الجزء الأول
التوراة تُخبر اليهود صراحة ، بأن العراقيون هم أصحاب البعث الثاني . وتوصيهم وتأمرهم كذلك ، بتدمير العراق ، بعد عودتهم من الشتات لفلسطين في المرة القادمة ، لإقامة دولتهم الثانية ، وتُحرّضهم وتحثّهم بألّا يدّخروا جهدا ، من أجل إعادته إلى العصر الحجري ، حتى لا يتمكّن أهل بابل ، من الانبعاث عليهم مرة أخرى ، عندما يأذن الله لهم بذلك .
بعض مقتطفات من النصوص التوراتية ، التي تحصُر البعث بالعراقيين :
موسى :
سفر التثنية " 28: 49 ويجلب الرب عليكم أمة من بعيد ، من أقصى الأرض ، فتنقضّ عليكم كالنسر ، 50: أمّة [ جافية الوجه ] يثير منظرها الرعب ، لا تهاب الشيخ ولا ترأف بالطفل ( أولي بأس شديد ) ، 51: فتستولي على نتاج بهائمكم ، وتلتهم غلات أرضكم حتى تفنوا ، ولا تُبقِ لك قمحا ولا خمرا ولا زيتا ، … حتى تفنيك ، 52: وتحاصركم في جميع مدنكم ، حتى تتهدم أسواركم الشامخة الحصينة ، التي وثقتم بمناعتها ، … "
31: 29: لأنني واثق أنكم بعد موتي ، تفسدون وتضلون عن الطريق الذي أوصيتكم بها ، فيصيبكم الشرّ في آخر الأيام ( المرة الثانية تكون في آخر الأيام ) ، لأنكم تقترفون الشر أمام الرب ، حتى تثيروا غيظه بما تجنيه أيديكم … " .
32: 19: فرأى الرب ذلك ورذلهم ، إذ أثار أبناؤه وبناته غيظه ، 20: وقال : سأحجب وجهي عنهم فأرى ماذا سيكون مصيرهم ؟ إنهم جيل متقلب وأولادُ خونة ، 21: … ، لذلك سأثير غيرتهم بشعب متوحش ( أولي بأس شديد ) ، وأغيظهم بأمة حمقاء [ أمة لا تفهمون لغتها ] .
إشعياء :
10: 3: فماذا تصنعون في يوم العقاب ، عندما تقبل الكارثة من بعيد !
" 14: 29: لا تفرحي يا كلّ فلسطين ( إسرائيل ) ، لأن القضيب الذي ضربك قد انكسر . فانه من أصل تلك الأفعى يخرج أُفعوان ، وذريّته تكون ثعبانا سامّا طيّارا … ولول أيّها الباب ، ونوحي أيّتها المدينة ، ذوبي خوفا يا فلسطين قاطبة ، لأن جيشا مُدرّبا قد زحف نحوك من الشمال … " .
46: 11: أدعو من المشرق الطائر الجارح ، ومن الأرض البعيدة برجل مشورتي ، قد نطقت بقضائي ، ولا بد أن أُجريه .
ارميا :
25: 9: فها أنا أُجنّد جميع قبائل الشمال ، بقيادة نبوخذ نصر عبدي* ، وآتي بها إلى هذه الأرض ، فيجتاحونها ويهلكون جميع سكّانها ، مع سائر الأمم المحيطة بها ، وأجعلهم مثار دهشة وصفير ، وخرائب أبدية .
* ( عبدي ) جاءت صفة لنبوخذ نصر في التوراة .
10: 22: اسمعوا ، ها أخبار تتواتر عن جيش عظيم ، مقبل من الشمال ، ليحوّل مدن يهوذا ، إلى خرائب ومأوى لبنات آوى .
6: 22: انظروا ، ها شعبٌ زاحف من الشمال ، وأمّة عظيمة تهبّ من أقاصي الأرض ، … ، لمحاربتك يا أورشليم .
حزقيال :
21: 19: وأوحى إليّ الربّ بكلمته قائلا : أمّا أنت يا ابن آدم ، فخطّط طريقين لزحف ملك بابل . من أرض واحدة تخرج الطريقان ، وفي ترجمة أخرى [ وأنت يا ابن آدم ، عيّن لنفسك طريقين ، لمجيء سيف ملك بابل ، من أرض واحدة تخرج الاثنتان ]
23: 22-23: وآتي بهم عليك من كل ناحية ، أبناء البابليين ، وسائر الكلدانيين ، ومعهم جميع أبناء أشور .
