اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ،
بين الفينة و الأخرى لا يجد المنصّرون ما يملأون به صفحات مستنقعاتهم - عفوا أقصد منتدياتهم - العفنة سوى الخوض في سيرة الحبيب المصطفى العطرة .
زعموا أن الحبيب المصطفى من كثرة تعطّشه للدماء قد قتل الأسرى !!!
قبل الردّ على هذه الشبهة المغرضة دعوني أستعرض و إياّكم بعضا من المواقف التي تدلّ على تسامح نبي الرّحمة .
الحديث :
1- أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ لمَّا دخلَ مكَّةَ سرَّحَ الزُّبيرَ بنَ العوَّامِ وأبا عبيدةَ بنَ الجرَّاحِ وخالدَ بنَ الوليدِ على الخيلِ وقالَ يا أبا هريرةَ اهتِفْ بالأنصارِ قالَ اسلُكوا هذا الطَّريقَ فلا يشرِفنَّ لكم أحدٌ إلَّا أنمَتُموه فنادى منادٍ لا قريشَ بعدَ اليومِ فقالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ من دخلَ دارًا فهوَ آمِنٌ ومن ألقى السِّلاحَ فهوَ آمنٌ وعمدَ صناديدُ قريشٍ فدخلوا الكعبةَ فغصَّ بهم وطافَ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ وصلَّى خلفَ المقامِ ثمَّ أخذَ بجنبتيِ البابِ فخرجوا فبايَعوا النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ على الإسلامِ الراوي: أبو هريرة المحدث: الألباني - المصدر: صحيح أبي داود - الصفحة أو الرقم: 3024
خلاصة حكم المحدث: صحيح
2- كنا مع رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ في سفرٍ فانطلق لحاجته فرأينا حمَّرةً معها فرخان فأخذْنا فرخَيها فجاءت الحُمَّرةُ فجعلت تفرشُ فجاء النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ فقال من فجع هذه بولدِها ؟ رُدُّوا ولدَها إليها . ورأى قريةَ نملٍ قد حرقناها، فقال : من حرقَ هذه ؟ قلنا : نحن، قال : إنه لا ينبغي أن يعذِّبَ بالنارِ إلا ربُّ النارِ الراوي: عبدالله بن مسعود المحدث: الألباني - المصدر: صحيح أبي داود - الصفحة أو الرقم: 5268
خلاصة حكم المحدث: صحيح
كما يرى المتابع المُنصف فرسولنا صلى الله عليه كان رحيما حتى بالطّائر فمابالكم بالبشر !
عند فتح مكّة لم يصلب أو يقطع الرؤوس - كما فعل النّصارى عند بسط سيطرتهم على مدن المسلمين - بل أعطى مثالا حيّا لتسامح ورحمة منقطعي النّظير .
يقول الحقّ :
(( لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ ))
سورة التوبة : آية 128
الحديث :
أنَّ رسولَ اللهِ - صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ - لما أَسر أهلَ بدرٍ ؛ قتلَ عُقبةَ بنَ أبي مُعَيطٍ، والنضرَ بنِ الحارثِ، ومَنَّ على أبي عزَّة الجُمَحِيِّ . الراوي: عبدالله بن مسعود المحدث: الألباني - المصدر: تخريج مشكاة المصابيح - الصفحة أو الرقم: 3899
خلاصة حكم المحدث: إسناده حسن
نمرّ الآن إلى بيت القصيد ،
ماهي يا ترى قصّة مُشركي قريش - أسيرا الحرب - اللذان أمر رسول بقتلهما ؟؟
بداية علينا أن نميّز بين فئتين من الأسرى :
1- أسرى الحرب العاديين :
و هؤلاء المحاربون حثّ الإسلام العظيم على حسن معاملتهم عند وقوعهم أسرى في يد المسلمين مصداقا لقوله تعالى :
(( فإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاء ))
سورة محمد : آية 4
وقوله تعالى :
(( وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا ))
سورة الإنسان : آية 8
نقرأ في تفسير الطبري لما تقّدم أعلاه
[ الوثاق اسم من الإيثاق , وقد يكون مصدرا , يقال : أوثقته إيثاقا ووثاقا .
