الســلام عليكم
شـاع استخدام لفظ "لغـة حية" بين المثقفين بشكـل يوحـي و كأن ثمـة لغـة أخرى"ميتة"، إلا أنـي أرى أنه ليس هنـاك شيء اسمه "لغـات حيـة" و "لغـات ميتـة" لأن الإنسـان هـو الذي يقوم بعملية الإحـياء أو "التمويت" في حـق اللغـة، فاللغـة "الميتـة" يمكنهـا أن تصير حيـة متـى وجدت ظروفهـا السوسيوثقافية و أخذت بأسباب إنهـاضهـا عبر التأليف و النشـر، و اللغـة "الحية" تبقـى كذلـك نـظرا لعوامـل تعود أسبابهـا للرعـايـة السياسية المسؤولـة و اهتمـام المثقفين و الشعوب بهـا شفهـيا و كتابـة، و قـد تفقد بريقهـا في لحظـات مـا عندمــا تبدأ الدولـة بانتحـال لغـة أخـرى علـى حسابهـا فتهمشهــا و تركلهـا في متـاحف التاريخ، ليس العبرة البتـة في كون لغـة مـا من أهـل بدو أو صحراء، فاللغـة العِـبرية نفسهـا لغـة ترحـال و فيافـي و لغـة شتـات و منـافي، لكنـهـا وقفت علـى أرجلهـا لمـا بنت الدولـة الصهيونية قدراتهـا العلومية و بعثتهـا من مراقد النسيان إبان حركات "النهضـة" المعروفـة بحركـة الهسكـلا، و هكذا سنن التاريخ و الاجتمـاع تسري علـى جميع اللغـات،لأنهـا مثل كـائن حي ينمـو كلمـا تحقق الاعتنـاء به و ينكمش كلمـا صـادفَ إهمـالا في حقه، و الأمـازيغية ليست بمنأى عن حركـة التـاريخ و ليست بلغـة لا تتأثــر بمجريات الاجتمـاع البشري، فهـي لغــة ميتـة مـا قــام النـاسُ بقبرهـا و هي حيـة مـا رفع النـاس من شأنهـا، و وجودهـا في التـاريخ لا يعطيهـا أي امتياز مـا لم تكن هي لغـة التداول اليومـي و لغة التخـاطب التداولي و لغـة العـلاقات الدولية...
موت اللغـة العربية هـو جزء من خيالات تراود بعض الفرانكفونيين المتشبعين بالثقافـة الفرنسية، ليست إلا هـراء تعكـس تغلـغل عُقـدة المشرق في ذهنيات الذين ارتبطوا بالغرب، صحيح أن اللغـة ،كيفمـا كـانت، تعتريهـا لحـظات التراجـع لأسبـاب متعددة إلا أنهـا تبقـى "موجودا بالقوة" في انتظـار "وجودهـا بالفعل"، و علـى هـذا الأسـاس تـظل نداءات بعض الأمـازيغيين حول اللغـة العربية محمـولـة علـى العداء أكثر ممـا هي محمولـة علـى واقع موضوعـي، و مـا تفعلـه التيارات الفرنكفونية و الأنكلوساكسونية التي تغربت قيمهـا و صـارت تمسـخ شخصيتهـا بإرادتهـا ليست بأقل جريمـة ممـا فعلتـهُ التيارات العروبية التـي ابتدعـت أطروحـات عِرقيـة تُتَغدِغُ بهـا أوتـار الشعب المُستَعـبَد، هـذه الأطروحات التـي استمـدت مبرراتهـا ممـا كـان سائدا في السـاحـة الغربية من نزعـات إثنية رهيبـة أعطـت للقوميات المُغلـقة مجـالا "علميا" ارتفعت بها لمستويات بشعـة وصلت إلـى حدود جعـل الجنس الآري أنموذجـا وجب اتباعـه قسرًا كمـا هو الشأن مـع كتـابات رينـان و مارسيل موس و جوبينو و غيرهم من منظري الطبقات العِرقيـة .
