عندما ينهزم بعض محاوري السنة أمام الرافضة بسبب يزيد بن معاوية!!
أهل السنة في حكمهم على الرجال لا يعنيهم رافضيٌ ولا يهوديٌ ولا نصرانيٌ!! فالقانون الرباني هو: (ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا، اعدلوا هو أقرب للتقوى) ، لذلك أهل السنة في حكمهم وسط بين الروافض والنواصب ، وليحذر من يطيش حُبُّه أن يحشره حبه يوم القيامة مع من يحب ، أليس رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
(لا يريد أحد أهل المدينة بسوء إلا أذابه الله في النار ذوب الرصاص أو ذوب الملح في الماء ومن أخاف أهل المدينة أخافه الله وعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا)
الراوي: - المحدث: ابن حزم - المصدر: المحلى - الصفحة أو الرقم: 7/282
خلاصة الدرجة: صحيح
أليس هناك من أخافَ أهلَ المدينة وأدخلَ الرعبَ في قلوبهم وهو يزيد وجيش يزيد؟
وعندما نتكلم عن يزيد ، فيجب أن يكون الحكم متجردا عن بغض الروافض ، فيزيد ناصبيٌ مجمعٌ على بغضه عند أئمة السنة ، مختلَفٌ بينهم على جواز لعنه ، ويزيد ليس صحابيا ولا يهمنا سبه أو مدحه ، وليس صالحا فنجعل دفاعنا عنه من أجل الحق ، فكيف ندافع عن فاسق ماجن من أجل أن البعض يبغض الرافضة؟
صدقوني ، ومن خبرتي في حوار الرافضة ، دائما ينهزمون في الحوارات ، فيعمدون إلى قضية واحدة يشعرون معها بالنصر اليتيم وهي قضية يزيد بن معاوية التي ينبري لها جُهّالٌ يدافعون عنه بلا بصيرة ولا هدى ، وكأنه سادس الخلفاء الراشدين المهديين بعد عمر بن عبدالعزيز!! فترتاح لهذا الحوار نفوسهم ، وتفرح لهذا الإستدراج قلوبهم ، فينقلون لعامتهم كيف أن النواصب (يقصدون: السنة) يبغضون الحسين وآل البيت والدليل -كما ينقلون- حبهم ليزيد ودفاعهم المستميت عنه!!
كنت عضوا في أحد مواقع الروافض قبل سبع سنين ، ووجدت موضوعا عنوانه: هل يتحمل يزيد جريرة دم الحسين؟
ولما دخلت الموضوع وجدت أن الحوار محصورٌ بين أحد ملالي المنتدى وبين سني يدعي أنه طالب علم ، السني كان دوره دفاعياً عن يزيد ويستميت في تبرئته ، والروافض يدخلون ويعلقون بكل أنواع السخريات!! ووجدت السنيَّ محشورا في زاوية ضيقة ظننت أنه ربما كان شيعيا ويقوم بدور المحاور المنهزم ، ولكن تبين لي بالفعل أنه سنيٌ ، وفي آخر رد للمحاور الشيعي ، طالب المحاور السني بالإعتذار وإعلان الهزيمة ، وتحميل يزيد دم الحسين!! فدخلت ورديت ومما قلته مختصرا:
صاحبنا السني لا يمثل إلا نفسه ، وحبذا أن يغرب بوجهه فلا يعود إلى حوار لا يحسنه ، وأما من قتل الحسين ويتحمل جريرة دمه فهم:
يزيد بن معاوية ، وابن زياد ، وكل أتباع يزيد وابن زياد ، لكن الذي يتحمل الوزر الأكبر هم الشيعة الذين اشتراهم ابن زياد بالمال وضحك عليهم ثم انقلبوا على الحسين وغدروا به وخلعوا بيعتهم وخانوه وعلى رأسهم شمر بن ذي الجوشن الذي كان مواليا لأمير المؤمنين أبي الحسن!!
