كون النبي - صلى الله عليه وسلم - أميا

تقليص

عن الكاتب

تقليص

mohamadamin مسلم اكتشف المزيد حول mohamadamin
X
تقليص
يُشاهد هذا الموضوع الآن: 1 (0 أعضاء و 1 زوار)
 
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • mohamadamin
    حارس

    • 11 نوف, 2009
    • 37
    • متقاعد
    • مسلم

    كون النبي - صلى الله عليه وسلم - أميا

    قرأت لأحدهم مقالا بعنوان (أمية محمد في ميزان العقل والنقل ) قد صب فيه جام غضبه على أمتنا المحمدية لأنها تتباهى – حسب زعمه – بأمية رسولها ويقول في ذلك:
    اقتباس:
    لم أرى طيلة حياتي أمة تتباهى وتتفاخر بأمية زعيمها(نبيها) مثل الأمة الإسلامية . التي أخذت من أمية محمد مصدراً للتفاخر والاعتزاز .وكأن الجهل وقلت المعرفة شيئاً يعتز به ويبني أصحاب نظرية الأمية ، نظريتهم هذه على بعض الآيات القرآنية التي أساءوا تفسيرها وتأويلها مفسري القرآن.
    ـــــــــــ
    هكذا آثرت أن أنقل كلامه بطريقة القص واللصق على ما فيه من أخطاء بدهية أتركها لفطنة القارئ وليفرح المسلمون بمستوى ناقديهم.
    وفي بقية المقال أمضى الكاتب رحلة وسيطة هدف من ورائها إلى إثبات أن لفظ أمي إنما يعني من ليس إسرائيليا - فاللفظ بحسب رأيه - مصطلح توراتي أي ليس له في العربية مدلول.

    وودت لو أنه تمتع بالإنصاف فذكر أن الفظ عربي له معان مستخدمة منها كذا وكذا وليرجح الرأي الذي يراه ولو كان توراتيا ، ونحن بدورنا نناقشه فيما وصل إليه فإن كان حقا قبلناه ، وإن كان باطلا رددناه عليه ، أما أن يقف عند حد أن اللفظ توراتي بدون الإشارة إلى تضمن اللغة العربية له تقريرها أن الأمي هو من لا يقرأ ولا يكتب فهذا ما لا يقبله منصف.

    لكن ما سر العداء بين الكاتب ولفظ الأمي بمعناه المعروف من جهة ثم بينه وبين المتفاخرين بأمية رسولهم – حسب تعبيره – من جهة أخرى ؟
    هذا ما أفصح عنه من خلال مقالته التي اعتمد في استخلاص أصولها من روايات واردة في كتب الصحاح المعتمدة لديه ومنها:
    طبقات اللغويين والنحاة ، وصبح الأعشى ، وكتاب الأستاذ الحداد ( في سبيل الحوار الإسلامي المسيحي )
    أين مراجعه اللغوية ؟ أين مراجعه الحديثية ؟ أين ، أين ........؟
    كل هذا لا قيمة له لأنه لن يحقق المطلوب.

    الحاصل أن الكاتب أراد أن يثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان مجيدا للقراءة والكتابة وأهم دلائله على ذلك أن لفظ الأمي لا يطلق في رأيه على من لا يجيد القراءة والكتاب بل على غير الإسرائيلي
    والكاتب بالطبع لا يريد إثبات فضيلة للنبي صلى الله عليه وسلم بادعاء أنه كان يعرف القراءة والكتابة بل يريد أن ينفذ إلى ما وراء عرضه بادعاء أن القرآن من تأليفه حيث لا غرابة في ذلك إذا كان مجيدا للقراءة والكتابة وكأن القراءة والكتابة هما المحك والفيصل وهما علة تأليف القرآن – حسب زعمهم – وكأن كل قارئ كاتب قد صار عالما نحريرا ، ولأن الكاتب قد ذكر – وهو في ذلك محق - أن في مكة من يقرأ ويكتب فنحن نحاججه فلماذا لم يأت كتبة مكة وقراؤها بمثل القرآن بل لماذا آمنوا به وأذعنوا له وهم في القراءة والكتابة والبلاغة المكتسبة من وحدة القبيلة مثل مؤلف القرآن ؟
    يقولون هنا: بالتأكيد قد جاءوا بذلك لكن التاريخ لم يثبت إلا فوضى مسيلمة وحتى هذه فيها شك.
    ونقول لهم: دعونا نصدقكم في دعواكم أن العرب قد جاءوا بمثل القرآن لكن التاريخ ظلمهم لكنكم لم تجيبونا: لماذا آمن به من آمن من أهل مكة بمجرد صدوعه بالدعوة وقراءته القرآن إذا كان ما جاء به في عرفهم أمرا مستطاعا فإن من آمنوا به هم – بلا شك - كمن يتوهم أنهم قد جاءوا بمثل القرآن في البلاغة سواء ؟
    أي لماذا آمن أبو بكر وعلي وعثمان وعمر وطلحة والزبير وسائر إخوانهم من أهل البلاغة واللسن لماذا صدقوا بالقرآن إن لم يكن خارقا ؟
    قد كان صلى الله عليه وسلم بمكة من أفقرهم ليس له والد يدفع عنه ولا ولد يسانده أي لم تكن له سطوة على من آمنوا به بل كانت السطوة لمن كفروا فالعدد عددهم والعدة عدتهم ورغم ذلك سارعوا إلى الإيمان به وصبر صلى الله عليه وسلم وصابر حتى هدى الله إليه من الخلق من لا يحصون عددا

    وهكذا يدور المعارضون في حلقة مفرغة حول مركز واحد هو دعوى بشرية القرآن الكريم
    وحين نحاججهم قائلين لماذا لم يأت أحد بمثله إذا كان بشريا ؟
    يقولون هي العبقرية أي أنهم يعترفون بأنه غير عادي لكن الشيطان يمسك ألسنتهم عن تجاوز العبقرية إلى الإقرار بالنبوة.
    ولماذا لم يتعبقر غيره ليأتي بمثل ما جاء به ؟
    وما قولكم في إخباره بماض قد اندرس ومستقبل قد وقع كما ذكر ؟
    هل للعبقرية في ذلك مجال؟
    ولماذا لم ينسبه إلى نفسه ونسبه إلى ربه فالناس يحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا وهو يتبرأ مما فعل ؟ شيء غير معهود في طباع بني البشر التي جبلت على الفخار والغرور والعجب.
    يقولون إنه قد تعلمه من ورقة أو غلام نصراني أعجمي – يا للعجب - كان يختلف إليه بمكة.
    ومن ثم كان رد القرآن قاطعا:
    { وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِّسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَـذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُّبِينٌ }
    ولماذا لم يأت المعلم إذن بمثل ما جاء به إن لم يكن أفضل منه ؟
    وأخيرا وددت من كاتب المقال أن يذكر لنا لماذا لم يكتب النبي صلى الله عليه وسلم القرآن بنفسه إذن ، بل كان في أحلك الأوقات يرسل إلى الكتبة ليدونوا ما نزل حتى إنه استدعى زيد بن ثابت ليدون فقط هذه العبارة { غير أولي الضرر } فلماذا لم يكتبها بنفسه؟
    وإن أجاب بأنه صلى الله عليه وسلم كان يكتب القرآن فهل سيقبل ورفاقه فكرة أن القرآن لم يُحرَّف من قبل الكتبة حيث كاتبه عين مؤلفه؟
    هل ، هل ............أسئلة كثيرة تكشف عن زيف المكتوب فهل ندع ما ثبت لدينا يقينا لكتابات من هذا النوع ليست وثيقة الصلة بالمصداقية العلمية.؟
    كل هذا ليس مهما للتبوأ ناصية الكتابة بمواقع حساسة ودوريات واسعة الانتشار ويوميات تباع بالملايين فقط امتلك الجرأة على الله ورسوله وستفتح أمامك كل المغاليق.
    حسبنا الله ونعم الوكيل
    وصدق الله:
    { وَكَذَلِكَ أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ فَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمِنْ هَؤُلَاء مَن يُؤْمِنُ بِهِ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا الْكَافِرُونَ 47 وَمَا كُنتَ تَتْلُو مِن قَبْلِهِ مِن كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَّارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ 48 بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا الظَّالِمُونَ 49 وَقَالُوا لَوْلَا أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَاتٌ مِّن رَّبِّهِ قُلْ إِنَّمَا الْآيَاتُ عِندَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُّبِينٌ 50 أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ 51 قُلْ كَفَى بِاللَّهِ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ شَهِيدًا يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالَّذِينَ آمَنُوا بِالْبَاطِلِ وَكَفَرُوا بِاللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ 52 }
  • mohamadamin
    حارس

