تدرُّج الشيطان فى الكتاب المقدس من القداسة إلى الألوهية:
التحوُّل الكبير فى طبع الرب فى صفحات الكتاب المقدس:
الشيطان هو كائن قبيح، يصوَّر دائمًا بشكل كائن أسود، دلالة على الظلام المادى والمعنوى، ذو رائحة نتنة، ويزوَّد بقرون أو حافر.
ويؤمن المسيحيون أن الشيطان كان فى الأصل كبير الملائكة، وكان اسمه لوسيفر، وبسبب كبريائه طرد من الجنة ليتحول من ملاك إلى شيطان. إلا أن هذا مُخالف لما نقرأه فى كتابهم المقدس من تبجيل للشيطان، جعله يتمتع فيه الشيطان بمرتبة قرب من الرب، وتأليه تقرب من مرتبة الرب نفسه بل تفوقها.
و (لوسيفر) كلمة لاتينية تعنى "حامل الضوء" أو "جالب الضوء" وهو مصطلح فلكي روماني يشير إلى "كوكب النهار"، كوكب الزهرة المضيء. وهى أيضًا ترجمة مباشرة للأصل الإغريقي الذي يعني "حامل الفجر، أو الضوء، أو النور"، والعبري هيليل الذي يعني "المضيء" ويحمل نفس المعنى الأسطورى لسارق النار من أجل البشر، بروميثيوس. (ويكيبيديا بتصرف)
ومعنى هذا أن الشيطان هنا يتمتع بصفة المدافع عن الإنسان، الذى يُذهب الظلمة عنه، بما تعنيه الظلمة من الشر والخوف، وهى صفة إيجابية مائة فى المائة. هذا فى الوقت الذى يصف الرب فيه نفسه بأنه خالق الظلمة والنور، أى الشر والخير، أى جزء منه فقط هو الإيجابى، فإن الشيطان يتمتع فقط بالجانب الخيرى، على الرغم من طرد الرب له من الجنة: (7مُصَوِّرُ النُّورِ وَخَالِقُ الظُّلْمَةِ صَانِعُ السَّلاَمِ وَخَالِقُ الشَّرِّ. أَنَا الرَّبُّ صَانِعُ كُلِّ هَذِهِ.) إشعياء 45: 7
كان لوسيفر كبير الملائكة ولكنه أخذته الغرور والكبرياء فطرد من الجنة, ليتحول ويكون هو الشيطان. ولقب بلوسيفر لأنه كان أجمل وأذكى وأحكم الملائكة كما يصفه الرب فى سفر حزقيال. ثم تغير اسمه إلى إبليس، بمعنى (خداع, كذاب) وظل اسمه إبليس.
يخاطب الرب إبليس فى سفر حزقيال كرئيس صور قائلا: (1وَكَانَ إِلَيَّ كَلاَمُ الرَّبِّ: 2[يَا ابْنَ آدَمَ، قُلْ لِرَئِيسِ صُورَ. هَكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ قَدِ ارْتَفَعَ قَلْبُكَ وَقُلْتَ: أَنَا إِلَهٌ. فِي مَجْلِسِ الآلِهَةِ أَجْلِسُ فِي قَلْبِ الْبِحَارِ. وَأَنْتَ إِنْسَانٌ لاَ إِلَهٌ، وَإِنْ جَعَلْتَ قَلْبَكَ كَقَلْبِ الآلِهَةِ. ....... 12..... هَكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: أَنْتَ خَاتِمُ الْكَمَالِ، مَلآنٌ حِكْمَةً وَكَـامِلُ الْجَمَالِ. 13كُنْتَ فِي عَدْنٍ جَنَّةِ اللَّهِ. كُلُّ حَجَرٍ كَرِيمٍ سِتَارَتُكَ، عَقِيقٌ أَحْمَرُ وَيَاقُوتٌ أَصْفَرُ وَعَقِيقٌ أَبْيَضُ وَزَبَرْجَدٌ وَجَزْعٌ وَيَشْبٌ وَيَاقُوتٌ أَزْرَقُ وَبَهْرَمَانُ وَزُمُرُّدٌ وَذَهَبٌ. أَنْشَأُوا فِيكَ صَنْعَةَ صِيغَةِ الفُصُوصِ وَتَرْصِيعِهَا يَوْمَ خُلِقْتَ. 14أَنْتَ الْكَرُوبُ الْمُنْبَسِطُ الْمُظَلِّلُ. وَأَقَمْتُكَ. عَلَى جَبَلِ اللَّهِ الْمُقَدَّسِ كُنْتَ. بَيْنَ حِجَارَةِ النَّارِ تَمَشَّيْتَ. 15أَنْتَ كَـامِلٌ فِي طُرُقِكَ مِنْ يَوْمَ خُلِقْتَ حَتَّى وُجِدَ فِيكَ إِثْمٌ.) حزقيال 28: 1-15
وفى تفسير القمص تادرس يعقوب يقول عن هذه النبوءة إنها تعنى الشيطان نفسه: (يرى القديس جيروم أن كلمة "صور" تعني "محنة [255]"، لهذا فإن ما ورد بخصوص رئيس صور أو ملكها إنما قصد به الشيطان بكونه يدفع الناس إلى المحن والتجارب. وقد رأى الكثير من الآباء أن ما ورد في هذا الأصحاح يصف سقطة الشيطان من درجته الملائكية. وجاء ذلك الوصف مطابقًا لما ورد في (إش 14: 12) عن لوسيفر.)
وكما يوضح النص أعلاه فقد كان لوسفير أقوى الأرواح التي خلقها الله. ويعني اسمه نجمة الصباح. وكان ينتمي إلى ملائكة "الكاروبيم"، واختاره الله لكي يقوم بمسؤوليات خاصة أخذته إلى حضرة الله.
