الرد القويم على شبهة: الهجاء البذيء من حسان بن ثابت لهند بنت عتبة!

تقليص

عن الكاتب

تقليص

باحث سلفى مسلم (نهج السلف) اكتشف المزيد حول باحث سلفى
X
تقليص
يُشاهد هذا الموضوع الآن: 2 (0 أعضاء و 2 زوار)
 
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • باحث سلفى
    =-=-=-=-=-=

    حارس من حراس العقيدة
    • 13 فبر, 2007
    • 5183
    • مسلم (نهج السلف)

    الرد القويم على شبهة: الهجاء البذيء من حسان بن ثابت لهند بنت عتبة!

    الرد على شبهة بذاءة حسان في هجاءه هند بنت عتبة رضي الله عن جميع الصحابة :-

    أولا: التأصيل الشرعي للرد على الخصوم بالقول .

    قال تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (87)} المائدة.

    {الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (194)} البقرة.

    قال تعالى: {وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ (224) أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ (225) وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ (226) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ (227)} الشعراء.

    {وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (46)} العنكبوت.

    روى البخاري ومسلم في صحيحهما عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ لَمْ يَكُنْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاحِشًا وَلَا مُتَفَحِّشًا وَكَانَ يَقُولُ إِنَّ مِنْ خِيَارِكُمْ أَحْسَنَكُمْ أَخْلَاقًا.

    وروى البخاري في صحيحه عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ لَمْ يَكُنْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبَّابًا وَلَا فَحَّاشًا وَلَا لَعَّانًا كَانَ يَقُولُ لِأَحَدِنَا عِنْدَ الْمَعْتِبَةِ مَا لَهُ تَرِبَ جَبِينُهُ.

    وروى أحمد في مسنده وغيره عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَيْسَ بِاللَّعَّانِ وَلَا الطَّعَّانِ وَلَا الْفَاحِشِ وَلَا الْبَذِيءِ.

    من هذه الأيات وهذه الأحاديث نعلم حرمة الاعتداء في القول وحرمة التفحش والبذاءة، وحرمة الطعن في الأنساب المحصنة، وحرمة القذف بالزنا.
    ومنه نعلم أن لا يجوز التكلم بالكلام البذيء إلا لرد اعتداء معتدي وهذا مقيد بقدر ما اعتدى به الخصم ومقيد بالصدق في الحديث فلا يقول فيهم إلا ما يعلم من عيوبهم يقينا.

    ومنه نعلم جواز الشعر بقيود، منها ألا يشغله عن ذكر الله عزوجل والعمل الصالح، ومنها عدم مخالفة الشعر للكتاب والسنة.

    ثانيا : الأثر محل الشبهة والكلام عليه:-

    روى ابن هشام في سيرته[ بإسناده المعروف في أول كتابه: حدثنا زياد بن عبد الله البكائي عن محمد بن إسحاق] قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : فَحَدّثَنِي صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ أَنّهُ حَدّثَ أَنّ عُمَرَ بْنَ الْخَطّابِ قَالَ لِحَسّانَ بْنِ ثَابِتٍ يَا ابْنَ الْفُرَيْعَةِ قَالَ ابْنُ هِشَامٍ : الْفُرَيْعَةُ بِنْتُ خَالِدِ بْنِ خُنَيْسٍ وَيُقَالُ خُنَيْسُ بْنُ حَارِثَةَ بْنِ لَوْذَان بْنِ عَبْدِ وُدّ بْنِ زَيْدِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ الْخَزْرَجِ بْنِ سَاعِدَةَ بْنِ كَعْبِ بْنِ الْخَزْرَجِ لَوْ سَمِعْت مَا تَقُولُ هِنْدٌ ، وَأَرَيْت أَشِرَهَا قَائِمَةً عَلَى صَخْرَةٍ تَرْتَجِزُ بِنَا ، وَتَذْكُرُ مَا صَنَعَتْ بِحَمْزَةِ ؟ قَالَ لَهُ حَسّانُ وَاَللّهِ إنّي لَأَنْظُرُ إلَى الْحَرْبَةِ تَهْوِي وَأَنَا عَلَى رَأْسٍ فَارِعٍ يَعْنِي أُطُمَهُ فَقُلْت : وَاَللّهِ إنّ هَذِهِ لَسِلَاحَ مَا هِيَ بِسِلَاحِ الْعَرَبِ ، وَكَأَنّهَا إنّمَا تَهْوِي إلَى حَمْزَةَ وَلَا أَدْرِي ، لَكِنْ أَسْمِعْنِي بَعْضَ قَوْلِهَا أَكْفِكُمُوهَا ، قَالَ فَأَنْشَدَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطّابِ بَعْضَ مَا قَالَتْ فَقَالَ حَسّانُ بْنُ ثَابِتٍ :
    أَشِرَتْ لَكَاعُ وَكَانَ عَادَتُهَا ... لُؤْمًا إذَا أَشَرَتْ مَعَ الْكُفْرِ
    قَالَ ابْنُ هِشَامٍ : وَهَذَا الْبَيْتُ فِي أَبْيَاتٍ لَهُ تَرَكْنَاهَا ، وَأَبْيَاتًا أَيْضًا لَهُ عَلَى الدّالِ . وَأَبْيَاتًا أُخَرُ عَلَى الذّالِ لِأَنّهُ أَقْذَعَ فِيهَا .
    وأروده ابن القيم في الروض الأنف بنفس سياق ابن هشام.

