حوار حول كتاب "النزعات المادية في الفلسفة العربية الإسلامية" لحسين مروة

تقليص

عن الكاتب

تقليص

الطلحاوي الإسلام اكتشف المزيد حول الطلحاوي
X
تقليص
يُشاهد هذا الموضوع الآن: 0 (0 أعضاء و 0 زوار)
 
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • الطلحاوي
    2- عضو مشارك

    حارس من حراس العقيدة
    عضو شرف المنتدى
    • 30 مار, 2013
    • 119
    • أستـاذ
    • الإسلام

    حوار حول كتاب "النزعات المادية في الفلسفة العربية الإسلامية" لحسين مروة

    الــسلام عليكم

    حوار حول كتاب النزعـات المادية في الفلسفة العربية الإسلامية لحسين مروة


    في أحد المنتديات وضع ماركسيي/تابع روابــط إلكترونية لكتاب لحسين مروة المعروف بالنزعات المادية في الفلسفة العربية الإسلامية فأحببتُ أن أناقشــه في ما زعمه أنه تحليل موضوعي فــدار الحوار التــالي :

    قلتُ :

    يمثل كتاب حسين مروة أحد الكتب التي تروم إلى قراءة يسارية للإسلام، فهو كتاب يحاول عبثا اصطناع وجود آلية الصراع الطبقي في التاريخ الإسلامي تماشيا مع التحليلات الماركسية التي تضع الصراع الطبقي في مقدمة العوامل المحركة للتاريخ، وهي محاولات استلحاقية تأتي في خضم الهيمنة الإديولوجية لفلسفة النزعة المادية التي سيطرت على الفكر الغربي قرونا من الزمن، فمروة يحاول أن يقرأ التاريخ بناء على تاريخ آخر لا علاقة له بالوحي وتأثيره في التوجيه ولذالك تجده يتعامل مع الشخصيات الإسلامية في الصدر الإسلامي الأول كما لو أنهم أجساد تتحرك من خلال مطالب الخبز فراح يفسر أحداث بناءً على هذا المنهج العليل فانتهى إلى تشويه حقيقة رجال الإسلام الذين ما كانوا ليحيدوا عن مطالب الإسلام في مقتضيات العدل فلم ينتج لنا إلا أشخاص يجرون وراء حطام الدنيا مفصولين عن الهموم الإسلامية التي تحركهم ضد أي حدث.
    ومثل هذا الكتاب مثل كتاب اليمين واليسار في الإسلامي لأحمد عباس صالح ، وكتابات طيب تيزني وفؤاد زكريا وغيرهم ممن يمارسون إسقاطا تاريخيا لتاريخ على تاريخ.

    قــال :
    إن كتاب الدكتور الشهيد "حسين مروة" الموسوم بـ(النزعات المادية في الفلسفة العربية الإسلامية) بجزأيه، يمثل مشروعاً فكرياً وفلسفياً عربياً مهماً، كونه يتطرق إلى أهم مراحل التاريخ العربي الإسلامي، وخاصة الجانب الفكري والفلسفي منه، استناداً إلى المنهج المادي التاريخي، الذي أرسى دعائمه الفيلسوف الألماني الشهير "كارل ماركس". ولا شك بأن استخدام هذا المنهج - الذي يعتبره البعض مستوردا ودخيلا - في معالجة التراث العربي الإسلامي بجرأة وشجاعة، يمثل خطوة مهمة في طريق اقتحام السياج الحديدي الذي يقوم بعض سدنة الدين الجدد بحمايته، ليس خوفا على الدين الإسلامي في حد ذاته، وإنما خوفا على مصالحهم الطبقية...
    صحيح أن كتاب "النزعات" تتخلله بعض المواقف المتسرعة والعجولة من طرف الكاتب، وصحيح أن الكتاب لم ينجح في سد بعض الثغرات أو إيجاد بعض الحلقات المفقودة في تاريخنا السحيق. لكنه استطاع - في المقابل - أن يكسر الاحتكار المفروض على الدين من طرف بعض القوى، وأن يطرح تصورا جديدا وبديلا للتراث، قد نتفق وقد نختلف معه.
    علاوة على ذلك، فإن الدكتور حسين مروة، قد استند في معالجته للتراث على المادة التاريخية الموجودة في المصادر التاريخية المعروفة، ولم يأت بها من بنات أفكاره كما قد يتبادر لذهن البعض. وإذا كان الكاتب يفسر التاريخ الإسلامي على أساس نظرية "الصراع الطبقي" التي تنظر إلى التاريخ البشري كونه تاريخ صراع بين طبقات اجتماعية، فإن أصحاب التفسير المثالي والأسطوري للدين يعتبرون أن القوى الغيبية هي صانعة التاريخ، ولا دخل للعوامل الموضوعية في ذلك.... وبالتالي فإن لكلا التصورين منطلقهما الفلسفي الذي ينطلقان منه، ولا مجال - أبداً - للتوفيق بينهما.... ولكن التاريخ هو الذي يحكم على صحة الأفكار والتصورات، والبقاء للأصلح !

    قلت :

    حقا إن هذا النمط من التفكير المادي المتغرب ليس بجديد علينا في ساحة النقاش، فأصحابه مازالوا عبثا يمارسون علينا أسلوب الأدلجة واستيراد النظم المعلَبة في الفكر والسياسة والتحليل التاريخي، ولذلك فهم لا يشعرون بأي حرج وهم يرددون تحليلات الملاحدة حول التاريخ باعتباره المنهج السليم لقراءته وتحليل تموجاته السياسية والاجتماعية، وأنا لا أستغرب حينما أجد أتباع هذا الملحد المدعو "كارل ماركس" ينسجون على منواله في تفسير التاريخ والواقع كما يؤكد الأستاذ منير شفيق الماركسي السابق في كتابه الشيق (الدولة والثورة ومقاربات مع الرؤية الإسلامية) أن ماركس ومريديه لم تكن عندهم من القدرة العلمية مـا يجعلهم يلموا بالتاريخ من جوانبه المتعددة، فهو كغيره من العاجزين كان يستند إلى نتائج هزيلة من الأنتربولوجيين في دراستهم لبعض المناطق الإفريقية، فعبثا يحاول الملاحدة الماركسيون الاختباء وراء العلمية والتحليل العلمي للتاريخ، فلقد غدا واضحا عند المهتمين بالشأن التاريخي أن لا العامل الطبقي قادرا على تفسير الأحداث التاريخية و لا العامل الإثني وحده قادر على بناء نظريات شاملة حول مسار التطور التاريخي، وقد أوضح الأستاذ منير شفيق ما يكفي من هشاشة المنهج المادي في فهم التطور التاريخي من خلال كشف الأخطاء النظرية التي وقع فيها كل من ماركس ومقلده لينين في (الدولة والثورة).
    لسنا بحاجة نحن المسلمين إن كنا نؤمن بالله ربا وبالرسول نبيا وبالقرآن دستورا لسنا بحاجة لمهاترات الإيديولوجية الماركسية في تصورها للحياة والإنسان والكون كما أننا في غنى عن استيراد هذه المعلبات الإيديولوجية في التحليل التاريخي وقد أوضح نقاده أن ماركس لم يكن إلا إيديولوجيا يصطنع العلمية ويتستر وراء الطبقة العاملة، والتاريخ يبين لنا أن ما من حكم ماركسي قام إلا و الخراب لازمه خراب في الدنيا وفي الآخرة عذاب أليم، إننا لسنا أمة تتغيى الخبز ولا تطلب إلا ما فوق الثرى ولسنا كائنات دوابية لا هم لها إلا الرغيف، نحن أمة قرآنية قبل أن نكون طلاب الدنيا و ليس بمقدورنا أن نعيش كما يعيش عباد البقر وليس بمقدورنا أن نتخلص من همنا في طلب القرب من الله مادمنا عباده، ولسنا مستعدين أن نلغي ديننا في سبيل الطاغوت في حبن أن إنجلز كان يردد "أن الماركسي لا يستطيع إلا ن يكون ملحدا"، إن كنتَ ترى أنت أن طلب الخبز والتراب أهون عليك من طلب وعد الله في الاستخلاف والتمكين فهذا عندنا نحن عين التخلف والانحطاط العقدي والفكري. لقد أبان الشيخ محمد الغزالي في كتابه (الإسلام في وجه الزحف الأحمر) أن الشيوعية أقبح نظام في العالم بالنظر إلى ما أنتجته الماركسية من بؤس في الواقع والمنهج و قد أبانت عليها مستوى الإنحطاط الاقتصادي الذي وصلت إليها الاتحاد السوفياتي سابقا وقد سرد لنا من المعطيات ما يجعلنا نمضي على قناعتنا بأن المسلمين لن تكون لهم نهضة ولا تحرر بغير دينهم، وهذا الأمر ليس ببعيد عنا حيث كان الإسلام المنطلق الأصيل في التحرر وكان المسجد الركن البارز في تحرك الجماهير التواقة إلى الخلاص والأدلة على ما نقول متعددة حملت لواءها في زمننا المعاصر الانتفاضة الفلسطينية المباركة التي انطلقت من المسجد لا من شعار (يا عمال العالم اتحدوا).
    إن النهج الذي اعتمده حسين مروة في تحليل نظمنا التاريخية متهافت ولا يستطيع أن يصمد مع معطيات الواقع الإسلامي، فهو منهج إسقاطي متعسف بعيد كل البعد عن آليات التحليل العلمي ولقد أوضح الفيلسوف طه عبد الرحمان في (تجديد المنهج وتقويم التراث) أن هذه الأدوات التحليلية التي يعتمد عليها الماديون والمتأثرون بالمناهج التفكيكية لم تفضِ إلا إلى نتائج كارثية مزقت أوصال التاريخ الإسلامي وشوهت تلك الشخصيات التي تشربت من معين الوحي الرباني واقتبست من أنوار سيدنا محمد عليه السلام – عفوا سيدي و ليس سيدنا– فأنت على ما يبدوا لا ترض أن يكون النبي عليه السلام قدوة لك- و هذا الأسلوب الإسقاطي على التاريخ إنما جاء نتيجة حالة الهزيمة النفسية لأولئك المثقفين المستلبين الذين وقعوا فريسة الهيمنة الإيديولوجية اليسارية في فترة ما، وبحمد الله فهذه الثقافة تندحر يوما بعد يوم نتيجة الصحوة الإسلامية واليقضة القلبية التي انطلقت مج جيل من المثقفين فأدركوا وهْمَ ما كانوا يسبحون في فلكه، وهكذا وجدنا الدكتور محمد عمارة المفكر الإسلامي البارز المتأثر باليسار سابقا على رغم كتبه التي أصدرها في وقت التأثر بالتوجه الماركسي مثل (الإسلام و الثورة) و (مسلمون ثوار) نجده الآن من أقوى المفكرين دحضا للفكر المتغرب ومن أشد الناس نقدا لأوهام الماركسية اللينينية وهو الذي جاء من أجواء هذا التيار وتعرف على بناءاته النظرية عن قرب، ووجدنا المرحوم عادل حسين الماركسي سابقا قد التمس طريقا للخلاص من أوهام الفكر الإلحادي الماركسي وانقلب من هذا الاعتقاد ليعتنق التصور الإسلامي فصار من المدافعين عنه رحمه الله و جمعني وإياه في جنة الخلد، وهذا ما يغيض المتمركسين فراحوا ينعتوه ب"المثقف السابق" وجردوه من صفة المثقف، أي و الله! ولك أن تقول أيضا هذا عن طارق البشري وخالد محمد خالد و غيرهم...أن مروة حسين لم يستطع البتة أن يفهم العقلية الإسلامية ولم يستطع إلا أن يرى في هذا الشخص أو ذاك إلا الصفة المعبرة عن الصراع الطبقي ولم يستطع أن يفهم أن صحابة رسول الله والتابعين إنما كانوا يتصرفون من دواعي عقدية وأصول إسلامية بعيدة كل البعد عن المنطلق المادي الصرف، وهكذا يمارس نقدا من خارج أملته الضغوطات المعاصرة وحالة الهزيمة الحضارية التي تعيش فيه أمتنا بعد قرون الجبر والعض، حقا لقد أصبت حينما قلتَ أن مروة طرح تصورا جديدا وبديلا للتراث ،ولكنه بديل مرفوض ومنبوذ لم يتأسس من خلال دراسة التراث من التراث وإنما سيطرت عليه الإديولوجيا فأراد أن يصل إلى ما قرره له إلهه ماركس وإنجلز، لم يستطع أن ينتج معرفة تنتمي إلى المجال التداولي كما بينه طه عبد الرحمان ولم يستطع أن يقرأ الأحداث بموضوعية مستقلة تراعي الاعتبارات القبلية والمادية والسياسية والاجتماعية وإنما أرادها تفسيرا دهريا للتاريخ فأفرز لنا شخصيات أساءت إلى التاريخ و الناس .
    إنني أطالبك أن تقدم نماذج من أولئك الذين قلت فيهم أنهم يفسرون التاريخ بناء على التفسير المثالي والأسطوري والذين ينطلقون من القوى الغيبية في تحليل التاريخ، وقل لنا أولا ما الذي تقصده بالقوى الغيبية حتى نناقشك بأسلوب يتناسب معك ومن ثم نمارس حقنا في الرد على هذه المزاعم الهزلية ولنا بقية في النقاش وننتظر جوابك والسلام عليكم - عفوا إلى اللقاء.

