الـسلام عليكم
زنـزانـة العقل و القلب ! هـي رواية تحكـي قصـة قلب مُعـذَّب و عقل شقيّ تمرّد في لحظـة مـا و أرادا أن ينعمـا باستقلالية مطلقة عن توجيهـات الدين ،هـي حكـاية إنسان سعـى ليتحرر من كل قيد فوجد نفسـه أسيرا لذاته يخضع و ينحنـي لرغباته قسرا، فهذا العقل البشري عندمـا صار يدّعـي امتلاكـه لنـاصية القيادة المستغنية عن كل شيء فزعم لنفسه القدرة علـى نفي أي سلطة غير سلطته لم يكد أن وجد نفسه وسط مسارات تعبُر به إلـى المجاهيل و اللامعنى فترديه شيئـا فاقدا للمغـزى، و عندمـا انتفض قلب الانسان المادي ليجعل من القيم الانسانية و الجمـالية مجرد خيالات تُمليهـا نزعـات الشعور بالنقص وقعَ في قبضة الأنـانية و حب التسلط و سائر أشكـال التفرعن.
الزنزانـة البشرية جعلت الإنسان يتحول من مخلوق يعيش معنـى وجوده و يتحسس مسالك خروجه الآمن إلـى مخلوق ضائع تهجم عليه النزعـات الشيطانية من كل صوب فتصيغُ منه إنسانـا أكثرَ جدلاً و شيئا مقفولَ القلب برانّـات الأعمـال السوداء المتكاثرة، فهو بعد أن كـان يصغي إلـى نداء الله تعالى بجوارحه و قلبه فتعبُرُ نسمـاتُه أوصالَ ذاته صـارَ الآن مشردا في ذاته متغوّلا علـى غيره يمشي مختالا فخورا و يحسب أنه وصل الجبال طولا، و بعد أن كـان إنسانـا بوحدة العقل و القلب و خضوع تلك الوحدة لمنطق متعـال منه يعطي لوجوده معنـى صار الآن كادرا شكلانيا أُسـرَ فيه القلب و تشرد فيه العقل ، فهذا العقل يُـقدّم نفسه إلـها تنحـل به كل العُقد بل و يُطـرَح كمقياس لكل شيء حتى إذا نازعهم آخـر عدوه خرافيا فوسموه بالمتخلف عقليا !
زنزانـة العقل لذاته بدأت عندمـا انفصل الوجدان عن الدين و حـاكمَ فيه العقلُ الدينَ باستعلاء فنـازعـه في مرجعيته و شوّهه في مكانته حتى صار عند طلاب الدنيا مسألـةً و فــنًّا من الفنون يُستدعـى لتزيين الواجهـات و المنـاسبات ليس إلا، وقعَ العقل في زنزانة ذاته لمّـا ركبه الغرور و تضخمت كبريائه فعدّ الدين طلاسمـا و رموزا، و توسعت عجرفته عندمـا حاربه بقوانينه التي وضعهـا هو فذلّ العقل نفسه بإذلال إبليس له.
لكن هـذا العقل و إن سجنَ نفسه في زنزانـة التألـه فإنـه لـم يعدم إنجازات و مكـاسب، فهو استطـاع _رغم تمرده علـى النداء الإلـهي_ أن يُنتـجَ مختلف الأوبـئة الأخـلاقية و ينشـر عبر العـالم أنموذجـه في تجفيف منـابع الإيمان و يجعـل من الدين مجرد نزوعـات فردانية مشتتة و يُعـمّم ثقافـة التفكير المادي، بـل و استطـاعَ أن يفرض علـى العـالم "المتخلف" سلطته بحد السيف و الغلبة فيدك ما شاء باختراعـات عقله فتصير خرابا. ثمـرات حبس العقل للدين تجلت في مسلسلات تربيـة نـمط بشري يعيـش علـى حـطام الدنيا فيتلقف مـا فيهـا علـى عجـل و ينكب علـى استهـلاك بـلا ضابط و يطلق الذات لتتصرف بذاتهـا بـلا قيد و يسابق الزمـن ليحصـد انجازاته..فـلا خبر عنده لمعنـى وجوده.
في عـالم الكدح إلـى الله مـن عـرف قدر نفسـه فأبقـى قلبـه معلقـا بذكـر الله بوضع العقل في مكـانـه دونمـا غلو، و منهـم من طمسَ آيـات الله فيه فمـا عــاد يتحمـل سمـاع نـداء فطرته إذ أسكرته نـشوة الدنيـا و زينتهـا و حنّــطَ نفســه بتراب الغفلـة الأبدية فصـارَ كدابّـة لا حــظّ لهـا من ربيع الحياة إلا المضغ بلا انقطـاع، و منهم من لا زال في منتصف العقبـة تُشاكـسـهُ نَـزْوتـا الفجور و التقوى و تُـلاطمــه في كـل وقت و حين نـداءات السمـاء و الأرض فـلا يعرف حسمـا حتـى يكون قراره دار القرار .
