التسبيح هو التنزيه؛ وقد جاء في حديث حذيفة: إذا مر بآية تنزيه سبح، وورد تفسيره بالتنزيه في حديث متصل ضعيف عند الحاكم وغيره، وحديث آخر مرسل، وجاء عن ابن عباس وغيره من السلف أنه التنزيه. والمفسرون كذلك ذكروا أن التسبيح هو التنزيه، [ينظر: تفسير الطبري: 1/474، وتفسير ابن عطية: 3/472، وزاد المسير: 1/53، وتفسير القرطبي: 1/276، وتفسير السعدي: 48، والتحرير والتنوير: 1/405].
ولكنه ليس مجرد تنزيه أو نفي محض بل فيه إثبات الكمال، فهو تنزيه يتضمن التعظيم، ودليل تضمنه التعظيم قول النبي عليه الصلاة والسلام «فَأَمَّا الرُّكُوعُ فَعَظِّمُوا فِيهِ الرَّبَّ عَزَّ وَجَلَّ» [رواه مسلم:1/348] والوارد في الركوع تسبيح.
قال السمعاني رحمه الله تعالى: سبحان: تنزيه الله من كل سوء، وحقيقته تعظيم الله بوصف المبالغة، ووصفه بالبراءة من كل نقص. [تفسير السمعاني: 3/212]. وقال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى: والأمر بتسبيحه يقتضي أيضا تنزيهه عن كل عيب وسوء، وإثبات صفات الكمال له؛ فإن التسبيح يقتضي التنزيه والتعظيم، والتعظيم يستلزم إثبات المحامد التي يحمد عليها، فيقتضي ذلك تنزيهه وتحميده وتكبيره وتوحيده. [الفتاوى: 16/125]. وقال ابن القيم رحمه الله تعالى: والتسبيح ثناء عليه سبحانه يتضمن التعظيم والتنزيه. [المنار المنيف: 36].
وقد جاء التسبيح في القرآن بمختلف تصاريفه وصيغه في سبعة وثمانين موضعا، وافتتحت به سبع سور سميت (المسبحات) وهي: الإسراء والحديد والحشر والصف والجمعة والتغابن والأعلى، وختمت به سور الحجر والطور والواقعة والحاقة.
والفعل «سبح» قد يتعدى بنفسه بدون اللام كقوله تعالى: [وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا] {الأحزاب:42}، وقد يتعدى باللام كقوله [سَبَّحَ للهِ] {الحشر:1}، وعلى هذا فسبحه وسبح له لغتان كنصحه ونصح له، وشكره وشكر له. [أضواء البيان: 7/540].
ومن تصاريف التسبيح فعل الماضي (سبح) وفعل المضارع (يسبح) قال بعض أهل العلم: إنما عبر بالماضي تارة وبالمضارع أخرى ليبين أن ذلك التسبيح لله هو شأن أهل السماوات وأهل الأرض، ودأبهم في الماضي والمستقبل. [أضواء البيان: 7/541].
ومن حكمة إرسال الرسول أن نسبح الله تعالى [إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا * لِتُؤْمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا] {الفتح:8-9}. وقد أمر به في الشدائد [فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الغُرُوبِ] {ق:39} وآيات أخرى غيرها.
فأمره له بالتسبيح بعد أمره له بالصبر على أذى الكفار فيه دليل على أن التسبيح يعينه الله به على الصبر المأمور به. [أضواء البيان: 7/432].
التسبيح اعتقاد وقول وعمل:
ودليل ذلك أن الصلاة تسمى تسبيحا، وهي تشمل اعتقاد القلب وعمله، وقول اللسان، وعمل الجوارح، قالت عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا:«مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبَّحَ سُبْحَةَ الضُّحَى»، وَإِنِّي لَأُسَبِّحُهَا. [رواه البخاري: 1177] وقالت أم هانئ رضي الله عنها: «قَامَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى غُسْلِهِ، فَسَتَرَتْ عَلَيْهِ فَاطِمَةُ ثُمَّ أَخَذَ ثَوْبَهُ فَالْتَحَفَ بِهِ، ثُمَّ صَلَّى ثَمَانَ رَكَعَاتٍ سُبْحَةَ الضُّحَى» [رواه مسلم: 336].
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى: تسبيح الله تعالى قد يكون بالقلب -بالعقيدة- وقد يكون باللسان، وقد يكون بهما جميعاً، والمقصود أن يسبح بهما جميعاً بقلبه لافظاً بلسانه. [تفسير جزء عم:158].
