تويت
بين حين وآخر، أهرع إلى من يؤمن أن كلّ كلمةً في الكتاب المقدس حقيقيّة. فإن قال الكتاب المقدس أن أمراً خارقاً قد حدث فإن ذلك قد حدث و يجب أن يكون ذلك. ليس هناك فعلاً طريقة لإثبات أن هذه الأحداث لم تحدث، بما أنّ تعريف "المعجزة" هو أمر خارق للعادة.
لكن أحيانًا تنزلق أقلام مؤلفي الكتاب المقدّس نحو تضخيم الأمور. فعندما يروون قصة ما، تراهم يستخدمون أسلوب التهويل في الأمور. و أكثر من أي شيئ آخر، فإن الأعداد الّتي تناثرت في الكتاب المقدس تظهر حقيقة هذا الأمر. فيما يبدو، فإن الرّياضيّات لم يكن هدفهم الأساسي، ذلك أنه و في أماكن عديدة نجد أن مؤلفي الكتاب المقدّس يدلون بتصريحات لا يمكن ببساطة أن تكون قد حدثت بالفعل. فيما يلي بعض من مزاعم الكتاب المقدّس الرّقميّة المستحيلة منطقيًّا.
لقد كان سليمان رجلاً ورعاً جداً. و كان يحب أيضاً أن يقوم بالأمور على مستوى ضخم أيضاً. لنأخذ على سبيل المثال الذبيحة التي قدمها في أحد الأعياد [إِنَّ الْمَلِكَ وَكُلَّ الشَّعْبِ ذَبَحُوا ذَبَائِحَ أَمَامَ الرَّبِّ. وَذَبَحَ الْمَلِكُ سُلَيْمَانُ ذَبَائِحَ مِنَ الْبَقَرِ: اثْنَيْنِ وَعِشْرِينَ أَلْفاً وَمِنَ الْغَنَمِ مِئَةً وَعِشْرِينَ أَلْفاً وَدَشَّنَ الْمَلِكُ وَكُلُّ الشَّعْبِ بَيْتَ اللَّهِ - أخبار الأيام الثاني 7: 4-5]
الآن، دعونا نتوقّف للحظة و نترك لهذه الأعداد أن تعبر عن الموقف. طبقًا للعدد /9/، هذا العيد استمرّ سبعة أيّام. ذلك يعني أن حيوانًا واحدًا قد ذُبح كلّ 4.3 ثانية، ليل نهار، لمدّة أسبوع .
لننظر في الأمر من زاوية أخرى. طبقًا للموسوعة البريطانية، فإن الغنم البالغة ستزن بين 80 و 400 رطلاً (أي بين 36 كغ و 180كغ). لنأخذ وزناً متوسطاً و ليكن 200 رطل (أي 90كغ). تزن البقر حوالي 900 رطل (405 كغ). هذا يعني أن سليمان قتل 43.8 مليون رطل من الحيوانات (19710 طن). سيكون ذلك كومة كبيرة جدًّا من الحيوانات. فإن تكومت جثث الحيوانات، دون مساحات فارغة بينها فإنها ستكون كومة بحجم 3.9 مليون قدم مكعّب (110433 متر مكعب)، أو كومة بارتفاع 5 أقدام (1.5 متر) تغطي مساحة قدرها 18 فدان (72843 كم مربع).
و ماذا فعل بكل هذا اللحم؟ حسنًا، طبقًا لعدد /7/، فقد حاول وضعه على المذبح مع التقدمات من الحبوب: [وَقَدَّسَ سُلَيْمَانُ وَسَطَ الدَّارِ الَّتِي أَمَامَ بَيْتِ الرَّبِّ لأَنَّهُ قَرَّبَ هُنَاكَ الْمُحْرَقَاتِ وَشَحْمَ ذَبَائِحِ السَّلاَمَةِ لأَنَّ مَذْبَحَ النُّحَاسِ الَّذِي عَمِلَهُ سُلَيْمَانُ لَمْ يَكْفِ لأَنْ يَسَعَ الْمُحْرَقَاتِ وَالتَّقْدِمَاتِ وَالشَّحْمَ. – أخبار الأيام الثاني 7: 7]
أتخيل سليمان وهو ينظر إلى جبل اللّحم هذا و يقول إلى خادمه: ((هممم!! هل تعتقد أنّه أكبر من أن نضعه على المذبح؟)) إن كمية و حجم اللحم المذكور كاف لإقناع أي شخص أن هذا النص مبالغ فيه بشكل كبير. لن أحاول حتى حساب التأثير الاقتصاديّ لهذه المذبحة على مجموعة فقيرة نسبيًّا من رعاة غنم الصّحراء.
لقد كان هيكل سليمان أصغر بكثير مما يتخيله معظم الناس. في العدد [الملوك الأول 6: 2] يخبرنا النص أنّه كان بطول 60 ذراع و بعرض 20 ذراع و بارتفاع 30 ذراع . في مثال نادر للتوافق بين النصوص نجد أن العدد [أخبار الأيام الثاني 3: 3] يعطي بالضّبط نفس المقاسات. الذّراع يساوي 17.5 بوصةً (44.5 سم) ، لذا فإن المعبد سيكون بحجم 87.5 X 29 قدمًا (26.7 X 8.8 متر) و بعلوّ تقريبًا 4 طوابق. أي بمساحة إجمالية 2552 قدم مربع (237 متر مربع). و لتصور ذلك فإن مساحته ستكون أقل من ضعفي مساحة منزلي، لكنّ بعلوّ أربعة طوابق . هذا الرقم مهمّ جدًّا، أرجو أن نتذكره دوماً.
لقد كانت مساحة الهيكل الكلّيّة أكبر ببساطة من مجرد [بَيْتِ الرَّبِّ]. كان هنالك باحة و قصر و مباني أخرى. كما سنرى ، فإن المحتويات و الأرقام كانت أكبر بألف مرة على الأقل، لذا فإن بعض المباني الإضافية لا تكاد تحدث فرقاً.
