أيهـا الإنــسان الآلــي، انتبه !

تقليص

عن الكاتب

تقليص

الطلحاوي الإسلام اكتشف المزيد حول الطلحاوي
X
تقليص
يُشاهد هذا الموضوع الآن: 0 (0 أعضاء و 0 زوار)
 
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • الطلحاوي
    2- عضو مشارك

    حارس من حراس العقيدة
    عضو شرف المنتدى
    • 30 مار, 2013
    • 119
    • أستـاذ
    • الإسلام

    أيهـا الإنــسان الآلــي، انتبه !

    السـلآم عليكم


    يحـلم الإنـسان في أن يحقق ذاتـه و هـو يصارعُ أمـواج بحار الدنـيا ، و هـو إذ يكدح في انتـزاع لقمـة عيشـه بين زحمـة تناقضات الحياة الصعبة يعي تمـامـا أنهُ عـارضٌ فيه لا يستطيع أن يفـي بشروط الكمـال و راحـة البال رغم طموحـه العالي و إرادته الفاعلـة ،يبحث هـذا الإنسان عن راحته عبر مسـار مضنك متمفصل إلـى عقبات كئودة شتى فيمضي أيامهُ بصفحات حياته صـاعدا هـابطا يطلب الخـلاص من نكبات الدنيا و ضغط المعيشة فـلا تَــكادُ تحس في مساره غير الأنين و الاستنكـار تلف عنقـه لفا حتـى تعلوهُ من حين لآخـر هيجانـات و تمردات عنيفة قد تعصـف بعلاقاته و تعكر صفو هنـاءه .

    إنــسان هـذا العـصر الغريب لا يفارق الحلبة، حلبة الصراع و الدوران ليل نهـار لتحقيق كفايته ،إنسـان هـذا العصر صـارَ عقرب سـاعة لا يتوقف عن الحركة يطلب المزيد باستمـرار و لا يدعُ بصيرتهُ تـلامس بعده الروحي الذي كـادَ أن يجف من شدة الاستعـجال و الاستطراد و الاستفراد ، فكيفَ الطريقُ لسلوك يختــلي فيه مع نفسـه يتأمـل فيه مسيرته الموّارة فيدققَ النـظر في مستنقعـات الدنيا و يرصـد بهدوء منحنيات النفس في سعيهـا وراء حطـامَ دنيا فانية ؟ كيف لإنسان أنهكهُ كــدح الزمـن أن يتحسس قلبه و يلين قلبه و تدمع عينه في جوف الليل تُـعيدُ له شقه الروحي المهجور بقسوة المـادة و شقاء الكدح ؟ ألــم يانَ قلب الإنسان أن يخشعَ لذكـر الله فيُـنَوٍرَ قلبه الذي صـارَ علبة كبريت نـارية لكي يجدد ذاته فيرتشي بمـاءه البديع ، هيهات هيهات لإنسان عصر تشخّصَ عجلة يسابق ريح الأوهـام ،أوهـام بناء الراحـة و الطمأنينة إلا أن تُـجبرهُ تـارة صدمـة حادث أو نكسـة مشروع فجائي فيُــقعٍده مــلومـا محسورا علـى حصى الذل يُــهرولُ تحت هول الوقعـة ليخلوا بنفسه لمنـاجاة ربه ، منـاجاة إكراه تتوسل الخشوعَ لوقت سرعـان مـا تنقشعُ أديمهـا .عود على بدء !

    أيهـا الإنــسان المعـاصر ، يـا من ابتلعـــتك هموم الدنـيا و أطبقت عليك بمصائبها فأغرقتكَ في بلاوا الضياع و الحرمان، يـا من تنشـطُ وتجدُّ في تحصيل معاشك و ستر عائلتك ففـنيتَ عمركَ دورة ثابتة لا تقدر الخــلاص من قبضـة الدنـيا /المادة ،يا من تخطف وقتـا سريعـا ضيقا تركـعُ فيه لله ركعةَ مُـسابق تذروهـا الرياح في زحمـة المشاغـل ، يا من تديرُ سكون الليلٍ بالقيل و القال و مـلاحقة المقاهـي و السهـر في عنـاكب الشبكات المُـعلـِّـقَـة تُــعوٍّضُ فيها روحكَ باسترواح بليد يطمـسُ القلوب ،أفليسَ للقلوب أقفـال؟! إن كنتَ تلتمـسُ الخلاص بالتخلص من مخزونكَ الروحي عبر الاستغراق في مفاصـل الحياة البائدة فتوحـي بذلك لذاتك وهْـمَ العيش السعيد فـلا منـاص من تجريب لحظـة الانفراد بنفسك في ظلمة الليل تسمو بهـا في فضاء الذكـر و الارتباط بالخالق جل عـلاه و العـالم يصْـخَبُ بهيجانه و ضجيج حركـاته ،لحظةً فقط !

