بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه والأنبياء السابقين وسلم
هذه مقالة جزء من ثلاث مقالات (حيث أنها في الأصل مبحث صغير اضطررت إلى تقسيمه إلى ثلاث مقالات حتى لا يطول على القارئ) أبين فيها تطور عقيدة التثليث حيث لم يكن المسيح هو الله لدى المسيحيين الأرثوذوكس (ركز على عبارة "أرثوذوكس") وإنما كان إلهاً تحت الله (وهي ما تسمى بعقيدة الخضوعية أو التبعية)، ثم تحول المسيح منذ القرن الرابع إلى الله نفسه [ بحسب اعتقاد المسيحيين الأرثوذكس ]
مشكلة عبادة الإنسان في الوثنيات
جميع الديانات على وجه الأرض تقريباً تؤمن بأن للكون إلهاً خالقاً، وسواء أكان الله في الإسلام أو براهما في الهندوسية أو كان زيوس لدى قدماء اليونانيين أو إلوهيم ويهوه عند اليهود فالكل يصرح بأنه إله فوق الكل، إلا أن جميع الديانات الوثنية تقريباً سقطت في عبادة الإنسان، وذلك سواء أكان كرشنا أو غيره في الهندوسية أو بوذا في البوذية أو المسيح في المسيحية، وهذه المعبودات البشرية غالباً هي لم تصرح بالألوهية (إلا في حالة الملوك والأباطرة مدعوا الألوهية)، وإنما تأليه أولئك البشر تم بعد زمنهم بوقت ليس بالقصير، وبالطبع الديانات التي نجت من عبادة الإنسان هي الإسلام واليهودية.
كما أن هذه الديانات التي ألّهت الإنسان هي ألّهته بإحدى طريقتين:
1- إما برفع الإنسان إلى مرتبة الألوهية: أي بالإيمان أن هذا الإنسان الإله كان إنساناً في الأصل ثم ترقى وارتفع إلى مقام الألوهية، وذلك كما نراه في البوذية.
2- وإما بفكرة تجسد الإله: وهو أن الإله نزل إلى الأرض وتجسد في إنسان، وهذا هو غالب ما عليه الديانات الوثنية، ولذلك يُعتبر هذا الإنسان الإله في هذه الأديان مساوياً للإله الذي تجسد منه، وبعض تلك الديانات تشخصن الإله وتعدده في شخصيات مختلفة ثم تجعل ذلك الإنسان ممثلاً ومجسداً لإحدى الشخصيات الإلهية، فمثلاً المسيحية والهندوسية كلاهما يؤمنان بأن المسيح (في المسيحية) وكرشنا (في الهندوسية) تجسدات للشخصية الثانية من الثالوث الإلهي (المسيح تجسد لله الابن وكرشنا تجسد للإله فيشنو)، والعجيب أن السبب في خلق شخصية ثانية للإله الأصل هو إيمان تلك الديانات بعدم إمكانية تجسد الإله (الله الآب في المسيحية وبراهما في الهندوسية)، وبالتالي جعلوا للإله شخصيات أخرى يمكنها النزول إلى الأرض والتجسد.
ولذلك مهما ادعى أولئك المؤلهون للإنسان وصنعوا شخصيات متعددة للإله فإنهم في قرارة أنفسهم يشعرون بعظمة الإله الأصل فوق عظمة الشخصيات الإلهية التي توالدت أو انبثقت من ذلك الإله الأصل.
وبالتالي سنقرأ في هذا المبحث عن تطور الفكر التثليثي لدى المسيحيين خصوصاً عن علاقة الابن بالله الآب، هل هم متساوون أم أن الآب أعظم من الابن؟ فمفهوم المساواة هو ما يعرف بعقيدة التثليث المعاصرة (وهي العقيدة المتبنية في الفكر المسيحي منذ القرن الرابع الميلادي) بينما مفهوم التفاضل (أي أن الآب أعظم من الابن) فيسمى بعقيدة الخضوعية أو التبعية (وهو المعتقد المتبنى في المسيحية ما قبل القرن الرابع)، ومع ذلك قبل الخوض في الحديث عن معتقدات آباء الكنيسة ما قبل القرن الرابع الميلادي وعن مدى تحريف هذا المعتقد في القرون اللاحقة فإني سأبدأ بتوضيح مشكلة تأليه المسيح أصلاً، ثم آتي على عقيدة آباء الكنيسة ما قبل القرن الرابع، والتي كانت بالرغم من كونها مبنية على تأليه المسيح إلا أنها كانت منكرة لجعل المسيح هو الله نفسه، بل اعتبروه في مرتبة تحت الله، بعضهم اعتبروه كجزء من الله وبعضهم اعتبر لفظة التأليه لفظة مجازية لا يُقصد بها الألوهية كما أطلقت على موسى في العهد القديم: "فَقَالَ الرَّبُّ لِمُوسَى: «انْظُرْ! أنَا جَعَلْتُكَ إلَهاً لِفِرْعَوْنَ. وَهَارُونُ أخُوكَ يَكُونُ نَبِيَّكَ»." (الخروج 7 : 1)
