سؤال:
والنازعت غرقا والناشطات نشطا والسابحات سبحا ... لماذا جاء وصف الملائكة هنا بصيغة التأنيث ؟
الجواب :
أولًا : النازعات .. السابحات .. لا يُقصَد بها صفة تأنيثٍ للملائِكة .. لأنها جمع الجمع .. فالكلمة مفردها صافّة .. والجمع صافات .. نازعة والجمع نازعات .. وقد ذكر النيسابوري ذلِك في ايجاز البيان فقال: " هذا جمع الجمع لأنّ الملائكة ذكور فجمعهم «صافّة ثم صافات»".
ثانيا: في هذه الآيات التي أشار إليها السائِل .. لم تذْكُر الملائِكةُ تصْريحًا .. ولِذا يصِحُ فيها التأنيثُ والتذكير باعتبار محذوفٍ تقديرُه " جماعة" أو " جماعات " ..
الصافات : جماعات الملائِكة الصافات.
الصافون: جماعة الملائِكة الصافون.
فإذا حذفنا الإسْم يجوز القول " الصافات" ويُراد به جماعات الملائِكة .. أما إذا أثبتنا الإسم تصريحًا فلا يجوز الا بالمذكر .. بأن نقول : الملائِكة صافون .. ودليل ذلِك من كتاب الله على لسان الملائكة قوله تعالى " وإنا لنحن الصافون"
ومثله في كل هذه الصفات يُراد بها الجماعات .. كذلِك مثلًا : " فَالتَّالِياتِ ذِكْراً " .. يُراد يهم جماعات القراء الذين يتلون كتاب الله .. أو جماعات الملائِكة الذين يتلون كتاب الله ..
ثالثا: قوله تعالى " والصافات صفّا " .. هم الملائِكة .. أي جماعات الملائِكة .. لا يُقال أنها مؤنث .. بل هي جماعات مذكرة .. والإشارة للجماعات يكون بالتأنيث .. هي جماعات ..
وقد أورد الرازي هذا السؤال وجوابه في تفسيره " مفاتح الغيب ج19/ ص. 17 .. ونقل قول إمامي اللغة الفراء والأخفش , وضرب الامثلة من لغة العرب :
" الملائكة ذكور ، فلم ذكر في جمعها جمع الإناث وهو المعقبات ؟
والجواب : فيه قولان:
- الأول : قال الفراء : المعقبات ذُكْران جمع ملائكة معقبة ، ثم جمعت معقبة بمعقبات ، كما قيل : ابناوات سعد ورجالات بكر جمع رجال ، والذي يدل على التذكير قوله : {يَحْفَظُونَه } .
- والثاني : وهو قول الأخفش : إنما أنثت لكثرة ذلك منها ، نحو : نسابة ، وعلامة ، وهو ذكر."
رابعا : إذا عرفنا مما سبق أعلاه ان الملائِكة مذكر, ويُنفى عنهم التأنيثُ بنص كتاب الله .. فإن الكلمة نفسها جمع تكسير " ملائِكة".. وفي جمْع التكسير يجوز تأنيث صيغ جموع التكسير تأنيثًا لفظيا لا حقيقيًا , فيجوز لَحاق تَاءِ التأنيث لفعلها ..
تقول : غَزَتْ العربُ ، وغَزَى العربُ.
ويصِح لغة أن يُقال جاءت الملائِكة , وجاء الملائِكة ..
ويصِحُّ لغةً أن يُقال جاء العباقرة وجاءتِ العباقرة ..
وهذا التذكير والتأنيث لغةً ولا يُراد بهِ تحديد الجِنْس على الحقيقة .. فالافعال والصفات والجمادات تاخذ صيغ التذكير والتانيث ولا يراد بذلك الاستدلال على حقيقة جنسها.
وانظر للنبي صلى الله عليه وسلّم حين قرأ الآية بقراءتين صحيحتيْن في قوله تعالى " الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ " .. قرأها كما في رواية حفص عن عاصم المطبوعة بين يديْكِ بالتاء "تتوفاهم" .. ثم قرأها كما في قراءة خلف وحمزه غير المطبوعة بالياء " يتوفاهم" , ويقراها القراء في مصاحف القراءات: "الَّذِينَ يَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ " ..