    وكذا رواها الطبري في تاريخ الرسل والملوك حدثنا ابن حميد قال حدثنا سلمة قال حدثني محمد بن إسحاق قال حدثني صالح بن كيسان أنه حدث أن عمر بن الخطاب فأورد الأثر بتمامه ثم بين ما أخفاه ابن هشام من قصيدة حسان فزاد:
    لعن الإله وزوجها معها ... هند الهنود عظيمة البظر ... أخرجت مرقصة إلى أحد ... في القوم مقتبة على بكر ... بكر ثفال لا حراك به ... لا عن معاتبة ولا زجر ... وعصاك إستك تتقين بها ... دقي العجاية هند بالفهر ... قرحت عجيزتها ومشرجها ... من دأبها نضا على القتر ... ظلت تداويها زميلتها ... بالماء تنضحه وبالسدر ... أخرجت ثائرة مبادرة ... بأبيك وابنك يوم ذي بدر ... وبعمك المستوه في ردع ... وأخيك منعفرين في الجفر ... ونسيت فاحشة أتيت بها ... يا هند ويحك سبة الدهر.

    النقد الإسنادي:
    قلت: هذا أثر فيه ضعف، قد رواها الطبري بإسناد ضعيف إلى محمد بن إسحاق فـ "سلمة بن الفضل" لا بأس به، ومحمد بن حميد ضعيف، لكن تابعهم على هذا الإسناد [كما عند ابن هشام في سيرته] زياد البكائي وهو ثبت في المغازي، ومحمد بن إسحاق بن يسار صدوق مدلس وقد صرح بالتحديث وليس بكذاب كما زعم مالك و"طعن الأقران لا يعتد به إلا بمعتبر"، لكن آفة هذا الإسناد الحقيقية هى انقطاع ما بين صالح بن كيسان وهو ثقة وما بين عمر بن الخطاب وحسان بن ثابت وقد لقى صالح، عبدالله بن عمر(ابن أحد أطراف الخبر)، لكنه لم يُحفظ عنه سماع [كما قال ابن حبان].

    أما بالنسبة لمتن هذا الأثر فيه أمور: - لو فرض صحة هذا الأثر

    1ـ لم يطلعنا الأثر على قول هند بنت عتبة رضي الله عنها في المسلمين حال شركها حتى نعلم مدى تجاوز أو عدم تجاوز حسان بن ثابت في الرد.

    2ـ هل كانت من عادة العرب: المنادة باسم الأم لمن عُلم والده؟! وهل يعد هذا مما فيه مذمة لمن يُنادى به؟! فلو صح مثل هذا فقول عمر رضي الله عنه لحسان "يا ابن الفريعة" ففيه بذاءة، ننزه الصحابة عنه، لكن ربما لقرب عهدهم بجاهلية.

    3ـ كان رد حسان بن ثابت على هند، من قبيل رد الاعتداء وهذا جائز ولكنه، أخطأ وتجاوز حقه في رد الاعتداء في أمور:-

    = الطعن في الشرف بغير دليل كقوله: ونسيت فاحشة أتيت بها ... يا هند ويحك سبة الدهر.
    ويكفي قول: هند بن عتبة رضي الله عنها بعد إسلامها عند مبايعتها للنبي صلى الله عليه وسلم للرد على هذه التهمة الشنيعة:وهل تزني الحرة؟! [ وإن كان إسناده فيه مقال كما قال مصطفى العدوي].

    = ذكر ما لا يمكن العلم به من عيوب الجسم وفيه بذاءة كقوله: هند الهنود عظيمة البظر.

    = أورد الأصفهاني الشيعي في الأغاني بقية لهذه الأبيات لم تثبت لدينا بإسنادٍ:
    ( زعمَ الولائدُ أنَّها وَلَدَتْ ... وَلداً صغيراً كان من عَهْرِ )
    ولو صحت لكانت مما ينعى على حسان رضي الله عنه : طعنه في الأنساب بغير علم.


    محل الشبهة الحقيقي: كيف يقر النبي صلى الله عليه وسلم هذا ـ لو صح ـ وكيف يكون جبريل معه في هذه البذاءات؟!!

    والإجابة عن هذا كالتالي:-

    أولًا:-لقد أنشأ حسان بن ثابت هذه الأبيات بعيد غزوة أحد، [وقعت 3هـ ] وقد أمره النبي صلى الله عليه وسلم بهجاء المشركين، يوم قريظة على الراجح[ كما رجحه ابن حجر في الفتح].وإجلاء قريظة كان بعيد غزوة الخندق [غزوة الاحزاب] كما هو ثابت ولا مرية في كونها بعد غزوة أحد بلا شك.
    روى البخاري في صحيحه معلقا عن "إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ عَنْ الشَّيْبَانِيِّ عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ قُرَيْظَةَ لِحَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ اهْجُ الْمُشْرِكِينَ فَإِنَّ جِبْرِيلَ مَعَكَ" .
    وفي رواية كما عند مسلم عن عائشة جاء فيها: « إِنَّ رُوحَ الْقُدُسِ لاَ يَزَالُ يُؤَيِّدُكَ مَا نَافَحْتَ عَنِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ».

    ومن هذا نعلم:-
    = أن شعر حسان بن ثابت محل الشبهة ليس عن توجيه النبي صلى الله عليه وسلم.
    = أنه عندما وجهه النبي صلى الله عليه وسلم لهجاهم كان بعد هذه الحادثة وليس قبلها .
    = أنه عندما وجهه النبي صلى الله عليه وسلم لهجاهم كان مقيدا بأمور وليس مطلقا:
    مقيدا بقوله: ما نافحت عن الله ورسوله، ومقيدا بأصل المنافحة وهو مقيد بعدم الاعتداء في المنافحة والهجاء.