ويتكلم عنه إشعياء قائلا: (12كَيْفَ سَقَطْتِ مِنَ السَّمَاءِ يَا زُهَرَةُ بِنْتَ الصُّبْحِ؟ كَيْفَ قُطِعْتَ إِلَى الأَرْضِ يَا قَاهِرَ الأُمَمِ؟ 13وَأَنْتَ قُلْتَ فِي قَلْبِكَ: أَصْعَدُ إِلَى السَّمَاوَاتِ. أَرْفَعُ كُرْسِيِّي فَوْقَ كَوَاكِبِ اللَّهِ وَأَجْلِسُ عَلَى جَبَلِ الاِجْتِمَاعِ فِي أَقَاصِي الشِّمَالِ. 14أَصْعَدُ فَوْقَ مُرْتَفَعَاتِ السَّحَابِ. أَصِيرُ مِثْلَ الْعَلِيِّ.) إشعياء 14: 12-14
لقد كانت خطة إبليس إذن أن يكون مثل الله العلى، بل أعلى منه، يسيطر علي الدنيا والملكوت العلوى ويحكمهم. فهل نجح إبليس من وجهة نظر الكتاب المقدس؟
لقد أمر الرب نبيه هارون أن يلقى قرعة بين تيسين، يذبح أحدهما للرب، ويُقدم الآخر لعزازيل. فلك أن تتخيل أن الرب بكل قوته وهيبته لم يتمكن من الاختيار بين التيسين، وفضل أن تلقى قرعة حتى لا يغضب الشيطان على تمييز الرب لنفسه!!
ولك أن تتخيل هيبة الرب من عزازيل هذا حتى يقدم له تيسًا!
ولك أن تتخيل قوة إبليس وهيمنته حتى يسجل الرب فى كتابه تودده للشيطان، أو دفعه لجزية ما، أو إعلان لخضوعه له، أو استسلام لمكانة إبليس هذا فى ملكوت الرب وحياته!
اقرأ: هارون يقدِّم تيسًا لإرضاء الشيطان بأمر الرب: (5وَمِنْ جَمَاعَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ يَأْخُذُ تَيْسَيْنِ مِنَ الْمَعْزِ لِذَبِيحَةِ خَطِيَّةٍ وَكَبْشاً وَاحِداً لِمُحْرَقَةٍ. 6وَيُقَرِّبُ هَارُونُ ثَوْرَ الْخَطِيَّةِ الَّذِي لَهُ وَيُكَفِّرُ عَنْ نَفْسِهِ وَعَنْ بَيْتِهِ. 7وَيَأْخُذُ التَّيْسَيْنِ وَيُوقِفُهُمَا أَمَامَ الرَّبِّ لَدَى بَابِ خَيْمَةِ الاجْتِمَاعِ. 8وَيُلْقِي هَارُونُ عَلَى التَّيْسَيْنِ قُرْعَتَيْنِ: قُرْعَةً لِلرَّبِّ وَقُرْعَةً لِعَزَازِيلَ. 9وَيُقَرِّبُ هَارُونُ التَّيْسَ الَّذِي خَرَجَتْ عَلَيْهِ الْقُرْعَةُ لِلرَّبِّ وَيَعْمَلُهُ ذَبِيحَةَ خَطِيَّةٍ. 10وَأَمَّا التَّيْسُ الَّذِي خَرَجَتْ عَلَيْهِ الْقُرْعَةُ لِعَزَازِيلَ فَيُوقَفُ حَيّاً أَمَامَ الرَّبِّ لِيُكَفِّرَ عَنْهُ لِيُرْسِلَهُ إِلَى عَزَازِيلَ إِلَى الْبَرِّيَّةِ.) لاويين 16: 5-10
ومن هو عزازيل هذا؟ (8: عزازيل هو شيطان يقيم فى الأماكن المقفرة) كما يقول هامش هذه الفقرة فى الترجمة العربية المشتركة بين كل طوائف المسيحية الكبار: الأرثوذكسية والكاثوليكية والبروتستانتية. وبعد أن كتب الهامش هذا المعنى أراد أن يتوَّه القارىء، فقال: (هناك رأى آخر يقول إن كلمة عزازيل مشتقة من الفعل عزل ومعناه أبعد كذلك فى العربية). لكن نترجم ما قاله آخرًا ونضعه فى النص لنرى هل سيكون لهذا الكلام معنى!!
وبالطبع لو كان عزازيل هذا ليس إبليس الشيطان الأكبر، لكانت هناك كارثة أن يخضع الرب لشيطان محلى، فكيف سيكون تصرفه إذن وخضوعه أمام إبليس نفسه؟
ولنرجع إلى الترجمة الكاثوليكية لنرى ماذا قالت: يقول هامش هذه الفقرة: (يبدو أن عزازيل، بحسب الترجمة السريانية، هو اسم شيطان كان العبرانيون القدامى يعتقدون أنه يسكن البريَّة. والبريَّة أرض عقيمة لا يمارس فيها الله عمله المُخصب (راجع الآية 22 و17ظ7+).)