من يتحدث عـن موت اللغـات عليـه أن يشرح للنـاس كيف تنـهضُ لغـات من أبعـاد التـاريخ السحيقـة لتواجـه الحـاضر و مستجداتـه، من يتحدث عن ذلـك عليـه أن يحكم علـى لغتـه الأصليـة بالمـوت ابتداء لأنهــا كـانت في لحظـة من لحظات التـاريخ مجرد رموز متخلـفـة لا تفـارق مجتمـعاتهـا المحلية نحو فضـاءات أرحب، من يتحدث عـن موت اللغـات عليـه أن يُحدد ميكـانيزمـات هـذا الموت و أسبابـه و يُحــلل البنـاء الداخـلي من النـاحية الصرفية و التراكيبية و يحدد منطقهـا الذاتـي لكـي يحكم عليهـا بالموت أو الحيـاة لا أن يقفـز علـى المعطيات ليستنتـج حُكمـا أقرب إلـى الايديولوجيا منـه إلـى المعرفة النقدية . المعـادلـة السليمـة برأيي يجب أن تتسم بالتوازن في بنـاء مواقفنـا تُجـاه اللغـة كيفمـا كـانت لأنهـا آيــة من آيات الله يُجليهــا الله جل و عـلا في خلقـه، فاللغـة بوابـة من بوابات المعرفـة و ذاكرة تستجمـع تحتهــا قيمـا و أشكـالا تـاريخية لا مجرد حروف و أصوات تُتـلـى، لذلـك مـا يخـافُ منـه اللائكيون الأمـازيغيون الذين ربطوا هويتهم بهويات خـارجـة عن الذات هــو جـانب منظومـة القيم التـي تكمن وراء هـذه اللغـة و التـي ارتبطـت مباشرة بالدين الإسلامي كدين خـالد لا يمكن فهـمهُ بعيدا عـن اللغـة نفسهــا . فأنـا أرى أن التخوفـات من التعريب رغـم مـا فيها من إجحـاف أحيانـا تُجـاهَ اللغـات الوطنية الأخـرى نتيجـة المنهـجية الإقـصائية التـي تحكمت فيهـا اعتبارات سياسيـة راجعـة إلـى طبيعـة الظرفية التـاريخية عقـب مجـازر أحداث 1958 و 1984 فإنهـا تـظل طريقـا صحيحـا مـا لم يتم علـى حساب اللـغات الأخـرى الموجودة ، فإعطـاء كـل ذي حق حقـه منهـجية يجب أن تتم بموجب قراءة للواقـع الاجتمـاعي الذي يزخـر بالتنوع الإثنـي و اللغـوي لا بموجب تكريس الهيمنـة و سيادة لغـة علـى أخـرى .
اللغـة بوحدهـا لا يمكن أن تكون سببا للتقدم مـا لـم تتضافـر عوامـل أخـرى مرتبطـة بالسياسـات و أدوات تصريف الفعل السياسي و سيادة أجواء الديموقراطية في أبعـادهـا الموصولـة بالتعددية الحقة و حق الاختـلاف و حق الأغلبية في الحكم و ضمـان حق الأقلية في المعـارضـة .. و المنـاهـج الدراسية .. فكـل هـذا يمثـل طرحـا بنيويا لا يتفكك إلـى وحدات معزولـة و لا يقبل التشظـي إلــى عوامـل فاعلـة بذاتهـا، لذلــك يخطئ البعض عندمـا يستسهـلون قضيـة التقدم و التخلف فيسارعـون إلــى اختزال قضايـا في هوامش غير مؤثرة في معـادلات الرقي و التقدم، و خير دليل تلك الدول الأفريقية التـي تنخرهــا الصراعـات العرقية و الحروب المدمـرة و سيادة منطق القبليات المُغلـقة إذ لا أحـد من العقـلاء يمكن أن يقرر بأن سبب تخلف هـذه الدول راجـع إلى لغاتهــا المحلية المُستَعمـلة و لا أحـد بإمكـانـه أن يلوم المنـاهج الدراسية لوحدهـا دون الاعتبارات السياسيـة ...
