النوع الثامن: المقطوع
تعريفه:هوما جاء عن التابعين موقوفا عليهم من أقوالهم أو أفعالهم وجمعه المقاطع والمقاطيع.
مثاله :مارواه مسلم عن محمد بن سيرين [ إِنَّ هَذَاالْعِلْمَ دِينٌ فَانْظُرُواعَمَّنْ تَأْخُذُونَ دِينَكُمْ ] مارواه مسلم 26.
مثال آخر: وفي سنن الدرامي [ أَخْبَرَنَا أَبُو عَاصِمٍ قَالَ لَا أَدْرِيسَ مِعْتُهُ مِنْهُ أَوْ لَا ابْنُ عَوْنٍ عَنْ مُحَمَّدٍ إِنَّ هَذَاالْعِلْمَ دِينٌ فَانْظُرُواعَمَّنْ تَأْخُذُونَ دِينَكُمْ ] سنن الدرامي المقدمة 425..
ومن مظان الموقوف والمقطوع مصنف ابن أبى شيبة وعبد الرزاق وتفاسير ابن جرير وابن أبى حاتم وابن المنذر وغيرهم .
النوع التاسع: المرسل
تعريفه:هوقول التابعي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا أو فعل كذا سواء كان التابعي كبيرًا أو صغيرًا.
اتفق أهل العلم من المحدثين وغيرهم أن قول التابعي الكبير الذي لقي كثيرين من الصحابة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا أو فعل كذا يسمى مرسلا مثاله مارواه أبو داود في المراسيل [ حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ أَبُو خَيْثَمَةَ حَدَّثَنَا وَهْبُبْنُ جَرِيرٍ حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ سَمِعْتُ يُونُسَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ خَيْرُ الصَّحَابَةِ أَرْبَعَةٌ وَخَيْرُ السرايا أربع مِائَةٍ وَخَيْرُ الْجُيُوشِ أَرْبَعَةُ آلَافٍ وَلَنْ يُغْلَبَ اثْنَا عَشَرَ أَلْفًا مِنْ قِلَّةٍ قَالَ أَبُو دَاوُد وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ مُرْسَلٌ ] سنن أبي داود 2244 كتاب الجهاد..
مسائل
المسألة الأولى:
إذاانقطع الإسناد قبل الصحابي فكان مِن رواته مَن لم يسمعه ممن فوقه فاختلفوا في تسميته مرسلا فقال الحاكم وغيره من أهل الحديث لا يسمى مرسلا قالوا والمرسل مُخْتَصٌّ بالتابعي عن النبي صلى الله عليه وسلم فإن كان الساقط واحدا سُمِّىَ منقطعا وإن كان اثنين فأكثر سُمِّىَ مُعْضَلاً ومنقطعا أيضا والمعروف في الفقه وأصوله أن كل ذلك يسمى مرسلا وبه قطع الخطيب البغدادي قال إلا أن أكثر ما يوصفب الإرسال من حيث الاستعمال رواية التابعي عن النبي صلى الله عليه وسلم وهذا الاختلاف إنما هو العبارة والاصطلاح.
واستعمال المرسل بمعنى المنقطع شائع في كلام المحدثين المتقدمين كأبي داود السجستاني وأبى عيسى الترمذي وأبى عبد الرحمن النسائي وباستقراء استعمالهم للمرسل في سننهم وجدناهم يستعملون المرسل بمعنى المنقطع في المواضع التالية:
أولاسنن أبى داود:
1ـ حديث 178 قال وهو مرسل إبراهيم التَّيْمي لم يسمع عائشة .
2ـ حديث 886 قال هذا مرسل عَوْن لميدركعبد الله.
3 ـ حديث 1085 قال هو مرسل مجاهد أكبر من أبى الخليل وأبو الخليل لم يسمع من أبى قتادة
4ـ حديث 3781 قال عثمان لم يسمع من صفوان وهو مرسل.
5ـ حديث 3992 قال هذا مرسل الربيع لم يدرك أُمَّ سلمة.
6ـ حديث 4106 قال هذا مرسل خالد بندُرَيْك لم يدرك عائشة.
ثانيا سنن الترمذي :
1ـ حديث 14 قال وكلا الحديثين مرسل الأعمش عن أنس وابن عمر.
2ـ حديث 242 قال وهو حديث مرسل وعُمارة بن غَزِيَّة لم يدرك أنس بن مالك.
3ـ حديث 1279 قال هذاحديث مرسل إنما رواه ابن سيرين عن أيوب السَّخْتِيَاني عن يوسف بن مَاهَك عن أنس بن مالك.
4ـ حديث 1317 قال هذاحديث مرسل عون بن عبد الله لم يدرك ابن مسعود.
5ـ حديث 1317 قال وهذا مرسل أيضاالقاسم بن عبد الرحمن عن ابن مسعود.
6ـ حديث 1517 قال وهو حديث مرسل رواه القاسم بن عبد الرحمن عن ابن مسعود.
