رد: إلحاديات ع السريع
لم يكن يطمع الملاحدة في شيء أكثر من إثبات أزلية العالم المادي لأنها تحررهم ولو جزئيًا من إلزام الصانع، ولذا كان لإثبات بداية العالم المادي وقع محرج جدًا وصادم جدًا على الملاحدة، ولذا يعترف الفيزيائي الملحد [ستيفن وايننبرج] Steven Weinberg أنه كان يتمنى نظرية الكون الثابت الأزلي، لأنها أكثر جاذبية، وأبعد عمَّـا نادت به الأديان.
لكن أُمنيات ستيفن وايننبرج اصطدمت أول ما اصطدمت بحائط العلم نفسه، ولم يعد لها مكان داخل العلم المادي، يقول الفيزيائي البريطاني [دينيس شياما] Dennis Scaima "لم أُدافع عن نظرية الكون المُستقر لكونها صحيحة، بل لرغبتي في كونها صحيحة، ولكن بعد أن تراكمت الأدلة فقد تبين لنا أن اللعبة قد انتهت ."
فاللعبة قد انتهت فعلاً، وبذلك يعترف[ أنتوني فلو] Antony Flew فيلسوف الإلحاد في القرن العشرين قائلاً : "يقولون إن الاعتراف يفيد الإنسان من الناحية النفسية، وأنا سأُدلي باعترافي .. إن نموذج بداية الكون شيء محرج جداً بالنسبة للملحدين ، ذلك لأن العلم أثبت فكرة دافعت عنها الكتب الدينية ."
Henry Margentau, Roy A. Vargesse. Cosmos, Bios, Theos. La Salle Il: Open Court Publishing, 1992, 241
ولذا لا أكاد أحاور ملحدًا إلا وأرى عنده نزوعًا نحو القول بأزلية العالم المادي، مع أن هذه مسألة تصادم العلم، لكنه هاجس الإلحاد الذي يجعل الملحد يتنكر لقوانين العلم في مقابل أيديولوجيته.
ولذا لم يكن صراع جيمس هارتل James Hartle وإغراؤه لستيفن هاوكنج Stephen Hawking إلا لتحرير فرضية يستغنون بها عن فكرة بداية الزمان، لأنهم يعرفون أنه لا مكان للإلحاد في عالم له بداية في الزمان حيث ستصبح الإحالة إلى الماوراء -الخالق- إحالة عقلية مائة بالمائة ومستندها المعطى المادي ذاته، وقد اقترح هاوكنج وهارتل ما يُعرف بالنموذج الكمومي للكون، وهو يعتمد على مفهوم الزمن التخيلي imaginary time للهروب من فكرة بداية الزمان المرهقة لاهوتيًا.
ويقرر السير هربرت دنجل Dingle Sir Herbert رئيس الجمعية الفلكية الملكية بانجلترا، أن مفهوم الأرقام التخيلية إذا كان صحيحًا من الناحية الرياضية، فلا اعتبار له في الناحية التطبيقية، ويستدل على ذلك بمثال يعرفه كل التلاميذ الدارسين للرياضيات: إذا كان عدد الرجال المطلوبين لوظيفة ما هو x وكان x في بعض المعادلات لها عدد من الاحتمالات موجبة وسالبة ، عدد صحيح وكسر وعدد تخيلي، عدد مركب وصفر ولا نهاية ، أو أي شكل من الاشكال التي ولّدتها عقول الرياضيين، فإننا بالتأكيد سنعتبر x ( عدد الموظفين المطلوبين) رقم صحيح موجب ونرفض باقي الاحتمالات، إن الرياضيات لا تستطيع وحدها الاختيار بين البدائل في المثال السابق وسنعتمد على المنطق والخبرة والتجربة.
ومن ثَم فإن الزمن التخيلي الذي نشأ عن وضع الأرقام التخيلية في معادلات هاوكنج لا اعتبار له، وسينقلب إلى زمن حقيقي إذا استُبدل الرقم التخيلي برقم حقيقي، عندها ستظهر الحاجة إلى المسبب الأول.
إذن الجذر السالب ليس كمية فيزيائية، وبالتالي ليس له وجود فيزيائي.
أكرر مرةً أخرى: الجذر السالب ليس كمية فيزيائية، وبالتالي ليس له وجود فيزيائي.