ثم أوردت اثباتات من كتبهم وأدلة واضحة تدين الشيعة بأنهم سبب مقتل الحسين والغدر به بعد مبايعته وطلبهم إياه للحضور إلى العراق ، ثم تساءلت في آخر الرد المطول:
نحن لا يهمنا ابن زياد ولا مَلِكَه يزيد ، إلعَنُوهُمَا كما تشاؤون ، لكن!! أليس من الإنصاف أن تلعنوا معهما الشيعة الذين بايعوا الحسين ثم غدروا بالحسين وكان عددهم حسب مصادركم الشيعية أكثر من خمسة وعشرين ألفا وفي مصادر أخرى قرابة أربعين ألفا؟
أتدرون ماذا حدث؟
لقد قام المشرف بإقفال الموضوع ثم حذفه لاحقا!!
والسؤال لمن له عقل:
هل يستحق يزيد أن أدافع عنه؟
بل قل:
هل الدفاع عنه دفاعٌ عن الإسلام؟ أم أن الدفاع عنه ربما يصد من يريد الهداية واتباع سبيل المؤمنين؟
أليس يزيد هو من استباح مدينة الرسول عليه الصلاة والسلام وذلك موثق في كتب أهل السنة؟ ، وأليس حديث الرسول عليه الصلاة والسلام يقول كما روى مسلمٌ في صحيحه عن سعد بن أبي وقاص: (إني أحرم ما بين لابتي المدينة أن يقطع عضاهها أو يقتل صيدها وقال: المدينة خير لهم لو كانوا يعلمون ، لا يدعها أحد رغبة عنه إلا أبدل الله فيها من هو خير منه ، ولا يثبت أحد على لأوائها وجهدها إلا كنت له شفيعا أو شهيدا يوم القيامة). وفي رواية: (ولا يريد أحد أهل المدينة بسوء إلا أذابه الله في النار ذوب الرصاص أو ذوب الملح في الماء)؟!!
وعلى هذا:
كان يزيد مسرفا وظالما لنفسه ، وكان طاغية وظالما للحسين ، وكان مجرما وظالما لأهل المدينة ، وفي الوقت نفسه مظلومٌ من الرافضة ، لكن ظـُلم الرافضة له لا يعنينا في شيء ، هو من سبب لنفسه ذلك ، والله يحكم بينه وبين خصومه يوم القيامة ، ليس من واجبي أن أدافع عن مجرم فاسق ، فهو ملك كسائر ملوك أهل الأرض ، الله يتولى أمره ويحاسبه بما شاء ، ولا راد لحكم الله ولا لقضائه ، وليس من كمال إسلامي أن أدافع عنه كما يرى النواصب ، أو ألعنه ليلا ونهارا كما يرى الشيعة ، "كل نفس بما كسبت رهينة"..
لذلك يجب أن يُغيِّب الرافضة عن حكمه ، فكما أنه لايجوز مداهنة الرافضة في الحكم ، فإنه لا يجوز الإنتصار ليزيد إما جهلا ، أو بهدف إغاضة الرافضة الذين خذل أجدادُهم الحسينَ وغدروا به، فيتحقق المثل: لا حبا في زيد ٍ، وإنما بغضا في عمرو!!
أقول مكررا في يزيد ، وبالله أستعين:
1- يزيد بن معاوية ناصبي بلا ريب!!، قول الحق فيه خير من الحماس ورد الفعل الغير صحيح!! فالحق أحق أن يتبع ، فالمسلم الحقيقي يعترف بالحق على نفسه ولا يقبل بالعصبية المقيتة ، ولذلك أنا استغرب من بعض من ينتسبون لبعض فروع السلفية العصرية دفاعهم المستميت عن يزيد بن معاوية وكأنه صحابي جليل ، بينما هو فاسق أثيم ، بل ومن العجب!! الحديث عنه ومناداته بأمير المؤمنين!! وآراء كبار علماء المسلمين فيه واضحة معلومة ومنهم ابن تيمية شيخ الإسلام رحمه الله عندما قال عن الحسين:
(والحسين رضي الله عنه قتل مظلوماً شهيداً ، وقتلته ظالمون معتدون) ، (وأما من قتل الحسين أو أعان على قتله أو رضي بذلك فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ، لا يقبل الله منه صرفاً ولا عدلا)... مجموع الفتاوى.
