السلام عليكم ورحمة الله
هذه رسالة كتبها أخونا الحبيب الأستاذ خالد حربي عن موضوع الخطيئة و الكفارة أحببت أن أنقلها هنا بنصها للفائدة العامة.
( من حقنا أن نتفق أو نختلف مع اي عقيدة أو نظرية. ولكن ليس هناك مبرر لتحريفنا أو تشويهنا لأي عقيدة لإثبات نظريتنا نحوها )
عبد الأحد داود
تمهيد
تعتبر عقيدة الخطيئة هي الأساس الأول الذي تقوم عليه عقائد النصارى اليوم، وينبني عليها أهم عقائد النصارى اليوم فهي دائماً بداية كل حديث من منصر أو داعية إلى المسيحية. ويستخدم وعاظ الكنائس هذا المعتقد في ابتزاز وإرهاب أهل ملتهم وربما أهل الملل الأخرى. وعلى هذا المعتقد قامت عاطفة المسيحي الدينية، وارتباطه الوجداني بالمسيح، كحل وحيد للهرب من الجحيم. ولك أن تتخيل عندما يقال لك إنك محكوم عليك بالهلاك، ولن تستطيع مهما فعلت أن تغير هذا الحكم إلا من طريق واحد. هذا هو المعتقد الوحيد الذي يربط المسيح بالعالم. لذلك أردنا أن نبدأ به في دراستنا.
وإبطال هذا المعتقد يهدم الديانة كلها من الأساس. وسوف يتضح هذا خلال دراستنا التي رأينا أن نتوسط فيها بين التوسع الممل والإيجاز المخل, معتمدين على أصول الفكر المسيحي المعتبرفقط.
ما هي الخطيئة في المعتقد المسيحي ؟
ليس المقصود بالخطيئة هنا مطلق الخطيئة أو المعصية، وإنما المقصود هي خطيئة آدم وحواء في الجنة، وهي الأكل من الشجرة، التي يصورها النصارى على أنها خطيئة غير محدودة توارثها أبناؤه من بعده, وتسمى: الخطيئة الأصلية، والخطيئة الأولى، والخطيئة الجدية.
خلق الله آدم ليسكن في الأرض أصلاً وليس للخلود في الجنة(وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً)
-سكن آدم في الجنة مؤقتاً بقصد الاختبار والتعلم بالتجربة ,وكذلك ليعرف حقيقتها وما أعده الله فيها من النعيم، فيكون إليها أشوق، وعليها أحرص، ويتحمل في طلبها المكاره, كذلك ليعرف حقيقة عدوه وخطورة موافقته, وليتعلم التوبة والاستغفار, وليعلم شؤم معصية الله أثرها عليه.
- قال ابن كثير(في قوله تعالى: "اسكن" تنبيه على الخروج، لأن السكنى لا تكون ملكاً، ولهذا قال بعض العارفين: السكنى تكون إلى مدة ثم تنقطع، فدخولهما في الجنة كان دخول سكنى لا دخول إقامة(1).)
- آدم أكل من الشجرة ناسياً, قال ابن كثير: وقيل: أكلها ناسيا، ومن الممكن أنهما نسيا الوعيد. قلت"ابن كثير": وهو الصحيح لإخبار الله تعالى في كتابه بذلك حتماً وجزماً فقال: "ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسي ولم نجد له عزما" [طه: 115]. ولكن لما كان الأنبياء عليهم السلام يلزمهم من التحفظ والتيقظ لكثرة معارفهم وعلو منازلهم ما لا يلزم غيرهم كان تشاغله عن تذكر النهي تضييعا صار به عاصيا، أي مخالفا. - و طاعة إبليس مع تحذير الله له منه وسبب طاعة أدم لإبليس هو قسمه بالله (وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ ) ولم يظن أن أحداً يحلف بالله كاذباً ,ونسيان وعيد الأكل من الشجرة
- أدم هو المسؤول الأول عن الخطيئة وليست حواء(فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لا يَبْلَى * فَأَكَلا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى )
- و لأن الموقف أساساً المراد منه تعليم آدم فقد تاب الله عليه ، ليس فقط بل وعلمه الاستغفار لذنوبه والعودة إلى الطريق الذي رسمه له ولذريته من بعده ( فَتَلَقّىَ آدم مِن رّبّهِ كَلِمَـاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنّهُ هُوَ التّوّابُ الرّحِيمُ ) ، و تلك هي رسـالة آدم التي خُلِقَ من أجلهـا: ألا و هي عمران الأرض بشريعة الله و حسب إرادته.
أما عن الحكمة من وقوع هذه الأحداث ثم النزول إلى الأرض فهي كثير نذكر منها(2)
-أراد الله سبحانه أن يذيقه وولده من نصب الدنيا وغمها وهمومها ما يعظم به عندهم مقدار دخولهم إليها في الآخرة؛ لأنهم لو تربوا في النعيم ما عرفوا قدرها.
- أراد الله أن يبتليهم ويختبرهم. وليست الجنة دار تكليف. فأنزلهم الله إلى الأرض، وعرضهم بذلك لأفضل الثواب الذي لم يكونوا ينالونه بدون الأمر والنهي.
- أراد الله سبحانه أن يتخذ منهم أنبياء وشهداء وأولياء يحبهم ويحبونه، فخلى بينهم وبين عدوه، وامتحنهم به، فلما صبروا وآثروه سبحانه نالوا محبته ورضوانه والقرب منه ما لم يكن لينال بغير هذا أصلاً.
- وأيضا فانه سبحانه له الأسماء الحسنى فاقتضت حكمته سبحانه أن ينزل آدم وذريته داراً تظهر فيها أثر أسمائه الحسنى فيغفر فيها لمن يشاء ويرحم من يشاء ويذل من يشاء ويعذب من يشاء، إلى غير ذلك من ظهور أثر أسمائه الحسني وصفاته العلى.
- أيضا أن الله سبحانه خلق آدم من قبضة قبضها من جميع الأرض، والأرض فيها الطيب والخبيث والكريم واللئيم، وعلم سبحانه أن في ظهر آدم من ذريته من لا يصلح لمجاورة الرحمن في دار الجنان، فأنزلهم إلى دار استخرج فيها الطيب و الخبيث (لِيَمِيزَ اللّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَىَ بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعاً فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ(
معتقد النصارى في الخطيئة تلخصه هذه الفقرة من الإصحاح الخامس من رسالة بولس إلى أهل روميه والتى يقول فيها ( من اجل ذلك كأنما بإنسان واحد دخلت الخطية إلى العالم و بالخطية الموت و هكذا إذ أخطأ الجميع* 13 فإنه حتى الناموس كانت الخطية في العالم على أن الخطية لا تحسب إن لم يكن ناموس* 14 لكن قد ملك الموت من آدم إلى موسى و ذلك على الذين لم يخطئوا على شبه تعدي آدم الذي هو مثال آلاتي* )ويقول( لأنه إن كان بخطية الواحد قد ملك الموت بالواحد فبالأولى كثيرا الذين ينالون فيض النعمة و عطية البر سيملكون في الحياة بالواحد يسوع المسيح* 18 فإذا كما بخطية واحدة صار الحكم إلى جميع الناس للدينونة هكذا ببر واحد صارت الهبة إلى جميع الناس لتبرير الحياة* 19 لأنه كما بمعصية الإنسان الواحد جعل الكثيرون خطاة هكذا أيضا بإطاعة الواحد سيجعل الكثيرون أبراراً(3) ويعلق وليم باركلى على هذه الفقرة قائلاً: لقد كان كل الناس حسب تفكير بولس متورطين في خطيئة آدم فهذا لب الإصحاح الخامس من رسالته إلى آهل رومية .... لقد راي بولس أن الخطية لم تحدث موتا روحياً وأخلاقيا فحسب بل أحدثت موتاً كذاك الموت الجسدي فمن تعاليم بولس أنه إذا لم توجد الخطيئة فلا يوجد موت.... لقد جاء الموت إلى العالم مع مجيء الخطيئة(اجتاز الموت إلى جميع الناس)وان الخطيئة قادت إلى الموت (ملكت الخطية في الموت)وان أجرة الخطيئة هي الموت(لان أجرة الخطية هي الموت) ....لقد عاش الناس بلا شريعة يعصونها حتى جاء موسى آي انهم لم يرتكبوا خطايا ومع ذلك فقد ذاقوا جميعا الموت, فلماذا ؟؟ لأنهم قد اخطاؤا من قبل مع آدم(4))
هذه الفكرة التي طرحها بولس هي معتقد النصارى جميعاً وعليها سار آباء الكنيسة.
- القديس البابا أثناسيوس: إذ أخطأ الإنسان وسقط , صار كل شيء في ارتباك بسقوطه، وتسلط الموت من آدم إلي موسى، ولعنت الأرض، وانفتح الجحيم، وأُغلق الفردوس، وتكدرت السماء، وأخيرًا فسد الإنسان وتوّحش (5))
ويقول يوحنا ذهبي الفم(لقد أظهر أن الخطية بدأت بالإنسان الأول، وتملّك الموت غالبًا إياه، وقد صار الكل مخطئين وإن لم يسقطوا في ذات المعصية. صارت الخطية منتشرة في الطبيعة البشرية لكنها غير مُكتشفة حتى جاء الناموس، فظهرت بعصيان الإنسان لوصايا معينة: "فإنه حتى الناموس كانت الخطية في العالم على أن الخطية لا تُحسب إن لم يكن ناموس, دبت بذار الموت مع الخطية منذ آدم، لكن الموت لم يكن ثمرة عصيان للناموس بل ثمرة عصيان أبينا آدم. ملك الموت علي الذين لم يخطئوا بعصيان الناموس إنما خلال شبه تعدي آدم)
ويقول القديس غريغوريوس صانع العجائب : ( حتى الأطفال الذين لا يخطئون في حياتهم الشخصية إنما حسب الجنس البشري العالم يكسرون عهد الله، إذ أخطأ الكل في واحد.(6))
ويمكن لنا أن نلخصها في آلاتي
1-خطيئة آدم عظيمة و غير محدودة
2-عقاب هذه الخطيئة هو الموت الجسدي والأخلاقي الذي اجتاز على نسل آدم كله
3- توارث أبناء آدم هذه الخطيئة من بعده بلا استثناء فكل مولود يولد بالخطيئة حتى الرسل والأنبياء والقديسين
4- عاش الناس بلا شريعة قبل موسى ومع ذلك نالوا عقابهم على الخطيئة
5- الناموس اظهر هذه الخطيئة وقواها لأنه بالمنع ازدادت الشهوة لان لولا نهي آدم عن الشجرة لم تقع الخطيئة
6-كل الذين ماتوا قبل الخلاص (صلب المسيح) دخلوا الجحيم (الذي فيه أيضا ذهب فكرز للأرواح التي في السجن* 20 إذ عصت قديما حين كانت أناة الله تنتظر مرة في أيام نوح )بطرس1/3-20) .
- رأى القديسين أثناسيوس وكيرلس وايرونيموس : إن السيد المسيح بعد موته بالجسد نزل بروحه أي بنفسه إلى الجحيم، وبشًّر الذين كانوا في أيام نوح لا يصدقونه إذ كان ينذرهم بالطوفان. لكنهم لما رأوا انهمار المياه تاب بعضهم وطلبوا الرحمة.
و رأي الأب هيبوليتس : [لقد رتب الأمور التي على الأرض، إذ صار إنسانًا بين الناس ليُعِيد خِلقة آدمنا خلال نفسه وأيضًا الأمور التي تحت الأرض إذ أُحْصِى مع الموتى مُبَشِّرًا بالإنجيل لنفوس القديسين (الذين ماتوا على رجاء) وبالموت داس الموت.(7)
ويقول عوض سمعان عن موسى عليه السلام: " ومهما كانت عظمة موسى، فإنه لولا نعمة المسيح له، لكان قد هلك واستحق عقاباً أبدياً على خطيئته ".(8)
ونفهم من كلام الآباء أن المؤمنين والمكذبين الفجار والقدسيين دخلوا الجحيم أو السجن بسبب خطيئة آدم، ولم ينفعهم إيمانهم شيئاً.
- ويقول النصارى الكثير في وصف خطيئة آدم وأثرها البالغ على البشرية جميعاً، حتى إن المرء ليعجب من عظم هذا الأثر.
- يقول القديس يوحنا الذهبي الفم: [كان للخطية آثارها البعيدة المدى ).
ويقول القديس اغسطينيوس: ذنب آدم ذنب عظيم لأنه يتضمن ذنوباً عديدة أولها: الكفر إذ اختار آدم أن يعيش محكوماً بسلطته، بدل أن يعيش في ظل الحكم الإلهي. وثانيها: كفر وإساءة أدب مع الله، لأن الإنسان لم يتيقن في الله. وثالثها: قتل نفسه، إذ جعل حكمها الموت. ورابعها: الزنا المعنوي، لأن إخلاص الروح الإنسانية قد ضاع من أجل التصديق بقول الحية المعسول. وخامسها: السرقة إذ نال ما لا يحل له. وسادسها: الطمع. وهكذا كانت هذه الخطيئة أماً لكل الأخطاء البشرية ".
- و يقول البابا شنوده في وصف خطيئة آدم: (الخطيئة التي وقع فيها الإنسان الأول ويقع فيها كل إنسان هي خطيئة ضد الله, لأنها عصيان لله وعدم محبة لله, وعدم احترام له, بل هي ثورة على ملكوته, وهي مقاومة لعمل لاهوته وروحه القدس بل هي عدم إيمان أصلاً)(9)
كل هذا يفترض أنه موجود في قصة آدم وحواء.
-
ذكرت القصة في أول سفر التكوين : " وأخذ الرب الإله آدم، ووضعه في جنة عدن ليعملها ويحفظها، وأوصى الرب الإله آدم قائلاً: من جميع شجر الجنة تأكل أكلاً. وأما شجرة معرفة الخير والشر فلا تأكل أكلاً. وأما شجرة معرفة الخير والشر فلا تأكل منها، لأنك يوم تأكل منها موتاً تموت...
وكانت الحية أحيَل جميع حيوانات البرية التي عملها الرب الإله؟، فقالت للمرأة: أحقاً قال الله: لا تأكلا من كل شجر الجنة؟ فقالت المرأة للحية: من ثمر شجر الجنة نأكل، وأما ثمر الشجرة التي في وسط الجنة فقال الله لا تأكلا منه، ولا تمساه لئلا تموتا.
فقالت الحية للمرأة لن تموتا، بل الله عالم أنه يوم تأكلان منه تنفتح أعينكما وتكونان كالله عارفين الخير والشر، فرأت المرأة أن الشجرة جيدة للأكل، وأنها بهجة للعيون، وأن الشجرة شهية للنظر، فأخذت من ثمرها، وأكلت، وأعطت رجلها أيضاً معها، فأكل فانفتحت أعينهما، وعلما أنهما عريانان. فخاطا أوراق تين، وصنعا لأنفسهما مآزر.
وسمعا صوت الرب الإله ماشياً في الجنة عند هبوب ريح النهار، فاختبأ آدم وامرأته من وجه الرب الإله في وسط شجر الجنة، فنادى الرب الإله آدم، وقال له: أين أنت؟
فقال: سمعت صوتك في الجنة، فخشيت لأني عريان، فاختبأت، فقال: من أعلمك أنك عريان ؟ هل أكلت من الشجرة التي أوصيتك أن لا تأكل منها؟ فقال آدم: المرأة التي جعلتها معي هي أعطتني من الشجرة فأكلت.
فقال الرب الإله للمرأة: ما هذا الذي فعلت؟ فقالت المرأة: الحية غرّتني فأكلتُ.
فقال الرب الإله للحية: لأنك فعلت هذا ملعونة أنت من جميع البهائم. ومن جميع وحوش البرية على بطنك تسعين، وتراباً تأكلين كل أيام حياتك، وأضع عداوة بينكِ وبين المرأة وبين نسلك ونسلها، هو يسحق رأسك، وأنت تسحقين عقبه.
وقال للمرأة: تكثيراً أكثر أتعاب حبلك، بالوجع تلدين أولاداً، وإلى رجلك يكون اشتياقك، وهو يسود عليك.
وقال لآدم: لأنك سمعت لقول امرأتك، وأكلت من الشجرة التي أوصيتك قائلاً: لا تأكل منها. ملعونة الأرض بسببك، بالتعب تأكل منها كل أيام حياتك، وشوكاً وحسكاً تنبت لك، وتأكل عشب الحقل، بعرق وجهك تأكل خبزاً حتى تعود إلى الأرض التي أخذت منها، لأنك تراب، وإلى تراب تعود...
وقال الرب الإله: هو ذا الإنسان قد صار كواحد منا عارفاً الخير والشر، والآن لعله يمد يده، ويأخذ من شجرة الحياة أيضاً، ويأكل ويحيا إلى الأبد، فأخرجه الرب الإله من جنة عدن ليعمل الأرض التي أخذ منها، فطرد الإنسان، وأقام شرقي جنة عدن الكروبيم، ولهيب سيف متقلب لحراسة طريق شجرة الحياة " (التكوين 2/15-3/24).
-وبعد هذا السرد يبقى السؤال
هل تتحمل هذه القصة كل ما ادعاه النصارى فيها من عقائد وتفاسير ؟؟؟
* -
لنا عدة ملاحظات على النص الكتابي، قبل النظر في دلالته على عقيدة الخطيئة الأصلية، نذكر منها عشرة ملاحظات فقط:
1- لا يقول لنا الكتاب لماذا خلق الله الإنسان وهو من الأسئلة العويصة في المسيحية عموماً. وأشهر الإجابات عليه "أن الله خلقنا لأنه يحبنا" وتعامل الإله مع آدم حين أخطأ ومع ذريته لا يدل على هذه المحبة.
2- نهى الرب آدم عن الآكل من شجرة معرفة الخير من الشر لأنه إذا أكل منها موتاً يموت. ونحن نسأل: هل معرفة الإنسان بالخير والشر خطيئة يعاقب عليها بالموت؟؟؟ .. هذا يخالف محبة الله التي من أجلها خلق الإنسان. بل ويخالف تعاليم الكتاب نفسه.