شـاع استخدام لفظ "لغـة حية" بين المثقفين بشكـل يوحـي و كأن ثمـة لغـة أخرى"ميتة"، إلا أنـي أرى أنه ليس هنـاك شيء اسمه "لغـات حيـة" و "لغـات ميتـة" لأن الإنسـان هـو الذي يقوم بعملية الإحـياء أو "التمويت" في حـق اللغـة، فاللغـة "الميتـة" يمكنهـا أن تصير حيـة متـى وجدت ظروفهـا السوسيوثقافية و أخذت بأسباب إنهـاضهـا عبر التأليف و النشـر، و اللغـة "الحية" تبقـى كذلـك نـظرا لعوامـل تعود أسبابهـا للرعـايـة السياسية المسؤولـة و اهتمـام المثقفين و الشعوب بهـا شفهـيا و كتابـة، و قـد تفقد بريقهـا في لحظـات مـا عندمــا تبدأ الدولـة بانتحـال لغـة أخـرى علـى حسابهـا فتهمشهــا و تركلهـا في متـاحف التاريخ، ليس العبرة البتـة في كون لغـة مـا من أهـل بدو أو صحراء، فاللغـة العِـبرية نفسهـا لغـة ترحـال و فيافـي و لغـة شتـات و منـافي، لكنـهـا وقفت علـى أرجلهـا لمـا بنت الدولـة الصهيونية قدراتهـا العلومية و بعثتهـا من مراقد النسيان إبان حركات "النهضـة" المعروفـة بحركـة الهسكـلا، و هكذا سنن التاريخ و الاجتمـاع تسري علـى جميع اللغـات،لأنهـا مثل كـائن حي ينمـو كلمـا تحقق الاعتنـاء به و ينكمش كلمـا صـادفَ إهمـالا في حقه، و الأمـازيغية ليست بمنأى عن حركـة التـاريخ و ليست بلغـة لا تتأثــر بمجريات الاجتمـاع البشري، فهـي لغــة ميتـة مـا قــام النـاسُ بقبرهـا و هي حيـة مـا رفع النـاس من شأنهـا، و وجودهـا في التـاريخ لا يعطيهـا أي امتياز مـا لم تكن هي لغـة التداول اليومـي و لغة التخـاطب التداولي و لغـة العـلاقات الدولية...
موت اللغـة العربية هـو جزء من خيالات تراود بعض الفرانكفونيين المتشبعين بالثقافـة الفرنسية، ليست إلا هـراء تعكـس تغلـغل عُقـدة المشرق في ذهنيات الذين ارتبطوا بالغرب، صحيح أن اللغـة ،كيفمـا كـانت، تعتريهـا لحـظات التراجـع لأسبـاب متعددة إلا أنهـا تبقـى "موجودا بالقوة" في انتظـار "وجودهـا بالفعل"، و علـى هـذا الأسـاس تـظل نداءات بعض الأمـازيغيين حول اللغـة العربية محمـولـة علـى العداء أكثر ممـا هي محمولـة علـى واقع موضوعـي، و مـا تفعلـه التيارات الفرنكفونية و الأنكلوساكسونية التي تغربت قيمهـا و صـارت تمسـخ شخصيتهـا بإرادتهـا ليست بأقل جريمـة ممـا فعلتـهُ التيارات العروبية التـي ابتدعـت أطروحـات عِرقيـة تُتَغدِغُ بهـا أوتـار الشعب المُستَعـبَد، هـذه الأطروحات التـي استمـدت مبرراتهـا ممـا كـان سائدا في السـاحـة الغربية من نزعـات إثنية رهيبـة أعطـت للقوميات المُغلـقة مجـالا "علميا" ارتفعت بها لمستويات بشعـة وصلت إلـى حدود جعـل الجنس الآري أنموذجـا وجب اتباعـه قسرًا كمـا هو الشأن مـع كتـابات رينـان و مارسيل موس و جوبينو و غيرهم من منظري الطبقات العِرقيـة .