من هو قاتل الحسين؟
قاتلُ الحسين كان معلوما أنه ابن زياد ، وابن زياد كان مأمورا من يزيد ومواليا له ، ويزيد طلب من ابن زياد منع الحسين من مبايعة أهل العراق له ، ويزيد راع على ابن زياد ، وكل راع مسؤول عن رعيته ، واشترك مع ابن زياد في قتل الحسين شيعة الكوفه الذين عاهدوه على البيعة والنصرة ، لكنهم غدروا به بعد ما اشتراهم ابن زياد بالمال ، والقاتل الفعلي الذي أقدم على جريمته هو شمر الشيعي الذي كان من شيعة أبي الحسن بشهادات آل البيت ومصادر الشيعة!!
قال الكاتب الشيعي عبد الرزاق الموسوي المقرم: (ووافت الشيعة مسلماً في دار المختار بالترحيب وأظهروا له من الطاعة والانقياد ما زاد في سروره وابتهاجه) ، (.... وأقبلت الشيعة يبايعونه حتى أحصى ديوانه ثمانية عشر ألفاً ، وقيل بلغ خمسة وعشرين ألفاً ، وفي حديث الشعبي بلغ من بايعه أربعين ألفا ، فكتب مسلم الى الحسين مع عبس بن شبيب الشاكري يخبره باجتماع أهل الكوفة على طاعته وانتظارهم ، وفيه يقول : الرائد لايكذب أهله ، وقد بايعني من أهل الكوفة ثمانية عشر ألفاً).. ونتيجة لهذه الجريمة الشنعاء ، جلب ملالي الرافضة التطبير من نصارى القوقاز كفارة لكربلاء لتخدير عامتهم!!
2- يزيد ملكٌ من الملوك ، ولم يكن المسلمون راضين عن إمرته، وكانت حكومته أول حكومة للصبيان...
3- يزيد ليس صحابيا ولا صالحا ، وجمهور علماء أهل السنة أنه كان فاسقا ماجنا ظالما متهما في دينه وسلوكه ، وقتله للحسين واستباحة جيشه المدينة جرمٌ مشهود ، وعملٌ لا يشفع له ما يظن البعضُ له من حسنات ، وحتى لو لم يأمر بقتل الحسين واستباحة المدينة ، فإنه كان واليا مسؤولا ، وهو من سير القادة وعينهم...
4- الحسين رضي الله عنه أخطأ يوم صدق الشيعة لمبايعته وكان في موقف ضعف ، وكان غير حكيم في ذهابه إلى الشيعة حيث نصحه بعض أقاربه وابن عباس بعدم الذهاب إلى العراق ، وذكـّرَوه بغدر الشيعة مع أبيه وأخيه الحسن ، وممن نصحه الشاعر الفرزدق بعدم الذهاب إلى أهل الغدر والخيانة وقال له: "قلوبهم معك لكن سيوفهم عليك"..
5- يزيد يقال عنه أنه لم يكن راضيا عن قتل الحسين ، وهذا لا يعفيه ولا يشفع له ، لأنه كان حاكما مسؤولا عن ابن زياد، "وكلكم راع ، وكل راع مسؤول عن رعيته"، ويزيد لم يؤثر عنه استنكار قتله غير لعن ابن زياد ، فلم يقتص له من قاتليه ، بل تركهم طلقاء..
6- دخل جيش يزيد المدينة مستبيحا لحرمتها وحرمة المسلمين، وحاصر مكة فعجل الله له الموت ، وعند الله تجتمع الخصوم...