الذّهب و الفضّة:
هَئَنَذَا فِي مَذَلَّتِي هَيَّأْتُ لِبَيْتِ الرَّبِّ ذَهَباً مِئَةَ أَلْفِ وَزْنَةٍ وَفِضَّةً مِلْيُونَ وَزْنَةٍ وَنُحَاساً وَحَدِيداً بِلاَ وَزْنٍ لأَنَّهُ كَثِيرٌ. وَقَدْ هَيَّأْتُ خَشَباً وَحِجَارَةً فَتَزِيدُ عَلَيْهَا [أخبار الأيام الأول 22: 14]
على اعتبار أن الوزنة تعادل 75.5 رطل (33.975 كغ) ، فذلك يعني أنه قد تم إدخال 7.55 مليون رطل من الذهب إلى الهيكل (3397.5 طن) بالإضافة إلى 75.5 مليون رطل من الفضة (33975 طن) أي ما مجموعه 83.05 مليون رطل (37372.5 طن) من المعدن النّفيس . الآن لنتذكر سوياً حجم الهيكل . لإدخال مثل هذه الكميات من الذهب و الفضة إلى الهيكل فسيكون هنالك 32،543 رطلاً في كلّ قدم مربّع (157635 كغ في المتر المربع). لقد كان يتوجب على الكاهن أن يحبو على أكوام الذهب للوصول إلى المذبح .
بالإضافة للذّهب و الفضّة، كان هناك على ما يبدو الكثير من البرونز و الحديد لا يمكن حتى أن يوزن. على اعتبار أن وزن الذّهب و الفضّة 83 مليون رطلاً (37350 طن) فذلك يعني أن البرونز و الحديد كان يجب أن يزنا أكثر من ذلك بكثير. إذا افترضنا أنّه كان ضعفاً، فذلك يعني أننا نتحدث في حدود 100000 رطل في القدم المربع من الهيكل (484392 طن في المتر المربع). إن هذا الوزن يعادل 60 سيارة فوق بعضها بحجمها الكامل في القدم المربع (6458 سيارة في المتر المربع) و نحن لم نصل بعد إلى الخشب و الحجارة حتى الآن.
إن الذّهب و الفضّة يساويان بالقيمة 54 بليون دولار اليوم. حتى لو سلمنا بتعداد السكان المضخم لإسرائيل و المسجل في الكتاب المقدس، فمازال يعني أن كلّ رجل أو مرأة أو طّفل في تلك الأمة قد ساهموا تقريبًا بما قيمته 20 الف دولار، أو 40 رطل من الذّهب و الفضّة (18 كغ). لقد كان سكان إسرائيل في أحسن أحوالهم عشر الرقم المسجل في الكتاب المقدس، لذا فإن نصيب الفرد من المساهمة سيتضاعف بالطبع 10 مرات تقريباً. و بالطّبع فإننا لم نحسب تكلفة الحديد و البرونز و الصّخر و الخشب و العمالة. حسن، لم يكن سيئاً بالنسبة لمجموعة من المزارعين الفقراء في الصحراء !
القوى العاملة :
وَسَخَّرَ الْمَلِكُ سُلَيْمَانُ مِنْ جَمِيعِ إِسْرَائِيلَ، وَكَانَتِ السُّخَرُ ثَلاَثِينَ أَلْفَ رَجُلٍ. فَأَرْسَلَهُمْ إِلَى لُبْنَانَ عَشْرَةَ آلاَفٍ فِي الشَّهْرِ بِالنَّوْبَةِ. يَكُونُونَ شَهْراً فِي لُبْنَانَ وَشَهْرَيْنِ فِي بُيُوتِهِمْ. وَكَانَ أَدُونِيرَامُ عَلَى التَّسْخِيرِ. وَكَانَ لِسُلَيْمَانَ سَبْعُونَ أَلْفاً يَحْمِلُونَ أَحْمَالاً، وَثَمَانُونَ أَلْفاً يَقْطَعُونَ فِي الْجَبَلِ، مَا عَدَا رُؤَسَاءَ الْوُكَلاَءِ لِسُلَيْمَانَ الَّذِينَ عَلَى الْعَمَلِ ثَلاَثَةَ آلاَفٍ وَثَلاَثَ مِئَةٍ الْمُتَسَلِّطِينَ عَلَى الشَّعْبِ الْعَامِلِينَ الْعَمَلَ [الملوك الأول 5: 13-16]
وفقاً لحساباتي، فإن المجموع يكون 183،300 شخص هم الّذين عملوا على بناء هذا الهيكل. حتى نتصور هذا، فإنه يستلزم لرجل واحد 1،283،000 سنة لبناء الهيكل، أو 503 سنة لرجل واحد لبناء كلّ قدم مربّع له (5414 سنة للرجل الواحد لبناء المتر المربع). فلو طبقت معدّل البناء هذا في غرفة المعيشة الخاصة بي و التي أبعادها 20 X 12 قدم (حوالي 6 X 3.5 متر)، فإن الرجل الواحد سيستغرق 120 ألف سنة لبنائها. لنقم بالحساب بطريقة أخرى، لو أن فريق بناء مكون من 100 شخص ( وهو عدد كبير جداً للعمل في مثل هذا العمل الصغير) قد عملوا على بناء غرفة المعيشة الخاصة بي، فإنهم سيستغرقون 1200 سنة لبنائها. فلو أنه فعلاً قد عمل 183،000 شخص لمدّة سبعة سنوات لبناء هيكل مساحته 2552 قدم مربّع (237 متر مربع) فلابد أنهم كانوا يعملمون بسرعة الحلزون (القوقعة). مثل هذا التقدم يقاس على المستوى الجزيئي فقط !!
