مناظرة مع السيد رشيد حول نبوة محمد صلى الله عليه وسلم

تقليص

عن الكاتب

تقليص

abubakr_3 مسلم اكتشف المزيد حول abubakr_3
X
تقليص
يُشاهد هذا الموضوع الآن: 3 (0 أعضاء و 3 زوار)
 
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • abubakr_3
    مُشرِف

    • 15 يون, 2006
    • 849
    • موظف
    • مسلم

    #16
    رد: مناظرة مع السيد رشيد حول نبوة محمد صلى الله عليه وسلم

    22- من أخطاء الرب العلمية فى الكتب القانونية الثانية:
    يقول الدكتور القس منيس عبد النور عن الأبوكريفا:
    قال المعترض: هناك كتب مشكوك في صحتها، يسمّونها أحياناً «كتب الأبوكريفا». وهذه حذفها البروتستانت».
    وللرد نقول: كتب الأبوكريفا هي الكتب المشكوك في صحة نسبتها إلى من تُعزى إليهم من الأنبياء، وهي كتب طوبيا، ويهوديت، وعزراس الأول والثاني، وتتمَّة أستير، ورسالة إرميا، ويشوع بن سيراخ، وباروخ، وحكمة سليمان، وصلاة عزريا، وتسبحة الثلاثة فتية، وقصة سوسنة والشيخين، وبل والتنين، وصلاة منسى، وكتابا المكابيين الأول والثاني. ومع أن هذه الأسفار كانت ضمن الترجمة السبعينية للعهد القديم، إلا أن علماء بني إسرائيل لم يضعوها ضمن الكتب القانونية. وبما أن بني إسرائيل هم حفظة الكتب الإلهية، وعنهم أخذ الجميع، فكلامهم في مثل هذه القضية هو المعوّل عليه. وقد رفضوا هذه الكتب في مجمع جامينا (90م) لأنها غير موحى بها، للأسباب الآتية:
    (1) إن لغتها ليست العبرية التي هي لغة أنبياء بني إسرائيل ولغة الكتب المنزلة، وقد تأكدوا أن بعض بني إسرائيل كتب هذه الكتب باللغة اليونانية.
    (2) لم تظهر هذه الكتب إلا بعد زمن انقطاع الأنبياء، فأجمع أئمة بني إسرائيل على أن آخر أنبيائهم هو ملاخي. وورد في كتاب الحكمة أنه من كتابة سليمان. ولكن هذا غير صحيح، لأن الكاتب يستشهد ببعض أقوال النبي إشعياء وإرميا، وهما بعد سليمان بمدة طويلة، فلا بد أن هذه الكتابة تمَّت بعد القرن السادس ق م. ويصف »كتاب الحكمة« بني إسرائيل بأنهم أذلاء مع أنهم كانوا في عصر سليمان في غاية العز والمجد.
    (3) لم يذكر أي كتاب منها أنها وحي، بل قال كاتب المكابيين الثاني (15: 36-40) في نهاية سفره: «فإن كنت قد أحسنتُ التأليف وأصبتُ الغرض، فذلك ما كنتُ أتمنّى. وإن كان قد لحقني الوهَن والتقصير فإني قد بذلت وُسعي. ثم كما أن شرب الخمر وحدها أو شرب الماء وحده مضرٌّ، وإنما تطيب الخمر ممزوجة بالماء وتُعقب لذة وطرباً، كذلك تنميق الكلام على هذا الأسلوب يطرب مسامع مطالعي التأليف». ولو كان سفر المكابيين الثاني وحياً ما قال إن التقصير ربما لحقه!
    (4) في أسفار الأبوكريفا أخطاء عقائدية، فيبدأ سفر طوبيا قصته بأن طوبيا صاحَب في رحلته ملاكاً اسمه روفائيل، ومعهما كلب، وذكر خرافات مثل قوله إنك إن أحرقت كبد الحوت ينهزم الشيطان (طوبيا 6: 19). ونادى بتعاليم غريبة منها أن الصَّدقة تنجي من الموت وتمحو الخطايا (طوبيا 4: 11، 12: 9)، وأباح الطلعة (الخروج لزيارة القبور) وهي عادة وثنية الأصل، وهي أمور تخالف ما جاء في أسفار الكتاب المقدس القانونية.. وجاء في 2مكابيين 12: 43-46 أن يهوذا المكابي جمع تقدمة مقدارها ألفا درهم من الفضة أرسلها إلى أورشليم ليقدَّم بها ذبيحة عن الخطية »وكان ذلك من أحسن الصنيع وأتقاه، لاعتقاده قيامة الموتى.. وهو رأي مقدس تقَوي، ولهذا قدَّم الكفارة عن الموتى ليُحَلّوا من الخطية«. مع أن الأسفار القانونية تعلِّم بعكس هذا.
    (5) في أسفار الأبوكريفا أخطاء تاريخية، منها أن نبو بلاسر دمَّر نينوى (طوبيا 14: 6) مع أن الذي دمرها هو نبوخذنصر، وقال إن سبط نفتالي سُبي وقت تغلث فلاسر في القرن الثامن ق م، بينما يقول التاريخ إن السبي حدث في القرن التاسع ق م، وقت شلمنأصر. وقال طوبيا إن سنحاريب ملك مكان أبيه شلمنأصر (طوبيا 1:18) مع أن والد سنحاريب هو سرجون. وجاء في يشوع بن سيراخ 49: 18 أن عظام يوسف بن يعقوب «افتُقدت، وبعد موته تنبأت».
    (6) لم يعتبر بنو إسرائيل هذه الكتب مُنزلة، ولم يستشهد بها المسيح المذخَّر فيه جميع كنوز الحكمة والعلم (كولوسي 2: 3). ولا اقتبس منها تلاميذ المسيح، ولم يذكرها فيلو ولا يوسيفوس. مع أن المؤرخ يوسيفوس ذكر في تاريخه أسماء كتب بني إسرائيل المنزلة، وأوضح تعلّق بني إسرائيل بها، وأنه يهُون على كل يهودي أن يفديها بروحه.
    (7) سار الآباء المسيحيون الأولون (ما عدا قليلون منهم) على نهج علماء بني إسرائيل في نظرتهم إلى هذه الأسفار. ومع أنهم اقتبسوا بعض الأقوال الواردة فيها إلا أنهم لم يضعوها في نفس منزلة الكتب القانونية. وعندما قررت مجامع الكنيسة الأولى الكتب التي تدخل ضمن الكتب القانونية اعتبرت هذه الكتب إضافية أو غير قانونية، فلم يذكرها مليتو أسقف ساردس (في القرن الثاني المسيحي) من الكتب المقدسة، ولم يذكرها أوريجانوس الذي نبغ في القرن الثاني، ولا أثناسيوس ولا هيلاريوس ولا كيرلس أسقف أورشليم، ولا أبيفانيوس، ولا إيرونيموس (جيروم)، ولا روفينوس، ولا غيرهم من أئمة الدين الأعلام الذين نبغوا في القرن الرابع. وقد أصدر المجمع الديني الذي اجتمع في لاودكية في القرن الرابع جدولاً بأسماء الكتب المقدسة الواجب التمسك بها، دون أن يذكر هذه الكتب. ويرجع الكاثوليك إلى قرارات هذا المجمع. ولكن لما كانت هذه الكتب موجودة ضمن أسفار العهد القديم في الترجمات السبعينية واللاتينية، فقد أقرّ مجمع ترنت في القرن السادس عشر اعتبارها قانونية، فوُضعت ضمن التوراة الكاثوليكية، على أنها كتب قانونية ثانوية.. علماً بأن إيرونيموس (جيروم) مترجم «الفولجاتا» (من اليونانية إلى اللاتينية) وضع تلك الأسفار بعد نبوَّة ملاخي، فأُطلق عليها في ما بعد «أسفار ما بين العهدين».
    (8) هذه الكتب منافية لروح الوحي الإلهي، فقد ذُكر في حكمة ابن سيراخ تناسخ الأرواح، والتبرير بالأعمال، وجواز الانتحار والتشجيع عليه، وجواز الكذب ( يهوديت 9: 10، 13). ونجد الصلاة لأجل الموتى في 2مكابيين 12: 45، 46 وهذا يناقض ما جاء في لوقا 16: 25، 26 وعبرانيين 9: 27.
    (9) قال الأب متى المسكين، في كتابه »الحُكم الألفي« (ط 1997، ص3): «كتب الأبوكريفا العبرية المزيَّفة، التي جمعها وألَّفها أشخاص كانوا حقاً ضالعين في المعرفة، ولكن لم يكونوا «مسوقين من الروح القدس»، (2بطرس 1: 21) مثل كتب: رؤيا عزرا الثاني وأخنوخ، ورؤيا باروخ وموسى وغيرها». ثم قال في هامش الصفحة نفسها: «تُسمَّى هذه الكتب بالأبوكريفا المزيَّفة، وهي من وضع القرن الثاني قبل المسيح، وفيها تعاليم صحيحة وتعاليم خاطئة وبعض الضلالات الخطيرة مختلطة بعضها ببعض. ولكنها ذات منفعة تاريخية كوثائق للدراسة».
    وبما أن بني إسرائيل الذين أؤتُمنوا على الكتب الإلهية، هم الحكَم الفصل في موضوع قانونية الأسفار المقدسة، وقد أجمع أئمتهم في العصور القديمة والمتأخرة على أنه لم يظهر بينهم نبي كتب هذه الكتب، فإنه من المؤكد أن أحد اليهود المقيمين في الشتات وضعها. ولو كانت معروفة عند بني إسرائيل لوُجد لها أثر في كتاب التلمود. أما الكتب المقدسة القانونية فهي مؤيَّدة بالروح القدس وبالآيات الباهرة. فالأنبياء الكرام وتلاميذ المسيح أيّدوا رسالتهم وتعاليمهم بالمعجزات الباهرة التي أسكتت من تصدّى لهم، فتأكد الجميع حتى المعارضون أن أقوالهم هي وحي إلهي، فقبلوا كتبهم بالاحترام الديني والتبجيل، وتمسكوا بها واتخذوها دستوراً، ولم يحصل أدنى خلاف بين أعضاء مجمع نيقية على صحة الكتب المقدسة لأنها في غنى عن ذلك.) انتهى الاقتباس.
    وبناءً عليه نسأل الدكتور القس منيس عبد النور والسيد رشيد:
    هل من العقل رفض الكتب القانونية الثانية لأنها تعلم عقائد ضالة لا صلة لها بالكتب المعترف بها عند اليهود، فى الوقت الذى تؤمنون فيه بعقائد فيما تسمونه العهد الجديد تُخالف ما جاء به موسى والأنبياء، وذكرته كتب العهد القديم، منها توارث الخطيئة الأولى التى تنفيها كتب العهد القديم وتؤمنون بها ضمن تعاليم بولس، التى تظنون أنها موحى بها، وهى تُخالف تعاليم موسى والأنبياء. فهل من الذكاء أو العقل أن يكون عندكم معياران لنفس القضية؟
    أضف إلى ذلك أيضًا تحبيذ عدم الزواج، إخصاء الرجال أنفسهم، كسر السبت، واستبداله بالأحد، إلغاء العهد الأبدى بين الله وعبه، وهو الختان،
    بل سب الرب واتهمه بالجهل والضعف: (25لأَنَّ جَهَالَةَ اللهِ أَحْكَمُ مِنَ النَّاسِ! وَضَعْفَ اللهِ أَقْوَى مِنَ النَّاسِ!) كورنثوس الأولى 1: 25
    واتهمه بالقسوة والحمق: (31فَمَاذَا نَقُولُ لِهَذَا؟ إِنْ كَانَ اللهُ مَعَنَا فَمَنْ عَلَيْنَا! 32اَلَّذِي لَمْ يُشْفِقْ عَلَى ابْنِهِ بَلْ بَذَلَهُ لأَجْلِنَا أَجْمَعِينَ كَيْفَ لاَ يَهَبُنَا أَيْضاً مَعَهُ كُلَّ شَيْءٍ؟) رومية 8: 31-32
    وأن بولس سيدين الملائكة فى الآخرة: (3أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّنَا سَنَدِينُ مَلاَئِكَةً؟ فَبِالأَوْلَى أُمُورَ هَذِهِ الْحَيَاةِ!) كورنثوس الأولى 6: 3
    بل لعن يسوع نفسه: (13اَلْمَسِيحُ افْتَدَانَا مِنْ لَعْنَةِ النَّامُوسِ، إِذْ صَارَ لَعْنَةً لأَجْلِنَا، لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: «مَلْعُونٌ كُلُّ مَنْ عُلِّقَ عَلَى خَشَبَةٍ».) غلاطية 3: 13
    ومن الممكن اختصار كل ما سبق فى جملة واحدة، وهى أنه قام بإلغاء الناموس نفسه! فعلى أى أساس تعتبرون رسائله والكتابات المتأثرة بها وحى من عند الرب؟
    (19فَلِمَاذَا النَّامُوسُ؟ .. .. .. لأَنَّهُ لَوْ أُعْطِيَ نَامُوسٌ قَادِرٌ أَنْ يُحْيِيَ، لَكَانَ بِالْحَقِيقَةِ الْبِرُّ بِالنَّامُوسِ.) غلاطية 3: 19-21
    (20وَأَمَّا النَّامُوسُ فَدَخَلَ لِكَيْ تَكْثُرَ الْخَطِيَّةُ.) رومية 5: 20
    وعلَّمَ أتباعه الإرتداد عن تعاليم الناموس والأنبياء: (18فَإِنَّهُ يَصِيرُ إِبْطَالُ الْوَصِيَّةِ السَّابِقَةِ مِنْ أَجْلِ ضُعْفِهَا وَعَدَمِ نَفْعِهَا، 19إِذِ النَّامُوسُ لَمْ يُكَمِّلْ شَيْئاً.) عبرانيين 7: 18-19
    (56أَمَّا شَوْكَةُ الْمَوْتِ فَهِيَ الْخَطِيَّةُ وَقُوَّةُ الْخَطِيَّةِ هِيَ النَّامُوسُ) كورنثوس الأولى 15: 56
    ناهيك عن الأخطاء التاريخية والعلمية التى تسببت فى نبذ البروتستانت للكتب القانونية الثانية، فالكتاب الذى تؤمن به جميع طوائف المسيحية، العهد القديم، ملىء بمثل هذه الأخطاء العلمية والتاريخية والجغرافية والحسابية، وقد ذكرت لك بعضًا منها، وعلى القارىء أن يلجأ لموسوعة أخطاء الكتاب المقدس المسماة (البهريز فى الكلام اللى يغيظ) وهى أربعة مجلدات. الأمر الذى يتتبع رفضهم لما يسمونه الكتاب المقدس، لأن الله تعالى أقدس من أن يفعل خطأ واحدًا.
    وبالتالى إن اتباع مثل هذه الكتب ونسبتها للرب القدوس ينافى العقل، ويجافى الحكمة، ويبعد عن المنطق والذكاء، وبالتالى لو صحت نسبة هذا الكتاب للرب، والمكتوب إلى الأنبياء، لسقطت نبوة كل أنبياء هذا الكتاب، وسقطت ألوهية الرب معه.
    وإلى هنا نكون قد أجبنا على السيد رشيد فى النقطة الأولى من قوله فى المناظرة بينه وبين الشيخ عمار حول دلائل النبوة، والمتعلقة بثبوت العقل عند النبى.
    * * *
    غ 2- المصلحة الشخصية:
    ما هى المصلحة الشخصية التى عادت إلى النبى صلى الله عليه وسلم من توليه النبوة؟
    لقد أوجزها السيد رشيد فى ثلاثة نقاط، هى: الجنس والمال والسلطة.
    وبتدقيق النظر فى هذه التهم الثلاثة يتبين للقارىء أن رشيد يظن أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يعيش ملكًا مثل الأباطرة الرومان، أو الملوك سواء السابقين أو الحاليين. كما يظن غيره أن ما كان يحصل عليه الرسول صلى الله عليه وسلم من الخمس من الغنائم أو الفىء كان يخصه هو وأهله، ولا يعلم أنها كانت تنفق فى سبيل الله، والدليل على ذلك، ضمن ما لدينا من مواقف وأحاديث، أنه كانت تمر عليه الأيام دون طعام عنده، وكانت تمر الأشهر دون أن يأكل لحم أو طبيخ. مع الأخذ فى الاعتبار أنه لا يورث نبى. أى ما تركه من قطعة أرض (الفدك) آلت إلى الدولة:
    فقد ذهبت السيدة فاطمة إلى أبى بكر الصديق رضى الله عنهما فطلبن منه أن يقسم لها ميراثها من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال لها أبو بكر: (إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ) (رواه البخارى)
    فلماذا يحرص رسول الله صلى الله عليه وسلم على الدنيا، وقد كان فيها جائعًا معظم وقته، قائمًا جزءًا من الليل يصلى لله تعالى، حتى قالت السيدة عائشة: (كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم- إذا صلى قام حتى تفطرت قدماه .. قالت عائشة: يا رسول الله أتصنع هذا وقد غُفِرَ لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟!، فقال -صلى الله عليه وسلم-: يا عائشة أفلا أكون عبدا شكورا) (رواه مسلم)
    والغريب أن هذه النقاط الثلاثة عرضت على الرسول صلى الله عليه وسلم فى بداية دعوته ورفضها، ولوكان يبحث عنها أى شخص لقبلها ووفر على نفسه محاولات اغتياله واللإقتتال مع العدو، وتهجيره من بلده:
    جاءت قريش إلى أبي طالب فقالوا: يا أبا طالب، إن ابن أخيك يؤذينا في نادينا وفي مسجدنا، فانهه عن أذانا، فقال: يا عقيل: ائتني بمحمد، فأتيته به، فقال: يا ابن أخي، إن بني عمك يزعمون أنك تؤذيهم، فانته عن ذلك، قال: فحلق رسول الله صلى الله عليه وسلم بصره إلى السماء فقال: أترون هذه الشمس؟ قالوا: نعم، قال: ما أنا بأقدر على أن أدع لكم ذلك من أن تشعلوا منها شعلة، قال: فقال أبو طالب: ما كذبنا ابن أخي، فارجعوا
    الراوي: عقيل بن أبي طالب المحدث:ابن حجر العسقلاني - المصدر: المطالب العالية - الصفحة أو الرقم: 4/372 (خلاصة حكم المحدث: إسناده حسن)
    وفى رواية جاءت فى السيرة النبوية لابن هشام: قال ابن إسحاق-رحمه الله-: "وحدثنى يعقوب بن عتبة بن المغيرة بن الأخنس أنه حُدِّث: أن قريشًا حين قالوا لأبي طالب [يا أبا طالب إن لك سنًا وشرفًا ومنزلة فينا، وإنا قد استنهيناك من ابن أخيك فلم تنهه عنا، وإنا والله لا نصبر على هذا مِنْ شتم ابائنا، وتسفيه أحلامنا، وعيب آلهتنا، حتى تكفّه عنّا، أو ننازله وإياك في ذلك، حتى يهلك أحد الفريقين، أو كما قالوا له]، بعث إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال له: يا ابن أخي، إن قومك قد جاؤوني فقالوا لي: كذا وكذا، للذي كانوا قالوا له، فأبق عليّ وعلى نفسك، ولا تحملنى من الأمر مالا أطيق. فظن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قد بدا لعمه فيه أنه خاذله ومسلمه، وأنه قد ضعف عن نصرته والقيام معه. قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: يا عمّ، والله لو وضعوا الشمس في يمينى والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر حتى يظهره الله، أو أهلك فيه ما تركته.
    قال: ثم استعبر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فبكى ثم قام، فلما ولى ناداه أبو طالب، فقال: أقبل يابن أخي، قال: فأقبل عليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقال: اذهب يا بن أخي،فقل ما أحببت،فوالله لا أسلمك لشيء أبدًا.(الروض الأنف3: 45-46)
    وهذا القرآن العظيم تأثر به المشركون، فهذا عتبة بن ربيعة أرسله كفار مكة إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقالوا له اذهب إلى محمد صلى الله عليه وآله وسلم ثم انهه عما هوعليه فذهب إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: يا محمد آذيتنا في أزواجنا وآذيتنا في أولادنا وآذيتنا في أنفسنا فماذا تريد؟ إن كنت تريد ملكاً ملكناك علينا وإن كنت تريد مالاً جمعنا لك من المال حتى تكون أغنانا وإن كنت تريد جاهاً وجهناك علينا حتى لا نقطع أمراً حتى نأخذ برأيك وإن كنت تريد زوجة زوجناك أجملها فماذا تريد؟ فسكت النبي صلى الله عليه وآله وسلم حتى أنهى عتبة كلامه فلما انتهى التفت إليه النبي صلى الله عليه وآله وسلم ثم قال أنتهيت يا عم؟ إكراماً له لكبر سنه، قال: نعم، قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: فاسمع منّي فقال: قل، فقرأ عليه أول سورة فُصّلت ولم يتكلم بكلمة من كلام البشر ولكن تكلم بكلام رب البشر سبحانه وتعالى فصار عتبة يسمع وينبهر مما يسمع حتى وضع يديه خلف ظهره وهو يستمع كلام النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن ربه تبارك وتعالى فلما انتهى النبي صلى الله عليه وآله وسلم التفت إلى عتبة وقال: هذا ما عندي، فرجع إلى كفار مكة وكانوا ينتظرونه على أحر من الجمر فلما دخل عليهم نظروا إليه وإذا هو قد تغيّر فقال بعضهم لبعض: تالله لقد جاءكم بغير الوجه الذي ذهب به.
    أى لقد أتاه بملك الملوك والقياصرة ودولة لم تبن بعد، وأقصى ما يحلم به إنسان من الجاه والمال والنساء، فرفضه الطاهر الصادق صلى الله عليه وسلم. ألا يوضع هذا عند العقلاء فى ميزان دلائل نبوته؟
    زهده صلى الله عليه وسلم:
    وبعد أن رفض رسول الله صلى الله عليه وسلم كل مباهج الحياة، وأبى أن يكون مثل قيصر، قبل فقط أن يكون عبدًا فقيرًا لله تعالى، ولم يطمع إلا فى رضاه وجنته.
    فاقرأ ياسيد رشيد، وتعلم شيئًا عن حياة النبى صلى الله عليه وسلم، عسى الله أن يهديك للحق:
    إن التوسع في المآكل والمشارب من عادات الحكام والملوك والأمراء، فأحسن الأكل وأطيبه تجده بين أيديهم، وأفضل الشراب وألذه وتنوعه تجده عندهم، فهم يعيشون حياة ترف وبذخ، لكن الرسول صلى الله عليه وسلم خليفة المسلمين سلك مسلكاً يختلف تماما عن هؤلاء الملوك، فقد اختار لنفسه أن يعيش في تقشف وتواضع وبساطة في الطعام والشراب فهذا خادمه أنس رضي الله عنه يصف لنا شيئاً من معيشته صلى الله عليه وسلم فيقول: ((لم يجتمع عند النبي صلى الله عليه وسلم غداء ولا عشاء من خبز ولحم إلا على الضفيف[أي عند نزول الضيف]))،
    وفي رواية عن مالك بن دينار رضي الله عنه قال: ((ما شبع رسول الله صلى الله عليه وسلم من خبز قط ولا لحم إلا على ضفف))،
    قالت عائشة رضي الله عنها تصف حالته المعيشية : ((ما شبع آل محمد من خبز شعير يومين حتى قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم)) بأبي أنت وأمي يا رسول الله عشت حياة الفقراء وسلكت طريق المساكين، في مأكلك ومشربك فكنت خير قدوة.
    ذكرت عائشة -رضي الله عنها- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- كان يأتيها فيقول : ((أعندك غداء)) فتقول: لا فيقول: ((إني صائم)).
    وقال قتادة -رضي الله عنه-: ((كنا نأتي أنس بن مالك وخبازه قائم، ويقول: كلوا، فما أعلمُ النبي - صلى الله عليه وسلم- رأى رغيفاً مرققاً حتى لحق بالله، ولا رأى شاة سَميطاً [التي أزيل شعرها بالماء الحار] بعينه قط)) رواه البخاري،
    وروي عن عمر أنه قال عندما رأى ما أصاب الناس من الدنيا: لقد رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يظلّ اليوم يَلْتَوي، ما يجد دَقَلاً يملأ به بطنه) رواه مسلم
    قال أنس -رضي الله عنهم-: (جاءت فاطمة رضي الله عنها إلى النبي - صلى الله عليه وسلم- بكسرة خبز، فقال لها: من أين لك هذه الكسرة؟ قالت: قُرْصاً خبزتُ، فلم تطب نفسي حتى آتيك بهذه الكسرة، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم-: أما إن هذا أول شيء دخل فم أبيك منذ ثلاثة أيام) ذكره أبوالشيخ: الأخلاق ص 297برقم (856)، بواسطة السيرة النبوية للصلابي.
    أما أثاثه وفراشه - صلى الله عليه وسلم- فبيته لم يكن مليئاً بالفراش والأثاث، ولم تكن له غرف نوم ومجالس عربية من أغلى الأقمشة كما هي حال بيوت كثير من المسلمين اليوم فهو- صلى الله عليه وسلم- لم يكن يجد شيئاً من هذا قالت عائشة -رضي الله عنها- تصف فراشه وأثاث بيته عليه الصلاة والسلام: ((إنما كان فراش رسول الله - صلى الله عليه وسلم- الذي ينام عليه أدَمَاًَ حشوُهُ ليف)) البخاري ومسلم واللفظ لمسلم
    ودخل عمر ذات يوم على النبي - صلى الله عليه وسلم- ووجده على حصير ما بينه وبينه شيء، وتحت رأسه وسادة من أدم حشوها ليف، وعند رجليه قَرُطاً مَضبوراً [أي مجموعاً] وعند رأسه أَهَبٌ مُعَلَّقة [جمع إهاب وهوالجلد قبل الدبغ] ورأى أثر الحصير في جنبه فبكى، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: ((ما يبكيك؟)) فقال عمر: يا رسول الله، إن كسرى وقصير فيما هما فيه، وأنت رسول الله، فقال: أما ترضى أن تكون لهم الدنيا ولنا الآخرة؟)) البخاري ومسلم
    حَدَّثَنَا عَمْرُوبْنُ مَنْصُورٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مُبَارَكٌ قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ قَالَ: حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوعَلَى سَرِيرٍ مَرْمُولٍ بِشَرِيطٍ، تَحْتَ رَأْسِهِ وِسَادَةٌ مِنْ أَدَمٍ حَشْوُهَا لِيفٌ، مَا بَيْنَ جِلْدِهِ وَبَيْنَ السَّرِيرِ ثَوْبٌ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ عُمَرُ فَبَكَى، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا يُبْكِيكَ يَا عُمَرُ؟"، قَالَ: أَمَا وَاللَّهِ مَا أَبْكِي يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلا أَكُونَ أَعْلَمُ أَنَّكَ أَكْرَمُ عَلَى اللَّهِ مِنْ كِسْرَى وَقَيْصَرَ، فَهُمَا يَعِيثَانِ فِيمَا يَعِيثَانِ فِيهِ مِنَ الدُّنْيَا، وَأَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، بِالْمَكَانِ الَّذِي أَرَى، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَمَا تَرْضَى يَا عُمَرُ أَنْ تَكُونَ لَهُمُ الدُّنْيَا وَلَنَا الآخِرَةُ؟"، قُلْتُ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: "فَإِنَّهُ كَذَلِكَ". (البخارى)
    وفي رواية أخرى: "..ثم رفعت بصري في بيته فوالله ما رأيت فيه شيئاً يردّ البصر غير أُهبة ثلاثة، فقلت: ادع الله فليوسع على أمتك، فإن فارس والروم وُسع عليهم وأعطوا الدنيا وهم لا يعبدون الله"، وكان متكئا فقال: (أوفي شك أنت يا ابن الخطاب؟ أولئك قوم عجلت لهم طيّباتهم في الحياة الدنيا) متفق عليه.
    فلم تكن زخارف الدنيا ومتاعها وأثاثها الفاني تهمه- صلى الله عليه وسلم- فقد اكتفى بالقليل منها وإنما كانت الآخرة هي همه وهي شغله الشاغل: (أما ترضى أن تكون لهم الدنيا ولنا الآخرة).
    تقول عائشة -رضي الله عنها: ((كان لنا حَصَيرٌ نَبْسُطُهَا بالنهار، ونَحْتَجِرُهَا علينا بالليل)) رواه البخاري
    وعن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: (نام رسول الله - صلى الله عليه وسلم- على حصير، فأثر في جنبه، فقلنا: يا رسول الله!، ألا آذنتنا فنبسط تحتك ألين منه؟ فقال: ((مالي وللدنيا؟ إنما مثلي ومثل الدنيا كمثل راكب سار في يوم صائف، فَقَال تحت شجرة، ثم راح وتركها)) [أحمد في المسند وصحح أحمد شاكر سنده، والترمذي قال حسن صحيح]، فيا لله من هذا النبي الكريم المتواضع آثر الآخرة على الدنيا ورضي بالقليل من هذه الفانية، وبهذا التواضع وهذه البساطة التي عاشها عليه الصلاة والسلام ملك قلوب الناس فكان خير قدوة للناس أجمعين.
    أما ملبسه- صلى الله عليه وسلم- فلم يكن بأحسن مما سبق من طعامه وفراشه فالأمر عنده سوى فالتواضع هديه وخلقه لا يمتلك كثير من الملابس فقد روى عبادة بن الصامت -رضي الله عنه- قال: (صلى بنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم- في شَمْلَة [أي بردة مخططة] أراد أن يَتَوشَّح بها فضاقت، فعقدها في عنقه هكذا، وأشار عبادة إلى قفاه، ليس عليه غيرها)) [الشامي: السبل(7/481)].
    وروى ابن عساكر عن عائشة -رضي الله عنها-، قالت: ((كان طول ثوب رسول الله - صلى الله عليه وسلم- أربعة أذرع وشبراً في ذراع وشبر)[ المصدر السابق].
    هذا هو بيت النبوة وهذه هي حاله - صلى الله عليه وسلم- في بيته فقد كان- عليه الصلاة والسلام- متقشفاً في كل جوانب حياته، وهوالقائل: ((البذَاذَةُ من الإيمان)) [أي التواضع في ترك الزينة من الإيمان] رواه أبوداود، وصححه الألباني، وقال- صلى الله عليه وسلم-: ((ليس لابن آدم حق في سوى هذه الخصال: بيت يسكنه، وثوب يواري عورته، وجْلفُ [أي الخبز بلا إدام أوغليظة] الخبز والماء)) رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح.
    ولم يكن الموقف الذي بين أيدينا سوى صورةٍ مصغّرة للكمال النبوي، لتُصبح سيرته عليه الصلاة والسلام أنموذجاً يُحتذى به، وطريقاً نسير عليه.
    ولوشاء النبي -صلى الله عليه وسلم- لأجرى الله بين يديه ألوان النعيم، ولكان له من ذلك أوفر الحظّ والنصيب، لكنّه كان راضياً بالقليل، قانعاً باليسير، واضعاً نُصب عينيه قول الحقّ تبارك وتعالى: {ورزق ربك خير وأبقى} (طه : 131).
    يروي لنا أبوسعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال عن نفسه: (إن عبداً عُرضت عليه الدنيا وزينتها فاختار الآخرة) رواه أحمد، ونزل إليه ذات مرّة ملكٌ من السماء فقال له: "إن الله يخيّرك بين أن تكون عبداً نبيّاً، وبين أن تكون ملكاً نبيّا"، فأجاب: (بل أكون عبداً نبياً) رواه البخاري في تاريخه، وكان من دعائه عليه الصلاة والسلام: (اللهم اجعل رزق آل محمد قوتا) متفق عليه.
    ومن هنا كذب من ادعى أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان غنيًا.
    الغنائم والخمس لله ولرسوله:
    وأمر الله تعالى بقسمة الغنائم فقال: (وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللهِ وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) الأنفال: 41
    فقسّمها النبيّ صلّى الله عليه وسلّم خمسة أجزاء، أربعة أخماس أى 80% منها للمحاربين، والباقى 20% للقادمين:
    1- جزء لقرابة الرّسول صلّى الله عليه وسلّم فهم من حرّمت عليهم الصّدقة. وهى تمثل أيضًا 4% من الغنيمة
    2- جزء ليتامى المسلمين. وهى تمثل 4% من الغنيمة.
    3- جزء للمساكين والمُعوزين. وهى تمثل 4% من الغنيمة.
    4- جزء للمسافرين الّذين فقدوا أموالهم أو نفدت أموالهم وليس لديهم ما يسدّ حاجتهم أو ليرجعوا إلى ديارهم. وهى تمثل 4% من الغنيمة.
    5- جزء لله وللرّسول صلّى الله عليه وسلّم. وهذا ملك النبيّ صلّى الله عليه وسلّم يفعل به ما يشاء. أى 4% من الغنائم. فينفق منه على نفسه وعياله، فإن بقي منه شيء رده على الفقراء والمساكين، وذلك لأن جزء الله ورسوله هو جزء واحد.
    حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ: خُمُسُ اللَّهِ وَخُمُسُ الرَّسُولِ وَاحِدٌ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَضَعُ ذَلِكَ الْخُمُسَ حَيْثُ أَحَبَّ وَيَصْنَعُ مَا شَاءَ وَيَحْمِلُ فِيهِ مَنْ شَاءَ .
    حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ عَنْ أَشْعَثَ عَنْ الشَّعْبِيِّ وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ ، فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ قَالَ: سَهْمُ اللَّهِ وَسَهْمُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاحِدٌ .
    وتحكى لنا كتب السيرة أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يأخذ الخمس في حنين، والتى كانت أكثر الغزوات غنائمًا، ويُخمَّن أنه لم يأخذه في غيرها أيضًا. ولو أخذها ما أخطأ! فقد ورد أنه «صلى الله عليه وآله» قد رد الخمس على أصحابه في قصة حنين، حيث: «تناول من الأرض وبرة من بعير، أو شيئاً، ثم قال: والذي نفسي بيده، ما لي مما أفاء الله عليكم ولا مثل هذه إلا الخمس، وهو مردود عليكم». (الموطأ ج2 ص14 المطبوع مع تنوير الحوالك، أوجز المسالك إلى موطأ مالك 8/323، والأموال لأبي عبيد ص444 و447، والفتوح لابن أعثم ج2 ص122، ومسند أحمد ج5 ص316 و319 و326، والثقات ج2 ص78، نقلا عن "مرويات غزوة حنين وحصار الطائف"، إبراهيم بن إبراهيم القريبى، الطبعة الأولى 1412هـ، ج2، ص697-680).
    ويقول الشيخ سعيد حوى: ولو أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجمع مالاً لكان أكثر الخلق مالاً. إن خمس غنائم حنين كان 8000 من الغنم 4800 من الجمال 8000 أوقية من الفضة و2200 من السبي.
    هذا الخمس كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم وقرباه منه خمساه فكم نتصور غنى الرسول صلى الله عليه وسلم لو أراد أن يجمع مالاً من غزواته كلها من خيبر الغنية وقريظة وبني النضير ... فإذا علمنا أن مقدار حق رسول الله صلى الله عليه وسلم المعطى له من هذه الأموال مثل هذا وإذا عرفنا أنه كان بالإمكان استثماره وتنميته ثم علمنا بعد ذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مات ودرعه مرهونة عند يهودي وأنه أمر أن يوزع ميراثه إن كان على المسلمين، وأنه ليس لأقاربه من ميراثه شيء، وأنه ما كان يلبس إلا الخشن ولا ينام إلا على القليل، وأنه يجوع الأيام وأنه كان يخشى إذا بقي في بيته مال فلم يوزعه على الناس، إذا عرفت هذا أدركت أي كرم كان عنده صلى الله عليه وسلم وأي نفس طاهرة هذه النفس وأدركت أنها النبوة. وأن غير النبوة لا تجود بهذا الجود وترضى مع القدرة بهذه الحياة.
    إلا إذا كانت نفسًا متأسية برسول الله صلى الله عليه وسلم. وقد شهد على ذلك أقوى الناس شركاً وعنادًا وبغضًا له صلى الله عليه وسلم فأسلموا نتيجة ذلك ولعل في ما ذكرناه غنية عن ضرب الأمثلة ولكن في المزيد خيرًا.
    وأخرج ابن جرير عن سهل بن سعد قال: "جاءت امرأة إلى رسول الله ببردة فقالت: يا رسول الله جئتك أكسوك هذه، فأخذها رسول الله وكان محتاجًا إليها فلبسها، فرآها عليه رجل من أصحابه، فقال: يا رسول الله ما أحسن هذه اكسنيها فقال: نعم. فلما قام رسول الله لامه أصحابه وقالوا: ما أحسنت حين رأيت رسول الله أخذها محتاجًا إليها ثم سألته إياها وقد عرفت أنه لا يسأل شيئًا فيمنعه. قال: والله ما حملني على ذلك إلا رجوت بركتها حين لبسها رسول الله لعلي أكفن فيها".
    وأخرج ابن عساكر في قصة إسلام صفوان بن أمية عن عبد الله بن الزبير ما يلي: "وخرج رسول الله قبل هوازن وخرج معه صفوان وهو كافر وأرسل إليه يستعيره سلاحه فأعار سلاحه مائة درع بأداتها. فقال صفوان: طوعًا أو كرهًا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: عارية رادة. فأعاره. فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فحملها إلى حنين فشهد حنيناً والطائف ثم رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الجعرانة فبينما رسول الله يسير في الغنائم ينظر إليها – ومعه صفوان ابن أمية فجعل صفوان بن أمية ينظر إلى شعب ملاء نعماً وشاء ورعاء فأدام النظر إليه ورسول الله صلى الله عليه وسلم يرمقه فقال: أبا وهب يعجبك هذا الشعب. قال: نعم. قال: هو لك وما فيه . فقال صفوان عند ذلك: ما طابت نفس أحد بمثل هذا إلا نفس نبي، أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، وأسلم مكانه".

    لقد هانت عنده صلى الله عليه وسلم الدنيا كلها فى سبيل إنقاذ عبد من عباد الله من النار!!
    أى ما كان يخص الله ورسوله 4% من هذه الغنائم، وهو مردود كله أو الجزء الأكبر منه على المسلمين مرة أخرى، والباقى يوزع كما هو مذكور أعلاه.
    لكن هب أن الرسول صلى الله عليه وسلم أخذ حصته البالغة 4% من الغنائم، وذلك ليس فقط من 9 غزوات تم فيهم الحرب، بل من الغزوات البالغ عددها 29 (لاحظ أننا نفترض)، وأصبح بمفهومنا اليوم ملياردير. ففكر معى: لم يكن لديه إلا طعام كفاف لجزء من اليوم، فكان إذا تناول الغداء، لا يتعشى. لم يكن يسكن قصرًا أو بيتًا فخمًا، بل كانت بيوت بعض المعاصرين له أكثر فخامة وعزًا. ولن أعيد عليكم ما ذكرته فى الصفحات القليلة الماضية، لكن أين ذهبت هذه الثروة التى يدعيها البعض عليه، إذا كان فقيرًا هو وأسرته ويعيشون على الكفاف أو أقل، ولم يترك ميراثًا لأحد، بل قال إن الأنبياء لا تورث؟ أكيد للفقراء والمساكين والإنفاق على تجهيز المقاتلين والدعوة الإسلامية.
    إذن لا يعيبه أن يأخذ من الغنائم ويأكل منها هو وأسرته، عملا بكتاب الله تعالى، ويُضاف إلى فضائله أنه كان ينفقها على الفقراء والمساكين والدعوة.
    استشهاد رشيد بأحاديث يرويها الواقدى:
    أما الرواية التى يرويها السيد رشيد عن الواقدى، والتى تقضى بأن الرسول صلى الله عليه وسلم غنم من حنين أربعة آلاف وقية من الفضة، غير باقى الغنائم، يريد منها أن يُظهر الرسول صلى الله عليه وسلم أنه حارب من أجل المال، وأنه اغتنى بالفعل من جراء هذه الغزوات، وذكر ما قاله الواقدى، على الرغم من أنه يعلم تمامًا أن الواقدى كذاب، ومدلس، وليس بشىء، وليس بثقة، ولا يؤخذ منه حديث:
    قال عنه البخارى: ما عندي للواقدي حرف، وما عرفت من حديثه، فلا أقنع به. وقال: سكتوا عنه، وتركه أحمد وابن نمير .
    وقال مسلم وغيره: متروك الحديث .
    وقال النسائى: ليس بثقة .
    وقال أيضًا في "الضعفاء والمتروكين": المعروفون بوضع الحديث على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أربعة: ابن أبي يحيى بالمدينة، والواقدي ببغداد، ومقاتل بن سليمان بن خراسان ، ومحمد بن سعيد بالشام .
    وقال أيضًا في "الكنى": أخبرنا عبد الله بن أحمد الخفاف، قال: قال إسحاق عنه: هو عندي ممن يضع الحديث.
    وقال أبو داود: لا أكتب حديثه، ما أشك أنه كان ينقل الحديث، لا ينظر للواقدي في كتاب إلا تبين أمره فيه، روى في فتح اليمن وخبر العنسي أحاديث عن الزهري ليست من حديثه. وكان أحمد لا يذكر عنه كلمة .
    وقال الإمام الشافعي: كتب الواقدي كذب .
    وقال أحمد بن حنبل: الواقدي كذاب .
    وقال علي بن المديني: روى الواقدي ثلاثين ألف حديث غريب.
    وقال أيضًا: الهيثم بن عدي (وهو ضعيف أيضًا) أوثق عندي من الواقدى.
    وقال أيضًا: عند الواقدي عشرون ألف حديث لم أسمع بها، ثم قال: لا يُروى عنه، وضعفه.
    وقال يحيى بن معين: أغرب الواقد على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عشرين ألف حديث .
    وقال أحمد بن زهير، عن ابن معين: ليس الواقدي بشيء وقال مرة: لا يُكتب حديثه.
    وقال أبو زرعة : ترك الناس حديث الواقدي .
    وقال الحاكم: ذاهب الحديث
    وقال الذهبي رحمه الله مجمع على تركه "مغني الضعفاء" 2/ الترجمة 5861
    فلماذا يتمسك السيد رشيد بالكذابين؟ ولكن نحسن الظن به، ونقول إنه كان يجهل هذا. لكن بفرض أن الرسول صلى الله عليه وسلم غنم 40 مليون أوقية من الفضة، ألم يوزعها تبعًا لكتاب الله، وتنازل عن حقه فيها؟ ألم يعطى المقاتلين المسلمين أربعة أخماس الغنائم، وأعطى الخمس المتبقى للمؤلفة قلوبهم، ولم يأخذ هو منها شعرة بعير؟
    وهذا ما رواه ما رواه أبو داود والنسائي عن عبد الله بن عمرو بن العاص، وكذلك عن عمرو بن عبس رضى الله عنه، أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال لأعرابي عند توزيع غنائم حُنين -بعد أن أمسك وبرة من سنام بعير بين إصبعيه: "إِنَّهُ لَيْسَ لِي مِنَ الْفَيْءِ شَيْءٌ وَلاَ هَذِهِ إِلاَّ الْخُمُسُ، وَالْخُمُسُ مَرْدُودٌ فِيكُمْ". رواه النسائي (4139)، وأبو داود (2694)، وأحمد (6729)، وحسنه الألباني.
    وذكرت من قبل أحاديث تدل على معيشة الرسول صلى الله عليه وسلم وفقره، وما تركه بعد وفاته، حتى إن درعه كانت مرهونة لدى يهودى. فالسيدة عائشة قالت لعروة عن معيشة الرسول صلى الله عليه وسلم: "إن كنا لننظر إلى الهلال ثلاثة أهلة في شهرين وما أوقدت في أبيات رسول الله صلى الله عليه وسلم نار. فقلت ما كان يعيشكم؟ قالت: الأسودان التمر والماء. إلا أنه قد كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم جيران من الأنصار كان لهم منائح وكانوا يمنحون رسول الله صلى الله عليه وسلم من أبياتهم فيسقيناه". (صحيح البخارى)
    فهل علم رشيد بهذا؟ هل أخذه بعين الاعتبار عند الحكم على سيد البشر والأنبياء؟ فلماذا غض الطرف عنها عند الحكم على الرسول صلى الله عليه وسلم؟ لأنه لا يخدم غرضه فى النيل منه ومن سيرته؟

    تعليق

    • abubakr_3
      مُشرِف

      • 15 يون, 2006
      • 849
      • موظف
      • مسلم

      #17
      رد: مناظرة مع السيد رشيد حول نبوة محمد صلى الله عليه وسلم

      هل تزوج محمد صلى الله عليه وسلم امرأة ثرية لتنفق عليه؟
      أما قول رشيد أن الرسول صلى الله عليه وسلم تزوج امرأة ثرية (خديجة) لتنفق عليه. فهذا تطاول وسوء أدب، وجهل وغباء علمى، فلو كان أجهد نفسه فى قراءة هذا الحدث من أصول كتب السيرة، لعلم أن السيدة خديجة هى التى أرسلت إليه تخطبه لنفسها، ولكن ما يكنه صدره تجاه خير البشرية والحق الذى جاء به لم يدعه يسكت ولا يكذب.
      كانت خديجة بنت خويلد - رضي الله عنها - ذات شرف ومال، تستأجر الرجال ليتجروا بمالها، فلما بلغها عن محمد - صلى الله عليه وسلم - صدق حديثه وعظم أمانته وكرم أخلاقه، عرضت عليه أن يخرج في مالها إلى الشام تاجراً وتعطيه أفضل ما تعطي غيره من التجار. فقبل وسافر معه غلامها ميسرة، وقدما الشام، وباع محمد - صلى الله عليه وسلم - سلعته التي خرج بها، واشترى ما أراد من السلع، فلما رجع إلى مكة وباعت خديجة - رضي الله عنها - ما أحضره لها تضاعف مالها . وقد حصل محمد - صلى الله عليه وسلم - في هذه الرحلة على فوائد عظيمة بالإضافة إلى الأجر الذي ناله، إذ مر بالمدينة التي هاجر إليها من بعد وجعلها مركزاً لدعوته، وبالبلاد التي فتحها ونشر فيها دينه، كما كانت رحلته سبباً لزواجه من خديجة بعد أن حدثها ميسرة عن سماحته وصدقه وكريم أخلاقه.
      رأت خديجة -رضي الله عنها- في مالها البركة ما لم تر قبل هذا، وأُخْبِرت بشمائله الكريمة، فتحدثت برغبتها في زواجه إلى صديقتها نفيسة أخت يعلى بن أمية.
      يقول ابن حجر: ".. إن السيدة خديجة - رضي الله عنها - كانت ذات شرف وجمال في قريش، وإن النبي -صلى الله عليه وسلم- خرج في تجارة لها -رضي الله عنها- إلى سوق بصرى، فربح ضعف ما كان غيره يربح. قالت نفيسة أخت يعلى بن أمية: فأرسلتني خديجة إليه دسيساً (خفية)، أعرض عليه نكاحها، فقبل وتزوجها وهو ابن خمس وعشرين سنة، والذي زوجها عمها عمرو لأن أباها كان مات في الجاهلية، وحين تزوجها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كانت أيماً بنت أربعين سنة، وكان كل شريف من قريش يتمنى أن يتزوجها، فآثرت أن تتزوج برسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأصابت بذلك خير الدنيا والآخرة" ..
      فما تخيله السيد رشيد هو نتاج ما يحمله من حقد وكره للإسلام، ولا علاقة له بموضوعية البحث. أتمنى أن يثبت مصداقيته فى البحث للمتابعين له على القنوات التى يظهر بها، ويثبت أنه ليس متحاملا على الرسول ولا حاقدًا على ما جاء به!!
      الغنائم فى الكتاب المقدس:
      لكن هل تعلم أن الرب أحل أخذ الغنائم التى يغنمها المحاربون فى الكتاب الذى تقدسه؟ هل تعلم كم كان مقدار ما أخذه أبو الأنبياء إبراهيم من الكاهن ملكى صادق؟ إنه العشر، صحيح أن نبى الله إبراهيم لم يأخذ منهم شيئًا، مثل النبى صلى الله عليه وسلم، لكن أخذ جنوده نصيبهم: (18وَمَلْكِي صَادِقُ مَلِكُ شَالِيمَ أَخْرَجَ خُبْزاً وَخَمْراً. وَكَانَ كَاهِناً لِلَّهِ الْعَلِيِّ. 19وَبَارَكَهُ وَقَالَ: «مُبَارَكٌ أَبْرَامُ مِنَ اللهِ الْعَلِيِّ مَالِكِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ 20وَمُبَارَكٌ اللهُ الْعَلِيُّ الَّذِي أَسْلَمَ أَعْدَاءَكَ فِي يَدِكَ». فَأَعْطَاهُ عُشْراً مِنْ كُلِّ شَيْءٍ.) تكوين 14: 18-20
      ويقول التفسير التطبيقى للكتاب المقدس ص39: (أعطى أبرام عشر الغنائم لملكي صادق. فحتى في بعض الديانات الوثنية، كان أمرا تقليديا أن يعطي الواحد عشر "مكاسبه" للآلهة. وقد نفذ أبرام هذا التقليد المقبول. لكنه رفض أن يأخذ شيئا من ملك سدوم. ومع أن هذه الغنائم الضخمة كانت ستضاعف ما يقدمه لله من عشور، لكنه رفض لأسباب أهم، فهو ... ).
      ولا أعرف ما يريد أن يقوله هذا التفسير. فهل يريد أن يقول إن ما فعله إبراهيم كان اتباعًا لعادات وثنية؟ هل لا يعلم أن يسوع أمر اليهود باتباع إبراهيم واتخاذه قدوة؟ ألم يقل لهم: (لَوْ كُنْتُمْ أَوْلاَدَ إِبْرَاهِيمَ لَكُنْتُمْ تَعْمَلُونَ أَعْمَالَ إِبْرَاهِيمَ!) يوحنا 8: 39
      وينسب أخذ الغنائم من الأعداء المنهزمين إلى ناموس موسى الذى قال فيه الرب: (28مَنْ خَالَفَ نَامُوسَ مُوسَى فَعَلَى شَاهِدَيْنِ أَوْ ثَلاَثَةِ شُهُودٍ يَمُوتُ بِدُونِ رَأْفَةٍ.) عبرانيين 10: 28
      فها هو أمر الرب لموسى فى ناموسكم: (10«حِينَ تَقْرُبُ مِنْ مَدِينَةٍ لِتُحَارِبَهَا اسْتَدْعِهَا لِلصُّلحِ 11فَإِنْ أَجَابَتْكَ إِلى الصُّلحِ وَفَتَحَتْ لكَ فَكُلُّ الشَّعْبِ المَوْجُودِ فِيهَا يَكُونُ لكَ لِلتَّسْخِيرِ وَيُسْتَعْبَدُ لكَ. 12وَإِنْ لمْ تُسَالِمْكَ بَل عَمِلتْ مَعَكَ حَرْباً فَحَاصِرْهَا. 13وَإِذَا دَفَعَهَا الرَّبُّ إِلهُكَ إِلى يَدِكَ فَاضْرِبْ جَمِيعَ ذُكُورِهَا بِحَدِّ السَّيْفِ. 14وَأَمَّا النِّسَاءُ وَالأَطْفَالُ وَالبَهَائِمُ وَكُلُّ مَا فِي المَدِينَةِ كُلُّ غَنِيمَتِهَا فَتَغْتَنِمُهَا لِنَفْسِكَ وَتَأْكُلُ غَنِيمَةَ أَعْدَائِكَ التِي أَعْطَاكَ الرَّبُّ إِلهُكَ. 15هَكَذَا تَفْعَلُ بِجَمِيعِ المُدُنِ البَعِيدَةِ مِنْكَ جِدّاً التِي ليْسَتْ مِنْ مُدُنِ هَؤُلاءِ الأُمَمِ هُنَا.) تثنية 20: 10- 15
      ويُنسب إلى هارون وموسى الذى جاء يسوع (الإله عندك) ليتبع تعاليمه، ولا ينقض منها حرفًا واحدًا، أنهما أخذا غنائم فى حروبهما: (9وَسَبَى بَنُو إِسْرَائِيل نِسَاءَ مِدْيَانَ وَأَطْفَالهُمْ وَنَهَبُوا جَمِيعَ بَهَائِمِهِمْ وَجَمِيعَ مَوَاشِيهِمْ وَكُل أَمْلاكِهِمْ. 10وَأَحْرَقُوا جَمِيعَ مُدُنِهِمْ بِمَسَاكِنِهِمْ وَجَمِيعَ حُصُونِهِمْ بِالنَّارِ. 11وَأَخَذُوا كُل الغَنِيمَةِ وَكُل النَّهْبِ مِنَ النَّاسِ وَالبَهَائِمِ 12وَأَتُوا إِلى مُوسَى وَأَلِعَازَارَ الكَاهِنِ وَإِلى جَمَاعَةِ بَنِي إِسْرَائِيل بِالسَّبْيِ وَالنَّهْبِ وَالغَنِيمَةِ إِلى المَحَلةِ إِلى عَرَبَاتِ مُوآبَ التِي عَلى أُرْدُنِّ أَرِيحَا. 13فَخَرَجَ مُوسَى وَأَلِعَازَارُ الكَاهِنُ وَكُلُّ رُؤَسَاءِ الجَمَاعَةِ لاِسْتِقْبَالِهِمْ إِلى خَارِجِ المَحَلةِ. 14فَسَخَطَ مُوسَى عَلى وُكَلاءِ الجَيْشِ رُؤَسَاءِ الأُلُوفِ وَرُؤَسَاءِ المِئَاتِ القَادِمِينَ مِنْ جُنْدِ الحَرْبِ. 15وَقَال لهُمْ مُوسَى: «هَل أَبْقَيْتُمْ كُل أُنْثَى حَيَّةً؟ 16إِنَّ هَؤُلاءِ كُنَّ لِبَنِي إِسْرَائِيل حَسَبَ كَلامِ بَلعَامَ سَبَبَ خِيَانَةٍ لِلرَّبِّ فِي أَمْرِ فَغُورَ فَكَانَ الوَبَأُ فِي جَمَاعَةِ الرَّبِّ. 17فَالآنَ اقْتُلُوا كُل ذَكَرٍ مِنَ الأَطْفَالِ. وَكُل امْرَأَةٍ عَرَفَتْ رَجُلاً بِمُضَاجَعَةِ ذَكَرٍ اقْتُلُوهَا. 18لكِنْ جَمِيعُ الأَطْفَالِ مِنَ النِّسَاءِ اللوَاتِي لمْ يَعْرِفْنَ مُضَاجَعَةَ ذَكَرٍ أَبْقُوهُنَّ لكُمْ حَيَّاتٍ)العدد31: 9-18
      وها هو موسى قبل (بِالسَّبْيِ وَالنَّهْبِ وَالغَنِيمَةِ) والنساء العذراوات، وقتل باقى الأطفال من الذكور والنساء الاتى عرفن رجالا (بِمُضَاجَعَةِ ذَكَرٍ)، ولا تحاول أن تتخيل كيف لهم أن يعرفن الفرق بين النساء العانسات والمتزوجات، واللاتى عرفن ذكرًا دون زواج أو حتى ادعت أنها غير متزوجة كذبًا.
      ثم رضى الرب بالغنائم وأمر موسى أن يقسمها كالتالى: (25وَقَال الرَّبُّ لِمُوسَى: 26«أَحْصِ النَّهْبَ المَسْبِيَّ مِنَ النَّاسِ وَالبَهَائِمِ أَنْتَ وَأَلِعَازَارُ الكَاهِنُ وَرُؤُوسُ آبَاءِ الجَمَاعَةِ. 27وَنَصِّفِ النَّهْبَ بَيْنَ الذِينَ بَاشَرُوا القِتَال الخَارِجِينَ إِلى الحَرْبِ وَبَيْنَ كُلِّ الجَمَاعَةِ. 28وَارْفَعْ زَكَاةً لِلرَّبِّ. مِنْ رِجَالِ الحَرْبِ الخَارِجِينَ إِلى القِتَالِ وَاحِدَةً. نَفْساً مِنْ كُلِّ خَمْسِ مِئَةٍ مِنَ النَّاسِ وَالبَقَرِ وَالحَمِيرِ وَالغَنَمِ. 29مِنْ نِصْفِهِمْ تَأْخُذُونَهَا وَتُعْطُونَهَا لأَلِعَازَارَ الكَاهِنِ رَفِيعَةً لِلرَّبِّ. 30وَمِنْ نِصْفِ بَنِي إِسْرَائِيل تَأْخُذُ وَاحِدَةً مَأْخُوذَةً مِنْ كُلِّ خَمْسِينَ مِنَ النَّاسِ وَالبَقَرِ وَالحَمِيرِ وَالغَنَمِ مِنْ جَمِيعِ البَهَائِمِ وَتُعْطِيهَا لِلاوِيِّينَ الحَافِظِينَ شَعَائِرَ مَسْكَنِ الرَّبِّ». 31فَفَعَل مُوسَى وَأَلِعَازَارُ الكَاهِنُ كَمَا أَمَرَ الرَّبُّ مُوسَى.) العدد 31: 25-31 وما بعدها أيضًا
      وغنم الرب بمفرده 32 امرأة: (40ومِنَ النِّساءِ ستَّةَ عشَرَ ألفًا، فكانَت جزيَةُ الرّبِّ مِنها اَثْنَينِ وثلاثينَ اَمرأةً. 41فدفَعَ موسى الجزيَةَ المُخصَّصَةَ للرّبِّ إلى ألِعازارَ الكاهنِ، كما أمرَ الرّبُّ موسى.) العدد 31: 40-41 (الترجمة العربية المشتركة)، وهكذا قالت أيضًا ترجمة الأخبار السارة
      وكان من صفات بنيامين التى أرضت الرب وسجلها فى كتابه ليقتدى بها المؤمنون به أنه ذئب مفترس: (27بِنْيَامِينُ ذِئْبٌ يَفْتَرِسُ. فِي الصَّبَاحِ يَأْكُلُ غَنِيمَةً وَعِنْدَ الْمَسَاءِ يُقَسِّمُ نَهْباً».) تكوين 49: 27
      (19وَكُلُّ الْفِضَّةِ وَالذَّهَبِ وَآنِيَةِ النُّحَاسِ وَالْحَدِيدِ تَكُونُ قُدْساً لِلرَّبِّ وَتَدْخُلُ فِي خِزَانَةِ الرَّبِّ».) يشوع 6: 19
      (2فَتَفْعَلُ بِعَايٍ وَمَلِكِهَا كَمَا فَعَلْتَ بِأَرِيحَا وَمَلِكِهَا. غَيْرَ أَنَّ غَنِيمَتَهَا وَبَهَائِمَهَا تَنْهَبُونَهَا لِنُفُوسِكُمُ. ...) يشوع 8: 2
      (25فَكَانَ جَمِيعُ الَّذِينَ سَقَطُوا فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ مِنْ رِجَالٍ وَنِسَاءٍ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفاً، جَمِيعُ أَهْلِ عَايٍ. 26وَيَشُوعُ لَمْ يَرُدَّ يَدَهُ الَّتِي مَدَّهَا بِالْحَرْبَةِ حَتَّى حَرَّمَ جَمِيعَ سُكَّانِ عَايٍ. 27لَكِنِ الْبَهَائِمُ وَغَنِيمَةُ تِلْكَ الْمَدِينَةِ نَهَبَهَا إِسْرَائِيلُ لأَنْفُسِهِمْ حَسَبَ قَوْلِ الرَّبِّ الَّذِي أَمَرَ بِهِ يَشُوعَ.) يشوع 8: 25-27
      (10فَلَمْ يَطْرُدُوا الْكَنْعَانِيِّينَ السَّاكِنِينَ فِي جَازَرَ. فَسَكَنَ الْكَنْعَانِيُّونَ فِي وَسَطِ أَفْرَايِمَ إِلَى هَذَا الْيَوْمِ، وَكَانُوا عَبِيداً تَحْتَ الْجِزْيَةِ.) يشوع 16: 10
      وأكل أنبياؤكم وملكوككم الغنائم، وتقبلها ربكم فى بيته، فما المشكلة أن يأخذ الرسول صلى الله عليه وسلم نصيبه من الغنائم؟ وماذا لو أنفق نصيبه كله على نفسه وأسرته؟
      والذى لا تريد أن تصرح به أنت لأتباعك، أن أخذ النبى صلى الله عليه وسلم للغنيمة قد صرح به إشعياء، فهذا دليل على نبوته صلى الله عليه وسلم: (11يرى ثمرَةَ تَعبِهِ ويكونُ راضيًا، وبوَداعَتِه يُبرِّرُ عبدي الصِّدِّيقُ كثيرينَ مِنَ النَّاسِ ويحمِلُ خطاياهُم. 12لذلِكَ أُعطيهِ نَصيبًا معَ العُظَماءِ وغنيمةً معَ الجبابِرةِ. بذَلَ للموتِ نفْسَهُ وأُحصيَ معَ العُصاةِ، وهوَ الذي شفَعَ فيهِم وحمَلَ خطايا كثيرينَ.) إشعياء: 53: 11-12 الترجمة العربية المشتركة
      وبالطبع هى لا تخص يسوع، فالكتاب الذى تقدسه يقول إن يسوع كذب على اخوته (يوحنا 7: 8-11)، فهو إذن ليس المقصود بالصديق، وكان مداومًا فى دفع الجزية لقيصر، كما أنكم لا تؤمنون أن يسوع كان عبدًا لله. كما أنه لم يحمل خطايا الناس، لأن توارث الخطيئة فكرة شيطانية لا تنتمى لناموس الرب ولا لكتب الأنبياء:
      قال الرب لموسى: (16«لا يُقْتَلُ الآبَاءُ عَنِ الأَوْلادِ وَلا يُقْتَلُ الأَوْلادُ عَنِ الآبَاءِ. كُلُّ إِنْسَانٍ بِخَطِيَّتِهِ يُقْتَلُ.) التثنية 24 : 16
      وقال الرب لكاتب سفر الأخبار الثانى: (4وَأَمَّا بَنُوهُمْ فَلَمْ يَقْتُلْهُمْ بَلْ كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ فِي الشَّرِيعَةِ فِي سِفْرِ مُوسَى حَيْثُ أَمَرَ الرَّبُّ: [لاَ تَمُوتُ الآبَاءُ لأَجْلِ الْبَنِينَ وَلاَ الْبَنُونَ يَمُوتُونَ لأَجْلِ الآبَاءِ بَلْ كُلُّ وَاحِدٍ يَمُوتُ لأَجْلِ خَطِيَّتِهِ].) أخبار الأيام الثانى 25: 4
      وقال الرب لإرمياء: (29فِي تِلْكَ الأَيَّامِ لاَ يَقُولُونَ بَعْدُ: [الآبَاءُ أَكَلُوا حِصْرِماً وَأَسْنَانُ الأَبْنَاءِ ضَرِسَتْ]. 30بَلْ: [كُلُّ وَاحِدٍ يَمُوتُ بِذَنْبِهِ].كُلُّ إِنْسَانٍ يَأْكُلُ الْحِصْرِمَ تَضْرَسُ أَسْنَانُهُ.) إرمياء 31: 29-30
      وقال الرب لحزقيال: (19[وَأَنْتُمْ تَقُولُونَ: لِمَاذَا لاَ يَحْملُ الاِبْنُ مِنْ إِثْمِ الأَبِ؟ أَمَّا الاِبْنُ فَقَدْ فَعَلَ حَقّاً وَعَدْلاً. حَفِظَ جَمِيعَ فَرَائِضِي وَعَمِلَ بِهَا فَحَيَاةً يَحْيَا. 20اَلنَّفْسُ الَّتِي تُخْطِئُ هِيَ تَمُوتُ. الاِبْنُ لاَ يَحْمِلُ مِنْ إِثْمِ الأَبِ وَالأَبُ لاَ يَحْمِلُ مِنْ إِثْمِ الاِبْنِ. بِرُّ الْبَارِّ عَلَيْهِ يَكُونُ وَشَرُّ الشِّرِّيرِ عَلَيْهِ يَكُونُ. 21فَإِذَا رَجَعَ الشِّرِّيرُ عَنْ جَمِيعِ خَطَايَاهُ الَّتِي فَعَلَهَا وَحَفِظَ كُلَّ فَرَائِضِي وَفَعَلَ حَقّاً وَعَدْلاً فَحَيَاةً يَحْيَا. لاَ يَمُوتُ. 22كُلُّ مَعَاصِيهِ الَّتِي فَعَلَهَا لاَ تُذْكَرُ عَلَيْهِ. فِي بِرِّهِ الَّذِي عَمِلَ يَحْيَا. 23هَلْ مَسَرَّةً أُسَرُّ بِمَوْتِ الشِّرِّيرِ يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ؟ أَلاَ بِرُجُوعِهِ عَنْ طُرُقِهِ فَيَحْيَا؟) حزقيال 18: 19-23
      وقال الرب لهوشع: (إِنْ كُنْتَ أَنْتَ زَانِياً يَا إِسْرَائِيلُ فَلاَ يَأْثَمُ يَهُوذَا...)هوشع 4: 15
      وقال الرب لداود: (12وَلَكَ يَا رَبُّ الرَّحْمَةُ لأَنَّكَ أَنْتَ تُجَازِي الإِنْسَانَ كَعَمَلِهِ) مزمور 62: 12
      وقال الرب لإشعياء: (حَسَبَ الأَعْمَالِ هَكَذَا يُجَازِي مُبْغِضِيهِ سَخَطاً وَأَعْدَاءَهُ عِقَاباً) إشعياء 59: 18
      وقال الرب لأيوب: (حَاشَا لِلَّهِ مِنَ الشَّرِّ وَلِلْقَدِيرِ مِنَ الظُّلْمِ. 11لأَنَّهُ يُجَازِي الإِنْسَانَ عَلَى فِعْلِهِ وَيُنِيلُ الرَّجُلَ كَطَرِيقِهِ. 12فَحَقّاً إِنَّ اللهَ لاَ يَفْعَلُ سُوءاً وَالْقَدِيرَ لاَ يُعَوِّجُ الْقَضَاءَ.) أيوب 34: 10-12
      وقال يسوع: (... وَحِينَئِذٍ يُجَازِي كُلَّ وَاحِدٍ حَسَبَ عَمَلِهِ.) متى 16: 27
      وقال بولس: (4وَلَكِنْ لِيَمْتَحِنْ كُلُّ وَاحِدٍ عَمَلَهُ، وَحِينَئِذٍ يَكُونُ لَهُ الْفَخْرُ مِنْ جِهَةِ نَفْسِهِ فَقَطْ، لاَ مِنْ جِهَةِ غَيْرِهِ. 5لأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ سَيَحْمِلُ حِمْلَ نَفْسِهِ.) غلاطية 6: 4-5
      كما أن يسوع لم يحارب ليأخذ غنائم أو يقسمها، ولم يختلط لا بالعظماء ولا بالجبابرة، بل لم يحارب من الأساس، ودعا إلى مهادنة ومحبة الأعداء، أما عن حَمْلِ خطايا الناس أى هدايتهم إلى الحق، فيغفر الله لهم ما كان منهم، أى يرجع الذى يعتنق الحق، الإسلام، كيوم ولدته أمه، ويغفر الله له ما كان من ذنوبه، بل يحولها له إلى حسنات. أى كأنه ولد ولادة جديدة.
      كما أن الوصايا التي كان يزود بها قواده تدل على أنه صلى الله عليه وسلم لم يكن طالب مغنم ولا صاحب شهوة، بل كان هدفه الأوحد والوحيد إبلاغ دين الله للناس، وإزالة العوائق المعترضة سبيل الدعوة، فها هو يوصي معاذ بن جبل رضي الله عنه عندما أرسله إلى اليمن بقوله: (إنك تقدم على قوم من أهل الكتاب، فليكن أول ما تدعوهم إلى أن يوحدوا الله تعالى، فإذا عرفوا ذلك فأخبرهم أن الله فرض عليهم خمس صلوات في يومهم وليلتهم، فإذا صلوا فأخبرهم أن الله افترض عليهم زكاة في أموالهم تؤخذ من غنيهم فترد على فقيرهم، فإذا أقروا بذلك فخذ منهم وتوق كرائم أموال الناس) رواه البخاري.
      ورسول الله صلى الله عليه وسلم ارتحل من الدنيا ولم يكن له فيها إلا أقل القليل، ففي الصحيح عن عمرو بن الحارث قال: (ما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم عند موته درهماً، ولا ديناراً، ولا عبداً، ولا أمة، ولا شيئاً إلا بغلته البيضاء، وسلاحه وأرضاً جعلها صدقة) رواه البخاري،
      وعن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت: (توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وما في بيتي من شيء يأكله ذو كبد، إلا شطر شعير في رف لي) متفق عليه.
      وقبل أن أغلق هذه النقطة أتركك تقرأ كيف كانت عين الرب الذى تعبده فى كتابك الذى تقدسه على أموال المصريين، فأمر موسى (بدون حرب) أن يفهم بنى إسرائيل عن نيتهم عن سرقة حلى المصريات أثناء خروجهم من مصر، وأن الرب نفسه سوف ييسر لهم هذا الأمر عن طريق استغلال ألوهيته وقدراته فى أن يجعل المصريات يوافقن على إعارة هذا الحلى لنساء بنى إسرائيل:
      (21وَأُعْطِي نِعْمَةً لِهَذَا الشَّعْبِ فِي عُِيُونِ الْمِصْرِيِّينَ. فَيَكُونُ حِينَمَا تَمْضُونَ أَنَّكُمْ لاَ تَمْضُونَ فَارِغِينَ.22بَلْ تَطْلُبُ كُلُّ امْرَأَةٍ مِنْ جَارَتِهَا وَمِنْ نَزِيلَةِ بَيْتِهَا أَمْتِعَةَ فِضَّةٍ وَأَمْتِعَةَ ذَهَبٍ وَثِيَاباً وَتَضَعُونَهَا عَلَى بَنِيكُمْ وَبَنَاتِكُمْ.فَتَسْلِبُونَ الْمِصْرِيِّينَ)خروج 3: 21-22
      (35وَفَعَلَ بَنُو إِسْرَائِيلَ بِحَسَبِ قَوْلِ مُوسَى. طَلَبُوا مِنَ الْمِصْرِيِّينَ أَمْتِعَةَ فِضَّةٍ وَأَمْتِعَةَ ذَهَبٍ وَثِيَاباً. 36وَأَعْطَى الرَّبُّ نِعْمَةً لِلشَّعْبِ فِي عُِيُونِ الْمِصْرِيِّينَ حَتَّى أَعَارُوهُمْ. فَسَلَبُوا الْمِصْرِيِّينَ.) خروج 12: 35-36
      وهنا ينهار ادعاؤك يا سيد رشيد عن المنافع الشخصية للرسول صلى الله عليه وسلم. لكن يتبقى لنا ما أثرته عن حبه للنساء.
      الرسول صلى الله عليه وسلم كان يحب النساء:
      إن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يحب النساء (أى زوجاته)، وهذا أمر يمتدحه فيه كل عاقل، وكل دارس منصف. وقد عدد الرسول صلى الله عليه وسلم الزوجات، وهو أمر طبيعى، ولا يوجد حتى فى كتابك الذى تقدسه ما ينهى عن تعدد الزوجات، ولو فهمت أنت ذلك من كتابك المسمى بالعهد الجديد، لكان هذا مناقضًا لأقوال الرب وأفعال الأنبياء فى العهد القديم، ولكان مظهرًا كذب يسوع عندما قال إنه لم يأت لينقض نقطة واحدة من الناموس: (17«لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لأَنْقُضَ النَّامُوسَ أَوِ الأَنْبِيَاءَ. مَا جِئْتُ لأَنْقُضَ بَلْ لِأُكَمِّلَ. 18فَإِنِّي الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِلَى أَنْ تَزُولَ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ لاَ يَزُولُ حَرْفٌ وَاحِدٌ أَوْ نُقْطَةٌ وَاحِدَةٌ مِنَ النَّامُوسِ حَتَّى يَكُونَ الْكُلُّ.) متى 5: 17-18
      ولم نجد ليسوع ما يشير إلى انحرافه عن الناموس، وإلا لكان لدى اليهود دليل لقتله. فقد كان يسوع يعمل بناموس موسى عليهما السلام، وكان اليهود يستفتونه ويختبرونه فى الناموس، بل كان يُعلِّم أتباع موسى عليه السلام الناموس داخل معبدهم، فقد كان هو الذى يقوم بتدريس التوراة لليهود كافة من رؤساء الكهنة والكتبة والفريسيين إلى عامة الشعب. فمن المستحيل أن يأتى بدين جديد، ثم يذهب إلى أماكن العبادة الخاصة بأتباع دين آخر لينشر دعوته هناك.
      ألم يأمر من سأله عما يفعل ليرث الخلود فى الجنَّة بالإلتزام بالناموس قائلاً: (34أَمَّا الْفَرِّيسِيُّونَ فَلَمَّا سَمِعُوا أَنَّهُ أَبْكَمَ الصَّدُّوقِيِّينَ اجْتَمَعُوا مَعاً 35وَسَأَلَهُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ وَهُوَ نَامُوسِيٌّ لِيُجَرِّبَهُ: 36«يَا مُعَلِّمُ أَيَّةُ وَصِيَّةٍ هِيَ الْعُظْمَى فِي النَّامُوسِ؟» 37فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «تُحِبُّ الرَّبَّ إِلَهَكَ مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ وَمِنْ كُلِّ نَفْسِكَ وَمِنْ كُلِّ فِكْرِكَ. 38هَذِهِ هِيَ الْوَصِيَّةُ الأُولَى وَالْعُظْمَى. 39وَالثَّانِيَةُ مِثْلُهَا: تُحِبُّ قَرِيبَكَ كَنَفْسِكَ. 40بِهَاتَيْنِ الْوَصِيَّتَيْنِ يَتَعَلَّقُ النَّامُوسُ كُلُّهُ وَالأَنْبِيَاءُ».) متى 22: 34-40
      وها هو هنا يشتم الكتبة والفريسيين ويتهمهم بالنفاق والرياء دفاعًا عن الناموس: (23وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ لأَنَّكُمْ تُعَشِّرُونَ النَّعْنَعَ وَالشِّبِثَّ وَالْكَمُّونَ وَتَرَكْتُمْ أَثْقَلَ النَّامُوسِ: الْحَقَّ وَالرَّحْمَةَ وَالإِيمَانَ. كَانَ يَنْبَغِي أَنْ تَعْمَلُوا هَذِهِ وَلاَ تَتْرُكُوا تِلْكَ.) متى 23: 23
      وكان يُعلِّم جميع الشعب اليهودى الشريعة والناموس، إذ لا يُعقل أن يأتى صاحب ديانة أخرى ويدرسها فى مكان العبادة الخاصة بطائفة أخرى غير طائفته، وإلا لكان إرهابيًا متطرفًا، يعتدى على أماكن عبادة الآخرين:
      (2ثُمَّ حَضَرَ أَيْضاً إِلَى الْهَيْكَلِ فِي الصُّبْحِ وَجَاءَ إِلَيْهِ جَمِيعُ الشَّعْبِ فَجَلَسَ يُعَلِّمُهُمْ. 3وَقَدَّمَ إِلَيْهِ الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ امْرَأَةً أُمْسِكَتْ فِي زِناً. وَلَمَّا أَقَامُوهَا فِي الْوَسَطِ 4قَالُوا لَهُ: «يَا مُعَلِّمُ هَذِهِ الْمَرْأَةُ أُمْسِكَتْ وَهِيَ تَزْنِي فِي ذَاتِ الْفِعْلِ 5وَمُوسَى فِي النَّامُوسِ أَوْصَانَا أَنَّ مِثْلَ هَذِهِ تُرْجَمُ. فَمَاذَا تَقُولُ أَنْتَ؟» 6قَالُوا هَذَا لِيُجَرِّبُوهُ لِكَيْ يَكُونَ لَهُمْ مَا يَشْتَكُونَ بِهِ عَلَيْهِ.) يوحنا 8: 2-6
      ولم يجدوا ما يتهمونه به ، إذاً فقد كان حافظاً للناموس متبعاً له.
      وكذلك التزمت أمه مريم البتول بالناموس: (22وَلَمَّا تَمَّتْ أَيَّامُ تَطْهِيرِهَا حَسَبَ شَرِيعَةِ مُوسَى صَعِدُوا بِهِ إِلَى أُورُشَلِيمَ لِيُقَدِّمُوهُ لِلرَّبِّ 23كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ فِي نَامُوسِ الرَّبِّ: أَنَّ كُلَّ ذَكَرٍ فَاتِحَ رَحِمٍ يُدْعَى قُدُّوساً لِلرَّبِّ. 24وَلِكَيْ يُقَدِّمُوا ذَبِيحَةً كَمَا قِيلَ فِي نَامُوسِ الرَّبِّ زَوْجَ يَمَامٍ أَوْ فَرْخَيْ حَمَامٍ.) لوقا 2: 22-24
      وأمر من أتى ليجربه أن يتبع ما هو مكتوب فى الناموس: (25وَإِذَا نَامُوسِيٌّ قَامَ يُجَرِّبُهُ قَائِلاً: «يَا مُعَلِّمُ مَاذَا أَعْمَلُ لأَرِثَ الْحَيَاةَ الأَبَدِيَّةَ؟» 26فَقَالَ لَهُ: «مَا هُوَ مَكْتُوبٌ فِي النَّامُوسِ. كَيْفَ تَقْرَأُ؟» 27فَأَجَابَ: «تُحِبُّ الرَّبَّ إِلَهَكَ مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ وَمِنْ كُلِّ نَفْسِكَ وَمِنْ كُلِّ قُدْرَتِكَ وَمِنْ كُلِّ فِكْرِكَ وَقَرِيبَكَ مِثْلَ نَفْسِكَ». 28فَقَالَ لَهُ: «بِالصَّوَابِ أَجَبْتَ. اِفْعَلْ هَذَا فَتَحْيَا».) لوقا 10: 25-28
      وأمر الرجل الأبرص أن يتطهَّر على شريعة موسى: (12وَكَانَ فِي إِحْدَى الْمُدُنِ. فَإِذَا رَجُلٌ مَمْلُوءٌ بَرَصاً. فَلَمَّا رَأَى يَسُوعَ خَرَّ عَلَى وَجْهِهِ وَطَلَبَ إِلَيْهِ قَائِلاً: «يَا سَيِّدُ إِنْ أَرَدْتَ تَقْدِرْ أَنْ تُطَهِّرَنِي». 13فَمَدَّ يَدَهُ وَلَمَسَهُ قَائِلاً: «أُرِيدُ فَاطْهُرْ». وَلِلْوَقْتِ ذَهَبَ عَنْهُ الْبَرَصُ. 14فَأَوْصَاهُ أَنْ لاَ يَقُولَ لأَحَدٍ. بَلِ «امْضِ وَأَرِ نَفْسَكَ لِلْكَاهِنِ وَقَدِّمْ عَنْ تَطْهِيرِكَ كَمَا أَمَرَ مُوسَى شَهَادَةً لَهُمْ») لوقا 5: 12-14
      وأكد صراحة أنه لم يأت إلا متبعًا للناموس: (17«لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لأَنْقُضَ النَّامُوسَ أَوِ الأَنْبِيَاءَ. مَا جِئْتُ لأَنْقُضَ بَلْ لِأُكَمِّلَ. 18فَإِنِّي الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِلَى أَنْ تَزُولَ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ لاَ يَزُولُ حَرْفٌ وَاحِدٌ أَوْ نُقْطَةٌ وَاحِدَةٌ مِنَ النَّامُوسِ حَتَّى يَكُونَ الْكُلُّ. 19فَمَنْ نَقَضَ إِحْدَى هَذِهِ الْوَصَايَا الصُّغْرَى وَعَلَّمَ النَّاسَ هَكَذَا يُدْعَى أَصْغَرَ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ. وَأَمَّا مَنْ عَمِلَ وَعَلَّمَ فَهَذَا يُدْعَى عَظِيماً فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ.) متى 5: 17-19
      يقول كتاب "التفسير الحديث للكتاب المقدس" (إنجيل متى) بقلم ر. ت. فرانس (صفحة 117): إن معنى كلمة plrosia (يكمل) الناموس أى (أنجز أو حقق أو أطاع أو أظهر المعنى الكامل للناموس. ومعنى ذلك أن عيسى عليه السلام لم يأت بتشريع جديد ، وأنه جاء مفسرًا للناموس ، شارحًا له ، متبعًا تعاليمه ، مطيعًا لها.
      وقال يعقوب رئيس الحواريين من بعده: (10لأَنَّ مَنْ حَفِظَ كُلَّ النَّامُوسِ، وَإِنَّمَا عَثَرَ فِي وَاحِدَةٍ، فَقَدْ صَارَ مُجْرِماً فِي الْكُلِّ. 11لأَنَّ الَّذِي قَالَ: «لاَ تَزْنِ» قَالَ أَيْضاً: «لاَ تَقْتُلْ». فَإِنْ لَمْ تَزْنِ وَلَكِنْ قَتَلْتَ، فَقَدْ صِرْتَ مُتَعَدِّياً النَّامُوسَ.) يعقوب 2: 10-11
      كذلك لفظ معلم الذى كان ينادى به، وطالب أتباعه أن يُنادوه به فهو نفس اللفظ الذى اتخذه أبناء هارون بنى لاوى، الذين كانوا مخصصين لتدريس الدين ولشرح العقيدة فى المعبد. فهو إذن كان ملتزم بالناموس والشريعة لأنه كان شارحاً لها: (8وَأَمَّا أَنْتُمْ فَلاَ تُدْعَوْا سَيِّدِي لأَنَّ مُعَلِّمَكُمْ وَاحِدٌ الْمَسِيحُ وَأَنْتُمْ جَمِيعاً إِخْوَةٌ. 9وَلاَ تَدْعُوا لَكُمْ أَباً عَلَى الأَرْضِ لأَنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ. 10وَلاَ تُدْعَوْا مُعَلِّمِينَ لأَنَّ مُعَلِّمَكُمْ وَاحِدٌ الْمَسِيحُ.) متى 23: 8-10
      كذلك قميصه غير المخاط المذكور عند يوحنا لم يكن يلبسه إلا الكهنة اللاويّون الذين كانوا يدرسون الشريعة والناموس فى المعبد: (23ثُمَّ إِنَّ الْعَسْكَرَ لَمَّا كَانُوا قَدْ صَلَبُوا يَسُوعَ أَخَذُوا ثِيَابَهُ وَجَعَلُوهَا أَرْبَعَةَ أَقْسَامٍ لِكُلِّ عَسْكَرِيٍّ قِسْماً. وَأَخَذُوا الْقَمِيصَ أَيْضاً. وَكَانَ الْقَمِيصُ بِغَيْرِ خِيَاطَةٍ مَنْسُوجاً كُلُّهُ مِنْ فَوْقُ.) يوحنا 19: 23
      وكذلك مناداة مريم له بكلمة (ربونى) ، فلم يأخذ هذا الإسم إلا اللاويون: (16قَالَ لَهَا يَسُوعُ: «يَا مَرْيَمُ!» فَالْتَفَتَتْ تِلْكَ وَقَالَتْ لَهُ: «رَبُّونِي» الَّذِي تَفْسِيرُهُ يَا مُعَلِّمُ.) يوحنا 20: 16
      بل لعن من لا يفهم الناموس: (49وَلَكِنَّ هَذَا الشَّعْبَ الَّذِي لاَ يَفْهَمُ النَّامُوسَ هُوَ مَلْعُونٌ».) يوحنا 7: 49
      ألم يسأله أحد الناس أن يُقسِّم الميراث بينه وبين أخيه (تبعًا للشريعة الموسوية)؟
      ألم يطالبه اليهود برجم المرأة (تبعًا للشريعة الموسوية) التى أمسكوها تزنى؟
      ألم يحتفل عيسى عليه السلام بعيد الفصح (تبعًا للشريعة الموسوية)؟
      لقد عدد موسى الزوجات وهو الذى جاء يسوع متبعًا له، فتزوج من:
      ابنة يثرون (1وَأَمَّا مُوسَى فَكَانَ يَرْعَى غَنَمَ يَثْرُونَ حَمِيهِ كَاهِنِ مِدْيَانَ) خروج 3: 1
      وامرأة كوشية: (1وَتَكَلمَتْ مَرْيَمُ وَهَارُونُ عَلى مُوسَى بِسَبَبِ المَرْأَةِ الكُوشِيَّةِ التِي اتَّخَذَهَا (لأَنَّهُ كَانَ قَدِ اتَّخَذَ امْرَأَةً كُوشِيَّةً) عدد 12: 1
      وعندما عارضته أخته وأخوه، أصاب الله اخته مريم بالبرص، ورفض إبراءها إلا بعد سبعة أيام من دعاء موسى لها: (1وَتَكَلمَتْ مَرْيَمُ وَهَارُونُ عَلى مُوسَى بِسَبَبِ المَرْأَةِ الكُوشِيَّةِ التِي اتَّخَذَهَا (لأَنَّهُ كَانَ قَدِ اتَّخَذَ امْرَأَةً كُوشِيَّةً) 2فَقَالا: «هَل كَلمَ الرَّبُّ مُوسَى وَحْدَهُ؟ أَلمْ يُكَلِّمْنَا نَحْنُ أَيْضاً؟» فَسَمِعَ الرَّبُّ. 3وَأَمَّا الرَّجُلُ مُوسَى فَكَانَ حَلِيماً جِدّاً أَكْثَرَ مِنْ جَمِيعِ النَّاسِ الذِينَ عَلى وَجْهِ الأَرْضِ. 4فَقَال الرَّبُّ حَالاً لِمُوسَى وَهَارُونَ وَمَرْيَمَ: «اخْرُجُوا أَنْتُمُ الثَّلاثَةُ إِلى خَيْمَةِ الاِجْتِمَاعِ». فَخَرَجُوا هُمُ الثَّلاثَةُ. 5فَنَزَل الرَّبُّ فِي عَمُودِ سَحَابٍ وَوَقَفَ فِي بَابِ الخَيْمَةِ وَدَعَا هَارُونَ وَمَرْيَمَ فَخَرَجَا كِلاهُمَا. 6فَقَال: «اسْمَعَا كَلامِي. إِنْ كَانَ مِنْكُمْ نَبِيٌّ لِلرَّبِّ فَبِالرُّؤْيَا أَسْتَعْلِنُ لهُ. فِي الحُلمِ أُكَلِّمُهُ. 7وَأَمَّا عَبْدِي مُوسَى فَليْسَ هَكَذَا بَل هُوَ أَمِينٌ فِي كُلِّ بَيْتِي. 8فَماً إِلى فَمٍ وَعَيَاناً أَتَكَلمُ مَعَهُ لا بِالأَلغَازِ. وَشِبْهَ الرَّبِّ يُعَايِنُ. فَلِمَاذَا لا تَخْشَيَانِ أَنْ تَتَكَلمَا عَلى عَبْدِي مُوسَى؟». 9فَحَمِيَ غَضَبُ الرَّبِّ عَليْهِمَا وَمَضَى. 10فَلمَّا ارْتَفَعَتِ السَّحَابَةُ عَنِ الخَيْمَةِ إِذَا مَرْيَمُ بَرْصَاءُ كَالثَّلجِ. فَالتَفَتَ هَارُونُ إِلى مَرْيَمَ وَإِذَا هِيَ بَرْصَاءُ. 11فَقَال هَارُونُ لِمُوسَى: «أَسْأَلُكَ يَا سَيِّدِي لا تَجْعَل عَليْنَا الخَطِيَّةَ التِي حَمِقْنَا وَأَخْطَأْنَا بِهَا. 12فَلا تَكُنْ كَالمَيِّتِ الذِي يَكُونُ عِنْدَ خُرُوجِهِ مِنْ رَحِمِ أُمِّهِ قَدْ أُكِل نِصْفُ لحْمِهِ». 13فَصَرَخَ مُوسَى إِلى الرَّبِّ: «اللهُمَّ اشْفِهَا». 14فَقَال الرَّبُّ لِمُوسَى: «وَلوْ بَصَقَ أَبُوهَا بَصْقاً فِي وَجْهِهَا أَمَا كَانَتْ تَخْجَلُ سَبْعَةَ أَيَّامٍ؟ تُحْجَزُ سَبْعَةَ أَيَّامٍ خَارِجَ المَحَلةِ وَبَعْدَ ذَلِكَ تُرْجَعُ». 15فَحُجِزَتْ مَرْيَمُ خَارِجَ المَحَلةِ سَبْعَةَ أَيَّامٍ وَلمْ يَرْتَحِلِ الشَّعْبُ حَتَّى أُرْجِعَتْ مَرْيَمُ. 16وَبَعْدَ ذَلِكَ ارْتَحَل الشَّعْبُ مِنْ حَضَيْرُوتَ وَنَزَلُوا فِي بَرِّيَّةِ فَارَانَ.) العدد 12: 1-16
      وعدد إبراهيم أبو الأنبياء الزوجات، عدد داود جد يسوع (الإله عندكم) الزوجات، فتزوج من مائة امرأة، وعدد سليمان فتزوج من ألف امرأة. وعدد غيرهم من أنبياء وملوك بنى إسرائيل. ومازالت الشريعة اليهودية اليوم بها تعدد الزوجات، وللحاخام 9 زوجات، وللفرد العادى أن يكتفى بأربع زوجات فقط. مع الأخذ فى الاعتبار أن هناك طائفة يهودية تعارض هذا التحديد، مؤمنة أن الرب تركها دون تحديد فى كتابه.
      ويقول نيوفيلد صاحب كتاب "قوانين الزواج عند العبرانيين الأقدمين": (إن التلمود والتوراة معا قد أباحا تعدد الزوجات على إطلاقه، وإن كان بعض الربانيين ينصحون بالقصد فى عدد الزوجات. وأن قوانين البابليين وجيرانهم من الأمم التى اختلط بها بنو إسرائيل كانوا جميعًا على مثل هذه الشريعة فى اتخاذ الزوجات والإماء.) (فى محكمة التاريخ ص 98)
      (19وَاتَّخَذَ لاَمَكُ لِنَفْسِهِ امْرَأَتَيْنِ: اسْمُ الْوَاحِدَةِ عَادَةُ وَاسْمُ الأُخْرَى صِلَّةُ)تكوين4: 19
      (3فَأَخَذَتْ سَارَايُ امْرَأَةُ أَبْرَامَ هَاجَرَ الْمِصْرِيَّةَ جَارِيَتَهَا مِنْ بَعْدِ عَشَرِ سِنِينَ لإِقَامَةِ أَبْرَامَ فِي أَرْضِ كَنْعَانَ وَأَعْطَتْهَا لأَبْرَامَ رَجُلِهَا زَوْجَةً لَهُ.) تكوين 16: 3
      (1وَعَادَ إِبْرَاهِيمُ فَأَخَذَ زَوْجَةً اسْمُهَا قَطُورَةُ) تكوين 25: 1
      (ويذكر الطبرى اسم زوجة أخرى له وهى حجور بنت ارهير، فولدت له خمسة بنين: كيسان، وشورخ، وأميم، ولوطان، ونافس) الجزء الأول ص 311 (نقلا عن تعدد نساء الأنبياء ص 11)
      تزوج يعقوب من أربعة على الأقل: ليئة وراحيل وبلهة وزُلفة:
      (23وَكَانَ فِي الْمَسَاءِ أَنَّهُ أَخَذَ لَيْئَةَ ابْنَتَهُ وَأَتَى بِهَا إِلَيْهِ فَدَخَلَ عَلَيْهَا.) تكوين 29: 23
      (فَفَعَلَ يَعْقُوبُ هَكَذَا. فَأَكْمَلَ أُسْبُوعَ هَذِهِ فَأَعْطَاهُ رَاحِيلَ ابْنَتَهُ زَوْجَةً لَهُ)تكوين29: 28
      (4فَأَعْطَتْهُ بَلْهَةَ جَارِيَتَهَا زَوْجَةً فَدَخَلَ عَلَيْهَا يَعْقُوبُ) تكوين 30: 4
      (9وَلَمَّا رَأَتْ لَيْئَةُ أَنَّهَا تَوَقَّفَتْ عَنِ الْوِلاَدَةِ أَخَذَتْ زِلْفَةَ جَارِيَتَهَا وَأَعْطَتْهَا لِيَعْقُوبَ زَوْجَةً)
      ويقول سفر القضاة: إنه كان لجدعون 70 ولداً: (30وَكَانَ لِجِدْعُونَ سَبْعُونَ وَلَداً خَارِجُونَ مِنْ صُلْبِهِ, لأَنَّهُ كَانَتْ لَهُ نِسَاءٌ كَثِيرَاتٌ. 31وَسُرِّيَّتُهُ الَّتِي فِي شَكِيمَ وَلَدَتْ لَهُ هِيَ أَيْضاً ابْناً فَسَمَّاهُ أَبِيمَالِكَ.) قضاة 8: 30-31
      وفى استقراء لعدد نساء جدعون بمعلومية أولاده يقول اللواء أحمد عبد الوهاب:
      أنجب ابراهيم 13 ولداً من 4 نساء ، هن هاجر ، وسارة ، وقطورة ، وحجور
      فيكون المتوسط 3 أولاد لكل امرأة.
      كذلك أنجب يعقوب 12 ولدا من 4 نساء
      فيكون المتوسط 3 أولاد لكل امرأة.
      وبما أن جدعون أنجب 70 ولداً ، فيكون عدد نسائه إذًا لا يقل 23 امرأة ، الأمر الذى يتفق مع قول الكتاب (لأَنَّهُ كَانَتْ لَهُ نِسَاءٌ كَثِيرَاتٌ)
      (13وَقَضَى بَعْدَهُ لإِسْرَائِيلَ عَبْدُونُ بْنُ هِلِّيلَ الْفَرْعَتُونِيُّ. 14وَكَانَ لَهُ أَرْبَعُونَ ابْناً)
      قضاة 12: 13-14
      وبنفس عملية الإستقراء يكون عبدون قد تزوج 13 زوجة غير السرارى
      وتزوج رحبعام من 18 امرأة و 60 من السرارى: (21وَأَحَبَّ رَحُبْعَامُ مَعْكَةَ بِنْتَ أَبْشَالُومَ أَكْثَرَ مِنْ جَمِيعِ نِسَائِهِ وَسَرَارِيهِ لأَنَّهُ اتَّخَذَ ثَمَانِيَ عَشَرَةَ امْرَأَةً وَسِتِّينَ سُرِّيَّةً وَوَلَدَ ثَمَانِيَةً وَعِشْرِينَ ابْناً وَسِتِّينَ ابْنَةً.) أخبار الأيام الثانى 11: 21
      كما تزوج سليمان من 700 امرأة و 300 من السرارى: (فَالْتَصَقَ سُلَيْمَانُ بِهَؤُلاَءِ بِالْمَحَبَّةِ. 3وَكَانَتْ لَهُ سَبْعُ مِئَةٍ مِنَ النِّسَاءِ السَّيِّدَاتِ، وَثَلاَثُ مِئَةٍ مِنَ السَّرَارِيِّ. فَأَمَالَتْ نِسَاؤُهُ قَلْبَهُ.) ملوك الأول 11: 3
      ويبيح الكتاب الذى تقدسه تعدد الزوجات دون تحديد: (15«إِذَا كَانَ لِرَجُلٍ امْرَأَتَانِ إِحْدَاهُمَا مَحْبُوبَةٌ وَالأُخْرَى مَكْرُوهَةٌ فَوَلدَتَا لهُ بَنِينَ المَحْبُوبَةُ وَالمَكْرُوهَةُ. فَإِنْ كَانَ الاِبْنُ البِكْرُ لِلمَكْرُوهَةِ 16فَيَوْمَ يَقْسِمُ لِبَنِيهِ مَا كَانَ لهُ لا يَحِلُّ لهُ أَنْ يُقَدِّمَ ابْنَ المَحْبُوبَةِ بِكْراً عَلى ابْنِ المَكْرُوهَةِ البِكْرِ 17بَل يَعْرِفُ ابْنَ المَكْرُوهَةِ بِكْراً لِيُعْطِيَهُ نَصِيبَ اثْنَيْنِ مِنْ كُلِّ مَا يُوجَدُ عِنْدَهُ لأَنَّهُ هُوَ أَوَّلُ قُدْرَتِهِ. لهُ حَقُّ البَكُورِيَّةِ.) تكوين 26: 34
      وهذا يغنينا عن التحدث عن تعدد زوجات خاتم رسل الله تعالى. ويجعلنا ربما نتساءل، لماذا لم يتزوج يسوع؟ والإجابة من الكتاب المقدس أنه أول فاتح رحم، أى أول مولود ذكر من أمه، فهو منذور لله تعالى، مسكر أو نجس لا يتناول، ولا يقص شعره، ولا يتزوج: (1وَأَمَرَ الرَّبُّ مُوسَى: 2«قُل لِبَنِي إِسْرَائِيل: إِذَا انْفَرَزَ رَجُلٌ أَوِ امْرَأَةٌ لِيَنْذُرَ نَذْرَ النَّذِيرِ لِيَنْتَذِرَ لِلرَّبِّ 3فَعَنِ الخَمْرِ وَالمُسْكِرِ يَفْتَرِزُ وَلا يَشْرَبْ خَل الخَمْرِ وَلا خَل المُسْكِرِ وَلا يَشْرَبْ مِنْ نَقِيعِ العِنَبِ وَلا يَأْكُل عِنَباً رَطْباً وَلا يَابِساً. 4كُل أَيَّامِ نَذْرِهِ لا يَأْكُل مِنْ كُلِّ مَا يُعْمَلُ مِنْ جَفْنَةِ الخَمْرِ مِنَ العَجَمِ حَتَّى القِشْرِ. 5كُل أَيَّامِ نَذْرِ افْتِرَازِهِ لا يَمُرُّ مُوسَى عَلى رَأْسِهِ. إِلى كَمَالِ الأَيَّامِ التِي انْتَذَرَ فِيهَا لِلرَّبِّ يَكُونُ مُقَدَّساً وَيُرَبِّي خُصَل شَعْرِ رَأْسِهِ. 6كُل أَيَّامِ انْتِذَارِهِ لِلرَّبِّ لا يَأْتِي إِلى جَسَدِ مَيِّتٍ. 7أَبُوهُ وَأُمُّهُ وَأَخُوهُ وَأُخْتُهُ لا يَتَنَجَّسْ مِنْ أَجْلِهِمْ عِنْدَ مَوْتِهِمْ لأَنَّ انْتِذَارَ إِلهِهِ عَلى رَأْسِهِ. 8إِنَّهُ كُل أَيَّامِ انْتِذَارِهِ مُقَدَّسٌ لِلرَّبِّ.) عدد 6: 1-8
      ومعنى أنه منذور لله أنه ليس بإله، بل عبد أفرز لعبادة الله تعالى. وهذا لا يعجب أى مسيحى يؤله يسوع. ولكنك يا سيد رشيد، إن لم تصدق ما يقوله كتابك المقدس بهذا الشأن فعليك أن تجيب نفسك على السبب فى عدم تزوج يسوع. فقد كان له عضو ذكرى، وقال عن نفسه إنه إنسان. أى كان يأكل ويشرب، ويتبول ويتبرز، ويتعب ويستريح، وله شهوة جنسية مثل باقى الرجال.
      وأترك أمر زوجاته صلى الله عليه وسلم، وأتكلم باختصار شديد عن تزوجه بالسيدة عائشة رضى الله عنها. فقد تولى الرسول صلى الله عليه وسلم النبوة وهو ابن 40 سنة، وظل فى مكة 13 سنة، أى كان عمره وقت الهجرة حوالى 53 سنة. وبنى بالسيدة عائشة رضى الله عنها فى السنة الثانية من الهجرة، بعد غزوة بدر وهو ابن 55 سنة. فكم كان عمر السيدة عائشة وقتها؟
      لقد ولدت السيدة عائشة قبل البعثة بـ 4 سنوات، أى إن الفرق بينها وبين الرسول صلى الله عليه وسلم فى العمر 36 سنة. وعلى ذلك كان عمرها وقت الزواج من النبى صلى الله عليه وسلم هو (55-36= 19سنة).
      ولو حسبنا بحساب القائلين إنها ولدت بعد البعثة بـ 4 سنوات، وأنها كانت مخطوبة من قبل الرسول صلى الله عليه وسلم لجبير بن مطعم بن عدى، فيكون الفارق العمرى بينهما 44 سنة، وعلى ذلك كان عمرها وقت تزوج الرسول بها هو (55-44= 11 سنة).
      ويجمع علماء المسلمين على صحة رواية السيدة عائشة وأن الرسول صلى الله عليه وسلم بنى بها وهى ابنة 9 سنوات. فما المشكلة أن تتزوج فتاة عربية فى هذا الزمن وفى هذه المنطقة الحارة فى هذا العمر؟
      ألا تعلم أنه يوجد فى مصر جدات تزوجن فى عمر التاسعة والعاشرة فى الصعيد؟
      لقد اختلف الأمر الآن، وزاد عمر زواج الفتيات فى الصعيد إلى 15 سنة أو أقل قليلا.
      ألا تعلم أن الفرق بين عمرو بن العاص وابنه عبد الله كان 11 سنة؟ ومعنى هذا أن عبد الله أتى إلى الدنيا، وكان عمر أبيه عمرو 11 سنة، أى أنه تزوج على أقصى تقدير وعمره 10 سنوات، وكانت زوجته أصغر منه سنًا، أى كانت على أقصى تقدير ذات 9 سنوات، وهو نفس العمر الذى تزوجت فيه السيدة عائشة، وتزوجت فيه صفية بنت حُيى بن أخطب رئيس يهود بنى النضير، وغيرهما الكثير من الفتيات.
      لقد كانت هذه عادة المجتمع، وإلا لما تركه كفار مكة أو حتى اليهود والنصارى فى ذلك الوقت دون انتقاص أو مذمة فى أفعاله!! فلم تُدهش قريش التى تتربّص فى المقام الأول بالرسول صلى الله عليه وسلم الدوائر لتأليب الناس عليه من فجوة أو هفوة أو زلّة، حين أُعلن نبأ المصاهرة بين أعزّ صاحبين وأوفى صديقين، بل استقبلته كما تستقبل أيّ أمر طبيعي.
      وأعلمك نقطة بديهية تعلمناها من علمائنا فى كيفية النقد: لا تعزل الزمان أو المكان عن حدث ما!
      هل تعلم أن أوروبا ذات الجو البارد يُسمح فيها فى القانون الحالى للفتاة بالتزوج عن سن الثانية عشر؟ لقد حددت الكنيسة الكاثوليكية فى إسبانيا أن من شروط صحة الزواج أن يبلغ الزوج من العمر 14 سنة، والزوجة 12 سنة. فإذا كانت البنت فى إسبانيا تُعد صالحة للزواج فى سن 12 سنة، فما بالكم بالبنت فى الجزيرة العربية؟ أو بالبنت فى جنوب إفريقيا؟
      وفى الأرجنتين يُشترط أن يكون الزوج قد بلغ من العمر 14 سنة ، والزوجة 12 سنة.
      وفى ولاية فلوريدا وولاية إيداهو يُشترط أن يكون الزوج قد بلغ من العمر 14 سنة، والزوجة 12 سنة.
      وفى ولاية كونورادو الأمريكية يُشترط أن يكون الزوج قد بلغ من العمر 21 سنة ، والزوجة 12 سنة.
      لكن متى حملت مريم عليها السلام بعيسى؟ إن كتبكم تقول: إن هذه الزيجة بينها وبين يوسف النجار، الذى كان عمره حينئذ 90 سنة، كما تقول دائرة المعارف الكاثوليكية (http://www.newadvent.org/cathen/08504a.htm) وقد كان عمرها فى وقتها 11/12 سنة. أى كان الفارق العمرى بينهما حوالى 78 سنة.
      إلا أن احتفال الفاتيكان بالعيد الألفين لميلاد السيدة مريم فى عام 1988/1989 يعنى أنها ولدت عام 11/12 قبل الميلاد. والكتاب الذى تقدسه (إنجيل متى) يشير إلى هجرة يسوع وأمه إلى مصر خوفًا من بطش الحاكم هيرودس، الذى مات عام 4 قبل الميلاد. وتشير الكتب والمراجع المسيحية إلى أن يسوع وأمه مكثا فى مصر 6 سنوات على أعلى تقدير، و2 سنة على أقل تقدير، وعادوا بعد وفاة هيرودس. أى عادوا عام 4 قبل الميلاد. وعلى ذلك كان ميلاد يسوع هو 6 قبل الميلاد. أى إن مريم أنجبته عندما كان عمرها 5/6 سنوات.
      فلماذا لا تنتقد هذا لديكم يا سيد رشيد؟
      إن سن الزواج المعمول به هو البلوغ، والنضج الفكرى والمجتمعى لهذه الزيجة. ومن المعروف طبيًا أن أبكر وقت لنضوج الفتاة هو 8 سنوات. فما المشكلة أن يتزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم السيدة عائشة، التى كانت مخطوبة من قبل أن يخطبها لجبير بن مطعم بن عدى، وهى ابنة 9 سنوات أو أكثر من ذلك؟