من يتحدث عـن موت اللغـات عليـه أن يشرح للنـاس كيف تنـهضُ لغـات من أبعـاد التـاريخ السحيقـة لتواجـه الحـاضر و مستجداتـه، من يتحدث عن ذلـك عليـه أن يحكم علـى لغتـه الأصليـة بالمـوت ابتداء لأنهــا كـانت في لحظـة من لحظات التـاريخ مجرد رموز متخلـفـة لا تفـارق مجتمـعاتهـا المحلية نحو فضـاءات أرحب، من يتحدث عـن موت اللغـات عليـه أن يُحدد ميكـانيزمـات هـذا الموت و أسبابـه و يُحــلل البنـاء الداخـلي من النـاحية الصرفية و التراكيبية و يحدد منطقهـا الذاتـي لكـي يحكم عليهـا بالموت أو الحيـاة لا أن يقفـز علـى المعطيات ليستنتـج حُكمـا أقرب إلـى الايديولوجيا منـه إلـى المعرفة النقدية . المعـادلـة السليمـة برأيي يجب أن تتسم بالتوازن في بنـاء مواقفنـا تُجـاه اللغـة كيفمـا كـانت لأنهـا آيــة من آيات الله يُجليهــا الله جل و عـلا في خلقـه، فاللغـة بوابـة من بوابات المعرفـة و ذاكرة تستجمـع تحتهــا قيمـا و أشكـالا تـاريخية لا مجرد حروف و أصوات تُتـلـى، لذلـك مـا يخـافُ منـه اللائكيون الأمـازيغيون الذين ربطوا هويتهم بهويات خـارجـة عن الذات هــو جـانب منظومـة القيم التـي تكمن وراء هـذه اللغـة و التـي ارتبطـت مباشرة بالدين الإسلامي كدين خـالد لا يمكن فهـمهُ بعيدا عـن اللغـة نفسهــا . فأنـا أرى أن التخوفـات من التعريب رغـم مـا فيها من إجحـاف أحيانـا تُجـاهَ اللغـات الوطنية الأخـرى نتيجـة المنهـجية الإقـصائية التـي تحكمت فيهـا اعتبارات سياسيـة راجعـة إلـى طبيعـة الظرفية التـاريخية عقـب مجـازر أحداث 1958 و 1984 فإنهـا تـظل طريقـا صحيحـا مـا لم يتم علـى حساب اللـغات الأخـرى الموجودة ، فإعطـاء كـل ذي حق حقـه منهـجية يجب أن تتم بموجب قراءة للواقـع الاجتمـاعي الذي يزخـر بالتنوع الإثنـي و اللغـوي لا بموجب تكريس الهيمنـة و سيادة لغـة علـى أخـرى .
اللغـة بوحدهـا لا يمكن أن تكون سببا للتقدم مـا لـم تتضافـر عوامـل أخـرى مرتبطـة بالسياسـات و أدوات تصريف الفعل السياسي و سيادة أجواء الديموقراطية في أبعـادهـا الموصولـة بالتعددية الحقة و حق الاختـلاف و حق الأغلبية في الحكم و ضمـان حق الأقلية في المعـارضـة .. و المنـاهـج الدراسية .. فكـل هـذا يمثـل طرحـا بنيويا لا يتفكك إلـى وحدات معزولـة و لا يقبل التشظـي إلــى عوامـل فاعلـة بذاتهـا، لذلــك يخطئ البعض عندمـا يستسهـلون قضيـة التقدم و التخلف فيسارعـون إلــى اختزال قضايـا في هوامش غير مؤثرة في معـادلات الرقي و التقدم، و خير دليل تلك الدول الأفريقية التـي تنخرهــا الصراعـات العرقية و الحروب المدمـرة و سيادة منطق القبليات المُغلـقة إذ لا أحـد من العقـلاء يمكن أن يقرر بأن سبب تخلف هـذه الدول راجـع إلى لغاتهــا المحلية المُستَعمـلة و لا أحـد بإمكـانـه أن يلوم المنـاهج الدراسية لوحدهـا دون الاعتبارات السياسيـة ...
تعليق