الخشب :
وفقاً للاقتباس أعلاه، فإن 10 آلاف عامل في كل مرة أحضروا الخشب من لبنان. كان هناك ما مجموعه 30 ألف عامل يتناوبون على ثلاثة فترات. بافتراض أن كلّ عامل أحضر 100 رطل من الخشب في كلّ رحلة (45 كغ) ذلك يعني أن مليون رطلاً من الخشب (450 الف كغ) وصلت إلى المعبد كلّ شهر. لا تنسى أن المعبد كان فقط 2552 قدم مربّع (237 متر مربع)، و هو مكُوِّمَ لتوه بالذّهب و الفضة و البرونز و الحديد. هذا يعني تقريباً 400 رطل من الخشب لكلّ قدم مربّع (1937 كغ للمتر المربع الواحد) يأتي في كلّ شهر. أي أنه كلّ سنة يصل ما يعادل حمولة 240 مقطورة من الخشب. أين وضعوا كل هذا ؟!!
طاقم الموظّفين:
عندما انتهى بناء الهيكل و وُضِعَ في مرحلة التّشغيل، كان الأمر بحاجة لطاقم من الموظفين. حدد الملك داوود ما يحتاجه من الطاقم الوظيفي: [منْ هَؤُلاَءِ لِلْمُنَاظَرَةِ عَلَى عَمَلِ بَيْتِ الرَّبِّ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ أَلْفاً. وَسِتَّةُ آلاَفٍ عُرَفَاءُ وَقُضَاةٌ. وَأَرْبَعَةُ آلاَفٍ بَوَّابُونَ وَأَرْبَعَةُ آلاَفٍ مُسَبِّحُونَ لِلرَّبِّ بِالآلاَتِ الَّتِي عُمِلَتْ لِلتَّسْبِيحِ – أخبار الأيام الأول 23: 4-5]
إذاً فإن 24 ألف شخص تم تعيينهم للعمل في بيت الرّبّ. لابد أنه كان عملاً كبيراً جداً. بالاستناد إلى حجم الهيكل و الباحة، و على اعتبار أن الدخول لأجزاء معيّنة من الهيكل كان محدودًا بالكهنة و الكاهن الأكبر، فلن يكون هنالك مكان لأكثر من 100 شخص في وقت واحد. هذا يعني أن كلّ لاويّ كان يعمل لمدّة يوم واحد فقط في السّنة. دلوني، أين يمكنني التقدم لهذه الوظيقة ؟!!
قصة غريبة قد سُجلت في سفر العدد الإصحاح /11/. تبدأ القصة مع نقص الطعام لدى الإسرائيليّين، و البحث عن اللحم القليل [فَيُعْطِيكُمُ الرَّبُّ لحْماً فَتَأْكُلُونَ. تَأْكُلُونَ لا يَوْماً وَاحِداً وَلا يَوْمَيْنِ وَلا خَمْسَةَ أَيَّامٍ وَلا عَشَرَةَ أَيَّامٍ وَلا عِشْرِينَ يَوْماً بَل شَهْراً مِنَ الزَّمَانِ حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ مَنَاخِرِكُمْ وَيَصِيرَ لكُمْ كَرَاهَةً – العدد 11: 18-20]
لذا فقد أرسل اللّه لهم قليلاً من اللحم: [فَخَرَجَتْ رِيحٌ مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ وَسَاقَتْ سَلوَى مِنَ البَحْرِ وَأَلقَتْهَا عَلى المَحَلةِ نَحْوَ مَسِيرَةِ يَوْمٍ مِنْ هُنَا وَمَسِيرَةِ يَوْمٍ مِنْ هُنَاكَ حَوَاليِ المَحَلةِ وَنَحْوَ ذِرَاعَيْنِ فَوْقَ وَجْهِ الأَرْضِ – العدد 11: 31]
الآن دعونا نحسب كمية السلوى المذكورة هنا. معظم قواميس الكتاب المقدّس تعتبر مسيرة يوم تعادل تقريباً 20 ميلاً، لذا فإن دائرة نصف قطرها 20 ميل (32 كم) ستكون مساحتها 1،256 ميل مربّع (2009.6 كم مربع). ملأت السّلوى هذه المنطقة بعمق ذراعين، أو 35 بوصةً (88.9 سم). النتيجة ستكون 102 بليون قدم مكعّب من السّلوى (2.88 بليون متر مكعب من الحجم). السّلوى طائر صغير نوعًا ما يبلغ وزنه تقريباً رطل واحد (0.45 كغ)، و 13 بوصةً في الارتفاع (33 سم). بناء على هذا القياس فإن كلّ سلوى ستحتلّ حجم 0.72 قدم مكعب (20387 سم مكعب). لذا ، فإن اللّه قد بارك الإسرائيليّين و وهبهم ما يعادل تقريباً 142 بليون سلوى. و هو ما يزيد عن 47،000 سلوى لكلّ إسرائيليّ. لابد أن ذلك كان نسخة مبدئية لفلم ألفرد هيتشكوك (الطيور) !!
قبل أن أنتهي من موضوع السّلوى، يجب أن أشير إلى النتيجة نهائيّة لحصاد اللّحم [وَإِذْ كَانَ اللحْمُ بَعْدُ بَيْنَ أَسْنَانِهِمْ قَبْل أَنْ يَنْقَطِعَ حَمِيَ غَضَبُ الرَّبِّ عَلى الشَّعْبِ وَضَرَبَ الرَّبُّ الشَّعْبَ ضَرْبَةً عَظِيمَةً جِدّاً – العدد 11: 33]. لقد ظننت أن الله قال أنهم سيأكلون السّلوى لشهر كامل!
فَقَامَ يُونَانُ وَذَهَبَ إِلَى نِينَوَى بِحَسَبِ قَوْلِ الرَّبِّ. أَمَّا نِينَوَى فَكَانَتْ مَدِينَةً عَظِيمَةً لِلَّهِ مَسِيرَةَ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ. فَابْتَدَأَ يُونَانُ يَدْخُلُ الْمَدِينَةَ مَسِيرَةَ يَوْمٍ وَاحِدٍ. [يونان 3: 3-4]
كما ذكرنا سابقاً، فإن مسيرة اليوم قديماً كانت حوالي 20 ميل (32 كم)، لذا فقد كان قطر مدينة نينوى 60 ميلاً (96 كم). أي أنها مساحتها بلغت 2826 ميل مربّع (7320 كم مربع). تلك مدينة كبيرة بالفعل!