ونظرًا لسذاجة نموذج هوكنج-هارتل لم يعد يعول حتى الملاحدة الغربيين عليه في تفسير نشأة الكون.
أما أحد أكبر أدلتنا على أن للكون بداية وللزمان بداية هو القانون الثاني للديناميكا الحرارية Second Law of Thermodynamic ولتبسيط هذا القانون فأنت لو كان عندك كوب ماء ساخن في الغرفة فإن الحرارة ستنتقل من الماء الساخن إلى جو الغرفة حتى تعادل درجة حرارة الغرفة درجة حرارة الكوب، وهكذا يسري هذا القانون على كل شيء في الكون وفي لحظة ما ستتعادل حرارة كل شيء في الكون وعند هذه اللحظة سيحدث الموت الحراري للكون Universe Thermal Death Of .
ولو كان الكون أزليًا لكان المفترض أن الكون متوقف الآن، لكن في الواقع الكون الآن في حالة أقل من الأنتروبي القصوى، ولم يصل للموت الحراري بعد! إذن هو ليس أزليًا، وله بداية ثابتة ظهر معها الزمان والمكان.
وبالمناسبة هذا قانون وليس نظرية!
وهو يسري على كل شيء، وله لوزام أخرى تُسقط فرضية التطور وتُسقط فلسفات وثنية كبرى مثل الهندوسية والبوذية والديانات الصينية التقليدية، حيث تقوم هذه الديانات الوثنية على فرضية دوران الزمان -الزمن يسير في دورات cycling - حيث يعيد الزمان نفسه كل بضعة ملايين من السنين، لكن هذا القانون ينسف هذه الفرضية الوثنية ، حيث يقرر هذا القانون أن الزمن يسير بطريقة خطية Linear وليس بطريقة دورية cyclic فيستحيل أن تنتقل الحرارة من جسم بارد إلى جسم أسخن. يستحيل أن ترتفع درجة حرارة الكوب الساخن على حساب الغرفة الباردة، وبالتالي هذا القانون ينسف الفكرة الدورية للزمن والعوالم.
وبالتالي أصبح هذا القانون يمثل أكبر ضربة يوجهها العلم لفلسفة دينية على الإطلاق وكان الضربة من نصيب الديانات الهندوسية والبوذية والصينية التقليدية، وهذه كبرى الديانات الوثنية في العالم.
فقد تبين أن الزمن يسير باتجاه خطي للأمام وليس دوري ولا رجعي للخلف.
وهذا قانون لا ينكسر ولا ينخرم وبالتالي فرضية دورية الزمان كما في الوثنية الشرقية، أو أزليته كما في الوثنية الإلحادية، في صدام مباشر مع قوانين الطبيعة ذاتها!
ويمكن استخدام هذا القانون لتحرير حجج أكبر على سخافة الإلحاد مثل:
1- إسقاط التطور: فالتطور يقوم على أن الزمن عامل بناء ومع الزمن يحدث تطور للأنواع، لكن القانون ينص على أن الزمن عامل هدم، وأن الطبيعة المادية لا تكفل مزيد من التعقيد مع الوقت بل الأصح مزيد من الهدم والتفكك والتبسيط، إلى أن يحدث الموت الحراري للكون كما فصّلنا منذ قليل.
2- إثبات العناية الإلهية والتدخل الإلهي في كل لحظة: فالتدخل الإلهي في كل ثانية وفي كل جزء من مليار جزء من الثانية - كل فيمتو ثانية يحدث تدخل إلهي - وإلا لتوقفت الحياة، والفيمتو ثانية هي الفترة الكافية لحدوث تفاعل كيميائي يمكن رصده.
وأي تفاعل كيميائي يحدث داخل الخلية يسير عكس قانون الديناميكا الحرارية الثاني، فهذا القانون يشترط أن الكون يسير نحو الهدم والتبسيط والتفكك، بينما التفاعل في الخلية يسير نحو البناء والتعقيد فالحياة تسير عكس قوانين الطبيعة وهذا لا يحدث إلا في حالة تدخل إلهي في كل لحظة.
وهذا ينسف أيضًا المذهب الربوبي القائل بالعزلة الالهية - تعالى الله عما يقولون – فالتدخل الإلهي يجري في كل لحظة وإلا لتوقف الكون.