7ـ حديث 2088قال إنما يُرْوَى عن يحيى بن سعيد عن عائشة شيء مرسل
8ـ حديث 3099 قال هذا حديث مرسل سعيد بن أبى هلال عن جابر بن عبد الله.
9ـ حديث 3295 قال هذا حديث مرسل مجاهد عن أُمِّ سلمة .
10ـ حديث 3473 قال كان عبد الرزاق ربما ذكر في هذا الحديث يونس بن يزيد وربما لم يذكره وإذا لم يذكر فيه يونس فهو مرسل.
11ـ حديث 4193 قال هذا حديث مرسل أبوجَهْضَ معن ابن عباس.
ثالثا سنن النسائي :
1ـ حديث 171 قال ليس في هذا الباب أحسن من هذا الحديث وإن كان مرسلا يشير إلى الانقطاع بين إبراهيم التَّيْمي وعائشة .
2ـ حديث 1676 قال هذا الحديث عندي مرسل وطلحة بن يزيد لا أعلمه سمع من حذيفة شيئا.
المسألةالثانية:
إذا قيل في الإسناد فلان عن رجل عن فلان أو نحوه فقال الحاكم لايسمى مرسلا بل منقطعا وقال بعض المُعْتَبَرين من أصحاب أصول الفقه يسمى مرسلا وكل من القولين خلاف ما عليه الأكثر ون فإنهم ذهبوا إلى أنه متصل في سنده مُبْهَم مثاله مارواه أبو داود [حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو أَحْمَدَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ الْحَجَّاجِ بْنِ فُرَافِصَةَ عَنْ رَجُلٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ح وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُتَوَكِّلِ الْعَسْقَلَانِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا بِشْرُ بْنُ رَافِعٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَفَعَاهُ جَمِيعًا قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُؤْمِنُغِرٌّكَرِيمٌ وَالْفَاجِرُخِبٌّ لَئِيمٌ ] رواه أبو داود 4158 كتاب الأدب..
ولعل الرجل هو يحيى بن أبى كثيركما قال الحافظ في التقريب ص 731.
مثال آخرمارواه أبوداود:
[ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَعِيلَ أَخْبَرَنَا حَمَّادٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي عَامِرٍ قَالَدَخَلْتُ فِي الْإِسْلَامِ فَأَهَمَّنِي دِينِي فَأَتَيْتُ أَبَاذَرٍّفَقَالَأَبُوذَرٍّ إِنِّياجْتَوَيْتُ الْمَدِينَةَ فَأَمَرَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَوْدٍ وَبِغَنَمٍ فَقَالَ لِي اشْرَبْ مِنْ أَلْبَانِهَا قَالَحَمَّادٌ وَأَشُكُّ فِي أَبْوَالِهَا هَذَا قَوْلُحَمَّادٍ ] الحديث رواه أبوداود282 كتاب الطهارة ..
والترمذي تعليقا 124 من طريق أبى قِلاَبة عن رجل من بنى عامر قال دخلت الإسلام فأهمَّني ديني فأتيت أبا ذر فذكر الحديث والرجل هو عمرو بن بُجْدان كما قال الحافظ في التقريب ص 740.
وقد صنف الحافظ العراقي كتابًا في ذلك سماه المستفاد من مبهمات المتن والإسناد ذكر فيه ما وقف على تسميته من المبهمات الواقعة في السند أو المتن.
المسألةالثالثة:
ثم إن حكم المرسل حكم الحديث الضعيف والدليل على ضعفه أن المحذوف مجهول الحال لأنه يُحتمل أن يكون غير صحابي وإذا كان كذلك فإن الرواة حدثوا عن الثقات وعن غير الثقات فإذا روى أحدهم حديثا وأرسله لعله أخذه عن غير ثقة إلا أن يصح مَخْرَجُهُ بمجيئه من وجه آخر مسندا أو مرسلا أرسله مَنْ أخذ عن غير رجال الأول أوعَضَّدَهُ قول صحابي أو أفتى أكثر العلماء بمقتضاه فإن صح مَخْرَجُهُ كان صحيحا واحْتُجَّبه ولهذا احْتَجَّ الشافعي بمراسيل سعيد بن المسيب فإنها وُجِدَتْ مُسْنَدة من وجوه أخر ولا يَخْتَصُّ ذلك عنده بمرسل سعيد بن المسيب . فإن قيل إذا رُوِىَ مثله مسندا كان العمل بالمسند فلا فائدة في المرسل بكل حال فالجواب أن بالمسند يتبين صحة المرسل وأنه مما يُحتج به فيكون في المسألة حديثان صحيحان حتى لو عارضهما حديث صحيح جاء من طريق واحد وتعذر الجمع رجحناهما عليه وعملنا بهما دونه.