زنزانـة الذات لذاتهـا تشخّصت معـالمهـا عندمـا اغتصب العقلُ اختصاصات القلب و احتل مساحتـه بلا هـوادة، و ازدادت عجرفته حدّة عندمـا أخمد عواطف القلب و حوّلهــا إلـى آلــة صمـاء أشد من الحجارة قسوة، ففي الغرب المـادي صـار الارتكـاز إلـى أدوار القلب مجرد تخاريف في عصـر ولجَ عـالم التصنيع و التقنية و عُــدَّ فيـه كل حديث عن فاعليتـه شيئا عفـى عنه زمن التسارع العولمي و قيم التسليع و ثقافـة الاستهـلاك الكـاسحة، و فـي عـالمنـا الإسلامي زحفٌ سريع لقيم السوق و هيمنـة مطلقة لإكراهـات واقع البؤس المـادي و انجرار دائم نحـو مكـافحـة معضلات الفقـر المدقع..فـلا زال يصارع و يقارع همـوم احتياجـات ذاته بعيدا عن سنـة الله في خلقـه حتـى يجفّ القلب من ينـابيع الايمـان فتنــقفـلَ آفاتـه و تــسودّ جنــباتــه ، تُــرى لمـاذا يدرك الإنسان حقيقـة شرور أعمـاله فـلا يضع لهـا حدا؟ لمـاذا تشمئـز بعض النفوس المريضـة كلمـا سُمّعـت آيـات الله فتنقبض بواطنهـا و تكفهـر وجوههــا ؟ مـا الذي جعل بعض العيون الآدمية تخـاصم دموعهـا فلا تدعهـا تسيل خشية لله ؟ كيف يصبـح الران انقفـالا ؟
سلطـة العقل الذي ننتــقده تتمثل في بعـده الغـائي حيث احتكر كل شيء تحت تفكيره، و لا تتعلق إطـلاقا ببعده الإجرائي كأداة للتجريب و الاستفهـام، فـلا اعتراض لأحـد علـى ضرورة توظيف إمكـاناته الهـائلة في البحث و الاستقصاء للوصول إلــى الأغراض المطلوبة لخدمـة الإنسان و لا تشكك في قدرته علـى تنظيم آفاقنـا و تسهيل أعمـالنـا، لكن..! حديثنـا عن عقل محدد فصلَ الحدود عن غـاية الوجود و زعمَ أن لا حياة إلا هنـا و طفقَ يُسخّـر طـاقاته في إثبات أولوية الدنيا، حديثنـا عن عقل متشرد في أنمـاط تفكيره يزعم التحرر من سلطـة الدين من حيث هو أسيرا لذاته، يحاول أحيانـا أن يعزل نفسـه عن الأسئلـة الوجودية الكبرى و أحيانـا يتمـادى فيعلن بوقـاحة أنه يملك أسرار الوجود !
حبسَ هـذا الإنسان نفسه داخـل قمقمــه لا يبرح الدنيا و مـا فيهـا حتـى يجهـز عليه طارئ يسلبه نـعَـمـه، أو يمسه بضر فيدعـوا خـالقه قاعدا أو قائمـا، فهذا الإنسان المغرور لا يتحرك إلا عندمـا يكون في شدة، فإن أذاقـه خـالقه رحمة منه فنزعهـا منه فيؤوس كفور قنوط، فهـو ظلوم و عجول و ضعيف و قتور و جهول وهلوع، لكن ! لكن الإنسان المتحرر من سلطات الزنزانـة البشرية العابر لقارات الدنيا نحو ملكوت الله و رضوانه قادر علـى كسر أغـلال استعباد الذات لذاته، و قادر علـى تحويل الشر فيه إلـى خير لبني البشر عبر الارتقاء في سلالم الإيمان و الإحسان، الإحسان الذي يُعَلّم الإنسان كيف يتصرف مع خـالقه و ذاته و غيره بعيدا عن الفلسفات الفردانية و النزعـات الدهرية التي شوهت حقيقيته و مسخت شخصيته الوجودية الحقيقية، الإحسان الذي يعطي للحياة معنــى فريدا، يُخـاطب فيه روحه و يجعل جوارحه خدمـة لمشروع الوصول إلـى بر الأمـان الكبير : مشروع الفوز برضى الله جل جلالــه .
