رد: مناظرة مع السيد رشيد حول نبوة محمد صلى الله عليه وسلم
شهادة المقوقس رئيس أقباط مصر لحاطب بن أبى بلتعة:
قالوا لما كانت سنة ست من مهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجع من الحديبية بعث إلى الملوك فبعث حاطب بن أبي بلتعة إلى المقوقس، فلما انتهى إلى الإسكندرية وجده في مجلس مشرف على البحر، فركب البحر، فلما حاذى مجلسه أشار بالكتاب بين إصبعيه، فلما رآه أمر به، فأوصل إليه، فلما قرأه قال: ما منعه إن كان نبيا أن يدعو علي فيسلط علي؟ فقال له حاطب: ما منع عيسى أن يدعو على من أراده بالسوء؟ قال: فوجم لها ثم قال: له أعد فأعاد ثم قال له حاطب إنه كان قبلك رجل زعم أنه الرب الأعلى فانتقم الله منه فاعتبر به، وإن لك دينا لن تدعه إلا إلى دين هو خير منه وهو الإسلام، وما بشارة موسى بعيسى إلا كبشارته بمحمد، ولسنا ننهاك عن دين عيسى، بل نأمرك به، فقرأ الكتاب فإذا فيه من محمد رسول الله إلى المقوقس عظيم القبط، سلام على من اتبع الهدى فذكر مثل الكتاب إلى هرقل فلما فرغ أخذه فجعله في حق من عاج وختم عليه.
ثم ساق من طريق أبان بن صالح قال أرسل المقوقس إلى حاطب فقال أسالك عن ثلاث. فقال: لا تسألني عن شيء إلا صدقتك. قال: إلام يدعو محمد؟ قلت: إلى أن يعبد الله وحده ويأمر بالصلاة خمس صلوات في اليوم والليلة ويأمر بصيام رمضان وحج البيت والوفاء بالعهد وينهى عن أكل الميتة والدم إلى أن قال صفه لي قال فوصفته فأوجزت. قال: قد بقيت أشياء لم تذكرها في عينيه حمرة قلما تفارقه وبين كتفيه خاتم النبوة يركب الحمار ويلبس الشملة ويجتزئ بالتمرات والكسر ولا يبالي من لاقى من عم ولا بن عم. قال: هذه صفته، وقد كنت أظن أن مخرجه بالشام، وهناك كانت تخرج الأنبياء من قبله، فأراه قد خرج في أرض العرب، في أرض جهد وبؤس، والقبط لا تطاوعني في اتباعه، وسيظهر على البلاد، وينزل أصحابه من بعده بساحتنا هذه، حتى يظهروا على ما ها هنا، وأنا لا أذكر للقبط من هذا حرفا، ولا أحب أن يعلم بمحادثتي إياك أحد، قال أبو القاسم وحدثنا هشام بن إسحاق وغيره، قال: ثم دعا كاتبا يكتب بالعربية فكتب: لمحمد بن عبد الله من المقوقس سلام أما بعد، فقد قرأت كتابك وذكر نحو ما ذكر لحاطب وزاد وقد أكرمت رسولك وأهديت إليك بغلة لتركبها وبجاريتين لهما مكان في القبط وبكسوة والسلام وقال أبو القاسم أيضا حدثنا هانئ بن المتوكل حدثنا بن لهيعة حدثني يزيد [الإصابة ج: 6 ص: 375]
شهادة المقوقس وأساقفة مصر للمغيرة بن شعبة قبل إسلامه:
قال المغير بن شُعبة فى خروجه إلى المقوقس مع بنى مالك، وإنهم لما دخلوا على المقوقس قال لهم: كيف خَلُصتُم إلىَّ من طَلَبَتِكُم [من طائفكم]، ومحمد وأصحابه بينى وبينكم؟
قالوا: لَصِقنا بالبحر، وقد خفناه على ذلك.
قال: كيف صنعتم فيما دعاكم إليه؟
قالوا: ما تبعه منا رجل واحد.
قال: لِمَ؟
قالوا: جاءنا بدين مُحْدَث لا تدين به الآباء، ولا يدين به الملك، ونحن على ما كان عليه آباؤنا.
قال: كيف صنع قومُه؟
قالوا: اتبعه أحداثهم، وقد لاقاه من خالفه من قومه وغيرهم من العرب فى مواطن، مرة تكون عليهم الدَّبْرَة [الهزيمة]، ومرة تكون لهم.
قال: ألا تخبروننى وتصدقوننى؟ إلى ماذا يدعو؟
قالوا: يدعو إلى أن نعبد الله وحده لا شريك له، ونخلع ما كان يعبد الآباء، ويدعو إلى الصلاة والزكاة.
قال: وما الصلاة و الزكاة؟ ألَهما وقتٌ يُعرَف وعدد ينتهى؟
قالوا: يصلون فى اليوم والليلة خمس صلوات، كلها لمواقيت وعدد، سموه له، ويؤدون من كل مال بلغ عشرين مثقالاً، مثقالً، وكل إبل بلغت خمس، شاة، وأخبروه بصدقة الأموال كلها.
قال: أفرأيتم إذا أخذها أين يضعها؟
قالوا: يردها على فقرائهم، ويأمر بصلة الأرحام، ووفاء العهد، وتحريم الربا والزنا والخمر، ولا يأكل مما ذُبِحَ لغير الله تعالى.
قال: هو نبى مُرسَلٌ إلى الناس كافة، ولو أصابَ القِبْطُ والرومُ تبعوه، وقد أمرهم بذلك عيسى ابن مريم، وهذا الذى تصفونه منه بُعِثَ به الأنبياء من قبله، وستكون له العاقبة حتى لا يُنازعه أحد، ويظهر دينه إلى منتهى الخفّ والحافر، ومنقطع البحور، ويوشك قومه يدافعونه بالرماح.
قال: قلنا: لو دخل الناس كلهم معه ما دَخَلْنَا.
قال: فأنْغَصَ رأسه [حركها فى تعجب] وقال: أنتم فى اللعب، ثم قال: كيف نسبه فى قومه؟
قلنا: هو أوسطهم نسباَ.
قال: كذلك المسيحُ والأنبياء عليهم السلام تُبعَثُ فى نسب قومها.
قال: كيف صدقه فى حديثه؟
قال: قلنا: ما يُسمَّى إلا الأمين من صدقه.
قال: انظروا فى أمركم، أترونه يصدقُ فيما بينكم وبينه، ويكذب على الله!!
قال: فمن تبعه؟
قلنا: الأحداث.
قال: هم ـ والمسيح ـ أتباعُ الأنبياء قبله، قال: فما فعلت يهود يثرب؟ فهم أهل التوراة.
قلنا: خالفوه، فأوقع بهم فقتلهم وسباهم، وتفرقوا فى كل وجه.
قال: هم حَسَدَة حسدوه، أما أنهم يعرفون من أمره مثلَ ما نعرف.
قال المغيرة: فقمنا من عنده، وقد سمعنا كلاماً ذَلَّلَنا لمحمد صلى الله عليه وسلم، وخَضَّعَنا، وقلنا: ملوك العجم يصدِّقونه ويخافونه فى بُعدِ أرحامهم منه، ونحن أقرباؤه وجيرانه لم ندخل معه!! قد جاءنا داعياً إلى منازلنا، فرجعنا إلى منازلنا، فأقمت بالأسكندرية لا أدَعُ كنيسة إلا دخلتُها، وسألت أساقفها من قبطها ورومها، عمَّا يجدون من صفة محمد صلى الله عليه وسلم، وكان أسقف من القبط هو رأس كنيسة أبى غنى [فى بعض النسخ: أبى غثيم]، كانوا يأتونه بمرضاهم فيدعو لهم، لم أر أحداً قط يصلى الصلوات الخمس أشد اجتهاداً منه، فقلت: أخبرنى: هل بقى أحد من الأنبياء؟
قال: نعم، وهو آخر الأنبياء، ليس بينه وبين عيسى ابن مريم أحد، وهو نبى قد أمرنا عيسى باتباعه، وهو النبى الأمىّ العربى، اسمه أحمد، ليس بالطويل ولا بالقصير، فى عينيه حمرة، ليس بالأبيض ولا بالآدم، يُعفى شعره، ويلبس ما غلُظَ من الثياب، ويجتزىء بما لقى من الطعام، سيفه على عاتقه، ولا يبالى من لاقى، يباشرُ القتالَ بنفسه ومع أصحابه، يفدونه بأنفسهم، هم له أشد حبا من أولادهم وآبائهم، يخرجُ من أرض القَرَظ [وهو شجر السلم ـ يستعمل فى الدباغة ويؤخذ منه الصمغ ـ ومنه سمى “ذو سلم” وهو المكان الذى مرَّ به رسول الله حين هاجر من مكة إلى المدينة]، ومن حرم يأتى إلى حرم، يهاجر إلى أرض سباخٍ [أى أرض لم تُحرث] ونخل، يدين بدين إبراهيم عليه السلام.