وعلّق على ذلِك حبر الأمة ابن مسعودٍ فقال كما نقله القرطبي في تفسيره " إِنَّ قُرَيْشًا زَعَمُوا أَنَّ الْمَلَائِكَةَ إِنَاثٌ فَذَكِّرُوهُمْ أَنْتُمْ .. لِأَنَّ الْمُرَادَ به الجماعة من الملائكة".
وفي حجة القراءات 1/ 388 , لأبي زرعة يقول " اعلم أن فعل الجميع إذا تقدم يذكر ويؤنث فإن ذكرته أردت جمع الملائكة وإذا أنثته أردت جماعة الملائكة ".
يعني لو قلت اجتمع العباقرة فهو صحيح ..
ولو قلت اجتمعت العباقرة فهو كذلِك صحيح ..
يؤنث الفعل ويُذكر اذا سبق جمعًا مؤنثًا .. ويُراد في الأولى .. اجتمع جمعُ العباقرة .. ويُراد في الثانية اجتمعت جماعات العباقرة.
وفصّل الفراء في القرن الثاني الهجري في كتابه معاني القرآن ذلِك 1/ 220 .. فقال :
".. فعل الملائكة وما أشبههم من الجمع: يؤنث ويذكر. وقرأت القراء " يعرج الملائكة, وتَعْرُجُ" و "تَتَوَفَّاهُمُ - ويتوفاهم الملائكة" وكل صواب.
فمن ذَكّرَ ذهب إلى معنى التذكير
ومن أنث فلتأنيث الاسم
وأن الجماعة من الرجال والنساء وغيرهم يقع عليه التأنيث"
وفي البحر المحيط لابن حيان " الملائكة ، جمع تكسير ، فيجوز أن يلحق العلامة ، وإن لا يلحق .. تقول : قام الرجال ، وقامت الرجال "البحر المحيط 3/ 128.
ومثله كذلِك قول الله تعالى " ولما جاءت رسلنا؟ "
وكذلِك في قراءتي النبي صلى الله عليه وسلم بالتذكير والتأنيث للملائِكة .. بقول ابي العباس في تفسيره البحر المديد 1/ 418 :
"{والملائكة} : جمع تكسير ، يجوز في فعله التذكير والتأنيث ، وهو أحسن ، تقول : قام الرجال وقامت الرجال ، فمن قرأ : {فنادته الملائكة} ، فعلى تأويل الجماعة ، ومن قرأ : {فناداه} ، أراد تنزيه الملائكة عن التأنيث ، ردّاً على الكفار".
وفي تفسير ابن عاشور 3/ 299 " وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ: فَنَادَتْهُ- بِتَاءِ تَأْنِيثٍ- لِكَوْنِ الْمَلَائِكَةِ جَمْعًا، وَإِسْنَادُ الْفِعْلِ لِلْجَمْعِ , يَجُوزُ فِيهِ التَّأْنِيثُ عَلَى تَأْوِيلِهِ بِالْجَمَاعَةِ أَيْ نَادَتْهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ."
وقال ابن عاشور عن النازعات وكونها في صيغة التأنيث 30/ 61 :
"يُحْتَمَلُ أَنْ يكون النَّازِعاتِ جماعات مِنَ الْمَلَائِكَةِ وَهُمُ الْمُوَكَّلُونَ بِقَبْضِ الْأَرْوَاحِ، فَالنَّزْعُ هُوَ إِخْرَاجُ الرُّوحِ مِنَ الْجَسَدِ شُبِّهَ بِنَزْعِ الدَّلْوِ مِنَ الْبِئْرِ أَو الرَّكية، وَمِنْهُم قَوْلُهُمْ فِي الْمُحْتَضِرِ هُوَ فِي النَّزْعِ. وَأُجْرِيَتْ صِفَتُهُمْ عَلَى صِيغَةِ التَّأْنِيثِ بِتَأْوِيلِ الْجَمَاعَةِ أَوِ الطَّوَائِفِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: قالَتِ الْأَعْرابُ آمَنَّا ".