    تنبيه:-
    هناك رواية تقول أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ذلك له يوم الأحزاب نفسه رواه الطبري في تهذيب الأثار وغيره كلهم عن مجالد ، عن الشعبي ، عن جابر ، قال : لما كان يوم الأحزاب ، وردهم الله بغيظهم لم ينالوا خيرا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « من يحمي أعراض المؤمنين ؟ » قال كعب : أنا يا رسول الله ، وقال ابن رواحة : أنا يا رسول الله ، فقال : « إنك تحسن الشعر » ، فقال حسان بن ثابت : أنا يا رسول الله . قال : « نعم ، اهجهم أنت ، فسيعينك عليهم روح القدس ».[ ولكن في إسناده مجالد بن سعيد ضعيف].ولو صح لسقطت كذلك الشبهة.

    ثانيا: فإن قيل: ألم يكن النبي صلى الله عليه وسلم ينزل عليه الوحي يوم أحد وغيره من الأيام، فلماذا لا ينكر على حسان بن ثابت،
    والرد:
    يكفي حسان بن ثابت وغيره من الصحابة ما ثبت نزوله من الوحي من حرمة الاعتداء إلا لرد الاعتداء بمثله،وحرمة قذف المحصنات وحرمة البذاءة وحرمة التفحش لكي نعلم أن الوحي لم يترك لنا ولهم الأمر مطلقا هكذا.

    ثالثا: لا ننسى أن نقول: أن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، كانوا حديثي عهدٍ بجاهلية وكان النبي صلى الله عليه وسلم يربيهم على تعاليم الإسلام فوقوع بعضهم في بعض الأخطاء لا ينفي عنهم فضلهم، فأخطائهم القليلة تنمحي وتُغفر في بحار أعمالهم الصالحة وسبقهم للخيرات.

    ولا ننسى أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يتركهم حين تركهم إلا على المحجة البيضاء.

    هذا فإن كان مني من صواب فبتوفيق الله عزوجل وإن كان مني من خطأ أو نسيان فمني والشيطان والله عزوجل ورسوله برآء منه.
    والحمد لله على تمام المنة.


    الخلاصة: لم يثبت هذا الأثر عن حسان بن ثابت، ولو صح ثبوته فرضا فحسان بن ثابت أخطأ في اعتداءه في الهجاء والرد، ولم يكن النبي صلى الله عليه وسلم قد دعا له بمعاونة روح القدس جبريل له إلا في أعقاب غزوة الأحزاب [ الخندق] ويكفينا ما ثبت من الوحي من لنعلم الخطأ الذي وقع فيه حسان رضوان الله عليه،وعفا الله عن جميع الصحابة هذا إن ثبت عنه ذلك ولم يثبت.
    التعديل الأخير تم بواسطة د.أمير عبدالله; 15 ماي, 2024, 11:48 م.
    أدوات للباحثين على الشبكة: البحث في القرآن الكريم هنا تفاسيره هنا القرآن بعدة لغات هنا سماع القرآن هنا القراءات القرآنية هنا
    الإعجاز العلمي هنا بحث في حديث بإسناده هنا و هنا معاجم عربية هنا معاجم اللغات هنا
    كتب وورد
    هنا المكتبة الشاملة هنا كتب مصورة هنا و هنا وهنا وهنا وهنا وهنا و هنا وهنا وهناوهنا وهنا وهنا وهنا وهنا كتب مخطوطة هنا
    للتأكد من الأخبار العصرية موقع فتبينوا
  • النيسابوري
    5- عضو مجتهد

    عضو اللجنة العلمية
    حارس من حراس العقيدة
    عضو شرف المنتدى
    • 13 أغس, 2012
    • 761
    • الإسلام

    #2
    رد: الرد القويم على شبهة: الهجاء البذيء من حسان بن ثابت لهند بنت عتبة!

    هو ردّ قويم كما قلت .. فجزاك الله كل خير
    قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-
    عَجَبًا لأَمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ
    وَلَيْسَ ذَاكَ لأَحَدٍ إِلاَّ لِلْمُؤْمِنِ إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ
    حديث 7692 : الزهد والرقائق - صحيح مسلم

    تعليق

    • النيسابوري
      5- عضو مجتهد

      عضو اللجنة العلمية
      حارس من حراس العقيدة
      عضو شرف المنتدى
      • 13 أغس, 2012
      • 761
      • الإسلام

      #3
      رد: الرد القويم على شبهة: الهجاء البذيء من حسان بن ثابت لهند بنت عتبة!

      هلّا أفردت لنا مساحه للحديث حول ما أُثير حول محمد بن إسحاق وأقوال علماء الجرح والتعديل فيه ..

      بارك الله فيكم ونفعنا بعلمكم ..
      قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-
      عَجَبًا لأَمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ
      وَلَيْسَ ذَاكَ لأَحَدٍ إِلاَّ لِلْمُؤْمِنِ إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ
      حديث 7692 : الزهد والرقائق - صحيح مسلم

      تعليق

      • باحث سلفى
        =-=-=-=-=-=

        حارس من حراس العقيدة
        • 13 فبر, 2007
        • 5183
        • مسلم (نهج السلف)

        #4
        رد: الرد القويم على شبهة: الهجاء البذيء من حسان بن ثابت لهند بنت عتبة!

        فإن قائل قائل هل تريد أن تقول لنا أن الإسلام يحرم البذاءة مطلقا؟!
        كيف ذلك ؟! وقد ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"فاعض بهن أبيه ولا تكنوا"
        وكذا قال أبو بكر في حضرة النبي صلى الله عليه وسلم لعروة بن مسعود: امصص ببظر اللات.

