " أو " جـزء مـن ثـلاثـة " في قوله سبحـانه وتعالى :
{لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَـهٍ إِلاَّ إِلَـهٌ وَاحِدٌ وَإِن لَّمْ يَنتَهُواْ عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ }المائدة73
" ثالث " هي بـعـض حـروف كـلـمـة " ثـلاتـة" ولم تخـرج عنهـا بـل هـي مخـتـلطة مما يـدل على اخـتلاط الـذات أو وحـدة الـذات ، فالحروف من جنس الكـلـمة وبعض منها ،إذن فالأصـل يعـادل الـفـرع ، بـيـنـما تـاء التأنيث في العـدد الأخــر"ثلاثــة" تجـعـل المـعـادلة صعـبة وغـير مـنـطـقــيـة،
فإذا كان الاب ذكـر والابـن ذكــر والروح القدس ذكـر فـهــم متـسـاوون،
لكــن يتـضـح الـفــرق مـن نقـطـة أساســية وهــي:
أن الأب ( ثـالـث ) لـم يـلــد ولـم يـولـد ، بـيـنـمـا ( ثـلاثـة ) في الكـلـمـة الـثـانـيـة وتشمل الثلاثة :
الأب والابن والروح القدس أحدهـم ولـد من أنثـى،
لذا فـقـد تساوت الكلمتان وامتـزجـت حروفـهـما بـينـما أفـرد الأولى بالتـذكـير ، وخـص الـثـانـية بالتأنـيـث ، فـكـيـف يتـمـاثلان ؟
وهـذه هـي دقــة اخـتيار الكـلـمة في القـرآن الكـريـم،
* ـ وهـذه إشـارة بيـانـية بلاغـيـة بـديـعــة في الكــلام عـن الـعـذاب :
"لقد كفر الذين قالوا .... ( بصيغـة الماضي ، وبـصـيـغـة التـعـمـيـم)
" ليمـسـن الذين كـفـروا منـهـم عـذاب ألـيـم " ( بصـيـغـة المسـتقـبل وبصـيغـة تخـصـيص العـذاب)
ولـم يـقـل " لـيـمــسـنـهـم عذاب ألـيـم "( تـعـمـيـم العـذاب ) مـثل بـدايـة الأيــة ، لمـاذا ؟
لأنه في الـبـدايـة يتـكـلـم عن مـن قـالوا فـعـلاً وهـلـكـوا ( وهم ظالمـون لله تعالى)،
" لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ.. " بصيغـة المـاضي ،أما في الوسـط فهـو يقـول:
".. وَإِن لَّمْ يَنتَهُواْ عَمَّـا يَقُولُونَ .. " مما يفيد أن القول مسـتـمـر مـع إمـكانـية التـوبـة لمن يـقـول ، وفي النـهـايـة يـقـول:
" .. لَيَمَـسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ " بصيغة المسـتـقـبـل يوم الحساب ، ويفـيـد تخصيص العـذاب ( ليـمـسن الذين كـفـروا مـمن يـقـولـون)، فـالقـول المـسـتـمـرالآن يترتب عـلـيـه تـوبـة بـعـضـهـم الآن ( لذلك خص العذاب بالذين كفروا منهم)
* * * * * * * * * * *
{يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِّمَّا كُنتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ قَدْ جَاءكُم مِّنَ اللّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ }المائدة15
( وهـي مـن أفكـاري الخـاصة بتوفيق من الله تعالى )
احببت ان يستـفـيـد منها إخـواني ( إن رأوا فيـها فائـدة ) ، أو يردوا عليها ( إن كان بها ما يستوجب الرد )
أو يقتبسوا منها ( إن رأوا فـيها أهـمية )
المـوضــوع :
مقابلة السماوات بالظلمات والأرض بالنور ، ومـوقف الـناس من ذلك :
في بداية سورة الأنعام :
الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِم يَعْدِلُونَ{1}
" السماوات " يقابلها : الظلمات ،
" الأرض " يقابلها : النــــــــور ،
وهـذا ما يؤكـده عـلـمـاء الفضاء ،
فالسماوات يغمرها الظلام ، والأرض يدخلها النور ( نور القمر وضوء الشمس )
ثـم بـعـد مـقابـلـة الأرض بالنـور وبـعـد علمـهم ومعـرفـتـهم ، قـال : " الـذين كفروا " ولم يقل الكافرين يعـدلون ( يستبدلون )
فكلمة " الـذين كـفروا " تدل على فـعل ، وهـذا يستقيم مـع إيراد كـلـمة " يـعـدلـون " التي تدل على الاخـتيار والمفاضـلة ، عـن إدراك وعـلم بما في السماوات من الظلمات والأرض من النـور ، فبهـذا يبتدئ الله تعالى بالعتاب الاستنكاري .
