رد: مناظرة مع السيد رشيد حول نبوة محمد صلى الله عليه وسلم
غ 39- أن يكون الموت فى سبيل الله أغلى أمانيه
معنى أن يستشهد فى سبيل الله أنه لا يخشى فى الله لومة لائم، وأنه يثق فى الله ويصدقه، ويؤمن برسالته التى كلفه بها الله، وعلى أتم استعداد أن يموت فى سبيل تحقيقها، وأنه يجاهد بعلمه وماله ونفسه لتحقيق مراد الله تعالى. وهذا هو أرفع وأسمى أنواع الجهاد.
من الواجب على الأمة الإسلامية، إذا تأهَّلت لمهمة الخلافة والقيادة، أنْ تعملَ على إحياء رُوح الجهاد والفروسِيَّة في قلوب الشباب المسلم، وإيقاظ هذه الفريضة في قلوب الغافلين، وإحيائها بمفهومها الشرعي الصحيح الشامل، الذي يبدأ مِنْ طَلَبِ العلم النافع للمسلمين بَدْءًا بِطَلَب العلوم الشرعية، ثُمَّ بكل علم نافع في شتَّى مجالات الحياة البشرية، ثُمَّ الجهاد ببذل المال والصدقات، والزَّكَوَات في سبيل الله - تعالى - وإنشاء كل عمل يَخدم هذه الأُمَّة ويُؤهلها لمرحلة القيادة والخلافة الراشدة، ثُمَّ الاستعداد النفسي والبدني للجهاد في سبيل الله، في سبيل إعلاء كلمة التوحيد والإسلام، والاستعداد العسكري المسلح لخوضِ المعارك، وفتح البلاد بنور الإسلام وعدله وسلامه.
فالجهادُ في سبيل الله لا يَعني سَفْكَ الدِّماء، ولا قتل الأبرياء بغَيْرِ حَق، كما يُصوره أعداء الإسلام؛ والحاقدون من المنافقين والعَلمانيِّين، ومَن سار على طريقتِهم باتِّهام الإسلام وأهله، وفريضة الجهاد بأنَّها نوعٌ من الإرهاب والتخويف للنَّيْلِ من الإسلام وأهله.
كلاَّ، إِنَّما حقيقة الجهاد إزاحةُ الظالمين والطُّغاة أنْ يَقِفُوا في وجه هذه الدَّعوة الإسلامية الخالدة،وأنْ يَمنعوا أُمَّةَ الهدى والنور من تبليغِ هذه الرِّسَالة للنَّاس، واسماعهم لِمَا فيها من الحق والعدل والرَّحْمة، وفيها من معاني التحرير الرَّبَّاني للبشرية من ظلم الظَّالِمين، ومن جَوْرِ الحُكَّام والساسة الذين طالما قهروا الناسَ، وأخرسوا ألسنتَهم، وكمَّمُوا أفواهَهم عن قولِ كلمة الحق، ونُصرة المظلوم، وعن أنْ تستنشقَ نَسَائِمَ الإيمان والقرآن، والعدل والرَّحْمة، والمساواة بين العباد في تكاليف العُبُودية لله وحْدَه.
فهل قاوم يسوع الحكم الرومانى الغاشم؟ لا. بل كان يدفع الجزية لقيصر بانتظام.
هل قاوم يسوع الكهنة وظملهم بتنظيم جيش يردعهم ويطردهم من تولى مسؤولية الدعوة والتفسير وتعليم الناس والحكم بينهم؟لا. بل رفض أن يقسم الميراث بين أخوين، ورفض أن يحكم على امرأة اتهمت بالزنى وقد رآها من قدموها له تزنى فى نفس ذات الفعل.
هل حث يسوع اليهود على مقاومة قيصر واحتلاله لفلسطين؟ لا.
وكل ما نعرفه عن أقوال يسوع فى هذا الصدد أنه أمر أتباعه أن يحملوا صليبهم ويتبعوه، أى يتحملوا الموت فى سبيل الله، وأمرهم أن من ضرب أحدهم على خده الأيسر أن يدير له الآخر أيضًا، وأن من يسلبه الرداء فيعطيه ما بقى، بل أمر بمحبة الأعداء. فهل هذه دعوة إنسان يريد أن يقيم حكم الله على الأرض (ملكوته)؟ أليس من المنطق وجود قوة تحمى الحق؟ فأين القوة التى دعى إليها يسوع؟
(39وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: لاَ تُقَاوِمُوا الشَّرَّ بَلْ مَنْ لَطَمَكَ عَلَى خَدِّكَ الأَيْمَنِ فَحَوِّلْ لَهُ الآخَرَ أَيْضاً. 40وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يُخَاصِمَكَ وَيَأْخُذَ ثَوْبَكَ فَاتْرُكْ لَهُ الرِّدَاءَ أَيْضاً. 41وَمَنْ سَخَّرَكَ مِيلاً وَاحِداً فَاذْهَبْ مَعَهُ اثْنَيْنِ. 42مَنْ سَأَلَكَ فَأَعْطِهِ وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَقْتَرِضَ مِنْكَ فَلاَ تَرُدَّهُ.) متى 5: 39-42
فلماذا هذا التخاذل؟ لماذا لم يدعهم إلى نصرة الحق ولو ماتوا فى سبيل تحقيقه؟
لماذا ينهاهم عن مقاومة الشر؟ هل هذا أمر يصدر من نبى أو إله؟
إذن فالجهاد والموت فى سبيل تنفيذ شرع الله ومراده غير وارد فى الحسبان عند يسوع. بل كان يهرب من اليهود خوفًا من القبض عليه وإعدامه أو معاقبته، وتحرير البشرية من الخطيئة الأزلية، كما تزعمون.
(1وَكَانَ يَسُوعُ يَتَرَدَّدُ بَعْدَ هَذَا فِي الْجَلِيلِ لأَنَّهُ لَمْ يُرِدْ أَنْ يَتَرَدَّدَ فِي الْيَهُودِيَّةِ لأَنَّ الْيَهُودَ كَانُوا يَطْلُبُونَ أَنْ يَقْتُلُوهُ.) يوحنا 7: 1
(53فَمِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ تَشَاوَرُوا لِيَقْتُلُوهُ. 54فَلَمْ يَكُنْ يَسُوعُ أَيْضاً يَمْشِي بَيْنَ الْيَهُودِ علاَنِيَةً ...) يوحنا 11: 53-54
(59فَرَفَعُوا حِجَارَةً لِيَرْجُمُوهُ. أَمَّا يَسُوعُ فَاخْتَفَى وَخَرَجَ مِنَ الْهَيْكَلِ مُجْتَازاً فِي وَسْطِهِمْ وَمَضَى هَكَذَا.) يوحنا 8: 59
فهل حث القرآن والرسول صلى الله عليه وسلم على الجهاد فى سبيل الله؟ نعم. وإليك بعض الآيات:
قال تعالى: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ﴾ البقرة: 216
وقال الله تعالى: (وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَلا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ) البقرة: 193
وقال سبحانه: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا وَقَالُوا لإِخْوَانِهِمْ إِذَا ضَرَبُوا فِي الأَرْضِ أَوْ كَانُوا غُزًّى لَوْ كَانُوا عِنْدَنَا مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا لِيَجْعَلَ اللهُ ذَلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ وَاللهُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ * وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ * وَلَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لإِلَى اللهِ تُحْشَرُونَ﴾ آل عمران: 156-158
وقال الله: ﴿وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ﴾ الأنفال: 60
وقال تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ﴾ الصف: 4
وقال الرحمن: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِئَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ﴾ الأنفال: 65
وقال تبارك وتعالى في قتال المشركين: ﴿قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ * وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴾ التوبة: 14-15
وقال العليم الخبير: ﴿قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ﴾ التوبة: 29
قال الله تعالى: ﴿انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ التوبة: 41
وقال جل جلاله: ﴿فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالآخِرَةِ وَمَنْ يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا﴾ النساء: 74
وقال جل شأنه: ﴿وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ * فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾ آل عمران: 169-170
وقال تعالى: ﴿لَكِنِ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ جَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَأُولَئِكَ لَهُمُ الْخَيْرَاتُ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾ التوبة: 88-89
وقال سبحانه: ﴿إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآَنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾ التوبة: 111
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فى الجهاد فى سبيل تحقيق ملكوت الله وشريعته: ((والذي نفسي بيده، لولا أنَّ رجالاً من المؤمنين لا تطيبُ أنفسُهم بأنْ يتخلَّفوا عني، ولا أجدُ ما أحملهم عليه، ما تَخلَّفت عن سرية تغزو في سبيل الله، والذي نفسي بيده، لوَدِدْت أنِّي أُقْتَل في سبيل الله، ثم أحيا ثم أقتل، ثم أحيا ثم أُقْتَل))؛ رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه.
وعن أبي هُريرة - رضي الله عنه - أنَّ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((والذي نفسي بيده، لا يُكْلَم أحدٌ في سبيل الله - والله أعلم بمن يُكْلَم في سبيله - إلاَّ جاء يومَ القيامة، واللَّونُ لَوْنُ الدَّم، والرِّيحُ ريح المسك))؛ رواه البخاري ومسلم.