-" تعلموا فعل الخير اطلبوا الحق "اشعياء 1/17
- "درت أنا و قلبي لأعلم ولأبحث ولأطلب حكمة وعقلا ولأعرف الشر أنه جهالة والحماقة إنها جنون*الجامعة7/25
- "فأعط عبدك قلبا فهيما لأحكم على شعبك وأميز بين الخير والشر لأنه من يقدر أن يحكم على شعبك العظيم هذا"ملوك1 3/9
-"وأما الطعام القوي فللبالغين الذين بسبب التمرن قد صارت لهم الحواس مدربة على التمييز بين الخير والشر*)عبرانيين5/14
- "وعلموهم أن يحفظوا جميع ما أوصيتكم به"متى 28/20
3- الرب قال لأدم: إن أكلت من الشجرة موتاً تموت. والسؤال: لو لم يأكل آدم من الشجرة هل كان سيخلد؟؟؟
الإجابة في ذات القصة: "ألان لعله يمد يده و يأخذ من شجرة الحياة أيضا و يأكل و يحيا إلى الأبد* ".
إن آدم لم يأكل من شجرة الحياة أصلاً لكي يخلد , وطرد من الجنة لئلا يتمكن من هذا ووضع الله حراساً على شجرة الحياة، فهو قبل أن يخطئ كان تحت سلطان الموت بلا شك.
3-خلق الرب حواء بعد أن نهى آدم عن الشجرة ولم يرد في الكتب أن آدم نقل إليها هذا النهى, ولكن حواء قالت للحية". أما ثمر الشجرة التي في وسط الجنة، فقال الله: لا تأكلا منه و لا تمساه لئلا تموتا". ولا يوضح لنا الكتاب كيف قالت حواء هذا مع أنها لم تكن خلقت بعد. قد يبرر ذلك بوجه مقبول، ولكن غير المقبول أن يكون آدم وزوجته في الجنة أعينهم مغلقه، ومع هذا تميز الشجرة عن غيرها من الشجر لاسيما أن بجورها شجرة أخرى هي الحياة. والغريب أن يصف لنا الكتاب المشهد بهذه الصورة" فرأت المرآة أن الشجرة جيدة للآكل وأنها بهجة للعيون وأن الشجرة شهية للنظر فآخذت من ثمرها وأكلت وأعطت رجلها أيضا معها فأكل* 7 فانفتحت أعينهما وعلما أنهما عريانان " !!!
4- تنسب القصة إلى الله سبحانه الجهل والعجز عن معرفة مكان آدم وزوجته عندما اختبأ وهذا يناقض الإيمان المسيحي، ويناقض الكتاب المقدس في اكثر من موضع.
- "و ليست خليقة غير ظاهرة قدامه بل كل شيء عريان ومكشوف لعيني ذلك الذي معه امرنا* " عبرانيين 4/13
- " 13يحصي عدد الكواكب يدعو كلها بأسماء* 5 عظيم هو ربنا وعظيم القوة لفهمه لا إحصاء*" مزمور 147/5
- "إني أنا هو الفاحص الكلى و القلوب" رؤيا يوحنا2/23
فكيف يخفى عليه مكان آدم وحواء الذي يكلمانه منه ؟
5- ينسب الكتاب المقدس الإغواء إلى الحية والسؤال الذي لايجد إجابة ما الذي يدفع الحية إلى غواية آدم وحواء؟ وهل الحيوان مكلف ومعاقب أصلاً ؟ لو كان الحيوان عاقل ومكلف فيصبح الذنب الأكبر ذنب الحية، وطبعاً ورث نسلها هذا الذنب، ووجب على الإله أن يتجسد في صورة حية ويقتل لكي يرفع الخطيئة الأصلية عن الحيات !!
تفتق ذهن بعض الفلاسفة وأخرهم شنودة (11) فزعموا أن الشيطان هو الذي اغوي آدم. واختلفوا في الكيفية التي استخدم بها الحية، فقال بعضهم: دخل في جوفها. وقال الأخر: الحية رمز إبليس. وغير ذلك. ولكن الكتاب يقول غير هذا تماماً، فهي حية حقيقة بدلالة النصوص الصريحة التي لا تقبل التأويل: "و كانت الحية أحيل جميع حيوانات البرية التي عملها الرب الإله " و"ملعونة أنت من بين البهائم ومن جميع وحوش البرية على بطنك تسعين )
6- ماذا ترتب على معرفة آدم للخير والشر بحيث يغضب الرب إلى حد طرد آدم وإنزال العقاب به وأبنائه ولعن الحية وغير ذلك من العقوبات ؟
لم يحدث آي تغير في آدم سوى أن فتحت عيناه ورأى عورته فأخذ يسترها، فهل هذا هو ما أغضب الرب على آدم وأبنائه ؟
7- يذكر النص " قال الرب الإله هو ذا الإنسان قد صار كواحد منا عارفا الخير و الشر" إذًا آدم قبل الآكل لم يكن يعرف الخير من الشر. الظلم أن يعاقب آدم على ذنب ما كان له أن يدرك قبحه، إذ لم يعرف الخير من الشر، بل نقول : كيف وقع آدم في الإثم وهو غير ميال للشر والخطيئة التي دخلت للإنسان بعده كما يزعم النصارى.
8عاقب الإله ادم بغير العقوبة التي توعده بها وصدقت الحية حين قالت لحواء لن تموتا فهل كلن الرب يكذب على ادم ؟
9- عاقب الله الحية فقال" ملعونة أنت من جميع البهائم، ومن جميع وحوش البرية على بطنك تسعين، وتراباً تأكلين كل أيام حياتك، وأضع عداوة بينك وبين المرأة، وبين نسلك ونسلها، هو يسحق رأسك وأنت تسحقين عقبه ". ونحن نريد أن نعرف كيف كانت الحية تسعى قبل هذا العقاب هل كانت تسير على ذيلها مثلاً ألم يذكر في أول هذا السفر خلق الزواحف على الأرض قبل إنزال هذه العقوبة بالحية غير أن الحفريات لم تجد أي دلالة تشير إلى كون الحيات كانت تسعى بصورة أخرى.
ثم هل الحية تأكل التراب ؟ متى كان هذا ؟
10- وأما المرأة فعوقبت بأمرين: أحدهما: جسماني، وهو أتعاب الحمل والولادة، وثانيهما: معنوي نفسي، وهو دوام اشتياقها للرجل، وأنه يسود عليها.
والعقوبة الأولى تشترك فيها حواء مع البهائم والثدييات جميعًا، فهل ما يصيب البهائم بسبب خطيئة أيضًا ؟
والثانية ليست لازمة لكل بنات حواء، فهناك نساء معفيات من العقوبة, لماذا ؟
وبعد كل هذا لا نجد في القصة أي ذكر لعقاب يحيق بذرية آدم عليه السلام توعد الله به أو حل بهم بسبب الوراثة. وتنتهي هذه القصة وينتقل الكتاب إلى فصل أخر من حياة آدم، ولا يبني علها شيئاً آخر من حياة آدم وأبنائه. فمن أحيا هذه القصة بعد آلاف السنين ليحاسب البشرية على ما لم يحاسبهم عليه خالقهم ؟
هذه القصة على غرابتها وتناقضها ألهمت بولس وأتباعه عقيدة وراثة الذنب. وهي عقيدة وصمت الجنس البشري كله بالخطيئة والعار في الدنيا والجحيم في الآخرة، حتى لو أحسنوا وتابوا إلى الله. وعلى خطورة هذه العقيدة لا نجد لها أثرًا لا في القصة ولا في الكتاب بأسره.
* -
في الحقيقة لا يصرح الكتاب بتوبة آدم، وإن كان يلمح لها من عدة وجوه.
- منها مثلا(و صنع الرب الإله لأدم و امرأته أقمصة من جلد وألبسهما* 22 )تكوين 3/22
الرب بنفسه صنع لهما هذه الأقمصه وألبسهما. ألا يدل ذلك على المغفرة والتجاوز عن الخطأ ؟
- ذكر فضائل آدم عند موته(هذا كتاب مواليد آدم يوم خلق الله الإنسان على شبه الله عمله* 2 ذكرا و أنثى خلقه و باركه و دعا اسمه آدم يوم خلق*)تكوين5/1
- ثناء الله على أدم في نسب المسيح(بن انوش بن شيت بن آدم ابن الله)لوقا 3/38
ولا يمكن أن يذكر آدم بهذه الصورة وهو مصٌر على معصيته بلا توبة.
* وهنا نسأل إن كنا ورثنا منه المعصية فلماذا لم نرث التوبة ؟
ولكننا نتدنى إلى مستوى الخصم، فنقول: هب جدلاً أنه لم يتب، ألم ينَل عقاب خطيئته ؟
بالطبع نال عقاباً قاسياً : (و قال للمرأة تكثيرا اكثر أتعاب حبلك بالوجع تلدين أولادا وإلى رجلك يكون اشتياقك وهو يسود عليك* 17 وقال لأدم لأنك سمعت لقول امرأتك وأكلت من الشجرة التي أوصيتك قائلا لا تأكل منها ملعونة الأرض بسببك بالتعب تأكل منها كل أيام حياتك* 18 وشوكا وحسكا تنبت لك وتأكل عشب الحقل* 19 بعرق وجهك تأكل خبزا حتى تعود إلى الأرض التي أخذت منها لأنك تراب وإلى تراب تعود* )تكوين 3/16
ولم نجد في هذا العقاب الموت الذي حذره الله منه عند خلقه ولا نجد أي أثر متعدي إلى أبنائه.
بل نقول: إن أول أبناء آدم بعد خروجه من الجنة لم يرثوا من خطيئة آدم شيئاً ولم يحاسبهم الله إلا بأعمالهم فمنهم من رضى عنه لعمله. ومنهم غضب عليه بعمله(عرف آدم حواء امرأته فحبلت و ولدت قايين و قالت اقتنيت رجلا من عند الرب* 2 ثم عادت فولدت أخاه هابيل و كان هابيل راعيا للغنم و كان قايين عاملا في الأرض* 3 و حدث من بعد أيام أن قايين قدم من أثمار الأرض قربانا للرب* 4 وقدم هابيل أيضا من أبكار غنمه ومن سمانها فنظر الرب إلى هابيل و قربانه* 5 و لكن إلى قايين وقربانه لم ينظر فاغتاظ قايين جدا و سقط وجهه* 6 فقال الرب لقايين لماذا اغتظت و لماذا سقط وجهك* 7 إن أحسنت أفلا رفع و إن لم تحسن فعند الباب خطية رابضة و إليك اشتياقها و أنت تسود عليها* 8 )تكوين4/1
وفي نسخة كتاب الحياة يقول(فَتَقَبَّلَ الرَّبُّ قُرْبَانَ هَابِيلَ وَرَضِيَ عَنْهُ. 5لَكِنَّهُ لَمْ يَتَقَبَّلْ قُرْبَانَ قَايِينَ وَلَمْ يَرْضَ عَنْهُ. فَاغْتَاظَ قَايِينُ جِدّاً وَتَجَهَّمَ وَجْهُهُ كَمَداً. 6فَسَأَلَ الرَّبُّ قَايِينَ: «لِمَاذَا اغْتَظْتَ؟ لِمَاذَا تَجَهَّمَ وَجْهُكَ؟ 7لَوْ أَحْسَنْتَ فِي تَصَرُّفِكَ أَلاَ يُشْرِقُ وَجْهُكَ فَرَحاً؟ وَإِنْ لَمْ تُحْسِنِ التَّصَرُّفَ، فَعِنْدَ الْبَابِ خَطِيئَةٌ تَنْتَظِرُكَ، تَتَشَوَّقُ أَنْ تَتَسَلَّطَ عَلَيْكَ، لَكِنْ يَجِبُ أَنْ تَتَحَكَّمَ فِيهَا»
فكيف يزعم بولس اتباعه أن كل أبناء آدم في الجحيم الصالح والطالح بسبب خطيئة آدم ؟!
- ولا يذكر لنا الكتاب شيئاً بعد ذلك عن خطيئة آدم بل العكس بجد الكتاب يذكر لنا أخطاء الأنبياء وتجاوز الله عنها
- فهذا هارون يصنع العجل ويأمر قومه بعبادته(2 فقال لهم هرون: انزعوا أقراط الذهب التي في آذان نسائكم وبنيكم وبناتكم وأتوني بها* 3 فنزع كل الشعب أقراط الذهب التي في آذانهم و اتوا بها إلى هرون* 4 فاخذ ذلك من أيديهم وصوره بالأزميل وصنعه عجلا مسبوكا فقالوا هذه الهتك يا اسرائيل التي اصعدتك من ارض مصر* )خروج 32/3
ومع هذا يتوب الله عليه ويجعله وذريته كهنته إلى الابد(13 وتلبس هرون الثياب المقدسة وتمسحه وتقدسه ليكهن لي* 14 وتقدم بنيه وتلبسهم اقمصة* 15 وتمسحهم كما مسحت اباهم ليكهنوا لي ويكون ذلك لتصير لهم مسحتهم كهنوتا ابديا في اجيالهم* )خروج 40/12
فأيهما أشد الكفر بالله بعد الإيمان وإضلال المؤمنين به ,ام الآكل من الشجرة ؟
وكذلك أخطاء الأنبياء وهم صفوة الله من خلقه، نجد أن الله سبحانه غفر لهم، حتى أن بعضهم لم تذكر له توبة.
سليمان يعبد الأوثان (الملوك الأول 11: 9 –10) ؟ومات وهو يعبد أوثان من دون الله !!
ومع ذلك يباركه الرب كما في أخبار الايام1:22/9 فأيهما اشد جرماً آدم أم سليمان ؟
ومع ذلك لنفترض أن آدم لم يتب، وأنه لم يعاقب، وأن ذنبه أعظم من الشرك والكفر الذي يُنسب إلى هارون وسليمان وغيرهم من الأنبياء، وأن عقوبة ذنبه هي الموت .. فهل ورث أبناؤه الخطيئة وعقوبتها ؟
الكتاب كله يشهد بعكس ذلك. فهذه فكرة لا تولد إلا في أذهان أشد الناس كراهية لله سبحانه. يقول الكتاب: انظروا إلى وحي الله لنبيه حزقيال وقومه(إن ولد ابنا رأى جميع خطايا أبيه التي فعلها فراها ولم يفعل مثلها* 15 لم يأكل على الجبال ولم يرفع عينيه إلى أصنام بيت إسرائيل ولا نجس امرأة قريبه* 16 ولا ظلم إنسانا ولا ارتهن رهنا ولا اغتصب اغتصابا بل بذل خبزه للجوعان وكسا العريان ثوبا* 17 ورفع يده عن الفقير ولم يأخذ ربا ولا مرابحة بل أجرى أحكامي وسلك في فرائضي فإنه لا يموت بإثم أبيه حياة يحيا* 18 أما أبوه فلأنه ظلم ظلما واغتصب أخاه اغتصابا وعمل غير الصالح بين شعبه فهو ذا يموت بإثمه* 19
وأنتم تقولون: لماذا لا يحمل الابن من إثم الأب أما الابن فقد فعل حقا و عدلا حفظ جميع فرائضي و عمل بها فحياة يحيا* 20 النفس التي تخطئ هي تموت. الابن لا يحمل من إثم الأب. والأب لا يحمل من إثم الابن. بر البار عليه يكون. وشر الشرير عليه يكون* 21 فإذا رجع الشرير عن جميع خطاياه التي فعلها، وحفظ كل فرائضي، وفعل حقا وعدلا فحياة يحيا لا يموت* 22 كل معاصيه التي فعلها لا تذكر عليه في بره الذي عمل يحيا* 23 هل مسرة أسر بموت الشرير يقول السيد الرب إلا برجوعه عن طرقه فيحيا* 24 وإذا رجع البار عن بره وعمل إثما وفعل مثل كل الرجاسات التي يفعلها الشرير أفيحيا كل بره الذي عمله لا يذكر في خيانته التي خانها وفي خطيته التي أخطا بها يموت* 25 و انتم تقولون)حزقيال 15/18
وهذا تشريع الرب لموسى وقومه
-(لا يقتل الآباء عن الأولاد، ولا يقتل الأولاد عن الآباء، كل إنسان بخطيئته يقتل( التثنية 24/16
وهذه رسالة الرب التي بلغها ارمياء النبي.
-(فِي تِلْكَ الأَيَّامِ لاَ يَقُولُونَ بَعْدُ: الآبَاءُ أَكَلُوا حِصْرِماً وَأَسْنَانُ الأَبْنَاءِ ضَرِسَتْ بَلْ كُلُّ وَاحِدٍ يَمُوتُ بِذَنْبِهِ كُلُّ إِنْسَانٍ يَأْكُلُ الْحِصْرِمَ تَضْرَسُ أَسْنَانُهُ.) " (إرمياء 31/30 ).
–( الذي عيناك مفتوحتان على كل طرق بني آدم لتعطي كل واحد حسب طرقه، وحسب ثمرة أعماله إرميا 32/19
-( لا تموت الآباء لأجل البنين، ولا البنون يموتون لأجل الآباء، بل كل واحد يموت لأجل خطيته(الأيام (2) 25/4 ).
(قل لبني إسرائيل إذا عمل رجل أو امرأة شيئا من جميع خطايا الإنسان وخان خيانة بالرب فقد أذنبت تلك النفس) عدد 5: 6
تلك النفس فقط وليس جميع نسلها كما يدعى الظالمون.
-1 )و قال موسى وهارون لله : (( اللهُمَّ إِلهَ أَرْوَاحِ جَمِيعِ البَشَرِ هَل يُخْطِئُ رَجُلٌ وَاحِدٌ فَتَسْخَطَ عَلى كُلِّ الجَمَاعَةِ ؟ ) واستجاب الرب لموسى وهارون ) عدد 16/ 22
ومثل هذا حدث مع إبراهيم عندما هم الرب بإهلاك قوم لوط : (فتقدم إبراهيم وقال أتهلك البار مع الأثيم* 24 عسى أن يكون خمسون بارا في المدينة افتهلك المكان ولا تصفح عنه من أجل الخمسين بارا الذين فيه* 25 حاشا لك أن تفعل مثل هذا الأمر أن تميت البار مع الأثيم فيكون البار كالأثيم حاشا لك أديان كل الأرض لا يصنع عدلا* 26 فقال الرب أن وجدت في سدوم خمسين بارا في المدينة فإني أصفح عن المكان كله من اجلهم* 27 فأجاب إبراهيم وقال إني قد شرعت أكلم المولى وأنا تراب ورماد* 28 ربما نقص الخمسون بارا خمسة أتهلك كل المدينة بالخمسة فقال لا أهلك إن وجدت هناك خمسة و أربعين* 29 فعاد يكلمه ايضا وقال عسى أن يوجد هناك اربعون فقال لا أفعل من أجل الأربعين* 30 فقال لا يسخط المولى فأتكلم عسى أن يوجد هناك ثلاثون فقال لا أفعل إن وجدت هناك ثلاثين* 31 فقال إني قد شرعت أكلم المولى عسى أن يوجد هناك عشرون فقال لا أهلك من أجل العشرين* 32 فقال لا يسخط المولى فأتكلم هذه المرة فقط عسى أن يوجد هناك عشرة فقال لا أهلك من أجل العشرة* 33)تكوين 18/24
*-هذا هو العهد القديم لا يشهد لعقائد بولس إلا بالرفض والنقض والاستحالة في حق الله سبحانه, أما العهد الجديد فهو يحمل مفاجآت أشد وانكي
- المسيح يشهد أن الأطفال يولدون أبراراً لا يحملون خطايا أحد بل ويأمر الخطاة أن يعودوا مثل الأطفال أبرارًا.