وكلمة " الكـافــرين " تـدل على كـفـرهم المسـتمـر وعـدم علمهم بتلك الحقائق، وهذا لا يستقيم مـع كلمـة " يعـدلون " ،
اختلاف الخطـاب القــرأني رغـم تشابه الآيات واختلاف مواضعها :
لَّقَدْ سَمِعَ اللّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاء سَنَكْتُبُ مَا قَالُواْ وَقَتْلَهُمُ الأَنبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُواْ عَذَابَ الْحَرِيقِ{181} ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللّهَ لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ{182}أل عمران
وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُواْ الْمَلآئِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ وَذُوقُواْ عَذَابَ الْحَرِيقِ{50} ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللّهَ لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ{51}الانفال
وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُّنِيرٍ{8} ثَانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ لَهُ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَنُذِيقُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَذَابَ الْحَرِيقِ{9} ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ{10}الحج
في الثلاث الآيات السابقة كان الجزاء عذاب الحريق، وجاء الخطاب مباشـراً لهم وموجـه بلفظ الجلالة " الله " لأنه الخطاب الذي يعرفونه به ، ويـدل على المستقبل الكلمات التي وردت بها على التـوالي :
1 ـ سنكتب ما فالوا ، ونقول . ( الآية الأولى )
2 ـ ولو ترى . ( الثانيـة )
3 ـ ونذيقـه يوم القيامة .. ( الثالثـة )
ولكن في الآيتين التاليتين :
وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مُرِيبٍ{45} مَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاء فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ{46} فصلت
يبين الله تعالى لنبيه محمد ( ص ) كيف اختلف الناس وشكـوا في كتابهم الذي أنزل على موسى ( عليه السلام ) وقومـه ، ويقول له بلفظ المخاطـب " ربــك " دلالة على التلطـف والتـودد ،
قَالَ لَا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُم بِالْوَعِيدِ{28} مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ{29} يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِن مَّزِيدٍ{30} ق
أسلوب الآية جاء على صـيغـة الحـــوار بين الخصـماء وبين رب العـزة، لذلك فهو يخاطبهم عن نفسـه:
" قــد قـدمـت إليـكـم بالوعـيـد " ، " ما يبـدل القـول لدي وما أنا بظـلام للعــبـيـد "
الظلمـات " بصيغة الجمع و " النــور " بصـيغـة المفـرد:
".. قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ .." الرعد16
" وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ{19} وَلَا الظُّلُمَاتُ وَلَا النُّورُ{20} وَلَا الظِّلُّ وَلَا الْحَرُورُ{21} وَمَا يَسْتَوِي الْأَحْيَاء وَلَا الْأَمْوَاتُ إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَن يَشَاءُ وَمَا أَنتَ بِمُسْمِعٍ مَّن فِي الْقُبُورِ{22} فاطر22
في الآيتين نلاحظ أن الكلمات يقابلها كلمات من جنسها الإفراد بالإفراد والجمع بالجمع إلا في كلمتي الظلمات والنور ، وفي كل الآيات القرآن الكريم ترد كلمة " الظلمـات " بالجمــع ، وكلمــة " النــــور " بالمفــرد ،
لأن الظلمات هي الغالبة في الـكــون ، بينما النور ( الضـوء ) يصدر من النجوم المنتشرة في الفضاء التي لا تمثل شيئاً قياساً إلى الظلام الذي حولها .