      تعليق

      • abubakr_3
        مُشرِف

        • 15 يون, 2006
        • 849
        • موظف
        • مسلم

        #18
        رد: مناظرة مع السيد رشيد حول نبوة محمد صلى الله عليه وسلم

        تفرُّد الرسول فى كل شىء عن أقرانه:
        أما عن قولك عن قوة الرسول الجنسية، وأنه أعطى قوة ثلاثين رجلا، فهذا يدفعنا للتعرف على كل خصائص الرسول صلى الله عليه وسلم الجسدية:
        من الممكن القول أن مقام النبوة يقتضي أن تكون مدارك النبي - صلى الله عليه وسلم - أوسع مدى مما هي عليه في المعتاد، وذلك حتى يتمكّن من التعامل مع عالم الغيب، ومن هنا أعدّه الله سبحانه وتعالى إعدادًا خاصًّا يتيح له تلقّي الوحي من جبريل عليه السلام ورؤيته والسماع منه، وما يتبعه من رؤية ما سواه من الغيبيّات كالملائكة والجنّ والشياطين، أو سماعه لعذاب القبر ونحوه، فكان من الطبيعي أن يسمع ما لا يسمعه غيره، أو يبصر ما لا يبصره سواه.
        وعلى هذا الأساس جاءت الروايات لتقرّر رؤيته - صلى الله عليه وسلم – لجبريل عليه السلام أثناء تلقّي الوحي – سواء عند مبعثه أو بعد ذلك -، ورؤيته للملائكة عليهم السلام وهي تساند المؤمنين يوم بدر، ورؤيته لإبليس لعنه الله حين تعرّض له في صلاة الكسوف، وغيرها من المواضع .
        وقد دلّت الأحاديث الصحيحة على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يرى الذين يقفون خلفه في الصلاة، كما أخرج الشيخان من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم -قال: (أتموا الركوع والسجود، فوالله إني أراكم من خلف ظهري، إذا ركعتم وسجدتم) .
        ولمسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: (صلى بنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -يوماً ثمَّ انصرف، فقال: يا فلان ألا تحسن صلاتك؟ ألا ينظر المصلي إذا صلى كيف يصلي؟، فإنما يصلي لنفسه، إني والله لأبصر من ورائي كما أبصر من بين يدي).
        والظاهر من سياق الحديثين السابقين أن الرؤية هنا رؤية بصرية لا مجرّد إلهام أو وحي – كما قرّر ذلك الحافظ ابن حجر في الفتح-، بدليل قوله -صلى الله عليه وسلم-: (إني والله لأبصر)، ولو كان مقصده مجرّد العلم لما كان لتقييده عليه الصلاة والسلام بالرؤية من وراء ظهره أية فائدة .
        وهل الرؤية خاصة بحال الصلاة أم أنها عامّة في جميع الأوقات؟، كلا الأمرين محتمل، وإن كان ظاهر الحديث يبيّن اختصاص ذلك بالصلاة .
        ومن الأدلّة على اختصاص النبي -صلى الله عليه وسلم- بتفوّق سمعه ما رواه أحمد والترمذي وابن ماجة، عن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إني أرى ما لا ترون، وأسمع ما لا تسمعون، أطّت السماء وحُقّ لها أن تئط، ما فيها موضع أربع أصابع إلا وملك واضع جبهته ساجدا لله، والله لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا، ولبكيتم كثيرا، وما تلذذتم بالنساء على الفرش، ولخرجتم إلى الصعدات تجأرون إلى الله) .
        تنام عينه ولا ينام قلبه
        جاءت بذلك الأحاديث الصحيحة، ومنها ما رواه البخاري رحمه الله عن عائشة رضي الله عنها قالت: (يا رسول الله تنام قبل أن توتر؟ فأجابها: تنام عيني ولا ينام قلبي)، وفي رواية أنس بن مالك لحديث الإسراء: (والنبي نائمة عيناه ولا ينام قلبه، وكذلك الأنبياء تنام أعينهم ولا تنام قلوبهم) .
        طيب عرقه وريحه ولين مسه:
        اختصّ الله نبيّه - صلى الله عليه وسلم -بطيب رائحته وعرقه، ولين ملمسه، إحساناً في خلقته وإكمالاً لمحاسنه، نجد ذلك من خلال عددٍ من الأحاديث التي تُثبت له هذه المزيّة، ومنها ما رواه الإمام مسلم من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال: (دخل علينا النبي - صلى الله عليه وسلم -فجلس عندنا فَعَرِق، وجاءت أمي بقارورة فجعلت تنشف ذلك العرق فتعصره في القارورة، فاستيقظ النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا أمَّ سليم ما هذا الذي تصنعين؟، قالت: هذا عرقك نجعله في طيبنا، وهو من أطيب الطيب، يقول أنس: وما شممت مسكة ولا عبيراً أطيب رائحة من رائحة رسول الله - صلى الله عليه وسلم) .
        وروى الدارمي بإسناده عن جابر بن عبدالله قال: "ما سلك النبي - صلى الله عليه وسلم - طريقاً فتبعه أحد إلا علم أنه قد سلكه؛ من طيب عرقه ورائحته".
        ومن الأحاديث الدالة على لين ملمسه صلى الله عليه وسلم حديث أنس بن مالك رضي الله عنه الذي رواه مسلم ، وفيه ".. ولا مسست خزة ولا حريرة ألين من كف رسول الله - صلى الله عليه وسلم
        وقول جابر بن سمرة رضي الله عنه: "صليت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم خرج إلى أهله وخرجتُ معه، فاستقبله غلمانٌ، فجعل يمسح خدَّيْ أحدهم واحدا واحدا، قال: وأما أنا فمسح خدّي، فوجدت ليده بردا أو ريحا كأنما أخرجها من عند عطار" رواه مسلم .
        اشتداد المرض عليه
        على قدر المكانة والمنزلة يكون الابتلاء، فكلما عظمت مكانة الإنسان عند ربه كان البلاء عليه أشدّ، وعليه يكون الأنبياء عليهم السلام هم أشد الناس بلاءً، زيادةً لحسناتهم، ومضاعفةً لأجورهم، وأشدّهم في ذلك نبينا عليه الصلاة والسلام .
        وصور الابتلاء عديدة، منها الابتلاء بالأمراض والأسقام، وبين يدينا جملة من الأحاديث تدلّ على شدّة المرض الذي كان يلحق بالنبي - صلى الله عليه وسلم-، فقد أخرج الشيخان من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: (دخلت على النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يوعك، فمسْسته بيديّ، فقلت: يا رسول الله، إنك لتوعك وعكاً شديداً، قال: أجل كما يوعك رجلان منكم. قلت: ذلك بأنَّ لك أجرين. قال: نعم، ما من مسلم يصيبه أذى من مرضٍ فما سواه، إلا حط الله سيئاته، كما تحط الشجرة ورقها) .
        وأخرج البخاري من حديث عائشة رضي الله عنها قولها: (ما رأيت أحداً أشد عليه الوجع من رسول الله - صلى الله عليه وسلم) .
        وتصف فاطمة رضي الله عنها مرضه فتقول: "أتينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نعوده في نساء، فإذا سقاء معلّق نحوه، يقطر ماؤه عليه من شدة ما يجد من حرّ الحمى".
        التبرك بآثاره كوضوئه وريقه وشعراته
        البركة كلمة تدل على الكثرة والنماء، ولا شكّ أن صفوة الخلق عليه الصلاة والسلام معدن الخير وموطن البركة، وبركته في ذاته وآثاره، فضلاً عن أفعاله وأقواله، وليس ذلك لأحدٍ سوى رسول الله - صلى الله عليه وسلم.
        وقد كانت هذه القضيّة مثار اهتمام الصحابة رضوان الله عليهم، فكانت أسعد لحظاتهم حين يظفرون بشيء من آثاره الشريفة رجاء البركة، ووقائع السيرة خير شاهد على ذلك، فقد روى البخاري عن المسور بن مخرمة رضي الله عنه قوله عن يوم الحديبية : "..فوالله ما تنخم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نخامةً إلا وقعت في كفّ رجل منهم فدلك بها وجهه وجلده، وإذا توضّأ كادوا يقتتلون على وضوئه".
        وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا صلى الغداة جاء خدم المدينة بآنيتهم فيها الماء، فما يُؤتى بإناء إلا غمس يده، فيها فربما جاءوه في الغداة الباردة فيغمس يده فيها". رواه مسلم
        وروى الشيخان عن جابر بن عبد الله قال: "دخل عليّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم- وأنا مريض لا أعقل، فتوضأ فصبّوا علي من وضوئه فعقلت".
        ومن التبرّك بشعره ما رواه البخاري عن عثمان بن عبد الله رضي الله عنه أنه قال: "أرسلني أهلي إلى أم سلمة رضي الله عنها بقدح من ماء، فأخرجت لي وعاءً فيه ثلاث شعرات للنبي - صلى الله عليه وسلم - فحرّكتْه في الماء، فشربت منه، وكان إذا اشتكى أحد وأصابته عين جاءها بإناء".
        وقد ذكر أنس رضي الله عنه أن الصحابة كانوا يتسابقون على شعره كما روى ذلك الإمام مسلم.
        ومن التبرّك بلباسه حديث سهل بن سعد رضي الله عنه قال: (اكتسى النبي - صلى الله عليه وسلم - ببردة، فرآها عليه رجل من الصحابة، فقال: يا رسول الله ما أحسن هذه فاكسنيها، فقال: نعم، فلما قام النبي - صلى الله عليه وسلم - لامه أصحابه وقالوا: ما أحسنت حين رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - أخذها محتاجا إليها ثم سألته إياها، وقد عرفت أنه لا يسأل شيئا فيمنعه، فقال لهم: رجوت بركتها حين لبسها النبي - صلى الله عليه وسلم - ؛ لعلي أكفن فيها).
        شق صدره وإزالة حظ الشيطان منه
        تعدّ هذه الحادثة إرهاصاً للنبوّة، وإعداداً للرسالة، وعصمة لفؤاده، وتطهيراً لجنانه، من عوالق الدنيا ومفاتنها، ولا نعلم أحداً شارك النبي - صلى الله عليه وسلم -في ذلك.
        فعن أنس بن مالك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أتاه جبريل عليه السلام وهو يلعب مع الغلمان، فأخذه فصرعه على الأرض فشقّ عن قلبه، فاستخرج منه علقة فقال: هذا حظ الشيطان منك، ثم غسله في طست من ذهب بماء زمزم، ثم أعاد القلب في مكانه، يقول أنس: وقد كنت أرى أثر ذلك المخيط في صدره.
        قوته الجسدية:
        ولقد كان - صلى الله عليه وسلم - قوي الجسد، فلقد صارعه ركانة المطلبي ثلاث مرات فصرعه النبي - صلى الله عليه وسلم - في كل مرة، وكان ركانة مصارعا معروفا بالقوة والجلادة لا يضاهيه أحد.
        فقد ورد أنه أوتي قوة عشرة رجال وكسر بضربة واحدة صخرة ضخمة في الخندق عجز عنها الصحابة الكرام.. وذكر السيوطي في رسالته (المسارعة إلى المصارعة) ما أخرجه البيهقي في (الدلائل) ما ذكره ركانة بن عبد يزيد ـ وكان أشد الناس، قال: كنت أنا والنبي صلى الله عليه وسلم في غنيمة لأبي طالب نرعاها في أول ما رأى إذ قال لي ذات يوم، «هل لك أن تصارعني؟»، قلت له أنت؟، قال: «أنا»، فقلت على ماذا؟ قال: «على شاة من الغنم» فصارعته فصرعني، فأخذ مني شاة، ثم «هل لك في الثانية»، قلت: نعم، فصارعته فصرعني، وأخذ مني شاة، فجعلت أتلفت هل يراني إنسان، فقال: مالك، قلت لا يراني بعض الرعاة فيجترئون علي، وأنا في قوى من أشهدهم، قال: هل لك في الصراع الثالثة ولك شاة"، قلت: نعم، فصارعته فصرعني، فأخذ شاة، فقعدت كئيباً حزيناً، فقال: "مالك" ؟ قلت: إني راجع إلى عبد يزيد وقد أعطيت ثلاثاً من نعاجه، والثاني أني كنت أظن أني أشد قريش، فقال: "هل لك في الرابعة"، فقلت لا بعد ثلاث، فقال أما قولك في الغنم فإني أردها عليك"، فردها علي، فلم يلبث أن ظهر أمره، فأتيته فأسلمت، فكان مما هداني الله أني علمت أنه لم يصرعني يومئذ بقوته، ولم يصرعني يومئذ إلا بقوة غيره".
        بل استهان أبو الأسود الجمحي بقوته، وهو أحد المصارعين المقاتلين الأشداء، وطالب مصارعة الرسول صلى الله عليه وسلم ليؤمن بنبوته، وقد بلغ من شدته أنه كان يقف على جلد البقرة ويجاذب أطرافه عشرة لينزعوه من تحت قدميه فيتفرى الجلد ولم يتزحزح عنه، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المصارعة، وقال له: إن صرعتني آمنت بك! فصرعه رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يؤمن.
        ومن مظاهر قوته - صلى الله عليه وسلم - أيضا أنه كان يسافر طويلا، ويقاتل الأبطال، ويتقدم الشجعان، ويخلف الفرسان، ويكبت الجلد القوي من أصحاب الطغيان، بينما هو في النصف الأخير في العقد السادس - بل كان قد جاوز الستين من عمره - ولم يسكن، أو يتوان، أو يتكاسل عن مثل هذه الأعمال الشاقة التي تتطلب المزيد من القوة، وهذا دليل على امتيازه - صلى الله عليه وسلم - بالقوة الجسدية.
        ثم إن قوة النبي صلى الله عليه وسلم وشجاعته، لم تكن في غير محلها، فهذه عائشة رضي الله عنها تقول: (ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده شيئا قط، ولا امرأة ولا خادما، إلا أن يجاهد في سبيل الله، وما نيل منه شيء قط فينتقم من صاحبه إلا أن ينتهك شيء من محارم الله فينتقم لله عز وجل) رواه مسلم.
        وأما عن شجاعته وإقدامه في الغزوات والحروب، فقد كان الصحابة رضي الله عنهم، إذا حمي الوطيس واشتد البأس يحتمون برسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول علي رضي الله عنه: "كنا إذا احمر البأس ولقي القوم القوم، اتقينا برسول الله صلى الله عليه وسلم، فما يكون منا أحد أدنى من القوم منه" رواه أحمد

        وفي يوم أحد، يوم أن خالف الرماة أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسيطر المشركون على زمام المعركة، لم يتزحزح النبي صلى الله عليه وسلم من موقفه، بل وقف موقف القائد القوي الشجاع، والصحابة من حوله يتساقطون، وحوصر صلى الله عليه وسلم من قبل المشركين، ولم يكن حوله إلا القلة من الصحابة يدافعون عنه، وبرز منهم سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، حينما دعاه رسول الله فناوله النبال وقال له: (ارم يا سعد، فداك أبي وأمي) رواه البخاري

        ولما أصاب الصحابة يوم حنين من الأذى والهزيمة ما أصابهم، فر بعضهم من أرض المعركة، أما رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يفر، فلقد كان على بغلته وأبو سفيان بن الحارث آخذ بلجامها والنبي صلى الله عليه وسلم يقول بصوت عالٍ: (أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب) رواه البخاري ومسلم
        قال جابر بن عبد الله: «إنا يوم الخندق مُحفِّر، فعرضت كدية شديدة، فجاءوا النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: «هذه كدية عرضت في الخندق»، ... فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم المعول، فضرب في الكدية فعاد كثيبًا أهيل (رملاً سائلاً) أو أهيم (الرمل الذي لا يتمالك).
        قوته الجنسية:
        وبعد أن رأينا تفرده وتفوُّق قوته على أقرانه من الرجال، فما الذى يدعو للشك فى تفرده أيضًا فى الطاقة والقدرة الجنسية؟ أليست قوته الجنسية مع عفافه ليدلان على حسن خلقه، بل ونبوته أكثر من الذين أمنت بهم يا رشيد فى كتابك الذى تقدسه، ولم يعفوا أنفسهم، واعتدوا على النساء أو كفروا من أجل فتنتهم بالنساء؟
        فعن قتادة عن أنس بن مالك قال: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يدور على نسائه في الساعة الواحدة من الليل والنهار، وهن تسع نسوة، قال: قلت لأنس: أو كان يطيقه؟ قال: كنا نتحدث أنه أعطي قوة ثلاثين». (أخرجه البخارى 265)
        روي عن قتادة أن أنس بن مالك حدثهم: «أن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - كان يطوف على نسائه في الليلة الواحدة وله يومئذ تسع نسوة». (البخارى 280)
        وكذلك طوافه - صلى الله عليه وسلم - على نسائه في الساعة الواحدة من الليل والنهار، يشترك فيها مع من سبقه من الأنبياء، كما دل على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: «كان لسليمان ستون امرأة فقال: لأطوفن عليهن الليلة، فتحمل كل واحدة منهن غلاما فارسا يقاتل في سبيل الله، فلم تحمل منهن إلا واحدة فولدت نصف إنسان"، فقال رسول الله: "لو كان استثنى لولدت كل واحدة منهن غلاما فارسا يقاتل في سبيل الله». (اخرجه البخارى 7031)
        فى الحقيقة أخذت كثيرًا من الوقت لأعرف ما العيب أن يكون الرجل قوى جنسيًا، أو أن قوته تعدل 30 أو 40 أو 500 رجل! هل يوجد رجل على وجه البسيطة لا يتمنى أن تكون له قدرة جنسية تفوق القدرة التى لديه بخمس مرات فقط؟ رجل أتاه الله هذه القوة ليميزه عن باقى الناس، وليعرف الناس أخلاق الرسول صلى الله عليه وسلم وعفته وعفافه على الرغم من كل هذه القوة الجنسية التى لديه، وليتق الله كل من أوتى شيئًا أزيد من المعتاد من الشهوة أو القوة الجنسية أو البدنية أو المالية، ولا يقولن إنما قدرتى كبيرة ولا تكفى زوجاتى، الأمر الذى يضطرنى أن أغضب الله مع أخريات. فلديه الرسول صلى الله عليه وسلم كنموذج يجب أن يحتذيه المؤمن فى هدم جزء كبير من هذه الطاقة والقدرة بالصوم والجوع.
        ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم كان أفصح العرب لغة، وأقواهم بدنيًا، ونفسيًا، وجنسيًا، وأصدقهم قولا، وأقواهم حجة، وأزكاهم رائحة، وأكثرهم تقوى وإرضاءً لله تعالى، وأكثر الأزواج تأديًا لواجباته، وأرحم الناس وأكثرهم حلمًا، وأزكاهم خُلقًا. أى كان مثالا يُحتذى من كل جانب! وشهد بذلك الكافر والمؤمن، العربى والأجنبى!!
        إلا أنه - صلى الله عليه وسلم - اختص في طوافه بخرق العادة له في كثرة الجماع، على الرغم من التقلل من المأكول والمشروب، وكثرة الصيام، والوصال، وقد أمر من لم يقدر على مؤن النكاح بالصوم، وأشار إلى أن كثرة الصوم تكسر شهوته، فانحرفت هذه العادة في حقه صلى الله عليه وسلم، فكانت دليلا من دلائل نبوته، وكانت هذه القوة عطية من عطايا الله له، وإعجاز يُظهر نبوته.
        ألا يدل هذا على عفته وتمكنه من التحكم فى شهوته؟ ألا يمهد هذا لك الأمر لتقبله كنبى؟ فهل يوجد إنسان على وجه الأرض كانت له هذه القوة وعف نفسه، إلا إذا تعهد الله تعالى بحفظه من كل سوء ليؤدى رسالته على أكمل وجه؟ فرجل نما بهذه القوة، وعف نفسه حتى تزوج فى سن الـ 25 من امرأة سنها 40 سنة، ويعف نفسه بامرأة واحدة حتى بلغ الـ 53 سنة، لهو جدير بالنبوة، ولهى علامة من علاماته!
        والدليل على التحكم فى قدرته هذه أنه عندما هجر زوجاته لمدة شهر، لم يتأذى من حجم هذه المقدرة الجنسية، ولم تكن عنده حاجة أن يتزوج بغير ما عنده من النساء. ولقد قالت أمنا السيدة عائشة أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان: (وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا أَبُوعَاصِمٍ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عَوْنٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ الْأَسْوَدِ قَالَ انْطَلَقْتُ أَنَا وَمَسْرُوقٌ إِلَى عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فَقُلْنَا لَهَا أَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُبَاشِرُ وَهُوصَائِمٌ [أى يُقبِّل فقط] قَالَتْ نَعَمْ وَلَكِنَّهُ كَانَ أَمْلَكَكُمْ لِإِرْبِهِ أَو مِنْ أَمْلَكِكُمْ لِإِرْبِهِ شَكَّ أَبُوعَاصِمٍ وَحَدَّثَنِيهِ يَعْقُوبُ الدَّوْرَقِيُّ حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ عَنْ ابْنِ عَوْنٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ الْأَسْوَدِ وَمَسْرُوقٍ أَنَّهُمَا دَخَلَا عَلَى أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ لِيَسْأَلَانِهَا فَذَكَرَ نَحْوَهُ) (رواه مسلم) فأنا لا أرى هذا إلا دليلا على نبوته وعفته!!
        وإذا قلنا عن نبى زوجه الله تعالى كل هذه السيدات، وجمع بين 9 زوجات فى آن واحد، ولا يعجبك أن الله أعطاه القوة للعدل الجنسى بين زوجاته، مع مقدرته على أن يعف نفسه، ويتحكم فى شهواته، ولا تتحكم هى فيه، مثل باقى البشر، فما قولك فى نبى الله داود فى الكتاب الذى تقدسه، فقد كان متزوجًا من 99 امرأة، غير المسبيات، ولم يتمكن من التحكم فى شهوته، فعندما رأى جارته تستحم عارية على سطح منزلها، راودها عن نفسها، وزنى بها وحملت، فتخلص من زوجها الجندى فى جيشه عن طريق انسحاب الجيش وتركه فى المقدمة فقتله الأعداء مع من قُتل من زملائه، وخلى له الجو مع هذه المرأة (بتشبع، امرأة أوريا)، وأنجب منها فيما بعد سليمان ابنه، وهوأيضًا من أجداد يسوع تبعًا لمتى، بينما أخوه ناثان هو جد يسوع تبعًا للوقا. (صموئيل الثانى صح 11)
        فكيف لعقلك يسلم لداود بالملك والنبوة مع زناه وعدم قدرته على عفاف نفسه (كما تؤمنون)، وتحجم عن الاعتراف بنبوة من كان أكثر منه قوة وعفة وخلقًا – صلى الله عليهما وسلم تسليمًا كثيرًا؟ أين العقل؟ أين المنطق؟ أن تجنيب المصلحة الشخصية والمنفعة المادية والمعنوية فى حكمك على هذا الأمر؟
        وتزوج سليمان من ألف امرأة: (3وَكَانَتْ لَهُ سَبْعُ مِئَةٍ مِنَ النِّسَاءِ السَّيِّدَاتِ، وَثَلاَثُ مِئَةٍ مِنَ السَّرَارِيِّ. فَأَمَالَتْ نِسَاؤُهُ قَلْبَهُ.) ملوك الأول 11: 3
        فكم كانت قدرته الجنسية حتى لا يتركهن فى حرمان ويظلم احداهن؟ هل كان ينام كل يوم مع امرأة منهن؟ فلو حدث ذلك لكان لقاؤه بالمرأة الأولى بعد ألف يوم أى سنتين وسبعة أشهر. لكن هب أنه جامعهن كلهن فى يوم واحد، ولو لمرة واحدة، ليثبت أن قوته هذه من عند الله، وأن هذا العمل لا يطيقه بشر فى الدنيا، ألا يثبت هذا ثقة الناس فى أنه مرسل من عند الله ويقبلون عليه للسماع منه، ويسلمون له؟
        ومع ذلك تعترفون به نبيًا، وتلتمسون له الأعذار، بل تدعون أنه آمن بعد كفره، وبناء المعابد الوثنية للتعبد لها: (4وَكَانَ فِي زَمَانِ شَيْخُوخَةِ سُلَيْمَانَ أَنَّ نِسَاءَهُ أَمَلْنَ قَلْبَهُ وَرَاءَ آلِهَةٍ أُخْرَى، وَلَمْ يَكُنْ قَلْبُهُ كَامِلاً مَعَ الرَّبِّ إِلَهِهِ كَقَلْبِ دَاوُدَ أَبِيهِ. 5فَذَهَبَ سُلَيْمَانُ وَرَاءَ عَشْتُورَثَ إِلَهَةِ الصَّيْدُونِيِّينَ وَمَلْكُومَ رِجْسِ الْعَمُّونِيِّينَ. 6وَعَمِلَ سُلَيْمَانُ الشَّرَّ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ، وَلَمْ يَتْبَعِ الرَّبَّ تَمَاماً كَدَاوُدَ أَبِيهِ. 7حِينَئِذٍ بَنَى سُلَيْمَانُ مُرْتَفَعَةً لِكَمُوشَ رِجْسِ الْمُوآبِيِّينَ عَلَى الْجَبَلِ الَّذِي تُجَاهَ أُورُشَلِيمَ، وَلِمُولَكَ رِجْسِ بَنِي عَمُّونَ. 8وَهَكَذَا فَعَلَ لِجَمِيعِ نِسَائِهِ الْغَرِيبَاتِ اللَّوَاتِي كُنَّ يُوقِدْنَ وَيَذْبَحْنَ لِآلِهَتِهِنَّ. 9فَغَضِبَ الرَّبُّ عَلَى سُلَيْمَانَ لأَنَّ قَلْبَهُ مَالَ عَنِ الرَّبِّ إِلَهِ إِسْرَائِيلَ الَّذِي تَرَاءَى لَهُ مَرَّتَيْنِ،) ملوك الأول 11: 4-9
        ومع أن الرب عندكم هو يسوع، وأنه هو الذى غضب على سليمان، ولا يوجد نص يتكلم عن توبته وعودته إلى الله، وهدمه لكل الأوثان التى أمر ببنائها، أى مات كافرًا، إلا أنك تجد يسوع يمتدح حكمته: (42مَلِكَةُ التَّيْمَنِ سَتَقُومُ فِي الدِّينِ مَعَ هَذَا الْجِيلِ وَتَدِينُهُ لأَنَّهَا أَتَتْ مِنْ أَقَاصِي الأَرْضِ لِتَسْمَعَ حِكْمَةَ سُلَيْمَانَ وَهُوَذَا أَعْظَمُ مِنْ سُلَيْمَانَ هَهُنَا!) متى 12: 42
        فأين العقل؟ وأين المنطق؟ إما أن يكون سليمان برىء ووثنيته هذه من أكاذيب اليهود عليه، فصدق يسوع، وكان وصفه لسليمان بالحكمة هو قمة الحكمة والعقل، وبالتالى عليكم بخلع ما تسمونه العهد القديم من غلاف الكتاب المقدس، وحفظه فى خزانة حديدية لا تُفتح مُطلقًا. وإما صدق اليهود وكذب يسوع، وبالتالى سقطت نبوة يسوع وألوهيته المزعومة، وعليكم فى هذه الحالة استبدال ما تسمونه العهد الجديد بالكتب بالعهد القديم، وعدم الإيمان بيسوع كنبى أوإله.
        وجاء في جامع الأصول 2/255: "فإن الأنبياء عليهم السلام زيدوا في النكاح بسبب نبوتهم، فإنه إذا امتلأ الصدر بالنور، وفاض في العروق، التذت النفس والعروق، فأثارت الشهوة وقواها، وريح الشهوة إذا قويت، فإنما تقوي من القلب والنفس فعندها القوة".
        هذا وقد وجه العلامة المناوي في فيض القدير ذلك فقال: "فإن قلت: هل للتمدح بكثرة الجماع للنبي صلى الله عليه وسلم من فائدة دينية، أوعقلية لا يشاركه فيها غير الأنبياء من البرية؟ -قلت: نعم- بل هي معجزة من معجزاته السنية، إذ قد تواتر تواتراً معنوياً، أنه كان قليل الأكل، وكان إذا تعشَّى لم يتغذّ وعكسه، وربما طوى أياماً، والعقل يقضي بأن كثرة الجماع إنما تنشأ عن كثرة الأكل، إذ الرحم يجذب قوة الرجل، ولا يجبر ذلك النقص إلا كثرة الغذاء، فكثرة الجماع لا تجامع قلة الغذاء عقلاً ولا طباً ولا عرفاً، إلا أن يقع على وجه خرق العادة، فكان من قبيل الجمع بين الضدين، وذلك من أعظم المعجزات فتدبر".
        وفى النهاية أحب أن أنوِّه على أن هذا القول ليس بحديث مرفوع عن النبى صلى الله عليه وسلم، ولا يدل الحديث على أن هذه كانت عادة الرسول صلى الله عليه وسلم يوميًا، إذ خصص لكل منهن يومًا. ولا يدل قول الصحابى أيضًا على أن هذه القوة الجنسية كانت تلازم الرسول صلى الله عليه وسلم من صغره.
        ولو كانت تلازمه من صغره، فمع حفظ الله تعالى له مما وقع فيه غيره من الشباب فى سنه، لكان هذا دليلا من دلائل إعداد الله تعالى له، وحفظه لتولى الرسالة والنبوة فيما بعد.
        ولو افترضنا أن الله تعالى أعطاه هذه القوة بعد الرابعة والخمسين عندما بدأ فى تعدد الزوجات، لكانت هذه القوة بمثابة إثبات نبوة، ودليل معجز من أدلة نبوته. وبالتالى لم تكن هذه عادته اليومية. وذلك لأن الجماع وكثرته مع الاستيقاظ وقيام الليل، وقلة الأكل أو الصيام ومواصلة الصيام باليومين والثلاثة، هو بمثابة الجمع بين الضدين، كالحر والبرد، والساخن والبارد. ناهيك عن مشاغل النبى كقاضى بين أمته، وحكم وقائد عسكرى، وداعية، ورئيس دولة يخاطب ملوك الدول الأخرى، التى لا توفر له الوقت للجماع مع تسع زوجات يوميًا. ولو تم ذلك لكن هذا إعجاز إضافى على حفظ الله تعالى لوقت النبى ومباركته له فيه.
        فقد عرف عنه صلى الله عليه وسلم:
        قلة الطعام والشراب، وكثرة الصوم،وهذه تدحض مزاعمهم أنه كثير أو قوي الشهوة ... وبالطبع تترابط الشهوات، فشهوة الطعام القوية تساعد على شهوة الجنس القوية. وكثرة الطعام تساعد على تقوية شهوة الجنس، والدليل أنه صلى الله عليه وسلم نصح الشباب الذين لايقدرون على الزواج بالصوم فإنه وجاء (دواء) للعزاب، كي يقلل شهوة الجنس عندهم. وهذا يعنى أنه جمع بين النقيضين.
        كما أنه عرف عنه كذلك قلة النوم، فقد كان ينام أول الليل ثم يقوم لصلاة القيام أو التهجد أو الاثنين حتى تورمت قدماه، وقلة النوم تُذهب بالشهوة، وممارسة الجنس يتبعها نوم عميق. وهذا يعنى أنه جمع بين النقيضين.
        هذا ويقول علماء النفس إن الدوافع الفطرية ترتب حسب قوتها كما يلي (دافع الأمومة، العطش، الجوع، الجنس ...) والتجارب الحديثة أثبتت صحة هذا الترتيب. فإذا تمكن من كبح جماح الدافع الفطرى الأقوى، وهو العطش ثم الجوع، فإن ما بعده يضعف بطريقة تلقائية. وعدم ضعفها عند الرسول صلى الله عليه وسلم يدل على أن هذه القوة أعطيت له من الله تعالى ليظهر نبوته وتميزه عن أقرانه من الرجال فى كل شىء.
        ونجمل القول حول هذه الشبهة المتداعية في التالى:
        1- هذه الشبهة - افتراضا أنها منبعثة عن صدق رأي وليس عن سوء نية - منبثقة عن الفكر المسيحي الرهباني الممزوج بالفكر المتفلسف الوثني الإشراقي القديم والمتصور حياة الإنسان الفاضل هو الإنسان المتشبه بالإله وبالتالي البعيد عن الشهوة الجنسية انقطاعا للتعبد والتبتل وطلبا للتزكي والتسامي, ومن ثم أسقط المسيحيون هذه الصورة المنبثقة عن فكرهم المختلط بالفلسفات القديمة وحياة الرهبان في تاريخهم على النبي صلى الله عليه وسلم ..
        وكذلك ضل بعض الإخوة والأخوات الذين صرعهم الفكر الصوفى الذى يرى: الإرتقاء والتسامي الروحي يعني بالضرورة البعد ما أمكن عن الحياة الجنسية وقد كان من تعاليم الصوفية: لا للزواج, ومن تزوج فقد تبطل ولن يصل إلى مراده في الطريق .. هذه الصورة في الفكر الرهباني والفكر الصوفي ناتجة عن وهم الخيال وليس عن منطق الفطرة وحقائق العقل أو الدين, كما سيتضح لاحقا.
        2- الإنسان خلق عجيب, فيه طاقات سامية جدا وطاقات منحطة جدا من حيث النظر الفاصل بينهما, وهو بتينك الطاقتين فقط يمكنه أن يحقق معنى إنسانيته في بُعدها الكلي الفاضل, على أن الحقيقة أن هاتين الطاقتين المشكلتين لحقيقة الوجود الإنساني تختلف من شخص لآخر من حيث الظهور والبروز .. فهناك حالاتان لهما:
        * التعادل, أي تكون كلتا الطاقتين متعادلة مع الأخرى في نفس صاحبها وهذا هو الإنسان الكامل .. أي لديه قدرة عظيمة على الرنو إلى جهة السماء بعقله وروحه وتأملاته في نفس الوقت الذي يستطيع التفاعل مع الأرض ودوافع الجسد فلا يصده هذا عن ذاك ولا ذاك عن ذالك.
        * التجاذب, أي وقوع التدافع بينهما مهما غلبت احداهما كان الحكم لها وهكذا يتراوح هذا الشخص بينهما .. ولما كان الإسلام إنما غايته هي تصوير معاني الإنسانية كأقصى ما يمكن في الإنسان, ما زال يحض اتباعه على الدنو من مستوى التعادل في طاقات الروح وطاقات الجسد حتى يستطيع ممارسة مهمته في الحياة كأحسن ما يكون .. ولهذا كان الأنبياء والصالحون أعظم الناس اشراقا في النفس وصفاء في العقل واحسانا للتعامل مع دوافع الجسد ورغائبه؛ بسبب تعادل القوتين فيهم.
        3- ممارسة الجنس ليست عيبا ولا نقيصة في حد ذاتها, ومن ثم ليس يضير لا نبي الإسلام صلى الله عليه وسلم ولا غيره من الأناسي أن يمارس الجنس بكثرة .. إنما الضير كل الضير هو الانشغال به عن معاني النفس الأخرى ومتطلبات الإجتماع أي عن حقائق مهمة هذا الإنسان في الحياة.. فالجنس غريزة من الغرائز المكونة للشخصية الإنسانية مثل الاكل والشرب والنوم, فكما أنا لا يمكننا رمي الشخص الذي يأكل ويشرب بحسب ما تقتضيه طاقته الجسمية وطبيعة حركته في الحياة بالعيب والنقيصة, فكذلك ليس يمكننا رمي الممارس لغريزة الجنس بحسب ما تقتضيه قدرته الجنسية قوة وضعفا.
        وعلى أساس هذا نقول: مارس النبي صلى الله عليه وسلم الجنس واستجاب لغريزته ودوافعه, ولكن: هل فرط - حاشاه صلى الله عليه وسلم - في شئ من معاني النفس وأشواق الروح ومتطلبات النبوة في نظام الإجتماع؟؟ إن قلنا: لا , فلم العيب اذن واتهامه صلى الله عليه وسلم – وهو ليس أهلا للتهمة - بالعرامة الجنسية بُغية التنقص من قدره وجلال منزلته؟؟ وإن قلنا: نعم , فأين الدليل على هذا التفريط؟؟
        4- عندما ننظر في فوائد الجنس كما يذكرها العلم المعاصر , تنتفي هذه التهمة المتهافتة, فاليوم يقولون للجنس فوائد منها:
        1- الجنس علاج للأرق ليلا فالجماع أحسن قرص منوم.
        2- الجنس يهدىء القلق ويخفف الإحباط.
        3- النشوة الجنسية أحسن علاج للاكتئاب النفسي وأفضل وسيلة للاستمتاع بالحياة.
        4- الجنس يخفف إضطرابات الحيض ويخفف آلام وعسر الطمث (طبعا يكون في وقت طهر الزوجة ولكن أثره يبقى).
        5- الجنس المنتظم يساعد على تألق البشرة ونضارتها.
        6- يمنع تساقط الشعر وتقصفه.
        7- الجماع المنتظم ينظم الدورة الشهرية ويفرز هرمون البرومسترون الذي يزيد من خصوبة الزوجة العاقر.
        8- يخفف الألم العضلي لأنه يؤدي للاسترخاء العضلي العميق.
        9- الأورجازم (قمة النشوة الجنسية) أحسن علاج لآلام الظهر والسبب أن ممارسة الجنس تتسبب في إفراز هرمون الأندرفين القاتل للألم أفضل من الأسبرين.
        10- ممارسة الجنس أحسن من ممارسة الرياضة أو الرجيم فهي تساعد على تنشيط الدورة الدموية وتقوية العضلات.
        11- النشاط الجنسي يعزز وظائف جهاز المناعة مما يساعد على سرعة الشفاء من الأنفلونزة والنزلة البردية.
        12- يخفف معظم العلل السيكوسوماتية من الحموضة وعسر الهضم والتوتر والوساوس.
        13- يقوي الجهاز العضلي فهو يقي من هشاشة العظام في النساء بعد سن اليأس لأنه يساعد على إفراز هرمون الأستروجين.
        14- يؤخر الشيخوخة الشكلية لدى النساء بعد سن الأربعين.
        15- يساعد الجسم على إفراز هرمونات ومواد كيماوية مما يعزز خلايا T-cell المقاومة لسرطان الثدي والرحم.
        16- يخفف الأمراض الناتجة من التوتر كآلام الصداع والشقيقة وعسر الهضم وقرحة المعدة وآلام العنق ومشاكل الخصوبة وأمراض القلب لأنه يساعد على الاسترخاء العضلي والعصبي.
        17- الجنس يقوي التفكير الإبداعي، فممارسة الجنس تحسر الهوة بين المخ الأيمن والأيسر مما يقوي ملكة التفكير الإبداعي.
        أسباب وفوائد تعداد النبى للزوجات:
        وزواجه صلى الله عليه وسلم من السيدة عائشة رضي الله عنها في التاسعة، له من الغايات التربوية والدعوية الكثيرة منها:
        أولا: زوجها الله تعالى للرسول صلى الله عليه وسلم: فقد ورد في البخاري ومسلم ما روته عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (أريتــُك في المنام ثلاث ليال، جاءني بك المَلك في سَرَقة من حرير فيقول هذه امرأتك، فأكشف عن وجهك ، فإذا أنت هي).
        ثانيًا: أشد ماتكون الذاكرة قوة في هذه السن، وكلنا يعرف ذلك عندما يتصفح ماضيه، ليجد أنه يتذكر حياته في السابعة وحتى العشرين بشكل قوي جداً .... وأراد الرسول صلى الله عليه وسلم أن تلازمه السيدة عائشة في هذه السن لتنقل عنه ماتراه وتسمعه ، ونعلم أن السيدة عائشة عاشت مع الرسول صلىالله عليه وسلم ، تسع سنين تقريباً ، وأنها روت (2210) حديثاً ولم يسبقها إلا أبو هريرة رضي الله عنهما.
        ثالثًا: حرمت السيدة عائشة الذرية لحكمة ربانية وهي أن تتفرغ للمهمة التي أرادها الله لها، إذن فرغها الله عز وجل لهذه المهمة العظيمة مهمة حفظ الرسالة ونقلها للمسلمين بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم.
        رابعًا: عاشت رضي الله عنها (47) عاماً بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، لأنها توفت عام (57) عاشت تعلم المسلمين دينهم، ويسألها كبار الصحابة كلما أشكل عليهم أمر. ومن فضلها أقوال الصحابة والتابعين وأعلام الأمة عنها:
        خامسًا: سئل شيخ الإسلام ابن تيمية عن خديجة وعائشة: أميّ المؤمنين رضيالله عنهما أيهما أفضل؟ قال سبقُ خديجة، وتأثيرها في أول الإسلام، ونصرها، وقيامها في الدين لم تشاركها فيه عائشة، ولا غيرها من أمهات المؤمنين. وتأثير عائشة في آخر الإسلام، وحمل الدين، وتبليغه إلى الأمة، وإدراكها من العلم ما لم تشاركها فيه خديجة ، ولا غيرها مما تميزت به عن غيرها ) مجموع الفتاوى (4/393).
        سادسًا: قال الإمام الذهبي عن السيدة عائشة في سير أعلام النبلاء: (أفقه نساء الأمة على الإطلاق ، ....روت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم علماً كثيراً طيباً مباركاً فيه).
        سابعًا: قال أبو موسى الأشعري رضي الله عنه قال: (ما أشكل علينا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثاً قط فسألنا عنه عائشة إلا وجدنا عندها منه علماً) رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح
        ثامنًا: عن مسلم بن صبيح قال: سألت مسروقاً: كانت عائشة تحسن الفرائض؟ قال: (والذي لا إله غيره لقد رأيت الأكابر من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم يسألونها عن الفرائض) رواه الدارمي وصحح محققه إسناده.
        تاسعًا: قال عروة بن الزبير: (ما رأيت أحداً أعلم بالقرآن،ولا بفريضة، ولا بالحلال ولا بالحرام، ولا بفقه، ولا بطب ولا بشعر ولا بحديث العرب ولا بنسب من عائشة) .
        عاشرًا: وقد ثبت رجوع أكابر الصحابة مثل عمر وعثمان وعلي وابن عمر وابن مسعود وابن عباس وغيرهم في الكثير من المسائل التي كانت تشكل عليهم إلى أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها فكانت تفصل بينهم بالحكم الشرعي كما ورد في حديث أبى موسى الأشعري أعلاه.
        فما رأيك فى هذا التخطيط الربانى العبقرى؟
        وأما قولك: إن كثر ة زوجاته يدل على النهم الجنسي عند النبي فنقول: هذا افتراء وكذب والواقع يكذبه للأسباب الآتية:
        1- من المعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم نشأ في بلاد حارة وهي بلاد العرب، والشباب والفتيان في هذه البلاد يبلغون الحلم مبكراً، وتكون عواطفهم فوارة وشهواتهم جامحة، فيبادرون إلى الزواج المبكر أو ينحرفون وراء شهواتهم المحرمة ينالون منها.
        ومع نشأة النبي - صلى الله عليه وسلم- في مثل هذه البلاد فقد مكث حتى الخامسة والعشرين من عمره دون زواج ولم يعرف عنه أي انحراف، بل كان يلقب بالصادق الأمين.
        يقول المستشرق (موير): فإن جميع المراجع متفقة على أن النبي صلى الله عليه وسلم في شبابه كان مطبوعاً بالهدوء والدعة والابتعاد عن المعاصي التي كانت قريش تغترف منها.
        2- الملاحظ أن أكثر زوجاته النبي صلى الله عليه وسلم كنّ ثيِّبات: إما مطلقات، أوترمّلن من أزواجهن قبله صلى الله عليه وسلم . فلو كان النبي صلَّى الله عليه وسلم يهتم بأمور الجنس، لكان باستطاعته أن يتزوج خيرة النواهد الأبكار، ولسارع أولياؤهن بتزويجه ابتغاء الشرف بمصاهرته، وهو الذي حثّ على التزوج بالأبكار.
        3- أن النبي صلَّى الله عليه وسلم بقي خمسا وعشرين سنة مع زوجته خديجة ، الزوجة الوفية، التي كانت تكبره سناً بخمس عشرة سنة، ولم يتزوج عليها في حياتها أحداً، مع أن تعدد الزوجات كان مألوفاً لدى الناس آنئذٍ.
        4- رفض النبي صلَّى الله عليه وسلم عرض قريش عليه التزويج بأي النساء شاء، في مقابل أن يداهن في مواقفه، ويخفف من حدة مواجهته لآلهتهم وعقائدهم فلو كان رجلا جنسيا لرضي بهذا العرض.
        5- إن جميع زوجاته باستثناء خديجة، إنما تزوج بهن بعد هجرته للمدينة، أي فى سنّ الثالثة والخمسين، والبعض تزوجهن قبل وفاته بمدة قصيرة، أفيعقل أن يكون النبي – كما يزعم هؤلاء المفترون – رجلا جنسيا ويقضي أكثر عمره بين عزوبة ثم زواج من امرأة طاعنة في السن يظل معها خمسة وعشرين سنة وصدق الله: (فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ) {الحـج46}
        إن هذا التعدد لم يشغل النبي صلَّى الله عليه وسلم عن واجباته والتزاماته، ولا طغى على وقته ونشاطه، وحياته صلَى الله عليه وسلم ودعوته وجهاده وتضحياته وغزواته أكبر دليل وشاهد على ذلك.
        أما أمر التعدد فله حكم كثيرة عمي عنها هؤلاء منها:
        أولا: تخريج بعض معلمات للنساء يعلمونهن الأحكام الشرعية، فالنساء نصف المجتمع، وقد فرض عليهن من التكاليف ما فرض على الرجال. وقد كان الكثيرات منهن يستحيين من سؤال النبي صلى الله عليه وسلم عن بعض الأمور الشرعية خاصة تلك المتعلقة بهن كأحكام الحيض والنفاس والجنابة والأمور الزوجية وغيرها من الأحكام، ولا تقوى امرأة واحدة ولا امرأتان على تعليم نساء المجتمع كله فلا بد من التعدد. وقد ضربنا المثل بالسيدة عائشة.
        ثانيا: أن النبي إنما فعل التعدد لمصالح شرعية أوإنسانية، فتارة كان يتزوج ليتألف قبائل العرب حتى يدخلوا الإسلام وزواجه بـ "جويرية " خير مثال لذلك، حيث قد نشأ عنه أن أطْلِقَ المسلمون الأسرى من قبيلتها إكراما لرسول الله ، فأسلم من قومها خلق كثير.
        ومما يؤكد هذا أن زوجات النبي صلَّى الله عليه وسلم كنّ من قبائل شتى، لا تكاد تجد منهم اثنتين من قبيلة واحدة.
        وتارة كان يفعل ذلك لأسباب إنسانية مثل زواجه بالسيدة حفصة التي ترملت باستشهاد زوجها، وكذلك أم سلمة, وكذلك زواجه بزينب بنت خزيمة بعد قتل زوجها عبد الله بن جحش بأُحُد, وكذا زواجه بأم حبيبة بنت أبي سفيان التي كان أبوها في ذلك الوقت أعدى أعداء الإسلام, وهاجرت هي إلى الحبشة فابتليت بمصيبة عظيمة وهي تنصر زوجها عبيد الله بن جحش, فكان زواجه صلى الله عليه وسلم منها تسلية لها في هذه المحن.
        وتارة كان يتزوج لغرض تشريعي مثل زواجه بالسيدة زينب بنت جحش، حيث إنه صلَّى الله عليه وسلم كان قد تبنى زوجها زيد بن حارثة، وكان العرب يعتقدون أن آثار التبني هي نفس آثار البنوّة الحقيقية، فكان زواج النبي من زوجة ابنه بالتبني بعد أن طلقها زيد هو الوسيلة الحاسمة لنزع هذا المفهوم الخاطئ من أذهانهم.
        وبالتالى فقد رددت على نقطة المصالح الشخصية التى أردت أن ترمى الرسول بها، وتُظهره بمظهر مخترع دينه هذا، والدافع لديه هو اهتمامه بمصالحه الشخصية سواء من مال أو مُلك أو نساء، وبينت لك كذب هذا الفهم، وتهافت ذلك الادعاء. وأثبت لك نبوة الرسول صلى الله عليه وسلم من خلال ادعائك الذى أسأت فهمه.

        تعليق

        • abubakr_3
          مُشرِف

          • 15 يون, 2006
          • 849
          • موظف
          • مسلم

          #19
          رد: مناظرة مع السيد رشيد حول نبوة محمد صلى الله عليه وسلم

          ومضات تنير لك الطريق إلى الحق:
          وفى النهاية أتوجه إليك ببعض الأسئلة، التى قد تنير لك فهم الحقيقة وإيجازها:
          قال الله تعالى (وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ هُوَ الْحَقَّ وَيَهْدِي إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ) سبأ: 6
          1- قالت السيدة عائشة عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه كان قرآنًا يمشى على الأرض، أى إن جميع كلامه وتصرفاته جاءت مطابقة لما أنزل إليه. ويستحيل على كاذب أن يستقر له الأمر ويستمر دون تضارب فى الأقوال أو الأفعال.
          2- واتفق الناس أجمعين على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أتقى الناس وأ***هم لله تعالى، وأكثرهم خُلُقًا. فهل تتفق التقوى وخشية الله وحسن الخلق مع الكذب عليه ونفاق المؤمنين؟
          هل يكذب من يخشى الله على الله نفسه؟ هل يكذب من يعلم أن الله تعالى لا يفلح الكاذب، حيث وصف الله تعالى الكاذب أيضًا بالظالم والمجرم والمتكبر والكافر والكاذب، وعرف أن هذا إثم مبين، وأن مقترفه مثواه جهنم وهو الخاسر؟
          قال الله تعالى: (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ) الأنعام : 21
          وقال تعالى: (فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الْمُجْرِمُونَ) يونس: 17
          وقال تعالى: (وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُم مُّسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِّلْمُتَكَبِّرِينَ) الزمر: 60
          وقال تعالى: (انظُرْ كَيفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللّهِ الكَذِبَ وَكَفَى بِهِ إِثْماً مُّبِيناً) النساء: 50
          وقال تعالى: (إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللّهِ وَأُوْلـئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ) النحل: 105
          وقال تعالى: (فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ أُوْلَـئِكَ يَنَالُهُمْ نَصِيبُهُم مِّنَ الْكِتَابِ حَتَّى إِذَا جَاءتْهُمْ رُسُلُنَا يَتَوَفَّوْنَهُمْ قَالُواْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ قَالُواْ ضَلُّواْ عَنَّا وَشَهِدُواْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُواْ كَافِرِينَ) الأعراف: 37
          وقال تعالى: (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِّلْكَافِرِينَ) العنكبوت: 68
          وقال تعالى: (فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن كَذَبَ عَلَى اللَّهِ وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جَاءهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِّلْكَافِرِينَ) الزمر: 32
          وقال تعالى: (وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاء اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ * حَتَّى إِذَا مَا جَاؤُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدتُّمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ * وَمَا كُنتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ وَلَكِن ظَنَنتُمْ أَنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيراً مِّمَّا تَعْمَلُونَ * وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنتُم بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُم مِّنْ الْخَاسِرِينَ * فَإِن يَصْبِرُوا فَالنَّارُ مَثْوًى لَّهُمْ وَإِن يَسْتَعْتِبُوا فَمَا هُم مِّنَ الْمُعْتَبِينَ * وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَاء فَزَيَّنُوا لَهُم مَّا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِم مِّنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ إِنَّهُمْ كَانُوا خَاسِرِينَ) فصلت: 19-25
          وقال تعالى: (فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِباً لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) الأنعام: 144
          وقال تعالى: (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِباً أُوْلَـئِكَ يُعْرَضُونَ عَلَى رَبِّهِمْ وَيَقُولُ الأَشْهَادُ هَـؤُلاء الَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى رَبِّهِمْ أَلاَ لَعْنَةُ اللّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ) هود: 18
          وقال تعالى: (قَالَ لَهُم مُّوسَى وَيْلَكُمْ لَا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِباً فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذَابٍ وَقَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَى) طه: 61
          وقال النبى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بنفسه، عن أبى هريرة: (... وَمَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّار ...)
          فهل من كان خلقه القرآن، وشهد القريب والبعيد له بحسن الخلق، يكذب على الله، ويرمى بنفسه إلى التهلكة؟ وهل أمسك الباحثون والمنقبون فى سيرته كذبة؟
          يقول أستاذ اللغات الشرقية ورئيس مجمع البحوث والآداب في باريس المستشرق الفرنسي كليمان هوار(1854 -1927) في الجزء الأول من كتابه: (تاريخ العرب): ”اتفقت الأخبار على أن محمداً كان في الدرجة العليا من شرف النفس، وكان يلقب بالأمين، أي بالرجل الثقة المعتمد عليه إلى أقصى درجة، إذ كان المثل الأعلى في الاستقامة“.
          ويقول المستشرق الفيلسوف الفرنسى إدوار مونته (1817-1894 قال في آخر كتابه (العرب): ”عرف محمد بخلوص النية والملاطفة وإنصافه في الحكم، ونزاهة التعبير عن الفكر والتحقق، وبالجملة كان محمد أزكى وأدين وأرحم عرب عصره، وأشدهم حفاظاً على الزمام فقد وجههم إلى حياة لم يحلموا بها من قبل، وأسس لهم دولة زمنية ودينية لا تزال إلى اليوم“.
          وقال السير موير الإنجليزى (في كتابه (تاريخ محمد)): ”إن محمداً نبي المسلمين لقب بالأمين منذ الصغر بإجماع أهل بلده لشرف أخلاقه وحسن سلوكه، ومهما يكن هناك من أمر فإن محمداً أسمى من أن ينتهي إليه الواصف، ولا يعرفه من جهله، وخبير به من أمعن النظر في تاريخه المجيد، ذلك التاريخ الذي ترك محمداً في طليعة الرسل ومفكري العالم“.
          3- أطلق العرب على النبى صلى الله عليه وسلم لفظة (الأمين)، وظلت هذه صفته حتى بعد أن جاءته الرسالة، فلمدة 13 عامًا -أثناء الفترة المكية نفسها- كان المشركون العرب لازالوا يعتبرونه الصادق الأمين، ويحتفظون عنده بودائعهم وكنوزهم، ومع ذلك يكذبونه فى أمر الوحى والنبوة، على الرغم من أنهم لم يمسكوا عليه كذبة، حتى جاء وقت الهجرة، فترك عليًا بن أبى طالب ينام فى فراشه، حتى يرد ودائع الناس، وتمويهًا حتى يتمكن هو وصاحبه من الابتعاد عن مكة دون اقتتال. فهل كان الصادق الأمين يُخادع كل الناس وفيهم الأذكياء والعباقرة والمحللون والمتربصون فكان يكذب دون أن يلاحظوا هذا؟ وهل كان يكذب على الرب ويخدعه دون أن يلاحظ الرب هذا فينتقم منه، أم تآمر معه وتركه يخدع الناس ويكذب عليه وعليهم؟ أم دخل معه فى معركة وانتصر، وأجبره على تولى النبوة كما تحكون عن يعقوب؟
          (22ثُمَّ قَامَ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ وَأَخَذَ امْرَأَتَيْهِ وَجَارِيَتَيْهِ وَأَوْلاَدَهُ الأَحَدَ عَشَرَ وَعَبَرَ مَخَاضَةَ يَبُّوقَ. 23أَخَذَهُمْ وَأَجَازَهُمُ الْوَادِيَ وَأَجَازَ مَا كَانَ لَهُ. 24فَبَقِيَ يَعْقُوبُ وَحْدَهُ. وَصَارَعَهُ إِنْسَانٌ حَتَّى طُلُوعِ الْفَجْرِ. 25وَلَمَّا رَأَى أَنَّهُ لاَ يَقْدِرُ عَلَيْهِ ضَرَبَ حُقَّ فَخْذِهِ فَانْخَلَعَ حُقُّ فَخْذِ يَعْقُوبَ فِي مُصَارَعَتِهِ مَعَهُ. 26وَقَالَ: «أَطْلِقْنِي لأَنَّهُ قَدْ طَلَعَ الْفَجْرُ». فَقَالَ: «لاَ أُطْلِقُكَ إِنْ لَمْ تُبَارِكْنِي». 27فَسَأَلَهُ: «مَا اسْمُكَ؟» فَقَالَ: «يَعْقُوبُ». 28فَقَالَ: «لاَ يُدْعَى اسْمُكَ فِي مَا بَعْدُ يَعْقُوبَ بَلْ إِسْرَائِيلَ لأَنَّكَ جَاهَدْتَ مَعَ اللهِ وَالنَّاسِ وَقَدِرْتَ». 29وَسَأَلَهُ يَعْقُوبُ: «أَخْبِرْنِي بِاسْمِكَ». فَقَالَ: «لِمَاذَا تَسْأَلُ عَنِ اسْمِي؟» وَبَارَكَهُ هُنَاكَ. 30فَدَعَا يَعْقُوبُ اسْمَ الْمَكَانِ «فَنِيئِيلَ» قَائِلاً: «لأَنِّي نَظَرْتُ اللهَ وَجْهاً لِوَجْهٍ وَنُجِّيَتْ نَفْسِي».) تكوين 32: 22-30
          ألم يقل الرب لديكم إن من يدعى النبوة ويكذب علىّ سيكون مصيره القتل؟ (20وَأَمَّا النَّبِيُّ الذِي يُطْغِي فَيَتَكَلمُ بِاسْمِي كَلاماً لمْ أُوصِهِ أَنْ يَتَكَلمَ بِهِ أَوِ الذِي يَتَكَلمُ بِاسْمِ آلِهَةٍ أُخْرَى فَيَمُوتُ ذَلِكَ النَّبِيُّ.) التثنية 18: 20، وجاءت بصيغة (يُقتل) فى الترجمة الكاثوليكية، وفى الترجمة العربية المشتركة، وفى التوراة السامرية.
          وعلى ذلك فإن الطعن فى نبوة محمد صلى الله عليه وسلم هو طعن فى يسوع والكتاب الذى تقدسه، وإن تصديق الرسول محمد صلى الله عليه وسلم ونبوته لهو تصديق لكل أنبياء الله، وتنزيههم عن النقص، وتوحيد خالص لله تعالى، وتنزيهه عما ألحقوه به من كذب ونوم وتعب وتعاون مع الشيطان، وسوء انتقائه لأنبيائه و... و...
          4- اتفق العالم أجمع من مؤمنين وكافرين ودارسين أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يتمتع بذكاء خارق، وعبقرية فذة فى تنفيذ مهامه الدعوية. وهذا الذكاء الخارق يمنعه من الكذب، لأن الله يُمهل ولا يهمل، ولأن الكذاب غبى وليس ذكيًا، وسوف يُكتشف كذبه يومًا من الأيام. إلا إن كنتم تؤمنون أن الله يوفق الكاذب ويعينه ويحفظه حتى يتم دعوته!!
          يقول المفكر الفرنسي لامارتين من كتاب "تاريخ تركيا"، باريس، 1854، الجزء الثاني، صفحة 276-277): "إذا كانت الضوابط التي نقيس بها عبقرية الإنسان هي سمو الغاية والنتائج المذهلة لذلك رغم قلة الوسيلة، فمن ذا الذي يجرؤ أن يقارن أيا من عظماء التاريخ الحديث بالنبي محمد (صلى الله عليه وسلم) في عبقريته؟ فهؤلاء المشاهير قد صنعوا الأسلحة وسنوا القوانين وأقاموا الإمبراطوريات. فلم يجنوا إلا أمجادا بالية لم تلبث أن تحطمت بين ظهرانَيْهم.
          لكن هذا الرجل (محمدا (صلى الله عليه وسلم)) لم يقد الجيوش ويسن التشريعات ويقم الإمبراطوريات ويحكم الشعوب ويروض الحكام فقط، وإنما قاد الملايين من الناس فيما كان يعد ثلث العالم حينئذ. ليس هذا فقط، بل إنه قضى على الأنصاب والأزلام والأديان والأفكار والمعتقدات الباطلة.
          لقد صبر النبي وتجلد حتى نال النصر (من الله). كان طموح النبي (صلى الله عليه وسلم) موجها بالكلية إلى هدف واحد، فلم يطمح إلى تكوين إمبراطورية أو ما إلى ذلك. حتى صلاة النبي الدائمة ومناجاته لربه ووفاته (صلى الله عليه وسلم) وانتصاره حتى بعد موته، كل ذلك لا يدل على الغش والخداع بل يدل على اليقين الصادق الذي أعطى النبي الطاقة والقوة لإرساء عقيدة ذات شقين: الإيمان بوحدانية الله، والإيمان بمخالفته تعالى للحوادث.
          ... هذا هو محمد (صلى الله عليه وسلم) الفيلسوف، الخطيب، النبي، المشرع، المحارب، قاهر الأهواء، مؤسس المذاهب الفكرية التي تدعو إلى عبادة حقة، بلا أنصاب ولا أزلام. هو المؤسس لعشرين إمبراطورية في الأرض، وإمبراطورية روحانية واحدة. هذا هو محمد (صلى الله عليه وسلم).
          بالنظر لكل مقاييس العظمة البشرية، أود أن أتساءل: هل هناك من هو أعظم من النبي محمد (صلى الله عليه وسلم)؟
          وعن رفيع أخلاقه وسامي خصاله وعصمته من الانزلاق في مهاوي الرذيلة يتحدث المستشرق جرسان دتاسي، قائلاً: ”إن محمداً ولد في حضن الوثنية، ولكنه منذ نعومة أظفاره أظهر بعبقرية فذة، انزعاجاً عظيماً من الرذيلة وحباً حاداً للفضيلة، وإخلاصاً ونية حسنة غير عاديين إلى درجة أن أطلق عليه مواطنوه في ذلك العهد اسم الأمين“.
          ويقول المستشرق مونتجومرى وات (فى كتابه "محمد في مكة"، 1953، ص52) ”إن استعداد هذا الرجل لتحمل الاضطهاد من أجل معتقداته، والطبيعة الأخلاقية السامية لمن آمنوا به واتبعوه واعتبروه سيدا وقائدا لهم، إلى جانب عظمة إنجازاته المطلقة، كل ذلك يدل على العدالة والنزاهة المتأصلة في شخصه. فافتراض أن محمدا مدع افتراض يثير مشاكل أكثر ولا يحلها. بل إنه لا توجد شخصية من عظماء التاريخ الغربيين لم تنل التقدير اللائق بها مثل ما فعل بمحمد“.
          ويقول المستشرق الكندى الدكتور زويمر (1813-1900 في كتابه (الشرق وعاداته): ”إن محمداً كان ولا شك من أعظم القواد المسلمين الدينيين، ويصدق عليه القول أيضاً بأنه كان مصلحاً قديراً وبليغاً فصيحاً وجريئاً مغواراً، ومفكراً عظيماً، ولا يجوز أن ننسب إليه ما ينافي هذه الصفات، وهذا قرآنه الذي جاء به وتاريخه يشهدان بصحة هذا الادعاء“.
          ويقول المستشرق جوستاف لوبون Gustave Le Bonفى كتاب "حضارة العرب" ص115: ”إذا ما قيست قيمة الرجال بجليل أعمالهم كان محمد صلى الله عليه وسلم من أعظم من عرفهم التاريخ، وقد أخذ علماء الغرب ينصفون محمداً صلى الله عليه وسلم مع أن التعصّب أعمى بصائر مؤرخين كثيرين عن الإعتراف بفضله“.
          وقال الأديب العالمى ليف تولستوي («1828-1910» الذي يعد أدبه من أمتع ما كتب في التراث الإنساني قاطبة عن النفس البشرية): ”يكفي محمداً فخراً أنّه خلّص أمةً ذليلةً دمويةً من مخالب شياطين العادات الذميمة، وفتح على وجوههم طريقَ الرُّقي والتقدم، وأنّ شريعةَ محمدٍ، ستسودُ العالم لانسجامها مع العقل والحكمة“.
          وقال الدكتور شبرك النمساوي: ”إنّ البشرية لتفتخر بانتساب رجل كمحمد إليها، إذ إنّه رغم أُمّيته، استطاع قبل بضعة عشر قرنًا أنْ يأتي بتشريع، سنكونُ نحنُ الأوروبيين أسعد ما نكون، إذا توصلنا إلى قمّته“.
          فهل تفخر البشرية بكذَّاب منافق يا سيد رشيد؟
          ويقول مايكل هارت (في كتابه "مائة رجل من التاريخ"): ”إن اختياري محمدًا، ليكون الأول في أهم وأعظم رجال التاريخ، قد يدهش القراء، ولكنه الرجل الوحيد في التاريخ كله الذي نجح أعلى نجاح على المستويين: الدينى والدنيوى.
          فهناك رُسل وأنبياء وحكماء بدءوا رسالات عظيمة، ولكنهم ماتوا دون إتمامها، كالمسيح في المسيحية، أو شاركهم فيها غيرهم، أو سبقهم إليهم سواهم، كموسى في اليهودية، ولكن محمداً هو الوحيد الذي أتم رسالته الدينية، وتحددت أحكامها، وآمنت بها شعوب بأسرها في حياته. ولأنه أقام جانب الدين دولة جديدة، فإنه في هذا المجال الدنيوي أيضاً، وحّد القبائل في شعـب، والشعوب في أمة، ووضع لها كل أسس حياتها، ورسم أمور دنياها، ووضعها في موضع الانطلاق إلى العالم. أيضاً في حياته، فهو الذي بدأ الرسالة الدينية والدنيوية، وأتمها“.
          5- كيف لرجل عرف عنه الصدق، حتى أسموه منذ صغره الصادق الأمين، أن يكذب ويُخالف ما تعاهده الناس فيه، دون خبرة له فى الكذب وتذكر ما قاله من قبل. حيث لا بد للكذوب أن يكون ذكورًا، حتى لا يقع فى تناقض بسبب كذبه. وهذا لم يأخذه عليه أحد، فلا يوجد تناقض بين أوامره وتطبيقاته،أو ما أوحى إليه وما قاله هو كحديث.
          يقول الباحث الأرجنتيني دون بايرون(1839-1900) في مؤلفه: «أتح لنسفك فرصة»: ”اتفق المؤرخون على أن محمد بن عبد الله كان ممتازًا بين قومه بأخلاق حميدة، من صدق الحديث والأمانة والكرم وحسن الشمائل والتواضع حتى سماه أهل بلده الأمين، وكان من شدة ثقتهم به وبأمانته يودعون عنده ودائعهم وأماناتهم، وكان لا يشرب الأشربة المسكرة، ولا يحضر للأوثان عيدًا ولا احتفالاً، وكان يعيش مما يدره عليه عمله من خير“.
          6- رجل لم يكذب فى حياته قط، لا فى الجد ولا فى الهزل، ولم يعرف أقرباؤه له كذبة فى الجاهلية أو بعدها أيكذب على الله، ويدعى النبوة، ثم يتوعد الكاذب على الله بادعاء النبوة بالكفر والنار فى الآخرة؟ (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَىٰ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ قَالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَنْ قَالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ ۗ وَلَوْ تَرَىٰ إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ ۖ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنْتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ) الأنعام: 93 فهل يكذب الرسول وهو يعلم بطش الله تعالى بالكاذبين عليه؟
          ويقول المستشرق سيديو، في الجزء الأول من كتابه: (تاريخ العرب)، ص 85: ”ولقد بلغ محمد من العمر خمساً وعشرين سنة استحق بحسن مسيرته واستقامته مع الناس أن يلقب بالأمين ثم استمر على هذه الصفات الحميدة حتى نادى بالرسالة ودعا قومه إليها فعارضوه أشد معارضة، ولكن سرعان ما لبوا دعوته وناصروه، وما زال في قومه يعطف على الصغير ويحنو على الكبير، ويفيض عليهم من عمله وأخلاقه“.
          وعن هذه القضية يتحدث المؤرخ والمستشرق الإنكليزى السير موير في كتابه: (حياة محمد) ص 20: ”إن محمداً نبي المسلمين لقب بالأمين منذ الصغر بإجماع أهل بلده لشرف أخلاقه، وحسن سلوكه. ومهما يكن هناك من أمر فإن محمداً أسمى من أن ينتهي إليه الواصف، ولا يعرفه من جهله. وخبير به من أنعم النظر في تاريخه المجيد، وذلك التاريخ الذي ترك محمداً في طليعة الرسل ومفكري العالم“.
          7- ماذا استفاد هذا الرجل من ادعائه النبوة؟ لقد عاش فقيرًا ومات فقيرًا، وعرض عليه الملك فرفض، وعرضت عليه أجمل النساء وهو مازال فى الأربعينات، فرفض، وعرض عليه المال بدون حساب، فرفض. وقال إن الأنبياء لا يورثون، أى ما سيتبقى لديه فهو صدقة لفقراء المسلمين: فعن أبي هريرة رضى الله عنه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنا معشر الأنبياء لا نورث ، ما تركنا فهو صدقة).
          يقول المستشرق الايرلندي السير وليم موير(1808-1867) في كتابه (الإسلام) (ص103): ”إن محمداً لم يكن في وقت من الأوقات طامعاً في الغنى، إنما سعيه كان لغيره، ولو ترك الأمر لنفسه لآثر أن يعيش في هدوء وسلام قانعاً بحالته“.
          وقال: ”إن النبي محمداً في شبابه طبع بالهدوء والدعة والطهر والابتعاد عن المعاصي التي كانت قريش تعرف بها“.
          بينما نظر إليه المستشرق السويسري إدوار مونتيه (1810–1882) مدير جامعة جنيف ومدرس اللغات الشرقية – في مؤلفه: «المدنية الشرقية» نظرته إلى الأنبياء التوراتيين القدماء بقوله: ”كان محمد نبياً بالمعنى الذي كان يعرفه العبرانيون القدماء، ولقد كان يدافع عن عقيدة خالصة لا صلة لها بالوثنية، وأخذ يسعى لانتشال قومه من ديانة جافة لا اعتبار لها بالمرة، وليخرجهم من حالة الأخلاق المنحطة كل الانحطاط، ولا يمكن أن يشك لا في إخلاصه، ولا في الحمية الدينية التي كان قلبه مفعماً بها“.
          8- لماذا يدعى النبوة من أجل النساء، بينما العرب فى الجاهلية لم يحددوا عددًا معينًا لزوجاتهم؟ فلماذا تقيد النبى صلى الله عليه وسلم من هذا العدد الذى تزوجه، وقطع على نفسه الاستفادة القصوى من هذا الادعاء؟
          9- تزوج النبى امرأة واحدة بكرًا، وهو يعلم أن جمال الزواج فى امرأة صغيرة بكرًا تلاعب زوجها ويلاعبها، كما قال لأحد الرجال. فإذا كان يحب النساء فلماذا لم يظهر عليه ذلك إلا بعد سن الـ 53؟ ولماذا لم يتزوج الأبكار؟
          آن بيزيت (فى "حياة وتعاليم محمد" دار مادرس للنشر 1932): ”من المستحيل لأي شخص يدرس حياة وشخصية نبي العرب العظيم ويعرف كيف عاش هذا النبي وكيف علم الناس، إلا أن يشعر بتبجيل هذا النبي الجليل، أحد رسل الله العظماء، ورغم أنني سوف أعرض فيما أروي لكم أشياء قد تكون مألوفة للعديد من الناس فإنني أشعر في كل مرة أعيد فيها قراءة هذه الأشياء بإعجاب وتبجيل متجددين لهذا المعلم العربي العظيم.
          هل تقصد أن تخبرني أن رجلاً في عنفوان شبابه لم يتعد الرابعة والعشرين من عمره بعد أن تزوج من امرأة أكبر منه بكثير وظل وفياً لها طيلة 26 عاماً ثم عندما بلغ الخمسين من عمره - السن التي تخبو فيها شهوات الجسد - تزوج لإشباع رغباته وشهواته؟! ليس هكذا يكون الحكم على حياة الأشخاص.
          فلو نظرت إلى النساء اللاتي تزوجهن لوجدت أن كل زيجة من هذه الزيجات كانت سبباً إما في الدخول في تحالف لصالح أتباعه ودينه أو الحصول على شيء يعود بالنفع على أصحابه أو كانت المرأة التي تزوجها في حاجة ماسة للحماية“.
          10- لماذا كان صيامه الكثير بالأيام المتتالية دون طعام أو شراب، وهو يعلم أن الصيام يجعل الشهوة الجنسية تخبو، وتنطفىء جزوتها؟
          11- ولماذا كانت النساء يقبلن عليه ويتمسكون به على الرغم من فقره، إلا فوزًا بخلقه ومعاملته الكريمة لهن؟
          12- لماذا قبلت نساءه صغيرات السن الزواج منه وليس لاحداهن الزواج من بعده؟
          13- لماذا قبلت احداهن الزواج منه، وهن يعلمن أنه صادق ولن يعيش عيشة الملوك يومًا من الأيام؟
          14- لماذا رغبت أى امرأة منهن الزواج به، أو الاستمرار معه وهن يعلمن أن ما يأتيه من مال عن طريق الحروب أو فىء يُرد على فقراء المسلمين وعلى الدعوة والأسرى؟ والدليل على ذلك سقناه إليك، حيث كان يمر عليهم 40 يومًا بلا طعام إلا الأسودين الماء والتمر. وغيره من الأدلة على فقر النبى صلى الله عليه وسلم.
          وروى عنه أنه لم يشبع من طعام من خبز الشعير يومين متتابعين حتى مات.
          وروى عنه أنه كان يربط الحجر والحجرين على بطنه من الجوع.
          وفي رواية أنه لم يشعل في بيوته نار شهرين متتابعين.
          وروى عنه أيضًا أنه التقى أبا بكر وعمر في الليل وعندما سألهما عن سبب خروجهما ليلا فقالا له "الجوع" فقال إنه خرج لنفس السبب.
          15- لو كان يدعى النبوة كما تقولون، فلماذا عاقب نفسه بقول ينسبه لله تعالى يحرم على نفسه الزواج من بعد؟ (لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ وَلَا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلَّا مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ ۗ وَكَانَ اللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ رَقِيبًا) الأحزاب: 33
          16- لماذا تحمل سوء معاملة أهله من العرب بادعائه النبوة، وخاض غمار حروب معهم، وخسر من خسرهم من أعمامه؟ فهل كان ذلك من أجل المُلك؟ فقد عرض عليه ورفضه. من أجل المال؟ عرض عليه ورفضه. من أجل جاه؟ عرض عليه ورفضه. بل خيره ربه بين الملك والنبوة من جانب وأن يكون عبدًا نبيًا فاختار العبودية مع النبوة ورفض أن يكون ملكًا:
          روى الإمام أحمد في المسند والبزار وأبو يعلى، والحديث رواه ابن حبان في صحيحه وإسناده صحيح كالشمس، وقد صححه ابن حبان، وقال الحافظ الهيثمي في مجمع الزائد في الجزء التاسع صفحة: (19): إسناد أحمد والبزار، رجاله رجال الصحيح، والحديث صحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه وأرضاه، قال: (جلس جبريل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنظر جبريل إلى السماء، فقال: يا محمد هذا ملك نزل، ما نزل منذ أن خلق الله الخلق قبل هذه الساعة، وقال: (يا محمد! إن الله يقرأ عليك السلام، وأرسلني إليك وقال لي: أتريد أن تكون ملكًا نبيًا، أو تريد أن تكون عبداً نبيًا)، أنا مرسل من قبل الحق أسلم عليك، وعندي هذه الأمانة، أتريد أن يجعلك الله ملكاً نبياً، أو عبداً نبياً؟ فإذا كنت تريد الملك مع النبوة فسنعطيك أبهة الملك، ونعطيك ملكاً ما حصل لفرعون ولا لقارون ولا للنبي سليمان ولا لأحد من عباد الرحمن، وإذا كنت تريد أن تكون عبداً نبياً فالعبد لا يكون عنده مظاهر الملك والأبهة والفخامة والترف، يقول: (فنظرت إلى جبريل -كالمستشير- فقال جبريل: يا محمد تواضع لربك، فقلت: بل عبدًا نبيًا).
          ولو اختار أن يكون ملكاً نبياً انظروا ماذا سيعطيه الله جل وعلا، ثبت في مسند أبي يعلى بإسناد صحيح، كما قال الحافظ الهيثمي في المجمع: إسناد الأثر حسن، والأثر رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق، ورواه ابن سعد في الطبقات الكبرى عن أمنا عائشة رضي الله عنها، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها: (يا عائشة! لو شئت لسارت معي جبال الذهب)، الجبال تصبح ذهباً ومالاً متنقلاً ولا تبقى مكانها في قرارها، إنما إذا مشيت تمشي معي، قال: (لو شئت لسارت معي جبال الذهب، جاءني ملك، وهو إسرافيل على نبينا وعليه صلوات الله وسلامه، حجزته لتساوي الكعبة)، والحجزة: هو المكان الذي يعقد الإنسان فيه إزاره، يعني: ظهر في هذه الضخامة وهذا الكبر في شكله الحقيقي على نبينا وعليه صلوات الله وسلامه، قال: (فقال: يا محمد! إن الله يقرأ عليك السلام ويقول: إن شئت أن تكون نبياً عبداً، وإن شئت أن تكون نبياً ملكاً، فنظرت إلى جبريل، فقال جبريل لنبينا الجليل عليه صلوات الله وسلامه: يا محمد! ضع نفسك لربك، فقلت: بل أكون عبداً نبياً، آكل كما يأكل العبد، وأجلس كما يجلس العبد).
          17- ن يكون نبي

          1212-لماذا يقبل شخص كاذب يدعى النبوة الإيذاء والسب ومحاولة قتله، بعد أن قتلوا أصحابه وعذبوهم، وفقدانه أسرته، واتهامه بأنه ساحر أو شاعر أو مجنون، ورجم الأطفال والعبيد له بالحجارة حتى سال الدم من قدميه فى الطائف، ورمى القاذورات فى طريقه وأمام بيته، بل وضعوا فرث جزور فوق ظهره وهو يصلى، وذهابه من مكة إلى المدينة مشيًا على قدميه، دون مكسب دنيوى مادى؟
          فهل يكذب ويكذب ويعيش فقيرًا إحكامًا لكذبه، ويدخل النار فى الآخرة بقوله: (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَىٰ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ قَالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَنْ قَالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ ۗ وَلَوْ تَرَىٰ إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ ۖ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنْتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ) الأنعام: 93
          يقول المستشرق الإيطالي ميخائيل إيمارى في كتابه (تاريخ المسلمين): ”وحسب محمد ثناءً عليه أنه لم يساوم ولم يقبل المساومة لحظة واحدة في موضوع رسالته على كثرة فنون المساومات واشتداد المحن وهو القائل لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر ما تركته“. عقيدة راسخة، وثبات لا يقاس بنظير، وهمة تركت العرب مدينين لمحمد بن عبد الله، إذ تركهم أمة لها شأنها تحت الشمس في تاريخ البشر“.
          ويقول المؤرخ الأمريكي واشنجتون ارفنج: ”لقي الرسول من أجل نشر الإسلام كثيراً من العناء، وبذل عدة تضحيات. فقد شك الكثير في صدق دعوته، وظل عدة سنوات دون أن ينال نجاحاً كبيراً، وتعرض خلال إبلاغ الوحي إلى الإهانات والاعتداءات والاضطهادات، بل اضطر إلى أن يترك وطنه ويبحث عن مكان يهاجر إليه. فقد كان في الأربعين من عمره حين أنزل عليه الوحي وعانى كثيراً سنة بعد أخرى في نشر الإسلام بين أفراد قبيلته“.
          وتحدث المستشرق الأمريكي ماكس في كتابه: «عظماء الشرق» عن الهجرة ودلائل النبوة والقوة التي ظهرت في تلك المرحلة التي مثلت منعطفاً تاريخياً عظيماً في سيرة رسول الله وتطوراً نوعياً في مسار الدعوة الإسلامية، يقول ماكس ص 93: ”لقد نفذت روح الإسلام من محمد رسول الله إلى المسلمين، إلى الهداة والصالحين، وإن هذه الروح القوية حدت بالنبي إلى الهجرة من مكة إلى المدينة، بينها كان أعداؤه من المشركين يجدون في البحث عنه ليؤذوه بل ليذيقوه ريب المنون، ومن الغريب أن أعداء النبي لم يقنعوا أنفسهم بتركه مكة بل تعقبوه في هجرته، وهناك ضربوا على منزله سياجاً من الحيطة لأجل القبض عليه، ولكن روح الإسلام الدفينة في أعماق الهمة، ألهمته أن يتناول قبضة من تراب فتناولها وربى بها عليم فأخذتهم سنة من النوم تمكن خلالها النبي من النجاة منهم إلى الصحراء حيث اختفى في غار هناك، لا تقل إن اختفاءه في الغار يحول دون هلاكه وحتفه، ولكن الإسلام وما في ثناياه من روحانية وقوة، جعل الحمام يبيض على باب الغار، ولما أفاق أعداؤه من غشيانهم تتبعوا أثره إلى الغار، وأخذتهم هواجس الظن، لعلمهم بأن النبي لا يمكن بأي حال أن يكون في الغار، فمن يرد أن يؤمن بوحدانية الله، فعليه أن يشاهد بسهولة يد الله المحركة للكائنات من غير أن تبصرها العين المجردة وخاصة عندما أحيطت حياة النبي من يد العدوان برعاية الطير الذي اندفع إلى حماية محمد بيد الإله الخافية عن الأبصار“.
          18- لماذا يدعى إنسان شيئًا أو شرفًا لا يجنى من ورائه أية مصلحة؟ وما فائدة النبوة إن لم تجن له مصلحة من مال أو غنى؟ فقد ذكرت أن موضوع النساء وكثرتهم دون حدود كان مفتوحًا فى الجاهلية ولا يحتاج إلى ادعاء نبوة.
          19- كان النبى أميًا، لا يقرأ ولا يكتب، وليس له خبرة أو علاقة بالشعر وأسواق الشعراء. فهل يُعقل أن يكذب فيتحداهم فى أكبر وأعمق تخصصاتهم؟ فهل سمعت عن أفاك يدعى أنه طبيب جراح، ويذهب إلى غرفة العمليات ويتحدى الجراحين بفشلهم ونجاحه منقطع النظير فيما يتقنونه، ويجهله هو؟
          فالقرآن تحدى العرب صراحة بأن يأتوا بمثله، قال تعالى: {فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِّثْلِهِ إِن كَانُوا صَادِقِينَ} الآية 34 الطور، وتأكَّد فشلهم وعجزهم عن أن يأتوا بذلك، رغم أنهم أهل فصاحة وبلاغة وقدرة على صناعة الكلام والإجادة فيه.
          ولما ثبت عجزهم، تحداهم القرآن بأن يأتوا بعشر سور مثله، قال تعالى: {أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُواْ بِعَشْرِ سُوَرٍ مِّثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُواْ مَنِ اسْتَطَعْتُم مِّن دُونِ اللّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} الآية 13 سورة هود، وفي هذه فشلوا وعجزوا عن الإتيان بعشر سور.
          ولما ثبت عجزهم في التحدي الثاني، تحداهم القرآن ثالثة بأن يأتوا بسورة من مثله، قال تعالى: {وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ وَادْعُواْ شُهَدَاءكُم مِّن دُونِ اللّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} الآية 23 سورة البقرة، وفي هذه فشلوا وعجزوا كذلك، عجزوا عن الإتيان ولو بسورة، فهل يوجد أعظم من هذا التحدي؟ وهل رأيت أعظم من هذا الفشل لديهم؟
          وتحدى القرآن الإنس والجن على أن يأتوا بمثله: قال الله تعالى: }قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً {الإسراء: 88
          إذن ثبت الإعجاز اللغوى للقرآن. وثبتت نبوة محمد صلى الله عليه وسلم، وأنه يوحى إليه.وثبت فشل وكذب ادعاء الكفار فى إنكار نبوة الرسول صلى الله عليه وسلم. وفشلوا فى عجزهم أن يأتوا بمثله، أو عشر سور من مثله، أو حتى سورة. ألا يعتبر هذا انتصار لدينه وما يوحى إليه؟ أم ترى أن الكفار تركوه ولم يتحدوه حتى ينتصر عليهم وينتشر دينه بين الناس فى العالم؟ أم ترى أن الرب تآمر مع النبى ومنع الكفار من أن يصل مستوى علمهم وشعرهم وثقافتهم فى الإتيان ولو بسورة صغيرة يتحدون بها القرآن أو حتى يصلوا بها لمستواه؟ أم أيَّد الله نبيه بهذا الحق، وهذا القرآن المعجز ليكون دستور الناس إلى قيام الساعة، ولتصديق نبيه إلى يوم القيامة؟
          20- كان للرسول صلى الله عليه وسلم ثلاثة أساليب لغوية متباينة تباينًا كبيرًا، وهى القرآن الكريم، الذى يوحى إليه، والأحاديث القدسية الموحاة إليه، وأحاديثه النبوية، التى لم ينطق بها عن الهوى. فلماذا لم يظهر هذا التباين اللغوى فى أسلوبه قبل الأربعين من عمره، وقبل أن يوحى إليه؟ ولماذا لم يخلط بينهم يومًا ما، فيظهر كذبه لأهل الصنعة وأساطين اللغة؟ والأهم من ذلك: هل رأيت إنسانًا له ثلاثة أساليب مختلفة من الكلام، لا يخلط بينهم فى أى وقت، ويسمى هذا قرآن، وهذا أحاديث قدسية، وتلك أحاديثه الشخصية التعليمية التربوية، المبنية على قول الله تعالى، والتى لا تتعارض معه ولو فى صغيرة؟
          21- ماذا تقول فى قول أساطين اللغة الذين شهدوا للقرآن عندما سمعوه بأنه ليس من كلام البشر، وأنه يعلو ولا يعلى عليه؟ ألا يعد ذلك دليل من أدلة نبوته؟
          وهذا الوليد بن المغيرة، وهو كافر يظهر العداوة لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم يصف القرآن الكريم وصفا دقيقا وصادقا يشهد بفضل كلام الله وعظمته وتميزه عن كلام المخلوقين؛ أخرج الحاكم في المستدرك والبيهقي في دلائل النبوة عن ابن عباس قال: إن الوليد بن المغيرة المخزوميّ، وهو أحد رؤساء قريش، جاء إلى النبيّ صلّى الله عليه وسلّم فقرأ عليه القرآن. فكأنّه رقّ له، وقال: يا عجبا لما يقول ابن أبي كبشة- يعني محمدا صلّى الله عليه وسلّم- فو الله ما هو بشعر، ولا سحر، ولا بهمز من الجنون، وإنّ قوله لمن كلام الله. فلما سمع بذلك النفر من قريش ائتمروا وقالوا: والله لئن صبأ الوليد لتصبون قريش. فلما سمع بذلك أبو جهل بن هشام قال: أنا والله أكفيكم شأنه، فانطلق حتى دخل عليه بيته فقال: يا عمّ، إنّ قومك يريدون أن يجمعوا لك مالا ليعطوكه، فإنك أتيت محمدا لتعرض لما قبله. قال: قد علمت قريش أني من أكثرها مالا. قال: فقل فيه قولا يبلغ قريشا أنك تنكر له.
          فقال: وماذا أقول؟ فو الله ما فيكم رجل أعلم بالشعر مني، لا برجزه ولا بقصيده، ولا بأشعار الجنّ. والله ما يشبه هذا الذي يقول شيئا من هذا. والله إن لقوله الذي يقول لحلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإنه لمثمر أعلاه، مغدق أسفله، وإنه ليحطم ما تحته، وإنه ليعلو وما يعلى عليه. فقال أبو جهل: والله ما يرضى عنك قومك حتى تقول فيه قولا. قال: فدعني أفكر، فلما فكّر قال: هذا سحر يؤثر، يأثره عن غيره. فخرج على قومه بهذا القول الآثم، فأنزل الله فيه قوله تعالى: }إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ * فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ * ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ * ثُمَّ نَظَرَ * ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ * ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ * فَقالَ إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ {المدثر: 18-23
          22- من دلائل صدق النبى صلى الله عليه وسلم أنه بعد أن نزلت الآيات (المدثر 18-23) تحدد مصير الوليد بن المغيرة، وأنه سيموت كافرًا، لم يخرج الوليد ينقض هذا الكلام، واستمر على كفره حتى مات.
          ونؤمن جميعًا أن الهداية بيد الله تعالى. وتؤمن أنت يا سيد رشيد أن الله هو يسوع، فلماذا لم يهد يسوع الوليد بن المغيرة ليظهر كذب ادعاء محمد صلى الله عليه وسلم؟ فهل يتآمر يسوع مع مدعى النبوة؟ أم تعاون يسوع وأظهر نبوة محمد؟
          23- لم يهادن الرسول صلى الله عليه وسلم المشركين ولا اليهود ولا النصارى، وفضح كذب أقوالهم، وسوء ادعاءاتهم، وزيف عقائدهم، وتلاعبهم بالكتاب الذى ينسبونه لله. فهل يوجد كذاب لا يُهادن طائفة ضمن كل الطوائف ليكسب تأييد ما ولو مؤقت، ليتمكن من الانتصار على الباقى طائفة وراء الأخرى، وذلك على الرغم من قلة أتباعه؟
          24- قاد النبى محمد صلى الله عليه وسلم حروبًا من أجل نصرة دينه والدفاع عن العقيدة، وكان من احتمالات هذه الحروب أن يستشهد. وبالتالى فلو كان مدعى النبوة كاذبًا، فمصيره إلى النار، ولعن الناس الأبدى له. فما الذى سيحققه من ادعاء كاذب للنبوة مصيره القتل؟
          (وَلَوْ تَقَوّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الأقَاوِيلِ * لأخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ * ثُمّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ * فَمَا مِنكُمْ مّنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ * وَإِنّهُ لَتَذْكِرَةٌ لّلْمُتّقِينَ * وَإِنّا لَنَعْلَمُ أَنّ مِنكُمْ مّكَذّبِينَ * وَإِنّهُ لَحَسْرَةٌ عَلَى الْكَافِرِينَ * وَإِنّهُ لَحَقّ الْيَقِينِ * فَسَبّحْ بِاسْمِ رَبّكَ الْعَظِيمِ) الحاقة: 44-52
          هل يوجد كاذب يدعى أنه يأتيه وحى، ويؤمن، بل ويفهم الناس أن الله تعالى لا ينصر إلا الحق، وأن الله تعالى ناصره، وأن الله تعالى ينتقم من من يدعى النبوة أو ينسب كذبًا إلى الله، ويقود غمار حروب، قد يقتل فيها أو تظهر كذب ادعاءاته؟
          (... وَيَوْمَئِذٍ يَفْرحُ المُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ الله، يَنْصُر مَنْ يَشَاءْ وهوَ العَزيزُ الرحيْمُ * وَعْدَ الله، لا يُخْلِفُ الله وَعْدَه، ولكنَّ أكثرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) الروم: 4-6
          أي والله، وعد الله المؤمنين من عباده، المتقين من خليقته، وعدهم وعداً صادقاً، لا إخلاف له ولا نكث، ولا عجز معه ولا ضعف، وعد الله المؤمنين الصادقين، والعاملين المتقين، وعدهم بالنصر والغلبة، وبالرفعة والكرامة، في كل معركة وميدان، وفي كل زمان ومكان، وعلى كل الأعداء، أي عدو كان.
          وعد الله عباده المؤمنين، أن يكون لهم حليفاً ومعهم نصيراً، وأن يسخر لهم ملائكته أعواناً وجنوداً، وأن يجعل قوى الطبيعة بين أيديهم مذللة طائعة، وفئتان وأمتان، الله وملائكته وقدرته مع إحداهما، هل يمكن لمن كان الله لهم معيناً ونصيراً، أن تفشل أو تنهزم أو تهن أو تضعف؟ اللهم لا، وألف مرة لا.
          25- روى عبد الله بن مسعود رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ وَهُوَ فِيهَا فَاجِرٌ لِيَقْتَطِعَ بِهَا مَالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ، لَقِيَ اللهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ». قَالَ الأَشْعَثُ بن قيس: فِيَّ وَاللهِ كَانَ ذَلِكَ، كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَ رَجُلٍ مِنَ الْيَهُودِ أَرْضٌ فَجَحَدَنِي، فَقَدَّمْتُهُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «أَلَكَ بَيِّنَةٌ؟» قُلْتُ: لا. فَقَالَ لِلْيَهُودِيِّ: «احْلِفْ». قَالَ: «قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِذًا يَحْلِفَ وَيَذْهَبَ بِمَالِي». فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى: (إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَٰئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) آل عمران: 77
          إنه لموقف نادر حقًّا!! إنه اختصام بين رجلين؛ أحدهما من صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم والآخر يهودي.. فيأتيان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليحكم بينهما، فلا يجد صلى الله عليه وسلم أمامه إلا أن يطبِّق الشرع فيهما دون محاباة ولا تحيُّز، والشرع يُلزم المدَّعِي -وهو الأشعث بن قيس رضي الله عنه- بالبينة أو الدليل، فإن فشل في الإتيان بالدليل فيكفي أن يحلف المدَّعَى عليه -وهو اليهودي- على أنه لم يفعل ما يتَّهمه به المدعِي، فيُصَدَّقُ في ذلك؛ وذلك مصداقًا لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَر».
          ويفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك مع علمه أن اليهود لا يتورعون عن الكذب؛ فهم لا يكذبون على الخلق فقط، ولكن يفترون الكذب على الله ورسوله صلى الله عليه وسلم. يقول تعالى: (وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) آل عمران: 75
          ويتأزم الموقف عندما يتبيَّن أن الصحابي ليس معه بينة، ويصبح الأمر كله رهن حلف اليهودي، ويشعر الصحابي بخيبة الأمل؛ لأنه يعلم أن اليهودي سيحلف كذبًا دون تردد، فلا يملك له رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئًا، ولا يجد أمامه إلا أن يترك المجال لليهودي!!
          أليس هذا هو العدل المطلق الذي لا يتوقع أحد من البشر أن يكون له تطبيق في واقع الناس؟!
          إنه الإسلام.. دين من السماء، يحكم حياة الناس في الأرض.
          وإنه رسولنا صلى الله عليه وسلم.. أعظم الخلق خُلُقًا وأدبًا!!
          فهل يعتقد عاقل أن هناك شخص يدعى النبوة كذبًا، ويكذب ويكذب ليكتسب إنسانًا إليه، ثم يضحى به من أجل العدل، مجازفًا به أن يرتد ويخرج عن جماعته، ونصرته، على الرغم بعلمه أن اليهود كاذبون ويحلفون الكذب وأنهم يريدون أو أرادوا قتله؟
          26- ألم يكن من الأفضل لمن يدعى النبوة أن يكسب المخالفين له بأية وسيلة، حتى لو بالكذب أو النفاق كما فعل بولس؟
          يا سيد رشيد: إنك تحكم على خير البشرية وفى رأسك صورة بولس الذى كان يكذب ظنًا منه أن هذا لمجد الرب، والغريب أنكم تقبلتم رسائله، ولم تهتموا لهذا الكذب، والأغرب أنك تقلده وتسير على دربه، ظنًا منك أنك تزيد مجد الرب: (7فَإِنَّهُ إِنْ كَانَ صِدْقُ اللهِ قَدِ ازْدَادَ بِكَذِبِي لِمَجْدِهِ فَلِمَاذَا أُدَانُ أَنَا بَعْدُ كَخَاطِئٍ؟) رومية 3: 7
          وداهن كل طائفة ليكسبهم لدينه الذى لم يبنه على أساس موسى أو الأنبياء أو حتى تلاميذ يسوع أنفسهم، الذين قال فيهم يسوع إنهم نور العالم وملحه: (19فَإِنِّي إِذْ كُنْتُ حُرّاً مِنَ الْجَمِيعِ اسْتَعْبَدْتُ نَفْسِي لِلْجَمِيعِ لأَرْبَحَ الأَكْثَرِينَ. 20فَصِرْتُ لِلْيَهُودِ كَيَهُودِيٍّ لأَرْبَحَ الْيَهُودَ وَلِلَّذِينَ تَحْتَ النَّامُوسِ كَأَنِّي تَحْتَ النَّامُوسِ لأَرْبَحَ الَّذِينَ تَحْتَ النَّامُوسِ 21وَلِلَّذِينَ بِلاَ نَامُوسٍ كَأَنِّي بِلاَ نَامُوسٍ - مَعَ أَنِّي لَسْتُ بِلاَ نَامُوسٍ لِلَّهِ بَلْ تَحْتَ نَامُوسٍ لِلْمَسِيحِ - لأَرْبَحَ الَّذِينَ بِلاَ نَامُوسٍ. 22صِرْتُ لِلضُّعَفَاءِ كَضَعِيفٍ لأَرْبَحَ الضُّعَفَاءَ. صِرْتُ لِلْكُلِّ كُلَّ شَيْءٍ لأُخَلِّصَ عَلَى كُلِّ حَالٍ قَوْماً. 23وَهَذَا أَنَا أَفْعَلُهُ لأَجْلِ الإِنْجِيلِ لأَكُونَ شَرِيكاً فِيهِ.) كورنثوس الأولى 9: 19-23
          وها هو يقول عن يسوع إنه يفعل الكثير ضده: (8لِمَاذَا يُعَدُّ عِنْدَكُمْ أَمْراً لاَ يُصَدَّقُ إِنْ أَقَامَ اللهُ أَمْوَاتاً؟ 9فَأَنَا ارْتَأَيْتُ فِي نَفْسِي أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ أَصْنَعَ أُمُوراً كَثِيرَةً مُضَادَّةً لاِسْمِ يَسُوعَ النَّاصِرِيِّ.) أعمال الرسل 26: 8-9
          27- هل يوجد كاذب يدعى النبوة ويغامر بأن يحكم على عمه وزوجته بأنهما سيموتان على الكفر، وأن مصيرهما إلى النار كذبًا مضحيًا بمستقبل دعوته؟
          ماذا ستفعل أنت لو كنت مكان أبى لهب؟ كنت ستقف يومًا ما وتشهد شهادة الإسلام، وتسلِّم أن محمدًا رسول الله، وتدخل الإسلام، لتظهره بمظهر الكاذب أمام أتباعه! ولم يحدث هذا لمدة عشر سنوات إلى أن مات عمه كافرًا. فهل فى هذا إلا دليل على صدق الرسول صلى الله عليه وسلم، وأنه نبى من عند الله يأتيه الوحى والعلم من عنده؟
          )تَبَّتْ يَدَآ أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ * مَآ أَغْنَىٰ عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ * سَيَصْلَىٰ نَاراً ذَاتَ لَهَبٍ * وَٱمْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ ٱلْحَطَبِ * فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِّن مَّسَدٍ) سورة المسد
          28- جاء النبى صلى الله عليه وسلم فى وقت كان أبناء الجزيرة العربية فى تشتت، ولا توجد وحدة بينهم. فبفضل الله تعالى وحدهم، وأصبحوا قوة واحدة، ونسوا همجيتهم وتقاتلهم لأتفه الأسباب. فما الذى يجعل إنسانًا ذكيًا، بل حاد الذكاء كمحمد أن يوحدهم وهو ينوى النصب والكذب عليهم؟
          أليس من الأفضل لكل كاذب أن يستفيد من تفرق وتشرذم القوم الذى يعيش بينهم؟ وذلك أسوة بما فعله الرب يهوه/يسوع نفسه فى الكتاب الذى تقدسه يا سيد رشيد، فعندما علم الرب أن الناس يبنون برج بابل وأصبحوا يدًا واحدة، نزل وبلبل ألسنتهم، ليتفرقوا، ويتمكن هو من السيادة عليهم: (1وَكَانَتِ الأَرْضُ كُلُّهَا لِسَاناً وَاحِداً وَلُغَةً وَاحِدَةً. 2وَحَدَثَ فِي ارْتِحَالِهِمْ شَرْقاً أَنَّهُمْ وَجَدُوا بُقْعَةً فِي أَرْضِ شِنْعَارَ وَسَكَنُوا هُنَاكَ. 3وَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: «هَلُمَّ نَصْنَعُ لِبْناً وَنَشْوِيهِ شَيّاً». فَكَانَ لَهُمُ اللِّبْنُ مَكَانَ الْحَجَرِ وَكَانَ لَهُمُ الْحُمَرُ مَكَانَ الطِّينِ. 4وَقَالُوا: «هَلُمَّ نَبْنِ لأَنْفُسِنَا مَدِينَةً وَبُرْجاً رَأْسُهُ بِالسَّمَاءِ. وَنَصْنَعُ لأَنْفُسِنَا اسْماً لِئَلَّا نَتَبَدَّدَ عَلَى وَجْهِ كُلِّ الأَرْضِ». 5فَنَزَلَ الرَّبُّ لِيَنْظُرَ الْمَدِينَةَ وَالْبُرْجَ اللَّذَيْنِ كَانَ بَنُو آدَمَ يَبْنُونَهُمَا. 6وَقَالَ الرَّبُّ: «هُوَذَا شَعْبٌ وَاحِدٌ وَلِسَانٌ وَاحِدٌ لِجَمِيعِهِمْ وَهَذَا ابْتِدَاؤُهُمْ بِالْعَمَلِ. وَالْآنَ لاَ يَمْتَنِعُ عَلَيْهِمْ كُلُّ مَا يَنْوُونَ أَنْ يَعْمَلُوهُ. 7هَلُمَّ نَنْزِلْ وَنُبَلْبِلْ هُنَاكَ لِسَانَهُمْ حَتَّى لاَ يَسْمَعَ بَعْضُهُمْ لِسَانَ بَعْضٍ». 8فَبَدَّدَهُمُ الرَّبُّ مِنْ هُنَاكَ عَلَى وَجْهِ كُلِّ الأَرْضِ فَكَفُّوا عَنْ بُنْيَانِ الْمَدِينَةِ 9لِذَلِكَ دُعِيَ اسْمُهَا «بَابِلَ» لأَنَّ الرَّبَّ هُنَاكَ بَلْبَلَ لِسَانَ كُلِّ الأَرْضِ. وَمِنْ هُنَاكَ بَدَّدَهُمُ الرَّبُّ عَلَى وَجْهِ كُلِّ الأَرْضِ.) التكوين 21: 1-9
          فهل لم تفكر إن كان هذا الإله يتمتع بعقل طبيعى أم يحتاج إلى طبيب نفسى أو مصحة نفسية؟ أيبدد الرب أهل الأرض، ويفرقهم، حتى لا يتمكنوا من التفكير فى إعمار الأرض، وبناء ما يحتاجونه فيها؟ ولماذا لم ينتقم الرب من بناة الأهرامات والمسلات والأبراج فيما بعد؟