وهذاالذي ذكرناه من سقوط الاحتجاج بالمرسل والحكم بضعفه هو الذي استقر عليه مذهب جماهير المحدثين وتداولوه في تصانيفهم وحكاه ابن عبد البر عن جماعة أصحاب الحديث وقال مالك وأبو حنيفة رضى الله عنهما وأصحابهما وطائفة من العلماء يُحْتَجُّ به.
المسألةالرابعة:
هذاكله في غير مرسل الصحابة أما مرسلهم وهو ما رواه ابن عباس وابن الزبير وشبههما من أحداث الصحابة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مما لم يسمعوه منه فحكمه حكم المتصل لأن الظاهر روايتهم عن الصحابة والصحابة كلهم عدول مثاله ما رواه الترمذي واحمد :
[ حدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ سُفْيَانَ حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ يَعْنِي الْأَعْمَشَ عَنْ يَحْيَى بْنِ عُمَارَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ مَرِضَ أَبُوطَالِبٍ فَأَتَتْهُ قُرَيْشٌوَأَتَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعُودُهُ وَعِنْدَ رَأْسِهِ مَقْعَدُ رَجُلٍ فَقَامَ أَبُوجَهْلٍ فَقَعَدَ فِيهِ فَقَالُوا إِنَّ ابْنَ أَخِيكَ يَقَعُ فِي آلِهَتِنَا قَالَ مَا شَأْنُ قَوْمِكَ يَشْكُونَكَ قَالَ يَا عَمِّ أُرِيدُهُمْ عَلَى كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ تَدِينُ لَهُمْ بِهَا الْعَرَبُ وَتُؤَدِّي الْعَجَمُ إِلَيْهِمْ الْجِزْيَةَ قاَلَ مَا هِيَ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَقَامُوا فَقَالُوا أَجَعَلَ الْآلِهَةَإِلَهًا وَاحِدًا قَالَ وَنَزَلَ[ ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ (1)] فقرأ حتى بلغ [أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَهاًوَاحِداً إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ (5)] و حَدَّثَنَا أَبُوأُسَامَةَ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ حَدَّثَنَاعَبَّادٌ فَذَكَرَ نَحْوَهُ وقَالَ أَبِيقَالَ الْأَشْجَعِيُّ يَحْيَى بْنُ عَبَّادٍ ] رواه الترمذي 3539و مسند احمد مسند الهاشميين رقم1904 والآيات من 1ـ5 من سورة ص..
وهذا بلا شك لم يسمعه ابن عباس لأن هذه الحادثة كانت قبل ولادته فقد وُلِدَ ابن عباس قبل الهجرة بثلاث سنين وهى السنة التي تُوفى فيها أبو طالب ولا بد أن يكون سمعه من كبارالصحابة الذين شهدوا هذه الحادثة.
مثال آخر مارواه البخاري من حديث عائشة في بدء نزول الوحي وهو مما لم تشهده عائشة إذ كان هذا قبل ولادتها ولابد أن تكون سمعته من غيرها:
[ حدثنا يحيى بن بكير قال حدثنا الليث عن عقيل حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْعَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّهَا قَالَتْ أَوَّلُ مَا بُدِئَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْوَحْيِ الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ فِي النَّوْمِ فَكَانَ لَا يَرَى رُؤْيَا إِلَّا جَاءَتْ مِثْلَ فَلَقِ الصُّبْحِ ثُمَّ حُبِّبَ إِلَيْهِ الْخَلَاءُ وَكَانَ يَخْلُو بِغَارِ حِرَاءٍ فَيَتَحَنَّثُ فِيهِ وَهُوَ التَّعَبُّدُ اللَّيَالِيَ ذَوَاتِ الْعَدَدِ قَبْلَ أَنْ يَنْزِعَ إِلَى أَهْلِهِ وَيَتَزَوَّدُ لِذَلِكَ ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى خَدِيجَةَ فَيَتَزَوَّدُ لِمِثْلِهَا حَتَّى جَاءَهُ الْحَقُّ وَهُوَ فِي غَارِ حِرَاءٍ فَجَاءَهُ الْمَلَكُ فَقَالَ اقْرَأْ قَالَ مَا أَنَا بِقَارِئٍ قَالَ فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الْجَهْدَ ثُمَّ أَرْسَلَنِي فَقَالَ اقْرَأْ قُلْتُ مَا أَنَا بِقَارِئٍ فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي الثَّانِيَةَ حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الْجَهْدَ ثُمَّ أَرْسَلَنِي فَقَالَ اقْرَأْ فَقُلْتُ مَا أَنَا بِقَارِئٍ فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي الثَّالِثَةَ ثُمَّ أَرْسَلَنِي فَقَالَ [ اقْرأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْوَرَبُّكَ الأَكْرَمُ (3)] فَرَجَعَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْجُفُ فُؤَادُهُ فَدَخَلَ عَلَى خَدِيجَةَ بِنْتِ خُوَيْلِدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا] رواه البخاري 3 من حديث عائشة في بدء نزول الوحي. .
تعليق