ـ يعلم اليهود علم اليقين ، أن المبعوثين عليهم في المرة الثانية ، سيخرجون من أرض بابل وأشور ، فالكلدانيون بابليين وآشوريون هم سكان العراق القدماء . وبابل مدينة عراقية ، تقع في وسط العراق إلى الجنوب من بغداد ، وأشور تقع في شماله . ورغم معرفتهم هذه فهم مستمرّون في غيهم وطغيانهم ، ذلك لأنهم لم يؤمنوا بالله ولا بأنبيائه سابقا ولاحقا ، فمعرفتهم به سبحانه جاءت من خلال آراء كهنتهم وأحبارهم . فهم يأخذون من التوراة ما يوافق أهوائهم ، ويتركون ما سواه . أما ما يؤمنون به حقا فهو المال والقوة . وبما أنهم يملكون القوة والمال ، وبما أن الله قد كشف لهم عن مُخططاته ، بالنسبة لحتمية القضاء على وجودهم في فلسطين ، فالحل لديهم ليس التوبة والرجوع إلى الله ( الذي لا يقيمون له وزناً ، نتيجة افتراءات زنادقة التلمود عليه ، سبحانه وتعالى عمّا يصفون ) ، وإنما بمخالفة مُخطّطات الله وإبطالها ، معتمدين على ما ألّفه الكهنة من نبوءات خاطئة عن الملك الموعود . وذلك بكل بساطة ، من خلال تنفيذ مخطّطات الكهنة والأحبار القديمة الجديدة ، التي وُضعت كحلّ لمعضلتهم المستعصية مع الله ، وهي إبادة الكلدانيين ، ومحو بابل الجديدة عن الوجود ، وتحويلها إلى صحراء قاحلة ، لا تسكنها إلا الثعالب ، وما كان تصريح أحد كلابهم ( بوش الأب ) ، عندما قال : ( بأنه سيُعيد العراق إلى العصر الحجري ) ، إلا من خلفية توراتية حاقدة .
نبوءة عن دمار بابل في سفر إشعياء
" 13: 1-8: رؤيا إشعياء بن آموص بشأن بابل : " انصبوا راية فوق جبل أجرد ، اصرخوا فيهم لوحوا بأيديكم ، ليدخلوا أبواب [ العتاة ] … لأن الرب القدير يستعرض جنود القتال . يقبلون من أرض [ بعيدة ] من أقصى السماوات ، هم جنود الرب وأسلحة سخطه لتدمير الأرض كلها . [ ولولوا ] ، فإن يوم الرب بات وشيكا ، قادما من عند الرب مُحمّلا بالدمار . لذلك ترتخي كل يد ، ويذوب قلب كل إنسان . ينتابهم الفزع ، وتأخذهم أوجاع ، يتلوون كوالدة تُقاسي من الآم المخاض …
" 13: 9-16: ها هو يوم الرب قادم ، مفعما بالقسوة والسخط والغضب الشديد ، ليجعل الأرض خرابا ويبيد منها الخطاة … والشمس تظلم عند بزوغها ( كسوف ) ، والقمر لا يلمع بضوئه ( خسوف ) . وأعاقب العالم على شرّه والمنافقين على آثامهم ، وأضع حدّا لصلف المُتغطرسين وأُذلّ كبرياء العتاة … وأُزلزل السماوات فتتزعزع الأرض في موضعها ، من غضب الرب القدير في يوم احتدام سخطه . وتولّي جيوش بابل ( عبارة جيوش بابل ، غير موجودة في الترجمة الأخرى ) حتى يُنهكها التعب ، عائدين إلى أرضهم كأنهم غزال مُطارد أو غنم لا راعي لها . كل من يُؤسر يُطعن ، وكل من يُقبض عليه يُصرع بالسيف ، ويُمزّق أطفالهم على مرأى منهم ، وتُنهب بيوتهم وتُغتصب نسائهم " .