          تعليق

          • abubakr_3
            مُشرِف

            • 15 يون, 2006
            • 849
            • موظف
            • مسلم

            #20
            رد: مناظرة مع السيد رشيد حول نبوة محمد صلى الله عليه وسلم

            وأسأل السيد رشيد: بالله عليك اصدق نفسك! هل شخصية هذا الإله مقنعة؟ هل صفات هذا الإله تؤهله لأن يكون رب العالمين؟ هل حاولت مرة إثبات ألوهية هذا الإله من خلال البحث فى صفاته من خلال أعماله وحالته النفسية؟
            ما رأيك فى إله يندم؟
            (6فَحَزِنَ الرَّبُّ أَنَّهُ عَمِلَ الإِنْسَانَ فِي الأَرْضِ وَتَأَسَّفَ فِي قَلْبِهِ. 7فَقَالَ الرَّبُّ: «أَمْحُو عَنْ وَجْهِ الأَرْضِ الإِنْسَانَ الَّذِي خَلَقْتُهُ: الإِنْسَانَ مَعَ بَهَائِمَ وَدَبَّابَاتٍ وَطُيُورِ السَّمَاءِ. لأَنِّي حَزِنْتُ أَنِّي عَمِلْتُهُمْ».) تكوين 6: 6-7 ،
            وأيضاً (14فَنَدِمَ الرَّبُّ عَلَى الشَّرِّ الَّذِي قَالَ إِنَّهُ يَفْعَلُهُ بِشَعْبِهِ.) خروج 32: 14
            وأيضاً (وَالرَّبُّ نَدِمَ لأَنَّهُ مَلَّكَ شَاوُلَ عَلَى إِسْرَائِيلَ.) صموئيل الأول 15: 35
            لقد أمر الرب شاول أن يبيد عماليق البشر حتى النساء والرضع منهم والحيوانات، وفعل شاول كما أمره الرب إلا أنه أبقى على بعض الحيوانات الجيدة، فغضب الرب عليه، وندم أن أعطاه النبوة، وعزله فيما بعد، وعين داود: (3فَالآنَ اذْهَبْ وَاضْرِبْ عَمَالِيقَ وَحَرِّمُوا كُلَّ مَا لَهُ وَلاَ تَعْفُ عَنْهُمْ بَلِ اقْتُلْ رَجُلاً وَامْرَأَةً، طِفْلاً وَرَضِيعاً، بَقَراً وَغَنَماً، جَمَلاً وَحِمَاراً». .... 7وَضَرَبَ شَاوُلُ عَمَالِيقَ مِنْ حَوِيلَةَ حَتَّى مَجِيئِكَ إِلَى شُورَ الَّتِي مُقَابَِلَ مِصْرَ. 8وَأَمْسَكَ أَجَاجَ مَلِكَ عَمَالِيقَ حَيّاً، وَحَرَّمَ جَمِيعَ الشَّعْبِ بِحَدِّ السَّيْفِ. 9وَعَفَا شَاوُلُ وَالشَّعْبُ عَنْ أَجَاجَ وَعَنْ خِيَارِ الْغَنَمِ وَالْبَقَرِ وَالْحُمْلاَنِ وَالْخِرَافِ وَعَنْ كُلِّ الْجَيِّدِ، وَلَمْ يَرْضُوا أَنْ يُحَرِّمُوهَا. وَكُلُّ الأَمْلاَكِ الْمُحْتَقَرَةِ وَالْمَهْزُولَةِ حَرَّمُوهَا. 10وَكَانَ كَلاَمُ الرَّبِّ إِلَى صَمُوئِيلَ: 11«نَدِمْتُ عَلَى أَنِّي قَدْ جَعَلْتُ شَاوُلَ مَلِكاً، لأَنَّهُ رَجَعَ مِنْ وَرَائِي وَلَمْ يُقِمْ كَلاَمِي». .....) صموئيل الأول 15: 3-11
            معذور هذا الإله الذى لم يكن يعلم أن شاول سيفعل ذلك!!
            وغريب هذا الإله الذى لم يندم على إنقاذه للوط، لأنه زنى بابنتيه!!
            ومهرج هذا الإله الذى اجتمع بكل جند السماء ليبحثوا كيفية إغواء أخاب، فيدخل الشيطان حجرة الاجتماع دون استئذان، ويجد الرب الحل الأمثل عند الشيطان. فهذا إله لم يكن يعلم بجهل جنوده ومخابراته، ويجهل أن الشيطان عنده الحل الذى يعجبه:
            (19وَقَالَ: [فَاسْمَعْ إِذاً كَلاَمَ الرَّبِّ: قَدْ رَأَيْتُ الرَّبَّ جَالِساً عَلَى كُرْسِيِّهِ، وَكُلُّ جُنْدِ السَّمَاءِ وُقُوفٌ لَدَيْهِ عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ يَسَارِهِ. 20فَقَالَ الرَّبُّ: مَنْ يُغْوِي أَخْآبَ فَيَصْعَدَ وَيَسْقُطَ فِي رَامُوتَ جِلْعَادَ؟ فَقَالَ هَذَا هَكَذَا وَقَالَ ذَاكَ هَكَذَا. 21ثُمَّ خَرَجَ الرُّوحُ وَوَقَفَ أَمَامَ الرَّبِّ وَقَالَ: أَنَا أُغْوِيهِ. وَسَأَلَهُ الرَّبُّ: بِمَاذَا؟ 22فَقَالَ: أَخْرُجُ وَأَكُونُ رُوحَ كَذِبٍ فِي أَفْوَاهِ جَمِيعِ أَنْبِيَائِهِ. فَقَالَ: إِنَّكَ تُغْوِيهِ وَتَقْتَدِرُ. فَاخْرُجْ وَافْعَلْ هَكَذَا.) ملوك الأول 22: 19-22!
            وغريب هذا الإله الذى لم يندم على اختياره لداود الذى زنى بامرأة أوريا جاره وجنده، وقتله مع بعض الجنود الآخرين خوفًا من زوجها أن يكتشف أن امرأته حملت سفاحًا من داود! (صموئيل الثانى صح 11)
            وغريب هذا الإله الذى لم يعرف أن نبى الله ناثان تآمر مع أمه وكذبا ونصبا على داود لاختيار سليمان نبيًا، وأعطاه الرب النبوة موافقًا على هذا الكذب والاحتيال، ولم يندم: (ملوك الأول 1: 11-31)
            وغريب هذا الإله الذى لم يندم أن عين أنبياء وملوك فتركوه وكفروا به وعبدوا الأوثان، بل أقاموا مذابح لعبادتها!! مثل سليمان (الملوك الأول 11: 4-7)
            وغريب هذا الإله الذى لم يندم على إبادة البشرية كلها على عدم عبادته زمن نوح، بل أبادها مرتاح البال، قرير العين، على الرغم من أنه لم يرسل نوح إلا إلى قومه فقط، ولم يرسل إلى هذه البشرية نبيًا آخرًا، ولكنه ندم فقط عندما شمَّ رائحة الشواء؟
            (20وَبَنَى نُوحٌ مَذْبَحاً لِلرَّبِّ. وَأَخَذَ مِنْ كُلِّ الْبَهَائِمِ الطَّاهِرَةِ وَمِنْ كُلِّ الطُّيُورِ الطَّاهِرَةِ وَأَصْعَدَ مُحْرَقَاتٍ عَلَى الْمَذْبَحِ 21فَتَنَسَّمَ الرَّبُّ رَائِحَةَ الرِّضَا. وَقَالَ الرَّبُّ فِي قَلْبِهِ: «لاَ أَعُودُ أَلْعَنُ الأَرْضَ أَيْضاً مِنْ أَجْلِ الإِنْسَانِ لأَنَّ تَصَوُّرَ قَلْبِ الإِنْسَانِ شِرِّيرٌ مُنْذُ حَدَاثَتِهِ. وَلاَ أَعُودُ أَيْضاً أُمِيتُ كُلَّ حَيٍّ كَمَا فَعَلْتُ.) تكوين 8: 20-21
            وهكذا ندم يهوه، وقرر ألا يبيد البشرية، مضحيًا بعزته وكرامته ومبادئه الأولى، وغير مكترث بما يقترفوه من كفر ورفض له، بل أمر هارون أن يقدم للشيطان تيسًا مثل التيس الذى سيقدمه للرب، تعاون هو نفسه معه، حتى لا يُحرم من رائحة الشواء!
            ويقول: (16فَتَذْبَحُ الْكَبْشَ وَتَأْخُذُ دَمَهُ وَتَرُشُّهُ عَلَى الْمَذْبَحِ مِنْ كُلِّ نَاحِيَةٍ. 17وَتَقْطَعُ الْكَبْشَ إِلَى قِطَعِهِ وَتَغْسِلُ جَوْفَهُ وَأَكَارِعَهُ وَتَجْعَلُهَا عَلَى قِطَعِهِ وَعَلَى رَأْسِهِ 18وَتُوقِدُ كُلَّ الْكَبْشِ عَلَى الْمَذْبَحِ. هُوَ مُحْرَقَةٌ لِلرَّبِّ. رَائِحَةُ سُرُورٍ. وَقُودٌ هُوَ لِلرَّبِّ.) خروج 29: 16-18
            وما رأيك فى إله يَنُوح ويولول، ويمشى حافياً عرياناً، ويصرخ وينتحب كالنساء والحيوانات كبنات آوى؟: (8مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ أَنُوحُ وَأُوَلْوِلُ. أَمْشِي حَافِياً وَعُرْيَاناً. أَصْنَعُ نَحِيباً كَبَنَاتِ آوَى وَنَوْحاً كَرِعَالِ النَّعَامِ) ميخا 1: 8
            وما رأيك فى إله يولد كجحش الفر؟
            (وَكَجَحْشِ الْفَرَا يُولَدُ الإِنْسَانُ.) أيوب 11: 12، وولد الإله لديك كإنسان أى ...
            وما رأيك فى إله يولد عديم الفهم، لا مزية له على البهيمة؟
            (19لأَنَّ مَا يَحْدُثُ لِبَنِي الْبَشَرِ يَحْدُثُ لِلْبَهِيمَةِ وَحَادِثَةٌ وَاحِدَةٌ لَهُمْ. مَوْتُ هَذَا كَمَوْتِ ذَاكَ وَنَسَمَةٌ وَاحِدَةٌ لِلْكُلِّ. فَلَيْسَ لِلإِنْسَانِ مَزِيَّةٌ عَلَى الْبَهِيمَةِ لأَنَّ كِلَيْهِمَا بَاطِلٌ. 20يَذْهَبُ كِلاَهُمَا إِلَى مَكَانٍ وَاحِدٍ. كَانَ كِلاَهُمَا مِنَ التُّرَابِ وَإِلَى التُّرَابِ يَعُودُ كِلاَهُمَا.) الجامعة 3: 19-20
            وذلك على الرغم من قول الرب فى الكتاب الذى تقدسه إنه ليس بإنسان ولا ابن إنسان، أى ليس له جسد، ولا يتجسد: (19ليْسَ اللهُ إِنْسَاناً فَيَكْذِبَ وَلا ابْنَ إِنْسَانٍ فَيَنْدَمَ، هل يقول ولا يفعل؟ أو يتكلم ولا يفى؟) عدد 23: 19
            (9«لاَ أُجْرِي حُمُوَّّ غَضَبِي. لاَ أَعُودُ أَخْرِبُ أَفْرَايِمَ لأَنِّي اللَّهُ لاَ إِنْسَانٌ الْقُدُّوسُ فِي وَسَطِكَ فَلاَ آتِي بِسَخَطٍ.) هوشع 11: 9
            وقال يسوع عن نفسه إنه إنسان: (40وَلَكِنَّكُمُ الآنَ تَطْلُبُونَ أَنْ تَقْتُلُونِي وَأَنَا إِنْسَانٌ قَدْ كَلَّمَكُمْ بِالْحَقِّ الَّذِي سَمِعَهُ مِنَ اللَّهِ. هَذَا لَمْ يَعْمَلْهُ إِبْرَاهِيمُ) يوحنا 8: 40
            وأعلمكم أن المولود من الجسد فهو جسد، وأنتم تعرفون أن يسوع ولد من السيدة مريم: (6اَلْمَوْلُودُ مِنَ الْجَسَدِ جَسَدٌ هُوَ وَالْمَوْلُودُ مِنَ الرُّوحِ هُوَ رُوحٌ.) يوحنا 3: 6
            ولا يمكنكم أن تقولوا إنه ولد من الروح، وإلا لكان روحًا غير مرئيًا!!
            واعترف أن الله روح: (24اَللَّهُ رُوحٌ. وَالَّذِينَ يَسْجُدُونَ لَهُ فَبِالرُّوحِ وَالْحَقِّ يَنْبَغِي أَنْ يَسْجُدُوا».) يوحنا 3: 24
            وأن الروح ليس له عظام أو لحم، أى لا يتجسد: (فَإِنَّ الرُّوحَ لَيْسَ لَهُ لَحْمٌ وَعِظَامٌ) لوقا 24: 39
            ما رأيك فى إله يمتدح جنة فرعون فى كتابه ويفضلها على جنته؟
            (7فَكَانَ جَمِيلاً فِي عَظَمَتِهِ وَفِي طُولِ قُضْبَانِهِ، لأَنَّ أَصْلَهُ كَـانَ عَلَى مِيَاهٍ كَثِيرَةٍ. 8اَلأَرْزُ فِي جَنَّةِ اللَّهِ لَمْ يَفُقْهُ، السَّرْوُ لَمْ يُشْبِهْ أَغْصَانَهُ، وَالدُّلْبُ لَمْ يَكُنْ مِثْلَ فُرُوعِهِ. كُلُّ الأَشْجَارِ فِي جَنَّةِ اللَّهِ لَمْ تُشْبِهْهُ فِي حُسْنِهِ. 9جَعَلْتُهُ جَمِيلاً بِكَثْرَةِ قُضْبَانِهِ حَتَّى حَسَدَتْهُ كُلُّ أَشْجَارِ عَدْنٍ الَّتِي فِي جَنَّةِ اللَّهِ].) حزقيال 31: 7-9
            وما رأيك فى إله يدعو على نفسه بالويل؟
            (1وَيْلٌ لِي لأَنِّي صِرْتُ كَجَنَى الصَّيْفِ كَخُصَاصَةِ الْقِطَافِ. لاَ عُنْقُودَ لِلأَكْلِ وَلاَ بَاكُورَةَ تِينَةٍ اشْتَهَتْهَا نَفْسِي.) ميخا 7: 1
            وما رأيك فى إله يعطى شعبه تعاليم باطلة لا يحيون بها؟
            (وَأَعْطَيْتُهُمْ أَيْضاً فَرَائِضَ غَيْرَ صَالِحَةٍ وَأَحْكَـاماً لاَ يَحْيُونَ بِهَا) حزقيال 20: 25
            وما رأيك فى إله يسىء إليه أنبياؤه؟
            ووصفه موسى (الذى جاء يسوع تابعًا لشريعته وكتابه) بأنه أساء إليه: (11فَقَال مُوسَى لِلرَّبِّ: «لِمَاذَا أَسَأْتَ إِلى عَبْدِكَ وَلِمَاذَا لمْ أَجِدْ نِعْمَةً فِي عَيْنَيْكَ حَتَّى أَنَّكَ وَضَعْتَ ثِقْل جَمِيعِ هَذَا الشَّعْبِ عَليَّ؟) العدد 11: 11
            وقال له نبيه إنك إله مخادع: (10فَقُلْتُ: [آهِ يَا سَيِّدُ الرَّبُّ حَقّاً إِنَّكَ خِدَاعاً خَادَعْتَ هَذَا الشَّعْبَ وَأُورُشَلِيمَ قَائِلاً: يَكُونُ لَكُمْ سَلاَمٌ وَقَدْ بَلَغَ السَّيْفُ النَّفْسَ].) إرمياء 4: 10
            وما رأيك فى إله يصفه نبيه أنه معوج، ملتويًا؟
            (26مَعَ الطَّاهِرِ تَكُونُ طَاهِراً. وَمَعَ الأَعْوَجِ تَكُونُ مُلْتَوِياً.) مزمور 18: 26
            وما رأيك فى إله يصفه نبيه أنه إله غير عادل، يضطهد أنبياءه؟
            (20إِلَيْكَ أَصْرُخُ فَمَا تَسْتَجِيبُ لِي. أَقُومُ فَمَا تَنْتَبِهُ إِلَيَّ. 21تَحَوَّلْتَ إِلَى جَافٍ مِنْ نَحْوِي. بِقُدْرَةِ يَدِكَ تَضْطَهِدُنِي) أيّوب 30: 20-21
            وما رأيك فى إله يصفه بولس أنه يتمتع بجهالة وضعف؟
            (25لأَنَّ جَهَالَةَ اللهِ أَحْكَمُ مِنَ النَّاسِ! وَضَعْفَ اللهِ أَقْوَى مِنَ النَّاسِ!) كورنثوس الأولى 1: 25
            وما رأيك فى إله يأمر بالإبادة الجماعية؟
            (16وَأَمَّا مُدُنُ هَؤُلاءِ الشُّعُوبِ التِي يُعْطِيكَ الرَّبُّ إِلهُكَ نَصِيباً فَلا تَسْتَبْقِ مِنْهَا نَسَمَةً مَا 17بَل تُحَرِّمُهَا تَحْرِيماً: الحِثِّيِّينَ وَالأَمُورِيِّينَ وَالكَنْعَانِيِّينَ وَالفِرِزِّيِّينَ وَالحِوِّيِّينَ وَاليَبُوسِيِّينَ كَمَا أَمَرَكَ الرَّبُّ إِلهُكَ) تثنية 20: 16-17
            (5وَقَالَ لأُولَئِكَ فِي سَمْعِي: [اعْبُرُوا فِي الْمَدِينَةِ وَرَاءَهُ وَاضْرِبُوا. لاَ تُشْفِقْ أَعْيُنُكُمْ وَلاَ تَعْفُوا. 6اَلشَّيْخَ وَالشَّابَّ وَالْعَذْرَاءَ وَالطِّفْلَ وَالنِّسَاءَ. اقْتُلُوا لِلْهَلاَكِ. وَلاَ تَقْرُبُوا مِنْ إِنْسَانٍ عَلَيْهِ السِّمَةُ، وَابْتَدِئُوا مِنْ مَقْدِسِي». فَـابْتَدَأُوا بِـالرِّجَالِ الشُّيُوخِ الَّذِينَ أَمَامَ الْبَيْتِ. 7وَقَالَ لَهُمْ: [نَجِّسُوا الْبَيْتَ، وَامْلأُوا الدُّورَ قَتْلَى. اخْرُجُوا». فَخَرَجُوا وَقَتَلُوا فِي الْمَدِينَةِ.) حزقيال 9: 5-7
            (10ثُمَّ رَجَعَ يَشُوعُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَأَخَذَ حَاصُورَ وَضَرَبَ مَلِكَهَا بِالسَّيْفِ.... 11وَضَرَبُوا كُلَّ نَفْسٍ بِهَا بِحَدِّ السَّيْفِ. حَرَّمُوهُمْ. وَلَمْ تَبْقَ نَسَمَةٌ. وَأَحْرَقَ حَاصُورَ بِالنَّارِ. 12فَأَخَذَ يَشُوعُ كُلَّ مُدُنِ أُولَئِكَ الْمُلُوكِ وَجَمِيعَ مُلُوكِهَا وَضَرَبَهُمْ بِحَدِّ السَّيْفِ. حَرَّمَهُمْ كَمَا أَمَرَ مُوسَى عَبْدُ الرَّبِّ.) يشوع 11: 10-12
            (29فَضَرَبُوا مِنْ مُوآبَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ نَحْوَ عَشَرَةِ آلاَفِ رَجُلٍ، كُلَّ نَشِيطٍ وَكُلَّ ذِي بَأْسٍ، وَلَمْ يَنْجُ أَحَدٌ.) قضاة 3: 29
            وما رأيك فى إله يأمر بالتمثيل بجثث القتلى ويرضى عن فاعله؟
            (4فَقَال الرَّبُّ لِمُوسَى: «خُذْ جَمِيعَ رُؤُوسِ الشَّعْبِ وَعَلِّقْهُمْ لِلرَّبِّ مُقَابِل الشَّمْسِ فَيَرْتَدَّ حُمُوُّ غَضَبِ الرَّبِّ عَنْ إِسْرَائِيل».) العدد 25: 4
            (46هَذَا الْيَوْمَ يَحْبِسُكَ الرَّبُّ فِي يَدِي فَأَقْتُلُكَ وَأَقْطَعُ رَأْسَكَ. وَأُعْطِي جُثَثَ جَيْشِ الْفِلِسْطِينِيِّينَ هَذَا الْيَوْمَ لِطُيُورِ السَّمَاءِ وَحَيَوَانَاتِ الأَرْضِ، فَتَعْلَمُ كُلُّ الأَرْضِ أَنَّهُ يُوجَدُ إِلَهٌ لإِسْرَائِيلَ.) صموئيل الأول 17: 45-46
            (12وَأَمَرَ دَاوُدُ الْغِلْمَانَ فَقَتَلُوهُمَا، وَقَطَعُوا أَيْدِيَهُمَا وَأَرْجُلَهُمَا وَعَلَّقُوهُمَا عَلَى الْبِرْكَةِ فِي حَبْرُونَ.) صموئيل الثانى 4: 12
            (3وَأَخْرَجَ الشَّعْبَ الَّذِينَ بِهَا وَنَشَرَهُمْ بِمَنَاشِيرَِ وَنَوَارِجِ حَدِيدٍ وَفُؤُوسٍ. وَهَكَذَا صَنَعَ دَاوُدُ لِكُلِّ مُدُنِ بَنِي عَمُّونَ. ثُمَّ رَجَعَ دَاوُدُ وَكُلُّ الشَّعْبِ إِلَى أُورُشَلِيمَ.) أخبار الأيام الأول 20: 3
            (40إِنِّي أَرْفَعُ إِلى السَّمَاءِ يَدِي وَأَقُولُ: حَيٌّ أَنَا إِلى الأَبَدِ. 41إِذَا سَنَنْتُ سَيْفِي البَارِقَ وَأَمْسَكَتْ بِالقَضَاءِ يَدِي أَرُدُّ نَقْمَةً عَلى أَضْدَادِي وَأُجَازِي مُبْغِضِيَّ. 42أُسْكِرُ سِهَامِي بِدَمٍ وَيَأْكُلُ سَيْفِي لحْماً. بِدَمِ القَتْلى وَالسَّبَايَا وَمِنْ رُؤُوسِ قُوَّادِ العَدُوِّ.) التثنية 32: 40-42
            وما رأيك فى إله يأمر بتدمير البيئة؟
            (19فَتَضْرِبُونَ كُلَّ مَدِينَةٍ مُحَصَّنَةٍ وَكُلَّ مَدِينَةٍ مُخْتَارَةٍ وَتَقْطَعُونَ كُلَّ شَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ وَتَطُمُّونَ جَمِيعَ عُيُونِ الْمَاءِ وَتُفْسِدُونَ كُلَّ حَقْلَةٍ جَيِّدَةٍ بِالْحِجَارَةِ].) ملوك الثانى 3: 19
            (21وَحَرَّمُوا كُلَّ مَا فِي الْمَدِينَةِ مِنْ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ، مِنْ طِفْلٍ وَشَيْخٍ - حَتَّى الْبَقَرَ وَالْغَنَمَ وَالْحَمِيرَ بِحَدِّ السَّيْفِ. ... 24وَأَحْرَقُوا الْمَدِينَةَ بِالنَّارِ مَعَ كُلِّ مَا بِهَا. إِنَّمَا الْفِضَّةُ وَالذَّهَبُ وَآنِيَةُ النُّحَاسِ وَالْحَدِيدِ جَعَلُوهَا فِي خِزَانَةِ بَيْتِ الرَّبِّ.) يشوع 6: 20-24
            وما رأيك فى إله يسلط دبتان تعيشان فى فلسطين ليأكلن 42 طفلا؟
            أليشَعَ يلعن أطفال والرب يستجيب ويسلط عليهم دُبتان تأكلهم: (وَفِيمَا هُوَ صَاعِدٌ فِي الطَّرِيقِ إِذَا بِصِبْيَانٍ صِغَارٍ خَرَجُوا مِنَ الْمَدِينَةِ وَسَخِرُوا مِنْهُ وَقَالُوا لَهُ: [اصْعَدْ يَا أَقْرَعُ! اصْعَدْ يَا أَقْرَعُ!] 24فَالْتَفَتَ إِلَى وَرَائِهِ وَنَظَرَ إِلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ بِاسْمِ الرَّبِّ. فَخَرَجَتْ دُبَّتَانِ مِنَ الْوَعْرِ وَافْتَرَسَتَا مِنْهُمُ اثْنَيْنِ وَأَرْبَعِينَ وَلَداً.) ملوك الثانى 2: 23-24
            وما رأيك فى إله يأمر بقتل الأطفال، والجنة فى بطون أمهاتهم؟
            (8يَا بِنْتَ بَابِلَ الْمُخْرَبَةَ طُوبَى لِمَنْ يُجَازِيكِ جَزَاءَكِ الَّذِي جَازَيْتِنَا! 9طُوبَى لِمَنْ يُمْسِكُ أَطْفَالَكِ وَيَضْرِبُ بِهِمُ الصَّخْرَةَ!) مزامير 137: 8-9
            (16تُجَازَى السَّامِرَةُ لأَنَّهَا قَدْ تَمَرَّدَتْ عَلَى إِلَهِهَا. بِـالسَّيْفِ يَسْقُطُونَ. تُحَطَّمُ أَطْفَالُهُمْ وَالْحَوَامِلُ تُشَقُّ) هوشع 13: 16
            وما رأيك فى إله يلعن من يمنع سيفه من الدم؟
            (10مَلْعُونٌ مَنْ يَعْمَلُ عَمَلَ الرَّبِّ بِرِخَاءٍ وَمَلْعُونٌ مَنْ يَمْنَعُ سَيْفَهُ عَنِ الدَّمِ.) إرمياء 48: 10
            فهل رحم إله المحبة يهوه/يسوع النساء أو الأطفال أو حتى الأجنة فى بطون أمهاتهم؟
            هل تعتقد أن هذه الوحشية دين إلهى؟
            هل تعتقد أنه يمكن لإنسان عاقل أن يفتخر بهذا الإله أو هذا الكتاب؟ بالطبع لا. بدليل أنكم تسمونه عهد النقمة.
            هل تعتقد أنه يوجد تربوى واعى يعلم الأطفال هذه النصوص؟
            هل تعتقد أنه يعلمون الأطفال هذه النصوص فى الكنائس أو المدارس؟
            هل تعتقد أن مثل هذه النصوص ساعدت فى ترك الكثيرين للكتاب الذى تتمسك بقداسته واتجهوا للإسلام أو للإلحاد؟
            وماذا فعل يسوع كإله فيما تسمونه العهد الجديد؟ هل ندم على ما فات؟ هل انتقد هذه النصوص؟ لا. لقد واصل هذه الممارسات، وأكد أنه لم يأت لينقض نقطة واحدة من الناموس أو الأنبياء. ولكن حالف الناس الحظ فمات على الصليب ميتة مشينة، فأنقذت البشرية من أعماله ونواياه:
            وقد وافق مؤلف الرسالة إلى العبرانيين على كل الممارسات الإرهابية التى أمر بها الرب فى العهد القديم. أليست هذه الرسالة جزء من الكتاب الذى تقدسه؟ أى أليست نصوص إلهية؟: (30بِالإِيمَانِ سَقَطَتْ أَسْوَارُ أَرِيحَا بَعْدَمَا طِيفَ حَوْلَهَا سَبْعَةَ أَيَّامٍ. .. .. .. 33الَّذِينَ بِالإِيمَانِ قَهَرُوا مَمَالِكَ، صَنَعُوا بِرّاً، نَالُوا مَوَاعِيدَ، سَدُّوا أَفْوَاهَ أُسُودٍ، 34أَطْفَأُوا قُوَّةَ النَّارِ، نَجَوْا مِنْ حَدِّ السَّيْفِ، تَقَّوُوا مِنْ ضُعْفٍ، صَارُوا أَشِدَّاءَ فِي الْحَرْبِ، هَزَمُوا جُيُوشَ غُرَبَاءَ) عبرانيين 11: 30 –34
            (49«جِئْتُ لأُلْقِيَ نَاراً عَلَى الأَرْضِ 51أَتَظُنُّونَ أَنِّي جِئْتُ لأُعْطِيَ سَلاَماً عَلَى الأَرْضِ؟ كَلاَّ أَقُولُ لَكُمْ! بَلِ انْقِسَاماً. 52لأَنَّهُ يَكُونُ مِنَ الآنَ خَمْسَةٌ فِي بَيْتٍ وَاحِدٍ مُنْقَسِمِينَ: ثَلاَثَةٌ عَلَى اثْنَيْنِ وَاثْنَانِ عَلَى ثَلاَثَةٍ. 53يَنْقَسِمُ الأَبُ عَلَى الاِبْنِ وَالاِبْنُ عَلَى الأَبِ وَالأُمُّ عَلَى الْبِنْتِ وَالْبِنْتُ عَلَى الأُمِّ وَالْحَمَاةُ عَلَى كَنَّتِهَا وَالْكَنَّةُ عَلَى حَمَاتِهَا».) لوقا 12: 49-53
            (وَقَالَ لَهُمْ: 26«إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَأْتِي إِلَيَّ وَلاَ يُبْغِضُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ وَامْرَأَتَهُ وَأَوْلاَدَهُ وَإِخْوَتَهُ وَأَخَوَاتِهِ حَتَّى نَفْسَهُ أَيْضاً فَلاَ يَقْدِرُ أَنْ يَكُونَ لِي تِلْمِيذاً.) لوقا 14: 25-26
            (34«لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لِأُلْقِيَ سَلاَماً عَلَى الأَرْضِ. مَا جِئْتُ لِأُلْقِيَ سَلاَماً بَلْ سَيْفاً. 35فَإِنِّي جِئْتُ لِأُفَرِّقَ الإِنْسَانَ ضِدَّ أَبِيهِ وَالاِبْنَةَ ضِدَّ أُمِّهَا وَالْكَنَّةَ ضِدَّ حَمَاتِهَا.) متى 10: 34-40
            ثم اقرأ قول الرب الذى يعترف فيه أن السيف للقتل: (.. .. يَقُولُ الرَّبُّ: السَّيْفَ لِلْقَتْلِ .. ...) إرمياء 15: 3
            واقرأ قوله بلعن من يمنع سيفه من القتل: (10مَلْعُونٌ مَنْ يَعْمَلُ عَمَلَ الرَّبِّ بِرِخَاءٍ وَمَلْعُونٌ مَنْ يَمْنَعُ سَيْفَهُ عَنِ الدَّمِ.) إرمياء 48: 10
            (27أَمَّا أَعْدَائِي أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِيدُوا أَنْ أَمْلِكَ عَلَيْهِمْ فَأْتُوا بِهِمْ إِلَى هُنَا وَاذْبَحُوهُمْ قُدَّامِي».) لوقا 19: 27
            29- هل رأيت كاذبًا يضع أول دستور فى الحياة لمنع جرائم الحرب واحترام حقوق الإنسان، ومتابعة مجرمى الحرب؟اقرأ كم فقرة أخذها قانون حقوق الإنسان من الإسلام!
            30- هل رأيت كاذبًا يضع أفضل دستور أخلاقى يحتاجه العالم اليوم وغد وفى كل وقت؟
            31- ألا ترى أن الله تعالى كان يفاجأه دائمًا بنزول القرآن الكريم عليه فى بعض المواقف، منها آيات تقدم حلولا لمشكلة ما ظهرت فجأة لدى بعض الأشخاص، ومنها آيات تعدل حكم رآه الرسول أو الصحابة، ومنها آيات تحذر الرسول صلى الله عليه وسلم وتمنعه من العودة لهذا التصرف؟ ألا ترى أن هذا دليل من دلائل صدقه؟
            ألم يأتى القرآن موافقًا على رأى عمر فى الأسرى، دون رأى الرسول صلى الله عليه وسلم، ورأى أبى بكر؟
            32- ألست معى فى أنه لو كان كاذبًا مدعيًا للنبوة لقتله الله تعالى، ولما ترك دعوته للنهوض، ولما حفظه، ولما حفظ الكتاب الذى جاء به مدعيًا أنه كتاب الله؟
            33- ألست معى فى أنه لو كان كاذبًا مدعيًا للنبوة لقتله الله تعالى، ولما استجاب الله له دعاءً، ولما حقق له نبوءة مستقبلية؟
            34- ألا ترى أن الله تعالى كان يفاجأه دائمًا بنزول القرآن الكريم عليه فى بعض المواقف، فيقرأ الرسول صلى الله عليه وسلم القرآن، ويقول هذا كلام الله تعالى دون تمهيد مسبق له، ليجهز نفسه لهذا الموقف، ودون أن يعلم بما سيستجد من مشاكل عند بعض الأشخاص، أو إنهم سيأتون طالبين حلولا لها، أو عند أحدهم أو مجموعة منهم مشكلة ما، ثم يتحداهم أن يأتوا بمثله فيفشلوا؟ فهل يوجد كاذب ومدعى للنبوة يغامر بمستقبل دعوته، فيتحدى أعلم الناس باللغة العربية ويدعى أن هذا كلام الله المعجز؟
            35- هل تعتقد أن محمدًا كان أذكى البشر، وأنه تمكن من الضحك على كل البشر فى عصره، ومازال يضحك على مليارات البشر، بكذب ادعاه؟ أم تعتقد أن كل البشر أغبياء فتمكن من الضحك عليهم؟ أم تعتقد أن الرب مازال يدلس على البشر حتى اليوم ويسعدهم باتباعه وتصديقه؟
            36- هل رأيت إنسانًا يصبو إلى الحكم والملك والنبوة، فيعرض عليه كفار بلاده الذين يحاربون دعوته، ويريدون قتله، الاعتراف به وبربه عامًا على أن يعترف هو بآلهتهم فى العام الذى يليه فيرفض؟ لقد كانت أمامه الفرصة فى كسب نصف الطريق مرة واحدة دون حروب قد يموت فيها، ويكون ملكا عليهم، فيرفض ويقبل الحرب والهلاك حتى يذعنوا لكتاب الله وحكمه! إنه والله لإنسان صادق، له رسالة يسعى لتنفيذها. إنه لإنسان أمين، يحب الله تعالى ويسعى لتطبيق شرعه إسعادًا للبشرية!
            37- هل رأيت شخصًا يدعى النبوة فيساومه المشركون على أن يتركوه فى حاله إن سكت عن آلهتهم، فيرفض هذا المكسب الدنيوى، ويتطلع إلى ما فى يد الله فى الآخرة؟
            38- هل يوجد من يدعى النبوة، فيعرض عليه الكفار أن يملكوه عليهم، وأن يعطوه ما يشاء من المال، وأن يزوجوه أجمل النساء، وأى عدد يشاء، فيرفض إلا أن يكونوا عبيدًا لله، خاضعين له، مطيعين لشريعته؟
            39- قال النبى صلى الله عليه وسلم أنه أوحى إليه عدد 6263 آية، وسمى هذا قرآنًا منزلا عليه من الله تعالى، وروى هو نفسه من الأحاديث سبعمائة ألف وكسر، وروى أحاديث قدسية تصل إلى 863 حديثًا. ألا ترى أن أى شخص يدعى النبوة لن يغامر بالتضحية برسالته بالتكلم بثلاثة أساليب لغوية؟ ألا ترى أن هذا الكم الكبير من الأحاديث يجعله ينسى فيظهر كذبه؟ فهل يوجد إنسان يدعى النبوة ويكون له عدد من الأحاديث يربوا على السبعمائة ألف؟ فأنا أتخيل الكذاب مدعى النبوة سيصمت معظم وقته، خوفًا من نسيان شىء قال عكسه من قبل، أو الاضطراب!
            40- إن الكذاب لن يتمكن من الكذب على أهل بيته، فهل كان النبى صلى الله عليه وسلم يكذب على زوجاته، فيقف جزءًا من الليل مصليًا حتى تفطرت قدماه؟
            41- لماذا يحدد الكاذب مدعى النبوة أن الصوم من أعظم القربات، وثوابها من أعظم الثواب، ليصوم هو نفسه شهر رمضان، ومعظم شهر شعبان، ويومين من كل أسبوع، بالإضافة إلى ثلاثة أيام من منتصف كل شهر، ناهيك عن صيامه وقت خلو بيته من الطعام. هذا غير صومه الطويل من أى شهر، حتى كان الصحابة يظنون أنه لن يفطر فيه؟ فهل يوجد إنسان تصبو نفسه للملك يعيش عيشة الفقراء بمحض إرادته؟
            42- هل يوجد كاذب يدعى النبوة يقول للناس إن له خمس الغنائم، وهى مردودة عليهم، ولا يكون له نصيب منها لا فى الحياة ولا لورثته بعد الممات؟ فما هو مكسبه بالضبط من الكذب؟
            ونقلا عن موقع "بيان الإسلام": وليس أدل على هذه البراءة كذلك من أنه - صلى الله عليه وسلم - كان كثيرا ما يؤثر غيره بنصيبه الشرعي الذي جعله الله له من الغنائم، فمثلا عندما كان يقسم غنائم حنين، وكانت عظيمة جليلة لم يصب المسلمون آنئذ مثلها، وكان للنبي - صلى الله عليه وسلم - منها الخمس - كما فرض الله - عز وجل - له - وكان مقداره يقرب من أن يكون 5000 من الإبل، و8000 من الغنم، و800 أوقية فضة، ومع ذلك فإن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ حين وجد ازدياد طلب المسلمين للمال وازدحامهم عليه حتى نزعوا عنه رداءه؟ قال لهم: «يأيها الناس، ردوا علي ردائي، فوالذي نفسي بيده، لو كان عندي شجر تهامة نعما لقسمته عليكم، ثم ما ألفيتموني بخيلا ولا جبانا ولا كذاباثم قام إلى جنب بعيره فأخذ من سنامه وبرة فقال: أيها الناس، إنه ليس لي من الفيء شيء ولا هذا" ورفع أصبعيه "إلا الخمس، والخمس مردود عليكم». (أخرجه أحمد في مسنده)
            وعن أنس بن مالك أنه قال: "كان النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يدخر شيئا لغد". (أخرجه الترمذي في سننه) أي: لا يدخر لمستقبله شيئا من مأكول ومشروب، لسماحة نفسه، وسخاوة كفه، وثقته بربه، وهكذا الأخبار متواترة بجوده وكرمه صلى الله عليه وسلم. (شمائل المصطفى صلى الله عليه وسلم، د. وهبة الزحيلي، دار الفكر، دمشق، ط1، 1427هـ/ 2006م، ص121. وانظر: محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ المثل الكامل، أحمد جاد المولى، مكتبة دار المحبة، دمشق، ط1، 1412هـ/ 1991م، ص24)
            وكان جوده صلى الله عليه وسلم كله في ابتغاء مرضاته سبحانه وتعالى: فإنه كان يبذل المال تارة لفقير أو محتاج، وتارة ينفقه في سبيل الله سبحانه وتعالى، وتارة يتألف به على الإسلام من يقوى به الإسلام، وكان يؤثر على نفسه وأولاده: فيعطي عطاء يعجز عنه الملوك مثل كسرى وقيصر، ويعيش في نفسه عيش الفقراء: فيأتي عليه الشهر والشهران لا يوقد في بيته نار،وربما ربط الحجر على بطنه الشريف من الجوع!
            ولقد روى أبو هريرة رضى الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم، فمن توفي من المؤمنين وترك دينا فعلي قضاؤه، ومن ترك مالا فلورثته». (أخرجه البخارى، راجع أيضًا: محمد صلى الله عليه وسلم المثل الكامل، أحمد جاد المولى،مكتبة دار المحبة، دمشق، ط1، 1412هـ/1991م، ص26)
            وينبغي أن لا نغفل أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن ممن يعجز عن أن يجمع إليه الدنيا بحذافيرها، بل كانت رهن إشارته، وها هي قريش قد عرضت عليه أعز ثرواتها، ولكنه رد قائلا: «هل ترون هذه الشمس؟ قالوا: نعم، قال: ما أنا بأقدر أن أدع ذلك منكم على أن تشتعلوا لي منها شعلة». (حسن: أخرجه البزار في مسنده، ج2)
            ولم يكن من العسير على محمد صلى الله عليه وسلم، وقد دانت له جزيرة العرب كلها، أن يبني أفخر قصر، ويجمع إليه أجمل بنات العرب، وأفتن جواري الفرس والروم.
            ولم يكن عسيرا عليه أن يوفر لنفسه ولأهله من الطعام والكساء والزينة ما لم يتوفر لسيد من سادات الجزيرة في زمانه، فهل فعل محمد صلى الله عليه وسلم ذلك بعد نجاحه؟ هل فعل محمد صلى الله عليه وسلم ذلك في مطلع حياته؟ كلا، لم يفعله قط، بل فعل نقيضه وكاد أن يفقد زوجاته لشكايتهن من شظف العيش (أى ضيقه وشدته) في داره. (الإسلام في قفص الاتهام، د. شوقي أبو خليل، دار الفكر، دمشق، ط2، 1425هـ/ 2004م، ص 201 بتصرف يسير من "بيان الإسلام")
            أضف إلى ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم طالما سعى إلى الفتح السلمي دون حروب، ودون غنائم، كما حصل في فتح مكة، وطالما حصل على غنائم ثم ردها لأصحابها بعد إسلامهم، كما حدث في غزوة حنين والطائف وبني المصطلق.
            وكان من نصيب النبي صلى الله عليه وسلم يوم بدر سيف، كان سعد بن أبي وقاص قد اشتهاه وطلبه من النبي صلى الله عليه وسلم قبل القسمة فأبى، فلما آل إلى النبي أعطاه لسعد، وقال له: «إنك سألتني هذا السيف وليس هو لي ولا لك، وإن الله قد جعله لي فهو لك». (صحيح: أخرجه أحمد في مسنده،)، راجع أيضًا (هدي السيرة النبوية في التغيير الاجتماعي، حنان اللحام، دار الفكر، دمشق، ط1، 1422هـ/ 2001م، ص 222)
            وهكذا أبى النبي صلى الله عليه وسلم أن يعطي أحد المجاهدين سيفا من الغنيمة لا يملكه، فلما آل إليه صلى الله عليه وسلم سمحت به نفسه وجادت به يمينه.
            هذا وقد علم من حاله صلى الله عليه وسلم أنه كان زاهدًا في الدنيا، متقللا منها، معرضا عن زهرتها غير ناظر إلى نضرتها، متحليا بالطاعة، مستشعرا العفاف والكفاف، مقتصرًا من نفقته وملبسه على ما تدعو إليه الضرورة.
            لقد ضرب محمد صلى الله عليه وسلم المثل الأعلى من نفسه، في فقره وغناه، وضعفه وقوته، ضربه صلى الله عليه وسلم وهو محاصر مع أهله في شعب بني هاشم، وضربه وهو ملتجئ إلى المدينة، وهو يقيم دولة الإسلام فيها، وبعد أن أقامها، وبعد أن ملك الأموال والرقاب في جزيرة العرب كلها، فكان يهب هبات الملوك، فيعطي الغني، ويرجع إلى داره وفراشه فيها الحصير، وطعامه خبز الشعير. (بطل الأبطال أو أبرز صفات النبي صلى الله عليه وسلم، عبد الرحمن عزام، دار الهداية، القاهرة، ط1، 1427هـ/ 2006م، ص 31، 32)
            لقد زهد النبي صلى الله عليه وسلم في الدنيا لينال رضا الله في الآخرة، فعن عائشة رضي الله عنها قالت: «ما شبع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة أيام تباعا من خبز حتى مضى لسبيله». (أخرجه البخاري) وفي رواية: «ما شبع آل محمد - صلى الله عليه وسلم - من خبز شعير يومين متتابعين حتى قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم». (أخرجه البخاري)
            وعن عائشة - رضي الله عنها - أيضا قالت: "لم يمتلئ جوف النبي - صلى الله عليه وسلم - شبعا قط، ولم يبث شكوى إلى أحد، وكانت الفاقة أحب إليه من الغنى، وإن كان ليظل جائعا، يلتوي طول ليلته من الجوع، فلا يمنعه من صيام يومه، ولو شاء سأل ربه جميع كنوز الأرض، وثمارها ورغد عيشها، ولقد كنت أبكي له، رحمة مما أرى به، وأمسح بيدي على بطنه مما به من الجوع، وأقول: نفسي لك الفداء، لو تبلغت من الدنيا بما يقوتك؟ فيقول: يا عائشة مالي وللدنيا؟! إخواني من أولي العزم من الرسل صبروا على ما هو أشد من هذا، فمضوا على حالهم، فقدموا على ربهم، فأكرم مآبهم، وأجزل ثوابهم، فأجدني أستحي إن ترفهت في معيشتي أن يقصر بي غدا دونهم، وما من شيء هو أحب إلي من اللحوق بإخواني وأخلائي، قالت: فما أقام عاما بعد إلا شهرا، حتى توفـي صلى الله عليه وسلم".
            وحينما أعطت امرأة من الأنصار السيدة عائشة - رضي الله عنها - فراشا حشوه صوف لينام عليه النبي صلى الله عليه وسلم رآه النبي فاستنكره، وقال: «يا عائشة، رديه، والله، لو شئت لأجرى الله معي جبال الذهب والفضة». (صحيح، أخرجه الطبراني في المعجم الوسط)
            فقد دخل عليه عبد الله بن مسعود، وقد قام صلى الله عليه وسلم على حصير، وقد أثر في جنبه الشريف، فقال له ابن مسعود: «يا رسول الله، ألا آذنتنا حتى نبسط لك على الحصير شيئا؟ فقال صلى الله عليه وسلم: ما لي وللدنيا؟! ما أنا والدنيا؟! إنما مثلي ومثل الدنيا كراكب ظل تحت شجرة ثم راح وتركها». (صحيح، أخرجه أحمد في مسنده، مسند)
            ومن صور زهده صلى الله عليه وسلم أنه ذكر مرة في الصلاة أن في بيته تبرًا (أى: ذهب غير مصوغ)، فخفف الصلاة فأسرع إلى التبر ففرقه على الفقراء؛ كراهة أن يبيت الذهب في بيته.
            وأنه صلى الله عليه وسلم كان يضع تسعين ألف درهم على حصير أمامه، فينفقها جميعا، وكان يفترش الحصير حتى يؤثر في جنبه.
            وأخبر في مرض موته صلى الله عليه وسلم أن في بيته سبعة دنانير، فأمر أهله أن يتصدقوا بها فنسوا لاشتغالهم بمرضه، وأفاق يوم الأحد الذي سبق وفاته، فسأل عائشة ما فعلت بالسبعة دنانير؟ فأجابت: إنها لا تزال عندها، فطلبها ووضعها في كفه، ثم قال: ما ظن محمد بربه لو لقي الله - عز وجل - وعنده هذه؟ ثم تصدق بها على الفقراء.
            43- الكاذب يؤمن أن الرب لن يُجرى المعجزات على يديه، فكيف وثق محمد صلى الله عليه وسلم فى تيسير الله المعجزات على يديه؟ وهل يُجرى الرب المعجزات على أيدى الأنبياء الكذبة، ليضلل عباده؟ ألم تقرأ يا سيد رشيد عن بعض معجزاته صلى الله عليه وسلم، الحسية التى لها من شاهدها وحكاها، أى متواترة، مثل تسبيح الحصى بين يديه، بكاء جزع النخلة التى كان يقف عليها صلى الله عليه وسلم خطيبًا، إبرائه عين قتادة بعد تدليها، انشقاق القمر، نزول الماء من بين يديه، نزول المطر بدعائه، فيضان ماء بئر الحديبية، تكثير الطعام، سجود البعير له، سلام الحجر عليه، شهادة الذئب برسالته، نطق الغزالة ووفاؤها بوعدها لرسول الله صلى الله عليه وسلم، شفاء الضرير بدعائه صلى الله عليه وسلم، تحول جذل الحطب سيفًا فى يد عكاشة، وصدق إخباره بالغيب، ومثل ... و... و...؟
            ألم تقرأ عن دفاع الملائكة عنه أمام صناديد قريش؟: عن أبي هريرة رضى الله عنه قال: قال أبو جهل: هل يعفِّر محمد وجهه بين أظهركم؟ (أى هل يصلي جهارةً أمامكم)، فقيل: نعم. فقال: واللات والعزى لئِن رأيته يفعل ذلك لأطَأنَّ على رقبته أو لأعَفِرَنَّ وجهه في التراب. فأتى الرسول محمد (صلى الله عليه وسلم) وهو يصلي لِيَطأ على رقبته، فما فاجأهم منه إلا وهو ينكص على عقبيه، وأخذ يقي وجهه بيديه، فقيل له: ما لك؟ قال: إن بيني وبينهُ خندقاً من نار وهَولاً وأجنحة‍‍‍!!!. فقال الرسول (صلى الله عليه وسلم): لو دنا مني لاختطفته الملائكة عضواً عضوا. (ومعنى عضوا عضوا أى الملائكة تأخذه عظمة عظمة) وأنزل الله في القرآن: (كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى (6) أَنْ رَآَهُ اسْتَغْنَى (7) إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى (8) أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى (9) عَبْدًا إِذَا صَلَّى (10) أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ عَلَى الْهُدَى (11) أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَى (12) أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى (13) أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى (14) كَلَّا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعَنْ بِالنَّاصِيَةِ (15) نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ (16) فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ (17) سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ (18) كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ (19)) العلق 6-19
            44- ألم تفكر أنه لو كان هذا ليس بوحى إلهى، لكان بوحى شيطانى؟ ومن أعمال الشيطان عدم إظهار الحقيقة وإخفاؤها، هذا على كل من يتلقون دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم ويصدقونها. ومن عدل الله ورحمته إظهار كذب الوحى الكاذب، وإظهار الحقيقة. فهل تعتقد أن قوة الشيطان وأعماله تلغى عدالة الله ورحمته وقوته؟
            أعتقد أنك تؤيد هذا المنطق! فالشخص الذى يؤمن أن الشيطان اعتقل الرب 40 يومًا لا يصعب عليه تصديق هذه الخرافة التى تدعيها!! (لوقا 4: 1-13)
            والذى يؤمن أن عبد من عبيد الرب ضربه، وأجبره على أن يباركه، ويعطيه النبوة التى سرقها من أبيه (تكوين 32: 22-30)، واشتراها من أخيه بطبق عدس (تكوين 25: 29-34)، بعد قصة كذب مع أمه لخداع الرجل النبى الضرير، لا يستبعد عليه أن يعتبر الرب شيطان، والشيطان إله، ولا يؤمن بخير البشر كنبى يوحى إليه من الله. حيث آمن فى كتابه أن الوحى لا يتأتى إلا بعملية نصب (تكوين الإصحاح 27)، أو ضرب الإله، أو لا يكون نبيًا إلا من كان كافرًا، عابدًا للأوثان، أو يعصى الرب، أو يتاجر بعرض زوجته!
            فهذا نبى الله إبراهيم كان يتاجر فى عرض زوجته الجميلة سارة (تكوين 12: 11-16)، وهذا يعقوب كذب على أبيه وسرق البركة والنبوة من أخيه، وبذلك فرض على الرب أن يوحى إليه (تكوين الإصحاح 27)، بل ضرب الرب وأجبره أن يباركه (تكوين 32: 24-30)، وهذا لوط زنى بابنتيه وأنجب منهما (تكوين 19: 30-38)، وهذا رأوبين يزنى بزوجة أبيه (تكوين 35: 22 ؛ 49: 3-4) ، وهذا يهوذا زنى بزوجة ابنه وأنجب منها (تكوين الإصحاح 38)، وهذا موسى وهارون خانا الرب ولم يقدساه أمام بنى إسرائيل (تثنية 32: 48-51)، وهذا هارون صنع العجل ودعا بنى إسرائيل لعبادته، وتركه موسى ولم يعاقبه (خروج 32: 1-6)، وهذا داود زنى بزوجة جاره وقَتَلَه وخان جيشه (صموئيل الثانى صح 11)، ثم قتل أولاده الخمسة من زوجته ميكال إرضاءً للرب (صموئيل الثاني21: 8-9)، وأنه كان ينام فى حضن فتاة عذراء فى هرمه (ملوك الأول 1: 1-4)، وعلى الرغم من ذلك فإن المسِّيِّا المنتظر، الذى يُعد خاتم رسل الله، وشريعته سوف تكون الشريعة الباقية، سيأتى فى نظرهم من داود، بعد كل ما قالوه عنه، وهذا أبشالوم ابن داود زنى بزوجات أبيه (صموئيل الثاني 16: 22)، وهذا أمنون ابن داود زنى بأخته ثامار (صموئيل الثانى صح 13)، ناهيك عن الأنبياء الذين تركوا الرب وعبدوا الأوثان ، بل دعوا لعبادتها وبنوا لها المذابح ، وقدموا لها القرابين مثل نبى الله سليمان الحكيم (الملوك الأول 11: 4-7).
            والشخص الذى يؤمن أن الرب تعاون مع الشيطان لإغواء أخاب، لن يصعب عليه ادعاء انتصار الشيطان على الله!! (ملوك الأول 22: 19-22)
            والذى يؤمن أن الشيطان سخَّن الرب على عبده أيوب، وضحك على الرب لكى يتخلى عن عبده أيوب، وترك الشيطان يضله، لا يصعب عليه تصديق كلامك يا سيد رشيد!! (أيوب 2: 6-12)
            والذى يؤمن أن الرب أمر هارون أن يقدم تيس لإبليس (عزازيل) مشابه للتيس الذى سيقدمه للرب، بعد أن يلقى القرعة عليهما، حتى لا يفضل الرب نفسه على الشيطان فى الاختيار، سيؤمن فى يوم من الأيام مساواة الرب مع إبليس! (لاويين 16: 5-10)
            والذى يؤمن بكتاب يطلق على الشيطان إله هذا الدهر وسيد العالم، ورئيس سلطان الهواء، لا يستغرب عليه أن يعتبر كلام الرب من وحى الشيطان!!
            (4الَّذِينَ فِيهِمْ إِلَهُ هَذَا الدَّهْرِ قَدْ أَعْمَى أَذْهَانَ غَيْرِ الْمُؤْمِنِينَ، لِئَلاَّ تُضِيءَ لَهُمْ إِنَارَةُ إِنْجِيلِ مَجْدِ الْمَسِيحِ، الَّذِي هُوَ صُورَةُ اللهِ.) كورنثوس الثانية 4: 4
            (31اَلآنَ دَيْنُونَةُ هَذَا الْعَالَمِ. اَلآنَ يُطْرَحُ رَئِيسُ هَذَا الْعَالَمِ خَارِجاً.) يوحنا 12: 31؛ 14: 3؛ 16: 11
            (11وَأَمَّا عَلَى دَيْنُونَةٍ فَلأَنَّ رَئِيسَ هَذَا الْعَالَمِ قَدْ دِينَ.) يوحنا 16: 11
            (2الَّتِي سَلَكْتُمْ فِيهَا قَبْلاً حَسَبَ دَهْرِ هَذَا الْعَالَمِ، حَسَبَ رَئِيسِ سُلْطَانِ الْهَوَاءِ، الرُّوحِ الَّذِي يَعْمَلُ الآنَ فِي أَبْنَاءِ الْمَعْصِيَةِ،) أفسس 2: 2

            تعليق

            • abubakr_3
              مُشرِف

              • 15 يون, 2006
              • 849
              • موظف
              • مسلم

              #21
              رد: مناظرة مع السيد رشيد حول نبوة محمد صلى الله عليه وسلم

              45- ولو كان هناك تعاون ثنائى مشترك بين الرب والشيطان، فهل اتفقا على البر والتقوى، بما يخالف مبدأ الشيطان وأعماله، أم تنازل الرب عن الصلاح والمحبة وتعاون مع الشيطان على الإثم والعدوان؟ وهل عليك بهذا المفهوم أن تستبدل اسم الرب بالشيطان، والشيطان بالرب، لأنه أصبح يقوم كل منهما بعمل الآخر؟ وهل أصبح الرب بذلك رباعى الأقانيم بعد إضافة الشيطان إليهم؟ وهل اتفق الآب أم الابن أم الروح القدس أم الثلاثة مع هارون على إلقاء القرعة على التيسين من أجل إرضاء إبليس؟
              46- إن ما يدعيه أى شخص بأنه موحى إليه كاذبًا، سيكون وحيه وكلامه من الشيطان. فهل الشيطان يحارب نفسه ومملكته فى القرآن؟
              هل قال الشيطان هذه الآيات التى تبين ذلته على الله، وأن مكانه جهنم مع أوليائه، وأنه لا يقول إلا الكذب، وأن مهمته الأساسية إخراج عباد الله من الطريق القويم إلى الفجور، وإخراجهم من الجنة إلى النار وبئس المصير:
              هل قال الشيطان: (فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ) البقرة: 36
              هل قال الشيطان: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ ۚ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ) البقرة: 168
              هل قال الشيطان: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ ۚ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ) البقرة: 208
              هل قال الشيطان: (الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ ۖ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا ۗ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) البقرة: 268
              هل قال الشيطان: (إِنَّمَا ذَٰلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) آل عمران: 175
              هل قال الشيطان: (وَالَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ ۗ وَمَنْ يَكُنِ الشَّيْطَانُ لَهُ قَرِينًا فَسَاءَ قَرِينًا) النساء: 38
              هل قال الشيطان: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا) النساء: 60
              هل قال الشيطان: (الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ۖ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ ۖ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا) النساء: 76
              هل قال الشيطان: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ ۖ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ) المائدة: 90-91
              هل قال الشيطان: (...وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ ۚ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ)الأنعام: 142
              هل قال الشيطان: (فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ) النحل: 98
              هل قال الشيطان: (وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ ۚ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا) الإسراء: 53
              هل قال الشيطان: (يَا بَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا ۗ إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ ۗ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ) الأعراف: 27
              هل قال الشيطان: (وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ ۚ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) الأعراف: 200
              وهل قال: (إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَىٰ قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدَامَ) الأنفال: 11
              هل قال الشيطان: (وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لَا غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَكُمْ ۖ فَلَمَّا تَرَاءَتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرَىٰ مَا لَا تَرَوْنَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ ۚ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ) الأنفال: 98
              هل قال الشيطان: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ ۚ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ ۚ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَىٰ مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) النور: 21
              هل قال الشيطان: (وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ) النمل: 24
              هل قال الشيطان: (اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنْسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ ۚ أُولَٰئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ ۚ أَلَا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ) المجادلة: 19
              هل قال الشيطان: (كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ) الحشر: 16
              هل قال الشيطان: (إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا ۚ إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ) فاطر: 6
              بينما قال الشيطان: (وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ ۚ وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا * يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ ۖ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا) النساء: 119-120
              وسيقول الشيطان لأوليائه فى الآخرة: (وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ ۖ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي ۖ فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ ۖ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ ۖ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ ۗ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) إبراهيم: 22
              فأين الأدلة النصية من القرآن الكريم والأحاديث الصحيحة على أن الوحى المحمدى هو وحى شيطانى؟ إن النصوص التى لدينا لتثبت أنه وحى إلهى، فهل أثبتم أنتم ما تدعون كذبًا وزورًا؟
              47- هل أوحى الشيطان إلى الرسول، وبالتالى أمره بالعدل والإحسان وإيتاء ذى القربى، ونهاه عن الفحشاء والمنكر والبغى؟ إذن لقد انقسمت مملكة الشياطين على نفسها، وأصبح منهم الشيطان الخير والشيطان الشرير، كما أجاب يسوع على اتهام اليهود له أنه يخرج الشياطين ويعالج الممسوسين برئيس الشياطين!!
              (22حِينَئِذٍ أُحْضِرَ إِلَيْهِ مَجْنُونٌ أَعْمَى وَأَخْرَسُ فَشَفَاهُ حَتَّى إِنَّ الأَعْمَى الأَخْرَسَ تَكَلَّمَ وَأَبْصَرَ. 23فَبُهِتَ كُلُّ الْجُمُوعِ وَقَالُوا: «أَلَعَلَّ هَذَا هُوَ ابْنُ دَاوُدَ؟» 24أَمَّا الْفَرِّيسِيُّونَ فَلَمَّا سَمِعُوا قَالُوا: «هَذَا لاَ يُخْرِجُ الشَّيَاطِينَ إِلاَّ بِبَعْلَزَبُولَ رَئِيسِ الشَّيَاطِينِ». 25فَعَلِمَ يَسُوعُ أَفْكَارَهُمْ وَقَالَ لَهُمْ: «كُلُّ مَمْلَكَةٍ مُنْقَسِمَةٍ عَلَى ذَاتِهَا تُخْرَبُ وَكُلُّ مَدِينَةٍ أَوْ بَيْتٍ مُنْقَسِمٍ عَلَى ذَاتِهِ لاَ يَثْبُتُ. 26فَإِنْ كَانَ الشَّيْطَانُ يُخْرِجُ الشَّيْطَانَ فَقَدِ انْقَسَمَ عَلَى ذَاتِهِ. فَكَيْفَ تَثْبُتُ مَمْلَكَتُهُ؟) متى 12: 22-26
              (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَيَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ ۚ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) النحل: 90
              (الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ ۖ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا ۗ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) البقرة: 268
              48- ألست معى فى أن شهرة الرسول صلى الله عليه وسلم بالصادق الأمين قبل الدعوة وبعدها، وعدم ظهور أى كذب عليه فى كلامه أو تصرفه، لدليل على أنه نبى الله حقًا، وأن الله يحفظه من الضلال والإضلال، وأنه يحفظه من الشيطان وأعوانه، حفظًا للدعوة ولنبيه وللقرآن الذى قال فيه الله لنبيه: (وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ) القلم: 4
              49- حارب الرسول صلى الله عليه وسلم فى 9 غزوات من أصل 29 غزوة. ألم يكن بمقدور الرب أن ينتقم منه، ويقتله كما توعد فى الكتاب الذى تقدسه؟
              (20وَأَمَّا النَّبِيُّ الذِي يُطْغِي فَيَتَكَلمُ بِاسْمِي كَلاماً لمْ أُوصِهِ أَنْ يَتَكَلمَ بِهِ أَوِ الذِي يَتَكَلمُ بِاسْمِ آلِهَةٍ أُخْرَى فَيَمُوتُ ذَلِكَ النَّبِيُّ.) التثنية 18: 20، وجاءت بالتوعد بقتله فى الترجمة العربية المشتركة، والكاثوليكية اليسوعية، والسامرية. وقد غيروها فى ترجمة الفاندايك إلى (يموت)، حتى يتم استبعاد نفى النبوة والصدق عن يسوع بسبب أنه قُتل.
              50- ماذا استفاد الرسول من إقامة هذه الدولة الإسلامية؟ فكما رأينا لم يستفد مالا ولا نساءً، ولا جاهً، أو سلطانً. فلم تُسَمَّ الدولة باسمه، ولم يقل إلا أنه عبد الله ورسوله. وقال يوم حنين: (أَنَا ابْنُ الْعَوَاتِكِ مِنْ سُلَيْمٍ) وكلهن سيدات طاهرات.
              فهل رأيت إنسان يطمح فى سلطان وينسب نفسه لسيدات، فى زمن كانت المرأة فيه أحقر من الدابة؟ إنه صلى الله عليه وسلم معلم البشرية احترام المرأة!
              51- هل رأيت إنسان مصاب بداء العظمة (كما تدعون)، ويطمح إلى الملك، يترك أحد جنوده يقتص منه أمام جيشه؟
              (أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم عدل صفوف أصحابه يوم بدر، وفي يده قدح يعدل به القوم، فمر بسواد بن غزيَّة حليف بني عدي ابن النجار قال: وهو مستنتل [متقدم عن الصف] من الصف، فطعن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالقدح في بطنه، وقال: استو يا سواد. فقال: يا رسول الله، أوجعتني، وقد بعثك الله بالعدل، فأقدني. قال: فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: استقد. قال: يا رسول الله، إنَّك طعنتني، وليس عليَّ قميص. قال: فكشف رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بطنه، وقال: استقد [أى اقتص منى] قال: فاعتنقه، وقبَّل بطنه، وقال: ما حملك على هذا يا سواد؟ قال: يا رسول الله، حضرني ما ترى، ولم آمن القتل، فأردت أن يكون آخر العهد بك أن يمس جلدي جلدك. فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم له بخير) صححه الألبانى فى السلسلة الصحيحة (3/1404)
              52- لو لم يكن محمدًا صلى الله عليه وسلم نبيًا يوحى إليه من الله، ولو كان يبغى من هذه النبوة فقط مكاسب شخصية، فما الذى أدخله فى الحديث عن العلاقة الشخصية بين الرجل وزوجته فى الفراش؟ وما الذى أدخله فى الحديث عن النظافة والتطهر؟ وما الذى أدخله فى علاقة الإنسان بربه؟ أليس من الأفضل له لو كان تكلم فى التجارة وكيفية التربح بغض النظر عن مصدر هذه النقود؟
              53- هل لنبى يدعى النبوة وعنده جنون العظمة (كما تدعون) يذكر اسمه فى الكتاب الذى يدعى نزوله عليه من السماء 4 مرات فقط، فى حين أنه يذكر عيسى ابن مريم عليه السلام 25 مرة، وموسى 136 مرة؟
              54- هل لنبى عنده جنون العظمة (كما تدعون) ينام داخل بيته على أدم حشوه ليف، أى جلد محشو بالليف، أو حصير، فهل تخلص من جنون العظمة داخل بيته، بين أربعة جدران فقط؟
              55- حدث للنبى صلى الله عليه وسلم أن جوعه لم يمكنه من النوم ليلا، فيخرج فيلتقى بعمر وأبى بكر، ويسألهما عن سبب خروجهما ليلا، فيصرحان له أنه الجوع، فهل من جنون العظمة أن يقول لهما إن هذا هو نفس السبب الذى لم يمكنه من النوم؟
              56- هل من العقل أن شخص ما يحب أمه وأبيه ولا يذكرهما فى الكتاب الذى أنزل عليه، ولا يمجدهما فيه، وبدلا من ذلك يمجد امرأة فرعون المؤمنة، ومريم ابنة عمران؟ ألا يدلك هذا على أنه كان نبيًا يوحى إليه وليس له من الأمر شىء، كما قال الله تعالى فى القرآن؟ (وَلَوْ تَقَوّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الأقَاوِيلِ * لأخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ * ثُمّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ * فَمَا مِنكُمْ مّنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ * وَإِنّهُ لَتَذْكِرَةٌ لّلْمُتّقِينَ * وَإِنّا لَنَعْلَمُ أَنّ مِنكُمْ مّكَذّبِينَ * وَإِنّهُ لَحَسْرَةٌ عَلَى الْكَافِرِينَ * وَإِنّهُ لَحَقّ الْيَقِينِ * فَسَبّحْ بِاسْمِ رَبّكَ الْعَظِيمِ) الحاقة: 44-52
              57- هل يوجد كاذب يدعى النبوة، فيعادى أهله الذين يمكنهم نصره، وادعاء كل ما هو جميل ليستفيدوا من هيمنته على الناس؟ لقد عادى الرسول المشركين دون هوادة، ولم يقبل أى حل وسط، إلا التسليم لله تعالى وحده.
              58- هل سمعتم عن كاذب يدعى النبوة والملك ويمنع نفسه من مباهج الطعام والشراب، دون سبب مرضى يمنعه من هذا الطعام أو الشراب، تحقيقًا للملك والنبوة؟
              59- هل يوجد مخادع يخدع الناس الغرباء والأقرباء والأصدقاء وزوجاته، ولا يُخالف مرة من المرات ما يدعيه أنه أوحى إليه، ولا يُخالف مرة من المرات هذه الآيات، لا فى أحاديث أو تطبيقات، أو نصائح؟
              60- هل الكاذب يجمع بين 9 زوجات، يكن له مراقبات فى أقواله وتصرفاته، وشاهدات على خلقه وعلمه، وما يوحى إليه، ومعاملته للأصدقاء والغرباء واليتيم والفقير والمسكين وعباداته من وضوء وصلاة وقيام وصيام؟
              61- هل تعلم أنه من فوائد تعدد الزوجات إثبات نبوته صلى الله عليه وسلم، خاصة فى وجود مسكن خاص لكل زوجة، ثم اتفاقهم على حسن خلقه، وعدم كذبه وعلى قرآنه وأحاديثه؟ ألست معى أنه لا يوجد كاذب، يدعى شيئًا ما، ثم يقيم على نفسه شهود عدة فى كل بيت، وفى القبائل التى صاهرها النبى صلى الله عليه وسلم، يكن مراقبات لكل تصرفاته وأقواله؛ لأن هذا أسرع لكشف حقيقته، وإثباتًا لكذبه، فى حالة أنه كان كاذبًا، كما تدعون.
              62- هل تعلم أنه من بين زوجاته من قتل أبوها أو زوجها أو عمها أو أحد أقرب الأقربين إليها فى احدى الغزوات للدفاع عن الدين ونشر دعوة الله تعالى لأهل الأرض؟ فهل يسكتن تلك الزوجات لو رأت احداهن ما ينتقص من الرسول صلى الله عليه وسلم، أو يُظهر كذبه؟
              63- هل يوجد إنسان يكذب ويريد الملك فيتكلم عن علوم غير معروفة فى عصره، وسيتضح كذبها فى يوم من الأيام؛ لتكذبه الحقيقة، وينحط مقداره، ويلعنه اللاعنون، فيتدمر كل ما سعى إليه من سمعة ونبوة وملك؟
              64- هل يوجد كاذب يدعى النبوة ويتنبأ بأحداث سوف تتم فى عصره، دون وجود أدنى مؤشر لأن يتم ما تنبأ به، وتحدث كما قال؟ أليس هذا بدليل على صدقه ورعاية الله له، وتأييده إياه؟ ومثال ذلك هزيمة الرومان من الفرس، وتنبؤ القرآن بهزيمة الفرس على أيدى الرومان فى بضع سنين، أى من ثلاث سنوات إلى تسع، وفى أدنى الأرض، عند البحر الميت. أى حددت النبوءة الزمان والمكان ونتيجة المعركة.
              65- هل يوجد شخص كاذب يدعى النبوة، ثم يحكى عن رحلة قام بها إلى المسجد الأقصى، وعاد فى نفس الساعة، مع إثباته لوجود عدة رحلات تنتمى لقبائل رآها فى أماكن مختلفة، وسلم عليها، وتحدث معها، وقد أثبت رجال هذه الرحلات هذا بعد عودتهم، ووصف المسجد تمامًا كما هو؟
              66- هل يوجد شخص يدعى النبوة فيخبر الناس عن قصص الأولين وعن أنبياء اختلف اليهود فى أسمائهم، أو بعض تفاصيل سيرتهم، أو حذفوا أسماءهم من كتابهم، مثل كل الأنبياء العرب؟ ألم يكن له من الأفضل لدعوته الكاذبة أن يهادنهم فيتفق معهم، فيما يقولونه، ويسترضيهم، حيث سيكون هذا أدعى لانتشار تعاليمه وتعاليمهم؟
              67- هل سمعت عن إنسان كاذب يدعى النبوة، ثم يحدث كسوف للشمس فى يوم وفاة ابنه، ويقول الناس إن الشمس كسفت حزنًا على موت ابنه وحزن الرسول صلى الله عليه وسلم عليه، فيخرج هذا الرجل ويصلى بهم، ويخبرهم أن الشمس والقمر لا ينكسفان لموت أحد، ويخبرهم بالحق؟ فما الذى يجعله أن يكون صادقًا فى هذه اللحظة بالذات؟ أليس من العقل والمنطق لأى إنسان كاذب أن يتركهم يفخمون فيه ليستفيد من جهلهم، وتزداد النبوة الكاذبة انتشارًا، ويعظم قدره، وتنموا مكانته، ويقوى ملكه، ويكثر أتباعه، وتتأصل جنون العظمة لديه؟ ألم تكن هذه فرصة ذهبية لتأصيل كذبة تدعونها؟ ألم تكن هذه فرصة الفرص لتوكيد كذبة تظنونها؟ ألا يكفيكم هذه الحادثة للإيمان بصدقه ونبوته؟
              68- هل سمعتم عن إنسان كاذب، يدعى النبوة، ويحرسه أصحابه فى الغزوات، ثم يخرج إليهم فى أثناء الغزوة ويصرفهم عن حراسته، لأن الله أنزل آيات تتعهد بحفظه وعصمته؟ إن الكاذب لا يكذب على نفسه أبدًا فى هذا الأمر، ليدفع بها إلى التهلكة!!
              69- أليس من المنطق لأى كاذب، يدعى النبوة أن يخفف فيما يفرضه على الناس؟ فلماذا يفرض عليهم خمس صلوات، فى كل فرض أربع ركعات (باستثناء المغرب والفجر)؟ فقد كان يكفيه أن يفرض ركعتين، مرة بعد الاستيقاظ، ومرة قبل النوم؟ ألم يكن من الأفضل لدعوته إلغاء صلاة الفجر، التى يضحى فيها المؤمن براحته ونومه من أجل الخروج للصلاة فى المسجد؟ ألم يكن من الأفضل لدعوته أن يصلى الصلوات التى فرضها ويكتفى، وأن لا يستن نوافل تفطرت قدماه فيها من الوقوف بين يدى الله تعالى؟ ألم يكن من الأفضل لدعوته أن يجعل المسلم يصوم يومين فى الشهر، أو أسبوعًا فى السنة، بدلا من شهر فى السنة، غير ما استنه صلى الله عليه وسلم من صيام يومين فى الأسبوع، يزاد عليهم ثلاثة أيام فى الشهر؟
              70- تخيل معى هذا الموقف، واحكم بعدل الله: هل يوجد من يدعى النبوة، فيغامر بالحكم على شخص ما بأنه لن يؤمن وأنه سيكون من أصحاب النار؟ أليس هذا قول مؤمن يؤمن أن الكلام الذى يقوله موحى به من الله تعالى، الذى يعلم السر وأخفى؟
              وهل تعلم أن هذا الرجل هو أشعر العرب وأرفعهم علمًا بالشعر؟ فهل يغامر الكاذب مع أعلم الناس فى المجال الذى يتحداهم فيه، والذى يمكنه أن يُظهر كذبه ويدحض دعوته؟
              فعندما جاءه الوليد بن المغيرة ليستمع إلى ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، قال فى مجلس قريش، عندما رأوا تغير وجهه بعد سماعه القرآن، فعرضوا عليه نقود، فقال لهم: (لقد علمت قريش أني من أكثرها مالا، قال أبو جهل: فقل فيه قولا يبلغ قومك أنك منكر له وأنك كاره له. فقال: وماذا أقول فوالله ما فيكم رجل أعلم بالشعر مني، ولا برجزه ولا بقصيدة مني، ولا بأشعار الجن، والله ما يشبه الذي يقول شيئًا من هذا، والله إن لقوله لحلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإنه لمنير أعلاه، مشرق أسفله، وإنه ليعلو وما يعلى عليه، وإنه ليحطم ما تحته. قال أبو جهل: لا يرضى عنك قومك حتى تقول فيه، قال: فدعني حتى أفكر، فلما فكر قال: هذا سحر يؤثر، يأثره عن غيره).
              لقد ضعف الوليد أما مغريات سادة قريش، وقال فى الرسول ما قال، فأنزل الله تعالى أنه سيموت كافرًا: (ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا (11) وَجَعَلْتُ لَهُ مَالًا مَمْدُودًا (12) وَبَنِينَ شُهُودًا (13) وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيدًا (14) ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ (15) كَلَّا إِنَّهُ كَانَ لِآَيَاتِنَا عَنِيدًا (16) سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا (17) إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ (18) فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ (19) ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ (20) ثُمَّ نَظَرَ (21) ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ (22) ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ (23) فَقَالَ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ (24) إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ (25) سَأُصْلِيهِ سَقَرَ (26) وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ (27) لَا تُبْقِي وَلَا تَذَرُ (28) لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ (29) عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ (30)) المدثر: 11-30
              71- هل يكذب إنسان، ويدعى أنه يوحى إليه كلام من الله، ثم تجده يتأثر بهذا الكلام وتذرف عيناه عند سماعه، ويخشع له قلبه وجوارحه، ويطيل السجود شكرًا لله، حتى يُظن أنه قُبض؟
              72- هل الإنسان العابد الخاشع لله، الخائف من غضبه وعقوبته يدعى أنه يوحى إليه، وهو يقرأ قول الله تعالى: (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ قَالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَنْ قَالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنْتُمْ عَنْ آَيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ) الأنعام: 93
              وقوله تعالى: (فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) الأنعام: 144
              وقوله تعالى: (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أُولَئِكَ يُعْرَضُونَ عَلَى رَبِّهِمْ وَيَقُولُ الْأَشْهَادُ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ) هود: 18
              وهل يبلغ مثل هذه الأقوال إلا نبى يثق مليون فى المائة أنه نبى الله يوحى إليه هذا القرآن، وما عليه إلا البلاغ والتبليغ؟
              بل بلغ الرسول صلى الله عليه وسلم تهديد الله تعالى المباشر فى القرآن بأنه لو كان محمد صلى الله عليه وسلم يدع على الله هذا القرآن لبطش الله به أشد البطش، ولأخذه أخذًا أليمًا، ولقطع نياط قلبه: (وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الأقَاوِيلِ * لأخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ * ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ * فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ) الحاقة: 44-47
              فهل هذا إنسان به داء العظمة؟ هل يبلغ مجنون العظمة آيات تهدده، وتظهره بمظهر العبد، الرسول المبلغ عن ربه فقط، وأنه ليس له من هذا الأمر شىء؟
              وهل يكذب على الله من يقول هذا ويبكي خوفًا وخشية من الله ويخشع له؟
              73- هل يكذب على الله تعالى من يذكر خطأه الذى قام به وتصحيح الله تعالى له أو مخالفة الله له؟
              أنه سُمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول في صلاة الفجر، ورفع رأسه من الركوع، قال: (اللهم ربنا ولك الحمد). في الأخيرة، ثم قال: (اللهم العن فلانا وفلانا). فأنزل الله عز وجل: (لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ) آل عمران: 128) (رواهالبخارى (7346))
              وأيضا عندما حضرت أبا طالب الوفاة، دخل عليه النبي صلى الله عليه وسلم وعنده أبو جهل، فقال: (أي عم، قل لا إله إلا الله، كلمة أحاج لك بها عند الله). فقال أبو جهل وعبد الله بن أبي أمية: يا أبا طالب، ترغب عن ملة عبد المطلب، فلم يزالا يكلمانه حتى قال آخر شيء كلمهم به: على ملة عبد المطلب، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (لأستغفرن لك ما لم أنه عنه). فنزلت: (مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ) التوبة: 113، ونزلت: (إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) القصص: 56) (رواه البخارى (3884)).
              وكان يعاتبه ويلومه، وكان ذلك بسبب اهتمامه بأشراف قريش، الذين بإسلامهم سيسلم الكثيرون، وتُحقن دماؤهم، وإعراضه عن ابن أم كلثوم: (عَبَسَ وَتَوَلَّى (1) أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى (2) وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى (3) أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى (4) أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى (5) فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى (6) وَمَا عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى (7) وَأَمَّا مَنْ جَاءَكَ يَسْعَى (8) وَهُوَ يَخْشَى (9) فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى (10)) عبس: 1-10
              بل وأحيانا يهدده لولا أن منَّ الله عليه برحمته وهدايته: (وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا * إِذًا لَأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا) الإسراء: 74-75
              مما سبق يتضح لنا أن القرآن كان أحيانا يخالف رسول الله صلى الله عليه وسلم ويصحح له رأيه, وأحيانا كان يعاتبه ويلومه، وأحيانا كان يهدده, فهل هذا يصدر من شخص يعتقد خطأ أنه رسول وأنه يتكلم بوحي الله، أم أنه يصدر من رسول يتكلم حقا بالوحي ولا ينطق عن الهوى ولا يخفي كلام ربه؟ هل يوجد إنسان كاذب يدعى أنه يوحى إليه، ثم يقول هذه الآيات؟
              هل يوجد إنسان عنده جنون العظمة يذكر تهديد الله له لو أنه فعل كذا وكذا، ويذكر تثبيت الله تعالى له بعد أن كاد يركن إليهم شيئًا قليلا، وعتاب الله تعالى ولومه له على إعراضه عن الأعمى ابن أم كلثوم؟
              74- ألم تتفكر فى قول أبى جهل للرسول صلى الله عليه وسلم: (يا محمد إنا والله ما نكذبك، وإنك عندنا الصادق، ولكن نكذب ما جئت به
              فهل يوجد صادق عند الناس، يبجلون صدقه، ويأتمنونه على ودائعهم، ولكن يكذبونه فقط فيما يعترض مصالحهم وسلطانهم؟
              قال السُّدِّي: التقى الأخْنَسَ بن شُرَيق، وأبو جهل بن هشام، فقال الأخْنس لأبي جهل: يا أبا الحكم، أخبرني عن محمد أصادق هو أم كاذب؟ فإنه ليس ههنا أحد يسمع كلامك غيري. فقال أبو جهل: والله إن محمداً لصادِق، وما كذب محمد قط، ولكن إذا ذهب بنو قُصَيّ باللوَاء والسِّقَايَة والحِجَابَة والنَّدْوَة والنُّبُوَّة فماذا يكون لسائر قريش؟ فأنزل الله تعالى هذه الآية: (فَإِنَّهُمْ لاَ يُكَذِّبُونَكَ وَلَـٰكِنَّ ٱلظَّالِمِينَ بِآيَاتِ ٱللَّهِ يَجْحَدُونَ) الأنعام: 33
              وقال أبو ميسرة: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم، مرَ بأبي جهل وأصحابه، فقالوا: يا محمد إنا والله ما نكذبك، وإنك عندنا الصادق، ولكن نكذب ما جئت به. فنزلت: (فَإِنَّهُمْ لاَ يُكَذِّبُونَكَ وَلَـٰكِنَّ ٱلظَّالِمِينَ بِآيَاتِ ٱللَّهِ يَجْحَدُونَ) الأنعام: 33
              وقال مقاتل: نزلت في الحارث بن عامر بن نَوْفَل بن عبد مناف بن قُصَيّ بن كِلاَب، كان يكذب النبي صلى الله عليه وسلم في العلانية، وإذا خلا مع أهل بيته، قال: ما محمد من أهل الكذب، ولا أحسبه إلا صادقاً. فأنزل الله تعالى هذه الآية: (قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ ۖ فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَٰكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ) الأنعام: 33 (أسباب النزول - أبو الحسن علي بن أحمد بن محمد بن علي الواحدي)
              75- فى الحقيقة كنت فى غنى عن كل هذا لو أعملت العقل والمنطق السليم داخلك، وتفكرت:
              لماذا لا نصدقه طالما لم نمسك عليه كذبة واحدة قبل النبوة وبعدها؟
              لماذا لا نصدقه وهو الصادق الأمين فى الجد والهزل؟
              لماذا لا نصدقه وخُلُقه وحدها تؤهله للتصديق والنبوة؟
              لماذا لا نصدقه وقد مكث أربعين سنة اشتهر خلالها بأنه الصادق الأمين؟
              فهل أول كذبة وآخر كذبة يكذبها المرء تكون على الله، والادعاء بأنه نبى يأتيه الوحى من الله، مع إيمانه أن الله لن يتركه إن كذب عليه، وأن بطش الله شديد؟
              وهل تركه الرب يدعى عليه ويكذب على البشر، ويعطيهم تعليمات ما أنزل الله بها من سلطان، متآمرًا معه على الشر والكذب؟ وكيف سيحاسب الرب عبيده فى الآخرة؟ ألا يملكون الحجة على الرب أنه تركه ولم يهلكه أو يظهر كذبه فى نبوءة ما؟ ألم يتوعد الرب هؤلاء بالقتل؟ فلماذا تركه الرب؟
              فكيف لمن لا يقرأ ولا يكتب أن يأتى بأسلوب قرآنى أعجز أساطينهم لغويًا وبلاغيًا، ولم يتمكن أحد من البشر أن يأتى بسورة من مثله، رغم تحديه لهم؟!
              وكيف لمن لا يقرأ ولا يكتب أن يأتي بما أعجز العلماء فى العصر الحديث، وذلك فى مجال تكوين الأجنة، الصحة، علوم الفضاء، البحار، الحيوانات، والحشرات؟!
              وكيف لكاذب أن يصبر على أذيته أثناء دعوته، وهو لم يستفد منها شيئًا دنيويًا؟!
              وكيف لكاذب أن يصمد كل هذا الصمود أمام الإغراءات من ملك ومال ونساء لترك دعوته؟!
              وكيف لكاذب يقول الحق، ويحارب أقرب الناس إليه وتكفيرهم وتسفيه آلهتهم،وكان يمكنه مداهنتهم ليكسب تعاطفهم وتأيدهم، لإنجاح رسالته، وتمرير كذبته؟
              وكيف لكاذب أن يكون كلامه التلقائى من أبلغ الكلام؟!
              وكيف لبشر كاذب أو غير كاذب أن يتكلم بثلاثة أساليب يسمى أحدهم قرآن، وله مميزات وخصائص مميزة وإعجازية، ويسمى الآخر أحاديث قدسية، والثالث هو كلامه التلقائى، وهى ما نسميه الأحاديث النبوية؟!
              وكيف لكاذب ألا يقع على الرغم من قوله (6263 آية) و(أكثر من 700000 حديث) و(حوالى 863 حديثًا قدسيًا) في تناقض أو خطأ ولو مرة؟!
              وكيف لكاذب ألا يستغل الفرص الذهبية للترويج لدجله وقت كسوف الشمس وقت موت ابنه؟!
              وكيف لكاذب أن يحتاط لنفسه حتى لا يظهر تناقضه وتتبين طبيعته، وهو في بيته وسط أهله؟!
              وكيف لكاذب أن يسلي نفسه بالكذب، ويخوض غمار الحروب من أجل فرضها؟!
              هل يمكنكم تخيل كاذب اليوم يدعى النبوة ويحارب أمريكا والقوى العظمى فى العالم من أجل فرض ما يتوهمه، ودون أن يؤمن أن الله يؤيده وناصره وحافظه؟!
              76- وما هى مكاسب محمد صلى الله عليه وسلم من ادعائه النبوة: هل النساء؟
              فقد كان يملك دون ادعاء النبوة المئات من أجمل النساء الأبكار. كما عرضت عليه قريش أجمل النساء يريدهن فرفض.
              ولا نريد أن ننسى أن المرأة قبل الإسلام كانت من أحقر الكائنات، ولم يرفعها ويرد إليها إنسانيتها ويساويها بالرجل، إن لم تتفاضل عليه فى بعض الأمور. فهل يوجد عاقل يبغي النساء فيكذب ويعيش أكثر من 13 عشر عاما في ظلم واضهاد وجوع وفقر فيوطأ وجهه الكريم بالأقدام ويُستهزأ به أشد الإستهزاء ويقذفه السفهاء بالطوب حتى أدموه ويُحاصَر هو وصحابته وأهله حتى كادوا أن يلقوا حتفهم ويجاهد في سبيل الله وماله من طعام إلا ورق الشجر ويُخرج من أرضه ووطنه ويجوع حتى يضع الحجر على بطنه من شدة الجوع....أكل هذا من أجل النساء؟
              77- وما هى مكاسب محمد صلى الله عليه وسلم من ادعائه النبوة: هل الثراء؟
              لقد عرض عليه المال ورفضه، ولم يسكن يومًا قصرًا أو حتى بيتًا فخمًا، ولم يعش يومًا عيشة الأغنياء، بل إنه خرج من الدنيا ولم يشبع من خبز الشعير، على الرغم من أن الدنيا قد أتته وهى راغمة، وفتحت له أبوابها على مصراعيها، فكان ما يأتيه من الغنائم يردها على فقراء المسلمين والمؤلفة قلوبهم، وتجهيز الجيوش، ولم يخرج من الدنيا بشىء، حتى قطعة الأرض التى كانت لديه تركها للمسلمين صدقة، لأن معشر الأنبياء لا يورثون.
              لقد روت السيدة عائشة رضى الله عنها: (عن عبد الرحمن بن عابس عن أبيه قال قلت لعائشة: أنهى النبي صلى الله عليه وسلم أن تؤكل لحوم الأضاحي فوق ثلاث؟ قالت: ما فعله إلا في عام جاع الناس فيه فأراد أن يطعم الغني الفقير وإن كنا لنرفع الكراع فنأكله بعد خمس عشرة. قيل: ما اضطركم إليه؟ فضحكت قالت: ما شبع آل محمد صلى الله عليه وسلم من خبز بر مأدوم ثلاثة أيام حتى لحق بالله.) رواه البخارى (5107)).
              بل وصل الأمر أنه لم يكن لديه فى بعض الأحايين ما يسد به رمقه: (يقول عمر بن الخطاب رضى الله عنه: لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يلتوي ما يجد ما يملأ به بطنه من الدقل) مسند الإمام أحمد (1/92)
              وكان الحصير المتواضع الذى كان ينام عليه يترك أثرًا يظهر على جسمه.
              فما هى استفادة رجل يدعى النبوة، ولا يملك فيها شيئًا غير الجوع والحرمان، والحروب والمؤامرات التى تُحاك ضده؟ وهل من رضى وقبل أن يعيش كالعبد الفقير هو من كان يريد عزًا وشرفًا؟ وهل من كان يكره أن يقوم الناس له احترامًا وتعظيمًا كان يريد شرفًا وسلطانًا، أو كان عنده جنون العظمة؟ أليس من الواضح كم تحمل هذه الإدعاءات من تعصب أو جهل وعدم دراسة واعية كافية؟
              78- وما هى مكاسب محمد صلى الله عليه وسلم من ادعائه النبوة: هل الشهرة والزعامة وملك وبناء دولة؟
              إن الدولة التى بناها الرسول صلى الله عليه وسلم هى الدولة التى أسماها الكتاب الذى تقدسونه بمملكة الله، والتى تترجم فى العربية بملكوت الله، أى الدولة الأرضية التى يحكمها شرع الله، وهو العهد الثانى الذى أقامه الله تعالى مع موسى، أنه سيأتى نبى من اخوته (أى من أبناء العمومة مثل عيسو وغيرهم، أى من نسل إسماعيل) مثل موسى عليه السلام سيسمع له الناس أجمعين. وإن هذا الحاكم هو عبد الله ورسوله. ولم تحمل هذه الدولة اسمه، فما هى مكاسبه؟
              79- هل تعلم أنه لو كان يسوع إلهًا، لكان اختياره لمحمد صلى الله عليه وسلم نبيًا وحفظه له ولدعوته أهم وأجمل وأكمل وأعظم ما قام به فى حياته. لكن كيف سيكفر عن كل مساوئه السابقة من اتفاقه مع الشيطان، وأمره بالذبح لعزازيل، واختياره لأسوأ الناس أنبياء؟ إن هذا بمفرده لكفيل أن يرد نبوة يسوع ناهيك عن ألوهيته المزعومة!
              80- وفى النهاية أسأل السيد رشيد: أنت تؤمن أن يسوع هو الله المستحق للعبادة. فلماذا تغاضى هذا الإله وترك محمدًا صلى الله عليه وسلم ينشر دينه وينصره بالحكمة والعقل والسلطان، ولبى نبوءاته فى حياته وبعد مماته، وحقق له المعجزات، لو كان محمدًا كاذب، يدعى النبوة؟ ألا يعد يسوع بهذا التغاضى مشاركًا فى إضلال البشرية؟
              وقد قرر يسوع/يهوه أن من يدعى النبوة سيقتله: (وَأَمَّا النَّبِيُّ الذِي يُطْغِي فَيَتَكَلمُ بِاسْمِي كَلاماً لمْ أُوصِهِ أَنْ يَتَكَلمَ بِهِ أَوِ الذِي يَتَكَلمُ بِاسْمِ آلِهَةٍ أُخْرَى فَيَمُوتُ ذَلِكَ النَّبِيُّ.) التثنية 18: 20
              وفى الترجمة المشتركة: (وأيُّ نبيٍّ تكلَّمَ باَسْمي كلامًا زائدًا لم آمُرْهُ بهِ، أو تكلَّمَ باَسْمِ آلهةٍ أُخرى، فجزاؤُهُ القَتْلُ.) التثنية 18: 20، وكذلك جاءت فى السامرية.
              وفى الترجمة الكاثوليكية والسامرية: (ولكن أَيُّ نَبِيٍّ اعتَدَّ بنَفْسِه فقالَ بِاَسْمي قَولاً لم آمُرْه أَن يَقولَه، أَو تكَلَّمَ بِاَسمِ آِلهَةٍ أُخْرى، فليَقتَلْ ذلك النَّبِيّ.) التثنية 18: 20
              فلماذا لم يقتله يسوع/يهوه أو يتسبب فى قتله، بل حفظه من عدة اغتيالات؟ ألا ينفى هذا صدق يسوع وألوهيته؟ أم تركه يسوع لصدقه، فكان أعظم ما قام به؟
              وفى نهاية هذه النقطة أسأل الله لك مرة ومرات أن يبصرك بالحق ويهديك إليه، ويثبتك عليه!
              (اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ (45) وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آَمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (46) وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ فَالَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمِنْ هَؤُلَاءِ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ وَمَا يَجْحَدُ بِآَيَاتِنَا إِلَّا الْكَافِرُونَ (47) وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ (48) بَلْ هُوَ آَيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآَيَاتِنَا إِلَّا الظَّالِمُونَ (49)) العنكبوت: 45-49
              (قُلْ لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلَا أَدْرَاكُمْ بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُرًا مِنْ قَبْلِهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (16) فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآَيَاتِهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْمُجْرِمُونَ (17)) يونس: 16-17
              (تِلْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنْتَ تَعْلَمُهَا أَنْتَ وَلَا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هَذَا فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ) هود: 49
              (ذَلِكَ مِمَّا أَوْحَى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ وَلَا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ فَتُلْقَى فِي جَهَنَّمَ مَلُومًا مَدْحُورًا) الإسراء: 39
              وإلى هنا نكون قد انتهينا من الرد على النقطة الثالثة التى أثارها السيد رشيد، والخاصة بالمكاسب الشخصية الدنيوية التى يحققها أى مدع للنبوة، ونكون قد تعرفنا على أن النبى صلى الله عليه وسلم عاش فقيرًا ومات فقيرًا، وما يتركه أى نبى لا يورث لورثته ولكنه يصبح صدقة للمسلمين. وأنه خُيِّرَ بين الملك والنبوة أو العبودية لله والنبوة، فاختار العبودية والنبوة، ورفض جبال الذهب. وأنه كان لا يجد الطعام أحيانًا، وكان كثير من الأوقات يقضيها صائمًا لله فى غير الفرض، وأن عدد الزوجات التى تزوجها صلى الله عليه وسلم، كان عائقًا ماديًا له، وقبلن على أن يكن زوجات للرسول صلى الله عليه وسلم، ولو كان مدعيًا للنبوة، ما كان اكتفى بهذا العدد، بل كان قد تزوج أجمل النساء، أبكارًا، صغيرات السن، ولسن ثيِّبات كبيرات السن. وأنه على الرغم من أن قدرته الجنسية تعادل الثلاثين من الرجال الطبيعيين، إلا أنه كان فى مقدوره التحكم فى نفسه وشهوته، بل كان يقتلها بالصوم والجوع.
              ومن هنا يثبت أنه لا فائدة شخصية تمتع بها الرسول صلى الله عليه وسلم ليُشَك فى نبوته أو فى نزول الوحى الإلهى عليه.
              * * *

              تعليق

              • abubakr_3
                مُشرِف

                • 15 يون, 2006
                • 849
                • موظف
                • مسلم