        قلنا: وإن كان هذا خارج محل الشبهة السابقة لكن الرد على هذا كالتالي:-
        أما تحريم البذاءة بحسب الأصل ـ فنعم ـ لا تجوز البذاءة والتفحش إلا لرد الاعتداء أي هناك استثناء مقيد بقيود، وهي:
        = أن يقوم الخصم بالاعتداء في القول ببذاءة أو فحش.
        = رد الاعتداء لا يكون إلا على قدر ما قام به الخصم من اعتداء.
        = تحري الصدق قدر الاستطاعة في الرد والبعد عن الكبائر من الطعن في الانساب والرمي بالزنا....
        ومعلوم أنه كما يجوز رد الاعتداء بالمثل فإنه يجوز له العفو وكظم الغيظ بل والإحسان إلى الخصوم أيضا.هذا بالنسبة للمسلم على المسلم، أما المسلم على الكافر فهذا بقدره، فإن كان في رد اعتداءه أولوية فلا يجوز المصير إلى العفو كاعتداءه على دين الله، وإن كان اعتداءه على شخص المسلم، فالمسلم بالخيار بين رد الاعتداء والعفو.
        قال تعالى{الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (134)} آل عمران.

        أما عن حديث أبو بكر عندما قال لعروة بن مسعود: "امْصُصْ بِبَظْرِ اللَّاتِ أَنَحْنُ نَفِرُّ عَنْهُ وَنَدَعُهُ" فهذا كان ردا منه على قول عروة بن مسعود: "فَإِنِّي وَاللَّهِ لَأَرَى وُجُوهًا وَإِنِّي لَأَرَى أَوْشَابًا مِنْ النَّاسِ خَلِيقًا أَنْ يَفِرُّوا وَيَدَعُوكَ" [ رواه البخاري في صحيحه]
        فهذا من قبيل رد الاعتداء القولي بمثله،
        وقد رد أبو بكر على قوله: بطعن في عقيدته شديد حيث ذكره بأنه يعبد إله أنثى له عضو تناسلي. فهذا فيه أمران:ـ الأول: رد الاعتداء بمثل ما اعتدى به. الثاني: مواجهة الخصم بالصدمة في وهن صلب عقيدته الشركية وهذا لا يكون في حال دعوته للإسلام عادةً كما هو معلوم.

        أما عن حديث ( من تعزي بعزاء الجاهلية فأعضوه بهن أبيه ولا تكنوا ) : لم يثبت من طريق .



        الطريق الأول: فقد روي من طرق عن الحسن عن عتي بن ضمرة عن أبي بن كعب مرفوعًا .
        وعتي بن ضمرة هذا غايته أن يؤخذ بحدثيه في الشواهد والمتابعات لا في الأصول ، ذلك مع توثيق ابن حبان والعجلي ومحمد بن سعد وابن حجر ، فالأول يوثق المجاهيل والثاني مثله متساهل ومحمد بن سعد متساهل أيضًا ، وابن حجر متأخر يتابعهما على ذلك وعلي بن المديني يعتمد في هذا حيث قال يشبه حديث أهل الصدق وإن كان لا يعرف .
        و قد روي عن الحسن على وجهين :
        الوجه الأول وهو الأقوى: رواه عوف الأعرابي والمبارك بن فضالة والسري بن يحيى ويونس بن عبيد عن الحسن عن عتي بن ضمرة عن أبي بن كعب
        الوجه الثاني : رواه كهمس بن الحسن و أشعث عن الحسن عن أبي بن كعب فاسقطوا عتي بن ضمرة .

        الطريق الثاني: وقد روى ابن أحمد بن حنبل في زوائد المسند ومن طريقه الضياء المقدسي ، شاهدًا لهذا الحديث عن عاصم الأحول عن أبي عثمان عن أبي لكنه منكر وفيه اضطراب جدًا، حيث اضطرب فيه عاصم الأحول اضطرابًا شديدا فقد اضطرب في شيخه واضطرب في الصحابي رواي الحديث واضطرب في لفظ الحديث نفسه ، فمرة يرويه عن أبي عثمان عن ابن مسعود
        ومرة يرويه عن أبي عثمان أو ابن سيرين عن ابن مسعود
        ومرة يرويه عن الشعبي عن ابن مسعود
        ومرة يرويه عن أبي عثمان عن أبي .
        وأحاديث بن مسعود عن نشد الضالة .
        وحديث أبي عن عزاء الجاهلية .

        الطريق الثالث: عن سعيد بن بشير عن قتادة عن الحسن عن مكحول عن عجرد بن مدراع [أو مدرع] التميمي
        فسعيد بن بشير ضعيف وقتادة والحسن ومكحول يدلسون .

        الطريق الرابع: طريق موقوف على عمر : عن أبي مجلز قال : قال عمر : من اعتز بالقبائل فاعضوه أو فأمضوه " وهذا إسناده منقطع فأبا مجلز يرسل عن عمر .

        للأمانة العلمية هذه النظرة الإسنادية من حديث ( من تعزي بعزاء الجاهلية فأعضوه بهن أبيه ولا تكنوا ) : مستفادة من تخريج الأخ أبو سهل السهيلي من ملتقى أهل الحديث وكذا البحث في الشاملة وكذا قول الشيخ الأرنؤوط في الحديثوكذا بعض أبحاثي [ التي لم تكتمل] عن حديث ابن مسعود عن نشد الضالة .

