بسم الله الرحمن الرحيم
يقول تعالى على لسان نوح عليه السلام مخاطبا قومه (قال ياقوم أرأيتم إن كنت على بينة من ربي وآتاني رحمة من عنده فعميت عليكم أنلزمكموها وأنتم لها كارهون 28)
كلمة ( أنلزمكموها) !!
كلمة حيرت الكثيرين و أدهشت علماء اللغة و الفصاحة و البلاغة في مضمونها...فهي كلمة واحدة و فيها الكثير!!
تعالوا ننظر لإعراب الكلمة وفحصها بكل دقة.
أنلزمكموها:
أ: أداة إستفهام لا محل لها من الإعراب يقصد بها التعجب.
نلزم: فعل مضارع مرفوع و علامة رفعة الضمة الظاهرة على أخره...و الفاعل ضمير مستتر تقديره نحن في محل رفع.
ك (الكاف): ضمير متصل في محل نصب مفعول به أول و علامة النصب تقديرية و هي الفتحة المقدرة على أخره.
م ( الميم): ميم الجمع .
و (الواو) : حرف عطف على معطوف.
ها: ضمير متصل في محل نصب مفعول به ثان و علامة النصب تقديرية و هي الفتحة المقدرة على أخره.
و يفترض في توجيه هذا الإستفهام أن تكون الإجابة : لا طبعا.
إذن هذا الإستفهام التعجبي مقصود به توبيخ المخاطب به.
و نلزم: دلالة على جمع من الملزمين و المقصود بهم هو الله ثم نوح عليه السلام الذي يبلغ ما أرسله الله به و هو دلالة و تبليغ للمستمع أن الرسول المرسل من الله لا يبلغ إلا ما أراد الله فقط.
يقول تعالى (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس).
و الأسلوب كما أنه للتوبيخ ففيه المطالبة بحسن الظن بالله.
و إظهار ميم الجمع وراء (ك) المخاطب هو تقدير للتكريم عند الله و كان يمكن أن تقال الكلمة: أنلزمكوها...بما يدل على لغة الخطاب من دون بيان التكريم.
فالله أحب بيان لغة التكريم ( للمرسل إليهم ) إستقطابا لهم .
و عطف الضمير (ها) الدال على البينة التي عميت على قوم نوح على الضمير (كم) الدال على قوم نوح المخاطبين بلسانه هو بيان أن البينة و قوم نوح في وضع متساوي و متزن أمام الله فالكل أمام الله سواء و الكل مسئول و مسئول عنه...و هنا هو يريد أن يبين لقوم نوح أن هذه البينة هي من عند الله كما أنكم أنتم أيضا من عند الله و فيه نهي لهم عن تقديس البينة و عدم تقديس مرسل البينة (الله) فمن المعروف عن قوم نوح فعل ذلك كثيرا و واضح جدا من سورة نوح عليه السلام في بيان هذا لهم بشكل واضح فالله تعالى يقول عن قوم (وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَاسُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا) نوح 23...و كان ود و سواع و يغوث و يعوق و نسر رجالا صالحين عبدوا الله حق العبادة و من حماقة قوم نوح أنهم عبدوهم من دون الله....فحينما عطف الله الضمير ( كم) الدال على قوم نوح على الضمير ( ها) الدال على البينة التي يحملها نوح عليه السلام من ربه فهو لطلب أن لا ينشغلوا بعبادة البينة عن عبادة مرسل البينة (الله) كما كان معروفا عنهم فعل هذا من قبل.
و تعالوا نرى البدائل للكلمة و لماذا لم يخترها الله عز وجل!!
1-كان يمكن أن تكون الكلمة ( أنلزمها لكم ) و لم يخترها الله لأن فيها تقديم البينة على المخاطب و هو ما يعني أن الله يقدر البينة أكثر من المخاطب ..لذلك لم يخترها الله عز وجل لبيان رحمة الله بهم و تكريمه لهم.