زنـزانـة العقل و القلب ! هـي رواية تحكـي قصـة قلب مُعـذَّب و عقل شقيّ تمرّد في لحظـة مـا و أرادا أن ينعمـا باستقلالية مطلقة عن توجيهـات الدين ،هـي حكـاية إنسان سعـى ليتحرر من كل قيد فوجد نفسـه أسيرا لذاته يخضع و ينحنـي لرغباته قسرا، فهذا العقل البشري عندمـا صار يدّعـي امتلاكـه لنـاصية القيادة المستغنية عن كل شيء فزعم لنفسه القدرة علـى نفي أي سلطة غير سلطته لم يكد أن وجد نفسه وسط مسارات تعبُر به إلـى المجاهيل و اللامعنى فترديه شيئـا فاقدا للمغـزى، و عندمـا انتفض قلب الانسان المادي ليجعل من القيم الانسانية و الجمـالية مجرد خيالات تُمليهـا نزعـات الشعور بالنقص وقعَ في قبضة الأنـانية و حب التسلط و سائر أشكـال التفرعن.
الزنزانـة البشرية جعلت الإنسان يتحول من مخلوق يعيش معنـى وجوده و يتحسس مسالك خروجه الآمن إلـى مخلوق ضائع تهجم عليه النزعـات الشيطانية من كل صوب فتصيغُ منه إنسانـا أكثرَ جدلاً و شيئا مقفولَ القلب برانّـات الأعمـال السوداء المتكاثرة، فهو بعد أن كـان يصغي إلـى نداء الله تعالى بجوارحه و قلبه فتعبُرُ نسمـاتُه أوصالَ ذاته صـارَ الآن مشردا في ذاته متغوّلا علـى غيره يمشي مختالا فخورا و يحسب أنه وصل الجبال طولا، و بعد أن كـان إنسانـا بوحدة العقل و القلب و خضوع تلك الوحدة لمنطق متعـال منه يعطي لوجوده معنـى صار الآن كادرا شكلانيا أُسـرَ فيه القلب و تشرد فيه العقل ، فهذا العقل يُـقدّم نفسه إلـها تنحـل به كل العُقد بل و يُطـرَح كمقياس لكل شيء حتى إذا نازعهم آخـر عدوه خرافيا فوسموه بالمتخلف عقليا !
زنزانـة العقل لذاته بدأت عندمـا انفصل الوجدان عن الدين و حـاكمَ فيه العقلُ الدينَ باستعلاء فنـازعـه في مرجعيته و شوّهه في مكانته حتى صار عند طلاب الدنيا مسألـةً و فــنًّا من الفنون يُستدعـى لتزيين الواجهـات و المنـاسبات ليس إلا، وقعَ العقل في زنزانة ذاته لمّـا ركبه الغرور و تضخمت كبريائه فعدّ الدين طلاسمـا و رموزا، و توسعت عجرفته عندمـا حاربه بقوانينه التي وضعهـا هو فذلّ العقل نفسه بإذلال إبليس له.
لكن هـذا العقل و إن سجنَ نفسه في زنزانـة التألـه فإنـه لـم يعدم إنجازات و مكـاسب، فهو استطـاع _رغم تمرده علـى النداء الإلـهي_ أن يُنتـجَ مختلف الأوبـئة الأخـلاقية و ينشـر عبر العـالم أنموذجـه في تجفيف منـابع الإيمان و يجعـل من الدين مجرد نزوعـات فردانية مشتتة و يُعـمّم ثقافـة التفكير المادي، بـل و استطـاعَ أن يفرض علـى العـالم "المتخلف" سلطته بحد السيف و الغلبة فيدك ما شاء باختراعـات عقله فتصير خرابا. ثمـرات حبس العقل للدين تجلت في مسلسلات تربيـة نـمط بشري يعيـش علـى حـطام الدنيا فيتلقف مـا فيهـا علـى عجـل و ينكب علـى استهـلاك بـلا ضابط و يطلق الذات لتتصرف بذاتهـا بـلا قيد و يسابق الزمـن ليحصـد انجازاته..فـلا خبر عنده لمعنـى وجوده.
في عـالم الكدح إلـى الله مـن عـرف قدر نفسـه فأبقـى قلبـه معلقـا بذكـر الله بوضع العقل في مكـانـه دونمـا غلو، و منهـم من طمسَ آيـات الله فيه فمـا عــاد يتحمـل سمـاع نـداء فطرته إذ أسكرته نـشوة الدنيـا و زينتهـا و حنّــطَ نفســه بتراب الغفلـة الأبدية فصـارَ كدابّـة لا حــظّ لهـا من ربيع الحياة إلا المضغ بلا انقطـاع، و منهم من لا زال في منتصف العقبـة تُشاكـسـهُ نَـزْوتـا الفجور و التقوى و تُـلاطمــه في كـل وقت و حين نـداءات السمـاء و الأرض فـلا يعرف حسمـا حتـى يكون قراره دار القرار .