                #22
                رد: مناظرة مع السيد رشيد حول نبوة محمد صلى الله عليه وسلم

                جنون العظمة ورسول الله صلى الله عليه وسلم:
                عندما فشل بعض المتحدثين فى الإسلام من أشباه المتعلمين، ولم يجدوا مخرجًا لتصرفات الرسول صلى الله عليه وسلم، التى لا تنم مطلقًا على أدنى استفادة شخصية نالته، لا مال ولا جاه ولا نساء، وحتى الذين يقولون بأنه بنى دولة، نقول لهم إن المملكة أو الدولة التى بناها هى دولة الإسلام، هى ملكوت الله التى تحمها شريعته، والتى قال يوحنا المعمدان ويسوع عنها إنها قادمة بقوة:
                (42قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «أَمَا قَرَأْتُمْ قَطُّ فِي الْكُتُبِ: الْحَجَرُ الَّذِي رَفَضَهُ الْبَنَّاؤُونَ هُوَ قَدْ صَارَ رَأْسَ الزَّاوِيَةِ. مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ كَانَ هَذَا وَهُوَ عَجِيبٌ فِي أَعْيُنِنَا؟ 43لِذَلِكَ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مَلَكُوتَ اللَّهِ يُنْزَعُ مِنْكُمْ وَيُعْطَى لِأُمَّةٍ تَعْمَلُ أَثْمَارَهُ. 44وَمَنْ سَقَطَ عَلَى هَذَا الْحَجَرِ يَتَرَضَّضُ وَمَنْ سَقَطَ هُوَ عَلَيْهِ يَسْحَقُهُ».) متى 21: 42-44
                فتجنبوا قول الله تعالى له (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ) القلم: 4، وقول السيدة عائشة الذى يحدد أن خلق الرسول صلى الله عليه وسلم كان أرفع خلق، فقد كان خلقه القرآن. وعندما فشلوا فى بحثهم عن نقيصة للرسول صلى الله عليه وسلم، أملى عليهم شيطانهم أنه كان عنده جنون العظمة. ونقل غيرهم عنهم دون بحث أو حتى التعرف على هذا المرض، ودون الاطلاع على أحواله صلى الله عليه وسلم، ودون علم لهم أنه رفض الغناء الفاحش، ورفض أن ينزله الله تعالى منزلة الملوك فى تخييره له بين الملك والعبودية، ففضل منزلة العبد النبى عن الملك النبى.
                الأمر الذى دفع المؤرخ والمستشرق البريطاني وليم موير (1819-1905م)، فى وصفه لحياة رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقول: "كانت السهولة صورة من حياته كلها، وكان الذوق والأدب من أظهر صفاته في معاملته لأقلِّ تابعيه، فالتواضع، والشفقة، والصبر، والإيثار، والجُود صفات ملازمة لشخصه، وجالبة لمحبَّة جميع مَنْ حوله، فلم يُعرف عنه أنه رفض دعوة أقلِّ الناس شأنًا، ولا هديةً مهما صغرت، وما كان يتعالى ويبرز في مجلسه، ولا شعر أحد عنده أنه لا يختصُّه بإقبال وإن كان حقيرًا، وكان إذا لقي مَنْ يفرح بنجاحٍ أصابه أمسك يده وشاركه سروره، وكان مع المصاب والحزين شريكًا شديد العطف، حَسَنَ المواساة، وكان في أوقات العسر يقتسم قُوتَهُ مع الناس، وهو دائم الاشتغال والتفكير في راحة مَنْ حوله وهناءتهم" [وليم موير (حياة محمد) نقلاً عن سعيد حوى: الرسول ص147].
                وعلينا هنا أن نعرف القارىء شيئًا ميسرًا عن مرض جنون العظمة وعوارضه، ثم نتدارس هل ينطبق هذا على رسول الله صلى الله عليه وسلم:
                1- ينبع داء العظمة فى كل أحواله من حب مفرط للذات، تنجم عن تضخم "الأنا". يفضي إلى طموح إلى السلطة لا يتناسب وأهمية المصاب الحقيقية. وفي الحالات القصوى، يظن المصاب يقينًا أنه مكلف بمهمة «روحية»، عليه تأديتها.
                2- يعتقد المريض عادة أنه حالة استثنائية فوقية تختلف عما سواها وتتفوق بقدرات ومواهب قد تكون خارقة. فيشعر المريض أنه يمتلك صفات غير واقعية، وعظمة وهمية، يصف بها نفسه، وذلك لإيهام نفسه والآخرين سعيًا فى الشعور باللذة والسعادة الوهمية التى تتأتى من اختلاق كفاءات أو مواهب أو مميزات غير موجودة أو مبالغ فيها.
                3- لا يقتنع بمخالفة الآخرين له. وتجده يعانى من كبرياء وتعالى على الآخرين، واحتقار مطلق لآرائهم.
                4- لا تراه يمتدح أحدًا من زملائه أو أصدقائه، فهو دائمًا الأول والأفضل والأذكى والأكثر تقوى ومعقولية ومنطقية، ويرى غيره مقلدًا له، سارقًا لأفكاره وأعماله، أو على الأقل متآمرًا عليه، مدمرًا لما ينتظره من مباهج الحياة.
                5- تعيش مريض جنون العظمة فى داخل لا شعوره، مما تجعله يسعى ويجهد إلى أن يسلك نفس طريق من تأثر به سياسيًا أو دينيًا أو علميًا أو فنيًا، ويحاول تقليده فى حياته العملية مما يظهر وبشكل أو بآخر أسلوب التقمص وعلاماته التى قد يشخصها الناس بصورة جنون العظمة.
                6- يعاني بعضهم من جملة من الأوهام والضلالات تكون عادة(حسّية) و(إعتقادية). ففي الوهم الحسّي قد يسمع المريض أصوات غير موجودة أو يرى أشياء غير واقعية أو يشم ويلمس ويتذوق ما لا حقيقة له. ترى البعض يتكلم مع السماء أو يتلاكم مع الهواء أو يبكي ويلطم بدون سبب أو قد يضحك ويقهقه حسبما يرى ويسمع ويحس بأمور لا واقع لها. وقد تكون الضلالة في الإعتقاد، كـ "الإعتقاد الإضطهادي" حيث يتصور المريض أن من يضحك مع زميله إنما يضحك عليه ومن يتهامس فإنه يتهامس عليه وأن الناس حوله منهمكون في صنع المؤامرات ضده، على الرغم من أنه مظلوم وبرىء ومضطهد. وأن أفعال وأقوال الآخرين تستهدفه.
                7- ينزع إلى حب الظهور والبروز أمام الناس، ولا يقبل أن يتفوق غيره أمامه بعمل ما أو صفة ما، لذلك يختلق المريض مواهب وهمية أو يسرق تراث الآخرين أو ينتحل صفات غير موجودة فيه من أجل البروز وإظهار اسمه، فيتلذذ ويستمتع في الإطناب بنفسه وبقدراته الجبارة خصوصا بوجود من يهتم بالتباهي أمامه.
                8- إنَّ المريض بداء العظمة لديه «شلل عقلي تام». ويكون الشلل العقلي هذا مصحوبًا «بهذيان فكري في شأن السلطة والرغبة والثراء والجاه والقدرة البدنية، تشكل في مجموعها جوهر الهذيان النفسي».
                9- لوحظ أن العديد من زعماء الملل الباطنية المشبوهة كانوا مصابين بـ«داء العظمة». فهم أيضاً يظنون أنفسهم مكلفين بمهمات روحية، مع أن أكثرهم نصابون محتالون، لا يتطلعون إلى شيء سوى بسط سلطتهم على نفر من أناس بسطاء سذج، وتجريدهم من ممتلكاتهم وأموالهم (وأحياناً حتى نسائهم)، والتمتع بها لإشباع رغباتهم النابعة من جنونهم نفسه، أي إصابتهم بداء العظمة. ودرَس هذه الظاهرة، بشكل علمي قائم على أسس التحليل النفسي، علماء نفس كثيرون، منهم الفرنسيان هنري إي (H. Ey) وبيرنار بريسيه (B. Brisset)، والألماني أميل كراپلن (E. Kraeplin, 1856-1926). ولوحظ أن البسطاء يصدقوهم بسبب اختصاصاتهم ومراكزهم الوظيفية والاجتماعية.
                10- فالشخص المُصاب يكون كثير الكلام، لا يتوقف عن الحديث وينتقل من موضوع إلى موضوع آخر دون أن يكون هناك رابط بين المواضيع التي يتحدث فيها فيتكلم عن السياسة والطبيخ والذرة والحريم وأسعار اللحوم دون رابط.
                11- الشخص المُصاب قد تكون لديه أوهام عارضة، غير دائمة، وغير منتظمة تمامًا، فى أحسن الأحوال،
                12- شديد الحساسية وخاصة للنقد، ويعانى من المبالغة فى كل الأمور، أى يجعل من الحبة قبة، ويركز على تأكيد الذات، أنانى، يتمركز حول الذات والتذمر والعدوان. كما أنه يستخف بالآخرين، ويطغى ويتسلط على من هم دونه.
                فما علاقة هذا بالنبى صلى الله عليه وسلم؟ فقد كان يمتدح الأصدقاء والغرباء على أفعالهم الحسنة، ولم يدع مثلا أنه لن يدخل الجنة إلا هو، ولم يترك الناس تمتدحه أو حتى تقف عند قدومه احترامًا له.
                لقد وصف الله سبحانه رسوله الكريم بأعلى الأوصاف، وأكمل الصفات، وذكر ذلك في القرآن، فقال تعالى: (وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ) القلم: 4
                والقرآن الذى أوحى إليه صلى الله عليه وسلم يأمر الناس بالتواضع وعدم التكبر:
                فقال سبحانه: (وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ) الحجر: 88
                وقال تعالى: (وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) الشعراء: 215
                وقال تعالى: (تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا ۚ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ) القصص: 83
                وقال تعالى: (وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا ۖ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ) لقمان: 18
                وقال سبحانه: (كَذَٰلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ) غافر: 35
                وقال تعالى: (سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ ...) الأعراف: 146
                وقال سبحانه: (إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ) النحل: 23
                وقال سبحانه: (أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْمُتَكَبِّرِينَ) الزمر: 60
                وكفى بشهادة القرآن شهادة.
                وقال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث القدسي: (قال الله -عز وجل-: الكبرياء ردائي، والعظمة إزاري، فمن نازعني واحدًا منهما قذفته في النار) رواه مسلم وأبو داود والترمذي
                وقال النبى صلى الله عليه وسلم: (لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر) مسلم وأبو داود والترمذي
                وقد خسف الله الأرض برجل لتكبره، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (بينما رجل يمشي في حُلَّة (ثوب) تعجبه نفسه، مُرَجِّل جُمَّتَه (صفف شعر رأسه ودهنه)، إذ خسف الله به، فهو يتجلجل إلى يوم القيامة) متفق عليه
                ويقول صلى الله عليه وسلم: (يُحْشَرُ المتكبرون يـوم القيامة أمثـال الذَّرِّ (النمل الصغير) في صور الرجال، يغشاهم الذل من كل مكان، فيساقون إلى سجن في جهنم يسمى بُولُس، تعلوهم نار الأنيار، يُسقَون عصارة أهل النار طِينَةَ الخبال) الترمذي
                ويقول صلى الله عليه وسلم: (حق على الله أن لا يرتفع شيء من الدنيا إلا وضعه) رواه البخاري
                وسئل الفضيل بن عياض عن التواضع، فقال: أن تخضع للحق وتنقاد إليه، ولو سمعته من صبي قبلتَه، ولو سمعتَه من أجهل الناس قبلته. وقد قال أبو بكر -رضي الله عنه-: لا يحْقِرَنَّ أحدٌ أحدًا من المسلمين، فإن صغير المسلمين عند الله كبير.
                وكما قيل: تاج المرء التواضع.
                وكان خلق التواضع من الأخلاق التي اتصف بها صلى الله عليه وسلم، فكان خافض الجناح للكبير والصغير، والقريب والبعيد، والأهل والأصحاب، والرجل والمرأة، والصبي والصغير، والعبد والجارية، والمسلم وغير المسلم، فالكل في نظره سواء، لا فضل لأحد على آخر إلا بالعمل الصالح.
                وكان يوصي صلوات الله عليه بالتواضع أخرج الإمام مسلم في صحيحه فقال: قَالَ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ خَطِيبًا فَقَالَ: «وَإِنَّ اللَّهَ أَوْحَى إِلَيَّ أَنْ تَوَاضَعُوا حَتَّى لَا يَفْخَرَ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ وَلَا يَبْغِ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ». أخرج الإمام مسلم في صحيحه برقم (2865)
                وقال صلى الله عليه وسلم: "مَا نَقَصَتْ صَدَقَةٌ مِنْ مَالٍ وَمَا زَادَ اللَّهُ عَبْدًا بِعَفْوٍ إِلَّا عِزًّا وَمَا تَوَاضَعَ أَحَدٌ لِلَّهِ إِلَّا رَفَعَهُ اللَّهُ" رواه مسلم .
                وأبلغ ما تتجلى صور تواضعه صلى الله عليه وسلم عند حديثه عن تحديد رسالته وتعيين غايته في هذه الحياة؛ فرسالته ليست رسالة دنيوية، تطلب ملكًا، أو تبتغي حُكمًا، أو تلهث وراء منصب، بل رسالة نبوية أخروية، منطلقها الأول والأخير رضا الله سبحانه، وغايتها إبلاغ الناس رسالة الإسلام. فقد كان صلى الله عليه وسلم كثير القول: (إنما أنا عبد الله ورسوله)، فهو قبل كل شيء وبعد كل شيء عبد لله، مقر له بهذه العبودية، خاضع له في كل ما يأمر به وينهى عنه؛ ثم هو بعد ذلك رسول الله إلى الناس أجمعين.
                ولأجل هذا المعنى، كان صلى الله عليه وسلم ينهى أصحابه عن مدحه ورفعه إلى مكانة غير المكانة التي وضعه الله فيها؛ وعندما سمع بعض أصحابه يناديه قائلاً: يا محمد! يا سيدنا! وابن سيدنا! وخيرنا! وابن خيرنا! نهاه عن هذا القول، وعلمه ماذا يقول، وقال: (أنا محمد بن عبد الله، عبد الله ورسوله، والله ما أحب أن ترفعوني فوق منزلتي التي أنزلني الله عز وجل) رواه أحمد و النسائي.
                والذي يوضح هذا الجانب من تواضعه، ما أخبر به صلى الله عليه وسلم أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها،بقوله: (يا عائشة! لو شئت لسارت معي جبال الذهب، جاءني مَلَك، فقال: إن ربك يقرأ عليك السلام، ويقول لك: إن شئت نبيًا عبدًا، وإن شئت نبيًا ملكًا، قال: فنظرت إلى جبريل، قال: فأشار إلي، أن ضع نفسك، قال: فقلت: نبيًا عبدًا، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك لا يأكل متكئًا، يقول: آكل كما يأكل العبد، وأجلس كما يجلس العبد) رواه الطبراني وغيره. فهو صلى الله عليه وسلم لم يرض لنفسه أن يتصف بغير الوصف الذي وصفه الله به، وهو وصف العبودية، وأنه رسول مبلغ عن الله، وليس له غاية غير ذلك مما يتطلع إليه الناس،ويتسابقون إليه.
                وكما وضَّح صلى الله عليه وسلم غايته في هذه الحياة ورسالته، فهو أيضًا قد وضح مكانته بين الأنبياء ومنزلته بين الرسل، فكان من تواضعه صلى الله عليه وسلم أنه لم يقبل من أحد أن يفضله على أحد من الأنبياء، مع أن القرآن قد أثبت التفضيل بين الأنبياء والرسل في قوله تعالى: {تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ} (البقرة:253) وما ذلك إلا لتواضعه صلى الله عليه وسلم.
                وقد ثبت أن رجلاً من المسلمين ورجلاً من اليهود سب كل واحد منهما الآخر، فقال المسلم لليهودي: والذي اصطفى محمدًا على العالمين، فقال اليهودي: والذي اصطفى موسى على العالمين، فرفع المسلم يده عند ذلك وضرب اليهودي على وجهه، فذهب اليهودي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره بما حدث، فدعا النبي صلى الله عليه وسلم المسلم، فسأله عن ذلك، فأخبره بالذي جرى، فطلب النبي صلى الله عليه وسلم من صحابته ألا يفضلوه على أحد من الأنبياء، وأخبرهم عن منـزلة موسى عليه السلام، وأنه يوم القيامة يكون مع النبي ومن أول الذين تنشق عنهم الأرض يوم القيامة. والحديث في الصحيحين.
                فأخبار تواضع الحبيب صلى الله عليه وسلم كثيرة، وسيرته العطرة مليئة بها، وما حفظ عنه صلى الله عليه وسلم أنه تكبر على أحد، أو فاخر بنفسه أو مكانته، وقد نال أعلى المنازل، وحظي عند ربه بأكبر المقامات، فهو صاحب الحوض المورود، واللواء المعقود، والمقام المحمود، وأُسري به إلى السموات العلى حتى بلغ سدرة المنتهى، وبلغ مقاما لم يبلغه مخلوق قبله ولا بعده، وأنعم الله عليه بالمعجزات، وأيده بالآيات... وما حكى شيئا من ذلك على وجه الفخر أو المدح لنفسه صلى الله عليه وسلم، ولا تعالى به على الناس، بل كان التواضع صفته، وخفض الجناح سمته.. فكان إذا أخبر عن منزلته تلك يقرن إخباره بها بنفي الفخر، تواضعا لله تعالى.
                عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر، وبيدي لواء الحمد ولا فخر، وما من نبي يومئذ آدم فمن سواه إلا تحت لوائي، وأنا أول من تنشق عنه الأرض ولا فخر) (رواه الترمذي)
                ومعنى قوله صلى الله عليه وسلم ولا فخر: أي لا أقوله تكبرا وتفاخرا وتعاظما على الناس، بل أقوله تواضعا وشكرا لله.
                وأنه سيد ولد آدم فهو ثابت بقول يسوع نفسه عن المسِّيِّا (خاتم رسل الله، المسيح الرئيس)، فقد قال عن إيليا التى تساوى أحمد بحروف الجُمَّل تساوى 53: (11اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لَمْ يَقُمْ بَيْنَ الْمَوْلُودِينَ مِنَ النِّسَاءِ أَعْظَمُ مِنْ يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانِ وَلَكِنَّ الأَصْغَرَ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ أَعْظَمُ مِنْهُ. 12وَمِنْ أَيَّامِ يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانِ إِلَى الآنَ مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ يُغْصَبُ وَالْغَاصِبُونَ يَخْتَطِفُونَهُ. 13لأَنَّ جَمِيعَ الأَنْبِيَاءِ وَالنَّامُوسَ إِلَى يُوحَنَّا تَنَبَّأُوا. 14وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَقْبَلُوا فَهَذَا هُوَ إِيلِيَّا الْمُزْمِعُ أَنْ يَأْتِيَ.) متى 11: 11-14
                فقد حكم على يوحنا المعمدان أنه أفضل نبى، ولكن الأصغر فى ملكوت السموات أى فى سلسلة النبوة وشريعة الرب، أى آخر رسل الله، فهو أفضل منه. ونوه عن أن هذا الملكوت يسرقه اليهود من أيام يوحنا وبشارته أنه قد اقترب ملكوت الله، أى العهد الجديد، العهد الثانى، واقترب مجىء نبى هذا العهد.
                ثم أوضح مرة أخرى أنه إذا أردتم أن تقبلوا هذا النبى، فها هو إلياء (= أحمد = 53 بحروف الجُمَّل) الذى سوف يأتى، وبالطبع لم يكن المعمدان إيلياء ولا النبى ولا المسِّيِّا باعترافه بنفسه: (19وَهَذِهِ هِيَ شَهَادَةُ يُوحَنَّا حِينَ أَرْسَلَ الْيَهُودُ مِنْ أُورُشَلِيمَ كَهَنَةً وَلاَوِيِّينَ لِيَسْأَلُوهُ: «مَنْ أَنْتَ؟» 20فَاعْتَرَفَ وَلَمْ يُنْكِرْ وَأَقَرَّ أَنِّي لَسْتُ أَنَا الْمَسِيحَ. 21فَسَأَلُوهُ: «إِذاً مَاذَا؟ إِيلِيَّا أَنْتَ؟» فَقَالَ: «لَسْتُ أَنَا». «أَلنَّبِيُّ أَنْتَ؟» فَأَجَابَ: «لاَ».) يوحنا 1: 19-21
                وأشار فى نهاية كلامه إلى أنه يعد الطريق للرب أى لسيد الأنبياء، وأنه سيأتى بعده، فإذا ربط قول يسوع عن المزمع أن يأتى يتأكد لك أن يسوع يقول نفس كلام المعمدان عن نبى سيأتى بعدهما.
                كما أن الرسول صلى الله عليه وسلم هو أول من تنشق عنه الأرض يوم القيامة، ولتشويه رسالة يسوع وصورته أمام الناس، فقد ادعى كاتب الرسالة الأولى إلى أهل كورنثوس أن يسوع هو باكورة الراقدين من الأموات: (20وَلَكِنِ الآنَ قَدْ قَامَ الْمَسِيحُ مِنَ الأَمْوَاتِ وَصَارَ بَاكُورَةَ الرَّاقِدِينَ.) كورنثوس الأولى 15: 20
                ونسى أنه بصلب يسوع وموته انشقت القبور وقامت أجساد القديسين مشيت فى المدينة: (51وَإِذَا حِجَابُ الْهَيْكَلِ قَدِ انْشَقَّ إِلَى اثْنَيْنِ مِنْ فَوْقُ إِلَى أَسْفَلُ. وَالأَرْضُ تَزَلْزَلَتْ وَالصُّخُورُ تَشَقَّقَتْ 52وَالْقُبُورُ تَفَتَّحَتْ وَقَامَ كَثِيرٌ مِنْ أَجْسَادِ الْقِدِّيسِينَ الرَّاقِدِينَ 53وَخَرَجُوا مِنَ الْقُبُورِ بَعْدَ قِيَامَتِهِ وَدَخَلُوا الْمَدِينَةَ الْمُقَدَّسَةَ وَظَهَرُوا لِكَثِيرِينَ.) متى 27: 51-53
                ولا أرى إلا أنها محاولة لسرقة المسِّيِّانية من النبى الذى قال عنه يسوع (المزمع أن يأتى)، والذى بشر يسوع والمعمدان وباقى الأنبياء بقدومه لا محالة، وإلغاء شريعة موسى عليه السلام، والعمل بشريعته الإلهية، فهو من سيطبق ملكوت الله، وسمَّاه يسوع (روح الحق) أى الصادق الأمين، وسماه أيضًا (روح القدس) أى عين القداسة نفسها، والتى يحلو للمترجمين العرب وغيرهم أن يترجموها (الروح القدس) على الرغم من أن النص اليونانى لا يوجد به (الـ) فى كلمة روح:
                وهو مقارب لقول عيسى عليه السلام فى المسِّيَّا الذى سيأتى بعده:
                غ (إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَنِي فَاحْفَظُوا وَصَايَايَ 16وَأَنَا أَطْلُبُ مِنَ الآبِ فَيُعْطِيكُمْ مُعَزِّياً آخَرَ لِيَمْكُثَ مَعَكُمْ إِلَى الأَبَدِ 17رُوحُ الْحَقِّ الَّذِي لاَ يَسْتَطِيعُ الْعَالَمُ أَنْ يَقْبَلَهُ لأَنَّهُ لاَ يَرَاهُ وَلاَ يَعْرِفُهُ وَأَمَّا أَنْتُمْ فَتَعْرِفُونَهُ لأَنَّهُ مَاكِثٌ مَعَكُمْ وَيَكُونُ فِيكُمْ)يوحنا 14: 15-17
                غ (24اَلَّذِي لاَ يُحِبُّنِي لاَ يَحْفَظُ كلاَمِي. وَالْكلاَمُ الَّذِي تَسْمَعُونَهُ لَيْسَ لِي بَلْ لِلآبِ الَّذِي أَرْسَلَنِي. 25بِهَذَا كَلَّمْتُكُمْ وَأَنَا عِنْدَكُمْ. 26وَأَمَّا الْمُعَزِّي الرُّوحُ الْقُدُسُ الَّذِي سَيُرْسِلُهُ الآبُ بِاسْمِي فَهُوَ يُعَلِّمُكُمْ كُلَّ شَيْءٍ وَيُذَكِّرُكُمْ بِكُلِّ مَا قُلْتُهُ لَكُمْ.) يوحنا 14: 24-26
                غ (7لَكِنِّي أَقُولُ لَكُمُ الْحَقَّ إِنَّهُ خَيْرٌ لَكُمْ أَنْ أَنْطَلِقَ لأَنَّهُ إِنْ لَمْ أَنْطَلِقْ لاَ يَأْتِيكُمُ الْمُعَزِّي وَلَكِنْ إِنْ ذَهَبْتُ أُرْسِلُهُ إِلَيْكُمْ. 8وَمَتَى جَاءَ ذَاكَ يُبَكِّتُ الْعَالَمَ عَلَى خَطِيَّةٍ وَعَلَى بِرٍّ وَعَلَى دَيْنُونَةٍ. 9أَمَّا عَلَى خَطِيَّةٍ فَلأَنَّهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ بِي. 10وَأَمَّا عَلَى بِرٍّ فَلأَنِّي ذَاهِبٌ إِلَى أَبِي وَلاَ تَرَوْنَنِي أَيْضاً. 11وَأَمَّا عَلَى دَيْنُونَةٍ فَلأَنَّ رَئِيسَ هَذَا الْعَالَمِ قَدْ دِينَ.) يوحنا 16: 7-10
                غ (12«إِنَّ لِي أُمُوراً كَثِيرَةً أَيْضاً لأَقُولَ لَكُمْ وَلَكِنْ لاَ تَسْتَطِيعُونَ أَنْ تَحْتَمِلُوا الآنَ. 13وَأَمَّا مَتَى جَاءَ ذَاكَ رُوحُ الْحَقِّ فَهُوَ يُرْشِدُكُمْ إِلَى جَمِيعِ الْحَقِّ لأَنَّهُ لاَ يَتَكَلَّمُ مِنْ نَفْسِهِ بَلْ كُلُّ مَا يَسْمَعُ يَتَكَلَّمُ بِهِ وَيُخْبِرُكُمْ بِأُمُورٍ آتِيَةٍ. 14ذَاكَ يُمَجِّدُنِي لأَنَّهُ يَأْخُذُ مِمَّا لِي وَيُخْبِرُكُمْ.) يوحنا 16: 12-14
                غ (وَلَكِنَّ الأَصْغَرَ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ أَعْظَمُ مِنْهُ....... 14وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَقْبَلُوا فَهَذَا هُوَ إِيلِيَّا الْمُزْمِعُ أَنْ يَأْتِيَ.) متى 11: 11-14
                غ (26«وَمَتَى جَاءَ الْمُعَزِّي الَّذِي سَأُرْسِلُهُ أَنَا إِلَيْكُمْ مِنَ الآبِ رُوحُ الْحَقِّ الَّذِي مِنْ عِنْدِ الآبِ يَنْبَثِقُ فَهُوَ يَشْهَدُ لِي.27وَتَشْهَدُونَ أَنْتُمْ أَيْضاً لأَنَّكُمْ مَعِي مِنَ الاِبْتِدَاءِ».) يوحنا 15: 26-27
                وصفات هذا النبى كما وصفه يسوع هى:
                1) يأتى بعد عيسى عليه السلام (لأَنَّهُ إِنْ لَمْ أَنْطَلِقْ لاَ يَأْتِيكُمُ الْمُعَزِّي)يوحنا 16: 7
                2) نبى مرسل من عند الله ، أمين على الوحى (لأَنَّهُ لاَ يَتَكَلَّمُ مِنْ نَفْسِهِ بَلْ كُلُّ مَا يَسْمَعُ يَتَكَلَّمُ بِهِ) يوحنا 16: 13
                3) مرسل للعالم كافة (وَمَتَى جَاءَ ذَاكَ يُبَكِّتُ الْعَالَمَ عَلَى خَطِيَّةٍ وَعَلَى بِرٍّ وَعَلَى دَيْنُونَةٍ.) يوحنا 16: 8
                4) صادق أمين، عين الحق وذاتها (مَتَى جَاءَ ذَاكَ رُوحُ الْحَقِّ) يوحنا 14: 17 (وَأَمَّا الْمُعَزِّي الرُّوحُ الْقُدُسُ) يوحنا 14: 26
                5) يخبر ويُنبىء عن أمور مستقبلية (وَيُخْبِرُكُمْ بِأُمُورٍ آتِيَةٍ) يوحنا 16: 13
                6) ديانته مهيمنة، وتعاليمه شاملة (مَتَى جَاءَ ذَاكَ رُوحُ الْحَقِّ فَهُوَ يُرْشِدُكُمْ إِلَى جَمِيعِ الْحَقِّ) يوحنا 16: 13
                7) يتعرض دينه وشريعته لكل تفاصيل الحياة (فَهُوَ يُعَلِّمُكُمْ كُلَّ شَيْءٍ وَيُذَكِّرُكُمْ بِكُلِّ مَا قُلْتُهُ لَكُمْ) يوحنا 14: 26
                8) مؤيدًا لرسالة عيسى عليه السلام الحقة ومدافعاً عنه وعن أمه (فَهُوَ يَشْهَدُ لِي) يوحنا 15: 26
                9) ناسخ لما قبله ولا ناسخ له (فَيُعْطِيكُمْ مُعَزِّياً آخَرَ لِيَمْكُثَ مَعَكُمْ إِلَى الأَبَدِ) يوحنا 14: 16
                10) نبى مثل عيسى عليه السلام (مُعَزِّياً آخَرَ). يوحنا 14: 16
                11) ناسخاً لدين عيسى وموسى ودينه مهيمناً على كل الكتب والأديان التى سبقت: (42قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «أَمَا قَرَأْتُمْ قَطُّ فِي الْكُتُبِ: الْحَجَرُ الَّذِي رَفَضَهُ الْبَنَّاؤُونَ هُوَ قَدْ صَارَ رَأْسَ الزَّاوِيَةِ. مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ كَانَ هَذَا وَهُوَ عَجِيبٌ فِي أَعْيُنِنَا؟ 43لِذَلِكَ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مَلَكُوتَ اللَّهِ يُنْزَعُ مِنْكُمْ وَيُعْطَى لِأُمَّةٍ تَعْمَلُ أَثْمَارَهُ. 44وَمَنْ سَقَطَ عَلَى هَذَا الْحَجَرِ يَتَرَضَّضُ وَمَنْ سَقَطَ هُوَ عَلَيْهِ يَسْحَقُهُ») متى 21: 42-44
                إذن فليس عيسى رسول الله ، النبى الخاتم للرسالات والنبوة، ولكنه من أتى بعده، المبعوث للثقلين الإنس والجن، الرحمة المهداة للعالمين. ولم يكن هو الحجر الذى رفضه البناؤون، بل محمد صلى الله عليه وسلم الذى جاء من نسل إسماعيل بن إبراهيم عليه السلام وابن هاجر التى رفضها البناؤون. ولم يكن هو حجر الزاوية أى خاتم النبيين، بدليل قوله: (39لأَنِّي أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّكُمْ لاَ تَرَوْنَنِي مِنَ الآنَ حَتَّى تَقُولُوا: مُبَارَكٌ الآتِي بِاسْمِ الرَّبِّ!».) متى 23: 39
                وهذا الملكوت لن يكون حاكمه ملكًا ضعيفًا أو مستضعفًا، يدفع الجزية، ويهرب من اليهود، ويُطالب بالإستكانة للأعداء، بل هو ملك قادر على القتال، وإحراز النصر على أعداء الله وتمكين ملكوته بالقوة. وهذا ما نفهمه من قول يسوع (44وَمَنْ سَقَطَ عَلَى هَذَا الْحَجَرِ يَتَرَضَّضُ وَمَنْ سَقَطَ هُوَ عَلَيْهِ يَسْحَقُهُ») متى 21: 44
                ومن قوله (الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مِنَ الْقِيَامِ هَهُنَا قَوْماً لاَ يَذُوقُونَ الْمَوْتَ حَتَّى يَرَوْا مَلَكُوتَ اللَّهِ قَدْ أَتَى بِقُوَّةٍ.) مرقس 9: 1
                فمن هو ذلك الآتى بعده باسم الرب؟ إنه نبى تنتظره كل الأمم، لكن هناك من الدجالين الذين سيدَّعون أنهم هم المسٍّيِّا، وهؤلاء قد حذَّرَ منهم: (4فَأَجَابَ يَسُوعُ: «انْظُرُوا لاَ يُضِلَّكُمْ أَحَدٌ. 5فَإِنَّ كَثِيرِينَ سَيَأْتُونَ بِاسْمِي قَائِلِينَ: أَنَا هُوَ الْمَسِيحُ وَيُضِلُّونَ كَثِيرِينَ.) متى 24: 4-5، وتقولها الترجمة اليسوعية والترجمة العربية المشتركة: (فسوف يأتى كثيرٌ من الناس منتحلين اسمى يقولون: «أنا هو المسيح»، ويضلون أناسًا كثيرين.)
                فالمسيح (المسِّيِّا) لم يكن اسمًا لعيسى عليه السلام فى يوم من الأيام، ولم نسمع عن إنسان جاء بعده وادعى أنه يسوع، بل كانت المسِّيِّانية هى التى ادعاها أناس من بعده، وهى التهمة التى رماه بها اليهود: (63وَأَمَّا يَسُوعُ فَكَانَ سَاكِتاً. فَسَأَلَهُ رَئِيسُ الْكَهَنَةِ: «أَسْتَحْلِفُكَ بِاللَّهِ الْحَيِّ أَنْ تَقُولَ لَنَا: هَلْ أَنْتَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ؟» 64قَالَ لَهُ يَسُوعُ: «أَنْتَ قُلْتَ!) متى 26: 63، وكان رد يسوع النفى، وأن هذا ادعاء منهم عليه: (33ثُمَّ دَخَلَ بِيلاَطُسُ أَيْضاً إِلَى دَارِ الْوِلاَيَةِ وَدَعَا يَسُوعَ وَقَالَ لَهُ: «أَأَنْتَ مَلِكُ الْيَهُودِ؟» 34أَجَابَهُ يَسُوعُ: «أَمِنْ ذَاتِكَ تَقُولُ هَذَا أَمْ آخَرُونَ قَالُوا لَكَ عَنِّي؟») يوحنا 18: 33-
                لذلك رأى بيلاطس أنه برىء من هذه التهمة وأراد أن يُطلق سراحه، وقال لهم: (أَنَا لَسْتُ أَجِدُ فِيهِ عِلَّةً وَاحِدَةً) يوحنا 18: 38، وقال لهم أيضًا: (إِنِّي بَرِيءٌ مِنْ دَمِ هَذَا الْبَارِّ. أَبْصِرُوا أَنْتُمْ.) متى 27: 24
                فلو كان عيسى عليه السلام آخر رسل الله، لما تنبأ بمجىء رسل كثيرون منتحلين اسم المسِّيِّا نفسه، الذى قال هو عنه: (14وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَقْبَلُوا فَهَذَا هُوَ إِيلِيَّا الْمُزْمِعُ أَنْ يَأْتِيَ.) متى 11: 14، (39لأَنِّي أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّكُمْ لاَ تَرَوْنَنِي مِنَ الآنَ حَتَّى تَقُولُوا: مُبَارَكٌ الآتِي بِاسْمِ الرَّبِّ!».) متى 23: 39
                إن حديث يسوع عن إيليا الذى سوف يأتى بعده لهو اعتراف صريح من يسوع أنه ليس هو المسِّيِّا النبى الخاتم، ولكن الذى سوف يأتى بعده، والذى أسماه إيليا. وبطبيعة الحال فإن الشخص الذى يتقدم المسِّيِّا، ليس هو المسِّيِّا نفسه.
                (17وَيَتَقَدَّمُ أَمَامَهُ بِرُوحِ إِيلِيَّا وَقُوَّتِهِ لِيَرُدَّ قُلُوبَ الآبَاءِ إِلَى الأَبْنَاءِ وَالْعُصَاةَ إِلَى فِكْرِ الأَبْرَارِ لِكَيْ يُهَيِّئَ لِلرَّبِّ شَعْباً مُسْتَعِدّاً».) لوقا 1: 17
                وهو بالطبع ليس المعمدان كما أراد لوقا إفهام القراء، لأن المعمدان نفسه نفى أن يكون هو المسِّيِّا: (19وَهَذِهِ هِيَ شَهَادَةُ يُوحَنَّا حِينَ أَرْسَلَ الْيَهُودُ مِنْ أُورُشَلِيمَ كَهَنَةً وَلاَوِيِّينَ لِيَسْأَلُوهُ: «مَنْ أَنْتَ؟» 20فَاعْتَرَفَ وَلَمْ يُنْكِرْ وَأَقَرَّ أَنِّي لَسْتُ أَنَا الْمَسِيحَ. 21فَسَأَلُوهُ: «إِذاً مَاذَا؟ إِيلِيَّا أَنْتَ؟» فَقَالَ: «لَسْتُ أَنَا». «أَلنَّبِيُّ أَنْتَ؟» فَأَجَابَ: «لاَ».) يوحنا 1: 19-21
                ويتعارض كون يسوع المسِّيِّا مع العهد القديم أيضًا: (5[هَئَنَذَا أُرْسِلُ إِلَيْكُمْ إِيلِيَّا النَّبِيَّ قَبْلَ مَجِيءِ يَوْمِ الرَّبِّ الْيَوْمِ الْعَظِيمِ وَالْمَخُوفِ 6فَيَرُدُّ قَلْبَ الآبَاءِ عَلَى الأَبْنَاءِ وَقَلْبَ الأَبْنَاءِ عَلَى آبَائِهِمْ. لِئَلاَّ آتِيَ وَأَضْرِبَ الأَرْضَ بِلَعْنٍ].) ملاخى 4: 5-6
                فإذا كان يسوع ينبىء بقدوم إيليا، ويخبر بنى إسرائيل أن الله سينزع منهم ملكوته وسوف يعطيه لأمة أخرى غير بنى إسرائيل، التى هو أحد أبنائها، فهو يتكلم إذن عن أحداث مستقبلية، لم تتم بعد، ولن تتم إلا بعده.
                فهل رد المعمدان قلب الأبناء على الآباء، أو قلب الآباء على الأبناء؟ لا.
                ثم هل رد يسوع قلب الآباء على الأبناء أو قلب الأبناء على الآباء؟ لا. لقد أمر ببغض الابن لأنه وأهله: (25وَكَانَ جُمُوعٌ كَثِيرَةٌ سَائِرِينَ مَعَهُ فَالْتَفَتَ وَقَالَ لَهُمْ: 26«إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَأْتِي إِلَيَّ وَلاَ يُبْغِضُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ وَامْرَأَتَهُ وَأَوْلاَدَهُ وَإِخْوَتَهُ وَأَخَوَاتِهِ حَتَّى نَفْسَهُ أَيْضاً فَلاَ يَقْدِرُ أَنْ يَكُونَ لِي تِلْمِيذاً.) لوقا 14: 25-26
                كما لعن الآباء والأجداد من بنى إسرائيل على عدم إيمانهم وسوء أفعالهم: (31فَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَنَّكُمْ أَبْنَاءُ قَتَلَةِ الأَنْبِيَاءِ. 32فَامْلَأُوا أَنْتُمْ مِكْيَالَ آبَائِكُمْ. 33أَيُّهَا الْحَيَّاتُ أَوْلاَدَ الأَفَاعِي كَيْفَ تَهْرُبُونَ مِنْ دَيْنُونَةِ جَهَنَّمَ؟) متى 23: 31-33
                وعلى الرغم من قول الله تعالى: (وَإِذْ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّيْنَ لَمَا آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُواْ أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُواْ وَأَنَاْ مَعَكُم مِّنَ الشَّاهِدِينَ) آل عمران: 81
                وقوله صلى الله عليه وسلم عن أبي هريرة: (فضلت على الأنبياء بست: أعطيت جوامع الكلم، ونصرت بالرعب) رواية البخاري مسيرة شهر، (وأحلت لي الغنائم، وجعلت لي الأرض طهوراً ومسجداً، وأرسلت إلى الخلق كافة، وختم بي النبيون) صحيح رواه البخاري ومسلم .
                ومع علو منزلته صلى الله عليه وسلم في الدنيا والآخرة كان يقول: (لا تُطروني كما أطرت النصارى ابن مريم، إنما أنا عبد، فقولوا: عبد الله ورسوله) (رواه البخاري)، والإطراء هو مجاوزة الحد في المدح.
                إلا أنه من تواضعه صلى الله عليه وسلم أنه كره أن يُفضل على الأنبياء عليهم الصلاة والسلام مع أنه خاتمهم وأفضلهم، فقال صلى الله عليه وسلم (لا ينبغي لعبد أن يقول: إنه خير من يونس بن متى) (رواه البخاري).
                وكان صلى الله عليه وسلم متواضعا في لباسه ومركبه، فيلبس ما تيسر من اللباس، ولا يأنف من ركوب البغال والحمير، ولو شاء صلى الله عليه وسلم للبس الديباج والحرير، ولما ركب إلا أصيلات الخيل، كيف لا؟، وأغنياء الصحابة رضي الله عنهم يفدونه بأنفسهم وأموالهم، وقد منَّ الله عليه بالفتوح، وساق إليه أموال اليهود والمشركين، ولكن تواضعه صلى الله عليه وسلم يأبى عليه أن يسير سيرة الملوك، أو يتزيا بزيي أهل الدنيا، وهو الذي اختار أن يكون عبدًا رسولا.
                وفي ركوبه يركب ما يركب عامة الناس، فركب صلى الله عليه وسلم البعير والحمار والبغلة والفرس: قال أنس رضي الله عنه: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعود المريض، ويشهد الجنازة، ويجيب دعوة العبد، وكان يوم بني قريظة على حمار مخطوم بحبل من ليف) رواه الترمذي.
                وكان صلى الله عليه وسلم لا ينكسف ولا يأنف من ذكر عمله برعى الغنم: أخرج ابن ماجه فقال: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا بَعَثَ اللَّهُ نَبِيًّا إِلَّا رَاعِيَ غَنَمٍ. قَالَ لَهُ أَصْحَابُهُ وَأَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: وَأَنَا كُنْتُ أَرْعَاهَا لِأَهْلِ مَكَّةَ بِالْقَرَارِيطِ" قَالَ سُوَيْدٌ يَعْنِي كُلَّ شَاةٍ بِقِيرَاطٍ
                وكان صلى الله عليه وسلم متواضعا مع أسرته وفي داخل بيته، يعمل أعمالا يأنف منها كثير من الرجال، وسئلت عائشة رضي الله عنها: (ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يصنع في البيت؟، قالت: كان يكون في مهنة أهله، فإذا سمع الأذان خرج) (رواه البخاري)
                وعن عروة رضي الله عنه قال: سأل رجل عائشة رضي الله عنها: (هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعمل في بيته؟، قالت: نعم. كان النبي صلى الله عليه وسلم يخصف نعله، ويخيط ثوبه، ويعمل في بيته كما يعمل أحدكم في بيته) (رواه أحمد)
                وفي رواية عند الترمذي قالت: (كان بشرًا من البشر، ينظف ثوبه، ويحلب شاته، ويخدم نفسه).
                وعن عبيد بن حنين أنَّه سمع ابن عبَّاس -- يحدِّث أنَّه قال: مكثت سنة أريد أن أسأل عمر بن الخطَّاب عن آية، فما أستطيع أن أسأله هيبة له، حتى خرج حاجًّا فخرجت معه (الحديث)، وفيه: وإنَّه -أي: رسول الله صلى الله عليه وسلم- لَعَلَى حصيرٍ ما بينه وبينه شيء وتحت رأسه وسادة مِنَ أَدَم حشوها ليف، وإنَّ عند رجليه قَرَظًا مصبوبًا، وعند رأسه أَهَبٌ معلَّقة، فرأيت أثر الحصير في جنبه فبكيتُ، فقال:
                «ما يبكيك؟» فقلت: يا رسول الله، إنَّ كِسْرَى وقيصر فيما هُمَا فيه وأنت رسول الله! فقال: «أَمَا ترضى أن تكون لهم الدُّنْيا ولنا الآخرة») الراوي: عبدالله بن عباس المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 4913.
                وكان يتفقَّدهم حتى في الغزوات والمعارك، ومِن ذلك ما رواه مسلم في صحيحه مِن حديث أبي برزة: أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم كان في مغزى له، فأفاء الله عليه، فقال لأصحابه: «هل تفقدون مِن أحدٍ؟» قالوا: نعم فلانًا وفلانًا وفلانًا. ثمَّ قال: «هل تفقدون مِن أحدٍ؟». قالوا: نعم فلانًا وفلانًا وفلانًا. ثمَّ قال: «هل تفقدون مِن أحدٍ؟» قالوا: لا. قال:«لكنِّي أفقد جليبيبًا، فاطلبوه». فطُلِب في القتلى، فوجدوه إلى جنب سبعة قد قتلهم ثمَّ قتلوه، فأتى النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم فوقف عليه، فقال: «قتل سبعة ثمَّ قتلوه، هذا منِّي وأنا منه، هذا منِّي وأنا منه». قال: فوضعه على ساعديه ليس له إلَّا ساعدا النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، قال: فحفر له ووضع في قبره (الراوي: أبو برزة الأسلمي المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 2472
                وكان مِن تواضعه صلى الله عليه وسلم، القيام بخدمة أصحابه، روى مسلم في صحيحه مِن حديث أبي قتادة، وفيه -في قصَّة نومهم عن صلاة الفجر-: قال ودعا بالميضأة، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يصبُّ وأبو قتادة يسقيهم -أي أصحابه- فلم يَعْدُ أن رأى النَّاس ماءً في الميضأة تكابُّوا عليها. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أحسنوا الْمَلَأَ كلُّكم سيَرْوى" قال: ففعلوا. فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يصبُّ وأسقيهم حتى ما بقي غيري وغير رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ثمَّ صبَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال لي: "اشرب". فقلت: لا أشرب حتى تشرب يا رسول الله. قال: "إنَّ ساقي القوم آخرهم شربًا". قال: فشربت، وشرب رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فأتى النَّاس الماء جامِّين رِوَاء (الراوي: أبو قتادة الأنصاري المحدث: الألباني - المصدر: السلسلة الصحيحة - الصفحة أو الرقم: [5/265]
                وكان صلى الله عليه وسلم متواضعا مع الناس، ومن شدة تواضعه أنه لا يُعرف من بين أصحابه رضي الله عنهم، فلا يتميز عليهم بملبس أو مركب أو مجلس، كما هي عادة الكبراء والأغنياء، وإذا جاء الغريب ما عرفه من بينهم حتى يسأل عنه، كما روى أبو ذر وأبو هريرة فقالا: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجلس بين ظهري أصحابه، فيجيء الغريب فلا يدري أيهم هو حتى يسأل) (أبو داود)
                وكان صلى الله عليه وسلم يمنع أصحابه من القيام له، وما ذلك إلا لشدة تواضعه فعن أبي أمامة رضي الله عنه قال: (خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم متكئاً على عصاً، فقمنا له، قال لا تقوموا كما يقوم الأعاجم، يعظِّم بعضهم بعضاً) رواه أحمد وأبو داود
                وهذا خلاف ما يفعله بعض المتكبرين من حبهم لتعظيم الناس لهم، وغضبهم عليهم إذا لم يتمثلوا لهم، وقد قال عليه الصلاة والسلام: (من أحب أن يتمثَّل له الناس قياماً فليتبوأ مقعده من النار) رواه أحمد والترمذي و أبو داوود.
                وهذا التواضع الجم فهمه المسلمون فى عصره، وكان هذا شأنهم معه: قال أنس رضي الله عنه: (ما كان شخص أحب إليهم رؤيةً من رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانوا إذا رأوه لم يقوموا لما يعلمون من كراهيته لذلك) (رواه أحمد)
                ومن تواضعه صلى الله عليه وسلم أنه يجيب دعوة من دعاه ولو كان فقيرا، ويقبل من الطعام ما كان يسيرا، ولا يشترط في ذلك، أو يغضب من دعوة يراها أقل من حقه، فكان صلى الله عليه وسلم يقول:(لو دعيت إلى ذراع أو كُرَاع لأجبت، ولو أهدي إلي ذراع أو كُرَاع لقبلت) (البخاري). والكُراع من الدابة ما دون الكعب.
                وكان صلى الله عليه وسلم لا يمل من ذوي الحاجات، بل يستمع إليهم، ويقضي حاجاتهم، فيجيب السائل، ويعلم الجاهل، ويرشد التائه، ويتصدق على الفقير، ولا يرد أحدا قصده في حاجة.
                وكان أصحابه رضي الله عنهم يتبركون بالماء يغمس يده الشريفة فيه، فما يردهم، ولا ينزعج من كثرة طلبهم. قال أنس رضي الله عنه: (كان إذا صلى الغداة جاءه أهل المدينة بآنيتهم فيها الماء، فما يؤتى بإناء إلا غمس يده فيه) (رواه البخاري).
                وعن أنس رضي الله عنه: (أن امرأة كان في عقلها شيء، فقالت: يا رسول الله، إن لي إليك حاجة، فقال: يا أم فلان، انظري أيَّ السكك شئت حتى أقضيَ لك حاجتك، فخلا معها في بعض الطرق حتى فرغت من حاجتها) (رواه مسلم).
                قَالَ النووي (خَلا معها في بعضِ الطرق) "أي وقَف معها في طريق مسلوك ليقضي حاجتها ويفتيها في الخلوة، ولم يكن ذلك من الخلوة بالأجنبية، فإنَّ هذا كان في ممر الناس ومشاهدتهم إياه وإياها، لكن لا يسمعون كلامها لأنَّ مسألتها مما لا يظهره" أهـ.
                وفي ذلك بيان لتواضعه صلى الله عليه وسلم بوقوفه مع المرأة الضعيفة.
                وكان صلى الله عليه وسلم لا ينزع يده ممن يصافحه حتى ينزعها الذي يسلم عليه، ويزور الضعفاء والفقراء من المسلمين، ويعود مرضاهم ويشهد جنائزهم.
                بل كان متواضعًا مع الصغار، فعن أنس: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يزور الأنصار ويسلم على صبيانهم ويمسح رؤوسهم). رواه ابن حبان
                وقد كان صلى الله عليه وسلم بهذا الأسلوب يدخل السرور والفرح إلى نفوس هؤلاء الناشئة، ويعطيهم الدفعة المعنوية على التعوّد في محادثة الكبار والرّد والأخذ والعطاء معهم، وهذا من حكمته -عليه الصلاة والسلام.
                ومن أعظم النقاط التى تزيل جنون العظمة التى يتهمه به بعض المتحاملين على الإسلام أنه صلى الله عليه وسلم كان يأخذ بمشورة أصحابه، فيحكى ابن إسحاق أن الحباب بن منذر بن الجموح قال للرسول صلى الله عليه وسلم فى غزوة بدر: (يا رسول الله، أرأيت هذا المنزل،أمنزلا أنزلكه الله ليس لنا أن نتقدمه، ولا نتأخر عنه، أم هو الرأي والحرب والمكيدة؟ قال: بل هو الرأي والحرب والمكيدة؟ فقال:يا رسول الله، فإن هذا ليس بمنزل، فانهض بالناس حتى نأتي أدنى ماء من القوم، فننزله، ثم نغور ما وراءه من القلب، ثم نبني عليه حوضا فنملؤه ماء، ثم نقاتل القوم، فنشرب ولا يشربون، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لقد أشرت بالرأي) وأخذ بمشورته.
                وفي غزوة الخندق أخذ النبي صلى الله عليه وسلم برأي سلمان وحفر الخندق. وأخذ بمشورة زوجته السيدة أم سلمة يوم الحديبية، حيث اشتكى لها عصيان المسلمين من الاستجابة لطلبه بالنحر والحلق، فأشارت عليه أن يخرج ويبدأ بنفسه أمامهم، واستجاب الرسول صلى الله عليه وسلم، وكان حلا شافيًا أنقذت به المسلمين. وكان يقول صلى الله عليه وسلم غالباً وفي مواقف كثيرة لأصحابه: "أشيروا علي – أشيروا علي"
                ومن تواضعه الجم أيضًا أنه كان ينقل التراب بنفسه مع المسلمين يوم الخندق: فعن البراء بن عازب قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم ينقل التراب يوم الخندق حتى أغبر بطنه.
                ولما هابته الرجال فارتعدوا أمامه هَوَّن عليهم، وسكن من روعهم،وأزال ما في قلوبهم. فقد روى أبو مسعود البدري رضي الله عنه: (أن رجلا كلم النبي صلى الله عليه وسلم يوم الفتح فأخذته الرعدة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: هون عليك فإنما أنا ابن امرأة من قريش كانت تأكل القديد) (رواه الحاكم)، والقديد هو اللحم المجفف في الشمس.
                وفي المجامع الكبيرة التي قد تدفع النفس إلى نوع من الكبر والتميز على الناس، كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يزداد فيها إلا تواضعًا إلى تواضعه.
                وأعظم جمع حضره في حياته، وخطب الناس فيه كان يوم عرفة، وقد توجهت إليه جموع الحجيج، ومع ذلك برز للناس على ناقته بكل تواضع وذل لله عز وجل.
                ومواقف النصر والفتوح تستبد بالقادة والفاتحين، وتستولي على نفوسهم، فيكون فيها فخرهم وعلوهم، ولا يقدر على التواضع فيها إلا أقل الرجال، وما حفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم - رغم كثرة فتوحاته وانتصاراته، أنه تعالى أو اغتر بنصر، ولا استبد به فتح، بل ازداد تواضعًا إلى تواضعه.
                ويوم الفتح الأكبر حين دخل مكة منصورًا مؤزرًا، دخلها وقد طأطأ رأسه تواضعًا لله تعالى، حتى إن رأسه ليمس رحله من شدة طأطأته.
                هكذا كان تواضع الحبيب صلى الله عليه وسلم، ولا يملك من يقرأ سيرته، ويطلع على أخلاقه إلا أن يمتلئ قلبه بمحبته، فالناس مفطورون على محبة المتواضعين وبغض المتكبرين.
                ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم هو سيد الخلق، وخاتم الرسل، وأعلى الناس مكانة في الدنيا والآخرة، وهو أيضا صلى الله عليه وسلم أشد الناس تواضعًا لله تعالى، فحري أن يملك القلوب، وحري بأتباعه أن يكونوا من المتواضعين، اتباعًا لهديه، واقتداءً بأخلاقه، وتمسكًا بسنته صلى الله عليه وسلم.
                وقد تعلم أصحابه هذا التواضع، فيُحكى أن أبا بكر الصديق -رضي الله عنه- كان يحلب الغنم لبعض فتيات المدينة، فلما تولى الخلافة قالت الفتيات: لقد أصبح الآن خليفة، ولن يحلب لنا، لكنه استمر على مساعدته لهن،ولم يتغير بسبب منصبه الجديد. وكان أبو بكر -رضي الله عنه- يذهب إلى كوخ امرأة عجوز فقيرة، فيكنس لها كوخها، وينظفه، ويعد لها طعامها، ويقضي حاجتها.
                وقد خرج -رضي الله عنه- يودع جيش المسلمين الذي سيحارب الروم بقيادة أسامة بن زيد -رضي الله عنه- وكان أسامة راكبًا، والخليفة أبو بكر يمشي، فقال له أسامة: يا خليفة رسول الله، لَتَرْكَبَنَّ أو لأنزلنَّ، فقال أبو بكر: والله لا أركبن ولا تنزلن، وما على أن أُغَبِّرَ قدمي ساعة في سبيل الله.
                وقد حمل أمير المؤمنين عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- الدقيق على ظهره، وذهب به إلى بيت امرأة لا تجد طعامًا لأطفالها اليتامى، وأشعل النار،وظل ينفخ حتى نضج الطعام، ولم ينصرف حتى أكل الأطفال وشبعوا.
                ويحكى أن رجلا من بلاد الفرس جاء برسالة من كسرى ملك الفرس إلى الخليفة عمر، وحينما دخل المدينة سأل عن قصر الخليفة، فأخبروه بأنه ليس له قصر فتعجب الرجل من ذلك، وخرج معه أحد المسلمين ليرشده إلى مكانه. وبينما هما يبحثان عنه في ضواحي المدينة، وجدا رجلا نائمًا تحت شجرة، فقال المسلم لرسول كسرى: هذا هو أمير المؤمنين عمر بن الخطاب. فازداد تعجب الرجل من خليفة المسلمين الذي خضعت له ملوك الفرس والروم، ثم قال الرجل: حكمتَ فعدلتَ فأمنتَ فنمتَ يا عمر.
                وجلست قريش تتفاخر يومًا في حضور سلمان الفارسي، وكان أميرًا على المدائن، فأخذ كل رجل منهم يذكر ما عنده من أموال أو حسب أو نسب أو جاه، فقال لهم سلمان: أما أنا فأوَّلي نطفة قذرة، ثم أصير جيفة منتَنة، ثم آتي الميزان، فإن ثَقُل فأنا كريم، وإن خَفَّ فأنا لئيم.
                ويُحكى أن ضيفًا نزل يومًا على الخليفة عمر بن عبد العزيز، وأثناء جلوسهما انطفأ المصباح، فقام الخليفة عمر بنفسه فأصلحه، فقال له الضيف: يا أمير المؤمنين، لِمَ لَمْ تأمرني بذلك، أو دعوت من يصلحه من الخدم، فقال الخليفة له: قمتُ وأنا عمر، ورجعتُ وأنا عمر ما نقص مني شيء، وخير الناس عند الله من كان متواضعًا.
                وهناك الكثير والكثير من مواقف الصحابة والتابعين. فلو كان النبى محمد صلى الله عليه وسلم فى قلبه ذرة من الكبر، وفى تصرفاته ذرة من داء العظمة، لتأسى المسلمون بأفعاله وأقواله.
                لقد كانت تصرفات النبى صلى الله عليه وسلم مخالفة تمامًا لمرضى جنون العظمة، وكانت حياته وأقواله مليئة بالتواضع. ولا يتبقى لنا إلا مدحه للأنبياء السابقين أو مدحه لأصحابه وأعمالهم، وهذا لا يفعله مريض داء العظمة:

                تعليق

                • abubakr_3
                  مُشرِف

                  • 15 يون, 2006
                  • 849
                  • موظف
                  • مسلم

                  #23
                  رد: مناظرة مع السيد رشيد حول نبوة محمد صلى الله عليه وسلم

                  اقرأ تعظيم الله لأنبيائه فى القرآن الموحى إلى رسوله الأمين:
                  إن هؤلاء الأنبياء والرسل هم صفوة الله من بين جميع الناس، هداهم الله واجتباهم، وأنعم عليهم ، فهم قمم البشرية الشوامخ خلقًا وسلوكًا وصبرًا وجهادًا.
                  يقول الحق تبارك وتعالى: (أُوْلَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ مِن ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِن ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّداً وَبُكِياًّ) مريم 58
                  ويقول الله تبارك وتعالى عنهم: (وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ) الأنبياء 73
                  ولقد أمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم بالاقتداء بالرسل والأنبياء السابقين في تحمل الأذى والصبر والحلم وكل الخصال الحميدة، ولأنهم أهل الهدى والتقوى وذلك مصداقاً لقول الله تعالى: (أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ) الأنعام: 9
                  وقال تعالى عن أبى الأنبياء سيدنا إباهيم عليه السلام: (وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ وَآتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا ۖ وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ) العنكبوت: 27
                  (وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ ۚ كُلًّا هَدَيْنَا ۚ وَنُوحًا هَدَيْنَا مِنْ قَبْلُ ۖ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَىٰ وَهَارُونَ ۚ وَكَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ) الأنعام: 84
                  (وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا (41) إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا (42) يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا (43) يَا أَبَتِ لَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيًّا (44) يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِنَ الرَّحْمَنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا (45) قَالَ أَرَاغِبٌ أَنْتَ عَنْ آَلِهَتِي يَا إِبْرَاهِيمُ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا (46) قَالَ سَلَامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا (47) وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلَّا أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِيًّا (48) فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلًّا جَعَلْنَا نَبِيًّا (49) وَوَهَبْنَا لَهُمْ مِنْ رَحْمَتِنَا وَجَعَلْنَا لَهُمْ لِسَانَ صِدْقٍ عَلِيًّا (50) وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مُوسَى إِنَّهُ كَانَ مُخْلَصًا وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا (51) وَنَادَيْنَاهُ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا (52) وَوَهَبْنَا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنَا أَخَاهُ هَارُونَ نَبِيًّا (53) وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا (54) وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا (55) وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا (56) وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا (57) أُولَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آَدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آَيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا (58)) مريم: 41-58
                  وقال الله تعالى: (آَمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آَمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ) البقرة: 285
                  ويقول سبحانه: (قُلْ آمَنَّا بِاللّهِ وَمَا أُنزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ) آل عمران: 84
                  فهل يوجد إنسان يعانى من جنون العظمة ويدعى أنه يوحى إليه فيمدح الأنبياء السابقين وينزلهم مكانتهم الرفيعة؟ أليس مريض العظمة يمتدح فقط نفسه ويزعم مكاسب واختراعات وأفكار لنفسه وعقليته وإمكانياته، وهو فى الأساس قد سرقها من آخرين؟ فما علاقة الرسول صلى الله عليه وسلم بهذا الكلام؟ ألم يتحدى عمالقة الشعر والأدب العربى أن يأتوا بمثل هذا القرآن أو حتى بسورة من مثله وفشلوا؟
                  اقرأ تعظيم الله لبعض المؤمنين فى القرآن الموحى به إلى رسوله الصادق الأمين:
                  أنفق أبوبكر الصديق -رضي الله عنه- معظم ماله في شراء من أسلم من العبيد ليحررهم من العبودية ويخلصهم من العذاب الذي كان يلحقه بهم ساداتهم من مشركي قريش، فأعتق بلال بن رباح وستة آخرين من بينهم عامر بن فهيرة وأم عبيس
                  فنزل فيه قوله تعالى: (وسَيُجَنَّبُها الأتْقَى الذِيِ يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكّى) الليل: 17-21
                  بعد أن أسلم سعد بن أبي وقّاص، سمعت أمه بخبر إسلامه حتى ثارت ثائرتها فأقبلت عليه تقول: (يا سعد ما هذا الدين الذي اعتنقته فصرفك عن دين أمك وأبيك؟ والله لتدعن دينك الجديد أو لا آكل ولا أشرب حتى أموت فيتفطَّر فؤادك حزنا علي ويأكلك الندم على فعلتك التي فعلت وتعيرك الناس أبد الدهر) فقال: (لا تفعلي يا أماه فأنا لا أدع ديني لأي شيء) إلا أن أمه اجتنبت الطعام ومكثت أياما على ذلك فهزل جسمها وخارت قواها فلما رأها سعد قال لها: (يا أماه إني على شديد حبي لك، لأشد حبا لله ولرسوله، ووالله لو كان لك ألف نفس فخرجت منك نفسًا بعد نفس ما تركت ديني هذا بشيء) فلما رأت الجد أذعنت وأكلت وشربت ونزل قوله تعالى: (وَوَصّيْنَا الإنْسانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أمُّهُ وَهْناً على وَهْن وفِصَاله في عامَيْن أن اشْكُر لي ولوالدَيْكَ إليّ المَصير وأن جاهَدَاك على أن تُشْرِك بِي ما ليْسَ لك بِهِ عِلم فلا تُطِعْهما وصَاحِبْهُما في الدنيا مَعْروفـا واتّبِع سَبيـل مَنْ أنابَ اليّ ثُمّ إليّ مَرْجِعكـم فَأنَبّئَكـم بما كُنْتُم تعملـون) لقمان: 14-15
                  ولقد سجل القرآن الكريم شرف الصحبة لأبي بكر الصديق -رضي الله عنه- مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أثناء الهجرة الى المدينة المنورة فقال تعالى: (ثَانِي اثْنَيْن إذْ هُمَا فِي الغَارِ، إذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إنَّ اللّهَ مَعَنَا) التوبة: 40
                  حين هاجر صهيب بن سنان الرومي من مكة إلى المدينة، أدركه قناصة قريش، فصاح فيهم: (يا معشر قريش، لقد علمتم أني من أرماكم رجلا، وأيم الله لا تصلون الي حتى أرمي بكل سهم معي في كنانتي ثم أضربكم بسيفي، حتى لا يبقى في يدي منه شيء، فأقدموا ان شئتم، وان شئتم دللتكم على مالي وتتركوني وشأني) فقبل المشركون المال وتركوه قائلين: (أتيتنا صعلوكا فقيرا، فكثر مالك عندنا، وبلغت بيننا ما بلغـت، والآن تنطلق بنفسـك وبمالـك؟) فدلهم على مالـه وانطلق الى المدينـة، فنزل فيه قوله تعالى: (ومِنَ النّاسِ مَنْ يَشري نَفْسه ابتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللّهِ، واللّهُ رَءُوفٌ بِالعِبَـاد) البقرة: 207
                  وأدرك الرسول -صلى الله عليه وسلم- في قباء، ولم يكد يراه الرسـول -صلى اللـه عليه وسلم- حتى ناداه متهللا: (ربـح البيع أبا يحيى ربح البيع أبا يحيى).
                  في غزوة بدر جعل أبو (أبو عبيدة) يتصدّى لأبي عبيدة بن الجراح، فجعل أبو عبيدة يحيد عنه، فلمّا أكثر قصدَه فقتله، فأنزل الله قوله تعالى: (لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُون بِاللّهِ واليَومِ الآخِر يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللّهَ ورَسُوله ولو كانُوا آباءَ هُم أو أبْنَاءَ هُم أو إخْوَانَهُم أو عَشِيرَتَهُم أولئِكَ كتبَ في قُلوبِهم الإيمَان) المجادلة: 22
                  في يوم بدر، أسِرَ العباس بن عبد المطلب عمِّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وحين تقرر أخذ الفدية قال الرسول -صلى الله عليه وسلم- للعباس: (يا عباس، افد نفس، وابن أخيك عقيل بن أبي طالب، ونوفل بن الحارث، وحليفك عتبة بن عمرو وأخا بني الحارث بن فهر، فإنك ذو مال) وأراد العباس أن يغادر من دون فدية فقال: (يا رسول الله، إني كنت مسلما، ولكن القوم استكرهوني) وأصر الرسول على الفدية،ونزل القرآن بذلك قول الله تعالى: (يا أيُّها النَّبِي قُـلْ لِمَن فِي أيْدِيكُم مِنَ الأسْرَى إن يَعْلَم اللّهُ فِي قُلُوبِكُم خَيْرَاً يُؤْتِكُم خَيْرَاً مِما أُخِذَ مِنْكُم ويَغْفِر لكُم واللّهُ غَفُورٌ رَحِيم)الأنفال: 7 وهكذا فدا العباس نفسه ومن معه وعاد إلى مكة، ولم تخدعه قريش بعد ذلك أبدًا.
                  كانت عائلة عبادة بن الصامت -رضي الله عنه- مرتبطة مع يهود بني قينقاع بحلف قديم، حتى كانت الأيام التي تلت غزوة بدر وسبقت غزوة أحد، فشرع اليهود يتنمرون، وافتعلوا أسبابا للفتنة على المسلمين، فينبذ عبادة عهدهم وحلفهم قائلا: (إنما أتولى الله ورسوله والمؤمنين) فيتنزل القرآن محييا موقفه وولائه. قال تعالى: (ومن يَتَولّ اللّهَ ورَسُوله والذين آمنوا فإنّ حِزْبَ اللهِ هُمْ الغَالِبُون) المائدة: 56
                  في غزوة أحد، رأى طلحة بن عبيد الله رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والدم يسيل من وجنتيه، فجن جنونه وقفز أمامه يضرب المشركين بيمينه ويساره، وسند الرسول -صلى الله عليه وسلم وحمله بعيدًا عن الحفرة التي زلت فيها قدمه، ويقول أبوبكر -رضي الله عنه- عندما يذكر أحُداً: (ذلك كله كان يوم طلحة، كنت أول من جاء الى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال لي الرسول ولأبي عبيدة بن الجراح: (دونكم أخاكم) ونظرنا، وإذا به بضع وسبعون بين طعنة وضربة ورمية، وإذا أصبعه مقطوعة، فأصلحنا من شأنه).
                  وقد نزل قوله تعالى: (مِنَ المُؤْمنين رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدوا اللّه عَليه فمنْهُم مَنْ قَضَى نَحْبَه، ومِنْهُم مَنْ يَنْتَظِر، ومَا بَدّلوا تَبْدِيلا) الأحزاب: 23
                  تلا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هذه الآية ثم أشار إلى طلحة قائلا: (من سره أن ينظر إلى رجل يمشي على الأرض، وقد قضى نحبه، فلينظر إلى طلحة).
                  كان حب عبدالله بن عمرو بن حرام، بل شغفه للموت في سبيل الله، منتهى أطماحه وأمانيه، ولقد أنبأ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عنه بعد استشهاده يوم أحد نبأ عظيم يصور شغفه بالشهادة فقال -عليه الصلاة والسلام- لولده جابر يوما: (يا جابر: ما كلم الله أحدًا قط الا من وراء حجاب، ولقد كلم كفاحا -أي مواجهة- فقال له: (يا عَبْدِي، سَلْنِي أعْطِيك) فقال: (يا رب، أسألك أن تردنـي إلى الدنيا، لأقتـل في سبيلك ثانيـة) قال الله له: (إنّهُ قَدْ سَبَقَ القَوْلُ مِنّي: أنَّهُم إليّها لا يَرْجِعُون) قال: (يا رب فأبلغ من ورائي بما أعطيتنا من نعمة).
                  فانزل الله تعالى: (ولا تَحْسَبنّ الذينَ قُتِلُوا في سَبيلِ اللهِ أمْواتاً، بل أحْياءٌ عِندَ رَبِّهِم يُرْزَقُون، فَرِحينَ بِمَا أتَاهُم الله مِن فَضْلِه، ويَسْتَبْشِرون بالذين لمْ يَلحَقُوا بِهم مِن خَلفِهم، ألا خَوْف عليهم ولا هُم يَحْزَنُون) آل عمران: 169-170
                  في حادثة الإفك، نزلت براءة السيدة عائشة -رضي الله عنها- في القرآن الكريم
                  قال تعالى: (إنَّ الذين جَاؤُوا بالإفكِ عُصْبَةُ منكم، لا تحسبوه شراً لكم بلْ هو خيرُ لكم، لكل امرىءٍ منهم ما اكتسبَ من الإثم، والذي تولَّى كِبْرَهُ منهم له عذابٌ عظيمٌ، لولا إذ سمعتُموه ظنَّ المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيراً) النور: 11-19
                  خلال حادثة الإفك، قالت أم أيوب لأبي أيوب الأنصاري: (ألا تسمع ما يقول الناسُ في عائشة؟) قال: (بلى، وذلك كذب، أفكنتِ يا أم أيوب فاعلة ذلك؟) قالت: (لا والله) قال: (فعائشة والله خير منكِ) فلمّا نزل القرآن وذكر أهل الإفك، ذكر قول المؤمنين الصادقين: قال اللـه تعالى: (لَوْلا إذْ سَمِعْتُمُـوهُ ظَنَّ المُؤْمِنُـونَ والمُؤْمِنَاتِ بِأنْفُسهم خَيْـرَاً، وقَالـوا هذا إفْكٌ مُبِيـن) النور: 12
                  طلّق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حفصة بنت عمر طلقةً رجعية، وذلك لإفشائها سِرًّا استكتمها إيّاه، فلم تكتمه، فنبّأت به السيدة عائشة، فأنزل الله تعالى قوله الكريم مؤدِّبًا لحفصة خاصة ولنساء النبي عامة: قال الله تعالى: (وإذْ أسَرَّ النّبِيُّ إلى بَعْضِ أزْوَاجِه حَدِيثاً، فلمّا نَبأت بِه وأظهَرَهُ اللّه عليه عرّف بَعْضه وأعرض عن بعضٍ فلمّا نَبّأها بِهِ قالت مَنْ أنْبَأكَ هذا، قال نَبّأنِي العَليمُ الخَبِير) التحريم: 3
                  فبلغ ذلك عمر فحثا التراب على رأسه وقال: (ما يعبأ الله بعمر وابنته بعدها) فنزل جبريل على النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: (أرْجِع حفصة، فإنها صوّامة قوّامة، وإنها زوجتك في الجنة).
                  اعتزل النبي -صلى الله عليه وسلم- نساءه شهراً، وشاع الخبر أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قد طلّق نساءه، وكان -صلى الله عليه وسلم- أقسم أن لا يدخل على نسائه شهراً من شدّة مَوْجدَتِهِ عليهنّ، حتى عاتبه الله تعالى، ونزلت هذه الآية في السيدة عائشة والسيدة حفصة لأنهما البادئتان في مظاهرة النبي -صلى الله عليه وسلم- والآية التي تليها في أمهات المؤمنين:
                  قال تعالى: (إِن تَتُوبَا إلى اللهِ فقد صَغَتْ قُلُوبُكُما وإن تَظَاهرا عَلَيه فإنّ اللهَ هوَ مَوْلاهُ وجِبريلُ وَصَالِحُ المؤمنين والملائكة بعد ذلك ظهيرٌ * عسى رَبُّهُ إن طلَّقَكُنَّ أن يُبْدِلَهُ أزواجاً خَيْراً منكُنَّ مُسْلِماتٍ مؤمناتٍ قانتاتٍ تائباتٍ عابداتٍ سائِحاتٍ ثَيَّباتٍ وأبكاراً) التحريم: 4-5
                  لم يكن عُمير بن سعد يؤثر على دينه أحدًا ولا شيئا، فقد سمع قريبًا له (جُلاس بن سويد بن الصامت) يقول: (لئن كان الرجل صادقًا، لنحن شرٌّ من الحُمُر!) وكان يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان جُلاس دخل الإسلام رَهَبا، سمع عُمير هذه العبارة فاغتاظ واحتار، أينقل ما سمع للرسول؟ كيف والمجالس بالأمانة؟ أيسكت عما سمع؟ ولكن حيرته لم تطل، وتصرف كمؤمن تقي، فقال لجُلاس: (والله يا جُلاس إنك لمن أحب الناس إلي، وأحسنهم عندي يدا، واعَزهم عليّ أن يُصيبه شيء يكرهه، ولقد قلت الآن مقالة لو أذَعْتها عنك لآذتك، ولو صمَتّ عليها ليهلكن ديني وإن حق الدين لأولى بالوفاء، وإني مُبلغ رسـول اللـه ما قلت) وهكذا أدى عمير لأمانة المجالـس حقها، وأدى لدينه حقه، كما أعطى لجُلاس الفرصة للرجوع إلى الحق بيد أن جُلاس أخذته العزة بالإثم، وغادر عمير المجلس وهو يقول: (لأبلغن رسول الله قبل أن ينزل وحي يُشركني في إثمك) وبعث الرسـول صلى اللـه عليه وسلم في طلب جُلاس فأنكر وحلف باللـه كاذبًا، فنزلت آية تفصل بين الحق والباطل.
                  قال الله تعالى: (يَحْلِفُون بِاللهِ مَا قَالوا، ولقَدْ قَالوا كَلِمَة الكُفْرِ، وكَفَرُوا بَعْدَ إسْلامِهِم وهَمّوا بِما لَمْ يَنالوا، ومَا نَقموا إلا أن أغْنَاهم اللهُ ورَسُولُه مِنْ فَضْله، فإن يَتُوبُوا يَكُ خَيْراً لهم، وإن يتولّوْا يُعَذِّبْهُم اللهُ عَذَاباً أليماً في الدنّيا والآخرةِ، وما لهُم في الأرضِ مِنْ وَليٍّ ولا نَصير) التوبة: 74
                  فاعترف جُلاس بمقاله واعتذر عن خطيئته، وأخذ النبي بأُذُن عمير وقال له: (يا غُلام، وَفَت أذُنك، وصَدّقت ربّك).
                  لمّا نزلت الآية الكريمة: (إِنّ اللّهَ لا يُحِبّ كُلّ مُخْتَالٍ فَخُور) لقمان: 18
                  أغلق ثابت بن قيس باب داره وجلس يبكي، حتى دعاه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-وسأله عن حاله، فقال ثابت: (يا رسول الله، إني أحب الثوب الجميل، والنعل الجميل وقد خشيـت أن أكون بهذا من المختاليـن) فأجابه النبي صلى الله عليه وسلم وهو يضحك راضيا: (إنك لست منهم بل تعيش بخير وتموت بخير وتدخل الجنة).
                  ولما نزل قول الله تعالى: (يا أيُّها الذِينَ آمَنُوا لاتَرْفَعُوا أصْوَاتَكُم فَوْقَ صَوْتَ النّبِي، ولا تّجْهّروا له بالقَوْلِ كجَهْرِ بَعْضكم لبَعْض، أن تَحْبِطَ أعْمَالكُم وأنتُمْ لا تَشْعُرون) الحجرات: 2
                  أغلق ثابت عليه داره وطفق يبكي، وأرسل الرسول صلى الله عليه وسلم من يدعوه وجاء ثابت وسأله النبي عن سبب غيابه، فأجابه: (اني امرؤ جهيـر الصوت، وقد كنت أرفع صوتي فوق صوتك يا رسـول اللـه، واذن فقد حبط عملي، وأنا من أهل النار) وأجابه الرسـول صلى اللـه عليه وسلم: (إنك لست منهم بل تعيش حميدا وتقتل شهيدا ويدخلك الله الجنة) فقال: (رضيتُ ببُشرى الله ورسوله، لا أرفعُ صوتي أبداً على رسول الله).
                  فنزلت الآية الكريمة: (إنَّ الذينَ يغُضُّونَ أصواتَهُمْ عندَ رَسولِ الّله أولئِكَ الذَّينَ امْتَحَنَ اللهُ قُلوبَهُم للتَّقْوَى، لهم مَّغْفِرةٌ وِأجْرٌ عَظِيمٌ) الحجرات: 3
                  رسول الله والرسل السابقين:

                  عَلَّم رسول الله صلى الله عليه وسلم أُمَّتَهُ أنَّ رسل وأنبياء الله السابقين كالبناء العملاق القائم على التكامل والتعاون؛ لأداء مهمَّة واحدة، وهي توحيد الله تعالى، ومن ثَمَّ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ مَثَلِي وَمَثَلَ الأَنْبِيَاءِ مِنْ قَبْلِي كَمَثَلِ رَجُلٍ بَنَى بَيْتًا، فَأَحْسَنَهُ وَأَجْمَلَهُ إِلاَّ مَوْضِعَ لَبِنَةٍ مِنْ زَاوِيَةٍ، فَجَعَلَ النَّاسُ يَطُوفُونَ بِهِ وَيَعْجَبُونَ لَهُ، وَيَقُولُونَ: هَلاَّ وُضِعَتْ هَذِهِ اللَّبِنَةُ. قَالَ: فَأَنَا اللَّبِنَةُ، وَأَنَا خَاتِمُ النَّبِيِّينَ". البخارى (3342)
                  كما أَمَرَ رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضًا أُمَّتَه ألاَّ تُفاضل بين الأنبياء، فقال: "لا تُخَيِّرُونِي مِنْ بَيْنِ الأَنْبِيَاءِ" البخارى (6519)
                  وعندما حدث خلاف بين مسلم ويهودي حول المفاضلة بين الأنبياء غضب رسول الله صلى الله عليه وسلم لصالح اليهودي وليس لصالح المسلم!
                  فقد روى أبو هريرة رضى الله عنه فقال: بينما يهوديٌّ يعرض سلعته أُعطي بها شيئًا كرهه، فقال: لا، والَّذي اصطفى موسى على البَشَرِ. فسمعه رَجُلٌ من الأنصار فقام فلَطَمَ وجهه، وقال: تقول: والَّذي اصطفى موسى على البشر. والنَّبيُّ صلى الله عليه وسلم بين أَظْهُرِنَا؟! فذهب إليه فقال: أبا القاسم، إنَّ لي ذمَّةً وعهدًا، فما بال فلانٍ لطم وجهي؟ فقال صلى الله عليه وسلم [للمسلم الذى ضربه]: "لِمَ لَطَمْتَ وَجْهَهُ؟". فَذَكَرَهُ، فغضب النبي صلى الله عليه وسلم [من تصرف المسلم] حتى رئي في وجهه، ثم قال: "لا تُفَضِّلُوا بَيْنَ أَنْبِيَاءِ اللَّهِ؛ فَإِنَّهُ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَيَصْعَقُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ إِلاَّ مَنْ شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ يُنْفَخُ فِيهِ أُخْرَى فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ بُعِثَ، فَإِذَا مُوسَى آخِذٌ بِالْعَرْشِ، فَلا أَدْرِي أَحُوسِبَ بِصَعْقَتِهِ يَوْمَ الطُّورِ أَمْ بُعِثَ قَبْلِي؟ وَلا أَقُولُ إِنَّ أَحَدًا أَفْضَلُ مِنْ يُونُسَ بْنِ مَتَّى". البخارى (3233)
                  إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يتحرَّج أن يذكر مثل هذه الحقائق، وبخاصَّة في هذا الموقف الذي فيه خلاف بين مسلم ويهودي؛ لقد تناسى رسول الله صلى الله عليه وسلم تمامًا قصَّة هذا النزاع، وتذكَّر أخاه في النُّبُوَّة موسى بن عمران عليه السلام، فانبرى مدافعًا عنه رافعًا من شأنه؛ إيمانًا من رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن الإسلام لا يفرِّق بينهم -عليهم السلام- ولا نكون مبالغين إذا قلنا: إنَّ الإسلام يُوجِب علينا أن نحبَّ الأنبياء السابقين، أكثر من حُبِّ أتباعهم لهم؛ لأن هذا الحُبَّ ركن من أركان الإيمان بالله في العقيدة الإسلاميَّة السمحة.
                  لذلك نجد رسول الله صلى الله عليه وسلم يُعَلِّم أُمَّته تعظيم الأنبياء، بل ويخصُّ بالذِّكْر الزعماء الكبار للديانتين اليهودية والنصرانية، فيقول رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما عَلِم صلى الله عليه وسلم بأنَّ اليهود يصومون يوم عاشوراء؛ احتفالاً بإنجاء الله للموسى عليه السلام وبني إسرائيل من عدوِّهم: "أَنَا أَحَقُّ بِمُوسَى مِنْكُمْ". فصامه وأمر بصيامه. البخارى (1900)
                  كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عن عيسى عليه السلام: "أَنَا أَوْلَى النَّاسِ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ فِي الأُولَى وَالآخِرَةِ".
                  ووصى رسول الله صلى الله عليه وسلم من يدرك منا سيدنا عيسى عليه السلام أن يقرئه من رسول الله السلام، فعن أبي هريرة قال: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إني لأرجو إن طالت بي حياة أن أدرك عيسى ابن مريم، فإن عجل بي موت فمن أدركه منكم فليقرئه مني السلام" رواه أحمد
                  وذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن كل مولود يطمع الشيطان في إغوائه إلا مريم وسيدنا عيسى عليهما السلام، لأنهما كانا معصومين استجابة منه سبحانه وتعالى لدعاء أمها حيث قال: (وِإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيم) آل عمران: 36
                  فعن أبي هريرة رضى الله عنه: "أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما من مولود يولد إلا والشيطان يمسه حين يولد، فيستهل صارخاً من مس الشيطان إياه، إلا مريم وابنها" صحيح البخاري
                  وذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم السيدة مريم بنت عمران عليها السلام ممن كملهن الله عز وجل، فعن عمرو بن مرة قال: سمعت مرة الهمداني يحدث عن أبي موسى الأشعري قال: "قال النبي صلى الله عليه وسلم: "فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام، كَمُلَ من الرجال كثير، ولم يكمُل من النساء إلا مريم بنت عمران وآسية امرأة فرعون". صحيح البخاري
                  ومن ذلك أيضاً عن علي بن أبي طالب قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خير نسائها خديجة، وخير نسائها مريم". رواه أحمد
                  وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضًا: "الأَنْبِيَاءُ إِخْوَةٌ مِنْ عَلاَّتٍ [أى إخوة لأب من أمهات شتى]، وَأُمَّهَاتُهُمْ شَتَّى، وَدِينُهُمْ وَاحِدٌ" البخارى (3259). هكذا كان ينظر رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إلى أنبياء الله؛ فشتَّان بين نظرة مستمدَّة من قيم الإسلام الأصيلة وغيرها من النظرات المحرَّفة القاصرة.
                  هذه هي مكانة هؤلاء الأنبياء الكرام في عين رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحتى عندما كان يتمنَّى صلى الله عليه وسلم من نبي فعلاً غير الذي فعل، كان يُقَدِّم أمنيَّته بالدعاء له؛ فتجده -مثلاً- عندما يتمنَّى أن لو كان موسى عليه السلام قد صبر في رحلته مع الخضر يقول: "يَرْحَمُ اللَّهُ مُوسَى، لَوَدِدْنَا لَوْ صَبَرَ حَتَّى يُقَصَّ عَلَيْنَا مِنْ أَمْرِهِمَا". البخارى (122).
                  وعندما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن هناك كلمة أولى من الكلمة التي قالها لوط عليه السلام وحكاها عنه القرآن الكريم عندما قال: (قَالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آَوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ) [هود: 80]، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يَرْحَمُ اللَّهُ لُوطًا، لَقَدْ كَانَ يَأْوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ" البخارى (3192).
                  وتطبيقًا لقول الله تعالى: (أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ) الأنعام: 9، تذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم سيدنا موسى عليه السلام حينما اعترض رجل من الأنصار على قسمة رسول الله صلى الله عليه وسلم للغنائم يوم حنين، فقد آثر رسول الله صلى الله عليه وسلم ناساً في القسمة دون غيرهم. فعن منصور عن أبي وائل عن عبد الله قال: «لما كان يوم حنين آثر النبي صلى الله عليه وسلم أناساً في القسمة: فأعطى الأقرع بن حابس مائة من الإبل، وأعطى عيينة مثل ذلك، وأعطى أناساً من أشراف العرب فآثرهم يومئذ في القسمة، قال رجل: والله إن هذه القسمة ما عدل فيها وما أريد بها وجه الله، فقلت: والله لأخبرن رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتيته فأخبرته، فقال: "فمن يعدل إذا لم يعدل الله ورسوله؟ رحم الله موسى، قد أوذي بأكثر من هذا فصبر). متفق عليه
                  وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حق سيدنا موسى عليه السلام إنه كان رجلاً حيياً. فعن أبي هريرة قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن موسى عليه السلام كان رجلاً حيياً ستيراً ما يُرى من جلده استحياء منه فآذاه من آذاه من بني إسرائيل فقالوا ما يستتر هذا التستر إلا من عيب بجلده، إما برص وإما أدرة وإما آفة وإن الله أراد أن يبرئه مما قالوا، وإن موسى خلا يوماً وحده فوضع ثيابه على حجر ثم اغتسل فلما فرغ أقبل إلى ثيابه ليأخذها وإن الحجر عدا بثوبه فأخذ موسى عصاه فطلب الحجر فجعل يقول ثوبي حجر، ثوبي حجر، حتى انتهى إلى ملأ من بني إسرائيل فرأوه عرياناً أحسن الناس خلقة وأبرأه مما كانوا يقولون، قال وقام الحجر فأخذ ثوبه فلبسه وطفق بالحجر ضرباً بعصاه، فوالله إن بالحجر لندباً من أثر عصاه ثلاثاً أو أربعاً أو خمساً فذلك قوله تعالى: (يأيها الذين أمنوا لا تكونوا كالذين آذوا موسى فبرأه الله مما قالوا وكان عند الله وجيهاً) الأحزاب: 69 صحيح البخاري
                  واختار رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يكون مع النبيين حينما خُير في مرض موته بين الدنيا والآخرة. فعن عائشة رضي الله عنها قالت: "سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما من نبي يمرض إلا خُير بين الدنيا والآخرة، وكان في شكواه الذي قبض فيه أخذته بحة شديدة، فسمعته يقول: مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، فعلمت أنه خُير" رواه البخاري
                  بل إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يتجاوز الأنبياء السابقين ليمدح أتباعهم والذين ساروا على نهجهم وثبتوا على دينهم؛ فها هو ذا يمدح الراهب النصراني في قصَّة أصحاب الأخدود [حديث أصحاب الأخدود رواه مسلم عن صهيب: كتاب الزهد والرقائق، باب قصة أصحاب الأخدود والساحر والراهب والغلام (3005)، وأحمد (23976)]، وها هو ذا يمدح الأعمى من بني إسرائيل الذي شكر نعمة الله تعالى [قصة الأقرع والأعمى والأبرص الذين ابتلاهم الله، رواها البخاري عن أبي هريرة: كتاب الأنبياء، باب ما ذكر عن بني إسرائيل (3277)، ومسلم في أوائل كتاب الزهد والرقائق (2964)]، وها هو يمدح جريجًا [قصة العابد (جريج) والطفل الذي تكلَّم في المهد، رواها البخاري عن أبي هريرة: كتاب أبواب العمل في الصلاة، باب إذا دعت الأم ولدها في الصلاة (1148)، ومسلم: كتاب البر والصلة والآداب، باب تقديم بر الوالدين على التطوع بالصلاة (2550)] ويذكر قصَّته للصحابة ولنا، وهو من عُبَّاد بني إسرائيل، وهكذا.. وإنَّ حَصْر مثل ذلك صعب جدًّا؛ لوفرته في كتب السُّنَّة النبويَّة.
                  وأكثر من ذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم طلب من الصحابة أن يتَّخذوا الثابِتِينَ من السابقين من أصحاب الديانات الأخرى قدوةً ونبراسًا للهدى!
                  وانظر إلى هذا الموقف الذي يَضْرِب فيه المَثَلَ بأَتْبَاع دينٍ آخر؛ قال خبَّاب بن الأرتِّ: شكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو متوسِّدٌ بردةً له في ظلِّ الكعبة؛ قلنا له: ألا تستنصر لنا؟ ألا تدعو اللهَ لنا؟ قال صلى الله عليه وسلم: "كَانَ الرَّجُلُ فِيمَنْ قَبْلَكُمْ يُحْفَرُ لَهُ فِي الأَرْضِ، فَيُجْعَلُ فِيهِ، فَيُجَاءُ بِالْمِنْشَارِ فَيُوضَعُ عَلَى رَأْسِهِ، فَيُشَقُّ بِاثْنَتَيْنِ، وَمَا يَصُدُّهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ، وَيُمْشَطُ بِأَمْشَاطِ الْحَدِيدِ مَا دُونَ لَحْمِهِ مِنْ عَظْمٍ أَوْ عَصَبٍ وَمَا يَصُدُّهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ، وَاللَّهِ لَيُتِمَّنَّ هَذَا الأَمْرَ حَتَّى يَسِيرَ الرَّاكِبُ مِنْ صَنْعَاءَ إِلَى حَضْرَمَوْتَ لا يَخَافُ إِلاَّ اللهَ أَوِ الذِّئْبَ عَلَى غَنَمِهِ، وَلَكِنَّكُمْ تَسْتَعْجِلُونَ". البخارى (6544)
                  اقرأ تعظيم النبى صلى الله عليه وسلم لأصحابه:
                  قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أصحابه: (أصحابى كالنجوم بأيهم أقتديتم أهتديتم).
                  وسمَّى رسول الله صلى الله عليه وسلم أبى بكر بن أبى قحافة (الصديق). وقال عنه: (لو كنت متخذاً من أمتي خليلاً لاتخذت أبا بكر خليلاً). وقال له ذات مرة: (أما إنك يا أبا بكر أول من يدخل الجنة من أمتي)
                  وسمَّى رسول الله صلى الله عليه وسلم عمر بن الخطاب (الفاروق)؛ لأنه يفرق بين الحق والباطل. وقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات مرة: (إن الشيطان ليخافك يا عمر).
                  وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمر بن الخطاب: (والذي نفسي بيده ما لقيك الشيطان قط سالكًا فجًا إلا سلك فجًا غير فجك) صحيح مسلم (2396)
                  وقال عنه صلى الله عليه وسلم: (لو كان بعدي نبي لكان عمر بن الخطاب)
                  وعن عائشة (أن النبي - صلى الله عليه وسلم - جمع ثيابه حين دخل عثمان، وقال ألا أستحي من رجل تستحي منه الملائكة).
                  وقال صلى الله عليه وسلم عن عثمان بن عفان: (ما ضر عثمان ما فعل بعد اليوم)
                  وروى سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خلف علي بن أبي طالب رضي الله عنه في غزوة تبوك فقال: يا رسول الله أتخلفني في النساء والصبيان فقال: (أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى غير أنه لا نبي بعدي).
                  وقوله صلى الله عليه وسلم لعلى بن أبى طالب: (من كنت مولاه فعلي مولاه).
                  وسمَّى رسول الله صلى الله عليه وسلم عبيدة بن الجراح (أمين هذه الأمة)، ممتدحًا مكانته فى الدنيا والآخرة.
                  وسمَّى رسول الله صلى الله عليه وسلم حذيفة بن اليمان (صاحب سر رسول الله)، ممتدحًا مكانته فى الدنيا من الرسول صلى الله عليه وسلم والآخرة.
                  وقال الرسول صلى الله عليه وسلم عن سيقان عبدالله بن مسعود الدقيقتين ممتدحًا مكانتهما عند الله: (لهما في الميزان أثقل من جبل أحد).
                  وسمَّى رسول الله صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد (سيف الله المسلول)، ممتدحًا إياه ومكانته فى الدنيا والآخرة.
                  وسمى كوكبة من صحابته (حوارييه) أي أنصاره الذين اشتهروا بهذا الوصف وهم: الخلفاء الأربعة (أبوبكر الصديق، وعمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان، وعلي بن أبي طالب) وحمزة بن عبد المطلب، وجعفر بن أبي طالب، وأبو عبيدة بن الجراح، وعثمان بن مظعون، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبي وقاص، وطلحة بن عبيد الله، والزبير بن العوام، وهو أكثرهم شهرة بهذا الوصف، بل هو المراد عند إطلاق حواري رسول الله - صلى الله عليه وسلم-. السيرة الحلبية (1/427) ط/ دار المعارف.
                  وأبلغ النبى صلى الله عليه وسلم أبى طلحة رضى الله تعالى عن حسن ضيافته لضيف رسول الله: (حدثني زهير بن حرب حدثنا جرير بن عبد الحميد عن فضيل بن غزوان عن أبي حازم الأشجعي عن أبي هريرة قال جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إني مجهود فأرسل إلى بعض نسائه فقالت والذي بعثك بالحق ما عندي إلا ماء ثم أرسل إلى أخرى فقالت مثل ذلك حتى قلن كلهن مثل ذلك لا والذي بعثك بالحق ما عندي إلا ماء. فقال: من يضيف هذا الليلة رحمه الله فقام رجل من الأنصار فقال أنا يا رسول الله فانطلق به إلى رحله فقال لامرأته هل عندك شيء قالت لا إلا قوت صبياني. قال: فعلليهم بشيء، فإذا دخل ضيفنا، فأطفئ السراج وأريه أنا نأكل. فإذا أهوى ليأكل فقومي إلى السراج حتى تطفئيه. قال: فقعدوا وأكل الضيف فلما أصبح غدا على النبي صلى الله عليه وسلم فقال: قد عجب الله من صنيعكما بضيفكما الليلة [أى رضى عنه]) رواه مسلم
                  ورد في تفسير الطبري للايه 9 من سورة الحشر قَوْله: (وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسهمْ) إنه رجل من الأنصار يقال له أبو طلحة(رضي الله عنه)، واسمه زيد بن سهل بن الأسود بن حرام.
                  وهناك الكثير من الآيات التى نزلت تمدح أشخاص دون ذكر أسمائهم، لأنها عامة لكل من يكون مثلهم، أو تعدل من تصرفاتهم أو تنزل عليهم عقوبة ما. كما أن هناك الكثير من الألقاب التشريفية التى أطلقها رسول الله صلى الله عليه وسلم على الصحابة.
                  فقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن عمرو: (لا صوم فوق صوم داود عليه السَّلام شطر الدَّهر: صم يومًا وأفطر يومًا) رواه البخارى
                  * * *
                  فماذا قال يسوع عن تلاميذه؟ وماذا قال عن أمه؟ وماذا قال عن اليهود؟ وماذا قال عن رئيس الكهنة؟ نقرأ ونقارن ونحكم: هل الشخص الذى ينطق بهذه الكلمات يعانى من جنون العظمة إذ لا يعجبه إنسان ولا أم ولا اخوة ولا تلميذ من التلاميذ الذين انتقاهم بنفسه:
                  يسوع يحقِّر تلاميذه:
                  فقال لبطرس إنه شيطان لأنه لا يهتم بما لله، ولكنه يهتم فقط بما للناس: (23فَالْتَفَتَ وَقَالَ لِبُطْرُسَ: «اذْهَبْ عَنِّي يَا شَيْطَانُ. أَنْتَ مَعْثَرَةٌ لِي لأَنَّكَ لاَ تَهْتَمُّ بِمَا لِلَّهِ لَكِنْ بِمَا لِلنَّاسِ».) متى 16: 23
                  ووصفهم بقلة الإيمان: (فَقَالَ لَهُمْ: «مَا بَالُكُمْ خَائِفِينَ يَا قَلِيلِي الإِيمَانِ؟») متى 8: 26
                  ووصفتهم الأناجيل بأنهم أغبياء: (15فَقَالَ بُطْرُسُ لَهُ: «فَسِّرْ لَنَا هَذَا الْمَثَلَ». 16فَقَالَ يَسُوعُ: «هَلْ أَنْتُمْ أَيْضًا حَتَّى الآنَ غَيْرُ فَاهِمِينَ؟) متى 15: 15-16
                  وفى موقف آخر أنهم غليظى القلوب: (52لأَنَّهُمْ لَمْ يَفْهَمُوا بِالأَرْغِفَةِ إِذْ كَانَتْ قُلُوبُهُمْ غَلِيظَةً.) مرقس 6: 52، ومعنى قلوبهم غليظة أى شديدى الغباء
                  وفى موقف آخر: (44«ضَعُوا أَنْتُمْ هَذَا الْكَلاَمَ فِي آذَانِكُمْ: إِنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ سَوْفَ يُسَلَّمُ إِلَى أَيْدِي النَّاسِ». 45وَأَمَّا هُمْ فَلَمْ يَفْهَمُوا هَذَا الْقَوْلَ وَكَانَ مُخْفىً عَنْهُمْ لِكَيْ لاَ يَفْهَمُوهُ وَخَافُوا أَنْ يَسْأَلُوهُ عَنْ هَذَا الْقَوْلِ.) لوقا 9: 44-45
                  ووصفتهم الأناجيل بأنهم مثل أفراد عصابة تتنازع على الزعامة، ويحقد بعضهم على بعض: (41وَلَمَّا سَمِعَ الْعَشَرَةُ ابْتَدَأُوا يَغْتَاظُونَ مِنْ أَجْلِ يَعْقُوبَ وَيُوحَنَّا.) مرقس 10: 41
                  ولم يهتموا لسماعهم عن موته وفراقهم له، بل تنازعوا على الزعامة: (21وَلَكِنْ هُوَذَا يَدُ الَّذِي يُسَلِّمُنِي هِيَ مَعِي عَلَى الْمَائِدَةِ. 22وَابْنُ الإِنْسَانِ مَاضٍ كَمَا هُوَ مَحْتُومٌ وَلَكِنْ وَيْلٌ لِذَلِكَ الإِنْسَانِ الَّذِي يُسَلِّمُهُ». 23فَابْتَدَأُوا يَتَسَاءَلُونَ فِيمَا بَيْنَهُمْ: «مَنْ تَرَى مِنْهُمْ هُوَ الْمُزْمِعُ أَنْ يَفْعَلَ هَذَا؟». 24وَكَانَتْ بَيْنَهُمْ أَيْضًا مُشَاجَرَةٌ مَنْ مِنْهُمْ يُظَنُّ أَنَّهُ يَكُونُ أَكْبَرَ.) لوقا 22: 21-24
                  كما وصف بطرس أيضًا بقلة الإيمان: (31فَفِي الْحَالِ مَدَّ يَسُوعُ يَدَهُ وَأَمْسَكَ بِهِ وَقَالَ لَهُ: «يَا قَلِيلَ الإِيمَانِ لِمَاذَا شَكَكْتَ؟») متى 14: 31
                  وتضجَّر منهم ووصفهم بالإلتواء وعدم الإيمان: (16وَأَحْضَرْتُهُ إِلَى تَلاَمِيذِكَ فَلَمْ يَقْدِرُوا أَنْ يَشْفُوهُ». 17فَأَجَابَ يَسُوعُ: «أَيُّهَا الْجِيلُ غَيْرُ الْمُؤْمِنِ الْمُلْتَوِي إِلَى مَتَى أَكُونُ مَعَكُمْ؟ إِلَى مَتَى أَحْتَمِلُكُمْ؟ قَدِّمُوهُ إِلَيَّ هَهُنَا!» 18فَانْتَهَرَهُ يَسُوعُ فَخَرَجَ مِنْهُ الشَّيْطَانُ. فَشُفِيَ الْغُلاَمُ مِنْ تِلْكَ السَّاعَةِ. 19ثُمَّ تَقَدَّمَ التَّلاَمِيذُ إِلَى يَسُوعَ عَلَى انْفِرَادٍ وَقَالُوا: «لِمَاذَا لَمْ نَقْدِرْ نَحْنُ أَنْ نُخْرِجَهُ؟» 20فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «لِعَدَمِ إِيمَانِكُمْ. فَالْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لَوْ كَانَ لَكُمْ إِيمَانٌ مِثْلُ حَبَّةِ خَرْدَلٍ لَكُنْتُمْ تَقُولُونَ لِهَذَا الْجَبَلِ: انْتَقِلْ مِنْ هُنَا إِلَى هُنَاكَ فَيَنْتَقِلُ وَلاَ يَكُونُ شَيْءٌ غَيْرَ مُمْكِنٍ لَدَيْكُمْ. 21وَأَمَّا هَذَا الْجِنْسُ فَلاَ يَخْرُجُ إِلاَّ بِالصَّلاَةِ وَالصَّوْمِ».) متى 17: 16-21
                  وإذا كان هذا الجنس لا يخرج إلا بالصلاة والصوم ، ولم يتمكنوا من إخراجه ، فهم إذن لم يكونوا من المصليين الصائمين!!
                  ولو كان عندهم أقل القليل من الإيمان لأخرجوا الشياطين.