كيف يوجد فى هذا الكون مكان لا يمارس الرب فيه عمله، ولا سيطرة له عليه؟ أليس هذا اعتراف بأن رب هذا الكتاب إله ناقص، وأن الشيطان ينافسه على الحكم وانتزع منه الأرض والصحراء؟
وها هى المواضع الذى يقر فيها الكتاب المقدس أن الشيطان هو سيد هذا العالم وإله هذا الدهر ورئيس سلطان الهواء، فارجع إليها! "إله هذا الدهر" (2 كو 4: 4) ، و"رئيس سلطان الهواء" (أف 2: 2)، و"رئيس هذا العالم" (يو 12: 31؛ 16: 11)،
(4الَّذِينَ فِيهِمْ إِلَهُ هَذَا الدَّهْرِ قَدْ أَعْمَى أَذْهَانَ غَيْرِ الْمُؤْمِنِينَ، لِئَلاَّ تُضِيءَ لَهُمْ إِنَارَةُ إِنْجِيلِ مَجْدِ الْمَسِيحِ، الَّذِي هُوَ صُورَةُ اللهِ.) كورنثوس الثانية 4: 4
(31اَلآنَ دَيْنُونَةُ هَذَا الْعَالَمِ. اَلآنَ يُطْرَحُ رَئِيسُ هَذَا الْعَالَمِ خَارِجاً.) يوحنا 12: 31؛ 14: 3؛ 16: 11
(11وَأَمَّا عَلَى دَيْنُونَةٍ فَلأَنَّ رَئِيسَ هَذَا الْعَالَمِ قَدْ دِينَ.) يوحنا 16: 11
(2الَّتِي سَلَكْتُمْ فِيهَا قَبْلاً حَسَبَ دَهْرِ هَذَا الْعَالَمِ، حَسَبَ رَئِيسِ سُلْطَانِ الْهَوَاءِ، الرُّوحِ الَّذِي يَعْمَلُ الآنَ فِي أَبْنَاءِ الْمَعْصِيَةِ،) أفسس 2: 2
ولا تتعجب من أن الرب نفسه يدافع عن الأوثان، ويدعو للذبح لها، أسوة بما فعله هو مع عزازيل، فقد اختار العديد من أنبيائه بعلمه الأزلى، وهو يعلم أنهم سيتركونه وسيعبدون الأوثان، ويُضلون عباده. فماذا فعل الرب مع بعضهم؟ لقد حكم على سليمان أنه حكيم، وحكم على أمصيا أنه عمل المستقيم أمامه. فهل الاستقامة فى عبادة الأوثان؟
وفى النهاية تمكن الشيطان من الرب، وأسره واعتقله فى الصحراء لمدة أربعين يومًا: (1أَمَّا يَسُوعُ فَرَجَعَ مِنَ الأُرْدُنِّ مُمْتَلِئاً مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ وَكَانَ يُقْتَادُ بِالرُّوحِ فِي الْبَرِّيَّةِ 2أَرْبَعِينَ يَوْماً يُجَرَّبُ مِنْ إِبْلِيسَ. وَلَمْ يَأْكُلْ شَيْئاً فِي تِلْكَ الأَيَّامِ. وَلَمَّا تَمَّتْ جَاعَ أَخِيراً. 3وَقَالَ لَهُ إِبْلِيسُ: «إِنْ كُنْتَ ابْنَ اللهِ فَقُلْ لِهَذَا الْحَجَرِ أَنْ يَصِيرَ خُبْزاً». 4فَأَجَابَهُ يَسُوعُ: «مَكْتُوبٌ أَنْ لَيْسَ بِالْخُبْزِ وَحْدَهُ يَحْيَا الإِنْسَانُ بَلْ بِكُلِّ كَلِمَةٍ مِنَ اللهِ». 5ثُمَّ أَصْعَدَهُ إِبْلِيسُ إِلَى جَبَلٍ عَالٍ وَأَرَاهُ جَمِيعَ مَمَالِكِ الْمَسْكُونَةِ فِي لَحْظَةٍ مِنَ الزَّمَانِ. 6وَقَالَ لَهُ إِبْلِيسُ: «لَكَ أُعْطِي هَذَا السُّلْطَانَ كُلَّهُ وَمَجْدَهُنَّ لأَنَّهُ إِلَيَّ قَدْ دُفِعَ وَأَنَا أُعْطِيهِ لِمَنْ أُرِيدُ. 7فَإِنْ سَجَدْتَ أَمَامِي يَكُونُ لَكَ الْجَمِيعُ». 8فَأَجَابَهُ يَسُوعُ: «اذْهَبْ يَا شَيْطَانُ! إِنَّهُ مَكْتُوبٌ: لِلرَّبِّ إِلَهِكَ تَسْجُدُ وَإِيَّاهُ وَحْدَهُ تَعْبُدُ». 9ثُمَّ جَاءَ بِهِ إِلَى أُورُشَلِيمَ وَأَقَامَهُ عَلَى جَنَاحِ الْهَيْكَلِ وَقَالَ لَهُ: «إِنْ كُنْتَ ابْنَ اللهِ فَاطْرَحْ نَفْسَكَ مِنْ هُنَا إِلَى أَسْفَلَ 10لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: أَنَّهُ يُوصِي مَلاَئِكَتَهُ بِكَ لِكَيْ يَحْفَظُوكَ 11وَأَنَّهُمْ عَلَى أَيَادِيهِمْ يَحْمِلُونَكَ لِكَيْ لاَ تَصْدِمَ بِحَجَرٍ رِجْلَكَ». 12فَأَجَابَ يَسُوعُ: «إِنَّهُ قِيلَ: لاَ تُجَرِّبِ الرَّبَّ إِلَهَكَ». 13وَلَمَّا أَكْمَلَ إِبْلِيسُ كُلَّ تَجْرِبَةٍ فَارَقَهُ إِلَى حِينٍ.) لوقا 4: 1-13
فها هو الكتاب يقول عن سليمان إنه عبد الأوثان، وبنى لها المذابح، ودعا الناس لعبادتها: (4وَكَانَ فِي زَمَانِ شَيْخُوخَةِ سُلَيْمَانَ أَنَّ نِسَاءَهُ أَمَلْنَ قَلْبَهُ وَرَاءَ آلِهَةٍ أُخْرَى، وَلَمْ يَكُنْ قَلْبُهُ كَامِلاً مَعَ الرَّبِّ إِلَهِهِ كَقَلْبِ دَاوُدَ أَبِيهِ. 5فَذَهَبَ سُلَيْمَانُ وَرَاءَ عَشْتُورَثَ إِلَهَةِ الصَّيْدُونِيِّينَ وَمَلْكُومَ رِجْسِ الْعَمُّونِيِّينَ. 6وَعَمِلَ سُلَيْمَانُ الشَّرَّ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ، وَلَمْ يَتْبعِ الرَّبَّ تَمَاماً كَدَاوُدَ أَبِيهِ. 7حِينَئِذٍ بَنَى سُلَيْمَانُ مُرْتَفَعَةً لِكَمُوشَ رِجْسِ الْمُوآبِيِّينَ عَلَى الْجَبَلِ الَّذِي تُجَاهَ أُورُشَلِيمَ، وَلِمُولَكَ رِجْسِ بَنِي عَمُّونَ.) الملوك الأول 11: 4-7