====
خامسا : أمور وجب توضيحها:
1- الملائِكة لا ينطبِقُ عليهم الجنْس المنطبِق على البشر والحيوان من كوْنِهم " ذكر أو أنثى", بل هم عباد الله خلقَهُم من نور ولم نشْهَد خلْقهم.
2- نفى الله عزّ وجلّ عنهُم ادّعاءَ المشركين أنهم إناث .. ولا نقول عنهم اثباتًا أو نفيًا إلا ما أثبته الله عنهم أو نفاه.
فقال تعالى " وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثاً".. ونرى في الآيات , كيف نفى الله عنهم دعوى المشركين انهم اناث , ووجه الخطاب عنهم في صيغة المذكر ((الذين - هم - عباد )).
وقال تعالى " أَمْ خَلَقْنَا الْمَلَائِكَةَ إِنَاثًا وَهُمْ شَاهِدُونَ (150) أَلَا إِنَّهُمْ مِنْ إِفْكِهِمْ لَيَقُولُونَ (151) وَلَدَ اللَّهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (152) أَصْطَفَى الْبَنَاتِ عَلَى الْبَنِينَ" ..
وقال تعالى " إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ لَيُسَمُّونَ الْمَلَائِكَةَ تَسْمِيَةَ الْأُنْثَى (27) وَمَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا ".
3- لم يُذكر الملائِكة تصريحًا في كتاب الله إلا ووصَفَهٌم بصيغةِ المذكر .. فمن ذلِك قوله تعالى :
- وَلَا الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ (مقربون)
- مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ ( مردفين)
- الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ (يضربون)
- فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ (كلهم - أجمعون)
- اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا (رسلًا)
- جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ (رسُلًا - أولي)
- وَتَرَى الْمَلَائِكَةَ حَافِّينَ ( حافين)
- مَلَائِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ مَلَكًا رَسُولًا ( يمشون- مطمئنين - رسولًا )
- عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ ( غلاظ - شداد )
والله أعلم.
والنازعت غرقا والناشطات نشطا والسابحات سبحا ... لماذا جاء وصف الملائكة هنا بصيغة التأنيث ؟
الجواب :
أولًا : النازعات .. السابحات .. لا يُقصَد بها صفة تأنيثٍ للملائِكة .. لأنها جمع الجمع .. فالكلمة مفردها صافّة .. والجمع صافات .. نازعة والجمع نازعات .. وقد ذكر النيسابوري ذلِك في ايجاز البيان فقال: " هذا جمع الجمع لأنّ الملائكة ذكور فجمعهم «صافّة ثم صافات»".
ثانيا: في هذه الآيات التي أشار إليها السائِل .. لم تذْكُر الملائِكةُ تصْريحًا .. ولِذا يصِحُ فيها التأنيثُ والتذكير باعتبار محذوفٍ تقديرُه " جماعة" أو " جماعات " ..
الصافات : جماعات الملائِكة الصافات.
الصافون: جماعة الملائِكة الصافون.
فإذا حذفنا الإسْم يجوز القول " الصافات" ويُراد به جماعات الملائِكة .. أما إذا أثبتنا الإسم تصريحًا فلا يجوز الا بالمذكر .. بأن نقول : الملائِكة صافون .. ودليل ذلِك من كتاب الله على لسان الملائكة قوله تعالى " وإنا لنحن الصافون"
ومثله في كل هذه الصفات يُراد بها الجماعات .. كذلِك مثلًا : " فَالتَّالِياتِ ذِكْراً " .. يُراد يهم جماعات القراء الذين يتلون كتاب الله .. أو جماعات الملائِكة الذين يتلون كتاب الله ..
ثالثا: قوله تعالى " والصافات صفّا " .. هم الملائِكة .. أي جماعات الملائِكة .. لا يُقال أنها مؤنث .. بل هي جماعات مذكرة .. والإشارة للجماعات يكون بالتأنيث .. هي جماعات ..