وعن أنسٍ - رضي الله عنه - قال: "غاب عَمِّي أنس بن النضر عن قتالِ بدر، فقال: يا رسول الله، غِبْتُ عن أولِ قتالٍ قاتلتَ المشركين، لئن أشهدني الله قتالَ المشركين؛ ليَرَيَنَّ الله ما أصنع، فلَمَّا كان يومُ أُحُدٍ، وانكشف المسلمون، قال: اللهم إنِّي أعتذر إليك مما صنع هؤلاء؛ يعني: أصحابه، وأَبْرَأُ إليك مِمَّا صنع هؤلاء؛ يعني: المشركين، ثُمَّ تقدَّم فاستقبله سعدُ بن معاذ، فقال: يا سعدُ بنُ معاذ، الجنَّةَ وربِّ النضر، إنِّي أجد ريحها من دون أُحُد، قال سعد: فما استطعت يا رسول الله ما صَنَع، قال أنسٌ: فوجدنا به بضعًا وثَمانين ضربةً بالسيف أو طَعْنةً برمح أو رَمْيَةً بسهم، ووجدناه قد قُتِلَ وقد مَثَّلَ به المشركون، فما عرفه أَحَدٌ إلا أخته ببَنانه؛ قال أنس: كنا نرى، أو نظن أنَّ هذه الآية نزلت فيه وفي أشباهه: ﴿مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ﴾ الأحزاب: 23، إلى آخر الآية"؛ رواه البخاري.
وعن أم حارثة بن سراقة أنَّها أتت النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - فقالت: يا نَبِيَّ الله، ألاَ تحدثني عن حارثة - وكان قُتِلَ يومَ بدر، أصابه سَهْمٌ غَرْبٌ - فإن كان في الجنة صبرتُ، وإن كان غير ذلك، اجتهدت عليه في البُكاء؟ قال: ((يا أُمَّ حارثة، إنَّها جنان في الجنة، وإنَّ ابنَك أصابَ الفِرْدَوْسَ الأعلى))؛ أخرجه البخاري.
وعن عبدالله بن أبي أوفى - - أنَّ رَسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((واعلموا أنَّ الجنةَ تَحت ظلال السيوف))؛ أخرجه الشيخان وأبو داود.
وعن زيد بن خالد الجهني - رضي الله عنه - أنَّ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((مَن جَهَّزَ غازيًا في سبيل الله، فقد غزا، ومن خَلَفَ غازيًا في سبيل الله بِخَيْرٍ فقد غزا))؛ رواه البخاري ومسلم وأبو داود والتِّرمذي، وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((من احتبس فَرَسًا في سبيل الله، إيمانًا بالله، وتصديقًا بوعده، فإنَّ شبعه ورِيَّه وروثه وبوله في ميزانه يومَ القيامة))؛ رواه البخاري
وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قيل: يا رسول الله، ما يَعْدِلُ الجهاد في سبيل الله؟ قال: ((لا تستطيعونه))، قال: فأعادوا عليه مرَّتين أو ثلاثًا كل ذلك يقول: ((لا تستطيعونه))، ثم قال: ((مَثَلُ المجاهد في سبيل الله، كمَثَلِ الصائم القائم القانت بآياتِ الله، لا يفتر من صيام ولا صلاة، حتى يرجع المجاهد))؛ أخرجه الستة إلاَّ أبا داود.
وعن ابن عباس - رَضِيَ اللهُ عَنهُما - قال: سَمِعْت رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - يقول: ((عينان لا تَمسهما النار: عين بكت من خشية الله، وعين باتتْ تَحْرُسُ في سبيل الله))؛ رواه التِّرمِذِي.
وعن سهل بن حُنيف - رَضِيَ اللهُ عَنهُ - أنَّ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((مَن سأل الله - تعالى - الشهادة بصِدقٍ بلَّغه الله منازلَ الشُّهداء، وإن مات على فراشه))؛ رواه الخمسة إلا البخاري.
وعن خريم بن فاتك قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((مَن أنفق نفقة في سبيل الله - تعالى - كتبتْ له بسبعمائة ضعف))؛ رواه الترمذي وحسنه والنسائي.
وعن المقدامِ بنِ معدِي كَرِبَ قال: قال رسول - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((للشَّهيد عندَ اللهِ ستُّ خصالٍ: يغفرُ لهُ في أوَّلِ دفعةٍ، ويرى مقعده من الجنَّةِ، ويُجارُ من عذابِ القبرِ، ويأمنُ من الفزعِ الأكبرِ، ويوضعُ على رأسهِ تاجُ الوقارِ، الياقُوتةُ منها خيرٌ من الدُّنيا وما فيها، ويزوَّجُ اثنتينِ وسبعينَ زوجةً من الحورِ العينِ، ويشفَّعُ في سبعينَ من أقربائهِ))؛ رواه الترمذي وابن ماجه،
وقال: ((مَن طلب الشهادة صادقًا أعطيها ولو لم تصبه))؛ رواه مسلم عن أنس
وقال صلى الله عليه وسلم: ((مَن مات ولم يغزُ، ولم يحدث به نفسه، مات على شعبة من النفاق))؛ رواه مسلم وأبو داود عن أبى هريرة رضى الله عنه
وعن جابر بن عبدالله - رضي الله تعالى عنه - يقول: "لما قتل عبدالله بن عمرو بن حرام يومَ أحد، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((يا جابر، ألاَ أخبرك ما قال الله - عزَّ وجلَّ - لأبيك؟))، قلت: بلى، قال: ((ما كلم الله أحدًا إلاَّ من وراء حجاب، وكلم أباك كفاحًا, فقال: يا عبدي، تَمَنَّ عليَّ أعطك، قال: يا رب، تُحيِيني فأقتل فيك ثانية، قال: إنَّه سبق مني أنَّهم إليها لا يرجعون، قال: يا رب، فأَبْلِغْ مَن وَرائي))، فأنزل الله عزَّ وجل هذه الآية: ﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا... ﴾ آل عمران: 169 الآية كلها"؛ رواه ابن ماجه.
وعن عبدالله بن عمر قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((إذا تبايعتم بالعِينَة وأخذتم أذنابَ البقر، ورضيتم بالزَّرع، وتركتم الجهادَ، سَلَّطَ الله عليكم ذُلاًّ لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم))؛ رواه أحمد وأبو داود وصححه الحاكم.
وعن أنس - رضي الله عنه - قال: "انطلقَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - وأصحابُه حتى سبقوا المشركين إلى بدر وجاء المشركون، فقال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((قوموا إلى جنة عرضها السموات والأرض))، قال عُمَيْرُ بن الحُمَام: بَخٍ بَخٍ، فقال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((ما يَحملك على قولك: بَخٍ بخ))، قال: لا والله يا رسول الله، إلاَّ رجاءَ أن أكون من أهلها، قال: ((فإنَّك من أهلها))، فأخرج تَمرات من قرنه فجعل يأكل منهن، ثم قال: لئن أنا حييت حتى آكل تمراتي هذه، إنَّها لحياة طويلة، فرمى بما كان معه من التمر، ثم قاتل حتى قتل؛ رواه مسلم.
هذا بالإضافة إلى الغزوات العديدة التى قام بها الرسول صلى الله عليه وسلم، ومنها غزوة أحد التى أصيب فيها إصابات بالغة.
وإن دل هذا فإنما يدل على صدق إيمانه ودعوته لتكون كلمة الله هى العليا، وكلمة الذين كفروا هى السفلى.
والجهاد ليس لإجبار غير المسلمين على الإسلام، كما يزعم الجهلاء به، ولكنه له عدة أهداف شرعية. فيقول (الدكتور رشيد كهوس) فى مقاله (الإلمام بأهداف الجهاد القتالي في الإسلام) على شبكة النت إن أهداف القتال فى الإسلام هى:
1- حماية الدعوة وتأمين انتشارها:
لقولِه تبارك وتعالى: (وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَلا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ) (البقرة: 193)
فالإسلام "لا يعرِف حربَ العُدْوان، ولا يزاوِلُها لبسْط السُّلطان، وإنَّما هو يعتبِرُها تأمينًا لدعْوته، وإباحة لحرِّيَّة الاعتقاد، ويتَّخذ منها حصنًا يقيه اعتِداء المعتدين، ويردُّ كيدَ الكائدين الغاشِمين، ليبلِّغ للنَّاس كلِمة التَّوحيد التي جاء بها الرَّسول، الذي بعثه الله ليُعيدَ ما تناساه النَّاس من التَّوحيد الَّذي جاء به الرُّسل السَّابقون، ويهدم الوثنيَّة عند المشركين، فكلّ مَن يمنعه من تبليغ دعوته، ويَحول بيْنَه وبين نُصْح النَّاس، يَجب قتاله، ليُفْسح الطَّريق أمام الدَّعوة" (الفن الحربي، عبدالرؤوف عون، ص65).
فالغرض الأصيل من القتال هو حماية الدَّعوة؛ "لذلك فإنَّ الإسلام لا يَقْهر، ولا يُجبر امرأً على دين يرفضُه، وعلى هذا فالحريَّة مكفولة في أحكام ودستور الإسلام، ولو صحَّ قولُ بعضِهم أنَّ الإسلام سلَّ سيفًا وفرض نفسَه جبرًا لَمَا وجدنا شيئًا اسمه "الجزية" أو "ذمّيون"، فالجزْية لغير المسلمين الَّذين لم يرْضَوا دخول الإسلام، ولم يُجبرهم الإسلام على اعتِناقه، إنَّهم في حريَّة تامَّة، عقائدُهم ومعابدُهم مُحترمة يطبِّقون أحكام دينهم فيما بينهم" (الإسلام في قفص الاتهام، شوقي أبو الخليل، ص104).