وقال ابن عاشور رحمه الله تعالى: والتسبيح قول أو مجموع قول مع عمل يدل على تعظيم الله تعالى وتنزيهه؛ ولذلك سمي ذكر الله تسبيحا، والصلاة سبحة ويطلق التسبيح على قول سبحان الله؛ لأن ذلك القول من التنزيه. [1/405].
إطلاق التسبيح في القرآن:
يطلق التسبيح في القرآن الكريم ويراد به ستة أشياء:
الأول: يطلق على التنزيه مع التعظيم، وهو أكثر ما ورد في القرآن، وهو المراد عند الإطلاق، ومنه قول الله تعالى [سُبْحَانَ اللهِ عَمَّا يَصِفُونَ] {الصَّفات:159}.
الثاني: يطلق على الصلاة، قال الله تعالى [فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آَنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى] {طه:130}.
يفسرها قول النبي عليه الصلاة والسلام «...إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ لاَ تُغْلَبُوا عَلَى صَلاَةٍ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا، فَافْعَلُوا» ثُمَّ قَالَ: «وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا» [رواه البخاري: 573، ومسلم: 633] وفي رواية مسلم أن قارئها راوي الحديث جرير بن عبد الله الصحابي رضي الله عنه.
الثالث: يطلق على الدعاء، ومنه قول الله تعالى [دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللهُمَّ] {يونس:10} ومنه أيضا قوله تعالى [وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ] {الأنبياء:87}.
يفسره قول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "دَعْوَةُ ذِي النُّونِ إِذْ دَعَا وَهُوَ فِي بَطْنِ الحُوتِ: لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ، فَإِنَّهُ لَمْ يَدْعُ بِهَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ فِي شَيْءٍ قَطُّ إِلَّا اسْتَجَابَ اللَّهُ لَهُ ".[رواه الترمذي: 3505].
الرابع: يطلق على عموم الذكر، ومنه قول الملائكة عليهم السلام [وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ] {البقرة:30} قال الطبري رحمه الله تعالى: يعني: إنا نعظمك بالحمد لك والشكر...وكل ذكر لله عند العرب فتسبيح وصلاة. يقول الرجل منهم: قضيت سبحتي من الذكر والصلاة. وقد قيل: إن التسبيح صلاة الملائكة. [1/472]
وقال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى: ويراد بالتسبيح جنس ذكر الله تعالى، يقال: فلان يُسبِّح، إذا كان يذكر الله. ويدخل في ذلك التهليل والتحميد، ومنه سُمِّيت "السبَّاحة" للإصبع التي يشير بها، وإن كان يشير بها في التوحيد. [جامع المسائل، ت: عزير شمس: 3/292].
الخامس: يطلق على عموم العبادة، ومنه قول الله تعالى [فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ المُسَبِّحِينَ * لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ] {الصَّفات:143-144} عن وهب بن منبه: قال: من العابدين. [تفسير عبد الرزاق: 2/103]
السادس: يطلق على الاستثناء، ومنه قول الله تعالى [إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ * وَلَا يَسْتَثْنُونَ] {القلم:17-18} والمراد به قول: إن شاء الله، لكن دلت الآيات على أنهم كانوا يسبحون مكانها [قَالَ أَوْسَطُهُمْ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْلَا تُسَبِّحُونَ] {القلم:28} قال السدي: كان استثناؤهم في ذلك الزمان التسبيح [تفسير ابن أبي حاتم: 10/2366]. فيقولون: سبحان الله، بدل: إن شاء الله، فقوله لولا تسبحون، أي: تستثنون.
وفي الاستثناء ذكر الله تعالى وتعظيمه، وأن إرادة البشر تحت مشيئته سبحانه، وقد سمي الاستثناء في القرآن ذكرا في قول الله تعالى [وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا * إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللهُ وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ] {الكهف:23-24}.
اقتران التسبيح بغيره:
جاء التسبيح مفردا في القرآن في ستة وثلاثين موضعا، منها: بصيغة الاسم الظاهر (سبحان الله أو سبحان الذي أو سبحان ربك ونحو ذلك) في خمسة عشر موضعا. وبضمير الغيبة (سبحانه) في ثلاثة عشر موضعا، وبضمير الخطاب (سبحانك) في ثمانية مواضع.
وأما اقتران التسبيح بغيره من الذكر فعلى النحو الآتي:
الأول: اقترانه بالحمد، وجاء في خمسة عشر موضعا، منها: [وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ] {البقرة:30}، [فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ] {الحجر:98} [وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ] {الفرقان:58} فالتسبيح يتضمن نفي النقائص والعيوب، والتحميد يتضمن إثبات صفات الكمال التي يُحمَد عليها. [جامع المسائل لابن تيمية: 3 / 278].