وها هو يحكم عليه يسوع (الرب عندكم) بأنه حكيم، وأنه عظيم، على الرغم من أنه مات على كفره، وحرم الرب أن يجلس شخص من نسله على عرش داود: (42مَلِكَةُ التَّيْمَنِ سَتَقُومُ فِي الدِّينِ مَعَ هَذَا الْجِيلِ وَتَدِينُهُ لأَنَّهَا أَتَتْ مِنْ أَقَاصِي الأَرْضِ لِتَسْمَعَ حِكْمَةَ سُلَيْمَانَ وَهُوَذَا أَعْظَمُ مِنْ سُلَيْمَانَ هَهُنَا!) متى 12: 42
وها هو أمصيا يعبد أوثان بنى ساعير: (14ثُمَّ بَعْدَ مَجِيءِ أَمَصْيَا مِنْ ضَرْبِ الأَدُومِيِّينَ أَتَى بِآلِهَةِ بَنِي سَاعِيرَ وَأَقَامَهُمْ لَهُ آلِهَةً وَسَجَدَ أَمَامَهُمْ وَأَوْقَدَ لَهُمْ.) أخبار الأيام الثانى 25: 14
وها هو الرب يمتدحه، ويعده من أصحاب العمل الصالح والاستقامة التى ترضى الرب: (3كَانَ عُزِّيَّا ابْنَ سِتَّ عَشَرَةَ سَنَةً حِينَ مَلَكَ وَمَلَكَ اثْنَتَيْنِ وَخَمْسِينَ سَنَةً فِي أُورُشَلِيمَ. وَاسْمُ أُمِّهِ يَكُلْيَا مِنْ أُورُشَلِيمَ. 4وَعَمِلَ الْمُسْتَقِيمَ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ حَسَبَ كُلِّ مَا عَمِلَ أَمَصْيَا أَبُوهُ.) أخبار الأيام الثانى 25: 3-4
فهل عبادة الأوثان ترضى الرب؟
أم كان هذا تحكم الشيطان فى الرب وكتابه وكتبته؟
فإن كان نعم، فقد عرفنا إلى أى دين تدعون؟
وإن كان لا، فلماذا اختار أنبياء يعلم بعلمه الأزلى أنهم سيضلون، ويعبدون الأوثان؟
ولماذا امتدح بعضًا من هذه الأنبياء؟
بل لماذا طالب هارون أن يذبح تيسين، واحدًا له، والآخر لعزازيل؟
بل لماذا طالب الرب بنى هارون أن يقتلوا كل من عبد الأوثان؟ ألم يقل الكتاب إن هارون هو الذى صنع العجل لهم، وأضلهم عن عبادة الله إلى عبادة الأوثان؟
(21وَقَالَ مُوسَى لِهَارُونَ: «مَاذَا صَنَعَ بِكَ هَذَا الشَّعْبُ حَتَّى جَلَبْتَ عَلَيْهِ خَطِيَّةً عَظِيمَةً؟» 22فَقَالَ هَارُونُ: «لاَ يَحْمَ غَضَبُ سَيِّدِي! أَنْتَ تَعْرِفُ الشَّعْبَ أَنَّهُ شِرِّيرٌ. 23فَقَالُوا لِيَ: اصْنَعْ لَنَا آلِهَةً تَسِيرُ أَمَامَنَا. لأَنَّ هَذَا مُوسَى الرَّجُلَ الَّذِي أَصْعَدَنَا مِنْ أَرْضِ مِصْرَ لاَ نَعْلَمُ مَاذَا أَصَابَهُ. 24فَقُلْتُ لَهُمْ: مَنْ لَهُ ذَهَبٌ فَلْيَنْزِعْهُ وَيُعْطِنِي. فَطَرَحْتُهُ فِي النَّارِ فَخَرَجَ هَذَا الْعِجْلُ». 25وَلَمَّا رَأَى مُوسَى الشَّعْبَ أَنَّهُ مُعَرًّى (لأَنَّ هَارُونَ كَانَ قَدْ عَرَّاهُ لِلْهُزْءِ بَيْنَ مُقَاوِمِيهِ) 26وَقَفَ مُوسَى فِي بَابِ الْمَحَلَّةِ وَقَالَ: «مَنْ لِلرَّبِّ فَإِلَيَّ!» فَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ جَمِيعُ بَنِي لاَوِي. 27فَقَالَ لَهُمْ: «هَكَذَا قَالَ الرَّبُّ إِلَهُ إِسْرَائِيلَ: ضَعُوا كُلُّ وَاحِدٍ سَيْفَهُ عَلَى فَخِْذِهِ وَمُرُّوا وَارْجِعُوا مِنْ بَابٍ إِلَى بَابٍ فِي الْمَحَلَّةِ وَاقْتُلُوا كُلُّ وَاحِدٍ أَخَاهُ وَكُلُّ وَاحِدٍ صَاحِبَهُ وَكُلُّ وَاحِدٍ قَرِيبَهُ». 28فَفَعَلَ بَنُو لاَوِي بِحَسَبِ قَوْلِ مُوسَى. وَوَقَعَ مِنَ الشَّعْبِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ نَحْوُ ثَلاَثَةِ آلاَفِ رَجُلٍ.) خروج 32: 21-28
فلو كان هارون هو صانع العجل، الذى تسبب فى مقتل 3000 رجلا من بنى إسرائيل على يديه وبنيه، فكيف يكافئهم الرب بأن جعل الكهانة فى أيديهم للأبد؟ (11«فِينَحَاسُ بْنُ أَلِعَازَارَ بْنِ هَارُونَ الكَاهِنُِ قَدْ رَدَّ سَخَطِي عَنْ بَنِي إِسْرَائِيل بِكَوْنِهِ غَارَ غَيْرَتِي فِي وَسَطِهِمْ حَتَّى لمْ أُفْنِ بَنِي إِسْرَائِيل بِغَيْرَتِي. 12لِذَلِكَ قُل هَئَنَذَا أُعْطِيهِ مِيثَاقِي مِيثَاقَ السَّلامِ 13فَيَكُونُ لهُ وَلِنَسْلِهِ مِنْ بَعْدِهِ مِيثَاقَ كَهَنُوتٍ أَبَدِيٍّ لأَجْلِ أَنَّهُ غَارَ لِلهِ وَكَفَّرَ عَنْ بَنِي إِسْرَائِيل».) العدد 25: 11-13
ولو حدث هذا لكان الرب لا يأخذ الإنسان إلا بجريرته، أى لا تزر وازرة وزر أخرى، فقد حاسب الرب من أخطأ، واستمرت النبوة مع موسى أخى هارون اللاوى!!
