السَّــلامُ عليكم
ليس هنـاك شيء في الوجود أعظم من الدين الحق و ليس هنـاك شيء يستحقّ الإنسان أن يعيش لأجلـه غير الدين، فالدين قضيـة القضايـا و أسهـا و لحمتهـا و عليه مدار الوجود و به يصلح، و من جعلـهُ أمـرا ثاويا في الوجود أو غصنـا في شجرة الوجود فقد تأليكَ عقلهُ و أصابته لوثات الماديين علـى اختـلاف أطيافهم و مشاربهم و وقع في شِبـاك التصورات الإيديولوجية حول الدين، فعندمــا كثرت النظريات الفلسفية و الأنتربولوجية و اكتسحت زوايـا النظر بطونَ الكتب و تحولت العديد من الآراء إلى مسلمـات عبر مدارس التغريب و التبشير تشوَّشَ عقل المتلقي و راحَ يبشر بعـالم مستقل عن الدين أو مهيمن عليه دون أن يغوص في ثنـاياه و يحيط بوظيفته الوجودية، و لعلّ قلــة الحصانـة المنـاعتية لدى البعض و تأثراتهم ببعض التطبيقات الفردية الخاطـئة للدين جعلهم أحيانـا فرائسَ سهلـة لظاهـرة التغريب اللائكي، كمـا أن الفهم الإسقاطي المُستَورد بدوره حول الدين و ابتلاعهم صنوف التأويلات العابرة للقارات أسهم في تهجين و تكوين عقولٍ نمطيـة مصابـة بحساسيات حـادة تجــاه الدين لغـةً و معنـًى، الشيء الذي أنتج تناقضات خطيرة في بنية المجتمع و شرخـا عميقا في العقل الجمـاعي التداولي .
إن مسارات الإدانـة اللائكية للدين سواء تعلق بجانب الطعـن في مصدره الإلهي أو بتحريف مضامينـه يعكس في الواقع شرودا واضحـا عن مـاهية الدين و وظيفته الوجودية، فهؤلاء طمسوا معـالم الدين الحق و حنطوه بتقولات فجعلوه موضوعـا مـائعـا يورث الملل لدى أي قارئ حتـى بدا الدينُ عند البعضِ مسألـةً لا تختلف عن مسائل المعرفـة التراثية و الأكاديمية( العلم، اللغة،الأخـلاق،الفن...)، فبدل اعتبار الدين وجودٌ يحكم تمفصلات الحياة الاجتماعية و السياسية و الاقتصادية و الثقافيـة اعتبروا الوجودَ دينـاً و الدينَ موضوعـا للمعرفة فانقلبت أصول البحث منذ البدايـات الأولــى لتفسير الوجود لتتحول إلى مراهقات فلسفية تتسابق لوضع تصور حول مـاهية الدين .
إن هـذا الانقلاب علـى تصور الدين وجوداً فتحَ المجال واسعـا للكتابات المتعجلــة و أكسبَ الإنسانَ القدرة و الجرأة علـى تجاوز معطيات الدين الحق و أوقعهُ في مطبات الاستلاب العقلي بالشكل الذي يبدو له للعاقل كمـا لو أنه جمجمـةً بلا عقل ! كمـا أن اعتنـاق الوجود دينـاً ألـغـى في ذهنيـة اللائكي قدسية الدين و جعـلَ تفكيره مُكبَّــلا بأغـلال نظريات التأويلات و بنـى فيه قيمـاً مطلقة متحررة من كل قيد و زرعَ في مخيالـه مُـوَجِّهـات لائكيـة دائمـة تسهـر علـى التحكم في زوايـا النظر، فالحديث حول مفردات الطبيعـة و الدين بالمفهوم الكهنوتي و "العلمنـة" و العقلانية بالتصور الغربي..ليست إلا صورا تعبيريـة لانفصـال الدين عن الوجود في ذهن اللائكي و ليست الا أشكـالا مختلفة من دين الوجود ، إذ أن سيادة المفاهيم الخاطئة حول رسـالـة الدين الوجودية أنتجت بدورهــا انحلالات و انحرافات في موضوعـات المعرفـة .