2- حماية دار الإسلام:
من أهداف الجهاد القِتالي الدِّفاع لردِّ اعتداء المعْتدين على أرْض المسلمين؛ يقول الله جلَّ جلالُه: (وَمَا لَكُمْ لا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيّاً وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا) (النساء: 75)؛ أي: "هذا حثٌّ من الله لعباده المؤمنين وتَهييج لهم على القِتال في سبيله، وأنَّ ذلك قد تعيَّن عليهِم، وتوجَّه اللَّوم العظيم عليهِم بترْكِه، فقال: (وَمَا لَكُمْ لا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ) والحال أنَّ المستضعفين من الرِّجال والنِّساء والولدان الَّذين لا يستطيعون حيلةً ولا يهْتدون سبيلاً، ومع هذا فقد نالَهم أعظم الظُّلم من أعْدائهم، فهم يدْعون الله أن يُخرجهم من هذه القرية الظَّالم أهلُها لأنفُسِهم بالكفر والشِّرْك، وللمؤمنين بالأذى والصَّدِّ عن سبيل الله، ومنْعِهم من الدَّعوة لدينهم والهجرة.
ويدْعون الله أن يَجعل لهم وليًّا ونصيرًا يستنقِذُهم من هذه القرية الظَّالم أهلها، فصار جهادُكم على هذا الوجه من باب القتال والذَّبِّ عن عيلاتكم وأولادِكم ومحارمكم، لا من باب الجِهاد الذي هو الطَّمع في الكفار، فإنَّه وإن كان فيه فضل عظيم ويُلام المتخلِّف عنه أعظمَ اللَّوم، فالجِهاد الَّذي فيه استنقاذ المستضْعفين منكم أعظمُ أجرًا وأكبر فائدة، بِحيث يكون من باب دفْع الأعْداء" (تفسير السعدي، ص187).
3- المحافظة على العهود والمواثيق:
فيجِب الحفاظ عليْها والالتزام بها وعدَم التلاعب بها أو نقضها، فالعهود التي أُبْرِمت في عهد النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم، سواءٌ كانت مع قريش أم اليهود - نقَضَها أصحابُها ونكثوها؛ فلذلِك قاتَلَهم رسولُ الله - صلَّى الله عليْه وسلَّم - فقاتَلَ يهودَ قُرَيْظة وقريشًا لمَّا نقضوا عهودهم.
وفي قتال مَن نكثَ عهْدَه يقول الحقُّ سبحانه وتعالى: (وَإِن نَّكَثُوا أَيْمَانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لا أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ * أَلا تُقَاتِلُونَ قَوْماً نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّوا بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ وَهُمْ بَدَأُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِين) (التوبة: 13-14)؛ أي: "يقول تعالى بعدما ذكر أنَّ المعاهدين من المشركين إنِ استقاموا على عهدهم فاستقيموا لهم على الوفاء: (وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ)؛ أي: نقضوها وحلُّوها، فقاتَلُوكم أو أعانُوا على قتالكم، أو نقصوكم، (وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ)؛ أي: عابُوه، وسخروا منْه، ويدخُل في هذا جميع أنواع الطَّعن الموجَّهة إلى الدِّين، أو إلى القُرآن، (فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ)؛ أي: القادة فيه، الرُّؤساء الطَّاعنين في دين الرَّحمن، النَّاصرين لدين الشَّيطان، وخصَّهم بالذِّكْر لعِظَم جنايتهم، ولأنَّ غيرهم تبَعٌ لهم، وليدلَّ على أنَّ مَن طعن في الدِّين وتصدَّى للرَّدِّ عليه، فإنَّه من أئمَّة الكفر.
(إِنَّهُمْ لا أَيْمَانَ لَهُمْ)؛ أي: لا عهودَ ولا مواثيق يُلازمون على الوفاء بها، بل لا يزالون خائنين، ناكثين للعهد، لا يوثق منهم. (لَعَلَّهُمْ) في قتالكم إيَّاهم (يَنْتَهُونَ) عن الطَّعن في دينكم، وربَّما دخلوا فيه. ثمَّ حثَّ على قتالِهم، وهيَّج المؤمنين بذِكْر الأوصاف، التي صدرتْ من هؤلاء الأعداء، والتي هم موصوفون بها، المقتضِية لقتالهم: (تفسير السعدي، 330).
4- درء الفتنة ومنْع البغْي في الدَّاخل والخارِج:
كالرِّدَّة والحرابة والبغْي، كذلك إذا بغتْ فئة وخالفتْ جماعةَ المسلمين وأرادت الفساد في الأرْض، وجَبَ قِتالُها حتَّى ترجع إلى أمر الله تعالى.
ففي الفتنة: "والفتنة أنواع، منها: ما يُمارسه الكفَّار من تعذيب المستضْعفين من المؤمنين وتضْييق الخناق عليهم ليرتدُّوا عن دينهم؛ قال تعالى: (وَمَا لَكُمْ لا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيّاً وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا) (النساء: 75)، ومنها: الأوْضاع والأنظمة الكفريَّة وما ينتج عنها من فسادٍ في شتَّى مجالات الحياة؛ فإنَّ هذه من شأْنِها أن تفْتِن المسلِمَ عن دينه، وبهذا فسَّر بعض السَّلف قولَه تعالى: (وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ) (البقرة: من الآية 193) (منهج النبي - صلى الله عليه وسلم - في الدعوة، ص248).
ففي الحرابة، يقول الله تعالى: (إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَاداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ) (المائدة: 33)
وفي بغي فئةٍ على فئةٍ يقول عزَّ اسمُه: (وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) (الحجرات: 9).
وفي الردَّة: عن ابن عبَّاس رضِي الله عنهما قال: قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: ((مَن بَدَّلَ دِينَه فَاقْتُلوه)) (صحيح البخاري، كتاب استِتابة المرتدِّين والمعاندين وقتالهم، باب حكم المرتدّ والمرتدَّة، ح2622).
ومجمل القول:
أنَّ جهاد النَّبي صلَّى الله عليه وسلَّم القتالي كان وفْق تلك الضَّوابط والأهداف، "فكلُّ سريَّة أو بعثٍ أو غزْوة في زمن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم إنَّما كانت ردًّا على عدْوان وانتقامًا منه، أو دفعًا لأذى، أو تنكيلاً بناكثٍ أو غادِر، أو تأديبًا لبُغاة أشرار، أو ثأرًا لدم إسلامي، أو ضمانة لحريَّة الدَّعوة والاستجابة المهدَّدتين أو المعطَّلتين بغيًا وعدوانًا.
ولا يُمكن أن يكون وقَع من النبي صلَّى الله عليه وسلَّم نقضٌ للمبادئ التي قرَّرها القرآن وبلَّغها النبي بطبيعة الحال، والتي استمرَّت تتْرى في الآيات القرآنيَّة في مختلف أدوار السيرة النبوية في عهدَيْها إلى آخرها" (سيرة الرَّسول - صلى الله عليه وسلم - صور مقتبسة من القُرآن الكريم، وتحليلات ودراسات قرآنية، محمد عيسى دروزة، 2/ 278 - 279).
وهكذا تقرِّر الشَّريعة الغرَّاء أنَّ الجهاد القتالي في الإسلام ليس "طاقة مادّيَّة، وقوَّة عسكريَّة، وتحرُّكًا مادِّيًّا، ابتغاءَ النَّصر كيفما كان الأمر، إنَّه في الإسلام عبادة يتطوَّع بها المسلم بدمه وماله لنصرة دين الله، وترسيخ شرْعِه ونظامه في هذه الدنيا.
ليس القصْد في الجهاد الانتِصار ولا الغلبة والسَّيْطرة على مناطق النُّفوذ، ولا بسط السلطان على أكبر مساحات من الخامات، كلاَّ، القصْد فيه مرضاة الله، بنشْر دينه وتطبيق شرعه.
حينما يرْقى المسلِمون في جهادِهم إلى هذا المستوى، يصْبحون جديرين بنصْر الله، وإنجاز وعده، والقوَّة المادِّيَّة المجرَّدة، لا غناء للإنسانيَّة فيها، إن لم يصنعها الإيمان، ويفجِّرها اليقين، وتثبتها إشعاعات من روح الله" (صور وعبر من الجهاد النَّبوي بالمدينة، محمد فوزي فيض الله، ص181 - 182).
رابط الموضوع: http://www.alukah.net/sharia/0/7652/#ixzz32ceSHE4S
فكيف حمى يسوع دعوته؟
فى الحقيقة فهو لم يحمها، فلم ينتقى إلا تلاميذ أغبياء لم يفهموا أمثاله ولا دعوته، ولا حتى شخصيته، وكم تضجر منهم ومن سوء فهمهم، ومنهم لص خائن (يهوذا الإسخريوطى)، ومنهم من كان لا يهتم بما لله (بطرس)، ومنهم من تعاركوا ليروا من سيكون منهم الرئيس بعد يسوع.
كما ضاعت اللغة التى كتب بها كتابه، وكان هو يتكلمها، وأضيفت إلى المخطوطات الكثير والكثير، مثل عقيدة التثليث فى متى 28: 19، ورسالة يوحنا الأولى 5: 7.