قال المغيرة بن شعبة: زدنى فى صفته.
قال: يأتزر على وسطه، ويغسل أطرافه، ويُخَصُّ بما لم يُخَصُّ به الأنبياء قبله، كان النبى يُبعَثُ إلى قومه، ويُبعَثُ إلى الناس كافة، وجُعِلَت له الأرضُ مسجداً وطهوراً، أينما أدركته الصلاة تيمم وصلَّى، ومن كان قبله مشدَّداً عليهم لا يُصلُّون إلى فى الكنائس والبيع.
قال المغيرة بن شعبة: فوعيت ذلك كله، من قوله وقول غيره، فرجعت إلى النبى صلى الله عليه وسلم، فأسلمتُ، وأخبرته بما قال الْمَلِِك وقالت الأساقفة الذين كنتُ أُسائلُهم، وأسمع منهم من رؤساء القِبط والروم، وأعجبَ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحب أن يُسمعه أصحابه، فكنت أحدِّثهم ذلك فى اليومين والثلاثة. [دلائل النبوة للأصبهانى ج 1 ص 85-89 برقم 45]
شهادة الحاكم الرومانى ببراءة يسوع من المِسِّيِّانية (آخر النبوة):
قبضوا على يسوع (تبعاً لأقوال الأناجيل) وأسلموه للوالى بيلاطس بتهمة أنه المسيَّا، ملك اليهود، خاتم الرسل، وإمام المرسلين: (1فَقَامَ كُلُّ جُمْهُورِهِمْ وَجَاءُوا بِهِ إِلَى بِيلاَطُسَ 2وَابْتَدَأُوا يَشْتَكُونَ عَلَيْهِ قَائِلِينَ: «إِنَّنَا وَجَدْنَا هَذَا يُفْسِدُ الأُمَّةَ وَيَمْنَعُ أَنْ تُعْطَى جِزْيَةٌ لِقَيْصَرَ قَائِلاً: إِنَّهُ هُوَ مَسِيحٌ مَلِكٌ». 3فَسَأَلَهُ بِيلاَطُسُ: «أَنْتَ مَلِكُ الْيَهُودِ؟» فَأَجَابَهُ:«أَنْتَ تَقُولُ».) لوقا 23: 1-3
وهى نفس إجابته عند متى: (11فَوَقَفَ يَسُوعُ أَمَامَ الْوَالِي. فَسَأَلَهُ الْوَالِي: «أَأَنْتَ مَلِكُ الْيَهُودِ؟» فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «أَنْتَ تَقُولُ».) متى 27: 11
وعند يوحنا كانت إجابته: (33ثُمَّ دَخَلَ بِيلاَطُسُ أَيْضاً إِلَى دَارِ الْوِلاَيَةِ وَدَعَا يَسُوعَ وَقَالَ لَهُ: «أَأَنْتَ مَلِكُ الْيَهُودِ؟» 34أَجَابَهُ يَسُوعُ: «أَمِنْ ذَاتِكَ تَقُولُ هَذَا أَمْ آخَرُونَ قَالُوا لَكَ عَنِّي؟») يوحنا 18: 33-34
أى رفض هذه التهمة مراراً وبأسلوب مختلف، الأمر الذى جعل بيلاطس يفكر فى إطلاق سراحه: (13فَدَعَا بِيلاَطُسُ رُؤَسَاءَ الْكَهَنَةِ وَالْعُظَمَاءَ وَالشَّعْبَ 14وَقَالَ لَهُمْ: «قَدْ قَدَّمْتُمْ إِلَيَّ هَذَا الإِنْسَانَ كَمَنْ يُفْسِدُ الشَّعْبَ. وَهَا أَنَا قَدْ فَحَصْتُ قُدَّامَكُمْ وَلَمْ أَجِدْ فِي هَذَا الإِنْسَانِ عِلَّةً مِمَّا تَشْتَكُونَ بِهِ عَلَيْهِ.) لوقا 23: 13-14
وهذه هى كانت شهادته الحقة أمام بيلاطس، التى أرضت الله كما قال بولس: (13أُوصِيكَ أَمَامَ اللهِ الَّذِي يُحْيِي الْكُلَّ وَالْمَسِيحِ يَسُوعَ الَّذِي شَهِدَ لَدَى بِيلاَطُسَ الْبُنْطِيِّ بِالاِعْتِرَافِ الْحَسَنِ: 14أَنْ تَحْفَظَ الْوَصِيَّةَ بِلاَ دَنَسٍ وَلاَ لَوْمٍ إِلَى ظُهُورِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، 15الَّذِي سَيُبَيِّنُهُ فِي أَوْقَاتِهِ الْمُبَارَكُ الْعَزِيزُ الْوَحِيدُ، مَلِكُ الْمُلُوكِ وَرَبُّ الأَرْبَابِ، 16الَّذِي وَحْدَهُ لَهُ عَدَمُ الْمَوْتِ، سَاكِناً فِي نُورٍ لاَ يُدْنَى مِنْهُ، الَّذِي لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ وَلاَ يَقْدِرُ أَنْ يَرَاهُ، الَّذِي لَهُ الْكَرَامَةُ وَالْقُدْرَةُ الأَبَدِيَّةُ. آمِينَ)تيموثاوس الأولى 6: 13-16
فما هو الاعتراف الذى أقرَّ به عيسى عليه السلام أمام بيلاطس؟ إنه ليس هو المسيح (المسيَّا) ملك اليهود، الذى سيقضى على الإمبراطورية الرومانية.
حتى إن بيلاطس لم يُسَمِّهِ أبداً ملك اليهود أو المسِّيِّا، بل أطلق عليه (الذى يُدعَى): (22قَالَ لَهُمْ بِيلاَطُسُ: «فَمَاذَا أَفْعَلُ بِيَسُوعَ الَّذِي يُدْعَى الْمَسِيحَ؟») متى 27: 22، (17فَفِيمَا هُمْ مُجْتَمِعُونَ قَالَ لَهُمْ بِيلاَطُسُ: «مَنْ تُرِيدُونَ أَنْ أُطْلِقَ لَكُمْ؟ بَارَابَاسَ أَمْ يَسُوعَ الَّذِي يُدْعَى الْمَسِيحَ؟» 18لأَنَّهُ عَلِمَ أَنَّهُمْ أَسْلَمُوهُ حَسَداً.) متى 27: 17-18
شهادة سَلْمَان الفارسى:
ويروي ابن إسحاق بسنده عن سلمان الفارسي قصة هجرته في البحث عن الحقيقة، عن الدين الحق، فقد كان سلمان مجوسياً من أهل أصبهان، مجتهداً في المجوسية يعمل مع أبيه على رعاية معبود الفرس - النار - حتى لا تخبو.
خرج سلمان يوماً إلى ضيعة لأبيه، يقول: فمررت بكنيسة من كنائس النصارى، فسمعت أصواتهم فيها وهم يصلون ... فلما سمعت أصواتهم، دخلت عليهم أنظر ما يصنعون، فلما رأيتهم أعجبتني صلاتهم، ورغِبت في أمرهم، وقلت: هذا والله خير من الذي نحن عليه، فوالله ما برِحتُهم حتى غربت الشمس .. ثم قلت لهم: أين أصل هذا الدين؟ قالوا: بالشام.
وعلم أبو سلمان بالخبر فحبس سلمان بالقيد، وما كان للقيد أن يكبل سلمان عن رحلته، فهو مشتاق إلى الحق، فاستطاع سلمان الهرب من قيده إلى الشام، ليبدأ رحلته في البحث عن الحقيقة، تلك الرحلة التي نراها دليلاً من دلائل نبوته صلى الله عليه وسلم.
يقول سلمان: فلما قدِمتُ الشام قلتُ: من أفضل أهل الدين علماً؟ قالوا: الأسقفُ في الكنيسة، فجئتُه فقلتُ له: إني قد رغبت في هذا الدين، وأحببت أن أكون معك، فأخدمك في كنيستك، وأتعلم منك، وأصلي معك، قال: ادخل، فدخلت معه.