    • 11 نوف, 2009
    • 37
    • متقاعد
    • مسلم

    #2
    رد: أمية الرسول صلى الله عليه وسلم دليل إلهية القرآن

    إن من أراد التشكيك في نبوة نبينا صلى الله عليه وسلم، فسوف يضطر إلى أن يطيح بجميع البديهيات العقلية والوثائقية والفكرية والتاريخية… فجميع الروايات تدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يقرأ ولم يكتب مرة واحدة مثل حادثة بيعة الحديبية…أما من أراد أن يثبت عكس ذلك لم يجد وثيقة واحدة، تدل على كلامه…
    لقد نشأ نبينا صلى الله عليه وسلم في مكة وهاجر إلى المدينة…ولم يكن معروفا في التاريخ أن العرب كانت أمة تقرأ أو تكتب، ولم يثبت وجود مكتبة واحدة في مكة أو المدينة… وفي نفس الوقت إذا نظرنا إلى التاريخ من الفترة التي بين القرن الأول الميلادي والقرن السادس الميلادي، أي منذ ميلاد عيسى وحتى بعثة نبينا صلى الله عليه وسلم، وجدنا أن الحركة الفلسفية والفكرية والعلمية كانت في الإسكندرية، والقسطنطينية وأنطاكية وروما…ونشأت الفلسفة في بلاد الإغريق واقتبس النصارى بعضها وحولوها إلى الفلسفة الدينية، وكان ذلك في الإسكندرية حيث مكتبتها العالمية الضخمة، وفي القسطنطينية عاصمة الدولة الرومانية الجديدة…وكان الصراع على أشده بين الفلاسفة النصارى: وبين الفلاسفة الوثنيين، وكانت القسطنطينية تذخر بالفلسفة والفكر المسيحي.. حتى يحكى أنه إذا أراد أحد أن يشتري من محل شيئا، فسأله عن هذا الشيء رد عليه صاحب المحل: الرب طبيعة واحدة أم اثنتان…وبعد أن يشتري المشتري يرد على صاحب المحل الابن والرب وروح القدس..وكان الحركة التاريخية وتدوين التاريخ انتقلت من المؤرخين اليهود إلى المؤرخين النصارى…وانتشرت الحركة العلمية بسبب انتشار المسيحية…كل هذا وليس للعرب ولا مكة ولا ليثرب نصيب في أي شئ من كل هذه العلوم والكتب والحركات العلمية والفلسفية…ولو نشأ نبينا صلى الله عليه وسلم في الإسكندرية مثلا لارتاب المبطلون…ولكنه لم ير تلك المدن مرة واحدة في حياته على حسب جميع الوثائق والروايات التي وصلت إلينا.. ولو نزلت الرسالة على أفلاطون مثلا أو أرسطو لكان فرصة لأتباع الشياطين أن يشككوا في كلام رب العالمين، ولكن الله عز وجل أغلق على الشياطين هذا الباب، فمن أراد أن يفتحه أصبح كلامه أقرب إلى التخريف منه إلى كلام العقلاء….


    وليس في وصف اليهود لغيرهم بالأمميين، أي دليل على أن العرب كانوا يكتبون أو يقرأون ، ولا على أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ أو يكتب..وليس هناك أي مانع بأن يصف اليهود الأمم الوثنية بالأميين، ويخصوا العرب الذين كانوا لا يكتبون أو يقرأون بهذا الوصف أيضا…وليس دليلنا الوحيد على أمية النبي صلى الله عليه وسلم هو أن اليهود كانوا يصفون العرب بالأميين…
    أما أمية النبي صلى الله عليه وسلم فليست عيبا، بل أمية العرب جميعا، لأن الله عز وجل عوضهم بالحفظ والبديهة الشفوية عن القراءة والكتابة، حتى أنه كان يستيقظ أحدهم من نومه فيجد أمرا في قومه قد حدث، فيرتجل شعرا، لو اجتمع جميع شعراء العصر على أن يأتوا بمثله بضبطه ووزنه ومعانيه وبلاغته، لم يستطيعوا، بل ورد ذلك عن بعض الجواري الصغيرات أي البنات الصغيرات….
    فمن البديهيات التاريخية أن العرب لم تكن من الأمم العلمية والفلسفية والفكرية…ومن حاول أن يثبت غير ذلك، لكان سخرية سهلة لجميع المؤرخين الكفار منهم والمسلمين الصالحين منهم والفاسقين…
    ومن البديهيات الوثائقية، أنه إذا عثر مؤرخ على رسالة ومكتوب اسم كاتب الرسالة عليها، فإنه يثبت تلك الرسالة إلى كاتبها وصاحب التوقيع، ما لم يزعم أحد آخر أنه هو الذي كتب الرسالة، فإذا زعم آخر حينئذ لا يجزم المؤرخ بنسبة تلك الرسالة إلى أحد بل تكون عنده من الاحتمالات نسبة الرسالة إلى هذا أو هذا….وعندنا كتاب الرب عز وجل فيه توقيع الرب عز وجل:"تنزيل من رب العالمين""تنزيل من الرحمن الرحيم""وإنه لتنزيل رب العالمين""الله لا إله إلا هو الحي القيوم..نزل عليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه وأنزل التوراة والإنجيل من قبل هدى للناس"" الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا""الله الذي أنزل الكتاب بالحق والميزان"….فجميع المؤرخين وجميع البشر يستخدمون هذه البديهية الوثائقية في كتب البشر، ولكن الذين ينكرون نبوة النبي صلى الله عليه وسلم يرفضونها ويضربون بها عرض الحائط في كتاب الله عز وجل الخالق البارئ….




    أما أمية النبي صلى الله عليه وسلم فكانت مقصودة -كما ذكرت- حتى يغلق الله عز وجل هذا الباب أمام الشياطين وأتباعهم…
    ولكنها لم تكن عيبا…فلو تفكرنا قليلا، لماذا يحتاج الناس إلى القراء والكتابة في أي عصر، لوجدنا أن ذلك لقصور في التعبير والنقل والاستيعاب والحفظ والبيان واستقبال المعلومات التي يحتاجونها إلى معيشتهم…ولكن نبينا صلى الله عليه وسلم لم يكن يحتاج إلى ذلك كله، فهو يتلقى جميع العلوم التي تنفعه وتنفع أمته من المصدر الأصلي أي الوحي…فلو تخيلنا وزيرا يعمل في بلاط ملك، فقام الملك بكتابة رسالة إلى شعبه لتوجيههم بلغة معينة فإنه يحتاج إلى تعليم تلك اللغة إلى شعبه، أما الوزير فإن العلاقة بينه وبين الملك لتغني عن احتياجه لقراءة الرسالة، لأنه يتلقى التوجيه من الملك مباشرة…فكذلك نبينا صلى الله عليه وسلم لماذا كان يحتاج إلى القراءة والكتابة وهو على علاقة مباشرة بخالق السماوات والأرض، ومن بيده ملكوت كل شئ، ومن يعلم كل شئ، ومن هو بكل شئ محيط، ومن هو بكل شئ عليم، ومن بيده خزائن كل شئ، وهو على كل شئ قدير، وعلى على كل شئ حفيظ، وهو على كل شئ وكيل…؟