إنّ الدينَ وجودٌ، أي بــه تُفهــمُ طبيعـة الحياة و مساراتهـا و به يُعطـى للوجود معنـى صائبـا، و عليه يجب أن تصدر المعايير البشريــة،و من خـلالـه يلتحم المعنـى بالوجود فيكسب وِجهتـه الغائية و وجاهتته المنطقية فيمده بالوسائل، فالله سبحـانه و تعالى وضع تصميمـا دقيقـا للكون و جعل فيهـا كل أسباب المعـاش و أودعَ في الإنسان مدارك الهداية و أرشدهُ إلى حسن النهـاية، و فوق كل ذلك رسم للبشريـة خطـا واضحـا لمنجـاته في الدنيا و الآخرة و ألزمـه الأمـانـة في عنقه إلى يوم القيامـة و حدد له الغاية من خلقه بإحكامٍ و وضوح حتـى إذا زاغَ عقله قامت الأدلة ضده، فكل حركـة يجب أن تدور ضمــن هـذا التوجيه الرباني و كل فعـل محكوم ضمن سنن الخالق جل و علا، كمـا أن الدين ليس شعـائرَ و مظاهـر فقط و إنما أيضا وجدان و تفكير، و فصــلُ العقل التعبدي عن الوجود بــلاءٌ في طريق الأليكــة حتمـاً.
في البدء كـان الدين، و كـانت جميع الحركـات البشريـة تصدر انطلاقـا من التوجيه الديني، فلم يكن هنـاك انفصالا بين الدين و الوجود و لا كـان الشعور مستقلا عن الغايـة الكبرى للوجود، لذلـك لم تكن تُطرحُ عملية إدمـاج الفعـل البشري بالدين أيّ التباس لدى المؤمن كمـا هو الشأن في عـالمنـا المعاصر حيث كثرت المتقابلات و الثنـائيات بين الدين و موضوعـات المعرفة، و لم يتم فصل الدين عن الوجود إلا بعد أن تسلــط العقل المـادي علـى الدين و تمرد علـى مصدريته فأنتج "فزاعـات" معرفية حول الدين باسم المنـاهج العلمية و الأبحاث الأنتروبولوجية، و بعد أن تحول هـذا العقل المتمرد إلى منظومـة لائكية صنمية و مغلقـة ترسم للبشريـة عنـاوين الخلاص من مآزق الوجود صار الحديث عن الدين كمنظور أسطوري و ميتافيزيقي في أدبيات المدارس الوضعية ديدنَ الكتابات المتحللة، و باتَ تنـاول قضيـة الدين لا تتجـاوز بُعدهـا الشعـائري كظاهرة تجلب أنظار الباحثين فانتقلت المعالجات و تدحرجت من التعليلات الوثنية(الفتيشية) إلى التأويلات الأسطورية فالتصورات الميتافيزيقية فالقراءات اللائكية المعاصرة المرنـة .
لمـا قُطِعــت أوصـال الدين إلــى مجزوءات و فُصِـل عن الوجود كـان طبيعيا أن تُفرز قطـائعَ معرفية مستقلة عن الدين، و كـان أمرا طبيعيا أن يصبح الدين نفسه عند الانفصاليين مقطعـا معرفيا يثير الاستهجـان لدى البعض، إذ أن إنزال الدين من مركزيته الوجوديـة و من وظيفته الغائية إلى هـامشية فـارغـة سمحَ لهؤلاء بخلق معالجات مـادية للوجود و سمح بخنق أي تصور قد يعلـي الدين علـى فروع المعرفـة، فالنـاظر في الأدبيات اللائكية المعاصرة عمومـا يدرك ببساطـة سبب تنـامـي ظاهرة تحرير السلط المعرفية الحضارية عن الدين، فالفصل بين الدين من جهـة و بين العلم و الأخلاق و السياسة و العقل و الحرية و الفن...من جهة أخـرى ليست في رأينـا إلا تجليات موضوعية لانفصال الدين عن الوجود و ليست إلا تعبيرات رمزية لإيديولوجية ضاربة في القدم، لذلك يفهم القارئ كيف يحشد الإسلاميون إمكاناتهم المعرفية لإثبات وصل الدين بفروع المعرفـة دون أن يؤثـر ذلك في العقل الانفصالي اللائكي ، إذ أن طبيعـة الاختلافات بين الطرفين لا تعود إلى المعرفة في حد ذاتهـا و إنما في أصول التفكير المرجعــي و بنيات السياقات المتحكمة في ذهنية اللائكي، فاللائكي ينظر بمنظار مصنوع من مسلمات محفوظة و معجونــة و يتحدث عن الدين من خارج الدين و لا يرى فيـه إلا موضوعـا للمعرفة المفصولة عن الوجود.
لقد كـانت نزعـات تشويــه الدين كوجود و إحـلال الوجود دينـا في أدبيات اللائكيين أكبــر خطيئــة تـاريخية حديثـة قلبت معايير الأحكـام و مثلت قطيعـة خطيرة في تغيير معـالم قيم المجتمعـات، الشيء الذي أدى بدوره إلى إرساء منظومـة ظلت تشتغــل علـى قانون فصل الدين عن الوجود ، فالدين الذي كـان يمد البشريــة بمُوجهــات كلية و يحدد لهــا الغـاية الكبرى من الكدح الدنيوي صـارَ عند الانفصاليين بعد هـذا الانقلاب الوجودي مجرد فكرة ابتدعهــا الإنسان ليغطي عجزه في مواجهــة الطبيعـة أو حيلـة ابتكرتهــا البورجوازية و الطبقات الرأسمـالية لتُمَنّــي بها الطبقات المسحوقة بغد أفضل بعد الحياة ، صــارت الأمور مقلوبــة تمـامــا بعدمــا سيطر طاغوت العقــل علــى حقول المعرفــة بالتهجين و التلبيس .
