اللائــكية و المــثــقـــف ج 1

تقليص

عن الكاتب

تقليص

الطلحاوي الإسلام اكتشف المزيد حول الطلحاوي
X
تقليص
يُشاهد هذا الموضوع الآن: 0 (0 أعضاء و 0 زوار)
 
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • الطلحاوي
    2- عضو مشارك

    حارس من حراس العقيدة
    عضو شرف المنتدى
    • 30 مار, 2013
    • 119
    • أستـاذ
    • الإسلام

    اللائــكية و المــثــقـــف ج 1




    ثـمة مسلمة غدت مبتســرة و مضطردة تكشف عنهـا الأيام بكل جــلاء و يؤكـدها التاريخ المعـاصر، تتـمثل هـذه البديهة في كـون أن أغلب المفردات و المفاهيم المتداولة في الغرب تُـصبح مـادة خـامـة عند المثقفين العرب يهضمـها مـنا المتغربون و يعيدون إنتاجها ، فيكفي أن يعرف الغرب ضـمن تاريخـه الخـاص نـقاشا حول تصور مـا حتـى يندفـع المثقف نحو اجتــرار أدبيات النقاش و يصوغ عــلى هديهــا نظريات في الفكـر و السياسة و الاجتمـاع و الاقتـصاد ، يــحدث هــذا المــضغ بدعــاوى هيمنـة الغرب و تحكــمه في المجالات المختلفة و تحت تخاريف " كونية القيم الغربية " التي تــحولت إلــى مرجـع إيديولوجي يستقي منـه المثقف المتغرب بضاعتــه الهــجينة يزعم فيها الخلاص لأزمـة العالم العروبي الإسلامي. و لــعل الباحث في معظم كتب مثقفينا يجد حضــورا طاغــيا لمختلف المصطلحات المُــؤدلجة التي أفرزتها تقلبات التاريخ الغربي بملابساته الداخلية ، عــلى أن هــذه الالتقاطات المعجمية بما تحملها من خلفيات لا تــعكس قـدرة المثقف العروبي علـى النقد و الغربلة بقدر ما تكشف على أحــد أوجـه الاستلاب الثقافي التي وصمت المثقف العروبي و ميزت مسيرته الأكاديمية ،فالمثقف " المعلمَن " لا يشــعر بمدى خضوعــه لنمط الاستهلاك القيمي الغربي و لا يملك الجرأة الأدبية على الاعتراف بهــذه الحقيقية كمـا أنه قلمـا نسمع من أحدهـم اعترافا بــواحا بتبعيتهم الثقافية لمنظومة القيم الغربية بقدر ما نلمس كِــبرا و تعاليا بالذات مستعملين في سبيل ذلك لغــة خشبية جــافة لا طائــل منها تُــحاول عبثا أن تــدفع التهمة عنهم ، مــدار رد التهــمة أسطوانــة مملة لا تــكاد تخــرج عن محفوظات نقد التراث و تحييد الدين و عقلنة التدبير السياسي و التحصن وراء "الحداثة" و" التنوير" و حقوق الأقليات و قيم مواثيق الحقوق " الكونية " و ضرورة تجديد الدين مع التطور و ثقافة المواطنة ... مفردات فــجة لا يبرحها خطاب المثقف المتغرب ما دام يعيش وعيــا مزدوجــا بين تاريخه و تاريخ الغرب المشاكس و المهيمن في الفكر و الواقع ، لـــكن هــل يبرر سيطرة هذا المارد الغرب ما نــشاهــده من فقر شديد في التحليل المستند إلــى الذات لدى هؤلاء المثقفين ؟ هــل يكفي أن تــسود فــئة مــا لنشرعِــنَ تبعية المنهزِم ؟ و لـــماذا أصبح المثقف بالذات ضحية التغريب و التشوه الثقافي ؟ لماذا كلما فتح المثقف العروبي عينيه عــلى كتاب أجنبي يحلل فيه ظاهــرة مــا حــتى ينبـري في الانتصــار لــه و يصير ذيــلا له في المضغ اللغوي ؟ هــل يكفي أن تــسود الكتب الأجنبية في مكاتبنا حتـى نعلنهـا ولاء لمضامينهــا ؟ لماذا لم تتشــوه فلسفة المعتــزلة مثلا بمفردات تحليل الفكر اليوناني بنفس الحجم التي نلامسهــا عندنا الآن ؟.