2-كان يمكن أن تكون الكلمة ( أنلزمكم إياها) و لم يخترها الله عز وجل لبيان لغة الرحمة في الخطاب فعطف الضمير (كم) على كلمة (نلزم) مباشرة فيه دون إتصال بما يلتزم به من (بينة) يملكها نوح عليه السلام دلالة على التعامل بلغة القهر و هذا قد يؤثر على المستمع الذي قد يكون فيه روح العجب بنفسه و الكبر فينفر من لغة الخطاب هذا فيمتنع عنه السبيل أن يتذكر الله ونعمه أو يخشاه سبحانه...و هذا يذكرنا بموسى عليه السلام حين أمره الله تعالى في أن يقول هو و أخوه حين يلقون فرعون ( فقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى ) لذلك لم يخترها الله عز و جل.
3-كان يمكن أن تكون الكلمة ( أنلزمكم بها ) و لم يخترها الله لنفي لغة القهر للمخاطب من الحديث حين يفصل الملزم عن الملتزم به و أيضا منع أن يكون لغة الكلام في ذكر البينة الملزمة بإسلوب ( بها) لأن فيه دلالة قوية على أن المتكلم يتكلم بإسلوب التعالي و المخاطب كأنه جندي يؤمر فينفذ فقط ...فلم يستخدم الله هذا الإسلوب في تبيان مراده لذلك.
4-كان يمكن أن تكون الكلمة ( أنلزمكوها) و لكن الله أظهر ميم الجمع بيان أن المخاطب هو الجمع كله من قوم نوح و لبيان تكريمهم بالرسالة التي هي من عند الله تعالى.
يظهر لنا جميعا من الكلمة ( أنلزمكموها) أن الله تعالى هو من أنزل القران الكريم (بلسان عربي مبين) و أنه (لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ.) [فصلت:42].
سبحان الله!!
صدقت ربي ( لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحي ).
نسأل الله تعالى أن يعلمنا من القران ماجهلنا و أن يزدنا علما و أن
يجعل ما تعلمنا من القران و ما قرأنا تعبدا و ذكرا شفيعا لنا عند
الله تبارك وتعالى يوم نلقاه يوم يقوم الناس لرب العالمين.
اللهم أمين يا رب العالمين.
يقول تعالى على لسان نوح عليه السلام مخاطبا قومه (قال ياقوم أرأيتم إن كنت على بينة من ربي وآتاني رحمة من عنده فعميت عليكم أنلزمكموها وأنتم لها كارهون 28)
كلمة ( أنلزمكموها) !!
كلمة حيرت الكثيرين و أدهشت علماء اللغة و الفصاحة و البلاغة في مضمونها...فهي كلمة واحدة و فيها الكثير!!
تعالوا ننظر لإعراب الكلمة وفحصها بكل دقة.
أنلزمكموها:
أ: أداة إستفهام لا محل لها من الإعراب يقصد بها التعجب.
نلزم: فعل مضارع مرفوع و علامة رفعة الضمة الظاهرة على أخره...و الفاعل ضمير مستتر تقديره نحن في محل رفع.
ك (الكاف): ضمير متصل في محل نصب مفعول به أول و علامة النصب تقديرية و هي الفتحة المقدرة على أخره.
م ( الميم): ميم الجمع .
و (الواو) : حرف عطف على معطوف.
ها: ضمير متصل في محل نصب مفعول به ثان و علامة النصب تقديرية و هي الفتحة المقدرة على أخره.
و يفترض في توجيه هذا الإستفهام أن تكون الإجابة : لا طبعا.
إذن هذا الإستفهام التعجبي مقصود به توبيخ المخاطب به.
و نلزم: دلالة على جمع من الملزمين و المقصود بهم هو الله ثم نوح عليه السلام الذي يبلغ ما أرسله الله به و هو دلالة و تبليغ للمستمع أن الرسول المرسل من الله لا يبلغ إلا ما أراد الله فقط.
يقول تعالى (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس).
و الأسلوب كما أنه للتوبيخ ففيه المطالبة بحسن الظن بالله.
و إظهار ميم الجمع وراء (ك) المخاطب هو تقدير للتكريم عند الله و كان يمكن أن تقال الكلمة: أنلزمكوها...بما يدل على لغة الخطاب من دون بيان التكريم.