هذه مقالة جزء من ثلاث مقالات (حيث أنها في الأصل مبحث صغير اضطررت إلى تقسيمه إلى ثلاث مقالات حتى لا يطول على القارئ) أبين فيها تطور عقيدة التثليث حيث لم يكن المسيح هو الله لدى المسيحيين الأرثوذوكس (ركز على عبارة "أرثوذوكس") وإنما كان إلهاً تحت الله (وهي ما تسمى بعقيدة الخضوعية أو التبعية)، ثم تحول المسيح منذ القرن الرابع إلى الله نفسه [ بحسب اعتقاد المسيحيين الأرثوذكس ]
مشكلة عبادة الإنسان في الوثنيات
جميع الديانات على وجه الأرض تقريباً تؤمن بأن للكون إلهاً خالقاً، وسواء أكان الله في الإسلام أو براهما في الهندوسية أو كان زيوس لدى قدماء اليونانيين أو إلوهيم ويهوه عند اليهود فالكل يصرح بأنه إله فوق الكل، إلا أن جميع الديانات الوثنية تقريباً سقطت في عبادة الإنسان، وذلك سواء أكان كرشنا أو غيره في الهندوسية أو بوذا في البوذية أو المسيح في المسيحية، وهذه المعبودات البشرية غالباً هي لم تصرح بالألوهية (إلا في حالة الملوك والأباطرة مدعوا الألوهية)، وإنما تأليه أولئك البشر تم بعد زمنهم بوقت ليس بالقصير، وبالطبع الديانات التي نجت من عبادة الإنسان هي الإسلام واليهودية.
كما أن هذه الديانات التي ألّهت الإنسان هي ألّهته بإحدى طريقتين:
1- إما برفع الإنسان إلى مرتبة الألوهية: أي بالإيمان أن هذا الإنسان الإله كان إنساناً في الأصل ثم ترقى وارتفع إلى مقام الألوهية، وذلك كما نراه في البوذية.
2- وإما بفكرة تجسد الإله: وهو أن الإله نزل إلى الأرض وتجسد في إنسان، وهذا هو غالب ما عليه الديانات الوثنية، ولذلك يُعتبر هذا الإنسان الإله في هذه الأديان مساوياً للإله الذي تجسد منه، وبعض تلك الديانات تشخصن الإله وتعدده في شخصيات مختلفة ثم تجعل ذلك الإنسان ممثلاً ومجسداً لإحدى الشخصيات الإلهية، فمثلاً المسيحية والهندوسية كلاهما يؤمنان بأن المسيح (في المسيحية) وكرشنا (في الهندوسية) تجسدات للشخصية الثانية من الثالوث الإلهي (المسيح تجسد لله الابن وكرشنا تجسد للإله فيشنو)، والعجيب أن السبب في خلق شخصية ثانية للإله الأصل هو إيمان تلك الديانات بعدم إمكانية تجسد الإله (الله الآب في المسيحية وبراهما في الهندوسية)، وبالتالي جعلوا للإله شخصيات أخرى يمكنها النزول إلى الأرض والتجسد.
ولذلك مهما ادعى أولئك المؤلهون للإنسان وصنعوا شخصيات متعددة للإله فإنهم في قرارة أنفسهم يشعرون بعظمة الإله الأصل فوق عظمة الشخصيات الإلهية التي توالدت أو انبثقت من ذلك الإله الأصل.
وبالتالي سنقرأ في هذا المبحث عن تطور الفكر التثليثي لدى المسيحيين خصوصاً عن علاقة الابن بالله الآب، هل هم متساوون أم أن الآب أعظم من الابن؟ فمفهوم المساواة هو ما يعرف بعقيدة التثليث المعاصرة (وهي العقيدة المتبنية في الفكر المسيحي منذ القرن الرابع الميلادي) بينما مفهوم التفاضل (أي أن الآب أعظم من الابن) فيسمى بعقيدة الخضوعية أو التبعية (وهو المعتقد المتبنى في المسيحية ما قبل القرن الرابع)، ومع ذلك قبل الخوض في الحديث عن معتقدات آباء الكنيسة ما قبل القرن الرابع الميلادي وعن مدى تحريف هذا المعتقد في القرون اللاحقة فإني سأبدأ بتوضيح مشكلة تأليه المسيح أصلاً، ثم آتي على عقيدة آباء الكنيسة ما قبل القرن الرابع، والتي كانت بالرغم من كونها مبنية على تأليه المسيح إلا أنها كانت منكرة لجعل المسيح هو الله نفسه، بل اعتبروه في مرتبة تحت الله، بعضهم اعتبروه كجزء من الله وبعضهم اعتبر لفظة التأليه لفظة مجازية لا يُقصد بها الألوهية كما أطلقت على موسى في العهد القديم: "فَقَالَ الرَّبُّ لِمُوسَى: «انْظُرْ! أنَا جَعَلْتُكَ إلَهاً لِفِرْعَوْنَ. وَهَارُونُ أخُوكَ يَكُونُ نَبِيَّكَ»." (الخروج 7 : 1)
تعليق