" 13: 17-22: ها أنا أُثير عليهم الماديين ( الإيرانيين ) ، الذين لا يكترثون للفضة ولا يُسرّون بالذهب ، [ فتحطم ] قسيّهم الفتيان ، ولا يرحمون الأولاد أو الرضع … أما بابل مجد الممالك وبهاء وفخر الكلدانيين ، فتُصبح كسدوم وعمورة اللتين قلبهما الله . لا يُسكن فيها ، ولا تعمر من جيل إلى جيل ، ولا ينصب فيها بدوي خيمته ، ولا يُربض فيها راع قُطعانه . إنما تأوي إليها وحوش القفر وتعجّ البوم خرائبها ، وتلجأ إليها بنات النعام ، وتتواثب فيها [ معز الوحش ] ، وتعوي الضّباع بين أبراجها ، وبنات آوى في قصورها الفخمة . إن وقت عقابها بات وشيكا ، وأيامها لن تطول " .
" 14: 1 ولكنّ الرب [ سيرحم ] ذريّة يعقوب ، ويصطفي شعب إسرائيل ثانية ، وُيحلّهم في أرضهم ، فينضم الغرباء إليهم ويلحقون ببيت يعقوب . وتمُدّ شعوب الأرض إليهم يد العون ، ويصيرون عبيدا لبني إسرائيل ، في أرض الرب ، ويتسلّطون على آسريهم وظالميهم . في ذلك اليوم يُريحكم الرب ، من عنائكم وشقائكم وعبوديتكم القاسية " .
" 14: 4-23: فتسخرون من ملك بابل قائلين : " كيف استكان الظالم وكيف خمدت غضبته المُتعجرفة ؟ قد حطّم الرب عصا المنافق وصولجان المُتسلطين … حتى شجر السرو وأرز لبنان عمّها الفرح ، فقالت : " منذ أن انكسرت شوكتك ، لم يصعد إلينا قاطع حطب " … والذين يرونك ، يحملقون فيك ويتساءلون : " أهذا هو الإنسان الذي زعزع الأرض وهزّ الممالك ، الذي حوّل المسكونة إلى مثل القفر ، وقلب مُدنها ، ولم يُطلق أسراه ليرجعوا إلى بيوتهم ؟ " … أما أنت فقد طُرحت بعيدا عن قبرك ، كغصن مكسور … لأنك خرّبت أرضك ، وذبحت شعبك ، فذريّة فاعلي الإثم ، يبيد ذكرها إلى الأبد . أعدّوا مذبحة لأبنائه جزاء إثم آبائهم ، لئلا يقوموا ويرثوا الأرض فيملئوا وجه البسيطة مُدناً . يقول الرب القدير : " إني أهبّ ضدهم ، وأمحو من بابل ، اسماً وبقيةً ونسلاً وذريةً ، وأجعلها ميراثاً للقنافذ ، ومستنقعاتٍ للمياه ، وأكنسها بمكنسة الدمار " .
ـ دعوة للشماتة والسخرية من بابل بعد سقوطها . ودعوة لإعداد مذبحة لأبنائها ؛ أولا : للانتقام منهم لما فعله آبائهم سابقا ، وثانيا : لمنع الأبناء من تكرار فعل الأباء لاحقا ، وتلك هي مُبرّراتهم لتدمير العراق .
" 14: 29: لا تفرحي يا كلّ فلسطين ( إسرائيل ) ، لأن القضيب الذي ضربك قد انكسر . فانه من أصل تلك الأفعى يخرج أُفعوان ، وذريّته تكون ثعبانا سامّا طيّارا … ولول أيّها الباب ، ونوحي أيّتها المدينة ، ذوبي خوفا يا فلسطين قاطبة ، لأن جيشا مُدرّبا قد زحف نحوك من الشمال … " .
ـ وهذا النص يُحذر اليهود من الفرح ، بانكسار قضيب بابل ( أي بانكسار العراق في بادئ الأمر ) ، لأنه في النهاية سينهض من جديد ، ليُنجز ما قضاه الله عليهم . فالأُفعوان لا محالة خارج ، من أصل تلك الأفعى ، طال الزمان أو قصر ، وسينفث سمّه في أجسادهم عند مجيء الموعد ، وذريته ستكون أشد بأسا وأشد تنكيلا .
تعليق