إذن القانون الثاني للثرموديناميك ينسف الوثنية وينسف الإلحاد وينسف الربوبية، وبذلك يكون الإيمان بالله القيوم قيوم السماوات والأرض -القيوم بذاته المقيم لغيره- حقيقة لا تنفك عن المتفكر في خلق السماوات والأرض {الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السماوات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار} ﴿١٩١﴾ سورة آل عمران.
لكن قد يقول قائل : لا مانع أن توجد أجزاء في الكون تسير نحو نقص الأنتروبي طالما حدث التعويض وأصبح الكون على الجملة يتجه نحو زيادة الأنتروبي، وبالتالي قانون الديناميكا الثاني لا يُسقط مسألة التطور!
لكن هنا يظهر إشكال: فنقص الأنتروبي في مكان ما ليس له ما يبرره ذاتيًا وليس له ما يبرر استمرارية نقصه على نحو مضطرد في هذا الجزء في مقابل زيادة الأنتروبي في الجملة إلا بتدخل خارجي-انكسار نموذج الغلق في الديناميكا الثاني- وبالتالي فأن يحدث مصادفةً نقص الأنتروبي في جزء ما هذا بالفعل لا يمنعه قانون الديناميكا الثاني طالما أن الكون في الجملة يتجه نحو زيادة الأنتروبي، لكن أن يصبح النقص في الأنتروبي ظاهرة مطردة –مستمرة- بانتظام في هذا الجزء دون بقية الأجزاء ولا ينفك عنه، فهذا مما يجعل الإشكال له وجه، وقولنا بتدخل وانكسار الغلق أقوى منطقيًا من افتراض انتظام وقوع مصادفة نقص الانتروبي منذ لحظة ظهور الحياة على الآرض وحتى الساعة، وعدم حدوث العكس الذي هو زيادة الانتروبي والذي هو المفترض أن يحدث في كل لحظة وفي أي لحظة وفي أي مكان على الأرض ومع ذلك العكس دائماً يحدث ولا يمكن تفسير المصادفة طوال هذه المدة وعلى طول هذه الأنظمة ويصبح القول بالتدخل أقوى منطقيًا وأقرب ذهنيًا وأسهل تحليليًا.
وقد أثبتت الكيمياء الحيوية هذه الحقيقة، فقد تبين أن تفاعل الأحماض الأمينية ماصة للطاقة وليست طاردة لها .
فقانون الزيادة في الانتروبي S▲ :
S=q/t1▲
حيث q : مقدار الحرارة المضافة للنظام أو الممتصة منه .
و t1 : درجة حرارة النظام قبل امتصاص أو فقدان المقدار q .
نستطيع من القانون السابق تحديد ما إذا كان النظام قد قلت انتروبيته S▲ سالبة، أو زادت S▲ موجبة:
فإذا فقد النظام طاقة حرارية تصبح q سالبة فيصبح ناتج القسمة على t1 سالباً، أي أن النظام قد قلت أنتروبيته، ويحدث العكس لو اكتسب النظام طاقة حرارية .
فتفاعل الأحماض الأمينية ماصة للطاقة وليست طاردة لها، وهذا ينطبق على أي تفاعل بناء anabolic.
وهو ما يعني ببساطة أن التفاعل هو الذي يمتص الطاقة من الطبيعة ﻻ العكس، وهذا يعني زيادة الأانتروبي والفوضى في نظام التفاعل مما لن يمكنه من الصمود لما يكفي حتى يتمكن من بناء بروتين كامل، وبالتالي فلن تنشأ حياة دون تدخل إلهي لكسر قانون الديناميكا الحرارية الثاني!
وقد يقول آخر: أن الأنتروبي يزيد داخل الأنظمة المغلقة والأرض نظام مفتوح فهي تستمد طاقة ثابتة وباضطراد من الشمس، وهناك طاقة من باطن الأرض، وهناك تبادل الليل والنهار والتبادل الحراري الحادث عن هذه الظاهرة وما إلى ذلك.
الرد: في الواقع زيادة الأنتروبي فعليًا أمر قطعي في الأنظمة المغلقة، وأمر ظني قوي في الأنظمة المفتوحة.