        الخلاصة في حديث عزاء الجاهلية
        ثم نقول من هذا البحث السابق نستنتج الأتي :
        = هذا الحديث لن يخرج عن ثلاث حالات :
        - لم يثبت إلى النبي صلى الله عليه وسلم ولا لصحابته رضي الله عنه كما هو حال الأسانيد .
        - أنه قد يثبت لأبي بن كعب أنه قاله لكن الرواية التي قالها والأقرب للصواب ـ والله أعلم ـ هي ما رواها يونس بن عبيد عن الحسن بهذا الإسناد السابق :قال أبي :كنا نؤمر إذا الرجل تعزى بعزاء الجاهلية فأعضوه بهن أبيه ولا تكنوا .
        ولم يحدد أبي رضي الله عنه من الذي أمره بهذا ، فظن من ظن أنه يقصد النبي صلى الله عليه وسلم فرفعوها للنبي صلى الله عليه وسلم لكن ـ ربما يقصد أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه ـ كما في الرواية الموقوفة السابقة ـ ، هذا إذا أخذنا في اعتبارنا أن رواية عاصم الأحول هي الأقرب للصواب فقد وافقت رواية يونس بن عبيد في بعض لفظها .

        - أنه مرفوع للنبي صلى الله عليه وسلم وأنه كما قال العلماء أن الجزاء من جنس العمل وأن الرجل ينبغي أن يزجر بأقزع الألفاظ إذا ما أراد إثارة الفتن والقلاقل والعصبيات القبلية بين الناس ، والله أعلم بالحق .

        والحمد لله ، فإنه إن كان مني من سهو أو خطأ أو نسيان فمني ومن الشيطان والله براء مني ونسأله إقالة العثرات وغفران الخطايا والزلات وإنه إن كان مني من صواب فمن الله عز وجل فبتوفيقه ومنه وكرمه .
        التعديل الأخير تم بواسطة د.أمير عبدالله; 15 ماي, 2024, 11:51 م.
        أدوات للباحثين على الشبكة: البحث في القرآن الكريم هنا تفاسيره هنا القرآن بعدة لغات هنا سماع القرآن هنا القراءات القرآنية هنا
        الإعجاز العلمي هنا بحث في حديث بإسناده هنا و هنا معاجم عربية هنا معاجم اللغات هنا
        كتب وورد
        هنا المكتبة الشاملة هنا كتب مصورة هنا و هنا وهنا وهنا وهنا وهنا و هنا وهنا وهناوهنا وهنا وهنا وهنا وهنا كتب مخطوطة هنا
        للتأكد من الأخبار العصرية موقع فتبينوا

        تعليق

        • باحث سلفى
          =-=-=-=-=-=

          حارس من حراس العقيدة
          • 13 فبر, 2007
          • 5183
          • مسلم (نهج السلف)

          #5
          رد: الرد القويم على شبهة: الهجاء البذيء من حسان بن ثابت لهند بنت عتبة!

          هلّا أفردت لنا مساحه للحديث حول ما أُثير حول محمد بن إسحاق وأقوال علماء الجرح والتعديل فيه ..
          بارك الله فيكم ونفعنا بعلمكم ..


          قال صلى الله عليه وسلم : "الْمُتَشَبِّعُ بِمَا لَمْ يُعْطَ كَلَابِسِ ثَوْبَيْ زُورٍ" البخاري ومسلم وما أنا إلا ناقل عن العلماء وما أنا إلا مستعمل لأدوات العلم في الوصول للحق، لكن القول بأن لي علم فهذا قول كبير لا استحقه، بارك الله فيكم .
          أما عن :
          محمد بن إسحاق بن يسار حديثه لا بأس به مدلس وهو إذا أسند الأخبار بإسناد متصل قبل منه في جانب السير والمغازي خصوصا وفي جانب الحديث المسند المرفوع فيعتبر بحديثه إذا صرح بالتحديث أو ظهر لنا عمن دلسه إذا دلسه عن الثقات، أما أتهامه بالكذب وتعمده فهذه لم تثبت عنه.

          وهاك رد للشيخ محمد صالح بن المنجد في موقعه الإسلام سؤال وجواب:ـ
          148009: منزلة محمد بن إسحاق راوي المغازي عند علماء الحديث


          ما رأيكم في ابن إسحاق ، فقد سمعت أنه ليّن وغير دقيق في روايته للحديث ، مما جعل العلماء لا يقبلون أي رواية مِن قِبَله ، فهل هذا صحيح ؟.

          الجواب :
          الحمد لله
          الكلام في ترجمة العلامة محمد بن إسحاق يندرج في المطالب الآتية :
          المطلب الأول : اسمه ونسبه ومولده
          هو محمد بن إسحاق بن يسار ، كان جده يسار من موالي قيس بن مخرمة بن المطلب ، فهو القرشي المطلبي مولاهم ، كنيته : أبو بكر ، وقيل : أبو عبد الله ، ولد سنة ثمانين للهجرة في المدينة المنورة على ساكنها أفضل الصلاة والسلام ، ثم ما لبث أن سافر منها لطلب العلم وسماع الحديث ، حتى استقر به المقام في بغداد ، حيث بقي هناك حتى توفي رحمه الله .
          المطلب الثاني : طلبه للعلم على المشايخ .
          نشأته العلمية المبكرة كانت في أعظم حواضر العلم والمعرفة ، وهي المدينة النبوية الشريفة ، فتعلَّم على عُلمائها ، وأخذ عن فقهائها ، وسمع من محدثيها ، فنال بذلك أسمى مراتب التعليم ، حتى قيل : إنه رأى الصحابي الجليل أنس بن مالك ، ورأى سيد التابعين سعيد بن المسيب .
          وكان من أشهر شيوخه : سعيد المقبري ، وعبد الرحمن بن هرمز ، وعمرو بن شعيب ، ومحمد بن إبراهيم التيمي ، وأبو جعفر الباقر ، والزهري ، وعبد الله بن أبي بكر بن حزم ، ومحمد بن المنكدر ، وغيرهم كثير .
          ورحل في طلب العلم في مقتبل عمره إلى الجزيرة ، والكوفة ، والريّ ، وبغداد ، بل وصل الإسكندرية في رحلاته سنة خمس عشرة ومائة ، وروى عن جماعة من أهل مصر ، وقد قال ابن سعد رحمه الله : خرج من المدينة قديما ، فلم يرو عنه أحد منهم غير إبراهيم بن سعد ، وكان مع العباس بن محمد بالجزيرة ، وأتى أبا جعفر بالحيرة ، فكتب له المغازي ، فسمع منه أهل الكوفة بذلك السبب ، وسمع منه أهل الريّ ، فرواته من هؤلاء البلدان أكثر ممن روى عنه من أهل المدينة .


