دروس في الإسراء والعروج
(621م/ 10ﻫ)
(621م/ 10ﻫ)
في عام 621 تقريباً شهدت القدس زيارة النبي محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فقد أُسرِيَ به ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ثم ُصعِدَ به إلى السموات العلى .
الدرس الأول
مع الرحلة المباركة
مع الرحلة المباركة
الشائع بين الناس قول الإسراء والمعراج للدلالة على هذه الحادثة العظيمة والإسراء حدث والمعراج هو مكان العروج وعندما نعطف يجب أن نعطف مكاناً على مكان فنقول (المسرى والمعراج) أو نعطف حدثاً على حدث فنقول (الإسراء والعروج) ونحن لا يعنينا مكان العروج نفسه بقدر ما يعنينا مفهوم كل كلمة ومدلولها ونقف عند الحادثتين على أنهما أهم حدث بالنسبة للمسلمين من حيث الفرائض لأن فيها فرضت الصلاة وهذه هي أهم جزئية من العروج.
ومن الملاحظ أن رحلة الإسراء والعروج كانت عقب عام الحزن وما حدث له صلى الله عليه وسلم في الطائف، فكانت تكريما للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، والمدقق للأوائل سورة الإسراء
يجدها عقب نهاية سورة النحل التي اختتمها الله سبحانه وتعالى بقوله:
ﭽ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳﯴﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﭼ[النحل: ١٢٧ - ١٢٨]
فأول الآية تسرية لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وما أصابه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مع قومه
قال ابن إسحاق:
ثم إن خديجة بنت خويلد وأبا طالب هلكا في عام واحد, فتتابعت علىرسولالله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وسلم المصائب بهلاك السيدة خديجة رضي الله تعالى عنها ـ وكانت له وزير صدق على الإسلام يشكو إليها ـوبهلاك عمه أبي طالب ـ وكان له عضدا وحرزا في أمره, ومنعة وناصرا على قومه - وذلك قبل مهاجرته إلى المدينة بثلاث سنين .
فلما هلك أبو طالب نالت قريش من رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من الأذى ما لم تكن تطمع به في حياة أبي طالب, حتى اعترضه سفيه من سفهاء قريش،فنثر على رأسه ترابا .
قال ابن إسحاق:
فحدثني هشام بن عروة , عن أبيه عروة بن الزبير, قال:لما نثر ذلك السفيه على رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك التراب, دخل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بيته والتراب على رأسه،فقامت إليه إحدى بناته , فجعلت تغسل عنه التراب وهي تبكي ، ورسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وسلم يقول لها:" لا تبكي يا بنية , فإن الله مانع أباك ".
قال:
ويقول بين ذلك:" ما نالت مني قريش شيئا أكرهه حتى مات أبو طالب " .
وقال المقريزي في إمتاع الأسماع:
فعظمت المصيبة على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بموتهما وسماه"عام الحزن" وقال:" ما نالت قريش مني شيئا أكرهه حتى مات أبو طالب " لأنه لم يكنفي عشيرته وأعمامه حاميا له ولا ذابا عنه غيره .
وفي هذا الجو النفسي المشحون نزلت سور يونس وهود ويوسف عليهم وعلى نبينا الصلاة والسلام, وكلهاتحمل طابع هذه الفترة ; وتتحدث عن مدى تحدي قريش وتعديها، وآثار هذه الفترة وجوها واضحة في جو هذه السور وأحداثها وموضوعاتها ! وبخاصة مايتعلق بتثبيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والذين معه على الحق ; والتسرية عنه مما يساورقلبه من الوحشة والضيق والغربة في المجتمع الجاهلي .
ففي سورتي يونس وهود تم عرض مواقف الرسل الكرام عليهم السلام وهم يتلقون الإعراضوالتكذيب، والسخرية والاستهزاء, والتهديد والإيذاء, بالصبر والثقة واليقين بمامعهم من الحق, وفي نصر الله الذي لا شك آت ; ثم تصديق العواقب في الدنيا ـ وفي الآخرة كذلك ـ ليقين الرسل الكرام بوليهم القادر العظيم, بالتدمير على المكذبين ,وبالنجاة للمؤمنين.
بينما في سورة يوسف عليه السلام فلقد كان الأمر مختلفاً، لأن الله سبحانه وتعالى قص علي النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هذه القصة ليثبت بها فؤاده لأنّ نبي الله يوسف الصِّديق الكريم عليه السلام لم يعان من قومه بل عانى من أخوته.
فإذا كانت المعاناة من الأقوام فالنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ له بالأنبياء الصادقين أسوة حسنة ، وإن كانت المعاناة من الأقربين فله في سيدنا يوسف عليه السلام أسوة حسنة .
ونحن إن جاءتنا المتاعب من الأباعد فهذا درس يوضع أمامنا وإن جاءتنا المتاعب من الأقارب، من الأهل، من الأخوة فلنا في هذا النبي الكريم أسوة حسنة ،.
ولأن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد جمع ما بين الأمرين معا ـ معاناته مع قومه وأهله ـ لذلك كان لنا فيه الأسوة الحسنة.
لذلك كانت نهاية سورة النحل مناسبة لفواتح سورة الإسراء..ﭽ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳﯴﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﭼ[ النحل: ١٢٧ - ١٢٨]
ومع ذلك وبعد حادثة الإسراء والعروج حدث تكذيب للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، والمدقق في ظروف الحادث يتبين له أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يدع أنه سرى بل قال عليه الصلاة والسلام أنه قد أُسرِيَ به ولم يخبرنا عما حدث له في الملأ الأعلى .
فلما كذبه قومه... أخبرنا الله جلّ علاه عما حدث له فأنزل سبحانه وتعالى سورة النجم
وأخبرنا فيها عما حدث له في الملأ الأعلى..
إذ الفاعل الحقيقي هو الله سبحانه وتعالى.....
ﭧ ﭨ ﭽ ﭑﭒ ﭓﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭼ[الإسراء: ١t]
تعليق