    قال :

    عملية النقد هي عملية مفيدة ومثمرة، حينما يكون القارئ متفتحاً وعقلانياً، ويتميز بنوع من المرونة والقابلية على النقد الذاتي كذلك. لكن ما نلاحظه فيما يخص الكاتب هو أنه يُلقي ببعض الألفاظ والمصطلحات التي لا تنتمي إلى مجال النقد العلمي الرصين، بقدر ما هي ألفاظ وظيفتها شحن عاطفة المتلقي والتأثير فيها سلبياً....
    ترى بأن كتاب "النزعات" يشوه التاريخ الإسلامي ويسيء إليه، وخاصة الشخصيات والرموز الإسلامية التاريخية. في حين أنني لا أرى في ذاك الكتاب أي محاولة للإساءة إلى أي شخص كيفما كانت منزلته، وإنما هدف الكاتب هو دراسة التراث العربي الإسلامي في شقه الفكري-الفلسفي، مع إبراز الجوانب الموضوعية التي ساهمت في نشأته.
    وفي المقابل، يمكن القول بأن الإساءة إلى التاريخ والدين الإسلاميين تصدر أساساً عن شيوخ البترودولار، الذين ما فتئوا يحاولون ترويج تأويل لا تاريخي للإسلام، إنه الإسلام كما يتمظهر في مخيلتهم، وليس كما مارسه المسلمون الأوائل.
    وإذا سلمنا مع الكاتب بعدم وجود "الصراع الطبقي" في التاريخ العربي الإسلامي، فكيف يفسر لنا ما يجري حالياً في البلدان العربية الإسلامية من توترات وتناحرات دموية خاصة في العراق المحتلة، وفلسطين، ولبنان... هل نسلم معه بأن الصراع غير موجود أصلا، فندفن رؤوسنا تحت الرمال، أم نعتقد بأن الأمر هو قدر وقضاء من السماء...
    ولا حاجة بنا - كذلك - إلى التذكير بما يجري في المغرب والأقطار العربية الأخرى بين الحركات الإسلامية بمختلف تلاوينهم من صراعات. ألا يعتبر هذا تجليا من تجليات الصراع السياسي والاجتماعي والمذهبي الذي يمتد إلى قرون سحيقة، ويجد تفسيره في الواقع الراهن...
    أود أن أختم كلامي بملاحظة بسيطة حول ما طرحه الكاتب، ويتعلق الأمر بمسألة "الاجترار"، فمن حق الكاتب أن يعبر عن فكره وعن مواقفه بكل حرية، ولكن نسخ الأقوال الإنشائية الطويلة وكأنها (وحي يوحى) فهذا لا يعد عملية حوارية، بل أعده في هذا المقام رغبة في خنق النقاش. إذا كان لديك رأي فعبر عنه بأسلوبك بدون اللجوء إلى قال الله وقال النبي... كي أتمكن من الرد على كلامك، وليس على كلام الله... وتحية حوارية

    قلت :

    قرأت ما كتبه ببالغ الأسى على حاله و حال أمتنا المهيضة ، فالسيد ما زال يعيد علينا قصص الماركسيين في تحليل التاريخ و الواقع أنك لا تملك أية قيمة إضافية تزيدها إلى أساطير آلهة التثليث ( ماركس لينين ستالين ) في بناء الدولة و الحضارة ، و المشكلة في كثير من الماركسيين العزل أنهم لا يستطيعون أن يتحرروا من قبضة ماركس أو لينين فتراهم يسلمون لما يمليه عليهم جدهم الأكبر ماركس بحرفية تامة كما يتلقى المؤمن أوامر ربه بالامتثال و التطبيق ، و هل من يعبد المادة كمن يعبد خالق المادة ! عبثا تحاول أن توهم الآخرين أنك تناقش بعلمية و أمانة ، فكلماتك لا تتجاوز التكرار الممل و الاجترار الساذج لمفاهيم الصراع الطبقي في حين لو كنتَ منصفا مع نفسك لفتحت عينيك على أولئك المفكرين الذين عادوا إلى رشدهم و طرحوا قماماتهم الفلسفية المادية مستسلمين لله خاضعين تائبين بدل العناد الذي يقتل صاحبه و يحيله إلى كتلة بشرية صماء غاية همه الخبز و أثاث الدنيا ، لقد كان المفكر المصري مصطفى محمود أشد الناس تعصبا لتك الفلسفة الدهرية و كان لا يستحي أن يجهر بإلحاده و زندقته مثلما كان يسفه الأديان ، كان يقول : من يعطينا العلوم فيأخذ منا الأديان ، يــا لسخرية القدر الذي حولهم في ما بعد إلى دعاة إسلاميين أدركوا كم هي الماركسية متوحشة في علاقتها بالحياة و الإنسان و الطبيعة ، أدركوا أن أوهام محو الطبقية و سيادة الاشتراكية لا تتجاوز الدعايات الإيديولوجية و قد أكدتها أوضاع تلك البلدان التي اعتنقت الاشتراكية و انخدعت بسرابها الجذاب.
    لقد كان السيد حسين مروة يحاول أن يستنطق التاريخ الإسلامي بناء على الآليات التي وضعها لهم جدهم ماركس و أراد أن يثبت أن تاريخ الحضارة لا يختلف عن التاريخ الآخر في خضوعه لآلية الصراع الطبقي ، أراد أن يثبت ما قرره لهم ماركس و إنجلز في البند الأول من الميثاق الشيوعي من أن التاريخ كل التاريخ عبارة عن صراع طبقي بين المالكين و الخاضعين فتحوّل عنده التاريخ الإسلامي إلـى أجنحة صراع حول من كان يمثل اليمين و بين من كان يمثل الجناح اليساري الطبقة المستغَلَّة ، لماذا لم يستطع حسين مروة أو طيب تيزني أو زكريا فؤاد أن يصلوا إلى التأصيل الحقيقي لقراءة التاريخ ؟ لماذا يلغون في هذا التاريخ أهم ما فيه من القوة الدافعة – الوحي - ، هل كان أبو ذر الغفاري رضي الله عنه رجلا يساريا يصول و يجول دفاعا عن الخبز للطبقة المحرومة ؟ هل أبو ذر الغفاري يمثل الطبقة العاملة في مقابل الطبقة الحاكمة القابضة على وسائل الإنتاج ؟ ما هذا التحليل السخيف لرجال الله على الأرض ؟ ما هذه السطحية في معالجة أبطال الإسلام الذين حرّكهم الإيمان و وازع الدين؟ كيف لهؤلاء الماركسيين أن يتجاهلوا عامل نداء الله لهم و يختزلوا همومهم في تحقيق الاشتراكية ؟ من يريد أن يتحدث عن الموضوعية في كتاب مروة فهو كمن يريد أن يقول بموضوعية كتابات برنارد لويس أو أرنست رينان أو موضوعية جولد زيهر في تعاطيهم مع الإسلام ، لسنا بهذه السذاجة حتى نُستغفل بهذا الشكل الخادع و لسنا بهذه البساطة حتى نجهل خلفيات حسين مروة الإيديولوجية ، فكتابات هؤلاء القوم تفضح نفسها و تعري مقاصدها الحقيقية تماما كما كان كارل ماركس يختبأ وراء " الاشتراكية العلمية " لتحقيق وهم ديكتاتوريا البروليتاريا ، و لقد قام المفكر الإسلامي البارز أنور الجندي رحمه الله بجهد جبار لفضح أولئك المستـلـَبين المقلِّدين الهاربين من الإسلام إلى أوكار الفكر الدهري .
    إنك تقول" وفي المقابل، يمكن القول بأن الإساءة إلى التاريخ والدين الإسلاميين تصدر أساساً عن شيوخ البترودولار، الذين ما فتئوا يحاولون ترويج تأويل لا تاريخي للإسلام، إنه الإسلام كما يتمظهر في مخيلتهم، وليس كما مارسه المسلمون الأوائل " ، أولا لست أنت من يحدد من يستغل الإسلام أو لا يستغل فأنت مُـؤَدلج في الفكر و نظرتك للإسلام ليست هي النظرة كما حددها لنا رسولنا الكريم ، و من ينكر الوحي في صناعة التاريخ ليس بمقدوره أن يتصور عن أي إسلام نتحدث ، و ثانيا من قال أننا نشايع حكام الجبر الذين يروجون لأفكار الجبريين ثم تجدهم ينتهكون حرماته في وضح النهار ، هؤلاء القوم تفضحهم أفعالهم و نحن أشد الناس غيرة على تطبيق الإسلام من الماركسيين الماديين ، و عبثا تحاولون أن تختبئوا وراء العمال و قد أثبت التاريخ المعاصر أن الماركسيين أبعد الناس التصاقا بهذه الطبقة حتى عندما قامت لها دولة ، ثالثا أن تصورك لأولئك المسلمين الأوائل كما هو تصور غيرك من الماديين ليس هو نفسه تصورنا لهم باعتبار أننا نرفع من شأنهم لقرب صحبتهم لرسول الله و ننزههم من التفسيرات اليسارية التي جعلتهم مخلوقات تتحرك بناء على مطلب الخبز ، فتصورنا أرفع من أن نختزلهم في الأبعاد المادية ثم إننا نعتبرهم أنهم كانوا يتصرفون من منطلق ديني أصيل يستنطقون المقاصد الإلهية و يرمون التمكين لهذا الدين فهذا يمثل المبتدأ و المنتهى في حياتهم . إننا لا نقول بالصراع الطبقي بالمفهوم الماركسي و لا نرى للإشتراكية أية رائحة في تحركات الصحابة رضي الله عنهم و إنما نقول أن النوازل و الأحداث المتجددة بعد وفاة النبي عليه السلام كانت تعالج من اعتبارات إسلامية تنطلق من النظر في القرآن الكريم ثم السنة النبوية و إلا اجتهدوا برأيهم مع الإستشارة و لم نعثر على أي دليل يثبت وجود الدوافع المادية في حسم المشاكل عندهم ، و الواقع الذي وجدناه في شخصية أبو ذر الغفاري رضي الله عنه أنه كان يتصرف من خلال النداء الرباني في مسألة الأموال باعتبارها أموال الله و الإنسان مستخلف فيه فاعترض على سياسة معاوية من منطلق الدافع الديني الصرف و كل استدلالاته تنطلق من هذا المعين . إننا لا ننكر أن الدافع المادي كان موجودا و لكنه كان ضمن المطلب الإسلامي الذي يربط بين هذا المطلب و مطلب الإحسان و إسلامنا إسلام لا يتبعض أو يتجزأ فتأخذ ما شئت و ترفض ما شئت ، من يؤمن بدافع البعد المادي في المنظور الإسلامي عليه ألا يجردها من المعطى الديني كما يفعل الماركسيون مع الأشخاص فيشوهونهم و يسيئون إليهم و إلى مطالبهم العادلة ، إن رجال الله حينما يحتجون على الظلم فلأنه مطلب ديني أصيل يرجون بذلك رحمة الله و رضوانه .
    ثم نراك و قد هربت إلى معطيات الواقع الراهن لتأكد وجود الصراع الطبقي ، و هذا تبسيط مخل لتحليل الأزمات الدولية يندرج في إطار الأخطاء النظرية التي وقع فيها ماركس في تحليل النظم الرأسمالية فاستنتج أن لا مفر من قيام الإشتراكية بناء على التناقضات التي تدب و تسري في جسمها ، الرد على هذه الفرية أصبح الآن شائعا عند القاصي و الداني و قد أثبت الأستاذ شفيق منير في ( الدولة و الثورة رد على ماركس و إنجلز و لينين و مقاربات مع الرؤية الإسلامية ) أن التفسير القطبي الأحادي للأزمات لا يقوى على الصمود أمام تعقد العوامل المتداخلة في تشكيل النظم فلتراجعه و لك أن تراجع انتقادات البنيويين حول العامل الأوحد في التطور التاريخي ، و أوهام تبعية البناء الفوقي للبناء السفلي ( تناقضات علاقات الإنتاج مع وسائل الإنتاج ).
    مازلت أنتظر منك جواب حول طلبي السالف ، قلتُ لك هاتِ لنا نماذج من أولئك الذين قلت فيهم أنهم يفسرون التاريخ بناء على التفسير المثالي والأسطوري والذين ينطلقون من القوى الغيبية في تحليل التاريخ، وقل لنا أولا ما الذي تقصده بالقوى الغيبية حتى نناقشك بأسلوب يتناسب معك، لكنك لم تفعل وها أنذا أجدد طلبي حتى نواصل النقاش وندع الكلمة تمضي بحرية، ولا تحاول أن تصادر حريتي في الكلام حينما تطلب مني النقاش بعيدا عن آيات الله فلستَ أنت من يقرر كيف سيكون النقاش وإلا كان علي أن أطالبك أيضا بالكف عن الحديث عن الصراع الطبقي، و هيهات أن تقارن هذا الوهم بآيات بينات تنساب إلى أفئدة الذين آمنوا ( فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض).