* * *
يُتبع إن شاء الله
التحوُّل الكبير فى طبع الرب فى صفحات الكتاب المقدس:
الشيطان هو كائن قبيح، يصوَّر دائمًا بشكل كائن أسود، دلالة على الظلام المادى والمعنوى، ذو رائحة نتنة، ويزوَّد بقرون أو حافر.
ويؤمن المسيحيون أن الشيطان كان فى الأصل كبير الملائكة، وكان اسمه لوسيفر، وبسبب كبريائه طرد من الجنة ليتحول من ملاك إلى شيطان. إلا أن هذا مُخالف لما نقرأه فى كتابهم المقدس من تبجيل للشيطان، جعله يتمتع فيه الشيطان بمرتبة قرب من الرب، وتأليه تقرب من مرتبة الرب نفسه بل تفوقها.
و (لوسيفر) كلمة لاتينية تعنى "حامل الضوء" أو "جالب الضوء" وهو مصطلح فلكي روماني يشير إلى "كوكب النهار"، كوكب الزهرة المضيء. وهى أيضًا ترجمة مباشرة للأصل الإغريقي الذي يعني "حامل الفجر، أو الضوء، أو النور"، والعبري هيليل الذي يعني "المضيء" ويحمل نفس المعنى الأسطورى لسارق النار من أجل البشر، بروميثيوس. (ويكيبيديا بتصرف)
ومعنى هذا أن الشيطان هنا يتمتع بصفة المدافع عن الإنسان، الذى يُذهب الظلمة عنه، بما تعنيه الظلمة من الشر والخوف، وهى صفة إيجابية مائة فى المائة. هذا فى الوقت الذى يصف الرب فيه نفسه بأنه خالق الظلمة والنور، أى الشر والخير، أى جزء منه فقط هو الإيجابى، فإن الشيطان يتمتع فقط بالجانب الخيرى، على الرغم من طرد الرب له من الجنة: (7مُصَوِّرُ النُّورِ وَخَالِقُ الظُّلْمَةِ صَانِعُ السَّلاَمِ وَخَالِقُ الشَّرِّ. أَنَا الرَّبُّ صَانِعُ كُلِّ هَذِهِ.) إشعياء 45: 7
كان لوسيفر كبير الملائكة ولكنه أخذته الغرور والكبرياء فطرد من الجنة, ليتحول ويكون هو الشيطان. ولقب بلوسيفر لأنه كان أجمل وأذكى وأحكم الملائكة كما يصفه الرب فى سفر حزقيال. ثم تغير اسمه إلى إبليس، بمعنى (خداع, كذاب) وظل اسمه إبليس.
يخاطب الرب إبليس فى سفر حزقيال كرئيس صور قائلا: (1وَكَانَ إِلَيَّ كَلاَمُ الرَّبِّ: 2[يَا ابْنَ آدَمَ، قُلْ لِرَئِيسِ صُورَ. هَكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ قَدِ ارْتَفَعَ قَلْبُكَ وَقُلْتَ: أَنَا إِلَهٌ. فِي مَجْلِسِ الآلِهَةِ أَجْلِسُ فِي قَلْبِ الْبِحَارِ. وَأَنْتَ إِنْسَانٌ لاَ إِلَهٌ، وَإِنْ جَعَلْتَ قَلْبَكَ كَقَلْبِ الآلِهَةِ. ....... 12..... هَكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: أَنْتَ خَاتِمُ الْكَمَالِ، مَلآنٌ حِكْمَةً وَكَـامِلُ الْجَمَالِ. 13كُنْتَ فِي عَدْنٍ جَنَّةِ اللَّهِ. كُلُّ حَجَرٍ كَرِيمٍ سِتَارَتُكَ، عَقِيقٌ أَحْمَرُ وَيَاقُوتٌ أَصْفَرُ وَعَقِيقٌ أَبْيَضُ وَزَبَرْجَدٌ وَجَزْعٌ وَيَشْبٌ وَيَاقُوتٌ أَزْرَقُ وَبَهْرَمَانُ وَزُمُرُّدٌ وَذَهَبٌ. أَنْشَأُوا فِيكَ صَنْعَةَ صِيغَةِ الفُصُوصِ وَتَرْصِيعِهَا يَوْمَ خُلِقْتَ. 14أَنْتَ الْكَرُوبُ الْمُنْبَسِطُ الْمُظَلِّلُ. وَأَقَمْتُكَ. عَلَى جَبَلِ اللَّهِ الْمُقَدَّسِ كُنْتَ. بَيْنَ حِجَارَةِ النَّارِ تَمَشَّيْتَ. 15أَنْتَ كَـامِلٌ فِي طُرُقِكَ مِنْ يَوْمَ خُلِقْتَ حَتَّى وُجِدَ فِيكَ إِثْمٌ.) حزقيال 28: 1-15
وفى تفسير القمص تادرس يعقوب يقول عن هذه النبوءة إنها تعنى الشيطان نفسه: (يرى القديس جيروم أن كلمة "صور" تعني "محنة [255]"، لهذا فإن ما ورد بخصوص رئيس صور أو ملكها إنما قصد به الشيطان بكونه يدفع الناس إلى المحن والتجارب. وقد رأى الكثير من الآباء أن ما ورد في هذا الأصحاح يصف سقطة الشيطان من درجته الملائكية. وجاء ذلك الوصف مطابقًا لما ورد في (إش 14: 12) عن لوسيفر.)
وكما يوضح النص أعلاه فقد كان لوسفير أقوى الأرواح التي خلقها الله. ويعني اسمه نجمة الصباح. وكان ينتمي إلى ملائكة "الكاروبيم"، واختاره الله لكي يقوم بمسؤوليات خاصة أخذته إلى حضرة الله.
