بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه
من الأسباب تعين على ترك الظلم
كقوله تعالى ( إن الله لا يظلم مثقال ذرة ) أي لا يبخسهم ولا ينقصهم من ثواب عملهم وزن ذرة بل يجازيهم بها ويثيبهم عليها .
والمراد أن الله تعالى لا يظلم قليلا ولا كثيرا ؛ كما قال تعالى ( إن الله لا يظلم الناس شيئا ) وقال تعالى { وما ربك بظلام للعبيد} (سورة فصلت:46)أي لايظلم أحداً من خلقه بل هو الحكم العدل الذي لا يجور تبارك وتعالى وتقدس وتنزه الغني الحميد ولهذا جاء في الحديث عن مسلم رحمه الله من رواية أبي ذر رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الله تعالى يقول ( يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا (
2 ـ النظر في سوء عاقبة الظالمين:
قال تعالى: {وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتما مقضيا ثم ننجي الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثيا} (سورة مريم:71-72)، هود:117) أي وندع الذين ظلموا أنفسهم ، فعبدوا غير الله ، وعصوا ربهم ، وخالفوا أمره ونهيه في النار جثيا بروكا على ركبهم .
3 ـ عدم اليأس من رحمة الله:
قال تعالى: {إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون} (سورة يوسف:87 أي لا يقنط من فرجه ورحمته ويقطع رجاءه منه ( إلا القوم الكافرون ) يعني القوم الذين يجحدون قدرته على ما شاء تكوينه .
4 ـ استحضار مشهد فصل القضاء يوم القيامة :
قال تعالى {وأشرقت الأرض بنور ربها ووضع الكتاب وجيء بالنبيين والشهداء وقضي بينهم بالحق وهم لا يظلمون ووفيت كل نفس ما عملت وهو أعلم بما يفعلون} (سورة الزمر:68-70). أي وقضي بين العباد بالعدل والصدق ، و أنهم لا يظلمون فلا ينقص من ثوابهم ولا يزاد على ما يستحقونه من عقابهم .
ووفيت كل نفس ما عملت من خير وشر وهو أعلم بما يفعلون في الدنيا فلا يحتاج إلى كاتب ولا حاسب ولا شاهد ، وإنما وضع الكتاب وجيء بالنبيين والشهداء لتكميل الحجة وقطع المعذرة
فعلى الظالم أن يتذكر الموت وشدته، والقبر وظلمته ، والميزان ودقته، والصراط وزلته، والحشر وأحواله، والنشر وأهواله،ويتذكر إذا نزل به ملك الموت ليقبض روحه، وإذا أنزل في القبر وحده، وإذا استدعاه للحساب ربه، وإذا طال يوم القيامة وقوفه.
5 ـ الذكر والاستغفار:
قال تعالى: {والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون} (سورة آل عمران:135). أي إذا صدر منهم ذنب أتبعوه بالتوبة وطلبوا المغفرة لها من الله سبحانه فلم يصروا على فعلهم لكن تابوا وأنابوا واستغفروا.
6 ـ كف النفس عن الظلم ورد الحقوق لأصحابها :
فالتوبة النصوح أن يندم الإنسان بالقلب ويقلع بالجوارح، وأن يستغفر باللسان، ويسعى في إعطاء كل ذي حق حقه، فمن كانت لأخيه عنده مظلمة، من مال أو عرض، فليتحلل منه اليوم، قبل أن لا يكون دينار ولا درهم إلا الحسنات والسيئات. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من كانت عنده مظلمة لأخيه من عرضه، أو من شيء، فليتحلله منه اليوم، قبل أن لا يكون دينار ولا درهم، إن كان له عمل صالح أُخذ منه بقدر مظلمته، وإن لم يكن له حسنات، أُخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه) .
فباب التوبة مفتوح لكل من عصى الله إذا توفرت شروطها، قال تعالى( وَمَن يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللّهَ يَجِدِ اللّهَ غَفُورًا رَّحِيمًا ) النساء:110.
قال ابن القيم: (والظلم عند الله عزَّ وجلَّ يوم القيامة له دواوين ثلاثة: ديوان لا يغفر الله منه شيئًا، وهو الشرك به، فإن الله لا يغفر أن يُشْرَك به. وديوان لا يترك الله تعالى منه شيئًا، وهو ظلم العباد بعضهم بعضًا، فإن الله تعالى يستوفيه كله. وديوان لا يعبأ الله به شيئًا، وهو ظلم العبد نفسه بينه وبين ربه عزَّ وجلَّ، فإن هذا الديوان أخف الدواوين وأسرعها محوًا، فإنه يُمحى بالتوبة والاستغفار، والحسنات الماحية، والمصائب المكفرة، ونحو ذلك. بخلاف ديوان الشرك؛ فإنه لا يُمحى إلا بالتوحيد، وديوان المظالم لا يُمحى إلا بالخروج منها إلى أربابها واستحلالهم منها) .
ختاما
فإن الظلم مرتعه وخيم وعاقبته وبيلة، يأكل الحسنات ويمحق البركة ويجلب الويلات، يورث العداوات ويسبب القطيعة والعقوق، و متى فشا الظلم في أمة وشاع فيها أهلكها، ومتى حل في قرية دمرها.
لاتظلمن إذا ما كنت مقتدراً *** فالظلم آخره يأتيك بالندم
نامت عيونك والمظلوم منتبه *** يدعو عليك وعين الله لم تنم
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
وصلى الله على محمد و آله وصحبه أجمعين
منقول بتصرف من
2- تفسير القرطبي
3- تفسير الطبري
4- تفسير فتح القدير
5- تفسير البغوي
6- موسوعة الأخلاق
7- الظلم عاقبته وخيمة د/سعيد عبد العظيم
8- الظلم وعاقبته الشيخ محمد المنجد
9-فتاوى إسلام ويب
تعليق