ونقصد بالأدب التنصيري ألوان الأدب الفنية المختلفة من قصة ومسرحية ومقالة ونصوص سينمائية وخاطرة . والتي تحمل في طياتها الدعوة إلى اعتناق النصرانية والتنفير من الإسلام وغيره من الديانات الأخرى .
ولم يكن الأدب التنصيري يسير وحده . فقد نسق - كما قلنا - مع جهات آخرى كثيرة تشترك مع التنصير في المصلحة والهدف . وركز على مناهج التربية والتعليم في البلدان التي وقعت مستسلمة تحت سيطرة الغزاة سياسيا وعسكريا وفكريا . فلم يكن غريبا آنذاك أن تنشط الدعوة للتقليل من شأن اللغة العربية . والإشادة باللغات الأجنبية الأخرى . ونشر المصطلحات والمناهج الغربية . وتشجيع تعليم اللغات . وتقديم المنح الدراسية . والهبات السخية . والمساعدة - لبعض أبنائنا - في الوصول إلى المناصب العالية . وفتح الآفاق أمام المخدوعين من الكتاب والنقاد والفنانين . كي تفيض بأقلامهم أنهار الصحف . ويعلو صوتهم في شتى الأنحاء . ويصبحوا نجوما لامعة في المجتمعات ..
ولم يقع الأدب التنصيري في السذاجة والسطحية . فقد استخدم الإمكانات الفنية المتاحة له . والمجربة في بلاده . بدهاء وحنكة بالغين . فمزجت فنونه السم بالدسم كما يقال ولجأت إلى التلميح بدلا من التصريح . واستخدمت الرمز وألوان الإثارة والتشويق . ونأت بجانبها عن السرد الأجوف . والتعبير المباشر الممل . ووظفت الإيحاءات توظيفا ماكرا . ورسمت حركة الحياة والأفراد وأنماط السلوك . رسما يتفق ومعتقداتها . ويبعد بها عن النماذج الإسلامية
العريقة . وأغرقت في ابراز المنعطفات الإنسانية . ورقة المشاعر والأحاسيس . وتبنت تبرير ضعف الإنسان . والعطف على آلامه وأحزانه . وأكدت تأكيدا شديدا ونهائيا على ضرورة الإلتزام بالرضوخ والاستسلام واتباع الأساليب السلمية وحدها . مع البشر كافة . خاصة مع القوى الغاصبة المستعمرة . وما زلت أذكر رواية (( ابكي يا بلدي الحبيب )) التي كتبها أحد القساوسة الأفريقيين . ونال عليها جائزة كبرى من الجوائز العالمية . وترجمت إلى العربية منذ سنوات
طويلة . ولم تخرج الرواية في مجملها عما أبديناه من مواصفات للأدب التنصيري في السطور السابقة . وهي بلا شك رواية مؤثرة إلى أبعد حد .
القصة مجال خصب
والواقع أن القصة كانت المجال الخصب للدعوات التنصيرية في كل مكان . حتى في روايات (( دراكولا )) - مصاص الدماء - نجد في أحدها الضحية في آخر الفيلم . وهو يدفن في
حفرته . نراه بعد أن أهيل عليه التراب يرفع يده بالصليب ..
وهذه الروايات التنصيرية في عمومها تتخذ منهجا خاصا . يمكن أن نوجزه في الآتي :
- أولا: مكان الحادثة . يبدو لأول وهلة مكانا متميزا غريبا . يشد الانتباه . ويقبل عليه الصغار والكبار . والنساء والرجال على حد سواء . وقد يكون هذا المكان في غابات أفريقيا حيث الوحوش المختلفة . والطيور ذات الألوان الغريبة . والقبائل ذات التقاليد والأعراف التي تلزمك بالاصغاء والانتباه . والأحداث المنتقاة المميزة والحركة الموارة الدائبة .
(((( يتبع ))))
تعليق