(الحق أقول لكم، إن لم ترجعوا وتصيروا مثل الأولاد فلن تدخلوا ملكوت السماوات، فمن وضع نفسه مثل هذا الولد، فهو الأعظم في ملكوت السماوات " ( متى 18/3 - 4 )، ( وانظر مرقس 10/13/1.
وعندما نهر تلاميذه أطفالاً قال: (( وَقَدَّمُوا إِلَيْهِ أَوْلاَداً لِكَيْ يَلْمِسَهُمْ. وَأَمَّا التَّلاَمِيذُ فَانْتَهَرُوا الَّذِينَ قَدَّمُوهُمْ. 14فَلَمَّا رَأَى يَسُوعُ ذَلِكَ اغْتَاظَ وَقَالَ لَهُمْ: «دَعُوا الأَوْلاَدَ يَأْتُونَ إِلَيَّ وَلاَ تَمْنَعُوهُمْ لأَنَّ لِمِثْلِ هَؤُلاَءِ مَلَكُوتَ اللَّهِ. اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: مَنْ لاَ يَقْبَلُ مَلَكُوتَ اللَّهِ مِثْلَ وَلَدٍ فَلَنْ يَدْخُلَهُ فَاحْتَضَنَهُمْ وَوَضَعَ يَدَيْهِ عَلَيْهِمْ وَبَارَكَهُمْ.)) ( متى 19/13 - 14 )
فيفهم من هذين النصين طهارة الأطفال من الخطيئة الأصلية، لذلك جعلهم مثلاً للأبرار الذين يدخلون الجنة فأين أوهام بولس من دين المسيح ؟.
- المسيح ينكر الخطيئة الأصلية- خطيئة آدم-
فيقول: " لو لم آت وأكلمهم، لم تكن لهم خطيئة، وأما الآن فليس لهم حجة في خطيئتهم... لو لم أعمل بينهم أعمالاً لم يعملها آخر، لما كانت لهم خطيئة، أما الآن فقد رأوا وأبغضوني " ( يوحنا 15/22 - 24 ).
فالنص يقول إن خطيئتهم الوحيدة هي تكذيب المسيح ولو لم يأتي المسيح لم تكن لهؤلاء القوم خطيئة أما الخطيئة الموروثة، فالمسيح لا يعرف شيئاً عنها.
- المسيح يشهد أن هناك أبرار بدون خطيئة أصلية : " لم آت لأدعو أبراراً، بل خطاة إلى التوبة " ( لوقا 5/32 ).
إن المسيح يقول الناس صنفان أبرار وخطاة، وهو أتى ليدعو الخطاة إلى التوبة، ولكن بولس يقول كل الناس خطاة ولا تنفعهم التوبة لأنهم ولدوا بالخطيئة. فأيهم أصدق: المسيح أم بولس اليهودي ؟ وأيهم نتبع ؟ وأيهم أعلم بدين الله ؟
- ويقول المسيح ردا على الفريسيين
"قال لهم يسوع لو كنتم عميانا لما كانت لكم خطية . ولكن الآن تقولون أننا نبصر فخطيتكم باقية" يوحنا 9 /41
- ويؤكد المسيح هذا المعني فيقول" كل كلمة بطالة يتكلم بها الناس سوف يعطون عنها حساباً يوم الدين، لأنك بكلامك تبرر، وبكلامك تدان " ( متى 12/36 ).
هنا المسيح نفسه يقول عن دينه إن كل إنسان يدان بأفعاله فقط.
- ويقول(فإن ابن الإنسان سوف يأتي في مجد أبيه مع ملائكته وحينئذ يجازي كل واحد حسب عمله*) [ متى 16: 27 ]
- ويقول : (( لأنكم بالدينونة التي تدينون تُدانون )) [متى 7 : 1]
أي أن الإنسان يحاسب بنوع أعماله: إن خيراً فخير، وإن شراً فشر. أما أعمال غيره فلا يسأل عنها.
وبطرس الرسول يؤكد(أنا أجد أن الله لا يقبل الوجوه . بل في كل أمة الذي يتقيه ويصنع البر مقبول عنده " أعمال 10 : 34
* بل إن الكتاب يشهد لأناس انهم أبرار وفي الجنة وهؤلاء ماتوا قبل تكفير الخطيئة الأولى.
- والله سبحانه يخاطب أورشليم فيقول: "وأبقي في وسطكِ شعباً بائساً ومسكيناً، فيتوكلون على اسم الرب، بقيةُ إسرائيل لا يفعلون إثماً، ولا يتكلمون بالكذب، ولا يوجد في أفواههم لسان غش، لأنهم يرعون ويربضون " (صفنيا 3/12-13).
فهؤلاء اليهود الباقون في أورشليم منـزهون عن الإثم والخطيئة. ولكن بولس يرفض هذا، ويصر علي فلسفته المتناقضة. فهل بولس أعلم من الله بخلقه ؟!
- ويجزم المسيح بخلاص تلميذه زكا الذي أنفق نصف ماله في سبيل الله من غير يرفع عنه وزر الخطيئة الأولى: " فوقف زكا وقال للرب: ها أنا يا رب أعطي نصف أموالي للمساكين، وإن كنت قد وشيت بأحد أرد أربعة أضعاف. فقال له يسوع: اليوم حصل خلاص لهذا البيت، إذ هو أيضاً أبن إبراهيم" (لوقا 19/8-9).
وأيضاً شهد المسيح بنجاة لعاذر، وقد ضربه المسيح مثل قبل الصلب " فمات المسكين وحملته الملائكة إلى حضن إبراهيم، ومات الفتى أيضاً، ودفن، فرفع عينيه في الهاوية وهو في العذاب ورأى إبراهيم من بعيد ولعاذر في حضنه، فنادى وقال: يا أبي إبراهيم، ارحمني.... " ( لوقا 16/21 -24) ..
واخنوخ(" وسار أخنوخ مع الله، ولم يوجد لأن الله أخذه" ( التكوين 5/24
وأيضاً نوح " وكان نوح رجلاً باراً كاملاً في أجياله، وسار نوح مع الله " ( التكوين 6/9
وأيضاً إبراهيم فقد قيل له: " لا تخف يا إبرام أنا ترس لك، أجرك كثير جداً " ( التكوين 11/1)، وقيل عنه: " بارك الرب إبراهيم في كل شيء " ( التكوين 24/1).
ومن هؤلاء الأبرار أيوب، كما امتدحته التوراة: "قد قلت في مسامعي، وصوت أقوالك سمعت. قلت: أنا بريء بلا ذنب، زكي أنا ولا إثم لي" (أيوب 33/8-9).
وأيضاً يوحنا المعمدان " الحق أقول لكم: لم يقم بين المولودين من النساء أعظم من يوحنا المعمدان " ( متى 11/11)، ويقول عنه لوقا: "لأنه يكون عظيماً أمام الرب، وخمراً ومسكراً لا يشرب" (لوقا 1/15).
فهؤلاء جميعاً لم يرثوا الخطيئة، ولم تؤثر فيهم مع أنهم من ذرية آدم، والكتاب يعلن صلاحهم وعدم احتياجهم إلى الخلاص بدم المسيح أو غيره.
واختم بهذه الطرفة التي أظهر الله فيها الحق على لسان بولس القرن العشرين"شنوده": فيقول(12)(أما من جهة دينونة الأبناء على خطايا آبائهم الشخصية , فقد نفاها الكتاب نفياً باتاً حسبما ورد في سفر حزقيال , إذ يقول: ما بالكم أنتم تضربون هذا المثل … الآباء أكلوا الحصرم , وأسنان الأبناء ضرست . حي أنا يقول الرب , لا يكون لكم أن تضربوا هذا المثل .. النفس التي تخطئ هي تموت … الابن لا يحمل من إثم الأب , والأب لا يحمل من إثم الابن. بر البار عليه يكون , وشر الشرير عليه يكون ( حزقيال 18 : 1-20) إن شر شاول الملك , لم يحمله ابنه يوناثان البار . ويوشيا الملك الصالح , لم يحمل إثم امون أبيه , ولا جده منسي , ولا باقي أجداده.
ثم قال: ما أكثر أن يكون الأب شريراً , والابن البار رافضاً أن يسير في طريق أبيه , بل قد يقاومه , عملا بقول الرب " من أحب أباً أو أماً أكثر مني , فلا يستحقني " (متى 10 : 37) ومن المحال طبعاً أن يفتقد الله ذنوب هذا الأب الشرير في ابنه البار الذي يستحق المكافأة ..!))
وهنا وبعد هذا البيان لا نجد أثراً في الكتاب المقدس لهذه الفكرة المريضة التي غرسها بولس في قلب المسيحية. ولابد أن يطرح هنا سؤالاً ملحاً ..
بعض حججهم العقلية في إثبات توارث الخطيئة
يقول بعضهم: إن خطيئة آدم كانت في حق الله، وهي بهذا المعني غير محدودة .
- ونحن نقول: إن هذا خلط خبيث بين حق الله المطلق وطاقة الإنسان المحدودة، فلا شك أن الله سبحانه له الكمال المطلق وله الحق المطلق، ولكن الله سبحانه عندما كلف الإنسان لم يجعل الميزان لعمله هو ما يستحقه سبحانه من العبادة والتعظيم، وإنما جعل الميزان هو طاقة الإنسان وقدرته على إتباع الأمر والنهي .
- يقول بعضهم: إن أثر الخطيئة واضح في فساد طبيعة الإنسان، فنحن نحتاج إلى تربية الطفل وتهذيبه، ولا يولد مهذبًا أو مربى؛ لأن طبيعته أصلاً فاسدة بالوراثة الجدية.
ونحن نقول: إن هذه المقدمة خاطئة. فالطفل يولد صفحة بيضاء ناصعة ثم ينطبع بالبيئة المحيطة به سلباً وإيجابا. ولم نجد طفل مثلاً يميل إلى نوع من الشر لم يصنع أمامه، أو يوحي شيئاً إليه به. ثم حتى لو فرضنا هذا، فإن سلوك الطفل يتحسن بالتربية وليس بالخلاص المسيحي الذي لا يغير شيئاً في سلوك الأطفال أو الكبار. وأقصى ما يمكن أن يثبته أصحاب هذا القول أن الإنسان ورث من آدم طبيعته القابلة والميالة إلى الخطيئة، ولكنها لا تثبت أبداً أن الأطفال ورثوا عقاب الخطيئة التي فعلها آدم؛ لأن الكتاب لا يقول إن عقاب الخطيئة هو الميل إلى الخطأ.
من أين أتى بولس بفكرته عن الخطيئة؟؟؟
فكرة الخطيئة ليست من ابتكار بولس، وكل عمله هو الزج بها في أساس الديانة التي ابتكرها ونسبها للمسيح عليه السلام, فالفكرة موجودة عند أكثر الوثنيات القديمة.
- يقول العلامة هوك(ويعتقد الهنود الوثنيون بتجسد أحد الآلهة، وتقديم نفسه ذبيحة فداء عن الناس من الخطيئة(13))
- ويقول مورنيور وليمز(ويعتقد الهنود الوثنيون بالخطيئة الأصلية, ومما يدل على ذلك ما جاء في تضرعاتهم التي يتضرعون بها إلى الكياترى فيقولون" إني مذنب ومرتكب الخطيئة وطبيعتي فاسدة فخلصني يا ذا العين الخندوقية يا مخلص الخاطئين(14))
ويقول أيضا(الهنود يقولون "ومن رحمته تركه الفردوس ونزوله إلى الدنيا من اجل خطايا بنى الإنسان وشقائهم كي يبررهم من ذنوبهم ويذيل عنهم القصاص الذي يستحقونه(15))
ويقول مكس مولر( يزعم البوذيون أن بوذا قال "دعوا كل الآثام التي ارتكبت في هذا العالم تقع على كي يخلص العالم(16))
ويقول العالم اللاهوتي البروفسيرهاوسرات(انه لو كان بولس قد بشر فعلاً بتعاليم يسوع لكان وضع أيضا ملكوت الله في مركز بشارته, فهو يبدأ ديانته التي اخترعها بمفهوم كبش الفداء، فهو يرى أن الله أنزل شريعته لتزداد البشرية إثما على إثمها) [بولس الحواري لهاوسرات].
ويقول لوزاى( إن المسيح لم يكن لديه أدنى فكرة عن مثل هذا الدين الوثني الغامض الذي أبدله بولس برسالته ويسوع منه براء)
ويقول ايمانويل هارتمان( إن مسيحية اليوم خاصة الفداء لا علاقة لها بيسوع ولكن ترجع أصولها إلي مؤسسها بولس)
أسئلة حــائـرة@- إذا كان كل أبناء أدم ورثوا الخطيئة بلا استثناء فلنا أن نسأل: هل السيدة مريم ورثت الخطيئة أم لا ؟
لو قال: ورثت الخطيئة. قلنا: إذًا ورث الناسوت منها الخطيئة.
ولو قال: لم ترث الخطيئة. قلنا: إذًا الله قادر أن يخلق البشر بغير خطيئة أدم. فلماذا لم يفعل هذا بدون صلب نفسه ؟
أحدهم –(*) تفلسف فقال "كانت مولودة بالخطيئة ولما حل عليها الروح القدس طهرها"
قلنا: إذًا بطل اعتقادك واعتقاد بولس حين قال "وبدون سفك دماء لا تحصل المغفرة" لأن المغفرة والتطهير يحدث بحلول الروح القدس. وصلب الإله نفسه لم يكن هو الطريق الوحيد. وكما حل الروح القدس على شمشون و عماساي وغيرهم قديماً وعلى التلاميذ حديثاً كان عليه أن يحل على آدم فيطهره من ذنبه وتنتهي المأساة الإنسانية والإلهية أيضاً.
أو أن تقول: إن المسيح صلب لأجلنا ولم يصلب عنا. وكلا القولين أنت تنقدهما فأين المفر(**)
الأثر الأخلاقي لعقيدة الخطيئة الأصلية
لك أن تتخيل حين يقول لك شخص إنك ولدت ملوثـًا وموصومًا بالخطيئة، فأنت شرير بطبعك، وأنك مهما فعلت من الخير فلن ينفعك أو ينجيك من الجحيم، وأن أجدادك وإن كانوا صالحين إلا أنهم ظلوا في الجحيم حتى جاء الفادى ليفديهم.
أو أن تقول لأمرأة : إن طفلك هذا آثم وشرير، فهو مولود بالخطيئة وملوث بها، فلو مات ولم يؤمن بالفادى ( الذي لا يعرفه ولم يره) الذي افتداه من الخطيئة التي لم يرتكبها أصلاً فسوف يدخل الجحيم,فما هو رد فعل هذه المرأة ؟
.
استمع إلى (القديس) أوغسطينوس وهو يقول: (أن الإنسان وارث للخطيئة، غير مفدي إلا إذا آمن بالمسيح، ودلالة الإيمان التعميد، فمن عمد فدي ونجا، ومن لم يُعمد لا ينجو، ولو كان طفلاً، فإن الأطفال الذين ماتوا قبل التعميد يقول عنهم أكونياس: " سوف لا يتمتعون برؤية ملكوت الرب ". وأما الذين ماتوا قبل المسيح فإن أوغسطينوس يرى بأنهم أيضاً لا ينجون إلا بالإيمان بالمسيح.(17))
هل بعد هذا الظلم ظلم ؟
سبحان الله ! .. أيُعذب الأطفال بذنب لم يرتكبوه وإنما ولدوا به ؟! وهؤلاء الذين وُلدوا قبل المسيح، يعذبون لأنهم لم يؤمنوا برجل لم يروه ولم يعاصروه ولم يسمعوا عنه وإنما ظهر بعد وفاتهم ؟ أو لكونهم ولدوا فلم يعمدهم آباؤهم فيتحملون هم الذنب والعذاب العظيم ؟!
هل هذه هي الرحمة التي جاء به المسيح ؟ تعذيب الأطفال ؟!!
هل هذا هو دم المسيح الذي أراقه بولس علي الصليب ليرحم به البشرية ؟!
لو كان هذا هو فعل دماء المسيح بالبشرية فإن دماءه هنا لعنة كما وصفها بولس وليست رحمة أبداً.
إن بولس وتلاميذه من بعده يحرمون الأطفال ويعذبوهم؛ لأنهم ولدوا من نسل آدم، بينما كان المخلص لا يبالي بهم، فهو مشغول بركوب الكروبيم، وهم يصطرخون في الجحيم. فمكث آلاف السنين بعد آدم لينزل ويخلص فئة قليلة بالنسبة لذرية آدم كلها المتلطخة بذنبه !!
هل هذا دين الله ؟ هل هذه رحمة الله ؟
ولم يبين أوغسطينوس كيف يتسنى لهؤلاء الإيمان بالمسيح وقد ماتوا وسكنوا في الجحيم. ولعله أراد ما قاله بطرس عن أن المسيح " ذهب فكرز للأرواح التي في السجن، إذ عصت قديماً، حين كانت أناة الله تنتظر مرة في أيام نوح..." ( بطرس (1) 3/19 ). ومراده ما يقوله النصارى بدخول المسيح إلى الجحيم بعد صلبه وإخراجه أرواح الناجين من الجحيم. وهذه والله مصيبة كبري ..