فقوله لبطرس: (23فَالْتَفَتَ وَقَالَ لِبُطْرُسَ: «اذْهَبْ عَنِّي يَا شَيْطَانُ. أَنْتَ مَعْثَرَةٌ لِي لأَنَّكَ لاَ تَهْتَمُّ بِمَا لِلَّهِ لَكِنْ بِمَا لِلنَّاسِ».) متى 16: 23
ولم يفهموا مثل الزوان: (36حِينَئِذٍ صَرَفَ يَسُوعُ الْجُمُوعَ وَجَاءَ إِلَى الْبَيْتِ. فَتَقَدَّمَ إِلَيْهِ تَلاَمِيذُهُ قَائِلِينَ: «فَسِّرْ لَنَا مَثَلَ زَوَانِ الْحَقْلِ».) متى 13: 36
(27وَلَمْ يَفْهَمُوا أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ لَهُمْ عَنِ الآبِ.) يوحنا 8: 27
(6هَذَا الْمَثَلُ قَالَهُ لَهُمْ يَسُوعُ وَأَمَّا هُمْ فَلَمْ يَفْهَمُوا مَا هُوَ الَّذِي كَانَ يُكَلِّمُهُمْ بِهِ.) يوحنا 10: 6
(16وَهَذِهِ الأُمُورُ لَمْ يَفْهَمْهَا تلاَمِيذُهُ أَوَّلاً وَلَكِنْ لَمَّا تَمَجَّدَ يَسُوعُ حِينَئِذٍ تَذَكَّرُوا أَنَّ هَذِهِ كَانَتْ مَكْتُوبَةً عَنْهُ وَأَنَّهُمْ صَنَعُوا هَذِهِ لَهُ.) يوحنا 12: 16
ووصفهم بقلة الإيمان: (فَقَالَ لَهُمْ: «مَا بَالُكُمْ خَائِفِينَ يَا قَلِيلِي الإِيمَانِ؟») متى 8: 26
ووصفتهم الأناجيل بأنهم مثل أفراد عصابة تتنازع على الزعامة، ويحقد بعضهم على بعض: (41وَلَمَّا سَمِعَ الْعَشَرَةُ ابْتَدَأُوا يَغْتَاظُونَ مِنْ أَجْلِ يَعْقُوبَ وَيُوحَنَّا.) مرقس 10: 41
ولم يهتموا لسماعهم عن موته وفراقهم له، بل تنازعوا على الزعامة: (21وَلَكِنْ هُوَذَا يَدُ الَّذِي يُسَلِّمُنِي هِيَ مَعِي عَلَى الْمَائِدَةِ. 22وَابْنُ الإِنْسَانِ مَاضٍ كَمَا هُوَ مَحْتُومٌ وَلَكِنْ وَيْلٌ لِذَلِكَ الإِنْسَانِ الَّذِي يُسَلِّمُهُ». 23فَابْتَدَأُوا يَتَسَاءَلُونَ فِيمَا بَيْنَهُمْ: «مَنْ تَرَى مِنْهُمْ هُوَ الْمُزْمِعُ أَنْ يَفْعَلَ هَذَا؟». 24وَكَانَتْ بَيْنَهُمْ أَيْضاً مُشَاجَرَةٌ مَنْ مِنْهُمْ يُظَنُّ أَنَّهُ يَكُونُ أَكْبَرَ.) لوقا 22: 21-24
كما وصف بطرس أيضاً بقلة الإيمان: (31فَفِي الْحَالِ مَدَّ يَسُوعُ يَدَهُ وَأَمْسَكَ بِهِ وَقَالَ لَهُ: «يَا قَلِيلَ الإِيمَانِ لِمَاذَا شَكَكْتَ؟») متى 14: 31
وأقر بطرس أنه والتلاميذ لا يفهمونه: (15فَقَالَ بُطْرُسُ لَهُ: «فَسِّرْ لَنَا هَذَا الْمَثَلَ». 16فَقَالَ يَسُوعُ: «هَلْ أَنْتُمْ أَيْضاً حَتَّى الآنَ غَيْرُ فَاهِمِينَ؟) متى 15: 15-16
(52لأَنَّهُمْ لَمْ يَفْهَمُوا بِالأَرْغِفَةِ إِذْ كَانَتْ قُلُوبُهُمْ غَلِيظَةً.) مرقس 6: 52
(44«ضَعُوا أَنْتُمْ هَذَا الْكَلاَمَ فِي آذَانِكُمْ: إِنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ سَوْفَ يُسَلَّمُ إِلَى أَيْدِي النَّاسِ». 45وَأَمَّا هُمْ فَلَمْ يَفْهَمُوا هَذَا الْقَوْلَ وَكَانَ مُخْفىً عَنْهُمْ لِكَيْ لاَ يَفْهَمُوهُ وَخَافُوا أَنْ يَسْأَلُوهُ عَنْ هَذَا الْقَوْلِ.) لوقا 9: 44-45
وتضجَّر منهم ووصفهم بالإلتواء وعدم الإيمان: (16وَأَحْضَرْتُهُ إِلَى تَلاَمِيذِكَ فَلَمْ يَقْدِرُوا أَنْ يَشْفُوهُ». 17فَأَجَابَ يَسُوعُ: «أَيُّهَا الْجِيلُ غَيْرُ الْمُؤْمِنِ الْمُلْتَوِي إِلَى مَتَى أَكُونُ مَعَكُمْ؟ إِلَى مَتَى أَحْتَمِلُكُمْ؟ قَدِّمُوهُ إِلَيَّ هَهُنَا!» 18فَانْتَهَرَهُ يَسُوعُ فَخَرَجَ مِنْهُ الشَّيْطَانُ. فَشُفِيَ الْغُلاَمُ مِنْ تِلْكَ السَّاعَةِ. 19ثُمَّ تَقَدَّمَ التَّلاَمِيذُ إِلَى يَسُوعَ عَلَى انْفِرَادٍ وَقَالُوا: «لِمَاذَا لَمْ نَقْدِرْ نَحْنُ أَنْ نُخْرِجَهُ؟» 20فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «لِعَدَمِ إِيمَانِكُمْ. فَالْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لَوْ كَانَ لَكُمْ إِيمَانٌ مِثْلُ حَبَّةِ خَرْدَلٍ لَكُنْتُمْ تَقُولُونَ لِهَذَا الْجَبَلِ: انْتَقِلْ مِنْ هُنَا إِلَى هُنَاكَ فَيَنْتَقِلُ وَلاَ يَكُونُ شَيْءٌ غَيْرَ مُمْكِنٍ لَدَيْكُمْ. 21وَأَمَّا هَذَا الْجِنْسُ فَلاَ يَخْرُجُ إِلاَّ بِالصَّلاَةِ وَالصَّوْمِ».) متى 17: 16-21
وإذا كان هذا الجنس لا يخرج إلا بالصلاة والصوم، ولم يتمكنوا من إخراجه، فهم إذن لم يكونوا من المصليين الصائمين!!
ولو كان عندهم أقل القليل من الإيمان لأخرجوا الشياطين.
ومما سبق يثبت أن محمدًا صلى الله عليه وسلم كان نبيًا مماثلا لموسى عليه السلام، فقد قاتل الإثنان من أجل تحقيق شريعة الله (مملكته) على الأرض، فقد حاربا كل من حاول منع انتشار دين الله.
أما يسوع فلم يمسك سيفًا ولم يحارب ولم يعرض نفسه للموت فى سبيل الله، كما تحكى عنه الأناجيل. وكل ما هناك أنه جاء بالسيف ليفرق أفراد الأسرة، ويوضح أن أعداء الإنسان ليس الشيطان ولا الرومان ولا الكفار المحاربين لدعوة الله، الباغين على المؤمنين، ويريدون استئصالهم، بل حدد أن أعداء الإنسان هم أهل بيته: (34«لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لِأُلْقِيَ سَلاَماً عَلَى الأَرْضِ. مَا جِئْتُ لِأُلْقِيَ سَلاَماً بَلْ سَيْفاً. 35فَإِنِّي جِئْتُ لِأُفَرِّقَ الإِنْسَانَ ضِدَّ أَبِيهِ وَالاِبْنَةَ ضِدَّ أُمِّهَا وَالْكَنَّةَ ضِدَّ حَمَاتِهَا. 36وَأَعْدَاءُ الإِنْسَانِ أَهْلُ بَيْتِهِ.) متى 10: 34-36
لذلك جاء يطالب بالبغض والبغضاء بين أفراد الأسرة: (26«إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَأْتِي إِلَيَّ وَلاَ يُبْغِضُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ وَامْرَأَتَهُ وَأَوْلاَدَهُ وَإِخْوَتَهُ وَأَخَوَاتِهِ حَتَّى نَفْسَهُ أَيْضاً فَلاَ يَقْدِرُ أَنْ يَكُونَ لِي تِلْمِيذاً.) لوقا 14: 26
فلماذا يحارب؟ وعلام يحارب؟ من أجل الناموس وشريعة الرب؟ لقد قام بولس بإلغائها، ولعنها.
هل سيحارب من أجل الحفاظ على اسم الرب وعدم اخفائه مرة أخرى بعد أن ضاع ونسيه بنوا إسرائيل؟ لقد محوا اسم الرب من الكتب السبع والعشرين المنسوبة إليه.
(6«أَنَا أَظْهَرْتُ اسْمَكَ لِلنَّاسِ الَّذِينَ أَعْطَيْتَنِي مِنَ الْعَالَمِ.) يوحنا 17: 6
(26وَعَرَّفْتُهُمُ اسْمَكَ وَسَأُعَرِّفُهُمْ لِيَكُونَ فِيهِمُ الْحُبُّ الَّذِي أَحْبَبْتَنِي بِهِ وَأَكُونَ أَنَا فِيهِمْ».) يوحنا 17: 26
فهل حقق يسوع نجاحًا فى دعوته؟ لا. فلم يؤمن به إلا قليلون، ولم يؤمن به أحد من أسرته، ولا خاصته، ولم يتسارع أحد إلى إنقاذه. هل قاتل يسوع من أجل إعلاء كلمة الحق ونشر دين الله؟
أترك لك الإجابة.