    وتبقى مسألة: وهي إن هذا الكتاب العجيب الذي أتى به الرجل الأمي صلى الله عليه وسلم الله عليه وسلم ..ظل أعداؤه أربعة عشر قرنا يحاولون أن يثيروا حوله الشبهات، واستعانوا بمتخصصين في اللغة والنحو والبلاغة وعلم الاجتماع وعلم النفس، حتى يستطيعوا أن يجدوا له أخطاء في كل الأقسام السابقة…فأي كتاب هذا؟ وما زال هذا الكتاب بكامل قوته، وفي صدور كثير من البشر، بل هو أكثر كتاب في العالم حفظ عن ظهر قلب، ونقل آية آية بل حرفا حرفا، بل كل حرف بصفة معينة لو نطقها متعلم له خطأ لما جعله المعلم يتلو الحرف الذي بعده، يعني لو قرأ أحد أمام أحد ممن يعلمون القرآن "الصراط" ولم يفخم الطاء تفخيما كاملا لم يأذن له المعلم الذي يعلمه أن ينطق كلمة "المستقيم التي بعدها" ويظل هذا يقول "الصراط بتفخيم الطاء، ويقول هذا الصراط مع عدم التفخيم الكامل للطاء…فهل سمعتم كتابا مثل هذا …..
    ثم ما هذا الكتاب العجيب الذي يحتاج كل هذا المجهود من أجل معاداته ومحاولة إطفاء نوره، وبث الشبهات فيه…هل سمعتم عن موقع كامل على الإنترنت أو محطة فضائية متخصصة لذم كتاب لأفلاطون أو أرسطو أو ابن النفيس أو غيرهم؟؟؟
    ثم ما هذا الكتاب العجيب الذي يحتاج إلى أن يمسكه بيده رئيس وزراء بريطانيا العظمى عندما كانت بريطانيا أعظم إمبراطورية في العالم، والإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس، وهو غلادستون، ليقول:"ما دام هذا الكتاب في أيدي المسلمين فلن نهزمهم أبدا"؟؟
    أيحتاج رئيس الوزراء لمثل هذا الكلام مع كتاب يزعم أن من ألفه بشر وأمي؟؟
    ثم ما هذا الكتاب الذي جاء به أمي لا يقرأ ولا يكتب، فيكون مصدرا للتشريع في الفقه والعبادات والمعاملات والطلاق والنكاح، ويؤلف منه مئات الكتب في التفسير والفقه والإيمانيات والتاريخ والقصص والغيبيات والأخلاق…بل والبعض يستشفي بآياته…وأكثر من هذا البعض يستخرج منه معاني علمية حديثة، ومعاني فلسفية ومعاني تربوية بل ومعاني خاصة بعلم الصحافة، ,وغيره من العلوم…
    إن هذا لكتاب عجيب حقا….وأعجب من هذا من يقول إن الذي ألفه بشر …