فكان رجل سوء يأمرهم بالصدقة، ويرغبهم بها، فإذا جمعوا إليه شيئاً منها اكتنـزه لنفسه، ولم يعطه المساكين، حتى جمع سبع قلال من ذهب وورق.
فأبغضه سلمان، وكشف لهم حقيقته بعد موته، فوضعوا بدلاً منه آخر، يقول عنه سلمان: ما رأيت رجلاً يصلي أفضلَ منه ولا أزهدَ في الدنيا ولا أرغبَ في الآخرة ولا أدأبَ ليلاً ولا نهاراً منه، فأحببته حباً لم أحبه شيئاً قبله، فأقمت معه زماناً ثم حضرته الوفاة، فقلت له: يا فلان، إني قد كنت معك، وأحببتك حباً لم أحبه أحداً قبلك، وقد حضرك من أمر الله ما ترى، فإلى من توصي بي؟ وبم تأمرني؟
فقال: أي بُنيَّ، والله ما أعلم أحداً على ما كنت عليه، ولقد هلك الناس وبدلوا وتركوا أكثر ما كانوا عليه إلا رجلاً بالموصل وهو فلان، وهو على ما كنت عليه.
فلما مات الرجل وغُيِّب [أي دُفِن]، لحق سلمان بصاحب الموصل، فأقام عنده إلى حين وفاته، فأوصى الرجلُ سلمانَ أن يلحق برجل على التوحيد في نصيبين، فلزمه سلمان زمناً، فلما أدركه الموت أوصى الرجلُ سلمانَ باللحاق برجل على التوحيد في عمورية من أرض الروم قائلاً: "فإنه على مثل ما نحن عليه، فإن أحببت فأْتِه".
فانطلق إليه سلمان ولزمه فلما أدركته الوفاة، قال له سلمان: إلى من توصي بي؟ وبم تأمرني؟ قال: "يا بني والله ما أعلمه أصبح اليوم أحد على مثل ما كنا عليه فآمرك أن تأتيه، ولكنه قد أظل زمان نبي مبعوث بدين إبراهيم، يخرج بأرض العرب، مهاجرُه إلى أرض بين حرتين، بينهما نخل، به علامات لا تخفى: يأكل الهدية، ولا يأكل الصدقة، بين كتفيه خاتم النبوة، فإن استطعت أن تلحق بتلك البلاد فافعل".
ثم مر بسلمان تجار من قبيلة كلب، فقلت لهم: احملوني إلى أرض العرب، وأعطيكم بُقيراتي هذه وغُنيماتي هذه، فحملوه معهم، حتى إذا بلغوا وادي القرى يقول سلمان: فظلموني وباعوني لرجل يهودي، فكنت عنده، فرأيت النخل فرجوت أن يكون البلد الذي وصف لي صاحبي ولم يحق في نفسي.
فبينما أنا عنده إذ قدم عليه ابن عم له من بني قريظة من المدينة، فابتاعني منه، فحملني إلى المدينة، فوالله ما هو إلا أن رأيتُها فعرَفتُها بصفة صاحبي، فأقمت بها.
وبُعث رسول الله صلى الله عليه وسلم فأقام بمكة ما أقام، لا أسمع له بذكر مع ما أنا فيه من شغل الرق، ثم هاجر إلى المدينة، فوالله إني لفي رأس عَذْقٍ لسيدي أعمل فيه بعض العمل وسيدي جالس تحتي؛ إذ أقبل ابنُ عمٍ له، حتى وقف عليه، فقال: يا فلان قاتل الله بني قَيْلة [وهو اسم جدة للأنصار يُنسبون إليها] والله إنهم الآن لمجتمعون معنا على رجل قدم عليهم من مكة اليوم يزعمون أنه نبي.
فلما سمعتُها أخذتني العُرَواء [أي الرِعدة] حتى ظننت أني ساقط على سيدي، فنزلت عن النخلة، فجعلتُ أقول لابن عمه ذلك: ما تقول؟ فغضب سيدي، فلكمني لكمة شديدة، ثم قال: مالك ولهذا؟ أقبِل على عملك! فقلت: لا شيء إنما أردت أن أستثبته عما قال.
وقد كان عندي شيء جمعتُه، فلما أمسيت أخذتُه، ثم ذهبت به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بقباء، فدخلت عليه، فقلت له: إنه قد بلغني أنك رجل صالح ومعك أصحاب لك غرباء ذوو حاجة، وهذا شيء كان عندي للصدقة، فرأيتكم أحق به من غيركم، فقرَّبتُه إليه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه: ((كلوا)) وأمسك فلم يأكل، فقلت في نفسي: هذه واحدة.
ثم انصرفتُ عنه فجمعتُ شيئاً، وتحول رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، ثم جئته به، فقلت: إني قد رأيتُك لا تأكلُ الصدقة، وهذه هدية أكرمتُك بها، فأكل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمر أصحابه فأكلوا معه، فقلت في نفسي: هاتان اثنتان.
ثم جئت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ببقيع الغرقد قد تبع جنازة رجل من أصحابه، وهو جالس في أصحابه، فسلمت عليه، ثم استدرت أنظر إلى ظهره هل أرى الخاتم الذي وصف لي صاحبي، فلما رآني صلى الله عليه وسلم استدبرته عرَف أني أستثبت في شيء وصف لي، فألقى الرداء عن ظهره، فنظرت إلى الخاتم فعرفته، فأكببت عليه أقبله وأبكي.
فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((تحوَّل)) فتحولتُ، فجلستُ بين يديه، فقصصتُ عليه حديثي .. فأعجبَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم وأحبَّ أن يسمع ذلك أصحابُه.[ ذكره ابن إسحاق في سيرته (1/65-66)]
شهادة نصارى نجران واعترافهم بنبوة محمد:
وها هم نصارى نجران يعترفون بنبوة محمد الرسول صلى الله عليه وسلم عندما رفضوا مباهلة [الملاعنة] رسول الله الرسول صلى الله عليه وسلم الذي امتثل لقوله تعالى: (فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ) آل عمران: 61؛ فخرج إليهم رسول الله الرسول صلى الله عليه وسلم ومعه علي والحسن والحسين وفاطمة، ودعاهم للمباهلة فقالوا: يا أبا القاسم، دَعْنَا ننظر في أمرنا، ثم نأتيك بما نريد أن نفعل فيما دعوتنا إليه. فانصرفوا عنه، ثم خَلَوْا بالعاقب، وكان ذا رأيهم، فقالوا: يا عبدَ المسيح، ماذا ترى؟ فقال: والله يا معشر النصارى لقد عرَفْتم أن محمدًا لنبيٌّ مرسل، ولقد جاءكم بالفَصْل من خَبَر صاحبكم [يقصد عيسى عليه السلام]، ولقد علمتم أنه ما لاعَن قومٌ نبيًّا قط فبقي كبيرهم، ولا نبت صَغيرهم، وإنه للاستئصال منكم إن فعلتم، فإن كنتم قد أبيتم إلا إلف دينكم، والإقامة على ما أنتم عليه من القول في صاحبكم، فوادعُوا الرجلَ ثم انْصَرِفُوا إلى بلادكم. [ابن هشام: السيرة النبوية 1/584]
شهادة أبى جهل بصدق نبوة الرسول صلى الله عليه وسلم:
فقد سأل المِسْوَرُ بن مخرمة خاله أبا جهل عن حقيقة محمد صلى الله عليه وسلم، إذ قال: "يا خالي، هل كنتم تَتَّهِمُون محمدًا بالكذب قبل أن يقول ما قال؟ فقال: يابن أختي، والله! لقد كان [محمد صلى الله عليه وسلم] فينا وهو شابٌّ يُدْعَى الأمين، فما جَرَّبْنَا عليه كذبًا قطُّ. قال: يا خال، فما لكم لا تَتَّبِعُونه؟ قال: يابن أختي، تنازعنا نحن وبنو هاشم الشرف، فأَطْعَمُوا وأَطْعَمْنَا، وسَقَوْا وسَقَيْنَا، وأجاروا وأجرنا، حتى إذا تجاثينا [أي جلسنا على الرُّكب للخصومة] على الرُّكَبِ كُنَّا كَفَرَسَيْ رِهَانٍ، قالوا: مِنَّا نبي. فمتى نُدْرِكُ مثل هذه؟!