    يُــتــبَــــــــــــــع بحول الله...


  • الطلحاوي
    2- عضو مشارك

    حارس من حراس العقيدة
    عضو شرف المنتدى
    • 30 مار, 2013
    • 119
    • أستـاذ
    • الإسلام

    #2
    قال :

    هناك بعض النقاط التي أتفق مع صاحبنا فيها في كون الكاتب يستخدم منهجاً حداثياً في معالجة تاريخنا العربي الإسلامي، وقد نجد في المؤلف بعض الإسقاطات أو بعض الأحكام المتسرعة أو بعض الثغرات المنهجية أو التاريخية. لكن ما لا يمكن أن أتفق معك فيه - أستاذي العزيز - هو أن الكاتب الماركسي حسين مروة، قد أتى بجديد معرفي فيما يخص دراسة التراث العربي الإسلامي، وهذا الجديد يتمثل في الكشف عن القاعدة المادية التي انبثق منها هذا التراث، أي العوامل الاقتصادية والاجتماعية التي لا نجد لها بسطاً في معظم الدراسات التراثية الحديثة. علاوة على ذلك، فقد سلط الكاتب الأضواء على المرحلة "الجاهلية" التي يعتبرها بعض الدارسين مرحلة مظلمة في تاريخ العرب، في حين يعتبرها حسين مروة مرحلة جديرة بالدراسة الدقيقة والمتأنية كونها تحمل كل مظاهر الثقافة والفكر والسياسة العربيين.
    إن الكتاب لا يعالج مسألة (الكفر والإيمان) لأنها ليست مشكليته، وقد صرح في إحدى فصوله بأنه لا يدرس البعد الإيماني للعقائد، فلهذا مجاله الخاص، وإنما هو يقوم بدراسة الأبعاد الاجتماعية التي تعكسها العقائد الإيمانية على أرض الواقع. إن مشكلية (الإيمان والإلحاد) هي إشكالية دينية بامتياز، ولا يصدر عنها إلا فكر أصولي وفقهي، أما كاتبنا فيحمل هموم الوطن العربي الإسلامي، وقد كان منخرطاً في الحزب الشيوعي، وكان مناضلا في صفوف حركة التحرر الوطني. وقد جاء كتابه هذا في سياق البحث عن رؤية جديدة وبديلة لتراثنا بعيدة عن الرؤية الشوفينية والتعصبية، أي رؤية تقوم بوظيفة استحضار أهم القيم المضيئة في تراثنا من أجل توظيفها في الصراع العربي الراهن بين قوى التقدم وقوى التخلف.
    وبخصوص بعض المفكرين الذي تمت الإشارة إليهم في تعقيب "الطلحاوي" أمثال : منير شفيق، ومصطفى محمود. فأنا - فعلا- أشفق على صاحبنا، ولا أحمد له هذا الاختيار، لكوني أرى بأن هذين المفكرين - مع احترامي لهما - من مفكري البترودولار الذي انتقلوا إلى الإسلام النفطي، بعد سقوط جدار برلين، وافتقادهم للمصدر الأساسي لتمويلهم، وتزامن هذا السقوط، مع انفجار آبار النفط في الخليج، والتي شكلت دفعة قوية لبروز حركات الإسلام السياسي في ثوبها السعودي المهجن. فلا بأس إذن من تغيير المواقف والإيديولوجيات، والانتقال من الاشتراكية إلى إسلام بني سعود، من أجل الظفر ببئر نفط لا يغور... وهذا هو حال باقي المفكرين أمثال غارودي و.....إلخ. فلا غرابة إذا سمعنا مستقبلاً أن كلا من شفيق ومصطفى قد صارا من أتباع الفكر الليبرالي، أو الصوفي...
    ((( والراس للي ما يدور كدية !!!)))

    قلت :