إننا نتساءل بأي ذنب دخل هؤلاء الجحيم أصلاً ؟
أنتم تطالبونهم بأن يؤمنوا بالمسيح حتى يخرجوا من الجحيم !! وأنا أسأل: لماذا دخلوا أصلاً وهم أطفال لا يدركون أو شيوخ لم يعرفوا المسيح أو يخبرهم أحد به ؟
هل تعذب النساء والاطفال لأنهم لم يصارعوا الموت أو يهربوا منه حتى ينزل الفادى الذي لا يعرفون عنه شيء ليخلصهم من الخطيئة التي لم يرتكبوها أصلاً ؟
إذا كانت رحمة الله الرحيم قد وسعت إلى حد أنه أنزل ابنه الوحيد والبكر ليصلب ليحمل هو خطأ آدم ! .. فلماذا سكت هذا الإله الرحيم آلاف القرون علي صراخ الأطفال وعويل النساء وأنين الشيوخ في الجحيم بلا ذنب أو خطيئه منهم ؟
إذا كان هذا فعل الله بخلقه فما هو فعل الشيطان بهم ؟
هل تعلم ما هو حصاد هذه العقيدة الظالمة ؟ .. اسمع الفيلسوف الألماني نتشة وهو يستدل بأفكار بولس على الإلحاد فيقول: (إن كان من شأن فكرة الله أن تسقط ضلال الخطيئة على براءة الأرض، فإنه لابد للمؤمنين بالحس الأرضي أن يهووا بمعاولهم على تلك الفكرة" الله")
لقد أجرم بولس وأتباعه حتى اليوم في حق البشرية جميعاً وان نظرة واحدة إلى موجات الإلحاد المنتشرة في الغرب لتؤكد أن هذا الذي تدعيه الكنيسة ليس وحي السماء أبداً.
*- من ثمار هذه العقيدة أيضا ًاحتقار المرأة وازدرائها باعتبارها سبب بلاء البشرية:
(لتتعلم المرأة بسكوت في كل خضوع* 12 و لكن لست آذن للمرأة أن تعلم و لا تتسلط على الرجل بل تكون في سكوت* 13 لان أدم جبل أولا ثم حواء* 14 و أدم لم يغو لكن المرأة أغويت فحصلت في التعدي* 15)تيموثاوس2/2-11
ويستخدم بولس نفس الفكرة في التحذير (لكنني أخاف انه كما خدعت الحية حواء بمكرها هكذا تفسد أذهانكم عن البساطة التي في المسيح* 4)كورنثوس11/3
- (18)وجاءت امرأة تسأل القديس غريغوريس :لماذا تبقى المرأة النفساء بعيدة عن الأماكن المقدسة أربعين يوماً إذا ولدت ذكراً ثمانين يوما إذا ولدت أنثى ؟
فأجاب القديس: الحكمة في هذا الاختلاف في الأم التي ولدت أنثى, فهي على ما نعتقده بسبب أن حواء أخطأت أولاً, وهي التي مدت يدها وأكلت من الشجرة وسقطت, وهذه للأسف حقيقة لا مفر من الاعتراف بها ولا سبيل لنا إلى إنكارها ).
- وكان القس يان بول فنتورا يقول لتلاميذه(إذا رأيتم امرأة فلا تحسبوا أنكم ترون كائنا بشرياً ولا كائناً وحشياً وإنما الذي ترونه هو الشيطان(19))
- ويقول افدوكيمون: (إن الموقف الذي تبناه بوس تجاه المرأة مماثل للذي تبناه تجاه الرقيق(20))
واستمرت النصرانية في التدني حتى أباحت للرجل أن يبيع زوجته الحرة وفي هذا يقول هربرت - --- سبنسر " إن الزوجات كانت تباع في إنجلترا فيما بين القرن الخامس والحادي عشر , وان المحاكم الكنسية سنت قانونا ينص على أن للزوج أن يعير زوجته إلى رجل أخر لمدة محدودة حسبما يشاء الرجل المنقولة إليه المرأة فالكنيسة كانت تعتبر المرأة في تلك الحقبة متاعا يباع ويشترى ويوهب وظل بيع الزوجات جائزاً في القانون الإنجليزي حتى عام1805(21))
ويقول د على البار: ( وفي عام 1790م بيعت إمراة بشلنين لأنها تثاقلت بتكاليفها على الكنيسة التي يؤديه(22)ا)
وتقول الراهبة كارن ارمسترونج: (إن معتقد الخطيئة الأولى إنما هو اختراع المسيحية ولقد كان له أعمق الأثر في الفكر الغربي فهو يعلمنا أن طبيعتنا شر وميئوس منها وقد جعل الدين بالنسبة لكثير من الناس عملاً لا أملا , فهو معركة الشعور بالإثم مع نفس تظهر أنها ترفض الخلاص ,ورعب من جهنم, وأخيراً فانه بسبب الطريقة التي صنع بها هذا المعتقد فهو خوف من الجنس وكراهية للنساء لقد كان القديس بولس هو الذي ورثنا معتقد الخطيئة الأصلية في المسيحية(23))
ولا عجب بعد هذا أن نرى المرأة الغربية مسخا مشوهاً وجسداً بلا روح وسلعة رخيصة لكل راغب.
إن التفسير الأكثر دقة للكتاب المقدس هو واقع الغرب الاخلاقي الذي ينحط يوماً بعد يوم.
لقد قال المسيح قديماً" من ثمارهم تعرفونهم"متى 7/16
وهذه هي بعض ثمار بولس وأتباعه .. ومن له أذنان للسمع فلسمع !
ملحق(1)
ما هو الجحيم
البابا شنوده متخصص في التدليس و اللعب بالالفاظ. هو يواجه مشكلة لم يواجهها بطريرك قبله، وهي اتساع دائرة النقد الكتابي والعقدي للمسيحية مع انتشار الإنترنت وغيرها من وسائل المعرفة, مما جعله أكثر أباطرة الكنيسة تصنيفاً للكتب والردود. وأسلوبه في تناول هذه المسائل معروف، وهو الالتفاف حول النصوص، ولي عنق الأدلة، والإجابة عن السؤال بعدة أسئلة لا تغني ولا تسمن شيئاً. ومن ذلك التضليل الذي يمارسه أردنا أن نعلق هنا على نقطة خاصة بالبحث.
فعندما(-*-*--) سُئل البابا شنوده عن الجحيم وهل كان الآباء والأنبياء مثل إبراهيم ونوح وأيوب وموسي وغيرهم يتعذبون في الجحيم قبل الفداء ؟
أجاب: { طبعا لا , ويسهل عليك الأمر إن عرفت الحقيقة الآتية: الجحيم هو مكان للانتظار, وليس مكان للعذاب, أما مكان العذاب فهو جنهم }.
ونحن نقول: والله ما كنت أظن أن استخفاف هذا الرجل بالناس يصل إلى هذا الحد !
- فهذا الذي قاله البابا لا يعرف في كلام اليهود ولا الآباء ولا الكتب المقدس ولا لغة العرب أو العجم أو حتى الهنود. وعندما نبحث عن كلمة ( الجحيم ) في الكتاب المقدس نجدها لا تأتي بهذا ا المعني الذي يذكره البابا.
- فالكلمة ذكرت أكثر من عشرين مرة بين العهدين. نذكر بعض مواضعها لنرى معناها:
- ( 13فالذين ناموا تلك النومة في ذلك الليل الذي لا يطاق الوارد من اخادير الجحيم الفظيعة*)حكمة 13/17
- (88 باركوا الرب يا حننيا وعزريا وميشائيل سبحوا وارفعوه إلى الدهور لأنه أنقذنا من الجحيم وخلصنا من يد الموت ونجانا من وسط آتون اللهيب المضطرم ومن وسط النار* )دانيال 3/88
- وفي قصة لعازر الشهيرة(22 فمات المسكين وحملته الملائكة إلى حضن إبراهيم و مات الغني أيضا و دفن* 23 فرفع عينيه في الجحيم وهو في العذاب ورأى إبراهيم من بعيد و لعازر في حضنه* 24 فنادى و قال يا أبي إبراهيم ارحمني وأرسل لعازر ليبل طرف إصبعه بماء ويبرد لساني لأني معذب في هذا اللهيب* 25 فقال إبراهيم يا ابني اذكر أنك استوفيت خيراتك في حياتك و كذلك لعازر البلايا والآن هو يتعزى وأنت تتعذب*26 و فوق هذا كله بيننا و بينكم هوة عظيمة قد أثبتت حتى إن الذين يريدون العبور من ههنا إليكم لا يقدرون و لا الذين من هناك يجتازون إلينا*)لوقا 16/22
- وقال المسيح لبطرس(18 و أنا أقول لك أيضا أنت بطرس و على هذه الصخرة ابني كنيستي و أبواب الجحيم لن تقوى عليها*)متى 16/18
- واضح هنا أن الجحيم مكان عذاب وله أبواب شديدة القوة ، وأن غير المؤمنين يعذبون فيه بعد وفاتهم مباشرة، وأن مكان الأبرار بينه وبين الجحيم هوة عميقة لا يستطيع احد عبورها لكنه يرى من الجحيم ويمكن التخاطب مع أهله.
- الكتاب أيضا يحدثنا عن مدة المكث في الجحيم يقول: - (7 انه ليس في الجحيم حساب على العمر*)سيراخ 41/7 . المكث في الجحيم أبدي توقف فيه الزمن.
من هم أهل الجحيم ؟
- ( 13كذلك نحن ولدنا ثم اضمحللنا و لم يكن لنا أن نبدي علامة فضيلة بل فنينا في رذيلتنا* 14 كذا قال الخطاة في الجحيم*)حكمة 5/13
- (17 افتح عينيك و انظر فانه ليس الأموات في الجحيم الذين أخذت أرواحهم عن أحشائهم يعترفون للرب بالمجد و العدل*)باروك2/17
- (23 ارجع إلى العلي و اعرض عن الإثم و ابغض الرجس أشد بغض فهل من حامد للعلي في الجحيم*)سيراخ17/23
- (11 طريق الخطاة مفروش بالبلاط وفي منتهاه حفرة الجحيم*)سيراخ 21/11
هذا هو الجحيم في الكتاب المقدس. فمن أين أتي شنودة بجحيمه الذي يتحدث عنه ؟!
نعلم أن الشيطان يزين لأتباعه الشهوات حتى يقعوا فيها , لكننا لم نسمع عن غبي يزين لأتباعه الجحيم نفسه ! وصدق الله القائل: (اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ)
ملحق(2)
لماذا سمي المسيح مخلص؟؟
يقول معترض: إن المسيح سمى مخلصًا في أكثر من موضع، وهذا يؤكد عقيدة الخطيئة، وإلا فلماذا سمى المسيح مخلصًا ؟
ونحن نقول: ورد لقب المخلص على المسيح في موضعين:
1- 11( انه ولد لكم اليوم في مدينة داود مخلص هو المسيح الرب)لوقا2/11
2- ( 42و قالوا للمراة اننا لسنا بعد بسبب كلامك نؤمن لاننا نحن قد سمعنا و نعلم ان هذا هو بالحقيقة المسيح مخلص العالم)يوحنا 4/42
وكلمة ( مخلص ) من الألفاظ المشتركة التي أطلقت على الله سبحانه وعلى بعض عبيده.
فمثال إطلاقها على الله سبحانه:
- (11 انا انا الرب و ليس غيري مخلص*)اشعياء11/43
- (39 انظروا الان انا انا هو و ليس اله معي انا اميت و احيي سحقت و اني اشفي و ليس من يدي مخلص*)تثنية32/39
ومن مثال اطلاقها على البشر:
:( 19 فحمل يوناتان و سمعان يهوذا اخاهما و دفناه في قبر ابائه في مودين* 20 فبكاه شعب اسرائيل بكاء عظيما و لطموا عليه و ناحوا اياما و قالوا* 21 كيف سقط البطل مخلص اسرائيل*)مكابيين1-9/19
والمعني المقصود أن المخلص المطلق هو الله سبحانه.
ولكن يطلق اللفظ ويراد به أحد ابطال بني اسرائيل الذي يخلص الشعب من أعدائه.
والسؤال: أيهما كان المسيح ؟
الإجابة تأتينا عاجلاً في إنجيل لوقا على لسان زكريا:
(وامتلأ أبوه زكريا من الروح القدس وتنبأ قال" تبارك الرب اله اسرائيل لانه تفقد شعبه وافتداه, فاقام لنا مخلصا قديرافي بيت عبده داود, كما وعد من قديم الزمان بلسان انبيائه القدسين , خلاص لنا من اعدائنا ومن جميع مبغضينا, ورحمة منه لآبائنا وذكرا لعهده المقدس, وللقسم الذي أقسمه لإبراهيم أبينا,بان يخلصنا من أعدائنا حتي نعبده غير خائفين)لوقا1/67الترجمة العربية المشتركة
وفي بشارة الملاك ليوسف النجار قال: (21 فستلد ابنا و تدعو اسمه يسوع لانه يخلص شعبه من خطاياهم)متى1/21
وهنا يؤكد الكتاب على أن المسيح واحد من المخلصين الذين ينصرون بني اسرائيل من أعدائهم. ولا ننسي أن اليهود كانوا تحت الحكم الروماني، وقد جاء المسيح ليخلصهم بالأسلوب الرباني: إصلاح علاقتهم بربهم أولاً، ثم تحريرهم من أعدائهم كما هي طريقة الأنبياء جميعاً.
- ( 8فوقف زكا و قال للرب ها انا يا رب اعطي نصف اموالي للمساكين و ان كنت قد وشيت باحد ارد اربعة اضعاف* 9 فقال له يسوع اليوم حصل خلاص لهذا البيت اذ هو ايضا ابن ابراهيم* 10 لان ابن الانسان قد جاء لكي يطلب و يخلص ما قد هلك*)لوقا19/8
-( و تكونون مبغضين من الجميع من اجل اسمي و لكن الذي يصبر الى المنتهى فهذا يخلص*)متى 10/22
ولم يصبر من بني إسرائيل إلا قليل. وخاب رجاء المسيح فيهم، لأنهم كانوا يتطلعون إلى من يخلصهم من أسر الرومان لا من يخلصهم من أسر الشيطان, وكذبوا المسيح وأنكروا أنه نبي الله وتآمروا على قتله مع الرومان، ورد الله كيدهم في نحورهم، ورفع عبده الله، وكانت تلك هي نهاية النبوة في هذا الشعب الشرير، وصدقت ووقعت فيهم كلمات المسيح: (43 لذلك اقول لكم ان ملكوت الله ينزع منكم و يعطى لامة تعمل اثماره*)متى 21/43
وأعطيت النبوءة لأمة أخري هم بنو عمومتهم بنو إسماعيل: ( 13 و ابن الجارية ايضا سأجعله أمة لأنه نسلك*) ( 18 قومي احملي الغلام وشدي يدك به لأني سأجعله أمة عظيمة*) تكوين21/18,13
وكما أخذ الرب الإله على نفسه العهد مع إبراهيم: (و تكلم الله معه قائلا* 4 أما أنا فهوذا عهدي معك وتكون أبا لجمهور من الامم* 5 فلا يدعى اسمك بعد أبرام بل يكون اسمك إبراهيم لأني أجعلك أبا لجمهور من الامم* 6 وأثمرك كثيرا جدا وأجعلك أمما و ملوك منك يخرجون* 7 و أقيم عهدي بيني وبينك وبين نسلك من بعدك في أجيالهم عهدا ابديا لاكون الها لك و لنسلك من بعدك* 8 واعطي لك ولنسلك من بعدك ارض غربتك كل ارض كنعان ملكا ابديا واكون الههم* 9 وقال الله لإبراهيم وأما أنت فتحفظ عهدي أنت ونسلك من بعدك في اجيالهم* 10 هذا هو عهدي الذي تحفظونه بيني و بينكم و بين نسلك من بعدك يختن منكم كل ذكر* 11 فتختنون في لحم غرلتكم فيكون علامة عهد بيني و بينكم*) تكوين 17/1
وصدق الله وعده، فعندما لم يحفظ بنو إسحق عهدهم مع الله، وأرادوا قتل نبيه، كما فعلوا مع أنبياء كثيرين من قبل، نزعت منهم النبوة، وأعطيت إلى نسل إبراهيم البكر إسماعيل. وهذا محله المفصل عند حديثنا عن البشارات ان شاء الله تعالى.
{ فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَاد}ِ
أخوكم / خالد حربي
هوامش:
1) تفسير القران العظيم
(2) ذكر ابن القيم اكثر من مائة حكمة في كتابه القيم مفتاح دار السعادة نقلنا بعضها هنا بتصرف
(3) رسالة رومية5/12-19
(4) بولس لوليم باركلي
(5) تفسير الكتاب من كلام الاباء الاولين يعقوب ملطي
(6) المصدر السابق
(7) المصدر السابق
(8) الكفارة بين المسيحية والاسلام
(9) لاهوت المسيح ص83
(11) في كتابه تاليه الانسان ص7
(12) سنوات مع اسئلة الناس "الكتاب المقدس"ص23
(13) رحلة هوك ج1 ص326
(14) الهنود ص36
(15) المصدر السايق ص213
(16) تاريخ الاداب السنسكريتيه ص80
* هو البابا شنوده الثالث
[](**) مسالة هامة نتعرض لها في تفنيد عقيدة الفداء
(17) اعمال اغسطينوس –الموسوعة الكاثوليكية
(18) المرأة في الاديان السماوية صابر طه
(19) المصدر السابق
(20) المرأة وخلاص العالم
(21) علم وصف الاجتماع
(22) عمل المرأة في الميزان
(23) نساء الانبياء: لواء احمد عبد الوهاب
-*- سنوات مع اسئلة الناس - لاهوتيه وعقائدية ج ب ص85
هذه رسالة كتبها أخونا الحبيب الأستاذ خالد حربي عن موضوع الخطيئة و الكفارة أحببت أن أنقلها هنا بنصها للفائدة العامة.