وفى شهادة أخرى له: وقال: الأخنسُ بن شُريق يومَ بدر لأبي جهل: يا أبا الحكم، أَخْبِرْنِي عن محمد؛ أصادقٌ هو أم كاذب؟ فإنه ليس ها هنا من قريش أحدٌ غيري وغيرك يسمع كلامنا. فقال أبو جهل: ويحك! والله إن محمدًا لصادقٌ، وما كذب محمدٌ قطُّ، ولكن إذا ذهبتْ بنو قُصَيٍّ باللواء والحجابة والسقاية والنبوة، فماذا يكون لسائر قريش؟" [ابن القيم: هداية الحيارى ص50، 51]
شهادة قريش بصدق نبوة الرسول صلى الله عليه وسلم:
بل وقد اعترفت قريش بسائر بطونها بأنه صادق أمين، وهو أمر لا يستقيم لأيِّ أحد من الناس أن تجتمع القبيلة بكاملها على صدقه وأمانته، رغم الاختلافات الاجتماعية والنفسية بين أفرادها الكثيرين؛ ففي يوم من الأيام "خرج رسول الله الرسول صلى الله عليه وسلم حتَّى أتى الصَّفَا، فصَعِدَ عليه فهتف: "يَا صَبَاحَاهُ" فَلَمَّا اجتمعوا إليه قال: "أَرَأَيْتُمْ لَوْ أَخْبَرْتُكُمْ أَنَّ خَيْلاً تَخْرُجُ مِنْ سَفْحِ هَذَا الْجَبَلِ أَكُنْتُمْ مُصَدِّقِيَّ؟" قالوا: ما جَرَّبنا عليك كذبًا. قال: "فَإِنِّي نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ". فقال أبو لهبٍ: تبًّا لك! مَا جَمَعْتَنَا إِلاَّ لِهَذَا؟ ..." [البخاري عن ابن عباس (4687)]
إن قريشًا كلَّها قد شهدت واعترفت بصدق محمد صلى الله عليه وسلم، فلمَّا أخبرهم بحقيقة دعوته ورسالته، نَكَصُوا على أعقابهم؛ تقليدًا لآبائهم، وخوفًا على مناصبهم وتجارتهم وأموالهم، فكان هذا الموقف -وغيره من المواقف الكثيرة بين رسول الله الرسول صلى الله عليه وسلم وبين كفار قريش- دليلاً يحمل في طَيَّاته اعترافًا منهم بصدقه، ومن ثَمَّ صِدْق دعوته ونُبُوَّتِهِ.
فما قاله ورقة بن نوفل قاله المقوقس أيضًا وقاله هرقل وقاله برنابا فى إنجيله، وقالته رسالة برنابا، وقال طرف منه إنجيل يهوذا الذى عثروا عليه منذ بضعة سنوات، وقاله أحبار اليهود، بل قاله يسوع نفسه. وكلهم كانوا ينتظرون النبى الخاتم، ولكن كان بعضهم يظن أنه سيخرج من الشام.
وهناك العديد من الشهادات، التى يمكنك التعرف عليها مجمعة فى كتاب دلائل النبوة لأبى نعيم الأصبهانى، أو للبيهقى.
شهادة الله تعالى له بالنبوة:
وأنهى الشهادات بشهادة الله تعالى له: فقد رفض يسوع أن يشهد لنفسه، واعتبر شهادته لنفسه باطلة، وتمسك بشهادة الله تعالى له، فقال: (31«إِنْ كُنْتُ أَشْهَدُ لِنَفْسِي فَشَهَادَتِي لَيْسَتْ حَقّاً. 32الَّذِي يَشْهَدُ لِي هُوَ آخَرُ وَأَنَا أَعْلَمُ أَنَّ شَهَادَتَهُ الَّتِي يَشْهَدُهَا لِي هِيَ حَقٌّ.) يوحنا 5: 31-32
وعلى ذلك لو طبقنا معيار يسوع فى الإستشهاد، فعلينا أن نصدق شهادة الله تعالى عن شهادات النفس والغير، وهو المعيار الذى ارتضيتموه لأنفسكم.
شهادة القرآن، أى شهادة الله تعالى، فقد أقر يسوع أن شهادته غير مقبولة، ويشهد له آخر، الذى أرسله. وبنفس هذا المعيار الذى يرتضيه المسيحيون لأنفسهم نقول شهد القرآن فى آيات كثيرة بنبوة الرسول صلى الله عليه وسلم:
(مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا) الفتح :29
ويقول الله تعالى: (مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا) الأحزاب: 40
قال الله تعالى: (إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَىٰ نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ ۚ وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَعِيسَىٰ وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ ۚ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا) النساء: 163
وقال سبحانه: (نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَٰذَا الْقُرْآنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ) يوسف: 3
وقال جل وعلا: (وَكَذَٰلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَىٰ وَمَنْ حَوْلَهَا وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لَا رَيْبَ فِيهِ ...) الشورى: 7
وقال سبحانه وتعالى: (مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَىٰ) طه: 2
وقال الخالق: (إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ) الزمر: 2
* * *
هل السيدة خديجة وثنية وناقصة عقل ودين ولا يقبل لها شهادة؟
أما ما قلته عن أمنا السيدة خديجة، من أنها (وثنية وناقصة عقل ودين) وبالتالى لا تقبل لها شهادة، فأنت متأثر بصورة كبيرة جدًا بتاريخكم مع المرأة وأقوال الكتاب الذى تقدسه، وأقوال من تسمونهم قديسين أو آباء، بالإضافة إلى قرارات مجامع الكنيسة، ولا أريد أن أتهمك أنك تتبع طريقة (رمتنى بدائها وانسلت)، ويكفيك أن تعلم (وأنا على يقين أنك تعلم، ولكنك تكذب وتضلل غيرك أسوة بما كان يفعله بولس، واتبعه زكريا بطرس، ليزداد مجد الرب (رومية 3: 7)) أنها كانت أول من أسلم من الناس بنبوته صلى الله عليه وسلم، وأول من عضدته فقط لإيمانها بأخلاقه، فقد قالت له عندما جاءها يرتجف من لقائه الأول بسيدنا جبريل: (كلا، أبشر، فوالله لا يخزيك الله أبدا؛ إنك لتصل الرحم، وتصدق الحديث، وتحمل الكل، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق). كما أنها عضدته معنويًا وماديًا بمالها ومكانتها حتى ماتت.
ثم اقرأ ما قاله الله عنها: عن أبي هريرة أنه قال: أتى جبريلٌ النبيَّ فقال: (يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذِهِ خَدِيجَةُ قَدْ أَتَتْ مَعَهَا إِنَاءٌ فِيهِ إِدَامٌ أَوْ طَعَامٌ أَوْ شَرَابٌ، فَإِذَا هِيَ أَتَتْكَ فَاقْرَأْ عَلَيْهَا السَّلاَمَ مِنْ رَبِّهَا وَمِنِّي، وَبَشِّرْهَا بِبَيْتٍ فِي الْجَنَّةِ مِنْ قَصَبٍ، لاَ صَخَبَ فِيهِ وَلاَ نَصَبَ). رواه البخارى
واقرأ ما قاله الرسول صلى الله عليه وسلم عن كمالها:
فعن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (حَسْبُكَ مِنْ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ مَرْيَمُ ابْنَةُ عِمْرَانَ وَخَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ وَفَاطِمَةُ ابْنَةُ مُحَمَّدٍ وَآسِيَةُ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ) [جامع الترمذى].
وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (أَفْضَلُ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ خَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ وَفَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ وَمَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ وَآسِيَةُ بِنْتُ مُزَاحِمٍ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ) [مسند الإمام أحمد]
وعَنْ أَنَسِ بن مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (خَيْرُ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ مَرْيَمُ بنتُ عِمْرَانَ، وَآسِيَةُ بنتُ مُزَاحِمٍ، وَخَدِيجَةُ بنتُ خُوَيْلِدٍ، وَفَاطِمَةُ بنتُ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ السَّلامُ). [صحيح بن حبان (7109)]
عَنْ عُرْوَةَ، قَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ لِفَاطِمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَلا أُبَشِّرُكَ، أَنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (سَيِّدَاتُ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ أَرْبَعٌ: مَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ، وَفَاطِمَةُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، وَخَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ ، وَآسِيَةُ).
إن السيدة خديجة من خيرة السيدات الكاملات فى الدنيا والآخرة.