    كم شدني الشوق إلى معرفة عقلية الماركسيين الذين يعلنونها جهارا أن لا بديل عن الإشتراكية و التحرر ، و كم أحسب أني سأظفر بشيء جديد عند هؤلاء القوم التبع فإذا بي لا ألاحظ إلا مقتطفات هنا و هناك شعارات بادت في مكان ولادتها فلا نجد إلا صراخا في التراب ، يتحدث السيد عن التجديد في فكر حسين مروة و كأن هذا الأخير قد أحدث تغييرا نوعيا في التحليل التاريخي و لا أحسبه إلا مقلدا في التحليل تماما مثلما قلد عابد الجابري رحمه الله ميشيل فوكو في تحليله للتاريخ و تماما كما يفعل السيد علي حرب في تطبيقه لفلسفة التفكيك على أعمال المفكرين ، هــل بهذا الأسلوب جاز لنا أن نتحدث عن التجديد في كتاب حسين مروة ؟ هذا الأسلوب أراه قــد جنى على الثقافة الأصيلة للتاريخ الإسلامي و مارس عليها شتى صنوف الإسقاطات الاديولوجية حتى غدا تاريخنا تاريخ صراعات بين أقطاب تمثل قوى معينة ، كان الأولى من مروة أن يلتفت إلى الأبعاد التأسيسية و العوامل التي حركت الفرق الإسلامية و أن يتحرى الصدق في تحليل التاريخ بدل التبسيطية الساذجة التي طبعت كتابه ، و ليس العبرة البتة بحجم الكتاب و إنما في مدى إدراك و إمساك الخيوط المربوطة بالأحداث التاريخية ، و ما فعلهُ حسين مروة أن قــزّم البعد الإثني و الاجتماعي و القبلية العصبية و راح يوظف العامل الإقتصادي كطرف وحيد في صناعة التاريخ ، و هذا النمط الأحادي لم يعد الآن يستقطب اهتمام المختص بفن التاريخ و لم يعد عند الانتربولوجين ذو وزن علمي في الدراسة ، و لقد كان الأولى من الماكسيين أن يفسروا لنا كيف ظهر الإسلام في الجاهلية و يوضحوا لنا ما إذا كان ذلك بفعل العامل الاقتصادي أم لا بدل أن يرسلوا الكلام على عواهنه ، إن منطق هذا المنهج الأحادي لم يستطع أن يفهم لماذا حقق المسلمون انتصارات ساحقة رغم قلة إمكاناتهم و قلة عددهم فلم يجدوا أنفسهم إلا إنكار المدد الرباني و إبعاد البعد الغيبي في حسم المعارك ثم تجدهم ينعتون من يأخذ بهذا المنهج الرباني بالغيبيين ، إننا لسنا سُذّجا حتى نسقط الاعتبارات الموضوعية من فكرنا و القرآن نفسه يرشد إلى ذلك و لسنا مُــغفّلين حتى نجهل طبيعة العقلية المادية في تفسير التاريخ ، ففرق واضح بين من يؤمن بموعود الله و يأخذ بالأسباب و يعد عدته بما تيسر من أسباب تحصيل القوة و بين من يسند الأمور إلى عوامل البناء التحتي و يقول لا إله و الحياة مادة. إن الإيمان و الكفر ليسوا ثانويين في التحليل و إنما تمثل عندنا معشر المسلمين الركن و المرتكز في بناء الأفكار و من يسقط من حسابه هذا البعد فلن ينتهي إلا إلى ما انتهى إليه ماركس من أن الدين أفيون الشعوب ، ثم أن المسألة عند حسين مروة لا تتعلق فقط بتغييب البعد الغيبي في التحليل و إنما أيضا في العوامل الأخرى التي يسميها جدكم ماركس بالبنية الفوقية.و يكفي لنا معشر المسلمين أن نعرف انتماء مروة إلى الحزب الشيوعي حتى نعرف طبيعة النتائج المطلوبة إنتاجها من قراءته للتاريخ الإسلامي ، فلقد أصبح هذا المنهج ديدن الشيوعيين العُــزل في التعامل مع القضايا و المنتوجات المعرفية و كل الذين نقرأ لهم من الشيوعيين يمارسون أسلوبا واحدا هو نفسه الذي خـــطَّــهُ لهم جدهم ماركس ، و لقد كان الأستاذ منير شفيق شيوعيا فلسطينيا أنتج كتبا شبيهة إلى هذا النمط من التحليل قبل أن ينقلب عليها عن رضى و اقتناع يا سيد و ليس بسبب هيمنة شيوخ النفط ، فمنير شفيق أكبر من أن تختزله في الأطماع المادية و أكبر من أن يرتشيه أصحاب المال ، و نفس الأمر وقع للدكتور مصطفى محمود حينما تحول إلى الرؤية الإسلامية و قد حكى قصته في كتاب ( رحلتي من الشك إلى الإيمان ) و صنف كتبا في الرد على مزاعم الماركسيين ، و نفس الشيء لعادل حسين و صراعه في مصر مع دعاة اللائكية الشيوعية فأبلى بلاء حسنا في سبيل صد الهيمنة الشيوعية على وسائل الإعلام ، و الغريب أنك تجمع معهم رجاء جارودي سبحان الله فقد أصبح كل التائبين عندك إلى مفكري البترودولار بدل أن تعترف بالتمزق الذي تعرفه النظرة الشيوعية ، كلا أبدا لا أحد يشك في إخلاص هؤلاء القوم في تصديهم للرؤية الدهرية فهم عمالقة الفكر الإسلامي ، و هؤلاء الذين تتحدث عنهم هم كانوا يتصدون لأسلوب حكام الجبر و شيوخ النفط و كانوا في مقدمة الإصلاحيين المنادين لتغيير سياسات الحكم الاستبدادية و واضح أنك لم تقرأ للأستاذ شفيق كتبه و لا لمصطفى محمود و لا لعادل حسين و لا حتى طارق البشري ، فأنت توزع التهم الوهمية دون استنطاق القيمة العلمية لهؤلاء المصلحين ، ثم تعال لننظر من تحول إلى شيوخ النفط ، لا شك أنك تعرف المدعو ابراهيم السرفاتي الشيوعي و انظر في إلى أي صف يتموقع الآن( توفي الآن) ، فبعد أن كان شيوعيا قحا و مناضلا راديكاليا و جدنا ما يفعله المال في تغيير قناعاته ، فمن وَهَــجِ الدعوة إلى الشيوعية و التحرر إلى مكتب المساهمات المعدنية ، و قل لنا ما لنا لا نراه إلا راكعا للمال ، و يمكنك أن تقيس الأمر على بن زكري رحمه الله و غيره من الرفاق...إننا نــرى أن الذي يعتنق الفكر الإسلامي الأصيل لا يمكنه أن يحيــد عن مطالب الإسلامي في تحقيق التمكين و الاستخلاف عكس الشيوعيين الذين يتساقطون كما يتساقط ورق التوت ....

    قال :

    يا أستاذي العزيز، إن الكتاب لم يهمل أبداً العوامل الروحية أو الذاتية في تاريخ الإسلام، ودليل ذلك هو أنه أشار إلى هاته العوامل عند حديثه عن حركة الفتوحات الإسلامية، وقد رد على بعض المستشرقين الذي يرون بأن من عوامل حركة الفتوحات هو البحث عن موارد طبيعية والجري وراء المغانم....ولا بد من الرجوع إلى الكتاب لاستقصاء هذه الطروحات بشكل كاف. وأتفق معك كثيراً في كون الكتاب أغفل العوامل الإثنية والقومية والقبلية، ولم يدرسها بشكل مفصل ودقيق، ربما لأن حزبيته الإيديولوجية لم تساعده على ارتياد هذه الأبعاد، وربما لأن الإنسان كيفما كانت مرتبته العلمية والأكاديمية لا يمكنه الإحاطة بجميع جوانب الموضوع المدروس. لكن ما يحمد لشهيدنا أنه اجتهد وأصاب وأخطأ، ولكل مجتهد نصيب.
    أنتقل إلى ملاحظة أخرى، وهي أنه لا يجب علينا أن نخضع للعبة الأسماء، فنغتر ببعض الأسماء ونشيد بها وكأنها أصنام العهد الجديد. فأنا - حقاً - أقرأ لحسين مروة، ولمجموعة أخرى من الكتاب وبينهم يوسف القرضاوي، ولكنني لا أسلم لهم دائماً بكل ما يطرحونه، بل أقف مع كل فكرة وأقلب النظر فيها جيداً، حتى توصلت في النهاية إلى أنه لا يجب أن نكتفي بما يصرح به الكاتب، وإنما يجب البحث عن المسكوت عنه في كل مؤلف. وهذه القاعدة تنطبق على الجميع. علاوة على ذلك، أنا لم أعد أقرأ الكتب المفهومة جداً جداً، ككتابات "المايسترو" مصطفى محمود السطحية والفجة. بالله عليك هل تفتخر بكتابته وتعتبرها فكراً إسلامياً....أتمنى أن يكون الجواب نفياً. ما كانت مؤلفات أسلافنا العظماء من أمثال الشافعي وغيره، بهذه السطحية والميوعة......بل كانوا أكثر حداثة وعقلانية منا نحن الآن.وأنت تعلم كذلك، بأن "ارتداد" غارودي عن الماركسية إلى الإسلام، هو أيضاً ناتج عن الأزمات التي عانى منها الحزب الشيوعي الفرنسي. وكنا نتمنى أن يكون دخوله إلى الإسلام إضافة نوعية للفكر الإسلامي، فإذا به يعيد اجترار نسخ الإسلام التبجيلي السائد. الذي ينظر إلى الدين كمثال جوهري، وخارج التاريخ، بدل أن يدرسه في علاقته بالتجربة الإنسانية الحية.
    وفيما يخص تجربة الحركة الماركسية المغربية، فقد شهدت تراجعاً كبيراً، وتمزقاُ مهولاً نتيجة مجموعة من العوامل الذاتية والموضوعية، وقد أدى ذلك إلى انخراط مجموعة من أطرها أخيراً في مؤسسات الدولة، بينما ظل البعض في تيارات أخرى متعددة. هذه مسألة طبيعية، ونجدها في جميع الحركات السياسية، وحتى في الإسلام، يوم وفاة محمد، ظهرت على السطح حركات الارتداد الشهيرة. وهذا الأمر لا ينال من الأفكار والإيديولوجيات كيفما كان نوعها....
    قلت :

    القول بأن حسين مروة لم يهمل الاعتبارات الروحية و الذاتية بدليل أنه رد على المستشرقين الذين اتهموا المسلمون بالمطامع المادية إبان الفتوحات يمثل قولا متهافتا لا يستطيع أن يقوى أمام التحليل الخاضع للمادية التاريخية التي نهجها حسين مروة في قراءته للتراث العربي الإسلامي ، و الذي يتضح لنا عبر النظر في مجمل كتابات الشيوعيين أنهم عبثا يحاولون أن يلصقوا العوامل الإثنية و القبلية و الإجتماعية بالتفسيرات المتبعة حتى يعطوا انطباعا بأن ثمة منهج علمي يمارسه أصحاب المادية التاريخية تماما كما زعم لينين أنه لا يلغي الاعتبارات الأخرى في التحليل ، و المحلٍّل الموضوعي لا يلبث أن يلحظ غلبة البعد الاقتصادي كمرتكز في محوري في ظهور النظم و تفسير الحركات السياسية و سقوط الأمم ، وهذا الخطأ المنهجي القاتل هو الذي جعل أتباع ماركس نفسه يحاولون تبرئته من اعتماد الطرح الاقتصادي في التفسير التاريخي و ووجدنا البنيويين يهاجمونه بسبب التفسير الأحادي و إهمال العوامل الأخرى كالتوسير و جودوليه و غيرهم ، على أن حسين مروة لم يكن استثناء للشيوعيين الذين مارسوا التحليل المادي في تفسير الظواهر الإنسانية و التاريخية لأنه لم يستطع أن يتحرر من قبضة جده ماركس و لينين في أطروحته حول المادية التاريخية و لم يستطع أن يكون في مستوى المؤرخ الموضوعي الذي يبتعد عن أحكام القيمة فيفسر الأحداث في بنيتها الشمولية و وظيفتها المتكاملة فلم نرهُ إلا مقلِّــدا أمينا لأسلافه الماديين ، و ليس " لأن حزبيته الإيديولوجية لم تساعده على ارتياد هذه الأبعاد، وربما لأن الإنسان كيفما كانت مرتبته العلمية والأكاديمية لا يمكنه الإحاطة بجميع جوانب الموضوع المدروس " ، فالقضية واضحة وضوح الشمس في وضح النهار لا يتعلق الأمر هنا إلا بالإيديولوجيا التي صنعت تحليله فقد كان بإمكانه أن ينظر إلى الدوافع الإثنية و الاعتبارات النفسية خصوصا و أن المجتمع الإسلامي هو مجتمع يتنـفـس بالإسلام و يتحرك من أجل مطالبه ، و لكن الإديولوجيا و ما تفعله في توجيه البحث الأكاديمي أكبر من أن تصده إدراك الجوانب الأخرى ، و أنا أحيلك إلى كتاب الدكتور محمد محمد أمزيان في كتابه ( منهج البحث الإجتماعي بين الوضعية و المعيارية ) . و إذا كان بعض المتمركسين المعاصرين بدءوا يخجلون من هذا المنهج المؤدلج الأحادي و ينفونه عن ماركس نفسه فلأنهم وجدوا أنفسهم أمام ضربات النقد العلمي لأطروحتهم فعادوا القهقرى . و هذا التقهقر المخجل لا يتعلق فقد بهذا المنهج و إنما تعداه إلى مختلف المفردات الماركسية المستعملة في قاموسها مثل ديكتاتورية البروليتاريا و الشيوعية وتركيز تدمير آلية الدولة و غيرها من المصطلحات التي توارت من قواميس الماركسيين المعاصرين ، و ها نحن نجد فؤاد زكريا في المناظرة الشهيرة بينه و بين محمد عمارة بحضور يوسف القرضاوي حول عنوان أزمة العقل العربي نجده كما يتحدث الليبرالي في مفرداتهم السياسية ، خجلوا حتى من مفردات جدهم ! يا للسخرية
    لن تشفع لحسين مروة كونه اجتهد فأخطأ و له نصيب ، فقديما قالوا " إن اختيار المرء قطعة من عقله " ، و اختيار مروة لهذا النهج المادي الدهري ( دهري لأنه لا يؤمن بالاعتبارات الغيبية ) يُورِّطّـُه و لا يــشفع له البتة ، فكيف لمن أراد تطبيق المنهج الدهري أن ينال نصيبا من الأجر و هو لا يؤمن باعتبارات الوحي في التاريخ إذًا لكان علينا أن نقبل حتى ما أنتجه الملاحدة من الماركسيين القائلين بأن المادة مستكفية لذاتها و لا تحتاج لغيرها ،و لا نرى صوابا بتسمية حسين مروة بالشهيد فهذا تدليس غير مقبول اللهم إن كنتم تقصدون بالشهادة مناقضة الوحي و اعتبار المادة خالقة الكون ! فنحن في زمنٍ انقلبت المفاهيم و استُـلحِـقت بالإديولوجبا و قد بين محمد عمارة هذه التزوير في المفاهيم في مناظرته السابقة و كذلك في كتاب ( الإسلام بين التنوير و التزوير ) ، إننا نفهم تماما كيف انخدع قطاع واسع من المثقـفـين بأوهام الشيوعيين فراحوا يبشرون بنموذج التغريب و مسخ التاريخ و نفهم كيف أصبحت الشيوعية عندنا في المغرب الوجه الآخر للماديين الدهريين ، أرادوا أن يكون لهم موقع قدم في المغرب فلفظهم التاريخ و المجتمع و كشف عن قناعهم البغيض . إنك يا سيد تُــبخِّــس الناس أشياءهم فأنت لا تدري في ما أظن أن مصطفى محمود كان ماركسيا حتى النخاع بل و كان ماديا بيولوجيا قحا فما وجدنا من الماركسيين نقدا له حينما كان ماركسيا و لم تقولوا عن كتاباته قبل انقلابه على الرؤية الدهرية بأنها سطحية و فجة ، و نفس الشيء حدث مع المناضل الرباني المجاهد عادل حسين رحمه الله حيث وصموا له اسم " مثقف سابق " يا للسخرية ! معاييركم معايير مخجلة تنحني أمام ماركس و تعبده و لا تنصت لصوت الحق ، من يقرأ من شيوعي قول ( ما كانت مؤلفات أسلافنا العظماء من أمثال الشافعي وغيره بهذه السطحية والميوعة ) يحسبه أنه يغِـيـر على الشافعي و على غيره ،و ما هي إلا أساليب تختبئ وراء البحث العلمي ، حداثة ، عقلانية ، يا لها من ألفاظ طنانة لو سمعها منك الشافعي رحمه الله و أدرك ماذا تقصد بها لقال فيك أبيات لن تجرأ بعدها بالحديث عنه .
    ليس لديك من الشجاعة ما تستطيع أن تعترف بهشاشة الفكر الشيوعي المغربي فأنت لا تدرك أن هؤلاء كانوا شيوعيين دفعوا حياتهم للخطر و دخلوا بسببها السجون الطوال ، و لم يكونوا يتصورون أن يصبحوا الآن في ما أنعم عليهم من موائد السلطان ، فهل أنت أكثر منهم شيوعية و هم أصحاب تجربة و تاريخ ، فبدل أن تعترف بفشلهم بسبب غربتهم عن الفكر الإسلامي الأصيل و اجترارهم فكر الدهريين رُحــتَ تعيد الأسباب إلى " مجموعة من العوامل الذاتية والموضوعية "، و إذا كنا رفضنا أسلوبهم في التغيير و نظرياتهم التغرييبة فإننا نرفض أيضا ما أصبحوا فيه من نعيم على حساب الكادحين ( الكادحين هنا بالمفهوم القرآني لا الماركسي ) الذين يعانون من أنظمة القهر و الجبر و شتان بين ارتداد القبائل في عهد أبا بكر رضي الله عنه و بين ارتداد هؤلاء فينبغي أن تميز بين الارتداد في العقيدة و بين الارتداد في المنهج و إن كنا لا نثق بأفكار هؤلاء الشيوعيين الذين يعلنونها دهرية في جل أبحاثهم و الله يتولــى السرائـر.