زنزانـة الذات لذاتهـا تشخّصت معـالمهـا عندمـا اغتصب العقلُ اختصاصات القلب و احتل مساحتـه بلا هـوادة، و ازدادت عجرفته حدّة عندمـا أخمد عواطف القلب و حوّلهــا إلـى آلــة صمـاء أشد من الحجارة قسوة، ففي الغرب المـادي صـار الارتكـاز إلـى أدوار القلب مجرد تخاريف في عصـر ولجَ عـالم التصنيع و التقنية و عُــدَّ فيـه كل حديث عن فاعليتـه شيئا عفـى عنه زمن التسارع العولمي و قيم التسليع و ثقافـة الاستهـلاك الكـاسحة، و فـي عـالمنـا الإسلامي زحفٌ سريع لقيم السوق و هيمنـة مطلقة لإكراهـات واقع البؤس المـادي و انجرار دائم نحـو مكـافحـة معضلات الفقـر المدقع..فـلا زال يصارع و يقارع همـوم احتياجـات ذاته بعيدا عن سنـة الله في خلقـه حتـى يجفّ القلب من ينـابيع الايمـان فتنــقفـلَ آفاتـه و تــسودّ جنــباتــه ، تُــرى لمـاذا يدرك الإنسان حقيقـة شرور أعمـاله فـلا يضع لهـا حدا؟ لمـاذا تشمئـز بعض النفوس المريضـة كلمـا سُمّعـت آيـات الله فتنقبض بواطنهـا و تكفهـر وجوههــا ؟ مـا الذي جعل بعض العيون الآدمية تخـاصم دموعهـا فلا تدعهـا تسيل خشية لله ؟ كيف يصبـح الران انقفـالا ؟
سلطـة العقل الذي ننتــقده تتمثل في بعـده الغـائي حيث احتكر كل شيء تحت تفكيره، و لا تتعلق إطـلاقا ببعده الإجرائي كأداة للتجريب و الاستفهـام، فـلا اعتراض لأحـد علـى ضرورة توظيف إمكـاناته الهـائلة في البحث و الاستقصاء للوصول إلــى الأغراض المطلوبة لخدمـة الإنسان و لا تشكك في قدرته علـى تنظيم آفاقنـا و تسهيل أعمـالنـا، لكن..! حديثنـا عن عقل محدد فصلَ الحدود عن غـاية الوجود و زعمَ أن لا حياة إلا هنـا و طفقَ يُسخّـر طـاقاته في إثبات أولوية الدنيا، حديثنـا عن عقل متشرد في أنمـاط تفكيره يزعم التحرر من سلطـة الدين من حيث هو أسيرا لذاته، يحاول أحيانـا أن يعزل نفسـه عن الأسئلـة الوجودية الكبرى و أحيانـا يتمـادى فيعلن بوقـاحة أنه يملك أسرار الوجود !
حبسَ هـذا الإنسان نفسه داخـل قمقمــه لا يبرح الدنيا و مـا فيهـا حتـى يجهـز عليه طارئ يسلبه نـعَـمـه، أو يمسه بضر فيدعـوا خـالقه قاعدا أو قائمـا، فهذا الإنسان المغرور لا يتحرك إلا عندمـا يكون في شدة، فإن أذاقـه خـالقه رحمة منه فنزعهـا منه فيؤوس كفور قنوط، فهـو ظلوم و عجول و ضعيف و قتور و جهول وهلوع، لكن ! لكن الإنسان المتحرر من سلطات الزنزانـة البشرية العابر لقارات الدنيا نحو ملكوت الله و رضوانه قادر علـى كسر أغـلال استعباد الذات لذاته، و قادر علـى تحويل الشر فيه إلـى خير لبني البشر عبر الارتقاء في سلالم الإيمان و الإحسان، الإحسان الذي يُعَلّم الإنسان كيف يتصرف مع خـالقه و ذاته و غيره بعيدا عن الفلسفات الفردانية و النزعـات الدهرية التي شوهت حقيقيته و مسخت شخصيته الوجودية الحقيقية، الإحسان الذي يعطي للحياة معنــى فريدا، يُخـاطب فيه روحه و يجعل جوارحه خدمـة لمشروع الوصول إلـى بر الأمـان الكبير : مشروع الفوز برضى الله جل جلالــه .
تعليق