شهادة المقوقس رئيس أقباط مصر لحاطب بن أبى بلتعة:
قالوا لما كانت سنة ست من مهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجع من الحديبية بعث إلى الملوك فبعث حاطب بن أبي بلتعة إلى المقوقس، فلما انتهى إلى الإسكندرية وجده في مجلس مشرف على البحر، فركب البحر، فلما حاذى مجلسه أشار بالكتاب بين إصبعيه، فلما رآه أمر به، فأوصل إليه، فلما قرأه قال: ما منعه إن كان نبيا أن يدعو علي فيسلط علي؟ فقال له حاطب: ما منع عيسى أن يدعو على من أراده بالسوء؟ قال: فوجم لها ثم قال: له أعد فأعاد ثم قال له حاطب إنه كان قبلك رجل زعم أنه الرب الأعلى فانتقم الله منه فاعتبر به، وإن لك دينا لن تدعه إلا إلى دين هو خير منه وهو الإسلام، وما بشارة موسى بعيسى إلا كبشارته بمحمد، ولسنا ننهاك عن دين عيسى، بل نأمرك به، فقرأ الكتاب فإذا فيه من محمد رسول الله إلى المقوقس عظيم القبط، سلام على من اتبع الهدى فذكر مثل الكتاب إلى هرقل فلما فرغ أخذه فجعله في حق من عاج وختم عليه.
ثم ساق من طريق أبان بن صالح قال أرسل المقوقس إلى حاطب فقال أسالك عن ثلاث. فقال: لا تسألني عن شيء إلا صدقتك. قال: إلام يدعو محمد؟ قلت: إلى أن يعبد الله وحده ويأمر بالصلاة خمس صلوات في اليوم والليلة ويأمر بصيام رمضان وحج البيت والوفاء بالعهد وينهى عن أكل الميتة والدم إلى أن قال صفه لي قال فوصفته فأوجزت. قال: قد بقيت أشياء لم تذكرها في عينيه حمرة قلما تفارقه وبين كتفيه خاتم النبوة يركب الحمار ويلبس الشملة ويجتزئ بالتمرات والكسر ولا يبالي من لاقى من عم ولا بن عم. قال: هذه صفته، وقد كنت أظن أن مخرجه بالشام، وهناك كانت تخرج الأنبياء من قبله، فأراه قد خرج في أرض العرب، في أرض جهد وبؤس، والقبط لا تطاوعني في اتباعه، وسيظهر على البلاد، وينزل أصحابه من بعده بساحتنا هذه، حتى يظهروا على ما ها هنا، وأنا لا أذكر للقبط من هذا حرفا، ولا أحب أن يعلم بمحادثتي إياك أحد، قال أبو القاسم وحدثنا هشام بن إسحاق وغيره، قال: ثم دعا كاتبا يكتب بالعربية فكتب: لمحمد بن عبد الله من المقوقس سلام أما بعد، فقد قرأت كتابك وذكر نحو ما ذكر لحاطب وزاد وقد أكرمت رسولك وأهديت إليك بغلة لتركبها وبجاريتين لهما مكان في القبط وبكسوة والسلام وقال أبو القاسم أيضا حدثنا هانئ بن المتوكل حدثنا بن لهيعة حدثني يزيد [الإصابة ج: 6 ص: 375]
شهادة المقوقس وأساقفة مصر للمغيرة بن شعبة قبل إسلامه:
قال المغير بن شُعبة فى خروجه إلى المقوقس مع بنى مالك، وإنهم لما دخلوا على المقوقس قال لهم: كيف خَلُصتُم إلىَّ من طَلَبَتِكُم [من طائفكم]، ومحمد وأصحابه بينى وبينكم؟
قالوا: لَصِقنا بالبحر، وقد خفناه على ذلك.
قال: كيف صنعتم فيما دعاكم إليه؟
قالوا: ما تبعه منا رجل واحد.
قال: لِمَ؟
قالوا: جاءنا بدين مُحْدَث لا تدين به الآباء، ولا يدين به الملك، ونحن على ما كان عليه آباؤنا.
قال: كيف صنع قومُه؟
قالوا: اتبعه أحداثهم، وقد لاقاه من خالفه من قومه وغيرهم من العرب فى مواطن، مرة تكون عليهم الدَّبْرَة [الهزيمة]، ومرة تكون لهم.
قال: ألا تخبروننى وتصدقوننى؟ إلى ماذا يدعو؟
قالوا: يدعو إلى أن نعبد الله وحده لا شريك له، ونخلع ما كان يعبد الآباء، ويدعو إلى الصلاة والزكاة.
قال: وما الصلاة و الزكاة؟ ألَهما وقتٌ يُعرَف وعدد ينتهى؟
قالوا: يصلون فى اليوم والليلة خمس صلوات، كلها لمواقيت وعدد، سموه له، ويؤدون من كل مال بلغ عشرين مثقالاً، مثقالً، وكل إبل بلغت خمس، شاة، وأخبروه بصدقة الأموال كلها.
قال: أفرأيتم إذا أخذها أين يضعها؟
قالوا: يردها على فقرائهم، ويأمر بصلة الأرحام، ووفاء العهد، وتحريم الربا والزنا والخمر، ولا يأكل مما ذُبِحَ لغير الله تعالى.
قال: هو نبى مُرسَلٌ إلى الناس كافة، ولو أصابَ القِبْطُ والرومُ تبعوه، وقد أمرهم بذلك عيسى ابن مريم، وهذا الذى تصفونه منه بُعِثَ به الأنبياء من قبله، وستكون له العاقبة حتى لا يُنازعه أحد، ويظهر دينه إلى منتهى الخفّ والحافر، ومنقطع البحور، ويوشك قومه يدافعونه بالرماح.
قال: قلنا: لو دخل الناس كلهم معه ما دَخَلْنَا.
قال: فأنْغَصَ رأسه [حركها فى تعجب] وقال: أنتم فى اللعب، ثم قال: كيف نسبه فى قومه؟
قلنا: هو أوسطهم نسباَ.
قال: كذلك المسيحُ والأنبياء عليهم السلام تُبعَثُ فى نسب قومها.
قال: كيف صدقه فى حديثه؟
قال: قلنا: ما يُسمَّى إلا الأمين من صدقه.
قال: انظروا فى أمركم، أترونه يصدقُ فيما بينكم وبينه، ويكذب على الله!!
قال: فمن تبعه؟
قلنا: الأحداث.
قال: هم ـ والمسيح ـ أتباعُ الأنبياء قبله، قال: فما فعلت يهود يثرب؟ فهم أهل التوراة.
قلنا: خالفوه، فأوقع بهم فقتلهم وسباهم، وتفرقوا فى كل وجه.
قال: هم حَسَدَة حسدوه، أما أنهم يعرفون من أمره مثلَ ما نعرف.
قال المغيرة: فقمنا من عنده، وقد سمعنا كلاماً ذَلَّلَنا لمحمد صلى الله عليه وسلم، وخَضَّعَنا، وقلنا: ملوك العجم يصدِّقونه ويخافونه فى بُعدِ أرحامهم منه، ونحن أقرباؤه وجيرانه لم ندخل معه!! قد جاءنا داعياً إلى منازلنا، فرجعنا إلى منازلنا، فأقمت بالأسكندرية لا أدَعُ كنيسة إلا دخلتُها، وسألت أساقفها من قبطها ورومها، عمَّا يجدون من صفة محمد صلى الله عليه وسلم، وكان أسقف من القبط هو رأس كنيسة أبى غنى [فى بعض النسخ: أبى غثيم]، كانوا يأتونه بمرضاهم فيدعو لهم، لم أر أحداً قط يصلى الصلوات الخمس أشد اجتهاداً منه، فقلت: أخبرنى: هل بقى أحد من الأنبياء؟
قال: نعم، وهو آخر الأنبياء، ليس بينه وبين عيسى ابن مريم أحد، وهو نبى قد أمرنا عيسى باتباعه، وهو النبى الأمىّ العربى، اسمه أحمد، ليس بالطويل ولا بالقصير، فى عينيه حمرة، ليس بالأبيض ولا بالآدم، يُعفى شعره، ويلبس ما غلُظَ من الثياب، ويجتزىء بما لقى من الطعام، سيفه على عاتقه، ولا يبالى من لاقى، يباشرُ القتالَ بنفسه ومع أصحابه، يفدونه بأنفسهم، هم له أشد حبا من أولادهم وآبائهم، يخرجُ من أرض القَرَظ [وهو شجر السلم ـ يستعمل فى الدباغة ويؤخذ منه الصمغ ـ ومنه سمى “ذو سلم” وهو المكان الذى مرَّ به رسول الله حين هاجر من مكة إلى المدينة]، ومن حرم يأتى إلى حرم، يهاجر إلى أرض سباخٍ [أى أرض لم تُحرث] ونخل، يدين بدين إبراهيم عليه السلام.