قال ابن كثير رحمه الله تعالى: ولما كان التسبيح يتضمن التنزيه والتبرئة من النقص بدلالة المطابقة، ويستلزم إثبات الكمال، كما أن الحمد يدل على إثبات صفات الكمال مطابقة، ويستلزم التنزيه من النقص قرن بينهما في هذا الموضع، وفي مواضع كثيرة من القرآن [7/46].
الثاني: اقترانه بالتهليل، وجاء في موضعين [لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ] {التوبة:31} [لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ] {الأنبياء:87}.
الثالث: اقترانه بالاستغفار، وجاء في أربعة مواضع [يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آَمَنُوا] {غافر:7} [وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ] {غافر:55} [وَالمَلَائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الأَرْضِ] {الشُّورى:5} [فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ] {النَّصر:3}.
المسبحون في القرآن:
1- تسبيح الله تعالى نفسه، وهو كثير في القرآن قارب ثلاثين موضعا، ومنه قول الله تعالى [سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ العِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ] {الصَّفات:180}.
2- تسبيح الملائكة عليهم السلام، وجاء في نحو عشر آيات، منها قول الله تعالى [يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ] {الأنبياء:20} [فَإِنِ اسْتَكْبَرُوا فَالَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُمْ لَا يَسْأَمُونَ] {فصِّلت:38} وقد ذُكر بأن تسبيحهم كالنَفَس لنا لا يشغلهم عن مهماتهم كما لا يشغلنا التنفس عنها. [تفسير الطبري: 18/423].
3- تسبيح الرسل عليهم السلام، قال يونس [لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ] {الأنبياء:87} وقال موسى [سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ] {الأعراف:143} وعن داود [إِنَّا سَخَّرْنَا الجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالعَشِيِّ وَالإِشْرَاقِ] {ص:18} وقال عيسى [سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ] {المائدة:116} وأمر سبحانه زكريا بالتسبيح [وَسَبِّحْ بِالعَشِيِّ وَالإِبْكَارِ] {آل عمران:41} فأمر زكريا قومه بالتسبيح [فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا] {مريم:11} وأمر سبحانه به نبينا محمدا في آيات كثيرة [فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ العَظِيمِ] {الواقعة:74} وقال محمد عليه الصلاة والسلام [وَسُبْحَانَ اللهِ وَمَا أَنَا مِنَ المُشْرِكِينَ] {يوسف:108} وكان يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده سبحانك اللهم، تأولا للقرآن في قوله تعالى [فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا] {النَّصر:3}.
4- تسبيح المؤمنين، وقد جاء في آيات عدة، منها [وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا] {الإسراء:108}.
5- تسبيح الجبال والطير [وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ] {الأنبياء:79} [وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ] {النور:41}.
6- تسبيح الرعد [وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ] {الرعد:13}.
7- تسبيح كل الموجودات [سَبَّحَ للهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ] {الحشر:1} [تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَوَاتُ السَّبْعُ وَالأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا] {الإسراء:44} وهذه الآية تدل على أنه تسبيح حقيقي على كيفية لا يعرفها البشر فلا يفقهون تسبيح هذه المخلوقات، وقد أخطأ من تأول تسبيحها لمعنى غير التسبيح المعهود في اللغة.
8- تسبيح أهل الجنة، فقد أخبر الله تعالى عنهم بقوله [دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللهُمَّ] {يونس:10} فهنيئا لمن أكثر من التسبيح في الدنيا ووجد لذة فيه، وفرحا به، فإنه حري أن يتلذذ بالتسبيح في الجنة كما تلذذ به في الدنيا. وقد جاء في الأحاديث الصحيحة أن أهل الجنة يلهمون التسبيح، وأنهم يسبحون الله تعالى بكرة وعشيا.
يقول ابن تيمية رحمه الله تعالى: أهل الجنة يتنعمون بالنظر إلى الله ويتنعمون بذكره وتسبيحه ويتنعمون بقراءة القرآن...ويتنعمون بمخاطبتهم لربهم ومناجاته، وإن كانت هذه الأمور في الدنيا أعمالا يترتب عليها الثواب؛ فهي في الآخرة أعمال يتنعم بها صاحبها أعظم من أكله وشربه ونكاحه. [الفتاوى: 4/330].
فما هم فيه من النعيم هو غايات الراغبين بحيث إن أرادوا أن ينعموا بمقام دعاء ربهم الذي هو مقام القرب لم يجدوا أنفسهم مشتاقين لشيء يسألونه، فاعتاضوا عن السؤال بالثناء على ربهم، فألهموا إلى التزام التسبيح؛ لأنه أدل لفظ على التمجيد والتنزيه، فهو جامع للعبارة عن الكمالات. [التحرير والتنوير: 11/103].
تعليق