- هذه جماعات القراء
- هذه جماعات الملائِكة
وقد أورد الرازي هذا السؤال وجوابه في تفسيره " مفاتح الغيب ج19/ ص. 17 .. ونقل قول إمامي اللغة الفراء والأخفش , وضرب الامثلة من لغة العرب :
" الملائكة ذكور ، فلم ذكر في جمعها جمع الإناث وهو المعقبات ؟
والجواب : فيه قولان:
- الأول : قال الفراء : المعقبات ذُكْران جمع ملائكة معقبة ، ثم جمعت معقبة بمعقبات ، كما قيل : ابناوات سعد ورجالات بكر جمع رجال ، والذي يدل على التذكير قوله : {يَحْفَظُونَه } .
- والثاني : وهو قول الأخفش : إنما أنثت لكثرة ذلك منها ، نحو : نسابة ، وعلامة ، وهو ذكر."
رابعا : إذا عرفنا مما سبق أعلاه ان الملائِكة مذكر, ويُنفى عنهم التأنيثُ بنص كتاب الله .. فإن الكلمة نفسها جمع تكسير " ملائِكة".. وفي جمْع التكسير يجوز تأنيث صيغ جموع التكسير تأنيثًا لفظيا لا حقيقيًا , فيجوز لَحاق تَاءِ التأنيث لفعلها ..
تقول : غَزَتْ العربُ ، وغَزَى العربُ.
ويصِح لغة أن يُقال جاءت الملائِكة , وجاء الملائِكة ..
ويصِحُّ لغةً أن يُقال جاء العباقرة وجاءتِ العباقرة ..
وهذا التذكير والتأنيث لغةً ولا يُراد بهِ تحديد الجِنْس على الحقيقة .. فالافعال والصفات والجمادات تاخذ صيغ التذكير والتانيث ولا يراد بذلك الاستدلال على حقيقة جنسها.
وانظر للنبي صلى الله عليه وسلّم حين قرأ الآية بقراءتين صحيحتيْن في قوله تعالى " الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ " .. قرأها كما في رواية حفص عن عاصم المطبوعة بين يديْكِ بالتاء "تتوفاهم" .. ثم قرأها كما في قراءة خلف وحمزه غير المطبوعة بالياء " يتوفاهم" , ويقراها القراء في مصاحف القراءات: "الَّذِينَ يَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ " ..
وعلّق على ذلِك حبر الأمة ابن مسعودٍ فقال كما نقله القرطبي في تفسيره " إِنَّ قُرَيْشًا زَعَمُوا أَنَّ الْمَلَائِكَةَ إِنَاثٌ فَذَكِّرُوهُمْ أَنْتُمْ .. لِأَنَّ الْمُرَادَ به الجماعة من الملائكة".
وفي حجة القراءات 1/ 388 , لأبي زرعة يقول " اعلم أن فعل الجميع إذا تقدم يذكر ويؤنث فإن ذكرته أردت جمع الملائكة وإذا أنثته أردت جماعة الملائكة ".
يعني لو قلت اجتمع العباقرة فهو صحيح ..
ولو قلت اجتمعت العباقرة فهو كذلِك صحيح ..
يؤنث الفعل ويُذكر اذا سبق جمعًا مؤنثًا .. ويُراد في الأولى .. اجتمع جمعُ العباقرة .. ويُراد في الثانية اجتمعت جماعات العباقرة.
وفصّل الفراء في القرن الثاني الهجري في كتابه معاني القرآن ذلِك 1/ 220 .. فقال :
".. فعل الملائكة وما أشبههم من الجمع: يؤنث ويذكر. وقرأت القراء " يعرج الملائكة, وتَعْرُجُ" و "تَتَوَفَّاهُمُ - ويتوفاهم الملائكة" وكل صواب.
فمن ذَكّرَ ذهب إلى معنى التذكير
ومن أنث فلتأنيث الاسم
وأن الجماعة من الرجال والنساء وغيرهم يقع عليه التأنيث"
وفي البحر المحيط لابن حيان " الملائكة ، جمع تكسير ، فيجوز أن يلحق العلامة ، وإن لا يلحق .. تقول : قام الرجال ، وقامت الرجال "البحر المحيط 3/ 128.