قال المغيرة بن شعبة: زدنى فى صفته.
قال: يأتزر على وسطه، ويغسل أطرافه، ويُخَصُّ بما لم يُخَصُّ به الأنبياء قبله، كان النبى يُبعَثُ إلى قومه، ويُبعَثُ إلى الناس كافة، وجُعِلَت له الأرضُ مسجداً وطهوراً، أينما أدركته الصلاة تيمم وصلَّى، ومن كان قبله مشدَّداً عليهم لا يُصلُّون إلى فى الكنائس والبيع.
قال المغيرة بن شعبة: فوعيت ذلك كله، من قوله وقول غيره، فرجعت إلى النبى صلى الله عليه وسلم، فأسلمتُ، وأخبرته بما قال الْمَلِِك وقالت الأساقفة الذين كنتُ أُسائلُهم، وأسمع منهم من رؤساء القِبط والروم، وأعجبَ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحب أن يُسمعه أصحابه، فكنت أحدِّثهم ذلك فى اليومين والثلاثة. [دلائل النبوة للأصبهانى ج 1 ص 85-89 برقم 45]
شهادة الحاكم الرومانى ببراءة يسوع من المِسِّيِّانية (آخر النبوة):
قبضوا على يسوع (تبعاً لأقوال الأناجيل) وأسلموه للوالى بيلاطس بتهمة أنه المسيَّا، ملك اليهود، خاتم الرسل، وإمام المرسلين: (1فَقَامَ كُلُّ جُمْهُورِهِمْ وَجَاءُوا بِهِ إِلَى بِيلاَطُسَ 2وَابْتَدَأُوا يَشْتَكُونَ عَلَيْهِ قَائِلِينَ: «إِنَّنَا وَجَدْنَا هَذَا يُفْسِدُ الأُمَّةَ وَيَمْنَعُ أَنْ تُعْطَى جِزْيَةٌ لِقَيْصَرَ قَائِلاً: إِنَّهُ هُوَ مَسِيحٌ مَلِكٌ». 3فَسَأَلَهُ بِيلاَطُسُ: «أَنْتَ مَلِكُ الْيَهُودِ؟» فَأَجَابَهُ:«أَنْتَ تَقُولُ».) لوقا 23: 1-3
وهى نفس إجابته عند متى: (11فَوَقَفَ يَسُوعُ أَمَامَ الْوَالِي. فَسَأَلَهُ الْوَالِي: «أَأَنْتَ مَلِكُ الْيَهُودِ؟» فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «أَنْتَ تَقُولُ».) متى 27: 11
وعند يوحنا كانت إجابته: (33ثُمَّ دَخَلَ بِيلاَطُسُ أَيْضاً إِلَى دَارِ الْوِلاَيَةِ وَدَعَا يَسُوعَ وَقَالَ لَهُ: «أَأَنْتَ مَلِكُ الْيَهُودِ؟» 34أَجَابَهُ يَسُوعُ: «أَمِنْ ذَاتِكَ تَقُولُ هَذَا أَمْ آخَرُونَ قَالُوا لَكَ عَنِّي؟») يوحنا 18: 33-34
أى رفض هذه التهمة مراراً وبأسلوب مختلف، الأمر الذى جعل بيلاطس يفكر فى إطلاق سراحه: (13فَدَعَا بِيلاَطُسُ رُؤَسَاءَ الْكَهَنَةِ وَالْعُظَمَاءَ وَالشَّعْبَ 14وَقَالَ لَهُمْ: «قَدْ قَدَّمْتُمْ إِلَيَّ هَذَا الإِنْسَانَ كَمَنْ يُفْسِدُ الشَّعْبَ. وَهَا أَنَا قَدْ فَحَصْتُ قُدَّامَكُمْ وَلَمْ أَجِدْ فِي هَذَا الإِنْسَانِ عِلَّةً مِمَّا تَشْتَكُونَ بِهِ عَلَيْهِ.) لوقا 23: 13-14
وهذه هى كانت شهادته الحقة أمام بيلاطس، التى أرضت الله كما قال بولس: (13أُوصِيكَ أَمَامَ اللهِ الَّذِي يُحْيِي الْكُلَّ وَالْمَسِيحِ يَسُوعَ الَّذِي شَهِدَ لَدَى بِيلاَطُسَ الْبُنْطِيِّ بِالاِعْتِرَافِ الْحَسَنِ: 14أَنْ تَحْفَظَ الْوَصِيَّةَ بِلاَ دَنَسٍ وَلاَ لَوْمٍ إِلَى ظُهُورِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، 15الَّذِي سَيُبَيِّنُهُ فِي أَوْقَاتِهِ الْمُبَارَكُ الْعَزِيزُ الْوَحِيدُ، مَلِكُ الْمُلُوكِ وَرَبُّ الأَرْبَابِ، 16الَّذِي وَحْدَهُ لَهُ عَدَمُ الْمَوْتِ، سَاكِناً فِي نُورٍ لاَ يُدْنَى مِنْهُ، الَّذِي لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ وَلاَ يَقْدِرُ أَنْ يَرَاهُ، الَّذِي لَهُ الْكَرَامَةُ وَالْقُدْرَةُ الأَبَدِيَّةُ. آمِينَ)تيموثاوس الأولى 6: 13-16
فما هو الاعتراف الذى أقرَّ به عيسى عليه السلام أمام بيلاطس؟ إنه ليس هو المسيح (المسيَّا) ملك اليهود، الذى سيقضى على الإمبراطورية الرومانية.
حتى إن بيلاطس لم يُسَمِّهِ أبداً ملك اليهود أو المسِّيِّا، بل أطلق عليه (الذى يُدعَى): (22قَالَ لَهُمْ بِيلاَطُسُ: «فَمَاذَا أَفْعَلُ بِيَسُوعَ الَّذِي يُدْعَى الْمَسِيحَ؟») متى 27: 22، (17فَفِيمَا هُمْ مُجْتَمِعُونَ قَالَ لَهُمْ بِيلاَطُسُ: «مَنْ تُرِيدُونَ أَنْ أُطْلِقَ لَكُمْ؟ بَارَابَاسَ أَمْ يَسُوعَ الَّذِي يُدْعَى الْمَسِيحَ؟» 18لأَنَّهُ عَلِمَ أَنَّهُمْ أَسْلَمُوهُ حَسَداً.) متى 27: 17-18
شهادة سَلْمَان الفارسى:
ويروي ابن إسحاق بسنده عن سلمان الفارسي قصة هجرته في البحث عن الحقيقة، عن الدين الحق، فقد كان سلمان مجوسياً من أهل أصبهان، مجتهداً في المجوسية يعمل مع أبيه على رعاية معبود الفرس - النار - حتى لا تخبو.
خرج سلمان يوماً إلى ضيعة لأبيه، يقول: فمررت بكنيسة من كنائس النصارى، فسمعت أصواتهم فيها وهم يصلون ... فلما سمعت أصواتهم، دخلت عليهم أنظر ما يصنعون، فلما رأيتهم أعجبتني صلاتهم، ورغِبت في أمرهم، وقلت: هذا والله خير من الذي نحن عليه، فوالله ما برِحتُهم حتى غربت الشمس .. ثم قلت لهم: أين أصل هذا الدين؟ قالوا: بالشام.
وعلم أبو سلمان بالخبر فحبس سلمان بالقيد، وما كان للقيد أن يكبل سلمان عن رحلته، فهو مشتاق إلى الحق، فاستطاع سلمان الهرب من قيده إلى الشام، ليبدأ رحلته في البحث عن الحقيقة، تلك الرحلة التي نراها دليلاً من دلائل نبوته صلى الله عليه وسلم.
يقول سلمان: فلما قدِمتُ الشام قلتُ: من أفضل أهل الدين علماً؟ قالوا: الأسقفُ في الكنيسة، فجئتُه فقلتُ له: إني قد رغبت في هذا الدين، وأحببت أن أكون معك، فأخدمك في كنيستك، وأتعلم منك، وأصلي معك، قال: ادخل، فدخلت معه.