فالله أحب بيان لغة التكريم ( للمرسل إليهم ) إستقطابا لهم .
و عطف الضمير (ها) الدال على البينة التي عميت على قوم نوح على الضمير (كم) الدال على قوم نوح المخاطبين بلسانه هو بيان أن البينة و قوم نوح في وضع متساوي و متزن أمام الله فالكل أمام الله سواء و الكل مسئول و مسئول عنه...و هنا هو يريد أن يبين لقوم نوح أن هذه البينة هي من عند الله كما أنكم أنتم أيضا من عند الله و فيه نهي لهم عن تقديس البينة و عدم تقديس مرسل البينة (الله) فمن المعروف عن قوم نوح فعل ذلك كثيرا و واضح جدا من سورة نوح عليه السلام في بيان هذا لهم بشكل واضح فالله تعالى يقول عن قوم (وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَاسُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا) نوح 23...و كان ود و سواع و يغوث و يعوق و نسر رجالا صالحين عبدوا الله حق العبادة و من حماقة قوم نوح أنهم عبدوهم من دون الله....فحينما عطف الله الضمير ( كم) الدال على قوم نوح على الضمير ( ها) الدال على البينة التي يحملها نوح عليه السلام من ربه فهو لطلب أن لا ينشغلوا بعبادة البينة عن عبادة مرسل البينة (الله) كما كان معروفا عنهم فعل هذا من قبل.
و تعالوا نرى البدائل للكلمة و لماذا لم يخترها الله عز وجل!!
1-كان يمكن أن تكون الكلمة ( أنلزمها لكم ) و لم يخترها الله لأن فيها تقديم البينة على المخاطب و هو ما يعني أن الله يقدر البينة أكثر من المخاطب ..لذلك لم يخترها الله عز وجل لبيان رحمة الله بهم و تكريمه لهم.
2-كان يمكن أن تكون الكلمة ( أنلزمكم إياها) و لم يخترها الله عز وجل لبيان لغة الرحمة في الخطاب فعطف الضمير (كم) على كلمة (نلزم) مباشرة فيه دون إتصال بما يلتزم به من (بينة) يملكها نوح عليه السلام دلالة على التعامل بلغة القهر و هذا قد يؤثر على المستمع الذي قد يكون فيه روح العجب بنفسه و الكبر فينفر من لغة الخطاب هذا فيمتنع عنه السبيل أن يتذكر الله ونعمه أو يخشاه سبحانه...و هذا يذكرنا بموسى عليه السلام حين أمره الله تعالى في أن يقول هو و أخوه حين يلقون فرعون ( فقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى ) لذلك لم يخترها الله عز و جل.
3-كان يمكن أن تكون الكلمة ( أنلزمكم بها ) و لم يخترها الله لنفي لغة القهر للمخاطب من الحديث حين يفصل الملزم عن الملتزم به و أيضا منع أن يكون لغة الكلام في ذكر البينة الملزمة بإسلوب ( بها) لأن فيه دلالة قوية على أن المتكلم يتكلم بإسلوب التعالي و المخاطب كأنه جندي يؤمر فينفذ فقط ...فلم يستخدم الله هذا الإسلوب في تبيان مراده لذلك.
4-كان يمكن أن تكون الكلمة ( أنلزمكوها) و لكن الله أظهر ميم الجمع بيان أن المخاطب هو الجمع كله من قوم نوح و لبيان تكريمهم بالرسالة التي هي من عند الله تعالى.
يظهر لنا جميعا من الكلمة ( أنلزمكموها) أن الله تعالى هو من أنزل القران الكريم (بلسان عربي مبين) و أنه (لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ.) [فصلت:42].
سبحان الله!!
صدقت ربي ( لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحي ).
نسأل الله تعالى أن يعلمنا من القران ماجهلنا و أن يزدنا علما و أن
يجعل ما تعلمنا من القران و ما قرأنا تعبدا و ذكرا شفيعا لنا عند
الله تبارك وتعالى يوم نلقاه يوم يقوم الناس لرب العالمين.
اللهم أمين يا رب العالمين.