لنقم ببعض المقارنات. تبلغ مساحة مدينة نيويورك 304 ميل مربّع فقط (785 كم مربع). في تلك المنطقة، يسكن 7،322،564 شخص. أي أن الكثافة السكانية تبلغ 24000 شخص لكلّ ميل مربّع (9266 شخص لكل كم مربع). على العكس، أعيش في مدينة صغيرة تتألف من 195000 شخص يشغلون مساحة 42 ميل مربّع (67 كم مربع)، بكثافة سكانية قدرها 4600 للميل المربع (1776 في الكم المربع). لقد كانت المدن القديمة كثيفة سكانياً نوعاً ما، لمواجهة الصّعوبات التّنظيميّة في توزيع الغذاء و الماء و تنظيف مخلفات عدد كبير من النّاس قبل عصر أنظمة النّقل الجماعيّ، ناهيك عن تكلفة بناء أسوار المدينة. على سبيل المثال، كان لدى بومبي القديمة تعداداً من السكّان يبلغ 20 ألف نسمة، داخل الأسوار الممتدة على محيط ميلين (5.18 كم)، بكثافة سكانية تبلغ 62500 شخص لكلّ ميل مربّع (24131 شخص لكل كم مربع). لو كان لنينوى كثافة سكانية متوسّطة تبلغ 50 ألف شخص لكلّ ميل مربّع (19305 شخص لكل كم مربع)، فسيكون عدد سكانها 141.3 مليون شخص. و بما أن مدينة نيويورك تعتبر [مَدِينَةً عَظِيمَةً] بمعظم المقاييس، فلابد أن نينوى كانت مدينة هائلة. لقد كانت 9 مرّات أكبر من نيويورك في المساحة، و 19 مرة أكبر من حيث التعداد السكاني.
لكنّ انتظر، الكتاب المقدس يزودنا بعدد سكّان نينوى:[أفلا أُشفِقُ أنا على نينَوى العظيمةِ الـتي فيها أكثرُ مِنْ مئةٍ وعشرينَ ألف نسْمةٍ لا يعرِفونَ يمينَهُم مِنْ شِمالِهِم، فَضلاً عَنْ بَهائِمَ كثيرةٍ؟ – يونان 4: 11 الترجمة الكاثوليكية]. مئة و عشرون ألف شخص انتشروا على ما يزيد عن 2826 ميل مربّع فقط (7320 كم مربع) بمعدل 42 شخص لكلّ ميل مربّع (16 شخص لكل كم مربع) و الّذي يعادل 15 فدّانًا لكلّ شخص(60700 متر مربع)، أو 60 فدّانًا لعائلة مكونة من أربعة (242760 متر مربع). إن هذه ليست بمدينةً.
البعض يعتقد أن الـ120،000 الّذين لا يعرفون يمينهم من شمالهم يشير إلى عدد الأطفال في نينوى، لكنّ حتّى لو ضاعفنا هذا الرّقم لمقابلة عدد مساوٍ من البالغين فإن ذلك يعني كثافة سكانية تبلغ فقط 84 لكلّ ميل مربّع (32 لكل كم مربع).
على نحو عمليّ، يمكن أن نتوقّع أن يكون لنينوى سور بطول 3 أميال تقريباً (4.8 كم)، على افتراض أن أرقام التعداد السّكّاني دقيقة. من العجيب أن علماء الآثار قد وجدوا أسواراً في الغالب أنها لمدينة نينوى، تبلغ طولها ثلاثة أميال حول المدينة. لذا فإن نينوى لم تكن بعرض مسيرة ثلاثة أيام، إلا إذا كان يونان يمشي ببط شديد ، شديد جداً، في الحقيقة، كان بإمكانه الحصول على عمل في الهيكل!!
قصّة أخرى من الكتاب المقدس تتحدث عن الآراميين الّذين هربوا من هزيمة نكراء في المعركة ليُقتلوا بعد أن كانوا بأمان في مدينتهم: [وَهَرَبَ الْبَاقُونَ إِلَى أَفِيقَ إِلَى الْمَدِينَةِ، وَسَقَطَ السُّورُ عَلَى السَّبْعَةِ وَالْعِشْرِينَ أَلْفَ رَجُلٍ الْبَاقِينَ – الملوك الأول 20: 30].
لابد أنه كان جداراً كبيراً جدًّا. لحساب الكيفية التي حدث فيها ذلك، يجب أوّلاً أن نحسب حجم مدينة أفيق. لقد قمنا في النقاط السابقة بتحديد مساحة مدن مختلفة ذات أسوار. نينوى [مَدِينَةً عَظِيمَةً] كان لها سوراً طوله ثلاثة أميال (4.8 كم). بومبي كان لها سوراً طوله حوالي ميلين (3.2 كم). أما مدينة أفيق فبالكاد ذكرت في الكتاب المقدس و لم يُشر إليها انها كانت مدينة عظيمة، لذا يمكن أن نفترض أنّها كانت أصغر من هاتين المدينتين. لذا سيكون لها سوراً أقصر من ميلين (3.2 كم).
لنقل مثلاً أنه كان يبلغ من الطول 1.5 ميل (2.5 كم). هذا الطول سيكون الحدّ الأعلى للطول المعقول. فإن كان هؤلاء الرّجال يقفون بجانب السور، جنبًا إلى جنب، فإن الواحد منهم سيحتل طولاً قدره /2/ قدم (60 سم). ذلك يعني أنه سيكون هنالك سبعة دوائر متمركزة من الرّجال، تقف بجوار السور عندما سقط. يجب أيضأً أن يسقط السور بالكامل في آن واحد دون أن يبتعد أحد من مكانه أو أن يحمي نفسه. بالإضافة إلى ذلك يجب أن يكون السور قد سقط كله إلى الخارج ، كما لو كان هناك انفجار كبير.
في الحقيقة، إذا استطعنا و بشكل جازم أن نثبت أن الكتاب المقدس مليء بالمبالغات، يجب علينا أن نتساءل عما يحتويه من الكذب أيضاً!!