                  تعليق

                  • abubakr_3
                    مُشرِف

                    • 15 يون, 2006
                    • 849
                    • موظف
                    • مسلم

                    #24
                    رد: مناظرة مع السيد رشيد حول نبوة محمد صلى الله عليه وسلم

                    يسوع يحقِّر أمه واخوته:
                    ألم تقرأ كيف أهان أمه أمام الجمع فى عرس قانا؟ (3وَلَمَّا فَرَغَتِ الْخَمْرُ قَالَتْ أُمُّ يَسُوعَ لَهُ: «لَيْسَ لَهُمْ خَمْرٌ». 4قَالَ لَهَا يَسُوعُ: «مَا لِي وَلَكِ يَا امْرَأَةُ! لَمْ تَأْتِ سَاعَتِي بَعْدُ».) يوحنا 2: 3-4
                    ألم تقرأ كيف انتهرها أمام مريديه؟ (31فَجَاءَتْ حِينَئِذٍ إِخْوَتُهُ وَأُمُّهُ وَوَقَفُوا خَارِجاً وَأَرْسَلُوا إِلَيْهِ يَدْعُونَهُ. 32وَكَانَ الْجَمْعُ جَالِساً حَوْلَهُ فَقَالُوا لَهُ: «هُوَذَا أُمُّكَ وَإِخْوَتُكَ خَارِجاً يَطْلُبُونَكَ». 33فَأَجَابَهُمْ: «مَنْ أُمِّي وَإِخْوَتِي؟» 34ثُمَّ نَظَرَ حَوْلَهُ إِلَى الْجَالِسِينَ وَقَالَ: «هَا أُمِّي وَإِخْوَتِي 35لأَنَّ مَنْ يَصْنَعُ مَشِيئَةَ اللَّهِ هُوَ أَخِي وَأُخْتِي وَأُمِّي».) مرقس 3: 31-35
                    بل يُنسب إليه القول: (26«إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَأْتِي إِلَيَّ وَلاَ يُبْغِضُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ وَامْرَأَتَهُ وَأَوْلاَدَهُ وَإِخْوَتَهُ وَأَخَوَاتِهِ حَتَّى نَفْسَهُ أَيْضاً فَلاَ يَقْدِرُ أَنْ يَكُونَ لِي تِلْمِيذاً.) لوقا 14: 25
                    يسوع يحقِّر أمته من اليهود:
                    (18هُوَذَا عَبِيدُهُ لاَ يَأْتَمِنُهُمْ وَإِلَى مَلاَئِكَتِهِ يَنْسِبُ حَمَاقَةً.) أيّوب4: 18
                    (31فَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَنَّكُمْ أَبْنَاءُ قَتَلَةِ الأَنْبِيَاءِ. 32فَامْلَأُوا أَنْتُمْ مِكْيَالَ آبَائِكُمْ. 33أَيُّهَا الْحَيَّاتُ أَوْلاَدَ الأَفَاعِي كَيْفَ تَهْرُبُونَ مِنْ دَيْنُونَةِ جَهَنَّمَ؟) متى 23: 31-33
                    (6فَقَدْ أَبْطَلْتُمْ وَصِيَّةَ اللَّهِ بِسَبَبِ تَقْلِيدِكُمْ! 7يَا مُرَاؤُونَ! حَسَنًا تَنَبَّأَ عَنْكُمْ إِشَعْيَاءُ قَائِلًا: 8يَقْتَرِبُ إِلَيَّ هَذَا الشَّعْبُ بِفَمِهِ وَيُكْرِمُنِي بِشَفَتَيْهِ وَأَمَّا قَلْبُهُ فَمُبْتَعِدٌ عَنِّي بَعِيدًا. 9وَبَاطِلًا يَعْبُدُونَنِي وَهُمْ يُعَلِّمُونَ تَعَالِيمَ هِيَ وَصَايَا النَّاسِ».) متى 15: 6-9
                    (11وَأَقَمْتُ مِنْ بَنِيكُمْ أَنْبِيَاءَ وَمِنْ فِتْيَانِكُمْ نَذِيرِينَ. أَلَيْسَ هَكَذَا يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ يَقُولُ الرَّبُّ؟ 12لَكِنَّكُمْ سَقَيْتُمُ النَّذِيرِينَ خَمْراً وَأَوْصَيْتُمُ الأَنْبِيَاءَ قَائِلِينَ: لاَ تَتَنَبَّأُوا.) عاموس 2: 11-12
                    يسوع يحقِّر رئيس الكهنة:
                    (13«لَكِنْ وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ لأَنَّكُمْ تُغْلِقُونَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ قُدَّامَ النَّاسِ فَلاَ تَدْخُلُونَ أَنْتُمْ وَلاَ تَدَعُونَ الدَّاخِلِينَ يَدْخُلُونَ! ..... 16وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْقَادَةُ الْعُمْيَانُ .... 17أَيُّهَا الْجُهَّالُ وَالْعُمْيَانُ ........ 25وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ لأَنَّكُمْ تُنَقُّونَ خَارِجَ الْكَأْسِ وَالصَّحْفَةِ وَهُمَا مِنْ دَاخِلٍ مَمْلُوآنِ اخْتِطَافاً وَدَعَارَةً! 26أَيُّهَا الْفَرِّيسِيُّ الأَعْمَى .... 27وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ لأَنَّكُمْ تُشْبِهُونَ قُبُوراً مُبَيَّضَةً تَظْهَرُ مِنْ خَارِجٍ جَمِيلَةً وَهِيَ مِنْ دَاخِلٍ مَمْلُوءَةٌ عِظَامَ أَمْوَاتٍ وَكُلَّ نَجَاسَةٍ. 28هَكَذَا أَنْتُمْ أَيْضاً: مِنْ خَارِجٍ تَظْهَرُونَ لِلنَّاسِ أَبْرَاراً وَلَكِنَّكُمْ مِنْ دَاخِلٍ مَشْحُونُونَ رِيَاءً وَإِثْماً! ... 31فَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَنَّكُمْ أَبْنَاءُ قَتَلَةِ الأَنْبِيَاءِ. 32فَامْلَأُوا أَنْتُمْ مِكْيَالَ آبَائِكُمْ. 33أَيُّهَا الْحَيَّاتُ أَوْلاَدَ الأَفَاعِي كَيْفَ تَهْرُبُونَ مِنْ دَيْنُونَةِ جَهَنَّمَ؟) متى 23: 13-33
                    (26كَهَنَتُهَا خَالَفُوا شَرِيعَتِي وَنَجَّسُوا أَقْدَاسِي. لَمْ يُمَيِّزُوا بَيْنَ الْمُقَدَّسِ وَالْمُحَلَّلِ، وَلَمْ يَعْلَمُوا الْفَرْقَ بَيْنَ النَّجِسِ وَالطَّاهِرِ، وَحَجَبُوا عُيُونَهُمْ عَنْ سُبُوتِي فَتَدَنَّسْتُ فِي وَسَطِهِمْ. 27رُؤَسَاؤُهَا فِي وَسَطِهَا كَذِئَابٍ خَاطِفَةٍ خَطْفاً لِسَفْكِ الدَّمِ، لإِهْلاَكِ النُّفُوسِ لاِكْتِسَابِ كَسْبٍ. 28وَأَنْبِيَاؤُهَا قَدْ طَيَّنُوا لَهُمْ بِـالطُّفَالِ، رَائِينَ بَاطِلاً وَعَارِفِينَ لَهُمْ كَذِباً، قَائِلِينَ: هَكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ وَالرَّبُّ لَمْ يَتَكَلَّمْ!) حزقيال 22: 26-28
                    يسوع يحقِّر الأنبياء السابقين:
                    (8جَمِيعُ الَّذِينَ أَتَوْا قَبْلِي هُمْ سُرَّاقٌ وَلُصُوصٌ وَلَكِنَّ الْخِرَافَ لَمْ تَسْمَعْ لَهُمْ.) يوحنا 10: 8
                    (لاَ تَغِشَّكُمْ أَنْبِيَاؤُكُمُ الَّذِينَ فِي وَسَطِكُمْ وَعَرَّافُوكُمْ وَلاَ تَسْمَعُوا لأَحْلاَمِكُمُ الَّتِي تَتَحَلَّمُونَهَا. 9لأَنَّهُمْ إِنَّمَا يَتَنَبَّأُونَ لَكُمْ بِاسْمِي بِالْكَذِبِ. أَنَا لَمْ أُرْسِلْهُمْ يَقُولُ الرَّبُّ.) إرمياء 29: 8-9
                    (40وَلَكِنَّكُمُ الآنَ تَطْلُبُونَ أَنْ تَقْتُلُونِي وَأَنَا إِنْسَانٌ قَدْ كَلَّمَكُمْ بِالْحَقِّ الَّذِي سَمِعَهُ مِنَ اللَّهِ. هَذَا لَمْ يَعْمَلْهُ إِبْرَاهِيمُ.) يوحنا 8: 40
                    فهل لم يتكلم إبراهيم بالحق الذى سمعه من الله؟ فبأى حق رضى عنه؟ وبأى منطق كان فى الجنة؟ أليس هذا من باب التعالى على أبى الأنبياء؟ هل يقول نبى عن أبى الأنبياء هذا، ناهيك عن إنه إله فى عقيدتكم؟ إنه التحرف الذى قام به أعداء يسوع؟
                    ولو كان هذا هو حال إبراهيم عليه السلام، فلماذا مدحه يعقوب رئيس التلاميذ؟ يعقوب 2: 23 (23وَتَمَّ الْكِتَابُ الْقَائِلُ: «فَآمَنَ إِبْرَاهِيمُ بِاللَّهِ فَحُسِبَ لَهُ بِرّاً» وَدُعِيَ خَلِيلَ اللَّهِ.) فهل احترم يسوع الأنبياء السابقين أم تعمدت هذه الأسفار التى تنسبونها لله أن تشوه يسوع وتسحب منه النبوة والخلق؟ أم صدقت هذه الكتب وكان يسوع لا يحترم الأنبياء السابقين وشوه تاريخهم وأعمالهم، وبالتالى تُسحب منه النبوة بل والألوهية؟
                    ولماذا فضل الرب أن يتجسد عن طريق امرأة مخطوبة لأحد عبيده، فلماذا اعتدى على حقوق أحد عبيده وجاء عن طريق خطيبته، والتى تُعد فى اليهودية بمثابة الزوجة؟
                    (لَمَّا كَانَتْ مَرْيَمُ أُمُّهُ مَخْطُوبَةً لِيُوسُفَ قَبْلَ أَنْ يَجْتَمِعَا وُجِدَتْ حُبْلَى مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ) متى 1: 18
                    أليس هذا من باب جنون العظمة؟ ألا يستحق هذا العبد المسكين أن يتمتع بالحقوق التى رسمها الرب له؟ أم رأى يسوع/يهوه أنه الأحق باغتصاب حقوق العبيد لنفسه؟
                    كيف تشخص يا سيد رشيد إنسان تعالى على أمه، وأخرصها بصورة غير مهذبة عن الكلام وسط الناس، وتنكر لأمه واخوته أمام الناس، واختار التلاميذ أغبياء عن عمد لتظهر عظمته ويتلألأ ذكاؤه، وحقر من اخوته من الأنبياء، ليلمع أمام مستمعيه؟
                    هل تعلم من هو الوحيد الذى استمتع يسوع/يهوه برفقته وقوته وعظمته؟ إنه إبليس. لذلك أمر الرب هارون أن يقدم له تيسًا مثل تيسه:
                    (5وَمِنْ جَمَاعَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ يَأْخُذُ تَيْسَيْنِ مِنَ الْمَعْزِ لِذَبِيحَةِ خَطِيَّةٍ وَكَبْشاً وَاحِداً لِمُحْرَقَةٍ. 6وَيُقَرِّبُ هَارُونُ ثَوْرَ الْخَطِيَّةِ الَّذِي لَهُ وَيُكَفِّرُ عَنْ نَفْسِهِ وَعَنْ بَيْتِهِ. 7وَيَأْخُذُ التَّيْسَيْنِ وَيُوقِفُهُمَا أَمَامَ الرَّبِّ لَدَى بَابِ خَيْمَةِ الاجْتِمَاعِ. 8وَيُلْقِي هَارُونُ عَلَى التَّيْسَيْنِ قُرْعَتَيْنِ: قُرْعَةً لِلرَّبِّ وَقُرْعَةً لِعَزَازِيلَ. 9وَيُقَرِّبُ هَارُونُ التَّيْسَ الَّذِي خَرَجَتْ عَلَيْهِ الْقُرْعَةُ لِلرَّبِّ وَيَعْمَلُهُ ذَبِيحَةَ خَطِيَّةٍ. 10وَأَمَّا التَّيْسُ الَّذِي خَرَجَتْ عَلَيْهِ الْقُرْعَةُ لِعَزَازِيلَ فَيُوقَفُ حَيّاً أَمَامَ الرَّبِّ لِيُكَفِّرَ عَنْهُ لِيُرْسِلَهُ إِلَى عَزَازِيلَ إِلَى الْبَرِّيَّةِ.) لاويين 16: 5-10
                    وأنقذه الشيطان فى اجتماعه مع جنود السماء، وفشل الكل فى التوصل إلى حل يرضى الرب فى إضلال أخاب: (19وَقَالَ: [فَاسْمَعْ إِذاً كَلاَمَ الرَّبِّ: قَدْ رَأَيْتُ الرَّبَّ جَالِساً عَلَى كُرْسِيِّهِ، وَكُلُّ جُنْدِ السَّمَاءِ وُقُوفٌ لَدَيْهِ عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ يَسَارِهِ. 20فَقَالَ الرَّبُّ: مَنْ يُغْوِي أَخْآبَ فَيَصْعَدَ وَيَسْقُطَ فِي رَامُوتَ جِلْعَادَ؟ فَقَالَ هَذَا هَكَذَا وَقَالَ ذَاكَ هَكَذَا. 21ثُمَّ خَرَجَ الرُّوحُ وَوَقَفَ أَمَامَ الرَّبِّ وَقَالَ: أَنَا أُغْوِيهِ. وَسَأَلَهُ الرَّبُّ: بِمَاذَا؟ 22فَقَالَ: أَخْرُجُ وَأَكُونُ رُوحَ كَذِبٍ فِي أَفْوَاهِ جَمِيعِ أَنْبِيَائِهِ. فَقَالَ: إِنَّكَ تُغْوِيهِ وَتَقْتَدِرُ. فَاخْرُجْ وَافْعَلْ هَكَذَا.) ملوك الأول 22: 19-22!
                    وخطف إبليس الرب وحبسه فى البرية 40 يومًا يجربه ويسحبه معها أينما ذهب:
                    (1أَمَّا يَسُوعُ فَرَجَعَ مِنَ الأُرْدُنِّ مُمْتَلِئاً مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ وَكَانَ يُقْتَادُ بِالرُّوحِ فِي الْبَرِّيَّةِ 2أَرْبَعِينَ يَوْماً يُجَرَّبُ مِنْ إِبْلِيسَ. وَلَمْ يَأْكُلْ شَيْئاً فِي تِلْكَ الأَيَّامِ. وَلَمَّا تَمَّتْ جَاعَ أَخِيراً. 3وَقَالَ لَهُ إِبْلِيسُ: «إِنْ كُنْتَ ابْنَ اللهِ فَقُلْ لِهَذَا الْحَجَرِ أَنْ يَصِيرَ خُبْزاً». 4فَأَجَابَهُ يَسُوعُ: «مَكْتُوبٌ أَنْ لَيْسَ بِالْخُبْزِ وَحْدَهُ يَحْيَا الإِنْسَانُ بَلْ بِكُلِّ كَلِمَةٍ مِنَ اللهِ». 5ثُمَّ أَصْعَدَهُ إِبْلِيسُ إِلَى جَبَلٍ عَالٍ وَأَرَاهُ جَمِيعَ مَمَالِكِ الْمَسْكُونَةِ فِي لَحْظَةٍ مِنَ الزَّمَانِ. 6وَقَالَ لَهُ إِبْلِيسُ: «لَكَ أُعْطِي هَذَا السُّلْطَانَ كُلَّهُ وَمَجْدَهُنَّ لأَنَّهُ إِلَيَّ قَدْ دُفِعَ وَأَنَا أُعْطِيهِ لِمَنْ أُرِيدُ. 7فَإِنْ سَجَدْتَ أَمَامِي يَكُونُ لَكَ الْجَمِيعُ». 8فَأَجَابَهُ يَسُوعُ: «اذْهَبْ يَا شَيْطَانُ! إِنَّهُ مَكْتُوبٌ: لِلرَّبِّ إِلَهِكَ تَسْجُدُ وَإِيَّاهُ وَحْدَهُ تَعْبُدُ». 9ثُمَّ جَاءَ بِهِ إِلَى أُورُشَلِيمَ وَأَقَامَهُ عَلَى جَنَاحِ الْهَيْكَلِ وَقَالَ لَهُ: «إِنْ كُنْتَ ابْنَ اللهِ فَاطْرَحْ نَفْسَكَ مِنْ هُنَا إِلَى أَسْفَلَ 10لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: أَنَّهُ يُوصِي مَلاَئِكَتَهُ بِكَ لِكَيْ يَحْفَظُوكَ 11وَأَنَّهُمْ عَلَى أَيَادِيهِمْ يَحْمِلُونَكَ لِكَيْ لاَ تَصْدِمَ بِحَجَرٍ رِجْلَكَ». 12فَأَجَابَ يَسُوعُ: «إِنَّهُ قِيلَ: لاَ تُجَرِّبِ الرَّبَّ إِلَهَكَ». 13وَلَمَّا أَكْمَلَ إِبْلِيسُ كُلَّ تَجْرِبَةٍ فَارَقَهُ إِلَى حِينٍ.) لوقا 4: 1-13
                    وفى النهاية انتصر إبليس أو تنازل الرب مقتنعًا أن يسمى إبليس إله هذا العالم وصورة الإله ورئيس هذا العالم ورئيس سلطان الهواء:
                    (4الَّذِينَ فِيهِمْ إِلَهُ هَذَا الدَّهْرِ قَدْ أَعْمَى أَذْهَانَ غَيْرِ الْمُؤْمِنِينَ، لِئَلاَّ تُضِيءَ لَهُمْ إِنَارَةُ إِنْجِيلِ مَجْدِ الْمَسِيحِ، الَّذِي هُوَ صُورَةُ اللهِ.) كورنثوس الثانية 4: 4
                    (31اَلآنَ دَيْنُونَةُ هَذَا الْعَالَمِ. اَلآنَ يُطْرَحُ رَئِيسُ هَذَا الْعَالَمِ خَارِجاً.) يوحنا 12: 31؛ 14: 3؛ 16: 11
                    (11وَأَمَّا عَلَى دَيْنُونَةٍ فَلأَنَّ رَئِيسَ هَذَا الْعَالَمِ قَدْ دِينَ.) يوحنا 16: 11
                    (2الَّتِي سَلَكْتُمْ فِيهَا قَبْلاً حَسَبَ دَهْرِ هَذَا الْعَالَمِ، حَسَبَ رَئِيسِ سُلْطَانِ الْهَوَاءِ، الرُّوحِ الَّذِي يَعْمَلُ الآنَ فِي أَبْنَاءِ الْمَعْصِيَةِ،) أفسس 2: 2
                    بل ماذا تقول فى إله قال فى الخمر إنها مؤذية، ولا يشربها إلا هالك، مجون وإنها عربدة ومتلفة للجسد، ونهى عن شربها، ثم صنعها هو وشربها؟
                    (1الخمرُ مُجونٌ والسُّكْرُ عَربَدَةٌ، ومَنْ يَهيمُ بِهِما فلا حِكمةَ لهُ.) أمثال 20: 1 الترجمة العربية المشتركة
                    (20لاَ تَكُنْ بَيْنَ شِرِّيبِي الْخَمْرِ بَيْنَ الْمُتْلِفِينَ أَجْسَادَهُمْ.) أمثال 23: 20
                    وقال أيضًا فى القضاة 13: 14 (14مِنْ كُلِّ مَا يَخْرُجُ مِنْ جَفْنَةِ الْخَمْرِ لاَ تَأْكُلْ، وَخَمْراً وَمُسْكِراً لاَ تَشْرَبْ، وَكُلَّ نَجِسٍ لاَ تَأْكُلْ. لِتَحْذَرْ مِنْ كُلِّ مَا أَوْصَيْتُهَا)
                    (كُرُوماً تَغْرِسُ وَتَشْتَغِلُ وَخَمْراً لا تَشْرَبُ وَلا تَجْنِي لأَنَّ الدُّودَ يَأْكُلُهَا.)تثنية 28: 39
                    (29لِمَنِ الْوَيْلُ؟ لِمَنِ الشَّقَاوَةُ؟ لِمَنِ الْمُخَاصَمَاتُ؟ لِمَنِ الْكَرْبُ لِمَنِ الْجُرُوحُ بِلاَ سَبَبٍ؟ لِمَنِ ازْمِهْرَارُ الْعَيْنَيْنِ؟ 30لِلَّذِينَ يُدْمِنُونَ الْخَمْرَ الَّذِينَ يَدْخُلُونَ فِي طَلَبِ الشَّرَابِ الْمَمْزُوجِ. 31لاَ تَنْظُرْ إِلَى الْخَمْرِ إِذَا احْمَرَّتْ حِينَ تُظْهِرُ حِبَابَهَا فِي الْكَأْسِ وَسَاغَتْ مُرَقْرِقَةً.) أمثال 23: 29-31
                    بل إن من يشربها يعتبر من المرتدين، بل ويخرج من دائرة العقلاء: (الْخَمْرُ والنِّسَاءُ تَجْعَلانِ الْعُقَلاءِ أَهْلَ ردَّةٍ) سيراخ 19: 2
                    بل إن من يشربها فهو هالك: (6أَعْطُوا مُسْكِراً لِهَالِكٍ وَخَمْراً لِمُرِّي النَّفْسِ. 7يَشْرَبُ وَيَنْسَى فَقْرَهُ وَلاَ يَذْكُرُ تَعَبَهُ بَعْدُ.) أمثال 31: 6-7
                    ثم يُدعى إلى حفل زفاف، ويسقى المدعوين خمرًا معتقة:
                    (3وَلَمَّا فَرَغَتِ الْخَمْرُ قَالَتْ أُمُّ يَسُوعَ لَهُ: «لَيْسَ لَهُمْ خَمْرٌ». ..... 7قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «امْلَأُوا الأَجْرَانَ مَاءً». فَمَلَأُوهَا إِلَى فَوْقُ. 8ثُمَّ قَالَ لَهُمُ: «اسْتَقُوا الآنَ وَقَدِّمُوا إِلَى رَئِيسِ الْمُتَّكَإِ». فَقَدَّمُوا. 9فَلَمَّا ذَاقَ رَئِيسُ الْمُتَّكَإِ الْمَاءَ الْمُتَحَوِّلَ خَمْراً وَلَمْ يَكُنْ يَعْلَمُ مِنْ أَيْنَ هِيَ - لَكِنَّ الْخُدَّامَ الَّذِينَ كَانُوا قَدِ اسْتَقَوُا الْمَاءَ عَلِمُوا - دَعَا رَئِيسُ الْمُتَّكَإِ الْعَرِيسَ 10وَقَالَ لَهُ: «كُلُّ إِنْسَانٍ إِنَّمَا يَضَعُ الْخَمْرَ الْجَيِّدَةَ أَوَّلاً وَمَتَى سَكِرُوا فَحِينَئِذٍ الدُّونَ. أَمَّا أَنْتَ فَقَدْ أَبْقَيْتَ الْخَمْرَ الْجَيِّدَةَ إِلَى الآنَ». 11هَذِهِ بِدَايَةُ الآيَاتِ فَعَلَهَا يَسُوعُ فِي قَانَا الْجَلِيلِ وَأَظْهَرَ مَجْدَهُ فَآمَنَ بِهِ تلاَمِيذُهُ) يوحنا 2: 3-11
                    وقال لهم عن نفسه: (19جَاءَ ابْنُ الإِنْسَانِ يَأْكُلُ وَيَشْرَبُ فَيَقُولُونَ: هُوَذَا إِنْسَانٌ أَكُولٌ وَشِرِّيبُ خَمْرٍ مُحِبٌّ لِلْعَشَّارِينَ وَالْخُطَاةِ. وَالْحِكْمَةُ تَبَرَّرَتْ مِنْ بَنِيهَا) متى 11: 19
                    بل شربها هو نفسه: (26وَفِيمَا هُمْ يَأْكُلُونَ أَخَذَ يَسُوعُ الْخُبْزَ وَبَارَكَ وَكَسَّرَ وَأَعْطَى التَّلاَمِيذَ وَقَالَ: «خُذُوا كُلُوا. هَذَا هُوَ جَسَدِي». 27وَأَخَذَ الْكَأْسَ وَشَكَرَ وَأَعْطَاهُمْ قَائِلاً: «اشْرَبُوا مِنْهَا كُلُّكُمْ 28لأَنَّ هَذَا هُوَ دَمِي الَّذِي لِلْعَهْدِ الْجَدِيدِ الَّذِي يُسْفَكُ مِنْ أَجْلِ كَثِيرِينَ لِمَغْفِرَةِ الْخَطَايَا. 29وَأَقُولُ لَكُمْ: إِنِّي مِنَ الآنَ لاَ أَشْرَبُ مِنْ نِتَاجِ الْكَرْمَةِ هَذَا إِلَى ذَلِكَ الْيَوْمِ حِينَمَا أَشْرَبُهُ مَعَكُمْ جَدِيداً فِي مَلَكُوتِ أَبِي».) متى 26: 26-29
                    والغريب أنه شرب الخمر ولم يرفض الكأس الذى قدموه له على الصليب، ولم يعرف بعلمه الإلهى أنه خمر ممزوج بمرارة: (34أَعْطَوْهُ خَلاًّ مَمْزُوجاً بِمَرَارَةٍ لِيَشْرَبَ. وَلَمَّا ذَاقَ لَمْ يُرِدْ أَنْ يَشْرَبَ.) متى 27: 34،
                    بمعنى أن كاتب هذا الإنجيل يريد أن يُظهر يسوع بمظهر النبى الكاذب الذى تنبأ بحدوث شىء ما فى المستقبل، وأجبره على مخالفته! والنتيجة معلومة: إسقاط نبوته، وبالتالى تعاليمه، حتى يكذبه الناس ويرضوا بما حدث له، ولا يتبعوه!!
                    هل هذا عقل إله؟ لماذا يريد الرب إتلاف عقول عبيده؟ لماذا يريد أن يدمرهم أحياءً، بعد أن أباد منهم أممًا بالموت؟ لماذا يريد الرب أن يصمهم بالردة؟
                    ما حكمة الرب وما هى دوافعه النفسية أن يعطى الناس تعاليم غير صالحة لا يحيون بها؟ وأسألك بالله: ماذا كان سيفعل الشيطان غير ذلك؟
                    (وَأَعْطَيْتُهُمْ أَيْضاً فَرَائِضَ غَيْرَ صَالِحَةٍ وَأَحْكَـاماً لاَ يَحْيُونَ بِهَا) حزقيال 20: 25
                    وأترك لك الحكم يا سيد رشيد لتحكم بالحق على هذا الإله من الناحية العقلية!!
                    ناهيك أن يسوع قال كلمات مدح فى نفسه وتعظيمًا لها (هذا لو حكمنا بنفس المعيار الذى ارتضيت الحكم به)، تدل على جنون العظمة عنده. فقد قال:
                    (أَنَا هُوَ الرَّاعِي الصَّالِحُ وَالرَّاعِي الصَّالِحُ يَبْذِلُ نَفْسَهُ عَنِ الْخِرَافِ.) يوحنا 10: 11
                    وتعامل مع المرأة الكنعانية، ولم يرتض علاج ابنتها حتى أفحمته بمنطقها العقلانى السليم: (26فَأَجَابَ: «لَيْسَ حَسَناً أَنْ يُؤْخَذَ خُبْزُ الْبَنِينَ وَيُطْرَحَ لِلْكِلاَبِ».) متى 15: 26
                    (8أَنَا هُوَ الأَلِفُ وَالْيَاءُ، الْبَِدَايَةُ وَالنِّهَايَةُ، يَقُولُ الرَّبُّ الْكَائِنُ وَالَّذِي كَانَ وَالَّذِي يَأْتِي، الْقَادِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ.) رؤيا يوحنا 1: 8
                    (11قَائِلاً: «أَنَا هُوَ الأَلِفُ وَالْيَاءُ. الأَوَّلُ وَالآخِرُ. ...) رؤيا يوحنا 1: 11
                    * * *
                    هل طاعة المسلم للرسول تأليه له وشرك بالله؟
                    أما قولك عن الرسول صلى الله عليه وسلم إنه كان يسعى للسلطة، وسخر الوحى للحصول على السلطة. واستشهدت بقول الله تعالى: (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ ۖ وَمَنْ تَوَلَّىٰ فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا) النساء: 80، واعتبرت أن طاعة الرسول الذى أرسله الله تعالى، هى طاعة لله، تأليه للرسول الذى يقول هذا.
                    فأولا: إن محمدًا صلى الله عليه وسلم رسول الله حقًا، بآيات القرآن، وبأحاديثه، وسيرته، وبما أثبته الرسول صلى الله عليه وسلم للعرب بالإعجاز القرآنى والمعجزات. ولا يماطل فى ذلك إلا جاحد ينكر وجود الشمس ونورها وحرارتها وقت الظهر عند خط الإستواء.
                    ثانيًا: ما الحكمة التى تراها أن يصطفى الله تعالى رسولا، ويرسله للناس لكى يهملوا رسالته ولا يطيعوه؟ أليس فى طاعتهم له طاعة لله الذى أرسله؟
                    إن طاعة أى رسول هى طاعة واحترام وتبجيل للراسل نفسه. وهذا ليس فقط قانون بل هو منطق عقلى. فكيف ستعلم مراد الرب منك؟ عن طريق رسوله. وكيف ستتعلم فرائضه وأحكامه؟ عن طريق رسوله. وكيف سيصلك كتاب الرب وتعليماته؟ عن طريق رسوله. فمن المنطق إذن طاعة الرسول، لأنه جاء بأوامر الله لنا وتعاليمه.
                    ثالثًا: أليس فى رفضهم لرسول الله وعدم طاعته، ردًا لرسالة الله ورفضًا لشريعته؟ فما الحكمة إذن من الطاعة العمياء لرسول الله تعالى، التى هى طاعة عمياء لما جاء به، أى طاعة عمياء لله تعالى ورسالته!
                    رابعًا: إن طاعة النبى صلى الله عليه وسلم كانت بأوامر إلهية فى كتابه:
                    (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ ...) النساء: 59
                    (فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ) النساء: 59
                    (...وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا ۚ وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ) النور: 54
                    (وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا) الحشر: 7
                    (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ) الأحزاب: 36
                    خامسًا: لا يملك شخص أن يدعى قولا أو عملا وينسبه لله تعالى أنه أوحاه إليه؛ لأنه لو لم يكن نبى وافترى هذا وادعاه على الله تعالى، لانتقم الله منه شر انتقام: (وَلَوْ تَقَوّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الأقَاوِيلِ * لأخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ * ثُمّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ * فَمَا مِنكُمْ مّنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ * وَإِنّهُ لَتَذْكِرَةٌ لّلْمُتّقِينَ * وَإِنّا لَنَعْلَمُ أَنّ مِنكُمْ مّكَذّبِينَ * وَإِنّهُ لَحَسْرَةٌ عَلَى الْكَافِرِينَ * وَإِنّهُ لَحَقّ الْيَقِينِ * فَسَبّحْ بِاسْمِ رَبّكَ الْعَظِيمِ) الحاقة: 44-52
                    وهو ما جاء فى كتابك أيضًا: فقد قرر يسوع/يهوه أن من يدعى النبوة فجزاؤه القتل: (وَأَمَّا النَّبِيُّ الذِي يُطْغِي فَيَتَكَلمُ بِاسْمِي كَلاماً لمْ أُوصِهِ أَنْ يَتَكَلمَ بِهِ أَوِ الذِي يَتَكَلمُ بِاسْمِ آلِهَةٍ أُخْرَى فَيَمُوتُ ذَلِكَ النَّبِيُّ.) التثنية 18: 20
                    وفى الترجمة المشتركة: (وأيُّ نبيٍّ تكلَّمَ باَسْمي كلامًا زائدًا لم آمُرْهُ بهِ، أو تكلَّمَ باَسْمِ آلهةٍ أُخرى، فجزاؤُهُ القَتْلُ.) التثنية 18: 20، وكذلك جاءت فى السامرية.
                    وفى الترجمة الكاثوليكية والسامرية: (ولكن أَيُّ نَبِيٍّ اعتَدَّ بنَفْسِه فقالَ بِاَسْمي قَولاً لم آمُرْه أَن يَقولَه، أَو تكَلَّمَ بِاَسمِ آِلهَةٍ أُخْرى، فليَقتَلْ ذلك النَّبِيّ.) التثنية 18: 20
                    سادسًا: لقد عاتب الله تعالى النبى صلى الله عليه وسلم على بعض المواقف، وذكرت لك هذا من القرآن، وهدده وتوعده، إثباتًا لنبوته، وصرفًا للفكر الشيطانى الذى يمكن أن ينتاب البعض فى نبوته صلى الله عليه وسلم.
                    وقال الله تعالى نفسه عن رسوله: (وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى (1) مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى (2) وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (4) عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى (5) ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى (6) وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى (7) ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى (8) فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى (9) فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى (10) مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى (11) أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى (12) وَلَقَدْ رَآَهُ نَزْلَةً أُخْرَى (13) عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى (14) عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى (15) إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى (16) مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى (17) لَقَدْ رَأَى مِنْ آَيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى (18)) النجم: 1-18
                    فالطاعةُ دلالةٌ على الإيمان: (وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ) الأنفال: 1
                    (فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيم) النساء: 65
                    وسببًا لرحمة الله تعالى بالعبد: (وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآياتِنَا يُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ) الأعراف: 156-157
                    وسببًا فى مغفرة الذنوب: (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ * قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ) آل عمران: 31-32
                    وسببًا فى جمع المطيع مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين: (وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقاً*ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ عَلِيماً)النساء:69-70
                    وسببًا فى الفوز بالجنة، والنجاة من النار: (وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ) النساء: 13-14
                    (وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ) النور: 52
                    وخروج المسلم عن منهج رسول الله هو سبب لعذابه: (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ) الأنفال: 33
                    وما قيمة الإله الذى يرسل رسولا ولا يطيعه الناس؟ وما قيمة الرسول الذى يرسله ربه ليُهزَّء ولا يطاع؟ ما قيمة الرئيس أو حتى من دونه إذا أرسل رسولا إلى جهة ما وأهانوه الناس المرسل إليهم؟ إنه إهانة موجهة للراسل نفسه، وتفهم هذا من كلام يسوع: يوحنا 13: 20 (... الَّذِي يَقْبَلُ مَنْ أُرْسِلُهُ يَقْبَلُنِي وَالَّذِي يَقْبَلُنِي يَقْبَلُ الَّذِي أَرْسَلَنِي)
                    وهل لم يأمر يسوع بطاعته، لأن طاعته هى طاعة لله أيضًا؟
                    يوحنا 12: 44 (44فَنَادَى يَسُوعُ: «الَّذِي يُؤْمِنُ بِي لَيْسَ يُؤْمِنُ بِي بَلْ بِالَّذِي أَرْسَلَنِي.)
                    يوحنا 5: 24 (24اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مَنْ يَسْمَعُ كلاَمِي وَيُؤْمِنُ بِالَّذِي أَرْسَلَنِي فَلَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ وَلاَ يَأْتِي إِلَى دَيْنُونَةٍ بَلْ قَدِ انْتَقَلَ مِنَ الْمَوْتِ إِلَى الْحَيَاةِ.)
                    يوحنا 10: 25-30 (25أَجَابَهُمْ يَسُوعُ: «إِنِّي قُلْتُ لَكُمْ وَلَسْتُمْ تُؤْمِنُونَ. اَلأَعْمَالُ الَّتِي أَنَا أَعْمَلُهَا بِاسْمِ أَبِي هِيَ تَشْهَدُ لِي. .. 29أَبِي الَّذِي أَعْطَانِي إِيَّاهَا هُوَ أَعْظَمُ مِنَ الْكُلِّ وَلاَ يَقْدِرُ أَحَدٌ أَنْ يَخْطَفَ مِنْ يَدِ أَبِي. 30أَنَا وَالآبُ وَاحِدٌ»)
                    وطبعًا لو هو والآب واحد، وقال عن الآب إنه أعظم من الكل، فمعنى ذلك أنه يمدح نفسه، ويقول إنه أعظم من الكل. وهذا من جنون العظمة الذى تتغافلون عنه. وهذا بفرض أن تفسيركم فى هذه النقطة سليم، وأن يسوع والآب واحد فى الماهية والكينونة، وليس فى الرسالة، كما يفهمها الموحدون، الذين يعرفون قدر الله.
                    فهذه الجملة الأخيرة أنه والآب واحد أى فى الرسالة، لكن لا تنسى أنه سبَّقها بقوله إن الله أعظم منه، وأنه عبد مرسل من الله، فالأعمال التى يقوم بها هى الأعمال التى كلفه بها سيده.
                    لذلك فالذى يقبل يسوع يقبل الذى أرسله: (... وَالَّذِي يَقْبَلُنِي يَقْبَلُ الَّذِي أَرْسَلَنِي».) يوحنا 13: 20
                    ويشفع ليسوع توحيده لله، ونفى الألوهية عنه، وتعظيم الله تعالى، فنفى أن يكون الرسول (المعلم) أعظم من مرسله، ونفى أن يكون هذا المعلم (العبد) أفضل من سيده (إلهه): يوحنا 13 و16 (13أَنْتُمْ تَدْعُونَنِي مُعَلِّماً وَسَيِّداً، وَقَدْ صَدَقْتُمْ، فَأَنَا كَذَلِكَ. .... 16الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لَيْسَ عَبْدٌ أَعْظَمَ مِنْ سَيِّدِهِ، وَلاَ رَسُولٌ أَعْظَمَ مِنْ مُرْسِلِهِ.)
                    لوقا 18: 18-19 (18وَسَأَلَهُ رَئِيسٌ: «أَيُّهَا الْمُعَلِّمُ الصَّالِحُ مَاذَا أَعْمَلُ لأَرِثَ الْحَيَاةَ الأَبَدِيَّةَ؟» 19فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «لِمَاذَا تَدْعُونِي صَالِحاً؟ لَيْسَ أَحَدٌ صَالِحاً إِلاَّ وَاحِدٌ وَهُوَ اللهُ.)
                    فهل كان يسوع عبدًا لله ربه؟
                    نعم. وهذا ما أقرته الكتب التى تؤمنون بقداستها. لقد أقرت أنه عبد لله، وتترجمها ترجمة الفاندايك بمعنى فتى، وعلى القارىء فى هذه الكتب أن يعلم أن كلمة فتاه، وتعنى عبده: أعمال الرسل 3: 13 (13إِنَّ إِلهَ إِبراهيمَ وإِسحقَ ويَعْقوب، إِلهَ آبائِنا، قد مَجَّدَ عَبدَه يسوع الَّذي أَسلَمتُموه أَنتمُ وأَنكَرتُموه أَمامَ بيلاطُس، وكانَ قد عَزَمَ على تَخلِيَةِ سَبيلِه، ) الترجمة الكاثوليكية اليسوعية
                    أعمال الرسل 3: 26 (26فمِن أَجلِكم أَوَّلاً أَقامَ اللهُ عَبدَه وأرسَله لِيُبارِكَكم، فيَتوبَ كُلَّ مِنكُم عن سَيِّئاتِه)).) الترجمة الكاثوليكية اليسوعية
                    أعمال الرسل 4: 30 (30باسِطًا يدَكَ لِيَجرِيَ الشِّفاءُ والآياتُ والأَعاجيبُ بِاسمِ عَبدِكَ القُدُّوسِ يَسوع)).) الترجمة الكاثوليكية اليسوعية
                    أعمال الرسل 4: 27 (27تحالَفَ حَقًّا في هذهِ المَدينةِ هِيرودُس وبُنْطيوس بيلاطُس والوَثَنِيُّونَ وشُعوبُ إِسرائيلَ على عَبدِكَ القُدُّوسِ يسوعَ الَّذي مَسَحتَه،) الترجمة الكاثوليكية اليسوعية
                    وأقر أن الله ربه بعدة طرق، منها التصريح المباشر:
                    يوحنا 20: 17 (17قَالَ لَهَا يَسُوعُ: «لاَ تَلْمِسِينِي لأَنِّي لَمْ أَصْعَدْ بَعْدُ إِلَى أَبِي. وَلَكِنِ اذْهَبِي إِلَى إِخْوَتِي وَقُولِي لَهُمْ: إِنِّي أَصْعَدُ إِلَى أَبِي وَأَبِيكُمْ وَإِلَهِي وَإِلَهِكُمْ».)
                    متى 27: 46 (46وَنَحْوَ السَّاعَةِ التَّاسِعَةِ صَرَخَ يَسُوعُ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ قَائِلاً: «إِيلِي إِيلِي لَمَا شَبَقْتَنِي» (أَيْ: إِلَهِي إِلَهِي لِمَاذَا تَرَكْتَنِي؟))
                    ومنها بصلاته لله:
                    متى 26: 36-44 (36حِينَئِذٍ جَاءَ مَعَهُمْ يَسُوعُ إِلَى ضَيْعَةٍ يُقَالُ لَهَا جَثْسَيْمَانِي فَقَالَ لِلتَّلاَمِيذِ: «اجْلِسُوا هَهُنَا حَتَّى أَمْضِيَ وَأُصَلِّيَ هُنَاكَ». ......... 39ثُمَّ تَقَدَّمَ قَلِيلاً وَخَرَّ عَلَى وَجْهِهِ وَكَانَ يُصَلِّي قَائِلاً: «يَا أَبَتَاهُ إِنْ أَمْكَنَ فَلْتَعْبُرْ عَنِّي هَذِهِ الْكَأْسُ وَلَكِنْ لَيْسَ كَمَا أُرِيدُ أَنَا بَلْ كَمَا تُرِيدُ أَنْتَ». ......... 42فَمَضَى أَيْضاً ثَانِيَةً وَصَلَّى قَائِلاً: «يَا أَبَتَاهُ إِنْ لَمْ يُمْكِنْ أَنْ تَعْبُرَ عَنِّي هَذِهِ الْكَأْسُ إِلاَّ أَنْ أَشْرَبَهَا فَلْتَكُنْ مَشِيئَتُكَ». ...... 44فَتَرَكَهُمْ وَمَضَى أَيْضاً وَصَلَّى ثَالِثَةً قَائِلاً ذَلِكَ الْكَلاَمَ بِعَيْنِهِ.)
                    لوقا 6: 12 (12وَفِي تِلْكَ الأَيَّامِ خَرَجَ إِلَى الْجَبَلِ لِيُصَلِّيَ. وَقَضَى اللَّيْلَ كُلَّهُ فِي الصَّلاَةِ لِلَّهِ.)
                    لوقا 22: 41-44 (41وَانْفَصَلَ عَنْهُمْ نَحْوَ رَمْيَةِ حَجَرٍ وَجَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَصَلَّى 42قَائِلاً: «يَا أَبَتَاهُ إِنْ شِئْتَ أَنْ تُجِيزَ عَنِّي هَذِهِ الْكَأْسَ. وَلَكِنْ لِتَكُنْ لاَ إِرَادَتِي بَلْ إِرَادَتُكَ». 43وَظَهَرَ لَهُ مَلاَكٌ مِنَ السَّمَاءِ يُقَوِّيهِ. 44وَإِذْ كَانَ فِي جِهَادٍ كَانَ يُصَلِّي بِأَشَدِّ لَجَاجَةٍ وَصَارَ عَرَقُهُ كَقَطَرَاتِ دَمٍ نَازِلَةٍ عَلَى الأَرْضِ.)
                    ومنها إقراه أن كل ما يعمله فهو بأمر الله وحوله وقوته ولنيل رضاه:
                    يوحنا 8: 29 (...... لأَنِّي فِي كُلِّ حِينٍ أَفْعَلُ مَا يُرْضِيهِ».)
                    يوحنا 4: 34 (......... «طَعَامِي أَنْ أَعْمَلَ مَشِيئَةَ الَّذِي أَرْسَلَنِي وَأُتَمِّمَ عَمَلَهُ.)
                    يوحنا 17: 4 (......... الْعَمَلَ الَّذِي أَعْطَيْتَنِي لأَعْمَلَ قَدْ أَكْمَلْتُهُ.)
                    يوحنا 12: 49-50 (49لأَنِّي لَمْ أَتَكَلَّمْ مِنْ نَفْسِي لَكِنَّ الآبَ الَّذِي أَرْسَلَنِي هُوَ أَعْطَانِي وَصِيَّةً: مَاذَا أَقُولُ وَبِمَاذَا أَتَكَلَّمُ. 50وَأَنَا أَعْلَمُ أَنَّ وَصِيَّتَهُ هِيَ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ. فَمَا أَتَكَلَّمُ أَنَا بِهِ فَكَمَا قَالَ لِي الآبُ هَكَذَا أَتَكَلَّمُ».)
                    منها أنه كان يطلب منه العون فى القيام بالمعجزات، سواء بالقول والدعاء أو برفع عينيه إلى السماء طالبًا المدد من الله:
                    يوحنا 5: 30 (30أَنَا لاَ أَقْدِرُ أَنْ أَفْعَلَ مِنْ نَفْسِي شَيْئاً. ...)
                    لوقا 11: 20 (20وَلَكِنْ إِنْ كُنْتُ بِإِصْبِعِ اللهِ أُخْرِجُ الشَّيَاطِينَ ...)
                    متى 12: 28 (28وَلَكِنْ إِنْ كُنْتُ أَنَا بِرُوحِ اللَّهِ أُخْرِجُ الشَّيَاطِينَ ...)
                    فعندما حاول إحياء الميت: يوحنا 11: 41-42 (41فَرَفَعُوا الْحَجَرَ حَيْثُ كَانَ الْمَيْتُ مَوْضُوعاً وَرَفَعَ يَسُوعُ عَيْنَيْهِ إِلَى فَوْقُ وَقَالَ: «أَيُّهَا الآبُ أَشْكُرُكَ لأَنَّكَ سَمِعْتَ لِي 42وَأَنَا عَلِمْتُ أَنَّكَ فِي كُلِّ حِينٍ تَسْمَعُ لِي. وَلَكِنْ لأَجْلِ هَذَا الْجَمْعِ الْوَاقِفِ قُلْتُ لِيُؤْمِنُوا أَنَّكَ أَرْسَلْتَنِي».) أى إن معجز إحياء الميت أمام الناس ليدلل فقط على أنه عبد أرسله الله تعالى إلى بنى إسرائيل!
                    وعندما حاول شفاء الأصم الأعقد: مرقس 7: 32-35 (32وَجَاءُوا إِلَيْهِ بِأَصَمَّ أَعْقَدَ ... وَوَضَعَ أَصَابِعَهُ فِي أُذُنَيْهِ وَتَفَلَ وَلَمَسَ لِسَانَهُ 34وَرَفَعَ نَظَرَهُ نَحْوَ السَّمَاءِ وَأَنَّ وَقَالَ لَهُ: «إِفَّثَا». أَيِ انْفَتِحْ. 35وَلِلْوَقْتِ انْفَتَحَتْ أُذْنَاهُ وَانْحَلَّ رِبَاطُ لِسَانِهِ وَتَكَلَّمَ مُسْتَقِيماً.)
                    وعندما أراد إطعام الجمع: متى 14: 19 (أَخَذَ الأَرْغِفَةَ لْخَمْسَةَ وَالسَّمَكَتَيْنِ وَرَفَعَ نَظَرَهُ نَحْوَ السَّمَاءِ وَبَارَكَ وَكَسَّرَ وَأَعْطَى الأَرْغِفَةَ لِلتَّلاَمِيذِ وَالتَّلاَمِيذُ لِلْجُمُوعِ.)
                    لوقا 9: 16 (16فَأَخَذَ الأَرْغِفَةَ الْخَمْسَةَ وَالسَّمَكَتَيْنِ وَرَفَعَ نَظَرَهُ نَحْوَ السَّمَاءِ وَبَارَكَهُنَّ ثُمَّ كَسَّرَ وَأَعْطَى التَّلاَمِيذَ لِيُقَدِّمُوا لِلْجَمْعِ)
                    وعندما أراد أن يُخاطب الله ويدعوه: يوحنا 17: 1 (1تَكَلَّمَ يَسُوعُ بِهَذَا وَرَفَعَ عَيْنَيْهِ نَحْوَ السَّمَاءِ وَقَالَ: «أَيُّهَا الآبُ قَدْ أَتَتِ السَّاعَةُ. مَجِّدِ ابْنَكَ لِيُمَجِّدَكَ ابْنُكَ أَيْضاً)
                    ومنها أنه سيكون يوم القيامة خاضعًا لله مثل باقى عبيد الله: كورنثوس الأولى 15: 28 (28وَمَتَى أُخْضِعَ لَهُ الْكُلُّ فَحِينَئِذٍ الِابْنُ نَفْسُهُ أَيْضاً سَيَخْضَعُ لِلَّذِي أَخْضَعَ لَهُ الْكُلَّ كَيْ يَكُونَ اللهُ الْكُلَّ فِي الْكُلِّ.)
                    ومنها أنه أقر أنه رسول الله أرسله إلى بنى إسرائيل:
                    1- يوحنا 12: 44 (44فَنَادَى يَسُوعُ: «الَّذِي يُؤْمِنُ بِي لَيْسَ يُؤْمِنُ بِي بَلْ بِالَّذِي أَرْسَلَنِي.)
                    2- يوحنا 17: 3 (3وَهَذِهِ هِيَ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ: أَنْ يَعْرِفُوكَ أَنْتَ الإِلَهَ الْحَقِيقِيَّ وَحْدَكَ وَيَسُوعَ الْمَسِيحَ الَّذِي أَرْسَلْتَهُ) أى يعلموا أنه لا إله إلا الله وأن يسوع عبد الله ورسوله.
                    3- يوحنا 12: 49 (49لأَنِّي لَمْ أَتَكَلَّمْ مِنْ نَفْسِي لَكِنَّ الآبَ الَّذِي أَرْسَلَنِي هُوَ أَعْطَانِي وَصِيَّةً: مَاذَا أَقُولُ وَبِمَاذَا أَتَكَلَّمُ.)
                    4- يوحنا 5: 24 (24اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مَنْ يَسْمَعُ كلاَمِي وَيُؤْمِنُ بِالَّذِي أَرْسَلَنِي فَلَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ وَلاَ يَأْتِي إِلَى دَيْنُونَةٍ بَلْ قَدِ انْتَقَلَ مِنَ الْمَوْتِ إِلَى الْحَيَاةِ.)
                    5- يوحنا 4: 34 (... طَعَامِي أَنْ أَعْمَلَ مَشِيئَةَ الَّذِي أَرْسَلَنِي وَأُتَمِّمَ عَمَلَهُ.)
                    6- يوحنا 5: 30 (... لأَنِّي لاَ أَطْلُبُ مَشِيئَتِي بَلْ مَشِيئَةَ الآبِ الَّذِي أَرْسَلَنِي.)
                    7- يوحنا 7: 28-29 (.... وَمِنْ نَفْسِي لَمْ آتِ بَلِ الَّذِي أَرْسَلَنِي هُوَ حَقٌّ .... 29أَنَا أَعْرِفُهُ لأَنِّي مِنْهُ وَهُوَ أَرْسَلَنِي».)
                    8- يوحنا 8: 26 (.... لَكِنَّ الَّذِي أَرْسَلَنِي هُوَ حَقٌّ. ....)
                    9- يوحنا 5: 37 (37وَالآبُ نَفْسُهُ الَّذِي أَرْسَلَنِي يَشْهَدُ لِي. ....)
                    10- متى 15: 24 («لَمْ أُرْسَلْ إِلاَّ إِلَى خِرَافِ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ الضَّالَّةِ»)
                    ومنها اعتراف بطرس:
                    كل هذا قاله يوحنا، وهذه هى عقيدته فى يسوع أنه رسول من عند الله، وشهد بذلك تلميذه بطرس: أعمال الرسل 2: 22 (22«أَيُّهَا الرِّجَالُ الإِسْرَائِيلِيُّونَ اسْمَعُوا هَذِهِ الأَقْوَالَ: يَسُوعُ النَّاصِرِيُّ رَجُلٌ قَدْ تَبَرْهَنَ لَكُمْ مِنْ قِبَلِ اللهِ بِقُوَّاتٍ وَعَجَائِبَ وَآيَاتٍ صَنَعَهَا اللهُ بِيَدِهِ فِي وَسَطِكُمْ كَمَا أَنْتُمْ أَيْضاً تَعْلَمُونَ.)
                    ومنها اعتراف اثنين من تلاميذه كانا فى الطريق إلى قرية عمواس وتكلما مع يسوع نفسه: لوقا 24: 13-20 (17فَقَالَ لَهُمَا: «مَا هَذَا الْكَلاَمُ الَّذِي تَتَطَارَحَانِ بِهِ وَأَنْتُمَا مَاشِيَانِ عَابِسَيْنِ؟» 18فَأَجَابَ أَحَدُهُمَا الَّذِي اسْمُهُ كَِلْيُوبَاسُ: «هَلْ أَنْتَ مُتَغَرِّبٌ وَحْدَكَ فِي أُورُشَلِيمَ وَلَمْ تَعْلَمِ الأُمُورَ الَّتِي حَدَثَتْ فِيهَا فِي هَذِهِ الأَيَّامِ؟» 19فَقَالَ لَهُمَا: «وَمَا هِيَ؟» فَقَالاَ: «الْمُخْتَصَّةُ بِيَسُوعَ النَّاصِرِيِّ الَّذِي كَانَ إِنْسَاناً نَبِيّاً مُقْتَدِراً فِي الْفِعْلِ وَالْقَوْلِ أَمَامَ اللهِ وَجَمِيعِ الشَّعْبِ. 20كَيْفَ أَسْلَمَهُ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَحُكَّامُنَا لِقَضَاءِ الْمَوْتِ وَصَلَبُوهُ.)
                    ومنها اعتراف كل تلاميذه:
                    مرقس 8: 27-30 (27ثُمَّ خَرَجَ يَسُوعُ وَتَلاَمِيذُهُ إِلَى قُرَى قَيْصَرِيَّةِ فِيلُبُّسَ. وَفِي الطَّرِيقِ سَأَلَ تَلاَمِيذَهُ: «مَنْ يَقُولُ النَّاسُ إِنِّي أَنَا؟» 28فَأَجَابُوا: «يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانُ وَآخَرُونَ إِيلِيَّا وَآخَرُونَ وَاحِدٌ مِنَ الأَنْبِيَاءِ». 29فَقَالَ لَهُمْ: «وَأَنْتُمْ مَنْ تَقُولُونَ إِنِّي أَنَا؟» فَأَجَابَ بُطْرُسُ: «أَنْتَ الْمَسِيحُ!» 30فَانْتَهَرَهُمْ كَيْ لاَ يَقُولُوا لأَحَدٍ عَنْهُ.)
                    ومنها اعتراف رئيس الكهنة:
                    يوحنا 3: 1-2 (1كَانَ إِنْسَانٌ مِنَ الْفَرِّيسِيِّينَ اسْمُهُ نِيقُودِيمُوسُ رَئِيسٌ لِلْيَهُودِ. 2هَذَا جَاءَ إِلَى يَسُوعَ لَيْلاً وَقَالَ لَهُ: «يَا مُعَلِّمُ نَعْلَمُ أَنَّكَ قَدْ أَتَيْتَ مِنَ اللَّهِ مُعَلِّماً لأَنْ لَيْسَ أَحَدٌ يَقْدِرُ أَنْ يَعْمَلَ هَذِهِ الآيَاتِ الَّتِي أَنْتَ تَعْمَلُ إِنْ لَمْ يَكُنِ اللَّهُ مَعَهُ».)
                    ومنها اعتراف جموع الناس:
                    متى 21: 46 (46وَإِذْ كَانُوا يَطْلُبُونَ أَنْ يُمْسِكُوهُ خَافُوا مِنَ الْجُمُوعِ لأَنَّهُ كَانَ عِنْدَهُمْ مِثْلَ نَبِيٍّ.)
                    متى 21: 10-11 (10وَلَمَّا دَخَلَ أُورُشَلِيمَ ارْتَجَّتِ الْمَدِينَةُ كُلُّهَا قَائِلَةً: «مَنْ هَذَا؟» 11فَقَالَتِ الْجُمُوعُ: «هَذَا يَسُوعُ النَّبِيُّ الَّذِي مِنْ نَاصِرَةِ الْجَلِيلِ».)
                    يوحنا 7: 40 (40فَكَثِيرُونَ مِنَ الْجَمْعِ لَمَّا سَمِعُوا هَذَا الْكلاَمَ قَالُوا: «هَذَا بِالْحَقِيقَةِ هُوَ النَّبِيُّ».)
                    فاسمعوا قوله: يوحنا 8: 40 (40وَلَكِنَّكُمُ الآنَ تَطْلُبُونَ أَنْ تَقْتُلُونِي وَأَنَا إِنْسَانٌ قَدْ كَلَّمَكُمْ بِالْحَقِّ الَّذِي سَمِعَهُ مِنَ اللَّهِ. ...) فهل تريد أن يتنكر الإنسان لعيسى عليه السلام المرسل من الله، والذى أبلغكم الحق الذى سمعه منه؟
                    ألم يأمر يسوع/يهوه بطاعة تعاليمه واتباع فرائضه التى جاءت على أيدى أنبيائه؟
                    لقد حدد يسوع أن الحياة الأبدية، أى الخلود فى الجنة، يتوقف على من يسمع كلامه أى يطيعه ويعمل بما يقول، ويؤمن بالذى أرسله كإله، ويؤمن بيسوع كنبى مرسل، وسوف تكون عاقبته ليس فقط الخلود فى الجنة يوم الحساب، بل بمجرد موته الأرضى: يوحنا 5: 24 (24«اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مَنْ يَسْمَعُ كلاَمِي وَيُؤْمِنُ بِالَّذِي أَرْسَلَنِي فَلَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ وَلاَ يَأْتِي إِلَى دَيْنُونَةٍ بَلْ قَدِ انْتَقَلَ مِنَ الْمَوْتِ إِلَى الْحَيَاةِ.)
                    ألم يمتثل يسوع لأوامر الله ربه وخالقه؟
                    يوحنا 5: 36 (....... لأَنَّ الأَعْمَالَ الَّتِي أَعْطَانِي الآبُ لِأُكَمِّلَهَا هَذِهِ الأَعْمَالُ بِعَيْنِهَا الَّتِي أَنَا أَعْمَلُهَا هِيَ تَشْهَدُ لِي أَنَّ الآبَ قَدْ أَرْسَلَنِي.)
                    يوحنا 8: 29 (29وَالَّذِي أَرْسَلَنِي هُوَ مَعِي وَلَمْ يَتْرُكْنِي الآبُ وَحْدِي لأَنِّي فِي كُلِّ حِينٍ أَفْعَلُ مَا يُرْضِيهِ».)
                    يوحنا 8: 28 (وَلَسْتُ أَفْعَلُ شَيْئاً مِنْ نَفْسِي بَلْ أَتَكَلَّمُ بِهَذَا كَمَا عَلَّمَنِي أَبِي)
                    يوحنا 5: 20 (20لأَنَّ الآبَ يُحِبُّ الاِبْنَ وَيُرِيهِ جَمِيعَ مَا هُوَ يَعْمَلُهُ وَسَيُرِيهِ أَعْمَالاً أَعْظَمَ مِنْ هَذِهِ لِتَتَعَجَّبُوا أَنْتُمْ.)
                    يوحنا 11: 41-42 (41فَرَفَعُوا الْحَجَرَ حَيْثُ كَانَ الْمَيْتُ مَوْضُوعاً وَرَفَعَ يَسُوعُ عَيْنَيْهِ إِلَى فَوْقُ وَقَالَ: «أَيُّهَا الآبُ أَشْكُرُكَ لأَنَّكَ سَمِعْتَ لِي 42وَأَنَا عَلِمْتُ أَنَّكَ فِي كُلِّ حِينٍ تَسْمَعُ لِي. وَلَكِنْ لأَجْلِ هَذَا الْجَمْعِ الْوَاقِفِ قُلْتُ لِيُؤْمِنُوا أَنَّكَ أَرْسَلْتَنِي».)
                    يوحنا 4: 34 (...«طَعَامِي أَنْ أَعْمَلَ مَشِيئَةَ الَّذِي أَرْسَلَنِي وَأُتَمِّمَ عَمَلَهُ.)
                    يوحنا 17: 4 (......... الْعَمَلَ الَّذِي أَعْطَيْتَنِي لأَعْمَلَ قَدْ أَكْمَلْتُهُ.)
                    متى 7: 21 (21«لَيْسَ كُلُّ مَنْ يَقُولُ لِي: يَا رَبُّ يَا رَبُّ يَدْخُلُ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ. بَلِ الَّذِي يَفْعَلُ إِرَادَةَ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ.) وتكررت فى لوقا 7: 21
                    يوحنا 5: 30 (30أَنَا لاَ أَقْدِرُ أَنْ أَفْعَلَ مِنْ نَفْسِي شَيْئاً. كَمَا أَسْمَعُ أَدِينُ وَدَيْنُونَتِي عَادِلَةٌ لأَنِّي لاَ أَطْلُبُ مَشِيئَتِي بَلْ مَشِيئَةَ الآبِ الَّذِي أَرْسَلَنِي.)
                    ومن هنا يثبت لدينا أن عيسى عليه السلام ومحمد صلى الله عليه وسلم كانا من أنبياء الله تعالى، لا يطمع أحدهم إلا أن ينفذ تعاليم الله له، ويؤمن الناس بالله ورسوله، ويتبعوا تعاليمه. ولو تم ذلك لكان أبعد ما يكون عن جعل الرسول مساويًا لله. وإلا لما تكلم الرسول عن التوحيد، وعن صفات الله تعالى الحسنى التى يتفرد بها، ولما ذكر أنه عبد لله ورسوله، ولما دعا الله تعالى أمام الناس، ولما طلب العون من الله، ولما صلى لله، أو تعبد إليه بالصيام، ولما قام الليل حتى تورمت قدماه، ليكون شاكرًا لله تعالى على نعمائه، ولما استغفر الله تعالى دبر كل صلاة، لأنه يعبد الله تعالى ويتقيه كما يستطيع، وليس كما يستحق الله تعالى، ولما تصدق أو زكى طالبًا مرضاة الله تعالى، ولما قام بعمرة أو حج، ولما ساعد أحد من الناس، ولما قضى بين الناس بعدل الله وشريعته، ولما دعا الناس من الأساس لإخلاص نياتهم فى العمل لله تعالى وحده.
                    وعلى هذا فإن أى نبى من أنبياء الله تعالى الذين يأمرون بطاعة الله عن طريق طاعة رسوله، لا تشير لا من قريب أو بعيد إلى أن النبى يساوى نفسه بالله، وللأسف هذا فهمك السقيم يا سيد رشيد، الذى تعلمته من الكتاب الذى تقدسه، وكان جل أنبيائه إما زناة، أو لصوص، أو يبيعون شرف زوجاتهم، أو ضربوا الرب وأجبروه على مباركتهم، أو تركوا الرب وعبدوا الأصنام.
                    وهذا الإعوجاج فى الأنبياء لا نؤمن به، بل نؤمن أن الله تعالى ينتقى خير الناس للنبوة ويعصمهم فى أخلاقهم، لأنهم يمثلون تعاليمه أما المرسلين لهم. فلا يجوز لنبى أن يكفر أو يسرق أو يزنى، أو يأتى بما يشينه خلقيًا، ويتناقض مع تعاليم الله التى جاء ليطبقها على الأرض.
                    وعلى ذلك فإن تحليل رشيد وتعليقه على قول الله تعالى: (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ ...) النساء: 80، وقوله: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) النجم: 3-4 من أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد ساوى بين مكانته ومكانة الله، فهذا من الأوهام التى تعلمها فى تفسير كتابه، وتأويل النص بما لا يحتمل ليعبد يسوع كإله.
                    والآية تشير إلى وجوب طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم، وفى طاعته طاعة لله الذى أرسله، والذى أوحى إليه،وأعطاه الرسالة وأيده بالإجابة على أسئلة الناس، وأحسن فهمه للرسالة ومعاملة الناس، ونصره على أعداء الله، وحفظه من بطشه ومكائدهم، حفاظًا على هذه الرسالة. لذلك أوضح الله تعالى فى آية أخرى وجوب طاعة المؤمن لله ولرسوله، الذى لا ينطق عن الهوى: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا) الأحزاب: 36

                    تعليق

                    • abubakr_3
                      مُشرِف

                      • 15 يون, 2006
                      • 849
                      • موظف
                      • مسلم

                      #25
                      رد: مناظرة مع السيد رشيد حول نبوة محمد صلى الله عليه وسلم

                      هل على المؤمن العاقل أن يتبع تعاليم الكتاب الذى تقدسه سيد رشيد؟
                      فكر معى هداك الله!
                      هل على المؤمن أن يطيع إبراهيم؟ لا. لقد فضل أن يتاجر بعرض امرأته حفاظًا على حياته وليستفيد من اختلاء فرعون بها والعبث بها.
                      هل على المؤمن أن يطيع يعقوب؟ لا، فقد ضرب الرب وابتز النبوة والبركة منه.
                      فهل على المؤمن أن يطيع موسى وهارون؟ لا، لأنهما عصيا الرب ولم يكونا كاملين أمامه.
                      هل على المؤمن أن يطيع داود؟ لا، لقد زنى على كثرة زوجاته الاتى بلغن 99.
                      هل على المؤمن أن يطيع سليمان؟ لا، لقد كفر فى نهاية حياته وعبد الأوثان.
                      هل على المؤمن أن يطيع الرب وتعاليمه؟ لا، لأنه يعطى تعاليم غير صالحة، وأحكامًا لا يحيون بها: (وَأَعْطَيْتُهُمْ أَيْضاً فَرَائِضَ غَيْرَ صَالِحَةٍ وَأَحْكَـاماً لاَ يَحْيُونَ بِهَا) حزقيال 20: 25
                      هل على المؤمن أن يتمسك بكتاب الرب؟ لا، لأنه تم تحريفه باعتراف الرب نفسه.
                      اعتراف الرب بتحريف تعاليمه، وقبول الشعب هذه التعاليم واستحسانها:
                      1) اعترف كاتب سفر إرميا بأن أنبياء أورشليم وأنبياء السامرة الكذبة حرفوا كلام الله عمداً: (13وَقَدْ رَأَيْتُ فِي أَنْبِيَاءِ السَّامِرَةِ حَمَاقَةً. تَنَبَّأُوا بِالْبَعْلِ وَأَضَلُّوا شَعْبِي إِسْرَائِيلَ. 14وَفِي أَنْبِيَاءِ أُورُشَلِيمَ رَأَيْتُ مَا يُقْشَعَرُّ مِنْهُ. يَفْسِقُونَ وَيَسْلُكُونَ بِالْكَذِبِ وَيُشَدِّدُونَ أَيَادِيَ فَاعِلِي الشَّرِّ حَتَّى لاَ يَرْجِعُوا الْوَاحِدُ عَنْ شَرِّهِ. ..... . 16هَكَذَا قَالَ رَبُّ الْجُنُودِ: لاَ تَسْمَعُوا لِكَلاَمِ الأَنْبِيَاءِ الَّذِينَ يَتَنَبَّأُونَ لَكُمْ فَإِنَّهُمْ يَجْعَلُونَكُمْ بَاطِلاً. يَتَكَلَّمُونَ بِرُؤْيَا قَلْبِهِمْ لاَ عَنْ فَمِ الرَّبِّ.) إرميا 23: 13-16
                      فكيف يشيع الكفر من أنبياء بنى إسرائيل إلا إذا حرفوا تعاليم الله أو تكتموها ، وإلا لحاكمهم شعبهم ولأقاموا عليهم حدود الله! وهذا يدل أيضاً على عدم انتشار كلمة الرب وكتابه إلا بين الكتبة والكهنة فقط ، الأمر الذى ييسِّر عملية التحريف.
                      2) (كَيْفَ تَدَّعُونَ أَنَّكُمْ حُكَمَاءُ وَلَدَيْكُمْ شَرِيعَةَ الرَّبِّ بَيْنَمَا حَوَّلَهَا قَلَمُ الْكَتَبَةِ المُخَادِعُ إِلَى أُكْذُوبَةٍ؟) إرمياء 8: 8
                      3) وهذا كلام الله الذى يقدسه نبى الله داود ويفتخر به، يحرفه غير المؤمنين، ويطلبون قتله لأنه يعارضهم ويمنعهم ، ولا يبالى إن قتلوه من أجل الحق ، فهو متوكل على الله: (4اَللهُ أَفْتَخِرُ بِكَلاَمِهِ. عَلَى اللهِ تَوَكَّلْتُ فَلاَ أَخَافُ. مَاذَا يَصْنَعُهُ بِي الْبَشَرُ! 5الْيَوْمَ كُلَّهُ يُحَرِّفُونَ كَلاَمِي. عَلَيَّ كُلُّ أَفْكَارِهِمْ بِالشَّرِّ.) مزمور 56: 4-5
                      4) واعترف إشعياء بالتحريف: (15وَيْلٌ لِلَّذِينَ يَتَعَمَّقُونَ لِيَكْتُمُوا رَأْيَهُمْ عَنِ الرَّبِّ فَتَصِيرُ أَعْمَالُهُمْ فِي الظُّلْمَةِ وَيَقُولُونَ: «مَنْ يُبْصِرُنَا وَمَنْ يَعْرِفُنَا؟». 16يَا لَتَحْرِيفِكُمْ!) إشعياء 29: 15-16
                      5) واعترف الرب لإرمياء أن هناك لصوص، يدعون النبوة، وهم فى الحقيقة قد سرقوا كلمته ويضيفون عليها ثم ينسبونها للرب، بغرض إضلال الشعب: (30لِذَلِكَ هَئَنَذَا عَلَى الأَنْبِيَاءِ يَقُولُ الرَّبُّ الَّذِينَ يَسْرقُونَ كَلِمَتِي بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ)إرمياء23: 30
                      6) (31هَئَنَذَا عَلَى الأَنْبِيَاءِ يَقُولُ الرَّبُّ الَّذِينَ يَأْخُذُونَ لِسَانَهُمْ وَيَقُولُونَ: قَالَ.) إرمياء 23: 31
                      7) (32هَئَنَذَا عَلَى الَّذِينَ يَتَنَبَّأُونَ بِأَحْلاَمٍ كَاذِبَةٍ يَقُولُ الرَّبُّ الَّذِينَ يَقُصُّونَهَا وَيُضِلُّونَ شَعْبِي بِأَكَاذِيبِهِمْ وَمُفَاخَرَاتِهِمْ وَأَنَا لَمْ أُرْسِلْهُمْ وَلاَ أَمَرْتُهُمْ. فَلَمْ يُفِيدُوا هَذَا الشَّعْبَ فَائِدَةً يَقُولُ الرَّبُّ].) إرمياء 23: 32
                      8) (33وَإِذَا سَأَلَكَ هَذَا الشَّعْبُ أَوْ نَبِيٌّ أَوْ كَاهِنٌ: [مَا وَحْيُ الرَّبِّ؟] فَقُلْ لَهُمْ: [أَيُّ وَحْيٍ؟ إِنِّي أَرْفُضُكُمْ - هُوَ قَوْلُ الرَّبِّ. 34فَالنَّبِيُّ أَوِ الْكَاهِنُ أَوِ الشَّعْبُ الَّذِي يَقُولُ: وَحْيُ الرَّبِّ - أُعَاقِبُ ذَلِكَ الرَّجُلَ وَبَيْتَهُ.) إرمياء 23: 33-34
                      9) (36أَمَّا وَحْيُ الرَّبِّ فَلاَ تَذْكُرُوهُ بَعْدُ لأَنَّ كَلِمَةَ كُلِّ إِنْسَانٍ تَكُونُ وَحْيَهُ إِذْ قَدْ حَرَّفْتُمْ كَلاَمَ الإِلَهِ الْحَيِّ رَبِّ الْجُنُودِ إِلَهِنَا.) إرمياء 23: 36
                      10) (لاَ تَغِشَّكُمْ أَنْبِيَاؤُكُمُ الَّذِينَ فِي وَسَطِكُمْ وَعَرَّافُوكُمْ وَلاَ تَسْمَعُوا لأَحْلاَمِكُمُ الَّتِي تَتَحَلَّمُونَهَا. 9لأَنَّهُمْ إِنَّمَا يَتَنَبَّأُونَ لَكُمْ بِاسْمِي بِالْكَذِبِ. أَنَا لَمْ أُرْسِلْهُمْ يَقُولُ الرَّبُّ.) إرمياء 29: 8-9
                      11) (31اَلأَنْبِيَاءُ يَتَنَبَّأُونَ بِالْكَذِبِ وَالْكَهَنَةُ تَحْكُمُ عَلَى أَيْدِيهِمْ وَشَعْبِي هَكَذَا أَحَبَّ.) إرمياء 5: 31
                      12) (3هَكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: وَيْلٌ لِلأَنْبِيَاءِ الْحَمْقَى الذَّاهِبِينَ وَرَاءَ رُوحِهِمْ وَلَمْ يَرُوا شَيْئاً. 4أَنْبِيَاؤُكَ يَا إِسْرَائِيلُ صَارُوا كَـالثَّعَالِبِ فِي الْخِرَبِ.) حزقيال 13: 3
                      إن وجود أنبياء بهذه الأخلاق المتدنية لهو إشارة إلى رفض هذه الأنبياء وتعاليمهم. إذ كيف أثق فيما نُقِلَ عن كذَّاب؟ وكيف أسلم أمر عقيدتى وآخرتى ودنياى لمن هو فاسق؟ فإن من كانت هذه صفاته فهو شيطان. فكيف أبيع نفسى للشيطان؟
                      13) (32فَأَخَذَ إِرْمِيَا دَرْجاً آخَرَ وَدَفَعَهُ لِبَارُوخَ بْنِ نِيرِيَّا الْكَاتِبِ فَكَتَبَ فِيهِ عَنْ فَمِ إِرْمِيَا كُلَّ كَلاَمِ السِّفْرِ الَّذِي أَحْرَقَهُ يَهُويَاقِيمُ مَلِكُ يَهُوذَا بِالنَّارِ وَزِيدَ عَلَيْهِ أَيْضاً كَلاَمٌ كَثِيرٌ مِثْلُهُ.) إرمياء 36: 32
                      14) (6رَأُوا بَاطِلاً وَعِرَافَةً كَـاذِبَةً. الْقَائِلُونَ: وَحْيُ الرَّبِّ وَالرَّبُّ لَمْ يُرْسِلْهُمْ، وَانْتَظَرُوا إِثْبَاتَ الْكَلِمَةِ.) حزقيال 13: 6
                      والأمر تعدى وجود تحريفات فى الكتاب، إلى وجود من يدَّعى أنه يوحى إليه، ويؤلف كتاباً ينسبه لله. لا يوجد سفر فى الكتاب عُرفَ كاتبه على وجه اليقين. وهذا ما شهد به لوقا أيضاً فى افتتاحية إنجيله، وشهد به بولس أيضاً.
                      15) وها هو حزقيال يشهد بتحريف اليهود لكلام الرب: (7أَلَمْ تَرُوا رُؤْيَا بَاطِلَةً، وَتَكَلَّمْتُمْ بِعِرَافَةٍ كَـاذِبَةٍ، قَائِلِينَ: وَحْيُ الرَّبِّ وَأَنَا لَمْ أَتَكَلَّمْ؟) حزقيال 13: 7
                      16) (8لِذَلِكَ هَكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: لأَنَّكُمْ تَكَلَّمْتُمْ بِـالْبَاطِلِ وَرَأَيْتُمْ كَذِباً، فَلِذَلِكَ هَا أَنَا عَلَيْكُمْ يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ.) حزقيال 13: 8
                      17) (9وَتَكُونُ يَدِي عَلَى الأَنْبِيَاءِ الَّذِينَ يَرُونَ الْبَاطِلَ وَالَّذِينَ يَعْرِفُونَ بِـالْكَذِبِ. فِي مَجْلِسِ شَعْبِي لاَ يَكُونُونَ، وَفِي كِتَابِ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ لاَ يُكْتَبُونَ، وَإِلَى أَرْضِ إِسْرَائِيلَ لاَ يَدْخُلُونَ، فَتَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا السَّيِّدُ الرَّبُّ.) حزقيال 13: 9
                      18) (26كَهَنَتُهَا خَالَفُوا شَرِيعَتِي وَنَجَّسُوا أَقْدَاسِي. لَمْ يُمَيِّزُوا بَيْنَ الْمُقَدَّسِ وَالْمُحَلَّلِ، وَلَمْ يَعْلَمُوا الْفَرْقَ بَيْنَ النَّجِسِ وَالطَّاهِرِ، وَحَجَبُوا عُيُونَهُمْ عَنْ سُبُوتِي فَتَدَنَّسْتُ فِي وَسَطِهِمْ. 27رُؤَسَاؤُهَا فِي وَسَطِهَا كَذِئَابٍ خَاطِفَةٍ خَطْفاً لِسَفْكِ الدَّمِ، لإِهْلاَكِ النُّفُوسِ لاِكْتِسَابِ كَسْبٍ. 28وَأَنْبِيَاؤُهَا قَدْ طَيَّنُوا لَهُمْ بِـالطُّفَالِ، رَائِينَ بَاطِلاً وَعَارِفِينَ لَهُمْ كَذِباً، قَائِلِينَ: هَكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ وَالرَّبُّ لَمْ يَتَكَلَّمْ!) حزقيال 22: 26-28
                      19) ويتضح نية بنى إسرائيل السيئة فى تحريف كلمة الرب فى قوله لعاموس ، وذلك عن طريق إفساد الأنبياء وأخلاقهم: (11وَأَقَمْتُ مِنْ بَنِيكُمْ أَنْبِيَاءَ وَمِنْ فِتْيَانِكُمْ نَذِيرِينَ. أَلَيْسَ هَكَذَا يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ يَقُولُ الرَّبُّ؟ 12لَكِنَّكُمْ سَقَيْتُمُ النَّذِيرِينَ خَمْراً وَأَوْصَيْتُمُ الأَنْبِيَاءَ قَائِلِينَ: لاَ تَتَنَبَّأُوا.) عاموس 2: 11-12
                      20) (16هَكَذَا قَالَ رَبُّ الْجُنُودِ: لاَ تَسْمَعُوا لِكَلاَمِ الأَنْبِيَاءِ الَّذِينَ يَتَنَبَّأُونَ لَكُمْ فَإِنَّهُمْ يَجْعَلُونَكُمْ بَاطِلاً. يَتَكَلَّمُونَ بِرُؤْيَا قَلْبِهِمْ لاَ عَنْ فَمِ الرَّبِّ) إرمياء 23: 16
                      21) حتى إن كاتب سفر المكابيين قالها صراحة إن هذا الكتاب من تأليفه هو، ومع ذلك تعتبرونه وحيًا من الله: (فإنْ كُنْتُ قد أَحْسَنْتُ التَّأْلِيِف وأَصَبْتُ الغَرَضَ فَذَلكَ مَا كُنْتُ أَتَمَنَّى. وإنْ كَانَ قَد لَحقَنى الوَهَن والتَّقْصيرُ، فإنِّى قد بَذلتُ وسعى.) مكابيين الثانى 15: 39
                      22) (11«هُوَذَا أَيَّامٌ تَأْتِي يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ أُرْسِلُ جُوعاً فِي الأَرْضِ لاَ جُوعاً لِلْخُبْزِ وَلاَ عَطَشاً لِلْمَاءِ بَلْ لاِسْتِمَاعِ كَلِمَاتِ الرَّبِّ. 12فَيَجُولُونَ مِنْ بَحْرٍ إِلَى بَحْرٍ وَمِنَ الشِّمَالِ إِلَى الْمَشْرِقِ يَتَطَوَّحُونَ لِيَطْلُبُوا كَلِمَةَ الرَّبِّ فَلاَ يَجِدُونَهَا.) عاموس 8: 11-12
                      23) (6فَأَجَابَ: «حَسَناً تَنَبَّأَ إِشَعْيَاءُ عَنْكُمْ أَنْتُمُ الْمُرَائِينَ كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ: هَذَا الشَّعْبُ يُكْرِمُنِي بِشَفَتَيْهِ وَأَمَّا قَلْبُهُ فَمُبْتَعِدٌ عَنِّي بَعِيداً 7وَبَاطِلاً يَعْبُدُونَنِي وَهُمْ يُعَلِّمُونَ تَعَالِيمَ هِيَ وَصَايَا النَّاسِ. 8لأَنَّكُمْ تَرَكْتُمْ وَصِيَّةَ اللَّهِ وَتَتَمَسَّكُونَ بِتَقْلِيدِ النَّاسِ: .. .. .. 9ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: «حَسَناً! رَفَضْتُمْ وَصِيَّةَ اللَّهِ لِتَحْفَظُوا تَقْلِيدَكُمْ. .. .. .. 13مُبْطِلِينَ كَلاَمَ اللَّهِ بِتَقْلِيدِكُمُ الَّذِي سَلَّمْتُمُوهُ. وَأُمُوراً كَثِيرَةً مِثْلَ هَذِهِ تَفْعَلُونَ».) مرقس 7: 6-13
                      24) (6إِنِّي أَتَعَجَّبُ أَنَّكُمْ تَنْتَقِلُونَ هَكَذَا سَرِيعاً عَنِ الَّذِي دَعَاكُمْ بِنِعْمَةِ الْمَسِيحِ إِلَى إِنْجِيلٍ آخَرَ. 7لَيْسَ هُوَ آخَرَ، غَيْرَ أَنَّهُ يُوجَدُ قَوْمٌ يُزْعِجُونَكُمْ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُحَوِّلُوا إِنْجِيلَ الْمَسِيحِ. 8وَلَكِنْ إِنْ بَشَّرْنَاكُمْ نَحْنُ أَوْ مَلاَكٌ مِنَ السَّمَاءِ بِغَيْرِ مَا بَشَّرْنَاكُمْ، فَلْيَكُنْ «أَنَاثِيمَا».) غلاطية 1: 6-8
                      25) ولم ينته التحريف برفع عيسى عليه السلام بل استمر وعلى نطاق أكبر: (17لأَنَّنَا لَسْنَا كَالْكَثِيرِينَ غَاشِّينَ كَلِمَةَ اللهِ، لَكِنْ كَمَا مِنْ إِخْلاَصٍ، بَلْ كَمَا مِنَ اللهِ نَتَكَلَّمُ أَمَامَ اللهِ فِي الْمَسِيحِ.) كورنثوس الثانية 2: 17 ،
                      26) (1ثُمَّ نَسْأَلُكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ مِنْ جِهَةِ مَجِيءِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ وَاجْتِمَاعِنَا إِلَيْهِ، 2أَنْ لاَ تَتَزَعْزَعُوا سَرِيعاً عَنْ ذِهْنِكُمْ، وَلاَ تَرْتَاعُوا، لاَ بِرُوحٍ وَلاَ بِكَلِمَةٍ وَلاَ بِرِسَالَةٍ كَأَنَّهَا مِنَّا: أَيْ أَنَّ يَوْمَ الْمَسِيحِ قَدْ حَضَرَ.) تسالونيك الثانية 2: 1-2
                      وقالتها ترجمة كتاب الحياة: (2ألا تضطرب أفكاركم سريعا ولا تقلقوا، لا من إيحاء ولا من خبر ولا من رسالة منسوبة إلينا زورا)
                      27) (2بَلْ قَدْ رَفَضْنَا خَفَايَا الْخِزْيِ، غَيْرَ سَالِكِينَ فِي مَكْرٍ، وَلاَ غَاشِّينَ كَلِمَةَ اللهِ، بَلْ بِإِظْهَارِ الْحَقِّ،) كورنثوس الثانية 4: 17
                      28) وها هو بولس يعترف قبل لوقا بانتشار التعاليم الباطلة من أجل التربح، واصفًا المتمسكين بالتوراة ووصايا العهد القديم مخرفين مرتدين: (10فَإِنَّهُ يُوجَدُ كَثِيرُونَ مُتَمَرِّدِينَ يَتَكَلَّمُونَ بِالْبَاطِلِ، وَيَخْدَعُونَ الْعُقُولَ، وَلاَ سِيَّمَا الَّذِينَ مِنَ الْخِتَانِ - 11الَّذِينَ يَجِبُ سَدُّ أَفْوَاهِهِمْ، فَإِنَّهُمْ يَقْلِبُونَ بُيُوتاً بِجُمْلَتِهَا، مُعَلِّمِينَ مَا لاَ يَجِبُ، مِنْ أَجْلِ الرِّبْحِ الْقَبِيحِ. 12قَالَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ - وَهُوَ نَبِيٌّ لَهُمْ خَاصٌّ: «الْكِرِيتِيُّونَ دَائِماً كَذَّابُونَ. وُحُوشٌ رَدِيَّةٌ. بُطُونٌ بَطَّالَةٌ». 13هَذِهِ الشَّهَادَةُ صَادِقَةٌ. فَلِهَذَا السَّبَبِ وَبِّخْهُمْ بِصَرَامَةٍ لِكَيْ يَكُونُوا أَصِحَّاءَ فِي الإِيمَانِ، 14لاَ يُصْغُونَ إِلَى خُرَافَاتٍ يَهُودِيَّةٍ وَوَصَايَا أُنَاسٍ مُرْتَدِّينَ عَنِ الْحَقِّ.) ثيطس 1: 13-14
                      29) وها هو لوقا يشهد بكثرة تأليف الأناجيل، التى أقرت الكنيسة فى القرن الرابع أربعة منها: (1إِذْ كَانَ كَثِيرُونَ قَدْ أَخَذُوا بِتَأْلِيفِ قِصَّةٍ فِي الأُمُورِ الْمُتَيَقَّنَةِ عِنْدَنَا 2كَمَا سَلَّمَهَا إِلَيْنَا الَّذِينَ كَانُوا مُنْذُ الْبَدْءِ مُعَايِنِينَ وَخُدَّاماً لِلْكَلِمَةِ 3رَأَيْتُ أَنَا أَيْضاً إِذْ قَدْ تَتَبَّعْتُ كُلَّ شَيْءٍ مِنَ الأَوَّلِ بِتَدْقِيقٍ أَنْ أَكْتُبَ عَلَى التَّوَالِي إِلَيْكَ أَيُّهَا الْعَزِيزُ ثَاوُفِيلُسُ 4لِتَعْرِفَ صِحَّةَ الْكَلاَمِ الَّذِي عُلِّمْتَ بِهِ.) لوقا 1: 1-4
                      30) وها هو بولس يعترف أنه كذب لتمرير دينه، وليكسب أكبر عدد من من يصدقونه، والغرض واضح، وهو إيجاد دين جديد، يحارب به دين يسوع وأتباعه: (7فَإِنَّهُ إِنْ كَانَ صِدْقُ اللهِ قَدِ ازْدَادَ بِكَذِبِي لِمَجْدِهِ فَلِمَاذَا أُدَانُ أَنَا بَعْدُ كَخَاطِئٍ؟) رومية 3: 7
                      ومن الذى أوحى ذلك لبولس؟
                      وهل هذا اعتراف صريح من الرب بكذبه لإزدياد مجده، أم كان الكاذب هو بولس بمحض إرادته وليس بوحى من الرب؟
                      وهل يلجأ الإله الصادق إلى الكذب ليزداد مجده؟
                      فهل صدق الله ومجده يحتاجان إلى كذب بولس؟
                      أليس الكذب دليل عجز وفشل واستهانة واستغباء بالآخرين؟ فهل تقبلون أن تصفوا إلهكم بهذه الصفات، التى تحقر مقترفها؟
                      وهل عجز الرب أو فشل عن نشر كلمته بالفضيلة والصدق فلجأ إلى الكذب؟
                      وهل يُعقل أن يلجأ الرب إلى الكذب والكذابين لنشر دينه بين الناس؟
                      وما حكمة الإله أن يوحى إلى كذاب بنشر رسالته وتعاليمه؟
                      وهل أراد أن يعلم عبيده أن الكذب منجِّى؟
                      هل أراد أن يعلم أتباعه أن الكذب والنصب فى الدعوة إلى الرب والإيمان به، من اساس الدين ومقوماته؟
                      وهل رضى الرب بكذب بولس ليكسب أتباعاً جدداً لدينه؟
                      أيخادع الرب عبيده؟
                      هل فشل الرب فى العثور على طريقة أخرى لنشر دينه غير الكذب؟
                      ألم يضع الرب فى حسبانه أن المخدوع سيرتد عنه وسيحاربه إذا علم الحق يومًا ما؟
                      أم عمل الرب حساباته أن يترك المخدوع بالكذب فى دينه هكذا ويحول دون وصول الحقيقة له، حتى لا يرتد؟
                      فلو حدث هذا لكان الإيمان المسيحى هو الوهم الأكبر، والعيش فى أكبر كذبة عرفتها البشرية بمباركة الرب؟
                      وماذا سيفعل الرب تجاه من قبلوا الكذب وآمنوا؟ هل هؤلاء من القديسين المؤمنين؟
                      ألا يعنى هذا أن الإيمان يعنى الغباء وعدم البحث وتقصى الحقيقة؟
                      أليس الصدق هو الحقيقة؟ فلماذا لا يريد الرب الحقيقة ولا يبارك إلا الكذب؟
                      هل أعجبت الرب فكرة إبليس فى الكذب التى وافق عليها الرب لإضلال أخاب؟
                      ألا يرفع هذا جند الرب الذين لم يخطر ببالهم فكرة الكذب لإضلال أخاب؟
                      ألا ينقص هذا من قداسة الرب نفسه، ويصمه بالحقارة ويبعد العقلاء عنه؟
                      ألا يُظهر هذا فشله أمام أنبيائه وعباده؟
                      وكيف أُأنب ابنى أو أعاقبه إذا كذب، وهو يتبع إله كاذب، لا ينشر دينه إلا بالكذب؟
                      وما مصير من اتخذوا كذب الرب ذريعة وآمنوا أن الغاية تبرر الوسيلة؟
                      ألا يخشى ذلك الإله من تفشى الكذب بين شعبه؟
                      وكيف أثق فى هذا الإله الذى يرتكن إلى كاذب ومخادع لنشر رسالته؟
                      وهل سيحاسبكم الرب على الكذب فى الآخرة يوم الحساب؟ كيف وهو ناشره؟
                      وألا يوصف الرب بذلك أنه كذَّاب ، لأن من أعان على الكذب فهو كذَّاب؟
                      وما الفرق بينه وبين الشيطان فى هذه الصفة الرذيلة؟
                      وإذا كان إلهاً صادقاً ، فكيف يأمر بما لا يفعله هو؟ أليس ذلك من النفاق؟
                      أليست هذه حجة عليه؟
                      أليس هذا من الظلم؟
                      ألم يقل فى الناموس (لا تكذب)؟ فلماذا أعان الكاذب وأوحى إليه؟؟؟
                      وهل يتوقع الرب أن يصدقه الناس بعد أن كذب هو نفسه عليهم ليؤمنوا به؟
                      وهل المغرر بهم يُحسب لهم إيمانًا، ويعتبرهم الرب من الصادقين المخلصين له؟
                      {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللّهُ قَالُواْ بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلاَ يَهْتَدُونَ} (170) سورة البقرة
                      {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا أَوَلَوْ كَانَ الشَّيْطَانُ يَدْعُوهُمْ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ} (21) سورة لقمان
                      {قَالُواْ أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللّهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ} (70) سورة الأعراف
                      {قَالُواْ يَا صَالِحُ قَدْ كُنتَ فِينَا مَرْجُوًّا قَبْلَ هَذَا أَتَنْهَانَا أَن نَّعْبُدَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا وَإِنَّنَا لَفِي شَكٍّ مِّمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ} (62) سورة هود
                      {قَالُواْ يَا شُعَيْبُ أَصَلاَتُكَ تَأْمُرُكَ أَن نَّتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَن نَّفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاء إِنَّكَ لَأَنتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ} (87) سورة هود
                      فالمؤمن فى عرف كتابكم يا سيد رشيد عليه أن يعصى الرب ورسوله الذى أرسله، ليصل إلى درجة الإيمان والكمال البشرى. وعلى ذلك أن تؤمن أن الرب تافه يرسل رسل لكى يتجنبها الناس، فلا يفعلون أفعالهم القذرة، ولا يطيعون تعاليمهم القادمة من الرب. وربما لتشككم أن الرب لا يرسل إلا تعاليم فاسدة لتدمير البشر، ففقدتم فيه الأمل، وأسأتم الظن به، وأحسنتم لأنفسكم بتجنبه هو وتعاليمه ورسله: (وَأَعْطَيْتُهُمْ أَيْضاً فَرَائِضَ غَيْرَ صَالِحَةٍ وَأَحْكَـاماً لاَ يَحْيُونَ بِهَا) حزقيال 20: 25
                      وليس للإسلام صالح بما تؤمن به ولا بما تدعيه ولا بما تظنه من قراءتك لبعض الآيات القرآنية مبتورة السياق.
                      * * *
                      هل زواج محمد من زينب هو استغلال للطاعة التى فرضت على المؤمن؟
                      ويظن السيد رشيد أن النبى صلى الله عليه وسلم زوج زينب بنت جحش لزيد خادمه الذى كان يتبناه ويحمل اسمه حتى نزلت الآيات التى تحرم التبنى، وتأمر بانتساب الشخص لأبيه، وهو فى الحقيقة قد تزوجها بعد نزول الآيات كتطبيق عملى على تحريم نسبة الطفل المتبنى إلى الرجل الذى تبناه: (... وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ ذَلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْوَاهِكُمْ وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ * ادْعُوهُمْ لِآَبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آَبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا) الأحزاب: 4-5
                      لقد كان أمر الله تعالى بزواج زينب من زيد لعدة أسباب:
                      1- تعليم المؤمن الطاعة لأوامر الله تعالى
                      2- إجبار الرسول صلى الله عليه وسلم على طاعة الله والتزوج من زينب، وعدم التهيب من كلام الناس، فهذه إرادة الله: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا * وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا * مَا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُ سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا * الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا * مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا)الأحزاب: 36-40
                      3- أنه فى حالة عدم وجود وئام واتفاق بين الزوجين، واستحيل الصلح بينهما، فمن الأفضل للاثنين الطلاق.
                      4- تزويج الرسول صلى الله عليه وسلم بزوجة زيد، أى زوجة خادمه وليس ابنه. وهنا أغلق للأبد موضوع التبنى، الذى يُنسب فيه الطفل لغير أبيه.
                      5- رفع السيدة زينب بنت جحش إلى مرتبة أمهات المؤمنين، لطاعتها الله ورسوله وقبولها التزوج بزيد. وكانت تتفاخر أمام باقى زوجات النبى صلى الله عليه وسلم بقولها: (زوجكن أهاليكن وزوجني الله من فوق سبع سموات).
                      6- رفع قدر المرأة المطلقة إلى أعلى درجات المجتمع، إذ طلقت زينب بنت جحش من خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم وتزوجت خير البشر.
                      7- لا غضاضة من زواج الرجل من مطلقة ما، كما فعلها الرسول. وفى هذا رفع من إنسانية المطلقة، التى تظل منبوذة باقى عمرها، ومنعوا اللاويين والأنبياء السابقين والقساوسة من التزوج باحداهن: (ومن الشرائع الموسوية بخصوص الزواج أنها حرمت زواج الكاهن العظيم إلا من عذراء من شعبه (لا 21: 13 و14) ومنعت الكهنة من زواج الزواني والمطلقات (لا 21: 7)) راجع دائرة المعارف الكتابية مادة (عرس – زواج – الزواج فى الكتاب المقدس [موقع الأنبا تكلا])
                      (10وَأَمَّا الْمُتَزَوِّجُونَ فَأُوصِيهِمْ لاَ أَنَا بَلِ الرَّبُّ أَنْ لاَ تُفَارِقَ الْمَرْأَةُ رَجُلَهَا. 11وَإِنْ فَارَقَتْهُ فَلْتَلْبَثْ غَيْرَ مُتَزَوِّجَةٍ أَوْ لِتُصَالِحْ رَجُلَهَا. وَلاَ يَتْرُكِ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ.) كورنثوس الأولى 7: 10-11
                      (...وَمَنْ يَتَزَوَّجُ مُطَلَّقَةً فَإِنَّهُ يَزْنِي) متى 5: 31
                      وعليك الآن أن تجيبنا: هل من العدل أن يحرم من طُلق بعلة الزنى أن يكون له حياة كريمة مرة أخرى في إطار الزواج الشرعي؟
                      هل من العقل أو حسن التدبير أو تزكية أخلاق الأفراد والمجتمع أن يُحرم الرب الزاني والزانية من التوبة وأن تكون لهما حياة كريمة في إطار زواج شرعي؟
                      هل محبة الرب قضت أن لا يغفر للزانية ولا يفتح أمامها باب التوبة أو الحياة الكريمة كل حياتها؟
                      وهل سيقتدى الناس بتصرف الرب وينبذون الزانية طوال حياتها؟ فكيف ستعيش؟ ومع من أو عند من ستسكن؟ ولدى من ستتبضع مأكلها ومشربها وملبسها؟ أم سيرحمها بعض الناس وسيكونون عليها أرحم من الرب وأعدل منه؟
                      أليس حرمان المطلقات بعلة الزنا من الزواج مرة أخرى تشجيع على فعل الفواحش وقفل لباب التوبة أمامهم، أو تركها تتحرق بشهوتها لرجل ولا تجد أمامها مخرجًا إلا الزنى أو الانتحار؟
                      أليس هذا يناقض مافعله يسوع بالمرأة الزانية حينما تركها ولم يرجمها وقال من كان منكم بلا خطيئة فيرميها أولا بحجر وقبل توبتها؟
                      كيف يقبل توبتها كزانية ثم يشرع لها تشريع يمنعها من الزواج انتقامًا منها باقى عمرها؟
                      فما هى مشكلتك يا رشيد فى أن يأمر الله تعالى نبيه أن يتزوج مطلقة زيد خادمه، والذى أطلق عليه فى وقت من الأوقات ابن محمد؟
                      فمن الغريب أنه توجد روايات غريبة الفهم والمقصد من الرب فى أوامره لأنبيائه، وقد أطاعه الأنبياء، ولا يرى السيد رشيد غضاضة فى ذلك:
                      لقد أمر الرب نبيه هوشع فى أول وحى إليه أن يتزوج من امرأة زانية: (2أَوَّّلَ مَا كَلَّمَ الرَّبُّ هُوشَعَ قَالَ الرَّبُّ لِهُوشَعَ: «اذْهَبْ خُذْ لِنَفْسِكَ امْرَأَةَ زِنًى وَأَوْلاَدَ زِنًى لأَنَّ الأَرْضَ قَدْ زَنَتْ زِنًى تَارِكَةً الرَّبَّ!».) هوشع 1: 2
                      (1وَقَالَ الرَّبُّ لِي: «اذْهَبْ أَيْضاً أَحْبِبِ امْرَأَةً حَبِيبَةَ صَاحِبٍ وَزَانِيَةً كَمَحَبَّةِ الرَّبِّ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ .....».) هوشع 3: 1
                      لقد أمر الرب نبيه إشعياء أن يمشى عاريًا كما ولدته أمه لمدة ثلاث سنوات: (3فَقَالَ الرَّبُّ: «كَمَا مَشَى عَبْدِي إِشَعْيَاءُ مُعَرًّى وَحَافِياً ثَلاَثَ سِنِينٍ آيَةً وَأُعْجُوبَةً عَلَى مِصْرَ وَعَلَى كُوشَ) إشعياء 20: 3
                      وكذلك أمر الرب موسى أن يقطع يد المرأة التى تمسك عورة الرجل الذى يتعارك مع زوجها: (11«إِذَا تَخَاصَمَ رَجُلانِ رَجُلٌ وَأَخُوهُ وَتَقَدَّمَتِ امْرَأَةُ أَحَدِهِمَا لِتُخَلِّصَ رَجُلهَا مِنْ يَدِ ضَارِبِهِ وَمَدَّتْ يَدَهَا وَأَمْسَكَتْ بِعَوْرَتِهِ 12فَاقْطَعْ يَدَهَا وَلا تُشْفِقْ عَيْنُكَ.) تثنية 25: 11-12
                      إذن فطاعة السيدة زينب وطاعة الرسول صلى الله عليه وسلم كانتا طاعة لله تعالى.
                      قول السيدة عائشة للنبى صلى الله عليه وسلم إن الله يسارع فى هواه:
                      فقولهم: إن الله يتبع هوى النبي صلى الله عليه وسلم فإنهم يعتمدون في ذلك على ما رواه البخاري عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت عندما وهبت خولة بنت حكيم نفسها للرسول صلى الله عليه وسلم: (كنت أغار على اللاتي وهبن أنفسهن لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وأقول: أتهب المرأة نفسها؟ فلما أنزل الله تعالى: (تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ ۖ وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكَ...) قلت: ما أرى ربك إلا يسارع في هواك). البخارى (4788)
                      ومعنى الحديث: أن الله سبحانه وتعالى دافع عن نبيه، وألزم السيدة عائشة أن تلتزم بكل ما يقوله الرسول صلى الله عليه وسلم أو يفعله، فهو (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (4) عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى (5)) النجم: 3-5، كما أنه خص نبيه من بين سائر المؤمنين بأن أي امرأة وهبت نفسها له فله أن ينكحها (أى يتزوجها ولكن بغير مهر، فقد تنازلت عنه بوهبها نفسها إياه). فعند نزول الآية المذكورة قالت عائشة: ما أرى ربك إلا يسارع في هواك. ومعناه أن الله تعالى لا يتأخر فى تحقيق مرادك والعمل على إرضائك.
                      ومعنى يسارع في هواك، أى يعجل برضاك ويحقق مرادك، وهو فى اللغة الدارجة كما تقول زوجة تتدلل على زوجها لتسمع منه كلمة حب أو ترضية لنفسها (جاءت لك على الطبطاب)، أو (ربما كان هذا مرادك فحققه الله لك) أو (أرى أن الله لا يرد لك دعاء، ولا يؤخر الله لك أمنية) أى (وقعت لك من السماء) وتنتظر رد فعله وتدرس تعبيرات وجهه لتعرف قدرها عنده أو قدر الأخرى. فهى تعلم أن زوجها رجل، يشتهى النساء فى الحلال، كباقى الرجال. لكنها لم ترد له أن يكون فى حياته امرأة غيرها.
                      وقد علمت السيدة عائشة أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يتزوج امرأة عرضت نفسها عليه ليتزوجها، وردهن كلهن على كثرتهن. وهى المرأة الغيورة على زوجها هى التى امتدحته وقالت عنه: (كان خُلُقُهُ القرآن).
                      ونقطة يعجل برضاك أو يسارع فى هواك لدليل على حب الله تعالى لرسوله، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ اللهَ تَعَالَى قَالَ: مَنْ عَادَى لِي وَلِيَّاً فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالحَرْبِ. وَمَا تَقَرَّبَ إِلِيَّ عَبْدِيْ بِشَيءٍ أَحَبَّ إِلِيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُهُ عَلَيْهِ. ولايَزَالُ عَبْدِيْ يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ، فَإِذَا أَحْبَبتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِيْ يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِيْ يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِيْ بِهَا. وَلَئِنْ سَأَلَنِيْ لأُعطِيَنَّهُ، وَلَئِنْ اسْتَعَاذَنِيْ لأُعِيْذَنَّهُ) رواه البخاري (266)
                      وهو نفس قول يسوع: (29وَالَّذِي أَرْسَلَنِي هُوَ مَعِي وَلَمْ يَتْرُكْنِي الآبُ وَحْدِي لأَنِّي فِي كُلِّ حِينٍ أَفْعَلُ مَا يُرْضِيهِ».) يوحنا 8: 29، وقوله: (...«طَعَامِي أَنْ أَعْمَلَ مَشِيئَةَ الَّذِي أَرْسَلَنِي وَأُتَمِّمَ عَمَلَهُ.) يوحنا 4: 34
                      هذا هو حب العبد لربه، فكيف يقابل الله هذا الحب الخالص لوجهه؟ إن عباد الله الذين يحبهم يقول الرب عنهم: (3لأَنَّهُ يُنَجِّيكَ مِنْ فَخِّ الصَّيَّادِ وَمِنَ الْوَبَإِ الْخَطِرِ. 4بِخَوَافِيهِ يُظَلِّلُكَ وَتَحْتَ أَجْنِحَتِهِ تَحْتَمِي. تُرْسٌ وَمِجَنٌّ حَقُّهُ. 5لاَ تَخْشَى مِنْ خَوْفِ اللَّيْلِ وَلاَ مِنْ سَهْمٍ يَطِيرُ فِي النَّهَارِ 6وَلاَ مِنْ وَبَأٍ يَسْلُكُ فِي الدُّجَى وَلاَ مِنْ هَلاَكٍ يُفْسِدُ فِي الظَّهِيرَةِ. 7يَسْقُطُ عَنْ جَانِبِكَ أَلْفٌ وَرَبَوَاتٌ عَنْ يَمِينِكَ. إِلَيْكَ لاَ يَقْرُبُ. 8إِنَّمَا بِعَيْنَيْكَ تَنْظُرُ وَتَرَى مُجَازَاةَ الأَشْرَارِ. 9لأَنَّكَ قُلْتَ: [أَنْتَ يَا رَبُّ مَلْجَإِي]. جَعَلْتَ الْعَلِيَّ مَسْكَنَكَ 10لاَ يُلاَقِيكَ شَرٌّ وَلاَ تَدْنُو ضَرْبَةٌ مِنْ خَيْمَتِكَ. 11لأَنَّهُ يُوصِي مَلاَئِكَتَهُ بِكَ لِكَيْ يَحْفَظُوكَ فِي كُلِّ طُرْقِكَ. 12عَلَى الأَيْدِي يَحْمِلُونَكَ لِئَلاَّ تَصْدِمَ بِحَجَرٍ رِجْلَكَ. 13عَلَى الأَسَدِ وَالصِّلِّ تَطَأُ. الشِّبْلَ وَالثُّعْبَانَ تَدُوسُ. 14لأَنَّهُ تَعَلَّقَ بِي أُنَجِّيهِ. أُرَفِّعُهُ لأَنَّهُ عَرَفَ اسْمِي. 15يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبُ لَهُ. مَعَهُ أَنَا فِي الضِّيقِ. أُنْقِذُهُ وَأُمَجِّدُهُ. 16مِنْ طُولِ الأَيَّامِ أُشْبِعُهُ وَأُرِيهِ خَلاَصِي.) مزمور 91: 3-16
                      لذلك نؤمن أن الله أنقذ عيسى عليه السلام عبده وحبيبه من القبض عليه والإهانة والصلب، ويتفق ما نؤمن به مع ما كتبه كاتب الرسالة إلى العبرانيين: (7الَّذِي، فِي أَيَّامِ جَسَدِهِ، إِذْ قَدَّمَ بِصُرَاخٍ شَدِيدٍ وَدُمُوعٍ طِلْبَاتٍ وَتَضَرُّعَاتٍ لِلْقَادِرِ أَنْ يُخَلِّصَهُ مِنَ الْمَوْتِ، وَسُمِعَ لَهُ مِنْ أَجْلِ تَقْوَاهُ،) العبرانيين 5: 7
                      ويتفق مع قول يسوع لليهود، وتحديه لهم أنهم لن يقبضوا عليه ولن يجدوه، والمكان الذى سيكون فيه هو فوق فى السماء، ولن يستطيعوا الوصول إليه: (33فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «أَنَا مَعَكُمْ زَمَاناً يَسِيراً بَعْدُ ثُمَّ أَمْضِي إِلَى الَّذِي أَرْسَلَنِي. 34سَتَطْلُبُونَنِي وَلاَ تَجِدُونَنِي وَحَيْثُ أَكُونُ أَنَا لاَ تَقْدِرُونَ أَنْتُمْ أَنْ تَأْتُوا».) يوحنا 7: 33
                      وكرر الإنجيل حكايته هذه فقال: (21قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ أَيْضاً: «أَنَا أَمْضِي وَسَتَطْلُبُونَنِي وَتَمُوتُونَ فِي خَطِيَّتِكُمْ. حَيْثُ أَمْضِي أَنَا لاَ تَقْدِرُونَ أَنْتُمْ أَنْ تَأْتُوا» ...23... «أَنْتُمْ مِنْ أَسْفَلُ أَمَّا أَنَا فَمِنْ فَوْقُ. أَنْتُمْ مِنْ هَذَا الْعَالَمِ أَمَّا أَنَا فَلَسْتُ مِنْ هَذَا الْعَالَمِ. .... 28... «مَتَى رَفَعْتُمُ ابْنَ الإِنْسَانِ فَحِينَئِذٍ تَفْهَمُونَ أَنِّي أَنَا هُوَ وَلَسْتُ أَفْعَلُ شَيْئاً مِنْ نَفْسِي بَلْ أَتَكَلَّمُ بِهَذَا كَمَا عَلَّمَنِي أَبِي. 29وَالَّذِي أَرْسَلَنِي هُوَ مَعِي وَلَمْ يَتْرُكْنِي الآبُ وَحْدِي لأَنِّي فِي كُلِّ حِينٍ أَفْعَلُ مَا يُرْضِيهِ».) يوحنا 8: 21-29
                      وهذا حال أى امرأة فى الدنيا، الغيرة تجعلها تقول أشياء أو تقدم على فعل أشياء غير مقبولة من ناحية العدالة. فقد روى البخاري رحمه الله في صحيحه (5254) عن الإمام الأوزاعي قَالَ: سَأَلْتُ الزُّهْرِي أَي أَزْوَاجِ النَّبِي صلى الله عليه وسلم اسْتَعَاذَتْ مِنْهُ؟ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها: (أَنَّ ابْنَةَ الْجَوْنِ لَمَّا أُدْخِلَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَدَنَا مِنْهَا قَالَتْ: أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْكَ. فَقَالَ لَهَا: لَقَدْ عُذْتِ بِعَظِيمٍ، الْحَقِى بِأَهْلِكِ).
                      وقال النووي في معنى يسارع في هواك: أي يخفف عنك ويوسع عليك في الأمور ولهذا خيرك، وهذا القول أبرزه الدلال والغيرة، وإضافة الهوى إلى النبي صلى الله عليه وسلم لا يحمل على ظاهره لأنه لا ينطق عن الهوى، ولا يفعل بالهوى؛ لأن السيدة عائشة من المؤمنات وزوجة خير البرية، فلا يعقل أن تقصد أنها ترمى الله تعالى بصفة غير حسنة، أو تقصد أن تذم فى الرسول صلى الله عليه وسلم؛ وهذا لسبب بسيط أنها زوجة رسول الله صلى الله عليه وسلم، التى ارتضاها الله تعالى لرسوله، وزوجه إياها بوحى من السماء، كما أن قول الله تعالى (... وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ ...) النور: 26، يمتدح فيها السيدة عائشة، وإلا لما كانت زوجته، كما أنها من المبشرات بالجنة، واحدى زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم فى الجنة. لكن لو قالت إلى مرضاتك لكان أوضح فى الإفصاح عن مرادها.
                      وما رأيك أن هذا الحديث دليل على عفة رسول الله صلى الله عليه وسلم وعدم شهوانيته، على الرغم من القوة الجنسية الكبيرة التى حباه الله بها؟ فقد أباح الله له الزواج من أي امرأة تهب نفسها له، وجاءه كثير من النساء وعرضن أنفسهن عليه وردهن، فقد أخرج الطبري عن ابن عباس أنه قال: (لم يكن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة وهبت نفسها له). قال ابن حجر في الفتح: وإسناده حسن، والمراد أنه لم يدخل بواحدة ممن وهبت نفسها له، وإن كان مباحاً له، لأنه راجع إلى إرادته لقوله تعالى (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ ...... وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا ....) الأحزاب: 50
                      لكن ما رأيك يا سيد رشيد فيما ينسبه الكتاب المقدس جدًا من أن داود كان له 99 زوجة، ومع ذلك زنى بجارته، التى رآها تستحم على سطح منزلها الذى يقع بجواره، ولم ترفضوا نبوته، بل جاء الرب متجسدًا من نسله كما تؤمنون؟
                      (2وَكَانَ فِي وَقْتِ الْمَسَاءِ أَنَّ دَاوُدَ قَامَ عَنْ سَرِيرِهِ وَتَمَشَّى عَلَى سَطْحِ بَيْتِ الْمَلِكِ، فَرَأَى مِنْ عَلَى السَّطْحِ امْرَأَةً تَسْتَحِمُّ. وَكَانَتِ الْمَرْأَةُ جَمِيلَةَ الْمَنْظَرِ جِدّاً. 3فَأَرْسَلَ دَاوُدُ وَسَأَلَ عَنِ الْمَرْأَةِ، فَقَالَ وَاحِدٌ: «أَلَيْسَتْ هَذِهِ بَثْشَبَعَ بِنْتَ أَلِيعَامَ امْرَأَةَ أُورِيَّا الْحِثِّيِّ؟» 4فَأَرْسَلَ دَاوُدُ رُسُلاً وَأَخَذَهَا، فَدَخَلَتْ إِلَيْهِ فَاضْطَجَعَ مَعَهَا وَهِيَ مُطَهَّرَةٌ مِنْ طَمْثِهَا. ثُمَّ رَجَعَتْ إِلَى بَيْتِهَا. 5وَحَبِلَتِ الْمَرْأَةُ، فَأَرْسَلَتْ وَأَخْبَرَتْ دَاوُدَ وَقَالَتْ: «إِنِّي حُبْلَى». 6فَأَرْسَلَ دَاوُدُ إِلَى يُوآبَ يَقُولُ: «أَرْسِلْ إِلَيَّ أُورِيَّا الْحِثِّيَّ». فَأَرْسَلَ يُوآبُ أُورِيَّا إِلَى دَاوُدَ. 7فَأَتَى أُورِيَّا إِلَيْهِ، فَسَأَلَ دَاوُدُ عَنْ سَلاَمَةِ يُوآبَ وَسَلاَمَةِ الشَّعْبِ وَنَجَاحِ الْحَرْبِ. 8وَقَالَ دَاوُدُ لِأُورِيَّا: «انْزِلْ إِلَى بَيْتِكَ وَاغْسِلْ رِجْلَيْكَ». فَخَرَجَ أُورِيَّا مِنْ بَيْتِ الْمَلِكِ، وَخَرَجَتْ وَرَاءَهُ حِصَّةٌ مِنْ عِنْدِ الْمَلِكِ. 9وَنَامَ أُورِيَّا عَلَى بَابِ بَيْتِ الْمَلِكِ مَعَ جَمِيعِ عَبِيدِ سَيِّدِهِ وَلَمْ يَنْزِلْ إِلَى بَيْتِهِ. 10فَقَالُوا لِدَاوُدَ: «لَمْ يَنْزِلْ أُورِيَّا إِلَى بَيْتِهِ». فَقَالَ دَاوُدُ لِأُورِيَّا: «أَمَا جِئْتَ مِنَ السَّفَرِ؟ فَلِمَاذَا لَمْ تَنْزِلْ إِلَى بَيْتِكَ؟» 11فَقَالَ أُورِيَّا لِدَاوُدَ: «إِنَّ التَّابُوتَ وَإِسْرَائِيلَ وَيَهُوذَا سَاكِنُونَ فِي الْخِيَامِ، وَسَيِّدِي يُوآبُ وَعَبِيدُ سَيِّدِي نَازِلُونَ عَلَى وَجْهِ الصَّحْرَاءِ، وَأَنَا آتِي إِلَى بَيْتِي لِآكُلَ وَأَشْرَبَ وَأَضْطَجِعَ مَعَ امْرَأَتِي! وَحَيَاتِكَ وَحَيَاةِ نَفْسِكَ لاَ أَفْعَلُ هَذَا الأَمْرَ». 12فَقَالَ دَاوُدُ لِأُورِيَّا: «أَقِمْ هُنَا الْيَوْمَ أَيْضاً، وَغَداً أُطْلِقُكَ». فَأَقَامَ أُورِيَّا فِي أُورُشَلِيمَ ذَلِكَ الْيَوْمَ وَغَدَهُ. 13وَدَعَاهُ دَاوُدُ فَأَكَلَ أَمَامَهُ وَشَرِبَ وَأَسْكَرَهُ. وَخَرَجَ عِنْدَ الْمَسَاءِ لِيَضْطَجِعَ فِي مَضْجَعِهِ مَعَ عَبِيدِ سَيِّدِهِ، وَإِلَى بَيْتِهِ لَمْ يَنْزِلْ. 14وَفِي الصَّبَاحِ كَتَبَ دَاوُدُ مَكْتُوباً إِلَى يُوآبَ وَأَرْسَلَهُ بِيَدِ أُورِيَّا. 15وَكَتَبَ فِي الْمَكْتُوبِ يَقُولُ: «اجْعَلُوا أُورِيَّا فِي وَجْهِ الْحَرْبِ الشَّدِيدَةِ، وَارْجِعُوا مِنْ وَرَائِهِ فَيُضْرَبَ وَيَمُوتَ». 16وَكَانَ فِي مُحَاصَرَةِ يُوآبَ الْمَدِينَةَ أَنَّهُ جَعَلَ أُورِيَّا فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي عَلِمَ أَنَّ رِجَالَ الْبَأْسِ فِيهِ. 17فَخَرَجَ رِجَالُ الْمَدِينَةِ وَحَارَبُوا يُوآبَ، فَسَقَطَ بَعْضُ الشَّعْبِ مِنْ عَبِيدِ دَاوُدَ، وَمَاتَ أُورِيَّا الْحِثِّيُّ أَيْضاً.) صموئيل الثانى 11: 2-17
                      هذا أحد أجداد الرب المتجسد من هذه العائلة! ولكنى لم أسمع لك أو أقرأ لك انتقادك لهذه القصص أو انتقاصك لفاعليها، أو انتقاصك لتجسد ربك من هذه العائلة؟ فهل من دلائل النبوة فى كتابك أن يكون النبى زانى أو قاتل أو ديوث أو يتطاول على الإله؟
                      ولم تكن هذه هى نهاية الآثام مع داود، فقد كان ينام فى نهاية حياته، عندما شاخ وطعن فى السن، فى حضن امرأة شابة غير زوجاته؟ (1وَشَاخَ الْمَلِكُ دَاوُدُ. تَقَدَّمَ فِي الأَيَّامِ. وَكَانُوا يُغَطُّونَهُ بِالثِّيَابِ فَلَمْ يَدْفَأْ. 2فَقَالَ لَهُ عَبِيدُهُ: [لِيُفَتِّشُوا لِسَيِّدِنَا الْمَلِكِ عَلَى فَتَاةٍ عَذْرَاءَ، فَلْتَقِفْ أَمَامَ الْمَلِكِ وَلْتَكُنْ لَهُ حَاضِنَةً وَلْتَضْطَجِعْ فِي حِضْنِكَ فَيَدْفَأَ سَيِّدُنَا الْمَلِكُ]. 3فَفَتَّشُوا عَلَى فَتَاةٍ جَمِيلَةٍ فِي جَمِيعِ تُخُومِ إِسْرَائِيلَ، فَوَجَدُوا أَبِيشَجَ الشُّونَمِيَّةَ فَجَاءُوا بِهَا إِلَى الْمَلِكِ. 4وَكَانَتِ الْفَتَاةُ جَمِيلَةً جِدّاً، فَكَانَتْ حَاضِنَةَ الْمَلِكِ. وَكَانَتْ تَخْدِمُهُ وَلَكِنَّ الْمَلِكَ لَمْ يَعْرِفْهَا.) ملوك الأول 1: 1-4
                      فأين كانت زوجاته؟ وأين كان الرب وقتها؟ هل كان نائمًا من تأثير الخمور التى يتناولها؟ (65فَاسْتَيْقَظَ الرَّبُّ كَنَائِمٍ كَجَبَّارٍ مُعَيِّطٍ مِنَ الْخَمْرِ.) مزامير 78: 65
                      لماذا سمح له بهذا؟ الغريب أنك لا ترى اعتراضًا من زوجته ولا غيرة من احدى زوجاته. والغيرة تجدها فقط فى الوصول إلى النبوة والميراث!! لذلك تآمرت زوجة إسحاق مع ابنها يعقوب على النصب على الأب الكفيف ليخدع يعقوب إسحاق، ويوهمه أنه عيسو الابن الأكبر، فيباركه، ويسرق منه البركة والنبوة! وأين كان الرب وقتها؟ لا أحد يعرف. كيف وافق الرب على هذا النصب وهذا الكذب والاحتيال على إرادته نفسه؟ وهل النبوة تأتى بإرادة البشر، أم تأتى كما قال يسوع: (وَلاَ يَقْدِرُ أَحَدٌ أَنْ يَخْطَفَ مِنْ يَدِ أَبِي.) يوحنا 10: 29
                      وكذلك تآمرت بتشبع أم ناثان وكذبا على داود وعيَّن داود ابنها سليمان ملكا على إسرائيل من بعده. تقول دائرة المعارف الكتابية مادة (بتشبع): (وقد نجحت بثشبع بمعاونة النبي ناثان في منع أدونيا من اغتصاب عرش أبيه، وضمنت العرش لابنها سليمان (1مل 1: 11-46). وحاول أدونيا بعد ذلك أن يخدع بثشبع لتعاونه في أخذ أبيشج الشونمية زوجة له، ولكن سليمان كشف خداعه وأرسل بيد بنا ياهو بن يهوياداع فبطش به فمات (1مل 2: 13-25)).
                      كان هذا رد السيدة عائشة غيرة ودلالا لزوجها، دون تجريح أو معنى ينقص من إيمانها.
                      لكن الغريب أنك تؤمن بنصوص تتطاول على الرب نفسه أنها نصوص مقدسة، ولا تنتقدها، بل تؤمن بها، كما لو كنت فرحًا أن نبى أوحى إليه أن يسب الرب!!
                      (20إِلَيْكَ أَصْرُخُ فَمَا تَسْتَجِيبُ لِي. أَقُومُ فَمَا تَنْتَبِهُ إِلَيَّ. 21تَحَوَّلْتَ إِلَى جَافٍ مِنْ نَحْوِي. بِقُدْرَةِ يَدِكَ تَضْطَهِدُنِي. 22حَمَلْتَنِي أَرْكَبْتَنِي الرِّيحَ وَذَوَّبْتَنِي تَشَوُّهاً.) أيوب 30: 20-22
                      (1[قَدْ كَرِهَتْ نَفْسِي حَيَاتِي. أُسَيِّبُ شَكْوَايَ. أَتَكَلَّمُ فِي مَرَارَةِ نَفْسِي 2قَائِلاً لِلَّهِ: لاَ تَسْتَذْنِبْنِي. فَهِّمْنِي لِمَاذَا تُخَاصِمُنِي! 3أَحَسَنٌ عِنْدَكَ أَنْ تَظْلِمَ أَنْ تَرْذُلَ عَمَلَ يَدَيْكَ وَتُشْرِقَ عَلَى مَشُورَةِ الأَشْرَارِ؟ .... 6حَتَّى تَبْحَثَ عَنْ إِثْمِي وَتُفَتِّشَ عَلَى خَطِيَّتِي؟ 7فِي عِلْمِكَ أَنِّي لَسْتُ مُذْنِباً وَلاَ مُنْقِذَ مِنْ يَدِكَ. .... 14إِنْ أَخْطَأْتُ تُلاَحِظُنِي وَلاَ تُبْرِئُنِي مِنْ إِثْمِي. 15إِنْ أَذْنَبْتُ فَوَيْلٌ لِي. وَإِنْ تَبَرَّرْتُ لاَ أَرْفَعُ رَأْسِي. إِنِّي شَبْعَانُ هَوَاناً وَنَاظِرٌ مَذَلَّتِي. 16وَإِنِ ارْتَفَعَ رَأْسِي تَصْطَادُنِي كَأَسَدٍ ثُمَّ تَعُودُ وَتَتَجَبَّرُ عَلَيَّ! ... 20... اتْرُكْ! كُفَّ عَنِّي فَأَبْتَسِمُ قَلِيلاً.) أيوب 10: 1-20
                      وما رأيك فى كلام مقدس يتهم الرب بالجهل والضعف؟
                      (25لأَنَّ جَهَالَةَ اللهِ أَحْكَمُ مِنَ النَّاسِ! وَضَعْفَ اللهِ أَقْوَى مِنَ النَّاسِ!) كورنثوس الأولى 1: 25
                      وما رأيك فى نصوص تنفى عن الرب العلم الأزلى، وتتهمه أنه ندم؟
                      (6فَحَزِنَ الرَّبُّ أَنَّهُ عَمِلَ الإِنْسَانَ فِي الأَرْضِ وَتَأَسَّفَ فِي قَلْبِهِ. 7فَقَالَ الرَّبُّ: «أَمْحُو عَنْ وَجْهِ الأَرْضِ الإِنْسَانَ الَّذِي خَلَقْتُهُ: الإِنْسَانَ مَعَ بَهَائِمَ وَدَبَّابَاتٍ وَطُيُورِ السَّمَاءِ. لأَنِّي حَزِنْتُ أَنِّي عَمِلْتُهُمْ».) تكوين 6: 6-7،
                      وأيضاً (14فَنَدِمَ الرَّبُّ عَلَى الشَّرِّ الَّذِي قَالَ إِنَّهُ يَفْعَلُهُ بِشَعْبِهِ.) خروج 32: 14،
                      وأيضاً (وَالرَّبُّ نَدِمَ لأَنَّهُ مَلَّكَ شَاوُلَ عَلَى إِسْرَائِيلَ.) صموئيل الأول 15: 35
                      ما رأيك فى نصوص تتهم الرب المتجسد بأنه يولد كجحش الفرا فارغ عديم الفهم؟
                      (12أَمَّا الرَّجُلُ فَفَارِغٌ عَدِيمُ الْفَهْمِ وَكَجَحْشِ الْفَرَا يُولَدُ الإِنْسَانُ.) أيوب 11: 12
                      ما رأيك فى كلام يتهم الإله المتجسد بأنه باطل ولا مزية له على البهيمة؟
                      (19لأَنَّ مَا يَحْدُثُ لِبَنِي الْبَشَرِ يَحْدُثُ لِلْبَهِيمَةِ وَحَادِثَةٌ وَاحِدَةٌ لَهُمْ. مَوْتُ هَذَا كَمَوْتِ ذَاكَ وَنَسَمَةٌ وَاحِدَةٌ لِلْكُلِّ. فَلَيْسَ لِلإِنْسَانِ مَزِيَّةٌ عَلَى الْبَهِيمَةِ لأَنَّ كِلَيْهِمَا بَاطِلٌ. 20يَذْهَبُ كِلاَهُمَا إِلَى مَكَانٍ وَاحِدٍ. كَانَ كِلاَهُمَا مِنَ التُّرَابِ وَإِلَى التُّرَابِ يَعُودُ كِلاَهُمَا.) الجامعة 3: 19-20
                      لماذا لا تفكرون فى أن الله عزيز لا يقهر ولا يُهان؟
                      (28فَعَرَّوْهُ وَأَلْبَسُوهُ رِدَاءً قِرْمِزِيَّاً 29وَضَفَرُوا إِكْلِيلاً مِنْ شَوْكٍ وَوَضَعُوهُ عَلَى رَأْسِهِ وَقَصَبَةً فِي يَمِينِهِ. وَكَانُوا يَجْثُونَ قُدَّامَهُ وَيَسْتَهْزِئُونَ بِهِ قَائِلِينَ: «السَّلاَمُ يَا مَلِكَ الْيَهُودِ!» 30وَبَصَقُوا عَلَيْهِ وَأَخَذُوا الْقَصَبَةَ وَضَرَبُوهُ عَلَى رَأْسِهِ. 31وَبَعْدَ مَا اسْتَهْزَأُوا بِهِ نَزَعُوا عَنْهُ الرِّدَاءَ وَأَلْبَسُوهُ ثِيَابَهُ وَمَضَوْا بِهِ لِلصَّلْبِ.) متى 27: 28-31،
                      لماذا لا تستنكرون عنصرية الكلام المنسوب للرب فى كتابكم؟
                      (20لِلأَجْنَبِيِّ تُقْرِضُ بِرِباً وَلكِنْ لأَخِيكَ لا تُقْرِضْ بِرِباً لِيُبَارِكَكَ الرَّبُّ إِلهُكَ فِي كُلِّ مَا تَمْتَدُّ إِليْهِ يَدُكَ فِي الأَرْضِ التِي أَنْتَ دَاخِلٌ إِليْهَا لِتَمْتَلِكَهَا.) تثنية 23: 20
                      (21«لا تَأْكُلُوا جُثَّةً مَا. تُعْطِيهَا لِلغَرِيبِ الذِي فِي أَبْوَابِكَ فَيَأْكُلُهَا أَوْ يَبِيعُهَا لأَجْنَبِيٍّ لأَنَّكَ شَعْبٌ مُقَدَّسٌ لِلرَّبِّ إِلهِكَ.) تثنية 14: 21
                      (فَأَجَابَ: «لَمْ أُرْسَلْ إِلاَّ إِلَى خِرَافِ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ الضَّالَّةِ».) متى 15: 24
                      (26فَأَجَابَ: «لَيْسَ حَسَناً أَنْ يُؤْخَذَ خُبْزُ الْبَنِينَ وَيُطْرَحَ لِلْكِلاَبِ».) متى 15: 26
                      لماذا أراكم تتغافلون هذه النقاط ولا تنتقدوها، ولا تكون سبب لديكم فى رفض نبوة هؤلاء أو تهميش الكتاب الذى يحتوى على هذا التطاول على الرب أو رفضه؟