لكن نحن هنا نحن لا نتحدث عن الأرض ليصادر شخص ما على الاستدلال ويقرر أن الأرض نظام مفتوح وليست نظام مغلق، وإنما حديثنا عن المنظومة الحياتية، والمنظومة الحياتية من وجهة نظري هي نظام مغلق لأنها لا تتفاعل مع البيئة المحيطة باكتساب طاقة تلقائيًا ولا إراديًا وإنما التفاعل إرادي لا تلقائي وهذا يعني أن النبات لكي يكتسب طاقة من التربة عبر جذوره فإنما يستخدم خواص مستقلة هادفة واعية مثل الخاصية الإسموزية، وعندما يكتسب طاقة من الشمس فإنه يوفر لها حبيبات اليخضور"الكلوروفيل"، ويضع فيها خصائص عالية الدقة والتوجه بحيث يحصل على الاستفادة من الكلوروفيل وإلا فإنه لن يستفيد بشيء، وهنا يظهر جليًا أن المنظومة الحياتية لو تُركت بلا إرادة ولو تركت بصيغة تلقائية منذ البدء فلن يحدث لها إلا زيادة في الأنتروبي وبالتالي يصبح السؤال هو: ما مصدر الوعي والإرادة ولماذا تسير المنظومة الحياتية ككل عكس منظومة كونية وهي القانون الثاني للديناميكا الحرارية وتسير عكس زيادة الانتروبي إلا إذا كان هناك تخطيط مسبق ووعي وإرادة.
إذن المنظومة الحياتية منظومة مغلقة في أصلها ولم تنفتح إلا بوعي مسبق وإرادة وتخطيط سابقين، وهنا يصبح قفز الملحد على سؤال الوعي بتقرير أن المنظومة الحياتية منظومة مفتوحة هو مصادرة على المطلوب، فلابد أن نعرف أولاً كيف تكون نظام مفتوح مع أنها ذاتيًا لا تكون منظام مفتوح وإنما الذي يتيح لها هذه الخاصية هو الوعي والإرداة وهي خصائص لا تكسر القانون الثاني للديناميكا الحرارية إلا بتدخل –إلهي- يعطيها هذه السمة وهذه المزية.
بقلم الدكتور / هيثم طلعت ..
راجع: منتدى التوحيد ..
قانون فيزيائى كونى ينسف الإلحاد والربوبية والوثنية فى ضربةٍ واحدة
لم يكن يطمع الملاحدة في شيء أكثر من إثبات أزلية العالم المادي لأنها تحررهم ولو جزئيًا من إلزام الصانع، ولذا كان لإثبات بداية العالم المادي وقع محرج جدًا وصادم جدًا على الملاحدة، ولذا يعترف الفيزيائي الملحد [ستيفن وايننبرج] Steven Weinberg أنه كان يتمنى نظرية الكون الثابت الأزلي، لأنها أكثر جاذبية، وأبعد عمَّـا نادت به الأديان.
لكن أُمنيات ستيفن وايننبرج اصطدمت أول ما اصطدمت بحائط العلم نفسه، ولم يعد لها مكان داخل العلم المادي، يقول الفيزيائي البريطاني [دينيس شياما] Dennis Scaima "لم أُدافع عن نظرية الكون المُستقر لكونها صحيحة، بل لرغبتي في كونها صحيحة، ولكن بعد أن تراكمت الأدلة فقد تبين لنا أن اللعبة قد انتهت ."
فاللعبة قد انتهت فعلاً، وبذلك يعترف[ أنتوني فلو] Antony Flew فيلسوف الإلحاد في القرن العشرين قائلاً : "يقولون إن الاعتراف يفيد الإنسان من الناحية النفسية، وأنا سأُدلي باعترافي .. إن نموذج بداية الكون شيء محرج جداً بالنسبة للملحدين ، ذلك لأن العلم أثبت فكرة دافعت عنها الكتب الدينية ."
Henry Margentau, Roy A. Vargesse. Cosmos, Bios, Theos. La Salle Il: Open Court Publishing, 1992, 241
ولذا لا أكاد أحاور ملحدًا إلا وأرى عنده نزوعًا نحو القول بأزلية العالم المادي، مع أن هذه مسألة تصادم العلم، لكنه هاجس الإلحاد الذي يجعل الملحد يتنكر لقوانين العلم في مقابل أيديولوجيته.