    صــخب فكري و هذيــان ذهني يعيشـه المثقف العروبي اللائكي يفتــرض في عالمــه الخاص مــا يراه السبيل الأمـثل لتجاوز أزمــة الحكم و استبداد الدولة ، يُــحاول اللائكي أن يجعــل نفســه محللا و فيلسوفا و مؤرخــا ليقدم لواقع البؤس السياسي العروبي وصفات جــاهزة مُــعلبة تُــخرِج العالم العروبي من أوصال التمـزق الاجتمــاعي و الاقتصــادي و السياسي ، فــهو إذ ينتــحل عنـاوين الحلول من " الأستاذ الغرب " و يُــكرس عقلـه المسكون بالأليــكـة لا يبالي بكساد بضاعته التي سممت عقول المنخدعين بالحل الاستيرادي و لا يأبــه بالولاء الحضاري للغرب الذي ينحني له إجلالا و ذلا ، و إنــما يواصــل في الحــفر حتــى يــصطدم بأحجار الواقع الصلب ، أحــجار جعلت العديد من مثقفي العصر الحديث و الراهــن يدركون أوهــام الحلول المستوردة و يقفون علــى حجم المكــر السياسي الذي أتــى علــى شريحــة كبيرة من المثقفين ، كمــا أن المثقف اللائكي إذ يمارس إعادة إنتــاج الوصفات الجاهــزة و يتعــاطى " مخدرات " الانتحــال المفاهيمي من " الأستاذ الغرب " و يسعـى في سبيل ذلك إلــى تكريس الهيمــنة اللغوية التغريبية علــى الواقــع المشهــود لــه بالفــراغ الإبداعي فإنــه يضع نفسه كمـا لــو أنــه أحد أعــمدة تبليغ طرق الخــلاص و يطرح كتاباته كمــا لو أنها مشروع النــجاة ، و الــحال كما نعــتقده أن الحطاب الثقافي اللائكي يمثل أحــد أهــم مشكلات النهــوض و أبــرز مسالك التشوه الفكري و القيمي التي تعيق تجديد الذات و التراث نــظرا لمنسوب الحجب و الزيف الذي تمارسه معظــم الكتب اللائكية حول التراث و التجديد و نــظرا لكون معظــم الدارسين للفقــه السياسي من الأقــلام المتغربة لم يكونوا أصــلا متخصصين في قراءة التراث السياسي للأمــة ( كتاب قبل السقوط لفرج فودة نموذج صارخ لمدى التشويه التاريخي لذاكرة الأمــة السياسية ) ، فالعــقل اللائكي لازال يتصور الدين كما يتصوره العقل الدهــري الغربي و لا زال ينظـر إلــى النص كمـا ينظـر إلــيه العقل المتمرد علــى الدين و لازال يفتعـل الصراعات الوهمية داخل التراث بنفس الأدوات اللائكية دون أن ينتبــه إلى واقع الاستيلاب الفكري الذي عصف بمثقفينا و حولهم إلى أليات و جماجـم نــاطقة باسم الأليكة الإفرنجية. إنــنا نــرى في التدهــور الفكــري لــدى قطاع من المثقين اللائكيين و الجمــود النظري ( نقصد بالجمود النظري حال الترديد الألــي لمفردات " الأستاذ الغرب " و النسج علـى إيقاع الفصل المفتعَــل بين الدين كنظام و الدولة كأداة ) تحصــيل حاصل نجــم عن عــدم القدرة علــى تحليل الذات و بناءها بناء ذات علاقة بالمجال التداولي ، فيكفي لباحث في مقالات اللائكيين حتــى يقف علــى هــشاشــة التجديد التداولي و يدرك حجم الشرود الذهــني في تناول قضايا التراث و التجديد في مسائل السياسة و الاجتمــاع و الاقتصــاد و التاريخ من دون أن يتمــكوا من مقاربة الأزمــة مقاربة تراثية نابعة من الذات ، لــكن ما الذي يجعــل المثقف اللائكي يشكــل عقبة و جزءا من المشكــلة ؟ ما الذي يتحكم بعقل المثقف اللائكي و هــو ينظــر إلــى التاريخ و الواقع ؟ أليس من حــق الإسلامي أن يعتــبر الانتاج الفكري اللائكي عائقــا ثقافيا يحول دون إكســاب الأمــة المناعــة و القدرة علــى التصدي لكل أشكــال التغريب الفكري و الأخلاقي ؟ ثـم أليس من السذاجة الاعتــبار بهذه الكتب المتمردة علــى الدين كفضاء قيمي و أصحاب معظمها يشهــدون مراجعات و تراجعات في القناعات كلما زحف سن الشيخوخة عليهم ؟ أتستحــق تلك المقالات قيمة مدادهــا ؟ لماذا لا يستفيد المثقف اللائكي من النتائج الهزيــلة التي حصدهــا إبان المعارك الفكرية مع أنصار الذات و التجديد التداولي بدل العناد و الإصرار الجاف ؟ ( يُــنظَــر المناظرات التي عقدت بين فترات مختلفة بين الإسلاميين و اللائكيين و نترك القارئ النزيه حق الرأي في الحصيلة ، ُينظر مثلا مناظرة المفكر المستنير محمد عمارة مع زعيم التغريب الماركسي فؤاد زكريا حول موضوع أزمـة العثل العربي ).