7- هناك من يدافع عن يزيد مستدلين في ذلك بحديث القسطنطينية وينسون أن هناك عدة أحاديث فيها وعيد شديد لمن يؤذي أهل المدينة أو يكيد لهم وقد آذاهم يزيد، فيقول عليه الصلاة والسلام: (إني أحرم ما بين لابتي المدينة أن يقطع عضاهها أو يقتل صيدها ، وقال: المدينة خير لهم لو كانوا يعلمون ، لا يدعها أحد رغبة عنه إلا أبدل الله فيها من هو خير منه ، ولا يثبت أحد على لأوائها وجهدها إلا كنت له شفيعا أو شهيدا يوم القيامة). وفي رواية : (ولا يريد أحد أهل المدينة بسوء إلا أذابه الله في النار ذوب الرصاص ، أو ذوب الملح في الماء)
الراوي: سعد بن أبي وقاص المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 1363
خلاصة الدرجة: صحيح
(لا يريد أحد أهل المدينة بسوء إلا أذابه الله في النار ذوب الرصاص أو ذوب الملح في الماء ومن أخاف أهل المدينة أخافه الله وعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا)
الراوي: - المحدث: ابن حزم - المصدر: المحلى - الصفحة أو الرقم: 7/282
خلاصة الدرجة: صحيح
(من أراد أهل هذه البلدة بسوء (يعني المدينة) أذابه الله كما يذوب الملح في الماء)
الراوي: أبو هريرة المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 1386
خلاصة الدرجة: صحيح
8 -أن يُسب يزيد أو يلعن!! ليست قضية تهمني مطلقا!! يداه أوكتا وفوه نفخ!! لا ألعنه حتى لو أجاز ذلك بعض علماء أهل السنة الكبار، لأنني لستُ مأمورا بلعن المُعَيّن، وحتى لو كان يستحق يزيد اللعن!! ، ولا أذكره بخير لأنه مشهود له بما ليس خيرا!! وأنا والله أكرهه وأبغضه في الله ، ولا أشغل نفسي به!! حاسبه الله بما يستحق ، فاتعظوا يا أولي الأبصار..
------
تأملوا في أقوال بعض العلماء في يزيد:
قال صالح بن الإمام أحمد بن حنبل: (قلت لأبي : إن قوما يقولون : إنهم يحبون يزيد ، فقال: يا بني وهل يحب يزيد أحدٌ يؤمن بالله واليوم الآخر؟ !! فقلت يا أبت فلماذا لا تلعنه؟ فقال : يا بني ومتى رأيت أباك يلعن أحداً)
وقال ابن مفلح في الآداب الشرعية: (وذكر في رواية أبي طالب: سألت أحمد بن حنبل عن من قال: لعن الله يزيد بن معاوية؟ فقال: لا أتكلم في هذا ، الإمساك أحب إلي)
وقال ابن حجر في الزواجر: (فالمعيَّن لايجوز لعنه وإن كان فاسقاً كيزيد بن معاوية)
وقال ابن حجر الهيثمي في الصواعق المحرقة نقلاً عن ابن الصلاح الشافعي: (وأما سب يزيد ولعنه ، فليس ذلك من شأن المؤمنين) ، (وصرحوا أيضاً بأنه لا يجوز لعن فاسق مسلم معين، وإذا علمت أنهم صرحوا بذلك علمت بأنهم مصرحون بأنه لا يجوز لعن يزيد، وإن كان فاسقاً خبيثاً)
وأخيرا ، هذه نصيحة:
بعض المتحمسين يُدافع بلا علم ، ولا يُجهد نفسه في البحث عن الحقيقة ، فيضر الدين من حيث لا يعلم ، ويصد من يريد أن يهتديَ إلى طريق الحق ، ورحم الله امرؤا قال خيرا أو سكت..
------------------------------------------------------------------------------
تعليق