أنا فتاة مسلمة اسمي مريم على اسم مريم أم المسيح عيسى عليه الصلاة والسلام. المسلمون يحبون عيسى وأمه مريم إلى الدرجة التي تجعلهم يسمّون أبناءهم وبناتهم بإسميهما. يحبّ المسلمون مريم لأن الله أكد في القرآن الذي أنزل منذ أربعة عشر قرناً على رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم بأن مريم كانت أفضل وأكثر إمرأة استقامةً وطهراً على وجه الأرض:
" وَإِذْ قَالَتِ الْمَلائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ " (القرآن- سورة رقم 3- آية 42)
" إِذْ قَالَتِ الْمَلائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمِن الْمُقَرَّبِينَ" (القرآن- سورة رقم 3- آية 45)
وأثنى القرآن على النبي المسيح عيسى وأمّه مريم ثناءًَ عظيماً ودافع عنهما إلى درجة أنّ عيوننا تفيض دمعاً حين نقرأ آيات القرآن التي تتحدّث عنهما. لا يكون المسلم مسلماً إذا لم يؤمن بما جاء في القرآن بأن عيسى رسول عظيم، وبأنّه أحيا الموتى بإذن اللّه، وبأنّه ولد بإعجاز من غير أب.
وكم فجعني وآلمني أنا وأكثر من 1،3 مليار مسلم إستهزاء بعض النصارى بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم في حين أن نبينا محمداً هو الذي علمنا حب الأنبياء واحترامهم وحرم علينا الاستهزاء بهم وعلمنا حب عيسى وحب أمه وفضلهما ومكانتهما العظيمة.
ولم يكتفوا بذلك بل افتروا عليه بتصويره بطريقة بشعة ومقززة كمجرم وإرهابي بزعم حرية التعبير لتضليل الناس وتغيير الحقائق التي هي على العكس تماماً عن هذا النبي الذي أرسله الله رحمة لجميع البشر فنشر الخير ومنع الظلم وأقام العدل، وشهد له بذلك حتى أعداؤه.
فهل تعني حرية التعبير السب وافتراء الأكاذيب والاستهزاء الشنيع بالأديان وبأنبياء الله ورسالاتهم وتعاليمهم السامية!
وهل تعني حرية التعبير تشويه السمعة والإيذاء البالغ للمشاعر والتحريض على الكراهية وتعريض الآخرين للإحتقار والسخرية والنبذ والعنصرية!
أليس في هذا إساءة عظيمة للمعنى الحقيقي السامي للحرية!
وماذا نجني من هذا سوى تأجيج نار الصراع والكراهية بين الأمم وتصعيد التوتّر والتعصب!
نحن لسنا ضد حرية التعبير والنقد ولكنه النقد المنطقي المبني على الحقائق بهدف الوصول إلى الحق وليس النقد المتعالي المتسلط المبني على الجهل والأكاذيب والإستهزاء بهدف تضليل الناس وتشويه السمعة وإيذاء المشاعر. لقد أمرنا ديننا بإنتقاد الأخطاء والعمل على تصحيحها ولكن بالتزام الصدق والعدل حتى مع أعدائنا وأمرنا بالحوار مع الآخرين ولكن بطريقة حكيمة ورقيقة:
"وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ" (القرآن- سورة رقم 29- آية 46)
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تعملون (القرآن- سورة رقم 5- آية 8)
وقد حذرنا رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم من الاعتداء على غير المسلم الذي له عهد وميثاق مع المسلمين فقال:
" أَلا مَنْ ظَلَمَ مُعَاهِدًا، أَوْ انْتَقَصَهُ، أَوْ كَلَّفَهُ فَوْقَ طَاقَتِهِ، أَوْ أَخَذَ مِنْهُ شَيْئًا بِغَيْرِ طِيبِ نَفْسٍ، فَأَنَا حَجِيجُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ" (رواه أبو داود -3052)