بسم الله الرحمن الرحيم
هذا بحث صغير في تفنيد معتقد الخطيئة كنت قد أعددته أثناء مذاكرتي ورأيت أن أضعه تحت تصرف إخواني عسى الله أن ينفع به وأرجو من الإخوة عدم البخل على بالنصائح والتقييم
وهو أولاً وأخيرا بتوفيق الله وحده سبحانه
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم إني أبرأ من حولي وقوتي إلى حولك وقوتك
الخطيئة في الميزان
هذا بحث صغير في تفنيد معتقد الخطيئة كنت قد أعددته أثناء مذاكرتي ورأيت أن أضعه تحت تصرف إخواني عسى الله أن ينفع به وأرجو من الإخوة عدم البخل على بالنصائح والتقييم
وهو أولاً وأخيرا بتوفيق الله وحده سبحانه
==================================================
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم إني أبرأ من حولي وقوتي إلى حولك وقوتك
الخطيئة في الميزان
( من حقنا أن نتفق أو نختلف مع اي عقيدة أو نظرية. ولكن ليس هناك مبرر لتحريفنا أو تشويهنا لأي عقيدة لإثبات نظريتنا نحوها )
عبد الأحد داود
تمهيد
أهمية الخطيئة في المعتقد المسيحي
تعتبر عقيدة الخطيئة هي الأساس الأول الذي تقوم عليه عقائد النصارى اليوم، وينبني عليها أهم عقائد النصارى اليوم فهي دائماً بداية كل حديث من منصر أو داعية إلى المسيحية. ويستخدم وعاظ الكنائس هذا المعتقد في ابتزاز وإرهاب أهل ملتهم وربما أهل الملل الأخرى. وعلى هذا المعتقد قامت عاطفة المسيحي الدينية، وارتباطه الوجداني بالمسيح، كحل وحيد للهرب من الجحيم. ولك أن تتخيل عندما يقال لك إنك محكوم عليك بالهلاك، ولن تستطيع مهما فعلت أن تغير هذا الحكم إلا من طريق واحد. هذا هو المعتقد الوحيد الذي يربط المسيح بالعالم. لذلك أردنا أن نبدأ به في دراستنا.
وإبطال هذا المعتقد يهدم الديانة كلها من الأساس. وسوف يتضح هذا خلال دراستنا التي رأينا أن نتوسط فيها بين التوسع الممل والإيجاز المخل, معتمدين على أصول الفكر المسيحي المعتبرفقط.
ما هي الخطيئة في المعتقد المسيحي ؟
ليس المقصود بالخطيئة هنا مطلق الخطيئة أو المعصية، وإنما المقصود هي خطيئة آدم وحواء في الجنة، وهي الأكل من الشجرة، التي يصورها النصارى على أنها خطيئة غير محدودة توارثها أبناؤه من بعده, وتسمى: الخطيئة الأصلية، والخطيئة الأولى، والخطيئة الجدية.
بعض المفاهيم الإسلامية عن قصة آدم
-خلق الله آدم ليسكن في الأرض أصلاً وليس للخلود في الجنة(وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً)
-سكن آدم في الجنة مؤقتاً بقصد الاختبار والتعلم بالتجربة ,وكذلك ليعرف حقيقتها وما أعده الله فيها من النعيم، فيكون إليها أشوق، وعليها أحرص، ويتحمل في طلبها المكاره, كذلك ليعرف حقيقة عدوه وخطورة موافقته, وليتعلم التوبة والاستغفار, وليعلم شؤم معصية الله أثرها عليه.
- قال ابن كثير(في قوله تعالى: "اسكن" تنبيه على الخروج، لأن السكنى لا تكون ملكاً، ولهذا قال بعض العارفين: السكنى تكون إلى مدة ثم تنقطع، فدخولهما في الجنة كان دخول سكنى لا دخول إقامة(1).)
- آدم أكل من الشجرة ناسياً, قال ابن كثير: وقيل: أكلها ناسيا، ومن الممكن أنهما نسيا الوعيد. قلت"ابن كثير": وهو الصحيح لإخبار الله تعالى في كتابه بذلك حتماً وجزماً فقال: "ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسي ولم نجد له عزما" [طه: 115]. ولكن لما كان الأنبياء عليهم السلام يلزمهم من التحفظ والتيقظ لكثرة معارفهم وعلو منازلهم ما لا يلزم غيرهم كان تشاغله عن تذكر النهي تضييعا صار به عاصيا، أي مخالفا. - و طاعة إبليس مع تحذير الله له منه وسبب طاعة أدم لإبليس هو قسمه بالله (وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ ) ولم يظن أن أحداً يحلف بالله كاذباً ,ونسيان وعيد الأكل من الشجرة
- أدم هو المسؤول الأول عن الخطيئة وليست حواء(فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لا يَبْلَى * فَأَكَلا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى )
- و لأن الموقف أساساً المراد منه تعليم آدم فقد تاب الله عليه ، ليس فقط بل وعلمه الاستغفار لذنوبه والعودة إلى الطريق الذي رسمه له ولذريته من بعده ( فَتَلَقّىَ آدم مِن رّبّهِ كَلِمَـاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنّهُ هُوَ التّوّابُ الرّحِيمُ ) ، و تلك هي رسـالة آدم التي خُلِقَ من أجلهـا: ألا و هي عمران الأرض بشريعة الله و حسب إرادته.
أما عن الحكمة من وقوع هذه الأحداث ثم النزول إلى الأرض فهي كثير نذكر منها(2)
-أراد الله سبحانه أن يذيقه وولده من نصب الدنيا وغمها وهمومها ما يعظم به عندهم مقدار دخولهم إليها في الآخرة؛ لأنهم لو تربوا في النعيم ما عرفوا قدرها.
- أراد الله أن يبتليهم ويختبرهم. وليست الجنة دار تكليف. فأنزلهم الله إلى الأرض، وعرضهم بذلك لأفضل الثواب الذي لم يكونوا ينالونه بدون الأمر والنهي.
- أراد الله سبحانه أن يتخذ منهم أنبياء وشهداء وأولياء يحبهم ويحبونه، فخلى بينهم وبين عدوه، وامتحنهم به، فلما صبروا وآثروه سبحانه نالوا محبته ورضوانه والقرب منه ما لم يكن لينال بغير هذا أصلاً.
- وأيضا فانه سبحانه له الأسماء الحسنى فاقتضت حكمته سبحانه أن ينزل آدم وذريته داراً تظهر فيها أثر أسمائه الحسنى فيغفر فيها لمن يشاء ويرحم من يشاء ويذل من يشاء ويعذب من يشاء، إلى غير ذلك من ظهور أثر أسمائه الحسني وصفاته العلى.
- أيضا أن الله سبحانه خلق آدم من قبضة قبضها من جميع الأرض، والأرض فيها الطيب والخبيث والكريم واللئيم، وعلم سبحانه أن في ظهر آدم من ذريته من لا يصلح لمجاورة الرحمن في دار الجنان، فأنزلهم إلى دار استخرج فيها الطيب و الخبيث (لِيَمِيزَ اللّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَىَ بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعاً فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ(
معتقد الخطيئة عند النصارى
معتقد النصارى في الخطيئة تلخصه هذه الفقرة من الإصحاح الخامس من رسالة بولس إلى أهل روميه والتى يقول فيها ( من اجل ذلك كأنما بإنسان واحد دخلت الخطية إلى العالم و بالخطية الموت و هكذا إذ أخطأ الجميع* 13 فإنه حتى الناموس كانت الخطية في العالم على أن الخطية لا تحسب إن لم يكن ناموس* 14 لكن قد ملك الموت من آدم إلى موسى و ذلك على الذين لم يخطئوا على شبه تعدي آدم الذي هو مثال آلاتي* )ويقول( لأنه إن كان بخطية الواحد قد ملك الموت بالواحد فبالأولى كثيرا الذين ينالون فيض النعمة و عطية البر سيملكون في الحياة بالواحد يسوع المسيح* 18 فإذا كما بخطية واحدة صار الحكم إلى جميع الناس للدينونة هكذا ببر واحد صارت الهبة إلى جميع الناس لتبرير الحياة* 19 لأنه كما بمعصية الإنسان الواحد جعل الكثيرون خطاة هكذا أيضا بإطاعة الواحد سيجعل الكثيرون أبراراً(3) ويعلق وليم باركلى على هذه الفقرة قائلاً: لقد كان كل الناس حسب تفكير بولس متورطين في خطيئة آدم فهذا لب الإصحاح الخامس من رسالته إلى آهل رومية .... لقد راي بولس أن الخطية لم تحدث موتا روحياً وأخلاقيا فحسب بل أحدثت موتاً كذاك الموت الجسدي فمن تعاليم بولس أنه إذا لم توجد الخطيئة فلا يوجد موت.... لقد جاء الموت إلى العالم مع مجيء الخطيئة(اجتاز الموت إلى جميع الناس)وان الخطيئة قادت إلى الموت (ملكت الخطية في الموت)وان أجرة الخطيئة هي الموت(لان أجرة الخطية هي الموت) ....لقد عاش الناس بلا شريعة يعصونها حتى جاء موسى آي انهم لم يرتكبوا خطايا ومع ذلك فقد ذاقوا جميعا الموت, فلماذا ؟؟ لأنهم قد اخطاؤا من قبل مع آدم(4))
هذه الفكرة التي طرحها بولس هي معتقد النصارى جميعاً وعليها سار آباء الكنيسة.
- القديس البابا أثناسيوس: إذ أخطأ الإنسان وسقط , صار كل شيء في ارتباك بسقوطه، وتسلط الموت من آدم إلي موسى، ولعنت الأرض، وانفتح الجحيم، وأُغلق الفردوس، وتكدرت السماء، وأخيرًا فسد الإنسان وتوّحش (5))
ويقول يوحنا ذهبي الفم(لقد أظهر أن الخطية بدأت بالإنسان الأول، وتملّك الموت غالبًا إياه، وقد صار الكل مخطئين وإن لم يسقطوا في ذات المعصية. صارت الخطية منتشرة في الطبيعة البشرية لكنها غير مُكتشفة حتى جاء الناموس، فظهرت بعصيان الإنسان لوصايا معينة: "فإنه حتى الناموس كانت الخطية في العالم على أن الخطية لا تُحسب إن لم يكن ناموس, دبت بذار الموت مع الخطية منذ آدم، لكن الموت لم يكن ثمرة عصيان للناموس بل ثمرة عصيان أبينا آدم. ملك الموت علي الذين لم يخطئوا بعصيان الناموس إنما خلال شبه تعدي آدم)
ويقول القديس غريغوريوس صانع العجائب : ( حتى الأطفال الذين لا يخطئون في حياتهم الشخصية إنما حسب الجنس البشري العالم يكسرون عهد الله، إذ أخطأ الكل في واحد.(6))
ويمكن لنا أن نلخصها في آلاتي
1-خطيئة آدم عظيمة و غير محدودة
2-عقاب هذه الخطيئة هو الموت الجسدي والأخلاقي الذي اجتاز على نسل آدم كله
3- توارث أبناء آدم هذه الخطيئة من بعده بلا استثناء فكل مولود يولد بالخطيئة حتى الرسل والأنبياء والقديسين
4- عاش الناس بلا شريعة قبل موسى ومع ذلك نالوا عقابهم على الخطيئة
5- الناموس اظهر هذه الخطيئة وقواها لأنه بالمنع ازدادت الشهوة لان لولا نهي آدم عن الشجرة لم تقع الخطيئة
6-كل الذين ماتوا قبل الخلاص (صلب المسيح) دخلوا الجحيم (الذي فيه أيضا ذهب فكرز للأرواح التي في السجن* 20 إذ عصت قديما حين كانت أناة الله تنتظر مرة في أيام نوح )بطرس1/3-20) .
- رأى القديسين أثناسيوس وكيرلس وايرونيموس : إن السيد المسيح بعد موته بالجسد نزل بروحه أي بنفسه إلى الجحيم، وبشًّر الذين كانوا في أيام نوح لا يصدقونه إذ كان ينذرهم بالطوفان. لكنهم لما رأوا انهمار المياه تاب بعضهم وطلبوا الرحمة.
و رأي الأب هيبوليتس : [لقد رتب الأمور التي على الأرض، إذ صار إنسانًا بين الناس ليُعِيد خِلقة آدمنا خلال نفسه وأيضًا الأمور التي تحت الأرض إذ أُحْصِى مع الموتى مُبَشِّرًا بالإنجيل لنفوس القديسين (الذين ماتوا على رجاء) وبالموت داس الموت.(7)
ويقول عوض سمعان عن موسى عليه السلام: " ومهما كانت عظمة موسى، فإنه لولا نعمة المسيح له، لكان قد هلك واستحق عقاباً أبدياً على خطيئته ".(8)
ونفهم من كلام الآباء أن المؤمنين والمكذبين الفجار والقدسيين دخلوا الجحيم أو السجن بسبب خطيئة آدم، ولم ينفعهم إيمانهم شيئاً.
- ويقول النصارى الكثير في وصف خطيئة آدم وأثرها البالغ على البشرية جميعاً، حتى إن المرء ليعجب من عظم هذا الأثر.
- يقول القديس يوحنا الذهبي الفم: [كان للخطية آثارها البعيدة المدى ).
ويقول القديس اغسطينيوس: ذنب آدم ذنب عظيم لأنه يتضمن ذنوباً عديدة أولها: الكفر إذ اختار آدم أن يعيش محكوماً بسلطته، بدل أن يعيش في ظل الحكم الإلهي. وثانيها: كفر وإساءة أدب مع الله، لأن الإنسان لم يتيقن في الله. وثالثها: قتل نفسه، إذ جعل حكمها الموت. ورابعها: الزنا المعنوي، لأن إخلاص الروح الإنسانية قد ضاع من أجل التصديق بقول الحية المعسول. وخامسها: السرقة إذ نال ما لا يحل له. وسادسها: الطمع. وهكذا كانت هذه الخطيئة أماً لكل الأخطاء البشرية ".
- و يقول البابا شنوده في وصف خطيئة آدم: (الخطيئة التي وقع فيها الإنسان الأول ويقع فيها كل إنسان هي خطيئة ضد الله, لأنها عصيان لله وعدم محبة لله, وعدم احترام له, بل هي ثورة على ملكوته, وهي مقاومة لعمل لاهوته وروحه القدس بل هي عدم إيمان أصلاً)(9)
كل هذا يفترض أنه موجود في قصة آدم وحواء.
-
النص المؤسس
ذكرت القصة في أول سفر التكوين : " وأخذ الرب الإله آدم، ووضعه في جنة عدن ليعملها ويحفظها، وأوصى الرب الإله آدم قائلاً: من جميع شجر الجنة تأكل أكلاً. وأما شجرة معرفة الخير والشر فلا تأكل أكلاً. وأما شجرة معرفة الخير والشر فلا تأكل منها، لأنك يوم تأكل منها موتاً تموت...
وكانت الحية أحيَل جميع حيوانات البرية التي عملها الرب الإله؟، فقالت للمرأة: أحقاً قال الله: لا تأكلا من كل شجر الجنة؟ فقالت المرأة للحية: من ثمر شجر الجنة نأكل، وأما ثمر الشجرة التي في وسط الجنة فقال الله لا تأكلا منه، ولا تمساه لئلا تموتا.
فقالت الحية للمرأة لن تموتا، بل الله عالم أنه يوم تأكلان منه تنفتح أعينكما وتكونان كالله عارفين الخير والشر، فرأت المرأة أن الشجرة جيدة للأكل، وأنها بهجة للعيون، وأن الشجرة شهية للنظر، فأخذت من ثمرها، وأكلت، وأعطت رجلها أيضاً معها، فأكل فانفتحت أعينهما، وعلما أنهما عريانان. فخاطا أوراق تين، وصنعا لأنفسهما مآزر.
وسمعا صوت الرب الإله ماشياً في الجنة عند هبوب ريح النهار، فاختبأ آدم وامرأته من وجه الرب الإله في وسط شجر الجنة، فنادى الرب الإله آدم، وقال له: أين أنت؟
فقال: سمعت صوتك في الجنة، فخشيت لأني عريان، فاختبأت، فقال: من أعلمك أنك عريان ؟ هل أكلت من الشجرة التي أوصيتك أن لا تأكل منها؟ فقال آدم: المرأة التي جعلتها معي هي أعطتني من الشجرة فأكلت.
فقال الرب الإله للمرأة: ما هذا الذي فعلت؟ فقالت المرأة: الحية غرّتني فأكلتُ.
فقال الرب الإله للحية: لأنك فعلت هذا ملعونة أنت من جميع البهائم. ومن جميع وحوش البرية على بطنك تسعين، وتراباً تأكلين كل أيام حياتك، وأضع عداوة بينكِ وبين المرأة وبين نسلك ونسلها، هو يسحق رأسك، وأنت تسحقين عقبه.
وقال للمرأة: تكثيراً أكثر أتعاب حبلك، بالوجع تلدين أولاداً، وإلى رجلك يكون اشتياقك، وهو يسود عليك.
وقال لآدم: لأنك سمعت لقول امرأتك، وأكلت من الشجرة التي أوصيتك قائلاً: لا تأكل منها. ملعونة الأرض بسببك، بالتعب تأكل منها كل أيام حياتك، وشوكاً وحسكاً تنبت لك، وتأكل عشب الحقل، بعرق وجهك تأكل خبزاً حتى تعود إلى الأرض التي أخذت منها، لأنك تراب، وإلى تراب تعود...
وقال الرب الإله: هو ذا الإنسان قد صار كواحد منا عارفاً الخير والشر، والآن لعله يمد يده، ويأخذ من شجرة الحياة أيضاً، ويأكل ويحيا إلى الأبد، فأخرجه الرب الإله من جنة عدن ليعمل الأرض التي أخذ منها، فطرد الإنسان، وأقام شرقي جنة عدن الكروبيم، ولهيب سيف متقلب لحراسة طريق شجرة الحياة " (التكوين 2/15-3/24).
-وبعد هذا السرد يبقى السؤال
هل تتحمل هذه القصة كل ما ادعاه النصارى فيها من عقائد وتفاسير ؟؟؟
* -
نقد النص ألتوراتي القديم
لنا عدة ملاحظات على النص الكتابي، قبل النظر في دلالته على عقيدة الخطيئة الأصلية، نذكر منها عشرة ملاحظات فقط:
1- لا يقول لنا الكتاب لماذا خلق الله الإنسان وهو من الأسئلة العويصة في المسيحية عموماً. وأشهر الإجابات عليه "أن الله خلقنا لأنه يحبنا" وتعامل الإله مع آدم حين أخطأ ومع ذريته لا يدل على هذه المحبة.