    تعليق

    • mohamadamin
      حارس

      • 11 نوف, 2009
      • 37
      • متقاعد
      • مسلم

      #3
      كون النبي - صلى الله عليه وسلم - أميا

      وليد بن عبدالعظيم آل سنو

      تقرير مبدئي: ﴿ اللهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ ﴾ [الأنعام: 124]، والله أعلم بِمَن يستحقُّ أن يَرفع له ذِكْرَه، وجعل الرِّسالة ورَفْع الذِّكر كلاهما هبةً من الله ومَحْض فضل، فحين يمنحهما ربُّ العزة لرجل أمِّي، فهو - سبحانه وتعالى - يعلم يقينًا أنَّه جدير بتلك العطيَّة؛ لأنه مما تقرَّر شرعًا أنَّ التكليف ينقض الظَّهر، ويقلق الضمير، ولذلك كان الضَّمير في عالَم الوثنية لا قيمة له، والعالم الجاهلي يُناقض بقاء نقاء الفطرة التي هي أصل الخِلْقة، وأصل الخلقة معناه عدم اختزال أيِّ معارف وإدراكاتٍ سابقة، والمعارف مَنُوطة بالعقل، وعموم العقل البشريِّ مُحال عليه ألاَّ تشوبه شائبة من شوائب التلوُّث الثقافي، ناهيك عن بعض (الهرطقات) الدِّينية، وأن أي إنسان مثقَّف صاحب دين - بعيدًا عن المثقف المنحرف، أو صاحب الدِّين الملتوي - هو شبيه بالنَّحلة؛ يلتقط من الزُّهور أطيبها وأخبثَها، أحسنها وأردَأها، بل وأحيانًا تمتصُّ النحلة زهرةً مليئة بالسُّموم والأدواء، ثم تُخْرج - بعد عملية تصنيعٍ هائلة - ذلك العسلَ المصفَّى، ولذلك كان لا بدَّ للمثقف من أن يتقوَّل من عند نفسه لإخراج ما يتضمَّنه عقله من معارف وثقافات ومُدْرَكات، وإلاَّ مات حسرة وكَمدًا، أو طغى عليه إحساسٌ مرير بالدُّونية، وشعورٌ قاسٍ بأنه لا قيمة له؛ إذْ هو مجرَّد ناقل، حتَّى ولو كان ينقل عن الله؛ كالذي ﴿ آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ ﴾ [الأعراف: 175]؛ لأن نزعة التقوُّل بداخله تتأرجح وتتدافع، بل وتتألَّم، تريد أن تخرج لترى النُّور، وهذا مُشاهَد، وله في واقع الشَّرْع أمثلة كثيرة[1]، ولذلك كان الرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - لا يحمل أيَّ علل حضاريَّة سابقة، أو أي موروثٍ ثقافي قديم يجعله دائمًا في حالة من الحنين إلى النَّهل من هذه الموروثات، ورغم ذلك قال الله: ﴿ وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ ﴾ [الحاقة: 44]، وهذا مِن أعجب ما يكون؛ لأنَّ الذي خلَقَه يعلم أنَّه - صلَّى الله عليه وسلَّم - لا يختزل أيَّ [عقائد وإدراكات] سابقة، وبناءً عليه فإنه لن يتقوَّل، ومِن أين يأتي ذلك التقوُّل، ونفْسُه لا تنازعه إخراجَ أيِّ اختزال؟ ثم لا بدَّ أن نربط عدمَ التقوُّل بقوله - جلَّ شأنه -: ﴿ وَوَجَدَكَ ضَالاًّ فَهَدَى ﴾ [الضحى: 7][2]، ومِمَّا هو معلوم أن التقوُّل نتاج عقلي، فكانت الآية المقابِلةُ لهذا التقرير هي قول الله لنبيِّه: ﴿ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ ﴾ [الأحقاف: 8]، وتلك حقيقة غاية في الرَّوعة؛ لأنه - صلَّى الله عليه وسلَّم - رضي بأن يكون مبلِّغًا عن ربِّ العزة، دون أن تتَنازعه أيُّ ثقافات خارجيَّة - مع مُلاحظة أنَّ فكرة عدم التقوُّل لم تَنْبع من ذلك الضَّلال؛ لأنه رُبَّما بعد الهُدى يَحْدث التقوُّل، ولم تنبع كذلك من كونه أميًّا، وإنما لم تنبع داخله لكونها سرَّ القدر في خَلْقِه - وبذلك لن تؤرِّقه فكرة أنه مجرد ناقلٍ ومبلِّغ، وهذا يدفعنا إلى أن نطرح سؤالاً هامًّا: ما جزاء مخالفة التبليغ؟ وما النَّتيجة المترتِّبة عليه؟ أولاً: قال الله تعالى: ﴿ لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ * ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ * فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ ﴾ [الحاقة: 45 - 47]، "ومفاد هذا القول من الناحية التقريريَّة: أن محمدًا - صلَّى الله عليه وسلَّم - صادقٌ فيما أبلغهم، وأنه لو تقوَّل بعض الأقاويل التي لم يُوحَ بها إليه، لأخذه الله، فقتَله على هذا النحو الذي وصفَتْه الآيات، ولما كان هذا لم يقع فهو لا بُدَّ صادق؛ هذه هي القضية من الناحية التقريرية. ولكن المشهد المتحرك الذي ورَد فيه هذا التقرير شيءٌ آخر، يُلقي ظلالاً بعيدة وراء المعنى التقريري، ظلالاً فيها رهبة وفيها هول، كما أنَّ فيها حركةً وفيها حياة، ووراءها إيحاءات وإيماءات وإيقاعات! فيها حركة الأخذ باليمين، وقَطْع الوتين، وهي حركة عنيفة هائلة مروِّعة، حيَّة في الوقت ذاته، ووراءها الإيحاء بقدرة الله العظيمة، وعَجْزِ المخلوق البشري أمامها وضَعْفه؛ البشر أجمعين، كما أنَّ وراءها الإيماءَ إلى جدِّية هذا الأمر، التي لا تحتمل تسامحًا ولا مجاملة لأحد؛ كائنًا من كان، ولو كان هو محمَّدًا الكريم عند الله، الأثير الحبيب"[3]. ثانيًا: ﴿ فَلَا تَمْلِكُونَ لِي مِنَ اللَّهِ شَيْئًا ﴾ [الأحقاف: 8]؛ لأن هذا الأمر الرهيب لا تَسامُح فيه ولا هوادة ولا لين. لذا كان النبِيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - أميًّا لا يحمل أيَّ مؤثرات ثقافيَّة أو خلفيات دينيَّة أرضية؛ لأن هذا الأمِّي نفسه هو "الذي يَحْمل ذاكرة الزَّمن، ووعي الماضي، وواقع الحاضر، ومنطق المستقبل"[4]، إنَّها قضية جديرةٌ بالمناقشة؛ ولذلك كان الحوار الأول - الذي دار بين أمين وحي السماء وأمين وحي الأرض - يُناقش تلك المسألة: اقرأ؟! ((ما أنا بقارئ))! هذا الحوار الفريد الذي يستهلُّ - بالنسبة لهذا العالم - العهد القرآني[5]، يوضِّح لنا حقيقة يعرفها محمَّد - صلَّى الله عليه وسلَّم - عن نفسه؛ ولذلك بدأها بقوله: ((ما أنا بقارئ))[6]، وهي ليست نفيًا للقراءة حال كونه يعرف القراءة ويُجيد الكتابة، ولكنه قصد أنه ممن لا يجيدون ولا يحسنون القراءة "فإجابته سلبيَّة خاشعة، ولكنها قاطعة"[7]، نابعة من كونه - صلَّى الله عليه وسلَّم - يعرف من نفسه أنه أُمِّي؛ فهو يؤمَر بالقراءة، ولكنه - صلَّى الله عليه وسلَّم - "لا يتخيَّل نفسه قارئًا، وهو لهذا قد اضطرب وأجفل... لأن أمر الأمِّي بالقراءة سيُحْدِث خروجًا عن المألوف، يَبْدو لأوَّل وهلة غير معقول"[8]. وكونه - صلَّى الله عليه وسلَّم - أميًّا لا يقرأ، ولا يكتب، من أعظم المُهيِّئات والدلائل على صدق نبوَّته؛ فهو - صلَّى الله عليه وسلَّم - الذي لم يقرأ كتابًا، ولم يكتب سطرًا، ولم يقل شعرًا، ولم يرتجل نثرًا، الناشئ في تلك الأمَّة الأمِّية - يأتي بأعظم دعوة، وبشريعة سماويَّة عادلة، تستأصل الفوضى الاجتماعيَّة، وتكفل لِمُعتنقيها السَّعادة الإنسانية الأبدية، وتعتقهم من رقِّ العبودية لغير ربِّهم - جلَّ جلاله - وكل ذلك من مهيِّئات النبوة، ومن دلائل صدقها. وإننا نجد لعلماء الكلام أقوالاً عجيبة؛ فمنهم من قال: ها أنا ذا