فكان رجل سوء يأمرهم بالصدقة، ويرغبهم بها، فإذا جمعوا إليه شيئاً منها اكتنـزه لنفسه، ولم يعطه المساكين، حتى جمع سبع قلال من ذهب وورق.
فأبغضه سلمان، وكشف لهم حقيقته بعد موته، فوضعوا بدلاً منه آخر، يقول عنه سلمان: ما رأيت رجلاً يصلي أفضلَ منه ولا أزهدَ في الدنيا ولا أرغبَ في الآخرة ولا أدأبَ ليلاً ولا نهاراً منه، فأحببته حباً لم أحبه شيئاً قبله، فأقمت معه زماناً ثم حضرته الوفاة، فقلت له: يا فلان، إني قد كنت معك، وأحببتك حباً لم أحبه أحداً قبلك، وقد حضرك من أمر الله ما ترى، فإلى من توصي بي؟ وبم تأمرني؟
فقال: أي بُنيَّ، والله ما أعلم أحداً على ما كنت عليه، ولقد هلك الناس وبدلوا وتركوا أكثر ما كانوا عليه إلا رجلاً بالموصل وهو فلان، وهو على ما كنت عليه.
فلما مات الرجل وغُيِّب [أي دُفِن]، لحق سلمان بصاحب الموصل، فأقام عنده إلى حين وفاته، فأوصى الرجلُ سلمانَ أن يلحق برجل على التوحيد في نصيبين، فلزمه سلمان زمناً، فلما أدركه الموت أوصى الرجلُ سلمانَ باللحاق برجل على التوحيد في عمورية من أرض الروم قائلاً: "فإنه على مثل ما نحن عليه، فإن أحببت فأْتِه".
فانطلق إليه سلمان ولزمه فلما أدركته الوفاة، قال له سلمان: إلى من توصي بي؟ وبم تأمرني؟ قال: "يا بني والله ما أعلمه أصبح اليوم أحد على مثل ما كنا عليه فآمرك أن تأتيه، ولكنه قد أظل زمان نبي مبعوث بدين إبراهيم، يخرج بأرض العرب، مهاجرُه إلى أرض بين حرتين، بينهما نخل، به علامات لا تخفى: يأكل الهدية، ولا يأكل الصدقة، بين كتفيه خاتم النبوة، فإن استطعت أن تلحق بتلك البلاد فافعل".
ثم مر بسلمان تجار من قبيلة كلب، فقلت لهم: احملوني إلى أرض العرب، وأعطيكم بُقيراتي هذه وغُنيماتي هذه، فحملوه معهم، حتى إذا بلغوا وادي القرى يقول سلمان: فظلموني وباعوني لرجل يهودي، فكنت عنده، فرأيت النخل فرجوت أن يكون البلد الذي وصف لي صاحبي ولم يحق في نفسي.
فبينما أنا عنده إذ قدم عليه ابن عم له من بني قريظة من المدينة، فابتاعني منه، فحملني إلى المدينة، فوالله ما هو إلا أن رأيتُها فعرَفتُها بصفة صاحبي، فأقمت بها.
وبُعث رسول الله صلى الله عليه وسلم فأقام بمكة ما أقام، لا أسمع له بذكر مع ما أنا فيه من شغل الرق، ثم هاجر إلى المدينة، فوالله إني لفي رأس عَذْقٍ لسيدي أعمل فيه بعض العمل وسيدي جالس تحتي؛ إذ أقبل ابنُ عمٍ له، حتى وقف عليه، فقال: يا فلان قاتل الله بني قَيْلة [وهو اسم جدة للأنصار يُنسبون إليها] والله إنهم الآن لمجتمعون معنا على رجل قدم عليهم من مكة اليوم يزعمون أنه نبي.
فلما سمعتُها أخذتني العُرَواء [أي الرِعدة] حتى ظننت أني ساقط على سيدي، فنزلت عن النخلة، فجعلتُ أقول لابن عمه ذلك: ما تقول؟ فغضب سيدي، فلكمني لكمة شديدة، ثم قال: مالك ولهذا؟ أقبِل على عملك! فقلت: لا شيء إنما أردت أن أستثبته عما قال.
وقد كان عندي شيء جمعتُه، فلما أمسيت أخذتُه، ثم ذهبت به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بقباء، فدخلت عليه، فقلت له: إنه قد بلغني أنك رجل صالح ومعك أصحاب لك غرباء ذوو حاجة، وهذا شيء كان عندي للصدقة، فرأيتكم أحق به من غيركم، فقرَّبتُه إليه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه: ((كلوا)) وأمسك فلم يأكل، فقلت في نفسي: هذه واحدة.
ثم انصرفتُ عنه فجمعتُ شيئاً، وتحول رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، ثم جئته به، فقلت: إني قد رأيتُك لا تأكلُ الصدقة، وهذه هدية أكرمتُك بها، فأكل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمر أصحابه فأكلوا معه، فقلت في نفسي: هاتان اثنتان.
ثم جئت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ببقيع الغرقد قد تبع جنازة رجل من أصحابه، وهو جالس في أصحابه، فسلمت عليه، ثم استدرت أنظر إلى ظهره هل أرى الخاتم الذي وصف لي صاحبي، فلما رآني صلى الله عليه وسلم استدبرته عرَف أني أستثبت في شيء وصف لي، فألقى الرداء عن ظهره، فنظرت إلى الخاتم فعرفته، فأكببت عليه أقبله وأبكي.
فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((تحوَّل)) فتحولتُ، فجلستُ بين يديه، فقصصتُ عليه حديثي .. فأعجبَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم وأحبَّ أن يسمع ذلك أصحابُه.[ ذكره ابن إسحاق في سيرته (1/65-66)]
شهادة نصارى نجران واعترافهم بنبوة محمد:
وها هم نصارى نجران يعترفون بنبوة محمد الرسول صلى الله عليه وسلم عندما رفضوا مباهلة [الملاعنة] رسول الله الرسول صلى الله عليه وسلم الذي امتثل لقوله تعالى: (فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ) آل عمران: 61؛ فخرج إليهم رسول الله الرسول صلى الله عليه وسلم ومعه علي والحسن والحسين وفاطمة، ودعاهم للمباهلة فقالوا: يا أبا القاسم، دَعْنَا ننظر في أمرنا، ثم نأتيك بما نريد أن نفعل فيما دعوتنا إليه. فانصرفوا عنه، ثم خَلَوْا بالعاقب، وكان ذا رأيهم، فقالوا: يا عبدَ المسيح، ماذا ترى؟ فقال: والله يا معشر النصارى لقد عرَفْتم أن محمدًا لنبيٌّ مرسل، ولقد جاءكم بالفَصْل من خَبَر صاحبكم [يقصد عيسى عليه السلام]، ولقد علمتم أنه ما لاعَن قومٌ نبيًّا قط فبقي كبيرهم، ولا نبت صَغيرهم، وإنه للاستئصال منكم إن فعلتم، فإن كنتم قد أبيتم إلا إلف دينكم، والإقامة على ما أنتم عليه من القول في صاحبكم، فوادعُوا الرجلَ ثم انْصَرِفُوا إلى بلادكم. [ابن هشام: السيرة النبوية 1/584]
شهادة أبى جهل بصدق نبوة الرسول صلى الله عليه وسلم:
فقد سأل المِسْوَرُ بن مخرمة خاله أبا جهل عن حقيقة محمد صلى الله عليه وسلم، إذ قال: "يا خالي، هل كنتم تَتَّهِمُون محمدًا بالكذب قبل أن يقول ما قال؟ فقال: يابن أختي، والله! لقد كان [محمد صلى الله عليه وسلم] فينا وهو شابٌّ يُدْعَى الأمين، فما جَرَّبْنَا عليه كذبًا قطُّ. قال: يا خال، فما لكم لا تَتَّبِعُونه؟ قال: يابن أختي، تنازعنا نحن وبنو هاشم الشرف، فأَطْعَمُوا وأَطْعَمْنَا، وسَقَوْا وسَقَيْنَا، وأجاروا وأجرنا، حتى إذا تجاثينا [أي جلسنا على الرُّكب للخصومة] على الرُّكَبِ كُنَّا كَفَرَسَيْ رِهَانٍ، قالوا: مِنَّا نبي. فمتى نُدْرِكُ مثل هذه؟!