* * *
وما زلنا نتناول أدلة النبوة ونطبقها على كل من يسوع الإنجيلى ومحمد صلى الله عليه وسلم: فالمعيار التالى يتناول:
غ 39- أن يكون الموت فى سبيل الله أغلى أمانيه
معنى أن يستشهد فى سبيل الله أنه لا يخشى فى الله لومة لائم، وأنه يثق فى الله ويصدقه، ويؤمن برسالته التى كلفه بها الله، وعلى أتم استعداد أن يموت فى سبيل تحقيقها، وأنه يجاهد بعلمه وماله ونفسه لتحقيق مراد الله تعالى. وهذا هو أرفع وأسمى أنواع الجهاد.
من الواجب على الأمة الإسلامية، إذا تأهَّلت لمهمة الخلافة والقيادة، أنْ تعملَ على إحياء رُوح الجهاد والفروسِيَّة في قلوب الشباب المسلم، وإيقاظ هذه الفريضة في قلوب الغافلين، وإحيائها بمفهومها الشرعي الصحيح الشامل، الذي يبدأ مِنْ طَلَبِ العلم النافع للمسلمين بَدْءًا بِطَلَب العلوم الشرعية، ثُمَّ بكل علم نافع في شتَّى مجالات الحياة البشرية، ثُمَّ الجهاد ببذل المال والصدقات، والزَّكَوَات في سبيل الله - تعالى - وإنشاء كل عمل يَخدم هذه الأُمَّة ويُؤهلها لمرحلة القيادة والخلافة الراشدة، ثُمَّ الاستعداد النفسي والبدني للجهاد في سبيل الله، في سبيل إعلاء كلمة التوحيد والإسلام، والاستعداد العسكري المسلح لخوضِ المعارك، وفتح البلاد بنور الإسلام وعدله وسلامه.
فالجهادُ في سبيل الله لا يَعني سَفْكَ الدِّماء، ولا قتل الأبرياء بغَيْرِ حَق، كما يُصوره أعداء الإسلام؛ والحاقدون من المنافقين والعَلمانيِّين، ومَن سار على طريقتِهم باتِّهام الإسلام وأهله، وفريضة الجهاد بأنَّها نوعٌ من الإرهاب والتخويف للنَّيْلِ من الإسلام وأهله.
كلاَّ، إِنَّما حقيقة الجهاد إزاحةُ الظالمين والطُّغاة أنْ يَقِفُوا في وجه هذه الدَّعوة الإسلامية الخالدة،وأنْ يَمنعوا أُمَّةَ الهدى والنور من تبليغِ هذه الرِّسَالة للنَّاس، واسماعهم لِمَا فيها من الحق والعدل والرَّحْمة، وفيها من معاني التحرير الرَّبَّاني للبشرية من ظلم الظَّالِمين، ومن جَوْرِ الحُكَّام والساسة الذين طالما قهروا الناسَ، وأخرسوا ألسنتَهم، وكمَّمُوا أفواهَهم عن قولِ كلمة الحق، ونُصرة المظلوم، وعن أنْ تستنشقَ نَسَائِمَ الإيمان والقرآن، والعدل والرَّحْمة، والمساواة بين العباد في تكاليف العُبُودية لله وحْدَه.
فهل قاوم يسوع الحكم الرومانى الغاشم؟ لا. بل كان يدفع الجزية لقيصر بانتظام.
هل قاوم يسوع الكهنة وظملهم بتنظيم جيش يردعهم ويطردهم من تولى مسؤولية الدعوة والتفسير وتعليم الناس والحكم بينهم؟لا. بل رفض أن يقسم الميراث بين أخوين، ورفض أن يحكم على امرأة اتهمت بالزنى وقد رآها من قدموها له تزنى فى نفس ذات الفعل.
هل حث يسوع اليهود على مقاومة قيصر واحتلاله لفلسطين؟ لا.
وكل ما نعرفه عن أقوال يسوع فى هذا الصدد أنه أمر أتباعه أن يحملوا صليبهم ويتبعوه، أى يتحملوا الموت فى سبيل الله، وأمرهم أن من ضرب أحدهم على خده الأيسر أن يدير له الآخر أيضًا، وأن من يسلبه الرداء فيعطيه ما بقى، بل أمر بمحبة الأعداء. فهل هذه دعوة إنسان يريد أن يقيم حكم الله على الأرض (ملكوته)؟ أليس من المنطق وجود قوة تحمى الحق؟ فأين القوة التى دعى إليها يسوع؟
(39وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: لاَ تُقَاوِمُوا الشَّرَّ بَلْ مَنْ لَطَمَكَ عَلَى خَدِّكَ الأَيْمَنِ فَحَوِّلْ لَهُ الآخَرَ أَيْضاً. 40وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يُخَاصِمَكَ وَيَأْخُذَ ثَوْبَكَ فَاتْرُكْ لَهُ الرِّدَاءَ أَيْضاً. 41وَمَنْ سَخَّرَكَ مِيلاً وَاحِداً فَاذْهَبْ مَعَهُ اثْنَيْنِ. 42مَنْ سَأَلَكَ فَأَعْطِهِ وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَقْتَرِضَ مِنْكَ فَلاَ تَرُدَّهُ.) متى 5: 39-42
فلماذا هذا التخاذل؟ لماذا لم يدعهم إلى نصرة الحق ولو ماتوا فى سبيل تحقيقه؟
لماذا ينهاهم عن مقاومة الشر؟ هل هذا أمر يصدر من نبى أو إله؟
إذن فالجهاد والموت فى سبيل تنفيذ شرع الله ومراده غير وارد فى الحسبان عند يسوع. بل كان يهرب من اليهود خوفًا من القبض عليه وإعدامه أو معاقبته، وتحرير البشرية من الخطيئة الأزلية، كما تزعمون.
(1وَكَانَ يَسُوعُ يَتَرَدَّدُ بَعْدَ هَذَا فِي الْجَلِيلِ لأَنَّهُ لَمْ يُرِدْ أَنْ يَتَرَدَّدَ فِي الْيَهُودِيَّةِ لأَنَّ الْيَهُودَ كَانُوا يَطْلُبُونَ أَنْ يَقْتُلُوهُ.) يوحنا 7: 1
(53فَمِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ تَشَاوَرُوا لِيَقْتُلُوهُ. 54فَلَمْ يَكُنْ يَسُوعُ أَيْضاً يَمْشِي بَيْنَ الْيَهُودِ علاَنِيَةً ...) يوحنا 11: 53-54
(59فَرَفَعُوا حِجَارَةً لِيَرْجُمُوهُ. أَمَّا يَسُوعُ فَاخْتَفَى وَخَرَجَ مِنَ الْهَيْكَلِ مُجْتَازاً فِي وَسْطِهِمْ وَمَضَى هَكَذَا.) يوحنا 8: 59
فهل حث القرآن والرسول صلى الله عليه وسلم على الجهاد فى سبيل الله؟ نعم. وإليك بعض الآيات:
قال تعالى: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ﴾ البقرة: 216
وقال الله تعالى: (وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَلا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ) البقرة: 193
وقال سبحانه: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا وَقَالُوا لإِخْوَانِهِمْ إِذَا ضَرَبُوا فِي الأَرْضِ أَوْ كَانُوا غُزًّى لَوْ كَانُوا عِنْدَنَا مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا لِيَجْعَلَ اللهُ ذَلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ وَاللهُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ * وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ * وَلَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لإِلَى اللهِ تُحْشَرُونَ﴾ آل عمران: 156-158
وقال الله: ﴿وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ﴾ الأنفال: 60
وقال تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ﴾ الصف: 4
وقال الرحمن: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِئَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ﴾ الأنفال: 65
وقال تبارك وتعالى في قتال المشركين: ﴿قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ * وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴾ التوبة: 14-15
وقال العليم الخبير: ﴿قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ﴾ التوبة: 29
قال الله تعالى: ﴿انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ التوبة: 41
وقال جل جلاله: ﴿فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالآخِرَةِ وَمَنْ يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا﴾ النساء: 74
وقال جل شأنه: ﴿وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ * فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾ آل عمران: 169-170
وقال تعالى: ﴿لَكِنِ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ جَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَأُولَئِكَ لَهُمُ الْخَيْرَاتُ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾ التوبة: 88-89
وقال سبحانه: ﴿إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآَنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾ التوبة: 111
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فى الجهاد فى سبيل تحقيق ملكوت الله وشريعته: ((والذي نفسي بيده، لولا أنَّ رجالاً من المؤمنين لا تطيبُ أنفسُهم بأنْ يتخلَّفوا عني، ولا أجدُ ما أحملهم عليه، ما تَخلَّفت عن سرية تغزو في سبيل الله، والذي نفسي بيده، لوَدِدْت أنِّي أُقْتَل في سبيل الله، ثم أحيا ثم أقتل، ثم أحيا ثم أُقْتَل))؛ رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه.
وعن أبي هُريرة - رضي الله عنه - أنَّ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((والذي نفسي بيده، لا يُكْلَم أحدٌ في سبيل الله - والله أعلم بمن يُكْلَم في سبيله - إلاَّ جاء يومَ القيامة، واللَّونُ لَوْنُ الدَّم، والرِّيحُ ريح المسك))؛ رواه البخاري ومسلم.