أموت على عقيدةِ أمِّي؛ لأن أمَّه أميَّة لا تعرف القراءة والكتابة؛ يعني بذلك أنَّ فطرتها لم تتغيَّر ولم تتدنس بقِيَم منحرفة. وآخَر يقول: ها أنا أموت على عقيدة عجائز نيسابور، رجعوا إلى عقيدة العجائز؛ لأنها فطرية. وقفة مختصرة:ولنا هنا مع الحديث الذي رواه الإمام مسلمٌ مَلْمح خاطف، وفيه: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - لعليٍّ في صلح الحديبية: ((اكتُب الشَّرط بيننا: بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما قاضى عليه محمدٌ رسول الله))، فقال له المشركون: لو نعلم أنَّك رسول الله تابعناك، ولكن اكتب: "محمد بن عبدالله"، فأمر عليًّا أن يَمْحاها، فقال عليٌّ: لا والله، لا أمحاها، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلَّم -: ((أرِني مكانها))، فأراه مكانها، فمحاها، وكتب: "ابن عبدالله"[9]. فالثابت في جميع الأخبار أنه - صلَّى الله عليه وسلَّم - كان أميًّا لا يعرف الكتابة والقراءة قبل نبوته وبعدها. وبعيدًا عن الخلاف الدائر في تلك المسألة؛ نقول: إن الذي نميل إليه ويطمئنُّ له القلب أنَّ هذا من خصائصه - صلَّى الله عليه وسلَّم - ومن معجزاته؛ فإن الجاهل من الممكن أن يكتب وهذا معلومٌ مشاهَد، أما الأمي فلا يكتب مطلقًا، فهذا الحديث فيه دلالة على خرق نواميس العادة، وأنه لا يستحيل على الله شيء. لفظة الأميَّة ومشتقاتها:جاءتْ لفظة الأمية ومُشتقَّاتها في القرآن مرَّاتٍ ستًّا، وهي:قولُه تعالى: ﴿ وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ ﴾ [البقرة: 78]. وقوله تعالى: ﴿ فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ ﴾ [آل عمران: 20]. وقوله تعالى: ﴿ وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لَا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ ﴾ [آل عمران: 75]. وقوله تعالى: ﴿ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [الأعراف: 157]. وقوله تعالى: ﴿ قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ﴾ [الأعراف: 158]. وقوله تعالى: ﴿ هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ﴾ [الجمعة: 2]. والأمِّي: المنسوب إلى أمه، كأنه ما زال في حِجْر أمه لم يفارقه، فلذا هو لم يتعلَّم الكتابة والقراءة، وجائزٌ أن يكون منسوبًا إلى الأمَّة، فيكون بمعنى العامِّي المنسوب إلى العامَّة[10]، فالأميُّ المنسوب إلى الأمَّة الأمية التي هي على أصل ولادتها من أمهاتها، لم تتعلم الكتابة ولا قراءتها[11]؛ لأنَّ الكتابة إنما تكون بالاستفادة والتعلُّم[12]، وهو - صلَّى الله عليه وسلَّم - لم يتلقَّ العلم، ولم يتعلَّم الكتابة، وقوله تعالى: ﴿ وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْأُمِّيِّينَ ﴾ [آل عمران: 20]؛ الأُميُّون سموا بذلك لقلة من يقرأ ويكتب فيهم[13]. وقيل: نسب النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - إلى مكة أُمِّ القرى؛ لأن الكتابة كانت عزيزةً في أهلها.وقيل: للنبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -: أميٌّ؛ لأنه نُسِب إلى أُمِّ العرب؛ أيْ: أصلهم[14]. وقيل: الأمي هو الذي لم يتدنَّس بقِيَم منحرفة[15]؛ لأنه ما زال على أصل الخِلْقة، لذلك كانت الأميَّة صفة لازمة له - صلى الله عليه وسلم - وهي فيه شرَفٌ ونبلٌ وفضلٌ، وفي غيره نقصٌ وجهلٌ وذلَّةٌ، وهو - صلَّى الله عليه وسلَّم - موصوف بها في الكتب السابقة؛ فقد جاء في التَّوراة كما أخرج أحمد والدارميُّ والبخاري - رحمهم الله - واللَّفظ له، عن عطاء بن يسارٍ، قال: لقيتُ عبدالله بن عمرو بن العاص - - قلت: أخبِرْني عن صفة رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - في التوراة، قال: أجَل، والله إنَّه لموصوفٌ في التوراة ببعض صفته في القرآن؛ يا أيُّها النبي إنا أرسلناك شاهدًا ومبشرًا ونذيرًا، وحِرْزًا للأمِّيين[16]. والأميون هم العرَب باتفاق؛ "مَن كان يحسن الكتابة منهم، ومن لا يُحْسنها"[17]، وفي الحديث: ((إنا أمةٌ أميةٌ، لا نكتب ولا نحسب))[18]، وهذا حكم على المَجموع لا على الجميع؛ لأنَّ في العرب مَن كان يكتب؛ مثل كتَبة الوحي؛ الصدِّيق وعُمر وعلي، وغيرهم[19]، وربما سُمُّوا كذلك كما كان اليهود يقولون عن غيرهم من الأمم: إنهم - جوييم - أي: أُمَميون نسبة إلى الأمم؛ بوصفهم شعبَ الله المختار، وغيرهم هم الأمم[20]. والمقصود بالأمِّية في الحديث ليس الوصف، ولكن المقصود هو الاسم، فليس معنى الأمِّية - عدم الكتابة والحساب - هو المأخوذ في اللَّفظ، ولكن المأخوذ في اللفظ الاسميَّة، وبهذا يكون المعنى: نحن أمَّة سميت بالأمية؛ أيْ: لأنَّ غالب أهلها لا يكتبون ولا يحسبون في عدِّ الأهلَّة، ولو كان المراد الوصف لكان مخالفًا للواقع؛ لأنَّ الأمة بِأَسْرها لم تكن أمية - أيْ: كل أفرادها - في عصر من العصور، وهذا واضح لا يحتاج إلى تقرير[21]. وقوله تعالى: ﴿ هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ﴾ [الجمعة: 2] "فكونه - صلَّى الله عليه وسلَّم - أميًّا بمعنى أنه لا يكتب؛ بيَّنَه قولُه تعالى: ﴿ وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ ﴾ [العنكبوت: 48]، وبيَّن تعالى الحكمة في كونه - صلَّى الله عليه وسلَّم - أميًّا مع أنه يتلو عليهم آياته ويزكِّيهم بنفي الرَّيب عنه، كما كانوا يزعمون أنَّ ما جاء به - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ﴿ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ ﴾ [الأحقاف: 17][22]؛ ولذلك لم تكن الرِّسالة في رجل عالِم، متبحِّر في النصرانية أو اليهوديَّة، على علم بما سبَق من أحوال العالَم والناس. وللشيخ "محمد الغزالي" تعليق طريف حول هذه المسألة، يقول فيه: "وأظنُّ أن الله اختار نبيَّه الأخير من الأمِّيين؛ اختصارًا للمتاعب التي تنشأ لو أنَّه اختِير من آباء الكنيسة، فلو كان محمَّدٌ واحدًا من أولئك المحترفين، ثم اصطفَتْه العناية من بينهم ليؤدِّي رسالة الصلاح والإصلاح؛ لقال كاردينال عجوز: أنا أسَنُّ منه، ولقال ثانٍ: أنا أسبق منه في الخدمة، ولقال ثالثٌ: إن كان عالِمًا فليس إداريًّا، وإن كان إداريًّا فليس بعالِم مثلي، ولقال رابع: إنَّه يُخطئ في إقامة الطقوس، ولاتَّهمَه خامس بكذا، وسادسٌ بكيت، ثم يجتمع عليه المتنافرون ليشلُّوا دعوته، وليحبطوا رسالته، وقد كان الله قادرًا على أن يجعل عيسى واحدًا من علماء اليهود، ولكنه ترَك بيئتهم تغلي بأحقادهم، وبتنازعها على الرِّياسات والمطامع، ثم جعل كلامه على لسان طفلٍ يُنطقه الوحي وهو في المهد؛ لعلَّ الكهان الشيوخ يتَّعظون"[23].