                      تعليق

                      • abubakr_3
                        مُشرِف

                        • 15 يون, 2006
                        • 849
                        • موظف
                        • مسلم

                        #26
                        رد: مناظرة مع السيد رشيد حول نبوة محمد صلى الله عليه وسلم

                        هل كان يجرؤ محمد أن يقول هذا؟
                        يعرض رشيد جملا من صموئيل الأول يخاطب قومه: (1وَقَالَ صَمُوئِيلُ لِكُلِّ إِسْرَائِيلَ: «هَئَنَذَا قَدْ سَمِعْتُ لِصَوْتِكُمْ فِي كُلِّ مَا قُلْتُمْ لِي وَمَلَّكْتُ عَلَيْكُمْ مَلِكاً. 2وَالآنَ هُوَذَا الْمَلِكُ يَمْشِي أَمَامَكُمْ. وَأَمَّا أَنَا فَقَدْ شِخْتُ وَشِبْتُ، وَهُوَذَا أَبْنَائِي مَعَكُمْ. وَأَنَا قَدْ سِرْتُ أَمَامَكُمْ مُنْذُ صِبَايَ إِلَى هَذَا الْيَوْمِ. 3هَئَنَذَا فَاشْهَدُوا عَلَيَّ قُدَّامَ الرَّبِّ وَقُدَّامَ مَسِيحِهِ: ثَوْرَ مَنْ أَخَذْتُ، وَحِمَارَ مَنْ أَخَذْتُ، وَمَنْ ظَلَمْتُ، وَمَنْ سَحَقْتُ، وَمِنْ يَدِ مَنْ أَخَذْتُ فِدْيَةً لِأُغْضِيَ عَيْنَيَّ عَنْهُ، فَأَرُدَّ لَكُمْ؟» 4فَقَالُوا: «لَمْ تَظْلِمْنَا وَلاَ سَحَقْتَنَا وَلاَ أَخَذْتَ مِنْ يَدِ أَحَدٍ شَيْئاً».) صموئيل الأول 12: 1-4
                        ثم يعلق رشيد قائلا: (إذن صموئيل طلع كلين، كما نقول طلع نظيف جدًا، قال للناس أنا شِختُ بينكم، هل أخذت من أحدكم شئ؟ لم يأخذ أى شئ منكم).
                        ثم طرح سؤاله: هل محمد كان يجرؤ أن يقول هذا الكلام؟ زوجة من أخذت؟ يأتى زيد هو الأول - قائلاً - أخذت زوجتى يا رسول الله.
                        وصفية، لو كان زوجها لسة عايش يأتى إليه ويقول أخذت زوجتى واحنا عرسان جداد هل كان محمد يستطيع أن يقول هذا؟).
                        فى الحقيقة وأنت تتكلم بهذا ظهر عليك تأثير كتابك الذى تقدسه فى هذا التحقير الذى ينسبه للمرأة، فالمرأة عبارة عن متاع ملك لزوجها، حتى لو طلقها أو مات عنها. وقد يكفيك أن تعلم أن الرب أرسل ملاكه ليكمم فم المرأة، وأسماها الشر نفسه: (وَكَانَتِ امْرَأَةٌ جَالِسَةٌ فِي وَسَطِ الإِيفَةِ. 8فَقَالَ: [هَذِهِ هِيَ الشَّرُّ]. فَطَرَحَهَا إِلَى وَسَطِ الإِيفَةِ وَطَرَحَ ثِقْلَ الرَّصَاصِ عَلَى فَمِهَا.) زكريا 5: 8
                        واعتبرت هى المسؤولة الأولى والأخيرة عن إغواء آدم، الذى فشل الشيطان فى إغوائه، ونجحت هى: (14وَآدَمُ لَمْ يُغْوَ لَكِنَّ الْمَرْأَةَ أُغْوِيَتْ فَحَصَلَتْ فِي التَّعَدِّي.) تيموثاوس الأولى 2: 14
                        حتى أعلن البابا (اينوسنسيوس الثامن) فى براءة (1484) أن الكائن البشرى والمرأة يبدوان نقيضين عنيدين "
                        وكتب أودو الكانى فى القرن الثانى عشر قائلا: (إن معانقة امرأة تعنى معانقة كيس من الزبالة).
                        وقال القديس ترتوليان: (إن المرأة مدخل الشيطان إلى نفس الإنسان ، ناقضة لنواميس الله ، مشوهة للرجل).
                        وقال الراهب الانجليزى اسكندر نكهام: (أنه نظراً لأن المرأة لا تشبع جنسيا ، فإنها غالبا ما تصطاد بائساً حقيراً لينام معها فى فراشها ليشبع نهمها إذا كان زوجها غير موجود فى لحظة شبقها. ونتيجة لذلك كان على الأزواج أن يربوا أطفالاً ليسوا أولادهم)
                        وقال القديس كلمنت السكندرى: (لا شىء مخز أو شائن عن الرجل الذى وهبه الله العقل. لكن المسألة ليست على هذا النحو بالنسبة للمرأة التى تجلب الخزى والعار، حتى عندما تفكر فى طبيعتها، وماذا عساها أن تكون).
                        وقال: (العقل أمانة عند الرجل لا يلحقه خطأ، ولا يعتريه عيب أو قصور .. أما عند المرأة فإننا نجدها بطبيعتها شيئًا مخزيًا ومخجلا حقًا). (الفيلسوف المسيحى والمرأة ص68)
                        وخاطب القديس ترتوليان النساء قائلاً: (إن أية امرأة تتحقق من وضعها كأنثى فإنها سوف تولع بحقارة الظهور، وسوف تسير مثل حواء، نادمة منتحبة لدرجة أنها بكل ما تحمله من ثياب التوبة والندم لن تكفر عمل ورثته من حواء: أعنى خزى الخطيئة الأولى، وعار الهلاك البشرى).
                        وقال ترتوليان أيضًا: (ألا تعلمن أن كل واحدة منكن هى حواء، وأن حكم الله على جنسكن مازال قائمًا حتى هذه اللحظة. وبالتالى فالجريمة قائمة: أنتن الباب المفضى إلى الشيطان، أنتن اللائى أكلن من الشجرة المحرمة – فالمرأة هى التى أغوت الرجل لا العكس، وأول من عصى الله، وخالف الشريعة الإلهية، وأطاع الشيطان، هذا الشيطان الذى لم يجد فى نفسه الشجاعة والجرأة لغواية الرجل على نحو مباشر! لكنك أنتِ، أيتها المرأة، حطمت بسهولة ويسر صورة الله التى هى الرجل .. وبسببك دخل الموت إلى العالم. وبسببك أيضًا كان لابد لابن الله أن يموت، فينبغى عليك أن تنتحبى على الدوام، مرتدية ثوب الحداد. أما الكسوة فأنا أنصحك أن لا ترتدى سوى أسمال بالية). (الفيلسوف المسيحى والمرأة ص75-76)
                        وأوضح مراده مرة أخرى قائلا: (إن المرأة مدخل الشيطان إلى نفس الإنسان ، ناقضة لنواميس الله ، مشوهة للرجل)
                        وقال القديس جروجورى ثاومتيرجس (213-270): (كلما بحثت بين النساء جميعًا عن العفة المناسبة، فإننى لا أجد منها شيئًا. إن المرء قد يجد رجلا عفيفًا بين ألف رجل. لكنه لن يجد ذلك قط بين النساء).
                        وقد بنى هؤلاء آراءهم على ما جاء فى الكتاب الذى يقدسونه، فقد جاء فى سفر الأمثال 31: 10 (10اِمْرَأَةٌ فَاضِلَةٌ مَنْ يَجِدُهَا؟ لأَنَّ ثَمَنَهَا يَفُوقُ اللَّآلِئَ.)
                        (وفى فرنسا عقد الفرنسيون فى عام 586 م ـ أى فى زمن شباب النبى محمد صلى الله عليه وسلم ـ مؤتمراً (مجمع باسون) لبحث: هل تُعد المرأة إنساناً أم غير إنسان؟ وهل لها روح أم ليس لها روح؟ وإذا كان لها روح فهل هى روح حيوانية أم روح إنسانية؟ وإذا كانت روحاً إنسانياً ، فهل هى على مستوى روح الرجل أم أدنى منها؟ وأخيراً: قرروا أنها إنسان ، ولكنها خُلِقَت لخدمة الرجل فحسب.)
                        كما قرر مجمع آخر، أن المرأة حيوان نجس ، يجب الأبتعاد عنه ، وأنه لاروح لها ولا خلود ، ولاتُلقن مبادئ الدين لأنها لاتقبل عبادتها ، ولاتدخل الجنة ، والملكوت ، ولكن يجب عليها الخدمة والعبادة، وأن يكمم فمها كالبعير، أو كالكلب العقور، لمنعها من الضحك ومن الكلام لأنها أحبولة الشيطان ".
                        وهانت عليهم المرأة فكتب لوثر يقول: (إذا تعبت النساء ، أو حتى ماتت ، فكل ذلك لا يهم ، دعهن يمتن فى عملية الولادة ، فلقد خلقن من أجل ذلك)
                        (ونص القانون المدنى الفرنسى (بعد الثورة الفرنسية) على أن القاصرين هم الصبى والمجنون والمرأة ، حتى عُدِّلَ عام 1938 ، ولا تزال فيه بعض القيود على تصرفات المرأة المتزوجة.)
                        وفى بريطانيا كان شائعاً حتى نهاية القرن العاشر قانون يعطى الزوج حق بيع زوجته وإعارتها بل وفى قتلها إذا أصيبت بمرض عضال"
                        (وأصدر البرلمان الإنجليزى قراراً فى عصر هنرى الثامن ملك إنجلترا يُحظِّر على المرأة أن تقرأ كتاب "العهد الجديد" أى الإنجيل ، لأنها تعتبر نجسة.)
                        (وظلت النساء طبقاً للقانون الإنجليزى العام ـ حتى منتصف القرن الماضى تقريباً ـ غير معدودات من "الأشخاص" أو "المواطنين" ، الذين اصطلح القانون على تسميتهم بهذا الاسم ، لذلك لم يكن لهن حقوق شخصية ، ولا حق فى الأموال التى يكتسبنها ، ولا حق فى ملكية شىء حتى الملابس التى كنَّ يلبسنها.)
                        وفى عام 1567 م صدر قرار من البرلمان الاسكوتلاندى بأن المرأة لا يجوز أن تُمنَح أى سلطة على أى شىء من الأشياء.
                        "وفى عام 1500 تشكل مجلس اجتماعى فى بريطانيا لتعذيب النساء، وابتدع وسائل جديدة لتعذيبهن، وقد أحرق الألاف منهن أحياء، وكانوا يصبون الزيت المغلى على أجسامهن لمجرد التسلية"
                        لا تعليق غير سؤال أطرحه للتفكير: تُرى كيف كان وضع هذه المرأة التى يتسلى الرجال بسكب الزيت المغلى على أجسادهن؟
                        فمتى امتلكتم المرأة وقد خلقها الله حرة مثل الرجل، تتزوج بمن تشاء، وتطلب الطلاق، وقت ما تشاء، إذا رأت استحالة العشرة مع هذا الرجل؟ فما دخل الميت بالأحياء؟ وما علاقة الكافر الميت بالمؤمنين الأحياء؟ هل تريد أن تجعل للميت أو الكافر وصاية على زوجته المؤمنة فى الدنيا؟ وهل من حق الميت أن يتحكم هذا التحكم فى زواج أرملته بعد وفاته؟
                        ولماذا لم تطبق هذا المعيار على داود الذى تزوج امرأة جاره وتعمَّد قتله حتى لا يفتضح زناه وحمل جارته سفاحًا منه؟ أليس داود أهم من صموئيل لديكم، حيث داود جاء من نسله الإله لديكم، وهو بانى أكبر دولة لليهود، ومؤسس الهيكل؟
                        ولماذا لا تطبق هذا المعيار على إلهك الذى نزل وتجسَّد من امرأة مخطوبة ليوسف النجار؟ فلماذا لم يتجسد من امرأة غير مخطوبة لرجل آخر؟ مع الأخذ فى الاعتبار أن الخطوبة بمثابة زواج فى اليهودية، ولفسخها يعطيها زوجها شهادة طلاق، فقط لا يجتمعان حميميًا؟
                        وهل تعتقد أن الرسول صلى الله عليه وسلم تزوج صفية أو زينب دون إرادتها؟ لقد تشرفت كل سيدة منهما بالزواج من رسول الله تعالى، وكل منهما تعلم أنها سيعيش على الكفاف، ولن يسمح لأى منهما بالزواج من رجل آخر، إذا طلقها الرسول أو مات عنهما. وأحوالهما بعد الزواج تدل على سعادتهما. فما دخل الموتى بالأحياء؟
                        ولماذا تكتمت أن طلاق زينب كان برغبة الاثنين؟ ألم تقرأ أن زيد استشار الرسول صلى الله عليه وسلم أكثر من مرة أن يطلقها، ويقول له الرسول: (أمسك عليك زوجك)؟ فإذا طلقها واستراح، واستراحت هى الأخرى، فهل يتبقى له حق أن يقاضى الرجل الذى يتزوجها بعده؟
                        لا. يا سيد رشيد! فقد خلق الله المرأة حرة مثل الرجل، من حقها أن تطلب الطلاق، وتتزوج بعد طلاقها بمن تريد. فلماذا تضن عليها بهذا الحق إلا بسبب تأثرك بتراثك غير المشرف عن المرأة؟
                        نعم لقد فعل هذا الرسول صلى الله عليه وسلم، ولكنك مستعد يا رشيد أن تمدح الشيطان، طالما أنه ليس بمسلم، وتذم أنبياء الله كلهم لو اقتربوا من الإسلام. فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسم شيئا، أقبل رجل فأكبّ عليه، فطعنه رسول الله صلى الله عليه وسلم بعرجون – وهو عود النخل - كان معه، فخرج الرجل، فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (تعال فاستقد -أي اقتصّ مني-)، فقال الرجل: قد عفوت يا رسول الله) رواه النسائي
                        ونادى القرآن، الذى أوحى إليه، بالعدل حتى مع الأعداء: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ ۖ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَىٰ أَلَّا تَعْدِلُوا ۚ اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) المائدة: 8
                        وأمر أن لا نكتم شهادة الحق ولو على الوالدين أو الأقربين: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَىٰ أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ ۚ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَىٰ بِهِمَا ۖ فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَىٰ أَنْ تَعْدِلُوا ۚ وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا) النساء: 135
                        قارن هذه النصوص أعلاه بالنصوص التى يدعو الرب فيها إلى العنصرية، ويتحيز فيها لبنى إسرائيل فقط دون باقى البشر!
                        (20لِلأَجْنَبِيِّ تُقْرِضُ بِرِباً وَلكِنْ لأَخِيكَ لا تُقْرِضْ بِرِباً لِيُبَارِكَكَ الرَّبُّ إِلهُكَ فِي كُلِّ مَا تَمْتَدُّ إِليْهِ يَدُكَ فِي الأَرْضِ التِي أَنْتَ دَاخِلٌ إِليْهَا لِتَمْتَلِكَهَا.) تثنية 23: 20
                        (21«لا تَأْكُلُوا جُثَّةً مَا. تُعْطِيهَا لِلغَرِيبِ الذِي فِي أَبْوَابِكَ فَيَأْكُلُهَا أَوْ يَبِيعُهَا لأَجْنَبِيٍّ لأَنَّكَ شَعْبٌ مُقَدَّسٌ لِلرَّبِّ إِلهِكَ.) تثنية 14: 21
                        (فَأَجَابَ: «لَمْ أُرْسَلْ إِلاَّ إِلَى خِرَافِ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ الضَّالَّةِ».) متى 15: 24
                        (26فَأَجَابَ: «لَيْسَ حَسَناً أَنْ يُؤْخَذَ خُبْزُ الْبَنِينَ وَيُطْرَحَ لِلْكِلاَبِ».) متى 15: 26
                        (5هَؤُلاَءِ الاِثْنَا عَشَرَ أَرْسَلَهُمْ يَسُوعُ وَأَوْصَاهُمْ قَائِلاً: «إِلَى طَرِيقِ أُمَمٍ لاَ تَمْضُوا وَإِلَى مَدِينَةٍ لِلسَّامِرِيِّينَ لاَ تَدْخُلُوا. 6بَلِ اذْهَبُوا بِالْحَرِيِّ إِلَى خِرَافِ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ الضَّالَّةِ.) متى 10: 5-6
                        أما بشأن زينب بنت جحش، فهى ابنة عم الرسول صلى الله عليه وسلم، وابنة أميمة بنت عبد المطلب عمة النبي صلى الله عليه وسلم، ويعلم بشأنها وشأن جمالها منذ الطفولة، وهذا لم يلعب معه أى دور، وقد كان يمكنه أن يتزوجها قبل زواج زيد بها. وكانت هى رافضة للزواج من زيد، لولا أمر الرسول صلى الله عليه وسلم أن تطيع أمر الله ورسوله، فتزوجته.
                        ولم يكن الوفاق يجعهما فى حياتهما سويًا، فقد كان يشتكى هو من سوء معاملتها له، ونفرته منها، وأراد أن يطلقها، وكانت هى أيضًا لا ترغب فى هذه الزيجة، لولا خوفها من عصيان أمر لله أو لرسوله. فمكثت عنده قريبًا من سنة أو فوقها، وعندما تفاقمت المشكلة وقع الطلاق. وأمر الله تعالى رسوله أن يتزوجها. وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يمنعه ناصحًا إياه أن يمسك عليه زوجته، على الرغم من أن الله تعالى أطلعه أن زيد سوف يطلق زينب، وأنه سوف يتزوجها.
                        يقول الله تعالى: (وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَراً زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولاً) الأحزاب: 37
                        وقوله تعالى: (وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ) الأحزاب: 37
                        معناه: أن النبي صلى الله عليه وسلم أخفى في نفسه ما أخبره الله به من أن زيدًا سيطلق زينب، وأنه صلى الله عليه وسلم سيتزوجها، فقال لزيد: اتق الله وأمسك عليك زوجك. مع علمه أن الطلاق سيقع لا محالة. وكان النبي صلى الله عليه وسلم يخشى أن يقول الناس: تزوج امرأة ابنه.
                        والحكمة الإلهية من ذلك هي قطع تحريم أزواج الأدعياء أي المتبنين بعد إبطال التبني نفسه، وهذا صريح في قوله تعالى: (فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَراً زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً)
                        روى البخاري في صحيحه عن أنس قال: جاء زيد بن حارثة يشكو، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يقول: اتق الله وأمسك عليك زوجك، قال أنس: لو كان رسول الله صلى الله عليه وسلم كاتمًا شيئًا لكتم هذه الآية، قال: فكانت زينب تفخر على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وتقول: (زوجكن أهليكن، وزوجني الله تعالى من فوق سبع سماوات).
                        وهذا يدل على سعادتها بالطلاق من زيد، وكانت أكثر سعادة وفخرًا بالتزوج من الرسول صلى الله عليه وسلم. فما مشكلتك يا رشيد؟ رجل سعى مرارًا فى تطليق زوجته، وهى لم تكن ترغب من الأساس فى التزوج منه، وانتهت مشكلتهما بالطلاق، وأصبح كل منهما حرًا، فتزوجها الرسول صلى الله عليه وسلم بأمر من الله، لإلغاء عادة التبنى، ولا يعتبر كائن من كان أن زيدًا ابن محمد صلى الله عليه وسلم. وعلى ذلك فهو لا يملك أن يتظلم من الرسول صلى الله عليه وسلم، لأنه لم يظلمه، وأن زواجه كان من امرأة قطع هو الصلة بها وطلقها، ومرت عدتها دون أن يفكر فى إعادتها إلى عصمته. بل المفروض أن يشكره أن خلصه من متاعب حياته معها.
                        فهل تتباكى فى شكواك هذه على حال المطلقات فى الكتاب الذى تؤمن بقدسيته؟
                        أم تحسد الإسلام على وجود الطلاق لديهم للتخلص من المشاكل الأسرية التى تنجم عن اضطرار تعايش قطبين سالبين أو موجبين تحت سقف واحد؟
                        أما بخصوص السيدة صفية بنت حيى بن أخطب زعيم يهود بنى قريظة والنضير، فقد كانت من سبايا حرب اليهود وإصرار أبيها على قتل الرسول ورفض نبوته:
                        فقد كان أبوها حيي بن أخطب زعيم اليهود، وعالم من علمائهم، كان على عِلْمٍ بأن محمدًا صلى الله عليه وسلم نبيٌّ مرسل من قِبَلِ الله منذ قدومه إلى المدينة، لكنه استكبر؛ لأن النبي من العرب، ولم يكن من اليهود، وهذه القصَّة تحكيها لنا السيدة صفيَّة بنت حيي -رضي الله عنها- قائلة: لم يكن أحد من ولد أبي وعمِّي أحبَّ إليهما منِّي، لم ألقهما في ولد لهما قطُّ أهشّ إليهما إلاَّ أخذاني دونه، فلمَّا قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم قُباء -قرية بني عمرو بن عوف- غدا إليه أبي وعمِّي أبو ياسر بن أخطب مغلِّسين [وهى ظلمة آخر الليل إذا اختلطت بضوء الصباح]، فوالله ما جاءانا إلاَّ مع مغيب الشمس، فجاءانا فاترين، كسلانين، ساقطين، يمشيان الهوينى، فهششتُ إليهما كما كنت أصنع، فوالله ما نظر إليَّ واحدٌ منهما، فسمعت عمِّي أبا ياسر يقول لأبي: أهو هو؟ قال: نعم، والله! قال: تعرفه بنَعْتِهِ وَصِفَتِهِ؟ قال: نعم والله. قال: فماذا في نفسك منه؟ قال: عداوته والله ما بَقِيتُ.
                        وذكر موسى بن عقبة عن الزهري أن أبا ياسر بن أخطب حين قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ذهب إليه وسمع منه وحادَثه، ثم رجع إلى قومه، فقال: يا قوم، أطيعوني؛ فإن الله قد جاءكم بالذي كنتم تنتظرون، فاتبعوه ولا تخالفوه.
                        فانطلق أخوه حيي بن أخطب -وهو يومئذٍ سيِّد اليهود، وهما من بني النضير- فجلس إلى رسول الله وسمع منه، ثم رجع إلى قومه، وكان فيهم مطاعًا، فقال: أتيتُ من عند رجلٍ والله لا أزال له عدوًّا أبدًا.
                        فقال له أخوه أبو ياسر: يابن أمِّ، أطعني في هذا الأمر واعصني فيما شئتَ بعده، لا تهلك.
                        قال: لا والله لا أطيعك أبدًا. واستحوذ عليه الشيطان، واتبعه قومه على رأيه [بن هشام: السيرة النبوية 1/519، 520، وابن كثير: السيرة النبوية 2/298.]
                        وكانت الحرب بين حيى بن أخطب وقومه والمسلمين، ومات أبو السيدة صفية وعمها وزوجها كفارًا، ووقعت أسيرة فى يد أحد المسلمين.
                        ولمَّا جُمِعَ السبي بعد فتح خيبر جاء دِحية الكلبي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا نبي الله، أعطني جارية من السبي. قال: "اذْهَبْ فَخُذْ جَارِيَةً". فأخذ صفية بنت حيي، فجاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا نبي الله، أعطيتَ دحية صفية بنت حيي سيدة قريظة والنضير، لا تصلح إلا لك. قال: "ادْعُوهُ بِهَا". فجاء بها، فلما نظر إليها النبي صلى الله عليه وسلم قال: "خُذْ جَارِيَةً مِنَ السَّبْيِ غَيْرَهَا". قال: فأعتقها النبي صلى الله عليه وسلم وتزوَّجها. [البخارى (364)]
                        فهل بهذا العتق وتكريمها أكثر وتزوجه بها، وهدايتها للحق الذى رفض زوجها القتيل وأبوها المخادع الكاذب الإنصياع إليه، بعد أن عرفاه ، وتأكدا منه ، ألا تعتقد أن
                        الله لو أحياه بعد ما قتل وعلم مقعده فى النار، ورأى تكريم النبى والمسلمين لزوجته وأهله، فبسبب هذه الزيجة أعتق المسلمون باقى أفراد قبيلتها، ألا تعتقد أنه سيقبِّل يد الرسول صلى الله عليه وسلم وقدميه على هذا التكريم الذى حفَّ به الرسول أرملته، ورفع قدرها، وخلصها من العبودية والذل لشخص ما، بل وهداها للحق، وتزوجها خير البشر، وإمام الأنبياء والمرسلين، بل أنقذها فى الآخرة ومن المصير الأسود الذى ناله هو وأبوها وعمها، فستكون من أهل الجنة، وزوجة الرسول صلى الله عليه وسلم بها.
                        والله لو ظل ساجدًا باقى عمره يقبل فقط قدمى الرسول صلى الله عليه وسلم على ما حبى به صفية وباقى أهل قبيلته، ما كفى هذا شكرًا لصنيعه صلى الله عليه وسلم!
                        فالإسلام يحفظ للإنسان مكانته، ولا ينقص منها بل يَزِيدها، ومَنْ كان شريفًا قبل إسلامه يزداد شرفًا بالإسلام، ومَنْ كان عزيزًا ازداد عزَّة في الإسلام، وإذا نظرنا إلى حياة السيدة صفيَّة -رضي الله عنها- قبل الإسلام وجدناها سيِّدةً في قومها، فهي ابنة أحد الزعماء المشهورين حيي بن أخطب، زعيم بني النضير، كما أنها زوجة أحد الزعماء المشهورين أيضًا وهو كنانة بن أبي الحُقَيْق.
                        وكانت صفية -رضي الله عنها- قد رأت في المنام وهي عروس بكنانة بن الربيع بن أبي الحقيق أن قمرًا وقع حجرها. فعرضتْ رؤياها على زوجها، فقال: ما هذا إلاَّ أنك تمنِّين ملك الحجاز محمدًا، فلطم وجهها لطمةً خَضِر عينها منها. فأُتِي بها رسول الله صلى الله عليه وسلم وبها أثر منه، فسألها ما هو؟ فأخبرته هذا الخبر [ابن هشام: السيرة النبوية 2/336]. وتزوَّجها النبي صلى الله عليه وسلم ولم تبلغ سبع عشرة سنة.
                        سبحان الله! لقد أراد الله أن يعطيه الإنذار الأخير للإيمان بالرسول صلى الله عليه وسلم، فأعطى رؤية لزوجته مفادها: أنه سيقتل، وسينتصر رسول الله صلى الله عليه وسلم والذين معه، وستصبح زوجته أرملة، وسيتزوجها ملك الحجاز صلى الله عليه وسلم، وبالتالى ستسلم لله، وستخبره عن أسرارهم المشينة فى رفضهم لنبى الله تعالى لهم وللثقلين جميعًا.
                        فهل تراجع؟ هل اتعظ؟ لقد أصر إذن على الموت وفقدان زوجته، وخسران الدنيا والآخرة. فما هى الحجة التى لديه ليقاضى إنسانًا تزوج أرملته بعد موته؟ وهل زواج الأرملة معيب؟ لا. فالأرملة فى الشريعة التى جاء بها يسوع، وهى نفس شريعة موسى والأنبياء، تبيح التزوج من الأرملة والمطلقة.
                        فقد بلغ صفيَّةُ أن حفصة -رضي الله عنها- قالت: بنتُ يهوديٍّ. فبكتْ، فدخل عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي تبكي، فقال: "مَا يُبْكِيَكِ؟" قالت: قالت لي حفصة بنت عمر إني ابنة يهودي. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إِنَّكِ لابْنَةُ نَبِيٍّ، وَإِنَّ عَمَّكِ لَنَبِيٌّ، وَإِنَّكِ لَتَحْتَ نَبِيٍّ، فَفِيمَ تَفْخَرُ عَلَيْكِ". ثم قال: "اتَّقِي اللهَ يَا حَفْصَةُ". [محب الدين الطبري: السمط الثمين ص207.]
                        وأقسم النبى صلى الله عليه وسلم أنها صادقة فى إخلاصها له: فعن زيد بن أسلم: أن نبي الله في وجعه الذي تُوُفي فيه، قالت صفية بنت حيي: والله يا نبي الله لوددت أن الذي بكَ بي. فغمزها أزواجه; فَأبْصَرَهُنَّ. فقال: "مَضْمَضْنَ" قُلْنَ: من أي شيء؟ قال: "مِنْ تَغَامُزِكُنَّ بِهَا، وَاللهِ إِنَّهَا لَصَادِقَةٌ". [ابن سعد: الطبقات الكبرى 2/313، وابن حجر: الإصابة في تمييز الصحابة 7/741، والذهبي: سير أعلام النبلاء 2/235.]
                        فقاتل نال جزاءه، وقتل، ودافع الله عن نبيه وحفظه، وأكرم نبى الله أرملته بأن أسلمت وتزوجها، وعاشت معه حياة هانئة أحبته فيها وأخلصت له، فربحت دنياها وآخرتها. فأين تكمن مشكلتك؟ قاتل قُتل فى الحرب، فهل تريده يقاضى من تزوج أرملته؟ وما علاقته بها بعد موته وانتهاء عقد الزواج؟
                        ولا أعرف لماذا لم يلاحظ رشيد أن الرسول صلى الله عليه وسلم تزوج من اثنتين: واحدة مطلقة، ولم تكن ترغب فى الزواج من هذا الشخص، وهى زينب وزيد، وبدأت تسىء معاملته، وبدأ هو يفاتح الرسول صلى الله عليه وسلم فى طلاقها، ويمنعه الرسول صلى الله عليه وسلم، إلى أن وقع الطلاق بعد سنة من زواجهما، ومرت أشهر عدتها دون أن يفكر زيد فى ردها، وهذا حقه دون الرجوع إليها. فهل كنت تريدها أن تظل هكذا بدون زواج إلى أن تموت؟ هل كنت تريد أن تقتلها بفكرك الكنسى الذى يحكم على المطلقة بعدم الزواج، ومن يتزوجها يكون الزواج باطل، ويكون حكم لقائهما الحميمى زنى؟
                        وفى الحالة الثانية وهو زوج صفية بنت حيى بن أخطب فقد عادى زوجها وأبوها وعمها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأصروا على قتله، فهل تريدها بعد أن قتل زوجها وأصبحت أرملة أن تظل هكذا بدون زواج للأبد عملا بقول بولس؟
                        فلماذا يشتكى زيد، هل يريد أن يخلل زوجته أو تعيش على ذكراه بعد مماته؟
                        أليس فى تشريع موسى والأنبياء من حق الأرملة أو المطلقة أن تتزوج؟
                        ولماذا يشتكى زوج صفية المقتول؟ ألا تعلم أن عقد الزواج يسرى إلى موت أحد الطرفين أو حدوث الطلاق؟ فبأى حق يشتكى أى منهما؟ أم إنك تظن أن بزواج الرجل من امرأة ما قد ملكها للأبد؟
                        (8وَلَكِنْ أَقُولُ لِغَيْرِ الْمُتَزَوِّجِينَ وَلِلأَرَامِلِ إِنَّهُ حَسَنٌ لَهُمْ إِذَا لَبِثُوا كَمَا أَنَا. 9وَلَكِنْ إِنْ لَمْ يَضْبِطُوا أَنْفُسَهُمْ فَلْيَتَزَوَّجُوا لأَنَّ التَّزَوُّجَ أَصْلَحُ مِنَ التَّحَرُّقِ. 10وَأَمَّا الْمُتَزَوِّجُونَ فَأُوصِيهِمْ لاَ أَنَا بَلِ الرَّبُّ أَنْ لاَ تُفَارِقَ الْمَرْأَةُ رَجُلَهَا. 11وَإِنْ فَارَقَتْهُ فَلْتَلْبَثْ غَيْرَ مُتَزَوِّجَةٍ أَوْ لِتُصَالِحْ رَجُلَهَا. وَلاَ يَتْرُكِ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ.) كورنثوس الأولى 7: 8-11
                        (25وَأَمَّا الْعَذَارَى فَلَيْسَ عِنْدِي أَمْرٌ مِنَ الرَّبِّ فِيهِنَّ وَلَكِنَّنِي أُعْطِي رَأْياً كَمَنْ رَحِمَهُ الرَّبُّ أَنْ يَكُونَ أَمِيناً. 26فَأَظُنُّ أَنَّ هَذَا حَسَنٌ لِسَبَبِ الضِّيقِ الْحَاضِرِ. أَنَّهُ حَسَنٌ لِلإِنْسَانِ أَنْ يَكُونَ هَكَذَا: 27أَنْتَ مُرْتَبِطٌ بِامْرَأَةٍ فَلاَ تَطْلُبْ الِانْفِصَالَ. أَنْتَ مُنْفَصِلٌ عَنِ امْرَأَةٍ فَلاَ تَطْلُبِ امْرَأَةً. 28لَكِنَّكَ وَإِنْ تَزَوَّجْتَ لَمْ تُخْطِئْ. وَإِنْ تَزَوَّجَتِ الْعَذْرَاءُ لَمْ تُخْطِئْ. وَلَكِنَّ مِثْلَ هَؤُلاَءِ يَكُونُ لَهُمْ ضِيقٌ فِي الْجَسَدِ. وَأَمَّا أَنَا فَإِنِّي أُشْفِقُ عَلَيْكُمْ.) كورنثوس الأولى 7: 25-28
                        ولطالما أنك دقيق فى مثل هذه المسائل فقط مع الإسلام، فهل فكرت فى يوم من الأيام كيف ذهب يوسف ومريم للإكتتاب وهى حامل دون أن يتم الزواج؟ هل تعرف أن عقوبة المخطوبة الحامل هو القتل؟ ولو كانت ابنة كاهن فتُحرق حية؟ وكيف أثبتت مريم براءتها وبراءة يوسف من جريمة الزنى؟ أى كيف أثبتت أنها حامل من الروح القدس؟ أين الشاهدان على كلامها؟
                        (9وَإِذَا تَدَنَّسَتِ ابْنَةُ كَاهِنٍ بِالزِّنَى فَقَدْ دَنَّسَتْ أَبَاهَا. بِالنَّارِ تُحْرَقُ.) لاويين 21: 9
                        بل لماذا اعترف يسوع (وهو الإله فى عرفك) بموسى وجاء تابعًا منفذًا للناموس والأنبياء وقد اعترف الرب أن موسى لم يك مؤمنًا ولم يتبع شرعه؟
                        (12فَقَال الرَّبُّ لِمُوسَى وَهَارُونَ: «مِنْ أَجْلِ أَنَّكُمَا لمْ تُؤْمِنَا بِي حَتَّى تُقَدِّسَانِي أَمَامَ أَعْيُنِ بَنِي إِسْرَائِيل لِذَلِكَ لا تُدْخِلانِ هَذِهِ الجَمَاعَةَ إِلى الأَرْضِ التِي أَعْطَيْتُهُمْ إِيَّاهَا».) العدد 20: 13
                        ولماذا يعترف يسوع بكتب الأنبياء وهو قد قال عنهم إنهم لصوص؟
                        (8جَمِيعُ الَّذِينَ أَتَوْا قَبْلِي هُمْ سُرَّاقٌ وَلُصُوصٌ وَلَكِنَّ الْخِرَافَ لَمْ تَسْمَعْ لَهُمْ.) يوحنا 10: 8
                        ولماذا يتجسد الرب من عائلة تشين الرب ولا ترفع من قدره؟ فمنهم الزانى والكافر، بل جاء يسوع من نسل زناة، وكان فى سلسلة نسبه أربع زانيات. ألم يأتى نسب يسوع من فارص ابن يهوذا من زوجة ابنيه ثامار؟ ألم يأتى نسبه من سليمان ابن ثامار أرملة أوريا الحثى الذى قتله داود لحمل زوجته منه أثناء نشوب حرب بينهم وبين أعدائهم؟ ألم يأتى يسوع من نسل راحاب الزانية؟ ومن لوط أنجبت ابنته الصغرى عمُّون، ومن نسل عمُّون جاءت نعمة العمونية زوجة الملك سليمان وأم ابنه الملك رحبعام، والذى جاء يسوع كإله متجسد من نسلهم.
                        أليست كل هذه دوافع تجعله يمرض بداء العظمة حتى دفعته أن يقول:
                        (اَلَّذِي رَآنِي فَقَدْ رَأَى الآبَ) يوحنا 14: 9
                        (10أَلَسْتَ تُؤْمِنُ أَنِّي أَنَا فِي الآبِ وَالآبَ فِيَّ؟ ...) يوحنا 14: 10
                        (أَنَا هُوَ الرَّاعِي الصَّالِحُ وَالرَّاعِي الصَّالِحُ يَبْذِلُ نَفْسَهُ عَنِ الْخِرَافِ.) يوحنا 10: 11
                        (أَنَا هُوَ الطَّرِيقُ وَالْحَقُّ وَالْحَيَاةُ. لَيْسَ أَحَدٌ يَأْتِي إِلَى الآبِ إِلاَّ بِي.) يوحنا 14: 6
                        (8أَنَا هُوَ الأَلِفُ وَالْيَاءُ، الْبَِدَايَةُ وَالنِّهَايَةُ، يَقُولُ الرَّبُّ الْكَائِنُ وَالَّذِي كَانَ وَالَّذِي يَأْتِي، الْقَادِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ.) رؤيا يوحنا 1: 8
                        (11قَائِلاً: «أَنَا هُوَ الأَلِفُ وَالْيَاءُ. الأَوَّلُ وَالآخِرُ. ...) رؤيا يوحنا 1: 11
                        (أَنَا هُوَ خُبْزُ الْحَيَاةِ. مَنْ يُقْبِلْ إِلَيَّ فلاَ يَجُوعُ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِي فلاَ يَعْطَشُ أَبَداً) يوحنا 6: 35
                        (أَنَا هُوَ الْخُبْزُ الَّذِي نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ) يوحنا 6: 41
                        (51أَنَا هُوَ الْخُبْزُ الْحَيُّ الَّذِي نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ. إِنْ أَكَلَ أَحَدٌ مِنْ هَذَا الْخُبْزِ يَحْيَا إِلَى الأَبَدِ. وَالْخُبْزُ الَّذِي أَنَا أُعْطِي هُوَ جَسَدِي الَّذِي أَبْذِلُهُ مِنْ أَجْلِ حَيَاةِ الْعَالَمِ)يوحنا 6: 51
                        (أَنَا هُوَ نُورُ الْعَالَمِ. مَنْ يَتْبَعْنِي فلاَ يَمْشِي فِي الظُّلْمَةِ بَلْ يَكُونُ لَهُ نُورُ الْحَيَاةِ) يوحنا 8: 12
                        (الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنِّي أَنَا بَابُ الْخِرَافِ.) يوحنا 10: 7
                        (أَنَا هُوَ الْقِيَامَةُ وَالْحَيَاةُ. مَنْ آمَنَ بِي وَلَوْ مَاتَ فَسَيَحْيَا) يوحنا 11: 25
                        ووصل داء جنون العظمة عنده أنه أراد أن يهلك المدعوين فى عرس قانا، فحوَّل الماء الطيب إلى خمر مهلك: (1الخمرُ مُجونٌ والسُّكْرُ عَربَدَةٌ، ومَنْ يَهيمُ بِهِما فلا حِكمةَ لهُ.) أمثال 20: 1 الترجمة العربية المشتركة
                        ورفض أن يعالج ابنة المرأة الكنعانية على أساس العنصرية وأنه لا يستحق الحياة أو العلاج إلا أبناء إسرائيل، الذى فضل يسوع/يهوه أن يتجسد من نسلهم: (26فَأَجَابَ: «لَيْسَ حَسَناً أَنْ يُؤْخَذَ خُبْزُ الْبَنِينَ وَيُطْرَحَ لِلْكِلاَبِ».) متى 15: 26، إلا أنه عالجها فى النهاية عندما أفحمته بردها. وهو أمر ينفى عنه الألوهية، لأنه لم يكن يعرف أن الكلاب تأكل من فوتات المائدة، لكن ما أعجبه وأرضاه هو اعتراف المرأة أنها من الكلاب التى تجلس تحت المائدة تنتظر ما يقذف به سيد من الأسياد، وأنه من الأسياد التى تجلس على المائدة، والذى قد يتحنن ويتنازل عن جزء من مرض العظمة فيرمى لها بكسرة خبز، قد تقيم حياتها لتظل قابعة تحت المنضدة إرضاءً لجنون عظمته.
                        وقبل أن يتميز على الناس كلها بما سكبته العاهرة (لوقا 7: 37) عليه من طيب كثير الثمن، يصل إلى 300 دينار: (3وَفِيمَا هُوَ فِي بَيْتِ عَنْيَا فِي بَيْتِ سِمْعَانَ الأَبْرَصِ وَهُوَ مُتَّكِئٌ جَاءَتِ امْرَأَةٌ مَعَهَا قَارُورَةُ طِيبِ نَارِدِينٍ خَالِصٍ كَثِيرِ الثَّمَنِ. فَكَسَرَتِ الْقَارُورَةَ وَسَكَبَتْهُ عَلَى رَأْسِهِ. 4وَكَانَ قَوْمٌ مُغْتَاظِينَ فِي أَنْفُسِهِمْ فَقَالُوا: «لِمَاذَا كَانَ تَلَفُ الطِّيبِ هَذَا؟ 5لأَنَّهُ كَانَ يُمْكِنُ أَنْ يُبَاعَ هَذَا بِأَكْثَرَ مِنْ ثَلاَثِمِئَةِ دِينَارٍ وَيُعْطَى لِلْفُقَرَاءِ». وَكَانُوا يُؤَنِّبُونَهَا.) مرقس 14: 3-5
                        ألا يمكننا أن نفكر هذا التفكير المريض، الذى ابتليت به؟ ألا ترمينا بما تعانى منه؟ أليس هذا تفكير الغرب فى يسوع، والكتب والرسائل التى تنسب إليه، ففضلوا العلمانية والكفر عن هذا الإله وكتبه؟
                        وإلى هنا نكون قد انتهينا من النقطة الثانية والخاصة بالمكاسب الشخصية التى تتعلق بمدعى النبوة، وعلمنا أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يحقق أى مكاسب دنيوية من توليه النبوة، لا فى مجال النساء، ولا فى المال، ولا فى الجاه، بل كانت حياته كلها قمة التواضع والتقشف. كما رددنا على الفهم الخاطىء أو المتعمَّد والذى يدعون فيه بأن الرسول كان يعانى من مرض جنون العظمة، وذلك عندما فشلوا أن يجدوا له مبررًا يجوزون فيه ما يفترونه عليه من ادعاء للنبوة. وننتقل إلى النقطة الثالثة
                        * * *
                        غ 3- الشهادات الخارجية
                        وخلاصة ما قاله رشيد فى هذا الموضوع أن جبريل نزل للرسول صلى الله عليه وسلم أول مرة ولم يذكر أن الله أرسله إليه، مقارنة بما حدث لموسى فقد كلمه الله فعرف منه أنه مرسل من الله. فكيف عرف محمد أن الذى أتاه فى غار حراء هو وحى الرب وملاكه؟ وعلى هذا يعتبر الكتاب المقدس قد أتته شهادة ربانية على صدقه بخلاف نبى الله محمد صلى الله عليه وسلم.
                        أولا: هل لم يعرف الرسول صلى الله عليه وسلم من أتاه؟ وهل لم يعرفه جبريل من هو ومن عند من جاءه؟ وهل لم يعلمه وظيفته المستقبلية؟
                        فى الحقيقة الإجابة على هذه الأسئلة الثلاثة هى (بلى). لقد كذب رشيد فى ادعائه، ولا ينتظر منه غير ذلك، فما رأيته مرة صادقًا فيما قرأ، ولا علمته فاهمًا لما رأى، وما رأيته فاحصًا لما سمع، ولا أمينًا فيما علم. فلو عصرته لأنزلت منه أطنان من الحقد على الإسلام ورسوله صلى الله عليه وسلم، حتى لتدرك وأنت تقرأ له، أنه لا يريد أن يكون محمدًا صلى الله عليه وسلم رسولا، ولا يتمنى أن يسمع له اسمًا، ولا يتمنى له إلا كل شرور الحياة.
                        (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (6) خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (7)) البقرة: 6-7
                        وعملا بنصيحة الله لرسوله والمؤمنين: (فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ وَلَا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) المائدة: 13

                        تعليق

                        • abubakr_3
                          مُشرِف

                          • 15 يون, 2006
                          • 849
                          • موظف
                          • مسلم

                          #27
                          رد: مناظرة مع السيد رشيد حول نبوة محمد صلى الله عليه وسلم

                          ما هى شهادة الرب لموسى؟
                          فى الحقيقة لا أعلم قيمة هذه المقارنة من السيد رشيد. فحتى لو صدق فيما قال، فهل لم يعلم أن موسى اتهمه الرب بأنه لم يك مؤمنًا كما أنه خان الرب ولم يقدسه؟
                          (51لأَنَّكُمَا خُنْتُمَانِي فِي وَسَطِ بَنِي إِسْرَائِيل عِنْدَ مَاءِ مَرِيبَةِ قَادِشَ فِي بَرِّيَّةِ صِينٍ إِذْ لمْ تُقَدِّسَانِي فِي وَسَطِ بَنِي إِسْرَائِيل.) تثنية 32: 51
                          (12فَقَال الرَّبُّ لِمُوسَى وَهَارُونَ: «مِنْ أَجْلِ أَنَّكُمَا لمْ تُؤْمِنَا بِي حَتَّى تُقَدِّسَانِي أَمَامَ أَعْيُنِ بَنِي إِسْرَائِيل لِذَلِكَ لا تُدْخِلانِ هَذِهِ الجَمَاعَةَ إِلى الأَرْضِ التِي أَعْطَيْتُهُمْ إِيَّاهَا».) العدد 20: 13
                          ولم يتبع شريعة الرب فلم يختن ابنه: (21وَقَالَ الرَّبُّ لِمُوسَى: «عِنْدَمَا تَذْهَبُ لِتَرْجِعَ إِلَى مِصْرَ انْظُرْ جَمِيعَ الْعَجَائِبِ الَّتِي جَعَلْتُهَا فِي يَدِكَ وَاصْنَعْهَا قُدَّامَ فِرْعَوْنَ. وَلَكِنِّي أُشَدِّدُ قَلْبَهُ حَتَّى لاَ يُطْلِقَ الشَّعْبَ. 22فَتَقُولُ لِفِرْعَوْنَ: هَكَذَا يَقُولُ الرَّبُّ: إِسْرَائِيلُ ابْنِي الْبِكْرُ. 23فَقُلْتُ لَكَ: أَطْلِقِ ابْنِي لِيَعْبُدَنِي فَأَبَيْتَ أَنْ تُطْلِقَهُ. هَا أَنَا أَقْتُلُ ابْنَكَ الْبِكْرَ». 24وَحَدَثَ فِي الطَّرِيقِ فِي الْمَنْزِلِ أَنَّ الرَّبَّ الْتَقَاهُ وَطَلَبَ أَنْ يَقْتُلَهُ. 25فَأَخَذَتْ صَفُّورَةُ صَوَّانَةً وَقَطَعَتْ غُرْلَةَ ابْنِهَا وَمَسَّتْ رِجْلَيْهِ. فَقَالَتْ: «إِنَّكَ عَرِيسُ دَمٍ لِي».) خروج 4: 24-26
                          وماذا تفيد هذه المقارنة، التى تجريها، وما قيمتها، حيث يقر إلهك أن موسى لم يكن مؤمنًا، ولم يقدسه، بل كان من اللصوص، بل يتهمه موسى فى كتابه أنه هو الذى أمره بسرقة حلى المصريين أثناء خروجهم من مصر ؟
                          (21وَأُعْطِي نِعْمَةً لِهَذَا الشَّعْبِ فِي عُِيُونِ الْمِصْرِيِّينَ. فَيَكُونُ حِينَمَا تَمْضُونَ أَنَّكُمْ لاَ تَمْضُونَ فَارِغِينَ. 22بَلْ تَطْلُبُ كُلُّ امْرَأَةٍ مِنْ جَارَتِهَا وَمِنْ نَزِيلَةِ بَيْتِهَا أَمْتِعَةَ فِضَّةٍ وَأَمْتِعَةَ ذَهَبٍ وَثِيَاباً وَتَضَعُونَهَا عَلَى بَنِيكُمْ وَبَنَاتِكُمْ. فَتَسْلِبُونَ الْمِصْرِيِّينَ) خروج 3: 21-22
                          (35وَفَعَلَ بَنُو إِسْرَائِيلَ بِحَسَبِ قَوْلِ مُوسَى. طَلَبُوا مِنَ الْمِصْرِيِّينَ أَمْتِعَةَ فِضَّةٍ وَأَمْتِعَةَ ذَهَبٍ وَثِيَاباً. 36وَأَعْطَى الرَّبُّ نِعْمَةً لِلشَّعْبِ فِي عُِيُونِ الْمِصْرِيِّينَ حَتَّى أَعَارُوهُمْ. فَسَلَبُوا الْمِصْرِيِّينَ.) خروج 12: 35-36
                          وجاء يسوع وسمَّاه لصًا، ولم يستثنى نبيًا: (8جَمِيعُ الَّذِينَ أَتَوْا قَبْلِي هُمْ سُرَّاقٌ وَلُصُوصٌ وَلَكِنَّ الْخِرَافَ لَمْ تَسْمَعْ لَهُمْ.) يوحنا 10: 8
                          كما قال عن إبراهيم إنه لم يكلم قومه بالحق الذى سمعه من الله: (40وَلَكِنَّكُمُ الآنَ تَطْلُبُونَ أَنْ تَقْتُلُونِي وَأَنَا إِنْسَانٌ قَدْ كَلَّمَكُمْ بِالْحَقِّ الَّذِي سَمِعَهُ مِنَ اللَّهِ. هَذَا لَمْ يَعْمَلْهُ إِبْرَاهِيمُ.) يوحنا 8: 40
                          يا سيد رشيد! والله لو أنصفت، لما ذكرت نقطة واحدة من هذا الكتاب الذى تعتبره مقدسًا، ولتواريت وأنت تذكره! أخبرنى الآن: ما قيمة هذه المقارنة غير المنصفة لك؟
                          لقد كذبت يا رشيد فيما كتبت عنه. لقد علم رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يذهب إلى خديجة، وقبل أن يزف إليه العالم العابد ورقة بن نوفل خبر أنه رسول الله الذى كانوا فى انتظاره، وأن الملك الذى جاءه هو جبريل عليه السلام الذى كان يأتى موسى عليه السلام.
                          لقد بدأ التمهيد لتولى الرسول صلى الله عليه وسلم منذ ولادته، فمعرفة اليهود له، ومحاولة أحدهم قتله، ورؤية أمه عندولادته أنه خرج منها نور أضاء البيت والدار وقصور الشام، وتأكيد الراهب بحيرا أثناء سفره مع عمه فى تجارة، والرؤيا الصالحة، فقد كان لا يرى رؤيا إلا وجاءت مثل فلق الصبح، وتسليم الحجر عليه: فقد كان النبي إذا خرج لحاجته ابتعد حتى لا يرى بيتًا، ويفضي إلى الشعاب وبطون الأودية من أجل أن يقضي حاجته، قال: فلا يمر بحجرٍ ولا شجرٍ إلا قال له: "السلام عليك يا رسول الله"، يسمع صوت "السلام عليك يا رسول الله"، فكان يلتفت عن يمينه وعن شماله ومن خلفه فلا يرى أحدًا. وكانت هذه أيضًا من تباشير النبوة، أن يُلقى صوتٌ في أذنه أن: "السلام عليك يا رسول الله" دون أن يرى أثرًا أو أن يرى أحدًا. ويؤيِّد هذا ما جاء في الحديث الصحيح: (إني لأعرف حجراً كان يسلم علي قبل أن أبعث إني لأعرفه الآن) [صحيح عن سمرة بن جندب رضي الله عنه]
                          لقد مهده الله تعالى إذن لتلقى الرسالة، وأعلمه بصورة غير مباشرة أنه سيكون رسوله. فهل صدق الرسول كل هذه الحكايات عن اليهود وغيرهم؟ أم تحفظ فى فهم الموضوع على هذا النحو؟ ويؤخذ فى الاعتبار أنه توجد روايات وأحاديث تذكر إبلاغ جبريل عليه السلام للرسول أنه رسول الله من أول لقاء، وهناك روايات وأحاديث تجعلها فى اللقاء الثانى وقت تكليفه بإنذار عشيرته الأقربين.
                          قال النبي صلى الله عليه وسلم: «فجاءني جبريل وأنا نائم بنمط من ديباج فيه كتاب، فقال: اقرأ؟ فقلت: ما أقرأ؟ فغتني [أى عصرنى عصرًا شديدًا] حتى ظننت أنه الموت، ثم أرسلني، فقال: اقرأ، قال: قلت: ما أقرأ؟ قال: فغتني به، حتى ظننت أنه الموت، ثم أرسلني، فقال: اقرأ، قال: قلت: ما اقرأ؟ قال: فغتني به، حتى ظننت أنه الموت، ثم أرسلني، فقال: اقرأ، قال: فقلت: ما أقرأ؟ ما أقول ذلك إلا افتداء منه أن يعود لي بمثل ما صنع بي، فقال: (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4) عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ (5)) (العلق)، قال: فقرأتها، ثم انتهى، فانصرف عني، وهببت من نومي، فكأنما كتبت في قلبي كتابا. قال: فخرجت حتى إذا كنت في وسط من الجبل سمعت صوتا من السماء يقول: يا محمد أنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنا جبريل، قال: فرفعت رأسي إلى السماء أنظر، فإذا جبريل رجل صاف قدميه في أفق السماء يقول: يا محمد، أنت رسول الله وأنا جبريل، قال: فوقفت أنظر إليه فما أتقدم وما أتأخر. وجعلت أصرف وجهي عنه في آفاق السماء، قال: فلا أنظر في ناحية منها إلا رأيته كذلك، فما زلت واقفا ما أتقدم أمامي، وما أرجع ورائي حتى بعثت خديجة رسلها في طلبي، فبلغوا أعلى مكة، ورجعوا إليها، وأنا واقف في مكاني ذلك، ثم انصرف عني». [إسناده قوي: ذكره ابن هشام في السيرة النبوية، تحقيق: محمد بيومي، مكتبة الإيمان، مصر، ط1، 1416هـ/ 1995م، (1/ 149، 150). وقوى إسناده الألباني في صحيح السيرة النبوية، المكتبة الإسلامية، الأردن، ط1، (1/ 87).]
                          وقيل فى رواية أخرى أن جبريل عليه السلام ظهر فى وقت آخر بعد فترة من الوقت اختلفوا فى تحديدها، وأمره أن يقوم وينذر عشيرته الأقربين وأعلمه أنه رسول الله، وأن من يحدثه هو جبريل. وبالطبع قد علم من ورقة بن نوفل أن الذى جاءه أول مرة هو ملاك الله جبريل، الناموس الذى كان يأتى موسى من قبل، وكان ممهدًا لرؤيته مرة أخرى. لكن لم يعلمه جبريل إلا فى اللحظة التى كلفها فيها بالرسالة وإنذار عشيرته الأقربين، وكان هذا اللقاء الثانى.
                          فلو أخذنا بالحديث الأول، فلن يكون هناك أدنى داع لسؤالك ومقارنتك. ولو أخذنا بالمفهوم الثانى الذى تتبناه أنت، وأنه أبلغه فى اللقاء الثانى، فلن يكون لديك أيضًا أدنى حجة فيما ذكرت، فقد عرف النبى صلى الله عليه وسلم من الذى يكلمه، وما هى رسالته. فقد كانت رسالته الأولى أن يؤمن بالله، وأن يستفتح كل عمل له بالله، الخالق، الأكرم، الذى علم الإنسان ما لم يعلم.
                          وهذا يذكرنى بما قاله أخوه عيسى عليهما الصلاة والسلام: (39لأَنِّي أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّكُمْ لاَ تَرَوْنَنِي مِنَ الآنَ حَتَّى تَقُولُوا: مُبَارَكٌ الآتِي بِاسْمِ الرَّبِّ!».) متى 23: 39
                          ناهيك عن إيمان العرب بالله، وأنهم كانوا يعبدون الأصنام لتقربهم إلى الله. فاسم الله كان عندهم معلوم، فعندما يقول له ملاك الرب: (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ)، أى باسم الله ستتلو، وباسمه ستتعلم، فهو الله الخالق العلم بكل شىء.
                          لقد كان موسى عليه السلام من بنى إسرائيل، وكان مؤمنًا ابن وحفيد مؤمنين، عرفوا النبوة وملاك الله الذى ينزل إلى الأنبياء، فلم يتبق إلا تحميل الله رسالته له، لينفذها مع فرعون.
                          أما محمد صلى الله عليه وسلم، فلم يكن لديه علم بالأنبياء والرسل، ونزول ملاك الله جبريل عليه السلام، والأشكال التى ينزل بها، وغير ذلك من صفات الله سبحانه. فكان ما حدث أن تعرف الرسول فى المرة الأولى بعد أن ذهب الروع عنه، على طبيعة هذا الحدث، وهدأ وأصبح ممهدًا لتقبل الرسالة. فجاءه جبريل وأخبره أنه رسول الله ونزل بالآيات التى تكلفه برسالته: (يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (1) قُمْ فَأَنْذِرْ (2) وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ (3) وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ (4) وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ (5) وَلَا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ (6) وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ (7) فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ (8) فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ (9) عَلَى الْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ (10)) المدثر
                          وبمقارنتك هذه يمكننا أن نقوم بنفس الشىء، ونسألك: هل كرم الله تعالى موسى عليه السلام ومهده لتلقى النبوة أو أعلمه أنه سيكون رسول الله، كما فعل مع محمد؟ لكننى سألتزم تعاليم رسول الله صلى الله عليه وسلم ولن أقوم بمقارنة. فنحن نحب كل أنبياء الله ونجلهم، ولا نفضل أحدًا منهم على الآخر.
                          (آَمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آَمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ) البقرة: 285
                          وبذلك كانت هذه شهادة ربانية على نبوة الرسول صلى الله عليه وسلم، واستمرت هذه الشهادة 23 سنة، يوحى الله فيها إلى نبيه رسالته للعالمين، واستمرت الشهادات الربانية تتحدى المكذبين أن يأتوا بسورة من مثله إلى الآن. وهذه الشهادات تشهد أن الله تعالى أوحى إليه هذا الكتاب، وأنه أرسله للناس كافة:
                          قال الله تعالى: (إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَىٰ نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ ۚ وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَعِيسَىٰ وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ ۚ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا) النساء: 163
                          وقال سبحانه: (نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَٰذَا الْقُرْآنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ) يوسف: 3
                          وقال جل شأنه: (كَذَٰلِكَ أَرْسَلْنَاكَ فِي أُمَّةٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهَا أُمَمٌ لِتَتْلُوَ عَلَيْهِمُ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ ...) الرعد: 30
                          وقال جل وعلا: (وَكَذَٰلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَىٰ وَمَنْ حَوْلَهَا وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لَا رَيْبَ فِيهِ ...) الشورى: 7
                          وقال سبحانه وتعالى: (مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَىٰ) طه: 2
                          وقال تعالى: (وَلَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ ۖ وَمَا يَكْفُرُ بِهَا إِلَّا الْفَاسِقُونَ) البقرة: 99
                          وقال الرحمن: (إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ ۚ وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا) النساء: 105
                          وقال الخالق: (إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ) الزمر: 2
                          وقال البارىء: (إِنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ لِلنَّاسِ بِالْحَقِّ ۖ فَمَنِ اهْتَدَىٰ فَلِنَفْسِهِ ۖ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا ۖ وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ) الزمر: 41
                          وقال القدوس: (وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ ۙ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) النحل: 64
                          وقال الحق: (تَبَارَكَ الَّذِي نزلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا) الفرقان: 1
                          وقال الغفور: (فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنَا ۚ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) التغابن: 8
                          وقال الجبَّار: (إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا ۖ وَلَا تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ) البقرة: 119
                          وقال الودود: (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ ۖ وَمَنْ تَوَلَّىٰ فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا) النساء: 80
                          وقال العزيز: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا) الأحزاب: 45
                          وقال الملك: (إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا ۚ وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ) فاطر: 24
                          وقال السلام: (وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ ۗ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا) الإسراء: 105
                          وقال المهيمن: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ * وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * قُلْ لَكُمْ مِيعَادُ يَوْمٍ لا تَسْتَأْخِرُونَ عَنْهُ سَاعَةً وَلا تَسْتَقْدِمُونَ) سبأ: 28-30
                          وقال الغفار: (قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا) الأعراف: 158
                          وهناك آيات أخرى تشير إلى حقيقة إرسال الله تعالى رسوله بالحق والنور إلى الثقلين، ناهيك عن الأحاديث.
                          إذن فالنقطة التى أثارها السيد رشيد خاطئة وليس فى محلها، فقد أعلن جبريل عليه السلام فى اللقاء الأول مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه رسول الله، أو فى اللقاء الثانى بعد أن مهده لاستيعاب الحدث الأول، وتركه يشتاق لرؤياه مرة أخرى، ثم أعلمه بحقيقة الأمر، وأنه رسول الله تعالى، وأمره بالرسالة الأولى، وهى اخبار عشيرته الأقربين. وتوالت تأكيدات الله تعالى على رسوله صلى الله عليه وسلم أنه رسوله، وأن القرآن يوحى إليه ليبلغه للعالمين.
                          ما هو اسم الإله الذى كلم موسى من وسط العليقة؟
                          أما ادعائه الشهادة الربانية مع موسى، فأفضل أن نقرأها فى مصدرها: (1وَأَمَّا مُوسَى فَكَانَ يَرْعَى غَنَمَ يَثْرُونَ حَمِيهِ كَاهِنِ مِدْيَانَ فَسَاقَ الْغَنَمَ إِلَى وَرَاءِ الْبَرِّيَّةِ وَجَاءَ إِلَى جَبَلِ اللهِ حُورِيبَ. 2وَظَهَرَ لَهُ مَلاَكُ الرَّبِّ بِلَهِيبِ نَارٍ مِنْ وَسَطِ عُلَّيْقَةٍ فَنَظَرَ وَإِذَا الْعُلَّيْقَةُ تَتَوَقَّدُ بِالنَّارِ وَالْعُلَّيْقَةُ لَمْ تَكُنْ تَحْتَرِقُ! 3فَقَالَ مُوسَى: «أَمِيلُ الآنَ لأَنْظُرَ هَذَا الْمَنْظَرَ الْعَظِيمَ. لِمَاذَا لاَ تَحْتَرِقُ الْعُلَّيْقَةُ؟» 4فَلَمَّا رَأَى الرَّبُّ أَنَّهُ مَالَ لِيَنْظُرَ نَادَاهُ اللهُ مِنْ وَسَطِ الْعُلَّيْقَةِ وَقَالَ: «مُوسَى مُوسَى». فَقَالَ: «هَئَنَذَا». 5فَقَالَ: «لاَ تَقْتَرِبْ إِلَى هَهُنَا. اخْلَعْ حِذَاءَكَ مِنْ رِجْلَيْكَ لأَنَّ الْمَوْضِعَ الَّذِي أَنْتَ وَاقِفٌ عَلَيْهِ أَرْضٌ مُقَدَّسَةٌ». 6ثُمَّ قَالَ: «أَنَا إِلَهُ أَبِيكَ إِلَهُ إِبْرَاهِيمَ وَإِلَهُ إِسْحَاقَ وَإِلَهُ يَعْقُوبَ». فَغَطَّى مُوسَى وَجْهَهُ لأَنَّهُ خَافَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى اللهِ. ..... 11فَقَالَ مُوسَى لِلَّهِ: «مَنْ أَنَا حَتَّى أَذْهَبَ إِلَى فِرْعَوْنَ وَحَتَّى أُخْرِجَ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ مِصْرَ؟» 12فَقَالَ: «إِنِّي أَكُونُ مَعَكَ وَهَذِهِ تَكُونُ لَكَ الْعَلاَمَةُ أَنِّي أَرْسَلْتُكَ: حِينَمَا تُخْرِجُ الشَّعْبَ مِنْ مِصْرَ تَعْبُدُونَ اللهَ عَلَى هَذَا الْجَبَلِ». 13فَقَالَ مُوسَى لِلَّهِ: «هَا أَنَا آتِي إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ وَأَقُولُ لَهُمْ: إِلَهُ آبَائِكُمْ أَرْسَلَنِي إِلَيْكُمْ. فَإِذَا قَالُوا لِي: مَا اسْمُهُ؟ فَمَاذَا أَقُولُ لَهُمْ؟» 14فَقَالَ اللهُ لِمُوسَى: «أَهْيَهِ الَّذِي أَهْيَهْ». وَقَالَ: «هَكَذَا تَقُولُ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ: أَهْيَهْ أَرْسَلَنِي إِلَيْكُمْ». 15وَقَالَ اللهُ أَيْضاً لِمُوسَى: «هَكَذَا تَقُولُ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ: يَهْوَهْ إِلَهُ آبَائِكُمْ إِلَهُ إِبْرَاهِيمَ وَإِلَهُ إِسْحَاقَ وَإِلَهُ يَعْقُوبَ أَرْسَلَنِي إِلَيْكُمْ. هَذَا اسْمِي إِلَى الأَبَدِ وَهَذَا ذِكْرِي إِلَى دَوْرٍ فَدَوْرٍ. 16اِذْهَبْ وَاجْمَعْ شُيُوخَ إِسْرَائِيلَ وَقُلْ لَهُمُ: الرَّبُّ إِلَهُ آبَائِكُمْ إِلَهُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ ظَهَرَ لِي قَائِلاً: إِنِّي قَدِ افْتَقَدْتُكُمْ وَمَا صُنِعَ بِكُمْ فِي مِصْرَ. ..... فَيَكُونُ حِينَمَا تَمْضُونَ أَنَّكُمْ لاَ تَمْضُونَ فَارِغِينَ. 22بَلْ تَطْلُبُ كُلُّ امْرَأَةٍ مِنْ جَارَتِهَا وَمِنْ نَزِيلَةِ بَيْتِهَا أَمْتِعَةَ فِضَّةٍ وَأَمْتِعَةَ ذَهَبٍ وَثِيَاباً وَتَضَعُونَهَا عَلَى بَنِيكُمْ وَبَنَاتِكُمْ. فَتَسْلِبُونَ الْمِصْرِيِّينَ».) الخروج 3: 1-22
                          ومن النص أعلاه نفهم أن هذا الإله الذى ظهر لموسى هو إله إبراهيم وإسحاق ويعقوب، وأن اسمه يهوه (هو الذى هو)، وأغرى موسى وبنى إسرائيل على الخروج من مصر، وأنهم قبيل الخروج سيسرقون حلى المصريين بخدعة رسمها الرب له.
                          وهل (هو الذى هو) اسم علم يُعرف به؟ إنها لا تعنى اسم، ولكنها تعنى تأكيد على أن هو هو نفس الذى نتكلم عنه، فإذا كان الرب مخاطب هنا، فمن هذا (هو الذى هو) الغائب؟ إنه التحريف المتعمد لليهود لإخفاء اسم الرب. ألم يأت يسوع مظهرًا اسم الرب بعد أن أخفوه؟ ألم يعلمهم اسم الرب بعد أن جهلوه؟
                          (6«أَنَا أَظْهَرْتُ اسْمَكَ لِلنَّاسِ الَّذِينَ أَعْطَيْتَنِي مِنَ الْعَالَمِ.) يوحنا 17: 6
                          (وَهَؤُلاَءِ عَرَفُوا أَنَّكَ أَنْتَ أَرْسَلْتَنِي. 26وَعَرَّفْتُهُمُ اسْمَكَ وَسَأُعَرِّفُهُمْ لِيَكُونَ فِيهِمُ الْحُبُّ الَّذِي أَحْبَبْتَنِي بِهِ وَأَكُونَ أَنَا فِيهِمْ) يوحنا 17: 25-26
                          وعلى هذا فقد أخفى الرب اسمه، كما تقول النصوص، ورفض الإفصاح عنه، وبالتالى تنقصه الشهادة الربانية التى تكلمت عنها يا رشيد.
                          وموسى لم يكن يعرف اسم هذا الإله، لذلك سأله عن اسمه، والغريب أن يوهمه الرب أنه إله إبراهيم وإسحاق ويعقوب، على الرغم من قول الرب إنه لم يُعرف بهذا الاسم عند آباء وأجداد موسى: (3وَأَنَا ظَهَرْتُ لإِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ بِأَنِّي الْإِلَهُ الْقَادِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ. وَأَمَّا بِاسْمِي «يَهْوَهْ» فَلَمْ أُعْرَفْ عِنْدَهُمْ.) خروج 6: 3
                          والغريب أن موسى من بنى إسرائيل الذى عرفوا الرب والأنبياء، فهل كل هؤلاء عبدوا إلهًا مجهول الاسم، ولم يعرفه موسى بعد كل هذا العمر من تاريخ الأنبياء وبنى إسرائيل؟
                          وأدعوك يا سيد رشيد إلى تتدبر قول الرب لموسى (فَإِذَا قَالُوا لِي: مَا اسْمُهُ؟ فَمَاذَا أَقُولُ لَهُمْ؟» 14فَقَالَ اللهُ لِمُوسَى: «أَهْيَهِ الَّذِي أَهْيَهْ». وَقَالَ: «هَكَذَا تَقُولُ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ: أَهْيَهْ أَرْسَلَنِي إِلَيْكُمْ».)، واختصر موسى أو المترجم الاسم وأصبح (يهوه). فهل (هو الذى هو) اسم الإله؟ إنه رفض أيضًا أن يُظهر اسمه لموسى! إنه ميول بنى إسرائيل فى إخفاء اسم الرب وعدم النطق به، إلا على صيغة الغائب، لأنهم كانوا يعتقدون أن اسم الرب أقدس من أن يتلفظ به الإنسان على لسانه!
                          وقد ظهر الرب ليعقوب، وتصارع يعقوب معه، ورفض الرب أيضًا أن يُطلعه على اسمه، فبعد أن ضربه يعقوب وأجبره على مباركته واعطائه النبوة، سأله عن اسمه فرفض الرب: (22ثُمَّ قَامَ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ وَأَخَذَ امْرَأَتَيْهِ وَجَارِيَتَيْهِ وَأَوْلاَدَهُ الأَحَدَ عَشَرَ وَعَبَرَ مَخَاضَةَ يَبُّوقَ. 23أَخَذَهُمْ وَأَجَازَهُمُ الْوَادِيَ وَأَجَازَ مَا كَانَ لَهُ. 24فَبَقِيَ يَعْقُوبُ وَحْدَهُ. وَصَارَعَهُ إِنْسَانٌ حَتَّى طُلُوعِ الْفَجْرِ. 25وَلَمَّا رَأَى أَنَّهُ لاَ يَقْدِرُ عَلَيْهِ ضَرَبَ حُقَّ فَخْذِهِ فَانْخَلَعَ حُقُّ فَخْذِ يَعْقُوبَ فِي مُصَارَعَتِهِ مَعَهُ. 26وَقَالَ: «أَطْلِقْنِي لأَنَّهُ قَدْ طَلَعَ الْفَجْرُ». فَقَالَ: «لاَ أُطْلِقُكَ إِنْ لَمْ تُبَارِكْنِي». 27فَسَأَلَهُ: «مَا اسْمُكَ؟» فَقَالَ: «يَعْقُوبُ». 28فَقَالَ: «لاَ يُدْعَى اسْمُكَ فِي مَا بَعْدُ يَعْقُوبَ بَلْ إِسْرَائِيلَ لأَنَّكَ جَاهَدْتَ مَعَ اللهِ وَالنَّاسِ وَقَدِرْتَ». 29وَسَأَلَهُ يَعْقُوبُ: «أَخْبِرْنِي بِاسْمِكَ». فَقَالَ: «لِمَاذَا تَسْأَلُ عَنِ اسْمِي؟» وَبَارَكَهُ هُنَاكَ. 30فَدَعَا يَعْقُوبُ اسْمَ الْمَكَانِ «فَنِيئِيلَ» قَائِلاً: «لأَنِّي نَظَرْتُ اللهَ وَجْهاً لِوَجْهٍ وَنُجِّيَتْ نَفْسِي».) تكوين 32: 22-30
                          وهذا يعنى أنه من إبراهيم لموسى لم يعرف بنو إسرائيل اسم الرب إلى لحظة إخبار الرب لموسى باسمه. وكانوا يعبدون إله مخفى الاسم، كل ما يعلمونه عنه أنه الإله القادر على كل شىء. وعلى ذلك فإن أول مرة ظهر فيها اسم "يهوه" في كتابك يا سيد رشيد فى الصفحة رقم (90)، أى بعد انتهاء سفر التكوين، وبالضبط فى (خروج 3: 15). وهذا يعني أن الرب أنزل (89) صفحة، وما جاء فيها اسمه. فهل تعمَّدَ الرب ذلك ليضل الناس ويعبد كل إنسان الإله الذى يرغب فى عبادته تحت أى مسمَّى؟ أم تمَّ حذفه عن عمد؟
                          فكيف سمَّى إبراهيم اسم موضع ما بيهوه يراه؟ فأين ومتى عرف أن اسم الرب يهوه؟ (14فَدَعَا إِبْرَاهِيمُ اسْمَ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ «يَهْوَهْ يِرْأَهْ». حَتَّى إِنَّهُ يُقَالُ الْيَوْمَ: «فِي جَبَلِ الرَّبِّ يُرَى».) التكوين 22: 14
                          فهل كذب الرب على موسى عندما قال له إن آباءه وأجداده لم يعرفوه باسم (هو الذى هو)؟ أم أخفاه أيضًا عن موسى، لأن (هو الذى هو) ليس باسم؟
                          تقول دائرة المعارف الكتابية مادة (الله): “ثالثا - أسماء الله : كانت كل أسماء الله أصلا تدل على صفاته، ولكن اشتقاقات الكثير منها – ومن ثم معانيها الأصلية – قد فقدت، فكان لابد من البحث عن معان جديدة لها: 1- الاسماء العامة: من أقدم أسماء الله المعروفة للجنس البشري واكثرها انتشارا اسم "إيل" مع مشتقاته "إيليم" "إلوهيم" ، "إلوي" ، وهو مصطلح عام مثل "ثيوس وديوس" في اليونانية ويطلق على كل من يشغل مرتبة الألوهية ، بل قد يدل على مركز من التوقير والسلطة بين الناس، وقد كان موسى إلها "إلوهيم" لفرعون " (خر 7: 1) ، ولهارون (خر 4: 16 – قارن قض 5: 8، 1 صم 2: 25، خر 21: 5 و 6 ، 22: 7 وما بعده ، مز 58: 11 ، 82: 1)”.
                          فلك أن تتخيل أن يشترك عبد من عباد الله أو صنم من خلقه معه فى الاسم! ومن الممكن أيضاً أن يُشير هذا الاسم إلى عدة آلهة حيث له صيغة جمع. كما أنه من الممكن أن يُشير إلى إله مذكر أو مؤنث. فما الفارق إذاً بين المخلوق والخالق؟
                          وتواصل دائرة المعارف الكتابية قائلة إنه هذا الاسم: “مصطلح عام يعبر عن العظمة والنفوذ، واستخدم كاسم علم لإله إسرائيل في الفترة المتأخرة من فترات التوحيد عندما اعتبر اسم العلم القديم "ياه" أو "يهوه" اقدس من أن يتردد على الشفاه، والغموض الكامل يلف معنى الأصل "إيل"، وحقيقة العلاقة بينه وبين "إلوهيم" و"إلوي"”.
                          ما معنى أنه مصطلح عام؟ وماذا يقصد بأن هذا المصطلح استخدم كاسم علم لإله إسرائيل في الفترة المتأخرة من فترات التوحيد؟ وماذا كان اسمه قبل موسى؟ وكيف عبده البشر من آدم إلى موسى؟
                          ولم يُذكر اسم الرب بعد ذلك قرابة 800 صفحة. فقد ذكر فى المزمور 83: 18 ص892 ، إلا أنه فى سفر الخروج 17: 15 ذكر اسم المذبح الذى بناه موسى وهو يهوه منسّى ، وفى القضاة 6: 24 ذكر اسم مذبح آخر بناه جدعون وأسماه يهوه شلوم ، وفى حزقيال 48: 35 بنيت مدينة أطلقوا عليها (يهوه شمّه). وإذا تم استثناء هذه المواضع ، لأنها أسماء أماكن ، يكون اسم الرب "يهوه" قد ذكر فى الكتاب المقدس كله 11 مرة فقط. ولم يُذكر مرة واحدة بهذا الاسم فى العهد الجديد!!
                          فلم يُذكر إلا فى سفر الخروج والمزامير وإشعياء وإرمياء وهوشع وعاموس. أى فى ستة كتب من مجموع 66 كتاب ، تبعاً للكتب التى يقدسها البروتستانت. فهل تصدق هذا؟!! هل يمكنك أن تتخيل أن الكتاب الذى أنزله الرب ليتعبد به الناس يخلو من اسمه؟ إن دائرة المعارف الكتابية صريحة فى هذا الأمر ، إنها تقول إن اسمه فُقِدَ!! فهل فقد من الرب الذى يحفظ كتابه أم أضاعه كهنة بنى إسرائيل عمداً؟
                          هل تعلم كم مرة ذكر اسم الشيطان فى الكتاب الذى يقدسه اليهود والنصارى؟
                          لقد ذكرت كلمة شيطان 70 مرة ، وذكر إبليس 31 مرة ، وبعلزبول 7 مرات ، كلهم فى العهد الجديد فقط. هذا غير باقى الأسماء التى اشتهر بها الشيطان. فهل الشيطان أهم من الرب لهذه الدرجة؟ وإذا كان من الأهمية بمكان أن يحذرنا الرب من الشيطان وينهانا عن اتباعه ، فما هو اسم الإله الذى يجب أن نتبعه بديلاً عن الشيطان؟
                          وما الحكمة أن يحتفظ الرب باسم الشيطان فى كتاب يُنسب إليه ويحذف اسمه من عقول بنى إسرائيل وعيونهم؟ هل يعنى هذا أن الرب أسلمهم للهوان وللشيطان؟ أم هذه هى الفرائض غير الصالحة التى تكلم عنها الرب من قبل؟ (25وَأَعْطَيْتُهُمْ أَيْضاً فَرَائِضَ غَيْرَ صَالِحَةٍ وَأَحْكَـاماً لاَ يَحْيُونَ بِهَا) حزقيال 20 : 25
                          وهل تعلم أن معنى اسم "يهوه" سر مجهول حتى اليوم؟ هل تعلم أن يهوه هو إله الجبل الذى فى رأسه نار، وهو أحد آلهة الكنعانيين الوثنية؟
                          إن أول ظهور لاسم "يهوه" كان حين استوطن اليهود فلسطين، أى بعد موت موسى ودفنه فى برية سيناء. ويكتبه اليهود بالأحرف: (ي هـ و هـ) (J. H. V. H) دون أحرف العلة أو التشكيل لخلو العبرية منها آنذاك. وحينما ابتكرت علامات ضبط الحروف العبرية في القرن السابع للميلاد، ركبوا الكلمة "يهوه" أحرف العلة (JeHovaH) وينطق Jahweh. بعد أن كان محرماً عليهم النطق به فكانوا يستخدمون بدلاً من "يهوه" "أدوناي" أي الرب.
                          فكيف كانوا ينطقون اسم إلههم قبل القرن السابع للميلاد؟
                          وهل لم يصلُّوا إليه أو يتعبدوا باسمه عبر 2000 سنة؟
                          وكيف كانوا يصلون وهم لا يعرفون اسم إلههم؟
                          وباسم من كانوا يقدمون نذورهم؟
                          ألم أقل لك عزيزى اليهودى والمسيحى إنها كارثة الكوارث؟!
                          هل قصَّرَ موسى عليه السلام فى أداء وظيفته النبوية ولم يخبرهم به؟ أم أخبرهم به وحذفوه من كتبهم؟ فإن لم يحدُث ولم يبلغهم نبيهم باسم الله، فيكونوا قد ضلوا وضلَّ نبيهم، وبطل دينهم وعقيدتهم، وإذا كان قد أبلغهم وضيعوه فأنتم اليوم تسيرون وراء أناس قد ضلوا، وإذا كان قد فقد دون تعمِّد منهم، فقد شاءت إرادة الله هذا إما لمجىء كتاب آخر سيهيمن عليه، ويتولى الله حفظه وعنايته، وإما لغضبه عليهم فرفع أقدس ما فى الكتاب منه ، وهو اسمه.
                          ولو نسى موسى فهل نسى كل الأنبياء بعده؟ ولو نسى كل الأنبياء بعده فهل نسى عيسى عليه السلام أن يذكركم باسم الله؟ هل نسى من تؤلهونه نفسه أن يذكركم باسم الله؟ وإذا ثبتت أية حالة من هذه الحالات لثبت أن هذا ليس بكتاب الله!
                          وما هو الاسم الذى أخبره به الله أن يخبر به بنى إسرائيل؟ لقد سأل موسى الرب عن اسمه فقال له: («هَا أَنَا آتِي إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ وَأَقُولُ لَهُمْ: إِلَهُ آبَائِكُمْ أَرْسَلَنِي إِلَيْكُمْ. فَإِذَا قَالُوا لِي: مَا اسْمُهُ؟ فَمَاذَا أَقُولُ لَهُمْ؟» 14فَقَالَ اللهُ لِمُوسَى: «أَهْيَهِ الَّذِي أَهْيَهْ». وَقَالَ: «هَكَذَا تَقُولُ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ: أَهْيَهْ أَرْسَلَنِي إِلَيْكُمْ». 15وَقَالَ اللهُ أَيْضاً لِمُوسَى: «هَكَذَا تَقُولُ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ: يَهْوَهْ إِلَهُ آبَائِكُمْ إِلَهُ إِبْرَاهِيمَ وَإِلَهُ إِسْحَاقَ وَإِلَهُ يَعْقُوبَ أَرْسَلَنِي إِلَيْكُمْ. هَذَا اسْمِي إِلَى الأَبَدِ وَهَذَا ذِكْرِي إِلَى دَوْرٍ فَدَوْرٍ.) خروج 3: 13-15
                          وفى ترجمة الآباء اليسوعيين: (أنا هو مَن هو)
                          وتقول الترجمة العربية المشتركة: (أنا هو الذى هو)، فهل هذا اسم أم تحايل للهروب من الإجابة؟
                          والغريب أن هامش الترجمة العربية المشتركة علق على هذا فى هامشه قائلاً: “هكذا يختلف الله عن سائر الآلهة .. .. .. وهكذا يرفض الرب أن يُعرَف باسمه الشخصى.” وهذا اعتراف آخر من الترجمة المشتركة للكتاب المقدس تُثبت عدم معرفة بنى إسرائيل لاسم الله. وحتى بعد أن اعتبرتم أن (هو الذى هو) بمعنى يهوه، وأن هذا هو اسم الرب، فها هى دائرة المعارف الكتابية تُقر أن يهوه ليس اسم الإله الأصلى، ولا تُعرف معانيه، ولا الاشتقاقات المشتقة منه!!!
                          وإذا كان الله امتنع عن إخبارهم باسمه ، فكيف تجرؤوا وأطلقوا عليه اسماً ليس اسمه؟ فهل هذا من الأدب مع الرب أن يُسموه باسم ليس اسمه؟ ألا يدل هذا على التحريف والحرية التى تمتع بها كهنة بنى إسرائيل فى نصوص كتابهم؟ أم أسموه يهوه على اسم الإله الكنعانى الوثنى، إله الجبال والحروب والنار؟
                          وإذا كان اسم يهوه نطقوه بهذا الشكل فى القرن السابع الميلادى ، فمعنى هذا أن التوراة كتبت أو تغيرت كتابتها بعد هذا الزمن وبعد معرفتهم لهذا الاسم!
                          فأين اسم الله؟ هل ضاع هذا الاسم أم نُسى؟ وإذا كان قد ضاع ، ألا يدل هذا على ضياع أهم شىء فى كتابهم وهو اسم إلههم الأعظم؟ وهل يدل هذا على عصمة الله لكتابهم أو محافظتهم عليه؟ وإذا كان اسم الله قد ضاع فما هى التعاليم التى ضاعت أيضاً من الكتاب؟ وألا يدل ضياع اسم الله من الكتاب على تسلط الشيطان عليه كما تسلط على جسده عندما اعتقله الشيطان فى البرية لمدة 40 يومًا؟
                          وهل معنى ذلك أن هذا الكتاب تم تعديلها بعد القرن السابع الميلادى عندما عرفوا الاسم الجديد لإلههم؟ وهل كان للشيطان سلطة رئيسية أو تسلط على كاتبيها، كما حدث مع بولس؟
                          اقرأ ما كان بولس يشعر به، ويتأوه بسببه، لقد تلبسه الشيطان وسيطر عليه سيطرة تامة: (15لأَنِّي لَسْتُ أَعْرِفُ مَا أَنَا أَفْعَلُهُ إِذْ لَسْتُ أَفْعَلُ مَا أُرِيدُهُ بَلْ مَا أُبْغِضُهُ فَإِيَّاهُ أَفْعَلُ. 16فَإِنْ كُنْتُ أَفْعَلُ مَا لَسْتُ أُرِيدُهُ فَإِنِّي أُصَادِقُ النَّامُوسَ أَنَّهُ حَسَنٌ. 17فَالآنَ لَسْتُ بَعْدُ أَفْعَلُ ذَلِكَ أَنَا بَلِ الْخَطِيَّةُ السَّاكِنَةُ فِيَّ. 18فَإِنِّي أَعْلَمُ أَنَّهُ لَيْسَ سَاكِنٌ فِيَّ أَيْ فِي جَسَدِي شَيْءٌ صَالِحٌ. لأَنَّ الإِرَادَةَ حَاضِرَةٌ عِنْدِي وَأَمَّا أَنْ أَفْعَلَ الْحُسْنَى فَلَسْتُ أَجِدُ. 19لأَنِّي لَسْتُ أَفْعَلُ الصَّالِحَ الَّذِي أُرِيدُهُ بَلِ الشَّرَّ الَّذِي لَسْتُ أُرِيدُهُ فَإِيَّاهُ أَفْعَلُ. 20فَإِنْ كُنْتُ مَا لَسْتُ أُرِيدُهُ إِيَّاهُ أَفْعَلُ فَلَسْتُ بَعْدُ أَفْعَلُهُ أَنَا بَلِ الْخَطِيَّةُ السَّاكِنَةُ فِيَّ. 21إِذاً أَجِدُ النَّامُوسَ لِي حِينَمَا أُرِيدُ أَنْ أَفْعَلَ الْحُسْنَى أَنَّ الشَّرَّ حَاضِرٌ عِنْدِي. 22فَإِنِّي أُسَرُّ بِنَامُوسِ اللهِ بِحَسَبِ الإِنْسَانِ الْبَاطِنِ. 23وَلَكِنِّي أَرَى نَامُوساً آخَرَ فِي أَعْضَائِي يُحَارِبُ نَامُوسَ ذِهْنِي وَيَسْبِينِي إِلَى نَامُوسِ الْخَطِيَّةِ الْكَائِنِ فِي أَعْضَائِي. 24وَيْحِي أَنَا الإِنْسَانُ الشَّقِيُّ! مَنْ يُنْقِذُنِي مِنْ جَسَدِ هَذَا الْمَوْتِ؟) رومية 7: 15-24
                          وبما أن اليهود هم الذين واختاروا اسمه فقد أطلقوا لأنفسهم العنان في وصفه بالصفات التي تخدم أفكارهم ورغباتهم فيجدهم في ندائهم له يتجرأون عليه قائلين:" حتى متى يارب تختبيء كل الاختباء" المزمور (89: 36).) فيصفونه بما لا يليق به سبحانه تعالى عن ذلك علوا كبيرا.
                          والمثير فى هذا الموضوع هو تضارب ما قاله لموسى من قبل فى (خروج 3: 13-15) مع ما قاله من بعد: (2ثُمَّ قَالَ اللهُ لِمُوسَى: «أَنَا الرَّبُّ. 3وَأَنَا ظَهَرْتُ لإِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ بِأَنِّي الْإِلَهُ الْقَادِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ. وَأَمَّا بِاسْمِي «يَهْوَهْ» فَلَمْ أُعْرَفْ عِنْدَهُمْ.) خروج 6: 2-3 فما الذى دعاه إلى تغيير اسمه فيما بعد؟ وكيف وافق الرب بنى إسرائيل على هذا الاسم الذى أطلقوه عليه والذى لا معنى له؟
                          عندما تفكر فى إنسان ما قام بتغيير اسمه ، تجد أنه لن يخرج عن حالة من هذه الحالات:
                          1- إمَّا أنه لم يعجبه هذا الاسم الذى اختاره له أبواه ،
                          2- وإمَّا اسمه مشين ويسبب له تهكم الناس عليه ،
                          3- وإمَّا أصبح معروفاً صاحب هذا الاسم أنه مُهان أو حقير فأراد أن يُغير اسمه ومكان إقامته ليبدأ حياة جديدة كريمة ،
                          4- وإمَّا يغيره مؤقتاً لزوم تواجده فى حفلة تنكرية ،
                          5- وإمَّا يغيره ليتمكن من النصب ومواصلة الإجرام ،
                          6- وإمَّا كان مجرماً معروفاً ، وتاب ، وغير اسمه حتى لا يلحقه عار الماضى.
                          والآن فكر عزيزى المسيحى: لماذا غيَّر الرب اسمه؟ وإذا كان غير معروف بهذا الاسم عند أنبيائه إبراهيم وإسحاق ويعقوب، فهل نسى موسى اسم الرب الذى كان يدعوا إليه أجداده؟ فإذا لم يقل الرب اسمه الجديد ، فعلى الأقل اسمه القديم هو اسمه الصحيح الذى ينبغى أن يُنادى به!
                          عزيزى المسيحى: ما هو اسم الله الأعظم الذى علمه كل الأنبياء من قبل عيسى عليهم السلام لأتباعه؟ وهل من حق كل إنسان بناءً على ما قرأت أن يُغير اسم الله إلى الاسم الذى يرغبه هو؟ فى الحقيقة أعرف أناس تنفعل بغضب إذا ناديتهم باسم غير اسمهم الحقيقى أو أطلقت على قطتهم اسماً غير اسمها متعمداً!!
                          وما علاقة هذا بما ضربه يسوع من مثل لا يعرف النصارى أنه إشارة إلى انتقال شريعة الله من بنى إسرائيل إلى بنى إسماعيل؟ ومفاد هذا المثل أن الرب وجد من شعبه إهانة فأرسل ابنه بدلاً منه لعلهم يهابوه: (13فَقَالَ صَاحِبُ الْكَرْمِ: مَاذَا أَفْعَلُ؟ أُرْسِلُ ابْنِي الْحَبِيبَ. لَعَلَّهُمْ إِذَا رَأَوْهُ يَهَابُونَ!) لوقا 20: 9-14
                          هكذا تظنون بالله سبحانه وتعالى عن ذلك علواً كبيراً!!
                          * * *
                          وتواصل دائرة المعارف الكتابية قائلة: “وأكثر الأشكال المستخدمة عند كتاب العهد القديم هو الاسم الجمع "إلوهيم" ولكنهم يستخدمونه بصورة منتظمة مع الأفعال والصفات المفردة للدلالة على "مفرد" وقد قدمت تفسيرات عديدة لاستخدام صيغة الجمع للدلالة على مفرد ، مثل أنها تعبر عن الكمال والتعدد في الطبيعة الإلهية ، أو أنها جمع جلالة أو عظمة كما يخاطب الملوك ، أو أنها إشارة مبكرة للثالوث ، ونجد تعبيرات أخرى من هذا النوع (تك 1: 26، 3: 22، 1 مل 22: 19 و20، إش 6: 8) ، وقد تكون هذه النظريات أبرع من أن تخطر على بال العقلية العبرية في ذلك الزمن المبكر ، وهناك من يظن أنها أثار لغوية باقية من مرحلة سابقة من مراحل الفكر هي مرحلة تعدد الآلهة ، وفي العهد القديم تشير فقط إلى الفكرة العامة عن الألوهية”.
                          فلك أن تتخيل أن الكاتب يدعى أنها قد تكون إشارة مبكرة للثالوث ليمرر عقائده! والله لا أعرف كيف يفكر؟ وهل يعتقد أن القراء والمستمعين انعدموا من روح البحث وتقصى الحقائق؟
                          فكيف لم يعرف موسى أو الأنبياء قضية التثليث هذه؟
                          وكيف لم يعرفها يسوع نفسه وهو الإله عندكم؟ ألم يقل يسوع للتلاميذ: فاذهبوا وتلمذوا جميع الأمم باسمى؟ وذلك كما ذكرها مؤرخ الكنسة الأول يوسابيوس القيصرى ص100 ك3: 5 ، فما هى الصيغة التى تجدها الآن؟ لقد تغيرت إلى (فاذهبوا وتلمذوا جميع الأمم باسم الآب والابن والروح القدس)
                          وهل وصل الدين بهذه الطريقة إلى اليهود عن طريق كل هذه الأنبياء ناقصاً وماتوا على ضلال؟ أم حرف أهل التثليث دينهم؟ وعلى الرغم من كل هذا فهم يشتركون فى كتاب واحد!!
                          هل تعلم عزيزى المسيحى أن أهم صيغة للتثليث والتى ذكرت فى رسالة يوحنا الأولى قد أسقطها علماء نصوص الكتاب المقدس لأنها أُقحمت فى النص فى القرن السادس عشر؟ يقول موقع Biblegateway.comللكتاب المقدس تعليقاً على هذه الفقرة بعد أن حذفها من ترجمته أنها غير موجودة فى أى نسخة يونانية قبل القرن السادس عشر:
                          http://bible.gospelcom.net/passage/?...fen-NIV-30617a
                          (not found in any Greek manuscript before the sixteenth century)
                          فقارن هذا بترجمة فانديك التى تقول: (7فَإِنَّ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ فِي السَّمَاءِ هُمْ ثَلاَثَةٌ: الآبُ، وَالْكَلِمَةُ، وَالرُّوحُ الْقُدُسُ. وَهَؤُلاَءِ الثَّلاَثَةُ هُمْ وَاحِدٌ. 8وَالَّذِينَ يَشْهَدُونَ فِي الأَرْضِ هُمْ ثَلاَثَةٌ: الرُّوحُ، وَالْمَاءُ، وَالدَّمُ. وَالثَّلاَثَةُ هُمْ فِي الْوَاحِدِ.)
                          وقد وضع مترجم كتاب الحياة الجزء الذى حذفته الطبعات الأخرى بين قوسين معكوفين، أى يعتبرها عبارة تفسيرية ليست من أصل الكتاب!!
                          أما مترجمو الترجمة العربية المشتركة التى تعترف بصحتها كل الكنائس الأرثوذكسية والكاثوليكية والبروتستانتية فقد حذفوا النص، لأنهم قرروا أنه ليس من وحى الله، وكتبوها هكذا: (7والّذينَ يَشهَدونَ هُم ثلاثةٌ. 8الرُوحُ والماءُ والدَّمُ، وهَؤُلاءِ الثَّلاثَةُ هُم في الواحدِ.).
                          فقد حذفوا ما تحته خط، لأنه ليس من وحى الله!! تُرى متى تفيق ضمائر باقى المسئولين عن ترجمة الكتاب المقدس ونقده، وينقون الكتاب مما علق به.
                          كما أضاف التعليق الآتى فى نهاية الصفحة: (هذه الإضافة وردت فى بعض المخطوطات اللاتينية القديمة.)
                          وفى الترجمة الكاثوليكية اللاتين (العهد الجديد بمفرده بولس باسيم) الطبعة الحادية عشر لدار المشرق بيروت لعام 1986 تجدهم قد حذفوا النص وكتبوها كالآتى: (7والذين يشهدون ثلاثة(1): 8الروح والماء والدم وهؤلاء الثلاثة متفقون).
                          وفى الهامش السفلى قالوا: (فى بعض الأصول: الأب والكلمة والروح القدس وهؤلاء الثلاثة هم واحد. لم يرد ذلك فى الأصول اليونانية المعوَّل عليها ، والأرجح أنه شرح أدخل إلى المتن فى بعض النسخ.) ألا يثبت هذا التحريف عند العقلاء ولو بحسن نية؟
                          أما ترجمة الكاثوليك لدار المشرق ببيروت عام 1986 (الكتاب المقدس بعهديه) فقد أثبتتها ضمن النص ولم يعلق عليها فى تعليقه بنهاية الكتاب إلا ما يثبت حقيقة وحى هذا النص، ويؤكد قانونيته.
                          أما الترجمة الكاثوليكية للأباء اليسوعيين الطبعة السادسة لعام 2000 فقد حذفتها من متن النص ص 779 وآثرت ألا تُعلق عليها فى هوامشها حتى لا يفقد المؤمنين به إيمانهم بقدسية هذا الكتاب الذى يتلاعبون به.
                          إنَّ مشكلة هذا النص الوحيدة أنه غير موجود فى الأصول اليونانية ، كما أكدت الترجمة الكاثوليكية اللاتين (العهد الجديد بمفرده بولس باسيم) ، ولم يظهر إلى الوجود إلا فى عصور متأخرة، ليس قبل القرن السادس عشر، أى بعد 1500 سنة من ميلاد المسيح عليه السلام. والآن نبدأ بملخص قصة هذا النص:
                          هذا النص وجد فقط فى ثمان مخطوطات،سبعة منها تعود للقرن السادس عشر وهذه هى أرقام المخطوطات 61 و88 و429 و629 و636 و318 و2318 و221.
                          والمخطوطة الأخيرة رقم 221 هى من القرن العاشر أى بعد ألف سنة، وموجود بها هذا النص على الهامش بخط مختلف ولا يعرف على وجة الدقة تاريخ كتابته.
                          ومعنى ذلك أنه لا يوجد أى دليل مؤكد على وجود هذا النص فى أى مخطوطة يونانية قبل عام 1500 حتى السبعة مخطوطات السابق ذكرها منهم أربعة كُتِبَ فيها النص على الهامش.
                          وأول مرة ظهرت هذه الكلمات كانت فى مخطوطة لاتينية فى القرن الرابع على الهامش ثم ترجمت إلى اليونانية.
                          والقصة واضحة: لفت نظر أحد النساخ لفظ ثلاثة الموجود فى العدد الثامن 8 "والذين يشهدون في الأرض هم ثلاثة الروح والماء والدم والثلاثة هم في الواحد." فلم يجد مانع من أن يضيف على لسان يوحنا ثلاثة أخرى لتساعده فى إثبات عقيدة التثليث التى لا تجد لها أى نص صريح فى الكتاب المقدس.