وعن أنسٍ - رضي الله عنه - قال: "غاب عَمِّي أنس بن النضر عن قتالِ بدر، فقال: يا رسول الله، غِبْتُ عن أولِ قتالٍ قاتلتَ المشركين، لئن أشهدني الله قتالَ المشركين؛ ليَرَيَنَّ الله ما أصنع، فلَمَّا كان يومُ أُحُدٍ، وانكشف المسلمون، قال: اللهم إنِّي أعتذر إليك مما صنع هؤلاء؛ يعني: أصحابه، وأَبْرَأُ إليك مِمَّا صنع هؤلاء؛ يعني: المشركين، ثُمَّ تقدَّم فاستقبله سعدُ بن معاذ، فقال: يا سعدُ بنُ معاذ، الجنَّةَ وربِّ النضر، إنِّي أجد ريحها من دون أُحُد، قال سعد: فما استطعت يا رسول الله ما صَنَع، قال أنسٌ: فوجدنا به بضعًا وثَمانين ضربةً بالسيف أو طَعْنةً برمح أو رَمْيَةً بسهم، ووجدناه قد قُتِلَ وقد مَثَّلَ به المشركون، فما عرفه أَحَدٌ إلا أخته ببَنانه؛ قال أنس: كنا نرى، أو نظن أنَّ هذه الآية نزلت فيه وفي أشباهه: ﴿مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ﴾ الأحزاب: 23، إلى آخر الآية"؛ رواه البخاري.
وعن أم حارثة بن سراقة أنَّها أتت النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - فقالت: يا نَبِيَّ الله، ألاَ تحدثني عن حارثة - وكان قُتِلَ يومَ بدر، أصابه سَهْمٌ غَرْبٌ - فإن كان في الجنة صبرتُ، وإن كان غير ذلك، اجتهدت عليه في البُكاء؟ قال: ((يا أُمَّ حارثة، إنَّها جنان في الجنة، وإنَّ ابنَك أصابَ الفِرْدَوْسَ الأعلى))؛ أخرجه البخاري.
وعن عبدالله بن أبي أوفى - - أنَّ رَسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((واعلموا أنَّ الجنةَ تَحت ظلال السيوف))؛ أخرجه الشيخان وأبو داود.
وعن زيد بن خالد الجهني - رضي الله عنه - أنَّ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((مَن جَهَّزَ غازيًا في سبيل الله، فقد غزا، ومن خَلَفَ غازيًا في سبيل الله بِخَيْرٍ فقد غزا))؛ رواه البخاري ومسلم وأبو داود والتِّرمذي، وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((من احتبس فَرَسًا في سبيل الله، إيمانًا بالله، وتصديقًا بوعده، فإنَّ شبعه ورِيَّه وروثه وبوله في ميزانه يومَ القيامة))؛ رواه البخاري
وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قيل: يا رسول الله، ما يَعْدِلُ الجهاد في سبيل الله؟ قال: ((لا تستطيعونه))، قال: فأعادوا عليه مرَّتين أو ثلاثًا كل ذلك يقول: ((لا تستطيعونه))، ثم قال: ((مَثَلُ المجاهد في سبيل الله، كمَثَلِ الصائم القائم القانت بآياتِ الله، لا يفتر من صيام ولا صلاة، حتى يرجع المجاهد))؛ أخرجه الستة إلاَّ أبا داود.
وعن ابن عباس - رَضِيَ اللهُ عَنهُما - قال: سَمِعْت رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - يقول: ((عينان لا تَمسهما النار: عين بكت من خشية الله، وعين باتتْ تَحْرُسُ في سبيل الله))؛ رواه التِّرمِذِي.
وعن سهل بن حُنيف - رَضِيَ اللهُ عَنهُ - أنَّ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((مَن سأل الله - تعالى - الشهادة بصِدقٍ بلَّغه الله منازلَ الشُّهداء، وإن مات على فراشه))؛ رواه الخمسة إلا البخاري.
وعن خريم بن فاتك قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((مَن أنفق نفقة في سبيل الله - تعالى - كتبتْ له بسبعمائة ضعف))؛ رواه الترمذي وحسنه والنسائي.
وعن المقدامِ بنِ معدِي كَرِبَ قال: قال رسول - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((للشَّهيد عندَ اللهِ ستُّ خصالٍ: يغفرُ لهُ في أوَّلِ دفعةٍ، ويرى مقعده من الجنَّةِ، ويُجارُ من عذابِ القبرِ، ويأمنُ من الفزعِ الأكبرِ، ويوضعُ على رأسهِ تاجُ الوقارِ، الياقُوتةُ منها خيرٌ من الدُّنيا وما فيها، ويزوَّجُ اثنتينِ وسبعينَ زوجةً من الحورِ العينِ، ويشفَّعُ في سبعينَ من أقربائهِ))؛ رواه الترمذي وابن ماجه،
وقال: ((مَن طلب الشهادة صادقًا أعطيها ولو لم تصبه))؛ رواه مسلم عن أنس
وقال صلى الله عليه وسلم: ((مَن مات ولم يغزُ، ولم يحدث به نفسه، مات على شعبة من النفاق))؛ رواه مسلم وأبو داود عن أبى هريرة رضى الله عنه
وعن جابر بن عبدالله - رضي الله تعالى عنه - يقول: "لما قتل عبدالله بن عمرو بن حرام يومَ أحد، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((يا جابر، ألاَ أخبرك ما قال الله - عزَّ وجلَّ - لأبيك؟))، قلت: بلى، قال: ((ما كلم الله أحدًا إلاَّ من وراء حجاب، وكلم أباك كفاحًا, فقال: يا عبدي، تَمَنَّ عليَّ أعطك، قال: يا رب، تُحيِيني فأقتل فيك ثانية، قال: إنَّه سبق مني أنَّهم إليها لا يرجعون، قال: يا رب، فأَبْلِغْ مَن وَرائي))، فأنزل الله عزَّ وجل هذه الآية: ﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا... ﴾ آل عمران: 169 الآية كلها"؛ رواه ابن ماجه.
وعن عبدالله بن عمر قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((إذا تبايعتم بالعِينَة وأخذتم أذنابَ البقر، ورضيتم بالزَّرع، وتركتم الجهادَ، سَلَّطَ الله عليكم ذُلاًّ لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم))؛ رواه أحمد وأبو داود وصححه الحاكم.
وعن أنس - رضي الله عنه - قال: "انطلقَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - وأصحابُه حتى سبقوا المشركين إلى بدر وجاء المشركون، فقال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((قوموا إلى جنة عرضها السموات والأرض))، قال عُمَيْرُ بن الحُمَام: بَخٍ بَخٍ، فقال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((ما يَحملك على قولك: بَخٍ بخ))، قال: لا والله يا رسول الله، إلاَّ رجاءَ أن أكون من أهلها، قال: ((فإنَّك من أهلها))، فأخرج تَمرات من قرنه فجعل يأكل منهن، ثم قال: لئن أنا حييت حتى آكل تمراتي هذه، إنَّها لحياة طويلة، فرمى بما كان معه من التمر، ثم قاتل حتى قتل؛ رواه مسلم.
هذا بالإضافة إلى الغزوات العديدة التى قام بها الرسول صلى الله عليه وسلم، ومنها غزوة أحد التى أصيب فيها إصابات بالغة.
وإن دل هذا فإنما يدل على صدق إيمانه ودعوته لتكون كلمة الله هى العليا، وكلمة الذين كفروا هى السفلى.
والجهاد ليس لإجبار غير المسلمين على الإسلام، كما يزعم الجهلاء به، ولكنه له عدة أهداف شرعية. فيقول (الدكتور رشيد كهوس) فى مقاله (الإلمام بأهداف الجهاد القتالي في الإسلام) على شبكة النت إن أهداف القتال فى الإسلام هى:
1- حماية الدعوة وتأمين انتشارها:
لقولِه تبارك وتعالى: (وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَلا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ) (البقرة: 193)
فالإسلام "لا يعرِف حربَ العُدْوان، ولا يزاوِلُها لبسْط السُّلطان، وإنَّما هو يعتبِرُها تأمينًا لدعْوته، وإباحة لحرِّيَّة الاعتقاد، ويتَّخذ منها حصنًا يقيه اعتِداء المعتدين، ويردُّ كيدَ الكائدين الغاشِمين، ليبلِّغ للنَّاس كلِمة التَّوحيد التي جاء بها الرَّسول، الذي بعثه الله ليُعيدَ ما تناساه النَّاس من التَّوحيد الَّذي جاء به الرُّسل السَّابقون، ويهدم الوثنيَّة عند المشركين، فكلّ مَن يمنعه من تبليغ دعوته، ويَحول بيْنَه وبين نُصْح النَّاس، يَجب قتاله، ليُفْسح الطَّريق أمام الدَّعوة" (الفن الحربي، عبدالرؤوف عون، ص65).
فالغرض الأصيل من القتال هو حماية الدَّعوة؛ "لذلك فإنَّ الإسلام لا يَقْهر، ولا يُجبر امرأً على دين يرفضُه، وعلى هذا فالحريَّة مكفولة في أحكام ودستور الإسلام، ولو صحَّ قولُ بعضِهم أنَّ الإسلام سلَّ سيفًا وفرض نفسَه جبرًا لَمَا وجدنا شيئًا اسمه "الجزية" أو "ذمّيون"، فالجزْية لغير المسلمين الَّذين لم يرْضَوا دخول الإسلام، ولم يُجبرهم الإسلام على اعتِناقه، إنَّهم في حريَّة تامَّة، عقائدُهم ومعابدُهم مُحترمة يطبِّقون أحكام دينهم فيما بينهم" (الإسلام في قفص الاتهام، شوقي أبو الخليل، ص104).