=========
عن مجلة The Skeptical Review عدد يوليو/أغسطس لعام 2001
لكن أحيانًا تنزلق أقلام مؤلفي الكتاب المقدّس نحو تضخيم الأمور. فعندما يروون قصة ما، تراهم يستخدمون أسلوب التهويل في الأمور. و أكثر من أي شيئ آخر، فإن الأعداد الّتي تناثرت في الكتاب المقدس تظهر حقيقة هذا الأمر. فيما يبدو، فإن الرّياضيّات لم يكن هدفهم الأساسي، ذلك أنه و في أماكن عديدة نجد أن مؤلفي الكتاب المقدّس يدلون بتصريحات لا يمكن ببساطة أن تكون قد حدثت بالفعل. فيما يلي بعض من مزاعم الكتاب المقدّس الرّقميّة المستحيلة منطقيًّا.
سليمان و المذبح الإسرائيليّ :
لقد كان سليمان رجلاً ورعاً جداً. و كان يحب أيضاً أن يقوم بالأمور على مستوى ضخم أيضاً. لنأخذ على سبيل المثال الذبيحة التي قدمها في أحد الأعياد [إِنَّ الْمَلِكَ وَكُلَّ الشَّعْبِ ذَبَحُوا ذَبَائِحَ أَمَامَ الرَّبِّ. وَذَبَحَ الْمَلِكُ سُلَيْمَانُ ذَبَائِحَ مِنَ الْبَقَرِ: اثْنَيْنِ وَعِشْرِينَ أَلْفاً وَمِنَ الْغَنَمِ مِئَةً وَعِشْرِينَ أَلْفاً وَدَشَّنَ الْمَلِكُ وَكُلُّ الشَّعْبِ بَيْتَ اللَّهِ - أخبار الأيام الثاني 7: 4-5]
الآن، دعونا نتوقّف للحظة و نترك لهذه الأعداد أن تعبر عن الموقف. طبقًا للعدد /9/، هذا العيد استمرّ سبعة أيّام. ذلك يعني أن حيوانًا واحدًا قد ذُبح كلّ 4.3 ثانية، ليل نهار، لمدّة أسبوع .
لننظر في الأمر من زاوية أخرى. طبقًا للموسوعة البريطانية، فإن الغنم البالغة ستزن بين 80 و 400 رطلاً (أي بين 36 كغ و 180كغ). لنأخذ وزناً متوسطاً و ليكن 200 رطل (أي 90كغ). تزن البقر حوالي 900 رطل (405 كغ). هذا يعني أن سليمان قتل 43.8 مليون رطل من الحيوانات (19710 طن). سيكون ذلك كومة كبيرة جدًّا من الحيوانات. فإن تكومت جثث الحيوانات، دون مساحات فارغة بينها فإنها ستكون كومة بحجم 3.9 مليون قدم مكعّب (110433 متر مكعب)، أو كومة بارتفاع 5 أقدام (1.5 متر) تغطي مساحة قدرها 18 فدان (72843 كم مربع).
و ماذا فعل بكل هذا اللحم؟ حسنًا، طبقًا لعدد /7/، فقد حاول وضعه على المذبح مع التقدمات من الحبوب: [وَقَدَّسَ سُلَيْمَانُ وَسَطَ الدَّارِ الَّتِي أَمَامَ بَيْتِ الرَّبِّ لأَنَّهُ قَرَّبَ هُنَاكَ الْمُحْرَقَاتِ وَشَحْمَ ذَبَائِحِ السَّلاَمَةِ لأَنَّ مَذْبَحَ النُّحَاسِ الَّذِي عَمِلَهُ سُلَيْمَانُ لَمْ يَكْفِ لأَنْ يَسَعَ الْمُحْرَقَاتِ وَالتَّقْدِمَاتِ وَالشَّحْمَ. – أخبار الأيام الثاني 7: 7]
أتخيل سليمان وهو ينظر إلى جبل اللّحم هذا و يقول إلى خادمه: ((هممم!! هل تعتقد أنّه أكبر من أن نضعه على المذبح؟)) إن كمية و حجم اللحم المذكور كاف لإقناع أي شخص أن هذا النص مبالغ فيه بشكل كبير. لن أحاول حتى حساب التأثير الاقتصاديّ لهذه المذبحة على مجموعة فقيرة نسبيًّا من رعاة غنم الصّحراء.
الهيكل الرائع:
لقد كان هيكل سليمان أصغر بكثير مما يتخيله معظم الناس. في العدد [الملوك الأول 6: 2] يخبرنا النص أنّه كان بطول 60 ذراع و بعرض 20 ذراع و بارتفاع 30 ذراع . في مثال نادر للتوافق بين النصوص نجد أن العدد [أخبار الأيام الثاني 3: 3] يعطي بالضّبط نفس المقاسات. الذّراع يساوي 17.5 بوصةً (44.5 سم) ، لذا فإن المعبد سيكون بحجم 87.5 X 29 قدمًا (26.7 X 8.8 متر) و بعلوّ تقريبًا 4 طوابق. أي بمساحة إجمالية 2552 قدم مربع (237 متر مربع). و لتصور ذلك فإن مساحته ستكون أقل من ضعفي مساحة منزلي، لكنّ بعلوّ أربعة طوابق . هذا الرقم مهمّ جدًّا، أرجو أن نتذكره دوماً.
لقد كانت مساحة الهيكل الكلّيّة أكبر ببساطة من مجرد [بَيْتِ الرَّبِّ]. كان هنالك باحة و قصر و مباني أخرى. كما سنرى ، فإن المحتويات و الأرقام كانت أكبر بألف مرة على الأقل، لذا فإن بعض المباني الإضافية لا تكاد تحدث فرقاً.