      تعليق

      • mohamadamin
        حارس

        • 11 نوف, 2009
        • 37
        • متقاعد
        • مسلم

        #4
        رد: كون النبي - صلى الله عليه وسلم - أميا

        التعريف الجامع للأمية:الأمية معنى له تفسيران؛ تفسير نظري، وتفسير واقعي. والتفسير النظري له جانبان: تفسير لغوي. تفسير اصطلاحي. والتفسير الواقعي له جانبان: جانب خاصٌّ بالرسول خاصة. جانب خاص بأمة رسول الله.وبعد هذا الإطار يبدأ التحديد. التفسير النظري:أولاً: التفسير اللغوي: الأمية نسبة إلى الأمِّ، وهذه النسبة تعني الناحية المعرفيَّة الناشئة عند الابن من خلال علاقته بأمِّه. وتتميَّز هذه المعرفة: بالفطرة، والبساطة، والحسِّية. ثانيًا: التفسير الاصطلاحي: وباعتبار أنَّ هذه الطبيعة المعرفيَّة لا يدخل فيها القراءة والكتابة؛ فإنَّ الإنسان الذي لا يقرأ ولا يكتب يكون أميًّا. وهذا المعنى الاصطلاحي ناشئٌ عن أن القراءة والكتابة هي المرحلة التي يتَجاوز بها الابنُ مرحلة التلقِّي عن الأم. ومن هنا جاء المعنى بأن الأُمِّية هي عدم القراءة والكتابة اصطلاحًا. التفسير الواقعي:أمَّا التفسير الخاصُّ برسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - فالرسول - عليه الصلاة والسلام - باعتبار معجزته ذات الطَّبيعة الحُجِّية العقلية العلميَّة، كان لا بدَّ أن يكون أميًّا لا يقرأ ولا يكتب؛ وذلك لإظهار الإعجاز بصورة كاملة، وبذلك أصبح المعنى الاصطلاحيُّ للأمية ينطبق على رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - فهو النبيُّ الذي منعه الله أيَّ معرفة قبل الوحي. أما تفسير الأمية الخاص بالأمَّة، فله ثلاثة أبعاد:البعد الأول: إطلاق اسم الأمِّية على الأمة؛ باعتبار انتسابها للنبِي الأمي. ولذلك أثبت القرآن خضوع غير العرب من المسلمين لصفة الأمِّية باعتبار الانتساب للأمة الأمية، فقال تعالى: ﴿ وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾ [الجمعة: 3]. روى البخاريُّ قال: حدثني عبدالعزيز بن عبدالله، قال: حدَّثني سليمان بن بلالٍ عن ثورٍ عن أبي الغيث عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: كنا جلوسًا عند النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - فأنزلت عليه سورة الجمعة: ﴿ وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾ [الجمعة: 3]، قال: قلتُ: مَن هم يا رسول الله؟ فلم يراجعه حتَّى سأل ثلاثًا، وفينا سَلْمان الفارسيُّ، وضَع رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - يده على سلمان، ثم قال: ((لو كان الإيمان عند الثُّريا لناله رجالٌ - أو رجلٌ - مِن هؤلاء))[24]. ففي هذا الحديث دليلٌ على أن السُّورة مدنية، وعلى عموم بعثته إلى جميع النَّاس، وأنه فسَّر قوله تعالى: ﴿ وَآخَرِينَ مِنْهُمْ ﴾ بفارس، ولهذا كتب كُتبَه إلى فارس والرُّوم وغيرهم من الأمم يدعوهم إلى الله - عز وجل - وإلى اتِّباع ما جاء به، ولهذا قال مُجاهدٌ وغيرُ واحدٍ في قوله تعالى: ﴿ وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ ﴾ [الجمعة: 3] هم الأعاجم، وكلُّ من صدَّق النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - من غير العرب. قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا إبراهيم بن العلاء الزبيديُّ، حدثنا الوليدُ بن مسلم، حدَّثنا أبو محمد عيسى بن موسى، عن أبي حازم، عن سهل بن سعد الساعديِّ، قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((إنَّ أصلابَ أصلابِ أصلاب رجالٍ ونساء من أمتي يدخلون الجنَّة بغير حساب))، ثم قال: ﴿ وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ ﴾ [الجمعة: 3]؛ يعني بقيَّة من بقي من أمة محمد - صلَّى الله عليه وسلَّم - وقوله تعالى: ﴿ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾ [الجمعة: 3]؛ أيْ: ذو العزة والحكمة في شرعه وقدره. وقوله تعالى: ﴿ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ﴾ [الجمعة: 4]؛ يعني ما أعطاه الله محمدًا - صلَّى الله عليه وسلَّم - من النبوَّة العظيمة وما خصَّ به أمته من بعثته. البعد الثاني: هو عدم وجود أيِّ معرفة حضارية للأمة قبل البعثة، رغم معرفتها الثابتة للقراءة والكتابة. البعد الثالث: هو المعنى الجامع للأمِّية بين الرسول والأمَّة؛ فهو معنى الأمية ومنهج الدَّعوة. فالأمية في منهج الدعوة ليست مستوًى معرفيًّا، ولكنها أسلوبٌ دعوي، فنحن قوم أميُّون باعتبار أسلوب الدعوة الذي نراعي فيه كلَّ المستويات البشرية الثقافية والعلمية؛ ابتداءً من التفهيم بالإشارة. قال الإمام البخاريُّ: حدَّثنا آدم، حدثنا شعبة، حدثنا الأسود بن قيسٍ، حدثنا سعيد بن عمرٍو أنَّه سمع ابنَ عمر - - عن النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - أنه ذكَر رمضان، فضرب بيديه، فقال: ((إنَّا أمةٌ أميةٌ، لا نَكْتب ولا نَحْسب؛ الشهر هكذا، وهكذا))؛ يعني: مرةً تسعةً وعشرين، ومرةً ثلاثين". وفي رواية مسلم: ثُمَّ عقد إبهامه في الثالثة، ((فصوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته، فإن أُغْمي عليكم فاقدروا له ثلاثين))، ومعنى ذلك أنَّ "الحد النِّهائي للبساطة هو مفهوم الأميَّة، والأمية تعني التسليم بحقائق هذا الدِّين بغير مُسلَّمات فكرية سابقة، وعندئذٍ يَخلو المتلقِّي من الخلط بين وحي السماء والثقافات الخاصَّة"[25]. وهذا الحدُّ يمثِّل الحد الأدنى للعقول التي نتعامل معها في دعوتنا، وهي نقل الرِّسالة كما هي باعتبارها فطرة، فلزم عند الأميِّين أن تكونَ طبيعة التلقِّي لهذا الدين من طبيعة الدين، وأن تكون طبيعة اعتناقه من طبيعة تلقِّيه، وأن تكون طبيعة الدَّعوة إليه من طبيعة اعتناقه، وهكذا"[26]؛ ولذلك كان من أهمِّ أمثلة التَّعالي الجاهليِّ بالثقافة المقابلة للأمية، كانت الثقافة اليونانيَّة والرُّومانية، وكانت هذه الثقافة هي بِذاتِها مادَّةَ اختلاط حقائق الدِّين المسيحي المُنَزَّلة من عند الله[27]. وقيل: إنَّ المعنى الصحيح الذي لا يصحُّ غيره: أنَّ معنى الأمية هنا أي: الرائدة القائدة، من الأمِّ بمعنى الرَّأس والمقدمة، ومنه أمُّ الكتاب، وأمُّ الشيء: أصْلُه، ولذلك نسب الجاهل بالكتابة والقراءة إلى أمِّه؛ أي: لأنه وُلِد منها، ولم يتعلَّم، ولكن الأمية هنا بمعنى الأمَّة الرئيسة القائدة، مثل قوله تعالى: ﴿ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ ﴾ [الأعراف: 157]؛ أي: القائد المقدَّم الرئيس، والأمَّة: القدوة يؤتَمُّ به، وبهذا المعنى يتواءم الافتخار المفهوم من سياق الحديث مع المعنى المذكور[28]، فالله سبحانه ﴿ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ ﴾ [الأنعام: 124]، وكان من مستلزمات حامل الرِّسالة أن يكون على خلُق عظيم، والسؤال: لماذا كان حامل الرِّسالة على خلقٍ عظيم؟ ولماذا لم يَقُل: على خلق كريم وهو الأَوْلى؟

        [1] منها: اليهود، والرَّجل الذي كان يكتب الوحي لرسول الله ثم تنصَّر، وأهل اليونان، وأهل فارس (الشِّيعة)، ومعظم الحضارات التي لم تلتَصِق بديانة، أو التصقت بديانةٍ محرَّفة.
        [2] والذي نميل إليه في تفسير كلمة الضالِّ أنَّها بمعنى المُحبِّ؛ أي: وجدَك الله مُحبًّا للهداية، فأرشدك إليها.
        [3] "في ظلال القرآن"، 6 / 3689.
        [4] مقدمة كتاب: "مَن هو محمد - صلَّى الله عليه وسلَّم"؟، محمد متولي الشعراوي، طبعة دار أخبار اليوم، ص9.
        [5] "الظاهرة القرآنيَّة"، مالك بن نبي، ص 234.
        [6] جزء من حديث صحيح أخرجه البخاري، باب بدء الوحي، رقم 3.
        [7] "الظاهرة القرآنية"، ص 236.
        [8] السابق، ص 235 - 237.
        [9] رواه مسلمٌ 1783، والنَّسائي في "الكبرى"، وابن أبى شيبة، باب غزوة الحديبية.
        [10] "أيسر التفاسير"، 1/ 51.
        [11] "الجامع لأحكام القرآن" 2/ 9، و"فَتْح القدير"، 1/ 219.
        [12] "في ظلال القرآن"، 6/ 3564.
        [13] "أيسر التفاسير" 1/ 197.
        [14] "الجامع" 7/ 284، وانظر: "المحيط في اللغة".
        [15] مقدمة كتاب "من هو محمد - صلى الله عليه وسلم"، ص 9.
        [16] من حديث عبدالله بن عمرو بن العاص؛ البخاري في التفسير، والدَّارمي في المقدمة و"المسند"، 3/ 174.
        [17] "فتح القدير"، للشوكاني، 5/ 299.
        [18] متفق عليه، وأخرجه أبو داود 2319، والنسائي 2319، وابن ماجه 1657، والطيالسيُّ 1905، وابن أبي شيبة، وأحمد في "مسنده" 1594، 5017، وفي روايةٍ أخرى للبخاري" قال النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((الشَّهر هكذا وهكذا))، وخنس الإبْهَامَ في الثالثة.
        [19] "تتمة أضواء البيان"، 8/ 123.
        [20] "في ظلال القرآن" 6/ 3564.
        [21] أرشيف ملتقى أهل الحديث (4) 1/ 3874، 1/ 3882، المكتبة الشاملة، الإصدار الثاني.
        [22] "تتمة أضواء البيان" 8/ 124.
        [23] "جدد حياتك"، محمد الغزالي، ص 142 - 143.
        [24] متفق عليه، وأخرجه الترمذيُّ (5/ 384، رقم 3261)، والنسائي 8278، وأحمد في "مُسنَدِه" 9406.
        [25] "التصوُّر السياسي للحركة الإسلامية"، رفاعي سرور، ص 68.
        [26] "في النفس والدعوة"، رفاعي سرور، ص 284 - 287 .
        [27] "التصور السياسي"، ص 68.
        [28] أرشيف ملتقى أهل الحديث (4) 1/ 3873، 1/ 3881.

