ترجمة البسيطة ( البشيتا )
أصْل التسمية:
فشيطتو (فشٍيطتً) أو البشيطا تعني البسيطة أو الواضِحة , أو الحديثة .. وأول من استعمل هذا اللفظ بمعنى البسيطة هو أسقف الموصل للسريان الأرثوذكس الراهب اليعقوبي موسى بن كيفا المتوفي في أول القرن العاشر الميلادي[1] وأطلقه على الترجمة السريانية من العبرانية للعهد القديم , ليُميزها عن نسخة بولس التيلي للتوراة السبعينية التي استقاها من سداسية أوريجانوس الأكثر تعقيدًا . وهذا ما دعا العلماء لتسمية النسخة السريانية من الإنجيل بهذا الإسْم كذلِك ليميزوها عن النسخة الهرقلية الأكثر تعقيدًا.. أما من اعتبر معنى الإسْم بشيطا أي الحديثة , فإنه راد بذلِك أن يُميزها عن النسخة اللاتينية الأقدم : الفولجاتا.[2]
مكونات البشيطة وقانونية الإنجيل[3]:
ظهرت البشيطا وتلقتها الكنيسة السريانية بالقبول قبل ان يحدث الإنقسام في هذه الكنيسة الى اليعاقبة والنساطرة .. وبالتالي فهذه الترجمة السريانية يقبلها كل من اليعقوبيين والنسطوريين[4].
وتتكون من 22 كتابا من كتب العهد الجديد ولا تتضمّن الرسائيل الأربعة التالية (( رسالة بطرس الثانية , ورسالتي يوحنا الثانية والثالثة , ورسالة يهوذا ) أو رؤيا يوحنا , وبالتالي فهي تتبع قاونية الأناجيل حسب الكنيسة الأنطاكية في القرن الرابع والخامس الميلادي.[5]
كما أنها تحذِف الفقرة 17, 18 من الاصحاح 22 من انجيل لوقا[6] , وكذلِك تحذِف رواية المرأة الزانية كاملًا من انجيل يوخنا ( 7/ 53 إلى 8/ 11 ).[7]
عدد المخطوطات التي وصلتنا للبشيطا :
احصى كاسبر جريجوري في بداية القرن العشرين أكثر من 300 مخطوطه للبيشيتا , ويرى ميتزجر أن عدد هذه المخطوطات أكبر من ذلِك بكثير حيثُ أنه لم يتسنى لجريجور أن يجمع تلك المخطوطات من مكتبات الشرق. وكذلِك لظهور مخطوطات أخرى بعد غريغوري[8]
أقدم مخطوطات البشيطا- Paris syr. MS. 296, 1°[9]:
تعد أقدم مخطوطة للبشيطا هي جزء من مخطوطة تُسمى المخطوطة الباريسية وتحمل الرقم 296 وتاريخها يعود للعام 463 م, ولا تحتوي إلا على اصحاحات من انجيل لوقا تبدأ من الفقرة 6/ 49 وحتى 21/ 36.
أما أقدم المخطوطات التي حوت اجزاء من الأناجيل فهي مخطوطة المتحف البريطاني 14459 ومقسمة إلى مخطوطتين الأولى منها (الصفخات من 1- 66 ) و تبدأ من انجيل متى 6/ 20 , وانجيل مرقص ويعود تاريخها إلى القرن الخامس الميلادي , والثانية منها تضم الأوراق من 67 إلى 169 وتضُم انجيلي لوقا ويوحنا , وكُتِبت ما بين عام 528 إلى 538 م ., ثم مخطوطة فيليب في المكتبة الملكية ببرلين , ومخطوطة المتحف البريطاني 14453 , وكذلك المخطوطة 14470 والتي تحوي الأناجيل الاربعة والرسائل البولسية واعمال الرسل , ورسالة يعقوب , وبطرس الاولى ويوحنا الأاولى , ويعود تاريخهم جميعًا إلى نهاية القرن الخامس الميلادي وبداية القرن السادس.
وأقدم مخطوطة حوت الأناجيل الأربعة كاملة هي المخطوطة الفاتيكانية وكُتِبت في ايديسا عام 548 م.
بينما أقدم المخطوطات التي حوت الرسائِل الرسولية والبولسية فهي مخطوطة المتحف البريطاني 14479 والتي كُتِبت عام 533 م.
أول نسخة مطبوعة للبشيطا[10]:
طُبعت عام 1506- 1559 م , وأعدها عالم الإنسانيات, السيناتور النمساوي Johann Albrecht والذي درس السريانية تحت يد الراهب الماروني سمعان , والطبعة الثانية هي طبعة جنيف 1969 وأعدها أستاذ العبرية Immanuel Tremellius وطُبِعت بحروف عبرية لافتقارهم للخط السرياني المطبوع في هذا الوقت .. ولم يكتف ايمانويل بطباعتها فقط بل أضاف اليها الفاصلة اليوحناوية في رسالة يوحنا الأاولى 5/ 7 والتي ترجمها بنفسِه للسريانية !![11]
حقيقة أصالة البشيطا [12]:
كانت النظرة السائِدة وحتى بدايات القرن العشرين أن الترجمة السيريانية البسيطة هي أحد أقدم تراجم العهد الجديد إن لم تكُن أقدمها على الإطلاق. وكان من ثوابِتِ التقليد بين المسيحيين السريان أنها من كتابات الرُسُل أو اللاهوتيين بعضهم قال انه مرقص وآخرون على أن من ترجمها هو ثاديوس.. وكان الإتفاق العام بين علماء أوربا على أن البشيطا ربما ظهرت في نهاية القرن الثاني الميلادي ولكنها بالتأكيد كانت موجودة في القرن الثالث, بل البعضُ ذهب إلى أبعد من ذلِك واقترح ظهورها في نهاية القرن الأول الميلادي أو بدايات القرن الثاني !
في عام 1901 م , نشر العالم اللاهوتي وأستاذ اللاهوت بجامعة كامبريدح البريطاني فرانسيز بيركيت دراسة غيرت رأي العلماء في تاريخ البيشيتا, فبعد فصله للكتابات المزيفة المنسوبة لافرايم عن كتاباته الحقيقية , وجد أن الاقتباسات الإنجيلية المتعددة في رسائل افرايم السرياني المتوفي عام 373م , لا تمدنا بأي دليل على أنه كان يعلم شيْئًا عن نص البشيتا , بل تُثْبِت أنه اعتمد على نص مختلف أكثر قِدمًا للأناجيل.
ثم قدّم نفس هذا العالم فرضيته التي يرى فيها أن ترجمة البشيطا قام بها أو تُرجِمت لأجل رابولا أسقف الرها ربما في السنوات الاولى من حياته الأسقفية والتي امتدت من 411 م إلى 435م . وفقا لتصريح أدلى به كاتب مجهول ورجل دين من الرها عن سيرة رابولا في عام 450 م قال: " أنه بسبب الاختلافات بين التراجم فإنه ترجم العهد الجديد من اليونانية إلى السريانية تماما كما كان عليْه ، وذلِك يحكمة الرب التي كانت فيه".. فربط بيركيت بين ملاحظة هذا الكاتب وبين أول ظهور للبشيطا .. معللًا ذلِك بأنه في زمان رابولا فإن النسخة السريانية الوحيدة التي كان لها التفوق المطلق هي الفولجاتا السريانية بينما لا يوجد أي اثر للبشيطا إلا بعد رابولا.!
وسرعان ما تبنى غالبية علماء الكتاب المقدس هذه الفرضية واصبحت هي الأكثر اقناعا وموثوقية , ولكن هناك من عارضها وظهرت فرضيات أخرى ترى أن البشيطا ظهرت من قبل رابولا ولكنها لم تُصبح النص المعتمد للكنيسة الا في القرن الخامس الميلادي , بينما يرى آخرون ان نص رابولا هو نص وسط بين السريانية القديمة وبين البشيطا , وربما كانت البشيطا عمل شارك فيه أكثر من عالم دين سرياني, وتظل الفرضيات ولا يبقى ما يتفق عليه العلماء على وجه الدقة إلا ان نص البشيطا صار معتمدا إلا في القرن الخامس الميلادي قبل انقسام الكنيسية السريانية عام 431 م إلى يعقوبيين ونساطرة.
===================================
[1] http://www.newadvent.org/cathen/02296b.htm نبذة عنه من الموسوعة الكاثوليكية
[2] Syriac text in J. P. P. Martin, Introduction a la critique lextuelle du .Nouveau Testament, Partie theoriquc (Paris, 1883), p. 101 n.1
French trans. of Syriac text in Rubens Duval, Anciennes Liltlraturts chrltiennes; ii, La Litterature syriaque, 2nd edn.
(Paris, I900), pp. 31 f .
[3] يُراجع بالتفصيل من كتاب بروس متزجر:
Metzger, B.M ,"The Early Versions of the New Testament: Their Origin, Transmission, and Limitations". Clarendon Press, 1995, P.48.
[4] في عام 431 ميلادية بعد مجمع أفسس انفصلت السريانية الشرقية تحت اسم " النسطورية" وقد أثار نسطوريس الجدل حين ابى ان يُطْلق على العذراء مريم لقب " والدة الإله" في خلافه مع رئيس أساقفة الإسكندرية كيرلُس.
[5] هي نفس الكتب التي أقرها يوحنا ذهبي الفم , وثيودريت من كتيسة أنطاكية
[6] الفقرتان المحذوفتان " .... الذي يبذل عنكم اصنعوا هذا لذكري و كذلك الكاس ايضا بعد العشاء قائلا هذه الكاس هي العهد الجديد بدمي الذي يسفك عنكم ".
[7] يكاد يكون هناك اجماع بين علماء النقد النصي على عدم أصالة هذه الرواية وللتفصيل نحيل على هذا الموضوع بحراس العقيدة
https://www.hurras.org/vb/showthread.php?t=39173
[8] Metzger, B.M ,"The Early Versions",P.49
[9] Ibid. P.50
[10] Ibid. PP.52,53
[11] حول أصالة هذا النص واضافته للإنجيل بعد القرن السادس عشر الميلادي يرجى مراجعة البهوث التالية:
https://www.hurras.org/vb/showthread.php?t=2475
https://www.hurras.org/vb/showthread.php?t=27150
https://www.hurras.org/vb/showthread.php?t=4604
[12] Metzger, B.M ,"The Early Versions",PP.56-61
تعليق