ويتكلم عنه إشعياء قائلا: (12كَيْفَ سَقَطْتِ مِنَ السَّمَاءِ يَا زُهَرَةُ بِنْتَ الصُّبْحِ؟ كَيْفَ قُطِعْتَ إِلَى الأَرْضِ يَا قَاهِرَ الأُمَمِ؟ 13وَأَنْتَ قُلْتَ فِي قَلْبِكَ: أَصْعَدُ إِلَى السَّمَاوَاتِ. أَرْفَعُ كُرْسِيِّي فَوْقَ كَوَاكِبِ اللَّهِ وَأَجْلِسُ عَلَى جَبَلِ الاِجْتِمَاعِ فِي أَقَاصِي الشِّمَالِ. 14أَصْعَدُ فَوْقَ مُرْتَفَعَاتِ السَّحَابِ. أَصِيرُ مِثْلَ الْعَلِيِّ.) إشعياء 14: 12-14
لقد كانت خطة إبليس إذن أن يكون مثل الله العلى، بل أعلى منه، يسيطر علي الدنيا والملكوت العلوى ويحكمهم. فهل نجح إبليس من وجهة نظر الكتاب المقدس؟
لقد أمر الرب نبيه هارون أن يلقى قرعة بين تيسين، يذبح أحدهما للرب، ويُقدم الآخر لعزازيل. فلك أن تتخيل أن الرب بكل قوته وهيبته لم يتمكن من الاختيار بين التيسين، وفضل أن تلقى قرعة حتى لا يغضب الشيطان على تمييز الرب لنفسه!!
ولك أن تتخيل هيبة الرب من عزازيل هذا حتى يقدم له تيسًا!
ولك أن تتخيل قوة إبليس وهيمنته حتى يسجل الرب فى كتابه تودده للشيطان، أو دفعه لجزية ما، أو إعلان لخضوعه له، أو استسلام لمكانة إبليس هذا فى ملكوت الرب وحياته!
اقرأ: هارون يقدِّم تيسًا لإرضاء الشيطان بأمر الرب: (5وَمِنْ جَمَاعَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ يَأْخُذُ تَيْسَيْنِ مِنَ الْمَعْزِ لِذَبِيحَةِ خَطِيَّةٍ وَكَبْشاً وَاحِداً لِمُحْرَقَةٍ. 6وَيُقَرِّبُ هَارُونُ ثَوْرَ الْخَطِيَّةِ الَّذِي لَهُ وَيُكَفِّرُ عَنْ نَفْسِهِ وَعَنْ بَيْتِهِ. 7وَيَأْخُذُ التَّيْسَيْنِ وَيُوقِفُهُمَا أَمَامَ الرَّبِّ لَدَى بَابِ خَيْمَةِ الاجْتِمَاعِ. 8وَيُلْقِي هَارُونُ عَلَى التَّيْسَيْنِ قُرْعَتَيْنِ: قُرْعَةً لِلرَّبِّ وَقُرْعَةً لِعَزَازِيلَ. 9وَيُقَرِّبُ هَارُونُ التَّيْسَ الَّذِي خَرَجَتْ عَلَيْهِ الْقُرْعَةُ لِلرَّبِّ وَيَعْمَلُهُ ذَبِيحَةَ خَطِيَّةٍ. 10وَأَمَّا التَّيْسُ الَّذِي خَرَجَتْ عَلَيْهِ الْقُرْعَةُ لِعَزَازِيلَ فَيُوقَفُ حَيّاً أَمَامَ الرَّبِّ لِيُكَفِّرَ عَنْهُ لِيُرْسِلَهُ إِلَى عَزَازِيلَ إِلَى الْبَرِّيَّةِ.) لاويين 16: 5-10
ومن هو عزازيل هذا؟ (8: عزازيل هو شيطان يقيم فى الأماكن المقفرة) كما يقول هامش هذه الفقرة فى الترجمة العربية المشتركة بين كل طوائف المسيحية الكبار: الأرثوذكسية والكاثوليكية والبروتستانتية. وبعد أن كتب الهامش هذا المعنى أراد أن يتوَّه القارىء، فقال: (هناك رأى آخر يقول إن كلمة عزازيل مشتقة من الفعل عزل ومعناه أبعد كذلك فى العربية). لكن نترجم ما قاله آخرًا ونضعه فى النص لنرى هل سيكون لهذا الكلام معنى!!
وبالطبع لو كان عزازيل هذا ليس إبليس الشيطان الأكبر، لكانت هناك كارثة أن يخضع الرب لشيطان محلى، فكيف سيكون تصرفه إذن وخضوعه أمام إبليس نفسه؟
ولنرجع إلى الترجمة الكاثوليكية لنرى ماذا قالت: يقول هامش هذه الفقرة: (يبدو أن عزازيل، بحسب الترجمة السريانية، هو اسم شيطان كان العبرانيون القدامى يعتقدون أنه يسكن البريَّة. والبريَّة أرض عقيمة لا يمارس فيها الله عمله المُخصب (راجع الآية 22 و17ظ7+).)