وفى شهادة أخرى له: وقال: الأخنسُ بن شُريق يومَ بدر لأبي جهل: يا أبا الحكم، أَخْبِرْنِي عن محمد؛ أصادقٌ هو أم كاذب؟ فإنه ليس ها هنا من قريش أحدٌ غيري وغيرك يسمع كلامنا. فقال أبو جهل: ويحك! والله إن محمدًا لصادقٌ، وما كذب محمدٌ قطُّ، ولكن إذا ذهبتْ بنو قُصَيٍّ باللواء والحجابة والسقاية والنبوة، فماذا يكون لسائر قريش؟" [ابن القيم: هداية الحيارى ص50، 51]
شهادة قريش بصدق نبوة الرسول صلى الله عليه وسلم:
بل وقد اعترفت قريش بسائر بطونها بأنه صادق أمين، وهو أمر لا يستقيم لأيِّ أحد من الناس أن تجتمع القبيلة بكاملها على صدقه وأمانته، رغم الاختلافات الاجتماعية والنفسية بين أفرادها الكثيرين؛ ففي يوم من الأيام "خرج رسول الله الرسول صلى الله عليه وسلم حتَّى أتى الصَّفَا، فصَعِدَ عليه فهتف: "يَا صَبَاحَاهُ" فَلَمَّا اجتمعوا إليه قال: "أَرَأَيْتُمْ لَوْ أَخْبَرْتُكُمْ أَنَّ خَيْلاً تَخْرُجُ مِنْ سَفْحِ هَذَا الْجَبَلِ أَكُنْتُمْ مُصَدِّقِيَّ؟" قالوا: ما جَرَّبنا عليك كذبًا. قال: "فَإِنِّي نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ". فقال أبو لهبٍ: تبًّا لك! مَا جَمَعْتَنَا إِلاَّ لِهَذَا؟ ..." [البخاري عن ابن عباس (4687)]
إن قريشًا كلَّها قد شهدت واعترفت بصدق محمد صلى الله عليه وسلم، فلمَّا أخبرهم بحقيقة دعوته ورسالته، نَكَصُوا على أعقابهم؛ تقليدًا لآبائهم، وخوفًا على مناصبهم وتجارتهم وأموالهم، فكان هذا الموقف -وغيره من المواقف الكثيرة بين رسول الله الرسول صلى الله عليه وسلم وبين كفار قريش- دليلاً يحمل في طَيَّاته اعترافًا منهم بصدقه، ومن ثَمَّ صِدْق دعوته ونُبُوَّتِهِ.
فما قاله ورقة بن نوفل قاله المقوقس أيضًا وقاله هرقل وقاله برنابا فى إنجيله، وقالته رسالة برنابا، وقال طرف منه إنجيل يهوذا الذى عثروا عليه منذ بضعة سنوات، وقاله أحبار اليهود، بل قاله يسوع نفسه. وكلهم كانوا ينتظرون النبى الخاتم، ولكن كان بعضهم يظن أنه سيخرج من الشام.
وهناك العديد من الشهادات، التى يمكنك التعرف عليها مجمعة فى كتاب دلائل النبوة لأبى نعيم الأصبهانى، أو للبيهقى.
شهادة الله تعالى له بالنبوة:
وأنهى الشهادات بشهادة الله تعالى له: فقد رفض يسوع أن يشهد لنفسه، واعتبر شهادته لنفسه باطلة، وتمسك بشهادة الله تعالى له، فقال: (31«إِنْ كُنْتُ أَشْهَدُ لِنَفْسِي فَشَهَادَتِي لَيْسَتْ حَقّاً. 32الَّذِي يَشْهَدُ لِي هُوَ آخَرُ وَأَنَا أَعْلَمُ أَنَّ شَهَادَتَهُ الَّتِي يَشْهَدُهَا لِي هِيَ حَقٌّ.) يوحنا 5: 31-32
وعلى ذلك لو طبقنا معيار يسوع فى الإستشهاد، فعلينا أن نصدق شهادة الله تعالى عن شهادات النفس والغير، وهو المعيار الذى ارتضيتموه لأنفسكم.
شهادة القرآن، أى شهادة الله تعالى، فقد أقر يسوع أن شهادته غير مقبولة، ويشهد له آخر، الذى أرسله. وبنفس هذا المعيار الذى يرتضيه المسيحيون لأنفسهم نقول شهد القرآن فى آيات كثيرة بنبوة الرسول صلى الله عليه وسلم:
(مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا) الفتح :29
ويقول الله تعالى: (مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا) الأحزاب: 40
قال الله تعالى: (إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَىٰ نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ ۚ وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَعِيسَىٰ وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ ۚ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا) النساء: 163
وقال سبحانه: (نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَٰذَا الْقُرْآنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ) يوسف: 3
وقال جل وعلا: (وَكَذَٰلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَىٰ وَمَنْ حَوْلَهَا وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لَا رَيْبَ فِيهِ ...) الشورى: 7
وقال سبحانه وتعالى: (مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَىٰ) طه: 2
وقال الخالق: (إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ) الزمر: 2
* * *
هل السيدة خديجة وثنية وناقصة عقل ودين ولا يقبل لها شهادة؟
أما ما قلته عن أمنا السيدة خديجة، من أنها (وثنية وناقصة عقل ودين) وبالتالى لا تقبل لها شهادة، فأنت متأثر بصورة كبيرة جدًا بتاريخكم مع المرأة وأقوال الكتاب الذى تقدسه، وأقوال من تسمونهم قديسين أو آباء، بالإضافة إلى قرارات مجامع الكنيسة، ولا أريد أن أتهمك أنك تتبع طريقة (رمتنى بدائها وانسلت)، ويكفيك أن تعلم (وأنا على يقين أنك تعلم، ولكنك تكذب وتضلل غيرك أسوة بما كان يفعله بولس، واتبعه زكريا بطرس، ليزداد مجد الرب (رومية 3: 7)) أنها كانت أول من أسلم من الناس بنبوته صلى الله عليه وسلم، وأول من عضدته فقط لإيمانها بأخلاقه، فقد قالت له عندما جاءها يرتجف من لقائه الأول بسيدنا جبريل: (كلا، أبشر، فوالله لا يخزيك الله أبدا؛ إنك لتصل الرحم، وتصدق الحديث، وتحمل الكل، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق). كما أنها عضدته معنويًا وماديًا بمالها ومكانتها حتى ماتت.
ثم اقرأ ما قاله الله عنها: عن أبي هريرة أنه قال: أتى جبريلٌ النبيَّ فقال: (يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذِهِ خَدِيجَةُ قَدْ أَتَتْ مَعَهَا إِنَاءٌ فِيهِ إِدَامٌ أَوْ طَعَامٌ أَوْ شَرَابٌ، فَإِذَا هِيَ أَتَتْكَ فَاقْرَأْ عَلَيْهَا السَّلاَمَ مِنْ رَبِّهَا وَمِنِّي، وَبَشِّرْهَا بِبَيْتٍ فِي الْجَنَّةِ مِنْ قَصَبٍ، لاَ صَخَبَ فِيهِ وَلاَ نَصَبَ). رواه البخارى
واقرأ ما قاله الرسول صلى الله عليه وسلم عن كمالها:
فعن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (حَسْبُكَ مِنْ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ مَرْيَمُ ابْنَةُ عِمْرَانَ وَخَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ وَفَاطِمَةُ ابْنَةُ مُحَمَّدٍ وَآسِيَةُ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ) [جامع الترمذى].
وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (أَفْضَلُ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ خَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ وَفَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ وَمَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ وَآسِيَةُ بِنْتُ مُزَاحِمٍ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ) [مسند الإمام أحمد]
وعَنْ أَنَسِ بن مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (خَيْرُ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ مَرْيَمُ بنتُ عِمْرَانَ، وَآسِيَةُ بنتُ مُزَاحِمٍ، وَخَدِيجَةُ بنتُ خُوَيْلِدٍ، وَفَاطِمَةُ بنتُ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ السَّلامُ). [صحيح بن حبان (7109)]
عَنْ عُرْوَةَ، قَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ لِفَاطِمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَلا أُبَشِّرُكَ، أَنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (سَيِّدَاتُ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ أَرْبَعٌ: مَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ، وَفَاطِمَةُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، وَخَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ ، وَآسِيَةُ).
إن السيدة خديجة من خيرة السيدات الكاملات فى الدنيا والآخرة.
تعليق