2- حماية دار الإسلام:
من أهداف الجهاد القِتالي الدِّفاع لردِّ اعتداء المعْتدين على أرْض المسلمين؛ يقول الله جلَّ جلالُه: (وَمَا لَكُمْ لا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيّاً وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا) (النساء: 75)؛ أي: "هذا حثٌّ من الله لعباده المؤمنين وتَهييج لهم على القِتال في سبيله، وأنَّ ذلك قد تعيَّن عليهِم، وتوجَّه اللَّوم العظيم عليهِم بترْكِه، فقال: (وَمَا لَكُمْ لا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ) والحال أنَّ المستضعفين من الرِّجال والنِّساء والولدان الَّذين لا يستطيعون حيلةً ولا يهْتدون سبيلاً، ومع هذا فقد نالَهم أعظم الظُّلم من أعْدائهم، فهم يدْعون الله أن يُخرجهم من هذه القرية الظَّالم أهلُها لأنفُسِهم بالكفر والشِّرْك، وللمؤمنين بالأذى والصَّدِّ عن سبيل الله، ومنْعِهم من الدَّعوة لدينهم والهجرة.
ويدْعون الله أن يَجعل لهم وليًّا ونصيرًا يستنقِذُهم من هذه القرية الظَّالم أهلها، فصار جهادُكم على هذا الوجه من باب القتال والذَّبِّ عن عيلاتكم وأولادِكم ومحارمكم، لا من باب الجِهاد الذي هو الطَّمع في الكفار، فإنَّه وإن كان فيه فضل عظيم ويُلام المتخلِّف عنه أعظمَ اللَّوم، فالجِهاد الَّذي فيه استنقاذ المستضْعفين منكم أعظمُ أجرًا وأكبر فائدة، بِحيث يكون من باب دفْع الأعْداء" (تفسير السعدي، ص187).
3- المحافظة على العهود والمواثيق:
فيجِب الحفاظ عليْها والالتزام بها وعدَم التلاعب بها أو نقضها، فالعهود التي أُبْرِمت في عهد النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم، سواءٌ كانت مع قريش أم اليهود - نقَضَها أصحابُها ونكثوها؛ فلذلِك قاتَلَهم رسولُ الله - صلَّى الله عليْه وسلَّم - فقاتَلَ يهودَ قُرَيْظة وقريشًا لمَّا نقضوا عهودهم.
وفي قتال مَن نكثَ عهْدَه يقول الحقُّ سبحانه وتعالى: (وَإِن نَّكَثُوا أَيْمَانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لا أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ * أَلا تُقَاتِلُونَ قَوْماً نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّوا بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ وَهُمْ بَدَأُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِين) (التوبة: 13-14)؛ أي: "يقول تعالى بعدما ذكر أنَّ المعاهدين من المشركين إنِ استقاموا على عهدهم فاستقيموا لهم على الوفاء: (وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ)؛ أي: نقضوها وحلُّوها، فقاتَلُوكم أو أعانُوا على قتالكم، أو نقصوكم، (وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ)؛ أي: عابُوه، وسخروا منْه، ويدخُل في هذا جميع أنواع الطَّعن الموجَّهة إلى الدِّين، أو إلى القُرآن، (فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ)؛ أي: القادة فيه، الرُّؤساء الطَّاعنين في دين الرَّحمن، النَّاصرين لدين الشَّيطان، وخصَّهم بالذِّكْر لعِظَم جنايتهم، ولأنَّ غيرهم تبَعٌ لهم، وليدلَّ على أنَّ مَن طعن في الدِّين وتصدَّى للرَّدِّ عليه، فإنَّه من أئمَّة الكفر.
(إِنَّهُمْ لا أَيْمَانَ لَهُمْ)؛ أي: لا عهودَ ولا مواثيق يُلازمون على الوفاء بها، بل لا يزالون خائنين، ناكثين للعهد، لا يوثق منهم. (لَعَلَّهُمْ) في قتالكم إيَّاهم (يَنْتَهُونَ) عن الطَّعن في دينكم، وربَّما دخلوا فيه. ثمَّ حثَّ على قتالِهم، وهيَّج المؤمنين بذِكْر الأوصاف، التي صدرتْ من هؤلاء الأعداء، والتي هم موصوفون بها، المقتضِية لقتالهم: (تفسير السعدي، 330).
4- درء الفتنة ومنْع البغْي في الدَّاخل والخارِج:
كالرِّدَّة والحرابة والبغْي، كذلك إذا بغتْ فئة وخالفتْ جماعةَ المسلمين وأرادت الفساد في الأرْض، وجَبَ قِتالُها حتَّى ترجع إلى أمر الله تعالى.
ففي الفتنة: "والفتنة أنواع، منها: ما يُمارسه الكفَّار من تعذيب المستضْعفين من المؤمنين وتضْييق الخناق عليهم ليرتدُّوا عن دينهم؛ قال تعالى: (وَمَا لَكُمْ لا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيّاً وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا) (النساء: 75)، ومنها: الأوْضاع والأنظمة الكفريَّة وما ينتج عنها من فسادٍ في شتَّى مجالات الحياة؛ فإنَّ هذه من شأْنِها أن تفْتِن المسلِمَ عن دينه، وبهذا فسَّر بعض السَّلف قولَه تعالى: (وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ) (البقرة: من الآية 193) (منهج النبي - صلى الله عليه وسلم - في الدعوة، ص248).
ففي الحرابة، يقول الله تعالى: (إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَاداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ) (المائدة: 33)
وفي بغي فئةٍ على فئةٍ يقول عزَّ اسمُه: (وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) (الحجرات: 9).
وفي الردَّة: عن ابن عبَّاس رضِي الله عنهما قال: قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: ((مَن بَدَّلَ دِينَه فَاقْتُلوه)) (صحيح البخاري، كتاب استِتابة المرتدِّين والمعاندين وقتالهم، باب حكم المرتدّ والمرتدَّة، ح2622).
ومجمل القول:
أنَّ جهاد النَّبي صلَّى الله عليه وسلَّم القتالي كان وفْق تلك الضَّوابط والأهداف، "فكلُّ سريَّة أو بعثٍ أو غزْوة في زمن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم إنَّما كانت ردًّا على عدْوان وانتقامًا منه، أو دفعًا لأذى، أو تنكيلاً بناكثٍ أو غادِر، أو تأديبًا لبُغاة أشرار، أو ثأرًا لدم إسلامي، أو ضمانة لحريَّة الدَّعوة والاستجابة المهدَّدتين أو المعطَّلتين بغيًا وعدوانًا.
ولا يُمكن أن يكون وقَع من النبي صلَّى الله عليه وسلَّم نقضٌ للمبادئ التي قرَّرها القرآن وبلَّغها النبي بطبيعة الحال، والتي استمرَّت تتْرى في الآيات القرآنيَّة في مختلف أدوار السيرة النبوية في عهدَيْها إلى آخرها" (سيرة الرَّسول - صلى الله عليه وسلم - صور مقتبسة من القُرآن الكريم، وتحليلات ودراسات قرآنية، محمد عيسى دروزة، 2/ 278 - 279).
وهكذا تقرِّر الشَّريعة الغرَّاء أنَّ الجهاد القتالي في الإسلام ليس "طاقة مادّيَّة، وقوَّة عسكريَّة، وتحرُّكًا مادِّيًّا، ابتغاءَ النَّصر كيفما كان الأمر، إنَّه في الإسلام عبادة يتطوَّع بها المسلم بدمه وماله لنصرة دين الله، وترسيخ شرْعِه ونظامه في هذه الدنيا.
ليس القصْد في الجهاد الانتِصار ولا الغلبة والسَّيْطرة على مناطق النُّفوذ، ولا بسط السلطان على أكبر مساحات من الخامات، كلاَّ، القصْد فيه مرضاة الله، بنشْر دينه وتطبيق شرعه.
حينما يرْقى المسلِمون في جهادِهم إلى هذا المستوى، يصْبحون جديرين بنصْر الله، وإنجاز وعده، والقوَّة المادِّيَّة المجرَّدة، لا غناء للإنسانيَّة فيها، إن لم يصنعها الإيمان، ويفجِّرها اليقين، وتثبتها إشعاعات من روح الله" (صور وعبر من الجهاد النَّبوي بالمدينة، محمد فوزي فيض الله، ص181 - 182).
رابط الموضوع: http://www.alukah.net/sharia/0/7652/#ixzz32ceSHE4S
فكيف حمى يسوع دعوته؟
فى الحقيقة فهو لم يحمها، فلم ينتقى إلا تلاميذ أغبياء لم يفهموا أمثاله ولا دعوته، ولا حتى شخصيته، وكم تضجر منهم ومن سوء فهمهم، ومنهم لص خائن (يهوذا الإسخريوطى)، ومنهم من كان لا يهتم بما لله (بطرس)، ومنهم من تعاركوا ليروا من سيكون منهم الرئيس بعد يسوع.
كما ضاعت اللغة التى كتب بها كتابه، وكان هو يتكلمها، وأضيفت إلى المخطوطات الكثير والكثير، مثل عقيدة التثليث فى متى 28: 19، ورسالة يوحنا الأولى 5: 7.