كيف يوجد فى هذا الكون مكان لا يمارس الرب فيه عمله، ولا سيطرة له عليه؟ أليس هذا اعتراف بأن رب هذا الكتاب إله ناقص، وأن الشيطان ينافسه على الحكم وانتزع منه الأرض والصحراء؟
وها هى المواضع الذى يقر فيها الكتاب المقدس أن الشيطان هو سيد هذا العالم وإله هذا الدهر ورئيس سلطان الهواء، فارجع إليها! "إله هذا الدهر" (2 كو 4: 4) ، و"رئيس سلطان الهواء" (أف 2: 2)، و"رئيس هذا العالم" (يو 12: 31؛ 16: 11)،
(4الَّذِينَ فِيهِمْ إِلَهُ هَذَا الدَّهْرِ قَدْ أَعْمَى أَذْهَانَ غَيْرِ الْمُؤْمِنِينَ، لِئَلاَّ تُضِيءَ لَهُمْ إِنَارَةُ إِنْجِيلِ مَجْدِ الْمَسِيحِ، الَّذِي هُوَ صُورَةُ اللهِ.) كورنثوس الثانية 4: 4
(31اَلآنَ دَيْنُونَةُ هَذَا الْعَالَمِ. اَلآنَ يُطْرَحُ رَئِيسُ هَذَا الْعَالَمِ خَارِجاً.) يوحنا 12: 31؛ 14: 3؛ 16: 11
(11وَأَمَّا عَلَى دَيْنُونَةٍ فَلأَنَّ رَئِيسَ هَذَا الْعَالَمِ قَدْ دِينَ.) يوحنا 16: 11
(2الَّتِي سَلَكْتُمْ فِيهَا قَبْلاً حَسَبَ دَهْرِ هَذَا الْعَالَمِ، حَسَبَ رَئِيسِ سُلْطَانِ الْهَوَاءِ، الرُّوحِ الَّذِي يَعْمَلُ الآنَ فِي أَبْنَاءِ الْمَعْصِيَةِ،) أفسس 2: 2
ولا تتعجب من أن الرب نفسه يدافع عن الأوثان، ويدعو للذبح لها، أسوة بما فعله هو مع عزازيل، فقد اختار العديد من أنبيائه بعلمه الأزلى، وهو يعلم أنهم سيتركونه وسيعبدون الأوثان، ويُضلون عباده. فماذا فعل الرب مع بعضهم؟ لقد حكم على سليمان أنه حكيم، وحكم على أمصيا أنه عمل المستقيم أمامه. فهل الاستقامة فى عبادة الأوثان؟
وفى النهاية تمكن الشيطان من الرب، وأسره واعتقله فى الصحراء لمدة أربعين يومًا: (1أَمَّا يَسُوعُ فَرَجَعَ مِنَ الأُرْدُنِّ مُمْتَلِئاً مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ وَكَانَ يُقْتَادُ بِالرُّوحِ فِي الْبَرِّيَّةِ 2أَرْبَعِينَ يَوْماً يُجَرَّبُ مِنْ إِبْلِيسَ. وَلَمْ يَأْكُلْ شَيْئاً فِي تِلْكَ الأَيَّامِ. وَلَمَّا تَمَّتْ جَاعَ أَخِيراً. 3وَقَالَ لَهُ إِبْلِيسُ: «إِنْ كُنْتَ ابْنَ اللهِ فَقُلْ لِهَذَا الْحَجَرِ أَنْ يَصِيرَ خُبْزاً». 4فَأَجَابَهُ يَسُوعُ: «مَكْتُوبٌ أَنْ لَيْسَ بِالْخُبْزِ وَحْدَهُ يَحْيَا الإِنْسَانُ بَلْ بِكُلِّ كَلِمَةٍ مِنَ اللهِ». 5ثُمَّ أَصْعَدَهُ إِبْلِيسُ إِلَى جَبَلٍ عَالٍ وَأَرَاهُ جَمِيعَ مَمَالِكِ الْمَسْكُونَةِ فِي لَحْظَةٍ مِنَ الزَّمَانِ. 6وَقَالَ لَهُ إِبْلِيسُ: «لَكَ أُعْطِي هَذَا السُّلْطَانَ كُلَّهُ وَمَجْدَهُنَّ لأَنَّهُ إِلَيَّ قَدْ دُفِعَ وَأَنَا أُعْطِيهِ لِمَنْ أُرِيدُ. 7فَإِنْ سَجَدْتَ أَمَامِي يَكُونُ لَكَ الْجَمِيعُ». 8فَأَجَابَهُ يَسُوعُ: «اذْهَبْ يَا شَيْطَانُ! إِنَّهُ مَكْتُوبٌ: لِلرَّبِّ إِلَهِكَ تَسْجُدُ وَإِيَّاهُ وَحْدَهُ تَعْبُدُ». 9ثُمَّ جَاءَ بِهِ إِلَى أُورُشَلِيمَ وَأَقَامَهُ عَلَى جَنَاحِ الْهَيْكَلِ وَقَالَ لَهُ: «إِنْ كُنْتَ ابْنَ اللهِ فَاطْرَحْ نَفْسَكَ مِنْ هُنَا إِلَى أَسْفَلَ 10لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: أَنَّهُ يُوصِي مَلاَئِكَتَهُ بِكَ لِكَيْ يَحْفَظُوكَ 11وَأَنَّهُمْ عَلَى أَيَادِيهِمْ يَحْمِلُونَكَ لِكَيْ لاَ تَصْدِمَ بِحَجَرٍ رِجْلَكَ». 12فَأَجَابَ يَسُوعُ: «إِنَّهُ قِيلَ: لاَ تُجَرِّبِ الرَّبَّ إِلَهَكَ». 13وَلَمَّا أَكْمَلَ إِبْلِيسُ كُلَّ تَجْرِبَةٍ فَارَقَهُ إِلَى حِينٍ.) لوقا 4: 1-13
فها هو الكتاب يقول عن سليمان إنه عبد الأوثان، وبنى لها المذابح، ودعا الناس لعبادتها: (4وَكَانَ فِي زَمَانِ شَيْخُوخَةِ سُلَيْمَانَ أَنَّ نِسَاءَهُ أَمَلْنَ قَلْبَهُ وَرَاءَ آلِهَةٍ أُخْرَى، وَلَمْ يَكُنْ قَلْبُهُ كَامِلاً مَعَ الرَّبِّ إِلَهِهِ كَقَلْبِ دَاوُدَ أَبِيهِ. 5فَذَهَبَ سُلَيْمَانُ وَرَاءَ عَشْتُورَثَ إِلَهَةِ الصَّيْدُونِيِّينَ وَمَلْكُومَ رِجْسِ الْعَمُّونِيِّينَ. 6وَعَمِلَ سُلَيْمَانُ الشَّرَّ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ، وَلَمْ يَتْبعِ الرَّبَّ تَمَاماً كَدَاوُدَ أَبِيهِ. 7حِينَئِذٍ بَنَى سُلَيْمَانُ مُرْتَفَعَةً لِكَمُوشَ رِجْسِ الْمُوآبِيِّينَ عَلَى الْجَبَلِ الَّذِي تُجَاهَ أُورُشَلِيمَ، وَلِمُولَكَ رِجْسِ بَنِي عَمُّونَ.) الملوك الأول 11: 4-7