                          تعليق

                          • abubakr_3
                            مُشرِف

                            • 15 يون, 2006
                            • 849
                            • موظف
                            • مسلم

                            #28
                            رد: مناظرة مع السيد رشيد حول نبوة محمد صلى الله عليه وسلم

                            ويقول بعض علمائهم إن النص أضيف باللغة اللاتينية أثناء احتدام النقاش مع أريوس الموحد وأتباعه، فكان لا بد من إضافة ما، تقوى مركزهم وتخدع السذج من أتباعهم، ثم وجدت هذه الإضافة طريقا بعد ذلك حتى ظهرت لأول مرة فى الطبعة الثالثة من إنجيل إيرازموس 1522 ميلادية بضغط على إيرازموس هذا الذى لم يضعها فى الطبعة الأولى عام 1516 ولم يضعها فى الطبعة الثانية عام 1519 من كتابه.
                            وقد سُئِلَ عن سبب عدم وضعه هذا النص فأجاب الإجابة المنطقية الوحيدة: إنه لم يجدها فى أى نص يونانى قديم فتم وضع المخطوطة رقم 61 باليونانى وبها هذا النص. هنا فقط أضافها إيرازموس إلى الكتاب، وبعد ضغط قوى من الكنيسة الكاثوليكية.
                            فلك أن تتخيل أن تؤلف له الكنيسة المخطوطة 61، وتكتبه بالطبع على ورقة بردى قديمة تم مسح ما كان عليها، وتضيف النص فيها لتجبر إيرازموس على وضعها ضمن متن الكتاب، وتنسبه الكنيسة للرب، وتكتب عليه الكتاب المقدس!!
                            والسؤال كيف يجادل أحد والنص لم يظهر قبل القرن السادس عشر فى أى مخطوطة من آلاف المخطوطات الموجودة باللغة اليونانية؟؟؟
                            نعود مرة أخرى إلى كلمة ألوهيم التى تعبر عن اسم الله الأعظم ، والتى تفترض دائرة المعارف الكتابية أنها تعبر عن جمع من الآلهة:
                            لو كانت صيغة (ألوهيم) هذه تعبر عن تعدد للزم جمع الفعل والصفات التى تصف هذا الإله!! وبما أنها كانت تُستخدم فى صيغة المفرد ، فهى إذاً صيغة الإحترام والتبجيل التى يُخاطب بها الملوك كما قال.
                            ولو كانت تعبر عن الجمع فلماذا اكتفيت بالثالوث؟ لماذا لا تعبر عن إله يتكون من أربعة آلهة أو خمسة أو أكثر؟
                            وهل تعلم عزيزى المسيحى أنه إذا كانت ألوهيم تعبر عن ثلاثة آلهة لكان إيمانك باطل،حيث إنك تتكلم فى كتابك عن إله واحد وترفض التعدد؟ ولو كانوا ثلاثة واتحدوا، فلك أن تسأل: هل اتحدوا فى الحقيقة وأصبحوا إلهًا واحدًا، وفى هذه الحالة أنت تكفر بالتثليث، أم اتحدوا فى الهدف، وفى هذه الحالة أنت تؤمن أنهم ثلاثة، ويُعاب عليك، بل تكفر، إن جعلتهم إلهًا واحدًا.
                            * * *
                            وتواصل دائرة المعارف الكتابية قائلة: ”وهناك أسلوب آخر للدلالة على الله ، وذلك عن طريق علاقته بعابديه ، كإله إبراهيم وإسحق ويعقوب (تك 24: 12، خر 3: 6 )، وإله سام (تك 9: 26)، وإله العبرانيين (خر 3: 18، فإله إسرائيل 33: 20)“. ومع ذلك لم يذكر لنا أيضاً ما هو اسم الإله الذى عبده بنو إسرائيل!!
                            * * *
                            وتقول دائرة المعارف الكتابية: “وهناك مصطلح له معنى غير معروف تماما هو يهوه صباءوت (رب الجنود) أو "إلوهيم صباءوت" (أو إله الجنود) .. .. .. .. ومن هنا جاء الاعتقاد بأنه يشير إلى أجناد السماء، وهو في الواقع يستخدم اسم علم في الأنبياء، وقد يكون معناه الأصلي قد نسى أو سقط، ولكن لا يستتبع ذلك أن دلالة خاصة جديدة كانت مرتبطة بالكلمة "جنود" والمعنى العام للمصطلح كله تعبر عنه الترجمة السبعينية "الرب كلي القدرة"”.
                            لقد لاحظت عزيزى القارىء أن المصطلح الذى يستخدمونه للتعبير عن الله غير معروف، وقد يكون معناه الأصلى قد نسى أو سقط!! ومع ذلك يصرون أن الله حفظ هذا الكتاب ، وأن النسَّاخ كانوا من ذوى الضمائر الصالحة!! ويسألوننا لماذا تدعون أن الله حفظ كتابكم ولم يحفظ كتبنا؟ ويتخذون من هذا السؤال دليلاً على صدق كتابهم.
                            * * *
                            وتواصل دائرة المعارف الكتابية قائلة: ”3- يهوه: وهذا هو اسم العلم الشخصي لإله إسرائيل كما كان كموش إله موآب وداجون إله الفلسطينيين، ولا نعرف المعنى الأصلي ولا مصدر اشتقاق الكلمة، وتظهر النظريات الحديثة المتنوعة انه من ناحية تاريخ اللفظ وأصله فإنه من الممكن وجود جملة اشتقاقات ولكن لأن المعاني المرتبطة بأي منها هي دخيلة على الكلمة ومفروضة عليها، فهي لا تضيف لمعرفتنا شيئا والعبرانيون أنفسهم ربطوا الكلمة مع كلمة "هياه" أو (حياة) أو "يكون" ففي الخروج (3: 14) يعلن الرب بأنه "أهيه" وهو صيغة مختصرة لـ "إهيه أشير إهيه" المترجمة "أهية الذي أهيه" أي "أنا هو الذي أنا هو" ويظن أن هذا يعني "الوجود الذاتي" للتعبير عن الله كالمطلق، ومع هذا فإن مثل هذه الفكرة يمكن أن تكون تجريداً ميتافيزيقيا مستحيلا ليس فقط بالنسبة للعصر الذي ظهر فيه الاسم ولكنه أيضا غريب عن العقل العبراني في أي وقت والترجمة الدقيقة للفعل الناقص "إهيه" هي "أكون الذي أكون" وهو مصطلح سامي معناه "سأكون" كل ما هو لازم حسبما يقتضي الحال وهي فكرة شائعة في العهد القديم (انظر مز 23)“.
                            وهو بهذا أغنانى عن أن أوضِّح لكم أن اللغة العبرية ولا الآرامية ولا العربية يعرفون فعل الكينونة، ولن أنسى أن أذكرك عزيزى المسيحى أن لفظ الجلالة الله الموجود فى الترجمات العربية لا وجود له فى جميع ترجمات لغات العالم، وبدلاً منها يوجد فى العبرانية كلمة ألوهيم.
                            وهكذا فهم يعبدون إلهاً ليس هذا اسمه، ولكنه ربما ضاع أو نسى،والكلمة المستخدمة للدلالة على هذا الإله لا يُعرف معناها، والنظريات الحديثة التى يفترضونها غير مرضية أو مقبولة علمياً! وإلى اليوم تخرج نظريات حديثة على حد قول دائرة المعارف الكتابية، تحاول التعرف على اسم الله!! فإلى من يتوجهون بالعبادة؟ وما أخبار من ماتوا دون معرفة اسم الله؟ وماذا تفعل الروح القدس التى يدعون أنها تتلبس كل قسيس أو أسقف أو بابا أو غيرهم، وهى الهادية المرشدة فى مفهومهم؟ كيف لم تخبرهم طوال هذا الزمن باسم الإله الذى يعبدونه؟
                            فكيف يقول سفر المزامير أن اسم الله هو يهوه: (18وَيَعْلَمُوا أَنَّكَ اسْمُكَ يَهْوَهُ وَحْدَكَ الْعَلِيُّ عَلَى كُلِّ الأَرْضِ.). مزمور 83: 18
                            تخيل معى: هل من العقل أن تعبد إلهاً لا تعرف اسمه؟ فكيف ستناديه؟ وبأى اسم ستناجيه؟ وأنَّى تدعوه؟ ما هو شعورك وأنت لا تعرف اسم إلهك الذى تعبده؟
                            هل يكفيك أن تعرف صفاته فقط؟ ماذا سيكون حالك عندما تعرف صفة من الصفات ولا تعرف صاحبها؟ ألا يقود هذا إلى الضلال؟ تخيل أن الناس تتكلم عن طبيب جراح ممتاز، وكل ما يعرفونه عنه أن هناك طبيب ممتاز، ولا يعرفون اسمه. أليس من السهل أن يُخطىء الإنسان فى هذا الطبيب ويظن أن هذا الطبيب هو آخر خاصة إذا اشتركا فى نفس الصفة؟ أليس من السهل أن ينتحل أى جرَّاح آخر مهمته؟ وكيف يتمايز الأطباء إن كان هناك أكثر من شخص لهم نفس الصفة؟ ألا تضيع الحقيقة وسط هذه الترهات؟
                            بمعنى أنه إذا كان الإله الذى أعبده (سبحانه وتعالى عن التشبيه والتمثيل) رحيماً، فإنه يوجد الكثير من الرحماء بين البشر، وإذا كان ودودًا، فهناك الكثير من الناس الودودة. فكيف يتعيَّن لى أن الذى أعبده هو الإله الحق؟ فإن الصفات بمفردها لا تغنى عن الاسم.
                            نضرب مثلاً لذلك من الكتاب المقدس:
                            إن الله هو القوى ، وهو المتسلط على البشر بحكمه وعلمه وعدله ورحمته:
                            وذلك مصداقاً لقول الكتاب: (إن العلىّ متسلط فى مملكة الناس) دانيال 4: 17
                            (10أَمَّا الرَّبُّ الإِلَهُ فَحَقٌّ. هُوَ إِلَهٌ حَيٌّ وَمَلِكٌ أَبَدِيٌّ. مِنْ سُخْطِهِ تَرْتَعِدُ الأَرْضُ وَلاَ تَطِيقُ الأُمَمُ غَضَبَهُ.) إرمياء 10: 10
                            (26مِنْ قِبَلِي صَدَرَ أَمْرٌ بِأَنَّهُ فِي كُلِّ سُلْطَانِ مَمْلَكَتِي يَرْتَعِدُونَ وَيَخَافُونَ قُدَّامَ إِلَهِ دَانِيآلَ لأَنَّهُ هُوَ الإِلَهُ الْحَيُّ الْقَيُّومُ إِلَى الأَبَدِ وَمَلَكُوتُهُ لَنْ يَزُولَ وَسُلْطَانُهُ إِلَى الْمُنْتَهَى.) دانيال 6: 26
                            (هَلْ قَصَرَتْ يَدِي عَنِ الْفِدَاءِ وَهَلْ لَيْسَ فِيَّ قُدْرَةٌ لِلإِنْقَاذِ؟ هُوَذَا بِزَجْرَتِي أُنَشِّفُ الْبَحْرَ. أَجْعَلُ الأَنْهَارَ قَفْراً. يُنْتِنُ سَمَكُهَا مِنْ عَدَمِ الْمَاءِ وَيَمُوتُ بِالْعَطَشِ. 3أُلْبِسُ السَّمَاوَاتِ ظَلاَماً وَأَجْعَلُ الْمِسْحَ غِطَاءَهَا».) إشعياء 50: 2-3
                            وكان الشيطان قوياً، حيث أسر الإله المتجسد لمدة 40 يوماً، يأمره بما شاء، ويحركه كيفما يريد ، وتركه وقتما أراد. بل أكثر من ذلك فإن الشيطان أمر الإله بالسجود له: (1أَمَّا يَسُوعُ فَرَجَعَ مِنَ الأُرْدُنِّ مُمْتَلِئًا مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ وَكَانَ يُقْتَادُ بِالرُّوحِ فِي الْبَرِّيَّةِ 2أَرْبَعِينَ يَوْمًا يُجَرَّبُ مِنْ إِبْلِيسَ. وَلَمْ يَأْكُلْ شَيْئًا فِي تِلْكَ الأَيَّامِ. وَلَمَّا تَمَّتْ جَاعَ أَخِيرًا. 3وَقَالَ لَهُ إِبْلِيسُ: «إِنْ كُنْتَ ابْنَ اللهِ فَقُلْ لِهَذَا الْحَجَرِ أَنْ يَصِيرَ خُبْزًا». 4فَأَجَابَهُ يَسُوعُ: «مَكْتُوبٌ أَنْ لَيْسَ بِالْخُبْزِ وَحْدَهُ يَحْيَا الإِنْسَانُ بَلْ بِكُلِّ كَلِمَةٍ مِنَ اللهِ». 5ثُمَّ أَصْعَدَهُ إِبْلِيسُ إِلَى جَبَلٍ عَالٍ وَأَرَاهُ جَمِيعَ مَمَالِكِ الْمَسْكُونَةِ فِي لَحْظَةٍ مِنَ الزَّمَانِ. 6وَقَالَ لَهُ إِبْلِيسُ: «لَكَ أُعْطِي هَذَا السُّلْطَانَ كُلَّهُ وَمَجْدَهُنَّ لأَنَّهُ إِلَيَّ قَدْ دُفِعَ وَأَنَا أُعْطِيهِ لِمَنْ أُرِيدُ. 7فَإِنْ سَجَدْتَ أَمَامِي يَكُونُ لَكَ الْجَمِيعُ». 8فَأَجَابَهُ يَسُوعُ: «اذْهَبْ يَا شَيْطَانُ! إِنَّهُ مَكْتُوبٌ: لِلرَّبِّ إِلَهِكَ تَسْجُدُ وَإِيَّاهُ وَحْدَهُ تَعْبُدُ». 9ثُمَّ جَاءَ بِهِ إِلَى أُورُشَلِيمَ وَأَقَامَهُ عَلَى جَنَاحِ الْهَيْكَلِ وَقَالَ لَهُ: «إِنْ كُنْتَ ابْنَ اللهِ فَاطْرَحْ نَفْسَكَ مِنْ هُنَا إِلَى أَسْفَلَ 10لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: أَنَّهُ يُوصِي مَلاَئِكَتَهُ بِكَ لِكَيْ يَحْفَظُوكَ 11وَأَنَّهُمْ عَلَى أَيَادِيهِمْ يَحْمِلُونَكَ لِكَيْ لاَ تَصْدِمَ بِحَجَرٍ رِجْلَكَ». 12فَأَجَابَ يَسُوعُ: «إِنَّهُ قِيلَ: لاَ تُجَرِّبِ الرَّبَّ إِلَهَكَ». 13وَلَمَّا أَكْمَلَ إِبْلِيسُ كُلَّ تَجْرِبَةٍ فَارَقَهُ إِلَى حِينٍ.) لوقا 4: 1-13
                            وأكثر من ذلك فقد قبضوا على الإله وأهانوه وأذلوه ، وبصقوا فى وجهه ، ثم أعدموه: (28فَعَرَّوْهُ وَأَلْبَسُوهُ رِدَاءً قِرْمِزِيَّاً 29وَضَفَرُوا إِكْلِيلاً مِنْ شَوْكٍ وَوَضَعُوهُ عَلَى رَأْسِهِ وَقَصَبَةً فِي يَمِينِهِ. وَكَانُوا يَجْثُونَ قُدَّامَهُ وَيَسْتَهْزِئُونَ بِهِ قَائِلِينَ: «السَّلاَمُ يَا مَلِكَ الْيَهُودِ!» 30وَبَصَقُوا عَلَيْهِ وَأَخَذُوا الْقَصَبَةَ وَضَرَبُوهُ عَلَى رَأْسِهِ. 31وَبَعْدَ مَا اسْتَهْزَأُوا بِهِ نَزَعُوا عَنْهُ الرِّدَاءَ وَأَلْبَسُوهُ ثِيَابَهُ وَمَضَوْا بِهِ لِلصَّلْبِ) متى 27: 28-31
                            إذاً لقد تساوى الثلاثة فى القوة: الإله بما ادعاه لنفسه، والشيطان بما فعله مع الرب، واليهود لأنهم أعدموا الرب صلباً، وعلى ذلك لا يمكننا أن نكتفى بالصفات فقط، بل علينا معرفة اسم الإله.
                            وإذا علمنا أن الشيطان له عدة أسماء أنقلها كما ذكرتها دائرة المعارف الكتابية مادة (إبليس – الشيطان): فهو يُسمَّى إبليس والشيطان و”"أبدون" أو "أبوليون" (رؤ 9: 11) ومعناهما "المهلك". كما يطلق عليه "المشتكي على الإخوة" (رؤ 12: 10)، و"الخصم" (1 بط 5: 18)، و"بعلزبول" (مت 12: 24)، و"بليعال" (2كو 6: 15)، و"المضل لكل العالم" (رؤ 12: 9) و"التنين العظيم" (رؤ 12: 9) ، و"العدو" (مت 13: 28 و 39)، و"الشرير" (مت 13: 19 و 38)، و"أبو الكذاب" (يو 8: 44) ، و"إله هذا الدهر" (2 كو 4: 4)، و"الكذاب" (يو 8: 44)، و"رئيس سلطان الهواء" (أف 2: 2)، و"القتاَّل" (يو 8: 44)، و"رئيس هذا العالم" (يو 12: 31، 14: 3، 16: 11)، و"الحية القديمة" (رؤ 12: 9)، و"المجرب" (مت 4: 3، 1 تس 3: 5)“. أى له 21 اسماً فى الكتاب.
                            ونعلم أن كثرة أسماء المسمَّى تشريفاً له. فهل احتفظ الكتاب بأسماء الشيطان تشريفاً له ، ولم يحفظ اسم المعبود الذى يقدسونه؟
                            بل إن بعض الأشخاص احتفظوا باسمين فى حياتهم، مثل إبرام الذى أصبح إبراهيم، وإسرائيل الذى كان يعقوب.
                            عزيزى القارىء: إن معرفة الله وصفاته فى أى دين لهو أهم الموضوعات التى تتعلق بلب هذه الديانة التى يدين بها الإنسان، ويُسلم أمره فيها لهذا الإله. إذ لابد أن أعرف اسمه الذى سأتعبد له به، وأناجيه، وأدعوه به. وهو اسم لا يشترك فيه معه أحد، غير قابل للتثنية والجمع، لأن الله واحد، ولا شريك له، ولا إله معه. فكيف نتوقع أن اسم الله يُجمع؟
                            فى الوقت الذى ترى فيه الكتاب الذى يقدسوه قد حذف هذا الاسم أو استبدله بكلمة (الله) أو كلمة (الرب). فالاسم (يهوَه) أو (يهوِه)،‏ وهو اللفظ الذي يفضله الكتاب المقدس الأورشليمي الكاثوليكي وبعض العلماء، يظهر 7000 مرة تقريباً في الأسفار العبرانية الأصلية. لكنَّ غالبية الكتب المقدسة لا تبيِّن هذا الاسم بل تضع مكانه «الله» او «الرب». وبعض هذه الكتب المقدسة تعترف بأنها استبدلت الاسم يهوه. ولكن هنالك ترجمات عصرية عديدة بلغات مختلفة تستعمل إما الاسم يهوَه او الاسم يهوِه.
                            فكيف يتم هذا؟ ولمصلحة من يتم حذف اسم الرب؟ وكيف يتم تغيير الاسم العلم فى الترجمة؟ فقد يتفق اليهود والمسلمون فى الكثير من صفات الله ، لكن أين اسم (الله) فى الكتاب بأكمله؟ وطبعاً لم ينس المترجم إلى اللغة العربية أن يكتب مكان يهوه أو ألوهيم أو زيوس التى جاءت فى العهد الجديد كلمة الله، على الرغم من أن صغار المترجمين يعلمون أن الاسم العلم لا يُترجم.فالأستاذ مصباح لا يُترجم تحت اسم master Lamp، ولا تُترجم كلمة السيدة صباح إلى Mrs Morning ، وليس لديهم سببًا مقنعًا عن ترجمة أسماء الأعلام فى كتابهم!!
                            اتفق اليهود على جعل دينهم ديناً محلياً خاصاً بهم فقط دون باقى البشر، ويرفضون انضمام أى شخص آخر إليه. ويُعادون كل ما هو غير يهودى. لذلك يُعد من القربات إلى إلههم كما يفهمون أنهم هم شعب الله المختار وأحباؤه، أما غيرهم فهم من الخطاة، وأن تقرض أخاك اليهودى بدون مرابحة، ولكن عليك أن تقرض الغريب بمرابحة وهكذا: (نَحْنُ بِالطَّبِيعَةِ يَهُودٌ وَلَسْنَا مِنَ الأُمَمِ خُطَاةً) غلاطية 2: 15
                            (22هَكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: «هَا إِنِّي أَرْفَعُ إِلَى الأُمَمِ يَدِي وَإِلَى الشُّعُوبِ أُقِيمُ رَايَتِي فَيَأْتُونَ بِأَوْلاَدِكِ فِي الأَحْضَانِ وَبَنَاتُكِ عَلَى الأَكْتَافِ يُحْمَلْنَ. 23وَيَكُونُ الْمُلُوكُ حَاضِنِيكِ وَسَيِّدَاتُهُمْ مُرْضِعَاتِكِ.. بِالْوُجُوهِ إِلَى الأَرْضِ يَسْجُدُونَ لَكِ وَيَلْحَسُونَ غُبَارَ رِجْلَيْكِ فَتَعْلَمِينَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ الَّذِي لاَ يَخْزَى مُنْتَظِرُوهُ».) إشعياء 49: 22-23
                            (5وَيَقِفُ الأَجَانِبُ وَيَرْعُونَ غَنَمَكُمْ وَيَكُونُ بَنُو الْغَرِيبِ حَرَّاثِيكُمْ وَكَرَّامِيكُمْ. 6أَمَّا أَنْتُمْ فَتُدْعَوْنَ كَهَنَةَ الرَّبِّ تُسَمُّونَ خُدَّامَ إِلَهِنَا. تَأْكُلُونَ ثَرْوَةَ الأُمَمِ وَعَلَى مَجْدِهِمْ تَتَأَمَّرُونَ) إشعياء 61: 5-6
                            (19«لا تُقْرِضْ أَخَاكَ بِرِباً رِبَا فِضَّةٍ أَوْ رِبَا طَعَامٍ أَوْ رِبَا شَيْءٍ مَا مِمَّا يُقْرَضُ بِرِباً 20لِلأَجْنَبِيِّ تُقْرِضُ بِرِباً وَلكِنْ لأَخِيكَ لا تُقْرِضْ بِرِباً لِيُبَارِكَكَ الرَّبُّ إِلهُكَ فِي كُلِّ مَا تَمْتَدُّ إِليْهِ يَدُكَ فِي الأَرْضِ التِي أَنْتَ دَاخِلٌ إِليْهَا لِتَمْتَلِكَهَا.) تثنية 23: 19-20
                            (2وَهَذَا هُوَ حُكْمُ الإِبْرَاءِ: يُبْرِئُ كُلُّ صَاحِبِ دَيْنٍ يَدَهُ مِمَّا أَقْرَضَ صَاحِبَهُ. لا يُطَالِبُ صَاحِبَهُ وَلا أَخَاهُ لأَنَّهُ قَدْ نُودِيَ بِإِبْرَاءٍ لِلرَّبِّ. 3الأَجْنَبِيَّ تُطَالِبُ وَأَمَّا مَا كَانَ لكَ عِنْدَ أَخِيكَ فَتُبْرِئُهُ يَدُكَ مِنْهُ.) تثنية 15: 2-3
                            («مَتَى أَتَى بِكَ الرَّبُّ إِلهُكَ إِلى الأَرْضِ التِي أَنْتَ دَاخِلٌ إِليْهَا لِتَمْتَلِكَهَا وَطَرَدَ شُعُوباً كَثِيرَةً مِنْ أَمَامِكَ: الحِثِّيِّينَ وَالجِرْجَاشِيِّينَ وَالأَمُورِيِّينَ وَالكَنْعَانِيِّينَ وَالفِرِزِّيِّينَ وَالحِوِّيِّينَ وَاليَبُوسِيِّينَ سَبْعَ شُعُوبٍ أَكْثَرَ وَأَعْظَمَ مِنْكَ 2وَدَفَعَهُمُ الرَّبُّ إِلهُكَ أَمَامَكَ وَضَرَبْتَهُمْ فَإِنَّكَ تُحَرِّمُهُمْ. لا تَقْطَعْ لهُمْ عَهْداً وَلا تُشْفِقْ عَليْهِمْ 3وَلا تُصَاهِرْهُمْ. ابْنَتَكَ لا تُعْطِ لاِبْنِهِ وَابْنَتَهُ لا تَأْخُذْ لاِبْنِكَ. 4لأَنَّهُ يَرُدُّ ابْنَكَ مِنْ وَرَائِي فَيَعْبُدُ آلِهَةً أُخْرَى فَيَحْمَى غَضَبُ الرَّبِّ عَليْكُمْ وَيُهْلِكُكُمْ سَرِيعاً. 5وَلكِنْ هَكَذَا تَفْعَلُونَ بِهِمْ: تَهْدِمُونَ مَذَابِحَهُمْ وَتُكَسِّرُونَ أَنْصَابَهُمْ وَتُقَطِّعُونَ سَوَارِيَهُمْ وَتُحْرِقُونَ تَمَاثِيلهُمْ بِالنَّارِ. 6لأَنَّكَ أَنْتَ شَعْبٌ مُقَدَّسٌ لِلرَّبِّ إِلهِكَ. إِيَّاكَ قَدِ اخْتَارَ الرَّبُّ إِلهُكَ لِتَكُونَ لهُ شَعْباً أَخَصَّ مِنْ جَمِيعِ الشُّعُوبِ الذِينَ عَلى وَجْهِ الأَرْضِ) تثنية 7: 1-7
                            (22فَإِنَّهُ مَكْتُوبٌ أَنَّهُ كَانَ لِإِبْرَاهِيمَ ابْنَانِ، وَاحِدٌ مِنَ الْجَارِيَةِ وَالآخَرُ مِنَ الْحُرَّةِ. 23لَكِنَّ الَّذِي مِنَ الْجَارِيَةِ وُلِدَ حَسَبَ الْجَسَدِ، وَأَمَّا الَّذِي مِنَ الْحُرَّةِ فَبِالْمَوْعِدِ. .. .. 30لَكِنْ مَاذَا يَقُولُ الْكِتَابُ؟ «اطْرُدِ الْجَارِيَةَ وَابْنَهَا، لأَنَّهُ لاَ يَرِثُ ابْنُ الْجَارِيَةِ مَعَ ابْنِ الْحُرَّةِ». 31إِذاً أَيُّهَا الإِخْوَةُ لَسْنَا أَوْلاَدَ جَارِيَةٍ بَلْ أَوْلاَدُ الْحُرَّةِ)غلاطية 4: 22-23، 30-31
                            وهذا على الرغم من قول التوراة نفسها أن للابن البكر الحق فى البكورية أى النبوة والميراث حتى لو كان ابن الخادمة أو ابن المرأة المكروهة:
                            (15«إِذَا كَانَ لِرَجُلٍ امْرَأَتَانِ إِحْدَاهُمَا مَحْبُوبَةٌ وَالأُخْرَى مَكْرُوهَةٌ فَوَلدَتَا لهُ بَنِينَ المَحْبُوبَةُ وَالمَكْرُوهَةُ. فَإِنْ كَانَ الاِبْنُ البِكْرُ لِلمَكْرُوهَةِ 16فَيَوْمَ يَقْسِمُ لِبَنِيهِ مَا كَانَ لهُ لا يَحِلُّ لهُ أَنْ يُقَدِّمَ ابْنَ المَحْبُوبَةِ بِكْراً عَلى ابْنِ المَكْرُوهَةِ البِكْرِ 17بَل يَعْرِفُ ابْنَ المَكْرُوهَةِ بِكْراً لِيُعْطِيَهُ نَصِيبَ اثْنَيْنِ مِنْ كُلِّ مَا يُوجَدُ عِنْدَهُ لأَنَّهُ هُوَ أَوَّلُ قُدْرَتِهِ. لهُ حَقُّ البَكُورِيَّةِ.) تثنية 21: 15-17
                            ورغم قولهم هذا لا يكيلون بنفس المكيال على أنفسهم: فقد كان (دان) و(نفتالى) ابنى يعقوب من بلهة جارية راحيل، وكذلك (جاد) و(أشير) ابنى يعقوب من زلفة جارية ليئة من الأسباط الاثنى عشر ذرية يعقوب عليه السلام: (1فَلَمَّا رَأَتْ رَاحِيلُ أَنَّهَا لَمْ تَلِدْ لِيَعْقُوبَ غَارَتْ رَاحِيلُ مِنْ أُخْتِهَا وَقَالَتْ لِيَعْقُوبَ: «هَبْ لِي بَنِينَ وَإِلَّا فَأَنَا أَمُوتُ». 2فَحَمِيَ غَضَبُ يَعْقُوبَ عَلَى رَاحِيلَ وَقَالَ: «أَلَعَلِّي مَكَانَ اللهِ الَّذِي مَنَعَ عَنْكِ ثَمْرَةَ الْبَطْنِ؟» 3فَقَالَتْ: «هُوَذَا جَارِيَتِي بَلْهَةُ. ادْخُلْ عَلَيْهَا فَتَلِدَ عَلَى رُكْبَتَيَّ وَأُرْزَقُ أَنَا أَيْضاً مِنْهَا بَنِينَ». 4فَأَعْطَتْهُ بَلْهَةَ جَارِيَتَهَا زَوْجَةً فَدَخَلَ عَلَيْهَا يَعْقُوبُ 5فَحَبِلَتْ بَلْهَةُ وَوَلَدَتْ لِيَعْقُوبَ ابْناً 6فَقَالَتْ رَاحِيلُ: «قَدْ قَضَى لِيَ اللهُ وَسَمِعَ أَيْضاً لِصَوْتِي وَأَعْطَانِيَ ابْناً». لِذَلِكَ دَعَتِ اسْمَهُ «دَاناً». 7وَحَبِلَتْ أَيْضاً بَلْهَةُ جَارِيَةُ رَاحِيلَ وَوَلَدَتِ ابْناً ثَانِياً لِيَعْقُوبَ 8فَقَالَتْ رَاحِيلُ: «قَدْ صَارَعْتُ أُخْتِي مُصَارَعَاتِ اللهِ وَغَلَبْتُ». فَدَعَتِ اسْمَهُ «نَفْتَالِي».9وَلَمَّا رَأَتْ لَيْئَةُ أَنَّهَا تَوَقَّفَتْ عَنِ الْوِلاَدَةِ أَخَذَتْ زِلْفَةَ جَارِيَتَهَا وَأَعْطَتْهَا لِيَعْقُوبَ زَوْجَةً 10فَوَلَدَتْ زِلْفَةُ جَارِيَةُ لَيْئَةَ لِيَعْقُوبَ ابْناً. 11فَقَالَتْ لَيْئَةُ: «بِسَعْدٍ». فَدَعَتِ اسْمَهُ «جَاداً». 12وَوَلَدَتْ زِلْفَةُ جَارِيَةُ لَيْئَةَ ابْناً ثَانِياً لِيَعْقُوبَ 13فَقَالَتْ لَيْئَةُ:«بِغِبْطَتِي لأَنَّهُ تُغَبِّطُنِي بَنَاتٌ».فَدَعَتِ اسْمَهُ «أَشِيرَ»)تكوين30: 1-13
                            بل يقول التلمود لديهم إن من يزنى مع غير اليهود لا يُعاقب، بل هو نوع من الحفاظ على دولة إسرائيل من الزوال. لأنهم يعلمون أنه إذا انتشر الربا والزنى فى قرية يأتيها عذاب الله. فإذا انتشر الزنى بين المسلمين فقد استوجب ذلك عقاب الله لهم ، وبذلك لا ينصرهم على من عاداهم.
                            وباتفاقهم على الإستئثار بهذا الإله لأنفسهم أخفوا اسمه بأن حذفوه من النصوص، ورفضوا نطق اسمه، حتى لا يحفظه أبناء إسرائيل فيعرفه أيضاً غيرهم. فبمرور الوقت نسوا اسم إلههم الذى يعبدوه. فأرسل الله لهم الأنبياء تذِّكرهم باسم الله وتعاليمه، ومع ذلك استمروا فى حذفه، وعدُّوها من القربات إلى الله عدم نطق اسمه. فمن المستحيل أن يضيع اسم الله من كتابه المقدس! فلماذا كان النسَّاخ يغتسلون قبل نسخهم للمخطوطات طالما أن اسم الله غير موجود؟
                            لقد حذفوا إذاً وأضافوا على نص الرب ، فلماذا لم يحفظ الرب هذا الكتاب من أيدى العابثين؟ وهل قاموا هنا بِعَدِّ كلمات وحروف النصوص ليتأكدوا من صحة النسخ وأن هذه المخطوطات تتَّحد فى عدد الحروف والكلمات والمعانى، كما يدعى القس صموئيل مشرقى فى كتابه (عصمة الكتاب المقدس واستحالة تحريفه) ص 31-32؟ ألم يتيقنوا من عدم وجود اسم الرب الذى اغتسلوا لأجل كتابته؟ فمن المستحيل ضياع اسم الرب من كل الكتب المنسوبة لله؟ وهل هى نفس عدد الحروف والكلمات فى الترجمة العربية المشتركة أو الكاثوليكية أو البولسية أو كتاب الحياة؟ لا.
                            ويقول الرب عن نفسه: (لأَنَّهُ مِنْ مَشْرِقِ الشَّمْسِ إِلَى مَغْرِبِهَا اسْمِي عَظِيمٌ بَيْنَ الأُمَمِ .. .. وَاسْمِي مَهِيبٌ بَيْنَ الأُمَمِ) ملاخى 1: 11 ، 14
                            فاسم الله عظيم ومهيب بين الأمم من مشرق الأرض إلى مغربها، أى ليس فقط بين بنى إسرائيل، فما هو اسمه؟ وأى اسم يقصده الرب: هل اسمه الذى ضاع، أم اسمه الجديد الذى لا يعرفون معناه، ولا كيفية نطقه، ولا اشتقاقاته؟ ولكن يجب أن يُنشر فى كل بقاع الأرض، وذلك عملاً بأمر الله لبنى إسرائيل: (16وَلَكِنْ لأَجْلِ هَذَا أَقَمْتُكَ لِأُرِيَكَ قُوَّتِي وَلِيُخْبَرَ بِاسْمِي فِي كُلِّ الأَرْضِ.) خروج 9: 16
                            هل تتخيل معنى ضياع اسم الرب من كتابه؟ إنه ضياع رسالة الرب نفسها! وضياع رسالة الرب معناه فشل الرب فى اختيار أنبيائه أو فى الحفاظ على كتابه لو كان قد تعهَّد بالحفاظ عليه!
                            ألا يعنى ضياع اسم الرب ضياع كرامته، وعزته، وصفة مقدسة من صفاته؟
                            ألا يعنى ضياع اسم الرب فشل الرب فى الحفاظ على اسمه، كما فشل فى الحفاظ على جسده، فاعتقله الشيطان 40 يومًا، يذله ويسحبه أينما ذهب؟
                            ألا يعنى ضياع اسم الرب فشل الرب أيضًا فى الحفاظ على أنبيائه وعصمتهم من الزنى والكفر والفجور؟
                            ألا يعنى ضياع اسم الرب فشله فى الحفاظ على كتبه، التى تستشهد منها، كما فشل فى الحفاظ على أى شىء، حتى ضربه أحد عبيده (يعقوب)، وأجبره على أن يباركه (تكوين 32: 22-30)؟
                            ألم يفشل الرب فى الحفاظ على خصوصية اجتماعاته مع جند السماء وسريتها، واقتحم إبليس المكان، بل أشار على الرب الفاشل هو وجنوده بالحل الأمثل لإغواء أخاب (ملوك الأول 22: 19-22)؟
                            ألم يقتحم إبليس نفسه كتاب الرب وجعله يأمر هارون أن يذبح له تيسًا مماثلا لتيس الرب (لاويين 16: 5-10)؟
                            ألم يقتحم إبليس كتاب الرب وعقله، وجعله يأمر بقتل من عبدوا العجل (خروج 32: 21-28)، واستثنى الرأس الكبير الذى صنع العجل نفسه، وهو هارون (خروج 32: 1-6)؟ ثم كيف تثق أنت فى هذا الإله غير العادل؟ ألا يشككنا هذا فى عدالتك يا سيد رشيد وكيفية حكمك على الأمر؟ ألا يختار هذا الإله أنبياءه بعلمه الأزلى، ويعلم ما سيفعلون، أم فرضت عليه نبوتهم كما فرضها يعقوب عليه؟ وعلى ذلك فعلى كل عاقل عادل أن يُسقط شهادة هذا الإله، ولا يعتد بها، ويسقط كل ما يتعلق به من كتب وأبنياء!
                            ألم يقتحم الشيطان نفسه كتاب الرب وسمَّى نفسه فيه (إله هذا الدهر (2 كو 4: 4)) و(رئيس هذا العالم (يو 12: 31؛ 16: 11)) و(رئيس سلطان الهواء (أف 2: 2))؟
                            ألم يطلق الرب يهوه/يسوع على سليمان الذى كفر وعبد الأوثان وأقام لها المذابح ودعا لعبادتها صفة الحكيم؟ (42مَلِكَةُ التَّيْمَنِ سَتَقُومُ فِي الدِّينِ مَعَ هَذَا الْجِيلِ وَتَدِينُهُ لأَنَّهَا أَتَتْ مِنْ أَقَاصِي الأَرْضِ لِتَسْمَعَ حِكْمَةَ سُلَيْمَانَ وَهُوَذَا أَعْظَمُ مِنْ سُلَيْمَانَ هَهُنَا!) متى 12: 42
                            فهل هذا إله حكيم؟ هل هذا إله عادل؟ إنه لفاقد الرشد! فكيف يأمر بقتل عابدى العجل، ويغض الطرف عن هارون صانعه، كما غض الطرف عن سليمان بانى المذابح للأوثان؟ ثم كيف ينعت هذا الكافر بالحكمة؟ فهل الحكمة فى ترك الرب وعبادة الأوثان والدعوة لعبادتها؟ وهل الحكمة فى غض الطرف عن جريمة إبراهيم فى تسليم شرف زوجته لفرعون ليعبث به، حتى ينال إبراهيم خيرات فرعون ورضاه عنه ويبقيه حيًا؟
                            فعن أى دين تتكلم يا سيد رشيد؟ وعلى أى عقيدة تدافع؟ وما هو الدين الذى تدعى أنك هربت إليه فرارًا من الإسلام؟ ومن هو هذا الإله الذليل الذى تتعبد له؟ هل تتعبد لإله أذله عبيده، وأذله الشيطان؟
                            ومعنى موافقة الرب أن يحدث كل هذا فى ملكوته وكتابه بإرادته ، أنه لا يعير هذا الكتاب أهمية ، لأنه ليس بالكتاب الخاتم ، وقد قرر أنه سوف يرسل لهم من تبقى رسالته خالدة ، ويحفظها هو لهم!
                            إنى أتخيله أكبر من فقدان الجسد للرأس أو القلب ، فستضيع معه الروح ومن ثم الجسد نفسه.وهكذا فإن فقدان اسم الرب من كتابكم يعنى ضياع قيمة الكتاب الذى تقدسونه.
                            ويقول العميد مهندس جمال الدين شرقاوى عن كيفية نطق هذا الاسم فى كتابه (معالم أساسية ضاعت من المسيحية) ص29: إن كلمة يهوه “تتكون من أربع حروف صوامت هى (ى هـ و هـ) ، ولا يعرف أحد من العلماء كيفية نطقها إلى يومنا هذا سواء كان يهودياً أم مسيحياً. المهم أنها أربعة حروف مقطعة تشير إلى اسم الإله، وليست كلمة واحدة. فعندما تقع أعين اليهودى عليها يقرأها، وإنما يقول على الفور أدوناى أى سيدى. فإن كانت هذه الأحرف الأربعة هى الاسم المقدس لظلَّت ألسن العُبَّاد تذكره بها إلى الأبد ، ولما ضاع منهم نطقه والتلفظ به ..!!”
                            “وهناك محاولات كثيرة يبذلها العلماء فى كيفية نطق الاسم المشار إليه بهذه الأحرف الأربعة، من أشهر تلك المحاولات هو أن تُخرجَ من فمك صوتاً يشابه صوت خوار العجل فتقول جيهوووووفا، والذى يكتب فى التراجم الإنجليزية (Jehova) كأنهم يحاكون خوار العجل الذهبى الذى عبدوه أثناء ذهاب موسى عليه السلام لميقات ربه!”
                            وفى ص30 يقول: “ومن تلك المحاولات الشهيرة أيضًا، محاولة آباء كنيسة الاسكندرية القدماء حين نطقوها باللاتينية قائلين (أيُّووووه).”
                            وحتى لا يظن أحد من القراء أنه ربما لم يخبر الرب أحدًا باسمه ، أذكر لكم أوامر الله لأنبياءه أن يعلنوا اسمه لشعبه ليتعبدوا به ، ويتقربوا إليه باسمه، فقال: (4وَتَقُولُونَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ: «احْمَدُوا الرَّبَّ. ادْعُوا بِاسْمِهِ. عَرِّفُوا بَيْنَ الشُّعُوبِ بِأَفْعَالِهِ. ذَكِّرُوا بِأَنَّ اسْمَهُ قَدْ تَعَالَى.) أشعياء 12: 4
                            (7لاَ تَنْطِقْ بِاسْمِ الرَّبِّ إِلَهِكَ بَاطِلاً لأَنَّ الرَّبَّ لاَ يُبْرِئُ مَنْ نَطَقَ بِاسْمِهِ بَاطِلاً.) خروج 20: 7 ، وتكررت فى تثنية 5: 11
                            (13الرَّبَّ إِلهَكَ تَتَّقِي وَإِيَّاهُ تَعْبُدُ وَبِاسْمِهِ تَحْلِفُ.) تثنية 6: 13 ، و10: 20
                            (8فِي ذَلِكَ الوَقْتِ أَفْرَزَ الرَّبُّ سِبْطَ لاوِي لِيَحْمِلُوا تَابُوتَ عَهْدِ الرَّبِّ وَلِيَقِفُوا أَمَامَ الرَّبِّ لِيَخْدِمُوهُ وَيُبَارِكُوا بِاسْمِهِ إِلى هَذَا اليَوْمِ) تثنية 10: 8
                            (11فَالمَكَانُ الذِي يَخْتَارُهُ الرَّبُّ إِلهُكُمْ لِيَحِل اسْمَهُ فِيهِ تَحْمِلُونَ إِليْهِ كُل مَا أَنَا أُوصِيكُمْ بِهِ: مُحْرَقَاتِكُمْ وَذَبَائِحَكُمْ وَعُشُورَكُمْ وَرَفَائِعَ أَيْدِيكُمْ وَكُل خِيَارِ نُذُورِكُمُ التِي تَنْذُرُونَهَا لِلرَّبِّ.) تثنية 12: 11
                            (21إِذَا كَانَ المَكَانُ الذِي يَخْتَارُهُ الرَّبُّ إِلهُكَ لِيَضَعَ اسْمَهُ فِيهِ بَعِيداً عَنْكَ فَاذْبَحْ مِنْ بَقَرِكَ وَغَنَمِكَ التِي أَعْطَاكَ الرَّبُّ كَمَا أَوْصَيْتُكَ وَكُل فِي أَبْوَابِكَ مِنْ كُلِّ مَا اشْتَهَتْ نَفْسُكَ.) تثنية 12: 21
                            (30أُسَبِّحُ اسْمَ اللهِ بِتَسْبِيحٍ وَأُعَظِّمُهُ بِحَمْدٍ.) مزامير 69: 30
                            (20فَقَالَ دَانِيآلُ: [لِيَكُنِ اسْمُ اللَّهِ مُبَارَكاً مِنَ الأَزَلِ وَإِلَى الأَبَدِ لأَنَّ لَهُ الْحِكْمَةَ وَالْجَبَرُوتَ.) دانيال 2: 20
                            (5لأَنَّ جَمِيعَ الشُّعُوبِ يَسْلُكُونَ كُلُّ وَاحِدٍ بِـاسْمِ إِلَهِهِ وَنَحْنُ نَسْلُكُ بِـاسْمِ الرَّبِّ إِلَهِنَا إِلَى الدَّهْرِ وَالأَبَدِ.) ميخا 4: 5
                            (24لأَنَّ اسْمَ اللهِ يُجَدَّفُ عَلَيْهِ بِسَبَبِكُمْ بَيْنَ الأُمَمِ كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ.) رومية 2: 24
                            (1جَمِيعُ الَّذِينَ هُمْ عَبِيدٌ تَحْتَ نِيرٍ فَلْيَحْسِبُوا سَادَتَهُمْ مُسْتَحِقِّينَ كُلَّ إِكْرَامٍ، لِئَلاَّ يُفْتَرَى عَلَى اسْمِ اللهِ وَتَعْلِيمِهِ.) تيموثاوس الأولى 6: 1
                            (9فَاحْتَرَقَ النَّاسُ احْتِرَاقاً عَظِيماً، وَجَدَّفُوا عَلَى اسْمِ اللهِ الَّذِي لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى هَذِهِ الضَّرَبَاتِ، وَلَمْ يَتُوبُوا لِيُعْطُوهُ مَجْداً.) رؤيا 16: 9
                            فقد كان اسم الله إذاً معروفاً بين الشعب، يحلفون به، ويقدمون باسمه المحرقات، وباسمه يبنون المذابح، ويتقون الحلف كذباً باسمه، ويسبحونه بذكر هذا الاسم. لقد حذفوا اسم الله ووضعوا بدلاً منه كلمة يهوه ، ويتضح هذا على الأكثر من أشعياء 42: 8 (8أَنَا الرَّبُّ هَذَا اسْمِي وَمَجْدِي لاَ أُعْطِيهِ لِآخَرَ وَلاَ تَسْبِيحِي لِلْمَنْحُوتَاتِ.) ، فقد حذفوا اسم الله ووضعوا بدلاً منه كلمة الرب فى التراجم العربية ، وفى العبرية كتبوا (يهوه).
                            الأمر الذى انتقده الله، وفضح من يحاول أن يُنسى الشعب اسمه، وذلك بالطبع عن طريق الكذب وادعاء النبوة، وأن هذه هى أوامر الله، فقال: إرمياء 23: 25-27 (25قَدْ سَمِعْتُ مَا قَالَهُ الأَنْبِيَاءُ الَّذِينَ تَنَبَّأُوا بِاسْمِي بِالْكَذِبِ قَائِلِينَ: حَلُمْتُ حَلُمْتُ. 26حَتَّى مَتَى يُوجَدُ فِي قَلْبِ الأَنْبِيَاءِ الْمُتَنَبِّئِينَ بِالْكَذِبِ؟ بَلْ هُمْ أَنْبِيَاءُ خِدَاعِ قَلْبِهِمِ! 27الَّذِينَ يُفَكِّرُونَ أَنْ يُنَسُّوا شَعْبِي اسْمِي بِأَحْلاَمِهِمِ الَّتِي يَقُصُّونَهَا الرَّجُلُ عَلَى صَاحِبِهِ كَمَا نَسِيَ آبَاؤُهُمُ اسْمِي لأَجْلِ الْبَعْلِ.)
                            واستمر الحال على هذا المنوال حتى جاء عيسى عليه السلام، ونطق باسم الله تعالى، والدليل على ذلك قوله: (6«أَنَا أَظْهَرْتُ اسْمَكَ لِلنَّاسِ الَّذِينَ أَعْطَيْتَنِي مِنَ الْعَالَمِ. .. .. .. 26وَعَرَّفْتُهُمُ اسْمَكَ وَسَأُعَرِّفُهُمْ لِيَكُونَ فِيهِمُ الْحُبُّ الَّذِي أَحْبَبْتَنِي بِهِ وَأَكُونَ أَنَا فِيهِمْ) يوحنا 17: 6 ، 26
                            وفى الترجمة المشتركة: (أظهرتُ لهم اسمك ، وسأظهره لهم)
                            والإظهار لا يتم إلا من بعد الإخفاء. والتعريف بالشىء يكون من بعد جهله.
                            فأين هو اسم الله؟ لقد ضاع من اليهود ، وضاع من المسيحيين؟ لقد تآمر عبيد الله على إخفاء اسم الله. فلمصلحة مَن هذا؟
                            هل تتخيلون أن الأناجيل الثلاثة الأولى المتوافقة لم يذكر فيها أن يسوع علم الناس اسم الله الأعظم؟
                            وإذا كانت الصلاة تكون بأن تطلبوا من الله أن يتقدس اسمه ، فما هو هذا الاسم الذى تطلبون تقديسه؟ (9«فَصَلُّوا أَنْتُمْ هَكَذَا: أَبَانَا الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ لِيَتَقَدَّسِ اسْمُكَ.) متى 6: 9
                            وهل تعتقدون أن يسوع كان يُخاطب الله داعيًا إياه أن يُمجِّد اسمه دون أن يكون لهذا الإله اسمًا؟ ما هو اسم الله الذى سيمجده؟ (28أَيُّهَا الآبُ مَجِّدِ اسْمَكَ». فَجَاءَ صَوْتٌ مِنَ السَّمَاءِ: «مَجَّدْتُ وَأُمَجِّدُ أَيْضاً».) يوحنا 12: 28
                            وما هو اسم الله القدوس الذى سيحفظهم فيه؟ (أَيُّهَا الآبُ الْقُدُّوسُ احْفَظْهُمْ فِي اسْمِكَ. الَّذِينَ أَعْطَيْتَنِي لِيَكُونُوا وَاحِداً كَمَا نَحْنُ.) يوحنا 17: 11
                            وأين نجد اسم الله البار ، فقد اعترف يسوع أنه عرَّف أتباعه بهذا الاسم ، فأين هو فى الكتاب؟ (25أَيُّهَا الآبُ الْبَارُّ إِنَّ الْعَالَمَ لَمْ يَعْرِفْكَ أَمَّا أَنَا فَعَرَفْتُكَ وَهَؤُلاَءِ عَرَفُوا أَنَّكَ أَنْتَ أَرْسَلْتَنِي. 26وَعَرَّفْتُهُمُ اسْمَكَ وَسَأُعَرِّفُهُمْ لِيَكُونَ فِيهِمُ الْحُبُّ الَّذِي أَحْبَبْتَنِي بِهِ وَأَكُونَ أَنَا فِيهِمْ».) يوحنا 17: 25-26
                            فما هى محبة الله؟ فهل محبة الله فى طمس اسمه أو إخفائه؟ أهكذا بكل بساطة ضيعوا اسمه؟ قولوا لى بالله عليكم: ماذا كان الشيطان سيفعل غير ذلك؟
                            وكيف حافظ بنو إسرائيل على وصايا الله؟ فإذا كان دانيال قد قال فى كتابه: (لِيَكُنِ اسْمُ اللَّهِ مُبَارَكاً مِنَ الأَزَلِ وَإِلَى الأَبَدِ لأَنَّ لَهُ الْحِكْمَةَ وَالْجَبَرُوتَ)دانيال2: 20 فما هو اسم الله الذى يجب أن يكون مباركاً إلى الأبد؟
                            هل تعرف أن النبى الذى يتنبأ بنبوءة كاذبة هو نبى كاذب لا يُعتد بكلامه أو بكتابه؟ (21وَإِنْ قُلتَ فِي قَلبِكَ: كَيْفَ نَعْرِفُ الكَلامَ الذِي لمْ يَتَكَلمْ بِهِ الرَّبُّ؟ 22فَمَا تَكَلمَ بِهِ النَّبِيُّ بِاسْمِ الرَّبِّ وَلمْ يَحْدُثْ وَلمْ يَصِرْ فَهُوَ الكَلامُ الذِي لمْ يَتَكَلمْ بِهِ الرَّبُّ بَل بِطُغْيَانٍ تَكَلمَ بِهِ النَّبِيُّ فَلا تَخَفْ مِنْهُ».) تثنية 18: 21-22
                            وإن طبقنا هذه النبوءة على كل أنبياء الكتاب المقدس لكان كل أنبياؤهم كذبة بما فى ذلك يسوع ، ولا يُعتد بكلامهم. وبالتالى سقطت عصمة الكتاب الذى يقدسونه.
                            وطلب من أتباعه أن يصلوا لله الذى فى السماوات قائلين: (أَبَانَا الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ لِيَتَقَدَّسِ اسْمُكَ.) متى 6: 9
                            ولم يُخفِ تعاليمه ، بل كان يعلِّم فى وضوح النهار وفى المعبد لكل اليهود: (19فَسَأَلَ رَئِيسُ الْكَهَنَةِ يَسُوعَ عَنْ تلاَمِيذِهِ وَعَنْ تَعْلِيمِهِ. 20أَجَابَهُ يَسُوعُ: «أَنَا كَلَّمْتُ الْعَالَمَ علاَنِيَةً. أَنَا عَلَّمْتُ كُلَّ حِينٍ فِي الْمَجْمَعِ وَفِي الْهَيْكَلِ حَيْثُ يَجْتَمِعُ الْيَهُودُ دَائِماً. وَفِي الْخَفَاءِ لَمْ أَتَكَلَّمْ بِشَيْءٍ. 21لِمَاذَا تَسْأَلُنِي أَنَا؟ اِسْأَلِ الَّذِينَ قَدْ سَمِعُوا مَاذَا كَلَّمْتُهُمْ. هُوَذَا هَؤُلاَءِ يَعْرِفُونَ مَاذَا قُلْتُ أَنَا».) يوحنا 18: 20-21
                            وبالتالى كان تلاميذه وخاصته يعرفونه ويُجاهرون به، الأمر الذى دفع الفريسيين الذين سمعوهم إلى مطالبة يسوع أن ينتهر تلاميذه ليكفوا عن إعلان اسم الله: (37وَلَمَّا قَرُبَ عِنْدَ مُنْحَدَرِ جَبَلِ الزَّيْتُونِ ابْتَدَأَ كُلُّ جُمْهُورِ التَّلاَمِيذِ يَفْرَحُونَ وَيُسَبِّحُونَ اللهَ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ لأَجْلِ جَمِيعِ الْقُوَّاتِ الَّتِي نَظَرُوا 38قَائِلِينَ: «مُبَارَكٌ الْمَلِكُ الآتِي بِاسْمِ الرَّبِّ! سَلاَمٌ فِي السَّمَاءِ وَمَجْدٌ فِي الأَعَالِي!». 39وَأَمَّا بَعْضُ الْفَرِّيسِيِّينَ مِنَ الْجَمْعِ فَقَالُوا لَهُ: «يَا مُعَلِّمُ انْتَهِرْ تَلاَمِيذَكَ». 40فَأَجَابَ: «أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ إِنْ سَكَتَ هَؤُلاَءِ فَالْحِجَارَةُ تَصْرُخُ!».) لوقا 19: 37-40
                            فإذا قرأت هذه الفقرة بتمعن تجد أن التلاميذ لم يفعلوا شيئاً إلا أنهم سبحوا الله. فما المخالفة الشرعية التى اقترفها التلاميذ هنا؟ إنهم ذكروا اسم الله مخالفين بذلك التقاليد اليهودية. لذلك وقف عيسى عليه السلام أمام اليهود وهاجم تقاليدهم التى أصبحت هى الدين فقال لهم: (6فَقَدْ أَبْطَلْتُمْ وَصِيَّةَ اللَّهِ بِسَبَبِ تَقْلِيدِكُمْ! 7يَا مُرَاؤُونَ! حَسَناً تَنَبَّأَ عَنْكُمْ إِشَعْيَاءُ قَائِلاً: 8يَقْتَرِبُ إِلَيَّ هَذَا الشَّعْبُ بِفَمِهِ وَيُكْرِمُنِي بِشَفَتَيْهِ وَأَمَّا قَلْبُهُ فَمُبْتَعِدٌ عَنِّي بَعِيداً. 9وَبَاطِلاً يَعْبُدُونَنِي وَهُمْ يُعَلِّمُونَ تَعَالِيمَ هِيَ وَصَايَا النَّاسِ».) متى 15: 6-9
                            وبرَّأ نفسه من تقاليدهم فتضرَّع لله قبل أن يرفعه إلى السماء من هذا العالم: (1تَكَلَّمَ يَسُوعُ بِهَذَا وَرَفَعَ عَيْنَيْهِ نَحْوَ السَّمَاءِ وَقَالَ: .. .. .. 6«أَنَا أَظْهَرْتُ اسْمَكَ لِلنَّاسِ الَّذِينَ أَعْطَيْتَنِي مِنَ الْعَالَمِ. .. .. .. 9مِنْ أَجْلِهِمْ أَنَا أَسْأَلُ. .. .. .. 11وَلَسْتُ أَنَا بَعْدُ فِي الْعَالَمِ وَأَمَّا هَؤُلاَءِ فَهُمْ فِي الْعَالَمِ وَأَنَا آتِي إِلَيْكَ. أَيُّهَا الآبُ الْقُدُّوسُ احْفَظْهُمْ فِي اسْمِكَ. الَّذِينَ أَعْطَيْتَنِي لِيَكُونُوا وَاحِداً كَمَا نَحْنُ. 12حِينَ كُنْتُ مَعَهُمْ فِي الْعَالَمِ كُنْتُ أَحْفَظُهُمْ فِي اسْمِكَ. الَّذِينَ أَعْطَيْتَنِي حَفِظْتُهُمْ وَلَمْ يَهْلِكْ مِنْهُمْ أَحَدٌ إِلاَّ ابْنُ الْهلاَكِ لِيَتِمَّ الْكِتَابُ.) يوحنا 17: 1-12
                            وقد يتساءل المرء: هل من المعقول أنه لا يوجد اسم الله مطلقاً فى كتاب يحمل اسمه؟ وما هذه الكلمة (الله) التى نجدها فى اللغة العربية؟ هل هى غير موجودة بالمرة فى أصول كتب هذا الكتاب؟ ألا يمكننا أن نترجم كلمة God أو كلمة يهوه أو أدوناى أو ألوهيم أو كيريوس أو ثيوس أو زيوس بكلمة (الله)؟
                            إن كلمة God تُترجم إله، لأن لها جمع وتؤنث، فهى إله أو معبود، وكلمة أدوناى أى سيد، وقد تُطلق على آخرين من البشر، وكلمة ثيوس هو اسم المعبود الأكبر لليونان، يُترجم بصورة خاطئة فى العهد الجديد بكلمة الله.
                            لكن ألا تعلم عزيزى المسيحى أن الاسم العلم لا يُترجم؟ فكلمة الله هو Allah بكل اللغات تختلف فقط فى كتابة الأحرف التى تعطى نفس الصوت.
                            لكن كما تعودنا من الكتاب المقدس أنه لم يستطع تزوير كل شىء داخله. ويفضح الإنترنت اليوم بمواقعه العديدة التزوير الذى حدث فى الكتاب وفى تراجمه ، وما أضافه المترجم من عند نفسه ، وما حذفه لأنه غير موجود فى أقدم النسخ. بل نطلع اليوم على محتويات كل بردية وكل مخطوطة بدقة، ويتحدث علماء نقد نصوص الكتاب المقدس عن المواضع التى تم كشطها فى مخطوطات الكتاب وإعادة الكتابة عليها عدة مرات، كما قال مكتشف المخطوطة السينائية تيشندورف على المخطوطة السنائية. فهناك أيضاً برنامج e-Sword ويمكنك أن تنزله مجاناً من النت، وبه قاموس يحتوى على كل كلمة فى مخطوطات الكتاب المقدس سواء العبرية أو اليونانية ومعانيها واستخداماتها.
                            لكن من نعمة ربنا عليك يا سيد رشيد أنت وكل مسيحى فى الدنيا أن الرب الرحيم الغفور الودود لم يترككم هكذا دون أن ينقذكم من الظلمات إلى النور، فقد عثر على نسخة من كتاب دانيال فى خبيئة كوم عمران على البحر الميت، وعثر فيها على اسم الله 10 مرات. فاسم الإله هو (الله)، الذى جاء نبى الله ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم باسمه ومعه 99 اسمًا من أسمائه الحسنى. فهل أنتم مهتدون؟ فهل أنتم متبعون له؟
                            فقد عثر العميد مهندس جمال الدين شرقاوى (الذى أعتمد على دراسته فى هذا الموضوع فى كتابه “معالم أساسية ضاعت من المسيحية”) وجود اسم الله عشر مرات فى سفر دانيال هذا، وهذا بيانها كما ذكرها: (3: 26 ؛ 4: 2 ، 17 ، 24 ، 25، 32، 34 ؛ 5: 18، 21 ؛ 7: 25)، وستجدها كتبت تحت رقم 5943: il-lah’ee وكتب نطقها الآرامى كما قال موقع المذكور (`illay (Aramaic) {il-lah'-ee})
                            لكن هل كتبوها الله؟ لا. لقد كتبوها فى الإنجليزية: The Most High God فى طبعة الملك جيمس. إنها محاولة أخرى لطمس اسم الرب كما فعلوا من قبل.
                            http://www.blueletterbible.org/tmp_d...74262-461.html
                            وفى هذا الموقع أعلاه تجد العشر مواضع وترجمات كلمة الله.
                            لذلك كان هذا هو الاسم الذى أخفاه بنو إسرائيل ، وهو نفس الاسم الذى أظهره الله لعيسى عليه السلام ، وهو نفس الاسم الذى يجب على المسيحيين أن يتعبدوا به لله ، وهو نفس الاسم الذى جاء به القادم باسم الله، وكان أول ما نزل عليه هو (اقرأ باسم ربك الذى خلق)، وعلمنا أن نستفتح كل شىء بسم الله الرحمن الرحيم، وتفتتح كل سور القرآن باسم الله الرحمن الرحيم (ما عدا سورة التوبة) ، وبعدد سور القرآن نجد باسم الله الرحمن الرحيم ، وعلمنا أن نستهل ذبح الأنعام ، بل ومجامعة الزوجة باسم الله.
                            وكرم الله المسلمين بأن جاء رسوله صلى الله عليه وسلم ب 99 من أسمائه الحسنى. فقد استكثروا على الله أن يحتفظوا له باسم واحد فى أسفارهم ، فجاءهم القادم باسم الله ومعه 99 من هذه الأسماء الحسنى والصفات العلى. (مُبَارَكٌ الْمَلِكُ الآتِي بِاسْمِ الرَّبِّ!) لوقا 19: 38
                            عزيزى المسيحى: احذر! أنت لست من شعب الله أو أحبائه!(6لِذَلِكَ يَعْرِفُ شَعْبِيَ اسْمِي.) أشعياء 52: 6 إن عباد الله المؤمنين هم الذين يعرفون اسم الله كما قال إشعياء. ألا تريد أن تكون من عباد الله وأحبائه؟
                            وإذا كنتم قد كتبتم أن اسم الإله الأعظم هو الله ، وإذا كان الكتاب لديكم يقولها صراحة: إن عبادى يعرفون اسمى، فهذا اعتراف واضح منكم أننا أصحاب الدين الحق، الذين يعرف كتابهم الله ، ويوحده وينادى باسمه!!
                            عزيزى المسيحى احذر أنت من الهالكين! لأن من عرف اسم الله نجَّاه الله من كل هم وضيق: (14لأَنَّهُ تَعَلَّقَ بِي أُنَجِّيهِ. أُرَفِّعُهُ لأَنَّهُ عَرَفَ اسْمِي. 15يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبُ لَهُ. مَعَهُ أَنَا فِي الضِّيقِ. أُنْقِذُهُ وَأُمَجِّدُهُ. 16مِنْ طُولِ الأَيَّامِ أُشْبِعُهُ وَأُرِيهِ خَلاَصِي.) مزامير 91: 14-16
                            اقرأ بتمعن عزيزى المسيحى ما قاله يوحنا فى رؤياه: إن اسم الله الحى سوف يُختم على جباه المؤمنين قبل أن يُدمِّر ملائكة الله الأرض والبحار: (2وَرَأَيْتُ مَلاَكاً آخَرَ طَالِعاً مِنْ مَشْرِقِ الشَّمْسِ مَعَهُ خَتْمُ اللهِ الْحَيِّ، فَنَادَى بِصَوْتٍ عَظِيمٍ إِلَى الْمَلاَئِكَةِ الأَرْبَعَةِ الَّذِينَ أُعْطُوا أَنْ يَضُرُّوا الأَرْضَ وَالْبَحْرَ 3قَائِلاً: «لاَ تَضُرُّوا الأَرْضَ وَلاَ الْبَحْرَ وَلاَ الأَشْجَارَ، حَتَّى نَخْتِمَ عَبِيدَ إِلَهِنَا عَلَى جِبَاهِهِمْ».) رؤيا 7: 2-3
                            وكرر أن المؤمنين سوف يكتب اسم إلههم على جباههم: (1ثُمَّ نَظَرْتُ وَإِذَا حَمَلٌ وَاقِفٌ عَلَى جَبَلِ صِهْيَوْنَ، وَمَعَهُ مِئَةٌ وَأَرْبَعَةٌ وَأَرْبَعُونَ أَلْفاً، لَهُمُ اسْمُ أَبِيهِ مَكْتُوباً عَلَى جِبَاهِهِمْ.) رؤيا 14: 1
                            وأن أهل الجنة سينظرون وجه الله وسيكون اسم الله مكتوباً على جباههم: (4وَهُمْ سَيَنْظُرُونَ وَجْهَهُ، وَاسْمُهُ عَلَى جِبَاهِهِمْ.) رؤيا 22: 4
                            لذلك قالها الله صراحة: إن عبادى يعرفون اسمى. (6لِذَلِكَ يَعْرِفُ شَعْبِيَ اسْمِي. لِذَلِكَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ يَعْرِفُونَ أَنِّي أَنَا هُوَ الْمُتَكَلِّمُ. هَئَنَذَا».) أشعياء 52: 6
                            لكن هنا أطرح سؤالاً فى أذن كل مسيحى ويهودى: مِن عباد مَن أولئك الذين لا يعرفون اسم الله؟ إنهم بالفعل ليسوا من عباد الله. فكيف تقبل عزيزى المسيحى واليهودى أن تكون من عباد غير الله؟ وإذا كان الله طردهم من رحمته ومن زمرة عباده المؤمنين فأين مكانهم فى الآخرة؟
                            فعندما غضب الرب على الكفرة من بنى يهوذا (إسرائيل)، الساكنين فى مصر، بسبب بعدهم عن شريعته وعبادتهم للإلهة إيزيس، حيث أوقدوا لها البخور، طردهم الله من زمرة عباده المؤمنين، وحرمهم من معرفة اسمه أو النطق به، إضافة إلى عقوبات أخرى: (25هَكَذَا تَكَلَّمَ رَبُّ الْجُنُودِ إِلَهُ إِسْرَائِيلَ: أَنْتُمْ وَنِسَاؤُكُمْ تَكَلَّمْتُمْ بِفَمِكُمْ وَأَكْمَلْتُمْ بِأَيَادِيكُمْ قَائِلِينَ: إِنَّنَا إِنَّمَا نُتَمِّمُ نُذُورَنَا الَّتِي نَذَرْنَاهَا أَنْ نُبَخِّرَ لِمَلِكَةِ السَّمَاوَاتِ وَنَسْكُبُ لَهَا سَكَائِبَ فَإِنَّهُنَّ يُقِمْنَ نُذُورَكُمْ وَيُتَمِّمْنَ نُذُورَكُمْ. 26لِذَلِكَ اسْمَعُوا كَلِمَةَ الرَّبِّ يَا جَمِيعَ يَهُوذَا السَّاكِنِينَ فِي أَرْضِ مِصْرَ. هَئَنَذَا قَدْ حَلَفْتُ بِاسْمِي الْعَظِيمِ قَالَ الرَّبُّ إِنَّ اسْمِي لَنْ يُسَمَّى بَعْدُ بِفَمِ إِنْسَانٍ مَا مِنْ يَهُوذَا فِي كُلِّ أَرْضِ مِصْرَ قَائِلاً: حَيٌّ السَّيِّدُ الرَّبُّ)إرمياء44: 26
                            فهل معنى ذلك أن هذا الكتاب وهذه العقيدة توقعك تحت عذاب الله لأنك لست من أصحاب العقيدة السليمة؟ وإلا ما معنى ألا يحتوى كتابك على اسم الله؟
                            عزيزى المسيحى أنت لست من عباد الله الذين يحملون اسم الله: (14سِمْعَانُ قَدْ أَخْبَرَ كَيْفَ افْتَقَدَ اللهُ أَوَّلاً الْأُمَمَ لِيَأْخُذَ مِنْهُمْ شَعْباً عَلَى اسْمِهِ.) أعمال 15: 14
                            وهكذا ترى عزيزى المسيحى أن المسلمين هم الشعب الذى يحمل اسم الله، ويسبح به ليلاً ونهاراً، وهو الأمة التى بشر بها سمعان فى سفر أعمال الرسل ، وهى نفس الأمة التى أنبأ بها عيسى عليه السلام بنى إسرائيل أنه هى التى ستأتى بملكوت الله أى دين الله وشريعته: (42قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «أَمَا قَرَأْتُمْ قَطُّ فِي الْكُتُبِ: الْحَجَرُ الَّذِي رَفَضَهُ الْبَنَّاؤُونَ هُوَ قَدْ صَارَ رَأْسَ الزَّاوِيَةِ. مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ كَانَ هَذَا وَهُوَ عَجِيبٌ فِي أَعْيُنِنَا؟ 43لِذَلِكَ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مَلَكُوتَ اللَّهِ يُنْزَعُ مِنْكُمْ وَيُعْطَى لِأُمَّةٍ تَعْمَلُ أَثْمَارَهُ. 44وَمَنْ سَقَطَ عَلَى هَذَا الْحَجَرِ يَتَرَضَّضُ وَمَنْ سَقَطَ هُوَ عَلَيْهِ يَسْحَقُهُ». 45وَلَمَّا سَمِعَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالْفَرِّيسِيُّونَ أَمْثَالَهُ عَرَفُوا أَنَّهُ تَكَلَّمَ عَلَيْهِمْ. 46وَإِذْ كَانُوا يَطْلُبُونَ أَنْ يُمْسِكُوهُ خَافُوا مِنَ الْجُمُوعِ لأَنَّهُ كَانَ عِنْدَهُمْ مِثْلَ نَبِيٍّ.) متى 21: 42-46
                            فكن عزيزى المسيحى عبداً من عباد الله، الذين يحملون اسم الله على جباههم فى الآخرة ، والذين يعرفون اسم الله فى الدنيا، الذين يحبهم الله ويعتبرهم خاصته، ومن كل ضيق ينجيه: (14لأَنَّهُ تَعَلَّقَ بِي أُنَجِّيهِ. أُرَفِّعُهُ لأَنَّهُ عَرَفَ اسْمِي. 15يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبُ لَهُ. مَعَهُ أَنَا فِي الضِّيقِ. أُنْقِذُهُ وَأُمَجِّدُهُ. 16مِنْ طُولِ الأَيَّامِ أُشْبِعُهُ وَأُرِيهِ خَلاَصِي.) مزامير 91: 14-16
                            وإلى هنا نكون قد أثبتنا أن الكتاب الذى تقدسه يا سيد رشيد لا يوجد به اسم قدوس القديسين، وأن ما أخبر به الرب موسى ليس اسمه، وعلى ذلك فـ (يهوه) ليس اسم الرب، واسمه مازال غير معروف، حتى بعد أن أعلنه يسوع للناس وأظهره لهم، وعلمهم إياه، فقد حذفه اليهود أيضًا، وهو من الأدلة الإضافية لتحريف كتابكم بعهديه.
                            وبالتالى لا توجد الشهادة الربانية للإعتراف بنبوة موسى والأنبياء بعده. فمن هذا الذى ظهر لموسى فى العليقة؟ ولماذا رفض أن يخبره اسمه؟ هل احتقارًا له أم تعاليًا أم لم يحدث هذا اللقاء بالمرة؟ وعليك ألا تسميها الشهادة الربانية، بل سميها الشهادة اليهوية إلى أن تعلم قريبًا فى السطور القادمة من هو يهوه هذا.
                            لكن الغريب أن يسوع جاء تابعًا لشريعة موسى والأنبياء: (17«لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لأَنْقُضَ النَّامُوسَ أَوِ الأَنْبِيَاءَ. مَا جِئْتُ لأَنْقُضَ بَلْ لِأُكَمِّلَ.) متى 5: 17، وذلك على الرغم من تكفير الرب لموسى نفسه: (12فَقَال الرَّبُّ لِمُوسَى وَهَارُونَ: «مِنْ أَجْلِ أَنَّكُمَا لمْ تُؤْمِنَا بِي حَتَّى تُقَدِّسَانِي أَمَامَ أَعْيُنِ بَنِي إِسْرَائِيل لِذَلِكَ لا تُدْخِلانِ هَذِهِ الجَمَاعَةَ إِلى الأَرْضِ التِي أَعْطَيْتُهُمْ إِيَّاهَا».) العدد 20: 13
                            وعلى الرغم من اعتراف الرب أيضًا بخيانته له وعدم تقديسه له وسط إسرائيل: (48وَقَال الرَّبُّ لِمُوسَى فِي نَفْسِ ذَلِكَ اليَوْمِ: 49«اِصْعَدْ إِلى جَبَلِ عَبَارِيمَ هَذَا جَبَلِ نَبُو الذِي فِي أَرْضِ مُوآبَ الذِي قُبَالةَ أَرِيحَا وَانْظُرْ أَرْضَ كَنْعَانَ التِي أَنَا أُعْطِيهَا لِبَنِي إِسْرَائِيل مُلكاً 50وَمُتْ فِي الجَبَلِ الذِي تَصْعَدُ إِليْهِ وَانْضَمَّ إِلى قَوْمِكَ كَمَا مَاتَ هَارُونُ أَخُوكَ فِي جَبَلِ هُورٍ وَضُمَّ إِلى قَوْمِهِ. 51لأَنَّكُمَا خُنْتُمَانِي فِي وَسَطِ بَنِي إِسْرَائِيل عِنْدَ مَاءِ مَرِيبَةِ قَادِشَ فِي بَرِّيَّةِ صِينٍ إِذْ لمْ تُقَدِّسَانِي فِي وَسَطِ بَنِي إِسْرَائِيل.) تثنية 32: 48-51
                            وعلى الرغم من كفر هارون وبناؤه العجل ليعبده بنو إسرائيل، وعلى الرغم من أمر الرب بقتل كل من شارك فى بناء العجل وعبادته، ترك موسى هارون رأس الكفر نفسه فلم يقتل: (21وَقَالَ مُوسَى لِهَارُونَ: «مَاذَا صَنَعَ بِكَ هَذَا الشَّعْبُ حَتَّى جَلَبْتَ عَلَيْهِ خَطِيَّةً عَظِيمَةً؟» 22فَقَالَ هَارُونُ: «لاَ يَحْمَ غَضَبُ سَيِّدِي! أَنْتَ تَعْرِفُ الشَّعْبَ أَنَّهُ شِرِّيرٌ. 23فَقَالُوا لِيَ: اصْنَعْ لَنَا آلِهَةً تَسِيرُ أَمَامَنَا. لأَنَّ هَذَا مُوسَى الرَّجُلَ الَّذِي أَصْعَدَنَا مِنْ أَرْضِ مِصْرَ لاَ نَعْلَمُ مَاذَا أَصَابَهُ. 24فَقُلْتُ لَهُمْ: مَنْ لَهُ ذَهَبٌ فَلْيَنْزِعْهُ وَيُعْطِنِي. فَطَرَحْتُهُ فِي النَّارِ فَخَرَجَ هَذَا الْعِجْلُ». 25وَلَمَّا رَأَى مُوسَى الشَّعْبَ أَنَّهُ مُعَرًّى (لأَنَّ هَارُونَ كَانَ قَدْ عَرَّاهُ لِلْهُزْءِ بَيْنَ مُقَاوِمِيهِ) 26وَقَفَ مُوسَى فِي بَابِ الْمَحَلَّةِ وَقَالَ: «مَنْ لِلرَّبِّ فَإِلَيَّ!» فَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ جَمِيعُ بَنِي لاَوِي. 27فَقَالَ لَهُمْ: «هَكَذَا قَالَ الرَّبُّ إِلَهُ إِسْرَائِيلَ: ضَعُوا كُلُّ وَاحِدٍ سَيْفَهُ عَلَى فَخِْذِهِ وَمُرُّوا وَارْجِعُوا مِنْ بَابٍ إِلَى بَابٍ فِي الْمَحَلَّةِ وَاقْتُلُوا كُلُّ وَاحِدٍ أَخَاهُ وَكُلُّ وَاحِدٍ صَاحِبَهُ وَكُلُّ وَاحِدٍ قَرِيبَهُ». 28فَفَعَلَ بَنُو لاَوِي بِحَسَبِ قَوْلِ مُوسَى. وَوَقَعَ مِنَ الشَّعْبِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ نَحْوُ ثَلاَثَةِ آلاَفِ رَجُلٍ.) خروج 32: 21-28
                            وهذه بمفردها كارثة الكوارث، إذ يأتى الرب متجسدًا ليتبع نبيًا كافرًا، لم يقدسه!!
                            الرب يتبع نبيًا كافرًا صنع أخوه العجل، فأمره الرب بقتل هؤلاء الكفار، فقتلهم وترك رأس الكفر نفسه، ولم يعلم الرب! ولم يعاتب موسى على ذلك! فهل لأن هارون كاسر عين الرب، لأنه نفذ له أمره فى إجراء القرعة على تيسين أحدهما للرب والآخر للشيطان؟ أم لأن هارون رجل الشيطان الأول، فلم يجرؤ الرب من الاقتراب منه؟ أم كتب هذا كافر، لا يتقى الله ويريد أن يشوه صورة أنبياء الله؟ ما رأيك يا رشيد فى هذا؟

                            تعليق

                            • abubakr_3
                              مُشرِف

                              • 15 يون, 2006
                              • 849
                              • موظف
                              • مسلم

                              #29
                              رد: مناظرة مع السيد رشيد حول نبوة محمد صلى الله عليه وسلم