فمــا لــم تُفهــم موضوعـات المعرفــة ضمن مظلـة الدين الحق و تُحلل في إطار الكليات المقاصدية الكبرى للوجود فستظل البشريــة حـائرة و تائهــة تستجدي الخـلاص من متنفســات استرواحــية لعلهــا تُعَــوِض بهــا أزمــة الإيمان الغائرة .
إن مسارات الإدانـة اللائكية للدين سواء تعلق بجانب الطعـن في مصدره الإلهي أو بتحريف مضامينـه يعكس في الواقع شرودا واضحـا عن مـاهية الدين و وظيفته الوجودية، فهؤلاء طمسوا معـالم الدين الحق و حنطوه بتقولات فجعلوه موضوعـا مـائعـا يورث الملل لدى أي قارئ حتـى بدا الدينُ عند البعضِ مسألـةً لا تختلف عن مسائل المعرفـة التراثية و الأكاديمية( العلم، اللغة،الأخـلاق،الفن...)، فبدل اعتبار الدين وجودٌ يحكم تمفصلات الحياة الاجتماعية و السياسية و الاقتصادية و الثقافيـة اعتبروا الوجودَ دينـاً و الدينَ موضوعـا للمعرفة فانقلبت أصول البحث منذ البدايـات الأولــى لتفسير الوجود لتتحول إلى مراهقات فلسفية تتسابق لوضع تصور حول مـاهية الدين .
إن هـذا الانقلاب علـى تصور الدين وجوداً فتحَ المجال واسعـا للكتابات المتعجلــة و أكسبَ الإنسانَ القدرة و الجرأة علـى تجاوز معطيات الدين الحق و أوقعهُ في مطبات الاستلاب العقلي بالشكل الذي يبدو له للعاقل كمـا لو أنه جمجمـةً بلا عقل ! كمـا أن اعتنـاق الوجود دينـاً ألـغـى في ذهنيـة اللائكي قدسية الدين و جعـلَ تفكيره مُكبَّــلا بأغـلال نظريات التأويلات و بنـى فيه قيمـاً مطلقة متحررة من كل قيد و زرعَ في مخيالـه مُـوَجِّهـات لائكيـة دائمـة تسهـر علـى التحكم في زوايـا النظر، فالحديث حول مفردات الطبيعـة و الدين بالمفهوم الكهنوتي و "العلمنـة" و العقلانية بالتصور الغربي..ليست إلا صورا تعبيريـة لانفصـال الدين عن الوجود في ذهن اللائكي و ليست الا أشكـالا مختلفة من دين الوجود ، إذ أن سيادة المفاهيم الخاطئة حول رسـالـة الدين الوجودية أنتجت بدورهــا انحلالات و انحرافات في موضوعـات المعرفـة .
إنّ الدينَ وجودٌ، أي بــه تُفهــمُ طبيعـة الحياة و مساراتهـا و به يُعطـى للوجود معنـى صائبـا، و عليه يجب أن تصدر المعايير البشريــة،و من خـلالـه يلتحم المعنـى بالوجود فيكسب وِجهتـه الغائية و وجاهتته المنطقية فيمده بالوسائل، فالله سبحـانه و تعالى وضع تصميمـا دقيقـا للكون و جعل فيهـا كل أسباب المعـاش و أودعَ في الإنسان مدارك الهداية و أرشدهُ إلى حسن النهـاية، و فوق كل ذلك رسم للبشريـة خطـا واضحـا لمنجـاته في الدنيا و الآخرة و ألزمـه الأمـانـة في عنقه إلى يوم القيامـة و حدد له الغاية من خلقه بإحكامٍ و وضوح حتـى إذا زاغَ عقله قامت الأدلة ضده، فكل حركـة يجب أن تدور ضمــن هـذا التوجيه الرباني و كل فعـل محكوم ضمن سنن الخالق جل و علا، كمـا أن الدين ليس شعـائرَ و مظاهـر فقط و إنما أيضا وجدان و تفكير، و فصــلُ العقل التعبدي عن الوجود بــلاءٌ في طريق الأليكــة حتمـاً.