ولذا لم يكن صراع جيمس هارتل James Hartle وإغراؤه لستيفن هاوكنج Stephen Hawking إلا لتحرير فرضية يستغنون بها عن فكرة بداية الزمان، لأنهم يعرفون أنه لا مكان للإلحاد في عالم له بداية في الزمان حيث ستصبح الإحالة إلى الماوراء -الخالق- إحالة عقلية مائة بالمائة ومستندها المعطى المادي ذاته، وقد اقترح هاوكنج وهارتل ما يُعرف بالنموذج الكمومي للكون، وهو يعتمد على مفهوم الزمن التخيلي imaginary time للهروب من فكرة بداية الزمان المرهقة لاهوتيًا.
ويقرر السير هربرت دنجل Dingle Sir Herbert رئيس الجمعية الفلكية الملكية بانجلترا، أن مفهوم الأرقام التخيلية إذا كان صحيحًا من الناحية الرياضية، فلا اعتبار له في الناحية التطبيقية، ويستدل على ذلك بمثال يعرفه كل التلاميذ الدارسين للرياضيات: إذا كان عدد الرجال المطلوبين لوظيفة ما هو x وكان x في بعض المعادلات لها عدد من الاحتمالات موجبة وسالبة ، عدد صحيح وكسر وعدد تخيلي، عدد مركب وصفر ولا نهاية ، أو أي شكل من الاشكال التي ولّدتها عقول الرياضيين، فإننا بالتأكيد سنعتبر x ( عدد الموظفين المطلوبين) رقم صحيح موجب ونرفض باقي الاحتمالات، إن الرياضيات لا تستطيع وحدها الاختيار بين البدائل في المثال السابق وسنعتمد على المنطق والخبرة والتجربة.
ومن ثَم فإن الزمن التخيلي الذي نشأ عن وضع الأرقام التخيلية في معادلات هاوكنج لا اعتبار له، وسينقلب إلى زمن حقيقي إذا استُبدل الرقم التخيلي برقم حقيقي، عندها ستظهر الحاجة إلى المسبب الأول.
إذن الجذر السالب ليس كمية فيزيائية، وبالتالي ليس له وجود فيزيائي.
أكرر مرةً أخرى: الجذر السالب ليس كمية فيزيائية، وبالتالي ليس له وجود فيزيائي.
ونظرًا لسذاجة نموذج هوكنج-هارتل لم يعد يعول حتى الملاحدة الغربيين عليه في تفسير نشأة الكون.
أما أحد أكبر أدلتنا على أن للكون بداية وللزمان بداية هو القانون الثاني للديناميكا الحرارية Second Law of Thermodynamic ولتبسيط هذا القانون فأنت لو كان عندك كوب ماء ساخن في الغرفة فإن الحرارة ستنتقل من الماء الساخن إلى جو الغرفة حتى تعادل درجة حرارة الغرفة درجة حرارة الكوب، وهكذا يسري هذا القانون على كل شيء في الكون وفي لحظة ما ستتعادل حرارة كل شيء في الكون وعند هذه اللحظة سيحدث الموت الحراري للكون Universe Thermal Death Of .
ولو كان الكون أزليًا لكان المفترض أن الكون متوقف الآن، لكن في الواقع الكون الآن في حالة أقل من الأنتروبي القصوى، ولم يصل للموت الحراري بعد! إذن هو ليس أزليًا، وله بداية ثابتة ظهر معها الزمان والمكان.
وبالمناسبة هذا قانون وليس نظرية!
وهو يسري على كل شيء، وله لوزام أخرى تُسقط فرضية التطور وتُسقط فلسفات وثنية كبرى مثل الهندوسية والبوذية والديانات الصينية التقليدية، حيث تقوم هذه الديانات الوثنية على فرضية دوران الزمان -الزمن يسير في دورات cycling - حيث يعيد الزمان نفسه كل بضعة ملايين من السنين، لكن هذا القانون ينسف هذه الفرضية الوثنية ، حيث يقرر هذا القانون أن الزمن يسير بطريقة خطية Linear وليس بطريقة دورية cyclic فيستحيل أن تنتقل الحرارة من جسم بارد إلى جسم أسخن. يستحيل أن ترتفع درجة حرارة الكوب الساخن على حساب الغرفة الباردة، وبالتالي هذا القانون ينسف الفكرة الدورية للزمن والعوالم.