الذّهب و الفضّة:
هَئَنَذَا فِي مَذَلَّتِي هَيَّأْتُ لِبَيْتِ الرَّبِّ ذَهَباً مِئَةَ أَلْفِ وَزْنَةٍ وَفِضَّةً مِلْيُونَ وَزْنَةٍ وَنُحَاساً وَحَدِيداً بِلاَ وَزْنٍ لأَنَّهُ كَثِيرٌ. وَقَدْ هَيَّأْتُ خَشَباً وَحِجَارَةً فَتَزِيدُ عَلَيْهَا [أخبار الأيام الأول 22: 14]
على اعتبار أن الوزنة تعادل 75.5 رطل (33.975 كغ) ، فذلك يعني أنه قد تم إدخال 7.55 مليون رطل من الذهب إلى الهيكل (3397.5 طن) بالإضافة إلى 75.5 مليون رطل من الفضة (33975 طن) أي ما مجموعه 83.05 مليون رطل (37372.5 طن) من المعدن النّفيس . الآن لنتذكر سوياً حجم الهيكل . لإدخال مثل هذه الكميات من الذهب و الفضة إلى الهيكل فسيكون هنالك 32،543 رطلاً في كلّ قدم مربّع (157635 كغ في المتر المربع). لقد كان يتوجب على الكاهن أن يحبو على أكوام الذهب للوصول إلى المذبح .
بالإضافة للذّهب و الفضّة، كان هناك على ما يبدو الكثير من البرونز و الحديد لا يمكن حتى أن يوزن. على اعتبار أن وزن الذّهب و الفضّة 83 مليون رطلاً (37350 طن) فذلك يعني أن البرونز و الحديد كان يجب أن يزنا أكثر من ذلك بكثير. إذا افترضنا أنّه كان ضعفاً، فذلك يعني أننا نتحدث في حدود 100000 رطل في القدم المربع من الهيكل (484392 طن في المتر المربع). إن هذا الوزن يعادل 60 سيارة فوق بعضها بحجمها الكامل في القدم المربع (6458 سيارة في المتر المربع) و نحن لم نصل بعد إلى الخشب و الحجارة حتى الآن.
إن الذّهب و الفضّة يساويان بالقيمة 54 بليون دولار اليوم. حتى لو سلمنا بتعداد السكان المضخم لإسرائيل و المسجل في الكتاب المقدس، فمازال يعني أن كلّ رجل أو مرأة أو طّفل في تلك الأمة قد ساهموا تقريبًا بما قيمته 20 الف دولار، أو 40 رطل من الذّهب و الفضّة (18 كغ). لقد كان سكان إسرائيل في أحسن أحوالهم عشر الرقم المسجل في الكتاب المقدس، لذا فإن نصيب الفرد من المساهمة سيتضاعف بالطبع 10 مرات تقريباً. و بالطّبع فإننا لم نحسب تكلفة الحديد و البرونز و الصّخر و الخشب و العمالة. حسن، لم يكن سيئاً بالنسبة لمجموعة من المزارعين الفقراء في الصحراء !
القوى العاملة :
وَسَخَّرَ الْمَلِكُ سُلَيْمَانُ مِنْ جَمِيعِ إِسْرَائِيلَ، وَكَانَتِ السُّخَرُ ثَلاَثِينَ أَلْفَ رَجُلٍ. فَأَرْسَلَهُمْ إِلَى لُبْنَانَ عَشْرَةَ آلاَفٍ فِي الشَّهْرِ بِالنَّوْبَةِ. يَكُونُونَ شَهْراً فِي لُبْنَانَ وَشَهْرَيْنِ فِي بُيُوتِهِمْ. وَكَانَ أَدُونِيرَامُ عَلَى التَّسْخِيرِ. وَكَانَ لِسُلَيْمَانَ سَبْعُونَ أَلْفاً يَحْمِلُونَ أَحْمَالاً، وَثَمَانُونَ أَلْفاً يَقْطَعُونَ فِي الْجَبَلِ، مَا عَدَا رُؤَسَاءَ الْوُكَلاَءِ لِسُلَيْمَانَ الَّذِينَ عَلَى الْعَمَلِ ثَلاَثَةَ آلاَفٍ وَثَلاَثَ مِئَةٍ الْمُتَسَلِّطِينَ عَلَى الشَّعْبِ الْعَامِلِينَ الْعَمَلَ [الملوك الأول 5: 13-16]
وفقاً لحساباتي، فإن المجموع يكون 183،300 شخص هم الّذين عملوا على بناء هذا الهيكل. حتى نتصور هذا، فإنه يستلزم لرجل واحد 1،283،000 سنة لبناء الهيكل، أو 503 سنة لرجل واحد لبناء كلّ قدم مربّع له (5414 سنة للرجل الواحد لبناء المتر المربع). فلو طبقت معدّل البناء هذا في غرفة المعيشة الخاصة بي و التي أبعادها 20 X 12 قدم (حوالي 6 X 3.5 متر)، فإن الرجل الواحد سيستغرق 120 ألف سنة لبنائها. لنقم بالحساب بطريقة أخرى، لو أن فريق بناء مكون من 100 شخص ( وهو عدد كبير جداً للعمل في مثل هذا العمل الصغير) قد عملوا على بناء غرفة المعيشة الخاصة بي، فإنهم سيستغرقون 1200 سنة لبنائها. فلو أنه فعلاً قد عمل 183،000 شخص لمدّة سبعة سنوات لبناء هيكل مساحته 2552 قدم مربّع (237 متر مربع) فلابد أنهم كانوا يعملمون بسرعة الحلزون (القوقعة). مثل هذا التقدم يقاس على المستوى الجزيئي فقط !!
الخشب :
وفقاً للاقتباس أعلاه، فإن 10 آلاف عامل في كل مرة أحضروا الخشب من لبنان. كان هناك ما مجموعه 30 ألف عامل يتناوبون على ثلاثة فترات. بافتراض أن كلّ عامل أحضر 100 رطل من الخشب في كلّ رحلة (45 كغ) ذلك يعني أن مليون رطلاً من الخشب (450 الف كغ) وصلت إلى المعبد كلّ شهر. لا تنسى أن المعبد كان فقط 2552 قدم مربّع (237 متر مربع)، و هو مكُوِّمَ لتوه بالذّهب و الفضة و البرونز و الحديد. هذا يعني تقريباً 400 رطل من الخشب لكلّ قدم مربّع (1937 كغ للمتر المربع الواحد) يأتي في كلّ شهر. أي أنه كلّ سنة يصل ما يعادل حمولة 240 مقطورة من الخشب. أين وضعوا كل هذا ؟!!