    قال :

    يبدو أنك بدأت تعيد كلامك السابق، وأنك تسعى من خلاله إلى نقد الكتاب انطلاقاً من تصورك المثالي للتاريخ. صحيح أن الكتاب فيه بعض المآخذ والملاحظات والثغرات - كما سبق لنا القول - وقد قام مجموعة من النقاد بدراسته دراسة علمية وموضوعية، ومنهم اليساريون كذلك. أما هجومك الشرس عليه، فيدل على الانزلاق الخطير الذي انسقت إليه، فالكاتب يستخدم المنهج المادي التاريخي، ويهتم بالجوانب والأبعاد الاجتماعية في التراث، وقد صرح بذلك في مقدمة الكتاب، وقدم مدخلاً رائعاً بهذا الخصوص. وتأتي أنت بعد ذلك، لترغمه على البحث في الغيبيات وفي المسائل الميتافيزيقية. هل وظيفة المنهج الاجتماعي هي دراسة البنية الاجتماعية والاقتصادية للمجتمع، أم دراسة وجود الله والغيبيات ؟؟؟
    صحيح كذلك، أن العلم قد تجاوز بعض المقولات الماركسية بهذا الخصوص، مثل: دكتاتورية البروليتاريا، الطبقة العاملة.... وأصبح ينتج مفاهيم متناسبة مع الواقع الراهن ومتطلباته. وهذه هي طبيعة العلم، وهذه هي طبيعة الفكر الماركسي، إنه علم التطور بامتياز...والسؤال الذي يدور في خلدي الآن، هو كم هو عدد المصطلحات والمفاهيم الدينية الكلاسيكية، التي ما زلتم تتشبثون بها، وقد أكل الدهر عليها وشرب ؟؟؟؟؟
    فيما يتعلق بالمفكرين المرموقين "منير شفيق" و"مصطفى محمود"، فأعتقد بأن كلا المرحلتين اللتين مرا بهما، تمثلان - في نظري على الأقل - الكتابة السطحية والفجة. فمن ينظر في كتابات "مصطفى" المتمركسة، فيجد نفسه أمام التفاهة وأمام فكر بئيس. فلا تظنن - إذن - بأننا نحمد لهما المراحل السابقة. فليس كل من ادعى اليسارية أو الماركسية فهو ماركسي، فلهذه المدرسة مفاهيم ومصطلحات وأدوات تحليل متميزة. وكذا الشأن بالنسبة للمدرسة الإسلامية، فليس كل من أطلق لحيته فهو إسلامي، وليس كل من كتب رسالة في عذاب القبر فهو أصولي نحرير....أليس كذلك يا شيخ طلحاوي ؟؟؟
    وفيما يخص التراث، فهل يحق لنا أن نعتبر عملاً أصولياً ابستمولوجياً ضخماً مثل "البرهان في علوم القرآن" للزركشي هو مجرد محافظة على التراث وبالمعنى الرجعي. ولاشك عندي أن هذه قراءة إيديولوجية، رجعية، ولأقل بالأحرى قراءة ميتة للتراث. فهذا الكتاب يتكشف عن مجموعة من المقولات والمفاهيم التي تسمح لنا بقراءته قراءة منتجة، وعندها نتعامل معه بوصفه إمكاناً للتفكير ينبغي سبره. وهو أشبه عندنا بكتاب "الأم" للشافعي. أما مؤلفات الفكر الإسلامي المعاصر، فقلما نجد فيها لمسات من الإبداع والإنتاج، بقدر ما نجد فيها إلا بكاء على الأطلال، واجتراراً للمقولات الجاهزة، وكتابة هوامش على الهوامش...وتحية حوارية

    قلت :

    أنا لا أرغم أحد على تفسير التاريخ بناء على اعتقاداتي فكل شخص له الحق في تحليل ما شاء بناء على ما شاء ، و لكننا نذكِّر بأن الشخص المدعو حسين مروة لم يلتزم بالقواعد الموضوعية في تفسير التراث الإسلامي ، و إذا كنتَ ترى فيه نموذجا رائعا فهو عندي لا يمثل أية قيمة مضافة للدراسة للتاريخية بسبب انحيازه السافر للمادية التاريخية ، و نحن من أشد الناس مع غيرنا من الشرفاء طعنا بهذا المنهج العليل ليس لأنه شيوعي دهري فقط و إنما لغلبة التقليد و إبعاد الوحي الإلهي في صناعة الأحداث ، بإمكاني أن أذكر لك العديد من الغزوات و الفتوحات الإسلامية فأطلب منك و من أمثاله أن يقدموا لنا تفسيرهم الدهري و أن يرفعوا إلينا أسباب انتصارات رجال الله بناء على نهجكم المادي الدهري فلن تستطيعوا أن تفهموا عقلية المسلم و تميزوه عن دوافع الدهريين في مطالبهم الأرضية ، نعم إننا نرى أن المنهج الاجتماعي لدراسة التراث لا يتناقض البتة مع مراعاة الظروف الحضارية و احترام عقيدة أهلها بل و نحن نذهب رأي التوفيق بين الالتزام القيمي للحضارة الإسلامية و بين اعتماد البحث عن العلل و الأسباب و السنن الكونية التي وضعها ربنا في نواميسه ( و لن تجد لسنة الله تبديلا ) ، لقد رشدتك إلى كتاب الدكتور محمد محمد أمزيان عسى أن تصل إلى ضوابط المنهج الاجتماعي في دراسة التراث و لكنك لم تفعل لأن المؤدلَج ليس إلا جزءا من ثقافة التقليد التي سادت فكر الشيوعيين العزل. إن ما اعتبرته تطورا في إنتاجات الماركسيين على صعيد المقولات لم يأت كنتيجة للمراجعات المبدئية على صعيد النظرية الماركسية نفسها و إنما فرضته أوضاعنا المعاصرة و بينت مدى هشاشة تلك المقولات في الصمود أمام هيمنة التطورات الراهنة في السياسة و الاجتماع و الاقتصاد ، نعم لم يكن لهؤلاء اليتامى العزل إلا أن ينكفئوا وراء التغيرات الجديدة فاضطروا لتغيير الخطاب و ما هي إلا دورانات حول الرحى ، إن خطاباتك في الحقيقة ما هي إلا محاولة يائسة للدفاع عن منهج دهري ، و لقد طالبتك قبل هذا " أن تقدم نماذج من أولئك الذين قلت فيهم أنهم يفسرون التاريخ بناء على التفسير المثالي و الأسطوري و الذين ينطلقون من القوى الغيبية في تحليل التاريخ ، و قل لنا أولا ما الذي تقصده بالقوى الغيبية حتى نناقشك بأسلوب يتناسب معك و من ثم نمارس حقنا في الرد على هذه المزاعم الهزلية " و لكنك لم تفعل فاضطررت إلى اعتماد الأسلوب الإنشائي و نحتِ مفاهيم جدكم ماركس ، و ها أنذا أطالبك بذكر عدد من المصطلحات والمفاهيم الدينية الكلاسيكية، التي ما زلنا نتشبث بها، وقد أكل الدهر عليها وشرب و تذكر لنا بعضها فنناقش الأمور بعلمية بدل اللعب على المفردات و الزئبقية في توظيف المصطلحات ، و لا زلنا ننتظر.
    إنك لست المؤهل في تصنيف من هو ماركسي قح و من ينتحل صفته فما أنت إلا فتى حديث في اعتناق الماركسية الدهرية و لست الشخص المناسب في الحكم على من غرزوا أرجلهم في التمركس و قدموا لها القرابين في ذلك ، و من يدري فيوما ما قد تتحوَّل عن قناعاتك فتصير يمينيا فتبدأ بإرسال شواظ من نار على الماركسية ثم يأتي من بعدك من يقول في حقك أنكَ لا تمثل الماركسية و لا تمثل الخط الحقيقي للشيوعية ، فماذا ستجيب عليه آنذاك ؟ و إذا كانت للماركسية مصطلحات و مفاهيم وأدوات تحليل متميزة فلماذا لم تحافظوا عليها و قد صار خطابكم لا يختلف عن خطاب الرأسماليين في الدعوة إلى الإصلاح؟ و هل تظن أن فؤاد زكريا طفل في الماركسية و أنت جهبوذ ؟ يا للسخرية ، لم تستطع أن تناقش بموضوعية حتى مع شيوخكم في الماركسية فأصبحت أنت من يمثّل الماركسية و نحن ندينكم من أفواهكم و ليس من إنتاجاتنا ، لقد كان على حق أحد البنيويين حينما وصف الماركسية أنها عبارة عن صوت ألم ، فأنتم لا تحسنون إلا الألم و الوقوع في يوتوبيا جدكم ماركس حول ديكتاتورية البروليتاريا و لا تتصورون العالم إلا بالشكل الذي حلم به لينين. أصولية، إبستمولوجيا ، رجعية... ، ما أغرب قواميسكم الدعائية و تهجماتكم الخرقاء ، عجزتم أن تفهوا فقهائنا فما رأيتم من سبيل إلا إنزال مفردات جدكم عليه ، أليس هذا يختلف عن نهج حسين مروة ، أتيناكم من تجارب الشيوعيين من المغرب و فشلهم المرير و قدمنا لكم تجارب شيوعيين مصريين و فلسطينيين فقلتم هؤلاء لا يتحدثون باسم الماركسية ، فهــلا تبرعتم علينا و رأينا نظرياتكم أنتم فنجادلكم ، و لله الأمر من قبل و يهدي الله من شاء إلى رحمته.