2- نهى الرب آدم عن الآكل من شجرة معرفة الخير من الشر لأنه إذا أكل منها موتاً يموت. ونحن نسأل: هل معرفة الإنسان بالخير والشر خطيئة يعاقب عليها بالموت؟؟؟ .. هذا يخالف محبة الله التي من أجلها خلق الإنسان. بل ويخالف تعاليم الكتاب نفسه.
-" تعلموا فعل الخير اطلبوا الحق "اشعياء 1/17
- "درت أنا و قلبي لأعلم ولأبحث ولأطلب حكمة وعقلا ولأعرف الشر أنه جهالة والحماقة إنها جنون*الجامعة7/25
- "فأعط عبدك قلبا فهيما لأحكم على شعبك وأميز بين الخير والشر لأنه من يقدر أن يحكم على شعبك العظيم هذا"ملوك1 3/9
-"وأما الطعام القوي فللبالغين الذين بسبب التمرن قد صارت لهم الحواس مدربة على التمييز بين الخير والشر*)عبرانيين5/14
- "وعلموهم أن يحفظوا جميع ما أوصيتكم به"متى 28/20
3- الرب قال لأدم: إن أكلت من الشجرة موتاً تموت. والسؤال: لو لم يأكل آدم من الشجرة هل كان سيخلد؟؟؟
الإجابة في ذات القصة: "ألان لعله يمد يده و يأخذ من شجرة الحياة أيضا و يأكل و يحيا إلى الأبد* ".
إن آدم لم يأكل من شجرة الحياة أصلاً لكي يخلد , وطرد من الجنة لئلا يتمكن من هذا ووضع الله حراساً على شجرة الحياة، فهو قبل أن يخطئ كان تحت سلطان الموت بلا شك.
3-خلق الرب حواء بعد أن نهى آدم عن الشجرة ولم يرد في الكتب أن آدم نقل إليها هذا النهى, ولكن حواء قالت للحية". أما ثمر الشجرة التي في وسط الجنة، فقال الله: لا تأكلا منه و لا تمساه لئلا تموتا". ولا يوضح لنا الكتاب كيف قالت حواء هذا مع أنها لم تكن خلقت بعد. قد يبرر ذلك بوجه مقبول، ولكن غير المقبول أن يكون آدم وزوجته في الجنة أعينهم مغلقه، ومع هذا تميز الشجرة عن غيرها من الشجر لاسيما أن بجورها شجرة أخرى هي الحياة. والغريب أن يصف لنا الكتاب المشهد بهذه الصورة" فرأت المرآة أن الشجرة جيدة للآكل وأنها بهجة للعيون وأن الشجرة شهية للنظر فآخذت من ثمرها وأكلت وأعطت رجلها أيضا معها فأكل* 7 فانفتحت أعينهما وعلما أنهما عريانان " !!!
4- تنسب القصة إلى الله سبحانه الجهل والعجز عن معرفة مكان آدم وزوجته عندما اختبأ وهذا يناقض الإيمان المسيحي، ويناقض الكتاب المقدس في اكثر من موضع.
- "و ليست خليقة غير ظاهرة قدامه بل كل شيء عريان ومكشوف لعيني ذلك الذي معه امرنا* " عبرانيين 4/13
- " 13يحصي عدد الكواكب يدعو كلها بأسماء* 5 عظيم هو ربنا وعظيم القوة لفهمه لا إحصاء*" مزمور 147/5
- "إني أنا هو الفاحص الكلى و القلوب" رؤيا يوحنا2/23
فكيف يخفى عليه مكان آدم وحواء الذي يكلمانه منه ؟
5- ينسب الكتاب المقدس الإغواء إلى الحية والسؤال الذي لايجد إجابة ما الذي يدفع الحية إلى غواية آدم وحواء؟ وهل الحيوان مكلف ومعاقب أصلاً ؟ لو كان الحيوان عاقل ومكلف فيصبح الذنب الأكبر ذنب الحية، وطبعاً ورث نسلها هذا الذنب، ووجب على الإله أن يتجسد في صورة حية ويقتل لكي يرفع الخطيئة الأصلية عن الحيات !!
تفتق ذهن بعض الفلاسفة وأخرهم شنودة (11) فزعموا أن الشيطان هو الذي اغوي آدم. واختلفوا في الكيفية التي استخدم بها الحية، فقال بعضهم: دخل في جوفها. وقال الأخر: الحية رمز إبليس. وغير ذلك. ولكن الكتاب يقول غير هذا تماماً، فهي حية حقيقة بدلالة النصوص الصريحة التي لا تقبل التأويل: "و كانت الحية أحيل جميع حيوانات البرية التي عملها الرب الإله " و"ملعونة أنت من بين البهائم ومن جميع وحوش البرية على بطنك تسعين )
6- ماذا ترتب على معرفة آدم للخير والشر بحيث يغضب الرب إلى حد طرد آدم وإنزال العقاب به وأبنائه ولعن الحية وغير ذلك من العقوبات ؟
لم يحدث آي تغير في آدم سوى أن فتحت عيناه ورأى عورته فأخذ يسترها، فهل هذا هو ما أغضب الرب على آدم وأبنائه ؟
7- يذكر النص " قال الرب الإله هو ذا الإنسان قد صار كواحد منا عارفا الخير و الشر" إذًا آدم قبل الآكل لم يكن يعرف الخير من الشر. الظلم أن يعاقب آدم على ذنب ما كان له أن يدرك قبحه، إذ لم يعرف الخير من الشر، بل نقول : كيف وقع آدم في الإثم وهو غير ميال للشر والخطيئة التي دخلت للإنسان بعده كما يزعم النصارى.
8عاقب الإله ادم بغير العقوبة التي توعده بها وصدقت الحية حين قالت لحواء لن تموتا فهل كلن الرب يكذب على ادم ؟
9- عاقب الله الحية فقال" ملعونة أنت من جميع البهائم، ومن جميع وحوش البرية على بطنك تسعين، وتراباً تأكلين كل أيام حياتك، وأضع عداوة بينك وبين المرأة، وبين نسلك ونسلها، هو يسحق رأسك وأنت تسحقين عقبه ". ونحن نريد أن نعرف كيف كانت الحية تسعى قبل هذا العقاب هل كانت تسير على ذيلها مثلاً ألم يذكر في أول هذا السفر خلق الزواحف على الأرض قبل إنزال هذه العقوبة بالحية غير أن الحفريات لم تجد أي دلالة تشير إلى كون الحيات كانت تسعى بصورة أخرى.
ثم هل الحية تأكل التراب ؟ متى كان هذا ؟
10- وأما المرأة فعوقبت بأمرين: أحدهما: جسماني، وهو أتعاب الحمل والولادة، وثانيهما: معنوي نفسي، وهو دوام اشتياقها للرجل، وأنه يسود عليها.
والعقوبة الأولى تشترك فيها حواء مع البهائم والثدييات جميعًا، فهل ما يصيب البهائم بسبب خطيئة أيضًا ؟
والثانية ليست لازمة لكل بنات حواء، فهناك نساء معفيات من العقوبة, لماذا ؟
وبعد كل هذا لا نجد في القصة أي ذكر لعقاب يحيق بذرية آدم عليه السلام توعد الله به أو حل بهم بسبب الوراثة. وتنتهي هذه القصة وينتقل الكتاب إلى فصل أخر من حياة آدم، ولا يبني علها شيئاً آخر من حياة آدم وأبنائه. فمن أحيا هذه القصة بعد آلاف السنين ليحاسب البشرية على ما لم يحاسبهم عليه خالقهم ؟
هذه القصة على غرابتها وتناقضها ألهمت بولس وأتباعه عقيدة وراثة الذنب. وهي عقيدة وصمت الجنس البشري كله بالخطيئة والعار في الدنيا والجحيم في الآخرة، حتى لو أحسنوا وتابوا إلى الله. وعلى خطورة هذه العقيدة لا نجد لها أثرًا لا في القصة ولا في الكتاب بأسره.
* -
ودعنا نبحث ألان عن آدم هل تاب فغفر الله
؟في الحقيقة لا يصرح الكتاب بتوبة آدم، وإن كان يلمح لها من عدة وجوه.
- منها مثلا(و صنع الرب الإله لأدم و امرأته أقمصة من جلد وألبسهما* 22 )تكوين 3/22
الرب بنفسه صنع لهما هذه الأقمصه وألبسهما. ألا يدل ذلك على المغفرة والتجاوز عن الخطأ ؟
- ذكر فضائل آدم عند موته(هذا كتاب مواليد آدم يوم خلق الله الإنسان على شبه الله عمله* 2 ذكرا و أنثى خلقه و باركه و دعا اسمه آدم يوم خلق*)تكوين5/1
- ثناء الله على أدم في نسب المسيح(بن انوش بن شيت بن آدم ابن الله)لوقا 3/38
ولا يمكن أن يذكر آدم بهذه الصورة وهو مصٌر على معصيته بلا توبة.
* وهنا نسأل إن كنا ورثنا منه المعصية فلماذا لم نرث التوبة ؟
ولكننا نتدنى إلى مستوى الخصم، فنقول: هب جدلاً أنه لم يتب، ألم ينَل عقاب خطيئته ؟
بالطبع نال عقاباً قاسياً : (و قال للمرأة تكثيرا اكثر أتعاب حبلك بالوجع تلدين أولادا وإلى رجلك يكون اشتياقك وهو يسود عليك* 17 وقال لأدم لأنك سمعت لقول امرأتك وأكلت من الشجرة التي أوصيتك قائلا لا تأكل منها ملعونة الأرض بسببك بالتعب تأكل منها كل أيام حياتك* 18 وشوكا وحسكا تنبت لك وتأكل عشب الحقل* 19 بعرق وجهك تأكل خبزا حتى تعود إلى الأرض التي أخذت منها لأنك تراب وإلى تراب تعود* )تكوين 3/16
ولم نجد في هذا العقاب الموت الذي حذره الله منه عند خلقه ولا نجد أي أثر متعدي إلى أبنائه.
بل نقول: إن أول أبناء آدم بعد خروجه من الجنة لم يرثوا من خطيئة آدم شيئاً ولم يحاسبهم الله إلا بأعمالهم فمنهم من رضى عنه لعمله. ومنهم غضب عليه بعمله(عرف آدم حواء امرأته فحبلت و ولدت قايين و قالت اقتنيت رجلا من عند الرب* 2 ثم عادت فولدت أخاه هابيل و كان هابيل راعيا للغنم و كان قايين عاملا في الأرض* 3 و حدث من بعد أيام أن قايين قدم من أثمار الأرض قربانا للرب* 4 وقدم هابيل أيضا من أبكار غنمه ومن سمانها فنظر الرب إلى هابيل و قربانه* 5 و لكن إلى قايين وقربانه لم ينظر فاغتاظ قايين جدا و سقط وجهه* 6 فقال الرب لقايين لماذا اغتظت و لماذا سقط وجهك* 7 إن أحسنت أفلا رفع و إن لم تحسن فعند الباب خطية رابضة و إليك اشتياقها و أنت تسود عليها* 8 )تكوين4/1
وفي نسخة كتاب الحياة يقول(فَتَقَبَّلَ الرَّبُّ قُرْبَانَ هَابِيلَ وَرَضِيَ عَنْهُ. 5لَكِنَّهُ لَمْ يَتَقَبَّلْ قُرْبَانَ قَايِينَ وَلَمْ يَرْضَ عَنْهُ. فَاغْتَاظَ قَايِينُ جِدّاً وَتَجَهَّمَ وَجْهُهُ كَمَداً. 6فَسَأَلَ الرَّبُّ قَايِينَ: «لِمَاذَا اغْتَظْتَ؟ لِمَاذَا تَجَهَّمَ وَجْهُكَ؟ 7لَوْ أَحْسَنْتَ فِي تَصَرُّفِكَ أَلاَ يُشْرِقُ وَجْهُكَ فَرَحاً؟ وَإِنْ لَمْ تُحْسِنِ التَّصَرُّفَ، فَعِنْدَ الْبَابِ خَطِيئَةٌ تَنْتَظِرُكَ، تَتَشَوَّقُ أَنْ تَتَسَلَّطَ عَلَيْكَ، لَكِنْ يَجِبُ أَنْ تَتَحَكَّمَ فِيهَا»
فكيف يزعم بولس اتباعه أن كل أبناء آدم في الجحيم الصالح والطالح بسبب خطيئة آدم ؟!
- ولا يذكر لنا الكتاب شيئاً بعد ذلك عن خطيئة آدم بل العكس بجد الكتاب يذكر لنا أخطاء الأنبياء وتجاوز الله عنها
- فهذا هارون يصنع العجل ويأمر قومه بعبادته(2 فقال لهم هرون: انزعوا أقراط الذهب التي في آذان نسائكم وبنيكم وبناتكم وأتوني بها* 3 فنزع كل الشعب أقراط الذهب التي في آذانهم و اتوا بها إلى هرون* 4 فاخذ ذلك من أيديهم وصوره بالأزميل وصنعه عجلا مسبوكا فقالوا هذه الهتك يا اسرائيل التي اصعدتك من ارض مصر* )خروج 32/3
ومع هذا يتوب الله عليه ويجعله وذريته كهنته إلى الابد(13 وتلبس هرون الثياب المقدسة وتمسحه وتقدسه ليكهن لي* 14 وتقدم بنيه وتلبسهم اقمصة* 15 وتمسحهم كما مسحت اباهم ليكهنوا لي ويكون ذلك لتصير لهم مسحتهم كهنوتا ابديا في اجيالهم* )خروج 40/12
فأيهما أشد الكفر بالله بعد الإيمان وإضلال المؤمنين به ,ام الآكل من الشجرة ؟
وكذلك أخطاء الأنبياء وهم صفوة الله من خلقه، نجد أن الله سبحانه غفر لهم، حتى أن بعضهم لم تذكر له توبة.
سليمان يعبد الأوثان (الملوك الأول 11: 9 –10) ؟ومات وهو يعبد أوثان من دون الله !!
ومع ذلك يباركه الرب كما في أخبار الايام1:22/9 فأيهما اشد جرماً آدم أم سليمان ؟
ومع ذلك لنفترض أن آدم لم يتب، وأنه لم يعاقب، وأن ذنبه أعظم من الشرك والكفر الذي يُنسب إلى هارون وسليمان وغيرهم من الأنبياء، وأن عقوبة ذنبه هي الموت .. فهل ورث أبناؤه الخطيئة وعقوبتها ؟
الكتاب كله يشهد بعكس ذلك. فهذه فكرة لا تولد إلا في أذهان أشد الناس كراهية لله سبحانه. يقول الكتاب: انظروا إلى وحي الله لنبيه حزقيال وقومه(إن ولد ابنا رأى جميع خطايا أبيه التي فعلها فراها ولم يفعل مثلها* 15 لم يأكل على الجبال ولم يرفع عينيه إلى أصنام بيت إسرائيل ولا نجس امرأة قريبه* 16 ولا ظلم إنسانا ولا ارتهن رهنا ولا اغتصب اغتصابا بل بذل خبزه للجوعان وكسا العريان ثوبا* 17 ورفع يده عن الفقير ولم يأخذ ربا ولا مرابحة بل أجرى أحكامي وسلك في فرائضي فإنه لا يموت بإثم أبيه حياة يحيا* 18 أما أبوه فلأنه ظلم ظلما واغتصب أخاه اغتصابا وعمل غير الصالح بين شعبه فهو ذا يموت بإثمه* 19
وأنتم تقولون: لماذا لا يحمل الابن من إثم الأب أما الابن فقد فعل حقا و عدلا حفظ جميع فرائضي و عمل بها فحياة يحيا* 20 النفس التي تخطئ هي تموت. الابن لا يحمل من إثم الأب. والأب لا يحمل من إثم الابن. بر البار عليه يكون. وشر الشرير عليه يكون* 21 فإذا رجع الشرير عن جميع خطاياه التي فعلها، وحفظ كل فرائضي، وفعل حقا وعدلا فحياة يحيا لا يموت* 22 كل معاصيه التي فعلها لا تذكر عليه في بره الذي عمل يحيا* 23 هل مسرة أسر بموت الشرير يقول السيد الرب إلا برجوعه عن طرقه فيحيا* 24 وإذا رجع البار عن بره وعمل إثما وفعل مثل كل الرجاسات التي يفعلها الشرير أفيحيا كل بره الذي عمله لا يذكر في خيانته التي خانها وفي خطيته التي أخطا بها يموت* 25 و انتم تقولون)حزقيال 15/18
وهذا تشريع الرب لموسى وقومه
-(لا يقتل الآباء عن الأولاد، ولا يقتل الأولاد عن الآباء، كل إنسان بخطيئته يقتل( التثنية 24/16
وهذه رسالة الرب التي بلغها ارمياء النبي.
-(فِي تِلْكَ الأَيَّامِ لاَ يَقُولُونَ بَعْدُ: الآبَاءُ أَكَلُوا حِصْرِماً وَأَسْنَانُ الأَبْنَاءِ ضَرِسَتْ بَلْ كُلُّ وَاحِدٍ يَمُوتُ بِذَنْبِهِ كُلُّ إِنْسَانٍ يَأْكُلُ الْحِصْرِمَ تَضْرَسُ أَسْنَانُهُ.) " (إرمياء 31/30 ).
–( الذي عيناك مفتوحتان على كل طرق بني آدم لتعطي كل واحد حسب طرقه، وحسب ثمرة أعماله إرميا 32/19
-( لا تموت الآباء لأجل البنين، ولا البنون يموتون لأجل الآباء، بل كل واحد يموت لأجل خطيته(الأيام (2) 25/4 ).
(قل لبني إسرائيل إذا عمل رجل أو امرأة شيئا من جميع خطايا الإنسان وخان خيانة بالرب فقد أذنبت تلك النفس) عدد 5: 6
تلك النفس فقط وليس جميع نسلها كما يدعى الظالمون.