طاقم الموظّفين:
عندما انتهى بناء الهيكل و وُضِعَ في مرحلة التّشغيل، كان الأمر بحاجة لطاقم من الموظفين. حدد الملك داوود ما يحتاجه من الطاقم الوظيفي: [منْ هَؤُلاَءِ لِلْمُنَاظَرَةِ عَلَى عَمَلِ بَيْتِ الرَّبِّ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ أَلْفاً. وَسِتَّةُ آلاَفٍ عُرَفَاءُ وَقُضَاةٌ. وَأَرْبَعَةُ آلاَفٍ بَوَّابُونَ وَأَرْبَعَةُ آلاَفٍ مُسَبِّحُونَ لِلرَّبِّ بِالآلاَتِ الَّتِي عُمِلَتْ لِلتَّسْبِيحِ – أخبار الأيام الأول 23: 4-5]
إذاً فإن 24 ألف شخص تم تعيينهم للعمل في بيت الرّبّ. لابد أنه كان عملاً كبيراً جداً. بالاستناد إلى حجم الهيكل و الباحة، و على اعتبار أن الدخول لأجزاء معيّنة من الهيكل كان محدودًا بالكهنة و الكاهن الأكبر، فلن يكون هنالك مكان لأكثر من 100 شخص في وقت واحد. هذا يعني أن كلّ لاويّ كان يعمل لمدّة يوم واحد فقط في السّنة. دلوني، أين يمكنني التقدم لهذه الوظيقة ؟!!
السّلوى المقدّسة :
قصة غريبة قد سُجلت في سفر العدد الإصحاح /11/. تبدأ القصة مع نقص الطعام لدى الإسرائيليّين، و البحث عن اللحم القليل [فَيُعْطِيكُمُ الرَّبُّ لحْماً فَتَأْكُلُونَ. تَأْكُلُونَ لا يَوْماً وَاحِداً وَلا يَوْمَيْنِ وَلا خَمْسَةَ أَيَّامٍ وَلا عَشَرَةَ أَيَّامٍ وَلا عِشْرِينَ يَوْماً بَل شَهْراً مِنَ الزَّمَانِ حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ مَنَاخِرِكُمْ وَيَصِيرَ لكُمْ كَرَاهَةً – العدد 11: 18-20]
لذا فقد أرسل اللّه لهم قليلاً من اللحم: [فَخَرَجَتْ رِيحٌ مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ وَسَاقَتْ سَلوَى مِنَ البَحْرِ وَأَلقَتْهَا عَلى المَحَلةِ نَحْوَ مَسِيرَةِ يَوْمٍ مِنْ هُنَا وَمَسِيرَةِ يَوْمٍ مِنْ هُنَاكَ حَوَاليِ المَحَلةِ وَنَحْوَ ذِرَاعَيْنِ فَوْقَ وَجْهِ الأَرْضِ – العدد 11: 31]
الآن دعونا نحسب كمية السلوى المذكورة هنا. معظم قواميس الكتاب المقدّس تعتبر مسيرة يوم تعادل تقريباً 20 ميلاً، لذا فإن دائرة نصف قطرها 20 ميل (32 كم) ستكون مساحتها 1،256 ميل مربّع (2009.6 كم مربع). ملأت السّلوى هذه المنطقة بعمق ذراعين، أو 35 بوصةً (88.9 سم). النتيجة ستكون 102 بليون قدم مكعّب من السّلوى (2.88 بليون متر مكعب من الحجم). السّلوى طائر صغير نوعًا ما يبلغ وزنه تقريباً رطل واحد (0.45 كغ)، و 13 بوصةً في الارتفاع (33 سم). بناء على هذا القياس فإن كلّ سلوى ستحتلّ حجم 0.72 قدم مكعب (20387 سم مكعب). لذا ، فإن اللّه قد بارك الإسرائيليّين و وهبهم ما يعادل تقريباً 142 بليون سلوى. و هو ما يزيد عن 47،000 سلوى لكلّ إسرائيليّ. لابد أن ذلك كان نسخة مبدئية لفلم ألفرد هيتشكوك (الطيور) !!
قبل أن أنتهي من موضوع السّلوى، يجب أن أشير إلى النتيجة نهائيّة لحصاد اللّحم [وَإِذْ كَانَ اللحْمُ بَعْدُ بَيْنَ أَسْنَانِهِمْ قَبْل أَنْ يَنْقَطِعَ حَمِيَ غَضَبُ الرَّبِّ عَلى الشَّعْبِ وَضَرَبَ الرَّبُّ الشَّعْبَ ضَرْبَةً عَظِيمَةً جِدّاً – العدد 11: 33]. لقد ظننت أن الله قال أنهم سيأكلون السّلوى لشهر كامل!
كم كان حجم مدينة نينوى ؟
فَقَامَ يُونَانُ وَذَهَبَ إِلَى نِينَوَى بِحَسَبِ قَوْلِ الرَّبِّ. أَمَّا نِينَوَى فَكَانَتْ مَدِينَةً عَظِيمَةً لِلَّهِ مَسِيرَةَ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ. فَابْتَدَأَ يُونَانُ يَدْخُلُ الْمَدِينَةَ مَسِيرَةَ يَوْمٍ وَاحِدٍ. [يونان 3: 3-4]
كما ذكرنا سابقاً، فإن مسيرة اليوم قديماً كانت حوالي 20 ميل (32 كم)، لذا فقد كان قطر مدينة نينوى 60 ميلاً (96 كم). أي أنها مساحتها بلغت 2826 ميل مربّع (7320 كم مربع). تلك مدينة كبيرة بالفعل!