في البدء كـان الدين، و كـانت جميع الحركـات البشريـة تصدر انطلاقـا من التوجيه الديني، فلم يكن هنـاك انفصالا بين الدين و الوجود و لا كـان الشعور مستقلا عن الغايـة الكبرى للوجود، لذلـك لم تكن تُطرحُ عملية إدمـاج الفعـل البشري بالدين أيّ التباس لدى المؤمن كمـا هو الشأن في عـالمنـا المعاصر حيث كثرت المتقابلات و الثنـائيات بين الدين و موضوعـات المعرفة، و لم يتم فصل الدين عن الوجود إلا بعد أن تسلــط العقل المـادي علـى الدين و تمرد علـى مصدريته فأنتج "فزاعـات" معرفية حول الدين باسم المنـاهج العلمية و الأبحاث الأنتروبولوجية، و بعد أن تحول هـذا العقل المتمرد إلى منظومـة لائكية صنمية و مغلقـة ترسم للبشريـة عنـاوين الخلاص من مآزق الوجود صار الحديث عن الدين كمنظور أسطوري و ميتافيزيقي في أدبيات المدارس الوضعية ديدنَ الكتابات المتحللة، و باتَ تنـاول قضيـة الدين لا تتجـاوز بُعدهـا الشعـائري كظاهرة تجلب أنظار الباحثين فانتقلت المعالجات و تدحرجت من التعليلات الوثنية(الفتيشية) إلى التأويلات الأسطورية فالتصورات الميتافيزيقية فالقراءات اللائكية المعاصرة المرنـة .
لمـا قُطِعــت أوصـال الدين إلــى مجزوءات و فُصِـل عن الوجود كـان طبيعيا أن تُفرز قطـائعَ معرفية مستقلة عن الدين، و كـان أمرا طبيعيا أن يصبح الدين نفسه عند الانفصاليين مقطعـا معرفيا يثير الاستهجـان لدى البعض، إذ أن إنزال الدين من مركزيته الوجوديـة و من وظيفته الغائية إلى هـامشية فـارغـة سمحَ لهؤلاء بخلق معالجات مـادية للوجود و سمح بخنق أي تصور قد يعلـي الدين علـى فروع المعرفـة، فالنـاظر في الأدبيات اللائكية المعاصرة عمومـا يدرك ببساطـة سبب تنـامـي ظاهرة تحرير السلط المعرفية الحضارية عن الدين، فالفصل بين الدين من جهـة و بين العلم و الأخلاق و السياسة و العقل و الحرية و الفن...من جهة أخـرى ليست في رأينـا إلا تجليات موضوعية لانفصال الدين عن الوجود و ليست إلا تعبيرات رمزية لإيديولوجية ضاربة في القدم، لذلك يفهم القارئ كيف يحشد الإسلاميون إمكاناتهم المعرفية لإثبات وصل الدين بفروع المعرفـة دون أن يؤثـر ذلك في العقل الانفصالي اللائكي ، إذ أن طبيعـة الاختلافات بين الطرفين لا تعود إلى المعرفة في حد ذاتهـا و إنما في أصول التفكير المرجعــي و بنيات السياقات المتحكمة في ذهنية اللائكي، فاللائكي ينظر بمنظار مصنوع من مسلمات محفوظة و معجونــة و يتحدث عن الدين من خارج الدين و لا يرى فيـه إلا موضوعـا للمعرفة المفصولة عن الوجود.
لقد كـانت نزعـات تشويــه الدين كوجود و إحـلال الوجود دينـا في أدبيات اللائكيين أكبــر خطيئــة تـاريخية حديثـة قلبت معايير الأحكـام و مثلت قطيعـة خطيرة في تغيير معـالم قيم المجتمعـات، الشيء الذي أدى بدوره إلى إرساء منظومـة ظلت تشتغــل علـى قانون فصل الدين عن الوجود ، فالدين الذي كـان يمد البشريــة بمُوجهــات كلية و يحدد لهــا الغـاية الكبرى من الكدح الدنيوي صـارَ عند الانفصاليين بعد هـذا الانقلاب الوجودي مجرد فكرة ابتدعهــا الإنسان ليغطي عجزه في مواجهــة الطبيعـة أو حيلـة ابتكرتهــا البورجوازية و الطبقات الرأسمـالية لتُمَنّــي بها الطبقات المسحوقة بغد أفضل بعد الحياة ، صــارت الأمور مقلوبــة تمـامــا بعدمــا سيطر طاغوت العقــل علــى حقول المعرفــة بالتهجين و التلبيس .
فمــا لــم تُفهــم موضوعـات المعرفــة ضمن مظلـة الدين الحق و تُحلل في إطار الكليات المقاصدية الكبرى للوجود فستظل البشريــة حـائرة و تائهــة تستجدي الخـلاص من متنفســات استرواحــية لعلهــا تُعَــوِض بهــا أزمــة الإيمان الغائرة .
تعليق