الأمة الإسلامية في مواجهة التنصير !!
بقلم د. راغب السرجانى
أثارت قضية الشاب المرتد المتنصِّر محمد حجازي، ودعواه القضائية المتبجحة للحصول على حكم قضائي يثبت ارتداده، أثارت شجونًا كثيرة، وقضايا خطيرة في ذات الوقت، فالأمة الإسلامية التي جعلها الله عز وجل خير الأمم بشرط القيام بالأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، هذه الأمة تخلَّت عن هذا الواجب، فهاجمها المنكر من كل حدبٍ وصوب.
إن الأمة الإسلامية كانت شعاع نورٍ أطلقه الله عز وجل ليبدد ظلمة الشرك والجاهلية؛ فانطلق المسلمون يخرجون العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، ولكن عندما تخلَّت بعض الأجيال عن دورها العظيم في هداية البشرية، فإن أعداء الأمة قد تداعت عليها كما تداعي الأكلة إلى قصعتها، ينهشون فيها من كل جانب، ويخرجون أبناءها من عبادة الله عز وجل وحده إلى عبادة الصليب والبشر،أو إلى البهائية، أو غير ذلك من صور الشرك، وذلك تحت سمع وبصر الأمة كلها.
إن دور الأمة الإسلامية في حماية دينها، والحفاظ على أبنائها من الوقوع في براثن المنظمات التنصيرية دور كبير ومهم لابد أن تعيه الأمة جيدًا؛ لتقوم به كما ينبغي عليها، كما لابد أن تعي الدور القديم المتنامي لخطط التنصير التي اجتاحت العالم الإسلامي منذ مئات السنين.
لقد بدأ التنصير مبكرًا بعد فشل الحروب الصليبية، إذ اقتنعت أوروبا، وكذلك بعض مسيحيي الشرق، بأن القضاء على الإسلام – كما يحلمون - لن يكون باستخدام القوة التي أثبتت فشلها، فاستخدام القوة يحفِّز المسلم للجهاد والتضحية في سبيل دينه، ولكن رأوا أن تحقيق ذلك الهدف لن يتأتَّى إلا بإبعاد المسلمين عن دينهم وإدخالهم في المسيحية، أو على الأقل بتمييع العقيدة في نفوس المسلمين، وذلك ما أعلنه القس صمويل زويمر أحد أشهر من مارسوا التنصير، وذلك في مؤتمر القدس للتنصير عام 1935م.
وذلك أيضًا ما ذكره مسئول كبير بالكنيسة المصرية في كلمته في الكنيسة المرقصية الكبرى بالإسكندرية في مارس عام 1973م، إذ قال: "كذلك يجب مضاعفة الجهود التبشيرية الحالية؛ إذ إن الخطة التبشيرية التي وُضِعَت بُنِيَت على أساس هدفٍ اتُّفق عليه للمرحلة القادمة، وهو زحزحة أكبر عدد من المسلمين عن دينهم، والتمسك به، على ألاّ يكون من الضروري اعتناقهم للمسيحية، فإن الهدف هو زعزعة الدين في نفوسهم، وتشكيك الجموع الغفيرة منهم في كتابهم وصدق محمد صلى الله عليه وسلم، وقد أورد فضيلة الشيخ الغزالي نصَّ الكلمة كاملة في كتابه الرائع (قذائف الحق)، وفيها ما يبين العداوة الشديدة الكامنة في نفوس البعض نحو الإسلام، ويُظهِر حجم الكيد والتخطيط الذي يقومون به ضده.