ومثله كذلِك قول الله تعالى " ولما جاءت رسلنا؟ "
وكذلِك في قراءتي النبي صلى الله عليه وسلم بالتذكير والتأنيث للملائِكة .. بقول ابي العباس في تفسيره البحر المديد 1/ 418 :
"{والملائكة} : جمع تكسير ، يجوز في فعله التذكير والتأنيث ، وهو أحسن ، تقول : قام الرجال وقامت الرجال ، فمن قرأ : {فنادته الملائكة} ، فعلى تأويل الجماعة ، ومن قرأ : {فناداه} ، أراد تنزيه الملائكة عن التأنيث ، ردّاً على الكفار".
وفي تفسير ابن عاشور 3/ 299 " وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ: فَنَادَتْهُ- بِتَاءِ تَأْنِيثٍ- لِكَوْنِ الْمَلَائِكَةِ جَمْعًا، وَإِسْنَادُ الْفِعْلِ لِلْجَمْعِ , يَجُوزُ فِيهِ التَّأْنِيثُ عَلَى تَأْوِيلِهِ بِالْجَمَاعَةِ أَيْ نَادَتْهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ."
وقال ابن عاشور عن النازعات وكونها في صيغة التأنيث 30/ 61 :
"يُحْتَمَلُ أَنْ يكون النَّازِعاتِ جماعات مِنَ الْمَلَائِكَةِ وَهُمُ الْمُوَكَّلُونَ بِقَبْضِ الْأَرْوَاحِ، فَالنَّزْعُ هُوَ إِخْرَاجُ الرُّوحِ مِنَ الْجَسَدِ شُبِّهَ بِنَزْعِ الدَّلْوِ مِنَ الْبِئْرِ أَو الرَّكية، وَمِنْهُم قَوْلُهُمْ فِي الْمُحْتَضِرِ هُوَ فِي النَّزْعِ. وَأُجْرِيَتْ صِفَتُهُمْ عَلَى صِيغَةِ التَّأْنِيثِ بِتَأْوِيلِ الْجَمَاعَةِ أَوِ الطَّوَائِفِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: قالَتِ الْأَعْرابُ آمَنَّا ".
====
خامسا : أمور وجب توضيحها:
1- الملائِكة لا ينطبِقُ عليهم الجنْس المنطبِق على البشر والحيوان من كوْنِهم " ذكر أو أنثى", بل هم عباد الله خلقَهُم من نور ولم نشْهَد خلْقهم.
2- نفى الله عزّ وجلّ عنهُم ادّعاءَ المشركين أنهم إناث .. ولا نقول عنهم اثباتًا أو نفيًا إلا ما أثبته الله عنهم أو نفاه.
فقال تعالى " وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثاً".. ونرى في الآيات , كيف نفى الله عنهم دعوى المشركين انهم اناث , ووجه الخطاب عنهم في صيغة المذكر ((الذين - هم - عباد )).
وقال تعالى " أَمْ خَلَقْنَا الْمَلَائِكَةَ إِنَاثًا وَهُمْ شَاهِدُونَ (150) أَلَا إِنَّهُمْ مِنْ إِفْكِهِمْ لَيَقُولُونَ (151) وَلَدَ اللَّهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (152) أَصْطَفَى الْبَنَاتِ عَلَى الْبَنِينَ" ..
وقال تعالى " إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ لَيُسَمُّونَ الْمَلَائِكَةَ تَسْمِيَةَ الْأُنْثَى (27) وَمَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا ".
3- لم يُذكر الملائِكة تصريحًا في كتاب الله إلا ووصَفَهٌم بصيغةِ المذكر .. فمن ذلِك قوله تعالى :
- وَلَا الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ (مقربون)
- مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ ( مردفين)
- الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ (يضربون)
- فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ (كلهم - أجمعون)
- اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا (رسلًا)
- جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ (رسُلًا - أولي)
- وَتَرَى الْمَلَائِكَةَ حَافِّينَ ( حافين)
- مَلَائِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ مَلَكًا رَسُولًا ( يمشون- مطمئنين - رسولًا )
- عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ ( غلاظ - شداد )
والله أعلم.
تعليق