          المطلب الثالث : منزلته العلمية
          حظي ابن إسحاق بمنزلة رفيعة بين علماء عصره ، وذلك لسعة معارفه ، وكثير اطلاعه ، حتى قال عنه الإمام الذهبي : أول من دون العلم بالمدينة ، وذلك قبل مالك وذويه ، وكان في العلم بحرا عجاجا ، ولكنه ليس بالمجود كما ينبغي .
          ولذلك ما زال ثناء العلماء عليه عاطرا من قديم الزمان :
          قال علي بن المديني رحمه الله : مدار حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ستة : - فذكرهم - ثم قال : فصار علم الستة عند اثني عشر : أحدهم محمد بن إسحاق .
          وقال الإمام الزهري : لا يزال بالمدينة علم جم ما دام فيهم ابن إسحاق .


          المطلب الرابع : تبحُّره في علم المغازي والسير
          اشتهر محمد بن إسحاق باهتمامه البالغ في علم المغازي ، حتى كان أول من جمع المغازي في مصنف كامل ، وقال فيه الإمام الشافعي رضي الله عنه : من أراد أن يتبحر في المغازي فهو عيال على محمد بن إسحاق . وقال ابن عدي : لو لم يكن لابن إسحاق من الفضل إلا أنه صرف الملوك عن الاشتغال بكتب لا يحصل منها شيء ، إلى الاشتغال بمغازي رسول الله صلى الله عليه وسلم ومبعثه ، ومبتدأ الخلق ، لكانت هذه فضيلة سبق بها . وقال الإمام الذهبي: قد كان في المغازي علامة .


          المطلب الخامس : مؤلفاته
          مؤلفه الذي اشتهر به – ولم نقف له على غيره – هو كتابه المشهور بـ " المغازي "، ولم يظهر حتى الآن كاملا ، وإنما طبع قسم منه بتحقيق الدكتور محمد حميد الله ، وطبع أيضا القسم نفسه بتحقيق الدكتور سهيل زكار ، ونرجو أن يظهر قريبا كاملا بإذن الله ، غير أن الكتاب حفظ لنا من خلال اختصار ابن هشام له ، فيما يعرف بـ " السيرة النبوية " لابن هشام الذي روى مغازي ابن إسحاق عن تلميذ ابن إسحاق زياد البكائي المتوفى سنة (183هـ).


          المطلب السادس : ثناء أهل العلم على حديثه
          قال عنه شعبة بن الحجاج : أمير المؤمنين في الحديث .
          وقال فيه أبو معاوية الضرير : كان ابن إسحاق من أحفظ الناس ، فكان إذا كان عند الرجل خمسة أحاديث أو أكثر ، فاستودعها عند ابن إسحاق ، قال : احفظها علي ، فإن نسيتها ، كنت قد حفظتها علي .
          وقال سفيان الثوري : جالست ابن إسحاق منذ بضع وسبعين سنة ، وما يتهمه أحد من أهل المدينة ، ولا يقول فيه شيئا .
          وقال علي بن عبد الله : نظرت في كتب ابن إسحاق ، فما وجدت عليه إلا في حديثين ، ويمكن أن يكونا صحيحين .


          المطلب السابع : الجواب عن كلام مَن قدح فيه
          القدح في ابن إسحاق يتلخص في ثمان قضايا :
          القدح الأول : اتهامه بالقدرية حتى ذُكر أنه جلد بسببه .
          القدح الثاني : اتهامه بالتشيع .