إن الكنيسة – كما ثبت من التحقيقات في قضية محمد حجازي - تنفق عشرات الملايين دون حساب من أجل استغلال الحالة المادية الضعيفة للمسلمين في تنصيرهم، وهذه الأموال تأتي – كما ذكر المسئول الكنسي في كلمته – من عدة جهات على رأسها أمريكا، وهنا لابد أن نتساءل: أين دور الدولة في كل ما يحدث؟! كيف تترك أبناءها يُستَغَلُّون لصالح مخططات مشبوهة؟! إن لم يكن لدى المسئولين حمية دينية للإسلام، أليس لديهم خوف على الوطن؟! أو حتى على أنفسهم؟ وقد تحدث نفس المسئول عن مخطط استعادة مصر من الغزاة المسلمين، أليس في هذا ما يثير خوف المسئولين؟! لقد كانت صدمة شديدة عندما قرأنا أن المتنصِّر محمد حجازي لم يكن يريد إعلان ردته، وأنَّ هناك مسئولاً قياديًّا بارزًا بالدولة هو الذي حرَّضه على ذلك، بل وأخذ يضغط عليه معلِنًا استعداده لتحمُّل كافة نفقات الدعوى، إلى هذا الحد بلغ الكيد للإسلام بين بعض من يُفترَض أنهم مسئولون في هذا البلد!!
إنَّ على الدولة مسئوليةً في حفظ عقيدة ودين رعيتها وشعبها لا تقل عن مسئولية توفير الطعام والمسكن والملبس، بل تزيد؛ فلماذا لا تُسخِّر الدولة وسائل الإعلام في تعليم صحيح الإسلام لأفراد المجتمع؟! وكيف تكون وسائل الإعلام في بلد مسلم من أدوات نشر الرذيلة والأخلاق الرديئة؟! ولماذا يتم تفريغ مناهج التعليم من مضامينها الإسلامية، واستبدال مناهج متميعة عقائديًّا بها؟!
إنَّ مسئولية الدولة ضخمة – كما ذكرت – في حفظ العقيدة الإسلامية فضلاً عن نشرها؛ فإن الدولة المسلمة الحقة هي التي تعمل على نشر الإسلام في ربوع الأرض.
إنه ليس من المقبول أو حتى من المفهوم أن تسلِّم الدولة من أسلم من النصارى للكنيسة؛ لتعذبهم وترغمهم على الارتداد إلى الكفر كما حدث مع السيدتين المسلمتين: وفاء قسطنطين وماري عبد الله، بينما تترك من ارتدَّ عن الإسلام حرًّا، أو – وهذا أدهى وأَمَرّ - لتجعل منه بعض وسائل الإعلام المشبوهة بطلاً!!
ولا يمكن أن يغيب عنّا دور المجتمع المسلم الذي يرى ما يحدث ويصمت، كيف للمسلم الغيور على الإسلام أن يلتزم الصمت تجاه محاولات إخراج المسلمين إلى الكفر؟! لماذا لا يقوم المسلم بواجبه نحو نصيحة أخيه المسلم؟! ولماذا لا يكفله إن رأى به حاجة وفقرًا حتى لا يسمح لدعاة الأديان الأخرى أن يستقطبوه تحت ضغط العوز وشدة الفقر.
ولا يصح أن ننسى دور الأزهر وعلماء الإسلام؛ فلقد ظلَّ صوت الأزهر عاليًا شامخًا في الحق، يجمع الأمة حوله في أوقات أزماتها؛ ليأخذ بيدها إلى سبيل النجاة.
إن دور الأزهر والعلماء دور عظيم، ونحن نثق بأن هناك من العلماء من هو جدير بقيادة الأمة، وإقالتها من عثرتها، ونحن ندعو هؤلاء أن ينهضوا، ليتصدروا الصفوف، ويقوموا بمهمتهم التي سيسألهم الله عز وجل عنها.
وكلمة أخيرة.. إلى ذلك الشاب الذي ترك الهدى إلى الضلال، وفضل الظلمة على النور، أقول له: مازال هناك أمل لك في أن تنجو؛ فإن الله عز وجل يقبل توبة العبد ما لم يُغرغِر؛ فأدرك نفسك، وارجع إلى واحة الإيمان، فإني أشفق عليك من يوم القيامة، إذ يتبرأ منك المسيح عيسى عليه السلام، فتصيبك حينها حسرة تظلُّ معك في جهنَّم أبدَ الآبدين... أسأل الله لك الهداية، وأسأله نصر الإسلام والمسلمين.
المصدر :-
http://www.islamstory.com/Article.aspx?ArticleID=16.22
تعليق