        تعليق

        • mohamadamin
          حارس

          • 11 نوف, 2009
          • 37
          • متقاعد
          • مسلم

          #5
          الرسول صلى الله عليه وسلم كان أميًا لا يقرأولا يكتب

          فتح الباري لابن حجر (7 / 503) ) في التعليق على كتابة صلح الحديبية)
          في الحديث:اكْتُبْ هَذَا مَا صَالَحَ عَلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ قَوْلُهُ ثُمَّ قَالَ لِعَلِيٍّ امْحُ رَسُولَ اللَّهِ أَيِ امْحُ هَذِهِ الْكَلِمَةَ الْمَكْتُوبَةَ مِنَ الْكِتَابِ فَقَالَ لَا وَاللَّهِ لَا أَمْحُوكَ أَبَدًا وَلِلنَّسَائِيِّ مِنْ طَرِيقِ عَلْقَمَةَ بْنِ قِيسٍ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ كُنْتُ كَاتِبَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ فَكَتَبْتُ هَذَا مَا صَالَحَ عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ فَقَالَ سُهَيْلٌ لَوْ عَلِمْنَا أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ مَا قَاتَلْنَاهُ امْحُهَا فَقُلْتُ هُوَ وَاللَّهِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنْ رَغِمَ أَنْفُكَ لَا وَاللَّهِ لَا أَمْحُوهَا وَكَأَنَّ عَلِيًّا فَهِمَ أَنَّ أَمْرَهُ لَهُ بِذَلِكَ لَيْسَ مُتَحَتِّمًا فَلِذَلِكَ امْتَنَعَ مِنِ امْتِثَالِهِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ يُوسُفَ بَعْدُ فَقَالَ لِعَلِيٍّ امْحُ رَسُولُ اللَّهِ فَقَالَ لَا وَاللَّهِ لَا أَمْحَاهُ أَبَدًا قَالَ فَأَرَنِيهِ فَأَرَاهُ إِيَّاهُ فَمَحَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ وَنَحْوُهُ فِي رِوَايَةِ زَكَرِيَّا عِنْدَ مُسْلِمٍ وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ عِنْدَ النَّسَائِيِّ وَزَادَ وَقَالَ أَمَا إِنَّ لَكَ مِثْلَهَا وَسَتَأْتِيهَا وَأَنْتَ مُضْطَرٌّ يُشِيرُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى مَا وَقَعَ لِعَلِيٍّ يَوْمَ الْحَكَمَيْنِ فَكَانَ كَذَلِكَ قَوْلُهُ فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْكِتَابَ وَلَيْسَ يُحْسِنُ يَكْتُبُ فَكَتَبَ هَذَا مَا قَاضَى عَلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ تَقَدَّمَ هَذَا الْحَدِيثُ فِي الصُّلْحِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مُوسَى بِهَذَا الْإِسْنَادِ وَلَيْسَتْ فِيهِ هَذِهِ اللَّفْظَةُ لَيْسَ يُحْسِنُ يَكْتُبُ وَلِهَذَا أَنْكَرَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ عَلَى أَبِي مَسْعُودٍ نِسْبَتَهَا إِلَى تَخْرِيجِ الْبُخَارِيِّ وَقَالَ لَيْسَ فِي الْبُخَارِيِّ هَذِهِ اللَّفْظَةُ وَلَا فِي مُسْلِمٍ وَهُوَ كَمَا قَالَ عَنْ مُسْلِمٍ فَإِنَّهُ أَخْرَجَهُ مِنْ طَرِيقِ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ بِلَفْظِ فَأَرَاهُ مَكَانَهَا فَمَحَاهَا وَكتب بن عَبْدِ اللَّهِ انْتَهَى وَقَدْ عَرَفْتُ ثُبُوتَهَا فِي الْبُخَارِيِّ فِي مَظِنَّةِ الْحَدِيثِ وَكَذَلِكَ أَخْرَجَهَا النَّسَائِيُّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مُوسَى مِثْلَ مَا هُنَا سَوَاءً وَكَذَا أَخْرَجَهَا أَحْمَدُ عَنْ حُجَيْنِ بْنِ الْمَثْنَى عَنْ إِسْرَائِيلَ وَلَفْظُهُ فَأَخَذَ الْكِتَابَ وَلَيْسَ يُحْسِنُ أَنْ يَكْتُبَ فَكَتَبَ مَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا مَا قَاضَى عَلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَقَدْ تَمَسَّكَ بِظَاهِرِ هَذِهِ الرِّوَايَةِ أَبُو الْوَلِيدِ الْبَاجِيُّ فَادَّعَى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَتَبَ بِيَدِهِ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ يُحْسِنُ يَكْتُبُ فَشَنَّعَ عَلَيْهِ عُلَمَاءُ الْأَنْدَلُسِ فِي زَمَانِهِ وَرَمَوْهُ بِالزَّنْدَقَةِ وَأَنَّ الَّذِي قَالَه مُخَالف الْقُرْآنَ حَتَّى قَالَ قَائِلُهُمْ بَرِئْتُ مِمَّنْ شَرَى دُنْيَا بِآخِرَةٍ وَقَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَدْ كَتَبَا فَجَمَعَهُمُ الْأَمِيرُ فَاسْتَظْهَرَ الْبَاجِيُّ عَلَيْهِمْ بِمَا لَدَيْهِ مِنَ الْمَعْرِفَةِ وَقَالَ لِلْأَمِيرِ هَذَا لَا يُنَافِي الْقُرْآنَ بَلْ يُؤْخَذُ مِنْ مَفْهُومِ الْقُرْآنِ لِأَنَّهُ قَيَّدَ النَّفْيَ بِمَا قَبْلَ وُرُودِ الْقُرْآنِ فَقَالَ وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تخطه بيمينك وَبَعْدَ أَنْ تَحَقَّقَتْ أُمِّيَّتُهُ وَتَقَرَّرَتْ بِذَلِكَ مُعْجِزَتُهُ وَأُمِنَ الِارْتِيَابَ فِي ذَلِكَ لَا مَانِعَ مِنْ أَنْ يَعْرِفَ الْكِتَابَةَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ تَعْلِيم فَتكون معْجزَة أُخْرَى وَذكر بن دِحْيَةَ أَنَّ جَمَاعَةً مِنَ الْعُلَمَاءِ وَافَقُوا الْبَاجِيَّ فِي ذَلِكَ مِنْهُمْ شَيْخُهُ أَبُو ذَرٍّ الْهَرَوِيُّ وَأَبُو الْفَتْحِ النَّيْسَابُورِيُّ وَآخَرُونَ مِنْ عُلَمَاءِ إِفْرِيقِيَةَ وَغَيرهَا وَاحْتج بَعضهم لذَلِك بِمَا أخرجه بن أبي شَيْبَةَ وَعُمَرُ بْنُ شَبَّةَ مِنْ طَرِيقِ مُجَاهِدٍ عَنْ عَوْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ مَا مَاتَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى كَتَبَ وَقَرَأَ قَالَ مُجَاهِدٌ فَذَكَرْتُهُ لِلشَّعْبِيِّ فَقَالَ صَدَقَ قَدْ سَمِعْتُ مَنْ يَذْكُرُ ذَلِكَ وَمِنْ طَرِيقِ يُونُسَ بْنِ مَيْسَرَةَ عَلَى أَبِي كَبْشَةَ السَّلُولِيِّ عَنْ سَهْلِ بْنِ الْحَنْظَلِيَّةِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ مُعَاوِيَةَ أَنْ يَكْتُبَ لِلْأَقْرَعِ وَعُيَيْنَةَ فَقَالَ عُيَيْنَةُ أَتَرَانِي أَذْهَبُ بِصَحِيفَةِ الْمُتَلَمِّسِ فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّحِيفَةَ فَنَظَرَ فِيهَا فَقَالَ قَدْ كَتَبَ لَكَ بِمَا أُمِرَ لَكَ قَالَ يُونُسُ فَنَرَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كتب بعد مَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ قَالَ عِيَاضٌ وَرَدَتْ آثَارٌ تَدُلُّ عَلَى مَعْرِفَةِ حُرُوفِ الْخَطِّ وَحُسْنِ تَصْوِيرِهَا كَقَوْلِهِ لِكَاتِبِهِ ضَعِ الْقَلَمَ عَلَى أُذُنِكَ فَإِنَّهُ أَذْكَرُ لَكَ وَقَوْلِهِ لِمُعَاوِيَةَ أَلْقِ الدَّوَاةَ وَحَرِّفِ الْقَلَمَ وَأَقِمِ الْبَاءَ وَفَرِّقِ السِّينَ وَلَا تَعْوِرِ الْمِيمَ وَقَوْلُهُ لَا تَمُدَّ بِسْمِ اللَّهِ قَالَ وَهَذَا وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ أَنَّهُ كَتَبَ فَلَا يَبْعُدُ أَنْ يُرْزَقَ عِلْمَ وَضْعِ الْكِتَابَةِ فَإِنَّهُ أُوتِيَ عِلْمَ كُلِّ شَيْءٍ.
          وَأَجَابَ الْجُمْهُورُ بِضَعْفِ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ وَعَنْ قِصَّةِ الْحُدَيْبِيَةِ بِأَنَّ الْقِصَّةَ وَاحِدَةٌ وَالْكَاتِبُ فِيهَا عَلِيٌّ وَقَدْ صَرَّحَ فِي حَدِيثِ الْمِسْوَرِ بِأَنَّ عَلِيًّا هُوَ الَّذِي كَتَبَ فَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّ النُّكْتَةَ فِي قَوْلِهِ فَأَخَذَ الْكِتَابَ وَلَيْسَ يُحْسِنُ يَكْتُبُ لِبَيَانِ أَنَّ قَوْلَهُ أَرِنِي إِيَّاهَا أَنَّهُ مَا احْتَاجَ إِلَى أَنْ يُرِيَهُ مَوْضِعَ الْكَلِمَةِ الَّتِي امْتَنَعَ عَلِيٌّ مِنْ مَحْوِهَا إِلَّا لِكَوْنِهِ كَانَ لَا يُحْسِنُ الْكِتَابَةَ وَعَلَى أَنَّ قَوْلَهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَكَتَبَ فِيهِ حَذْفٌ تَقْدِيرُهُ فَمَحَاهَا فَأَعَادَهَا لِعَلِيٍّ فَكَتَبَ وَبِهَذَا جَزَمَ بن التِّينِ وَأَطْلَقَ كَتَبَ بِمَعْنَى أَمَرَ بِالْكِتَابَةِ وَهُوَ كَثِيرٌ كَقَوْلِهِ كَتَبَ إِلَى قَيْصَرَ وَكَتَبَ إِلَى كِسْرَى وَعَلَى تَقْدِيرِ حَمْلِهِ عَلَى ظَاهِرِهِ فَلَا يَلْزَمُ مِنْ كِتَابَةِ اسْمِهِ الشَّرِيفِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ وَهُوَ لَا يُحْسِنُ الْكِتَابَةَ أَنْ يَصِيرَ عَالِمًا بِالْكِتَابَةِ وَيَخْرُجُ عَنْ كَوْنِهِ أُمِّيًّا فَإِنَّ كَثِيرًا مِمَّنْ لَا يُحْسِنُ الْكِتَابَةَ يَعْرِفُ تَصَوُّرَ بعض الْكَلِمَات وَيحسن وَضعهَا بِيَدِهِ وَخُصُوصًا الْأَسْمَاءَ وَلَا يَخْرُجُ بِذَلِكَ عَنْ كَوْنِهِ أُمِّيًّا كَكَثِيرٍ مِنَ الْمُلُوكِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ جَرَتْ يَدُهُ بِالْكِتَابَةِ حِينَئِذٍ وَهُوَ لَا يُحْسِنُهَا فَخَرَجَ الْمَكْتُوبُ عَلَى وَفْقِ الْمُرَادِ فَيَكُونَ مُعْجِزَةً أُخْرَى فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ خَاصَّةً وَلَا يَخْرُجُ بِذَلِكَ عَنْ كَوْنِهِ أُمِّيًّا وَبِهَذَا أَجَابَ أَبُو جَعْفَرٍ السِمْنَانِيُّ أَحَدُ أَئِمَّةِ الْأُصُولِ مِنَ الْأَشَاعِرَةِ وَتَبعهُ بن الْجَوْزِيِّ وَتَعَقَّبَ ذَلِكَ السُّهَيْلِيُّ وَغَيْرُهُ بِأَنَّ هَذَا وَإِنْ كَانَ مُمْكِنًا وَيَكُونُ آيَةً أُخْرَى لَكِنَّهُ يُنَاقِضُ كَوْنَهُ أُمِّيًّا لَا يَكْتُبُ وَهِيَ الْآيَةُ الَّتِي قَامَتْ بِهَا الْحُجَّةُ وَأُفْحِمَ الْجَاحِدُ وَانْحَسَمَتِ الشُّبْهَةُ فَلَوْ جَازَ أَنْ يَصِيرَ يَكْتُبُ بَعْدَ ذَلِكَ لَعَادَتِ الشُّبْهَةُ وَقَالَ الْمُعَانِدُ كَانَ يُحْسِنُ يَكْتُبُ لَكِنَّهُ كَانَ يَكْتُمُ ذَلِكَ قَالَ السُّهَيْلِيُّ وَالْمُعْجِزَاتُ يَسْتَحِيلُ أَنْ يَدْفَعَ بَعْضُهَا بَعْضًا وَالْحَقُّ أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ فَكَتَبَ أَيْ أَمَرَ عَلِيًّا أَنْ يَكْتُبَ انْتَهَى وَفِي دَعْوَى أَنَّ كِتَابَةَ اسْمِهِ الشَّرِيفِ فَقَطْ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ تَسْتَلْزِمُ مُنَاقَضَةَ الْمُعْجِزَةِ وَتُثْبِتُ كَوْنَهَ غَيْرَ أُمِّيٍّ نَظَرٌ كَبِيرٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

          تعليق

          مواضيع ذات صلة

          تقليص

          المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
          ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, منذ 4 أسابيع
          ردود 0
          18 مشاهدات
          0 ردود الفعل
          آخر مشاركة *اسلامي عزي*
          بواسطة *اسلامي عزي*
          ابتدأ بواسطة أبو تيميه الحنبلي, 26 ديس, 2024, 04:26 ص
          ردود 0
          15 مشاهدات
          0 ردود الفعل
          آخر مشاركة أبو تيميه الحنبلي
          ابتدأ بواسطة أبو تيميه الحنبلي, 14 ديس, 2024, 10:01 ص
          ردود 0
          27 مشاهدات
          0 ردود الفعل
          آخر مشاركة أبو تيميه الحنبلي
          ابتدأ بواسطة أبو تيميه الحنبلي, 13 ديس, 2024, 10:29 م
          ردود 0
          25 مشاهدات
          0 ردود الفعل
          آخر مشاركة أبو تيميه الحنبلي
          ابتدأ بواسطة أبو تيميه الحنبلي, 13 ديس, 2024, 10:25 م
          ردود 0
          22 مشاهدات
          0 ردود الفعل
          آخر مشاركة أبو تيميه الحنبلي
          يعمل...