-1 )و قال موسى وهارون لله : (( اللهُمَّ إِلهَ أَرْوَاحِ جَمِيعِ البَشَرِ هَل يُخْطِئُ رَجُلٌ وَاحِدٌ فَتَسْخَطَ عَلى كُلِّ الجَمَاعَةِ ؟ ) واستجاب الرب لموسى وهارون ) عدد 16/ 22
ومثل هذا حدث مع إبراهيم عندما هم الرب بإهلاك قوم لوط : (فتقدم إبراهيم وقال أتهلك البار مع الأثيم* 24 عسى أن يكون خمسون بارا في المدينة افتهلك المكان ولا تصفح عنه من أجل الخمسين بارا الذين فيه* 25 حاشا لك أن تفعل مثل هذا الأمر أن تميت البار مع الأثيم فيكون البار كالأثيم حاشا لك أديان كل الأرض لا يصنع عدلا* 26 فقال الرب أن وجدت في سدوم خمسين بارا في المدينة فإني أصفح عن المكان كله من اجلهم* 27 فأجاب إبراهيم وقال إني قد شرعت أكلم المولى وأنا تراب ورماد* 28 ربما نقص الخمسون بارا خمسة أتهلك كل المدينة بالخمسة فقال لا أهلك إن وجدت هناك خمسة و أربعين* 29 فعاد يكلمه ايضا وقال عسى أن يوجد هناك اربعون فقال لا أفعل من أجل الأربعين* 30 فقال لا يسخط المولى فأتكلم عسى أن يوجد هناك ثلاثون فقال لا أفعل إن وجدت هناك ثلاثين* 31 فقال إني قد شرعت أكلم المولى عسى أن يوجد هناك عشرون فقال لا أهلك من أجل العشرين* 32 فقال لا يسخط المولى فأتكلم هذه المرة فقط عسى أن يوجد هناك عشرة فقال لا أهلك من أجل العشرة* 33)تكوين 18/24
*-هذا هو العهد القديم لا يشهد لعقائد بولس إلا بالرفض والنقض والاستحالة في حق الله سبحانه, أما العهد الجديد فهو يحمل مفاجآت أشد وانكي
- المسيح يشهد أن الأطفال يولدون أبراراً لا يحملون خطايا أحد بل ويأمر الخطاة أن يعودوا مثل الأطفال أبرارًا.
(الحق أقول لكم، إن لم ترجعوا وتصيروا مثل الأولاد فلن تدخلوا ملكوت السماوات، فمن وضع نفسه مثل هذا الولد، فهو الأعظم في ملكوت السماوات " ( متى 18/3 - 4 )، ( وانظر مرقس 10/13/1.
وعندما نهر تلاميذه أطفالاً قال: (( وَقَدَّمُوا إِلَيْهِ أَوْلاَداً لِكَيْ يَلْمِسَهُمْ. وَأَمَّا التَّلاَمِيذُ فَانْتَهَرُوا الَّذِينَ قَدَّمُوهُمْ. 14فَلَمَّا رَأَى يَسُوعُ ذَلِكَ اغْتَاظَ وَقَالَ لَهُمْ: «دَعُوا الأَوْلاَدَ يَأْتُونَ إِلَيَّ وَلاَ تَمْنَعُوهُمْ لأَنَّ لِمِثْلِ هَؤُلاَءِ مَلَكُوتَ اللَّهِ. اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: مَنْ لاَ يَقْبَلُ مَلَكُوتَ اللَّهِ مِثْلَ وَلَدٍ فَلَنْ يَدْخُلَهُ فَاحْتَضَنَهُمْ وَوَضَعَ يَدَيْهِ عَلَيْهِمْ وَبَارَكَهُمْ.)) ( متى 19/13 - 14 )
فيفهم من هذين النصين طهارة الأطفال من الخطيئة الأصلية، لذلك جعلهم مثلاً للأبرار الذين يدخلون الجنة فأين أوهام بولس من دين المسيح ؟.
- المسيح ينكر الخطيئة الأصلية- خطيئة آدم-
فيقول: " لو لم آت وأكلمهم، لم تكن لهم خطيئة، وأما الآن فليس لهم حجة في خطيئتهم... لو لم أعمل بينهم أعمالاً لم يعملها آخر، لما كانت لهم خطيئة، أما الآن فقد رأوا وأبغضوني " ( يوحنا 15/22 - 24 ).
فالنص يقول إن خطيئتهم الوحيدة هي تكذيب المسيح ولو لم يأتي المسيح لم تكن لهؤلاء القوم خطيئة أما الخطيئة الموروثة، فالمسيح لا يعرف شيئاً عنها.
- المسيح يشهد أن هناك أبرار بدون خطيئة أصلية : " لم آت لأدعو أبراراً، بل خطاة إلى التوبة " ( لوقا 5/32 ).
إن المسيح يقول الناس صنفان أبرار وخطاة، وهو أتى ليدعو الخطاة إلى التوبة، ولكن بولس يقول كل الناس خطاة ولا تنفعهم التوبة لأنهم ولدوا بالخطيئة. فأيهم أصدق: المسيح أم بولس اليهودي ؟ وأيهم نتبع ؟ وأيهم أعلم بدين الله ؟
- ويقول المسيح ردا على الفريسيين
"قال لهم يسوع لو كنتم عميانا لما كانت لكم خطية . ولكن الآن تقولون أننا نبصر فخطيتكم باقية" يوحنا 9 /41
- ويؤكد المسيح هذا المعني فيقول" كل كلمة بطالة يتكلم بها الناس سوف يعطون عنها حساباً يوم الدين، لأنك بكلامك تبرر، وبكلامك تدان " ( متى 12/36 ).
هنا المسيح نفسه يقول عن دينه إن كل إنسان يدان بأفعاله فقط.
- ويقول(فإن ابن الإنسان سوف يأتي في مجد أبيه مع ملائكته وحينئذ يجازي كل واحد حسب عمله*) [ متى 16: 27 ]
- ويقول : (( لأنكم بالدينونة التي تدينون تُدانون )) [متى 7 : 1]
أي أن الإنسان يحاسب بنوع أعماله: إن خيراً فخير، وإن شراً فشر. أما أعمال غيره فلا يسأل عنها.
وبطرس الرسول يؤكد(أنا أجد أن الله لا يقبل الوجوه . بل في كل أمة الذي يتقيه ويصنع البر مقبول عنده " أعمال 10 : 34
* بل إن الكتاب يشهد لأناس انهم أبرار وفي الجنة وهؤلاء ماتوا قبل تكفير الخطيئة الأولى.
- والله سبحانه يخاطب أورشليم فيقول: "وأبقي في وسطكِ شعباً بائساً ومسكيناً، فيتوكلون على اسم الرب، بقيةُ إسرائيل لا يفعلون إثماً، ولا يتكلمون بالكذب، ولا يوجد في أفواههم لسان غش، لأنهم يرعون ويربضون " (صفنيا 3/12-13).
فهؤلاء اليهود الباقون في أورشليم منـزهون عن الإثم والخطيئة. ولكن بولس يرفض هذا، ويصر علي فلسفته المتناقضة. فهل بولس أعلم من الله بخلقه ؟!
- ويجزم المسيح بخلاص تلميذه زكا الذي أنفق نصف ماله في سبيل الله من غير يرفع عنه وزر الخطيئة الأولى: " فوقف زكا وقال للرب: ها أنا يا رب أعطي نصف أموالي للمساكين، وإن كنت قد وشيت بأحد أرد أربعة أضعاف. فقال له يسوع: اليوم حصل خلاص لهذا البيت، إذ هو أيضاً أبن إبراهيم" (لوقا 19/8-9).
وأيضاً شهد المسيح بنجاة لعاذر، وقد ضربه المسيح مثل قبل الصلب " فمات المسكين وحملته الملائكة إلى حضن إبراهيم، ومات الفتى أيضاً، ودفن، فرفع عينيه في الهاوية وهو في العذاب ورأى إبراهيم من بعيد ولعاذر في حضنه، فنادى وقال: يا أبي إبراهيم، ارحمني.... " ( لوقا 16/21 -24) ..
واخنوخ(" وسار أخنوخ مع الله، ولم يوجد لأن الله أخذه" ( التكوين 5/24
وأيضاً نوح " وكان نوح رجلاً باراً كاملاً في أجياله، وسار نوح مع الله " ( التكوين 6/9
وأيضاً إبراهيم فقد قيل له: " لا تخف يا إبرام أنا ترس لك، أجرك كثير جداً " ( التكوين 11/1)، وقيل عنه: " بارك الرب إبراهيم في كل شيء " ( التكوين 24/1).
ومن هؤلاء الأبرار أيوب، كما امتدحته التوراة: "قد قلت في مسامعي، وصوت أقوالك سمعت. قلت: أنا بريء بلا ذنب، زكي أنا ولا إثم لي" (أيوب 33/8-9).
وأيضاً يوحنا المعمدان " الحق أقول لكم: لم يقم بين المولودين من النساء أعظم من يوحنا المعمدان " ( متى 11/11)، ويقول عنه لوقا: "لأنه يكون عظيماً أمام الرب، وخمراً ومسكراً لا يشرب" (لوقا 1/15).
فهؤلاء جميعاً لم يرثوا الخطيئة، ولم تؤثر فيهم مع أنهم من ذرية آدم، والكتاب يعلن صلاحهم وعدم احتياجهم إلى الخلاص بدم المسيح أو غيره.
واختم بهذه الطرفة التي أظهر الله فيها الحق على لسان بولس القرن العشرين"شنوده": فيقول(12)(أما من جهة دينونة الأبناء على خطايا آبائهم الشخصية , فقد نفاها الكتاب نفياً باتاً حسبما ورد في سفر حزقيال , إذ يقول: ما بالكم أنتم تضربون هذا المثل … الآباء أكلوا الحصرم , وأسنان الأبناء ضرست . حي أنا يقول الرب , لا يكون لكم أن تضربوا هذا المثل .. النفس التي تخطئ هي تموت … الابن لا يحمل من إثم الأب , والأب لا يحمل من إثم الابن. بر البار عليه يكون , وشر الشرير عليه يكون ( حزقيال 18 : 1-20) إن شر شاول الملك , لم يحمله ابنه يوناثان البار . ويوشيا الملك الصالح , لم يحمل إثم امون أبيه , ولا جده منسي , ولا باقي أجداده.
ثم قال: ما أكثر أن يكون الأب شريراً , والابن البار رافضاً أن يسير في طريق أبيه , بل قد يقاومه , عملا بقول الرب " من أحب أباً أو أماً أكثر مني , فلا يستحقني " (متى 10 : 37) ومن المحال طبعاً أن يفتقد الله ذنوب هذا الأب الشرير في ابنه البار الذي يستحق المكافأة ..!))
وهنا وبعد هذا البيان لا نجد أثراً في الكتاب المقدس لهذه الفكرة المريضة التي غرسها بولس في قلب المسيحية. ولابد أن يطرح هنا سؤالاً ملحاً ..
بعض حججهم العقلية في إثبات توارث الخطيئة
يقول بعضهم: إن خطيئة آدم كانت في حق الله، وهي بهذا المعني غير محدودة .
- ونحن نقول: إن هذا خلط خبيث بين حق الله المطلق وطاقة الإنسان المحدودة، فلا شك أن الله سبحانه له الكمال المطلق وله الحق المطلق، ولكن الله سبحانه عندما كلف الإنسان لم يجعل الميزان لعمله هو ما يستحقه سبحانه من العبادة والتعظيم، وإنما جعل الميزان هو طاقة الإنسان وقدرته على إتباع الأمر والنهي .
- يقول بعضهم: إن أثر الخطيئة واضح في فساد طبيعة الإنسان، فنحن نحتاج إلى تربية الطفل وتهذيبه، ولا يولد مهذبًا أو مربى؛ لأن طبيعته أصلاً فاسدة بالوراثة الجدية.
ونحن نقول: إن هذه المقدمة خاطئة. فالطفل يولد صفحة بيضاء ناصعة ثم ينطبع بالبيئة المحيطة به سلباً وإيجابا. ولم نجد طفل مثلاً يميل إلى نوع من الشر لم يصنع أمامه، أو يوحي شيئاً إليه به. ثم حتى لو فرضنا هذا، فإن سلوك الطفل يتحسن بالتربية وليس بالخلاص المسيحي الذي لا يغير شيئاً في سلوك الأطفال أو الكبار. وأقصى ما يمكن أن يثبته أصحاب هذا القول أن الإنسان ورث من آدم طبيعته القابلة والميالة إلى الخطيئة، ولكنها لا تثبت أبداً أن الأطفال ورثوا عقاب الخطيئة التي فعلها آدم؛ لأن الكتاب لا يقول إن عقاب الخطيئة هو الميل إلى الخطأ.
من أين أتى بولس بفكرته عن الخطيئة؟؟؟
فكرة الخطيئة ليست من ابتكار بولس، وكل عمله هو الزج بها في أساس الديانة التي ابتكرها ونسبها للمسيح عليه السلام, فالفكرة موجودة عند أكثر الوثنيات القديمة.
- يقول العلامة هوك(ويعتقد الهنود الوثنيون بتجسد أحد الآلهة، وتقديم نفسه ذبيحة فداء عن الناس من الخطيئة(13))
- ويقول مورنيور وليمز(ويعتقد الهنود الوثنيون بالخطيئة الأصلية, ومما يدل على ذلك ما جاء في تضرعاتهم التي يتضرعون بها إلى الكياترى فيقولون" إني مذنب ومرتكب الخطيئة وطبيعتي فاسدة فخلصني يا ذا العين الخندوقية يا مخلص الخاطئين(14))
ويقول أيضا(الهنود يقولون "ومن رحمته تركه الفردوس ونزوله إلى الدنيا من اجل خطايا بنى الإنسان وشقائهم كي يبررهم من ذنوبهم ويذيل عنهم القصاص الذي يستحقونه(15))
ويقول مكس مولر( يزعم البوذيون أن بوذا قال "دعوا كل الآثام التي ارتكبت في هذا العالم تقع على كي يخلص العالم(16))
ويقول العالم اللاهوتي البروفسيرهاوسرات(انه لو كان بولس قد بشر فعلاً بتعاليم يسوع لكان وضع أيضا ملكوت الله في مركز بشارته, فهو يبدأ ديانته التي اخترعها بمفهوم كبش الفداء، فهو يرى أن الله أنزل شريعته لتزداد البشرية إثما على إثمها) [بولس الحواري لهاوسرات].
ويقول لوزاى( إن المسيح لم يكن لديه أدنى فكرة عن مثل هذا الدين الوثني الغامض الذي أبدله بولس برسالته ويسوع منه براء)
ويقول ايمانويل هارتمان( إن مسيحية اليوم خاصة الفداء لا علاقة لها بيسوع ولكن ترجع أصولها إلي مؤسسها بولس)
أسئلة حــائـرة@- إذا كان كل أبناء أدم ورثوا الخطيئة بلا استثناء فلنا أن نسأل: هل السيدة مريم ورثت الخطيئة أم لا ؟
لو قال: ورثت الخطيئة. قلنا: إذًا ورث الناسوت منها الخطيئة.
ولو قال: لم ترث الخطيئة. قلنا: إذًا الله قادر أن يخلق البشر بغير خطيئة أدم. فلماذا لم يفعل هذا بدون صلب نفسه ؟
أحدهم –(*) تفلسف فقال "كانت مولودة بالخطيئة ولما حل عليها الروح القدس طهرها"
قلنا: إذًا بطل اعتقادك واعتقاد بولس حين قال "وبدون سفك دماء لا تحصل المغفرة" لأن المغفرة والتطهير يحدث بحلول الروح القدس. وصلب الإله نفسه لم يكن هو الطريق الوحيد. وكما حل الروح القدس على شمشون و عماساي وغيرهم قديماً وعلى التلاميذ حديثاً كان عليه أن يحل على آدم فيطهره من ذنبه وتنتهي المأساة الإنسانية والإلهية أيضاً.
أو أن تقول: إن المسيح صلب لأجلنا ولم يصلب عنا. وكلا القولين أنت تنقدهما فأين المفر(**)
الأثر الأخلاقي لعقيدة الخطيئة الأصلية
لك أن تتخيل حين يقول لك شخص إنك ولدت ملوثـًا وموصومًا بالخطيئة، فأنت شرير بطبعك، وأنك مهما فعلت من الخير فلن ينفعك أو ينجيك من الجحيم، وأن أجدادك وإن كانوا صالحين إلا أنهم ظلوا في الجحيم حتى جاء الفادى ليفديهم.
أو أن تقول لأمرأة : إن طفلك هذا آثم وشرير، فهو مولود بالخطيئة وملوث بها، فلو مات ولم يؤمن بالفادى ( الذي لا يعرفه ولم يره) الذي افتداه من الخطيئة التي لم يرتكبها أصلاً فسوف يدخل الجحيم,فما هو رد فعل هذه المرأة ؟
.
استمع إلى (القديس) أوغسطينوس وهو يقول: (أن الإنسان وارث للخطيئة، غير مفدي إلا إذا آمن بالمسيح، ودلالة الإيمان التعميد، فمن عمد فدي ونجا، ومن لم يُعمد لا ينجو، ولو كان طفلاً، فإن الأطفال الذين ماتوا قبل التعميد يقول عنهم أكونياس: " سوف لا يتمتعون برؤية ملكوت الرب ". وأما الذين ماتوا قبل المسيح فإن أوغسطينوس يرى بأنهم أيضاً لا ينجون إلا بالإيمان بالمسيح.(17))
هل بعد هذا الظلم ظلم ؟
سبحان الله ! .. أيُعذب الأطفال بذنب لم يرتكبوه وإنما ولدوا به ؟! وهؤلاء الذين وُلدوا قبل المسيح، يعذبون لأنهم لم يؤمنوا برجل لم يروه ولم يعاصروه ولم يسمعوا عنه وإنما ظهر بعد وفاتهم ؟ أو لكونهم ولدوا فلم يعمدهم آباؤهم فيتحملون هم الذنب والعذاب العظيم ؟!
هل هذه هي الرحمة التي جاء به المسيح ؟ تعذيب الأطفال ؟!!
هل هذا هو دم المسيح الذي أراقه بولس علي الصليب ليرحم به البشرية ؟!
لو كان هذا هو فعل دماء المسيح بالبشرية فإن دماءه هنا لعنة كما وصفها بولس وليست رحمة أبداً.
إن بولس وتلاميذه من بعده يحرمون الأطفال ويعذبوهم؛ لأنهم ولدوا من نسل آدم، بينما كان المخلص لا يبالي بهم، فهو مشغول بركوب الكروبيم، وهم يصطرخون في الجحيم. فمكث آلاف السنين بعد آدم لينزل ويخلص فئة قليلة بالنسبة لذرية آدم كلها المتلطخة بذنبه !!