وبالتالي أصبح هذا القانون يمثل أكبر ضربة يوجهها العلم لفلسفة دينية على الإطلاق وكان الضربة من نصيب الديانات الهندوسية والبوذية والصينية التقليدية، وهذه كبرى الديانات الوثنية في العالم.
فقد تبين أن الزمن يسير باتجاه خطي للأمام وليس دوري ولا رجعي للخلف.
وهذا قانون لا ينكسر ولا ينخرم وبالتالي فرضية دورية الزمان كما في الوثنية الشرقية، أو أزليته كما في الوثنية الإلحادية، في صدام مباشر مع قوانين الطبيعة ذاتها!
ويمكن استخدام هذا القانون لتحرير حجج أكبر على سخافة الإلحاد مثل:
1- إسقاط التطور: فالتطور يقوم على أن الزمن عامل بناء ومع الزمن يحدث تطور للأنواع، لكن القانون ينص على أن الزمن عامل هدم، وأن الطبيعة المادية لا تكفل مزيد من التعقيد مع الوقت بل الأصح مزيد من الهدم والتفكك والتبسيط، إلى أن يحدث الموت الحراري للكون كما فصّلنا منذ قليل.
2- إثبات العناية الإلهية والتدخل الإلهي في كل لحظة: فالتدخل الإلهي في كل ثانية وفي كل جزء من مليار جزء من الثانية - كل فيمتو ثانية يحدث تدخل إلهي - وإلا لتوقفت الحياة، والفيمتو ثانية هي الفترة الكافية لحدوث تفاعل كيميائي يمكن رصده.
وأي تفاعل كيميائي يحدث داخل الخلية يسير عكس قانون الديناميكا الحرارية الثاني، فهذا القانون يشترط أن الكون يسير نحو الهدم والتبسيط والتفكك، بينما التفاعل في الخلية يسير نحو البناء والتعقيد فالحياة تسير عكس قوانين الطبيعة وهذا لا يحدث إلا في حالة تدخل إلهي في كل لحظة.
وهذا ينسف أيضًا المذهب الربوبي القائل بالعزلة الالهية - تعالى الله عما يقولون – فالتدخل الإلهي يجري في كل لحظة وإلا لتوقف الكون.
إذن القانون الثاني للثرموديناميك ينسف الوثنية وينسف الإلحاد وينسف الربوبية، وبذلك يكون الإيمان بالله القيوم قيوم السماوات والأرض -القيوم بذاته المقيم لغيره- حقيقة لا تنفك عن المتفكر في خلق السماوات والأرض {الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السماوات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار} ﴿١٩١﴾ سورة آل عمران.
لكن قد يقول قائل : لا مانع أن توجد أجزاء في الكون تسير نحو نقص الأنتروبي طالما حدث التعويض وأصبح الكون على الجملة يتجه نحو زيادة الأنتروبي، وبالتالي قانون الديناميكا الثاني لا يُسقط مسألة التطور!
لكن هنا يظهر إشكال: فنقص الأنتروبي في مكان ما ليس له ما يبرره ذاتيًا وليس له ما يبرر استمرارية نقصه على نحو مضطرد في هذا الجزء في مقابل زيادة الأنتروبي في الجملة إلا بتدخل خارجي-انكسار نموذج الغلق في الديناميكا الثاني- وبالتالي فأن يحدث مصادفةً نقص الأنتروبي في جزء ما هذا بالفعل لا يمنعه قانون الديناميكا الثاني طالما أن الكون في الجملة يتجه نحو زيادة الأنتروبي، لكن أن يصبح النقص في الأنتروبي ظاهرة مطردة –مستمرة- بانتظام في هذا الجزء دون بقية الأجزاء ولا ينفك عنه، فهذا مما يجعل الإشكال له وجه، وقولنا بتدخل وانكسار الغلق أقوى منطقيًا من افتراض انتظام وقوع مصادفة نقص الانتروبي منذ لحظة ظهور الحياة على الآرض وحتى الساعة، وعدم حدوث العكس الذي هو زيادة الانتروبي والذي هو المفترض أن يحدث في كل لحظة وفي أي لحظة وفي أي مكان على الأرض ومع ذلك العكس دائماً يحدث ولا يمكن تفسير المصادفة طوال هذه المدة وعلى طول هذه الأنظمة ويصبح القول بالتدخل أقوى منطقيًا وأقرب ذهنيًا وأسهل تحليليًا.