    إنــنا نــرى استــحالة فـك الارتباط بين التغريب و الأليــكة مــا دام المثقف العروبي لازال يــتــغــذى بــوفــرة علــى قمــامات الفــكر العبثي الوجودي أو عــلى تــرهات التحــليلات الانطباعاتية حــول الإنــسان و الدين و الوجود يالشــكل الذي نــجده عــند العـديد من التُّـــبــع العرب في ميــدان السياسة و التاريخ ، و نــحن إذ نــرى وحدة التغريب و الألــيكة لا نــسعى من خــلالها إلــى طــرح قضيــة العــمالة الحــضارية في حــق من افتُــتِــنَ بقيم الغرب و أسس نظامــه كــما يــحاول أن يستــنتج من ذلك المثقف العروبي فيشرع بالثرثرة الكــلامية الاستــهلاكية بنعت الإسلاميين بضيقي الأفق ، فكمــا يؤكــد العديد من أنــصار التجديد الذاتي أن ثــمــة لائكيين وطنيين لهم تاريخ في صــد الهــيمنة الغربية إبــان الاستخــراب الإفرنــجي و أن العديد منهـم تــحملـوا في سبيل التراب الســجون و شتــى ألــوان التعذيب
    لــكنـــــنا نُــعيد طــرح جــوهــر المشكــلة من أصولـــها و بــذورهــا و نــود أن نــحلل أســباب التــمــزق الداخلــي في الفكــر و السلــوك ، و إذ نتأمــل في العــقل اللائــكي في عــلاقته بالــدين نــجده محــكومــا بعــقدة المنــظور الغــربي للديــن و مشــحونــا بحالات هيستيــريا الإبــعاد و الفصل مع الرفــس مُــسخــرا في ذلك اللغــة المجتــثة التــي أنتــجتهــا كشوفات " العلوم الإنسانية " و مــوظفا لشتــى مفردات مخلفات الفكر الدهــري الغربي في صــراعــه المــرير مع الفكــر الديني كمــا تــجلــى في انحــرافات الإكليروس . و مــع شــيوع التــحليلات الدهرية المتسربــلة ب"العلمية" أصــبح في عــالمنا العروبي إتــقان التقــليد و مــحاكــاة الثــرثرة الكــلامية بــضاعــة المثقف اللائــكي يقدمــها متخــمــرة بســموم الدهرية إلــى الجــمهــور الغــارق في استــبداد النــظم فيلتــقطــها كمــا لو أنــه ظــفر بالحــل الســحري لأزمــة الوجود ! .




    تســتــمر هــذه اللغة الجــافة في الدوران بين المثقفين و أطــفال الثقافة فينظرون إلــى الــتراث كــخط أســود في تــاريخ الأمــة ثــم تــبدأ بعدها كتابات المحاكمات العلــنية للتراث بين من يرســلها مــادية فينقــب في الأصـول الطبقية ( النزعــات المادية .ل حسين مروة مــثال بــارز للقراءة اللائكية المادية المؤدلجة للتاريخ ) و بين من يرسلــها لائكية من داخــل الدين نفســه فيقــرأ الإســلام قراءة سطــحية مبتــدعــة تــحاول عبثا أن تــجد لــها مــكانا في الفضاء الإسلامي ( كتاب الإســلام و أصــول الحــكم لعلي عبد الرازق مــثال علــى نموذج الابتــداع الديني للدين ) . بيــن هــذا الفــكر الحربــي علــى الدين و بين الفكــر الابتــداعي تــصول الأزمــة الثقافــية في عــشاق الثقافة و تتشــوه قيم الدين فتصبــح غريبة و رجعــية عــند أنــصار الحداثــة اللائكية و أنصاف الثقافــة ثـــم يُـــصــرَخ في وجــه الفقـــــيــه و تُـــصــكُّ في حــقه كــل أشــكال التخــلف و الانــحطاط فتــجد من ينتــصر للرشــدية " العقلانية " و يُــعادي عقل الفقيــه الذي ارتــبط بالدين و تــحرك في نــطاقِــه التداولــي ، و تــجد من يُـــجمِــع كــل بــلاوى التقــهــقر الحــضاري عــلى الــزاهــد العــابد فيرســل شــواظا من نــار علــى الإمــام المتصــوف العابــر للذات و العقل ، لــماذا لــم يستطع المثقف اللائكــي الاقتــراب من التاريخ و التــراث من الداخــل و البحــث في مكمونات عقــل الفقــيه و هــو يُــجاري الأحــداث و يتعــاطى مع واقع مفعــم بالتقلبات الشــاذة ، لــم يــكـــد يطــيق لغــة الدين و قال الله تــعالى و قال الرســول عليه الســلام فتــــجــفــف عقله مثلما تجفف قلبــه من الذكــر و لا حول و لا قــوة إلا بالله العظــيم.