    يُتــبَــع بحول الله...

    تعليق

    • محب المصطفى
      مشرف عام

      • 7 يول, 2006
      • 17075
      • مسلم

      #3
      يُتــبَــع بحول الله...
      بالانتظار بإذن الله ..
      شموس في العالم تتجلى = وأنهار التأمور تتمارى , فقلوب أصلد من حجر = وأنفاس تخنق بالمجرى , مجرى زمان يقبر في مهل = أرواح وحناجر ظمئى , وأفئدة تسامت فتجلت = كشموس تفانت وجلى

      سبحانك اللهم وبحمدك نشهد أن لا اله الا انت نستغفرك ونتوب اليك ،،، ولا اله الا انت سبحانك إنا جميعا كنا من الظالمين نستغفرك ونتوب إليك
      حَسْبُنا اللهُ وَنِعْمَ الوَكيلُ
      ،،،
      يكشف عنا الكروب ،، يزيل عنا الخطوب ،، يغفر لنا الذنوب ،، يصلح لنا القلوب ،، يذهب عنا العيوب
      وصل اللهم على محمد وعلى آل محمد كما صليت على ابراهيم وعلى آل ابراهيم انك حميد مجيد
      وبارك اللهم على محمد وعلى آل محمد كما باركت على ابراهيم وعلى آل ابراهيم إنك حميد مجيد
      عدد ما خلق الله - وملئ ما خلق - وعدد ما في السماوات وما في الأرض وعدد ما احصى كتابه وملئ ما احصى كتابه - وعدد كل شيء وملئ كل شيء
      وعدد ما كان وعدد ما يكون - وعدد الحركات و السكون - وعدد خلقه وزنة عرشه ومداد كلماته




      أحمد .. مسلم

      تعليق

      • الطلحاوي
        2- عضو مشارك

        حارس من حراس العقيدة
        عضو شرف المنتدى
        • 30 مار, 2013
        • 119
        • أستـاذ
        • الإسلام

        #4
        قـال :

        يمتلكني قدر كبير من البهجة والسرور عندما أطلع على تعقيبات الأستاذ المحترم "الطلحاوي"، الذي أبان من خلالها عن امتلاكه لخلفية معرفية واسعة، وعن ملكة نقدية - مهما اختلفنا معها - غاية في الدقة والحساسية. وهذه هي الغاية التي ننشدها من خلال فتح هكذا نقاشات ومحاورات بين مختلف أطياف الفكر العربي المعاصر.
        بالإضافة إلى ذلك، أجد نفسي متفقاً مع الزميل "الطلحاوي" في مجموعة من الطروحات، وإن كان هو يفضل أن يسبغ عليها طابعاً أخلاقياً - قيمياً لا يتناسب مع هذا النمط من التفكير النقدي.
        وتجدر الإشارة في هذا السياق، إلى أنني يساري الميولات والنزعات، ولكنني لست بالضرورة ماركسياً أصولياً دوغمائياً، وإنما أنفتح دائماً على جميع التيارات والمذاهب الفكرية والفلسفية والدينية...إلخ. ولا حاجة بنا صديقي العزيز إلى الدخول في متاهات التصنيف والتأطير، لكونها لا تجدي في الوقت الراهن.
        وانتقالاً إلى نقطة أخرى، أرى من الضروري أن أشير إلى مسألة جد هامة، وتتعلق بقراءة التاريخ العربي الإسلامي، وعلاقته بالمرحلة الراهنة.
        يشدد "الطلحاوي" دائماً على انعدام مفهوم "الصراع" بشكل عام من التجربة الإسلامية الأولى. لكن التأمل الدقيق في هذه المرحلة الذهبية من تاريخ العرب والمسلمين يكشف عن وجود مظاهر الصراع السياسي والقبلي بين المسلمين الأوائل. فالكل يعلم - تمام العلم - أنه في الوقت الذي كان فيه بعض صحابة النبي منهمكين في دفن صاحب الرسالة الإسلامية بكل إيمان وخشوع، حتى سارع فريق آخر من الصحابة المبشرين بالجنة، والذين كانوا يجالسون النبي ويأكلون معه الثريد، سارع هؤلاء إلى عقد اجتماع "قمة طارئ" في سقيفة بني ساعدة، من أجل التباحث حول من يتسلم زمام الخلافة - السلطة بعد ذلك، وهنالك، علم الآخرون بالخبر، فتركوا جثمان النبي، ليسارعوا إلى نيل حظهم من الكعكة المقتسمة....والتتمة معروفة للجميع.
        هذا ليس كلامي، وليس كلام كارل ماركس، بل هو مأخوذ مباشرة من كلام المؤرخين المسلمين من أمثال: اليعقوبي/ الطبري/ طبقات ابن سعد... إلا إذا كنت تعتبر هؤلاء المؤرخين من أتباع المادية التاريخية "الملحدة".
        ولا داعي لذكر ما تعرض له بعض الصحابة الكرام من تعسف وإهانة من طرف عثمان بن عفان، عند توليه للسلطة، ولا تخفى علينا الثورة الاجتماعية التي قادها الناس باتجاه تحسين أحوالهم المادية وتخفيف الفوارق التي كانت قائمة بينهم وبين الفئات العليا التي بدأت تنمو على حساب شقائهم. ولم يتهم أحد من مؤرخي الإسلام أولئك الوافدين عام 656 من مصر والعراق إلى مكة حجاجا مؤمنين بأنهم خارجون على الإسلام.... بل أكدوا أنهم وفدوا يشكون الى الخليفة عثمان سوء معاملة أقربائه الحاكمين لأمره ثم يطلبون إليه أن يعتزل منصب الخلافة. فلما رفض حاصروه وقاوم الحصار أنصار عثمان ولم يكن لهذا الانفجار أن ينتهي إلا بمصرع الخليفة نفسه....
        وهناك العديد من النماذج التاريخية التي تدل على أن تاريخنا مليء بالصور "الفذة" التي تعكس مقولة الصراع بين الفئات الاجتماعية....وللحديث بقية.

        قلت:

        حقا إنك يا حنظلة إنك تُـقــوِّل ما لم أقله فأنا لم أقل بانتفاء الصراع في تاريخنا الإسلامي و لم أزعم أن تاريخنا تاريخ سكون اجتماعي كان منفردا و متميزا عن غيره في سنن الكون و قانون التاريخ ، و لكني أرى خطأ القراءة التأويلية التي يمارسها الماركسي على تاريخنا ،تماما كما أرى خطأ الشيعة في قراءة تاريخنا خصوصا تاريخ الصدر الأول من الإسلام ، و لم أقل البتة بانعدام الصراع بمفهوم وجود تيارات متنافسة لها تصورات و آراء مغايرة ، فمن يود أن يتصرف كما لو أن حضارتنا تخرج عن السنن الإلهية فكأنما يود أن ينزه تاريخنا من المآخذ و الأخطاء السياسية و هذا لم يقل به أحد من الفقهاء و لم يقل به أحد من المستشرقين و لا حتى الشيوعيين ، و لكن اسمحْ لنا بتأصيل ما نراه اختلافا جوهريا بيننا و بين أمثالكم ، فأنتم حينما تقولون بالصراع لا تقصدون إلا الصراع بالطرح الماركسي الذي يعتبره قانونا لتطور التاريخ ، و لا ينصرف الذهن إلا إلى تاريخ الصراع بين قوى الإنتاج و علاقات الإنتاج ، بين الرأسمال و الأجر ، بكلمة بين الطبقة المستغِــلة و بين الطبقة المستغلَّــة ، و مفهوم الصراع بهذا المعنى يندرج ضمن قانونه الذي أسماه بقانون التطور المحدد بثلاث أسس عي على الترتيب كما يلي :
        - قانون وحدة الأضداد و صراعها.
        - قانون التحول من الكم إلى الكيف
        - قانون نفي النفي
        ثم أن الصراع المصطلحي لماركس و لينين ليس إلا صراعا جدليا يتحرك من خلال البُـنى التحتية المتضمنة لقوى التناقضات الجدلية بين العمال و مالكي وسائل الإنتاج ، فنتيجة الصراع بهذا المعنى هو التحول في نهاية المطاف إلى نموذج المجتمع الشيوعي النهائي ( نفي النفي أي نفي تحول الرأسمالي إلى نقيضه ) . هــذا يا حنظلة ما نعرفه عن جدودكم و فقهائكم في تصورهم لطبيعة الصراع المقصود و ليس ما تذهب إليه أنت في تبسيطك للموضوع و كأنك ظفرتَ بشيء تستنجد به في تاريخنا فتذكر لنا قضية اجتماع السقيفة و ترك جسد رسول الله – أقول عليه أفضل الصلاة و السلام – مع إسراع الصحابة، و ما هم إلا ثلاثة، إلى حضور السقيفة ... إن القضية لا تتعلق هنا بإنكار تلك الأحداث و إنما في قرائتكم للأحداث فتُصوِّرون الصحابة كما لو أنهم طلاب دنيا ليس في همهم إلا منصب الرئاسة ، و من المؤسف أن هذه القراءة الساذجة جاءت من الشيعة الذين انطلقوا بدورهم من تأويلات مغرضة كتلك التي حمّلت عمر بن الخطاب رضي الله عنه مسؤولية قوله للنبي الأكرم حينما قال النبي عليه السلام إيتني بقرطاس و دواة أكتب لكم كتابا لن تضلوا ، فقال عمر رضي الله و أرضاه : حسبنا كتاب الله . لقد اعتقد الشيعة أن ذهاب أبو بكر و أبو عبيدة الجراح و عمر بن الخطاب رضي الله عنهم إلى اجتماع السقيفة و تركهم جسد الرسول الكريم اعتقدوا أنهم فرطوا في حقه و ظنوا أنها مؤامرة لاغتصاب السلطة ، بنفس التأويل تظن بعقلك أن الصحابة كانوا يتصرفون من موقع الحرص على الكعكة بدل أن ترى في ذلك حرصهم على إنقاذ الأمة من الضياع من خلال لقاءاتهم التشاورية في السقيفة ، و نحن لا نتعامل مع الصحابة كما لو أنهم معصومون و إنما هم كما قال منير شفيق – نعم منير شفيق – أنهم طراز خاص من الرجال في كتابه ( بين النهوض و السقوط رد على فرج فودة ) ، الكلام يطول في هذا الباب و لقد كانت لي مع الشيعة ردودا و ردودا موجودة في مواقع إلكترونية ، و القصد من الكلام أن الصراع الذي كان في عهد الخلافة الراشدة لم يكن من طينة ما أشار إليه الماركسيون ، و التحليل الموضوعي يقتضي منك أن تقرأ كل الروايات الواردة في هذا المجال بدل أن تتوجه إلى الطبري لوحده ، فنحن لا نرى بصحة كل ما في الطبري فجميع النقاد التاريخيين يجمعون على أن الطبري لم يكن إلا جامعا للروايات و لم يكن محققا لها و لا عالما في الجرح و التعديل ، أما اليعقوبي فلم تنجح في الاستدلال به ، فالمؤرخ اليعقوبي أو المسعودي في ( مروج الذهب ) شيعيان متعصبان للقراءة الطاعنة في الصحابة تماما مثل ابن أبي الحديد .على أية حال إذا أردت أن نخوض هذا البحر الموار فلا بأس و أحسب أني لي تجربة في هذا الميدان ، و أنا أنصحك أن تقلب الروايات و تنظر في كتب التاريخ المتنوعة مثلما قلتَ لي أنك تقرأ للقرضاوي و تقلب النظر فيه من كل وجه