هل هذا دين الله ؟ هل هذه رحمة الله ؟
ولم يبين أوغسطينوس كيف يتسنى لهؤلاء الإيمان بالمسيح وقد ماتوا وسكنوا في الجحيم. ولعله أراد ما قاله بطرس عن أن المسيح " ذهب فكرز للأرواح التي في السجن، إذ عصت قديماً، حين كانت أناة الله تنتظر مرة في أيام نوح..." ( بطرس (1) 3/19 ). ومراده ما يقوله النصارى بدخول المسيح إلى الجحيم بعد صلبه وإخراجه أرواح الناجين من الجحيم. وهذه والله مصيبة كبري ..
إننا نتساءل بأي ذنب دخل هؤلاء الجحيم أصلاً ؟
أنتم تطالبونهم بأن يؤمنوا بالمسيح حتى يخرجوا من الجحيم !! وأنا أسأل: لماذا دخلوا أصلاً وهم أطفال لا يدركون أو شيوخ لم يعرفوا المسيح أو يخبرهم أحد به ؟
هل تعذب النساء والاطفال لأنهم لم يصارعوا الموت أو يهربوا منه حتى ينزل الفادى الذي لا يعرفون عنه شيء ليخلصهم من الخطيئة التي لم يرتكبوها أصلاً ؟
إذا كانت رحمة الله الرحيم قد وسعت إلى حد أنه أنزل ابنه الوحيد والبكر ليصلب ليحمل هو خطأ آدم ! .. فلماذا سكت هذا الإله الرحيم آلاف القرون علي صراخ الأطفال وعويل النساء وأنين الشيوخ في الجحيم بلا ذنب أو خطيئه منهم ؟
إذا كان هذا فعل الله بخلقه فما هو فعل الشيطان بهم ؟
هل تعلم ما هو حصاد هذه العقيدة الظالمة ؟ .. اسمع الفيلسوف الألماني نتشة وهو يستدل بأفكار بولس على الإلحاد فيقول: (إن كان من شأن فكرة الله أن تسقط ضلال الخطيئة على براءة الأرض، فإنه لابد للمؤمنين بالحس الأرضي أن يهووا بمعاولهم على تلك الفكرة" الله")
لقد أجرم بولس وأتباعه حتى اليوم في حق البشرية جميعاً وان نظرة واحدة إلى موجات الإلحاد المنتشرة في الغرب لتؤكد أن هذا الذي تدعيه الكنيسة ليس وحي السماء أبداً.
*- من ثمار هذه العقيدة أيضا ًاحتقار المرأة وازدرائها باعتبارها سبب بلاء البشرية:
(لتتعلم المرأة بسكوت في كل خضوع* 12 و لكن لست آذن للمرأة أن تعلم و لا تتسلط على الرجل بل تكون في سكوت* 13 لان أدم جبل أولا ثم حواء* 14 و أدم لم يغو لكن المرأة أغويت فحصلت في التعدي* 15)تيموثاوس2/2-11
ويستخدم بولس نفس الفكرة في التحذير (لكنني أخاف انه كما خدعت الحية حواء بمكرها هكذا تفسد أذهانكم عن البساطة التي في المسيح* 4)كورنثوس11/3
- (18)وجاءت امرأة تسأل القديس غريغوريس :لماذا تبقى المرأة النفساء بعيدة عن الأماكن المقدسة أربعين يوماً إذا ولدت ذكراً ثمانين يوما إذا ولدت أنثى ؟
فأجاب القديس: الحكمة في هذا الاختلاف في الأم التي ولدت أنثى, فهي على ما نعتقده بسبب أن حواء أخطأت أولاً, وهي التي مدت يدها وأكلت من الشجرة وسقطت, وهذه للأسف حقيقة لا مفر من الاعتراف بها ولا سبيل لنا إلى إنكارها ).
- وكان القس يان بول فنتورا يقول لتلاميذه(إذا رأيتم امرأة فلا تحسبوا أنكم ترون كائنا بشرياً ولا كائناً وحشياً وإنما الذي ترونه هو الشيطان(19))
- ويقول افدوكيمون: (إن الموقف الذي تبناه بوس تجاه المرأة مماثل للذي تبناه تجاه الرقيق(20))
واستمرت النصرانية في التدني حتى أباحت للرجل أن يبيع زوجته الحرة وفي هذا يقول هربرت - --- سبنسر " إن الزوجات كانت تباع في إنجلترا فيما بين القرن الخامس والحادي عشر , وان المحاكم الكنسية سنت قانونا ينص على أن للزوج أن يعير زوجته إلى رجل أخر لمدة محدودة حسبما يشاء الرجل المنقولة إليه المرأة فالكنيسة كانت تعتبر المرأة في تلك الحقبة متاعا يباع ويشترى ويوهب وظل بيع الزوجات جائزاً في القانون الإنجليزي حتى عام1805(21))
ويقول د على البار: ( وفي عام 1790م بيعت إمراة بشلنين لأنها تثاقلت بتكاليفها على الكنيسة التي يؤديه(22)ا)
وتقول الراهبة كارن ارمسترونج: (إن معتقد الخطيئة الأولى إنما هو اختراع المسيحية ولقد كان له أعمق الأثر في الفكر الغربي فهو يعلمنا أن طبيعتنا شر وميئوس منها وقد جعل الدين بالنسبة لكثير من الناس عملاً لا أملا , فهو معركة الشعور بالإثم مع نفس تظهر أنها ترفض الخلاص ,ورعب من جهنم, وأخيراً فانه بسبب الطريقة التي صنع بها هذا المعتقد فهو خوف من الجنس وكراهية للنساء لقد كان القديس بولس هو الذي ورثنا معتقد الخطيئة الأصلية في المسيحية(23))
ولا عجب بعد هذا أن نرى المرأة الغربية مسخا مشوهاً وجسداً بلا روح وسلعة رخيصة لكل راغب.
إن التفسير الأكثر دقة للكتاب المقدس هو واقع الغرب الاخلاقي الذي ينحط يوماً بعد يوم.
لقد قال المسيح قديماً" من ثمارهم تعرفونهم"متى 7/16
وهذه هي بعض ثمار بولس وأتباعه .. ومن له أذنان للسمع فلسمع !
==================================================
ملحق(1)
ما هو الجحيم
البابا شنوده متخصص في التدليس و اللعب بالالفاظ. هو يواجه مشكلة لم يواجهها بطريرك قبله، وهي اتساع دائرة النقد الكتابي والعقدي للمسيحية مع انتشار الإنترنت وغيرها من وسائل المعرفة, مما جعله أكثر أباطرة الكنيسة تصنيفاً للكتب والردود. وأسلوبه في تناول هذه المسائل معروف، وهو الالتفاف حول النصوص، ولي عنق الأدلة، والإجابة عن السؤال بعدة أسئلة لا تغني ولا تسمن شيئاً. ومن ذلك التضليل الذي يمارسه أردنا أن نعلق هنا على نقطة خاصة بالبحث.
فعندما(-*-*--) سُئل البابا شنوده عن الجحيم وهل كان الآباء والأنبياء مثل إبراهيم ونوح وأيوب وموسي وغيرهم يتعذبون في الجحيم قبل الفداء ؟
أجاب: { طبعا لا , ويسهل عليك الأمر إن عرفت الحقيقة الآتية: الجحيم هو مكان للانتظار, وليس مكان للعذاب, أما مكان العذاب فهو جنهم }.
ونحن نقول: والله ما كنت أظن أن استخفاف هذا الرجل بالناس يصل إلى هذا الحد !
- فهذا الذي قاله البابا لا يعرف في كلام اليهود ولا الآباء ولا الكتب المقدس ولا لغة العرب أو العجم أو حتى الهنود. وعندما نبحث عن كلمة ( الجحيم ) في الكتاب المقدس نجدها لا تأتي بهذا ا المعني الذي يذكره البابا.
- فالكلمة ذكرت أكثر من عشرين مرة بين العهدين. نذكر بعض مواضعها لنرى معناها:
- ( 13فالذين ناموا تلك النومة في ذلك الليل الذي لا يطاق الوارد من اخادير الجحيم الفظيعة*)حكمة 13/17
- (88 باركوا الرب يا حننيا وعزريا وميشائيل سبحوا وارفعوه إلى الدهور لأنه أنقذنا من الجحيم وخلصنا من يد الموت ونجانا من وسط آتون اللهيب المضطرم ومن وسط النار* )دانيال 3/88
- وفي قصة لعازر الشهيرة(22 فمات المسكين وحملته الملائكة إلى حضن إبراهيم و مات الغني أيضا و دفن* 23 فرفع عينيه في الجحيم وهو في العذاب ورأى إبراهيم من بعيد و لعازر في حضنه* 24 فنادى و قال يا أبي إبراهيم ارحمني وأرسل لعازر ليبل طرف إصبعه بماء ويبرد لساني لأني معذب في هذا اللهيب* 25 فقال إبراهيم يا ابني اذكر أنك استوفيت خيراتك في حياتك و كذلك لعازر البلايا والآن هو يتعزى وأنت تتعذب*26 و فوق هذا كله بيننا و بينكم هوة عظيمة قد أثبتت حتى إن الذين يريدون العبور من ههنا إليكم لا يقدرون و لا الذين من هناك يجتازون إلينا*)لوقا 16/22
- وقال المسيح لبطرس(18 و أنا أقول لك أيضا أنت بطرس و على هذه الصخرة ابني كنيستي و أبواب الجحيم لن تقوى عليها*)متى 16/18
- واضح هنا أن الجحيم مكان عذاب وله أبواب شديدة القوة ، وأن غير المؤمنين يعذبون فيه بعد وفاتهم مباشرة، وأن مكان الأبرار بينه وبين الجحيم هوة عميقة لا يستطيع احد عبورها لكنه يرى من الجحيم ويمكن التخاطب مع أهله.
- الكتاب أيضا يحدثنا عن مدة المكث في الجحيم يقول: - (7 انه ليس في الجحيم حساب على العمر*)سيراخ 41/7 . المكث في الجحيم أبدي توقف فيه الزمن.
من هم أهل الجحيم ؟
- ( 13كذلك نحن ولدنا ثم اضمحللنا و لم يكن لنا أن نبدي علامة فضيلة بل فنينا في رذيلتنا* 14 كذا قال الخطاة في الجحيم*)حكمة 5/13
- (17 افتح عينيك و انظر فانه ليس الأموات في الجحيم الذين أخذت أرواحهم عن أحشائهم يعترفون للرب بالمجد و العدل*)باروك2/17
- (23 ارجع إلى العلي و اعرض عن الإثم و ابغض الرجس أشد بغض فهل من حامد للعلي في الجحيم*)سيراخ17/23
- (11 طريق الخطاة مفروش بالبلاط وفي منتهاه حفرة الجحيم*)سيراخ 21/11
هذا هو الجحيم في الكتاب المقدس. فمن أين أتي شنودة بجحيمه الذي يتحدث عنه ؟!
نعلم أن الشيطان يزين لأتباعه الشهوات حتى يقعوا فيها , لكننا لم نسمع عن غبي يزين لأتباعه الجحيم نفسه ! وصدق الله القائل: (اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ)
==================================================
ملحق(2)
لماذا سمي المسيح مخلص؟؟
يقول معترض: إن المسيح سمى مخلصًا في أكثر من موضع، وهذا يؤكد عقيدة الخطيئة، وإلا فلماذا سمى المسيح مخلصًا ؟
ونحن نقول: ورد لقب المخلص على المسيح في موضعين:
1- 11( انه ولد لكم اليوم في مدينة داود مخلص هو المسيح الرب)لوقا2/11
2- ( 42و قالوا للمراة اننا لسنا بعد بسبب كلامك نؤمن لاننا نحن قد سمعنا و نعلم ان هذا هو بالحقيقة المسيح مخلص العالم)يوحنا 4/42
وكلمة ( مخلص ) من الألفاظ المشتركة التي أطلقت على الله سبحانه وعلى بعض عبيده.
فمثال إطلاقها على الله سبحانه:
- (11 انا انا الرب و ليس غيري مخلص*)اشعياء11/43
- (39 انظروا الان انا انا هو و ليس اله معي انا اميت و احيي سحقت و اني اشفي و ليس من يدي مخلص*)تثنية32/39
ومن مثال اطلاقها على البشر:
:( 19 فحمل يوناتان و سمعان يهوذا اخاهما و دفناه في قبر ابائه في مودين* 20 فبكاه شعب اسرائيل بكاء عظيما و لطموا عليه و ناحوا اياما و قالوا* 21 كيف سقط البطل مخلص اسرائيل*)مكابيين1-9/19
والمعني المقصود أن المخلص المطلق هو الله سبحانه.
ولكن يطلق اللفظ ويراد به أحد ابطال بني اسرائيل الذي يخلص الشعب من أعدائه.
والسؤال: أيهما كان المسيح ؟
الإجابة تأتينا عاجلاً في إنجيل لوقا على لسان زكريا:
(وامتلأ أبوه زكريا من الروح القدس وتنبأ قال" تبارك الرب اله اسرائيل لانه تفقد شعبه وافتداه, فاقام لنا مخلصا قديرافي بيت عبده داود, كما وعد من قديم الزمان بلسان انبيائه القدسين , خلاص لنا من اعدائنا ومن جميع مبغضينا, ورحمة منه لآبائنا وذكرا لعهده المقدس, وللقسم الذي أقسمه لإبراهيم أبينا,بان يخلصنا من أعدائنا حتي نعبده غير خائفين)لوقا1/67الترجمة العربية المشتركة
وفي بشارة الملاك ليوسف النجار قال: (21 فستلد ابنا و تدعو اسمه يسوع لانه يخلص شعبه من خطاياهم)متى1/21
وهنا يؤكد الكتاب على أن المسيح واحد من المخلصين الذين ينصرون بني اسرائيل من أعدائهم. ولا ننسي أن اليهود كانوا تحت الحكم الروماني، وقد جاء المسيح ليخلصهم بالأسلوب الرباني: إصلاح علاقتهم بربهم أولاً، ثم تحريرهم من أعدائهم كما هي طريقة الأنبياء جميعاً.
- ( 8فوقف زكا و قال للرب ها انا يا رب اعطي نصف اموالي للمساكين و ان كنت قد وشيت باحد ارد اربعة اضعاف* 9 فقال له يسوع اليوم حصل خلاص لهذا البيت اذ هو ايضا ابن ابراهيم* 10 لان ابن الانسان قد جاء لكي يطلب و يخلص ما قد هلك*)لوقا19/8
-( و تكونون مبغضين من الجميع من اجل اسمي و لكن الذي يصبر الى المنتهى فهذا يخلص*)متى 10/22
ولم يصبر من بني إسرائيل إلا قليل. وخاب رجاء المسيح فيهم، لأنهم كانوا يتطلعون إلى من يخلصهم من أسر الرومان لا من يخلصهم من أسر الشيطان, وكذبوا المسيح وأنكروا أنه نبي الله وتآمروا على قتله مع الرومان، ورد الله كيدهم في نحورهم، ورفع عبده الله، وكانت تلك هي نهاية النبوة في هذا الشعب الشرير، وصدقت ووقعت فيهم كلمات المسيح: (43 لذلك اقول لكم ان ملكوت الله ينزع منكم و يعطى لامة تعمل اثماره*)متى 21/43
وأعطيت النبوءة لأمة أخري هم بنو عمومتهم بنو إسماعيل: ( 13 و ابن الجارية ايضا سأجعله أمة لأنه نسلك*) ( 18 قومي احملي الغلام وشدي يدك به لأني سأجعله أمة عظيمة*) تكوين21/18,13
وكما أخذ الرب الإله على نفسه العهد مع إبراهيم: (و تكلم الله معه قائلا* 4 أما أنا فهوذا عهدي معك وتكون أبا لجمهور من الامم* 5 فلا يدعى اسمك بعد أبرام بل يكون اسمك إبراهيم لأني أجعلك أبا لجمهور من الامم* 6 وأثمرك كثيرا جدا وأجعلك أمما و ملوك منك يخرجون* 7 و أقيم عهدي بيني وبينك وبين نسلك من بعدك في أجيالهم عهدا ابديا لاكون الها لك و لنسلك من بعدك* 8 واعطي لك ولنسلك من بعدك ارض غربتك كل ارض كنعان ملكا ابديا واكون الههم* 9 وقال الله لإبراهيم وأما أنت فتحفظ عهدي أنت ونسلك من بعدك في اجيالهم* 10 هذا هو عهدي الذي تحفظونه بيني و بينكم و بين نسلك من بعدك يختن منكم كل ذكر* 11 فتختنون في لحم غرلتكم فيكون علامة عهد بيني و بينكم*) تكوين 17/1
وصدق الله وعده، فعندما لم يحفظ بنو إسحق عهدهم مع الله، وأرادوا قتل نبيه، كما فعلوا مع أنبياء كثيرين من قبل، نزعت منهم النبوة، وأعطيت إلى نسل إبراهيم البكر إسماعيل. وهذا محله المفصل عند حديثنا عن البشارات ان شاء الله تعالى.
{ فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَاد}ِ
أخوكم / خالد حربي
==================================================
هوامش:
1) تفسير القران العظيم
(2) ذكر ابن القيم اكثر من مائة حكمة في كتابه القيم مفتاح دار السعادة نقلنا بعضها هنا بتصرف
(3) رسالة رومية5/12-19
(4) بولس لوليم باركلي
(5) تفسير الكتاب من كلام الاباء الاولين يعقوب ملطي
(6) المصدر السابق
(7) المصدر السابق
(8) الكفارة بين المسيحية والاسلام
(9) لاهوت المسيح ص83
(11) في كتابه تاليه الانسان ص7
(12) سنوات مع اسئلة الناس "الكتاب المقدس"ص23
(13) رحلة هوك ج1 ص326
(14) الهنود ص36
(15) المصدر السايق ص213
(16) تاريخ الاداب السنسكريتيه ص80
* هو البابا شنوده الثالث
[](**) مسالة هامة نتعرض لها في تفنيد عقيدة الفداء
(17) اعمال اغسطينوس –الموسوعة الكاثوليكية
(18) المرأة في الاديان السماوية صابر طه
(19) المصدر السابق
(20) المرأة وخلاص العالم
(21) علم وصف الاجتماع
(22) عمل المرأة في الميزان
(23) نساء الانبياء: لواء احمد عبد الوهاب
-*- سنوات مع اسئلة الناس - لاهوتيه وعقائدية ج ب ص85