فقوله لبطرس: (23فَالْتَفَتَ وَقَالَ لِبُطْرُسَ: «اذْهَبْ عَنِّي يَا شَيْطَانُ. أَنْتَ مَعْثَرَةٌ لِي لأَنَّكَ لاَ تَهْتَمُّ بِمَا لِلَّهِ لَكِنْ بِمَا لِلنَّاسِ».) متى 16: 23
ولم يفهموا مثل الزوان: (36حِينَئِذٍ صَرَفَ يَسُوعُ الْجُمُوعَ وَجَاءَ إِلَى الْبَيْتِ. فَتَقَدَّمَ إِلَيْهِ تَلاَمِيذُهُ قَائِلِينَ: «فَسِّرْ لَنَا مَثَلَ زَوَانِ الْحَقْلِ».) متى 13: 36
(27وَلَمْ يَفْهَمُوا أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ لَهُمْ عَنِ الآبِ.) يوحنا 8: 27
(6هَذَا الْمَثَلُ قَالَهُ لَهُمْ يَسُوعُ وَأَمَّا هُمْ فَلَمْ يَفْهَمُوا مَا هُوَ الَّذِي كَانَ يُكَلِّمُهُمْ بِهِ.) يوحنا 10: 6
(16وَهَذِهِ الأُمُورُ لَمْ يَفْهَمْهَا تلاَمِيذُهُ أَوَّلاً وَلَكِنْ لَمَّا تَمَجَّدَ يَسُوعُ حِينَئِذٍ تَذَكَّرُوا أَنَّ هَذِهِ كَانَتْ مَكْتُوبَةً عَنْهُ وَأَنَّهُمْ صَنَعُوا هَذِهِ لَهُ.) يوحنا 12: 16
ووصفهم بقلة الإيمان: (فَقَالَ لَهُمْ: «مَا بَالُكُمْ خَائِفِينَ يَا قَلِيلِي الإِيمَانِ؟») متى 8: 26
ووصفتهم الأناجيل بأنهم مثل أفراد عصابة تتنازع على الزعامة، ويحقد بعضهم على بعض: (41وَلَمَّا سَمِعَ الْعَشَرَةُ ابْتَدَأُوا يَغْتَاظُونَ مِنْ أَجْلِ يَعْقُوبَ وَيُوحَنَّا.) مرقس 10: 41
ولم يهتموا لسماعهم عن موته وفراقهم له، بل تنازعوا على الزعامة: (21وَلَكِنْ هُوَذَا يَدُ الَّذِي يُسَلِّمُنِي هِيَ مَعِي عَلَى الْمَائِدَةِ. 22وَابْنُ الإِنْسَانِ مَاضٍ كَمَا هُوَ مَحْتُومٌ وَلَكِنْ وَيْلٌ لِذَلِكَ الإِنْسَانِ الَّذِي يُسَلِّمُهُ». 23فَابْتَدَأُوا يَتَسَاءَلُونَ فِيمَا بَيْنَهُمْ: «مَنْ تَرَى مِنْهُمْ هُوَ الْمُزْمِعُ أَنْ يَفْعَلَ هَذَا؟». 24وَكَانَتْ بَيْنَهُمْ أَيْضاً مُشَاجَرَةٌ مَنْ مِنْهُمْ يُظَنُّ أَنَّهُ يَكُونُ أَكْبَرَ.) لوقا 22: 21-24
كما وصف بطرس أيضاً بقلة الإيمان: (31فَفِي الْحَالِ مَدَّ يَسُوعُ يَدَهُ وَأَمْسَكَ بِهِ وَقَالَ لَهُ: «يَا قَلِيلَ الإِيمَانِ لِمَاذَا شَكَكْتَ؟») متى 14: 31
وأقر بطرس أنه والتلاميذ لا يفهمونه: (15فَقَالَ بُطْرُسُ لَهُ: «فَسِّرْ لَنَا هَذَا الْمَثَلَ». 16فَقَالَ يَسُوعُ: «هَلْ أَنْتُمْ أَيْضاً حَتَّى الآنَ غَيْرُ فَاهِمِينَ؟) متى 15: 15-16
(52لأَنَّهُمْ لَمْ يَفْهَمُوا بِالأَرْغِفَةِ إِذْ كَانَتْ قُلُوبُهُمْ غَلِيظَةً.) مرقس 6: 52
(44«ضَعُوا أَنْتُمْ هَذَا الْكَلاَمَ فِي آذَانِكُمْ: إِنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ سَوْفَ يُسَلَّمُ إِلَى أَيْدِي النَّاسِ». 45وَأَمَّا هُمْ فَلَمْ يَفْهَمُوا هَذَا الْقَوْلَ وَكَانَ مُخْفىً عَنْهُمْ لِكَيْ لاَ يَفْهَمُوهُ وَخَافُوا أَنْ يَسْأَلُوهُ عَنْ هَذَا الْقَوْلِ.) لوقا 9: 44-45
وتضجَّر منهم ووصفهم بالإلتواء وعدم الإيمان: (16وَأَحْضَرْتُهُ إِلَى تَلاَمِيذِكَ فَلَمْ يَقْدِرُوا أَنْ يَشْفُوهُ». 17فَأَجَابَ يَسُوعُ: «أَيُّهَا الْجِيلُ غَيْرُ الْمُؤْمِنِ الْمُلْتَوِي إِلَى مَتَى أَكُونُ مَعَكُمْ؟ إِلَى مَتَى أَحْتَمِلُكُمْ؟ قَدِّمُوهُ إِلَيَّ هَهُنَا!» 18فَانْتَهَرَهُ يَسُوعُ فَخَرَجَ مِنْهُ الشَّيْطَانُ. فَشُفِيَ الْغُلاَمُ مِنْ تِلْكَ السَّاعَةِ. 19ثُمَّ تَقَدَّمَ التَّلاَمِيذُ إِلَى يَسُوعَ عَلَى انْفِرَادٍ وَقَالُوا: «لِمَاذَا لَمْ نَقْدِرْ نَحْنُ أَنْ نُخْرِجَهُ؟» 20فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «لِعَدَمِ إِيمَانِكُمْ. فَالْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لَوْ كَانَ لَكُمْ إِيمَانٌ مِثْلُ حَبَّةِ خَرْدَلٍ لَكُنْتُمْ تَقُولُونَ لِهَذَا الْجَبَلِ: انْتَقِلْ مِنْ هُنَا إِلَى هُنَاكَ فَيَنْتَقِلُ وَلاَ يَكُونُ شَيْءٌ غَيْرَ مُمْكِنٍ لَدَيْكُمْ. 21وَأَمَّا هَذَا الْجِنْسُ فَلاَ يَخْرُجُ إِلاَّ بِالصَّلاَةِ وَالصَّوْمِ».) متى 17: 16-21
وإذا كان هذا الجنس لا يخرج إلا بالصلاة والصوم، ولم يتمكنوا من إخراجه، فهم إذن لم يكونوا من المصليين الصائمين!!
ولو كان عندهم أقل القليل من الإيمان لأخرجوا الشياطين.
ومما سبق يثبت أن محمدًا صلى الله عليه وسلم كان نبيًا مماثلا لموسى عليه السلام، فقد قاتل الإثنان من أجل تحقيق شريعة الله (مملكته) على الأرض، فقد حاربا كل من حاول منع انتشار دين الله.
أما يسوع فلم يمسك سيفًا ولم يحارب ولم يعرض نفسه للموت فى سبيل الله، كما تحكى عنه الأناجيل. وكل ما هناك أنه جاء بالسيف ليفرق أفراد الأسرة، ويوضح أن أعداء الإنسان ليس الشيطان ولا الرومان ولا الكفار المحاربين لدعوة الله، الباغين على المؤمنين، ويريدون استئصالهم، بل حدد أن أعداء الإنسان هم أهل بيته: (34«لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لِأُلْقِيَ سَلاَماً عَلَى الأَرْضِ. مَا جِئْتُ لِأُلْقِيَ سَلاَماً بَلْ سَيْفاً. 35فَإِنِّي جِئْتُ لِأُفَرِّقَ الإِنْسَانَ ضِدَّ أَبِيهِ وَالاِبْنَةَ ضِدَّ أُمِّهَا وَالْكَنَّةَ ضِدَّ حَمَاتِهَا. 36وَأَعْدَاءُ الإِنْسَانِ أَهْلُ بَيْتِهِ.) متى 10: 34-36
لذلك جاء يطالب بالبغض والبغضاء بين أفراد الأسرة: (26«إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَأْتِي إِلَيَّ وَلاَ يُبْغِضُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ وَامْرَأَتَهُ وَأَوْلاَدَهُ وَإِخْوَتَهُ وَأَخَوَاتِهِ حَتَّى نَفْسَهُ أَيْضاً فَلاَ يَقْدِرُ أَنْ يَكُونَ لِي تِلْمِيذاً.) لوقا 14: 26
فلماذا يحارب؟ وعلام يحارب؟ من أجل الناموس وشريعة الرب؟ لقد قام بولس بإلغائها، ولعنها.
هل سيحارب من أجل الحفاظ على اسم الرب وعدم اخفائه مرة أخرى بعد أن ضاع ونسيه بنوا إسرائيل؟ لقد محوا اسم الرب من الكتب السبع والعشرين المنسوبة إليه.
(6«أَنَا أَظْهَرْتُ اسْمَكَ لِلنَّاسِ الَّذِينَ أَعْطَيْتَنِي مِنَ الْعَالَمِ.) يوحنا 17: 6
(26وَعَرَّفْتُهُمُ اسْمَكَ وَسَأُعَرِّفُهُمْ لِيَكُونَ فِيهِمُ الْحُبُّ الَّذِي أَحْبَبْتَنِي بِهِ وَأَكُونَ أَنَا فِيهِمْ».) يوحنا 17: 26
فهل حقق يسوع نجاحًا فى دعوته؟ لا. فلم يؤمن به إلا قليلون، ولم يؤمن به أحد من أسرته، ولا خاصته، ولم يتسارع أحد إلى إنقاذه. هل قاتل يسوع من أجل إعلاء كلمة الحق ونشر دين الله؟
أترك لك الإجابة.
* * *
وما زلنا نتناول أدلة النبوة ونطبقها على كل من يسوع الإنجيلى ومحمد صلى الله عليه وسلم: فالمعيار التالى يتناول:
تعليق