وأما الوثاق ( بالكسر ) فهو اسم الشيء الذي يوثق به كالرباط ; قاله القشيري .
وقال الجوهري : وأوثقه في الوثاق أي شده , وقال تعالى : " فشدوا الوثاق " .
والوثاق ( بكسر الواو ) لغة فيه .
وإنما أمر بشد الوثاق لئلا يفلتوا .فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً
" فإما منا " عليهم بالإطلاق من غير فدية " وإما فداء " .
ولم يذكر القتل هاهنا اكتفاء بما تقدم من القتل في صدر الكلام , و " منا " و " فداء " نصب بإضمار فعل .
وقرئ " فدى " بالقصر مع فتح الفاء , أي فإما أن تمنوا عليهم منا , وإما أن تفادوهم فداء ]
[حدثنا ابن حميد، قال: ثنا يحيى بن واضح، قال: ثنا أبو العريان، قال: سألت سليمان بن قيس أبا مقاتل بن سليمان، عن قوله: ( وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا ) قال: على حبهم للطعام.
وقوله: ( مِسْكينًا ) يعني جلّ ثناؤه بقوله مسكينا: ذوي الحاجة الذين قد أذلتهم الحاجة، ( ويَتِيمًا ) وهو الطفل الذي قد مات أبوه ولا شيء له ( وأسِيرًا ) : وهو الحربيّ من أهل دار الحرب يُؤخذ قهرا بالغلبة، أو من أهل القبلة يُؤخذ فيُحبس بحقّ، فأثنى الله على هؤلاء الأبرار بإطعامهم هؤلاء تقرّبا بذلك إلى الله وطلب رضاه، ورحمة منهم لهم. ]
أسمعتَ أيها المـُرجف ، " فأثنى الله على هؤلاء الأبرار بإطعامهم هؤلاء تقرّبا بذلك إلى الله وطلب رضاه، ورحمة منهم لهم " ربّ العزة أمر بإطعام أسرى الحرب رحمة لهم لا شماتة فيهم أو تنكيلا بهم !
2- أسرى الحرب من الطواغيت ( مجرمو الحرب ) :
وهم المشركون الذين آذوا المسلمين قولا و فعلا بل وبلغ بهم الأمر أن تفنّنوا في أساليب تعذيبهم والتنكيل بهم و هؤلاء وجب القصاص العادل منهم حال وقوعهم أسرى بين أيدي الموحّدين و كمثال على ذلك عقبة بن أبي معيط و النضر بن الحارث(حامل لواء المشركين يوم بدر) .
الحديث :
ما رأَيْتُ قُريشًا أرادوا قَتْلَ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إلَّا يومًا رأَيْتُهم وهم جلوسٌ في ظلِّ الكعبةِ ورسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُصَلِّي عندَ المَقامِ فقام إليه عُقبةُ بنُ أبي مُعَيطٍ فجعَل رِداءَه في عُنقِه ثمَّ جذَبه حتَّى وجَب لِرُكبتَيْهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وتصايَح النَّاسُ فظنُّوا أنَّه مقتولٌ .
الراوي: عمرو بن العاص المحدث: ابن حبان - المصدر: صحيح ابن حبان - الصفحة أو الرقم: 6569
خلاصة حكم المحدث: أخرجه في صحيحه
و نقرأ من تفسير القرطبي لقوله تعالى :
(( وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا قَالُوا قَدْ سَمِعْنَا لَوْ نَشَاءُ لَقُلْنَا مِثْلَ هَٰذَا ۙ إِنْ هَٰذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ ))
قوله تعالى وإذا تتلى عليهم آياتنا قالوا قد سمعنا لو نشاء لقلنا مثل هذا إن هذا إلا أساطير الأولين نزلت في النضر بن الحارث كان خرج إلى الحيرة في التجارة فاشترى أحاديث كليلة ودمنة ، وكسرى وقيصر ; فلما قص رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبار من مضى قال النضر : لو شئت لقلت مثل هذا . وكان هذا وقاحة وكذبا .
يُتبع ...>>>
تعليق