وها هو يحكم عليه يسوع (الرب عندكم) بأنه حكيم، وأنه عظيم، على الرغم من أنه مات على كفره، وحرم الرب أن يجلس شخص من نسله على عرش داود: (42مَلِكَةُ التَّيْمَنِ سَتَقُومُ فِي الدِّينِ مَعَ هَذَا الْجِيلِ وَتَدِينُهُ لأَنَّهَا أَتَتْ مِنْ أَقَاصِي الأَرْضِ لِتَسْمَعَ حِكْمَةَ سُلَيْمَانَ وَهُوَذَا أَعْظَمُ مِنْ سُلَيْمَانَ هَهُنَا!) متى 12: 42
وها هو أمصيا يعبد أوثان بنى ساعير: (14ثُمَّ بَعْدَ مَجِيءِ أَمَصْيَا مِنْ ضَرْبِ الأَدُومِيِّينَ أَتَى بِآلِهَةِ بَنِي سَاعِيرَ وَأَقَامَهُمْ لَهُ آلِهَةً وَسَجَدَ أَمَامَهُمْ وَأَوْقَدَ لَهُمْ.) أخبار الأيام الثانى 25: 14
وها هو الرب يمتدحه، ويعده من أصحاب العمل الصالح والاستقامة التى ترضى الرب: (3كَانَ عُزِّيَّا ابْنَ سِتَّ عَشَرَةَ سَنَةً حِينَ مَلَكَ وَمَلَكَ اثْنَتَيْنِ وَخَمْسِينَ سَنَةً فِي أُورُشَلِيمَ. وَاسْمُ أُمِّهِ يَكُلْيَا مِنْ أُورُشَلِيمَ. 4وَعَمِلَ الْمُسْتَقِيمَ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ حَسَبَ كُلِّ مَا عَمِلَ أَمَصْيَا أَبُوهُ.) أخبار الأيام الثانى 25: 3-4
فهل عبادة الأوثان ترضى الرب؟
أم كان هذا تحكم الشيطان فى الرب وكتابه وكتبته؟
فإن كان نعم، فقد عرفنا إلى أى دين تدعون؟
وإن كان لا، فلماذا اختار أنبياء يعلم بعلمه الأزلى أنهم سيضلون، ويعبدون الأوثان؟
ولماذا امتدح بعضًا من هذه الأنبياء؟
بل لماذا طالب هارون أن يذبح تيسين، واحدًا له، والآخر لعزازيل؟
بل لماذا طالب الرب بنى هارون أن يقتلوا كل من عبد الأوثان؟ ألم يقل الكتاب إن هارون هو الذى صنع العجل لهم، وأضلهم عن عبادة الله إلى عبادة الأوثان؟
(21وَقَالَ مُوسَى لِهَارُونَ: «مَاذَا صَنَعَ بِكَ هَذَا الشَّعْبُ حَتَّى جَلَبْتَ عَلَيْهِ خَطِيَّةً عَظِيمَةً؟» 22فَقَالَ هَارُونُ: «لاَ يَحْمَ غَضَبُ سَيِّدِي! أَنْتَ تَعْرِفُ الشَّعْبَ أَنَّهُ شِرِّيرٌ. 23فَقَالُوا لِيَ: اصْنَعْ لَنَا آلِهَةً تَسِيرُ أَمَامَنَا. لأَنَّ هَذَا مُوسَى الرَّجُلَ الَّذِي أَصْعَدَنَا مِنْ أَرْضِ مِصْرَ لاَ نَعْلَمُ مَاذَا أَصَابَهُ. 24فَقُلْتُ لَهُمْ: مَنْ لَهُ ذَهَبٌ فَلْيَنْزِعْهُ وَيُعْطِنِي. فَطَرَحْتُهُ فِي النَّارِ فَخَرَجَ هَذَا الْعِجْلُ». 25وَلَمَّا رَأَى مُوسَى الشَّعْبَ أَنَّهُ مُعَرًّى (لأَنَّ هَارُونَ كَانَ قَدْ عَرَّاهُ لِلْهُزْءِ بَيْنَ مُقَاوِمِيهِ) 26وَقَفَ مُوسَى فِي بَابِ الْمَحَلَّةِ وَقَالَ: «مَنْ لِلرَّبِّ فَإِلَيَّ!» فَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ جَمِيعُ بَنِي لاَوِي. 27فَقَالَ لَهُمْ: «هَكَذَا قَالَ الرَّبُّ إِلَهُ إِسْرَائِيلَ: ضَعُوا كُلُّ وَاحِدٍ سَيْفَهُ عَلَى فَخِْذِهِ وَمُرُّوا وَارْجِعُوا مِنْ بَابٍ إِلَى بَابٍ فِي الْمَحَلَّةِ وَاقْتُلُوا كُلُّ وَاحِدٍ أَخَاهُ وَكُلُّ وَاحِدٍ صَاحِبَهُ وَكُلُّ وَاحِدٍ قَرِيبَهُ». 28فَفَعَلَ بَنُو لاَوِي بِحَسَبِ قَوْلِ مُوسَى. وَوَقَعَ مِنَ الشَّعْبِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ نَحْوُ ثَلاَثَةِ آلاَفِ رَجُلٍ.) خروج 32: 21-28
فلو كان هارون هو صانع العجل، الذى تسبب فى مقتل 3000 رجلا من بنى إسرائيل على يديه وبنيه، فكيف يكافئهم الرب بأن جعل الكهانة فى أيديهم للأبد؟ (11«فِينَحَاسُ بْنُ أَلِعَازَارَ بْنِ هَارُونَ الكَاهِنُِ قَدْ رَدَّ سَخَطِي عَنْ بَنِي إِسْرَائِيل بِكَوْنِهِ غَارَ غَيْرَتِي فِي وَسَطِهِمْ حَتَّى لمْ أُفْنِ بَنِي إِسْرَائِيل بِغَيْرَتِي. 12لِذَلِكَ قُل هَئَنَذَا أُعْطِيهِ مِيثَاقِي مِيثَاقَ السَّلامِ 13فَيَكُونُ لهُ وَلِنَسْلِهِ مِنْ بَعْدِهِ مِيثَاقَ كَهَنُوتٍ أَبَدِيٍّ لأَجْلِ أَنَّهُ غَارَ لِلهِ وَكَفَّرَ عَنْ بَنِي إِسْرَائِيل».) العدد 25: 11-13
ولو حدث هذا لكان الرب لا يأخذ الإنسان إلا بجريرته، أى لا تزر وازرة وزر أخرى، فقد حاسب الرب من أخطأ، واستمرت النبوة مع موسى أخى هارون اللاوى!!
* * *
يُتبع إن شاء الله
تعليق