لنقم ببعض المقارنات. تبلغ مساحة مدينة نيويورك 304 ميل مربّع فقط (785 كم مربع). في تلك المنطقة، يسكن 7،322،564 شخص. أي أن الكثافة السكانية تبلغ 24000 شخص لكلّ ميل مربّع (9266 شخص لكل كم مربع). على العكس، أعيش في مدينة صغيرة تتألف من 195000 شخص يشغلون مساحة 42 ميل مربّع (67 كم مربع)، بكثافة سكانية قدرها 4600 للميل المربع (1776 في الكم المربع). لقد كانت المدن القديمة كثيفة سكانياً نوعاً ما، لمواجهة الصّعوبات التّنظيميّة في توزيع الغذاء و الماء و تنظيف مخلفات عدد كبير من النّاس قبل عصر أنظمة النّقل الجماعيّ، ناهيك عن تكلفة بناء أسوار المدينة. على سبيل المثال، كان لدى بومبي القديمة تعداداً من السكّان يبلغ 20 ألف نسمة، داخل الأسوار الممتدة على محيط ميلين (5.18 كم)، بكثافة سكانية تبلغ 62500 شخص لكلّ ميل مربّع (24131 شخص لكل كم مربع). لو كان لنينوى كثافة سكانية متوسّطة تبلغ 50 ألف شخص لكلّ ميل مربّع (19305 شخص لكل كم مربع)، فسيكون عدد سكانها 141.3 مليون شخص. و بما أن مدينة نيويورك تعتبر [مَدِينَةً عَظِيمَةً] بمعظم المقاييس، فلابد أن نينوى كانت مدينة هائلة. لقد كانت 9 مرّات أكبر من نيويورك في المساحة، و 19 مرة أكبر من حيث التعداد السكاني.
لكنّ انتظر، الكتاب المقدس يزودنا بعدد سكّان نينوى:[أفلا أُشفِقُ أنا على نينَوى العظيمةِ الـتي فيها أكثرُ مِنْ مئةٍ وعشرينَ ألف نسْمةٍ لا يعرِفونَ يمينَهُم مِنْ شِمالِهِم، فَضلاً عَنْ بَهائِمَ كثيرةٍ؟ – يونان 4: 11 الترجمة الكاثوليكية]. مئة و عشرون ألف شخص انتشروا على ما يزيد عن 2826 ميل مربّع فقط (7320 كم مربع) بمعدل 42 شخص لكلّ ميل مربّع (16 شخص لكل كم مربع) و الّذي يعادل 15 فدّانًا لكلّ شخص(60700 متر مربع)، أو 60 فدّانًا لعائلة مكونة من أربعة (242760 متر مربع). إن هذه ليست بمدينةً.
البعض يعتقد أن الـ120،000 الّذين لا يعرفون يمينهم من شمالهم يشير إلى عدد الأطفال في نينوى، لكنّ حتّى لو ضاعفنا هذا الرّقم لمقابلة عدد مساوٍ من البالغين فإن ذلك يعني كثافة سكانية تبلغ فقط 84 لكلّ ميل مربّع (32 لكل كم مربع).
على نحو عمليّ، يمكن أن نتوقّع أن يكون لنينوى سور بطول 3 أميال تقريباً (4.8 كم)، على افتراض أن أرقام التعداد السّكّاني دقيقة. من العجيب أن علماء الآثار قد وجدوا أسواراً في الغالب أنها لمدينة نينوى، تبلغ طولها ثلاثة أميال حول المدينة. لذا فإن نينوى لم تكن بعرض مسيرة ثلاثة أيام، إلا إذا كان يونان يمشي ببط شديد ، شديد جداً، في الحقيقة، كان بإمكانه الحصول على عمل في الهيكل!!
الجدار الكبير جداً:
قصّة أخرى من الكتاب المقدس تتحدث عن الآراميين الّذين هربوا من هزيمة نكراء في المعركة ليُقتلوا بعد أن كانوا بأمان في مدينتهم: [وَهَرَبَ الْبَاقُونَ إِلَى أَفِيقَ إِلَى الْمَدِينَةِ، وَسَقَطَ السُّورُ عَلَى السَّبْعَةِ وَالْعِشْرِينَ أَلْفَ رَجُلٍ الْبَاقِينَ – الملوك الأول 20: 30].
لابد أنه كان جداراً كبيراً جدًّا. لحساب الكيفية التي حدث فيها ذلك، يجب أوّلاً أن نحسب حجم مدينة أفيق. لقد قمنا في النقاط السابقة بتحديد مساحة مدن مختلفة ذات أسوار. نينوى [مَدِينَةً عَظِيمَةً] كان لها سوراً طوله ثلاثة أميال (4.8 كم). بومبي كان لها سوراً طوله حوالي ميلين (3.2 كم). أما مدينة أفيق فبالكاد ذكرت في الكتاب المقدس و لم يُشر إليها انها كانت مدينة عظيمة، لذا يمكن أن نفترض أنّها كانت أصغر من هاتين المدينتين. لذا سيكون لها سوراً أقصر من ميلين (3.2 كم).
لنقل مثلاً أنه كان يبلغ من الطول 1.5 ميل (2.5 كم). هذا الطول سيكون الحدّ الأعلى للطول المعقول. فإن كان هؤلاء الرّجال يقفون بجانب السور، جنبًا إلى جنب، فإن الواحد منهم سيحتل طولاً قدره /2/ قدم (60 سم). ذلك يعني أنه سيكون هنالك سبعة دوائر متمركزة من الرّجال، تقف بجوار السور عندما سقط. يجب أيضأً أن يسقط السور بالكامل في آن واحد دون أن يبتعد أحد من مكانه أو أن يحمي نفسه. بالإضافة إلى ذلك يجب أن يكون السور قد سقط كله إلى الخارج ، كما لو كان هناك انفجار كبير.
النّتيجة :
في الحقيقة، إذا استطعنا و بشكل جازم أن نثبت أن الكتاب المقدس مليء بالمبالغات، يجب علينا أن نتساءل عما يحتويه من الكذب أيضاً!!
=========
عن مجلة The Skeptical Review عدد يوليو/أغسطس لعام 2001
تعليق