        قال:

        إن إقرارك - أخيراً - بوجود "الصراع" في تاريخنا العربي الإسلامي، يشكل خطوة متقدمة في نقاشنا هذا. لكن ما تراه غريباً في هذه المقولة، هو عدم انطباقها على التاريخ المشار إليه آنفاً، وهذا الكلام يؤكد بأنك لم تطلع على كتاب "النزعات"، أو ربما ام تدقق النظر فيه كثيراً، لأنه قد يساهم في خلخلة الذهنية المتكلسة التي تحملها. إن الماركسية تقدم لنا الأدوات المنهجية للتحليل، وبعد ذلك يجب التعامل مع هذه الأدوات بحذر كامل ومرونة شديدة، خاصة في التعامل مع الثقافات المختلفة. ففيما يخص "حسين مروة" في كتابه، فهو لا يطبق المنهج المادي التاريخي بشكل ميكانيكي، فيقول إن الصراع في الإسلام كان بين طبقة العمال وطبقة المستغلين...هذا لم يقله في كتابه المذكور. وأشار إلى أن الصراع بين الصحابة كان صراعاً سياسياً، وقبلياً في أحيان أخرى... إذن، فالتعامل مع التاريخ بالمنهج التاريخي، يجب أن يراعي السياقات الاجتماعية، ولا ينبغي التسرع بالحديث عن "صراع طبقي" لم تنضج شروطه. وهذه النقطة هي ما تشكل مظهر المرونة في تعامل الماركسية مع التاريخ الإنساني.
        إذن، فالجمود هو في فكركم الذي لا يريد أن ينفتح على المذاهب الفكرية الأخرى، وليس المشكل في الفكر الماركسي الذي يعالج تناقضاته باستمرار من خلال آلية النقد الذاتي.
        وفيما يخص المؤرخين الذين شككت في مصداقيتهم، باعتبارهم من الشيعة، فقل لي من أعطاك الحق لكي تحكم على من هو صادق ومن هو غير صادق؟ وإذا كنا سندخل في دائرة التشكيك فإننا سنصل إلى التشكيك في أسلافنا جميعاً.... أعتقد أن هذا الموقف من المذاهب الأخرى هو التعصب بعينه، وهو الذي يجعلكم تدينون الجميع باعتباركم "الفرقة الناجية"، أو كأنكم تملكون مفاتيح الجنة، تدخلون فيها من تريدون وتخرجون من تكرهون.....
        وأخيراً أقول لك بأن التيارات الإسلامية بعد وفاة محمد، لم تكن تيارات متنافسة، كما قلت، بل كانت - بالأصح - متناحرة، أي يسفك البعض دماء الأخر....هل نسيت بأن عمر، عثمان،علي، كلهم ماتوا بواسطة الاغتيال السياسي...أم ستقول بأن هذا من سنن الكون....
        كفى من التضليل يا طلحاوي..... راه كلشي باين وواضح.....

        قلت :

        يبدوا أنك لا تقرأ ما أقوله لك و يبدو أيضا أنك تحاول عبثا أن تهرب من الصيغة التي طرحته حول مفهوم الصراع ، فأنت تمارس إسقاطا متعسفا لمفهوم جدك للصراع و أنا أتصوره جزءا من السنن الكونية العامة ، أقدم لك ما تقصدونه من الصراع في المنظور الشيوعي و أنت تخلط الأوراق و تدلس ، و قد عجزتَ في إيجاد الرابط بين مقاربة جدك مارس للصراع و بين مفهوم الصراع كما حصل في تاريخنا السياسي ، و لذلك وجدتَ نفسك مضطرا للتخفيف من التركيز على تناسب المحمول الماركسي للصراع و بين طبيعة الأحداث السياسية التي عرفتها طبيعة التحولات التاريخية فما وجدتَ أمامك إلا التخفي وراء اجترار مقولات أن الماركسية تُـقدم الأدوات المنهجية للتحليل ، لا جديد تحت الشمس عندكم ، جدكم يقول في البيان الشيوعي عام 1848 م في الفصل الأول أن تاريخ الصراع التاريخي هو تاريخ الصراع بين قوى الإنتاج و علاقات الإنتاج و أنتَ تتستر خلف الأدوات المنهجية ، و الواقع أن لا فصل في النظريات و الأطروحات الفلسفية بين المحتويات المضامينية و بين أدواتها التوظيفية ، فأنت لا تستطيع شئت أم أبيتَ أن تتحرر من القوالب المترسبة في ذهن جدك ماركس فتكتفي بالأسلوب المنهجي في التحليل ، أبدا ، و لذلك وجدنا أن معظم الماركسيين التُّــبَّـع في أدواتهم التحليلية ينعمون بالولاء المطلق للنتائج الماركسية التي توصل إليها دون أن تكون لهم القدرة على تجاوزها ، و قد تابعنا تاريخ الشيوعية في تكوناتها بمصر مثلا و تابعنا مقالات كوادرها فما وجدنا إلا التصاقا بتخرصات جدهم ماركس و إيمانا حتميا بمطلقية الإنتاجات المعرفية المستخلصة مع إنجلز ، و قانون استحالة الفصل بين المنهج و المضمون لا يجري فقط على ماركس و إنما يمثل منهجا عاما تشترك فيه مختلف الإيديولوجيات و التوجهات الفلسفية ، بل و حتى الذين زعموا هذا الوهم من شيوخ المدارس الوضعية في الغرب كأغست كونت أو دوركايم أو سان سيمون قبلهم لم يستطيعوا أن يثبتوا هذا الزعم و لم يقل أحد من بعدهم أن فلسفة رايشنباخ أو كارناب أو غيرهم من فلاسفة دائرة فيينا محقون في منهجهم التحليلي و مخطئون في الخلاصات التي انتهوا إليها ، و قس ذلك على بقية التيارات الغربية ، ثـــم تأتي أنتَ لتخرج علينا بنظرية جديدة في توظيف الآليات دون النتائج ، ما هكذا- يا حنظلة هداك الله - يفعل الموضوعييون في أبحاثهم لا تدلِّس على الآخرين بضاعة جدك فتزورها حتى لا يأتي أحد فينعتك بالانتهازي كما نعت لينين كاوتسكي بذلك ، قـــدِّم بضاعة جدك دون تحريف فتكون تلميذا نجيبا . و أنا – و أعوذ بالله من كلمة أنا – سأرشدك إلى كتاب يفصل لك المنهج الحقيقي لدراسة التراث فتقبل و لا تعاند فتضيع الحقيقة ، كتاب للفيلسوف المجدد طه عبد الرحمان و - لا شك أنك تعرفه – معنون ب ( تجديد المنهج في تقويم التراث ) فستجد فيه دراسة متأنية تقرأ التراث بأدوات تراثية غير متحيزة و غير متوسلة لمناهج جدودك فأرجوا أن تتقبله و تقلب النظر فيه عسى أن يهديك الله لطرح تلك القمامات التحليلية
        إن أفضل ما قلته يا حنظلة : ( فالتعامل مع التاريخ بالمنهج التاريخي، يجب أن يراعي السياقات الاجتماعية، ولا ينبغي التسرع بالحديث عن صراع طبقي لم تنضج شروطه )، فهذا ما نريده منك وأن تكف عن التنزيلات الإسقاطية للإيديولوجيا على التاريخ فتقرأ التاريخ قراءة داخلية بعيدا عن أحكام القيمة و تسرعات الإدانة ، و كم أحب أن تتوقف قليلا عند كلمة الظروف الاجتماعية فتنظر إن كان تراثنا ينسحب عليه منهج جدك العليل و تستحضر كيف كان يتصرف الفقيه في التاريخ عند وقوع تحولات طارئة في المجتمع ، لا بــد أن تتوفر لك الإمكانات و القدرة الكافية لتكون في مستوى أولئك العظماء الذين عايشوا الأحداث فتصرف كل واحد من موقعه و موقفه ، و اسمح لي أيضا أن أحيلك إلى كتاب يوضح لك مسالك الفقهاء في التعامل مع الظروف الحادة تواضعا مني لك راجيا أن تقلب نظرك و قلبك في كتاب ( الفقه السياسي ، مقاربة تاريخية ) للدكتور محمد محمد أمزيان رسالة لنيل دكتوراه الدولة.
        أما في قولك : (وفيما يخص المؤرخين الذين شككت في مصداقيتهم، باعتبارهم من الشيعة، فقل لي من أعطاك الحق لكي تحكم على من هو صادق ومن هو غير صادق؟ ) فمتهافت و يدل على أنك قليل الاطلاع على الفقه الجعفري الإثني عشري ، فيكفيك إن كنتَ متابعا للكتب الشيعية و مراجعهم و أقوال مثقفيهم أن تدرك اعتمادهم على ( مروج الذهب ) و ( تاريخ اليعقوبي ) و شروحات ابن أبي الحديد و الطوسي و الصدوق و المرتضى و المفيد و غيرهم مما يطول في ذكر أسمائهم ، و نحن حينما نقول بأن تأريخاتهم غير موثوقة فلأنها كتابات منحازة نبه إليها العلماء الكبار ، و نحن لا نرفض كل ما فيها ، فاليعقوبي كان يروي عن رواة معروف عنهم تعصبهم و كذبهم و كتب الطبقات تكشف هذا الأمر تماما مثل أن تفاسير العياشي و القمي و التفسير المنسوب للإمام الحسن العسكري تمثل تفاسير باطنية للقرآن يردها العقل السليم و بما توارثناه من كتب التزم فيها أصحابها الدقة و الضبط لم تتوفر في غيرهم من الشيعة ، و كتبنا تنطق بهذا الأمر و تجليه.
        أما ادعائك أن التيارات بعد وفاة نبينا – عفوا نبيي الكريم و حبيبي عليه صلوات الله و سلام عليه – فتصوير ساذج يأتي نتيجة تحليلكم المادي لطبيعة التطور التاريخي ، فالصحابة رضي الله عنهم و أرضاهم بشر كغيرهم يتصرفون انطلاقا من إنسانيتهم و بشريتهم ، لكنهم كانوا يخطئون و يصيبون منطلقين في ذلك من تفسيرهم للوقائع ، و لقد أبدى بعض الصحابة اعتذارهم و خطأهم في ركوب هذا الخيار أو ذاك كما حدث في معركة الجمل فأدرك الصحابيان الجليلان طلحة بن عبيد الله و الزبير بن العوام مع عائشة زوجة رسول الله عليه السلام خطأهما فتابا من ذلك ، و العبرة بالخواتيم و لقد رضي علي كرم الله وجهه عنهما حينما علِم بتوبتهما و قد أُثِــر عنهما أقوالا تسيل منها الدمع و ترتجف منها الأبدان ، و حينما طُــعِن طلحة برجل من أنصار علي و أخذ سيفه و اعتقد أنه سيلقى رضًى من الإمام علي رضي الله عنه قال له :" سيف طالما فرجت به على رسول الله ، أما أنتَ يا قاتل صفية فأبشر بالنار" نعم بشره بالنار يا حنظلة و هل أنتَ فكرتَ يوما بتابوتك و أنت طريحا تأكلكَ الديدان و يضيق بك قبرك ، نسأل الله لك من كل قلبنا أن تعود إلى رشدك فتفسح المجال لقلبك بتحسس الهداية و اعلم يا حنظلة أنك مهما أكثرتَ من الجدال و المحاججة فلن تنفعك البتة ( فأما الزبد فيذهب جفاء و أما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض )
        و أختــــم كلامي لك بأن تسمح لقلبك و عينيك بقراءة هذه الآيات البينات ، يقول اللــــــــــــه تعالى جــلّت قدرته : ( و إذا ذُكِــر الله وحده اشمأزت قلوب الذين لا يؤمنون بالآخرة و إذا ذُكِــرَ الذين من دونه إذا هم يستبشرون ، قُــل اللهم فاطــر السماوات و الأرض عالم الغيب و الشهادة أنتَ تحكمُ بين عبادك في ما كانوا فيه يختلفون ) صدق الله العظيم