          وهذان الأمران – إن ثبتا عنه – فلا يؤثران في حديثه ، إذ ما زال العلماء يأخذون عن القدرية والشيعة إذا ثبت صدقهم وحفظهم .
          القدح الثالث : اتهامه بالتدليس .
          ذكره ابن حجر في المرتبة الرابعة من مراتب المدلسين (ص/51) وقال : مشهور بالتدليس عن الضعفاء والمجهولين وعن شر منهم ، وَصَفَه بذلك أحمد والدارقطني وغيرهما .
          وهذا لا يعتبر قدحا مطلقا في حديثه أيضا ، فالمدلس المكثر من التدليس يُقبَل حديثه إذا صرح بالسماع ، وإنما يُرَدُّ ما رواه بالعنعنة .
          القدح الرابع : اتهامه بالكذب .
          وهي تهمة باطلة لا تثبت عليه ، وإن اتهمه بها هشام بن عروة (ت146هـ)، ومالك بن أنس (ت179هـ)، ويحيى القطان (ت198هـ)
          أما اتهام هشام بن عروة له بالكذب – وأخذها عنه يحيى القطان - فسببه أنه قال : يحدث ابن إسحاق عن امرأتي فاطمة بنت المنذر ، والله إن رآها قط .
          وهذا السبب لا يكفي لاتهام علامة كابن إسحاق بالكذب ، إذ يحتمل أن يكون سمع منها من وراء حجاب ولم يرها ، ويحتمل أن يكون سمع منها قبل زواجها بهشام بن عروة ، بل قال الذهبي : يحتمل أن تكون إحدى خالات ابن إسحاق من الرضاعة ، فدخل عليها ، وما علم هشام بأنها خالة له أو عمة .
          قال سفيان الثوري : أخبرني – يعني ابن إسحاق - أنها حدثته ، وأنه دخل عليها .
          قال الذهبي : هو صادق في ذلك بلا ريب...وهشام صادق في يمينه ، فما رآها ، ولا زعم الرجل أنه رآها ، بل ذكر أنها حدثته ، وقد سمعنا من عدة نسوة ، وما رأيتهن ، وكذلك روى عدة من التابعين عن عائشة ، وما رأوا لها صورة أبدا .
          قال عبد الله بن أحمد : فحدثت أبي بحديث ابن إسحاق ، فقال : ولِمَ يُنكِرُ هشام ؟ لعله جاء فاستأذن عليها فأذنت له – يعني : ولم يعلم -.
          وأما تكذيب الإمام مالك له ، وقوله عنه : دجَّال من الدجاجلة : فلم يقبله العلماء منه ؛ إذ لم يذكر دليلا على تكذيبه ، وقد كان بين مجموعة من العلماء : كابن إسحاق ، وابن أبي ذئب ، وابن الماجشون شقاق ونفرة مع الإمام مالك ، فلم يقبل العلماء المتأخرون كلام بعضهم في بعض لما عرف من عداوتهم ، كما لم يقبلوا قول ابن إسحاق في الإمام مالك : ائتوني ببعض كتبه حتى أبين عيوبه ، أنا بيطار كتبه .
          وقال يعقوب بن شيبة : سألت عليا – يعني المديني - : كيف حديث ابن إسحاق عندك ، صحيح ؟
          فقال : نعم ، حديثه عندي صحيح .
          قلت : فكلام مالك فيه ؟
          قال : مالك لم يجالسه ، ولم يعرفه ، وأي شيء حدث به ابن إسحاق بالمدينة ؟!
          قلت : فهشام بن عروة ، قد تكلم فيه ؟
          فقال علي : الذي قال هشام ليس بحجة ، لعله دخل على امرأته وهو غلام فسمع منها ، إن حديثه ليتبين فيه الصدق ، يروي مرة : حدثني أبو الزناد ، ومرة : ذكر أبو الزناد ، ويروي عن رجل ، عمن سمع منه يقول: حدثني سفيان بن سعيد ، عن سالم أبي النضر ، عن عمير : ( صوم يوم عرفة ) ، وهو من أروى الناس عن أبي النضر، ويقول: حدثني الحسن بن دينار ، عن أيوب ، عن عمرو بن شعيب : ( في سلف وبيع )، وهو من أروى الناس عن عمرو .
          وقال الإمام الذهبي رحمه الله : لسنا ندعي في أئمة الجرح والتعديل العصمة من الغلط النادر ، ولا من الكلام بنفس حاد فيمن بينهم وبينه شحناء وإحنة ، وقد علم أن كثيرا من كلام الأقران بعضهم في بعض مهدر ، لا عبرة به ، ولا سيما إذا وثق الرجل جماعة يلوح على قولهم الإنصاف ، وهذان الرجلان – يعني مالكا وابن إسحاق - كل منهما قد نال من صاحبه ، لكن أثر كلام مالك في محمد بعض اللين ، ولم يؤثر كلام محمد فيه ولا ذرة ، وارتفع مالك ، وصار كالنجم ، والآخر – يعني ابن إسحاق - فله ارتفاع بحسبه ، ولا سيما في السير .
          القدح الخامس : اتهامه بمخالفة الثقات .
          القدح السادس : اتهامه بالانفراد ببعض المناكير .

          قال الذهبي رحمه الله : صدق القاضي أبو يوسف إذ يقول : من تتبع غريب الحديث كُذِّبَ . وهذا من أكبر ذنوب ابن إسحاق ، فإنه يكتب عن كل أحد ولا يتورع سامحه الله .
          ولذلك كان الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه لا يرتضي أحاديث ابن إسحاق .
          قال يعقوب بن شيبة : سمعت ابن نمير - وذكر ابن إسحاق – فقال :
          إذا حدث عمن سمع منه من المعروفين فهو حسن الحديث صدوق ، وإنما أتي من أنه يحدث عن المجهولين أحاديث باطلة .
          قال إسحاق بن أحمد بن خلف البخاري الحافظ : سمعت محمد بن إسماعيل يقول :
          محمد بن إسحاق ينبغي أن يكون له ألف حديث ينفرد بها ، لا يشاركه فيها أحد .
          وقال أحمد : قدم ابن إسحاق بغداد ، فكان لا يبالي عمن يحكي ، عن الكلبي ، وعن غيره ، وقال : ليس هو بحجة. قال أبو العباس بن عقدة : سمعت عبد الله بن أحمد بن حنبل : كان أبي يتبع حديث ابن إسحاق ، فيكتبه كثيرا بالعلو والنزول ، ويخرجه في (المسند) ، وما رأيته أبقى حديثه قط . قيل له : يحتج به ؟ قال : لم يكن يحتج به في السنن .
          وقال العقيلي : حدثني الخضر بن داود ، حدثنا أحمد بن محمد : قلت لأبي عبد الله : ما تقول في ابن إسحاق ؟ قال : هو كثير التدليس جدا . قلت : فإذا قال : أخبرني ، وحدثني ، فهو ثقة ؟ قال : هو يقول أخبرني ، فيخالف .
          واختلف الروايات عن ابن معين في حكمه على حديث ابن إسحاق ، وقال النسائي : ليس بالقوي . وقال أبو حاتم : يكتب حديثه . وقال الدراقطني : لا يحتج به .
          على أن كلام من جرحه لا يسقط حديثه ، وإنما ينزل به حديثه إلى درجة الحسن ، وإلى الحكم على حديثه بالضعف في حال المخالفة أو التفرد بالغريب فقط ، وليس في كل حال .
          قال ابن عدي : وقد فتشت أحاديثه كثيرا ، فلم أجد من أحاديثه ما يتهيأ أن يقطع عليه بالضعف ، وربما أخطأ ، أو يهم في الشيء بعد الشيء ، كما يخطئ غيره ، ولم يتخلف في الرواية عنه الثقات والأئمة ، وهو لا بأس به .
          القدح السابع : روايته الإسرائيليات .
          أجاب عن ذلك الإمام الذهبي رحمه الله بقوله :
          " ما المانع من رواية الإسرائيليات عن أهل الكتاب مع قوله صلى الله عليه وسلم : ( حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج ) ، وقال : ( إذا حدثكم أهل الكتاب فلا تصدقوهم ولا تكذبوهم ) فهذا إذن نبوي في جواز سماع ما يأثرونه في الجملة ، كما سمع منهم ما ينقلونه من الطب ، ولا حجة في شيء من ذلك ، إنما الحجة في الكتاب والسنة " انتهى.
          " ميزان الاعتدال " (6/58)
          القدح الثامن : جمعه بين ألفاظ الشيوخ
          قال أيوب بن إسحاق بن سافري : سألت أحمد بن حنبل ، فقلت : إذا انفرد ابن إسحاق بحديث ، تقبله ؟ قال : لا والله ، إني رأيته يحدث عن جماعة بالحديث الواحد ولا يفصل كلام ذا من كلام ذا .
          وهذا القادح أيضا لا يضعف حديثه كله ، وإنما يدعو إلى التوقف فيما يشك فيه أنه جمع فيه بين ألفاظ الشيوخ وخلط بعضها ببعض ، وذلك لتمييز ألفاظ الثقات من غيرهم .