    إذا كــان المثقف اللائــكي في قــرارة نفســه يعــتبر الخـطاب الجـاف و اللغة الخشبية نتيجــة انفتــاحه علــى كتب التحليل اللائكي الغربي فأصــبح يجاريهــا في الإيقاع البلاغــي فــهذا لا يعفيه من المسؤولية الثقافية التي ينبغــي أن تتلاحــم مع محيطــها التداولية و لا يقــد لــه امتيازات فكرية غير التقليد مــا دام غــارقا في التغرب ، فالمثقف اللائكي مــأزال يتحرك في فــضاء قيم الغرب و يحسب نفســه متحــررا من الأســر الثقافي الغربي دون أن يــلاحظ مـــدى ارتبــاط معجــمه اللغوي بالــواقع التاريخي الظرفي للغرب الإفرنجي . إنــنا نــرى ازدواجية الايديولوجيات و تلاطمــها في المحــيط الواحــد عــائقا حقيقيا يحول دون إنــضاج العقل الجمعــي التداولي و يعيق إمكانات التحرر من القبضــة الافرنجية ، فتــحت دعــاوى ضرورة الانفتاح علــى قــيم العالم أصـبح واقعـ،ا مُــختبرا مبتذلا للإيديولوجيات الدهــرية يعــمل المثقف كوسيــط للشــحن و النــفخ .
    إن اختــيار المــرء قطــعة من عقلــه كما قال القدــماء إذ لا بــراءة في حــق من احتــرف التحليل الدهــري و كـــرس حياتــه لأجــل التنادي بما نادت بــه كتب اللائكيين في عــصر ما يسمــى بعصر " النهضة " و " الأنــوار " ، و إذ نــشدد النــكير علــى ضرورة الاستــقلال الثقافي في الفــكر و السلوك عن الأطــر الحضارية المغايــرة لا نستــهدف من وراء ذلك التشرنــق علــى الذات و الانغلاق داخل " الأنــا " و القــطع مع قــيم الآخرين و إنــما نقصــد بذلك التــحلي ب " الشخصية الثقافية " في مواجــهة أشــكال الهــيمنــة المصطلحية الغربية التي تــحمل معهــا القيم و أنـــماط العيش ، و نــحن إذ نــقرأ كتب الأقــدمين لا يكــاد يلمــس أحــد منــا أي اغتــراب في التحــليل و التوظيف اللغوي بقدــر ما تــجد وحدة ثقافية تداولية رغم أشــكال الاختراق اليوناني و حرمة الترجمــات ، و هــذا مــا يعزز الاعتقاد بقــ,ة الاستقلال الحضاري للمسلــمين علــى عِـــلاَّت نــظام العض الذي أعــاقَ المسيرة السياسية و حــالَ دون إنــضاج آليات التدبير السياسي للخلافة الصورية.



    التعديل الأخير تم بواسطة الطلحاوي; 30 نوف, 2013, 03:20 م.

مواضيع ذات صلة

تقليص

المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
ابتدأ بواسطة Islam soldier, 6 يون, 2022, 01:23 م
ردود 0
213 مشاهدات
0 ردود الفعل
آخر مشاركة Islam soldier
بواسطة Islam soldier
ابتدأ بواسطة Islam soldier, 29 ماي, 2022, 11:22 ص
ردود 0
44 مشاهدات
0 ردود الفعل
آخر مشاركة Islam soldier
بواسطة Islam soldier
ابتدأ بواسطة Islam soldier, 29 ماي, 2022, 11:20 ص
ردود 0
61 مشاهدات
0 ردود الفعل
آخر مشاركة Islam soldier
بواسطة Islam soldier
ابتدأ بواسطة عادل خراط, 6 أكت, 2021, 07:41 م
ردود 0
98 مشاهدات
0 ردود الفعل
آخر مشاركة عادل خراط
بواسطة عادل خراط
ابتدأ بواسطة Ibrahim Balkhair, 4 سبت, 2020, 05:14 م
ردود 3
115 مشاهدات
0 ردود الفعل
آخر مشاركة Ibrahim Balkhair
بواسطة Ibrahim Balkhair
يعمل...