ورغم ما نراه من النهار الطويل وضوء الشمس الساطع ونور القـمر فإن اللفـظ القرآني جاء دقيقاً ليعبر عما في ( الكـون ) الفضاء الخارجي السحـيق .
إشــارة بـديـعـة فـي اســتـخــدام اللـفـظ القـرآني " ثـالـث ثـلاثــة " :
لم يسـتخـدم عـبارة " أحــد ثـلاثـة " أو " جـزء مـن ثـلاثـة " في قوله سبحـانه وتعالى :
{لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَـهٍ إِلاَّ إِلَـهٌ وَاحِدٌ وَإِن لَّمْ يَنتَهُواْ عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ }المائدة73
" ثالث " هي بـعـض حـروف كـلـمـة " ثـلاتـة" ولم تخـرج عنهـا بـل هـي مخـتـلطة مما يـدل على اخـتلاط الـذات أو وحـدة الـذات ، فالحروف من جنس الكـلـمة وبعض منها ،إذن فالأصـل يعـادل الـفـرع ، بـيـنـما تـاء التأنيث في العـدد الأخــر"ثلاثــة" تجـعـل المـعـادلة صعـبة وغـير مـنـطـقــيـة،
فإذا كان الاب ذكـر والابـن ذكــر والروح القدس ذكـر فـهــم متـسـاوون،
لكــن يتـضـح الـفــرق مـن نقـطـة أساســية وهــي:
أن الأب ( ثـالـث ) لـم يـلــد ولـم يـولـد ، بـيـنـمـا ( ثـلاثـة ) في الكـلـمـة الـثـانـيـة وتشمل الثلاثة :
الأب والابن والروح القدس أحدهـم ولـد من أنثـى،
لذا فـقـد تساوت الكلمتان وامتـزجـت حروفـهـما بـينـما أفـرد الأولى بالتـذكـير ، وخـص الـثـانـية بالتأنـيـث ، فـكـيـف يتـمـاثلان ؟
وهـذه هـي دقــة اخـتيار الكـلـمة في القـرآن الكـريـم،
* ـ وهـذه إشـارة بيـانـية بلاغـيـة بـديـعــة في الكــلام عـن الـعـذاب :
"لقد كفر الذين قالوا .... ( بصيغـة الماضي ، وبـصـيـغـة التـعـمـيـم)
" ليمـسـن الذين كـفـروا منـهـم عـذاب ألـيـم " ( بصـيـغـة المسـتقـبل وبصـيغـة تخـصـيص العـذاب)
ولـم يـقـل " لـيـمــسـنـهـم عذاب ألـيـم "( تـعـمـيـم العـذاب ) مـثل بـدايـة الأيــة ، لمـاذا ؟
لأنه في الـبـدايـة يتـكـلـم عن مـن قـالوا فـعـلاً وهـلـكـوا ( وهم ظالمـون لله تعالى)،
" لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ.. " بصيغـة المـاضي ،أما في الوسـط فهـو يقـول:
".. وَإِن لَّمْ يَنتَهُواْ عَمَّـا يَقُولُونَ .. " مما يفيد أن القول مسـتـمـر مـع إمـكانـية التـوبـة لمن يـقـول ، وفي النـهـايـة يـقـول:
" .. لَيَمَـسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ " بصيغة المسـتـقـبـل يوم الحساب ، ويفـيـد تخصيص العـذاب ( ليـمـسن الذين كـفـروا مـمن يـقـولـون)، فـالقـول المـسـتـمـرالآن يترتب عـلـيـه تـوبـة بـعـضـهـم الآن ( لذلك خص العذاب بالذين كفروا منهم)
* * * * * * * * * * *
{يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِّمَّا كُنتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ قَدْ جَاءكُم مِّنَ اللّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ }المائدة15
تعليق