وقد أثبتت الكيمياء الحيوية هذه الحقيقة، فقد تبين أن تفاعل الأحماض الأمينية ماصة للطاقة وليست طاردة لها .
فقانون الزيادة في الانتروبي S▲ :
S=q/t1▲
حيث q : مقدار الحرارة المضافة للنظام أو الممتصة منه .
و t1 : درجة حرارة النظام قبل امتصاص أو فقدان المقدار q .
نستطيع من القانون السابق تحديد ما إذا كان النظام قد قلت انتروبيته S▲ سالبة، أو زادت S▲ موجبة:
فإذا فقد النظام طاقة حرارية تصبح q سالبة فيصبح ناتج القسمة على t1 سالباً، أي أن النظام قد قلت أنتروبيته، ويحدث العكس لو اكتسب النظام طاقة حرارية .
فتفاعل الأحماض الأمينية ماصة للطاقة وليست طاردة لها، وهذا ينطبق على أي تفاعل بناء anabolic.
وهو ما يعني ببساطة أن التفاعل هو الذي يمتص الطاقة من الطبيعة ﻻ العكس، وهذا يعني زيادة الأانتروبي والفوضى في نظام التفاعل مما لن يمكنه من الصمود لما يكفي حتى يتمكن من بناء بروتين كامل، وبالتالي فلن تنشأ حياة دون تدخل إلهي لكسر قانون الديناميكا الحرارية الثاني!
وقد يقول آخر: أن الأنتروبي يزيد داخل الأنظمة المغلقة والأرض نظام مفتوح فهي تستمد طاقة ثابتة وباضطراد من الشمس، وهناك طاقة من باطن الأرض، وهناك تبادل الليل والنهار والتبادل الحراري الحادث عن هذه الظاهرة وما إلى ذلك.
الرد: في الواقع زيادة الأنتروبي فعليًا أمر قطعي في الأنظمة المغلقة، وأمر ظني قوي في الأنظمة المفتوحة.
لكن نحن هنا نحن لا نتحدث عن الأرض ليصادر شخص ما على الاستدلال ويقرر أن الأرض نظام مفتوح وليست نظام مغلق، وإنما حديثنا عن المنظومة الحياتية، والمنظومة الحياتية من وجهة نظري هي نظام مغلق لأنها لا تتفاعل مع البيئة المحيطة باكتساب طاقة تلقائيًا ولا إراديًا وإنما التفاعل إرادي لا تلقائي وهذا يعني أن النبات لكي يكتسب طاقة من التربة عبر جذوره فإنما يستخدم خواص مستقلة هادفة واعية مثل الخاصية الإسموزية، وعندما يكتسب طاقة من الشمس فإنه يوفر لها حبيبات اليخضور"الكلوروفيل"، ويضع فيها خصائص عالية الدقة والتوجه بحيث يحصل على الاستفادة من الكلوروفيل وإلا فإنه لن يستفيد بشيء، وهنا يظهر جليًا أن المنظومة الحياتية لو تُركت بلا إرادة ولو تركت بصيغة تلقائية منذ البدء فلن يحدث لها إلا زيادة في الأنتروبي وبالتالي يصبح السؤال هو: ما مصدر الوعي والإرادة ولماذا تسير المنظومة الحياتية ككل عكس منظومة كونية وهي القانون الثاني للديناميكا الحرارية وتسير عكس زيادة الانتروبي إلا إذا كان هناك تخطيط مسبق ووعي وإرادة.
إذن المنظومة الحياتية منظومة مغلقة في أصلها ولم تنفتح إلا بوعي مسبق وإرادة وتخطيط سابقين، وهنا يصبح قفز الملحد على سؤال الوعي بتقرير أن المنظومة الحياتية منظومة مفتوحة هو مصادرة على المطلوب، فلابد أن نعرف أولاً كيف تكون نظام مفتوح مع أنها ذاتيًا لا تكون منظام مفتوح وإنما الذي يتيح لها هذه الخاصية هو الوعي والإرداة وهي خصائص لا تكسر القانون الثاني للديناميكا الحرارية إلا بتدخل –إلهي- يعطيها هذه السمة وهذه المزية.
بقلم الدكتور / هيثم طلعت ..
راجع: منتدى التوحيد ..
تعليق