        قال :

        يبدو لي بأن كلينا لا يرغب في الاقتناع بوجهة نظر الآخر، فأنت تتشبث برؤيتك الأسطورية والمثالية للتاريخ، ونحن ننظر إلى التاريخ بشكل واقعي، ونعتقد بأن ليس هناك في التاريخ البشري "إنسان مثالي".
        وفي الختام، إذا كنت غير مقتنع بمفاهيم "الصراع الطبقي" و"ميزان القوى" وهذا من حقك، فادع - إذن- جميع القوى الميتافيزيقية التي تراهن عليها لكي تحميك من تدخل التحالف الاستعماري الأمريكي في العراق ولبنان والسودان... ياالله ورينا حنة يديك الفقيه.
        وإذا كان ماركس قد مات، فإن جميع الذين تقدسهم قد ماتوا كذلك.....

        قلت :

        عُــــدتَ إلــى تخرصاتك حول المنهج الواقعي لدراسة التاريخ و كأنك قدمتَ لنا ما يكفي لصحة مزاعمك ، و نحن نترك القارئ المحترم ليرى من يمارس الأسطورة في خطابه و قد قدمنا من الأدلة و الشواهد على تغريبية المنهج المستورَد ما يجعلنا نمضي في دحض مهاترات جدك و شيوخك المقلِّــدين ، و نحن لا نكترث بألفاظكم السبابية ، فيكفينا شرفا أن يرضى عنا ربنا الكريم إن شاء و قولوا من الأوزان ما شئتم فلن تنفعكم البتة في الوصول إلى الحقيقة ، فالصراع الطبقي لا وجود له إلا في مخيلة ماركس و مريديه ، و نحن لا نقبل معاييركم الفجة ، و نحن نسأل كما سأل طه عبد الرحمان في ( سِؤال الأخلاق) إذا جاز لكم أن تتيحوا لأنفسكم تنزيل معاييركم علينا بموجب خصوصياتكم التاريخية أفلا يجوز لنا أن نمارس عليكم نفس الأسلوب بموجب مقاييس حضارتنا ؟ أكيد أنك يا حنظلة لا تأخذ بتفسيراتنا ' الأخلاقية " للتاريخ و أكيد أنك لا تقر لك عين إلا بقاموس جدك فلمَ تفرض أساليبك علينا و ترفض الآخر أن يمارس أسلوبه عليك ؟ أحسبتَ أنك تطبق المنهج العلمي فعلا في استنطاق التاريخ أم أنك تتوهم كما توهم جدك في تحقيق الحلم الموؤود بالوصول إلى مرحلة الشيوعية ، و دعني أصارحك يا حنظلة أن الفرق بيننا و بينكم لا يكمن فقط في اختلاف المقاييس التوظيفية و إنما و هذا هو المهم يكمن في المرجعية التأسيسية للأفكار و التحليلات ، فمن يقول قال الله و رسوله ليس كمن يقول قال ماركس و إنجلز و من يقول بأن تصور الإسلام للتاريخ يقوم بموجب سنة التدافع في الأرض بين الظالمين و الملاحدة و بين المستضعفين ليس كمن يتصور تحقق الجنة على الأرض ، من هنا لا مناص أن تتخذوا منحى تغريبيا عن الأمة و لا مناص من قولبة التاريخ و لي عنقه أملا في انسجامه مع إلهكم ماركس ، و لقد أبانت المناظرة الشهيرة بين كبار ماركسييكم فؤاد زكريا و محمد عمارة أبانت عن مستوى الشرخ الغائر في عقلية الدهريين بتلكئهم عن تبني خط الأمة في التحرير ، و لتعلم يا حنظلة أننا لسنا غيبيين بالمعنى الكنسي اللاهوتي لنغفل عن تبني أسباب النهضة و القعود عن مفاعيل الحركة ، فهذا تصوير ماركسي بغيض للدين يضفي عليها مقالات الماضوية و الرجعية و الحال أننا أصحاب حق و نفوذ لا تصدنا في ذلك قصص الدهريين و لا تجييش حكام الجبر علينا . و أنت توظف أيضا مصطلحا آخر سرقــتَــه من أدبيات غيرك من الوضعيين اليونان بدون أن تستقرأ المحتوى الدال ، و هذه أخطاء يقع فيها جُـــلُّ الدهريين اللائكيين الذين يؤمنون بتخاريف أجست كونت حول المراحل التاريخية الثلاث ، أنصحكَ لوجه الله يا حنظلة أن لا تضيع وقتك في خزعبلات جدك ماركس فأنه لا مناص من العودة إلى الوضع الطبيعي كما عاد غيرك بعد رحلة استغرقت أعمارهم فما عاد الندم ينفعهم ... هذه الكلمات قد تأخذها على استهزاء كما يفعل كل الدهريين الحيارى لكنك ستتذكر يوما ما أنني نصحتك استيفاء لمطلب الأمر بالمعروف .
        و سعادتك تتحدث عن الاستعمار الأمريكي في لبنان و السودان و العراق و تنسى استعمار أجدادك للمسلمين و لا زال في جمهورية القوقاز ، هل تظن يا حنظلة و نسأل الله أن لا يجعل كلامك حنظليا أننا نعيش على سطح كوكب المريخ حتى نهمل وضعنا الإقليمي و الدولي و نحن الذين نحمل هموم الأمة و نسير في طريق تحريرها من طوق الاستخراب بما نتوسل من حنكة و حكمة ، هل تظن أنك أشد الناس غيرة على العراق ؟ حسنا قل لنا يا حنظلة لماذا لم يطلق الشيوعيون في مصر رصاصة واحدة ضد العدوان الصهيوني عام 67 ؟ أبدا فأنتم جزء من المشكلة و لستم طرفا في حل النزاع ، و خيالكم المريض و عزلتكم النخبوية جعلتكم كالمُـــتــخَــم بما لذ و طاب فلا يجد سبيلا لحمل هموم الكادحين ( أيضا بالمفهوم القرآني) ، نــعم لقد مات ماركس و موته ليس كموت الآخرين من أبناء المسلمين ، و ماركس الدهري لا يساوي عندنا جناح بعوظة و إخواننا المسلمون الذين ماتوا نسأل الله أن يشفع فيهم حبيبنا – عفوا حبيبي محمد عليه السلام – و يدخلهم ما وعدهم من الخير و الثواب .


        انــــــتــــــــهــى الحــوار

        تعليق

        مواضيع ذات صلة

        تقليص

        المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
        ابتدأ بواسطة Islam soldier, 6 يون, 2022, 01:23 م
        ردود 0
        211 مشاهدات
        0 معجبون
        آخر مشاركة Islam soldier
        بواسطة Islam soldier
        ابتدأ بواسطة Islam soldier, 29 ماي, 2022, 11:22 ص
        ردود 0
        42 مشاهدات
        0 معجبون
        آخر مشاركة Islam soldier
        بواسطة Islam soldier
        ابتدأ بواسطة Islam soldier, 29 ماي, 2022, 11:20 ص
        ردود 0
        61 مشاهدات
        0 معجبون
        آخر مشاركة Islam soldier
        بواسطة Islam soldier
        ابتدأ بواسطة عادل خراط, 6 أكت, 2021, 07:41 م
        ردود 0
        98 مشاهدات
        0 معجبون
        آخر مشاركة عادل خراط
        بواسطة عادل خراط
        ابتدأ بواسطة Ibrahim Balkhair, 4 سبت, 2020, 05:14 م
        ردود 3
        113 مشاهدات
        0 معجبون
        آخر مشاركة Ibrahim Balkhair
        بواسطة Ibrahim Balkhair
        يعمل...