السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
إبان فتنة خلق القرآن جاء أهل البدع بشبهة يناظروا بها الإمام أحمد رحمه الله ليثبتوا أن القرآن مخلوق فسألوه:
-أليس القرآن شيء؟
-قال أحمد: بلى ..
-قالوا: ألم يقل الله تعالى: خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ [الزمر:62]
-قال: نعم ..
-قالوا: إذن فالقرآن مخلوق ..
فردّ عليهم الإمام أحمد: ألم يقل الله تعالى عن الريح: تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا[الأحقاف:25] .. فهل دمرت السماوات؟ وهل دمرت الأرض؟ وهل دمرت الرمال؟ إنما تدمر كل شيء أمرت بتدميره، وهو هَؤُلاءِ الناس، وما يتعلق بهم من أموالهم وأمتعتهم، أو مساكنهم أو نحو ذلك.
وهناك آية أخرى في سورة النمل: إِنِّي وَجَدتُّ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ ﴿النمل: ٢٣﴾ فهل أوتيت المرأه من كل شيء؟؟
ليس بالضروره أن يكون معنى كلمة (كل) يدل على الشموليه المطلقه في كل المواضع ، وإنما بحسب القرائن فكل كلام يُقالُ عادة فإنما يقال ضمن قرائن في موضع معين، فالقرائن تدل على ما يريده المتكلم فمثلاً: كل الطلاب يتمتعون بالعطلة يفهم من ذلك أنهم الطلاب الذي يدرسون على نظام وزارة التعليم العالي أو نظام وزارة المعارف؛ لكن لو كان هناك طلاب في شركات يتدربون أو في أعمال أخرى لا يشملهم هذا، وبطبيعة الحال لا نحتاج إلى أن تستثنيهم لأن المقام ليس مقام الحديث عن كل طالب في الدنيا، وإنما الكلام عن الشيء المعروف والمشاهد ، يقول الإمام الشافعي رحمه الله: ما فسدت عقول الناس إلا لما تركوا منطق العرب ومالوا إلى منطق أرسطو.
فالعرب لهم منطق فطري يستدلون ويتكلمون بكلام معروف بقرائنه ولا يحتاج إلى أن يأتي أحد؛ فيقول: لا، هذا يكون عام أنت قصدت كل شيء، فأي إنسان من قريش ومن غيرهم نزل عليه القرآن اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ لا يمكن أن يرد في ذهنه أنه خالق صفاته؛ لأن صفاته شيء.
إذاً: قوله تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ لا بد أن لها مفهوماً محدداً تحدده القرينة والواقع فيكون المعنى تدمر كل شيء كانت مأمورة بأن تدمره وأن تعاقبهم به، أو أي تفسير آخر يخرجها ولا يدخل فيها العموم والكلية المطلقة كالقول بأنها تدمر ما يقبل ويستحق التدمير.
وكذلك قوله تعالى حكايةً عن بلقيس وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ [النمل:23] فالهدهد لما أخبر نبي الله سليمان عليه السلام فقال: إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ [النمل: 23] بلقيس امرأة كانت تملك تلك البلاد التي لم يكن سليمان يعلم بها ووصفها الهدهد بقوله: وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ [النمل:23] فأوتيت كل شيء يلزم الملك أو يهيء لهم أو يستحقون به أن يكونوا ملوكاً فيريد أن يستثير سليمان عليه السلام إلى هذا الموضوع، فقال:أَحَطْتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ كأنه جاء بأمر جديد وغريب وأنها امرأة وأنها أوتيت من كل شيء ومع ذلك يعبدون شيئاً غير الله وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ [النمل: 24] .
__________________________
من شرح الطحاويه للدكتور الحوالي .. بتصرف
إبان فتنة خلق القرآن جاء أهل البدع بشبهة يناظروا بها الإمام أحمد رحمه الله ليثبتوا أن القرآن مخلوق فسألوه:
-أليس القرآن شيء؟
-قال أحمد: بلى ..
-قالوا: ألم يقل الله تعالى: خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ [الزمر:62]
-قال: نعم ..
-قالوا: إذن فالقرآن مخلوق ..
فردّ عليهم الإمام أحمد: ألم يقل الله تعالى عن الريح: تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا[الأحقاف:25] .. فهل دمرت السماوات؟ وهل دمرت الأرض؟ وهل دمرت الرمال؟ إنما تدمر كل شيء أمرت بتدميره، وهو هَؤُلاءِ الناس، وما يتعلق بهم من أموالهم وأمتعتهم، أو مساكنهم أو نحو ذلك.
وهناك آية أخرى في سورة النمل: إِنِّي وَجَدتُّ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ ﴿النمل: ٢٣﴾ فهل أوتيت المرأه من كل شيء؟؟
ليس بالضروره أن يكون معنى كلمة (كل) يدل على الشموليه المطلقه في كل المواضع ، وإنما بحسب القرائن فكل كلام يُقالُ عادة فإنما يقال ضمن قرائن في موضع معين، فالقرائن تدل على ما يريده المتكلم فمثلاً: كل الطلاب يتمتعون بالعطلة يفهم من ذلك أنهم الطلاب الذي يدرسون على نظام وزارة التعليم العالي أو نظام وزارة المعارف؛ لكن لو كان هناك طلاب في شركات يتدربون أو في أعمال أخرى لا يشملهم هذا، وبطبيعة الحال لا نحتاج إلى أن تستثنيهم لأن المقام ليس مقام الحديث عن كل طالب في الدنيا، وإنما الكلام عن الشيء المعروف والمشاهد ، يقول الإمام الشافعي رحمه الله: ما فسدت عقول الناس إلا لما تركوا منطق العرب ومالوا إلى منطق أرسطو.
فالعرب لهم منطق فطري يستدلون ويتكلمون بكلام معروف بقرائنه ولا يحتاج إلى أن يأتي أحد؛ فيقول: لا، هذا يكون عام أنت قصدت كل شيء، فأي إنسان من قريش ومن غيرهم نزل عليه القرآن اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ لا يمكن أن يرد في ذهنه أنه خالق صفاته؛ لأن صفاته شيء.
إذاً: قوله تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ لا بد أن لها مفهوماً محدداً تحدده القرينة والواقع فيكون المعنى تدمر كل شيء كانت مأمورة بأن تدمره وأن تعاقبهم به، أو أي تفسير آخر يخرجها ولا يدخل فيها العموم والكلية المطلقة كالقول بأنها تدمر ما يقبل ويستحق التدمير.
وكذلك قوله تعالى حكايةً عن بلقيس وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ [النمل:23] فالهدهد لما أخبر نبي الله سليمان عليه السلام فقال: إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ [النمل: 23] بلقيس امرأة كانت تملك تلك البلاد التي لم يكن سليمان يعلم بها ووصفها الهدهد بقوله: وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ [النمل:23] فأوتيت كل شيء يلزم الملك أو يهيء لهم أو يستحقون به أن يكونوا ملوكاً فيريد أن يستثير سليمان عليه السلام إلى هذا الموضوع، فقال:أَحَطْتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ كأنه جاء بأمر جديد وغريب وأنها امرأة وأنها أوتيت من كل شيء ومع ذلك يعبدون شيئاً غير الله وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ [النمل: 24] .
__________________________
من شرح الطحاويه للدكتور الحوالي .. بتصرف
تعليق