          المطلب الثامن : وفاته
          توفي رحمه الله في مدينة بغداد سنة واحد وخمسين ومائة على القول الأرجح الذي اختاره الذهبي .


          والحاصل في حكم حديث ابن إسحاق ما قاله الإمام الذهبي رحمه الله :
          أما في أحاديث الأحكام ، فينحط حديثه فيها عن رتبة الصحة إلى رتبة الحسن ، إلا فيما شذ فيه ، فإنه يعد منكرا ، هذا الذي عندي في حاله والله أعلم .
          وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله :
          " ما ينفرد به وإن لم يبلغ الصحيح فهو في درجة الحسن إذا صرح بالتحديث " انتهى.
          " فتح الباري " (11/163)
          ملاحظة: جميع النقول التي لم نذكر مصدرها في هذا البحث مأخوذة من كتاب "سير أعلام النبلاء" للذهبي (7/33-55)
          والله أعلم .

          http://islamqa.info/ar/148009



          أدوات للباحثين على الشبكة: البحث في القرآن الكريم هنا تفاسيره هنا القرآن بعدة لغات هنا سماع القرآن هنا القراءات القرآنية هنا
          الإعجاز العلمي هنا بحث في حديث بإسناده هنا و هنا معاجم عربية هنا معاجم اللغات هنا
          كتب وورد
          هنا المكتبة الشاملة هنا كتب مصورة هنا و هنا وهنا وهنا وهنا وهنا و هنا وهنا وهناوهنا وهنا وهنا وهنا وهنا كتب مخطوطة هنا
          للتأكد من الأخبار العصرية موقع فتبينوا

          تعليق

          • fares_273
            مشرف منتدى النصرانيات

            • 10 أبر, 2008
            • 4178
            • مسلم

            #6
            رد: الرد القويم على شبهة: الهجاء البذيء من حسان بن ثابت لهند بنت عتبة!

            جزاكم الله خيرا

            و هذه أول مره أسمع بتضعيف بعض العلماء لحديث عزاء الجاهلية .. جيد جدا



            ( فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا ) أي ضنكا في الدنيا فلا طمأنينة له ولا انشراح لصدره , بل صدره ضيق حرج لضلاله , وإن تنعم ظاهره , ولبس ما شاء , وأكل ما شاء , وسكن حيث شاء فإن قلبه ما لم يخلص إلى اليقين والهدى فهو في قلق وحيرة وشك , فلا يزال في ريبة يتردد فهذا من ضنك المعيشة ( المصباح المنير فى تهذيب تفسير بن كثير , صفحة 856 ).

            تعليق

            مواضيع ذات صلة

            تقليص

            المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
            ابتدأ بواسطة أحمد الشامي1, منذ 2 أسابيع
            ردود 0
            117 مشاهدات
            0 معجبون
            آخر مشاركة أحمد الشامي1
            بواسطة أحمد الشامي1
            ابتدأ بواسطة أحمد الشامي1, منذ 3 أسابيع
            ردود 0
            24 مشاهدات
            0 معجبون
            آخر مشاركة أحمد الشامي1
            بواسطة أحمد الشامي1
            ابتدأ بواسطة أحمد الشامي1, 14 أكت, 2024, 04:41 ص
            ردود 0
            240 مشاهدات
            0 معجبون
            آخر مشاركة أحمد الشامي1
            بواسطة أحمد الشامي1
            ابتدأ بواسطة أحمد الشامي1, 27 سبت, 2024, 09:29 م
            ردود 0
            118 مشاهدات
            0 معجبون
            آخر مشاركة أحمد الشامي1
            بواسطة أحمد الشامي1
            ابتدأ بواسطة الشهاب_الثاقب, 13 أغس, 2024, 06:03 ص
            ردود 3
            118 مشاهدات
            0 معجبون
            آخر مشاركة الشهاب_الثاقب
            يعمل...