    ســرعـة العصر و دوران أنظمـة المِـهن و مـا آلت بإنسان الزمن الحديث لا تلبــث أن جرّدت منه طاقته الروحية فجوَّفت قلبه و فرَّغتهُ من نــداء الفطرة السليمة ، ضغـط المعيشة و تكـاليف الحياة و مـا تقتضيـه من الكدح اليومـي والشاق تُــحرمهُ في الغالب من منـاجاة ربه منـاجاة الذليل الخاضع لمـولاه ، كيف لا و قد صـارَ آلة يضـعُ المعادلات لحساب دخل اليوم فيهـوي أسيرا في قبضة الكدح المـادي ، يـا أيهـا الإنـسان لا تـجعـل كدحك الأفقي غـاية تفنـى فيها أعمارك و تنـسى أطوارك و مـا خُــلقت له ( يا أيهـا الإنسان إنك كادح إلـى ربك كدحـا فمـلاقيه ) ، كدحنـا إلــى ربنـا يمـر عبر بوابة الدنيا لا محـالة ، لكـن في ثنـاياهـا من تعلق بهـا إطلاقا فصـارَ صريعـا بهـا ألهتهُ التكـاثر في الأولاد و الأمـوال حتـى زاره القبـر بظلمته و وحشته فمـا نفعهُ غير مـا اكتسبه من التقوى و الصـلاح ، كدحنـا إلـى خالقنـا شاق و عسير يحتـاج منـا فـرز الغاية من الوسيلة فرزا جادا تكسبنـا فوز الدارين .

    مـا يُــغني عنهُ مـالهُ إذا تــردى في مهـالك التيه و الغفلـة عن ربه، مـا تغني عنهُ محاصيله الزراعية و الصنـاعية و من أثاث الأرض إن تمسّكَ بالقشور الدنيوية و تـغافلَ عن الاستعداد للرحيل، فـوا أسفاه علـى من جمعَ مالا و عدده يحسِبُـه خلودا يرافقه ليدفع عنه أيام الحساب العسيرة يوم لا ينفع مـال و لا بنون ، هيهـات هيهـات أن تخــتل موازين العدل الإلهـي سبحـانه في حـق الإنـسان الشارد عن مَــهمَّتــه ،الغافل عن رسالته،العابث بمحارمه،الفخور بحديقته،هيهات !

    في دنــيا النـاس مَــن لم يعرف الله إلا في أوقات المصيبة ،و منهم من لــم تـدمع عينه قــط بذكـر الله و تـلاوة آياته النافذة،و منهم من لم تقشعـر جلوده و هـو يسمـع ترانيم القرآن العظيم يُـتلى فيخاطبه وعدا و وعيدا ، و منهـم من فُــضَّ قلبه و روكِــمَ رانًّــا فانطمـست شعلـة قلبه إلا أن تداركه رحمة من ربه ، و منهم مــن لم تنحنــي جبهتــه لمولاه قـط حتـى تــوارى عن الأنـظار في ظلمة القبر بين سؤال منكر و نكير ، نسأل الله اللطف فينــا ، ثم مـاذا بعد ؟ ( ألـم يان للذين أن آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكـر الله و مـا نزل من الحق ) ألـم يحن عهــد التزود من أنـوار الله تتنزل في هدوء الليل ؟ لقد آن آن لمن له عينـان و ألقى السمع و هو شهيد .

مواضيع ذات صلة

تقليص

المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
ابتدأ بواسطة وداد رجائي, 15 يون, 2024, 04:22 م
ردود 0
26 مشاهدات
0 ردود الفعل
آخر مشاركة وداد رجائي
بواسطة وداد رجائي
ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, 9 يون, 2024, 03:56 ص
ردود 0
27 مشاهدات
0 ردود الفعل
آخر مشاركة *اسلامي عزي*
بواسطة *اسلامي عزي*
ابتدأ بواسطة عاشق طيبة, 26 ينا, 2023, 02:58 م
ردود 0
50 مشاهدات
0 ردود الفعل
آخر مشاركة عاشق طيبة
بواسطة عاشق طيبة
ابتدأ بواسطة عطيه الدماطى, 23 ينا, 2023, 12:27 ص
ردود 0
82 مشاهدات
0 ردود الفعل
آخر مشاركة عطيه الدماطى
ابتدأ بواسطة د. نيو, 24 أبر, 2022, 07:35 ص
رد 1
83 مشاهدات
0 ردود الفعل
آخر مشاركة د. نيو
بواسطة د. نيو
يعمل...