                              من هو يهوه؟
                              والحمد لله الذى لم يترككم فى ظلمات الجهل والضلال، بل أوضح لكم ملعوب قديم قام به اليهود، وهو أن هذا اليهوه هو اسم إله كنعانى وثنى، فقد نشرت جريدة الاتحاد الصادرة بتاريخ (الأربعاء 4 / 3 / 2000) على شبكة الإنترنت تحت عنوان ”المؤرخ الإسرائيلى هرتسوغ يفضح الأكاذيب التوراتية، والآثار التى اكتشفها اليهود تنفى قيام دولة إسرائيل التاريخية“، جاء فيها أن هرتسوغ قال: ”إن فى موقعى قنطرة اجرود، فى الجنوب الغربى لمرتفعات النقيب وخربة الكوم عند سفح جبال يهودا، تم العثور على كتابات عبرانية تذكر يهوه وايشراحة، يهوه شومرون وايشراح، مما يعنى إصرار كُتَّاب التوراة على عدم الفصل ما بين الإله يهوه وزوجته ايشاح، بحيث كانت الصلوات تردد الاسمين معًا، وهذا كاف بحد ذاته لتأكيد عدم إمكان اعتماد وحدانية الآلهة فى الدين الرسمى لمملكة إسرائيل المزعومة“. ولا فى وجود اسم هذا الإله فى الكتاب بأكمله، ولا الاعتماد على الشهادة الربانية التى يتغنى بها السيد رشيد.
                              وأعيد نشر هذه الفضيحة فى عدة مواقع على الإنترنت، كلها تقريبًا لا تفتح إلا موقعًا واحدًا، يذكر زوجة يهوه تحت اسم (أشيرة) ، وجاء هذا المقال تحت عنوان: (أسرار أكبر عملية تزييف آثار تتولاها اسرائيل). وتذكرها مواقع أخرى باسم (ايشاح).
                              http://www.almotamar.net/news/print....567&mode=print
                              بل هناك من علماء اللغة من يقول إن كلمة يهوه مركبة من كلمتين مثل الكثير من الكلمات العبرية (إسماعيل، عمانوئيل)، فبعد أن فتح الفرس بابل واحتلوها (331 ق.م.) كان على اليهود أن يتميزوا عن آلهة الساميين العرب، لهذا جاءوا بالإله يَهْوَه المشتق من اسم إلهين فارسيين: (عبد المجيد همو، الله أم يهوه؟ أيهما اسم الله؟)
                              أ - آهورامزدا، فأخذوا الاسم الأول منه وهو (آهو)
                              ب- وياهى إلهة مؤنثة فارسية، فصاغوا الإلهين إلهًا واحدًا.
                              لهذا كان يهوه هذا إلهًا يجمع الذكورة والأنوثة فى جسده مثل المعبود حابى إله النيل عند المصريين القدماء. ويؤكدون ذلك من أقوال التوراة: (27فَخَلَقَ اللهُ الإِنْسَانَ عَلَى صُورَتِهِ. عَلَى صُورَةِ اللهِ خَلَقَهُ. ذَكَراً وَأُنْثَى خَلَقَهُمْ.) تكوين 1: 27
                              ويرى بعض الباحثين أن يهوه نشأ فى فترة السبى البابلى. وهذا معقول، لأن اليهود كانوا من المنافقين، الذين يتلونون بلون الشعب الذى يعيشون بينه، لذلك تراهم عبدوا آلهة كل بلد حلُّوا فيها. إلا أنهم مع ذلك يريدون التميز، وليس المماثلة التامة فى كل وقت، فكوَّنوا لهم هذا الإله يهوه من الآلهة المحلية (ياهى) وزوجها (آهورامزدا). وذلك ما أشارت إليه الباحثة الأمريكية كينيث كينون بقولها: (وخلال فترة النفى البابلى ازدادت حماستهم ليَهْوَه). (كينون كينيث، الكتاب المقدس والمكتشفات الأثرية، ص108 [نقلا عن عبد المجيد همو ص80])
                              وفى الوقت الذى يُشير فيه بعض العلماء إلى أن يَهْوه هذا كان إلهًا مدينيًا، يشكك نسيب وهيبة الخازن (أوغاريت أساطير وملاحم، ص80) فى وجود إله يُدعى يَهْوَه فى أوغاريت. وأورد نصًا للعالم الآثارى Charls Virolicaud قال فيه: ”إن كثيرًا من العلماء ترجموا وشرحوا نصوص رأس الشمرة، وقالوا منها أتت الأساليب والمصادر والمواضع التوراتية، وكذلك العقيدة العبرانية، واعتبار يهوه إلهًا لهم بين سائر الأمم، وأن بين هذه الآلهة إلهًا يُدعى يَهْوَه كان معبودًا عند شعوب أخرى“.
                              إلا أن نسيب وهيبة الخازن يُشكك فى ذلك، ويعتبر يَهْوَه من صُنع أحبار اليهود من إلهين فارسيين هما آهو وياهى، وليس ليَهْوَه أية علاقة بآلهة العرب لا من قريب، ولا من بعيد. (عبد المجيد همو، الله أم يهوه؟ ص80-81)
                              صدق الله العظيم فى قوله: (مَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَآؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ) يوسف: 40
                              وصدق أيضًا فى قوله: (إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَاؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنفُسُ وَلَقَدْ جَاءهُم مِّن رَّبِّهِمُ الْهُدَى) النجم: 23
                              * * *
                              الشهادة الربانية وبولس:
                              وهل كانت هناك شهادة ربانية لدى بولس الذى ينسب إليه 14 جزءًا من أجزاء كتابكم الذى يحتوى على 27 جزء؟ لا. لنقرأ سويًا قصص ظهور يسوع له فى الطريق إلى دمشق.
                              هل اعتنق بولس فعلاً دين يسوع؟
                              ذُكِرَت قصة اتِّباع بولس لديانة عيسى عليه السلام فى ثلاثة مواضع فى سفر أعمال الرسل، الذى يُعزَى تأليفه إلى بولس نفسه: (9: 3-9 و22: 6-11 و26: 12-17). وسأسوق ملخص القصص الثلاث فى جدول ليسهل على القارىء متابعتها:
                              رقم الإصحاح
                              موقف المسافرين مع بولس
                              بولس نفسه
                              9: 3-9
                              سمعوا الصوت، ولم ينظروا النور
                              وقفوا صامتين
                              أمره بالذهاب إلى دمشق لتلقى الرسالة
                              22: 6-11
                              لم يسمعوا الصوت، ونظروا النور
                              لم يُخبر عن كيفية وقوفهم
                              أمره بالذهاب إلى دمشق لتلقى الرسالة
                              26: 12-17
                              لا شىء عن الصوت ونظروا النور
                              سقطوا على الأرض
                              أعطاه الرسالة فوراً مع وعد بإنقاذه من اليهود والأمم الأخرى.
                              ففى الإصحاح التاسع: سمع المسافرون صوتًا، ولكنهم لم ينظروا نورًا، ووقفوا صامتين.
                              أما فى الإصحاح الثانى والعشرين: فلم يسمع المسافرون معه صوتًا، ولكنهم نظروا النور، ولا يوجد ما يبين كيفية وقوفهم.
                              ألست معى أن هذا الكلام مخالف لبعضه؟ ألست معى أن مثل هذا الكلام لو قاله إنسان أمام قاضى أو محقق لقبض عليه على الأقل بتهمة الكذب والخداع والتدليس؟
                              وفى الإصحاح السادس والعشرين: لم يذكر شيئًا عن الصوت، والمسافرون معه رأووا النور، على خلاف ما قاله فى الإصحاح (22).
                              نقطة خلاف أخرى فى اعترافاته: أنه يدعى أن يسوع أمره بالذهاب إلى دمشق ليتلقى هناك الرسالة، وكان هذا فى الإصحاحين التاسع والثانى والعشرين، وهذا كذب مبين! ففى الإصحاح (26) أعطاه الرسالة فورًا، قبل أن يتحرك من مكانه ويتجه إلى دمشق.
                              فمن الذى سيعلمه ويعطيه الرسالة فى دمشق؟ وما قيمة تلاميذ يسوع إذن إن لم يكن عندهم العلم الكافى لتعليمه بعد أن نزل عليهم الروح القدس؟ وما قيمة ما فعله يسوع من انتقاء تلاميذ لتعليمهم ليكونوا حملة لواء الدعوة من بعده، إذا كان فى مخططه أن يعطى الرسالة لشاول بلا أدنى دور لتلاميذ؟ ولماذا رجع بولس إذن إليهم ليحتكم إليهم فى خلافه مع برنابا؟ ولماذا قبل حكم يعقوب رئيس التلاميذ عليه بالتطهر والتوبة من الهرطقة التى كان يعلمها الأمميين؟ (أعمال الرسل 21: 17-32) ولماذا خالفت تعاليمه التى تلقاها تعاليم يسوع وتلاميذه؟
                              وهل الذى ظهر له هو فعلاً يسوع؟ وكيف عرفه وهو لم يره مرة واحدة فى حياته؟ ولماذا لم يظهر لرئيس الكهنة الذى حرض عصابته للقبض على بعض التلاميذ وحبسهم؟ ولماذا لم يظهر لمن قتل بعض التلاميذ؟ ولماذا لا يظهر اليوم ليحل مشكلة الثالوث ومِن مَن انبثق الروح القدس والطقوس الكنسية بين الطوائف المختلفة؟ بل لماذا لم يظهر أثناء مجمع نيقية ليحل لهم المشكلة، ويُظهر لهم إنجيله بدلاً من الأناجيل الأربعة المختلفة التفاصيل؟
                              أم الذى ظهر لبولس كان شيطانًا يُسيَّره ويدفعه لعمل ما يمليه عليه؟ وهذا ما اعترف به بولس نفسه: (14فَإِنَّنَا نَعْلَمُ أَنَّ النَّامُوسَ رُوحِيٌّ وَأَمَّا أَنَا فَجَسَدِيٌّ مَبِيعٌ تَحْتَ الْخَطِيَّةِ. 15لأَنِّي لَسْتُ أَعْرِفُ مَا أَنَا أَفْعَلُهُ إِذْ لَسْتُ أَفْعَلُ مَا أُرِيدُهُ بَلْ مَا أُبْغِضُهُ فَإِيَّاهُ أَفْعَلُ. 16فَإِنْ كُنْتُ أَفْعَلُ مَا لَسْتُ أُرِيدُهُ فَإِنِّي أُصَادِقُ النَّامُوسَ أَنَّهُ حَسَنٌ. 17فَالآنَ لَسْتُ بَعْدُ أَفْعَلُ ذَلِكَ أَنَا بَلِ الْخَطِيَّةُ السَّاكِنَةُ فِيَّ. 18فَإِنِّي أَعْلَمُ أَنَّهُ لَيْسَ سَاكِنٌ فِيَّ أَيْ فِي جَسَدِي شَيْءٌ صَالِحٌ. لأَنَّ الإِرَادَةَ حَاضِرَةٌ عِنْدِي وَأَمَّا أَنْ أَفْعَلَ الْحُسْنَى فَلَسْتُ أَجِدُ. 19لأَنِّي لَسْتُ أَفْعَلُ الصَّالِحَ الَّذِي أُرِيدُهُ بَلِ الشَّرَّ الَّذِي لَسْتُ أُرِيدُهُ فَإِيَّاهُ أَفْعَلُ. 20فَإِنْ كُنْتُ مَا لَسْتُ أُرِيدُهُ إِيَّاهُ أَفْعَلُ فَلَسْتُ بَعْدُ أَفْعَلُهُ أَنَا بَلِ الْخَطِيَّةُ السَّاكِنَةُ فِيَّ. 21إِذاً أَجِدُ النَّامُوسَ لِي حِينَمَا أُرِيدُ أَنْ أَفْعَلَ الْحُسْنَى أَنَّ الشَّرَّ حَاضِرٌ عِنْدِي. 22فَإِنِّي أُسَرُّ بِنَامُوسِ اللهِ بِحَسَبِ الإِنْسَانِ الْبَاطِنِ. 23وَلَكِنِّي أَرَى نَامُوساً آخَرَ فِي أَعْضَائِي يُحَارِبُ نَامُوسَ ذِهْنِي وَيَسْبِينِي إِلَى نَامُوسِ الْخَطِيَّةِ الْكَائِنِ فِي أَعْضَائِي. 24وَيْحِي أَنَا الإِنْسَانُ الشَّقِيُّ! مَنْ يُنْقِذُنِي مِنْ جَسَدِ هَذَا الْمَوْتِ؟) رومية 7: 14-24
                              إذن فهل تلقى بولس الرسالة فى دمشق؟ ومِن مَن؟ أم لم يتلق الرسالة إلا من يسوع فى فلسطين أثناء سفره إلى دمشق؟ ولو تلقى الرسالة فى فلسطين قبل سفره إلى دمشق، فلماذا واصل السفر إلى دمشق؟ لقد كان مسافرًا إليها ليضطهد أتباع يسوع هناك؟ فهل ظهر له يسوع إكرامًا لهؤلاء الأتباع، ولم يظهر لرؤساء الكهنة ليرفعوا أيديهم عن تلاميذه نور العالم، وملح الحياة؟
                              بأيهما أخذت، فالإختيار مر والثانى أمرُّ منه!
                              ألست معى أن هذا يجعلنا نرفض قضية اتباعه لديانة عيسى عليه السلام برمتها؟ فالإختلاف فى قضية وقت وزمن تلقى الرسالة، وبأحوال المسافرين معه: هل سمعوا صوت المتكلم أم نظروا الضوء فقط أم انكفأوا على الأرض دون سماع أو رؤية؟
                              أضف إلى ذلك أنه تبعاً لسفر أعمال الرسل (الإصحاح التاسع) تقابل بولس مع التلاميذ الآخرين بعد قليل من اعتناقه لديانة يسوع أثناء رحلته إلى دمشق، وكان ذلك في أورشليم، بينما لم يسافر إلى أورشليم تبعاً لغلاطية (1: 18) إلا بعد ذلك بثلاث سنوات: (18ثُمَّ بَعْدَ ثَلاَثِ سِنِينَ صَعِدْتُ إِلَى أُورُشَلِيمَ لأَتَعَرَّفَ بِبُطْرُسَ، فَمَكَثْتُ عِنْدَهُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْماً.)
                              أعمال الرسل 9: 82 (27فَأَخَذَهُ بَرْنَابَا وَأَحْضَرَهُ إِلَى الرُّسُلِ وَحَدَّثَهُمْ كَيْفَ أَبْصَرَ الرَّبَّ فِي الطَّرِيقِ وَأَنَّهُ كَلَّمَهُ وَكَيْفَ جَاهَرَ فِي دِمَشْقَ بِاسْمِ يَسُوعَ. 28فَكَانَ مَعَهُمْ يَدْخُلُ وَيَخْرُجُ فِي أُورُشَلِيمَ وَيُجَاهِرُ بِاسْمِ الرَّبِّ يَسُوعَ.)
                              غلاطية 1: 22 (22وَلَكِنَّنِي كُنْتُ غَيْرَ مَعْرُوفٍ بِالْوَجْهِ عِنْدَ كَنَائِسِ الْيَهُودِيَّةِ الَّتِي فِي الْمَسِيحِ.)
                              ولو افترضنا لقاء يسوع ببولس، فما هى الرسالة التى أعطاها له؟ بالطبع لن تكون إلا رسالة شفوية، والآن عليك عزيزى المسيحى معرفة عدد كلمات الرسائل المنسوبة لبولس، واقسمهم على عدد الثوانى التى تم فيها اللقاء، لتعرف السرعة التى تكلم بها يسوع فى هذا اللقاء، وكيف فهم بولس هذه الرسالة؟
                              ويرى البروفسور كونتسلمان في كتابه "أعمال الرسل" طبعة توبنجيه لعام 1963 أن هذين التقريرين السابقين (أعمال الرسل (9) وغلاطية 1: 18 وما بعدها) "لا يمكن عمل مقارنة بينهما".
                              ويضيف أيضاً قائلاً: ["إن الأشنع من ذلك هو التناقض بين أعمال الرسل (9: 28-29) وما بعدها ["28فَكَانَ مَعَهُمْ يَدْخُلُ وَيَخْرُجُ فِي أُورُشَلِيمَ وَيُجَاهِرُ بِاسْمِ الرَّبِّ يَسُوعَ. 29وَكَانَ يُخَاطِبُ وَيُبَاحِثُ الْيُونَانِيِّينَ فَحَاوَلُوا أَنْ يَقْتُلُوهُ."] وبين غلاطية (1: 22-24) ["22وَلَكِنَّنِي كُنْتُ غَيْرَ مَعْرُوفٍ بِالْوَجْهِ عِنْدَ كَنَائِسِ الْيَهُودِيَّةِ الَّتِي فِي الْمَسِيحِ. 23غَيْرَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَسْمَعُونَ أَنَّ الَّذِي كَانَ يَضْطَهِدُنَا قَبْلاً، يُبَشِّرُ الآنَ بِالإِيمَانِ الَّذِي كَانَ قَبْلاً يُتْلِفُهُ. 24فَكَانُوا يُمَجِّدُونَ اللهَ فِيَّ"] (ص60).
                              لكن لماذا سافر بولس إلى دمشق بتفويض من رئيس الكهنة؟ لقد كانت دمشق تقع تحت حكم الملك الحارس من ملوك الدولة النبطية فى هذا الوقت. ولا تتعدى سلطة رئيس الكهنة وهو صدوقى أكثر من القدس وضواحيها. فهل كان يحمل رسالة من رئيس الكهنة الصدوقى للمطالبة بالفارين منه من الملك العربى النبطى، الذى آوى الفارين وأعطاهم الأمان على أنفسهم ودينهم؟ أم كان بولس يريد أن يختطفهم أو يقتلهم فى هذا البلد؟ ولقد كذب بولس وادعى أنه فى مهمة رسمية بتكليف من رئيس الكهنة، لأنه كان هاربًا من اليهود فى دمشق، وأخرجه أصحابه من السور فى سلة ليهرب من الشرطة التى تتابعه وتريد القبض عليه. وكل هذا فعله بولس بعد ادعاء قصته لظهور يسوع له وتكليفه بالدعوة ومهام أخرى فى دمشق.
                              (22وَأَمَّا شَاوُلُ فَكَانَ يَزْدَادُ قُوَّةً وَيُحَيِّرُ الْيَهُودَ السَّاكِنِينَ فِي دِمَشْقَ مُحَقِّقاً «أَنَّ هَذَا هُوَ الْمَسِيحُ». 23وَلَمَّا تَمَّتْ أَيَّامٌ كَثِيرَةٌ تَشَاوَرَ الْيَهُودُ لِيَقْتُلُوهُ 24فَعَلِمَ شَاوُلُ بِمَكِيدَتِهِمْ. وَكَانُوا يُرَاقِبُونَ الأَبْوَابَ أَيْضاً نَهَاراً وَلَيْلاً لِيَقْتُلُوهُ. 25فَأَخَذَهُ التَّلاَمِيذُ لَيْلاً وَأَنْزَلُوهُ مِنَ السُّورِ مُدَلِّينَ إِيَّاهُ فِي سَلٍّ.) أعمال الرسل 9: 22-25
                              وكيف يدخل رجل مثل بولس ومعه جنود إلى دمشق دون أن يفكر أن شرطة دمشق أو جيشها سيمنعونه، بل ويقاتلونه إذا أصر على الدخول، وبالتالى ستفشل مهمته؟ إذن فقد كان عدد الرجال معه قليل جدًا حتى لا يلفت الإنتباه إلى أنهم يريدون اقتراف عمل خارج الإطار القانونى للدولة التى سيقتحمونها بهذا الجيش! والغريب أنه لو كان يسوع إلهًا لعلم ما ينوى عمله فى دمشق، ولأبعده عنها، ومنعه من دخلوها؟ ولو فعل يسوع هذا وجعله يعود إلى فلسطين ويجاهر باتباعه ليسوع وتعاليمه، وتتلمذ على يد تلاميذه، لكان هذا أوقع فى الدعوة وتصديقه!
                              إذن فقد كانت مهمته نشر تعاليم خاطئة تقضى بأن يسوع هو المسيح الرئيس، أى النبى الخاتم، الأمر الذى لم يقله يسوع، ولم يؤمن به أتباعه، ولا اليهود المعاصرين له، وكانت تهمته أمام بيلاطس، وبرأه منها. فهل أرسله يسوع بهذا الضلال؟ هل دفعه يسوع وأيد دخوله لدمشق لهذه المهمة الفاسدة الضالة المضلة؟
                              ألا يسقط هذا ألوهية يسوع ويتهمه بالإرهاب والإفساد المتعمَّد للرعية، حيث أرسل بولس ليواصل مهمته الإرهابية المتطرفة هناك؟
                              وهل كانت هناك كنائس أم كان التلاميذ حتى بعد ثلاث سنوات يتمركزون فى الهيكل يعلمون اليهود دينهم الحق، الذى أتى عيسى عليه السلام لينقيه من تقاليد الكهنة وضلالهم؟ فهذه الأسئلة تظل غير مجاب عنها، الأمر الذى جعل علماء اللاهوت يتنازعون فى شخصية بولس، وهل هى شخصية خرافية نُسبت إليها هذه الرسائل، أم أنه كتب سبعة رسائل منها فقط، أم لم يكتب إلا بضعة أسطر حددها البعض بأربعة أسطر فقط.
                              هل فعلا قام بولس برحلة إلى دمشق؟ ومتى؟
                              متى بدأ بولس دعوته؟ أتصدق أنه بدأ دعوته فى حياة يسوع وقبل أن يتولى يسوع مهامه الدعوية، حيث كان معروفًا منذ ولادته وكلامه فى المهد أنه سيكون نبيًا؟
                              نبدأ أولا بتجميع بعض الأرقام الهامة قبل استنتاجنا:
                              (15وَلَكِنْ لَمَّا سَرَّ اللهَ الَّذِي أَفْرَزَنِي مِنْ بَطْنِ أُمِّي، وَدَعَانِي بِنِعْمَتِهِ 16أَنْ يُعْلِنَ ابْنَهُ فِيَّ لِأُبَشِّرَ بِهِ بَيْنَ الأُمَمِ، لِلْوَقْتِ لَمْ أَسْتَشِرْ لَحْماً وَدَماً 17وَلاَ صَعِدْتُ إِلَى أُورُشَلِيمَ إِلَى الرُّسُلِ الَّذِينَ قَبْلِي، بَلِ انْطَلَقْتُ إِلَى الْعَرَبِيَّةِ، ثُمَّ رَجَعْتُ أَيْضاً إِلَى دِمَشْقَ. 18ثُمَّ بَعْدَ ثَلاَثِ سِنِينَ صَعِدْتُ إِلَى أُورُشَلِيمَ لأَتَعَرَّفَ بِبُطْرُسَ، فَمَكَثْتُ عِنْدَهُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْماً. 19وَلَكِنَّنِي لَمْ أَرَ غَيْرَهُ مِنَ الرُّسُلِ إِلاَّ يَعْقُوبَ أَخَا الرَّبِّ.) غلاطية 1: 15-19
                              (25ثُمَّ خَرَجَ بَرْنَابَا إِلَى طَرْسُوسَ لِيَطْلُبَ شَاوُلَ. وَلَمَّا وَجَدَهُ جَاءَ بِهِ إِلَى أَنْطَاكِيَةَ. 26فَحَدَثَ أَنَّهُمَا اجْتَمَعَا فِي الْكَنِيسَةِ سَنَةً كَامِلَةً وَعَلَّمَا جَمْعاً غَفِيراً. وَدُعِيَ التَّلاَمِيذُ «مَسِيحِيِّينَ» فِي أَنْطَاكِيَةَ أَوَّلاً.) أعمال الرسل 11: 25-26
                              فهناك 3 سنوات قضاها بولس فى العربية، وسنة قضاها فى أنطاكيا، ولا نعلم كم من الوقت مكث فى كل من دمشق وطرسوس، ثم بعد 3 سنوات أخرى ذهب إلى القدس. وكانت هذه زيارته الأولى. أى بعد أكثر من 7 سنوات.
                              يقول موقع سانت تكلا عن زيارات بولس: (زيارته الثانية: كانت سنة 44م حيث جاء مع بعثة من أنطاكية لتقديم معونة لفقراء اليهودية أثناء المجاعة، عاد بعدها مسرعًا (أع 11: 30؛ 12: 25).
                              زيارته الثالثة سنة 49 أو 50م، جاء يحمل ثمار الكرازة المفرحة ويقدم ذبيحة شكر على عمل الله الفائق، وقد حظي بيمين الشركة من الثلاثة أعمدة في أورشليم: بطرس ويعقوب أخي الرب الملقب بالبار ويوحنا الحبيب (غل 2: 6-10). لقد تحققوا من أن الله ائتمن بطرس على إنجيل الختان وائتمن بولس على إنجيل الأمم.)
                              http://st-takla.org/pub_Bible-Interp...hapter-15.html
                              لقد مات يسوع عام 33، وكانت زيارته الأولى للقدس بعد مرور 7 سنين على حادثة دمشق (3 سنوات العربية، وسنة أنطاكيا، و3 سنوات أخرى)، وبعد 14 سنة أخرى كانت زيارته الثانية للقدس، وكانت سنة 44م.
                              (1ثُمَّ بَعْدَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً صَعِدْتُ أَيْضاً إِلَى أُورُشَلِيمَ مَعَ بَرْنَابَا، آخِذاً مَعِي تِيطُسَ أَيْضاً.) غلاطية 2: 1
                              وعلى ذلك فقد قضى بولس 21 سنة بين حادثة دمشق وزيارته الثانية للقدس، التى كانت عام 44. وبطرحهما 44 – 21= 23. فهل حدثت قصة دمشق عام 23، أى قبل بعثة يسوع وقبل أن يموت؟ وهذا بفرض أن هذه الحادثة تمت مباشرة بعد رفع يسوع. ولو افترضنا أنها حدثت بعد 3 سنوات من رفعه، لكانت النتيجة أكثر غرابة، حيث ستكون قد تمت عام 20 (44 – (3+21)= 20)
                              ولو افترضنا أنه استغرق فى رحلته الأولى 3 سنوات فقط وليس 7، لكانت بداية دعوته ولقائه ليسوع فى عام 27، أى قبل رفع يسوع ونهاية دعوته بـ 6 سنوات.
                              وبما أن زيارته الثانية للقدس كانت عام 44م، فلو افترضنا أن حادثة دمشق حدثت عام 33م، فلابد أن يكون قد قضى 11 عامًا فقط فى رحلته الأولى والثانية، حتى زار دمشق بعد نهاية رحلته الثانية، وليس 21 سنة كما يدعون.
                              ولو افترضنا أن حادثة دمشق تمت بعد رفع يسوع بـ 3/4 سنوات، أى عام 36/37، فلابد أن يكون قد قضى 8/7 سنوات فقط فى رحلته الأولى والثانية معًا، حتى زار دمشق بعد نهاية رحلته الثانية، وليس 21 سنة كما يدعون. ويؤكد هذا قول سفر الأعمال أن بولس حضر رجم استفانوس بعد موت يسوع بعدة سنوات يقدرها البعض بـ 7 سنوات، ولم يكن قد قابل يسوع بعد، أو قام برحلته المزعومة إلى دمشق: (57فَصَاحُوا بِصَوْتٍ عَظِيمٍ وَسَدُّوا آذَانَهُمْ وَهَجَمُوا عَلَيْهِ بِنَفْسٍ وَاحِدَةٍ 58وَأَخْرَجُوهُ خَارِجَ الْمَدِينَةِ وَرَجَمُوهُ. وَالشُّهُودُ خَلَعُوا ثِيَابَهُمْ عِنْدَ رِجْلَيْ شَابٍّ يُقَالُ لَهُ شَاوُلُ. 59فَكَانُوا يَرْجُمُونَ اسْتِفَانُوسَ وَهُوَ يَدْعُو وَيَقُولُ: «أَيُّهَا الرَّبُّ يَسُوعُ اقْبَلْ رُوحِي». 60ثُمَّ جَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَصَرَخَ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ: «يَا رَبُّ لاَ تُقِمْ لَهُمْ هَذِهِ الْخَطِيَّةَ». وَإِذْ قَالَ هَذَا رَقَدَ. وَكَانَ شَاوُلُ رَاضِياً بِقَتْلِهِ.) أعمال الرسل 7: 57-60
                              فلو رأى يسوع فى رحلته إلى دمشق فى العام السابع، ورجع عام 44، أى قضى 14 سنة فى رحلته الثانية، لكان علينا أن نفهم الحساب كالآتى: عمر يسوع عند الموت 33 سنة، و7 سنوات قضاها بولس قبل رحلته إلى دمشق أى 40 سنة، وبإضافة 14 سنة مدة رحلته الثانية حتى عاد إلى القدس، يكون وقتها عام 54، وليس عام 44 كما تقول الكنيسة، والأب متى المسكين فى كتابه (بولس الرسول) ص623. لكن فى هذه الحالة علينا أن نكذب رحلته الأولى إلى دمشق، والتى التقى فيها بيسوع.
                              فمتى ذهب إلى دمشق؟ وأين ذهبت الـ 21 سنة التى يدعيها هذا الكتاب؟ ففى الوقت الذى ينبغى أن يكون فيه فى دمشق أو العربية نجده لم يتنصر بعد، ولم يغير اسمه من شاول إلى بولس، ونجده راضيًا بمقتل استفانوس!
                              ويحدد علماؤهم سنة حادثة دمشق على اختلافهم بسنة (30 أو 33 أو 36)، فعلى قولهم بحدوثها عام 30 أى حدثت قبل موت يسوع، وعلى قولهم بحدوثها عام 33، يكون سفر الأعمال قد كذب، ولم يشاهد بولس قصة إعدام استفانوس، التى حدثت بعد موت يسوع بثلاث سنوات على أقل تقدير. ولو أضفت 14 سنة مدة رحلته الثانية، لكان رجوعه إلى أورشليم للمرة الثانية عام 47 مخالفًا لما يقوله علماؤهم، ويكذب سفر الأعمال فى حدوث رحلة قبلها إلى دمشق التقى فيها شاول مع يسوع، ويكذبه أيضًا فى أن الرحلة الثانية استغرقت 14 سنة، حيث يجب أن تستمر فقط 11 سنة، ليكون بولس عام 44 فى القدس؛ واستمرت رحلاته ودعوته التبشيرية بعد ذلك 19 عامًا، حتى مات عام 63.
                              وعلى قولهم بحدوثها عام 36، يجب أن تكون الزيارة الثانية لبولس للقدس فى عام 57، وهى حصيلة (21+36)، مُخالفةً لكلام كل علمائهم، ولكذبنا سفر الأعمال فى الحديث عن باقى رحلات بولس، التى استغرقت من عام 57 إلى عام 63، وهو العام الذى قتل فيه، زمن الإمبراطور نيرون، أى ست سنوات فقط، بدلا من 19 سنة. وهذا يستحيل من ناحية الوقت وقياس مدة السفر بوسائل ذلك الزمان، ناهيك عن الإقامة والدعوة هناك.
                              ولو افترضنا صدق علمائهم فى أن رسالة بولس إلى غلاطية كتبت عام 48م، وفيها حكى بولس جزءًا من رحلاته بعد حادثة دمشق (غلاطية 1: 15-19)، وعقب حضوره مؤتمر القدس الأول، أى بعد 21 سنة من حادثة دمشق هذه، فتكون الحادثة وقعت عام 27م (48 – 21= 27) أى قبل بداية تولى يسوع عمله الدعوى.
                              ولو سلمنا لمن يقول إن زيارة بولس الثانية للقدس كانت عام 50، لكانت رحلته إلى دمشق قامت عام 29، أى قبل موت يسوع بأربع سنوات!
                              هذا ويحدد موقع القديس تكلا أن بولس ذهب إلى دمشق، وحدث له التجديد ورؤيته ليسوع عام 35، واستمر بها ثلاث سنوات، أى إلى عام 37 (وليس عام 38)، ثم سكن فى طرسوس وأنطاكية 7 سنوات أخرى، أى كانت زيارته الثانية إلى القدس عام 44. مع الأخذ فى الاعتبار أنه لم يحسب السنة التى قضاها فى أنطاكية، واحتسب رحلته الثانية سبع سنوات فقط مخالفًا لقول بولس نفسه فى الكتاب المقدس أنه مكث 14 سنة، ثم نزل عام 44. وهذا ما يقوله الموقع الآتى:
                              http://st-takla.org/Full-Free-Coptic...2_B/B_257.html
                              "تجديد بولس 35 ب.م.
                              سكناه في العربية 35-37 ب.م.
                              السفر الأول إلى أورشليم 37 ب.م. (غل 1: 18)
                              وسكناه في طرسوس ثم إنطاكية (1ع 11: 26) 37-44 ب.م.
                              السفر الثاني إلى أورشليم مع برنابا لتخفيف غوائل الجوع 44 ب.م."
                              5- فترة الاستعداد والتعارف لبولس الرسول:
                              ... ولا نعرف شيئًا عن الوقت الذي قضاه في طرسوس ولا كيف صرفه وإن كان يرّجح الكثيرون أن الزمن استغرق نحو ست أو سبع سنوات، وأنه فيها أسس الكنائس المسيحية في كيليكية، المذكورة عوضًا في 1ع 15: 41."
                              وهو على الرغم من اعترافه أنه لا يعلم شيئًا عن المدة التى مكثها بولس فى طرسوس، ويعلم بنص الكتاب أنه مكث سنة فى أنطاكيا، إلا أنه يقول إنه سكن فى طرسوس ثم أنطاكية 7 سنوات! فكيف لا يجيد طرح (7-1)؟ وكيف لا يعرف ثم يحدد أن المدة بدأت من 37 وانتهت 44؟
                              وقد جعل الموقع المسيحى الرحلة الثانية تستغرق 7 سنوات فقط، ليتلافى الوقوع فى هذا المأزق، حيث استغرقت رحلتيه على حسابه: 3 + 1 + 14= 18 سنة، أى 18 سنة حتى عام 44، وعلى ذلك فهو قد بدأ دعوته عام 26، أى قبل بعثة يسوع نفسه. لذلك قصَّر رحلة بولس الثانية وجعلها 7 سنوات مخالفًا النص الكتابى (1ثُمَّ بَعْدَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً صَعِدْتُ أَيْضاً إِلَى أُورُشَلِيمَ مَعَ بَرْنَابَا، آخِذاً مَعِي تِيطُسَ أَيْضاً.) غلاطية 2: 1، وعلى حسابه يجب أن تكون سنة التجديد لبولس سنة 33، لذلك كان لزامًا عليه أن ينقص ثلاث سنوات أخرى من رحلته الأولى، والتى اعترف فى نهاية مقاله أنها استمرت من 6 إلى 7 سنوات.
                              ألا يدل هذا التضارب فى حسابات الكنيسة وآبائها أنهم يعلمون بأن هذه الحكاية وهمية ومتضاربة الأقوال والحساب؟ ألا يعلمون أن هذا الكتاب وهذه الرسائل لا علاقة للرب بها، وأنه من تأليف أناس يخطئون مثل باقى البشر؟
                              إن حكاية رحلة شاول إلى دمشق خرافة!
                              لكن لماذا لا يريد المسلمون تصديق توبة بولس واتباعه يسوع؟
                              فى الحقيقة أجبنا على هذا السؤال عدة مرات من زوايا مختلفة، وهنا أريد فقط أن أطرح سؤالاً: هل لو أردت أنا أن أنضم لجماعة سلفية، فهل ينتظر منى أن أكره الجماعة ورؤساءها؟ وهل لو أردت أنت أن تصبح أرثوذكسيًا، فهل ستكره قساوسة الأرثوذكس وقمامصتها وأساقفتها، وتقوم بسبهم والتهكم عليهم، وتدعى أنك أفضل منهم؟ فهل يوثق فى أرثوذكسية من يفعل ذلك؟ ألا يشك فى أنه مندس لغرض ما؟
                              لقد بدأ بولس فى اعتبار نفسه أحد الرسل، وأنه لا يفضله أحد منهم، فيقول: (5لأَنِّي أَحْسِبُ أَنِّي لَمْ أَنْقُصْ شَيْئاً عَنْ فَائِقِي الرُّسُلِ.) كورنثوس الثانية 11: 5
                              (6وَأَمَّا الْمُعْتَبَرُونَ أَنَّهُمْ شَيْءٌ، مَهْمَا كَانُوا، لاَ فَرْقَ عِنْدِي: اللهُ لاَ يَأْخُذُ بِوَجْهِ إِنْسَانٍ - فَإِنَّ هَؤُلاَءِ الْمُعْتَبَرِينَ لَمْ يُشِيرُوا عَلَيَّ بِشَيْءٍ. ... 9فَإِذْ عَلِمَ بِالنِّعْمَةِ الْمُعْطَاةِ لِي يَعْقُوبُ وَصَفَا وَيُوحَنَّا، الْمُعْتَبَرُونَ أَنَّهُمْ أَعْمِدَةٌ، أَعْطَوْنِي وَبَرْنَابَا يَمِينَ الشَّرِكَةِ لِنَكُونَ نَحْنُ لِلأُمَمِ وَأَمَّا هُمْ فَلِلْخِتَانِ.) غلاطية 2: 6، 9
                              وغالى فى مسألة الختان، وسبَّ من يختتنون، أو يطالبون بالختان، وهم بالطبع يسوع والتلاميذ والمؤمنون بيسوع والناموس، فقال لأهل فيليبى 3: 2 (2اُنْظُرُوا الْكِلاَبَ. انْظُرُوا فَعَلَةَ الشَّرِّ. انْظُرُوا الْقَطْعَ.)
                              على الرغم من أن التهمة التى حاكمه عليها التلاميذ أنه كان يعلم اليهود الذين يعيشون بين الأمم أن لا يختنوا أولادهم، وأن لا يتبعوا تعاليم الناموس، ووافقهم على الحكم، ورضى به، وتطهر وأنفق على الآخرين، وأمروه بأن يسلك حافظًا للناموس والختان، وأرسلوا من يصحح ما أفسده بولس من ضلال: (21وَقَدْ أُخْبِرُوا عَنْكَ أَنَّكَ تُعَلِّمُ جَمِيعَ الْيَهُودِ الَّذِينَ بَيْنَ الْأُمَمِ الاِرْتِدَادَ عَنْ مُوسَى قَائِلاً أَنْ لاَ يَخْتِنُوا أَوْلاَدَهُمْ وَلاَ يَسْلُكُوا حَسَبَ الْعَوَائِدِ. 22فَإِذاً مَاذَا يَكُونُ؟ لاَ بُدَّ عَلَى كُلِّ حَالٍ أَنْ يَجْتَمِعَ الْجُمْهُورُ لأَنَّهُمْ سَيَسْمَعُونَ أَنَّكَ قَدْ جِئْتَ. 23فَافْعَلْ هَذَا الَّذِي نَقُولُ لَكَ: عِنْدَنَا أَرْبَعَةُ رِجَالٍ عَلَيْهِمْ نَذْرٌ. 24خُذْ هَؤُلاَءِ وَتَطهَّرْ مَعَهُمْ وَأَنْفِقْ عَلَيْهِمْ لِيَحْلِقُوا رُؤُوسَهُمْ فَيَعْلَمَ الْجَمِيعُ أَنْ لَيْسَ شَيْءٌ مِمَّا أُخْبِرُوا عَنْكَ بَلْ تَسْلُكُ أَنْتَ أَيْضاً حَافِظاً لِلنَّامُوسِ. 25وَأَمَّا مِنْ جِهَةِ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْأُمَمِ فَأَرْسَلْنَا نَحْنُ إِلَيْهِمْ وَحَكَمْنَا أَنْ لاَ يَحْفَظُوا شَيْئاً مِثْلَ ذَلِكَ سِوَى أَنْ يُحَافِظُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ مِمَّا ذُبِحَ لِلأَصْنَامِ وَمِنَ الدَّمِ وَالْمَخْنُوقِ وَالزِّنَا». 26حِينَئِذٍ أَخَذَ بُولُسُ الرِّجَالَ فِي الْغَدِ وَتَطَهَّرَ مَعَهُمْ وَدَخَلَ الْهَيْكَلَ مُخْبِراً بِكَمَالِ أَيَّامِ التَّطْهِيرِ إِلَى أَنْ يُقَرَّبَ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمُ الْقُرْبَانُ) أعمال الرسل 21: 21-26
                              فها هو يلمز كبار التلاميذ، الذين يُعتبرون أعمدة الدعوة بعد يسوع. وبالطبع فهو كاذب فى قوله إن التلاميذ تركوه للدعوة بين الأمم، وتخصصوا هم فى دعوة اليهود، ويتضح ذلك من خوف بطرس منهم، عندما وصل بعض منهم إلى أنطاكيا: (11وَلَكِنْ لَمَّا أَتَى بُطْرُسُ إِلَى أَنْطَاكِيَةَ قَاوَمْتُهُ مُواجَهَةً، لأَنَّهُ كَانَ مَلُوماً. 12لأَنَّهُ قَبْلَمَا أَتَى قَوْمٌ مِنْ عِنْدِ يَعْقُوبَ كَانَ يَأْكُلُ مَعَ الأُمَمِ، وَلَكِنْ لَمَّا أَتَوْا كَانَ يُؤَخِّرُ وَيُفْرِزُ نَفْسَهُ، خَائِفاً مِنَ الَّذِينَ هُمْ مِنَ الْخِتَانِ. 13وَرَاءَى مَعَهُ بَاقِي الْيَهُودِ أَيْضاً، حَتَّى إِنَّ بَرْنَابَا أَيْضاً انْقَادَ إِلَى رِيَائِهِمْ! 14لَكِنْ لَمَّا رَأَيْتُ أَنَّهُمْ لاَ يَسْلُكُونَ بِاسْتِقَامَةٍ حَسَبَ حَقِّ الإِنْجِيلِ، قُلْتُ لِبُطْرُسَ قُدَّامَ الْجَمِيعِ: «إِنْ كُنْتَ وَأَنْتَ يَهُودِيٌّ تَعِيشُ أُمَمِيّاً لاَ يَهُودِيّاً، فَلِمَاذَا تُلْزِمُ الأُمَمَ أَنْ يَتَهَوَّدُوا؟») غلاطية 2: 11-14
                              فقد اتهم بطرس أنه لا يتبع شرع الله، ولا فرق بينه وبين الأممى الوثنى. بل لامه التلاميذ على الدعوة بين الأمم، وأرسلوا هم من يُصلح ما أفسده بولس، وغيروا العقائد التالفة التى علمها إياهم: (23فَافْعَلْ هَذَا الَّذِي نَقُولُ لَكَ: عِنْدَنَا أَرْبَعَةُ رِجَالٍ عَلَيْهِمْ نَذْرٌ. 24خُذْ هَؤُلاَءِ وَتَطهَّرْ مَعَهُمْ وَأَنْفِقْ عَلَيْهِمْ لِيَحْلِقُوا رُؤُوسَهُمْ فَيَعْلَمَ الْجَمِيعُ أَنْ لَيْسَ شَيْءٌ مِمَّا أُخْبِرُوا عَنْكَ بَلْ تَسْلُكُ أَنْتَ أَيْضاً حَافِظاً لِلنَّامُوسِ. 25وَأَمَّا مِنْ جِهَةِ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْأُمَمِ فَأَرْسَلْنَا نَحْنُ إِلَيْهِمْ وَحَكَمْنَا أَنْ لاَ يَحْفَظُوا شَيْئاً مِثْلَ ذَلِكَ سِوَى أَنْ يُحَافِظُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ مِمَّا ذُبِحَ لِلأَصْنَامِ وَمِنَ الدَّمِ وَالْمَخْنُوقِ وَالزِّنَا».26حِينَئِذٍ أَخَذَ بُولُسُ الرِّجَالَ فِي الْغَدِ وَتَطَهَّرَ مَعَهُمْ وَدَخَلَ الْهَيْكَلَ مُخْبِراً بِكَمَالِ أَيَّامِ التَّطْهِيرِ إِلَى أَنْ يُقَرَّبَ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمُ الْقُرْبَانُ.) أعمال الرسل 21: 23-26
                              فهل تطهر المذنب ينفى عنه أنه كان قد أذنب؟ أليس تطهره من الذنب هو إقرار منه بذنبه؟ فلو لم يقترف بولس هذا الجرم، فلماذا لم ينفى الذنب عنه؟ لماذا استجاب لحكم التلاميذ فيه وفى أفعاله؟ بل لماذا أرسل التلاميذ من يصحح العقائد الفاسدة التى علمها إياهم؟ إن قبوله التطهر وتطهر الآخرين على نفقته لهم إقرار منه بالذنب.
                              وظل يفسد فى دين يسوع وتعاليمه، ولم يرتدع بمحاكمة التلاميذ له، فقال عن أهل الختان من التلاميذ: (4قَدْ تَبَطَّلْتُمْ عَنِ الْمَسِيحِ أَيُّهَا الَّذِينَ تَتَبَرَّرُونَ بِالنَّامُوسِ. سَقَطْتُمْ مِنَ النِّعْمَةِ. 5فَإِنَّنَا بِالرُّوحِ مِنَ الإِيمَانِ نَتَوَقَّعُ رَجَاءَ بِرٍّ. 6لأَنَّهُ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ لاَ الْخِتَانُ يَنْفَعُ شَيْئاً وَلاَ الْغُرْلَةُ، بَلِ الإِيمَانُ الْعَامِلُ بِالْمَحَبَّةِ. .... 11وَأَمَّا أَنَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ فَإِنْ كُنْتُ بَعْدُ أَكْرِزُ بِالْخِتَانِ فَلِمَاذَا أُضْطَهَدُ بَعْدُ؟ إِذاً عَثْرَةُ الصَّلِيبِ قَدْ بَطَلَتْ. 12يَا لَيْتَ الَّذِينَ يُقْلِقُونَكُمْ يَقْطَعُونَ أَيْضاً!) غلاطية 5: 4-12
                              إنه يتهكم على التلاميذ أو يدعو عليهم وعلى الغيورين على الناموس يقوله: (لَيتَ الّذين َ يُوقِعونَ البَلْبَلَْةَ بَينَكُم يَقطَعونَ هُم أعضاءَهُم!) الترجمة العربية المشتركة
                              (لَيْتَ الَّذِينَ يُثِيرُونَ الْبَلْبَلَةَ بَيْنَكُمْ يَبْتُرُونَ أَنْفُسَهُمْ!) كتاب الحياة
                              (لَيتَ الَّذينَ يُثيرونَ الاضطِرابَ بَينَكم يَجُبُّونَ أَنْفُسَهم!) الترجمة الكاثوليكية
                              بل أكثر من ذلك وصف نبى الله موسى عليه السلام أنه امرأة تضع النقاب على وجهها: (13وَلَيْسَ كَمَا كَانَ مُوسَى يَضَعُ بُرْقُعاً عَلَى وَجْهِهِ لِكَيْ لاَ يَنْظُرَ بَنُو إِسْرَائِيلَ إِلَى نِهَايَةِ الزَّائِلِ.) كورنثوس الثانية 3: 12
                              وقال لأهل غلاطية حين قدم إليها تلاميذ يسوع: (6إِنِّي أَتَعَجَّبُ أَنَّكُمْ تَنْتَقِلُونَ هَكَذَا سَرِيعاً عَنِ الَّذِي دَعَاكُمْ بِنِعْمَةِ الْمَسِيحِ إِلَى إِنْجِيلٍ آخَرَ. 7لَيْسَ هُوَ آخَرَ، غَيْرَ أَنَّهُ يُوجَدُ قَوْمٌ يُزْعِجُونَكُمْ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُحَوِّلُوا إِنْجِيلَ الْمَسِيحِ. 8وَلَكِنْ إِنْ بَشَّرْنَاكُمْ نَحْنُ أَوْ مَلاَكٌ مِنَ السَّمَاءِ بِغَيْرِ مَا بَشَّرْنَاكُمْ، فَلْيَكُنْ «أَنَاثِيمَا». 9كَمَا سَبَقْنَا فَقُلْنَا أَقُولُ الآنَ أَيْضاً: إِنْ كَانَ أَحَدٌ يُبَشِّرُكُمْ بِغَيْرِ مَا قَبِلْتُمْ، فَلْيَكُنْ «أَنَاثِيمَا».) غلاطية 1: 6-9
                              إنه لا يعترف بإنجيل للمسيح إلا الذى يبشر هو به! ويرفض دعوة تلاميذ يسوع الآخرين، ويعتبرها دعوة كفرية مارقة، ومن يقبلها فهو ملعون.
                              وفى الحقيقة لقد نشر إنجيله الشخصى، الذى ملأه بكل ما يُخالف تعاليم اليهود، التى تربى عليها يسوع وأمه وتلاميذه، ولم تخرج دعوته عن الناموس، إلا ما خالف فيه أعراف اليهود غير المطابقة للكتاب وتقاليدهم الضالة:
                              وقال أيضاً: (11وَأُعَرِّفُكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ الإِنْجِيلَ الَّذِي بَشَّرْتُ بِهِ، أَنَّهُ لَيْسَ بِحَسَبِ إِنْسَانٍ. 12لأَنِّي لَمْ أَقْبَلْهُ مِنْ عِنْدِ إِنْسَانٍ وَلاَ عُلِّمْتُهُ. بَلْ بِإِعْلاَنِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ.) غلاطية 1: 11-12
                              كورنثوس الأولى 3: 10-11 (10حَسَبَ نِعْمَةِ اللهِ الْمُعْطَاةِ لِي كَبَنَّاءٍ حَكِيمٍ قَدْ وَضَعْتُ أَسَاساً وَآخَرُ يَبْنِي عَلَيْهِ. وَلَكِنْ فَلْيَنْظُرْ كُلُّ وَاحِدٍ كَيْفَ يَبْنِي عَلَيْهِ.) أى ترك البناء مفتوحًا لكل من يريد أن يزيد بالبناء عليه!!
                              رومية 15: 20 (20وَلَكِنْ كُنْتُ مُحْتَرِصاً أَنْ أُبَشِّرَ هَكَذَا: لَيْسَ حَيْثُ سُمِّيَ الْمَسِيحُ لِئَلاَّ أَبْنِيَ عَلَى أَسَاسٍ لِآخَرَ.)
                              (11وَأُعَرِّفُكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ الإِنْجِيلَ الَّذِي بَشَّرْتُ بِهِ، أَنَّهُ لَيْسَ بِحَسَبِ إِنْسَانٍ. 12لأَنِّي لَمْ أَقْبَلْهُ مِنْ عِنْدِ إِنْسَانٍ وَلاَ عُلِّمْتُهُ. بَلْ بِإِعْلاَنِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ. 13فَإِنَّكُمْ سَمِعْتُمْ بِسِيرَتِي قَبْلاً فِي الدِّيَانَةِ الْيَهُودِيَّةِ، أَنِّي كُنْتُ أَضْطَهِدُ كَنِيسَةَ اللهِ بِإِفْرَاطٍ وَأُتْلِفُهَا. 14وَكُنْتُ أَتَقَدَّمُ فِي الدِّيَانَةِ الْيَهُودِيَّةِ عَلَى كَثِيرِينَ مِنْ أَتْرَابِي فِي جِنْسِي، إِذْ كُنْتُ أَوْفَرَ غَيْرَةً فِي تَقْلِيدَاتِ آبَائِي. 15وَلَكِنْ لَمَّا سَرَّ اللهَ [ثيوس فى اليونانية] الَّذِي أَفْرَزَنِي مِنْ بَطْنِ أُمِّي، وَدَعَانِي بِنِعْمَتِهِ 16أَنْ يُعْلِنَ ابْنَهُ فِيَّ لِأُبَشِّرَ بِهِ بَيْنَ الأُمَمِ، لِلْوَقْتِ لَمْ أَسْتَشِرْ لَحْماً وَدَماً 17وَلاَ صَعِدْتُ إِلَى أُورُشَلِيمَ إِلَى الرُّسُلِ الَّذِينَ قَبْلِي، بَلِ انْطَلَقْتُ إِلَى الْعَرَبِيَّةِ، ثُمَّ رَجَعْتُ أَيْضاً إِلَى دِمَشْقَ. 18ثُمَّ بَعْدَ ثَلاَثِ سِنِينَ صَعِدْتُ إِلَى أُورُشَلِيمَ لأَتَعَرَّفَ بِبُطْرُسَ، فَمَكَثْتُ عِنْدَهُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْماً.) غلاطية 1: 11-16
                              (25وَلِلْقَادِرِ أَنْ يُثَبِّتَكُمْ حَسَبَ إِنْجِيلِي .. .. ..) رومية 16: 25
                              (8اُذْكُرْ يَسُوعَ الْمَسِيحَ الْمُقَامَ مِنَ الأَمْوَاتِ مِنْ نَسْلِ دَاوُدَ بِحَسَبِ إِنْجِيلِي) تيموثاوس الثانية 2: 8
                              (9فَأَنَا ارْتَأَيْتُ فِي نَفْسِي أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ أَصْنَعَ أُمُوراً كَثِيرَةً مُضَادَّةً لاِسْمِ يَسُوعَ النَّاصِرِيِّ.) أعمال الرسل 26: 8-9
                              الأمر الذى جرَّأه على يسوع وقال عنه إنه مات ميتة الملاعين، وأصبح ملعونًا لأجلهم: (اَلْمَسِيحُ افْتَدَانَا مِنْ لَعْنَةِ النَّامُوسِ، إِذْ صَارَ لَعْنَةً لأَجْلِنَا، لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ:«مَلْعُونٌ كُلُّ مَنْ عُلِّقَ عَلَى خَشَبَةٍ») غلاطية 3: 13
                              بل جرَّأه على الرب نفسه وسبَّه، فاتهمه بعدم الرحمة: (31فَمَاذَا نَقُولُ لِهَذَا؟ إِنْ كَانَ اللهُ مَعَنَا فَمَنْ عَلَيْنَا! 32اَلَّذِي لَمْ يُشْفِقْ عَلَى ابْنِهِ بَلْ بَذَلَهُ لأَجْلِنَا أَجْمَعِينَ كَيْفَ لاَ يَهَبُنَا أَيْضاً مَعَهُ كُلَّ شَيْءٍ؟) رومية 8: 31-32
                              وأنه عنده جهالة وضعف: (25لأَنَّ جَهَالَةَ اللهِ أَحْكَمُ مِنَ النَّاسِ! وَضَعْفَ اللهِ أَقْوَى مِنَ النَّاسِ!) كورنثوس الأولى 1: 25
                              وأنه يضلل الناس فيرسل إليهم عمل الضلال ليصدقوا الكذب: فماذا يفعل الشيطان غير ذلك؟ وما الحكمة أن يظهر الكاتب أن الرب هو المضلل مثل الشيطان؟ (11وَلأَجْلِ هَذَا سَيُرْسِلُ إِلَيْهِمُ اللهُ عَمَلَ الضَّلاَلِ، حَتَّى يُصَدِّقُوا الْكَذِبَ، 12لِكَيْ يُدَانَ جَمِيعُ الَّذِينَ لَمْ يُصَدِّقُوا الْحَقَّ، بَلْ سُرُّوا بِالإِثْمِ) تسالونيكى الثانية 2: 11
                              إن من يكتب هذا أو يؤمن به يشاركه فى سبِّ الرب، فهل أراد أن يقول لأصحاب العقول من المسيحيين إن هذا الذى تسمونه عهدًا جديدًا تعاليم شيطانية تسب الرب، لينفر الناس عن اتباع النبى الحق ودعوته الحقة؟
                              هذا جزء من صفات بولس الذى استكبر ورفض أن يتعلم من تعاليم يسوع أو أمثاله، التى كان يتكلم بها، بل رفض ذكر معجزاته ونسبه، وهمَّش تلاميذه ورفض أن يتعلم منهم أو أن ينصاع إليهم، بل وجه سهامه السامة نحوهم ووصفهم بأنهم دجالون ماكرون: (5لأَنِّي أَحْسِبُ أَنِّي لَمْ أَنْقُصْ شَيْئاً عَنْ فَائِقِي الرُّسُلِ. ... 13لأَنَّ مِثْلَ هَؤُلاَءِ هُمْ رُسُلٌ كَذَبَةٌ، فَعَلَةٌ مَاكِرُونَ، مُغَيِّرُونَ شَكْلَهُمْ إِلَى شِبْهِ رُسُلِ الْمَسِيحِ.) كورنثوس الثانية 11: 5 و13
                              بل رمى سمعان (كبير التلاميذ) وبرنابا بالنفاق: (11وَلَكِنْ لَمَّا أَتَى بُطْرُسُ إِلَى أَنْطَاكِيَةَ قَاوَمْتُهُ مُواجَهَةً، لأَنَّهُ كَانَ مَلُوماً. 12لأَنَّهُ قَبْلَمَا أَتَى قَوْمٌ مِنْ عِنْدِ يَعْقُوبَ كَانَ يَأْكُلُ مَعَ الأُمَمِ، وَلَكِنْ لَمَّا أَتَوْا كَانَ يُؤَخِّرُ وَيُفْرِزُ نَفْسَهُ، خَائِفاً مِنَ الَّذِينَ هُمْ مِنَ الْخِتَانِ. 13وَرَاءَى مَعَهُ بَاقِي الْيَهُودِ أَيْضاً، حَتَّى إِنَّ بَرْنَابَا أَيْضاً انْقَادَ إِلَى رِيَائِهِمْ!) غلاطية 2: 11-13
                              ولكى يُحافظ بولس على دعوته دون مقاومة، اتبع الخطوات الآتية، وهى خطوات تكميلية لما سبق:
                              كل من يُخالط تلاميذ يسوع أو يقبل تعاليمهم أو حتى تعاليم التوراة فهو ملعون، فلا تعاليم على الأرض صحيحة إلا تعاليمه، حتى لو كانت هذه التعاليم نازلة من السماء: (8وَلَكِنْ إِنْ بَشَّرْنَاكُمْ نَحْنُ أَوْ مَلاَكٌ مِنَ السَّمَاءِ بِغَيْرِ مَا بَشَّرْنَاكُمْ، فَلْيَكُنْ «أَنَاثِيمَا». 9كَمَا سَبَقْنَا فَقُلْنَا أَقُولُ الآنَ أَيْضاً: إِنْ كَانَ أَحَدٌ يُبَشِّرُكُمْ بِغَيْرِ مَا قَبِلْتُمْ، فَلْيَكُنْ «أَنَاثِيمَا».) غلاطية 1: 8-9
                              وأمرهم بتجنب كل من لا يحمل علمه هو: (6ثُمَّ نُوصِيكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ، بِاسْمِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، أَنْ تَتَجَنَّبُوا كُلَّ أَخٍ يَسْلُكُ بِلاَ تَرْتِيبٍ، وَلَيْسَ حَسَبَ التَّعْلِيمِ الَّذِي أَخَذَهُ مِنَّا.) تسالونيك الثانية 3: 6
                              وأن لا يتعاملون معه: (14وَإِنْ كَانَ أَحَدٌ لاَ يُطِيعُ كَلاَمَنَا بِالرِّسَالَةِ، فَسِمُوا هَذَا وَلاَ تُخَالِطُوهُ لِكَيْ يَخْجَلَ،) تسالونيك الثانية 3: 14
                              بل أمرهم كذلك بالابتعاد عنهم: (17وَأَطْلُبُ إِلَيْكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ أَنْ تُلاَحِظُوا الَّذِينَ يَصْنَعُونَ الشِّقَاقَاتِ وَالْعَثَرَاتِ خِلاَفاً لِلتَّعْلِيمِ الَّذِي تَعَلَّمْتُمُوهُ وَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ. 18لأَنَّ مِثْلَ هَؤُلاَءِ لاَ يَخْدِمُونَ رَبَّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحَ بَلْ بُطُونَهُمْ وَبِالْكَلاَمِ الطَّيِّبِ وَالأَقْوَالِ الْحَسَنَةِ يَخْدَعُونَ قُلُوبَ السُّلَمَاءِ.) رومية 16-17
                              بل إن التعاليم التى بثها بولس فى الرسائل المنسوبة إليه لتؤكد أنه لم يوح إليه! ارجع فى ذلك إلى كتاب: (بولس يقول: دمروا المسيح وأبيدوا أهله)
                              فماذا يعنى لك أن يسب إنسان ما يسوع أو تلاميذه؟
                              ماذا يعنى لك أن يسب إنسان ما موسى عليه السلام؟
                              ماذا يعنى لك أن يلغى إنسان ما تعاليم يسوع، ويستبدلها بتعاليمه هو؟
                              وإلى هنا نكون قد أثبتنا أنه لم يتلق بولس شهادة ربانية تفيد أنه كان يوحى إليه، بل أثبتنا أنه كان ضدًا لتعاليم يسوع وأدانه التلاميذ، إلا أن دعوته فى إفساد تعاليم يسوع وموسى والأنبياء هى التى انتصرت. وعلى الرغم من ذلك لم يبحث السيد رشيد عن شهادات ربانية تفيد أن هؤلاء أوحى إليهم، وعلى الرغم من ذلك تقبلوا أعمالهم واعتبروها جزءًا من الكتاب المقدس.
                              * * *

                              تعليق

                              • abubakr_3
                                مُشرِف

                                • 15 يون, 2006
                                • 849
                                • موظف
                                • مسلم

                                #30
                                رد: مناظرة مع السيد رشيد حول نبوة محمد صلى الله عليه وسلم

                                هل توجد شهادة ربانية على كون يسوع رسول الله؟
                                ولو دققنا فى موضوع يسوع فى أسفارك يا سيد رشيد لعلمنا أنه نبى من عند الله، أرسله إلى بنى إسرائيل فقط، أى أنه كان عبد الله ورسوله، وقد سقت إليك الأدلة من قبل: وهى اعترافه هو نفسه، واعتراف تلاميذه والشعب، والكهنة أعداؤه أنه كان رسول الله إليهم. فأين الدليل الربانى أو الشهادة الربانية غير الكتاب على أنه رسول الله؟
                                وهل لو كان يسوع إلهًا لقال إن شهادته غير مقبولة: (31«إِنْ كُنْتُ أَشْهَدُ لِنَفْسِي فَشَهَادَتِي لَيْسَتْ حَقّاً. 32الَّذِي يَشْهَدُ لِي هُوَ آخَرُ وَأَنَا أَعْلَمُ أَنَّ شَهَادَتَهُ الَّتِي يَشْهَدُهَا لِي هِيَ حَقٌّ.) يوحنا 5: 31-32
                                ويوضح بعدها يسوع أن الشاهد الآخر هو الآب: (37وَالآبُ نَفْسُهُ الَّذِي أَرْسَلَنِي يَشْهَدُ لِي. لَمْ تَسْمَعُوا صَوْتَهُ قَطُّ وَلاَ أَبْصَرْتُمْ هَيْئَتَهُ) يوحنا 5: 37
                                فمتى شهد له الآب؟ متى كلمه الآب؟ وهل لو شهد له وكلمه لكانوا واحدًا مع الروح القدس؟ أليس لو كانا واحدًا لكانت شهادة الأقنوم منهم للآخر تدليس على الناس لأن الشهادة تأتى من آخر، وهما الاثنان واحد؟
                                وبالتالى لم يشهد يسوع لنفسه، ونفى صحة شهادته لنفسه، وقبل شهادة الآب المتحد معه، والذى يبنى معه الوحدة الثالوثية، أى رفض شهادته ليقبل شهادته، فالاثنان واحد!
                                فأين شهادة الرب ليسوع؟ لا توجد إلا شهادة جزء من الواحد لنفسه!!
                                وإذا كان الرب هو الذى يشهد على يسوع، فكيف يشهد يسوع لبولس وهو شهادته غير مقبولة لنفسه؟
                                أين شهادة الرب للتلاميذ الذين كتبوا أناجيل ورسائل؟
                                أين شهادة الرب لبطرس الذى أحل كل الطعام مخالفة للناموس؟
                                (9ثُمَّ فِي الْغَدِ فِيمَا هُمْ يُسَافِرُونَ وَيَقْتَرِبُونَ إِلَى الْمَدِينَةِ صَعِدَ بُطْرُسُ عَلَى السَّطْحِ لِيُصَلِّيَ نَحْوَ السَّاعَةِ السَّادِسَةِ. 10فَجَاعَ كَثِيراً وَاشْتَهَى أَنْ يَأْكُلَ. وَبَيْنَمَا هُمْ يُهَيِّئُونَ لَهُ وَقَعَتْ عَلَيْهِ غَيْبَةٌ 11فَرَأَى السَّمَاءَ مَفْتُوحَةً وَإِنَاءً نَازِلاً عَلَيْهِ مِثْلَ مُلاَءَةٍ عَظِيمَةٍ مَرْبُوطَةٍ بِأَرْبَعَةِ أَطْرَافٍ وَمُدَلاَّةٍ عَلَى الأَرْضِ. 12وَكَانَ فِيهَا كُلُّ دَوَابِّ الأَرْضِ وَالْوُحُوشِ وَالزَّحَّافَاتِ وَطُيُورِ السَّمَاءِ. 13وَصَارَ إِلَيْهِ صَوْتٌ: «قُمْ يَا بُطْرُسُ اذْبَحْ وَكُلْ». 14فَقَالَ بُطْرُسُ: «كَلاَّ يَا رَبُّ لأَنِّي لَمْ آكُلْ قَطُّ شَيْئاً دَنِساً أَوْ نَجِساً». 15فَصَارَ إِلَيْهِ أَيْضاً صَوْتٌ ثَانِيَةً: «مَا طَهَّرَهُ اللهُ لاَ تُدَنِّسْهُ أَنْتَ!» 16وَكَانَ هَذَا عَلَى ثَلاَثِ مَرَّاتٍ ثُمَّ ارْتَفَعَ الإِنَاءُ أَيْضاً إِلَى السَّمَاءِ.) أعمال الرسل 10: 9-16
                                كيف عرف أن هذا هو صوت الرب؟ وهل كلم الرب بطرس؟ كيف؟ ويسوع نفسه يقول لبنى إسرائيل إنهم لم يسمعوا صوت الرب قط: (37وَالآبُ نَفْسُهُ الَّذِي أَرْسَلَنِي يَشْهَدُ لِي. لَمْ تَسْمَعُوا صَوْتَهُ قَطُّ وَلاَ أَبْصَرْتُمْ هَيْئَتَهُ) يوحنا 5: 37
                                فهل سمع بطرس الذى يهتم بما للناس ولا يهتم بما لله، والذى وصفه يسوع أنه شيطان، صوت الرب دون الآخرين؟ ثم يعلم الرب أن بطرس جوعان جدًا جدًا، فينزل عليه إناء يحتوى على كل وحوش الأرض والزحافات وطيور السماء، ليذبحهم ويأكل منهم؟ فكم عام سيستغرق هذا الأمر؟ وهل كان لإنسان بهذا الجوع أن ينتظر حتى يتم ذبح فرخة وتسويتها؟ والأغرب من ذلك أن الملاءة التى تحمل كل هذه الأطنان من الحيوانات والزحافات والطيور ارتفعت واختفت، ولم يرها غير بطرس فى غيبوبته، وبالتالى لم يأكل منها لأنها ارتفعت عقب ترداد الرب لمقولته ثلاث مرات! أى لم يذبح بطرس ولم يأكل، بل لم يتحرك من مكانه! وهل لا ينزل الرب عليه إلا وهو فى غيبوبة، كما جاء فى الترجمة العربية المشتركة، وترجمة كتاب الحياة؟ فعلى أحسن الفروض رأى هذا فى منامه بسبب جوعه الشديد، فأين شهادة الرب؟ وما الدليل عليها؟
                                وهل شهادة الرب تُخالف أوامره فى ناموسه وتعاليمه؟ وهل من الممكن أن يغير الرب تعاليمه لتلميذ من تلاميذ نبيه؟ فلماذا لم يجعل هذا التغيير على يد النبى نفسه؟
                                ألم يعلم أن المخالف للناموس ملعون ويجب قتله؟
                                (26مَلعُونٌ مَنْ لا يُقِيمُ كَلِمَاتِ هَذَا النَّامُوسِ لِيَعْمَل بِهَا. وَيَقُولُ جَمِيعُ الشَّعْبِ: آمِينَ».) تثنية 27: 26 أليس هذا قول الرب؟
                                (28مَنْ خَالَفَ نَامُوسَ مُوسَى فَعَلَى شَاهِدَيْنِ أَوْ ثَلاَثَةِ شُهُودٍ يَمُوتُ بِدُونِ رَأْفَةٍ.) عبرانيين 10: 28 أليس هذا وحى الرب؟
                                وأين هى شهادة الرب لبولس الذى سب ناموس الرب واتهمه بالفشل؟
                                ففى الوقت الذى يقول الرب فيه: («لِيَضْبِطْ قَلْبُكَ كَلاَمِي. احْفَظْ وَصَايَايَ فَتَحْيَا. 5اِقْتَنِ الْحِكْمَةَ. اقْتَنِ الْفَهْمَ. لاَ تَنْسَ وَلاَ تُعْرِضْ عَنْ كَلِمَاتِ فَمِي.) أمثال 4: 4-5
                                ويقول: (2لأَنِّي أُعْطِيكُمْ تَعْلِيماً صَالِحاً فَلاَ تَتْرُكُوا شَرِيعَتِي.) أمثال 4: 2
                                ويقول: (20يَا ابْنِي أَصْغِ إِلَى كَلاَمِي. أَمِلْ أُذْنَكَ إِلَى أَقْوَالِي. 21لاَ تَبْرَحْ عَنْ عَيْنَيْكَ. احْفَظْهَا فِي وَسَطِ قَلْبِكَ. 22لأَنَّهَا هِيَ حَيَاةٌ لِلَّذِينَ يَجِدُونَهَا وَدَوَاءٌ لِكُلِّ الْجَسَدِ.) الأمثال 4: 20-22
                                ويقول: (30اَللهُ طَرِيقُهُ كَامِلٌ. قَوْلُ الرَّبِّ نَقِيٌّ. تُرْسٌ هُوَ لِجَمِيعِ الْمُحْتَمِينَ بِهِ. 31لأَنَّهُ مَنْ هُوَ إِلَهٌ غَيْرُ الرَّبِّ! وَمَنْ هُوَ صَخْرَةٌ سِوَى إِلَهِنَا!) مزمور 18: 30-31
                                ويقول: (7نَامُوسُ الرَّبِّ كَامِلٌ يَرُدُّ النَّفْسَ. شَهَادَاتُ الرَّبِّ صَادِقَةٌ تُصَيِّرُ الْجَاهِلَ حَكِيماً. 8وَصَايَا الرَّبِّ مُسْتَقِيمَةٌ تُفَرِّحُ الْقَلْبَ. أَمْرُ الرَّبِّ طَاهِرٌ يُنِيرُ الْعَيْنَيْنِ. 9خَوْفُ الرَّبِّ نَقِيٌّ ثَابِتٌ إِلَى الأَبَدِ. أَحْكَامُ الرَّبِّ حَقٌّ عَادِلَةٌ كُلُّهَا. 10أَشْهَى مِنَ الذَّهَبِ وَالإِبْرِيزِ الْكَثِيرِ وَأَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ وَقَطْرِ الشِّهَادِ.) مزمور 19: 7-10
                                بل لعن الرب من يعرض عن هذا الناموس وكلامه: (... هَكَذَا قَالَ الرَّبُّ إِلَهُ إِسْرَائِيلَ: مَلْعُونٌ الإِنْسَانُ الَّذِي لاَ يَسْمَعُ كَلاَمَ هَذَا الْعَهْدِ 4الَّذِي أَمَرْتُ بِهِ آبَاءَكُمْ يَوْمَ أَخْرَجْتُهُمْ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ ...) إرمياء 11: 3-4
                                ولعنه أيضًا فقال: (26مَلعُونٌ مَنْ لا يُقِيمُ كَلِمَاتِ هَذَا النَّامُوسِ لِيَعْمَل بِهَا. وَيَقُولُ جَمِيعُ الشَّعْبِ: آمِينَ».) تثنية 27: 26
                                وفى الوقت الذى يقول فيه يسوع نفسه: (17«لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لأَنْقُضَ النَّامُوسَ أَوِ الأَنْبِيَاءَ. مَا جِئْتُ لأَنْقُضَ بَلْ لِأُكَمِّلَ. 18فَإِنِّي الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِلَى أَنْ تَزُولَ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ لاَ يَزُولُ حَرْفٌ وَاحِدٌ أَوْ نُقْطَةٌ وَاحِدَةٌ مِنَ النَّامُوسِ حَتَّى يَكُونَ الْكُلُّ.) متى 5: 17-18
                                ويقول كاتب الرسالة إلى العبرانيين: (28مَنْ خَالَفَ نَامُوسَ مُوسَى فَعَلَى شَاهِدَيْنِ أَوْ ثَلاَثَةِ شُهُودٍ يَمُوتُ بِدُونِ رَأْفَةٍ.) عبرانيين 10: 28
                                ويقول يعقوب بعد رفع نبيه: (10لأَنَّ مَنْ حَفِظَ كُلَّ النَّامُوسِ، وَإِنَّمَا عَثَرَ فِي وَاحِدَةٍ، فَقَدْ صَارَ مُجْرِماً فِي الْكُلِّ. 11لأَنَّ الَّذِي قَالَ: «لاَ تَزْنِ» قَالَ أَيْضاً: «لاَ تَقْتُلْ». فَإِنْ لَمْ تَزْنِ وَلَكِنْ قَتَلْتَ، فَقَدْ صِرْتَ مُتَعَدِّياً النَّامُوسَ.) يعقوب 2: 10-11
                                جاء بولس ليهدم الناموس وتعاليمه واعتبره لم يكمل شىء، فقال:
                                (20لأَنَّهُ بِأَعْمَالِ النَّامُوسِ كُلُّ ذِي جَسَدٍ لاَ يَتَبَرَّرُ أَمَامَهُ. لأَنَّ بِالنَّامُوسِ مَعْرِفَةَ الْخَطِيَّةِ. 21وَأَمَّا الآنَ فَقَدْ ظَهَرَ بِرُّ اللهِ بِدُونِ النَّامُوسِ مَشْهُوداً لَهُ مِنَ النَّامُوسِ وَالأَنْبِيَاءِ.) رومية 3: 20-21
                                (27فَأَيْنَ الافْتِخَارُ؟ قَدِ انْتَفَى! بِأَيِّ نَامُوسٍ؟ أَبِنَامُوسِ الأَعْمَالِ؟ كَلاَّ! بَلْ بِنَامُوسِ الإِيمَانِ. 28إِذاً نَحْسِبُ أَنَّ الإِنْسَانَ يَتَبَرَّرُ بِالإِيمَانِ بِدُونِ أَعْمَالِ النَّامُوسِ.) رومية 3: 27-28
                                (18فَإِنَّهُ يَصِيرُ إِبْطَالُ الْوَصِيَّةِ السَّابِقَةِ مِنْ أَجْلِ ضُعْفِهَا وَعَدَمِ نَفْعِهَا، 19إِذِ النَّامُوسُ لَمْ يُكَمِّلْ شَيْئاً.) عبرانيين 7: 18-19
                                (13فَإِذْ قَالَ«جَدِيداً» عَتَّقَ الأَوَّلَ.وَأَمَّا مَا عَتَقَ وَشَاخَ فَهُوَ قَرِيبٌ مِنَ الاِضْمِحْلاَلِ) عبرانيين 8: 13
                                (7فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ ذَلِكَ الأَوَّلُ بِلاَ عَيْبٍ لَمَا طُلِبَ مَوْضِعٌ لِثَانٍ.) عبرانيين 8: 7
                                (20وَأَمَّا النَّامُوسُ فَدَخَلَ لِكَيْ تَكْثُرَ الْخَطِيَّةُ.) رومية 5: 20
                                (21لَسْتُ أُبْطِلُ نِعْمَةَ اللهِ. لأَنَّهُ إِنْ كَانَ بِالنَّامُوسِ بِرٌّ، فَالْمَسِيحُ إِذاً مَاتَ بِلاَ سَبَبٍ.) غلاطية 2: 21
                                (56أَمَّا شَوْكَةُ الْمَوْتِ فَهِيَ الْخَطِيَّةُ وَقُوَّةُ الْخَطِيَّةِ هِيَ النَّامُوسُ) كورنثوس الأولى 15: 56
                                (16إِذْ نَعْلَمُ أَنَّ الإِنْسَانَ لاَ يَتَبَرَّرُ بِأَعْمَالِ النَّامُوسِ، بَلْ بِإِيمَانِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ، آمَنَّا نَحْنُ أَيْضاً بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ، لِنَتَبَرَّرَ بِإِيمَانِ يَسُوعَ لاَ بِأَعْمَالِ النَّامُوسِ. لأَنَّهُ بِأَعْمَالِ النَّامُوسِ لاَ يَتَبَرَّرُ جَسَدٌ مَا.) غلاطية 2: 16
                                (10لأَنَّ جَمِيعَ الَّذِينَ هُمْ مِنْ أَعْمَالِ النَّامُوسِ هُمْ تَحْتَ لَعْنَةٍ، لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ «مَلْعُونٌ كُلُّ مَنْ لاَ يَثْبُتُ فِي جَمِيعِ مَا هُوَ مَكْتُوبٌ فِي كِتَابِ النَّامُوسِ لِيَعْمَلَ بِهِ». 11وَلَكِنْ أَنْ لَيْسَ أَحَدٌ يَتَبَرَّرُ بِالنَّامُوسِ عِنْدَ اللهِ فَظَاهِرٌ، لأَنَّ «الْبَارَّ بِالإِيمَانِ يَحْيَا». 12وَلَكِنَّ النَّامُوسَ لَيْسَ مِنَ الإِيمَانِ، بَلِ «الإِنْسَانُ الَّذِي يَفْعَلُهَا سَيَحْيَا بِهَا». 13اَلْمَسِيحُ افْتَدَانَا مِنْ لَعْنَةِ النَّامُوسِ، إِذْ صَارَ لَعْنَةً لأَجْلِنَا، لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: «مَلْعُونٌ كُلُّ مَنْ عُلِّقَ عَلَى خَشَبَةٍ». 14لِتَصِيرَ بَرَكَةُ إِبْرَاهِيمَ لِلأُمَمِ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ، لِنَنَالَ بِالإِيمَانِ مَوْعِدَ الرُّوحِ، .. .. .. 19فَلِمَاذَا النَّامُوسُ؟ .. .. .. لأَنَّهُ لَوْ أُعْطِيَ نَامُوسٌ قَادِرٌ أَنْ يُحْيِيَ، لَكَانَ بِالْحَقِيقَةِ الْبِرُّ بِالنَّامُوسِ.) غلاطية 3: 10-21
                                (4قَدْ تَبَطَّلْتُمْ عَنِ الْمَسِيحِ أَيُّهَا الَّذِينَ تَتَبَرَّرُونَ بِالنَّامُوسِ. سَقَطْتُمْ مِنَ النِّعْمَةِ. 5فَإِنَّنَا بِالرُّوحِ مِنَ الإِيمَانِ نَتَوَقَّعُ رَجَاءَ بِرٍّ. 6لأَنَّهُ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ لاَ الْخِتَانُ يَنْفَعُ شَيْئاً وَلاَ الْغُرْلَةُ، بَلِ الإِيمَانُ الْعَامِلُ بِالْمَحَبَّةِ.) غلاطية 5: 4-6
                                وهو نفس النهج الذى سار عليه بولس، وعاقبه عليه التلاميذ، وأدانوه، وأمروه بالتوبة والتطهر، وأرسلوا هم لمن علمهم بولس من يغير هذه التعاليم الضالة: (17وَلَمَّا وَصَلْنَا إِلَى أُورُشَلِيمَ قَبِلَنَا الإِخْوَةُ بِفَرَحٍ. 18وَفِي الْغَدِ دَخَلَ بُولُسُ مَعَنَا إِلَى يَعْقُوبَ وَحَضَرَ جَمِيعُ الْمَشَايِخِ. 19فَبَعْدَ مَا سَلَّمَ عَلَيْهِمْ طَفِقَ يُحَدِّثُهُمْ شَيْئاً فَشَيْئاً بِكُلِّ مَا فَعَلَهُ اللهُ بَيْنَ الْأُمَمِ بِوَاسِطَةِ خِدْمَتِهِ. 20فَلَمَّا سَمِعُوا كَانُوا يُمَجِّدُونَ الرَّبَّ. وَقَالُوا لَهُ: «أَنْتَ تَرَى أَيُّهَا الأَخُ كَمْ يُوجَدُ رَبْوَةً مِنَ الْيَهُودِ الَّذِينَ آمَنُوا وَهُمْ جَمِيعاً غَيُورُونَ لِلنَّامُوسِ. 21وَقَدْ أُخْبِرُوا عَنْكَ أَنَّكَ تُعَلِّمُ جَمِيعَ الْيَهُودِ الَّذِينَ بَيْنَ الْأُمَمِ الاِرْتِدَادَ عَنْ مُوسَى قَائِلاً أَنْ لاَ يَخْتِنُوا أَوْلاَدَهُمْ وَلاَ يَسْلُكُوا حَسَبَ الْعَوَائِدِ. 22فَإِذاً مَاذَا يَكُونُ؟ لاَ بُدَّ عَلَى كُلِّ حَالٍ أَنْ يَجْتَمِعَ الْجُمْهُورُ لأَنَّهُمْ سَيَسْمَعُونَ أَنَّكَ قَدْ جِئْتَ. 23فَافْعَلْ هَذَا الَّذِي نَقُولُ لَكَ: عِنْدَنَا أَرْبَعَةُ رِجَالٍ عَلَيْهِمْ نَذْرٌ. 24خُذْ هَؤُلاَءِ وَتَطهَّرْ مَعَهُمْ وَأَنْفِقْ عَلَيْهِمْ لِيَحْلِقُوا رُؤُوسَهُمْ فَيَعْلَمَ الْجَمِيعُ أَنْ لَيْسَ شَيْءٌ مِمَّا أُخْبِرُوا عَنْكَ بَلْ تَسْلُكُ أَنْتَ أَيْضاً حَافِظاً لِلنَّامُوسِ. 25وَأَمَّا مِنْ جِهَةِ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْأُمَمِ فَأَرْسَلْنَا نَحْنُ إِلَيْهِمْ وَحَكَمْنَا أَنْ لاَ يَحْفَظُوا شَيْئاً مِثْلَ ذَلِكَ سِوَى أَنْ يُحَافِظُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ مِمَّا ذُبِحَ لِلأَصْنَامِ وَمِنَ الدَّمِ وَالْمَخْنُوقِ وَالزِّنَا».26حِينَئِذٍ أَخَذَ بُولُسُ الرِّجَالَ فِي الْغَدِ وَتَطَهَّرَ مَعَهُمْ وَدَخَلَ الْهَيْكَلَ مُخْبِراً بِكَمَالِ أَيَّامِ التَّطْهِيرِ إِلَى أَنْ يُقَرَّبَ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمُ الْقُرْبَانُ.) أعمال الرسل 21: 17-26
                                فهل طالبتم بولس بالشهادة الربانية وتحققتم من تعاليمه ولم تدينوه؟ فلماذا؟
                                هل تعلم أن هذه الرسائل الـ 14 التى تنسب لبولس لم يكتبها بولس؟
                                بل سجل يوسابيوس فى القرن الرابع الميلادى فى "تاريخ الكنيسة" شهادته عن بولس ورسائله الأربعة عشر ناقلاً عن أوريجانوس (185-254): «أما ذاك الذى جعل كفئاً لأن يكون خادم عهد جديد، لا الحرف بل الروح، أى بولس، الذى أكمل التبشير بالإنجيل من أورشليم وما حولها إلى الليريكون، فإنه لم يكتب إلى كل الكنائس التى علمها، ولم يرسل سوى أسطر قليلة لتلك التى كتب إليها.» (يوسابيوس 6: 25)
                                وأكد نفس الكلام المؤرخ يوسى بيس فى الباب الخامس والعشرين من الكتاب السادس من تاريخه: “قال أُريجن فى المجلد الخامس من شرح إنجيل يوحنا: إن بولس ما كتب شيئاً إلى جميع الكنائس، والذى كتبه إلى بعضها فسطران أو أربعة سطور”. ومعنى ذلك أنَّ أُريجن يؤكد أن هذه الرسائل المنسوبة لبولس ما كتبها بولس، ولكن كتبها آخر ونسبها إليه. (إظهار الحق ج1 ص164)
                                يا سيد رشيد: عليك أن تعيد دراستك وفهمك لموضوع الشهادة الربانية هذه!
                                * * *
                                غ 2- شهادة الأشخاص:
                                ويرى فيها السيد رشيد أن شهادة هارون لموسى تعتبر شهادة، أما شهداء محمد فهم ورقة بن نوفل وخديجة. ويقول: أما ورقة فلا يعتد بشهادته لأنه عند المسلمين كافر نصرانى وعند المسيحين هرطوقى، وأما خديجة فقد كانت وثنية كما أنها ناقصة عقل ودين عند المسلمين. وعلى ذلك فهو يظن أنه يحكم بالإسلام ليقيم علينا الحجة فى هذه الشهادة.
                                ومن أخبرك يا سيد رشيد أن شهادة هارون تبعًا لكتابك جائزة من الأساس؟ أليس هذا هو الرجل الذى كفر وصنع العجل وكفر من بنى إسرائيل من كفر بسببه؟
                                وإذا كنت قد أثبت لك أن شهادة هذا الوثن الذى تسمونه "الرب يهوه" باطلة، حيث لم يقابل موسى تبعًا لكتابك، الذى تقيم به الحجة علينا، إلا معبود وثنى، فسقطت حجة موسى وهارون، وأثبتت الرواية أن هذا الكتاب ليس بمقدس، ولا علاقة لله به.
                                ثم من قال لك يا رشيد أن شهادة الكافر العادل غير مقبولة فى الإسلام نهائيًا؟
                                هل تعلم الفرق بين الشهادة والإشهاد؟ إنه تقصير فى علمك!
                                وهل تعلم أن شهادة الكتابى للإسلام وللرسول صلى الله عليه وسلم تُعتبر من أقوى الشهادات، خاصة لو كان من علماء أهل الكتاب؟ لأن أتباع الرسول صلى الله عليه وسلم يؤمنون به عن علم واختبارات ومواقف بينة، أما الكافر فعلى الرغم من أنه قد يكون فقد علم كل هذا، فقد منعه الكبر أو المصلحة. فعندما يشهد للرسول صلى الله عليه وسلم الكافر أو المعاند أو ذو المصلحة فشهادته صادقة، لأنه لا يبغى مصلحة فى الإسلام، ولا من رسوله، بينما دفعه الحق والصدق إلى الاعتراف بهذا.
                                وها هو الرسول صلى الله عليه وسلم يقبل شهادة اليهود دون الأنصار المسلمين:
                                وما أكثر المواقف في السيرة النبوية التي توضح ذلك، ومنها أن يهود خيبر قتلوا رجلاً من الأنصار، فقال الأنصار: قَدْ قَتَلْتُمْ صَاحِبَنَا. قَالُوا: مَا قَتَلْنَا وَلا عَلِمْنَا قَاتِلاً. فَانْطَلَقُوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم. ومع أن الحقائق واضحة أن اليهود هم مَن قتلوه، فَقَالَ لَهُمْ: "تَأْتُونَ بِالْبَيِّنَةِ عَلَى مَنْ قَتَلَهُ؟" قَالُوا: مَا لَنَا بَيِّنَةٌ!! قَالَ: "فَيَحْلِفُونَ". قَالُوا: لا نَرْضَى بِأَيْمَانِ الْيَهُودِ. فَكَرِهَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُبْطِلَ دَمَهُ، فَوَدَاهُ مِائَةً مِنْ إِبِلِ الصَّدَقَة. (البخارى (6898))
                                فمع أن الأدلة واضحة بقتل اليهود للأنصاري إلا أن الرسول طلب البينة من الأنصار، فلم يعطوه البينة، فطلب الحلف من اليهود مع علمه بكذبهم وخداعهم، وما كان من رسول الله إلا أن حكم لليهود وهذا هو العدل. ولما كان في نفس الأنصار شيء، دفع رسول الله صلى الله عليه وسلم ديته، فخسرت الدولة رجلاً من رجالاتها، وخسرت الأموال التي دفعها المسلمون ديةً له، وكل ذلك ليس إلا إحقاقًا للعدل مع اليهود.
                                أما عن شهداء الرسول صلى الله عليه وسلم من خارج دائرة المسلمين، فهم كثر، وكانوا ينتظرون خروج نبى آخر الزمان، منهم من علم أنه سيخرج بالشام، ومنهم من أدرك خروجه بمكة، ومنهم من علم طريق هجرته إلى المدينة، وهذا مبنى على إشارات بالكتاب الذى تقدسه، ونبدأ باليهود الذين عاصروه:
                                شهادة زيد بن سعنة للرسول بالنبوة:
                                كان زيد بن سعنة من أحبار اليهود. وقال زيد بن سعنة: إنه لم يبق من علامات النبوة شيء إلا وقد عرفتها في وجه محمد صلى الله عليه وسلم حين نظرتُ إليه، إلا اثنتين لم أخبرهما منه: يسبق حلمُه جهلَه، ولا يزيده شدة الجهل عليه إلا حلمًا، فكنت أتلطف له لأن أخالطه، فأعرف حلمه وجهله.
                                قال: فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من الحجرات، ومعه علي بن أبي طالب، فأتاه رجل على راحلته كالبدوي، فقال: يا رسول الله، قرية بني فلان قد أسلموا ودخلوا في الإسلام، وكنت أخبرتهم أنهم إن أسلموا أتاهم الرزق رغدًا، وقد أصابهم شدة وقحط من الغيث، وأنا أخشى -يا رسول الله- أن يخرجوا من الإسلام طمعًا كما دخلوا فيه طمعًا، فإن رأيت أن تُرسل إليهم من يُغيثهم به فعلت. قال: فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى رجلٍ جانبه -أراه عمر- فقال: ما بقي منه شيء يا رسول الله.
                                قال زيد بن سعنة: فدنوت إليه، فقلت له: يا محمد، هل لك أن تبيعني تمرًا معلومًا من حائط بني فلان إلى أجل كذا وكذا؟ فقال: "لاَ يَا يَهُودِيُّ، وَلَكِنِّي أَبِيعُكَ تَمْرًا مَعْلُومًا إِلَى أَجْلِ كَذَا وَكَذَا، وَلا أُسَمِّي حَائِطَ بني فُلانٍ". قلت: نعم. فبايَعَنِي صلى الله عليه وسلم، فأطلقت هِمْيَاني [كيس للنفقة يُشَدُّ في الوسط]، فأعطيته ثمانين مثقالاً من ذهب في تمر معلوم إلى أجل كذا وكذا. قال: فأعطاها الرجل وقال: "اعْجِلْ عَلَيهِمْ وَأَغِثْهُمْ بِهَا".
                                قال زيد بن سعنة: فلما كان قبل محل الأجل بيومين أو ثلاثة، خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنازة رجل من الأنصار ومعه أبو بكر وعمر وعثمان، ونفر من أصحابه، فلما صلَّى على الجنازة دنا من جدار فجلس إليه، فأخذت بمجامع قميصه، ونظرت إليه بوجه غليظ، ثم قلت: ألا تقضيني -يا محمد- حقي؟ فوالله إنكم -يا بني عبد المطلب- قوم مطل، ولقد كان لي بمخالطتكم علم!!
                                قال: ونظرتُ إلى عمر بن الخطاب وعيناه تدوران في وجهه كالفلك المستدير، ثم رماني ببصره وقال: أي عدو الله، أتقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم ما أسمع، وتفعل به ما أرى؟! فوالذي بعثه بالحق، لولا ما أحاذر فَوْتَهُ [كيس للنفقة يُشَدُّ في الوسط] لضربت بسيفي هذا عنقك. ورسول الله صلى الله عليه وسلم ينظر إلى عمر في سكون وتؤدة، ثم قال: "يَا عُمَرُ، أَنَا وَهُوَ كُنَّا أَحْوَجَ إِلَى غَيْرِ هَذَا؛ أَنْ تَأْمُرَنِي بِحُسْنِ الأَدَاءِ، وتَأْمُرَهُ بِحُسْنِ التِّبَاعَةِ [اسم الشَّيء الذي لك فيه بغية]، اذْهَبْ بِهِ يَا عُمَرُ فَاقْضِهِ حَقَّهُ، وَزِدْهُ عِشْرِينَ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ مَكَانَ مَا رُعْتَهُ".
                                قال زيد: فذهب بي عمر فقضاني حقي، وزادني عشرين صاعًا من تمر، فقلت: ما هذه الزيادة؟
                                قال: أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أزيدك مكان ما رُعْتُكَ. فقلت: أتعرفني يا عمر؟
                                قال: لا، فمن أنت؟ قلت: أنا زيد بن سعنة. قال: الحبر؟ قلت: نعم، الحبر. قال: فما دعاك أن تقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم ما قلت، وتفعل به ما فعلت؟
                                فقلت: يا عمر، كل علامات النبوة قد عرفتُها في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم حين نظرت إليه إلا اثنتين لم أختبرهما منه: يسبق حلمُه جهلَه، ولا يزيده شدة الجهل عليه إلا حلمًا، فقد اختبرتهما، فأُشهدك -يا عمر- أني قد رضيت بالله ربًّا، وبالإسلام دينًا، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيًّا، وأشهدك أن شطر مالي -فإني أكثرها مالاً- صدقة على أمة محمد صلى الله عليه وسلم.
                                فقال عمر: أو على بعضهم؛ فإنك لا تسعهم كلهم. قلت: أو على بعضهم. فرجع عمر وزيد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال زيد: أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا عبده ورسوله - صلى الله عليه وسلم". [أخرجه ابن حبان 288، والحاكم 6547، والبيهقي 11066]
                                فهل تريد أن ترد شهادة هذا الحبر اليهودى فى الرسول صلى الله عليه وسلم؟ ألم يعلم هذا من كتابه المقدس؟ فإن لم تكن موجودة الآن، فقد تم إذن تحريف الكتاب لإخفاء هذه العلامات! أو إن علاماته هذه فى كتب يخفونها عن العامة أو تعاليم لا يعلنونها لهم!
                                شهادة عبد الله بن سبأ:
                                حَبْرُ اليهود عبدُ الله بن سلام الذي أسلم على يد النبي صلى الله عليه وسلم، فقد وفد على النبي في يوم هجرته ومقدمه المدينة، يقول: فجئت في الناس لأنظر إليه.
                                فلما استثبتُ وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم عرفت أن وجهَه ليس بوجه كذاب، وكان أول شيء تكلم به صلى الله عليه وسلم أن قال: ((أيها الناس، أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصلّوا والناس نيام، تدخلوا الجنة بسلام)). [رواه الترمذي ح (2485)، وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه ح (1097)].
                                قال السندي: "قوله: (عرَفْت أن وجهه ليس بوجه كذاب) لما لاح عليه من سواطع أنوار النبوة، وإذا كان أهل الصلاح والصلاة في الليل يُعرَفون بوجوههم .. فكيف هو، وهو سيدهم صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله؟". [شرح سنن ابن ماجه (2/231)]
                                وفي البخاري أن ابن سلام أتى النبي صلى الله عليه وسلم فجلس بين يديه، وقال: إني سائلك عن ثلاث، لا يعلمهن إلا نبي: ما أول أشراط الساعة؟ وما أول طعام يأكله أهل الجنة؟ ومن أي شيء ينزع الولد إلى أبيه؟ ومن أي شيء ينزع إلى أخواله؟
                                فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((خبَّرني بهن آنِفاً جبريلُ .. أما أول أشراط الساعة فنار تحشر الناس من المشرق إلى المغرب، وأما أول طعام يأكله أهل الجنة فزيادة كبد حوت، وأما الشبه في الولد، فإن الرجل إذا غشي المرأة، فسبقها ماؤه كان الشبه له، وإذا سبق ماؤها كان الشبه لها)). قال: أشهد أنك رسول الله.
                                ثم قال ابن سلام: يا رسول الله، إن اليهود قوم بُهْت، إن علموا بإسلامي قبل أن تسألهم بهتوني عندك، فجاءت اليهود، ودخل عبد الله البيت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لليهود: أي رجل فيكم عبد الله بن سلام؟ قالوا: أعلمُنا وابنُ أعلمِنا، وأخيَرِنا وابنُ أخْيَرنا.
                                فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أفرأيتم إن أسلم عبد الله؟)) قالوا: أعاذه الله من ذلك. فخرج عبد الله إليهم، فقال: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً رسولُ الله.
                                فقالوا: شرُّنا وابنُ شرنا، ووقعوا فيه. [رواه البخاري ح (3329)]
                                فإسلام عبد الله بن سلام، وهو حبر عالم في الكتب السابقة دليل صدق وشاهد حق على نبوة النبي صلى الله عليه وسلم (وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلًا ۚ قُلْ كَفَىٰ بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ) (الرعد: 43)
                                أليست شهادة الحبر عبد الله بن سلام شهادة أهل العلم؟ هل تريد أن ترد هذه الشهادة؟ ألا تعلم أن الله تعالى قال: (وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ) يوسف: 21
                                يا سيد رشيد: لو أنك تبحث عن الحق لتمسكت بشهادة علماء أهل الكتاب وأحبارهم ولآمنت بالله ربًا وبالإسلام دينًا، وبمحمد نبيًا ورسولا، وما كنت فى حاجة لغير هذه الشهادات! أسأل الله لك الهداية!
                                شهادة اليهودى ابن الهيبان:
                                وشهد لنبوة النبي صلى الله عليه وسلم حَبْر عالم من علماء اليهود في المدينة، الحَبرُ ابنُ الهيبان، وقد جاء من الشام إلى المدينة المنورة حين علم أنها مهاجرُ النبي الخاتَم، فجاء إليها ينتظر مبعثه وهجرته إليها.
                                روى ابن اسحاق في سيرته عن شيخ من بني قريظة، قال: قدم علينا رجل من الشام من اليهود يقال له ابن الهيبان، فأقام عندنا، والله ما رأينا رجلاً يصلي خيراً منه، فقدم علينا قبل مبعَثِ رسول الله صلى الله عليه وسلم بسنتين، فكنا إذا قحطنا، وقلّ علينا المطر؛ نقول: يا ابن الهيبان اخرج، فاستسق لنا، فيقول: لا والله حتى تقدموا أمام مخرجِكم صدقة، فنقول: كم؟ فيقول: صاعاً من تمر، أو مُدَّين من شعير.
                                فنخرجه، ثم يخرج إلى ظاهر حرتنا، ونحن معه نستسقي، فوالله ما يقوم من مجلسه حتى تمطرَ ويمُرَّ الماء بالشعاب، قد فعل ذلك مرة ولا مرتين ولا ثلاثة.
                                فحضرته الوفاة، واجتمعنا إليه، فقال: يا معشر يهود! أترون ما أخرجني من أرض الخمر والخمير [الشام] إلى أرض البؤس والجوع [يثرب]؟ قالوا: أنت أعلم.
                                قال: فإني إنما خرجت أتوقع نبياً قد أظل زمانُه، هذه البلاد مهاجَرُه، فاتبعوه ولا يسبقَنَّ إليه غيرُكم إذا خرج، يا معشر اليهود، فإنه يبعث بسفك الدماء وسبي الذراري والنساء ممن يخالفه فلا يمنعكم ذلك منه، ثم مات.
                                فلما كانت الليلة التي فُتحت فيها قريظة، خرج ثلاثة من حصونهم، فقالوا: يا معشر اليهود، والله إنه للذي ذكر لكم ابنُ الهيبان، فقالوا: ما هو به، قالوا: بلى والله إنه لصفته. ثم نزلوا وأسلموا. [أخرجه ابن إسحاق في سيرته (1/62)]
                                شهادة يهودى من بنى عبد الأشهل:
                                وفي مسند أحمد شاهد آخر من شهادات أهل الكتاب بنبوة النبي صلى الله عليه وسلم، وذلك فيما يرويه عن سلمة بن سلامة البدري رضي الله عنه قال: كان لنا جار من يهود في بني عبد الأشهل، فخرج علينا يوماً من بيته قبل مبعث النبي صلى الله عليه وسلم بيسير، فوقف على مجلس عبد الأشهل، وأنا يومئذ أحدث من فيه سناً.. فذكر البعث والقيامة والحساب والميزان والجنة والنار، فقال ذلك لقومٍ أهلِ شرك أصحابِ أوثان، لا يرون أن بعثاً كائن بعد الموت.
                                فقالوا له: ويحك يا فلان، ترى هذا كائناً؟ إن الناس يبعثون بعد موتهم إلى دار فيها جنة ونار؟ يجزون فيها بأعمالهم؟ قال: نعم والذي يحلَف به ..
                                قالوا له: ويحك، وما آيةُ ذلك؟ قال: نبي يبعث من نحو هذه البلاد. وأشار بيده نحو مكة واليمن.
                                قالوا: ومتى تُراه؟ قال سلمة: فنظر إليّ، وأنا من أحدثهم سناً، فقال: إن يستنفد هذا الغلام عمُرَه [أي إن عاش حتى يهرم] يدركْه.
                                قال سلمة: فوالله ما ذهب الليل والنهار حتى بعث الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم وهو [أي اليهودي] حي بين أظهرنا، فآمنا به، وكفر به بغياً وحسدا.
                                فقلنا: ويلك يا فلان، ألست بالذي قلت لنا فيه ما قلت؟ قال: بلى، وليس به. [ رواه أحمد ح (15414)]
                                لقد أنكر الحق الذي عرفه وكان يبشر به (وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ ۚ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ) (البقرة: 89).
                                لقد كفروا بالنبي الذي كانوا ينتظرونه من بعد ما عرفوه معرفتهم بأبنائهم، وصدق الله العظيم في قوله: (الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ ۖ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) (الأنعام:20).
                                وفى قوله: (الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمُ ۘ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ) الأنعام: 20
                                اعتراف زعيم يهود بنى قريظة بنبوة الرسول:

                                كما اعترف زعماء اليهود بصدق نبوة محمد الرسول صلى الله عليه وسلم، وهذا ما تقصه أم المؤمنين صفية بِنْتِ حُيَيّ بْنِ أَخْطَبَ زعيم يهود بني قريظة فتقول: "كنت أحبّ ولد أبي إليه وإلى عمِّي أبي ياسر، لم ألقهما قط مع ولدٍ لهما إلاَّ أخذاني دونه. قالت: فلما قَدِمَ رسول الله الرسول صلى الله عليه وسلم المدينة، ونزل قُبَاء في بني عمرو بن عوفٍ، غدا عليه أبي، حيي بن أخطب، وعمِّي أبو ياسر بن أخطب، مُغَلّسَيْنِ [ظلام آخر الليل]. قالت: فلم يرجعا حتى كانا مع غروب الشمس. قالت: فأتيا كالّين كسلانين ساقطين يمشيان الهوينى. قالت: فَهَشِشْتُ إليهما كما كنت أصنع، فوالله ما التفتَ إليَّ واحدٌ منهما، مع ما بهما من الغمِّ. قالت: وسمعت عمِّي أبا ياسر وهو يقول لأبي حيي بن أخطب: أهو هو [يقصد الرسول صلى الله عليه وسلم]؟ قال: نعم والله! قال: أَتَعْرِفُهُ وَتُثْبِتُهُ؟ قال: نعم. قال: فما في نفسك منه؟ قال: عداوته والله ما بقيتُ". [ابن هشام: السيرة النبوية 1/517]
                                فما رأيك فى شهادة زعماء اليهود؟ هل تريد أيضًا أن تردها لترضى ما بداخلك من شعور تجاه خاتم المرسلين وسيد الخلق أجمعين؟ (36لأَنَّهُ مَاذَا يَنْتَفِعُ الإِنْسَانُ لَوْ رَبِحَ الْعَالَمَ كُلَّهُ وَخَسِرَ نَفْسَهُ؟) مرقس 8: 36
                                شهادة أحد يهود مكة يوم مولده:
                                أخرج ابن سعد (1/ 162): أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ وَغَيْرِهِ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: سَكَنَ يَهُودِيٌّ بِمَكَّةَ يَبِيعُ بِهَا تِجَارَاتٍ فَلَمَّا كَانَ لَيْلَةُ وُلِدَ رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم قَالَ فِي مَجْلِسٍ مِنْ مَجَالِسِ قُرَيْشٍ: هَلْ كَانَ فِيكُمْ مِنْ مَوْلُودٍ هَذِهِ اللَّيْلَةَ؟ قَالُوا: لَا نَعْلَمُهُ قَالَ: أَخْطَأْتُ وَاللَّهِ حَيْثُ كُنْتُ أَكْرَهُ، انْظُرُوا يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ وَأَحْصُوا مَا أَقُولُ لَكُمْ وُلِدَ اللَّيْلَةَ نَبِيُّ هَذِهِ الْأُمَّةِ أَحْمَدُ الْآخِرُ، فَإِنْ أَخْطَأَكُمْ فَبِفِلَسْطِينَ بِهِ شَامَةٌ بَيْنَ كَتِفَيْهِ سَوْدَاءُ صَفْرَاءُ، فِيهَا شَعَرَاتٌ مُتَوَاتِرَاتٌ، فَتَصَدَّعَ الْقَوْمُ مِنْ مَجَالِسِهِمْ وَهُمْ يَعْجَبُونَ مِنْ حَدِيثِهِ، فَلَمَّا صَارُوا فِي مَنَازِلِهِمْ ذَكَرُوا لِأَهَالِيهِمْ، فَقِيلَ لِبَعْضِهِمْ: وُلِدَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ اللَّيْلَةَ غُلَامٌ فَسَمَّاهُ مُحَمَّدًا، فَالْتَقَوْا بَعْدُ مِنْ يَوْمِهِمْ فَأَتَوْا الْيَهُودِيَّ فِي مَنْزِلِهِ، فَقَالُوا: أَعَلِمْتَ أَنَّهُ وُلِدَ فِينَا مَوْلُودٌ، قَالَ: أَبْعَدُ خَبَرِي أَمْ قَبْلَهُ قَالُوا: قَبْلَهُ، وَاسْمُهُ أَحْمَدُ قَالَ: فَاذْهَبُوا بِنَا إِلَيْهِ، خَرَجُوا مَعَهُ حَتَّى دَخَلُوا عَلَى أُمِّهِ، فَأَخْرَجَتْهُ إِلَيْهِمْ، فَرَأَى الشَّامَةَ فِي ظَهْرِهِ فَغُشِيَ عَلَى الْيَهُودِيِّ ثُمَّ أَفَاقَ، فَقَالُوا: وَيْلَكَ مَا لَكَ؟ قَالَ: ذَهَبَتِ النُّبُوَّةُ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَخَرَجَ الْكِتَابُ مِنْ أَيْدِيهِمْ، وَهَذَا مَكْتُوبٌ يَقْتُلُهُمْ وَيَبُزُّ أَخْبَارَهُمْ، فَازَتِ الْعَرَبُ بِالنِّبُوَّةِ أَفَرَحْتُمْ يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ؟ أَمَا وَاللَّهِ لَيَسْطَوَنَّ بِكُمْ سَطْوَةً يَخْرُجُ نَبَؤُهَا مِنَ الْمَشْرِقِ إِلَى الْمَغْرِبِ)
                                كعب بن لؤى يشهد بمجىء الرسول صلى الله عليه وسلم قبل مجيئه بخمسة قرون
                                قال عبد الرحمن بن عوف: كان كعب بن لؤي بن غالب يجمع قومه يوم الجمعة وكانت قريش تسمي الجمعة “عَرُبَة” فيخطبهم، فيقول أما بعد: فاسمعوا وتعلموا وافهموا واعلموا، ليلٌ ساجٍ، ونهارٌ ضاحٍ، والأرض مِهاد، والسماء بناء، والجبالُ أوتاد، والنجوم أعلام، والأولون كالآخرين، والأنثى والذكر والزوج إلى بِلىً صائرين،فَصِلوا أرحامَكم، وأحفظوا أصهاركم، وثمِّروا أولادكم، فهل رأيتم من هالك رجع أو ميت نُشر؟ الدارُ أمامكم، والظن غير ما تقولون، حَرَمُكُم زيِّنوه وعظِّموه وتمسكوا به، فسيأتي له نبأ عظيم، سيخرج منه نبي كريم. ثم يقول:
                                نهارٌ وليلٌ كل أوْب بحادث سواءٌ عليها ليلُها ونهارُها
                                يؤوبانِ بالأحداثِ حينَ تَأَوَّبا وبالنِّعمِ الضَّافي علينا سُتورُها
                                على غَفلَةٍ يأتي النبيُّ محمدٌ فيخبرُ أخباراً صَدوقاً خبيرها
                                ثم يقول: والله لو كنت فيها ذا سمعٍ وبصرٍ ويدٍ ورجلٍ لتنصَّبتُ فيها تَنَصُّبَ الجمل ، ولأرْقلْتُ [أسرعت] فيها إرقال الفحل. [دلائل النبوة للأصبهاني ج: 1 ص: 89-90]
                                وكان بين موت كعب بن لؤى وبين مبعث النبى صلى الله عليه وسلم 560 سنة.
                                شهادة الحبر العالم مخيريق بنبوة الرسول:
                                من حديث مخيريق قال ابن إسحاق وكان من حديث مخيريق وكان حبرا عالما وكان رجلا غنيا كثير الاموال من النخل وكان يعرف رسول الله صلى الله عليه وسلم بصفته وما يجد في علمه وغلب عليه إلف دينه فلم يزل على ذلك حتى إذا كان يوم احد وكان يوم أحد يوم السبت قال يا معشر يهود: والله إنكم لتعلمون أن نصر محمد عليكم لحق! قالوا: إن اليوم يوم السبت قال لا سبت لكم ثم أخذ سلاحه فخرج حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بأحد وعهد إليه من وراءه من قومه إن قتلت هذا اليوم فأموالي لمحمد صلى الله عليه وسلم يصنع فيها ما أراه الله ، فلما اقتتل الناس قاتل حتى قتل. فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما بلغني يقول مخيريق خير يهود وقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم أمواله. فعامة صدقات رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة منها [السيرة النبوية ج: 3 ص: 51-52]
                                والمتتبع هنا لقول اليهود يجد أنهم قد عرفوه حق المعرفة، ونستشف ذلك من قول اليهود “إن اليوم يوم السبت”، فلم يمنعهم إذن من مناصرته إلا أن هذا اليوم هو يوم السبت، ولم يعترض أحد على قول مخيريق الحبر العالم: “والله إنكم لتعلمون أن نصر محمد عليكم لحق”، ولم يقل أحد منهم إنه لن ينصره لأنه ليس رسول الله الذى أنبأ بقدومه موسى عليهما السلام.
                                شهادة الحبر العالم ميمون بن يامين رأس اليهود بالمدينة بنبوة الرسول:
                                ميمون بن يامين الإسرائيلي ذكره المستغفري واستدركه أبو موسى وابن فتحون وأخرج عبد بن حميد في تفسيره بسند قوي إلى جعفر بن أبي المغيرة عن سعيد بن جبير قال: كان ميمون بن يامين الحبر وكان رأس اليهود من المدينة فأسلم وقال: يا رسول الله ابعث إليهم فاجعل بينك وبينهم حكما من أنفسهم فأرسل إليهم، فجاءوا فحكمهم فرضوا بميمون وأثنوا عليه خيرا فأخرجه إليهم فبهتوه وسبوه فأنزل الله تعالى: (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَىٰ مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ ۖ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) الأحقاف: 10 [الإصابة ج: 6 ص: 242]
                                شهادة ورقة بن نوفل:
                                فشهادة ورقة - وهو من علماء أهل الكتاب - دليل ساطع على نبوة النبي صلى الله عليه وسلم، وهذه الشهادة موثقة معتبرة، ولا تغاير شهادات علماء أهل الكتاب الذين أسلموا والذين حاربوا الرسول صلى الله عليه وسلم، ورفضوا نبوته جهرة، فقد استخرجها من كتب أهل الكتاب، مما تبقى بها من آثار الأنبياء وأنوار الوحي (وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلًا ۚ قُلْ كَفَىٰ بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ) (الرعد: 43).
                                شهادة النجاشى:
                                وممن شهد لنبينا بالرسالة من أهل الكتاب النجاشي ملك الحبشة؛ فإنه آمن بالرسول صلى الله عليه وسلم لما دخل عليه جعفر بن أبي طالب فقال له: إن الله بعث فينا رسوله، وهو الرسول الذي بشّر به عيسى بن مريم: } ومبشراً برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد { (الصف: 6) فأمرنا أن نعبد الله، ولا نشرك به شيئاً، ونقيم الصلاة، ونؤتي الزكاة، وأمرنا بالمعروف ونهانا عن المنكر.
                                فقال النجاشي لجعفر: ما يقول صاحبك في ابن مريم؟ قال: يقول فيه قولَ الله، هو روح الله وكلمته، أخرجه من البتول العذراء التي لم يقربها بشر.
                                قال: فتناول النجاشي عوداً من الأرض فقال: يا معشر القسيسين والرهبان، ما يزيد ما يقول هؤلاء على ما تقولون في ابن مريم ما يزن هذه، مرحباً بكم وبمن جئتم من عنده، فأنا أشهد أنه رسول الله، والذي بشّر به عيسى ابن مريم، ولولا ما أنا فيه من الملك لأتيته حتى أحمل نعليه.[ رواه أبو داود ح (3205)، وأحمد ح (4836)]
                                لقد أسلم - رحمه الله - بما آتاه الله من معرفة بالكتب قبل الإسلام، ورأى فيها دليلاً صادقاً من دلائل نبوته صلى الله عليه وسلم، فلما مات رحمه الله؛ نعاه النبي صلى الله عليه وسلم إلى أصحابه في اليوم الذي مات فيه، وصلى عليه صلاة الغائب، وقال: ((مات اليوم رجل صالح، فقوموا، فصلوا على أخيكم أصْحمة)). [ رواه البخاري (3877)] رحمه الله، فقد كان إسلامه دليلاً من دلائل نبوة النبي صلى الله عليه وسلم.
                                تقول عائشة رضي الله عنها: (لما مات النجاشي كنا نتحدث أنه لا يزال يرى على قبره نور). [رواه أبو داود ح (2523)]
                                شهادة هرقل:
                                ويمضي الخبر ليخبرنا أن هرقل جاءه رجل أرسل به ملك غسان يخبر عن خبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسأل هرقل عن النبي هذا، هل هو مختون أم لا؟ فأخبروه أنه مختون، وأن العرب يختتنون، فقال هرقل: "هذا ملك هذه الأمة قد ظهر".
                                ثم كتب هرقل إلى صاحب له بروميَّة، وكان نظيره في العلم.
                                وسار هرقل إلى حمص فلم يرم [أي يصل] حمص حتى أتاه كتاب من صاحبه، يوافق رأي هرقل على خروج النبي صلى الله عليه وسلم وأنه نبي.
                                فأذن هرقل لعظماء الروم في قصر له بحمص، ثم أمر بأبوابها فغلقت، ثم اطلع فقال: "يا معشر الروم، هل لكم في الفلاح والرشد وأن يثبُت ملككم فتبايعوا هذا النبي؟
                                فحاصوا حيْصَة حُمُر الوحش إلى الأبواب، فوجدوها قد غُلِّقَت.
                                فلما رأى هرقل نفرتهم، وأيس من الإيمان، قال: ردوهم علي.
                                وقال: إني قلت مقالتي آنفاً أختبر بها شدتكم على دينكم. فقد رأيتُ، فسجدوا له ورضوا عنه. [ رواه البخاري ح (7)، ومسلم ح (1773)]
                                لقد أنكر هرقل الحق الذي عرفه وتيقنه ضناً بملكه وخشية عليه.
                                قال النووي: "ولا عذر له في هذا; لأنه قد عرف صدق النبي صلى الله عليه وسلم, وإنما شح في المُلك, ورغب في الرياسة , فآثرها على الإسلام .. ولو أراد الله هدايته لوفقه كما وفَّق النجاشيَّ وما زالت عنه الرياسة". [شرح النووي على صحيح مسلم (12/107)]

                                تعليق

                                مواضيع ذات صلة

                                تقليص

                                المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
                                مغلق: علوم الاجنة
                                بواسطة Momen Abedi
                                ابتدأ بواسطة Momen Abedi, 12 ديس, 2021, 07:30 ص
                                ردود 5
                                168 مشاهدات
                                0 ردود الفعل
                                آخر مشاركة د.أمير عبدالله
                                ابتدأ بواسطة ARISTA talis, 1 ديس, 2021, 08:18 م
                                ردود 9
                                352 مشاهدات
                                0 ردود الفعل
                                آخر مشاركة طالب علم مصري
                                ابتدأ بواسطة Mohamed Karm, 13 يول, 2021, 12:17 ص
                                ردود 5
                                428 مشاهدات
                                0 ردود الفعل
                                آخر مشاركة Mohamed Karm
                                بواسطة Mohamed Karm
                                ابتدأ بواسطة Mohamed Karm, 20 ماي, 2021, 11:43 م
                                رد 1
                                303 مشاهدات
                                0 ردود الفعل
                                آخر مشاركة Mohamed Karm
                                بواسطة Mohamed Karm
                                ابتدأ بواسطة Mohamed Karm, 15 ماي, 2021, 02:16 ص
                                ردود 0
                                206 مشاهدات
                                0 ردود الفعل
                                آخر مشاركة Mohamed Karm
                                بواسطة Mohamed Karm
                                يعمل...